الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العدد 83-84
فهرس المحتويات
1-
التنبيهات على ما وقع في مطبوعة الجزء الأول من المسند المعتلي من السهو والتحريفات:
للدكتور/ زهير ناصر الناصر
2-
وصول بني أمية إلى منصب الخلافة: أ. د/ محمد ضيف الله البطاينة
3-
الأحاديث القدسية في الجرح والتعديل ومصادرها وأدوار تدوينها: د. عبد الغفور عبد الحق البلوشي
4-
فَعَل في دلالتها على الجَمْعِيَّة: د/ سليمان إبراهيم العايد
عمادة البحث العلمي - جميع الحقوق محفوظة 1423 هـ / 2002 م
التنبيهات على ما وقع في مطبوعة الجزء الأول من المسند المعتلي
من السهو والتحريفات
للدكتور/ زهير ناصر الناصر
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للمخلوقات، وأكرم بالخصوصية في ذلك من آمن بالمغيبات من مقروءات ومسموعات.
وبعد: فإن كتاب "إطراف المسند المعتلي بأطراف المسند الحنبلي"للحافظ ابن حجر، هو من أجلّ كُتبه التي اعتمد عليها في مؤلفاته العامة، وحظي بالرضى والقبول لدى الخاصة والعامة، وقد امتدحه المتقدمون والمتأخرون كما عوّل عليه المحققون.
وكنت من مدة طويلة عملت في إخراجه وتحقيقه، وبذلت جهدي في إتمامه سائلاً من الله التوفيق، ماداً إليه سبحانه يد العجز والافتقار للتأييد والتسديد، فنلت منه سبحانه البغية، وكملت فيه الحلية.
ولما اطلعت على عمل الأخ الكريم فضيلة الشيخ: سمير بن أمين الزهيري في تحقيقه الجزء الأول من الكتاب المذكور 1 حمدت الله على ذلك، وقلت عسى الله أن يوفقه لقوة إخلاصه وسابقة إسهامه.
فلما نظرت في الجزء المذكور باستبصار، رأيت الواجب عليّ أن أبين ما وقع فيه من الخلل باختصار، فجمعت في ذلك رسالة سميتها:"التنبيهات على ما وقع في مطبوعة المسند المعتلي من السهو والتحريفات" فأقول وبالله التوفيق:
بسم الله الرحمن الرحيم
مسرد الأبحاث التي تعرضت لها في تتبعي لعمل فضيلة المحقق في الجزء الأول فقط، والذي يساوي ثلاثاً وثلاثين لوحة خطية، وهي تتفق مع المناهج العامة المتبعة في فن تحقيق المخطوطات في هذا العصر:
1-
نقد عنوان الكتاب.
2-
اعتماده على نسخة خطية واحدة، ووصفه لها بأنها غير متقنة.
3-
موقف المحقق في تتبعه للحافظ ابن حجر- رحمه الله تعالى- في انتقاداته المذكورة ص (11- 13) من مبحث "رموز الكتاب".
4-
إهماله العزو إلى المسند المطبوع أحياناً، ويعلق بقوله "لم أجده في المطبوع " وهو فيه.
5-
قد ينص الحافظ على مصادر أخرى في كتابه، فيهمل المحقق العزو إليها أحياناً وهي مطبوعة متيسرة.
6-
قد يربط المؤلف بين أحاديث فيقول: "تقدم" أو "يأتي" والجدير بالمحقق عزوها إلى أماكنها لتتحقق الفائدة، لكنه يهمل ذلك أحياناً فيترك الربط بين هذه الإحالات.
7-
وقوعه في التحريف لعدم الدقة في الضبط أحياناً.
8-
طبيعة تعامله مع الأصل الخطي:
أ- وجود سقط في المطبوع والمخطوط معاً ولم يتنبه له.
ب- وجود سقط في الأصل الخطي ولم يتنبه له فلم ينبه عليه.
جـ- طبيعة محافظته على الأصل الخطي في عمله التحقيقي.
د- قد يصحح المحقق النص متابعة للمطبوع مع عدم بيان ما في الأصل الخطي.
هـ- قد يصحح النص من غير إشارة إلى ما في الأصل الخطي أو المطبوع، ولا يذكر الدليل.
9-
طبيعة تعامله مع المسند المطبوع الذي هو أصل الكتاب:
أ- وجود سقط في المسند المطبوع ولم يبينه.
ب- وجود زيادة في المسند المطبوع وهي خطأ مع عدم التنبيه عليها عند العزو.
جـ- لم ينبه على ما في المسند المطبوع مع مغايرته للأصل، مع أن الصواب ما في المطبوع.
د- عدم الدقة في التنبيه على ما في الأصل أو ما في المطبوع.
هـ- التحريف في المطبوع ولم يبين.
و على أن المحقق قد يذكر المفارقات بدون تصحيح.
ز- إهماله ذكر المغايرات أحياناً بين ما في الأصل وبين ما في المطبوع.
10-
ليس عنده دقة في تتبعه للحافظ.
11-
اعتبار الحديث من الزيادات مع عدم تنبيه المحقق.
12-
نظرة فاحصة لما استدركه المحقق على المصنف، وهو يحتوي على عدة نقاط:
الأولى: استدراك المحقق أحاديث في غير موضعها الصحيح.
الثانية: استدراك المحقق أحاديث وقد ذكرها الحافظ ابن حجر في موضعها من التراجم المذكورة.
الثالثة: استدراك المحقق أحاديث وقد ذكرها الحافظ في تراجم أخرى، وكان على المحقق أن يربط بينها.
الرابعة: استدراك المحقق تراجم وأحاديث وهي مذكورة في الورقة التي نقصت من المخطوطة التي اعتمد عليها.
الخامسة: فات المحقق تراجم لم يستدركها بسبب نقص ورقة من المخطوط الوحيدة التي اعتمد عليها في التحقيق.
السادسة: استدرك المحقق أحاديث بسبب نقص ورقة من المخطوطة الوحيدة التي اعتمد عليها.
السابعة: استدرك المحقق أحاديث وهي طرف من أحاديث تقدمت.
الثامنة: استدراكه أحاديث وهي موجودة في النسخة الهندية.
13-
إهماله لوضع فهرس عام للكتاب.
1-
نقد عنوان الكتاب:
جاء عنوان الكتاب في الغلاف والصفحة التي بعدها هكذا: "المسند المعتلي بأطراف المسند الحنبلي".
ولو نظرنا إلى "صورة عن عنوان المجلد الأول"وإلى "صورة عن لوحة غلاف المجلد الثاني"الموجودتين بعد ص (48) من الكتاب لرأينا أن صواب عنوان الكتاب هو "إطراف المسند المعتلي بأطراف المسند الحنبلي".
2-
اعتماده على نسخة واحدة، ووصفه لها بأنها غير متقنة:
أقول: وهذا ما صرح به ص (15) .
أما قوله: بأنها غير متقنة، فهذا أمر منازع فيه، لأنها بخط الحافظ ابن قمر تلميذ المؤلف وناسخه، واشتدت ملازمته للحافظ ابن حجر حتى حمل عنه جملة من الكتب الكبار، وكان ضابط الأسماء عنده، وكتب الكثير، حتى إنه كتب "فتح الباري" مرتين وهو من العشرة الذين أوصى لهم ابن حجر- رحمه الله تعالى- عند موته ووصفهم بالحديث [1] .
ولدى تعاملي مع النسخة المذكورة وجدت بأنها في غاية الإتقان إلا في مواضع نادرة، وهذا لا يخلو منه كتاب.
ولو استعرضنا عدد الأحاديث في هذا الجزء وقابلناه بنسختنا المحققة على أصلين خطيين له لوجدنا الفارق بينهما ثمانية وسبعين حديثاً في ثلاث وثلاثين لوحة وهو أمر يعطي مؤشراً بالغ الأهمية في عمل الأستاذ الفاضل في اعتماده على مخطوطة واحدة فقط.
3-
موقف المحقق في تتبعه للحافظ ابن حجر- رحمه الله تعالى- في انتقاداته المذكورة ص (11- 13) من مبحث "رموز الكتاب":
- الجواب: في الواقع هو أن فضيلة المحقق أبعد النجعة في تتبعه للحافظ في موضوع رموز الكتاب المذكورة ص (11- 13) منه، ولم يتفطنَ لحقيقة مراد المصنف في كتابه هذا. ولدى النظرة الأولى يتبين للناظر أمران:
الأول: أن الحافظ أراد أن يوثق الربط بين كتابه هذا وبين كتاب الحافظ المزي "تحفة الأشراف"وبدليل الرموز التي ذكرها المحقق استدراكاً وانتقاداً على المصنف وهي ما ذكره ص (13) من (سي، تم، خت، ع) مع العلم أن كل ما ذكره من الرموز لم تخرج عن رموز الكتب الستة وملحقاتها التي التزمها الحافظ المزي في كتابه "تحفة الأشراف".
الثاني: هو أن الحافظ- رحمه الله تعالى- أراد أن يضمن كتابه هذا بعض ما أفرده بالتأليف فيما بعد في كتابه "إتحاف المهرة" وذلك على طريقة العمل الموسوعي.
- ومن اطلع على الكتب الثلاثة (تحفة الأشراف، وأطراف المسند، وإتحاف المهرة) عرف مقصد الحافظ ومنهجه ولم يسارع بالانتقاد عليه.
- والغريب في الأمر قول فضيلة الأخ سمير ص (12) : "إضافة إلى ذلك استعمل
الحافظ رمزاً جديداً لم يشر إليه في مقدمته، ولم أهتد أنا إلى أي كتاب يقصد بهذا الرمز ألا وهو (يد) كما في الحديث رقم (583) "اهـ.
- والجواب: هو أن رقم الحديث صوابه (587) لا (583) ، وقد خفيت عليه القراءة السليمة للنص إذ قال فيه (يد، خز) بينما لو رجعنا إلى الأصل الخطي لرأينا أنه (يؤخر) لا (يد، خز) وبعده جاء حديث كتب عليه لفظ (يقدم) وهذا أمر معروف في المخطوطات.
- وكذلك قوله ص (13) في الرمز لأبي عوانة (عو) .
- والجواب: هو أن رقم الحديث الذي أشار إليه إنما هو (531) لا كما ذكره (527) وبالرجوع إلى المخطوط يتبين أن الرمز هو (عه) أيضاً فلم يخرج الحافظ عن شرطه في مقدمته.
- أما عدم اضطراد استعمال الحافظ لفظ (ع) رمزاً للكتب الستة مجموعة فهذا أمر طبيعي في التتبع الموسوعي، لأن الحافظ يضيف الرموز واحداً واحداً في تتبعه لتحفة الأشراف، بحيث لو أكمل الحافظ عمله في هذا الكتاب من حيث الربط، ثم أعاد النظر فيه بتأمّل لوحد المنهج لكنه لم يتابع ذلك ولم يكمله، بل وقف في أوائل كتابه هذا عن متابعة العمل.
- أما الرمز للحاكم ب (ك) و (كم) فالأمر فيه هينّ، لأنهما استعملا في كتب الحديث في الرمز للحاكم، وخاصة في كتابه "إتحاف المهرة"فقد استعمل رمز "كم" والعذر واضح في أنه لم يكمل العمل ولم ينقحه.
4-
إهماله العزو إلى المسند في مواضع، ويقول:"لم أجده في المطبوع"وهو فيه، فمن ذلك:
1-
ص (49) ، حديث (85) طر يق "بهز"تعليقة "4".
قلت: هو في المسند المطبوع (1/177- 178) .
2-
ص (58- 59) ، حديث (111) طريق "عبد الأعلى" تعليقة "1".
قلت: هو في المسند المطبوع (5/208) .
3-
ص (99) ، حديث (206) تعليقة "8".
قلت: هو في المسند المطبوع (3/ 120) .
4-
ص (115) ، حديث (282) تعليقة "8".
قلت: هو في المسند المطبوع (3/ 199) وفيه: "عبد الواحد" بدل "عبد الوهاب".
5-
ص (120) ، حديث (298) تعليقة "2".
قلت: هو في المسند المطبوع (3/203) بلفظ مقارب.
6-
ص (124) ، حديث (315) تعليقة "6".
قلت: هو فيه (3/247) . وكذلك قال في تعليقة "4"(3/ 209) صوابه (3/208) ، وكذلك قال في تعليقة "هـ"(3/247) صوابه (3/209) .
7-
ص (151) ، حديث (411) تعليقة "2".
قلت: هو فيه (3/ 229) وأبو خالد هو سليمان بن حيان.
8-
ص (151) ، حديث (411) تعليقة "4".
قلت: هو في المسند المطبوع (3/243) .
9-
ص (155) ، حديث (428) تعليقة "6".
قلت: هو فيه (3/ 239، 257، 281) . ولهذا الحديث طرق أخرى من رواية "حميد الطويل عن أنس"لم يستدركها المحقق، وهي:(3/216) عن عبد الله بن الوليد عن سفيان و (3/233) عن عبد الوهاب و (3/243) عن علي بن عاصم و (3/262) عن عبد الله بن محمد، كلهم عن حماد، كلهم عنه به.
10-
ص (169) ، حديث (494) تعليقة "8".
قلت: هو فيه (3/156-157) ولكن: عن خلف عن أبي جعفر، عن الربيع، عنْ أنس، خلاف ما ذكره الحافظ هنا "عن حميد عن أنس". ولأبي جعفر الرازي رواية عن حميد الطويل وعن الربيع بن أنس كما في "تهذيب الكمال"(9/ 61) و"تهذيب التهذيب"(12/ 56) .
11-
ص (171) ، حديث (500) تعليقة "2".
قلت: هو في المطبوع (3/ 251) عن عفان، ورواه أحمد (3/ 212) عن عبد الصمد، به.
12-
ص (231) ، حديث (722) تعليقة "5".
قلت: هو فيه (3/ 206- 207) لكن عن "شعبة"بدل "سعيد".
13-
ص (248) ، حديث (771) تعليقة "2".
قلت: هو فيه (3/126) .
14-
ص (248) ، حديث (771) تعليقة "3".
قلت: هو فيه (3/126) .
15-
ص (226) ، حديث (4 70) تعليقة "4".
قلت: هو في المطبوع (3/122) .
16 -
ص (251) ، حديث (782) تعليقة "4".
قلت: هو في المطبوع (3/222، 278) .
17 -
ص (251) ، حديث (783) تعليقة "7".
قلت: هو في المطبوع (3/ 216، 278) .
18 -
ص (271) ، حديث (851) تعليقة "9".
قلت: هو فيه (3/ 275- 276) .
19-
ص (282) ، حديث (886) تعليقة "3".
قلت: هو فيه (3/168) .
20 -
ص (288) ، حديث (911) تعليقة "3".
قلت: هو فيه (3/378) .
21-
ص (295) ، حديث (944) تعليقة "6".
قلت: هو فيه (3/266) . وكذا قوله تعليقة "5": (3/266) صوابه (3/266) .
22-
ص (303) ، حديث (980) تعليقة "3".
قلت: هو فيه (3/99) .
23-
ص (3 30) ، حديث (981) تعليقة "8".
قلت: هو فيه (3/282) .
24-
ص (352) ، حديث (1109) تعليقة "3".
قلت: هو فيه (4/295) .
25-
ص (391) ، حديث (1220) تعليقة "3".
قلت: هو فيه (2/55) .
5-
قد ينص الحافظ على مصادر أخرى في كتابه- غير المسند- فيهمل المحقق أحياناً العزو إليها، وهي مطبوعة متيسرة، فمن ذلك:
1-
ص (8)، حديث (6) : فيه عزو لأبي يعلى في مسنده (3/336) وابن حبان في صحيحه (الإحسان 4/ 110-111) .
قلت: وقد أَهملهما المحقق.
2-
ص (262)، حديث (828) قال فيه المصنف:"قلت: رواه الشيخان".
قلت: ولم يخرجه المحقق عنهما. وقد رواه البخاري في كتاب الدعوات:. باب التوبة،
ومسلم في التوبة: باب سقوط الذنوب بالاستغفار والتوبة، وانظر تحفة الأشراف 1/359.
3-
ص (252) ، حديث (787)، قال فيه المصنف: قلت: رواه الشيخان وغيرهما
…
".
قلت: ولم يخرجه المحقق. وقد رواه البخاري في الإيمان: باب (14) من كره أن يعود في الكفر، وفي الأدب: باب (42) الحب في الله، ومسلم في الإيمان: باب (16) بيان خصال من اتصف بهن وجد حلاوة الإيمان، والنسائي فيه: الباب الثالث. وانظر "تحفة الأشراف"(1/ 327) .
6-
من أهم فوائد فن الأطراف الربط بين طرق الحديث ومعرفة مخارجها وهذا ما فعله المصنف عند الحاجة، فيقول:"تقدم"أو "يأتيِ" ومن واجب المحقق عزوها إلى أماكنها لتتحقق الفائدة، لكن المحقق يهمل ذلك أحياناً فيترك الربط بين هذه الإحالات، فمن ذلك:
1-
حديث (462) ص (163) تعليقة "2"ولم يعزها المحقق.
قلت: هي عنده في الحديث رقم (415) .
2-
حديث (753) ، ص (242)، س "9"قال:"وله طريق تقدمت"ولم يعزها المحقق. قلت: تقدمت في الحديث رقم (749) .
3-
حديث (860) ، ص (275)، س "6"قال: "وقد مضى في أثناء ترجمة قتادة عن أنس
…
"ولم يعزه.
قلت: هو في الحديث المتقدم برقم (808) .
7-
وقوعه في التحريف لعدم الدقة في الضبط:
- ففي ص (3) سطر (11) جاء قوله: (عليك) .
قلت: وهو تحريف، صوابه (غُلْبُك) كما ضبطه ابن حجر- رحمه الله تعالى- في "الدرر الكامنة"، (3/ 218) فقال:"بضم أوله وثالثه وسكون ثانيه بلام، ثم موحدة، ثم كاف".
- وفي ص (325) سطر (1) قوله: (إياس بن عبد الله) .
قلت: كذا وقع في المخطوط وهو خطأ، وصوابه (إياس بن عبد) كما في تهذيب الكمال (3/ 406 -407) والإصابة (1/90) وتهذيب التهذيب (1/ 389- 390) .
- وفي ص (8) سطر (5) قوله: (عيسى بن حارثة) .
قلت: كذا وقع في المطبوع وصوابه (عيسى بن جارية) بالجيم، كما في تهذيب التهذيب (8/207) والإكمال لابن ماكولا (2/6) .
- وفي ص (10) س (13) قوله: (البزار) .
قلت: صوابه (البزاز) بزايين كما في سير أعلام النبلاء (12/296) وفيه: "كان بزازاً"وانظر تهذيب التهذيب (9/ 311) .
8-
طبيعة تعامله مع الأصل الخطي:
أ- وجود سقط لم يتنبه له المحقق:
- ففي حديث رقم (109) ص (58)، سطر (8) قوله:"وعن هشيم عن عبد الملك ببعضه، وفيه زيادة".
قلت: صوابه "وعن هشيم عن عبد الملك [عنه به. وعن هشيم عن عبد الملك] ببعضه وفيه زيادة". فسقط ما بين المعقوفين من مطبوعته والمخطوط، والطريقان موجودان في المطبوع (5/209) فجعلهما المحقق طريقة واحدة.
- وفي حديث (736) ص (236)، س (4) قوله:"عن شعبة عنه به".
قلت: صوابه: "عن شعبة [كلهم] عنه به". فسقط ما بين المعقوفين من مطبوعته والمخطوط، ولم يتنبه له، لأن الطرق المتقدمة هي أربعة، وهم: هشام وسعيد وهمام وشعبة".
- وفي حديث (759) ص (245)، س (5) قوله:"وعن بهز عن قتادة".
قلت: صوابه: "وعن بهز [عن همام] عن قتادة"كما هو في المطبوع الذي ذكره المحقق 3/191و269، وجاء ذكره على الصواب عنده في الحديث رقم (788) . وقوله:(عن همام) ساقط من المخطوط، وهو خطأ.
ب- وجود سقط في الأصل الخطي ولم يتنبه له فلم ينبه عليه في التعليق:
- ففي ص (2) س (5) قوله: "أخبرنا عبد الله بن محمد الخطيب حدثنا أبو القاسم البغوي".
قلت: فكيف يروي الخطيب المولود سنة (384 هـ) عن البغوي المتوفى سنة (317 هـ) . انظر: سير أعلام النبلاء (18/330 و14/440) . وصواب السند هو: "أخبرنا عبد الله ابن محمد الخطيب [أنا أبو حفص عمر بن إبراهيم الكتاني] حدثنا أبو القاسم البغوي".
وعلى هذا الوجه الصحيح أورده الحافظ ابن حجر في كتابه "المعجم المفهرس" الورقة 17-18، وفي "المعجم المؤسس " الورقة 41 في ترجمة شيخه إسماعيل بن إبراهيم الحاكم، وفي "إتحاف المهرة"(1/5) .
- وفي ص (2)، س (16) قوله: "وإيتاء الزكاة وأن تعطوا
…
".
قلت: صوابه: "وإيتاء الزكاة [وصوم رمضان] وأن تعطوا
…
" فسقط منه ما بين المعقوفين. وعلى هذا الوجه الصحيح هو في المسند (1/228)، وسنن أبي داود في السنة: باب في رد الإرجاء.
- وفي ص (185) س (6) قوله: "أربعتهم عنه به".
قلت: صوابه: "أربعتهم [عن حماد بن زيد] عنه به" فسقط ما بين المعقوفين من الأصل، ولم يتنبه له، وثبوته في المطبوع في المصادر المذكورة للحديث.
- وفي ص (194) س (15) قوله: "بين الأنصار في دارنا".
قلت: صوابه: "بين [المهاجرين و] الأنصار في دارنا". فسقط ما بين المعقوفين، وهو ثابت في المطبوع (3/111) .
- وفي ص (202) س (4) قوله: "عن شريك عنه بلفظ".
قلت: صوابه: "عن شريك [عن عبد الله بن عيسى] عنه بلفظ"فسقط ما بين المعقوفين كما هو ثابت في المطبوع (3/179) .
- وفي أول حديث (280) قوله: "امرأة إلى".
قلت: صوابه: "] جاءت [، امرأة" فسقط ما بين المعقوفين في المخطوط، وهو ثابت في المطبوع (3/268) .
- وفي ص (135) س (5) قوله: "حدثنا عفان عنه به".
قلت: صوابه: "حدثنا عفان [ثنا حماد] عنه به"فسقط ما بين المعقوفين من المخطوطة ولم يتبين له وهو ثابت في المطبوع (3/247) .
- وفي ص (192) س (9) قوله: "ثنا حماد بن زيد بهذا".
قلت: صوابه: "ثنا حماد بن زيد [عنه] بهذا"وهي ضرورية لربط الإِسناد بصاحب الترجمة، وجاء النص كذلك في الأصل الخطي الثاني للكتاب.
- وفي ص (201) س (1) قوله: "ابن زيد عنه به".
قلت: صوابه: "ابن زيد [أنا أيوب] ، عنه به"وهذه الزيادة من المطبوع (3/ 241-242) وتحفة الأشراف (1/258) ، ولابد منها لاتصال السند.
- وفي ص (204) س (3) قوله: "وإبراهيم بن أبي العباس كلاهما".
قلت: صوابه: "وإبراهيم بن أبي العباس [عن أبي أويس] كلاهما"كما في المطبوع (3/237) وبدليل الطريق بعده، وإبراهيم يروي عن أبي أويس كما في تهذيب الكمال (2/116) .
- وفي ص (224) س (4) قوله: "محمد بن إسماعيل".
قلت: كذا وقع في المخطوط وصوابه: "محمد بن أبي إسماعيل"كما في المطبوع (3/167) ، و"تهذيب التهذيب"(9/ 64) و"تعجيل المنفعة"ص (295) .
- وفي ص (265) سطر (10) قوله: "حدثنا أبي عنه به".
قلت: صوابه: "حدثنا أبي [عن يونس] عنه به" والمثبت من المطبوع (3/130) وتحفة الأشراف (1/ 365 ـ366) حديث رقم (1444) وسير أعلام النبلاء (12/268) وهذا الحديث أورده فيه على الصواب.
- وفي ص (274) حديث (859) قوله: "عليه أجره يوم القيامة".
قلت: صوابه: "عليه أجره [إلى] يوم القيامة" وما بين المعقوفين ساقط من المخطوطة، وهو في المطبوع (3/ 266) ، وانظر "الثقات"لابن حبان (9/ 164) و"تعجيل المنفعة"ص (390) .
- وفي ص (280) س (2) قوله: "حاتم بن إسماعيل عنه به".
قلت: صوابه: "حاتم بن إسماعيل [ثنا مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير] عنه به"فما بين المعقوفين سقط من المخطوطة، وهو موجود في المطبوع (3/254) وتحفة الأشراف (1/375) ، وانظر تهذيب الكمال (5/188) وتهذيب التهذيب (9/443) .
- وفي ص (285) آخر حديث (901) .
قلت: ثمة أمور عجيبة، فقوله:"وعن يعقوب عن أبيه، عن صالح، عنه به"كذا في المطبوع، ونصه كما في المخطوطة التي اعتمد عليها هو:"وعن يعقوب عنِ أبيه، عن صالح [كلهم] عنه به"فسقط من مطبوعته لفظ [كلهم] التي ستشير أن هناك محذوفاً.
وبيانه وهو الصواب: "وعنِ يعقوب عن أبيه عن صالح [عن ابن شهاب بقصة الحجاب. حديث: "لو أن لابن آدم وادياً من ذهب لأحب أن يكون له وادٍ آخر
…
"الحديث.
عن حجاج، عن ليث، عن عقيل. وعن قتيبة، عن رشدين، عن قرة وعقيل ويونس. وعن يعقوب، عن أبيه، عن صالح] كلهم عنه به".
فما بين المعقوفين ساقط من المخطوطة التي اعتمد عليها، وهو موجود في نسخة مخطوطة أخرى، ويؤيد هذا المطبوعُ من مسند أحمد، انظر على التوالي: طريق يعقوب في (3/236) ، وطريق حجاج في (3/168، 247) . وطريق قتيبة في (3/247) . وطريق يعقوب الأخير في (3/236) . على أن المحقق غفل عن هذا، فاستدرك الحديث المذكور بين معقوفين في ص (287) برقم (2) .
- وفي ص (294) آخر حديث (940) قوله: "عن حماد به".
قلت: صوابه: "عن حماد [عنه] به"وهذا ضروري لربط الإسناد بالعنوان. وهو ساقط من مخطوطته، وموجود في مخطوطة أخرى للكتاب.
- وفي ص (303) س (4) قوله: "عن يحيى بن إسحاق".
قلت: صوابه: "يحيى بن أبي إسحاق"كما في المطبوع (3/99) والثقات لابن حبان (5/ 524) ، و"تهذيب التهذيب"(11/177) .
- وفي ص (393) س (10) قوله: "عن الحكم بن أبي ليلى".
قلت: صوابه: "عن الحكم [عن] ابن أبي ليلى"كما في المطبوع (6/ 15) وإتحاف المهرة (1/ 166/أ) ومصادر ترجمتهما.
ولم ينبه المحقق على أمر آخر هنا وهو: أن رواية "معاوية بن عمرو ويحيى بن أبي بكير في المطبوع إنما هي عن (البراء عن بلال) وكذلك هي عند النسائي كما في تحفة الأشراف (2/105) .
جـ - طبيعة محافظته على الأصل الخطط في عمله التحقيقي:
ويلاحظ عليه عدم تنبيهه على ما كتب على حواشي النسخة الخطية:
- ففي ص (14) سطر (2) قوله: "حماد بن شعيب ".
قلت: "كتب على حاشيته في المخطوط ما نصه: "صوابه: زيد" انظر لوحة (3/ ب) .
- وفي ص (49) س (4) قوله: (وأنتم ليس بها) .
قلت: كتب على حاشيته في المخطوط ما نصه: "لعله: ولستم" انظر لوحة (7/ ب) .
- وفي ص (132) بين حديثي (350) و (351) .
قلت: كتب على حاشيته في المخطوط ما نصه: "حديث: لغدوة، تقدم". انظر لوحة (15/أ) .
- وفي ص (122) بين حديثي (307) و (308) .
قلت: كتب على حاشيته في المخطوط ما نصه: "حديث: كان أزهر اللون، يأتي "انظر لوحة (14/أ) .
- وفي ص (265) بين حديثي (837) و (838) .
- قلت: كتب على حاشيته في المخطوط ما نصه: "حديث: النغير، تقدم"انظر. لوحة (27/ ب) .
- وفي ص (297) عند نهاية حديث (954) .
قلت: كتب على حاشيته في المخطوط ما نصه: "حاشية بخطه: وله حديث في ترجمة قتادة"انظر لوحة (29/ ب) .
- وفي ص (336) س (1) عند قوله: "كأولاد".
قلت: كتب على حاشيته في المخطوط ما نصه: "بخطه كأولاولاد"انظر لوحة (33/أ) .
د- قد يصحح المحقق النص متابعة للمطبوع مع عدم بيان ما في الأصل المخطوط:
- ففي ص (21) س (10) قوله: (سعيد السمان) .
قلت: هو الصواب كما في المطبوع وتعجيل المنفعة ص (151) من ترجمته، لكن جاء في الأصل (سَعْد السمان) ولم ينبه عليه.
- وفي ص (13) س (13) قوله: (وعبيد الله بن عمر القواريري) .
قلت: كذا هو الصواب كما في المطبوع (و "سير أعلام النبلاء "11/ 442 و"التاريخ الكبير" 5/ 395 و"تاريخ بغداد" 10/ 320 و "تهذيب التهذيب " 7/ 40) ، لكن جاء في الأصل المخطوط (عبد الله) مكبراً، ولم يبين المحقق.
- وفي ص (19) س (1) قوله: (عن عمرو بن الحارث) .
قلت: هو الصواب كما في المطبوع و ("التاريخ الكبير" (6/ 320) و"الجرح والتعديل "(6/ 225) و"ميزان الاعتدال"(1/ 252) و"سير أعلام النبلاء"(6/ 349) و "تهذيب التهذيب"(8/ 14) ، وفي الأصل الخطي "عن عمر بن الحارث" ولم ينبه عليه.
- وفي ص (34) السطر الأخير قوله: (الرصافي) .
قلت: كذا وقع في المطبوع و ("الأنساب"للسمعاني (6/135) و"التاريخ الكبير"(2/380) و"تهذيب الكمال"(5/459) و"تهذيب التهذيب"(2/207) وهو الصواب ووقع في الأصل الخطي (الوصافي) ، وهو تحريف ولم ينبه عليه.
- وفي ص (36) س (9) قوله: (المصيبات) .
- قلت: هو في المطبوع وهو الصواب كما في صحيح مسلم بشرح النووي (17/143) وفي الأصل الخطي (المصليان) وعليها علامة التوقف ولم ينبه عليه.
- وفي ص (43) س (13) قوله: (شيبان) .
قلت: هو من المطبوع وكذا هو في إتحاف المهرة (1/ 10/ ب) وفي الأصل الخطي (سفيان) ولم ينبه عليه، وانظر ("تهذيب التهذيب"4/ 374) .
- وفي ص (92) س (11) قوله: (عن المبارك) .
قلت: هو من المطبوع وهو الصواب (وانظر "تهذيب التهذيب"10/ 28) وفي الأصل الخطي (عن ابن المبارك) ولم ينبه عليه.
وفي ص (93) س (7) قوله: (على الوليد) .
قلت: هو من المطبوع، وهو الصواب، وفي المخطوطة (عن الوليد) ولم ينبه عليه.
- وفي ص (121) س (4) قوله: (عن حسن) :
قلت: تابع فيه المطبوع وهو تصحيف، وفي الأصل الخطي (جسر) وهو الصواب كما في "المؤتلف والمختلف"للدارقطني (1/452) و"ميزان الاعتدال"(1/398) و"لسان الميزان"(2/104) .
- وفي ص (138) حديث (378) قوله: (ثمانون) .
قلت: تابع فيه المطبوع وهو الصواب، وفي الأصل الخطي (ثمانين) . ولم ينبه عليه.
- وفي ص (159) س (5) قوله: (وعن ابن بكر) .
قلت: هو من المطبوع، وهوا الصواب وفي المخطوطة (عن أبي بكر) ولم ينبه عليه، وهو (عبد الله بن بكر) كما جاء في المطبوع. انظر:"التقريب" وأصوله، و"طبقات ابن سعد"(7/ 334) و"التاريخ الكبير"(5/ 2 5) و"الجرح والتعديل "(5/ 6 1) و"تاريخ بغداد"(9/ 421) و"سير أعلام النبلاء "(9/ 450) .
ومثله ص (160) س (أخير) قوله: (عن ابن أبي عدي وابن بكر) .
قلت: وفي الأصل (وأبي بكر) .
- وفي ص (179) س (11) قوله: (وحسن) .
قلت: تابع فيه المطبوع (3/239) وهو الصواب وهو حسن بن موسى، وكتب على حاشية النسخة الهندية ما نصه:"وحسن هو حسن بن موسى"على أن المحقق لم ينبه على أنه في المخطوطة كتب (حسين) .
- وفي ص (186) س (12) قوله: (سليمان بن أبي سليمان) .
قلت: تابع فيه المطبوع وهو الصواب ولم يبين ما كتب في الأصل وهو (سليم) ، وانظر "التاريخ الكبير"(4/15) و"تهذيب الكمال"(11/442) و"تهذيب التهذيب"(4/196) .
- وفي ص (215) س (17) قوله: (عبد الله بن أبي بكر) .
قلت: تابع فيه المطبوع والصواب ما في المخطوط (عبيد الله بن أبي بكر) كما في التقريب وأصوله، و"التاريخ الكبير"(5/ 375) و"الثقات"لابن حبان (5/ 65) .
- وفي ص (220) س (5) قوله: (وعفان) .
قلت: تابع فيه المطبوع (3/259 و284) وهو الصواب ولم يذكر ما في المخطوط من أنه (عثمان) .
- وفي ص (226) س (11) قوله: (وعن مكي) .
قلت: زاد المحقق الواو، وهو الصواب، ولم يشر إلى أنها ساقطة من المخطوط.
- وفي ص (243) س (4) قوله: (عن همام) .
قلت: زادها المحقق تبعا للمطبوع (3/289) وهو الصواب، وهي ساقطة من الأصل
الخطي.
- وفي ص (246) س (7) قوله: (عن شيبان) .
قلت: تابع المحققُ المطبوع (3/207) وهو الصواب ولم يشر إلى أن في الأصل الخطي (وشيبان) .
- وفي ص (256) س (10) قوله: (عن سعيد) .
قلت: تابع فيه المحققُ المطبوع حيث فيه (ثنا ابن أبي عروبة) وهو (سعيد) ولم يذكر إلى أنه في الأصل (شعبة) .
- وفي ص (261) س (أخير) قوله: (كلاهما عن سعيد) .
قلت: تابع فيه المحقق للمطبوع ولم يذكر إلى أنه في المخطوط (شعبة) .
- وفي ص (286) س (15) قوله: (عبد الله بن مسلم) .
قلت: تابع فيه المحققُ للمطبوع وهو الصواب، ولم يذكر إلى أنه في المخطوط (مسلمة) ، وانظر "التاريخ الكبير"(5/ 190) و"الثقات" لابن حبان (5/ 47) ، 59- 60 و"تهذيب التهذيب "(6/ 29) .
- وفي ص (291) س (7) قوله: (أبو هلال) .
قلت: تابع فيه المحقق المطبوع وهو الصواب ولم يذكر إلى أنه في الأصل الخطي (ابن هلال) ، وانظر "تهذيب التهذيب "(9/ 195، 10/ 167) .
- وفي ص (299) س (10) قوله: (يسم) .
قلت: تابع فيه المطبوع وهو الصواب ولم يذكر ما في الأصل الخطي (يقسم) ، وانظر "تحفة الأشراف"(1/ 419) .
- وفي ص (310) س (4) قوله: (يعمر بن بشر) .
