المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌امرأة وموقفأسماء بنت يزيد بن السكن - مجلة البيان - جـ ٤٢

[مجموعة من المؤلفين]

الفصل: ‌امرأة وموقفأسماء بنت يزيد بن السكن

‌امرأة وموقف

أسماء بنت يزيد بن السكن

مزنة محمد

صحابية جليلة وأنصارية وراوية ثقة ومجاهدة صابرة. فمَن تكون هذه التي

جمعت هذه الصفات النبيلة واختُصت بها؟

إنها أسماء بنت يزيد بن السكن الأشهلية، ابنة عمة معاذ بن جبل - رضي

الله عنهما - أسلمت وبايعت الرسول صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان

وروت عنه أحاديث وشهدت معه فتح خيبر. ولقد لُقبت (برسول النساء) إلى النبي صلى الله عليه وسلم. ولهذا اللقب قصة يحسن بنا أن نذكرها لما فيها من الفائدة لعامة النساء.

روى مسلم بن عبيد أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم وهو بين

أصحابه فقالت: بأبي وأمي أنت يا رسول الله، أنا وافدة النساء إليك، إن الله -

عز وجل بعثك إلى الرجال والنساء كافةً، فآمنا بك وبإلهك وإنا - معشر

النساء - محصورات مقصورات، قواعد بيوتكم، ومقضى شهواتكم، وحاملات أولادكم، وإنكم- معشر الرجال - فُضلتم علينا بالجُمع والجماعات، وعيادة المرضى، وشهود الجنائز، والحج بعد الحج، وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله عز وجل وإن الرجل إذا خرج حاجاً أو معتمراً أو مجاهداً، حفظنا لكم أموالكم وغزلنا أثوابكم، وربينا لكم أولادكم، أفما نشارككم الأجر والثواب؟ !

فالتفت النبي إلى أصحابه بوجهه كله ثم قال: هل سمعتم مقالة امرأة قط

أحسن من مساءلتها في أمر دينها من هذه؟ فقالوا: يا رسول الله ما ظننا أن امرأة

تهتدي إلى مثل هذا.

فالتفت النبي إليها فقال: افهمي أيتها المرأة وأَعلِمي مَن خلفك من النساء أن

حسن تبعُّل [1] المرأة لزوجها وطلبها مرضاته، واتباعها موافقته يعدل ذلك كله،

فانصرفت المرأة وهي تهلل [2] .

يا لها من رسالة خالدة.. ومسؤولية عظيمة.. فتنال المرأة أجر الجهاد وهي

في مخدعها.. وتنال ثواب الجماعة وهي في غرفتها.. وتكسب شرف الجراح

والاستشهاد في سبيل الله وهي لمَّا تغادر بيتها! ! ، فجزاك الله عنا خيراً يا أسماء؛

فقد كنت سبباً في تعليم النساء أقرب الطرق إلى الجنة ومن أقصرها وهو سبيل

الطاعة.

كان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا أشرف على بيوت بني عبد

الأشهل - بيت قومها - يقول: ماذا في هذه الدروس، الخير! هذه خير دور الأنصار.

شهدت أسماء فتح خيبر مع مَن خرجن من النسوة لمداواة الجرحى ومناولة

السهام وطبخ الطعام وخرجت مع جيش خالد بن الوليد لملاقاة الروم في معركة

اليرموك وقتلت بعض جنود الروم بعمود خبائها. فلله درُّك يا أسماء فقد نلتِ أجر

الجهاد مرتين: الأولى وأنت في بيتك والأخرى في ساحة الوغى.

امتدت بها الحياة حتى شهدت انتهاء الخلافة الراشدة وتكوين الدولة الأموية

وتوفيت في خلافة معاوية في السنة الرابعة والخمسين للهجرة.

رحم الله أسماء ورضي عنها فقد صدق فيها حديث رسول الله: (رحم الله

نساء الأنصار لم يمنعهن حياؤهن من التفقُّه في أمور دينهن) .

(1) أي حُسن مصاحبتها له.

(2)

أُسْد الغابة، 6/19.