قلت: تابع فيه المطبوع وهو الصواب، ولم يشر إلى أنه في الأصل (معمر) ، وانظر "الثقات" لابن حبان (9/291) و"الإكمال"(7/ 432) و"المؤتلف" لعبد الغني ص (127) و"المؤتلف والمختلف" للدارقطني (4/ 2239، 2349) و"تعجيل المنفعة"ص (457) .
- وفي ص (312) س (5) قوله: (وإن كان كافراً) .
قلت: لفظة (كان) من المطبوع ولم يبين أنها ساقطة من الأصل.
- وفي ص (336) س (11) قوله: (بَجْلة) .
قلت: تابع فيه المطبوع وهو الصواب، ولم يبين ما في الأصل الخطي (بجيلة) ، وانظر "الإكمال"(1/ 386) و"الأنساب "(2/94) و"تبصير المنتبه"(1/127) و"المؤتلف والمختلف" للدارقطني (1/ 276) .
- وفي ص (351) س (أخير) قوله: (ابن نمير) .
قلت: تابع فيه المطبوع، وهو الصواب ولم يبين أنه في المخطوط (ابن أعين) ، وانظر "تحفة الأشراف"(2/ 36) و"تهذيب الكمال"(2/ 276) ، ولعل الذي وقع في المخطوطتين مصحف عن (نمير) فتأمل.
- وفي ص (368) س (3) قوله: (ابن بريدة) .
قلت: تابع فيه المطبوع، ولم يبين أنه في الأصل الخطي (أبي بريدة) .
هـ- قد يصحح النص من غير إشارة إلى ما في الأصل الخطي أو المطبوع، ولا يذكر دليل التصحيح، فمن ذلك:
- في ص (44) س (4) قوله: (سلم بن قتيبة) هو الصواب.
قلت: ولم يذكر أنه تحرف في المخطوط (سليم بن قتيبة) وفي المطبوع (مسلم ابن قتيبة) . ولم يذكر دليل التصحيح.
- وفي ص (50) س (10) قوله: (عن أسامة) .
قلت: ولم يذكر أنه تحرف في الأصل إلى (بن أسامة) .
- وفي ص (52) س (9) قوله: (عَزْرة) .
قلت: تحرف في الأصل إلى (عرمه) ولم ينبه عليه، وانظر "التاريخ الكبير"(7/65) و"تهذيب التهذيب"(7/ 192) .
- وفي ص (191) س (15) قوله: (وعبيد) .
قلت: تحرف في الأصل إلى (عبيدة) وفي المطبوع (3/233) إلى (عبيد الله) ولم ينبه على ذلك، وانظر ترجمته في التاريخ الكبير (6/ 2) و"الثقات" لابن حبان (8 /431) و"تاريخ بغداد"(11/95) و"تعجيل المنفعة"ص 276-277.
- وفي ص (275) س (أخير) قوله: (عن معمر) .
قلت: وقع مكانه في الأصل (كلاهما) ولم ينبه، وانظر"إتحاف المهرة"(1/188) و"تحفة الأشراف"(1/ 371) .
- وفي ص (340) س (15) قوله: "وعن محمد بن جعفر كلاهما عن شعبة عنه".
قلت: و (كلاهما) زيادة لا معنى لها، فحذفها المحقق بدون بيان.
- وفي ص (344) س (9) قوله: (بن هشام) .
قلت: هكذا وقع في المطبوع وتحرف في الأصل إلى (بن هشيم) ولم يبين، وانظر "تهذيب التهذيب"(10/ 196-197) .
- وفي ص (355) س (3) قوله: (وأبي داود عمر) .
قلت: تحرف في الأصل إلى (وأبي داود وعمر) وفي المطبوع (4/ 299) : (وأبي داود عمرو) ولم يبين، وانظر ترجمته في "طبقات ابن سعد"(6/403) و"الجرح والتعديل"(6/112) ، و"سير أعلام النبلاء"(9/415) و"الكاشف"(2/311) و"تهذيب التهذيب"(7/452) .
- وفي ص (358) س (15) قوله: (أبو الحكم علي) .
قلت: هو الصواب كما في المسند المطبوع (4/293-294) وتحرف في الأصل إلى (أبو الحكم عن) ولم يبين، وانظر ترجمته في "التاريخ الكبير"(3/396) و"تعجيل المنفعة"ص (292-293) . وانظر لزاماً تحقيق الحافظ ابن حجر في اسمه.
- وفي ص (369) س (4) قوله: (عن بشير) .
قلت: وهو الصواب وتحرّف في المطبوع (5/352) إلى (عن بشير) ، وهو مترجم في "التقريب وأصوله".
- وفي ص (361) س (14 و16) قوله: (حسين بن محمد) .
قلت: وهو الصواب كما في المطبوع وتحرف في الأصل في الموضعين إلى (حسن ابن محمد) ولم يبينه، وانظر "التقريب وأصوله".
- وفي ص (364) س (2) قوله: (أسلموا عليه) .
قلت: تحرف في الأصل إلى (أسلموا عليهم) ولم يبينه.
- وفي ص (373) س (4) قوله: (عتبة) .
قلت: تحرف في الأصل إلى (عبيد) ولم يبينه، وانظر ترجمته في "التقريب وأصوله".
- وفي ص (391) س (9) قوله: (عثمان بن سعد) .
قلت: وهو الصواب كما في المسند المطبوع (6/13) وتحرف في الأصل إلى (عثمان ابن سعيد) ، ولم يبينه، وانظر "التقريب وأصوله".
أما التصحيحات من غير ذكر الدليل سوى ما قدمناه فكثيرة منها: ص (79) تعليقة "5"وص (89) تعليقة "1"و (127) تعليقة "6"و (144) تعليقة "8"و (277) تعليقة "5"و (320) تعليقة "1"وغيرها.
9-
طبيعة تعامله مع المسند المطبوع الذي هو أصل الكتاب.
أ- وجود سقط في المسند المطبوع ولم يبينه، فمن ذلك:
- ففي ص (6) س (8) قوله: (حدثنا يحيى بن سعيد) .
ففي المطبوع (5/122) : (حدثنا سعيد) وسقط منه (يحيى بن) ، وجاء على الصواب في الأصل والموضع الثاني من المسند (5/ 114) وتحفة الأشراف (1/ 11) .
- وفي ص (10) س (2) قوله: (عن معمر) .
قلت: هو ساقط من المطبوع (5/134) ، وجاء على الصواب في الأصل الخطي، وانظر ترجمته في "تهذيب التهذيب"(6/ 311) .
- وفي ص (31) س (5) قوله: (حدثني محمد بن أبي بكر المقدمي) . (كذا وقع في المخطوط، وهو الصواب)، وجاء في المطبوع (5/ 116) :(حدثني أبو بكر المقدمي) ، وانظر كتاب "التاريخ الكبير"(1/ 49) و "الجرح والتعديل "(7/213) ، و"سير أعلام النبلاء"(10 /0 66) و"تهذيب التهذيب "(9/ 79) .
- وفي ص (100) س (8) قوله: (عن أبيه) . سقط من المطبوع (3/150) .
والصواب إثباته كما في المخطوط و"تهذيب التهذيب"(9/82) .
- وفي ص (110) س (أخير) قوله: (وعفان) . سقط من المطبوع (3/285) .
- وفي ص (168) س (3) قوله: (لعله) . سقط من المطبوع (3/282) .
- وفي ص (168) س (11) قوله: (عنه به) . أي: عن حميد عن أنس.
قلت: سقط لفظ (عن حميد) من المطبوع (3/132) من رواية عبد الرحمن، وجاء على الصواب في الباقي.
- وفي ص (182) س (2) قوله: (عن سعد) . سقط من المطبوع (3/ 280) .
والصواب إثباته كما في إتحاف المهرة (1/ 81/ ب) و"التاريخ الكبير"(4/ 55) .
- وفي ص (183) س (10) قوله: (عبد الله بن) . ساقط من المطبوع (3/162 -163) ، وهو خطأ. والصواب إثباته كما في المخطوط و"تحفة الأشراف"1/ 224 و"تهذيب التهذيب"(5/137) .
- وفي ص (185) س (14) قوله: (عن حسن) . ساقط من المطبوع (3/154) .
- وفي ص (200) س (1) قوله: (وأبي سعيد) . ساقط من المطبوع (3/145) .
- وفي ص (200) س (6) قوله: (عنه) . أي عن أبي قلابة عبد الله بن زيد، وهو ساقط من المطبوع (6/ 186) ، وهو ثابت في الأصل الخطي، وانظر النكت الظراف (1/254) .
- وفي ص (216) س (8) قوله: (وعفان) . ساقط من المطبوع (3/142) .
- وفي ص (303) س (10) قوله: (عن عبد الأعلى) . ساقط من المطبوع (3/187) .
- وفي ص (304) س (3) قوله: (ثنا يحيى بن سعيد) . ساقط من المطبوع (3/114) .
- وفي ص (312) س (7) قوله: (أخبرني يحيى بن أيوب) . ساقط من المطبوع (3/153) .
وهو خطأ، والصواب إثباتها كما في المخطوط و"التاريخ الكبير"(8/ 259) و"سير أعلام
النبلاء" (5/505،506) و"تهذيب التهذيب" (11/176ـ 186) و"تاريخ بغداد" (14/157) .
- وفي ص (323) س (7) قوله: (بن عمرو) . فلفظة (ابن) ساقطة من المطبوع (4/10) . والصواب إثباتها كما في المخطوطة وتحفة الأشراف (2/6) حديث (1740) .
- وفي ص (333) س (5) قوله: (عنه) . أي (عن عبد الله بن مرة) فسقط لفظ (ابن) من المطبوع (4/286) .
- وفي ص (370) س (14) قوله: (وعن ابن نمير) . ساقط من المطبوع (5/ 351) .
ب- وجود زيادة في المسند المطبوع وهي خطأ مع عدم التنبيه عليها عند العزو، فمن ذلك:
- ما في ص (188) س (5) قوله: (ويحيى) ، في المطبوع في هذه الرواية (3/ 115) زيادة وهي (عن شعبة) وهي مقحمة.
- وفي ص (228) س (13) قوله: (حدثنا هاشم) ، في المطبوع (3/ 226) زيادة (ثنا محمد بن عبد الله) . وهي مقحمة من السند الذي قبله.
- وفي ص (247) س (7) قوله: (قال عبد الله) في المطبوع (3/143) زيادة وهي (قال أبو عبيد بن عبد الله) فلفظة (أبو عبيد بن) مقحمة، وعبد الله بن أحمد كنيته: أبو عبد الرحمن.
- وفي ص (258) س (3) قوله: (عن معمر) ، في المطبوع (3/137) زيادة (عن الزهري) ولعلها مقحمة، ورواية عبد الرزاق في تحفة الأشراف (1/347) وليس فيها (عن الزهري) بين معمر وقتادة.
- وفي ص (246) س (9) قوله: (عن معمر) في المطبوع (3/ 165) زيادة (عن الزهري) ولعلها مقحمة، ورواية عبد الرزاق في تحفة الأشراف (1/ 344) وليس فيها ذكر للزهري بين معمر وقتادة.
- وفي ص (249) س (4) قوله: (عن معمر) وفي المطبوع (3/ 162) زيادة (عن الزهري) بين معمر وقتادة، وهي مقحمة.
- وفي ص (345) س (أخير) قوله: (حدثنا يزيد حدثنا شريك) وقع في المطبوع (4/298) زيادة (أنا شعبة) بينهما وهي مقحمة. انظر الطبقات الكبرى لابن سعد (4/367) .
- وفي ص (347) حديث (1092) وقع في المطبوع (4/ 290-291) في أول إسناده زيادة وهي (ثنا بهز ثنا شعبة) وهي مقحمة من السند الذي بعده.
وفي ص (370) س (11) جاء (عن مالك بقصة الدعاء) أي (عن مالك عن عبد الله بن بريدة عن أبيه) لكنه جاء في المطبوع (5/349) بزيادة (عن مالك بن مغول، ثنا يحيى بن عبد الله بن بريدة) فلفظة (يحيى بن) مقحمة.
جـ- لم ينبه على ما في المسند المطبوع مع مغايرته للأصل، مع أن الصواب ما في المطبوع:
- ففي ص (13) س (15) قوله: (جابر بن زيد) ، ومثله ص (177) س (12) .
قلت: كذا وقع في المخطوط (زيد) في الموضعين وهو تحريف، صوابه (يزيد) كما في المطبوع و "تهذيب الكمال" 4/ 472 و"التاريخ الكبير" 2/210 و"تهذيب التهذيب" 2/51.
- وفي ص (19) س (14- 15) قوله: (يحيى بن سعيد عن سعيد به) .
قلت: كذا وقع في المخطوط، وفي المطبوع (5/126- 127) ، (يحيى بن سعيد، عن سعيد، عن شعبة) ولعل الصواب (يحيى بن سعيد، عن شعبة به) .
- وفي ص (22) س (12) قوله: (عبيد الله) .
قلت: كما في المطبوع (5/138- 139) ، و "تهذيب التهذيب" 7/42، ووقع في المخطوط (عبد الله) .
- وفي ص (33) س (2) قوله: (سفيان بن سلمة) .
قلت: كذا وقع في المخطوط (بن) وهو خطأ، وصوابه (عن) كما في المطبوع (5/123) وسلمة بن كهيْل من مشايخ سفيان كما في "تهذيب الكمال"(11/ 314) و"سير أعلام النبلاء"(5 /298) و"تهذيب التهذيب" 4/ 155.
- وفي ص (39) س (1) قوله: (عبد الله) .
قلت: كذا وقع في المخطوط، وصوابه (عبيد الله) كما في المطبوع (5/136) و"طبقات ابن سعد"(7/350) و"التاريخ الكبير"(5/395) و"تاريخ بغداد"(10/320) و"سير أعلام النبلاء"(11/ 442) و"تهذيب التهذيب "(7/ 40) .
- وفي ص (52) س (13) قوله: (يحيى بن أبي إسحاق) .
قلت: كذا وقع في المخطوط، والصواب (يحيى بن إسحاق) كما في المطبوع (5/ 200، 201) ولفظة (أبي) مقحمة، وانظر "طبقات ابن سعد"(7/340) و"التاريخ الكبير"(8/ 259) و"تاريخ بغداد"(14/157) و"تهذيب التهذيب "(11/176) .
- وفي ص (87) س (9) قوله: (عبد الله السدوسي) .
قلت: كذا وقع في المخطوط، وهو تحريف، وصوابه (عبيد الله السدوسي) كما في المسند المطبوع و"تهذيب التهذيب"، (6/433) .
- وفي ص (56) س (2) قوله: (السلمي) .
قلت: كذا وقع في المخطوط وعليها إشارة توقف، وصوابه كما في المطبوع (5/205) .
(السلّي) وضبطه السمعاني في "الأنساب"(7 /201) بفتح السن المهملة وتشديد اللام، وله ترجمة في "التاريخ الكبير"(4/355، 356) ، و"تهذيب التهذيب"(5/12) ، وللمعلمي- رحمه الله في تعليقه على "التاريخ الكبير"(2/328) تحقيق في نسبة أبي تميمة وهل هما اثنان أم واحد؟ فانظره إن شئت.
- وفي ص (59) س (4) قوله: (عياض بن عمر) عن أسامة عنه.
قلت: كذا وقع في المخطوط- وفيه تحريف، والصواب (عياض بن عمِّ أسامة عنه) كما في الحديث الذي بعده.
- وفي ص (115) س (4) قوله: (المبارك) .
قلت: هو من المطبوع ووقع في المخطوط (عن ابن المبارك) ولفظة (ابن) مقحمة، والمبارك هو ابن فضالة، انظر "تحفة الأشراف"(1/ 149) و"تهذيب التهذيب (10/28) .
- وفي ص (119) س (5) قوله: (يلقّحون) .
قلت: وقع في المخطوط (يلحقون) وهو خطأ.
- وفي ص (126) س (14) قوله: (يصلّي) .
قلت: كذا وقع في المخطوط زيادة (يصلّي) وليست في المطبوع.
- وفي ص (127) س (4) قوله: (إلى) .
قلت: هو من المطبوع، وفي المخطوط (على) .
- وفي ص (176) س (14) قوله: (سعد) .
قلت: وقع في المخطوط (سعيد) وهو خطأ، والصواب (سَعْد) كما في المطبوع و"طبقات ابن سعد"(7/ 456) و"تهذيب الكمال"(9/8) و"سير أعلام النبلاء"(4/490) و"تهذيب التهذيب"(3/ 225) .
- وفي ص (88) س (1) قوله: (وهشام) .
قلت: كذا وقع في المخطوط، وهو تصحيف، وصوابه (هاشم) كما في المخطوطة الثانية والمسند المطبوع (3/226) والتقريب و"تهذيب التهذيب "(11 /18) .
- وفي ص (185) س (4) قوله: (حسين بن محمد) .
قلت: وقع في المخطوط (حبيب بن محمد) والمثبت من المطبوع (3/238) لأنه ليس في مشايخ الإمام أحمد من يسمى حبيباً. والله أعلم.
- وفي ص (197) س (3) قوله: (عيسى) .
قلت: كذا وقع في المخطوط وهو تحريف، وصوابه (عَبْس) كما في المطبوع و"إتحاف المهرة"ج 1 الورقة 88/أو"المؤتلف والمختلف"للدارقطني (3/1619) و"الإكمال"(6/89) .
- وفي ص (204) س (5) قوله: (أبي أويس) .
قلت: وقع في المخطوط (ابن أبي أويس) ولفظة (ابن) مقحمة، وهو مترجم في "التاريخ الكبير"(5/ 127) و"تهذيب التهذيب"(5/0 28) .
- وفي ص (206) س (13) قوله: (وعبد الرحمن) .
قلت: وفي المخطوط (يحيى بن عبد الرحمن) وهو خطأ.
- وفي ص (262) س (12) قوله: (عُمَر) .
قلت: وقع في المخطوط (عمران) وهو خطأ، والصواب كما في المطبوع (عُمَر) و"الثقات"لابن حبان (8/ 446) و"تهذيب التهذيب"(7/ 425-426) .
- وفي ص (274) س (18) قوله: (عبد الله) .
قلت: كذا وقع في المخطوط وصوابه (عُبَيد الله) كما في المطبوع (3/ 266) و"الثقات"لابن حبان (9/ 164) و"تعجيل المنفعة"ص 390.
- وفي ص (295) س (17) قوله: "صَلّى النبي صلى الله عليه وسلم والسماء
…
".
قلت: كذا وقع في المخطوط وهو تحريف، صوابه كما في المطبوع (3/266-267) "يبعث الناس يوم القيامة والسماء
…
".
- وفي ص (88) س (6) قوله: (أبو أسامة) .
قلت: كذا وقع في المخطوط ومثله في المخطوطة الثانية وصوابه: (أبو سلمة) كما في المسند المطبوع (3/240) وأبو سلمة هو منصور ابن سلمة الخزاعي يروي عن مالك، وروى عنه أحمد بن حنبل كما في "تهذيب التهذيب"(10/308) .
- وفي ص (348) س (11) قوله: (قريش) .
قلت: كذا في المخطوط والصواب (قيس) كما في المطبوع (4/280، 281،282،289) .
- وفي ص (365) س (3) قوله: (إسرائيل) .
قلت: صوابه (أبو إسرائيل) كما في المطبوع (5/347) ، وسقط لفظ (أبو) من المخطوط وهو خطأ، وأبو إسرائيل هو إسماعيل بن خليفة العبسي له ترجمة في "تهذيب الكمال"(3/ 77) و"تهذيب التهذيب"(1/293) .
- وفي ص (372) س (3) قوله: (الحسين) .
قلت: كذا وقع في المخطوط وهو خطأ، وصوابه (الحَسَن) ، كما في المطبوع (5/346) ، وهو علي بن الحسن بن شقيق، وهو مترجم في "طبقات ابن سعد"(7/376) و"التاريخ الكبير"(6/268) و"الجرح والتعديل"(6/ 180) و"تاريخ بغداد"(11/370) و"سير أعلام النبلاء"(10/349) و"تذكرة الحفاظ "(1/ 370) و"تهذيب التهذيب"(7/298) .
- وفي ص (375) س (13) قوله: (دينار) .
قلت: كذا في المخطوط وصوابه (كهيل) كما في المطبوع (5/356) .
- وفي ص (375) س (15) قوله: (عبد الله) .
قلت: كذا وقع في المخطوط وصوابه (عُبَيْد الله) كما في المطبوع (5/357) و"التاريخ الكبير"(5/ 388) و"الأنساب"(9/231) و"ميزان الاعتدال"(3/11) و"تهذيب التهذيب"(7/ 26-27) .
- وفي ص (380) س (7) قوله: (المغيرة) .
قلت: كذا وقع في المخطوط وصوابه (أبي المغيرة) كما في المطبوع (4/ 210) و"التاريخ الكبير"(6/ 120) و"الجرح والتعديل"(6/ 56) وغيرهما.
- وفي ص (391) س (12) قوله: (عن عمرو) .
قلت: كذا وقع في المخطوط، وهو خطأ، وصوابه (بن عمرو) كما في المطبوع (6/14) . وانظر "التاريخ الكبير"(1/ 391) ، و"الثقات "لابن حبان (6/ 48، 49) و"تهذيب الكمال"(2/428) و"تهذيب التهذيب"(1/233) .
د- عدم الدقة في التنبيه على ما في الأصل أو ما في المطبوع، فمن ذلك:
- ففي ص (14) س (10) قوله: (الحجاج) .
قلت: وقع في المخطوط (الحجا) وهو سهو من الناسخ.
- وفي ص (31) س (10) قوله: (عبد الرحمن) .
قلت: وقع في المخطوط (عبد الله) وصوابه (عبد الرحمن) ، وله ترجمة في "طبقات ابن سعد"(5/462) وغيره.
- وفي ص (13) س (14) قوله: (أبو يوسف يعقوب) .
قلت: وقع في المطبوع (أبو يوسف بن يعقوب) والصواب حذف (ابن) ، وهو مترجم في "الثقات"لابن حبان (9/ 286) و"تعجيل المنفعة"لابن حجر ص (456) .
- وفي ص (33) س (16) قوله: (سماه عبد الرحمن) .
قلت: وقع في المخطوط (سماه أبو عبد الرحمن) ولفظة (أبو) مقحمة، لأن عبد الرحمن بن مهدي كنيته أبو سعيد كما في "تهذيب التهذيب"(6/ 279) .
- وفي ص (91) س (16) قوله: (ببعضه) .
قلت: كذا وقع في المخطوط، والصواب (به) لأنه أورده كاملاً في الموضعين من المطبوع (3/ 289، 210) .
- وفي ص (237) س (3) قوله: (شعبة) .
قلت: تابع فيه المسند المطبوع (3/112) وفي المخطوط (سعيد) .
- وفي ص (238) س (10) قوله: (شعبة) .
قلت: وفي المطبوع (3/ 166) ، (سعيد) بدل (شعبة) .
- وفي ص (241) س (4) قوله: (بهز) .
قلت: رواية بهز في المطبوع (3/193) عن (حماد) لا عن (همام) .
- وفي ص (241) س (6) قوله: (حسن) .
قلت: في المطبوع (3/262) : (حسين) ، وكلاهما من الرواة عن شيبان كما في "تهذيب التهذيب "4/373.
- وفي ص (239) س (13) قوله: (ثلاثتهم عن سعيد) .
قلت: ينبغي البيان في هذا، ففي المطبوع (3/170) :(ثنا محمد ابن جعفر ومحمد بن بكر، قالا: ثنا شعبة، والخفاف عن سعيد، عن قتادة) فتنبه.
- وفي ص (242) س (4) قوله: (يزيد) .
قلت: تحرف في المطبوع (3/ 191-192) إلى (زيد) وانظر "التاريخ الكبير"(8/318) و"الثقات"لابن حبان (7/ 631) و"تهذيب التهذيب"(11/ 311) .
- وفي ص (242) س (12) قوله: (سعيد) .
- قلت: كذا وقع في المسند المطبوع والمخطوط (سعيد) وهو تحريف والصواب (سَعْد) كما في "الثقات" لابن حبان (8/ 366) و"تهِذيب التهذيب"(5/ 234) .
- وفي ص (260) س (9) قوله: (حسن) .
قلت: في المسند المطبوع (3/ 260) : (حسين) ، وكذلك هو في رواية البخاري كما في "تحفة الأشراف"(1/338) ، ولعله الصواب.
- وفي ص (261) س (8) قوله: (حسين) .
قلت: كذا وقع في المسند المطبوع (3/ 260) وفي المخطوط (حسن) والحسين بن محمد والحسن بن موسى من الرواة عن شيبان كما في "تاريخ بغداد"(9/ 271) .
- وفي ص (316) س (3) قوله: (وبه) .
قلت: هذا يفيد أنه بسند الحديث الذي قبله، والذي قبله من رواية "عبد الرزاق عن سفيان"أما هذا في المطبوع (1/ 181) فهو من رواية "وكيع عن سفيان"فتنبه.
- وفي ص (316) س (13) قولي: (إبراهيم بن إسحاق) .
قلت: قد انقلب اسمه في المطبوع (3/266) فجاء هكذا: (إسحاق ابن إبراهيم) ، وترجمته في "التاريخ الكبير"(1/273) و"تهذيب الكمال"(2/ 39) و"تهذيب التهذيب"(1/103) .
- وفي ص (393) س (10) قوله: (عنه به) .
قلت: أي صاحب المسند بلال رضي الله عنه لكن في المطبوع رواية معاوية بن عمرو ويحي بن أبي بكير (6/15) إنما هي (عن البراء عن بلال) فتنبه.
- وفي ص (394) س (14) قوله: (عن إسرائيل) .
قلت: كذا وقع في المخطوط (عن إسرائيل) ، ووقع في المطبوع (عن ابن إسرائيل) ، وكلاهما خطأ، والصواب (عن أبي إ سرا ئيل) كما في "تحفة الأشراف" 2/ 110 و"تهذيب الكمال" 3/ 82.
- وفي ص (279) س (8) قوله: (عبيد الله) .
قلت: كذا وقع في المخطوط (عبيد الله) وهو تحريف، والصواب:(عُبَيْد) كما في "التاريخ الكبير"(1/172) ، و"الثقات" لابن حبان (5/380) و"تعجيل المنفعة"ص 514-515.
هـ- التحريف في المطبوع ولم يبين:
- ففي ص (15) س (7) قوله: (سَلْم) .
قلت: وقع في المطبوع (مسلم) ، وهو تحريف، وصوابه (سَلْم) كما في المخطوط و"التاريخ الكبير"(4/158) و"سير أعلام النبلاء"(9/308) و"تهذيب الكمال "(4/133) .
- وفي ص (17) س (14) قوله: (يزيد) .
قلت: وقع في المطبوع (زيد) وهو تحريف، والصواب (يزيد) كما في المخطوط و"التاريخ الكبير"(4/ 324) و"سير أعلام النبلاء"(6/ 31) و"تهذيب الكمال"(11/318) .
- وفي ص (24) س (13) قوله: (خيثمة) .
قلت: وقع في المطبوع (حثمة) وفي الموضع الثاني منه (أبو حثمة وزهير) وفيه تحريفان، والصواب (خيثمة) كما في المخطوط "تهذيب الكمال"(9/ 402) و"تهذيب التهذيب"(3/342) . وهو أبو خيثمة زهير بن حرب.
- وفي ص (29) س (7) قوله: (عمر بن سعد) .
- وفي ص (35) س (15) قوله: (عن شعبة به) .
قلت: أي بالسند المتقدم (شعبة عن الحكم) لكن وقع في المطبوع (5/128) : (في سنده) : (عن الحسن) بدل (عن الحكم) وهو تحريف، والصواب أن شعبة يروي عن الحكم كما في ترجمته في "سير أعلام النبلاء"(7/202) و"تهذيب التهذيب"(4/338) .
- وفي ص (37) س (4) قوله: (يزيد بن زياد) .
قلت: وقع في المطبوع (يزيد بن أبي زياد) ، ولفظة (أبي) مقحمة، وانظر "الثقات"لابن حبان (7/ 621) و"تهذيب التهذيب"(11/328) .
- وفي ص (0 4) س (5) قوله: (شريك بن عبد الله) .
قلت: وقع في المطبوع (شريك عن عبد الله) وهو تحريف، والصواب (شريك بن عبد الله) كما في المخطوط و "التاريخ الكبير"(4/ 236) و"الجرح والتعديل"(4/363) و"سير أعلام النبلاء"(6/ 9 5 1) و"تهذيب التهذيب"(4/337) .
- وفي ص (31) س (13) قوله: (شيبة) .
قلت: وقع في المسند المطبوع (5/123) : (شيبان) ، وهو تحريف، وهو (عثمان بن أبي شيبة) مترجم في "التاريخ الكبير"(6/ 250) والتقريب وأصوله.
- وفي ص (44) س (6) قوله: (حُبَاب) .
قلت: تصحف اسمه في المطبوع إلى (عُبَاب) والصواب (حُبَاب) كما في المخطوط و"تعجيل المنفعة"ص 82 و" المؤتلف والمختلف"للدارقطني (1/ 477) و) الإكمال" (2/141) .
- وفي ص (54) س (1) قوله: (أحمد) .
قلت: وقع في المطبوع (أبو أحمد) ، ولفظة (أبو) مقحمة، ولأحمد ابن الحجاج ترجمة في "تاريخ بغداد"(4/116) و"تهذيب الكمال"(1/287) و"تهذيب التهذيب"(1/22) .
- وفي ص (62) س (4) قوله: (عَديّ) .
قلت: وقع في المطبوع (علي) وهو تصحيف، والصواب (عَديّ) كما في المخطوط و"طبقات ابن سعد"(6/407) و"التاريخ الكبير"(3/ 424) و"الجرح والتعديل"(3/ 600) و"تاريخ بغداد"(8/ 455) و"تهذيب الكمال"(9/ 364) و"سير أعلام النبلاء"(10/ 442) و"تهذيب التهذيب"(3/ 331) .
- وفي ص (63) س (2) قوله: (عمر بن الحكم) .
قلت: وقع في المطبوع (عَمرو بن أبي الحكم) وهو تحريف والصواب (عُمر بن الحكم) كما في المخطوط و "الثقات" لابن حبان (5/147) و"تهذيب التهذيب"(7/ 436) .
- وفي ص (70) س (6) قوله: (بن حارثة) .
قلت: وقع في المطبوع (عن حارثة) وهو خطأ، والصواب (بن حارثة) كما في المخطوط و"التاريخ الكبير"(8/ 310) و"الثقات"لابن حبان (5/525) و"تعجيل المنفعة"ص 447.
- وفي ص (93) س (14) قوله: (المَخْرميّ) .
قلت: هكذا ضبطه الحافظ السمعاني في "الأنساب"(12/ 130) وله ترجمة في "التاريخ الكبير"(5/ 62) و" الجرح والتعديل"(5/ 22) و"ميزان الاعتدال"(2/ 403) و"سير أعلام النبلاء"(7/328) و"تهذيب التهذيب"(5/ 171)، ووقع في المطبوع (5/240) :(المخزومي) وهو تصحيف.
- وفي ص (94) س (4) قوله: (الحداني) .
قلت: وقع في المطبوع (الحراني) وهو تصحيف، والحُدَّاني مترجم في "تهذيب الكمال"(3/272) وغيره.
- وفي ص (98) س (16) قوله: (أبي أسد) .
قلت: وقع في المطبوع (3/183) : (سهيل بن أبي الأسد) وهو خطأ، وصوابه:(سهل أبي الأسد) كما في "المؤتلف والمختلف" للدارقطني (4/1847) و"الإكمال"(1/83) و"توضيح المشتبه"(1/199) و"تهذيب التهذيب"(7/397) وجاء في المطبوع في السند الذي قبله (3/129) : (علي أبي الأسد)، وهذا الاختلاف في اسمه حققه الحافظ ابن حجر في "التهذيب" (3/398) فقال: "قلت: جَزَمَ الدارقطني وجماعة قبله أن شعبة وهَمَ فيه إذ سماه علياً، وإنما هو سَهْل، وكناه أبا الأسود، وإنما هو أبو الأسد
…
وروى عنه الأعمش ومسعر والمسعودي على الصحة".
- وفي ص (110) س (6) قوله: (سُهَيْل) .
قلت: وقع في المطبوع (سهل) وهو تحريف، وصوابه (سُهَيْل) كما في المخطوط و"التاريخ الكبير"(4/103) و"الجرح والتعديل"(4/ 245) و"سير أعلام النبلاء"(1/ 194) و"تهذيب التهذيب"(4/ 264) .
- وفي ص (124) س (14) قوله: (ثنا بهز وحجاج) .
قلت: وقع في المطبوع (ثنا بهز، ثنا حجاج) والصواب: (ثنا بهز وثنا حجاج) . انظر "تهذيب الكمال ترجمة سليمان بن المغيرة وبهز وحجاج".
- وفي ص (128) س (12) قوله: (حسن) .
قلت: وقع في المطبوع (3/156)(حسن) ، والأمر محتمل.
- وفي ص (134) س (13) قوله: (عنه به) .
قلت: أي: (حماد عن ثابت) بينما تحرف في المطبوع (3/242) إلى (حماد عن سالم) .
- وفي ص (136) س (12) قوله: (العبسي) .
قلت: وهو تحريف، ووقع في المطبوع (عن حبيب عن قيس) وهو تحريف أيضاً، وصوابه:(عن حبيب القيسي) كما في المخطوط و"التاريخ الكبير"(2/316) و"الثقات"لابن حبان (6/249) و"تعجيل المنفعة"ص 85.
- وفي ص (141) س (7) قوله: (شريح) .
قلت: وقع في المطبوع (3/184) : (شعيب) ، وهو خطأ، وصوابه:(شريح) كما في المخطوط و"الثقات"لابن حبان (7/ 335) ، و"تعجيل المنفعة"ص 338.
- وفي ص (151) س (1) قوله: (سهل) .
قلت: وقع في المطبوع (3/106) : (سهيل) وهو خطأ، وصوابه:(سَهْل) كما في المخطوط وهو مترجم في "التاريخ الكبير"(4/ 102) و"الثقات" لابن حبان (6/407) و"تهذيب التهذيب"(4/ 259) .
- وفي ص (176) س (7) قوله: (نصر) .
قلت: وقع في المطبوع (نضرة) وهو تحريف، صوابه:(نَصْر) كما في المخطوط و"تحفة الأشراف"(1/ 217) و" تهذيب الكمال"(7/ 403) ، (8/ 369) .
- وفي ص (182) س (13) قوله: (عنه) .
قلت: أي سعد بن سعيد كما في العنوا ن، ووقع في المطبوع:(سعيد بن سعد) وهو خطأ، وصوابه:(سعد بن سعيد) وترجمته في "التاريخ الكبير"(4/56) و"الجرح والتعديل"(4/ 84) و"تهذيب الكمال"(0 1/ 262) و"سير أعلام النبلاء"(5/ 482) و"ميزا ن الاعتدال"(2/ 120) و"تهذيب التهذيب"(3/ 470) .
- وفي ص (184) س (9) قوله: (عنه) أي: سعيد بن يزيد.
قلت: لكن وقع في المطبوع (3/166) : (سعيد) يعني: (ابن زيد) وهو تحريف، وانظر:"التاريخ الكبير"(3/ 520) و"التقريب"وأصوله.
- وفي ص (190) س (1) قوله: (عَارِم) .
قلت: وقع في المطبوع (عامر) وهو تصحيف، وعَارِم هو لقب الحافظ محمد بن الفضل السدوسي البصري، ترجمته في "طبقات ابن سعد"(7/ 305) و"التاريخ الكبير"(1/208) و"الجرح والتعديل"(8/58) و"سير أعلام النبلاء"(10/ 265) و"تهذيب التهذيب"(9/ 402) .
- وفي ص (193) س (14) قوله: (يحيى) .