ص: 84

مراجعات في عالم الكتب

كتاب دراسات في أصول المداينات

وكتاب دراسات فقهية

تأليف: أ. د. نزيه حماد

مراجعة: عثمان جمعة ضميرية

على كثرة ما تدفع المطابع من الكتب والمطبوعات، قد لا تجد في المائة كتاباً

جديراً بالعناية والدراسة، فإذا وقعت على دراسة دقيقة عميقة موثقة في أي فرع من

فروع العلم، فأنت إذن تقبض على كنز ثمين، ينبغي أن لا تفرِّط فيه.

أقول هذا، وقد فرغت من قراءة كتابين جديدين من منشورات دار الفاروق -

الطائف وتأليف الأستاذ الدكتور نزيه حماد، أستاذ الفقه الإسلامي وأصوله في كلية

الشريعة جامعة أم القرى، وهو المعروف بين إخوانه وطلابه بمحاضراته الجامعية

وبحوثه العلمية التي تتسم بالعمق والجدية، فهو لا يرضى بالسهولة والسطحية في

البحث، أو الخطف في الكتابة والتحقيق، وكتبه المحققة والمؤلفة، وإشرافه على

الرسائل الجامعية، ومناقشاته، وبحوثه المقدمة للمؤتمرات والمجامع الفقهية، فيها

الدليل الصادق لمن أراد.

الكتاب الأول: دراسات في أصول المداينات في الفقه الإسلامي

وهو مجموعة دراسات فقهية مقارنة في موضوع المداينات في التشريع

الإسلامي، كان قد ألقى أصولها محاضرات على طلبة قسم القضاء بكلية الشريعة،

عندما عهد إليه بتدريس مادة (الدَّيْن وطرق ثبوته) ، ونشر جُل مباحثها في بعض

المجلات العلمية والنشرات الجامعية؛ مما يحصر الإفادة منها بفئة من الباحثين

والقُراء فكان من الخير أن تُجمع في كتاب، منظومة في عقد واحد، نظراً للوحدة

الموضوعية التي تؤلف مباحثها وتجمع بين مسائلها وجزئياتها، وبعد أن أعمل فيها

يد التحرير والتنقيح، وأضاف إليها إضافات علمية ذات أهمية.

ويضم الكتاب بين دفتيه ستة بحوث:

البحث الأول:

حقيقة الدين وأسباب ثبوته، تناول فيه الكلام بالتفصيل عن حقيقة الدين في اللغة والاصطلاح الفقهي، وحقيقة الذمة، نظراً لارتكاز فكرة الدين على فكرة

الذمة وارتباطها بها، ثم بين أسباب ثبوت الدين في الذمة.

البحث الثاني:

توثيق الدين في الفقه الإسلامي وهي دراسة من أهم الأمور المتعلقة بمداينات الناس وعقودهم التي تتضمن ثبوت الدين في ذمة أحد المتعاقدين أو تسببه؛ لأن غرض الشرع ومقصده أن يحفظ لصاحب الدين حقه بأن يمكنه من بلوغه والحصول عليه، وأن يدفع عنه مفسدة هلاكه أو جحوده، أو العجز عن إثباته واستيفائه.

البحث الثالث:

التصرف في الدين في الفقه الإسلامي؛ فدرسها دراسة مقارنة، فهي من أهم موضوعات المعاملات المالية، وأكثرها عمقاً ودقة وشمولاً، بل إن مباحثها ومسائلها تعتبر بمنزلة العصب الساري في هيكل العقود والمعاملات. ومما يزيدها أهمية وشأناً أن كثيراً من صور التعامل المالي المعاصر - كالتحويلات المصرفية، والبريدية، والكمبيالات، والسحب على الحساب الجاري.. - إنما يرتكز تخريجها الفقهي، وتبنِّي أحكامها على أساس فروع وقواعد التصرف في الدين.