قلت: وقع في المطبوع (حسين) بدل (يحيى) وهو خطأ، صوابه (يحيى) كما في المخطوط و"التاريخ الكبير"(8/298) و"الثقات" لابن حبان (9/ 261) و"تهذيب التهذيب"(11/263) .
- وفي ص (197) س (7) قوله: (عمرو) .
قلت: وقع في المطبوع (3/221) : (عمر) وصوابه (عمرو) كما في المخطوط و"تعجيل المنفعة"ص 333.
- وفي ص (202) س (4) قوله: (عن أسود بن عامر) .
قلت: وقع في المطبوع (3/ 179) : (عن أسود بن عامر ثنا شاذان) ولفظة (ثنا) مقحمة، لأن (شاذان) لقب (أسود بن عامر) ، انظر "التقريب وأصوله".
- وفي ص (202) س (4) قوله: (عنه) ،
قلت: أي عن عبد الله بن عبد الله بن جبر بن عتيك صاحب العنوان، فوقع في المطبوع (3/ 179) :(ابن جبير) وهو تحريف.
- وفي ص (206) س (13) قوله: (ووكيع) .
قلت: جاءت روايته في المطبوع (3/119) : (ثنا وكيع، عن يحيى) صوابه (ثنا وكيع ويحيى) .
- وفي ص (218) س (7) قوله: (وكيع) .
قلت: وقع في رواية وكيع من المطبوع (3/ 120) : (غياث) بدل (عتاب) ، وهو تصحيف، وله ترجمة في "التاريخ الكبير"(7/ 55) و"الثقات" لابن حبان (5/ 274) و"تهذيب التهذيب"(7/93) .
- وفي ص (220) س (9) قوله: (عبد الله بن أبي بكر) .
قلت: وقع في المطبوع (3/213) : (عبد الله بن أبي بكر) ولفظة (أبي) مزيدة، وهو مترجم في "التاريخ الكبير"(5/52) و"الثقات"لابن حبان (7/26) و"تهذيب التهذيب") (5/163) .
- وفي ص (226) س (6) قوله: (عنه) .
قلت: أي عن صاحب الترجمة وهو (عمرو بن عثمان بن جابر)، بينما وقع في المطبوع (3/ 224) :(عثمان بن جابر) ، وقد ذكر هذا الحديث الحافظ الهيثمي في "مجمع الزوائد"(5/ 320)(باب الحرب خدعة)، وقال:"رواه أحمد بإسنادين في أحدهما عمرو بن جابر، وثقه أبو حاتم، ونسبه بعضهم إلى الكذب"وعمرو بن جابر هو أبو زرعة الحضرمي له ترجمة في "ميزان الاعتدال"(3/ 250) و"تهذيب التهذيب"(8/ 11) .
- وفي ص (227) دس (11) قوله: (عن يونس) .
قلت: وقع في المطبوع (3/ 144) في رواية يونس: (عن عمرو بن أنس)، وصوابه:(عن عمرو، عن أنس) وهو صاحب الترجمة عن أنس رضي الله عنه.
- وفي ص (230) س (1) قوله: (أيوب) .
قلت: وقع في المطبوع (3/ 111) : (أبي أيوب) ، ولفظة (أبي) مقحمة، وهو أيوب السختياني المترجم في "تهذيب التهذيب"(1/397) .
- وفي ص (233) س (12) قوله: (عبد الله بن سعد) .
قلت: وقع في المطبوع (3/279) : (عبيد الله) وهو خطأ، والصواب (عبد الله ابن سعد) كما في المخطوط و "الثقات" لابن حبان (8/ 366) و"تهذيب التهذيب"(5/ 234) .
- وفي ص (266) س (8) قوله: (أزهر بن القاسم) .
قلت: وقع في المطبوع (3/147) : (بهز بن القاسم) بدل (أزهر بن القاسم) وهو تحريف، وانظر "التقريب وأصوله".
- وفي ص (275) س (13) قوله: (عنه به) .
قلت: أي عن صاحب الترجمة، وهو: محمد بن أبي بكر الثقفي، ووقع في المطبوع (3/147) :(عن محمد عن أبي بكر الثقفي) وصوابه (عن محمد بن أبي بكر الثقفي) كما في المخطوط و"التاريخ الكبير"(1/ 46) و"الثقات"لابن حبان (5/368) و"تهذيب التهذيب"(9/79) .
- وفي ص (279) س (7) قوله: (عنه) .
قلت: أي محمد بن عبد الله بن أبي سليم صاحب الترجمة، ووقع في المطبوع (3/168) :(محمد بن عبد الله بن أبي سليمان) ، وهو تحريف وصوابه (محمد بن عبد الله ابن أبي سليم) كما في المخطوط و"التاريخ الكبير"(1/128) و"الثقات"لابن حبان (5/367) وانظر "التقريب وأصوله".
- وفي ص (286) س (5) قوله: (عن قرة) .
قلت: وقع في المسند المطبوع (3/247) : (قرة بن شهاب) وصوابه: (قرة، عن ابن شهاب) كما في المخطوط، وابن شهاب هو الزهري صاحب الترجمة عن أنس.
- وفي ص (292) س (16) قوله: (مُعَيْد) .
قلت: وقع في المطبوع (3/187)(سعيد) بدل (مُعَيْد) وهو تحريف، انظر "الإكمال"(7/ 264) ، و"التبصير"(3/1297) ، و"التاريخ الكبير"(3/ 364) ، و"المؤتلف والمختلف"للدارقطني (4/2029) ، و"تحفة الأشراف"(1/410) ، و"تهذيب التهذيب"(2/418) .
- وفي ص (293) س (14) قوله: (هشام) .
قلت: وقع في المطبوع (3/223)(هاشم) بدل (هشام) . وهو تحريف. انظر "التقريب وأصوله".
- وفي ص (296) س (13) قوله: (عنه) .
قلت: أي نبيط بن عمر الراوي عن أنس، وقع في المطبوع (3/155)(نبيط ابن عمْرو)، وصوابه:(نبيط بن عُمَر) كما في المخطوط، وهو مترجم في "الثقات"لابن حبان (5/483) ، و"تعجيل المنفعة"ص 420.
- وفي ص (300) س (7) قوله: (عَوْن) .
قلت: وقع في المطبوع (3/190) : (عوف) وهو خطأ، وصوابه:(عَون) كما في المخطوط و"تهذيب الكمال"(11 /338) ، و"تهذيب التهذيب"(5/ 346) .
- وفي ص (301) س (3) قوله: (عُمر) .
قلت: وقع في المطبوع (3/ 255) : (عَمرو) وهو تحريف، وصوابه:(عُمر) كما في المخطوط و"تهذيب التهذيب"(11/ 80، 7/ 495) ، و"التاريخ الكبير"(6/ 190) و"الثقات"لابن حبان (7/ 165) و"القول المسدد"ص 9.
- وفي ص (306) س (7) قوله: (مثنى) .
قلت: وقع في المطبوع (3/ 190)(موسى) ، وهو تحريف، والصواب:(مثنى) كما في المخطوط و"الثقات"لابن حبان (5/443) و"تهذيب التهذيب"(10/34- 35) .
- وفي ص (324) س (5) قوله: (مؤمل) .
قلت: وقع في المطبوع (6/393) : (مؤيد) وهو خطأ، انظر "تهذيب التهذيب"(10/ 380) .
- وفي ص (332) س (5) قوله: (ومنصور) .
قلت: وقع في المطبوع (4/ 281) : (قال زبيد أخبرني منصور) وهو تحريف، ويؤيده قول الإمام أحمد آخر هذا السند:(وهذا حديث زبيد) .
- وفي ص (338) س (16) قوله: (يزيد) .
قلت: وقع في المطبوع (4/292) : (زياد) وهو تحريف، والصواب:(يزيد) كما في المخطوط و"التاريخ الكبير"(8/ 334) و"الجرح والتعديل"(9/ 265) و"سير أعلام النبلاء"(6/129) و"ميزان الاعتدال"(4/423) و"تهذيب التهذيب"(11/ 329) .
- وفي ص (343) س (4) قوله: (عنه) .
قلت: أي عن (عزرة) الراوي عن أنس، ووقع في المطبوع (4/ 292) :(عروة) وهو خطأ، وعَزْرة هو ابن الحارث الشيباني كما جاء مصرحاً به في "مسند أبي يعلى الموصلي"(3/239) رقم الحديث (1677) وفي "الثقات " لابن حبان (5/279) وفيه هذا الحديث.
- وفي ص (353) س (13) قوله: (عن مسلم بن صبيح) .
قلت: وقع في المطبوع (4/304) : (عن مسلم بن الضحاك)، وصوابه:(عن مسلم ابن صبيح) كما في"التقريب وأصوله".
- وفي ص (359) س (1) قوله: (عنه) .
قلت: أي: أبو بسرة الغفاري، ووقع في المطبوع (4/292) :(أبو سبرة) ، وصوابه (أبو بُسْرة) كما في المخطوط و"الثقات"لابن حبان (5/573) و"ميزان الاعتدال"(4/ 495) و"تهذيب التهذيب"(12/20) .
- وفي ص (369) س (4) قوله: (بشير) .
قلت: وقع في المطبوع (5/352) : (بشر)، وهو تحريف وصوابه:(بشير) كما في المخطوط وهو مترجم في "طبقات ابن سعد"(6/ 361) و"التاريخ الكبير"(2/ 101) و"الإكمال"(1/ 286) و"ميزان الاعتدال"(1/ 329) و"تهذيب الكمال"(4/ 176) و"تهذيب التهذيب"(1/ 468) .
- وفي ص (376) س (11) قوله: (غَنِية) .
قلت: وقع في المطبوع (5/347) : (عيينة) ، وهو تصحيف، وصوابه:(غَنِيَّة) كما في المخطوط و"المؤتلف والمختلف"للدارقطني (3/ 1656) و"الإكمال"(6/119) و"التبصير"(3/ 927) و"التاريخ الكبير"(2/ 356) و"المؤتلف"لعبد الغني ص 89 و"ذكر أخبار أصبهان"(2/129) و"تهذيب التهذيب"(6/392) و"تحفة الأشراف"(2/ 94) .
- وفي ص (376) س (11) قوله: (الحكم) .
قلت: وقع في المطبوع (5/347) : (الحسن) ، وهو خطأ، والصواب:(الحكم) كما في المخطوط و"تحفة الأشراف"(2/94) و"إتحاف المهرة"جـ1 الورقة 162/ ب، وأخرجه الحاكم في "المستدرك"(3/ 110) في كتاب معرفة الصحابة.
- وفي ص (387) س (8) قوله: (عوف) .
قلت: وقع في المطبوع (3/500) : (عون) وهو تصحيف، وصوابه:(عوف) كما في المخطوط و"التاريخ الكبير"(5/ 156) ، و"الثقات" لابن حبان (5/42) و"تعجيل المنفعة"ص 231.
- وفي ص (390) س (13) قوله: (شَهر) .
قلت: وقع في المطبوع (6/12) : (سلمة) ، وهو تحريف، وصوابه:(شَهْر) كما في المخطوط و "المعرفة والتاريخ"(2/97) و"طبقات ابن سعد"(7/ 449) و"ذكر أخبار أصبهان"(1/ 343) و"تهذيب التهذيب"(4/ 369) ، و"شذرات الذهب"(1/ 119) .
- وفي ص (392) س (2) قوله: (شجاع) .
قلت: وقع في المطبوع (6/ 14) : (الحكم) ، وهو تحريف، وصوابه:(شجاع) كما في المخطوط و"التاريخ الكبير"(7/ 372) و"طبقات ابن سعد"(7/ 485) و"ميزان الاعتدال"(4/ 91) و"تهذيب الكمال"(8/ 258) .
- وفي ص (393) س (9) قوله: (بُكير) .
قلت: وقع في المطبوع (6/ 15) : (كثير)، وصوابه:(بُكَيْر) كما في المخطوط، "والتقريب وأصوله".
- وفي ص (394) س (3) قوله: (حماد بن سلمة) .
قلت: وقع في المطبوع (6/15) : (يعنى ابن أبي سلمة) ، ولفظة (أبي) مقحمة وانظر "التقريب وأصوله".
- وفي ص (396) س (12) قوله: (إليّ) .
قلت: وقع في المطبوع (6/ 15) : (أبي) ، وهو تحريف.
- وفي ص (228) س (6) قوله: (محمد بن إسحاق) .
قلت: وقع في المطبوع (محمد بن أبي إسحاق)، ولفظة:(أبي) مزيدة وهو خطأ، ترجمته في "طبقات ابن سعد"(7/321) و"التاريخ الكبير"(1/40) و"الجرح والتعديل"(7/191) و"سير أعلام النبلاء"(7/33) و"تهذيب التهذيب"(9/38) .
و على أن المحقق قد يذكر المفارقات بدون تصحيح:
- ففي ص (57) تعليقة (3) قوله: (وفيه ليث عن عقيل) .
قلت: كذا قال ولم يحرر فيه، والصواب هو ما في المسند المطبوع (5/203) من (ليث عن عقيل) كما في "تحفة الأشراف"(1/ 52) و"المعجم الكبير"للطبراني (1/ 162) و"تهذيب التهذيب"(7/255) ، وما وقع في المخطوط والمطبوع (ليث عن يزيد) فتحريف.
- وفي ص (229) س (4) قوله: (ثنا هاشم، عنه به) .
قلت: كذا وقع في المخطوط وهو خطأ، وصوابه:(ثنا يحيىبن إسحاق، ثنا مهدي، عنه به) ، كما في "تحفة الأشراف"(1/297) رقم الحديث (1129) و"تهذيب التهذيب"(10/326-327) .
ز- إهماله ذكر المغايرات أحياناً بين ما في الأصل الخطي وبين ما في المطبوع:
- ففي ص (99) س (10) قوله: (ابن أبي خزيمة) .
قلت: كذا وقع في المخطوط، ولفظة (ابن) مقحمة، وأبو خزيمة هذا مختلف في اسمه، فقيل: صالح بن مرداس، وقيل: نصربن مرداس، له ترجمة في "التاريخ الكير"(4/ 289) ، 290) و"الثقات "لابن حبان (6/ 465) و"تهذيب التهذيب "(12 /85) .
- وفي ص (124) س (3) قوله: (وعن عبد الرزاق عن معمر، كلاهما عنه به) .
قلت: كلاهما أي: معمر وحماد، عنه أي: ثابت البناني صاحب العنوان، به أي: بالحديث.
قلت: لكن رواية عبد الرزاق في المسند المطبوع (3/165) هي (عن معمر، عن الأشعث بن عبد الله، عن أنس) ، ولم يبين المحقق ذلك.
- وفي ص (152) س (3) قوله: (وعن يعقوب، عن أبيه، عن ابن إسحاق، عن حميد، نحوه) .
قلت: ترك المحقق هذه التعليقة غفلاً والواقع أنها مكررة من الحديث الذي بعده ولا يقابلها شيء من المسند المطبوع فتنبه.
- وفي ص (169) س (14) قوله: (عن خلف) .
قلت: رواية خلف في المطبوع (3/ 156 -157) : عن أبي جعفر، عن الربيع، عن أنس، وليس كما قال الحافظ: عن أبي جعفر، عن حميد، عن أنس، ولأبي جعفر الرازي رواية عن حميد الطويل وعن الربيع بن أنس كما في "تهذيب الكمال"(9/ 61) و"تهذيب التهذيب"(12/56) .
- وفي ص (193) س (1) سقط لم يتنبه له وهو ساقط من أصل المخطوط وهو قوله "فيشفعون له"وهو موجود في نسخة خطية أخرى وفي المطبوع (3/266) أيضاً.
- وفي ص (219) س (9) قوله: (ثنا سليمان بن داود، ثنا فليح، عنه به) . علق عليه بقوله (لم أجده) .
قلت: هذا السند إنما هو للحديث الذي قبله (674) وانظر المسند المطبوع (3/150) وفيه (عن قريش) صوابه (من قريش) .
- وفي ص (220) س (3) قوله: (ثنا روح بن عطاء بن أبي ميمونة، حدثني أبي بهذا) .
قلت: كذا وقع في المخطوط، وفيه تحريف وزيادة، والصواب:(ثنا روح عن عطاء بن أبي ميمونة بهذا) كما في المطبوع (3/112) ، و"تحفة الأشراف"(1/ 289) و"تهذيب الكمال"(9/252) ، وانظر ترجمة عطاء بن أبي ميمونة في التقريب وأصوله.
- وفي ص (220) س (5) قوله: (عن عطاء) .
قلت: وقع في المسند المطبوع (3/259) : (ثنا شعبة، عن أبي معاذ عن عطاء بن أبي ميمونة) ، ولفظة (عن) الثانية مقحمة، لأن (أبا معاذ) كنية عطاء بن أبي ميمونة كما في ترجمته في "التاريخ الكبير"(3/ 469) و"الجرح والتعديل"(6/337) و"ميزان الاعتدال"(3/ 76) و"تهذيب التهذيب"(7/215) .
- وفي ص (228) س (5) قوله: (عن عبد الرحمن، عن مالك. وعن محمد ابن فضيل عن محمد بن إسحاق كلهم عنه به) .
قلت: إنما هي في أصل المخطوط أوردها الحافظ للحديث بعده سهواً، وإن كان الصواب إلحاقها هنا، وتصرف المحقق بذلك ولم يبين حقيقة الأمر.
- وفي ص (309) س (8) قوله: (كلاهما) .
قلت: وقع في المطبوع زيادة: (كلاهما عن منصور، عن ربعي) ، وهي ضرورية لأن سفيان وزائدة المذكورين في الأسانيد من الرواة عن منصور بن المعتمر كما في ترجمته في "تهذيب التهذيب"(10/313) .
- وفي ص (346) س (14) قوله: (معتمر بن سليمان، عن حجاج، كلاهما، عنه، به)، وعلق عليها برقم (10) بقوله: لم أجده.
قلت: هذا السند مقحم من الحديث الذي بعده، وهو موجود في المسند المطبوع (4/ 295 و 301) .
- وفي ص (379) س (7) قوله: (عبد الله بن سعيد) .
قلت: كذا وقع في المخطوط (بن)، وصوابه:(عن) كما في المسند المطبوع (4/181) ، وعبد الله هو ابن المبارك يروي عن سعيد بن زيد القِتْباني كما في "تهذيب الكمال "(11/118) و"تهذيب التهذيب "(5/383، 4/101) .
- وفي ص (381) س (2) قوله: (أو أبو بشر) .
قلت: كذا وقع في المخطوط، ولفظة:(أبو) مقحمة، وقيل في اسمه: بشير أو بُشير، ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في "الإصابة"(1/156)(ط السعادة) و"تعجيل المنفعة" ص 51-52.
- وفي ص (388) س (9) قوله: (ربيعة) .
قلت: وقع في المطبوع: (ابن ربيعة) ولفظة: (ابن) مقحمة. وسقط لفظ (أبي) من المخطوط وهو (ربيعة بن أبي عبد الرحمن) ، المعروف بربيعة الرأي، له ترجمة في "التاريخ الكبير"(2/286) و"تاريخ بغداد"(8/420) و"تهذيب الكمال"(9/123) و"سير أعلام النبلاء"(6/ 89) و"تذكرة الحفاظ"(1/157) و"تهذيب التهذيب"(2/ 258) و"شذرات الذهب"(1/ 194) .
10-
ليس عنده دقة في تتبعه للحافظ:
- ففي ص (234) س (8) قوله: (وليس في حديث محمد بن جعفر وحده ذكر عبد الرحمن بن عوف) .
قلت: بل في رواية محمد بن جعفر (3/373، 255) ذكر لعبد الرحمن ابن عوف، فتأمل.
- وفي ص (275) س (5) قوله: (ابن سعيد لم يدرك أنساً) .
قلت: لكن الذين ترجموا له أثبتوا له رؤية أنس بن مالك كما في "التاريخ الكبير"(7/418) و"تهذيب التهذيب"(10/34) ، وفي المطبوع تصريح المثنى بالسماع من أنس، ففيه: "قال سمعت أنساً يقول
…
" والله أعلم.
- وفي ص (322) س (8) قوله: (عن بهز، عن حماد بن سلمة، عن يعلى بن عطاء عن أوس، نحوه) .
قلت: هذا السند إنما هو للحديث الذي بعده (1033) وأوله: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ
…
وهو سهو، وحقه أن يذكر هنا.
- وفي ص (377) س (10) قوله: (عبد الرحمن بن أبي بكرة) .
قلت: كذا وقع في المخطوط، وصوابه:(عبد الرحمن بن جَوْشَن صِهْر أبي بكرة) . انظر "تهذيب التهذيب"(6/155) و"طبقات ابن سعد"(7/228) .
- قوله في ص (238) التعليقة (1) : [المسند (3/125) والأولى به أن يكون من مسند أبي هريرة إذْ هو: عن همام، حدثنا قتادة، عن أنس، أو عن رجل، عن أبي هريرة
…
فذكره. كذا وقع في المطبوع، والله أعلم] .
قلت: وفي كلامه تخليط عجيب:
1-
لأن قوله (الأولى به أن يكون من مسند أبي هريرة) خطأ، لأن هذا الحديث مروى من وجهين:
أ- عن قتادة، عن أنس.
ب- وعن رجل، عن أبي هريرة.
2-
قوله (كذا في المطبوع) فيه إشارة إلى عدم صحة ما في المطبوع، قلت: بل الصواب ما في المطبوع.
والحديث ذكره الحافظ المزي في "تحفة الأشراف"(1/ 360- 361) حديث رقم (1411) بهذا السند، وأعاده الحافظ المزي في مسند أبي هريرة رضي الله عنه برقم (15466) والله أعلم.
- وفي ص (127) س (8) قوله: (ثنا عبد الرزاق) .
قلت: وقع في المخطوط: (عبد الرحمن) ، والمثبت من المطبوع، والروايات التي قبل هذا الحديث والتي بعده في المطبوع كلها من رواية عبد الرزاق، وقد روى هذا الحديث أبو داود من طريق الإمام أحمد عن عبد الرزاق كما في "تحفة الأشراف"(1/ 105) .
11-
اعتبار الحديث من الزيادات مع عدم تنبيه المحقق:
- ففي ص (246) حديث (765) قوله: (قال عبد الله، حدثنا محمد بن يسار، حدثنا سعيد بن عامر، حدثنا شعبة، عنه به) ، أورد هذا الحديث من زيادات عبد الله وعزاه للمسند المطبوع (3/278) .
قلت: هو في المسند المطبوع (3/278) من طريق الإمام أحمد ولم ينبه عليه المحقق، ولعل الصواب أنه من زيادات عبد الله على المسند كما ذكره الحافظ، ومحمد بن بشار من مشايخ عبد الله بن أحمد كما هو مذكور في "تاريخ بغداد"(2/ 101) و"سير أعلام النبلاء"(12/ 145) و"تهذيب التهذيب "(9/ 71) ، ووقع عنده أيضاً "محمد بن يسار"والصواب "محمد بن بشار"كما في "التقريب وأصوله"والمصادر السابقة.
- وفي ص (358) حديث (1126) قلت: أورده الحافظ ابن حجر من الزوائد، وعزاه المحقق إلى المسند المطبوع (4/292) وقال:"ولكنه في المطبوع ليس من الزوائد".
قلت: بل هو في المطبوع من الزوائد كما ذكره المؤلف.
12-
نظرة فاحصة لما استدركه المحقق على المصنف، وهو يحتوى على عدة نقاط:
الأولى: استدراك المحقق أحاديث في غير موضعها الصحيح:
1-
ص (342) ، التعليقة رقم (8) في ترجمة عدي بن ثابت، عن البراء بن عازب.
قلت: هذا الحديث المستدرك إنما هو من رواية البراء بن عازب، عن عمّه أو خاله، وموضعه الصحيح في المبهمات في آخر الكتاب.
2-
ص (357) ، التعليقة رقم (4) في ترجمة يزيد بن البراء، عن البراء بن عازب.
قلت: هو أيضاً من رواية البراء، عن خاله، وموضعه في المبهمات.
الثانية: استدراك المحقق أحاديث وقد ذكرها الحافظ ابن حجر في موضعها من التراجم المذكورة:
1-
ص (141) ، حديث مستدرك في ترجمة ثابت البناني، عن أنس رقم (1) .
قلت: تقدم برقم (259) وفيه هذا السند.
2-
ص (145) ، ترجمة (حبيب الشهيد، عن أنس بن مالك) ، حديث مستدرك برقم (1) .
قلتُ: هذا الحديث ذكره الحافظ برقم (418) من نسختنا، ورواية سليمان ابن حرب في المطبوع إنما هي من رواية حبيب بن الشهيد، عن الحسن- وهو البصري- عن أنس بن مالك، فتأمل!!
3-
ص (171) ، ترجمة (حميد الطويل، عن أنس) ، حديث مستدرك برقم (3) .
قلتُ: هذا الحديث ذكره الحافظ برقم (408) من نسخة المحقق، وفيه السند المذكور في الاستدراك، والعزو الذي ذكره المحقق للحديث (408) لم أجده في المطبوع، فتأمل!!
4-
ص (172) ، ترجمة (حميد الطويل، عن أنس) ، حديث مستدرك برقم (15) .
قلتُ: هذا الحديث المستدرك من رواية عفان إنما هو طرف من الحديث المتقدم في نسخة المحقق برقم (500) وفيه رواية عفان، وعلّق المحقق عليها في الحاشية:"ولم أجده عن عفان"!.
5-
ص (173) ، ترجمة (حميد الطويل، عن أنس) ، حديث مستدرك برقم (24) .
قلتُ: تقدم هذا الحديث في نسخة المحقق برقم (411) وفيه رواية أبي خالد- وهو سليمان ابن حيان- وعلي بن عاصم التي استدركها المحقق، وعلّق عليها، في الحاشية بعد ذكر الحديث (411) :"لم أجده"، فتأمل!.
6-
ص (273) ، ترجمة (قتادة، عن أنس) ، حديث مستدرك برقم (3) .
قلتُ: تقدم في نسخة المحقق برقم (771)، وفيه الروايات المذكورة في الاستدراك والتي قال المحقق في ص (248) تعليقة (2) و (3) :"لم أجده"!.
الثالثة: استدراك المحقق أحاديث وقد ذكرها الحافظ في تراجم أخرى، وكان على المحقق أن يربط بينهما:
- ص (213) ، حديث مستدرك برقم (1) في ترجمة عبد العزيز بن صهيب، عن أنس.
قلتُ: سيذكر الحافظ هذا الحديث برقم (980) من نسخة المحقق، وفيه هذه الرواية المستدركة.
الرابعة: استدراك المحقق تراجم وأحاديث وهي مذكورة في الورقة التي نقصت من المخطوطة التي اعتمد عليها:
1-
ص (145) ترجمة (جعفر بن عَمْرو بن أمية الضمري، عن أنس) .
قلت: له حديث مذكور في نسختنا برقم (407) .
2-
ص (145) ترجمة (حجاج بن حسان، عن أنس) .
قلت: له حديث واحد رقمه (409) في نسختنا المحققة.
3-
ص (145) ترجمة (الحسن بن أبي الحسن البصري، عن أنس) .
قلتُ: له أحاديث من رقم (410) - (418) بتحقيقنا.
4-
ص (146) ترجمة (الحضرمي بن لاحق، عن أنس) .
قلت: له حديث واحد ذكر في نسختنا برقم (419) .
5-
ص (146) ترجمة (حفص بن عبيد الله، عن جده أنس بن مالك) .
قلتُ: له حديثان في نسختنا برقم (420) و (421) .
6-
ص (146) ترجمة (حفص بن عمر بن عبد الله، عن عمّ أبيه أنس) .
قلتُ: له في نسختنا ستة أحاديث، من رقم (422) - (427) .
7-
ص (147) ترجمة (حماد بن أبي سليمان، عن أنس) .
قلت: له حديث واحد مذكور في نسختنا برقم (428) .
8-
ص (147) ترجمة (حمزة الضبي، عن أنس) .
قلت: له ثلاثة أحاديث في نسختنا برقم (429) و (430) و (431) ، وفي كر المحقق حديثين فقط.
الخامسة: فات المحقق تراجم لم يستدركها بسبب نقص ورقة من المخطوطة الوحيدة التي اعتمد عليها في التحقيق:
1-
ترجمة (جبر بن عبد الله، عن أنس بن مالك) ورقمها (30) في كتابنا المحقق. في هذه الترجمة حديث واحد، ورقة (404) .
2-
ترجمة (الجعد أبو عثمان، عن أنس) ، ورقمها (31) . له حديثان برقم (405) و (406) .
3-
ترجمة (جعفر بن معبد ابن أخي حميد بن عبد الرحمن الحِمْيَري، عن أنس) ، ورقمها (33) . له حديث واحد برقم (408) في كتابنا المحقق.
السادسة: استدراك المحقق أحاديث بسبب نقص ورقة من المخطوطة الوحيدة التي اعتمد عليها.
1-
ص (171) ، حديث مستدرك برقم (2) في ترجمة حميد الطويل، عن أنس.
قلتُ: هو في نسختنا برقم (444) .
2-
ص (171) ، حديث فستدرك برقم (4) .
قلت: رقمه في نسختنا (442) .
3-
ص (172) ، حديث مستدرك برقم (6) .
قلتُ: ذكر برقم (440) في نسختنا المحققة.
4-
ص (172) ، حديث رقم (9) مستدرك.
قلت: هو مذكور برقم (437) في نسختنا.
5-
ص (172) ، حديث مستدرك برقم (10) .
قلت: هو في نسختنا برقم (436) .
6-
ص (172) ، حديث رقم (12) مستدرك.
قلت: رقمه (435) في نسختنا.
7-
ص (172) ، حديث رقم (13) مستدرك.
قلت: رقمه (434) في نسختنا.
8-
ص (172) ، حديث رقم (14) مستدرك.
قلت: رقمه (433) في نسختنا.
9-
ص (172) ، حديث رقم (16) مستدرك.
قلت: رقمه (432) في نسختنا.
10-
ص (173) ، حديث رقم (26) مستدرك.
قلت: هو في نسختنا برقم (445) .
11-
ص (173) ، حديث مستدرك برقم (27) .
قلت: رقمه في نسختنا (439) .
السابعة: استدراك المحقق أحاديث وهي طرف من أحاديث تقدمت:
1-
ص (141) ، حديث رقم (3) استدركه المحقق في ترجمة ثابت البناني، عن أنس ابن مالك.
قلت: وهو طرف من الحديث المتقدم عنده برقم (300) .
2-
ص (141) ، حديث رقم (4) استدركه في ترجمة ثابت البناني، عن أنس.
قلت: وهو موافق للحديث المتقدم برقم (330)، ولم يذكر المحقق في الاستدراك أوله وهو:"كان يلعق أصابعه الثلاث"، ولم يُنبّه عند ذكر الحافظ ابن حجر للحديث (330) بأنَّ الطرف المذكور له تتمة.
3-
ص (141) ، حديث رقم (5) ، استدركه في ترجمة ثابت البناني، ولفظهُ:"كان يُعجبه القرع".
قلت: هو طرف من حديث تقدم عنده برقم (287)، ومنه قول الحافظ رحمه الله تعالى:
…
مختصراً: "كان يُعجبه القرع".
4-
ص (141) ، حديث مستدرك برقم (6) في ترجمة ثابت البناني، عن أنس.
قلت: تقدم مثله برقم (361) فينبغي أن يزيده فيه.
5-
ص (142) ، حديث رقم (18) مستدرك في ترجمة ثابت البناني، عن أنس.
قلت: هو طرف من الحديث المتقدم برقم (309) وفيه رواية عفان أيضاً.
6-
ص (142-143) ، حديث مستدرك برقم (19) في ترجمة ثابت البناني، عن أنس.
قلت: هذا الحديث فيه طرف من الحديث (276) ، والحديث المستدرك في أوله زيادة ينبهّ عليها بعد زيادته في موضعه المذكور.
7-
ص (173) ، حديث مستدرك برقم (25) في ترجمة حميد الطويل عن أنس.
قلت: هذا الحديث طرف من الحديث (428) وفيه رواية حسن التي استدركها المحقق، وعلّق عليها في ص (155) :"لم أجده "، فتأمل!.
8-
ص (273) ، حديث مستدرك برقم (9) في ترجمة قتادة، عن أنس.
قلت: هو طرف من حديث تقدم في نسخة المحقق برقم (770) .
9-
ص (287) حديث مستدرك برقم (1) في ترجمة محمد بن مسلم الزهري، عن أنس. قلت: هو طرف من حديث تقدم في نسخة المحقق برقم (883) .
الثامنة: استدراكه أحاديث وهي موجودة في النسخة الهندية:
1-
ص (94) ، التعليقة رقم "3"، في ترجمة أشعث بن عبد الله الحُدّاني، عن أنس.
قلتُ: والحديث مذكور برقم (186) بتحقيقنا.
2-
ص (142) ، حديث مستدرك برقم (7) في ترجمة ثابت البناني، عن أنس.
قلتُ: هذا الحديث ذكر في كتابنا المحقق برقم (288) .
3-
ص (173) ، حديث مستدرك برقم (22) في ترجمة حميد الطويل، عن أنس.
قلتُ: هذا الحديث في نسختنا برقم (441) .
4-
ص (194) ، حديث مستدرك في ترجمة طلحة بن نافع، عن أنس، تعليقة رقم "4".
قلتُ: هذا الحديث في نسختنا برقم (638) ، وسقط العزو إلى المسند من نسخة المحقق، وهو (3/113) .
5-
ص (213) ، حديث مستدرك برقم (2) في ترجمة عبد العزيز بن صهيب، عن أنس.
قلتُ: هو في نسختنا برقم (696) .
6-
ص (213) ، حديث مستدرك برقم (3) في ترجمة عبد العزيز بن صهيب، عن أنس.
قلتُ: هو في نسختنا برقم (708) .
7-
ص (273) ، حديث مستدرك برقم (1) في ترجمة قتادة، عن أنس.
قلتُ: هو في نسختنا برقم (902) .
8-
ص (273) ، حديث مستدرك برقم (6) في ترجمة قتادة، عن أنس.
قلتُ: هو حديثان ذكرهما الحافظ برقم (796) و (797) في نسختنا.
9-
ص (287) ، حديث مستدرك برقم (2) في ترجمة محمد بن مسلم الزهري، عن أنس.
قلتُ: هو حديث مذكور في نسختنا برقم (972) .
10-
ص (294) ، حديث مستدرك في التعليقة (4) في ترجمة موسى بن أنس، عن أنس.
قلتُ: هو في نسختنا برقم (1011) .
11-
ص (353) ، حديث مستدرك برقم (1) في ترجمة عَمْرو السبيعي، عن البراء ابن عازب.
قلتُ: هو مذكور في نسختنا برقم (1173) .
12-
ص (354) ، حديث مستدرك في التعليقة (5) في ترجمة المسيب بن رافع، عن البراء.
قلتُ: هو في نسختنا برقم (1172) .
- ص (396) ، التعليقة رقم (4) في آخر مسند بلال بن رباح رضي الله عنه.
قلتُ: هو مذكور في نسختنا برقم (1306) .
13-
إهماله وضع فهرس عملي للجزء المحقق:
من المعروف أن المدخل إلى كتب الأطراف والاهتداء في الوصول إلى المراد هو الفهرس العام الذي يوضع في مقدمة الكتاب أو في خاتمته كما عمله محقق تحفة الأشراف، وقد خلا منه الجزء الذي قام بتحقيقه فضيلة الأستاذ سمير، فأصبح الوصول إلى المطلوب منه عسراً، لا يمكن إلا بتتبع صفحات الكتاب، وهذا الأمر فيه من الصعوبة مالا يخفى.
هذا آخر ما أردنا إيراده بإيجاز، والله الهادي إلى سبيل الرشاد، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
…
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
--------------------------------------------------------------------------------
[1]
الضوء اللامع 8/ 176.
وصول بني أمية إلى منصب الخلافة
إعداد
ا. د/ محمد ضيف الله البطاينة
قسم التاريخ بكلية الدعوة وأصول الدين- الجامعة الإسلامية
وصول بني أمية إلى منصب الخلافة:
لا تعدّ خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه فاتحة سلطان بني أمية، فاختيار عثمان لم يكن لاعتبارات عائلية، وإنما كان لاعتبارات إسلامية محضة أساسها السبق إلى الإسلام والصحبة، ولم يخلف عثمان بن عفان في الخلافة أحد من ولده أو من بني أمية، ولولا أن الخلافة ظلت من بعد معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه في ولده ثم في بني أمية لما كانت خلافة معاوية بن أبي سفيان فاتحة سلطان بني أمية.
وصول معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه إلى منصب الخلافة:
بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، أُختير أبو بكر رضي الله عنه عام11 هـ خلفا له، ولما توفي عام 13 هـ، اجتمع المسلمون على عمر بن الخطاب رضي الله عنه. فلما طعن الطعنة التي توفي فيها عام 23 هـ، وعزم عليه الصحابة أن يستخلف، قال: ما أجد أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر أو الرهط الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض، فسمى علياً وعثمان والزبير وطلحة وسعدا وعبد الرحمن [1] .
وذكر أبو جعفر الطبري: أن عمر بن الخطاب قال للرهط: وإني نظرت فوجدتكم رؤساء الناس وقادتهم ولا يكون هذا الأمر إلا فيكم وقد قُبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنكم راض [2] .
وهي إشارة إلى أن هؤلاء الرهط كانوا من الجماعة الإسلامية في المكانة الأولى، ولعل غيرهم والحال هذه لا يقدر معهم أن يحدث الجماعة الإسلامية عن نفسه في مسألة الخلافة فضلا عن أن يرشح نفسه لها، إلا أن يكون ذلك من أحاديث النفس، ثم أفضت الاتصالات بالناس في عملية الشورى التي أوصى بها عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى اختيار عثمان ابن عفان رضي الله عنه، وتوفي عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه عام 32هـ في حياة عثمان بن عفان، ثم قتل عثمان عام 35 هـ، واختير علي بن أبي طالب رضي الله عنه خليفة، ولكن قتل عثمان بن عفان أحدث فتنة [3] انقسمت لها الجماعة واختلفت فيها الآراء والمواقف، وكانت امتحاناً عسيراً ألقى بين يدي المسلمين بعامة ويدي علي بن أبي طالب بخاصة قضية معقدة لم يكن الْبَتُّ فيها بأهون من قضية القتل نفسه، هذا إلى ما كان من شكاوى الثائرين على عثمان ومطالب المعارضين له والمعترضين على إدارته.
وبعد استخلاف علي بن أبي طالب، خرج طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه، والزبير بن العوام رضي الله عنه تقف إلى جانبهما عائشة زوج الرسول صلى الله عليه وسلم يطلبون بدم عثمان بن عفان وإصلاح الأمر [4] ، ومناقشة الروايات التي تتحدث عن طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام أنهما بايعا علي بن أبي طالب طائعين أو مكرهين لا يغيّر من أنهما خرجا بالسبب الآنف الذكر شيئاً، وقد وقع خروجهم من غير مشورة علي بن أبي طالب ورضاه [5] ، فلما بلغه خبرهم اغتمّ، وقيل إنه قال: أتدرون بمن بليت؟ أطوع الناس في الناس عائشة، وأشد الناس الزبير، وأدهى الناس طلحة، وأيسر الناس يعلى ابن أمية [6] ، وكان يعلى خرج معهم يطلب بدم عثمان وأمدّهم بما يلزم من المال وجهزّهم.
وخشي علي بن أبي طالب أن ينفتق بخروجهم فتق ويفسد الأمر فخرج إلى العراق يتبعهم، فلما اجتمع عنده ما اجتمع من الجند من أهل الكوفة وغيرهم سار إليهم نحو البصرة.
وفي البصرة، شق على الناس اختلافهم، ولما سألوهم أجاب كل منهم إنه على الحق، ولكن علي بن أبي طالب زاد على ذلك فقال: إنهم بايعوني وخالفوني [7] .
وفي موضوع الخلاف، ذكر الجاحظ أنه لما حضر علي بن أبي طالب إلى البصرة سفرت الرسل بين الجانبين لفض الخلاف وجمع الكلمة، وكان ممن سفر بين الجانبين عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أرسله علي بن أبي طالب إلى الزبير يسأله ويقول له: يقول لك ابن خالك، عرفتني بالحجاز وانكرتني بالعراق، فماعدا مما بدا لك؟ فقال الزبير لعبد الله، أبلغه السلام وقل له: بيننا وبينك عهد خليفة، ودم خليفة، واجتماع ثلاثة، وانفراد واحد، وأم مبرورة، ومشاورة العشيرة، ونشر المصاحف فنحلّ ما أحلت ونحرّم ما حرمت [8] .
وقد أورد ابن عساكر في تاريخه رواية مشابهة لرواية الجاحظ أسندها إلى مصعب ابن عبد الله عن أبيه عن موسى بن عقبة بن أبي عياش مولى الزبير بن العوام عن أبي حبيبة مولى الزبير قال: أتانا ابن عباس بالبصرة في يوم شديد الحرّ، فلما رآه الزبير قال: مرحبا بابن لبابة أزائراً أم سفيراً؟ قال: كل ذلك، أرسلني ابن خالك إليك فقال لك: ما عد مما بدا؟ (أي ما الذي صرفك ومنعك وحملك على التخلف بعدما ظهر منك من التقدم في الطاعة والمتابعة) ، عرفتني بالمدينة وأنكرتني بالبصرة! قال، فجعل الزبير ينقر بالمروحة في الأرض ثم رفع رأسه إليه فقال: نرفع لكم المصاحف غدا، فما أحلت حللنا وما حرمت حرّمنا، فانصرف، فناداني ابن الزبير وهو في جانب البيت، ابن عباس، عليّ أقبل، قال ابن عباس، فأقبلت عليه وأنا أكره كلامه، فقال: بيننا دم خليفة، وعهد خليفة، وانفراد واحد واجتماع ثلاثة، وأم مبرورة، ومشاورة العامة، قال: يعنى الثلاثة: الزبير وطلحة وسعد، أقام بالمدينة، وعهد خليفة: عمر بن الخطاب، قال: إذا اجتمعوا وتشاوروا اتبع الأقل الأكثر، ودم خليفة: عثمان بن عفان [9] .
وإذا صح ما ذكره الجاحظ وأورده ابن عساكر، فإن طلحة وصحبه كانوا يريدون إعادة النظر في الموقف برمته، من الطلب بدم عثمان وإقامة الحد على قتلته من جهة والالتزام بشورى عمر بن الخطاب في اختيار الخليفة من جهة أخرى، وتحكيم القرآن في كل ما جرى، وهو مطلبٌ جعل عائشة وغيرها من المسلمين يدعون إليه وينصرونه.
ولكن علي بن أبي طالب، وقد سبقت البيعة إليه، كان يرى الدخول في الجماعة والمحافظة على وحدتها وتعزيزها السبيل إلى صلاح الأمر، وباعتباره يمثل الدولة، وأن اليد العليا لا تكون إلا يد الدولة، وأن الناس جميعاً في أخذ الحقوق يرجعون إليها، كان علي بن أبي طالب يرى أن يدخل الجميع في الطاعة: معاوية وآل عثمان والمطالبون بدم عثمان، ثم يحاكمون القتلة إليه، أي إلى الدولة فيحملهم وإياهم على ما في كتاب الله وسنة نبيّه [10] .
وبالرغم من الخلاف بين الجانبين، فلم ينقل أحد في معنى الخلاف أنهم أحدثوا بيعة، ومن أجل فض الخلاف وحلّ النزاع ذكر ابن أبي شيبة [11] ، أنهم ضربوا فسطاطاً بين العسكرين ثلاثة أيام، فكان علي والزبير وطلحة يأتونه فيذكرون فيه ما شاء الله، حتى إذا كان بعد الظهر من اليوم الثالث ولم يكونوا توصلوا إلى اتفاق بدأ القتال بين الجانبين، وقيل إن السباب وقع بين صبيان العسكرين وتراموا وتبعهم الغوغاء فحرشوا بين الناس وأفسدوا مساعي الصلح، فلما انتشبت الحرب لم يكن بدّ من القتال، واشتبك الناس على أية حال، واستمر القتال لساعات، قتل فيه طلحة، وترك الزبير القتال ورجع، فقتل في أثناء رجوعه في الطريق [12] .
وبذلك لم يبق من الرهط الذين سمىّ عمر بن الخطاب للخلافة الذين توفي الرسول صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضٍ إلا علي بن أبي طالب وهو الخليفة، وسعد بن أبي وقاص الذي اعتزل. وبانتهاء معركة الجمل، أصبح العراق كله في جانب علي بن أبي طالب.
أما في بلاد الشام، فكان معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه والياً عليه منذ أيام عمر بن الخطاب، فلما نظر عليّ في أمر الولاة على البلدان قيل إن عبد الله بن عباس والحسن بن عليّ والمغيرة بن شعبة الثقفي كل منهم أشار على عليّ بن أبي طالب أن يُقِرَّ من كان على الولايات من العمال وبخاصة معاوية بن أبي سفيان فلا يعزلهم، فإذا بايع الناس وأتته طاعتهم أقر من شاء واستبدل بمن شاء، وقيل إن عليّ بن أبي طالب أبدى مخاوفه من أن معاوية سيحترز بأخذ المواثيق والعهود عليه لا يعزله، فلما بلغ معاوية ذلك حلف أن لا يلي لعليّ ولا يبايعه ولا يقدم عليه [13] ، وقيل إن عليّ بن أبي طالب عزل معاوية بإشارة أكثر أمرائه عليه ولكن عزله لم يستقم [14] .
والمعلوم أن الولاة من عهد عثمان بن عفان كانوا من أسباب الشكوى والتذمر، وقد يكون عزلهم جاء اقتضاء للأجواء السياسية التي كانت تسيطر على المدينة وضروراتها، وقد يكون قول من قال إنه أشير على عليّ بألا يعزل معاوية، قد يكون ذلك القول جاء تالياً من باب أنه لو لم يعزل عليّ معاوية ما خالفه معاوية ولا اعترض عليه، وهو على آية حال اتهام لمعاوية بأن خلافه مع عليّ كان غضباً للإمارة فحسب.
واتهام معاوية بالحرص على الإمارة فحسبْ في خلافه مع عليّ يَردُ في رواية يحيى ابن سليمان الجعفي [15] بإسناد له قال: إن معاوية قال لجرير البجلي لما قدم علَيه رسولا بعد محاولة طويلة، أكتب إلى عليّ أن يجعل لي الشام، وأنا أبايع له ما عاش، فكتب بذلك إلى علي، ففشا كتابه، فكتب إليه الوليد بن عقبة:
بشامك لا تدخل عليك الأفاعيا
معاوية إن الشام شامك فاعتصم
ولاتك مخشوش الذراعين وانيا
وحام عليها بالقنابل والقنا
فاهد له حربا تشيب النواصيا [16]
فإن علياً ناظر ما تجيبه
والقول بفشو كتاب معاوية إلى عليّ بين الناس إنه يعرض عليه تلك المقايضة يهدم الركن الأساسي الذي كان يستند إليه في معارضة عليّ واحتجاجه عليه والتف به الناس من حوله، والتضحية بهذا السند وهذه الحجة لابد أن يقابلها ضمان، وحيث لا ضمان فهل يتصور أن يفعل معاوية ذلك!
وأما الشعر المذكور في الرواية فلا يشير إلى المقايضة، وإنما يؤكد أن مركز معاوية بالشام قويّ ومنيع يحضه على نصب الحرب لعليّ والاستعداد لها ويحذره أن يلين له أو يضعف أمامه.
وذكر صاحب البدء والتاريخ [17] ، أن عليّ بن أبي طالب بعث جرير بن عبد الله البجلي رسولا إلى معاوية يدعوه إلى البيعة فكتب إليه معاوية، إن جعلت لي الشام ومصر طعمة أيام حياتك، وإن حضرتك الوفاة لم تجعل لأحد بعدك في عنقي بيعة بايعتك، فقال عليّ لم يكن الله يراني اتخذ المضلين عضدا.
وهي مثل سابقاتها من الروايات في اتهام معاوية بمخالفة عليّ حبّاً في السلطة، ولكنها تؤكد سوء رأي عليّ فيه، ولو صحت هذه الرواية لكان معاوية يعرف رأي عليّ فيه، ولعلم وهو يقايضه إنما يدخل معه صفقة خاسرة لا يعقل أن يقدم معاوية على إبرامها معه.
ولكن لم يرد منذ أن استخلف عليّ أن معاوية بايعه، وقيل أن أبا مسلم الخولاني جاء وأناس إلى معاوية فقالوا له: أنت تنازع علياً في الخلافة، أوَ أنت مثله؟ فقال: لا والله، إني لأعلم أنه أفضل مني وأحق بالأمر مني، ولكن ألستم تعلمون أن عثمان قتل مظلوماً وأنا ابن عمه والطالب بدمه، فأتُوه، فقولوا له فليدفع إليّ قتلة عثمان واسِّلمُ له، فأتوا علياً فكلموه فلم يدفعهم إليه، وقال: يدخل في البيعة ويحاكمهم إليّ فامتنع معاوية [18] .
وقيل كتب عليّ مع جرير البجلي إلى معاوية، فإن بيعتي لزمتك وأنت بالشام، لأنه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بايعوا عليه، فلم يكن لشاهد يختار ولا لغائب أن يرد، وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار فإذا اجتمعوا على رجل وسموه إماما كان ذلك رضا، فإن خرج من أمرهم خارج بطَعْنِ أو رغبة ردّوه إلى ما خرج منه، فإن أبى قاتلوه على إتباعه غير سبيل المؤمنين، ووصفَ عليَ بن أبي طالب تعليق معاوية البيعة على تسليم القتلى إليه بأنها خدعة الصبي عن اللبن [19] .
وذكرت بعض الروايات أن معاوية بن أبي سفيان، طلب إضافة إلى تسليم القتلة إليه أن يكون الأمر شورى، ذكر ابن شهاب الزهري أن معاوية دعا أهل الشام بعد حرب الجمل إلى قتال عليّ على الشورى والطلب بدم عثمان، فبايعوه أميراً غير خليفة [20] .
وذكر أبو مخنف أن وفد معاوية برئاسة حبيب بن مسلمة الفهري إلى عليّ بن أبي طالب في صفين طلب إليه أن يدفع قتلة عثمان إليهم وأن يعتزل أمر الناس فيكون شورى بينهم [21] .
ولا يبعد أن يكون ذلك صحيحاً، فهو يتفق مع امتناع معاوية بن أبي سفيان عن البيعة لعليّ من جهة، ويتفق مع الدعوة إلى حق أهل الشام في المشاركة في اختيار الخليفة من جهة أخرى، فلما كتب عليّ إلى معاوية بخصوص أهل الشورى، وذكر أنها إنما تكون للمهاجرين والأنصار أجابه معاوية، فما بال من هاهنا، أي في بلاد الشام، من المهاجرين والأنصار لم يدخلوا في الأمر [22] . ويبدو أن الدعوة إلى جعل الأمر شورى جاءت نتيجة للتطورات التي تمثلت بخروج من خرج على عليّ بن أبي طالب من الصحابة.
وعلى أية حال، فإن معاوية لم يبايع عليّا، وأظهرَ الطلب بدم عثمان وأخْذ القَوِدَ من قتلته محتجاً بقوله تعالى:{وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً} الإسراء (33) .
وأما أهل الشام، فكانوا مقتنعين بوجوب أخذ القود من قتلة عثمان، وأن علي بن أبي طالب لم يقتص من أحد منهم، وهو ما يفسر بعض أسباب وقوفهم إلى جانب معاوية.
وإضافة إلى حادثة مقتل عثمان التي أخذت من معاوية كل مأخذ، كان خروج طلحة وصحبه للطلب بدم عثمان وإصلاح الأمر، ووقوف أهل الشام إلى جانب معاوية قد زاد معاوية قوة وشجعه على معارضة عليّ بن أبي طالب، وربما يكون ما رواه هو عن الرسول صلى الله عليه وسلم قد طرق تفكيره وحدّث به نفسه في هذا الوقت أكثر من ذي قبل، قال معاوية: مازلت أطمع في الخلافة منذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال: "يا معاوية إن ملكت فأحسن"[23] .
وإزاء هذا الحال الذي وقف فيه كل جانب يتمسك برأيه واجتهاده، وعجزت السفارات بينهما أن تفعل شيئا لرفع الخلاف، صار الاحتكام إلى السيف لابد منه لإعادة وحدة الأمة الممثلة بوحدة الخلافة.
فسار عليّ بن أبي طالب بأهل العراق يريد الشام، وخرج معاوية بن أبي سفيان بأهل الشام للقائه، واجتمع الطرفان في صفين، وجرت محاولات الإصلاح ثانية بينهما، وطالت الأيام، ولكن مساعي الصلح فشلت مرة أخرى، وقيل إن عبد الله بن عمرو قال من الشعر في هذه المناسبة:
بصفين يوماً شاب منها الذوائب
لو شهدت جمل مقامي ومشهد
سحاب ربيع رفعته الجنائب
عشية جاء أهل العراق كأنهم
من البحر مدٌّ موجهُ متراكب
وجئناهم نمشي كأن صفوفنا
سراة النهار ما تولى المناكب
فدارت رحانا واستدارت رحاهم
كتائب منهم فأرجفت كتائب
إذا قلت قد ولو سراعاً بدت لنا
عليّا، فقلنا: بل نرى أن نضارب [24]
فقالوا لنا: إنا نرى أن تبايعوا
ودار القتال بين الجانبين في الأول من صفر لعام 37 هـ، ومرت الأيام والقتال يشتد فيها ضراوة، وذكر ابن كثير قال:"كان أهل صفين عرباً يعرف بعضهم بعضا في الجاهلية فالتقوا في الإسلام معهم على الحمية وسنة الإسلام فتصابروا واستحيوا من الفرار"[25] وقاتلوا حتى كرهوا القتال وكرهوا الحرب ورأوا أن الحرب تأكلهم، وأنهم إنما يقطعون أيديهم بأيديهم، ويجدّون أجنحتهم بأسيافهم، فلما رفعت المصاحف من جانب أصحاب معاوية، ونودي هذا كتاب الله عز وجل بيننا وبينكم، من لثغور أهل الشام بعد أهل الشام، ومن لثغور العراق بعد أهل العراق، قال أصحاب عليّ ننيب إلى كتاب الله، ومالوا إلى الموادعة والكف وتداعوا إلى الصلح والأئتمار بما في القرآن وتحكيمه [26] ، وقيل إن الأشعث بن قيس كان من أكثر أصحاب علي بن أبي طالب تحمسا لوقف القتال وقبول التحكيم، وقيل إنه قال من الشعر [27] .
عليها كتاب الله خير قرآن
فأصبح أهل الشام قد رفعوا القنا
أما تتقي الله أن يهلك الثقلان
ونادوا عليا يا ابن عم محمد
وجاء عن معاوية أنه كتب إلى عليّ بن أبي طالب يقول له: إن أول من يحاسب على هذا القتال أنا وأنت، وأنا أدعوك إلى حقن هذه الدماء وألفة الدين، وإطراح الضغائن، وأن يحكم بيني وبينك حكمان [28] .
وقد نسب رفع المصاحف من جانب معاوية إلى عمرو بن العاص، وقيل إنها فكرة ابتدعها لينقذ معاوية من الهلاك بعدما رأى أمر علي يعلو ويشتد [29] .
ولكن رفع المصاحف كان قد جرى من قبل، ففي معركة الجمل قيل إن عليّ بن أبي طالب قال لفتى من أصحابه تطوع أن يعرض المصحف على الناس قال له: اعرض عليهم هذا، وقل هو بيننا وبينكم من أوله إلى آخره والله في دمائنا ودمائكم [30] .
وقيل إن عائشة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت لكعب بن سور قاضي البصرة، خلّ عن البعير وتقدم بكتاب الله عز وجل فادفعهم إليه ودفعت إليه مصحفاً [31] .
وقيل لما اشتد القتال في الجمل قام رجل من عبد القيس قال: ندعوكم إلى كتاب الله عز وجل [32] .
وفي صفين اشتدت الحرب دون أن ينتصف فريق على الآخر، وكان أصحاب علي ينكشفون مرة ويزول أصحاب معاوية عن مواقعهم مرة أخرى [33] .
وروى أبو مخنف أنه لما كتبت صحيفة التحكيم، أبى الأشتر أن يكتب اسمه في الشهود عليها وقال: لا صحبتني يميني ولا نفعتني بعدها شمالي إن خطّ لي في هذه الصحيفة اسم على صلح ولا موادعة، أولست على بينة من ربى، ومن ضلال عدوى، أو لستم قد رأيتم الظفر لو لم تجمعوا على الجور، فقال له الأشعث بن قيس: إنك والله ما رأيت ظفراً ولا جورا، هلم إلينا فإنه لا رغبة بك عنا [34] .
ورفع المصاحف من جانب أصحاب معاوية دون أصحاب علي كان مظنة القول برجحان كفة علي، وأن رفع المصاحف كانت خدعة دبرها أصحاب معاوية.
كان جانب علي بن أبي طالب يمثل الدولة، وكان عليّ قال لمعاوية قبل نشوب القتال: حاكم القوم إليّ أحملك وإياهم على ما في كتاب الله وسنة نبيه، وفشلت المفاوضات ومحاولات الصلح ووقعت الحرب بين الجانبين ظنا منهما أن يكون لأحدهما الاقتدار على الآخر فينفذ ما يرى من حكم الله في الأمر ولذلك لم يكن من المأمول أن تقوم الدولة برفع المصاحف ودعوة أصحاب معاوية إلى تحكيم كتاب الله مرة أخرى وهي لم تبلغ حد الاقتدار، ولكن رفع المصاحف من جانب معاوية والدعوة إلى تحكيم كتاب الله يعنى أنهم رجعوا إلى ما دعوا إليه واستجابوا [35] .
والدعوة إلى تحكيم كتاب الله دون التأكيد على تسليم قتلة عثمان إلى معاوية، وقبول التحكيم دون التأكيد على دخول معاوية في طاعة عليّ والبيعة له، تطوّرٌ فرضته أحداث حرب صفين، إذ أن الحرب التي استمرت نحو أسبوعين وأودت بحياة الكثير من المسلمين، أبرزت اتجاها جماعيا رأى أن وقف القتال وحقن الدماء ضرورة تقتضيها حماية شوكة الأمة وصيانة قوتها أمام عدوها وهو دليل على حيوية الأمة ووعيها وأثرها في اتخاذ القرارات، وقيل لما رفعت المصاحف ونودي إلى التحكيم لم يرض علي بن أبي طالب بذلك وحذّر أصحابه منه وأعلمهم إنما هو مكيدة وخدعة، ولكن ابن أبي شيبة ذكر أنه لما استحرّ القتال في أهل الشام بصفين، قال عمرو لمعاوية: أرسلْ إلى عليّ بالمصحف فلا والله لا يرده عليك، فلما جاء به رجل يحمله وينادي بيننا وبينكم كتاب الله {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ} سورة آل عمران آية (23)، قال عليّ بن أبي طالب: نعم بيننا وبينكم كتاب الله، أنا أولى به منكم، واعترض الخوارج وكانوا يسمونهم القراء، وقالوا: يا أمير المؤمنين لا نمشي إلى هؤلاء القوم حتى يحكم الله بيننا وبينهم، فقام سهل بن حنيف وذكر قصة الحديبية وبينّ وجه الشبه بينها وبين صفين في هذا الجانب، وذكر أن نفوس المسلمين طابت وقبلوا الصلح في الحديبية وكذلك قبل علي وقف القتال في صفين ورضي التحكيم وعدّ ذلك فتحا ورجع [36] وقيل كان يعلق على التحكيم آمالاً في إزالة الخلاف وجمع الكلمة [37] ، ولعل ما جرى لعليّ من بعد التحكيم من الضعف هو الذي شبّه على الرواة في ما قالوا عن رفع المصاحف والتحكيم ووصف ذلك بالمكيدة والخديعة، ويكونون بذلك قد خلطوا في روايتهم بين الحادثة والنتائج، وجاء تفسيرهم بالحادثة يحكي النتائج أكثر مما يحكي الحادثة نفسها.
التحكيم:
عقد مؤتمر التحكيم برواية أبي مخنف [38] عام 37 هـ، وكذلك قال خليفة بن خياط [39] ، ولكن [الواقدي، وابن سعد، واليعقوبي، وابن عساكر][40] ، ذكروا أن مؤتمر التحكيم كان عام 38 هـ. ومما يرجح روايتهم على الرواية السابقة، أن ابن شهاب الزهري [41] قال: وإنهما، أي الحكمين، يجتمعان بدومة الجندل، فإن لم يجتمعا لذلك اجتمعا من العام المقبل بأذرح، أي أن الزهري ذكر ميعادين لانعقاد المؤتمر هما عام 37 هـ وعام 38 هـ، وذكر أبو مخنف [42] ، أن معن بن يزيد بن الأخنس السلمي قدم من الشام في استبطاء إمضاء الحكومة رسولاً من عند معاوية إلى علي، ومما قال معن لعلي، أن معاوية قد وفى، فَفِ أنت لا يلفتنك أعاريب بكر وتميم، وهذا يتصل بموقف الخوارج من التحكيم ومحاولاتهم في حمل علي بن أبي طالب على إلغائه وثنيه عن إنفاذه، وقد أشاعوا أنه رجع عن التحكيم، فأتاه الأشعث بن قيس يسأله فنفى عليّ ما نسب إليه [43] .
لهذا فقد يكون انعقاد المؤتمر قد تأخر إلى عام 38 هـ.
وأرسل علي بن أبي طالب أربعمائة رجل عليهم شريح بن هانئ، وبعث عبد الله ابن عباس يصلي بالناس ويلي أمورهم، وبعث معاوية عمرو بن العاص في أربعمائة رجل من الشام وذكر أبو مخنف أن عليّا ومعاوية لم يحضرا التحكيم، وقال الزهري وخليفة ابن خياط إن معاوية حضره من دون علي [44] .
واجتمع الحكمان في (أذرح) مكان عدل بين أهل الكوفة والشام [45] ، ولابد أنهما كانا يدركان ثقل المسئولية التي أنيطت بهما بعدما تقارع الناس بالسيوف وتناجزوا بالرماح، ويحرصان على أن لا يردّا الناس ثانية في الفتنة [46] ولكن بعض الروايات قدمت قصة التحكيم على أنها مثال للدهاء والمكر والخديعة بعيداً عن نظر الإسلام ومفاهيمه والتزام الحكمين بها في تقدير مصلحة الجماعة وتقويم الأفراد.
قال أبو مخنف إن عمرو بن العاص أخذ يقدّم أبا موسى الأشعري في الكلام ويقول، أنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت أسنّ مني [47] ، فتكلمْ وأتكلمْ، فكان عمرو قد عوّد أبا موسى أن يقدّمه في كل شيء أراده أن يقدّمه فيخلع عليا [48] .
وهذا القول عليه ما عليه، فتقديم عمرو بن العاص أبا موسى الأشعري للصحبة والسن قولٌ لم يصح، فعمرو وأبو موسى كلاهما صحابي، وأما السن فعمرو أسن من أبي موسى، توفي عمرو بن العاص في أرجح الأقوال عام 43 هـ وله مائة سنة، وتوفي أبو موسى الأشعري عام 44 هـ وله ثلاث وستون سنة [49] .
وقول أبي مخنف وغيره إن عمرو بن العاص خدع أبا موسى وخالف ما اتفقا عليه يضعف أمام دين الرجل وصحبته وعظم المسئولية التي ألقت بها الأمة إليهما، مما يبعد معه أن يركب أحدهما أو كلاهما سبيل الخديعة والمكر والمكيدة في هذه الظروف الحرجة، ولو فعل أحدهما ذلك لعلمه الناس ولفقدت الخديعة غايتها ولأوهن الفاعل بفعلته جانب صاحبه.
فماذا بحث الحكمان في مؤتمر التحكيم، وعماذا أسفر اجتماع الحكمين؟
…
ذكر أبو جعفر الطبري [50] برواية أبي مخنف ما جاء في كتاب القضية بين علي ومعاوية وفيه "بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما تقاضى عليه علي بن أبي طالب ومعاوية ابن أبي سفيان، قاضى عليّ على أهل الكوفة، ومن شيعتهم من المؤمنين والمسلمين، وقاضى معاوية على أهل الشام ومن كان معهم من المؤمنين والمسلمين، إنا ننزل عند حكم الله عز وجل وكتابه، ولا يجمع بيننا غيره، وإن كتاب الله عز وجل بيننا من فاتحته إلى خاتمته، نحيي ما أحيا، ونميت ما أمات، فما وجد الحكمان في كتاب الله عز وجل وهما أبو موسى الأشعري- عبد الله بن قيس وعمرو بن العاص القرشي- عملا به، وما لم يجدا في كتاب الله عز وجل فالسنة العادلة الجامعة غير المفرقة، وأخذ الحكمان من علي ومعاوية ومن الجندين من العهود والميثاق والثقة من الناس، أنهما آمنان على أنفسهما وأهلهما، والأمة لهما أنصار على الذي يتقاضيان عليه، وعلى المؤمنين والمسلمين من الطائفتين كلتيهما عهد الله وميثاقه أنّا على ما في هذه الصحيفة، وأن قد وجبت قضيتهما على المؤمنين، فإن الأمن والاستقامة ووضع السلاح بينهم أينما ساروا على أنفسهم وأهليهم وأموالهم، وشاهدهم وغائبهم، وعلى عبد الله بن قيس وعمرو بن العاص عهد الله وميثاقه أن يحكما بين هذه الأمة، ولا يردّاها في حرب ولا فرقة حتى يعصيا، وأجل القضاء إلى رمضان، وإن أحبا أن يؤخرا ذلك أخراه على تراض منهما، وإن توفي أحد الحكمين، فإن أمير الشيعة يختار مكانه، ولا يألو من أهل المعدلة والقسط، وإن مكان قضيتهما الذي يقضيان فيه مكان عدل بين أهل الكوفة وأهل الشام، وإن رضيا وأحبا فلا يحضرهما فيه إلا من أرادا، ويأخذ الحكمان من أرادا من الشهود، ثم يكتبان شهادتهما علىِ ما في هذه الصحيفة، وهم أنصار على من ترك ما في هذه الصحيفة، وأراد فيه إلحاداً أو ظلماَ، اللهم إنا نستنصرك على من ترك هذه الصحيفة".
ومما يلاحظ على هذه الصحيفة أنها أعطت الحكمين ووفرت لهما كل ما يلزم لنزاهة القضاء وحيدته وحريته من الأمان على النفس والمال والأهل، والنصرة من الأمة ولكنها لم تحدد القضية التي سينظر الحكمان فيها واستنباط الحكم لها من كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ولذلك سنحاول من خلال الروايات التي تحدثت عن مؤتمر التحكيم أن نتحرى ما دار فيه من الحديث، وما نوقش فيه من القضايا.
ذكر أبو جعفر الطبري [51] برواية الزهري أن أبا موسى الأشعري وعمرو بن العاص اتفقا على أن يسمي كل منهما رجلا لولاية أمر الأمة، فسمى أبو موسى عبد الله ابن عمر، وسمى عمرو بن العاص معاوية بن أبي سفيان، وذكر [52] برواية أبي مخنف، أن من الأسماء التي استعرضت للخلافة عبد الله بن عمر ومعاوية بن أبي سفيان وعبد الله ابن عمرو، وفي رواية أبي مخنف [53] أيضا، أن عمر بن سعد بن أبي وقاص سأل أباه سعداً أن يحضر التحكيم، فهو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يدخل في شيء كرهته قريش، وأنه أحق الناس بالخلافة.
وبمثل ما قال أبو مخنف حول خلع علي والاختلاف حول معاوية، قال اليعقوبي [54] ، وابن أعثم [55] ، كما ورد الخير نفسه عند ابن كثير [56] .
ولم يختلف الخبر الذي جاء عند أبي حنيفة الدينوري [57] ، والمقدسي [58] في هذا الجانب عما جاء في الروايات السابقة.
والقدر المشترك بين هذه الروايات أن القضية التي كانت محور الحديث بين الحكمين هي مسألة الخلافة.
وحتى الرواية التي ذكرها القاضي أبو بكر بن العربي [59] عن الدارقطني بسنده إلى حضين بن المنذر تشترك مع الروايات السابقة في تأكيد ذلك، فقد جاء فيها:
أن معاوية أرسل حضين بن المنذر إلى عمرو بن العاص ليتأكد مما بلغه من الأخبار عنه، فلما جاء حضين إلى عمرو سأله، قال عمرو: والله ما كان الأمر على ما قال الناس، ولكن قلت لأبي موسى، ما ترى في هذا الأمر، فقال: أرى أنه في النفر الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض، قلت: فأين تجعلني أنا ومعاوية؟ فقال: إن يستعن بكما ففيكما معونة، وإن يستغن عنكما فطالما استغنى أمر الله عنكما.
وإذا كان الحديث في مؤتمر التحكيم دار حول الخلافة، فلماذا بحث الحكمان أمرا لم تنص عليه صحيفة التحكيم؟.
وحوْلَ مؤتمر التحكيم وموضوع التحكيم، قال بعض الباحثين: أما نقطة الخلاف التي تم الاتفاق على الرجوع إلى كتاب الله وتحكيمه فيها فلم تكن الفصل في أي من الرجلين هو أحق بالخلافة بل ما هو حكم كتاب الله في أمر تسليم القتلة وإقامة الحدود فيما يتعلق بالجريمة. وعلى الرغم من هذا كله فإن المصادر كلها، على ما يظهر تخفي هذه النقطة الخطيرة في خضمّ من الكلام وتتابع البحث في قصة التحكيم، كأن أبا موسى الأشعري وعمرو بن العاص إنما انتخبا حكمين لاختيار أحد الاثنين، عليّ ومعاوية، أو واحد غيرهما، خليفة. أما كيف تم الانتقال المفاجئ من تحكيم في أمر تسليم القتلة إلى تحكيم فيِ أمر اختيار الخليفة فمن الصعب أن نعينه، ومن الأصعب أن نصدّقه. والأرجح أن شيئاً من هذا لم يحدث قط. ولعل ما حدث فعلاً هو أن الهدنة التي توصل إليها الفريقان المتخاصمان حتى يتم تحكيم كتاب الله في أمر الخلاف الرئيسي، أي القبض على القتلة وتسليمهم إلى القضاء، أدت إلى وقوع الخلاف بين أتباع علي، وحال هذا الخلاف دون تمكن علي من استئناف القتال ضد غريمه، ولا تعدو الروايات التي وصلتنا كلها كونها محاولات لتبرير موقف علي وتفسير فشله غير المنتظر [60] .
وقول الباحث بعدم انعقاد مؤتمر التحكيم وإن الروايات حوله مصنوعة مسار عقلي بحت لا يستند إلى النقل، وحسب تصوّر مغاير لتصوّر الباحث فإن العقل يجيز انعقاد المؤتمر، والروايات التي تقول بانعقاد مؤتمر التحكيم تعزز ذلك وهي كثيرة وتمثل وجهات النظر السياسية المختلفة في ذلك الوقت، ومع ضعف بعضها فإن منها ما يعتدّ بسنده ويترك في النفس ثقة، بمتنها، مثل الروايات التي وردت عند خليفة بن خياط وعند أبي جعفر الطبري وعند القاضي أبي بكر العربي وابن كثير [61] .
وأما أن صحيفة التحكيم لم تنص على مسألة الخلافة فقول صحيح، ولكنها لا تمنع الحكمين أن يبحثا ذلك، وأي شيء من شأنه أن يرفع الخلاف بجمع كلمة المسلمين.