البحث الرابع:

تغيُّر النقود وأثره على الديون؛ وهذا البحث يعالج مشكلة اقتصادية عاصرة تمس الفرد والجماعة في أغلب دول العالم اليوم وهي مشكلة التضخم وما يرافقه من تأثير على النقود، كما أن التأثير قد يكون ناتجاً عن تخفيض دولة ما عملتها النقدية أو قد تلغيها وتستبدلها بغيرها.. فلذلك من الأهمية بمكان دراسة ما يتصل بالمعاملات المالية عند تغير أحوال النقد وأثر ذلك على الديون في الذمم أياً كان سببها ومنشؤها.

وهذا الجانب لم يغفله علماؤنا رحمهم الله وكان لهم نظرات مهمة جديرة

بالعناية، وقد جاء هذا البحث ليبين ذلك، فيدرس تغييرات النقود الذهبية والفضية، والنقود الاصطلاحية، وفي هذه الأخيرة فرَّق بين خمس حالات وهي: الكساد

العام للنقد، والكساد الإقليمي للنقد، وانقطاع النقد، وغلاء النقد ورِخصه. وحكم

كل حال من هذه الحالات، ثم يبحث حالة التضخم والانكماش.

البحث الخامس:

بيع الكالئ بالكالئ (بيع الدين بالدين) ، وحظْر بيع الكالئ بالكالئ من أبرز الأصول الشرعية في المعاملات، فكان لابد من تحرير القول فيه، وضبط معاقده وبيان أحكامه.

والبحث الأخير:

المؤيدات الشرعية لحمل المدين المماطل على الوفاء، وبطلان الحكم بالتعويض المالي عن ضرر المماطلة.

فقد ذهب الأستاذ مصطفى الزرقا في مقال له بمجلة أبحاث الاقتصاد الإسلامي

بجدة عام 1405 هـ إلى أنه يجوز الحكم على المدين المليء المماطل بتعويض

مالي يدفعه للدائن مقابل ما فوَّته عليه من منافع بسبب تأخير الوفاء.

ونظراً لبطلان هذا الرأي شرعاً، لضعف الأساس الذي ارتكز عليه، وفساد

الاجتهاد الذي نحا إليه، فقد جاء هذا البحث لتفنيد تلك المقولة وبيان أوجه الغلط

فيها لئلا يغتر بها أحد، مع بيان العلاج الشرعي الصحيح للمماطلة، والتعريف

بالمؤيدات الشرعية لحمل المدين المماطل على الوفاء بدينه.

* * *

أما الكتاب الثاني: دراسات فقهية

وهي مجموعة فقهية منهجية في موضوعات متنوعة تكمل الكتاب الأول،

وتضيف جوانب أخرى، قد لا يجمعها مع سابقتها وحدة موضوعية، ولكنها تناقش

قضايا فقهية مهمة، وانتظم الكتاب ستة بحوث وهي: الصلح في الأموال، اللُّقطة

في البلد الحرام، الوعد، القبض الحقيقي والحكمي للأموال، الهجرة، القنوت.

والكتابان دراسة فقهية مقارنة دقيقة للمسائل، تقوم على منهج علمي دقيق،

يحرر فيه المسألة ومحل الوفاق والخلاف، من خلال عرض المذاهب الفقهية

والاستدلال لها، مع المناقشة والترجيح، وقد يترك للقارئ من خلال العرض يختار

ما يراه أقوى ومتفقاً مع الدليل ومقاصد الشريعة.

ونلحظ الدقة في عزو الآراء، وتوثيقها بشكل دقيق أمين، وفي خاتمة كل

بحث بيان بمراجعه ومصادره، وهي طريقة تربي في طالب العلم الملكة الفقهية،

وتعوده على البحث الدقيق في الدراسات الإسلامية الفقهية.

وللمؤلف خالص الدعوات، و (للبيان) خالص الشكر والثناء أن فسحت.