ولما كان عليّ بن أبي طالب يدعو معاوية وأهل الشام إلى البيعة والدخول في طاعته، ويأبى هؤلاء إلا تسليم قتلة عثمان أولا، وعليّ يرفض ذلك، ويأبى منهم إلا البيعة والدخول في الطاعة أولا، صار التوفيق بين الجانبين غير ممكن، وصار طلب معاوية وأهل الشام جعل الخلافة شورى بين المسلمين له ما يبرره من وجهة نظرهم، وقد رفضوا أن يقرن عليّ اسمه في كتاب القضية بينهما بلقب (أمير المؤمنين) ، وجاء الحكمان، فوجدا أمر قتلة عثمان، وموقف معاوية وأهل الشام، ووحدة الأمة واجتماع الكلمة، أموراً كلها معصوبة بالخلافة، لذلك كانت مناقشة الأصل وهو الخلافة، محاولة منهما لحل كل فرع مرتبط بالأصل ومعصوب به بعد ما فشلت المفاوضات وفشل القتال في حل الخلاف.
فهل توصل الحكمان إلى شيء؟ وهل اتفقا على شيء؟.
وقبل الدخول في الحديث عن ذلك، لابد من أخذ الأمور التالية بعين الاعتبار.
- قيل إن الأحنف بن قيس ودّع أبا موسى الأشعري عند ذهاب أبي موسى إلى المشاركة في مؤتمر التحكيم وقال له: واعلم بأنك إن ضيعت العراق فلا عراق [62] .
- وذكر أبو مخنف عن النضر بن صالح العبسي، أن شريح بن هانئ الحارثي حدث النضر وهما معا في غزوة سجستان قال: إن عليّ بن أبي طالب لما بعثه على رأس الجند إلى مؤتمر التحكيم، أوصاه بكلمات إلى عمرو بن العاص قال له: قل لعمرو إن عليّا يقول لك، إن أفضل الناس عند الله عز وجل من كان العمل بالحق أحب إليه وإن نقصه وكرثه، من الباطل وإن حنّ إليه وزاده
…
[63] .
- كان عمرو بن العاص يرى نفسه ندّاً لمعاوية، فقد جاء في رواية الدارقطني أن عمرو بن العاص سأل أبا موسى قال: فأين تجعلني أنا ومعاوية [64] ، وهناك روايات أخرى تصور عمرو بن العاص يريد أن يوهن معاوية، وإن معاوية كان لا يطمئن إليه تماما [65] ، وهي روايات قد لا تصح، ولكنها تحكي الحال بين اثنين لم تكن العلاقة بينهما علاقة تبعية، وإنما هي إلى الندية أقرب.
- وفي مؤتمر التحكيم، ضرب فسطاط للحكمين، فكان أبو موسى وعمرو يجتمعان في كل يوم فيتحدثان وينصرفان، فأقاما على ذلك أياما كثيرة حتى ارتابت الناس وغمهم ذلك [66] .
وإضافة إلى ما جاء في كتاب القضية من التأكيد على الحكمين أن يحكما بين الأمة ولا يرداها في حرب ولا فرقة، فإن هذه الأخبار التي سبقت الإشارة إليها تؤكد أن لم يبق مجال للغفلة أو الخديعة، وأن القضية لم تعد بخافية على أحد، ناهيك عن الحكمين، وأنها أصبحت ملء السمع والبصر.
وبعد ذلك، لابد من القول إن الحكمين تدارسا مسألة الخلافة، وكانا مهتمين في البحث عمن يكون محل إجماع الأمة واتفاقها، وقادراً على القيام بأعباء الخلافة، ولاشك أن عزم سعد بن أبي وقاص على الاعتزال والبعد عن الأحداث الجارية جعله لا يلتفت إليه من جانب الروايات، وربما من جانب الحكمين أيضا، وقد يكون عبد الله بن عمر وهو ممن جعله عمر بن الخطاب في أهل الشورى ولا شيء له فيها، أقرب الناس في نظر أبي موسى إلى محبة الناس والإجماع عليه، ولكن عمرو بن العاص كان لا يراه أهلا للخلافة، فلم يوافق أبا موسى عليه، وطالت الاجتماعات ويبدو أن ثقل المسئولية والحرص على جمع الكلمة جعل الاتفاق على شخص يأمنا الإجماع عليه موضع تردد منهما، وقد وصف خليفة بن خياط ذلك بعدم الاتفاق، فقال: فلم يتفق الحكمان على شيء [67] .
وأما الذهبي، فقد فسر عدم الاتفاق تفسيرا آخر قال: لما اجتمع أبو موسى وعمرو بدومة الجندل للتحكيم لم يتفقا، لأن أبا موسى وعمرو بن العاص اتفقا على خلع علي ومعاوية بينهما واختلفا أمام الناس، فخلعهما أبو موسى وخالفه عمرو فخلع عليّا وولى معاوية، وقول الذهبي فيما يتصل بموقف عمرو من معاوية يخالف ما جاء في رواية الدارقطني وعند خليفة بن خياط، والمقدسي في البدء والتاريخ في بعض رواياته، قال المقدسي: وقال قوم، خلع عمرو عليّا ولم يُدْخِلْ معاوية [68] .
وسواء أعلن الحكمان ما توصلا إليه وأظهراه للناس على الصورة التي حكتها بعض الروايات أم لم يفعلا ذلك، فإن عدم اتفاقهما على من يقوم بأمر المسلمين جعل ما دار بينهما لا سبيل لهما به على أحد من الجانبين، ولا سبيل به لأحد على أحد، وحتى لو قيل اتفق الحكمان على خلع علي ومعاوية، وردّ الأمر إلى شورى المسلمين [69] ، فإن الحكمين لا يكونان قد أوفيا ما أوكل إليهما تماما من حل الخلاف، ويكونان فتحا بابا آخر للخلاف أوسع، وسوف لا يكون الحكمان مقتنعين أنهما توصلا إلى حل الخلاف، ويكون وصف نتائج المؤتمر بعدم الاتفاق أقرب ما يكون إلى حقيقة عمل الحكمين ومباحثاتهما في مؤتمر التحكيم.
وقد بنى الشاميون، كما قال الذهبي [70] ، على خلع عليّ جواز استخلاف معاوية.
وفي حين زال الحرج من نفوس أهل الشام، وقووا بمبايعة معاوية، أدى فشل التحكيم في إزالة الخلاف وجمع الكلمة إلى استفزاز الذين كانوا اعترضوا على عليّ من قبل وعادوا إلى الخروج ثانية وتجمعوا في منطقة النهروان بقيادة عبد الله بن وهب الراسبي عام 38 هـ وأخذوا يعتدون، فخرج إليهم عليّ فاعذرهم ونصب راية أمان مع أبي أيوب الأنصاري، وناداهم أبو أيوب، من جاء هذه الراية ممن لم يقتل ولم يستعرض فهو آمن، ومن انصرف إلى الكوفة أو إلى المدِائن وخرج عن هذه الجماعة فهو آمن، فتركهم بهذا السبب كثير ممن كان معهم، ومن ظلَّ تعبأّ للقتال، فقتل منهم ألفان وثمانمائة، ثم لم يلبث من كان انفصل عن أهل النهروان منهم ممن كان استأمن إلى أبي أيوب أو رجع منهم إلى الكوفة وغيرها من المدن أن تجمعوا ثانية بالنخيلة، فخرج إليهم علي فدعاهم ورفق بهم غير مرة، فلم يستجيبوا، فقاتلهم وقتلهم جميعا [71] .
ويبدو أن علي بن أبي طالب رأى في مشاعر جنده تغيرا إزاء قتل من قتل من أبنائهم وإخوانهم وأقاربهم من الخوارج، فلما بلغه أنهم دفنوهم قال: أتقتلونهم، ثم تدفنونهم، وأمر بالرحيل [72]، وذكر ابن أبي شيبة عن بعض جند علي أنهم قالوا: غرّنا ابن أبي طالب من إخواننا حتى قتلناهم ولكن الناس سكنوا وفرحوا لما وجدوا جثة ذي الثدية بين قتلى الخوارج [73] .
ولاشك أن مباينة الخوارج وقتلهم أضعف جانب علي كثيراً، ثم تتابعت الفتوق على علي من بعد، فخرج الخريت بن راشد، وقيل اسمه الحارث بن راشد، في قومه من بني ناجية، وكان من ولاة علي على الأهواز، فدعا إلى خلع علي، فأجابه خلق كثير واحتوى على البلاد وجبى الأموال، فبعث إليه علي جيشا بقيادة معقل بن قيس الرياحي فهزمه وقتله [74] .
وأخذت أطراف علي تتعرض للغارات من جانب معاوية في عين التمر وهيت والأنبار والقطقطانة والبصرة وتيماء والحجاز واليمن تدعو الناس إلى احترام ما قضى به الحكمان بتقديرهم [75] ،فوجه علي الجيوش إلى صد هذه الغارات، وطمع أهل الخراج في ناحية علي في كسر الخراج، وانتقض أهل الأهواز، ولابد أن عليّا واجه من أجل ذلك بعض الصعوبات المالية والعسكرية وقد روي عن الشعبي في هذا الخصوص قوله:
لمّا قتل علي أهل النهروان، خالفه قوم كثير، وانتقضت عليه أطرافه، وخالفه بنو ناجية، وقدم ابن الحضرمي البصرة وانتقض أهل الأهواز، وطمع أهل الخراج في كسره، وأخرجوا سهل بن حنيف عامل علي بن أبي طالب من فارس [76] .
وفي مصر، تقدم عمرو بن العاص من الشام بجيش إلى مصر، وقيل بقيادة معاوية ابن خديج الكندي [77] ، فلم يقو محمد بن أبي بكر والي مصر من قبل علي على ردهم، ولم يقدر علي بن أبي طالب على إنجاده وهزم محمد وقتل وصارت مصر إلى جانب معاوية، ولابد أن معاوية قوى جانبه بصيرورة مصر إلى صفه ماليا وبشريا وعسكريا.
ولما لم تُجْدِ المحاولات التي جرت بين علي ومعاوية سلمية كانت أو عسكرية في توحيد الصف وجمع الكلمة، ذكر أبو جعفر الطبري أن المكاتبات جرت بين الجانبين لوضع الحرب، ويكون لكل واحد منهما ما بيده من البلاد، قال أبو جعفر: وفي هذه السنة أي سنة أربعين للهجرة، جرت بين علي ومعاوية المهادنة، بعد مكاتبات جرت بينهما يطول بذكرها الكتاب، على وضع الحرب بينهما، ويكون لعلي العراق ولمعاوية الشام، فلا يدخل أحدهما على صاحبه في عمله بجيش ولا غارة وتراضيا على ذلك [78] ، ولكن المهادنة لا تذكر شيئا عن مصر التي كانت قد دخلت في طاعة معاوية قبل ذلك، وإذا صح وقوع مهادنة فإن ذلك كان من قبيل قبول علي بإمرة معاوية على ما بيده من البلاد.
وبينما كان علي بن أبي طالب يدخل مسجد الكوفة لصلاة الصبح من شهر رمضان لسنة أربعين للهجرة، تعرض لعملية قتل نفذها ضده رجل اسمه عبد الرحمن بن ملجم المرادي الكندي توفي على أثرها بعد يومين [79] ، فهل كان وراء ذلك أحد؟.
ذهبت بعض الروايات إلى اتهام الأشعث بن قيس، قال اليعقوبي [80] : إن عبد الرحمن بن ملجم نزل على الأشعث بن قيس، فأقام عنده شهرا يستحد سيفه.
وذكر ابن سعد في الطبقات [81] قال: وبات عبد الرحمن بن ملجم تلك الليلة التي عزم فيها أن يقتل عليا صبيحتها يناجي الأشعث بن قيس في مسجده حتى كاد أن يطلع الفجر، فقال له الأشعث: فَضَحَك الصبح، فقام عبد الرحمن بن ملجم وشبيب بن بجرة فأخذا أسيافهما ثم جاءا حتى جلسا مقابل السدة التي يخرج منها علي.
ولعل اتهام الأشعث بن قيس بالتواطؤ على قتل علي بن أبي طالب يتصل بما قيل عن مواقف الأشعث السابقة، قيل لما رفعت المصاحف في صفين ودعا أصحاب معاوية إلى التحكيم كان الأشعث أكثر الناس تحمسا لوقف القتال وقبول التحكيم، وقيل كان الناس يرون الأشعث يرى رأي الخوارج، ولم يتبينوا مباينته لهم إلا عندما دعا إلى المسرى إلى حربهم في النهروان [82] .
وعندما حض علي بن أبي طالب أهل العراق على المسير بعد النهروان إلى حرب معاوية وأهل الشام، لم يوافقه الأشعث بن قيس وأجابه بقوله: يا أمير المؤمنين نفذت نبالنا، وكلّت سيوفنا ونصلت أسنة رماحنا، فارجع إلى مصرنا فلنستعد بأحسن عدتنا
…
وانكسر على علي رأيه في المسير [83] .
وأما اليعقوبي، فإنه يذهب أبعد من ذلك ويتهم الأشعث أنه كان ممالئا لمعاوية، وإن معاوية استماله إلى جانبه [84] .
ويبدو أن ضعف حماسة الأشعث لحرب الشام من بعد صفين جعل البعض يتهمه هذا الاتهام، ومات الأشعث من بعد مقتل علي بأربعين ليلة، وصلى عليه الحسين بن علي بن أبي طالب [85] ، وهو زوج بنت الأشعث بن قيس [86] ، ولم ينقل عن آل علي بن أبي طالب أنهم اتهموا الأشعث بهذه التهمة أو كشفوا أحدا من آل الأشعث بهذا السبب، ويظل قتل علي عملا من تدبير الخوارج جاء في الأرجح ثأرا لقتلى النهروان.
استخلاف الحسن بن علي ومصالحة معاوية:
ولما ضرب علي بن أبي طالب الضربة التي مات فيها، قيل له يا أمير المؤمنين، إن فقدناك ولا نفقدك فنبايع الحسن؟ فقال: ما آمركم ولا أنهاكم [87] .
وبويع الحسن بعد وفاة أبيه بيومين في شهر رمضان من عام أربعين للهجرة [88] ، وقيل كان قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري أول من بايعه ثم تتابع الناس وبايعوه [89] .
ولكن خلافة الحسن لم تطل، إذ لم تتجاوز الأشهر قيل سبعة أشهر وأحد عشر يوما [90] ، وقيل سبعة أشهر وسبعة أيام [91] ، وقيل ستة أشهر وثلاثة أيام [92] ، وقيل ستة أشهر [93] ، وقيل أربعة أشهر [94] ، وقيل شهران [95] وهي تعود إلى الاختلاف في الوقت الذي استخلف فيه الحسن، والوقت الذي تنازل فيه لمعاوية عن الخلافة، ثم وقع الصلح بين الحسن ومعاوية وتنازل الحسن عن الخلافة وتم اجتماع المسلمين على معاوية.
وقد تجاذبت الروايات المختلفة الحديث عما جرى بين الحسن ومعاوية في هذه الفترة:
فقال ابن أعثم: إن الحسن بن علي لما استخلف كتب إلى معاوية كتابا ذكر الحسن في مقدمته احتجاج قريش على العرب بقرابتها من الرسول صلى الله عليه وسلم، وإن العرب اعترفت لهم بهذا الفضل فلم تنازعهم السلطان، ولكن قريشا لم تنصف آل محمد ودفعتهم عن الخلافة، ثم ذكر ابن أعثم أن الحسن خاطب معاوية في كتابه إليه فقال
…
والآن، فلا غرو إلا منازعتك إيانا بغير حق في الدين معروف، ولا أثر في الإِسلام محمود إلى أن قال لمعاوية:
…
فإن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب لما نزل به الموت ولاني هذا الأمر من بعده، فاتق الله يا معاوية، وانظر لأمة محمد صلى الله عليه وسلم ما تحقن به دماءهم وتصلح به أمورهم والسلام.
ووجه الحسن الكتاب مع رجلين إلى معاوية ليدعواه إلى البيعة والسمع والطاعة.
وتمضي رواية ابن أعثم فتقول إن معاوية بعث بكتاب إلى الحسن جوابا على كتابه رد فيه عن المسلمين بعامة والمهاجرين والأنصار بخاصة ما فرقوا به من دفع الخلافة عن آل محمد، وإنهم وضعوها في أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم التفت إلى الحسن فقال يخاطبه في كتابه إليه:
…
فالحال بيني وبينك على ما كانوا عليه، ولو علمت أنك أضبط لأمر الرعية وأحوط على هذه الأمة، وأحسن سياسة، وأكيد للعدو، وأقوى على جميع الأمور، لسلمت لك هذا الأمر بعد أبيك، لأني قد علمت بأنك إنما تدعي ما تدعيه نحو أبيك، وقد علمت أن أباك سار إلينا فحاربنا، ثم صار من أمره إلى أن اختار رجلا واخترنا رجلا ليحكما بما يصلح عليه أمر الأمة وتعود به إلى الألفة والجماعة وأخذنا على الحكمين بذلك عهد الله وميثاقه وأخذا منا مثل ذلك على الرضا بما حكما، ثم إنهما اتفقا على خلع أبيك فخلعناه، فكيف تدعوني إلى أمر إنما تطلبه بحق أبيك، وقد خرج أبوك منه؟ انظر لنفسك أبا محمد ولدينك والسلام [96] .
واتهام الصحابة على لسان الحسن بن علي في رواية ابن أعثم يدحض الثقة بهذه الرواية في هذه القضية، إذ لا يعقل أن يعرّض الحسن، وهو من هو، أن يعرض بالصحابة ويرميهم بالظلم والجور ومجانبة الحق، فضلا عن أن عام 40 هـ لم تتحدد فيه بعد هوية الأحزاب والفرق المذهبية، ولم تتضح معالم القواعد والدعاوى الكلامية لها أو تتبلور مقالاتها على نحو المحاورة التي تديرها الرواية على لسان الحسن ولسان معاوية.
والرواية من بعد ذلك تُعدُّ فيما يتعلق بموقف الحسن من معاوية امتداداً للروايات التي سبق أن تحدثت عن موقف علي بن أبي طالب ودعوته معاوية إلى البيعة والطاعة باعتبار علي بن أبي طالب هو الخليفة الشرعي، وتغفل الرواية الأوضاع الجديدة التي أعقبت قتل علي بن أبي طالب.
وأما فيما يتعلق بموقف معاوية، فالرواية تقدم بعض الأبعاد الجديدة في موقف معاوية وأهمها، أن معاوية لا يرى الحسن في مثل ضبطه للأمور وحيطته وقيامه عليها وليس الحسن مثله في حسن سياسته ومكايدته للعدو، والثاني: أن خلافة الحسن بسبب خلافة علي وحقه فيها لم تعد بهذا السبب ملزمة لمعاوية بعد ما جرى خلع علي في مؤتمر التحكيم حسب قول الرواية.
وموقف هذا شأنه بين الجانبين لابد إذا ظل كل طرف متشبثا بموقفه أن يفضي إلى الحرب.
وبعد أن وجه معاوية بكتابه إلى الحسن، قال ابن أعثم: ودعا معاوية الضحاك ابن قيس واستخلفه على الشام، وجمع ستين ألفا وخرج يريد العراق، وحسب قول اليعقوبي، كان خروج معاوية إلى العراق بعد مقتل علي بن أبي طالب بثمانية عشر يوما [97] .
ولكن بعض الروايات تذكر أن معاوية تعرض للقتل في اليوم الذي قتل فيه علي ابن أبي طالب، ولكن السيف وقع في أليته، وعولج حتى برأ [98] ، ولابد أن معاوية حتى برأ، وصحّ عنده مقتل علي واستخلاف الحسن احتاج إلى مدة أطول مما ذكر اليعقوبي حتى يجمع معاوية أطرافه ويسير بالجيش إلى العراق، ولعل اليعقوبي وَهِمَ فيما قال أو أنه قصد وصف معاوية بالاستعجال ليظهر مدى حرصه على الإمارة وحبه في الحكم.
وعلى أية حال، فإن مسير معاوية إلى العراق يريد الحسن أمر قد جرى بلا خلاف بين الروايات [99] .
ويبدو أن معاوية بعد موت علي بن أبي طالب، تحلّل من الهدنة التي كان عقدها مع علي لوضع الحرب بينهما، فخرج يريد العراق.
أما في جانب الحسن، فقيل لما سمع بمسير معاوية سار نحو المدائن يريد لقاءه، وجعل على الجيش عبيد الله بن العباس، وكان عدد أفراد الجيش أربعين ألفا قيل كانوا أطوع له وأحب إليهم من أبيه [100] ، وجعل على المقدمات قيس بن سعد بن عبادة وعدتها اثنا عشر ألف رجل [101] .
وبعد أن سار معاوية إلى العراق وخرج الحسن من الكوفة للقائه، تتباين الروايات حول ما جرى في جانب الحسن وأدى به إلى مصالحة معاوية.
قال الزهري: كان الحسن لا يرى القتال، ولكنه يريد أن يأخذ لنفسه ما استطاع من معاوية ثم يدخل في الجماعة، وعرف أن قيس بن سعد لا يوافقه على رأيه فنزعه عن الجيش وأمر عبيد الله بن عباس عليه [102] .
وقيل كان الحسن ينهى أباه عن القتال ويشير عليه بتركه وكان أكره الناس للفتنة [103] .
وقيل عن علي بن أبي طالب أنه قال فيه: أما حسن فصاحب جفنة وخوان وفتى من الفتيان
…
[104] .
فهذه الروايات وأمثالها تشير إلى ما كان عند الحسن من الميل إلى السلم والكف عن القتال والكراهة للفتنة.
والروايات عن ميل الحسن إلى السلم لا تقف عند هذا الحد وتذهب إلى أبعد من ذلك.
قال الزهري: بايع أهل العراق الحسن بن علي بالخلافة، فطفق يشترط عليهم إنكم سامعون مطيعون، تسالمون من سالمت وتحاربون من حاربت فارتاب أهل العراق في أمرهم حين اشترط عليهم هذا الشرط وقالوا: ما هذا لكم بصاحب، وما يريد هذا القتال، فلم يلبث الحسن بعد ما بايعوه إلا قليلا حتى طعن طعنة أشوته، فازداد لهم بغضا وكتب إلى معاوية بشروط ويطلب الصلح [105] .
وذكر المقدسي في البدء والتاريخ بسند جمعي أن الحسن نظر إلى ما يسفك من الدماء وينتهك من المحارم، فقال لا حاجة لي في هذا الأمر، وقد رأيت أن أسلمه إلى معاوية فيكون في عنقه تباعة هذا الأمر وأوازره، ورفض الحسين ذلك وقال له: أنشدك الله أن تكون أول من عاب أباه ورغب عن رأيه، فغضب الحسن، ولم يلبث الحسين أن تابعه [106] .
وقيل إن الحسن خطب وذكر رأيه وإيثاره السلامة، ومما قاله: أيها الناس، إنكم قد بايعتموني على أن تسالموا من سالمت وتحاربوا من حاربت، والله لقد أصبحت وما أنا محتمل على أحد من هذه الأمة ضغنة في شرق ولا غرب، ولما تكرهون في الجماعة والأمن وصلاح ذات البين خير مما تحبون من الفرقة والخوف والتباغض والعداوة، فلما سمع الناس ذلك وقع في قلوبهم أنه خالع نفسه لمعاوية فشق عليهم ذلك وقد بايعوه على الموت فثاروا به وقطعوا عليه كلامه وخرقوا عليه سرادقه، وطعنه رجل اسمه سنان بن الجراح الأسدي وهو ممن يرى رأي الخوارج، طعنه طعنة أشوته وانصرفوا عنه.
ثم تتابع الرواية الحديث فتذكر أن الحسن أرسل إلى معاوية يسأل الأمان للناس وأموالهم وأولادهم ونسائهم لقاء البيعة له [107] .
ويبدو أن خطبة الحسن الآنفة الذكر وما جاء فيها كانت في أثناء مقام الحسن بالمدائن وبعد حضور رسل معاوية إليه بقصد الصلح بين الجانبين.
وهناك روايات أخرى تذكر أن ميل الحسن إلى الصلح كان للظروف الصعبة التي كان يمر بها.
جاء في رواية إسماعيل بن راشد ورواية عوانة بن الحكم أن الحسن لما نزل المدائن وبعث قيس بن سعد على المقدمات صرخ في الناس صارخ، ألا إن قيس بن سعد ابن عبادة قد قتل، فثار الناس فانتهبوا سرادق الحسن، وطعنه رجل من الخوارج، فوثب الناس على الخارجي فقتلوه، فلما رأى الحسن تفرق الأمر عنه كتب إلى معاوية في الصلح، وقيل إن الحسين اعترضه وقال: نشدتك الله أن تصدّق أحدوثة معاوية وتكذّب أحدوثة علي، فقال له الحسن: اسكت فأنا أعلم بالأمر منك [108] .
وبعد أن ذكر أبو حنيفة الدينوري خروج الحسن من الكوفة للقاء معاوية قال، لما رأى الحسن الفشل من أصحابه، وإن أكثر من معه قد نكل عن القتال لم ير أن يحملهم على ما يكرهون، ولذلك خطبهم وأعلمهم أنه يريد أن يسلم الأمر إلى معاوية، فقام نفر منهم فانتهبوا سرادقه، وطعنه رجل خارجي اسمه الجراح بن قبيصة من بني أسد، فقتل الناس الخارجي وحمل الحسن إلى المدائن للعلاج [109] .
وأما المسعودي فذكر أن الحسن صالح معاوية لما ناله من أهل الكوفة، وقال أيضا، لما تيقن ما نزل به انقاد إلى الصلح [110] .
وقد حمّل اليعقوبي معاوية بن أبي سفيان وأنصاره من أهل العراق ما وقع في جانب الحسن من الاضطراب والفشل واضطره إلى مصالحة معاوية، قال اليعقوبي: وكان معاوية يدس إلى عسكر الحسن من يتحدث أن قيسا صالح معاوية، ويدس إلى عسكرِ قيس من يتحدث أن الحسن صالح معاوية، وقال أيضا: وجّه معاوية إلى الحسن وفداً فأتوا وهو بالمدائن نازل في مضاربه، فلما خرجوا من عنده، أخذوا يقولون يسمعون الناس، إن الله حقن بابن رسول الله صلى الله عليه وسلم الدماء وسكّن الفتنة وأجاب إلى الصلح، فلما سمع عسكر الحسن ما قاله وفد معاوية لم يشكّوا في صدقهم، فوثبوا بالحسن فانتهبوا مضاربه وطعنه الجراح بن سنان الأسدي، فلما رأى الحسن أن لا قوة به، وأن أصحابه قد افترقوا عنه صالح معاوية [111] .
وبذلك نكون أمام طائفتين من الروايات، الأولى تجعل تنازل الحسن عن الخلافة لمعاوية إيثاراً منه للسلم وكراهة الفتنة، والثانية تجعل الحسن تنازل مكرها للفشل الذي رآه في أصحابه.
وقد يبدو الفرق في اتجاه هذه الروايات مثل ما بين العلة والمعلول، ومع ذلك فإن التجاوب بين هذه الروايات موجود، فالحسن ميال إلى السلم والصلح كراهية للفتنة والفرقة وإراقة دماء المسلمين وهو ما أشارت إليه الطائفة الأولى من الروايات، وقد يعترض على ذلك من يحتج باستعدادات الحسن العسكرية وخروجه للقاء معاوية، وهناك من يعتذر عن الحسن ويقول إنه كان لا يرى القتال وإنما خرج مكرها، وسواء كان الحسن في خروجه مكرها أم غير مكره، فلا يعقل أن يظل قاعدا في عقر داره بالكوفة حتى يدخل عليه معاوية بالجيش، هذا وقد كان من حول الحسن كثرة من الناس كثيرة كانت تريد لقاء معاوية، وعندما دخل معاوية بجيشه أرض العراق، وجد بإزائه من مقدمات الحسن وجيشه عددا كبيرا وصفه البخاري في صحيحه (كتائب أمثال الجبال) ولكن ما أن أرسل معاوية يطلب الصلح حتى وجد الحسن يساند التئام الجماعة ووحدة الكلمة، ومما جاء في الرواية عند البخاري في صحيحه [112] :
…
فقال عمرو بن العاص إني لأرى كتائب لا تولّي حتى تقتل أقرانها، فقال معاوية.. وكان والله خير الرجلين، أيْ عمرو: إن قتل هؤلاء هؤلاء، وهؤلاء هؤلاء، من لي بأمور الناس، من لي بنسائهم، من لي بضيعتهم، فبعث إليه رجلين من قريش من بنى عبد شمس عبد الرحمن بن سمرة وعبد الله ابن عامر بن كريز فقال: اذهبا إلى هذا الرجل فاعرضا عليه وقولا له واطلبا إليه، فأتياه
…
إلى قوله- فصالحه (أي صالح الحسن معاوية) .
وأما ما تعرض له الحسن من القتل والاعتداء فإنه يعود إلى أسباب تتصل بظروف القتال والصلح مع معاوية حقيقة أو إشاعة كما مر، ولكن الفشل الذي أصاب جانب الحسن لم يؤد إلى انهيار قوته ويدفعه إلى مصالحة معاوية كرها، وظل زمام الموقف في جانبه بيده ويد أنصاره، وكانت جبهته العسكرية قوية كما جاء في رواية البخاري والروايات الأخرى، وهزم المرجفون وقتل الرجل الذي قام بالاعتداء عليه، وتقدم هو من بعد ذلك واجتمع بمعاوية ولو لم يكن الحسن مرهوب الجانب لما احتاج معاوية إلى أن يفاوضه ويوافق على ما طلب من الشروط والضمانات، ولكان عرف ضعف جانب الحسن وانحلال قوته عن طريق عيونه، ولدخل الكوفة من غير أن يكلف نفسه مفاوضة أحد أو ينزل على شروطه ومطالبه.
وتفوق جانب معاوية على الحسن لأمراء فيه، فهل صالح الحسن معاوية بهذا السبب؟.
قال ابن تيمية في منهاج السنة [113] :
…
وإذا قال القائل إنما ترك الحسن القتال للعجز لأنه لم يكن له أنصار، فكان في المقاتلة قتل النفوس بلا حصول المصلحة المطلوبة، قيل له، وهذا بعينه هو الحكمة التي راعاها الرسول صلى الله عليه وسلم في النهي عن الخروج على الأمراء، وندب إلى ترك القتال في الفتنة، وإن كان الفاعلون لذلك يرون أن مقصودهم الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.
وإضافة إلى ذلك، فقد كان بمقدور الحسن أن يقاتل معاوية بمن كان معه وإن كان أقل ممن كان مع معاوية صنيع الذين قاتلوا خصومهم على قلة من كان معهم من الأعوان والأنصار، ولكن الحسن كان ذا خلق يجنح إلى السلم وكراهة الفتنة ونبذ الفرقة، وجعل الله به رأب الصدع وجمع الكلمة، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشار إلى ذلك فقال:"إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين"[114] .
شروط الصلح بين الحسن ومعاوية:
اختلفت الروايات حول صاحب المبادأة في الصلح، فذكرت بعض الروايات أن الحسن هو الذي بدأ معاوية بالصلح، ولكن رواية البخاري السابقة الذكر نسبت المبادأة إلى معاوية، ورواية البخاري مقدمة على غيرها من الروايات [115] ، ومعاوية باتفاق الروايات كان يتمتع بتفوق جانبه على الحسن، وهو الآن بجيشه في العراق، وعرض الصلح من جانبه ومحادثة الحسن عن التنازل له عن الخلافة أمر ينسجم مع الموقف المتفوق الذي كان ينفرد به دون الحسن، وينسجم أيضا مع وضع الحسن الذي يقتضي عدم التعجل حتى يأخذ ما يستطيع من الضمانات من معاوية.
وبعد المفاوضات بين الحسن ووفد معاوية، قيل التقى الحسن ومعاوية في مسكن فاصطلحا ثم سارا إلى الكوفة [116]، وقيل: التقيا على منزلة من الكوفة ثم دخلا الكوفة [117] ،
وقال الشعبي [118] : وكان ممن شهد اللقاء وحضر الصلح، إنهما التقيا بالنخيلة [119] .
وبخصوص شروط الصلح ذكر الزهري أن الحسن كتب في صحيفة بعث بها إلى معاوية الشروط التي أراد من معاوية أن يعطيه إياها، وكان معاوية قد بعث هو الآخر بصحيفة بيضاء مختوم على أسفلها ليكتب الحسن ما شاء فيها من الشروط، فكتب الحسن أضعاف ما كان قد سأل معاوية أن يعطيه في الصحيفة التي بعثها إلى معاوية، فلما وقعت صحيفة الحسن بيد معاوية وطالب الحسن عند لقائه بمعاوية أن يفي له بالشروط التي شرط في السجل الذي ختم معاوية في أسفله، لم ينفذ معاوية للحسن شيئا من ذلك وقال له: لك ما كنت كتبت إليّ أولا تسألني أن أعطيكه [120] .
ولكن المفاوضات المباشرة التي جرت بين الحسن ووفد معاوية، وتناولت أمورا تحددت بين الجانبين، وتحدث البخاري عنها في روايته، تنفي شبهة استمرار وجود عروض سلمية عائمة أو مفتوحة، ولكن ماذا طلب الحسن إلى معاوية أن يعطيه؟.
تفاوتت الروايات حول ما طلب الحسن من معاوية من الشروط والضمانات وتم الاتفاق عليه بين الجانبين، ويمكن تصنيف الشروط حسب موضوعاتها إلى خمسة هي:
الأول: المال: قيل إن الحسن اشترط أن يأخذ من بيت مال الكوفة خمسة ملايين درهم [121] ، وقيل اشترط أن يسلم له بيت المال فيقضي منه دينه ومواعيده، ويتحمل منه هو وآله [122] ، وقيل اشترط أن يأخذ ما في بيت مال الكوفة وكان فيه خسة ملايين درهم [123] ، وقيل اشترط أموالا وضياعا [124] ، ووفى له معاوية بذلك وأعطاه سبعة ملايين درهم من بيت المال [125] .
وإضافة إلى ذلك، قيل طلب خراج بجرد (كورة من بلاد فارس) ، مسلما له في كل عام [126] ، وأن يجرى عليه كل سنة مليون درهم [127] ، وأن يحمل إلى أخيه الحسين مليوني درهم في كل عام ويفضل بني هاشم في العطاء والصلات على بني عبد شمس [128] .
وإحساس الحسن بمصالح الأمة في هذه الروايات يبدو ضعيفا أمام مصالحه الخاصة، ولكن الروايات الأخرى تختلف مع هذه الروايات في الاتجاه الذي ذهبت إليه.
ذكر البخاري في صحيحه، أن الحسن قال لوفد معاوية عبد الرحمن ابن سمرة وعبد الله بن عامر بن كريز: إنّا بنو عبد المطلب قد أصبنا من هذا المال.. فمن لي بهذا؟ قالا: نحن لك به [129] ، فالحسن يتحدث عن أموال سبق أن أصابها هو وغيره من بني عبد المطلب يريد الحسن أن لا يطالبهم معاوية بها، ولا ذكر لأموال يطلب من معاوية أن يدفعها إليه في قادم.
وذكر ابن أعثم أن الحسن قال: وأما المال فليس لمعاوية أن يشرط لي في المسلمين [130] .
وذكر أبو جعفر الطبري برواية عوانة بن الحكم أن أهل البصرة حالوا بين الحسن وبن خراج دارا بجرد، وقالوا، فيئنا [131] ، والمعلوم أن جباية الخراج من مهام الدولة، ولا علاقة مباشرة بين الحسن وأهل البصرة في هذا الجانب، ولكن الرواية إشارة إلى أن خراج دارا بجرد لم يكن في الأموال التي صيّرت إلى الحسن.
وعليه فقد لا يكون الأمر تجاوز طلب العفو عن الأموال التي أصابها الحسن وآله في الأيام الخالية، ثم قام معاوية في هذه المناسبة فوصل الحسن وأجازه، قيل أجازه بثلاثمائة ألف درهم، وألف ثوب، وثلاثين عبدا، ومائة جمل [132] ، وأما العطاء فليس الحسن فيه بواحد من دون المسلمين، ولا يمنع أن يكون حظه منه أكثر من غيره، ولكنه لا يصل إلى عشر معشار ما ذكرته الروايات.
الثاني: الدماء: وتضمن اتفاق الصلح بين الجانبين أن الناس كلهم آمنون لا يؤخذ أحد منهم بهفوة أو أحنة، ومما جاء في رواية البخاري، أن الحسن قال لوفد معاوية:
…
وأن هذه الأمة قد عاثت في دمائها، فكفل الوفد للحسن العفو للجميع فيما أصابوا من الدماء [133] .
ولكن الرواية عن الزهري ذكرت أن عبيد الله بن عباس قائد جيش الحسن لما علم بما يريد الحسن من معاوية، بعث إلى معاوية يسأله الأمان ويشرط لنفسه على الأموال التي قد أصاب، ثم خرج إليهم ليلا ولحق بهم، وأن قيس بن سعد الذي خلفه على الجيش تعاهد والجيش على قتال معاوية حتى يشترط لشيعة علي ولمن كان اتبعه على أموالهم ودمائهم [134] .
وقد استبعد فلهوزن أن يكون قائد الجيش هو عبيد الله بن عباس، وذكر أن قائد الجيش كان عبد الله بن عباس، واستند فلهوزن في ذلك إلى أن الاسم الذي ورد في بعض النسخ المخطوطة من تاريخ أبي جعفر الطبري هو عبد الله بن عباس، وأن الاختلاف بين المخطوطات في عبد الله وعبيد الله ليس مرجعه إلى الناسخ، وإنما إلى الرواة الذين لم يريدوا أن يلحق هذا العار بعبد الله بن عباس جد العباسيين، وأما أخوه عبيد الله فلم يروا بأسا من التخلي عن الدفاع عنه، وذكر فلهوزن سببا آخر لاستبعاد أن يكون عبيد الله ابن عباس قائدا للجيش أو يكون هو الذي صالح معاوية، فقال: إن عبيد الله بن عباس كان واليا لعلي باليمن، وكان يقيم فيها عندما هاجمها بسر بن أبي أرطاة في النصف الثاني من عام أربعين للهجرة برواية عوانة، وعام اثنين وأربعين للهجرة برواية الواقدي، وذبح بسر ولدي عبيد الله، وهذا يعني أن عبيد الله بن عباس كان يقيم باليمن معاديا لمعاوية، ولا يعقل أن يكون عبيد الله قد انتقل إلى جانب معاوية قبل عام أو عامين من الحادثة، أو يكون قد تعجل إلى هذا الحد في مصالحة قاتلي ولديه [135] .
وأما أن قائد الجيش كان عبد الله بن عباس أو عبيد الله بن عباس، فإن رواية المسروقي عن إسماعيل بن راشد، ورواية زياد بن عبد الله البكائي عن عوانة بن الحكم تذكر أن قائد الجيش كان الحسن بن علي، وأن قائد مقدمته كان قيس بن سعد ولا ذكر لعبد الله بن عباس أو أخيه عبيد الله في هذا الجانب [136] .
كما يفهم مما ورد عند أبي حنيفة الدينوري في الأخبار الطوال، وابن حجر في المطالب العالية، وابن أعثم في الفتوح، أن قطبي الرحى في الجيش كانا الحسن بن علي وقيس بن سعد ولا ذكر لعبد الله بن عباس أو عبيد الله بن عباس [137] .
وتأكيد فلهوزن على أن عبد الله بن عباس كان قائدا للجيش لا عبيد الله واحتجاجه على ذلك بما سبق الإشارة إليه يخالفه ما نقله زياد بن عبد الله البكائي عن عوانة بن الحكم الذي لا يتهم بمحاباة العباسيين قال: إن عبيد الله بن عباس كان واليا لعلي على اليمن، ولما بلغه مسير بسر بن أبي أرطاة إليه استخلف على اليمن عبيد الله ابن عبد المدان الحارثي وهرب إلى علي بالكوفة وذلك عام أربعين للهجرة، وأرسل علي بن أبي طالب جيشا إلى اليمن يتعقب جيش بسر، وقتل علي في نفس العام، ولم يرد ما يشير إلى أن عبيد الله بن عباس ترك الكوفة إلى اليمن [138] .
ويخالف فلهوزن أيضا ما جاء في الروايات الأخرى التي نقلها اليعقوبي والبلاذري وعمر بن شبة والمدائني [139] ، وذكرت أن قائد الجيش كان عبيد الله بن عباس، كما جاء في قول عامة أهل السير أن عبد الله بن عباس كان خرج عام أربعين للهجرة من البصرة ولحق بمكة على أثر ما جرى بينه وبين علي [140] ، ولكن فلهوزن يتهم هذه الروايات بمحاباة العباسيين، واتهام فلهوزن يبدو مما سبق ضعيفا عند المعارضة.
وسواء كان قائد الجيش عبد الله بن عباس أو عبيد الله بن عباس أو غيرهما فإن دواعي اتصال قائد جيش الحسن بمعاوية وطلب الأمان منه غير قائمة، فجيش الحسن قوي وممتنع كما جاء عند البخاري، والاتصالات والتنسيق بين الحسن وقيادته موجودة نقلا وعقلا، والحسن ولي الأمر ورأسه، وقد جرت المفاوضات بينه وبين وفد معاوية، وأخذ الأمان لأتباعه ومن كان في جانبه فضلا عن بني العباس وغيرهم من بني عبد المطلب بشأن الدماء والأموال، وأعلم الحسن قيادته بالصلح وتنازله عن الخلافة لمعاوية، وأمرها بالدخول في الجماعة ومبايعة معاوية، ولما رأى قيس ومن معه أنهم لم يعودوا مع إمام مفترض الطاعة، تركوا القتال وبايعوا معاوية، ودخلوا في الجماعة [141] .
ولكن في رواية الزهري ثناء على قيس دون الحسن وولدي العباس من غير ما ضرورة.
الثالث: ولاية العهد: قيل ومما اتفق الجانبان عليه من الشروط أن يكون الأمر من بعد معاوية للحسن [142] ، وإن معاوية وعد إن حدث به حدث والحسن حي ليسمينه وليجعلن الأمر إليه [143]، ولكن ابن أعثم روى في هذا الخصوص عن الحسن أنه قال: أما ولاية الأمر من بعده، فما أنا بالراغب في ذلك، ولو أردت هذا الأمر لم أسلمه [144] ، وهو كلام ينسجم مع تنازل الحسن عن الخلافة، فقد كان الحسن خليفة وتنازل عن الخلافة فكيف يطلبها من بعد ذلك.
وقيل إن الاتفاق نص على أن لا يعهد معاوية إلى أحد بعده ويكون الأمر شورى [145] .
ومثل هذا القول في مثل هذا الوقت موضعه في غير هذا الصلح، فلا أحد يعلم ما سيكون من معاوية بخصوص الخلافة، ولكن الرواية أرادت التعريض بالبيعة ليزيد واتهام معاوية بالخروج عن الشورى في استخلافه ولده يزيد، وهي قضية جرت في فترة تالية على الصلح بين الحسن ومعاوية.
الرابع: العمل بكتاب الله وسنة نبيه وسيرة الخلفاء: ورواية البخاري ذكرت أن الحسن ما سأل الوفد: عبد الرحمن بن سمرة وعبد الله بن عامر شيئا إلا قال له: نحن لك به، والتذكير بالعمل بكتاب الله وسنة نبيه وسيرة الخلفاء لا شية فيه، ولكن إيراد ذلك ضمن شروط الصلح تعريف من الرواية [146] بمعاوية واتهامه بمجافاة ذلك، مما ينفي أن يكون هذا الشرط من شروط الصلح بين الجانبين.
الخامس: وقيل إن الحسن اشترط على معاوية ألا يُسبَّ علي وهو يسمع [147] : وكأن الحسن عفا عن سب علي وهو لا يسمع، ولذلك فقد لا تكون هذه القضية بحثت بين الحسن ومعاوية.
وبعد أن تم الصلح وتنازل الحسن عن الخلافة، قيل إن معاوية قال للحسن، أما إذا كان ذا فقم فتكلم وأخبر الناس بهذا الأمر الذي تركته لي، فقام الحسن فخطب على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
"أما بعد، فإن أكيس الكيس التقى، وإن أحمق الحمق الفجور، وإن هذا الأمر الذي اختلفت فيه أنا ومعاوية، إما كان حقا لي تركته لمعاوية إرادة صلاح هذه الأمة وحقن دمائهم، أو يكون حقا كان لأمرئ أحق به مني ففعلت ذلك، {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} "[148] الأنبياء (آية 111) .
وقيل لما برأ الحسن من جراحته خرج إلى مسجد الكوفة فقال: "يا أهل الكوفة، اتقوا الله في جيرانكم وضيفانكم وفي أهل بيت نبيكم صلى الله عليه وسلم الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، فجعل الناس يبكون ثم تحمّل وأهل بيته إلى المدينة"[149] .
وبذلك طويت صفحة من الخلاف والفرقة، واجتمعت الكلمة، وصار معاوية خليفة مجمعا عليه، قيل عام أربعين للهجرة [150] ، ولكن ابن إسحاق [151] والواقدي [152] وخليفة ابن خياط [153] يجعلون ذلك عام واحد وأربعين للهجرة ويختلفون في الشهر الذي وقع فيه الصلح من ذلك العام، أهو ربيع الأول، أو ربيع الآخر، أو جمادى الأولى، أو جمادى الآخرة، فقال المسعودي: ثم صالح الحسن معاوية نحو شهر ربيع الأول سنة إحدى وأربعين، وقد رأى قوم إن ذلك كان في جمادى الآخرة أو الأولى من هذه السنة، والأول أشهر وأصح عندنا من مدة أيامه [154] .
ومضى معاوية يقود مسيرة الأمة من غير أن يجعل للفتنة وأحداثها سبيلا على أحد يعيق حركة البناء والجهاد.
وقد يسأل سائل عما فعل معاوية بقتلة عثمان بعد صيرورة الخلافة إليه، ويجيب ابن قتيبة في (عيون الأخبار) قائلاً: إن معاوية بن أبي سفيان لما قدم المدينة بعد عام الجماعة، دخل دار عثمان بن عفان، فصاحت عائشة بنت عثمان بن عفان وبكت ونادت أباها، فقال معاوية: يا ابنة أخي، إن الناس أعطونا طاعة وأعطيناهم أماناًَ، وأظهرنا لهم حلماً تحته غضب، وأظهروا لنا ذلاً تحته حقد، ومع كل إنسان سيفه ويرى موضع أصحابه، فإن نكثناهم نكثوا بنا ولا ندري أعلينا تكون أم لنا، لأن تكوني ابنة عم أمير المؤمنين خير من أن تكوني امرأة من عرض الناس [155] .
والذي يُعتدُّ به من كلام ابن قتيبة ما جاء عن العهود والمواثيق التي أبرمت بين معاوية والحسن وقضيت بالصلح بين الناس، ووضع الحرب، وحقن الدماء، وعدم تهييج النفوس، وإضافة إلى ذلك فإن السنوات الخمس التي احتضنت المعارك في الجمل وصفين والنهروان والنخيلة ومصر وغيرها ذهبت بأولئك الذين ترددت أسماؤهم بتهمة قتل عثمان، ومع ذلك فإن مسألة قتل عثمان ظلت حاضرة في الخلفاء من بني أمية ونوابهم في الأغلب، وكانوا على التعريض بخصوم عثمان والشنآن للخارجين، فعلى سبيل المثال، قيل إن بسر بن أبي أرطاة أقام عام 43 هـ شهراً بالمدينة يستعرض الناس، ليس أحد ممن يقال هذا أعان على عثمان إلا قتله [156] ، ومعْ أن هذا الخبر لا يعتدُّ به، فإنه يشير إلى أن انتصار بني أمية لعثمان بن عفان كان حقيقة لا شبهة بها.
هذا وقد قيل في وصول معاوية إلى الخلافة أقاويل، وجرت في تعليل ذلك أحاديث:
قيل كان علي بن أبي طالب يَعدُّ الخلافة منصبا دينيا، وكان دقيقا في محاسبة العمال ومتصلبا في رأيه ولا يحيد عما يقتضيه ضميره كما كان يفعل أبو بكر وعمر، أما معاوية فكان يلين لمن في جانبه ويتساهل في محاسبة العمال مع أن رجاله كانت قد ذهبت منهم حرمة الدين وذاقوا لذة الثروة وتعودوا على السيادة.
ولكن المسلمين في عهد أبي بكر وعمر كانوا لا يزالون في أبان الحمية الدينية والأريحية العربية ولذلك كانوا ينصاعون لأبي بكر وعمر بكلمة، وأما في أيام علي فقد تغيرت الأحوال وعدّ المسلمون سياسة علي ضعفا، فلما رأوا ضعفه انحازوا إلى معاوية بعد أن كانوا معه، وتنتهي المقولة إلى الاستنتاج بأن الفوز دائماً لأهل الدهاء وأن السياسة والدين لا يلتحمان إلا نادرا، وما التحامهما أيام الراشدين إلا فلتة قلما يتفق مثلها، وما دولة الراشدين برأي المقولة بدولة سياسية وإنما هي خلافة دينية [157] .
وقيل إن علي بن أبي طالب جاء يسير وفق الاتجاه الإِسلامي في ظروف استعلاء الاتجاه القبلي وانتصاره، وقد اصطدمت سياسة علي بالاتجاه القبلي في الكوفة التي كانت لا تفهم فكرة الدولة، ولم تتأثر بالتقاليد الحضرية وأفسد هذا الاتجاه على علي بن أبي طالب التفاهم مع خصومه في موقعة الجمل ودفعوه في معركة صفين إلى التحكيم كرها، وفرضوا عليه أبا موسى الأشعري، فكان بسياسته الإسلامية في هذه البيئة القبلية كمن يطرق في حديد بارد.
وأما معاوية فكان خروجه للمطالبة بدم عثمان على أساس قبلي واضح، لأن هذا واجب الدولة وحقها وليس حق الأقرباء، والتفاف الكثيرين حول معاوية يدل على قوة الاتجاه القبلي.
وعليه فإن الخلاف بين علي ومعاوية برأي هذه المقولة صدام بذهن ممثلي تيارين: بين ممثل التيار الإسلامي وهو علي بن أبي طالب، يسير على سياسة إسلامية في وسط قبلي فيصطدم بظروفه وبخصمه في آن واحد وبين ممثل التيار القبلي وهو معاوية بن أبي سفيان، يسير على سياسة قبلية في وسط قبلي، فلا غرابة أن انتصر معاوية لأن الظروف والأوضاع كانت مواتية لمعاوية وكان انتصاره انتصاراً واضحا للتيار القبلي، وكانت دولة الأمويين نتيجة طبيعية لتطور الأوضاع العامة في عصر الراشدين وتفوق الاتجاه القبلي بدون أن يحدث انقطاع في التطور التاريخي [158] .
وقيل إن الخلاف بين علي ومعاوية كان صراعا بين عصرين هما: عصر الحكم الراشدي الذي كان مركزه في المدينة والحجاز، وكان يمثل الزهد والتقشف، والشورى والعدل والمساواة في الحكم وتوزيع الأموال بين أفراد الأمة ويمثله علي بن أبي طالب، والعصر الجديد الذي تمثل بظهور جيل جديد وتكون مفاهيم جديدة وعقلية جديدة واتجاه جديد نحو الحياة والتمتع بمباهجها نتيجة تغير رقعة العالم الإسلامي بنتيجة الفتوحات، وتغير طبيعة الحياة المادية وتحول الناس من الزهد والتقشف إلى البذخ والترف، وتغير المجتمع وظهور الجيل الذي لم يعد جيل الصحابة ولا يعيش في عصر الصحابة ولا يتصف بصفاتهم، وهو عصر لم يكن برأي المقولة مؤهلا للاستفادة من الحكم الراشدي والانطباع به، لذلك كان لابد من أن يحل محل الحكم الراشدي حكم جديد بعقلية تشابه عقلية الجيل الجديد واتجاهه ومفهومه للحياة، وخول هذا العصر الجديد أن يستلم هذا الحكم رجل من رجال أسرة كانت في الجاهلية مقاربة في عقليتها ومفهومها للصفة التي كان يتطلبها ذلك المجتمع الجديد، وكان معاوية يمثل هذا الجيل في مفهومه وعقليته ورغباته في الحياة، وكانت بلاد الشام بما هي عليه من مستوى حضاري متقدم على العراق أهلا لأن تكون مركزا وعاصمة لهذا المجتمع الجديد، وتنتهي هذه المقولة إلى القول بأن وصول معاوية كان انقلابا عظيما في تاريخ الإسلام جاء على إثر غلبة العصر الجديد على العصر الراشدي [159] .
والمقولات السابقة كما نرى تكاد تكون واحدة وتدور حول محور واحد من غير ضرورة أن يكون اللاحق قد أخذ من السابق، فهي ترد انتصار معاوية ووصوله إلى منصب الخلافة إلى غلبة الاتجاه السياسي على الاتجاه الديني أو غلبة الاتجاه القبلي على الاتجاه الإسلامي، أو غلبة العصر الجديد على العصر الراشدي، فهي لا ترد وصول معاوية إلى الخلافة إلى عامل بسيط يتمثل بالاختلاف بين الأفراد في مؤهلاتهم وقدراتهم، وإنما ترده إلى عامل مركب يشمل التغير في الظروف والعصور والمفاهيم والأفراد، وتجعل هذه المقولات وصول معاوية إلى الخلافة معلم انقلاب في حياة المجتمع الإسلامي وتحول عصر إلى عصر، من العصر الراشدي إلى عصر جديد مختلف في الملامح والخصائص.
فهل كان الخلاف بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان خلافا بين عصرين؟ وهل كان وصول معاوية إلى الخلافة انتصارا لعصر جديد على عصر الراشدين؟.
والقول بأن وصول معاوية إلى منصب الخلافة كان نتيجة للتناقض بين السياسة والدين في قول، والصراع بين القبلية والإسلام في قول ثان، وبين العصر الجديد والعصر الراشدي في قول ثالث، وإن غلبة معاوية كانت غلبة للسياسة على الدين وللقبلية على الإسلام والعصر الجديد على العصر الراشدي كلام يحتاج إلى إعادة نظر وتدقيق.
ففي الإسلام لا انفصال بين الدين والسياسة ولا انفصام بينهما، والسياسة في الإسلام سلوك موجه بالشرع وقائم على قواعده ومضبوط بأحكامه، ووصف علي بن أبي طالب بالدين دون السياسة ورميه بالبعد عن الدهاء السياسي كلام لا يستند إلى أساس تاريخي [160] ، فهو إن لم يكن أكثر من معاوية دهاء ونبوغا فلا يقل عنه على أقل تقدير [161] ، ووصف معاوية بالسياسة دون الدين تضليل وتشويه، ولكن المقولة تريد أن تقول إن الإسلام لم يعد يصلح لمواكبة الحياة وسياستها.
وعلي بن أبي طالب أفضل من معاوية من غير شك، وما كان في معاوية خصلة ينازع عليا بها [162] ، ومع تأخر معاوية عن علي بالفضل فإنه ما تعدى الإسلام في أفعاله وعلاقاته أو تجاوزه، ولم يكن سياسياً بلا دين على نحو ما صورته بعض المقالات السابقة [163] ، هذا فضلا عن أن الفرد ليس بقادر على أن يسيّر المجتمع في العاجلة بغير ما عليه المجتمع من المفاهيم والأفكار والأنظمة المنبثقة عن عقيدته.
وبالنسبة للمجتمع الإسلامي فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم أكمل قواعده الرئيسية، وأتم ما يلزم لتحديد إطار شخصيته، وتكونت في حياته عليه السلام النخبة القيادية الواعية التي أخذت من بعده ترسي مبادئ الإسلام في نفوس الناس وحياتهم ثقافة وتطبيقا، والمعلوم أن المجتمع الإسلامي من بعد الرسول صلى الله عليه وسلم أخذ يكبر ويتسع، وأخذت أشكال الحياة القديمة قبلية وغير قبلية تتراجع في الصراع أمام المد الإسلامي، وصارت الشخصية الإسلامية للبلاد من حول جزيرة العرب تتضح أكثر فأكثر، وصارت هذه البلاد بفعل الثقافة تتجه أكثر فأكثر نحو الوحدة في العقيدة الإسلامية وما ينبني عليها من المفاهيم والأفكار والأنظمة وينبثق عنها.
والقول بأن هذا المجتمع، أو هذا العصر، أو هذا الاتجاه قد تنحّى أو أخذ يتنحّى بعد عشرين سنة أو ثلاثين سنة من وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم أمام عصر جديد ومفاهيم مغايرة واتجاهات مخالفة يخالف مفهوم المجتمعات وطبيعة قيامها وتحولها من حال إلى حال، ويخالف سنن تطور النظم والأفكار والمفاهيم فيها، ولو فرضنا أن المجتمع الإِسلامي في أواخر خلافة عثمان وفي زمن الخلاف بين علي وخصومه كان يقع بين قطبي المحافظة والتغيير لما أمكن لقوى التغيير إذا صح وجودها أن تنجح في مهمتها بمثل هذه السرعة والسهولة إلا أن يكون بناء المجتمع هشا ابتداء.
هذا وقد ظل معاوية في أيام خلافته كما كان في أيام خلافة عمر بن الخطاب وعثمان ابن عفان يفتح الله على يديه الفتوح، ويغزو الأعداء، ويقسم الفيء والغنيمة ويقيم الحدود ولا يتهم في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد روى عنه جمع من الصجابة والتابعين [164] .
ونظرة إلى نواب معاوية وولاته في الأقاليم والبلدان نجدهم من أولئك الذين ولاّهم الخلفاء الراشدون من قبل، منهم، المغيرة بن شعبة الثقفي وعمرو بن العاص وعبد الله ابن عامر ومروان بن الحكم وسعيد بن العاص وزياد بن أبيه وأمثالهم.
وأخرى إلى القضاة الذين كانوا يفصلون فيما شجر بين الناس في زمنه نجد في المدينة أبا هريرة ثم عبد الله بن نوفل بن الحارث ثم أبا سلمة عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف وهو من أفقه الناس، ثم أخاه مصعب بن عبد الرحمن بن عوف.
ونجد في البصرة عميرة بن يثربى الضبي ثم عبد الله بن فضالة الليثي ثم أخاه عاصم بن فضالة ثم زرارة بن أوفى، وفي الكوفة شريح بن الحارث الكندي، وكان شريح يلي القضاء فيها منذ أيام عمر بن الخطاب وظل قاضيا إلى ما بعد خلافة معاوية، وفي بلاد الشام فضالة بن عبيد الأنصاري، أحد من بايع بيعة الرضوان، ثم النعمان بن بشير، ثم بلال بن أبي الدرداء، وفي مصر، سليم بن عتر اليحصبي، وقيل ابن عنز، وكان كثير التلاوة للقرآن ويدعى الناسك لشدة تألهه وكثرة تعبده [165] .
والمعلوم أن القضاء من أبرز العوامل التي تحدد شخصية المجتمع.
وأما إذا كان مفهوم المجتمع لا يعني إلا أشخاص الحاكمين ومن فيه من الأفراد، فلاشك أن أبا بكر وعثمان وعليا وأمثالهم من الصحابة من أبناء العصر الراشدي لا يماثلهم أبناء العصر الأموي وحكامه، والاختلاف بينهم بيّن وواضح، ولكن الفرق بينهما لا يدعو إلى وصفه بالانقلاب، والمجتمع بالمفهوم السابق لا يطابق حقيقة المجتمع وواقعه، ففهم المجتمع على أنه مجموع ما فيه من الحكام والأفراد يغفل جوانب المجتمع وخصائصه الأخرى في العقيدة والمفاهيم والأنظمة والأفكار المنبثقة عن العقيدة وآثارها في العلاقات بين الناس وانضباط العلاقات بها.
وعليه فإن وصول معاوية إلى منصب الخلافة لابدَّ أنْ يُدرَسَ من خلال وسط آخر غير مقولات تبدل المجتمع وتغير شخصيته، لابد أن يدرس من خلال مقتل عثمان ابن عفان وما تبعه من ظروف وتطورات تلاحقت لا علاقة لها بتبدل مفاهيم المجتمع وتغير عقليته ومعاييره.
فقد جاءت خلافة علي بن أبي طالب من بعد قتل عثمان. وفي الوقت الذي سيطر فيه على المدينة أولئك الذين فصلوا من الأمصار إلى عثمان منحرفين عنه، ولذلك لم يكن الجو الذي استخلف فيه علي بالمدينة كالأجواء التي استخلف فيها من سبقه من الخلفاء، وقيل للاستبراء من عوالق هذا الجو نصح عبد الله بن عباس عليا أن يبتعد عما كان يجرى في المدينة وبينّ له أن الناس عند ذلك لن يتركوه حتى يأتوا به ويبايعوا له، ولكن عليا عصاه [166] ، وقيل نصحه ابنه الحسن بمثل ذلك وأشار عليه أن لا يقبل البيعة حتى تأتيه وفود العرب وبيعة كل مصر فإنهم لن يقطعوا أمرا دونه ولكن عليا أبى [167] .
كان علي بن أبي طالب يرى أنه أحق الناس بالخلافة، فلما بايعه من بالمدينة قبلها خشية على الدين كما قال، ومخافة أن يرجع الناس إلى أمصارهم ولم يقم بعد عثمان قائم فيقع الاختلاف والفساد [168] ، ولم ير لنفسه أن يتنحّى عن حمل المسؤولية أو يفرط بالأمر، ورأى أن يقاتل بمن أطاعه من خالفه [169] ، وسار على هذه السياسة مع خصومه في الجمل وصفين والنهروان وغيرها، ولكن النتائج آلت إلى غير ما كان يهوى وتنغصت عليه الأمور، وانكسر عليه رأيه [170] ، فلم حدث ذلك؟.
كان طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وعائشة زوج الرسول صلى الله عليه وسلم قد خرجوا بعد استخلاف علي إلى البصرة من غير مشورة علي ورضاه يطلبون بدم عثمان وإصلاح الأمر [171] ، وقيل لما سأل علي بن أبي طالب سعد بن أبي وقاص أن يقاتل معه، قال له سعد: قد كان ما بلغك فأعطني سيفا يعرف المسلم من الكافر حتى أقاتل به معك، وقال له عبد الله بن عمر: أنشدك الله أن تحملني على مالا أعرف، وقال له محمد بن مسلمة: إن رسول الله أمرني أن أقاتل بسيفي ما قوتل به المشركون، فإذا قوتل أهل الصلاة أضرب به صخر أحد حتى ينكسر وقد كسرته بالأمس، وقال أسامة بن زيد: أعفني من الخروج في هذا الوجه فإني عاهدت الله ألا أقاتل من يشهد أن لا إله إلا الله [172] . وقيل لزم أكثر أهل بدر بيوتهم بعد قتل عثمان فلم يخرجوا إلا إلى قبورهم [173] .
وإضافة إلى كراهة من سبق ذكرهم من أهل المدينة للقتال بين المسلمين كان هناك في الكوفة من يدعو إلى القعود عن القتال واعتزال الفتنة مثل أبي موسى الأشعري، وكان يرى من اعتزل وكره الدماء هو من خيار الناس ممن قد خفّ ظهره من مظالم الناس [174] ، والقعود عن القتال واعتزال الفتنة اتجاه إسلامي عند هؤلاء أداهم إليه اجتهادهم وأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة بهم، وليس بالضرورة بواجب، إذ لو كان الواجب في كل اختلاف يقع بين المسلمين الهرب منه بلزوم المنازل وكسر السيوف لما أقيم حد ولا أبطل باطل [175] ، فقد مال بالمقابل أغلب أهل الكوفة إلى علي بن أبي طالب وقاتلوا في طاعته في الجمل لاقتناعهم بحاجة الناس إلى إمارة تنظمهم وتزع الظالم وتعز المظلوم [176] ، وهي جميعاً لاشك مفاهيم إسلامية، ولكننا أوردناها لبيان الآراء والمواقف التي نجمت عن مقتل عثمان بن عفان ومعرفة منطلقاتها الفكرية وآثارها على الخلاف بين الأطراف.
وفي البصرة، اعتزل بعض أهلها مثل الأحنف بن قيس وقومه القتال في الجمل، ومنهم من ناصر الخليفة علي بن أبي طالب، ومنهم من ناصر طلحة وصحبه، وهي جميعاً مواقف وآراء ومفاهيم إسلامية، ولما مرّ علي بن أبي طالب بقتلى الجمل قال: إني لأرجو أن لا يكون أحد نقّى قلبه لله من هؤلاء إلا أدخله الله الجنة [177] .
ولاشك أن ما هو أفضل من هذا الاختلاف في الآراء والمواقف أن يكون رأي الناس واحدا وجماعتهم واحدة، ولكن أنىّ يكون ذلك وقد جعل قتل عثمان والأجواء التي خلفها قتله تفكير الناس وآراءهم ومواقفهم في اختلاف!.
وبعد الجمل، خرج علي بالناس إلى صفين، وبعد أن نشب القتال في صفين واشتد، رفعت المصاحف ونودي إلى التحكيم، فتوقف القتال ونزل علي بن أبي طالب على التحكيم وأجاب، فَلِمَ أجاب علي إلى التحكيم ورضيه؟
قيل كان أبو سعيد الحسن البصري ينكر الحكومة، وكان إذا جلس فتمكن في مجلسه ذكر عثمان فترحم عليه ثلاثا ولعن قتلته ثم يذكر عليا فيقول:"لم يزل أمير المؤمنين علي رحمه الله يتعرفه النصر ويساعده الظفر حتى حكم، فلم تحكّم والحق معك"[178] .
ولمعرفة ما جرى يحسن إِيراد بعض الشواهد التي وقعت قبل صفين وعززت قبول التحكيم والموادعة والصلح.
نهض الحارث بن حوط الليثي بعد الجمل إلى علي بن أبي طالب وهو على المنبر فقال: أتظن أنا نظن أن طلحة والزبير كانا على ضلال، فقال علي: يا حار، إنه ملبوس عليك، إن الحق لا يعرف بالرجال، فاعرف الحق تعرف أهله [179] .
وقال رجل من فزارة يسمى أربد لعلي: أتريد أن تسير بنا إلى إخواننا من أهل الشام فنقتلهم كما سرت بنا إلى إخواننا من أهل البصرة فقتلناهم؟ كلا، ها الله إذاً لا نفعل ذلك، وهرب الفزاري، ولكن الناس وطئوه بأرجلهم حتى مات [180] .
واستخلف علي بن أبي طالب على الكوفة أبا مسعود عقبة بن عامر البدري الأنصاري في أثناء خروجه إلى صفين [181] ، وكان رجال من أهل الكوفة استخْفُوا، وكان ناس يأتون أبا مسعود فيقولون: قد والله أهلك الله أعداءه وأظفر المؤمنين، فيقول أبو مسعود:"إني والله ما أعده ظفرا ولا عافية أن تظهر إحدى الطائفتين، ولكن نعدها عافية أن يصلح الله أمة محمد ويجمع ألفتها"[182] ، وقال الأشتر النخعي لقومه النخع، "وإنكم تسيرون غدا إلى أهل الشام قوم ليس لكم عليهم بيعة، فلينظر امرؤ منكم أين يضع سيفه"[183] .
وقيل كان الناس في العراق منهم المسرور لما كان بين علي ومعاوية وهم أغشاء الناس، ومنهم المكبوت الآسف وهم نصحاء الناس لعلي، هذا إضافة إلى ما كان من أصوات أخرى انطلقت تندد بالقتل [184] ، وما روي عن علي بن أبي طالب أنه تحسر لما رأى قتلى الجمل وتمنى لو أنه مات قبل ذلك [185] .
وهي شواهد تشير إلى أن القتال بين المسلمين (قتال أهل القبلة وأهل الصلاة) دون القتال في سبيل الله ومجاهدة الأعداء كان قد أخذ يتعرض للنقد قبل معركة صفين، ثم أصبح التخلي عنه واللجوء إلى حل بديل عنه وهو التحكيم والصلح مطلبا في صفين.
ولابد من القول بأن القتال يوم الجمل ويوم صفين لم يكن بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم وإنما كان رأيا رآه علي [186] ، ولم يوافقه عليه كثير من الصحابة، ولما وجد علي أن عظم من كان معه قد مالوا إلى الصلح في صفين، وأن من آثر منهم مواصلة القتال لا يتحقق بهم المصلحة أجاب إلى الحكومة ورضي التحكيم.
وسواء كان الذين مالوا إلى الصلح وحقن الدماء بعد أن كانوا مشوا من قبل درب القتال مالوا مشفقين على أنفسهم من القتل أو مالوا مشفقين من القتل على المسلمين، فإننا مع الجميع في ظلال آراء ومفاهيم ومواقف إسلامية، ولا يقلل من ذلك أن معاوية وصحبه هم الذين رفعوا شعار التحكيم، فلولا أن حقن دماء المسلمين كان يلاقى هوى في النفوس ما استجابوا له، ولولا أن كتاب الله وتحكيمه في العلاقات بين الناس له سلطانه عليهم ما رفعوه.
وسار التحكيم بما لا يرتضيه علي بن أبي طالب، وكان علي أراد أن يجعل عبد الله ابن عباس عنه حكما، ولكن أهل العراق اختاروا أبا موسى الأشعري، وقيل إن الذي أشار بأبي موسى الأشعري هو الأشعث بن قيس الكندي، ورفض عبد الله بن عباس وقال: لا والله، لا يحكم فينا مضريان [187] .
وهذا إن صح، له مدلول قبلي، ولكن قبلية هذا الكلام لا تصيب أبا موسى الأشعري، لا في موقفه من الأحداث ولا في حكمه في القضية، فأبو موسى صحابي وموقفه من الأحداث معروف، وفضلا عن ذلك، ذكر الهيثم بن عدي، أن أول من أشار بأبي موسى هو الأشعث بن قيس الكندي، وتابعه أهل اليمن لأن أبا موسى كان ينهى الناس عن الفتنة والقتال، ولم يدخل فيما دخل فيه الناس، واعتزل في بعض أرض الحجاز [188] .
وذكر أبو حنيفة الدينوري أن الأشعث وقراء العراق رضوا بأبي موسى لأنه رجل هو من علي ومن معاوية سواء ليس إلى أحد منهما بأدنى منه إلى الآخر [189] .
وقال ابن أعثم إنهم قالوا: فإننا قد رضينا بأبي موسى الأشعري، فإنه وافد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن وصاحب مقاسم أبي بكر وعامل عمر بن الخطاب [190] .
وقيل إن علي بن أبي طالب بعدما لم يوافقوه في عبد الله بن عباس وأشاروا عليه بأبي موسى أراد أن يبعث الأشتر النخعي عنه حكما، فلم يوافقوه وقالوا: وهل سعّر الحرب وسعّر الأرض إلا الأشتر [191] .
والأشتر النخعي مثل أبي موسى يماني، وهذا دليل علِى أن يمانية أبي موسى الأشعري ليست هي المقصودة، ويبدو أن اختيار أبي موسى كان اختياراً لاتجاهه واستمراراً لمطلب وقف القتال بين المسلمين، وحل الخلاف عن طريق الصلح.
وفي مؤتمر التحكيم طرح الحكمان وجهات نظر إسلامية، انطلقت من الحرص على جمع الكلمة ووحدة الأمة، فناقشا مسألة الخلافة، واتفقا على النظر فيمن يكون محل إجماع الأمة واتفاقها، ولكنهما اختلفا حول تسمية من يقدمانه للإمامة ويختارانه للخلافة، وبنى أهل الشام على ذلك جواز استخلاف معاوية وتعلّل بعضِ أهل العراق على علي بسبب التحكيم العلل وخرجوا عليه، مما أضعف جانب علي كثيراً، ولكن ذلك لم يحسم المسألة لصالح معاوية وظل عليا خليفة حتى قتل عام 40 هـ.