ص: 86

قديم جديد

الأوروبيون والكيل بمكيالين

شكيب أرسلان-حاضر العالم الإسلامي 4/67-68

جاءني مرة - وأنا منذ سنتين في برلين - اثنان من سفارتين من سفارات

الإنكليز الكبرى في أوروبا، يريدان أن يباحثاني في المسائل الشرقية، فكان من

جملة ما قال لي أحدهما: قُلْ لنا هل تعتقد كوْن هذه الشعوب الشرقية القائمة كلها

بطلب الاستقلال هي أهلاً له. فأجبته: قل لي هل بلاد اليونان منذ قرن والبلغار

منذ 40 سنة والجبل الأسود والصرب كانت أرقى مما هي عليه مصر وسورية

وتونس الآن؟ فلماذا يطلب لتلك الاستقلال مع مساعدة جميع أوروبا وأثناء تصفيقها

وابتهاجها وينكر على هذه بحجة أنها لم تصل إلى درجة الكفاءة؟ !

قال الإنكليزي: أفلا تعترف بكوْننا أقدر على إدارة مصر من أهلها. وإن

وجودنا فيها أضمن لمرافقها المادية. قلت له: أفلا تعترف بأن النمسا أقدر على

إدارة يوغوسلافيا من الصرب وأنها أرقى بدرجات من الصرب؟ أفلا تعترف بأن

النمسا هي التي هذبت ورقت مستوى جميع تلك الأمم التى انسلخت عنها بمساعدتكم؟ أفلا تسلم بكون الرومان الذين كانوا في المجر هم أرقى من رومان نفس رومانيا

وأن حكومة بودابست هي أعلى مراراً من حكومة بوخارست؟ أفلا تقر بكون

الألمان هم أقدر من البولونيين على إدارة سليزيا العليا؟ وأن مرافق سليزيا العليا

تكون تحت إدارة ألمانية مضمونة أكثر مما تكون تحت إدارة بولونية؟ فلماذا إذا

سلختم يوغوسلافيا عن أوستريا وترانسيلفانيا عن المجر وقسماً من سليزيا عن

ألمانيا؟ ربما تقولون لملاحظات أخرى وطنية واعتبارات قومية لابد منها؛ إذ

كل أمة لها حق في أن تدير نفسها بنفسها فلماذا هذه الاعتبارات القومية والوطنية تبقى مرعية ما دامت في أوروبا فإذا كانت المسألة في الشرق لم يبقَ هناك من سبب يجب اعتباره سوى حسن الإدارة؟ قلت له: أنا لا أشك في أنه لو استولت ألمانية على أستونية أو ليتوانية أو لاتفيا لإدارتها أحسن مما يديرها أهلها اليوم، ولو استوليتم أنتم على البرتغال لكانت حال البرتغال المالية والإدارية أحسن

منها في أيدي البرتغاليين وهَلُمَّ جَرَّا، أفتسمح أوروبا لألمانية بحجة علوية

الإدارة أن تستولي على بلاد البلطيك أو لكم بأن تستولوا على البرتغال؟ لا أظن ذلك.

فلماذا بحجة أفضلية الإدارة تتمسكون بالبقاء بمصر ولا تنظرون إلى ما هنالك من العوامل القومية والوطنية؟ ولماذا جمهورية أريفان الأرمنية تستحق الاستقلال وكرجستان هي أهل للحرية، ومصر وسورية لا تستحقان الاستقلال ولا الحرية؟ أترى أريفان هذه بل كرجستان أرقى من مصر أو سورية أو العراق أو تونس؟ كلا. فلماذا تحللونه عاماً وتحرمونه عاماً. وأغرب من هذا أن آذربيجان التي هي أرقى جداً من أريفان لم نجد دولة من دول أوربا طلبت لها الاستقلال

وهن بأجمعهن يطلبنه لأريفان. مع أن آذربيجان أربعة ملايين وأريفان أربعمائة ألف وآذربيجان متمدنة وأريفان بجانبها تعد متوحشة. وكذلك جميع الدول

مهتمة بدفع البولشفيك عن أريفان وكرجستان وليس من واحدة تطلب دفعهم عن

آذربيجان والطاغستان، هل في ذلك سبب إلا كوْن الأوليين مسيحيتين والآخريين مسلمتين؟ أفبمثل هذا العدل وهذه المساواة تطمع أوروبا أن يكون بينها وبين الإسلام سلام؟ .

ص: 90