وحتى هذا الحد لا نزال أمام نتائج كانت جميعها إفرازات آراء ومفاهيم ومواقف إسلامية متباينة، ومحصلة اجتهادات متفاوتة.
والى جانب عامل القتال بين المسلمين وتطوراته كان عامل الطلب بدم عثمان بعداً آخر من أبعاد فهم وصول معاوية إلى الخلافة.
فقد قتل عثمان بن عفان، وقام بنو أمية بالحجاز يطلبون بدم عثمان منهم عبد الله ابن عامر وسعيد بن العاص والوليد بن عقبة ومروان بن الحكم وعبد الرحمن بن عتاب ابن أسيد ويعلي بن أمية وغيرهم من بني أمية [192]، ومما قاله الوليد بن عقبة من الشعر يحرض به معاوية على الطلب بدم عثمان [193] :
النهار ولم يثأر بعثمان ثائر
والله ما هند بأمك إن مضى
ولم يقتلوه، ليت أمك عاقر
أيقتل عبد القوم سيد أهله
وأشعار أخرى قالها يحرض فيها على الطلب بدم عثمان.
وقد يوصف تحرك بني أمية في الطلب بدم عثمان بالقبلية، ولكن عثمان كان خليفة، وقتله قضية تهم المسلمين عامة، ولم يتحرك بنو أمية في هذا الوجه وحدهم من دون الناس، فقد خرجوا مع طلحة وجمع كثير من المسلمين، وطلب بدم عثمان أهل الشام ومصر وغيرهم.
وفي حين انتهت حركة المطالبة بدم عثمان في العراق عند حدود معركة الجمل في البصرة، حظيت بنصير قوي لها في الشام.
ومثلما أقام طلحة وصحبه حركة المطالبة بدم عثمان في العراق، أقامها في الشام معاوية، ومثلما كانت سابقة طلحة وصحبه ومكانتهم وعضوية طلحة والزبير وعثمان في الشورى- شورى عمر- من أسباب التفاف من التف حولهم [194] ، كانت إمرة معاوية وأثره الطيب في ولايته وقرابته من عثمان من أسباب التفاف من التف حوله من أهلِ الشام وغيرهم، ومثلما كانت حركة المطالبة بدم عثمان بقيادة طلحة وصحبه تمثل بعداً إسلامياً كانت مثلها حركة المطالبة بدم عثمان في الشام بقيادة معاوية.
وهي جميعاً مواقف صادرة عن اجتهادات متأولة، وقد اختلفت هذه الاجتهادات فاختلفت المواقف، وأصاب البعض وهو علي بن أبي طالب وأخطأ غيره [195] ، وكان الأولى، وقد بويع علي بن أبي طالب بالخلافة أن يتابع القوم ويبايعوه تجنباً للفرقة، وسفك الدماء، وكان يمكن في اجتماع الكلمة ووحدة الأمة أن يكون خير كثير، ولكن طلحة وصحبه وقفوا مع شورى عمر بن الخطاب والطلب بدم عثمان وهي قيم إسلامية محضة، ووقف معاوية بن أبي سفيان يطلب بدم عثمان، واستفظع أن يقتل عثمان وأن يعلو اتجاه الذين ثاروا عليه وأن ينجو الذين قتلوه، ولم ير علي بن أبي طالب يزيد في قوله بصددهم عن محاكمتهم إليه ليحملهم وإياهم على ما في كتاب الله وسنة نبيه، وأنهضت الظروف وتطوراتها في نفسه الإمارة، ووجد في قول الرسول صلى الله عليه وسلم ما يطمئن إليه، فتحرك من غير تردد ولا إصغاء إلى أحَد.
ذكر ابن عساكر [196]، أن معاوية كان كتب إلى عبد الله بن عباس كتاباً فأجابه ابن عباس: من عبد الله بن عباس إلى معاوية بن أبي سفيان، سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، عصمنا الله وإياك بالتقوى، أما بعد
…
فقد جاءني كتابك، فلم أسمع منه إلا خيراً، وذكرت شأن المودة بيننا، وإنك لعمر والله، لمودود في صدري، من أهل المودة الخالصة والخاصة، وإني للخلة التي بيننا لراع ولصالحها حافظ ولا قوة إلا بالله.
أما بعد. حفظ الله، فإنك من ذوي النهي من قريش وأهل الحلم والخلق الجميل منها، فليَصْدُر رأيك بما فيه النظر لنفسك والتقية على دينك والشفقة على الإسلام وأهله، فإنه خيرٌ لك وأوفر لحظك في دنياك وآخرتك، وقد سمعتك تذكر شأن عثمان بن عفان، فاعلم أن انبعاثك في الطلب بدمه فرقةٌ وسفك للدماء وانتهاك للمحارم، وهذا، لعمر الله، ضرر علي الإِسلام وأهله، وأن الله سيكفيك أمر سافكي دم عثمان، فتأنَّ في أمرك، واتق الله ربِّك، فقد يقال، إنك تكيد الإمارة (تحتال لها) ، وتقول، إن معك وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، فقول نبي الله الحق، فتأنَّ في أمِرك، ولقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول للعباس: إن الله يستعمل من ولدك اثنى عشر رجلاً، منهم السفاح والمنصور والمهدي والأمين والمؤتمن وأمير العصب، أفتراني استعجل الوقت أو انتظر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقوله الحق، وما يُرد الله من أمر يكن ولوكره العالم ذلك، وأيم الله لو أشاء لوجدت متقدما وأعواناً وأنصاراً ولكني أكره لنفسي ما أنهاك عنه، فراقب الله ربك واخلف محمداً في أمته خلافة صالحة، فأما شأن ابن عمك علي بن أبي طالب، فقد استقامت له عشيرتك وله سابقته وحقه ونحن له على الحق أعوان ونصحاء لك وله ولجماعة المسلمين والسلام عليك ورحمة الله.
وجرى ما جرى وأفضت الحال إلى صفين والتحكيم والنهروان والنخيلة، وتضعضع جانب علي بن أبي طالب، ولعلّ ابن عباس من خلال استقراء ما حدث قال قولته التي رويت عنه، قال ابن عباس: والله ليتأمرن عليكم معاوية، وذلك أن الله تبارك وتعالى يقول {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً} [197] .
ثم قتل علي بن أبي طالب على يد الخوارج، وقام ابنه الحسن بن علي مقامه، ولكن الحسن آثر أن يتنازل عن الخلافة رغبة منه في الصلح بين طائفتين من المسلمين وحقن دمائهم، ووصل معاوية إلى الخلافة من غير أن تكون شخصية المجتمع الإِسلامي تبدلت ومفاهيمه وعقليته تغيرت ومعالمه انقلبت، وظلت الاستمرارية في خصائصه ومعالمه قائمة على تفاوت بين أفراده قوة وضعفا، ولكنها ظلت قائمة في ركيزته القضائية والتنفيذية ومصونة في عقيدة الإِسلام وشريعته.
--------------------------------------------------------------------------------
[1]
البخاري/ صحيح البخاري، فضائل أصحاب النبي، مناقب عمر بن الخطاب ج5 ص 14- 15.
[2]
أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج4 ص 234.
[3]
انظر: ابن كثير/ البداية والنهاية ج7 ص 293.
[4]
ابن أبي شيبة/ المصنف ج15 ص 271- 272، أبو جعفر الطبري ج4 ص 508- 509، المقدسي/ البدء والتاريخ ج5 ص 213، ابن الأثير/ الكامل في التاريخ ج3 ص 122.
[5]
الذهبي/ العبر في خبر من غبر ج1 ص 27، ابن حجر/ فتح الباري ج13 ص 61.
[6]
ابن حجر/ فتح الباري ج13 ص 60.
[7]
انظر: أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج5 ص 8، الهيثمي/ مجمع الزوائد ج7 ص 236، ابن حجر/ المطالب العالية ج4 ص 297- 299، ابن حجر/ فتح الباري ج13 ص 55- 57.
[8]
الجاحظ/ البيان والتبيين ج4 ص 222.
[9]
ابن عساكر/ تاريخ دمشق- تراجم حرف العين تحقيق شكري فيصل ورفاقه ص 426- 427 ترجمة عبد الله ابن الزبير.
[10]
ابن حجر/ فتح الباري ج13 ص 56. 60، ابن حزم/ الفصل في الملل ج4 ص 238- 239.
[11]
ابن أبي شيبة/ المصنف ج15 ص 262-263، 286.
[12]
أبو حنيفة الدينوري/ الأخبار الطوال ص 147، أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج4 ص 292، 5، 7، ابن أبي شيبة/ المصنف ج15 ص 283، 284، المقدسي/ البدء والتاريخ ج5 ص 213، ابن حجر/ المطالب العالية ج 4 ص 301، ابن حزم/ الفصل في الملل ج4 ص 239، الذهبي/ العبر في خبر من غبر ج1 ص 7، ابن كثير/ البداية والنهاية ج 7 ص 253.
[13]
انظر المقدسي/ البدء والتاريخ ج5 ص 209، ابن عساكر/ تاريخ دمشق (مخطوط) ج16 ص 703، ترجمة معاوية ابن أبي سفيان، الذهبي/ سير أعلام النبلاء ج3 ص 136، ابن كثير/ البداية والنهايةج7 ص 239.
[14]
ابن كثير/ البداية والنهاية ج 8 ص 22.
[15]
يحي بن سليمان بن يحي بن سعيد الجعفي الكوفي المقرئ الحافظ نزيل مصر روى له البخاري وقال عنه الحافظ في التقريب: صدوق يخطئ. مات سنة 237 هـ أو التي بعدها.
[16]
انظر: الذهبي/ سير أعلام النبلاء ج3 ص 140 ترجمة معاوية بن أبي سفيان.
[17]
المقدسي/ البدء والتاريخ ج 5 ص 217.
[18]
انظر أبو جعفر الطبري/تاريخ الطبري ج5 ص 6، أبو حنيفة الدينوري/ الأخبار الطوال ص 157، نصر ابن مزاحم/ وقعة صفين ص 29، 58. 85، ابن عساكر/ تاريخ دمشق (مخطوط) ج 16 ص 708، ترجمة معاوية ابن أبي سفيان، ابن حجر/ فتح الباري ج 13 ص 60- 61، 92، المقدسي/ البدء والتاريخ ج 5 ص 210، الذهبي/ سير أعلام النبلاء ج 3 ص 140، ابن كثير/ البداية والنهاية ج 7 ص 269- 270.
[19]
انظر: ابن عساكر/ تاريخ دمشق (مخطوط) ج16 ص 708 ترجمة معاوية بن أبي سفيان.
[20]
المصدر نفسه ج 16 ص 707، ترجمة معاوية بن أبي سفيان.
[21]
انظر: البلاذري/ أنساب الأشراف ص 302 تحقيق المحمودي، ابن أعثم/ الفتوح ج2 ص 416، حيدر اباد 1970 م، أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج5 ص 7، المقدسي/ البدء والتاريخ ج5 ص 217، ابن الأثير/ الكامل في التاريخ ج3 ص 148، ابن كثير/ البداية والنهايةج7 ص 266.
[22]
ابن كثير/ البداية والنهايةج7 ص 270.
[23]
انظر: البيهقي/ دلائل النبوة ج 6 ص 446، ابن حجر/ المطالب العالية ج 4 ص 108، الهيثمي/ مجمع الزوائد ج5 ص 186، ابن كثير/ البداية والنهاية ج ص 117، الذهبي/ سير أعلام النبلاء ج 3 ص 131 ترجمة معاوية بن أبي سفيان.
[24]
انظر: ابن أبي شيبة/ المصنف ج15 ص 298، اليافعي/ مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة حوادث الزمان ج1 ص 137.
[25]
انظر: ابن كثير/ البداية والنهاية ج7 ص288.
[26]
انظر: أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج 5 ص 48، ابن سعد/ الطبقات الكبرىج3 ص 32، أبو حنيفة الدينوري/ الأخبار الطوال ص 189- 191، ابن عساكر/ تاريخ دمشق (مخطوط) ج16 ص172 ترجمة معاوية بن سفيان.
[27]
انظر: المقدسي/ البدء والتاريخ ج5 ص 220.
[28]
أبو حنيفة الدينوري/ الأخبار الطوال ص 191.
[29]
أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج 5 ص 48.
[30]
خليفة بن الخياط/ تاريخ خليفة ص 185، أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج4 ص 59، 511، 514، 529.
[31]
نفس المصدر السابق.
[32]
نفس المصدر السابق.
[33]
أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج 5 ص 18، 41.
[34]
أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج5 ص 55.
[35]
انظر: أبو حنيفة الدينوري/ الأخبار الطوال ص 189، 191، ابن كثير/ البداية والنهاية ج 7 ص 284.
[36]
انظر: ابن أبي شيبة/ المصنف ج 15 ص 317- 318، ابن حجر/ فتح الباري ج13 ص 86.
[37]
أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج5 ص 66.
[38]
أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج5 ص 54.
[39]
خليفة بن خياط/ تاريخ خليفة ص 192.
[40]
انظر: أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج5 ص 71، ابن سعد/ الطبقات الكبرىج3 ص 33، اليعقوبي/ تاريخ اليعقوبي ج2 ص 190، المسعودي/ التنبيه ص 295- 296، ابن عساكر/ تاريخ دمشق (مخطوط) ج16 ص 703 ترجمة معاوية بن أبي سفيان.
[41]
أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج5 ص 57، 66.
[42]
نفس المصدر السابق.
[43]
المبرد/ الكامل في اللغة ج3 ص 210- 211.
[44]
انظر: خليفة بن خياط/ تاريخ خليفة ص 192، أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج5 ص 57، 67.
[45]
انظر: أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج5 ص 54، 57، 66، 67.
[46]
المصدر نفسه ج5 ص 69.
[47]
انظر: أبو حنيفة الدينوري/ الأخبار الطوال ص 199.
[48]
أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج5 ص 70، ابن اعثم/ الفتوح م 2 ج 3- 4 ص 210.
[49]
انظر: ترجمة عمرو بن العاص وترجمة أبي موسى الأشعري عند: ابن عبد البر/ الاستيعاب في معرفة الأصحاب، ابن حجر/ تهذيب التهذيب، ابن الأثير/ أسد الغابة في معرفة الصحابة.
[50]
أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج 5 ص 53- 54.
[51]
أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري/ ج5 ص 57- 59.
[52]
المصدر نفسه ج 5 ص 67- 71.
[53]
المصدر نفسه ج5 ص 67.
[54]
اليعقوبي/ تاريخ اليعقوبي ج2 ص 190.
[55]
ابن اعثم/ الفتوح م 2ج3- 4، 207- 210.
[56]
ابن كثير/ البداية والنهاية ج7 ص 293.
[57]
أبو حنيفة الدينوري/ الأخبار الطوال ص 199، 201.
[58]
المقدسي/ البدء والتاريخ ص 5 ص 229.
[59]
أبو بكر العربي/ العواصم من القواصم ص 178- 179.
[60]
نبيه أمين فارس/ تطور كتابةْ التاريخ عند العرب المحدثين كما تبدو في معالجتهم قضية النزاع بين علي ومعاوية ص 173، الأبحاث، الجامعة الأميركية، بيروت، السنة 16 الجزء2 حزيران سنة 1963 م.
[61]
انظر: أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج 5 ص 57- 59، القاضي أبو بكر العربي/ العواصم من القواصم ص 178، ابن كثير/ البداية والنهاية ج 7 ص 293.
[62]
ابن أعثم/ الفتوح م 2 ج 3- 4 ص 206.
[63]
أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج5 ص 69.
[64]
ابن العربي/ العواصم من القواصم ص 178 - 179.
[65]
أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج5 ص 42.
[66]
ابن أعثم/ الفتوح م 2ج3- 4 ص 207- 208.
[67]
خليفة بن خياط/ تاريخ خليفة ص 192.
[68]
المقدسي/ البدء والتاريخ ج5 ص 229.
[69]
الدينوري/ الأخبار الطوال ص 200، ابن كثير/ البداية والنهايةج7 ص 293.
[70]
الذهبي/ العبر في خبر من غبرج1 ص 31.
[71]
انظر: أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج5 ص 72- 92، المبرد/ الكامل في اللغةج3 ص 187، 195-196.
[72]
أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج5 ص 89.
[73]
ابن أبي شيبة/ المصنف ج15 ص 319.
[74]
انظر: أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج5 ص 122- 124، ابن أعثم/ الفتوح م 2 ج 3-4 ص 240، الهيثمي/ مجمع الزوائدج7 ص 246، ابن كثير/ البداية والنهاية ب 7 ص 320.
[75]
انظر: أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج5 ص 133 - 136، ابن أعثم/ الفتوح م 2ج3-4 ص 237، المقدسي/ البدء والتاريخ ج 5 ص 229، ابن كثير/ البداية والنهاية ج 7 ص 331- 334.
[76]
أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج5 ص 122.
[77]
الذهبي/ العبر في خبر من غبرة ج 1 ص 32.
[78]
أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج5 ص 140.
[79]
اليعقوبي/ تاريخ اليعقوبي ج2 ص 212، أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج5 ص 152.
[80]
اليعقوبي/ تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 212.
[81]
ابن سعد/ الطبقات الكبرىج3 ص 36.
[82]
أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج 5 ص 55، 82.
[83]
المصدر نفسه ج5 ص 89- 90.
[84]
اليعقوبي/ تاريخ اليعقوبي ج2 ص 188- 189.
[85]
ابن الأثير/ الكامل في التاريخ ج3 ص 202.
[86]
انظر: ابن حجر/ تهذيب التهذيب ج 2 ص 300 ترجمة الحسن بن علي، ابن قدامة المقدسي/ التبيين في أنساب القرشيين ص 106، ترجمة الحسن بن علي.
[87]
أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج 5 ص 146- 147.
[88]
المسعودي/ مروج الذهب ج3 ص 4.
[89]
أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج 5 ص 158.
[90]
الذهبي/ سير أعلام النبلاء ص 3 ص 263، رواية الكلبي.
[91]
خليفة بن خياط/ تاريخ خليفة ص 203.
[92]
المسعودي/ التنبيه والأشراف ص 301.
[93]
أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج ص 648.
[94]
الطبراني/ المعجم الكبير ج 3 ص 26، اليعقوبي/ تاريخ اليعقوي ج2 ص 4 21.
[95]
اليعقوبي/ تاريخ اليعقوبي ج2 ص 214.
[96]
ابن أعثم/ الفتوح م 2 ج 3، 4 ص 287- 288.
[97]
اليعقوبي/ تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 213.
[98]
أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج5 ص 143، 149.
[99]
الدينوري/ الأخبار الطوال ص 216، 218، ابن أعثم/ الفتوح م 2ج3-4ص 88-، المقدسي/ البدء والتاريخ ج 5 ص 235، ابن قدامة المقدسي/ التبيين في أنساب القرشيين ص 105، الذهبي/ سير أعلام النبلاء ج3 ص 264.
[100]
أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج 5 ص 158 رواية الزهري، ابن أعثم/ كتاب الفتوح م 2ج3-4 ص 289، المقدسي/ البدء والتاريخ ج 5 ص 235، ابن حجر/ تهذيب التهذيب ج2 ص 298- 299، ابن قدامة المقدسي/ التبيين في أنساب القرشيين ص 105، ابن كثير/ البداية والنهاية ج 8 ص 16.
[101]
أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج5 ص 159، الذهبي/ سير أعلام النبلاءج3 ص 263 رواية عوانة بن الحكم.
[102]
أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج 5 ص 158، ابن كثير/ البداية والنهاية ج 8 ص 16.
[103]
ابن تيمية/ منهاج السنة ج 4 ص 299، 535- 536، ابن كثير/ البداية والنهاية ج 8 ص 1 25.
[104]
الطبراني/ المعجم الكبير ج 3 ص 102.
[105]
أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج 5 ص 162، ابن أعثم/ الفتوح م 2ج3-4 ص 295.
[106]
المقدسي/ البدء والتاريخ ج5 ص 235.
[107]
أبو حنيفة الدينوري/ الأخبار الطوال ص 216 - 217، ابن أعثم/ الفتوح م 2 ج 3 -4 ص 289- 292، 295، المقدسي/ البدء والتاريخ ج 5 ص 236.
[108]
أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج5 ص 159- 160، الذهبي/ سير أعلام النبلاء ج3 ص 263- 264، ابن كثير/ البداية والنهاية ج8 ص 16.
[109]
أبو حنيفة الدينوري/ الأخبار الطوال ص 217- 218.
[110]
المسعودي/ مروج الذهب ج 3 ص 8، 9.
[111]
اليعقوبي/ تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 214- 215.
[112]
البخاري/ صحيح البخاري، كتاب الصحاح ج2 ص 962- 963.
[113]
ابن تيمية/ منهاج السنةج4 ص 536.
[114]
البخاري/ صحيح البخاري، كتاب فضائل الصحابة، مناقب الحسن والحسين ج3 ص 1369، كتاب الفتن ج6 ص 2602.
[115]
انظر: ابن حجر/ فتح الباري ج 13 ص 68 - 69.
[116]
أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج5 ص 165، الذهبي/ سير أعلام النبلاءج3 ص 264.
[117]
خليفة بن خياط/ تاريخ خليفة ص 203، المقدسي/ البدء والتاريخ ج 5 ص 237.
[118]
الشعبي/ تابعي ثقة، ولد عام 19 هـ وقيل عام 20هـ انظر: الذهبي/ تهذيب التهذيب ترجمة عامر الشعبي.
[119]
الطبراني/ المعجم الكبير ج 3 ص 26.
[120]
أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج5 ص 162- 163.
[121]
ابن أعثم/ الفتوح م ج 3 -4ص 293، ابن كثير/ البداية والنهايةج8 ص 16.
[122]
الذهبي/ سير أعلام النبلاءج3 ص 264.
[123]
أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج5 ص 160.
[124]
المقدسي/ البدء والتاريخ ج5 ص 236.
[125]
الذهبي/ سير أعلام النبلاء ج3 ص 264.
[126]
أبو حنيفة الدينوري/ الأخبار الطوال ص 218.
[127]
الذهبي/ سير أعلام النبلاءج3 ص 264.
[128]
أبو حنيفة الدينوري/ الأخبار الطوال ص 218.
[129]
البخاري/ صحيح البخاري، كتاب الصلح ج 2 ص 963.
[130]
ابن أعثم/ الفتوح م 2 ج3-4 ص 293.
[131]
أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج 5 ص 165.
[132]
انظر: ابن حجر العسقلاني/ فتح الباري ج13 ص68.
[133]
البخاري/ صحيح البخاري، كتاب الصلح ج 2 ص 963.
[134]
أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج5 ص 163- 164، ابن أبي شيبة/ ج15 ص 79- 80.
[135]
فلهوزن/ تاريخ الدولة العربية ص 103- 106.
[136]
انظر: أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج5 ص 159 - 160، ابن أبي شيبة/ المصنف ج 15 ص 79.
[137]
انظر: أبو حنيفة الدينوري/ الأخبار الطوال ص 217، ابن أعثم/ الفتوح م 2ج3-4 ص 289، المقدسي/ البدء والتاريخ ج5 ص 235، ابن حجر/ المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانيةج4 ص 318، 319.
[138]
انظر: أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج 5 ص 139- 140، ابن الأثير/ الكامل في التاريخ ج 3 ص 192.
[139]
انظر: اليعقوبي/ تاريخ اليعقوبي ج2 ص 214، أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج5 ص 141- 143، 163، فلهوزن/ تاريخ الدولة العربية ص 100- 106.
[140]
انظر: أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج5 ص 141- 143.
[141]
انظر: ابن أعثم/ الفتوح م 2 ج 3-4 ص 291، 293، 294، أبو حنيفة الدينوري/ الأخبار الطوال ص 218، أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج5 ص 160، ابن حجر/ المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية ج 4 ص 318، 319، ابن أبي شيبة/ المصنف ج15 ص 79- 80.
[142]
ابن حجر/ تهذيب التهذيب ج 2 ص 299 ترجمة الحسن بن علي، الذهبي/ سير أعلام النبلاءج3 ص 264.
[143]
ابن أعثم/ الفتوح م 2ج3-4 ص 293.
[144]
المقدسي/ البدء والتاريخ ج5 ص 236، ابن أعثم/ الفتوح م 2ج3 4 ص291.
[145]
ابن أعثم/ الفتوح م2ج 3-4 ص 293، ابن حجر/ فتح الباري ج 13 ص 70.
[146]
انظر: المقدسي/ البدء والتاريخ ج5 ص 236، ابن أعثم/ الفتوح م 2 ج 3 4 ص 293.
[147]
ابن كثير/ البداية والنهاية ج 8 ص 16، الذهبي/ سير أعلام النبلاء ج3 ص 264 ترجمة الحسن بن علي.
[148]
الطبراني/ المعجم الكبير ج3 ص 16، ابن حجر/ تهذيب التهذيب ج2 ص 300 ترجمة الحسن بن علي، ابن حجر/ فتح الباري ج13 ص 68، ابن قدامة المقدسي/ التبيين في أنساب القرشيين ص 105، وانظر: اليعقوبي/ تاريخ اليعقوبي ج2 ص 215، أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج 5 ص 163.
[149]
الطبراني/ المعجم الكبيرة ج 3 ص 93، أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج5 ص 165.
[150]
الطبراني/ المعجم الكبير ج 3 ص 26.
[151]
انظر: ابن حجر/ تهذيب التهذيب ج 2 ص 299 ترجمة الحسن بن علي.
[152]
انظر: أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج5 ص 164.
[153]
انظر: خليفة بن خياط/ تاريخ خليفة ص 203.
[154]
المسعودي/ التنبيه والأشراف ص 301.
[155]
ابن قتيبة الدينوري/ عيون الأخبار ج 1 ص 14، ابن عبد ربه/ العقد الفريد ج4 ص 364.
[156]
انظر: أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج5 ص 176، ج6 ص 207.
[157]
انظر: جورجي زيدان/ تاريخ التمدن الإسلامي ج3 ص 335- 336.
[158]
انظر: الدوري/ مقدمة في تاريخ صدر الإسلام ص 58- 62.
[159]
انظر: يوسف العش/ الدولة الأموية ص 118- 123.
[160]
انظر: الدوري/ مقدمة في تاريخ صدر الإسلام ص 58.
[161]
انظر: العش/ الدولة الأموية ص 119، ومن أجل الأمثلة على ذلك انظر: اليعقوبي/ تاريخ اليعقوبي ج2 ص 189،أبو حنيفة الدينوري/ الأخبار الطوال ص 192، أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج 5 ص 66، ابن أعثم/ الفتوح م 2 ج3-4 ص 65، ابن كثير/ البداية والنهايةج7 ص 293.
[162]
ابن عساكر/ تاريخ دمشق (مخطوط) ج16 ص 714 ترجمة معاوية بن أبي سفيان.
[163]
انظر: زيدان/ تاريخ التمدن الإسلامي ج3 ص 335- 336.
[164]
ر: ابن عساكر/ تاريخ دمشق (مخطوط) ج16 ص 671، 674، الطبراني/ المعجم الكبير ج 19 ص 319 - 393.
[165]
انظر: وكيع/ أخبار القضاة ج 1 ص 111- 119، ج 2 ص 189، 194، 396-397، ج3 ص 201، 222، 291، 292، الذهبي/ سير أعلام النبلاء ج 4 ص 132 ترجمة سليم بن عتر.
[166]
الهيثمي/ الزوائد العاليةج7 ص 236، ابن عساكر/ تاريخ دمشق (مخطوط) ج 16 ص706 ترجمة معاوية بن أبي سفيان.
[167]
ابن الأثير/ الكامل في التاريخ ج 3 ص 114.
[168]
ابن حجر/ فتح الباري ج13 ص 62، 99.
[169]
ابن الأثير/ الكامل في التاريخ ج3 ص 114.
[170]
انظر: ابن أعثم/ الفتوح م 2 ج 3 -4 ص 235، ابن حجر/ المطالب العالية ج4 ص 323- 324، ابن كثير/ البداية والنهايةج7 ص 235، ج 8 ص 13.
[171]
ابن حجر/ فتح الباري ج 13 ص 61، الذهبي/ العبر في خبر من غبر ج 1 ص 27.
[172]
الدينوري/ الأخبار الطوال ص 143، البخاري/ التاريخ الكبير ج 1 ص 12 ترجمة محمد بن مسلمة.
[173]
ابن كثير/ البداية والنهايةج7 ص 214.
[174]
ابن أعثم/ الفتوح م 2 ج 3-4 ص 208- 209.
[175]
ابن حجر/ فتح الباري ج 13 ص 37.
[176]
الدينوري/ الأخبار الطوال ص 145، أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج 4 ص 485 وما بعدها.
[177]
ابن الأثير/ الكامل في التاريخ ج 3 ص 132.
[178]
المبرد/ الكامل في اللغة ج 3 ص 215- 216.
[179]
الجاحظ/ البيان والتبيين ج 2 ص 211.
[180]
أبو حنيفة الدينوري/ الأخبار الطوال ص 164.
[181]
ابن كثير/ البداية والنهاية ج7 ص 269.
[182]
الهيثمي/ مجمع الزوائد ج7 ص 248، ابن أبي شيبة/ المصنف ج 15 ص301.
[183]
ابن أبي شيبة/ المصنف ج 15 ص 265.
[184]
انظر: خليفة بن خياط/ تاريخ خليفة ص 186، ابن أعثم/ الفتوح م 2 ج 3-4 ص 240، ابن كثير/ البداية والنهاية ج7 ص 251.
[185]
ابن أبي شيبة/ المصنف ج15 ص 282.
[186]
ابن حجر/ المطالب العالية ج4 ص 294- 296، ابن تيمية/ منهاج السنة ج 4ص 496، الهيثمي/ مجمع الزوائد ج5 ص 175.
[187]
اليعقويي/ تاريخ اليعقوبي ج2 ص 189، ابن أعثم/ الفتوح م 2ج3 -4 ص 194، المسعودي/ مروج الذهب ج 2 ص 402، المقدسي/ البدء والتاريخ ج5 ص 220.
[188]
ابن كثير/ البداية والنهايةج7 ص 287.
[189]
أبو حنيفة الدينوري/ الأخبار الطوال ص 192، أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج 5 ص 51.
[190]
ابن أعثم/ الفتوح م 2ج3-4 ص 193.
[191]
أبو حنيفة الدينوري/ الأخبار الطوال ص 192، ابن كثير/ البداية والنهايةج7 ص 287، أبو جعفر الطبري/ تاريخ الطبري ج5 ص 51-52.
[192]
أبو جعفر الطبري/تاريخ الطبري ج4 ص450، 520، ابن الأثير/الكامل في التاريخ ج 3 ص 106.
[193]
انظر: ابن عساكر/ تاريخ دمشق، تحقيق سكينة الشهابي، ترجمة عثمان بن عفان ص 552- 553، نوري حمودي القيسي/ شعراء أمويون قسم 3 ص 46، 47.
[194]
انظر: ابن عساكر/ تاريخ دمشق، تحقيق سكينة الشهابي، ترجمة عثمان بن عفان ص 503 وما بعدها.
[195]
انظر: ابن حزم/ الفصل في الملك والأهواء والنحل ج240- 242، ابن حجر/ فتح الباري ج13 ص 72، ابن تيمية/ منهاج السنة ج 4 ص 1 39- 394، ابن خلدون/ المقدمة، باب انقلاب الخلافة إلى الملك ج 1 ص 259.
[196]
ابن عساكر/ تاريخ دمشق، تحقيق شكري فيصل ورفاقه، تراجم حرف العين، ترجمة عبد الله بن حماد ص 197-198.
[197]
انظر: الهيثمي/ مجمع الزوائد ج 7 ص 236، ابن عساكر/ تاريخ دمشق (مخطوط) ج 16 ص 06 7 ترجمة معاوية بن أبي سفيان.
الأحاديث القدسية في الجرح والتعديل
ومصادرها وأدوار تدوينها
بقلم
د. عبد الغفور عبد الحق البلوشي
الباحث بمركز خدمة السنة والسيرة النبوية بالجامعة الإسلامية
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فهذا بحث علمي عن موضوع "الأحاديث القدسية في دائرة الجرح والتعديل ودراسة مصادرها وأدوار تدوينها"ولما رأيت بأن الأحاديث القدسية لها أهمية كبيرة ومكانة عظيمة عند العامة والخاصة في المجتمع الإسلامي عزمت على الكتابة فيها وشمرت عن ساق الجد بعد طلب العون من الله القدير.
وقد كانت الرغبة عندي قديماً لدراسة مثل هذه الأحاديث التي تتميز بإضافتها إلى الله تعالى وهي منسوبة إليه تعالى ومن كلامه سبحانه حيث يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
فيها قال الله تعالى، ويقول الله تعالى، فالذي يسمع ذلك يزعم بأن هذا كلام الله تعالى فهو صحيح حتماً فلا يخطر بباله بأن الضعف يتطرق إليه لإضافته إلى الله تعالى وهذا هو فهم كثير من العوام وقد يقع فيه بعض الخواص ويغيب عنهم أن مدار الصحة والضعف فيها على السند، ولا مانع من عرض قصة واقعية جرت بين أستاذين فاضلين في المسجد النبوي الشريف وهي في صميم الموضوع- حيث كانا يتناقشان فيما بينهما إمكانية تطرق الضعف إلى الأحاديث القدسية وعدم إمكانية ذلك فأحدهما يُثبتُ ذلك والآخر ينفي، فإذا بأحدهما- وهو أستاذي- وقع نظره علي وأنا جالس عند باب الرحمة فسر بذلك وناداني- وكنت حينذاك طالباً في الدراسات العليا شعبة السنة في مرحلة الدكتوراه وكان يعرف ذلك- وطرح علي ما جرى بينهما من النقاش في الموضوع ثم قال باستغراب؟!: هل الأحاديث القدسية يمكن أن تكون ضعيفة؟!
فقلت: بلى وقد تكون موضوعة لأن الذي يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم يكذب على الله تعالى، ولأن مدارها على الرواة وتوفر صفات القبول فيهم وعدمها.
الخلاصة أن هذه القصة أثارت أول بذور الرغبة والاندفاع عندي لدراسة هذا الموضوع وتعميم نفعه، وزادني عزماً وإقداماً طلب مجلة المنهل الكتابة في بعض البحوث المتعلقة بالأحاديث القدسية ومن ضمنها الموضوع الذي أنا بصدد البحث فيه فلم أتردد في اختياره مستعيناً بالله تعالى مع انشغالي بأعمال علمية أخرى ومعرفتي بأن دراسة هذا الموضوع بحاجة إلى وقت وجهد فَثَبّت العزيمة وبدأت في جمع المرام واقتناء المصادر المؤلفة في الموضوع حسب التيسر لأخذ العلم عن مناهجهم في جمع الأحاديث ومدى التزامهم بالأحاديث القدسية الصحيحة وبيان درجتها فتبين لي بعد إلقاء النظر وفحص هذه الكتب وأحاديثها ثغرة جديدة في هذا الموضوع وهي حاجة دراسة الأحاديث القدسية وكشف صحيحها من سقيمها حيث لم يتعرض مؤلفو الكتب السابقة الذكر في الموضوع ولم يلتزموا بذلك، فعلى سبيل المثال سأذكر في آخر البحث بعض المصادر المهمة وعدد أحاديثها وحصر ما صح من أحاديثها وما لم يصح وما هو مسكوت عنه مما توصلت إليه وهي بحاجة إلى دراسة أسانيدها بعد تخريجها من مظانها وإعطائها ما تستحق من الأحكام صحة وضعفا وقد بدأت والحمد لله بسدّ هذه الثغرة والعمل جار بفضل الله تعالى- في جمعها وإنجازها إتماما للفائدة، وها أنا أبدأ في المقصود وقبل أن أدخل في صميم الموضوع أريد أن أوضح للقارئ الكريم معنى الحديث القدسي لغة واصطلاحا وأهم الفروق بين الحديث القدسي والقرآن الكريم وبينه وبين الحديث النبوي الشريف.
فأقول وبالله التوفيق:
الحديث: لغة الجديد، ويجمع على أحاديث على خلاف القياس.
اصطلاحا: ما أضيف إلى النبي-صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة، هذا إذا أطلق، أما كلامنا فعَلى المقيد بالقدسي هنا، والقدس: بسكون الدال وضمها- لغة الطهر [1] والقدسي نسبة تكريمية إلى الذات القدسية وهو الله سبحانه وتعالى المسمى بالقدوس.
وقد يسمى بالحديث الإلهي أو الرباني نسبة إلى الإله المعبود أو إلى الرب تبارك وتعالى.
تعريفه بجزئيه: "الحديث القدسي اصطلاحا":
هو الحديث الذي يرويه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه تبارك وتعالى مسنداً ذلك إليه بقوله: قال الله تعالى أو يقول الله تعالى أو أوحى الله تعالى إليّ ونحوها من [2] الألفاظ وهذا التعريف هو الذي أراه صواباً.
فتبين من التعريف بأن الأحاديث القدسية هي من كلام الله تعالى والرسول صلى الله عليه وسلم ناقل لها فقط ولا داعي إلى القول بأن معناها من عند الله واللفظ من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإِطلاق وإن رجح عدد من العلماء المتأخرين وبعض المتقدمين من المتكلمين والأشاعرة هذا القول واستدلوا على ذلك ببعض الأدلة التي لا تقوم بها الحجة كما سأبين ذلك إن شاء الله تعالى.
ذكر أبو البقاء في كلياته [3] في الفرق بين القرآن والحديث القدسي:
"أن القرآن ما كان لفظه ومعناه من عند الله بوحي جلي وأما الحديث القدسي فهو ما كان لفظه من عند الرسول صلى الله عليه وسلم ومعناه من عند الله بالإِلهام أو بالمنام".
وبه قال الطيبي: وهذا نصه.. "القرآن هو اللفظ المنزل به جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم، والقدسي إخبار الله معناه بالإلهام أو بالمنام فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أمته بعبارة نفسه، وسائر الأحاديث لم يضفها إلى الله تعالى ولم يروه عنه تعالى"[4] .
وهذا مذهب الشريف الجرجاني علي بن محمد حيث قال:
"الحديث القدسي هو من حيث المعنى من عند الله تعالى ومن حيث اللفظ من رسول الله- صلى الله عليه وسلم فهو ما أخبر الله تعالى به نبيه بإلهام أو بالمنام فأخبر عليه السلام عن ذلك المعنى بعبارة نفسه فالقرآن مفضل عليه لأن لفظه منزل أيضاً"[5] .
وهذا ما قاله الشيخ محمد المدني [6] ونقل أيضاً عن ملا علي القارئ أنه قال: "الحديث القدسي ما يرويه صدر الرواة وبدر الثقات عليه أفضل الصلوات وأكمِل التحيات عن الله تبارك تارة بواسطة جبريل عليه السلام وتارة بالوحي والإلهام والمنام مفوضاً إليه التعبير بأي عبارة شاء من أنواع الكلام....".
وتمسك الدكتور محمد عبد الله دراز بقول من تقدم ذكرهم بأن الحديث القدسي منزل بمعناه حيث قال: "وهذا هو أظهر القولين عندنا، لأنه لو كان منزلا بلفظه لكان له من الحرمة والقدسية في نظر الشرع ما للنظم القرآني إذ لا وجه للتفرقة بين لفظين منزلين من عند الله
…
إلى أن قال: فالقول بإنزال لفظه قول بشيء لا داعي في النظر إليه ولا دليل في الشرع عليه اللهم إلاّ ما قد يلوح من إسناد الحديث القدسي إلى الله بصيغة يقول الله تبارك وتعالى كذا، لكن القرائن التي ذكرناها آنفا كافية في إفساح المجال لتأويله بأن المقصود نسبة مضمونه لا نسبة ألفاظه
…
" [7] .
ورجح هذا القول د/ محمد بن لطفي الصباغ فقال:"الحديث القدسي كلام الله تعالى بالمعنى أما اللفظ فللرسول صلى الله عليه وسلم هذا القول هو الذي نرجحه، وهناك قول آخر مرجوح في نظرنا يدعى أن الحديث القدسي كلام الله تعالى بلفظه ومعناه، لكان ينبغي أن يكون له من الحرمة والقدسية في نظر الشرع ما للقرآن إذ لا وجه للتفرقة بين لفظين منزلين من عند الله..". [8] .
وأخذ محقق كتاب الإتحافات السنية محمود أمن النواوي في مقدمته [9] على الكتاب المذكور بقول الدكتور محمد عبد الله دراز وادعى بأنه- أي دراز- أبطل القول بأن الحديث القدسي منزل على النبي- صلى الله عليه وسلم بأسلوب قوي- كما زعم- ثم نقل كلامه فيه وأتبعه بقوله "والتحقيق في نظرنا أن البرهان على كون الحديث القدسي موحى بمعناه دون لفظه أن له صفة الحديث النبوي دون فارق سوى النسبة إلى الله سبحانه للإيذان بأهمية الخبر
…
" انتهى.
فهذه خلاصة ما ذهب إليه أصحاب هذا الرأي وأهم حججهم في الحياد عن الحقيقة وتأويلها ولنا كرة في بيان الصواب ورد شبههم إن شاء الله تعالى.
والآن أذكر من ذهب إلى أن الحديث القدسي كلام الله تعالى فقط
مسلك السلف في الأحاديث القدسية
يجدر هنا أن أشير بأن المتقدمين وسلف هذه الأمة لم يكونوا يعرفون هذه التأويلات وما كان يخطر ببالهم فكانوا يجرون النصوص كما هي سواء كانت في صفة الكلام أوفي غيرها من الصفات وذلك لوضوح دلالتها ومعانيها، فلذا لم ينقل عنهم بخصوص القرآن الكريم ما جرى في القرن الثالث من بدعة خلق القرآن وإثارتها إلى حد تعذيب العلماء وقتلهم لمن لا يقول بذلك ولا يعتقده ووقف إمام أهل السنة أحمد بن محمد ابن حنبل بصمود أمام هذه المحنة والفتنة وثبت على الحق حتى أحيى الله تعالى به السنة.
وهكذا لم يرد عنهم بخصوص الأحاديث القدسية شيء من ذلك إنما نقلوا تلك الأحاديث ضمن كتبهم كما رواها النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه تبارك وتعالى وهي صريحة في ذلك وواضحة في عزوه صلى الله عليه وسلم تلك الأحاديث إلى ربه- عز وجل بقوله قال الله تعالى ويقول الله تعالى.
ومن هنا عنون البخاري في صحيحه بقوله باب ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وروايته عن ربه تعالى وذكر فيه ثلاثة أحاديث يرويها النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه، وكذا عنون في مواضع من كتاب التوحيد في إثبات كلام الرب وذكر فيها الأحاديث القدسية ومن ذلك عنوان [10] باب كلام الرب مع جبريل ونداء الله الملائكة وذكر فيه ثلاثة أحاديث قدسية، ومما يؤيد بأن رأي البخاري في الأحاديث القدسية هو أنها هي من كلام الله تعالى بلفظه ومعناه عنوان [11] : باب قول الله تعالى {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ الله} ثم ساق تحت العنوان المذكور في حدود عشرة من الأحاديث القدسية مما يشير بأنها من كلام الله تعالى.
وهو يستشهد لترجمة الباب بها وقد سبقني إلى هذا فضيلة الشيخ عبد الله غنيمان في شرحه لكتاب التوحيد من صحيح الإمام البخاري وكما أفادني شفهياً أيضاً بذلك حينما سألته.
وصنيع الكرماني كذلك يدل على أن الأحاديث القدسية كلام الله تعالى بلفظه ومعناه كما سيأتي بيانه منه عند بيان الفرق بينها وبين القرآن الكريم.
وكذا الشهاب بن حجر الهيثمي في شرح الأربعين النووية في شرح الحديث الرابع والعشرين المسلسل بالدمشقيين وهو حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه عن النبي- صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تعالى أنه قال:
"يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا......." - رواه مسلم-[12] .
حيث قال:
الأحاديث القدسية من كلامه تعالى فتضاف إليه وهو الأغلب ونسبتها إليه حينئذ نسبة إنشاء لأنه المتكلم بها أولا، وقد تضاف إلى النبي- صلى الله عليه وسلم لأنه المخبر بها عن الله تعالى بخلاف القرآن فإنه لا يضاف إلا إليه. فيقال: قال الله تعالى وفي القدسية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تعالى.
وقال فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان في مقدمة كتابه الضياء اللامع "الأحاديث القدسية هي الأحاديث التي يرويها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل لفظا ومعنى وهي قسم من السنة المطهرة لها ميزة نسبتها إلى الله عز وجل وأن الله جلّ وعلا تكلم بها وأوحاها إلى رسوله صلى الله عليه وسلم ليبلغها للناس أما بقية الأحاديث فلفظها من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم ومعناها من عند الله عز وجل لأن السنة كلها وحي
…
ولكن ما كان منها من الله لفظا ومعنى فهو الحديث القدسي، وما كان معناه من الله عز وجل دون لفظه فهو حديث نبوي غير قدسي، وقال أيضاً: في معرض الفرق بين الحديث القدسي وغير القدسي أن الحديث القدسي لفظه ومعناه من الله عز وجل يرويه عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بلفظه ومعناه والحديث غير القدسي معناه وحي من الله عز وجل ولفظه من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم وإن تخصيصها بهذا الوصف- أي القدسي- يضفي عليها ميزة خاصة من بين سائر الأحاديث، لأن الحديث القدسي هو ما يرويه النبي- صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل فيكون المتكلم به هو الله عز وجل والراوي له هو النبي- صلى الله عليه وسلم وكفاها بذلك شرفاً" [13] .
واختار هذا التعريف د/ محمد عجاج الخطيب أيضاً [14] .
فعلى هذا القول الذي يعتبر الأحاديث القدسية من كلام الله تعالى باللفظ والمعنى وهو الذي نرجحه ونراه صواباً- إن شاء الله تعالى- يرد بعض الشبهات وبسببها لجأ أصحاب القول الأول إلى التأويل وصرفها عن الحقيقة بدون أي مبرر وضرورة لذلك، وقد سبق فيما نقلت- عن بعضهم أنهم قالوا: "لو كان منزلا بلفظه لكان له من الحرمة
والقدسية في نظر الشرع ما للنظم القرآني إذ لا وجه للتفرقة بين لفظين منزلين من عند الله
…
" [15] .
فالجواب عن هذه الشبهة كالآتي:
أولا نقول بأن هناك فرقاً كبيراً بين اللفظين المنزلين فالقرآن كلام الله المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم المتعبد بتلاوته والمتحدي بأقصر سورة منه بخلاف الأحاديث القدسية حيث لم يقصد بها التحدي ولم يرد نص شرعي بتعبدها ولا بحرمتها مثل ما جاء في القرآن الكريم فلا يثبت لها شيء من ذلك لأنه لم يرد بخصوصها دليل بخلاف القرآن.
وهذا ما أقره أصحاب القول الأول عند تعريفهم لكلام الله "القرآن"حيث قالوا: بعد التعريف هذان القيدان: التعبد بالتلاوة والتحدي بالإتيان بسورة منه يخرج الأحاديث القدسية إذا اعتبرنا أنها منزلة بلفظها على النبي صلى الله عليه وسلم [16] .
وحقاً أنزل القرآن الكريم كمعجزة باقية حتى تقوم الساعة فهو معجز في أسلوبه وصناعته ونقرأ التحدي بالإتيان بمثله في آيات عديدة بل بسورة مثله قال تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ الله إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} (البقرة آية: 23، 24) .
فعجز البشرية أن يأتي بمثله وتعجز إلى الأبد وبذلك لزمتهم الحجة بخلاف الحديث القدسي فإنه لم يقصد منه ذلك.
فإليك أقوال بعض العلماء الذين يرون لفظ الحديث القدسي من الله تعالى والقرآن كذلك وبيان الفرق بينهما قال الكرماني شمس الدين محمد بن يوسف بن علي المتوفى 796 هـ في شرحه لصحيح البخاري في أول كتاب الصوم:
"القرآن لفظ معجز ومنزل بواسطة جبريل عليه السلام وهذا- أي القدسي- غير معجز وبدون الواسطة ومثله يسمى بالحديث القدسي والإلهي والرباني
…
إلى أن قال وقد يفرق بأن الحديث القدسي ما يتعلق بتنزيه ذاته وصفاته الجلالية والجمالية" [17] .
وذكر ابن حجر الهيثمي في شرح الأربعين النووية في شرح الحديث الرابع والعشرين [18] ما نصه فائدة يعم نفعها، ويعظم وقعها، في الفرق بين الوحي المتلو وهو القرآن والوحي المروي عنه صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل وهو ما ورد من الأحاديث الإِلهية وتسمى "القدسية"وهي أكثر من مائة حديث.
وقد جمعها بعضهم في جزء كبير وحديث أبي ذر هذا- الرابع والعشرين- من أجلها، ثم قال: اعلم أن الكلام المضاف إليه تعالى أقسام ثلاثة:
أولها: وهو أشرفها "القرآن" الكريم لتميزه عن البقية بإعجازه من أوجه كثيرة، وكونه معجزة باقية على ممر الدهر، محفوظة من التغيير والتبديل وبحرمة مسّه لمحدث وتلاوته لنحو الجنب، وروايته بالمعنى، وبتعينه في الصلاة وبتسميته قرآنا وبأن كل حرف منه بعشر حسنات، وبامتناع بيعه في رواية عند أحمد وكراهته عندنا وبتسمية الجملة منه آية وسورة، وغيره من بقية الكتب والأحاديث القدسية لا يثبت لها شيء من ذلك".
قلت: أما بالنسبة للأحاديث القدسية فبالاتفاق لا يثبت لها شيء من ذلك كما ذكر الهيثمي وأما بالنسبة لبقية الكتب السماوية فكذلك في بعض الأمور حيث حُرِّفت وغُّيرت ولم يُقصد بها التحدي والإعجاز حسب علمنا ولا التعبد بها في شريعتنا أما في شريعة من نزلت هذه الكتب عليهم قبل التبديل والتحريف فلا علم لنا بذلك حيث لم يرد نص عندنا يثبت ذلك أو ينفيه فلا نستطيع الجزم بعدم حرمة مسّها وعدم التعبد بتلاوتها عندهم كما لا نستطيع الجزم بإثبات العكس- والله تعالى أعلم.
ثم قال الهيثمي:
ثانيها: كتب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، قبل تغييرها وتبديلها.
ثالثها: بقية الأحاديث القدسية وهي ما نقل إلينا آحادا عنه صلى الله عليه وسلم مع إسناده لها عن ربه فهي من كلامه تعالى
…
".
فتبين لنا أن الأحاديث القدسية من كلام الله تعالى وليس للنبي صلى الله عليه وسلم إلا نقلها وروايتها بدليل إضافته هذه الأحاديث إلى الله تعالى فهي تسمى قدسية أو إلهية أو ربانية، فلو كان لفظها من عنده صلى الله عليه وسلم لما كان لها فضل اختصاص بالإضافة إليه تعالى دون سائر أحاديثه صلى الله عليه وسلم ويؤكد ذلك اشتمال هذه الأحاديث على ضمائر المتكلم في كثير منها الخاصة به تعالى أو الإضافة إليه تعالى مثل حديث أبي ذر المذكور وحديث يقول الله تعالى:"أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا دعاني"[19] وحديث "قال الله المتحابون في جلالي لهم منابر من نور"[20] وحديث "الحمى ناري أسلطها على عبدي المؤمن
…
" [21] ونحوها كثير.
ولجأ أصحاب القول الأول إلى تأويل ما ذكرنا بقولهم "إذا كان لفظ الحديث القدسي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف نؤول قوله صلى الله عليه وسلم يقول الله تبارك وتعالى:
فقالوا: "إن المقصود نسبة مضمون الحديث لا نسبة ألفاظه وهذا التعبير كثير الاستعمال في اللغة العربية قديمها وحديثها، ثم مثلوا لذلك بأمثلة ومن أهمها قالوا قد ورد هذا الاستعمال في القرآن حيث حكى الله تبارك وتعالى عن نوح وموسى عليهما السلام وفرعون عليه اللعنة وغيرهم مضمون كلامهم بألفاظ غير ألفاظهم وبأسلوب غير أسلوبهم ونسب ذلك إليهم
…
" [22] .
فأقول في رد هذا التأويل بأن ما ذكرتم مقبول لو ثبت فهم هذا المراد من أحد من سلف هذه الأمة من الأئمة المشهورين في الحديث وغيره ولكنه لم يثبت عنهم إلا سوق مثل هذه الأحاديث القدسية وغيرها من أحاديث الصفات وإجرائها كما وردت.
وثانيا ما هي الحاجة التي تدعو إلى هذا التأويل، بخلاف ما مثلوا به من القصص والأحكام التي أنزلها الله تعالى في القرآن الكريم بلسان عربي مبين من قصص الأمم السابقة وأنبيائهم- التي هي نزلت بلغتهم ودارت بينهم- حيث علمنا علم اليقين بأن الله تعالى نقلها لنا بكلامه ولفظه لأن لغتهم غير لغتنا والحاجة قائمة في ضرورة فهمنا هذه القصص، بخلاف الأحاديث القدسية فإن أصلها باللغة العربية وليس هناك ما يجعلنا أن نلجأ إلى هذا التأويل ولا دليل من الشرع على هذا.
توضيح: ونعني من قولنا المذكور بأن الأحاديث القدسية من كلام الله تعالى هذا عند تلقي الرسول- صلى الله عليه وسلم هذه الأحاديث ورِوايته لها عن ربه تعالى وقبل تصرف الرواة في نقلها بالمعنى أو نقل بعضها حيث إن كثيراً من العلماء الذين يجيزون رواية الأحاديث النبوية بالمعنى للعالم البصير بمدلولات الألفاظ ومفاهيمها أجازوا أيضا رواية الأحاديث القدسية بالمعنى بالشروط التي شرطوها في رواية الحديث النبوي بالمعنى وإن لم أقف على هذا التصريح فيما بحثت من السلف بالتخصيص أعني على جواز رواية الأحاديث القدسية بالمعنى وإنما قاسوها على الأحاديث النبوية بصفة كونها أحاديث، ولأجل ذلك ما نستطيع الجزم في حديث ما من الأحاديث القدسية بأن لفظه ومعناه من كلامه تعالى جزمنا بآية أو بسورة بأنها من كلام الله تعالى وذلك لعدم جواز رواية القرآن بالمعنى بالاتفاق ولكونه متواترا.
ومن هنا نجد في الأحاديث القدسية بعض الاختلاف في ألفاظها زيادة ونقصانا في الرواية الواحدة لعله من هذا القبيل- والله أعلم-.
فنذكر نماذج من ذلك على سبيل المثال:
ففي صحيح البخاري [23] عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله عز وجل: "من أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا ذرة أو ليخلقوا حبة أو شعيرة"، وعنده في رواية أخرى بتقديم "فليخلقوا حبة" وبدون قوله "أو شعيرة" وجاء عند مسلم [24] بزيادة "خلقا" بعد قوله:"يخلق" وكذا عنده "فليخلقوا ذرة، أو ليخلقوا شعيرة" بدل حبة.
وأيضاً في صحيح البخاري [25] عن أنس رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله تعالى قال: "إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر، عوضته منهما الجنة" وأخرجه الترمذي [26] أيضاً من حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ: إن الله يقول: "إذا أخذت كريمتي عبدي في الدنيا لم يكن له جزاء عندي إلا الجنة".
وكذا رواه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا قال: يقول الله عز وجل: "من أذهبت حبيبتيه وصبر واحتسب، لم أرض له ثوابا إلا الجنة"[27] .
ومن ذلك حديث ابن عباس رضي الله عنهما عند البخاري [28] عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه- عز وجل قال:
"إن الله كتب الحسنات والسيئات، ثم بين ذلك فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإن هو هم بها فعملها، كتبها الله له عنده عشر حسنات، إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، ومن هم بسيئة فلم يعملها، كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإن هو هم بها فعملها، كتبها الله سيئة واحدة".
وكذا رواه عن أبي هريرة مرفوعا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلفظ قال: يقول الله: "إذا أراد عبدي أن يعمل سيئة فلا تكتبوها عليه حتى يعملها فإذا عملها فاكتبوها بمثلها، وإن تركها من أجلي فاكتبوها له حسنة، وإذا أراد عبدي أن يعمل حسنة فلم يعملها فاكتبوها له حسنة فإن عملها فاكتبوها له بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف"[29]، فنلاحظ بين الروايتين الفرق والتقديم والتأخير وجاء عند مسلم [30] بلفظ قال الله عز وجل:"إذا هم عبدي بحسنة ولم يعملها، كتبتها له حسنة، فإن عملها كتبتها له عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف، وإذا هم بسيئة ولم يعملها لم أكتبها عليه، فإن عملها كتبتها سيئة واحدة"، وفي رواية أخرى عنده "إذا تحدث عبدي بأن يعمل حسنة فأنا أكتبها له حسنة ما لم يعمل، فإذا عملها فأنا أكتبها له بعشر أمثالها" فذكر الحديث مع اختلاف في اللفظ.
وهكذا ترى الاختلاف في الحديث الواحد وذلك في نظري لعله نتيجة لجواز رواية الحديث القدسي بالمعنى وتصرف الرواة في نقلها والله أعلم.
وكذلك يحصل في الأحاديث النبوية مثل هذا الاختلاف ولكننا لا نقول في جميع ما يُضيفه إليه أصحابه أن الألفاظ منهم والمعنى من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا في أحاديث معينة صرّح العلماء بأنها رواية بالمعنى فكذلك لا نقول في جميع ما يُضيفه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الله تعالى- بأن اللفظ منه صلى الله عليه وسلم والمعنى من عند الله تعالى، نعم يمكن أن يصدق في بعض الأحاديث القدسية التي رويت بالمعنى وتبين لنا ذلك أو في الأحاديث التي فيها قرائن تدل على أن اللفظ من الرسول والمضمون من الله تعالى ولا سيما فيما لم يصرح بقال الله أو يقول الله مثل حديث:"فرض الله الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين"، حيث جاء في رواية أخرى هكذا "فرض الله الصلاة حين فرضها ركعتين ثم أتمها في الحضر"[31] .
ومثل "فأوحى الله إليه أن قد أذن الله لكن في الخروج لحاجتكن"[32] .
أو حديث: "من أتى حائضاً في فرجها أو امرأة في دبرها أو كاهناً فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم"[33]، وحديث عائشة عنه صلى الله عليه وسلم:"وأوحى إلي أنكم تفتنون في قبوركم"[34] وغيرها من الأحاديث التي صرح النبي صلى الله عليه وسلم بإضافة الحكم إلى الله تعالى مثل قوله صلى الله عليه وسلم أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم: "أن يأخذ العفو من أخلاق الناس"[35] .
وأمرنا الله تعالى بوفاء النذر ونهانا أن نصوم يوم النحر [36] .
وحديث "أمره ربه عز وجل أن يبشرها ببيت في الجنة من قصب""يعني خديجة رضي الله عنها"[37] .
وما ورد عن أحاديث اللعن: لعن الله اليهود
…
ولعن الله الواشمات
…
ولعن الله من غير منار الأرض [38] وغيرها من الأحاديث التي عدها بعض العلماء من الأحاديث القدسية، فهذه الأحاديث ليست من الأحاديث القدسية حسب التعريف وإن عدها بعضهم منها لإضافة الرسول صلى الله عليه وسلم الحكم أو الأمر إلى الله تعالى ولا شك أن الحكم المضاف الصريح إلى الله تعالى أوكد من حيث الوقع في القلوب من الأحاديث التي لم يُضِفها إليه تعالى وإلا فالجميع من الله وكلها وحي بلا شك سواء أضافها إلى الله تعالى أو لم يُضِفها لما جاء في النص القرآني بأنه {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى} (النجم آية 3- 4) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه
…
" [39] فكل الأحاديث النبوية بمقتضى الأدلة السابقة الذكر لا تخرج من دائرة الوحي [40]- مع اختلاف أساليب الوحي بينهما كما سيأتي بيانه إن شاء الله إلا أنه خص بعض الأحاديث بمزيد من العناية والتأكيد فصرح فيها بإضافة الحكم أو الأمر إلى الله تعالى صريحا أو صرح صلى الله عليه وسلم بأنه أوحي إليه كما تقدم ضرب بعض الأمثلة. "يجدر هنا توضيح معنى الوحي وأقسامه".
بيان أقسام الوحي:
والوحي: لغة: بمعنى الإيحاء ومعناه: الإعلام بالشيء على وجه الخفاء والسرعة [41] وشرعا: هو إعلام الله لأنبيائه ما يريد إبلاغه إليهم من الشرائع والأخبار وبطريق خفي بحيث يحصل عندهم علم ضروري قطعي بأن ذلك من عند الله تعالى جل شأنه [42] .
وينقسم إلى قسمين:
- الوحي المتلو والوحي غير المتلو ويسميه بعضهم بالوحي المروي:
فالوحي المتلو: القرآن الكريم، والمروي- أو غير المتلو- الأحاديث القدسية والنبوية لما سبق أنه {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} إلا أن الوحي المتلو يختلف عن غير المتلو في كيفية الوحي وأسلوبه، وقد ذكر ابن القيم [43] لمراتب الوحي وطرقه أقساما سبعة، نسردها كالتالي:
- وهي: إحداها الرؤيا الصادقة وكانت مبدأ وَحيه صلى الله عليه وسلم وكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح.
"قلت: وقد عنون إمام المحدثين أبو عبد الله البخاري في أول باب من كتابه الجامع الصحيح بقوله باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكر تحت الباب حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح
…
".
الثانية: ما كان يلقيه الملك في روعه وقلبه من غير أن يراه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب لا يحملنكم استبطاء الرزق على أن تطلبوه بمعصية الله، فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته"[44] .
الثالثة: أنه صلى الله عليه وسلم كان يتمثل له الملك رجلاً، فيخاطبه حتى يعي عنه ما يقول له، وفي هذه المرتبة كان يراه الصحابة أحياناً [45] .
الرابعة: أنه كان يأتيه في مثل صلصلة الجرس، وكان أشده عليه فيتلبس به الملك حتى إن جبينه ليتفصد عرقاً في اليوم الشديد البرد [46] وحتى إن راحلته لتبرك به إلى الأرض إذا كان راكبها [47] .
ولقد جاءه الوحي مرة كذلك وفخذه على فخذ زيد بن ثابت فثقلت عليه حتى كادت ترضها [48] .
الخامسة: أنه يرى الملك في صورته التي خلق عليها، فيوحي إليه ما شاء الله أن يوحيه وهذا وقع له مرتين كما ذكر الله ذلك في سورة النجم (آية 7، 13)[49] .
السادسة: ما أوحاه الله وهو فوق السماوات ليلة المعراج في فرض الصلوات وغيرها.
السابعة: كلام الله له منه إليه بلا واسطة ملك كما كلم الله موسى بن عمران عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام وهذه المرتبة هي ثابتة لموسى قطعا بنص القرآن وثبوتها لنبينا صلى الله عليه وسلم في حديث المعراج انتهى.
"الفرق بين الوحي المتلو وغير المتلو":
وبعد هذا التعريف بالوحي أوضح بأن الوحي المتلو- وهو القرآن الكريم- لا يكون إلا بواسطة الروح الأمين جبريل عليه السلام وذلك لما ورد في قوله تعالى: {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ الله..} (البقرة: 97) .
وقوله: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ} (الشعراء: 193) وقوله: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقّ} (النحل: 102) وغيرها من الأدلة.
بخلاف الوحي المروي أو غير المتلو فإنه لا يختص بنوع من المراتب المذكورة ولا يشترط أن يكون بواسطة جبريل عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام وقد يكون بالإلهام أو بالمنام أو الإِلقاء في الروع ونحوها مما تقدم ذكره.
وقد سبق بيان بعض الفروق في كلام ابن حجر الهيثمي وألخصها فيما يلي بأرقام محددة:
1-
القرآن معجز من أوجه كثيرة.
2-
وهو معجزة باقية على ممر الدهور.
3-
محفوظة من التغيير والتبديل.
4-
يحرم مسه للمحدث وتلاوته لنحو الجنب.
5-
حرمة روايته بالمعنى.
6-
وتعينه في الصلاة.
7-
بتسميته قرآناً.
8-
وامتناع بيعه في رواية عند أحمد وكراهته عندنا.
9-
وبتسمية الجملة منه آية وسورة.
10-
وبأن كل حرف منه عشر حسنات- أي بتلاوته- ونضيف بعض الفروق الأخرى على كلام الهيتمي وهي:
11-
أن القرآن بوحي جلي بواسطة جبريل كما سبق بيانه بخلاف القدسي.
12-
أن القرآن مقسم على سور وأجزاء وأحزاب، وآيات بخلاف الحديث القدسي.
13-
"وهذا ذكره بعض العلماء" أن جاحد القرآن يكفر- لثبوته بالتواتر- بخلاف جاحد الحديث القدسي- لاحتماله التأويل بتطرق الخطأ إليه أو لخلاف في بعض رواته أو لتصرف بعض الرواة فيه ونحو ذلك، يعني لوجود هذه الاحتمالات إذا جحدها متأولا فلا يكفر، أما إذا جحدها مع ثبوتها ومن غير وجود الاحتمالات المذكورة فيكفركما لو أنكر حديثا نبويا بعد ثبوته وصحته.
14-
ويتعلق هذا الفرق بطريقة النقل حيث إن القرآن الكريم نقل إلينا بالتواتر بجميع ألفاظه وكلماته وحتى أسلوبه وصناعته بخلاف الأحاديث القدسية فإنها نقلت إلينا كما نقلت الأحاديث النبوية عن طريق الآحاد فيندرج تحتها ما يندرج تحتها وينطبق عليها ما ينطبق على الأحاديث النبوية وتجدها متفاوتة في الدرجات تفاوت الرواة الذين ينقلونها من حيث مراتب الجرح والتعديل ولذلك تجد في الأحاديث القدسية: المتواتر، والصحيح، والحسن والضعيف والواهي والموضوع وما ليس له أصل كما سأبين نماذج من كل ذلك إن شاء الله تعالى بعد بيان الفرق بين الحديث القدسي والحديث النبوي فإليك بيان الفرق بينهما:
1-
علمنا أن الحديث القدسي من قول الله تعالى وكلامه- على الراجح- والحديث النبوي من كلامه صلى الله عليه وسلم كما تقدم حيث لم يضفه إلى الله تعالى وكلاهما وحي.
2-
أن الحديث القدسي يُسنِده ويضيفه إلى الرب تبارك وتعالى صريحا بخلاف الحديث النبوي فإنه لا يضيفه إليه وإن كانا كلاهما وحي كما تقدم.
3-
نلاحظ الفرق بينهما من حيث المضمون والمحتوى والأسلوب أيضاً فإن الأحاديث القدسية موضوعاتها ومحتواها محدودة وتركز على جوانب معينة فنجدها أنها تركز على فضل التوحيد وإصلاح العقيدة والحث على الإخلاص وتحذر من الشرك وسؤ عاقبته، والكبر والظلم والرياء وغيرها من الرذائل وترغب عباده الرجوع إليه بالتوبة والاستغفار والإنابة إليه وعدم القنوط من رحمته.
4-
وتبين فضائل الأعمال من صوم وصلاة وجهاد وغيرها من الأعمال الصالحة.
5-
وترغب بأداء الفرائض والتقرب إليه بالنوافل وقراءة القرآن وفضلها.
6-
تحث على الذكر ومجالسة الصالحين والآثار الطيبة من ذلك على النفوس.
7-
تحض على حسن التعامل وفضل إنظار المعسر والتجاوز عنه والود والتراحم بين المسلمين والقيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونحوها.
8-
فهي ترغب العبد المؤمن فيما أعده الله تعالى لعباده الصالحين مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وتوجهه بإحسان الظن بربه تبارك وتعالى، وبأن يحب لقاءه ويستعد لذلك وليوم الحساب.
9-
تبين فضل الله تعالى وكرمه وجوده في جزاء الأعمال ومضاعفة الأجر ولا سيما لأمة محمد صلى الله عليه وسلم.
10-
وتبين عظم جزاء الصبر على المصيبة وتبشره بالجنة وأنها كفارة لعبده المؤمن سواء كان حمى أو طاعون أو أي مرض آخر.
11-
كما تبين قصص بعض الأنبياء مع أممهم التي تحصل بينهم يوم القيامة وصفات المؤمنين وصفة الجنة وأهلها وأحوال الكفرة ومآلهم السيئ وغير ذلك وتتلخص كل ذلك في توثيق المؤمن صلته بالله تعالى وأداء ما لعباده من الحق عليه.
فتلاحظ مما ذكرنا بأن الأحاديث القدسية لا تتضمن تفاصيل الأحكام وأصولها ولا المعاملات وتفاصيلها ولا الجنايات وحدودها ولا التاريخ والسير وتفاصيلهما وغير ذلك مما تناولته الأحاديث النبوية على صاحبها الصلاة والسلام من التفصيل.
وإليك نماذج من الأحاديث القدسية المتفاوتة الدرجات كما وعدنا:
1-
ومما عد في الأحاديث القدسية حديث المعراج وحديث الشفاعة وحديث نزول القرآن على سبعة أحرف وغيرها من الأحاديث المتواترة [50]
2-
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم يرويه عن ربكم قال "لكل عمل كفارة، والصوم لي وأنا أجزي به، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك" متفق عليه [51] .
3-
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله عز وجل ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة، فيقول: يا رب أنى لي هذا؟ فيقول: باستغفار ولدك لك"، رواه أحمد بإسناد حسن [52] .
4-
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه عاد مريضاً ومعه أبو هريرة من وعك كان به فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أبشر إن الله عز وجل يقول: ناري- أي الحمى- أسلطها على عبدي المؤمن في الدنيا لتكون حظه من النار في الآخرة" رواه الترمذي وأحمد واللفظ له وابن ماجه [53] حسن كسابقه.
"نماذج من الأحاديث القدسية الضعيفة المتفاوتة الدرجات"
1-
قال الله تعالى: "يا ابن آدم ما ذكرتني شكرتني وما نسيتني كفرتني" في إسناده من له مناكير، رواه ابن شاهين في الترغيب في الذكر والخطيب والديلمي وابن عساكر عن أبي هريرة [54] .
2-
قال لي جبريل عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام قال الله عز وجل: "يا محمد من آمن بي ولم يؤمن بالقدر خيره وشره فليلتمس ربا غيري" رواه الشيرازي في الألقاب عن علي رضي الله عنه موضوع [55] .
3-
عن شداد بن أوس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله عز وجل: "وعزتي وجلالي لا أجمع لعبدي أمنين ولا خوفين، إن هو أمنني في الدنيا أخفته يوم أجمع فيه عبادي، وإن هو خافني في الدنيا أمنته يوم أجمع فيه عبادي"[56] موضوع.
4-
ونمثل بمثال آخر من الأحاديث القدسية مما لا أصل له أصلا أي لم يوقف له على إسناد "ما وسعني سمائي ولا أرضي بل وسعني قلب عبدي المؤمن"[57] .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "هذا مذكور في الإسرائيليات، وليس له إسناد معروف عن النبي صلى الله عليه وسلم".
وقال الحافظ العراقي: "ولم أر له أصلا"[58] .
وكذا مثله حديث "كنت كنزا لا أعرف، فأحببت أن أعرف فخلقت خلقا فعرفتهم بي، فبي عرفوني"[59] .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ليس هذا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ولا يعرف له إسناد صحيح ولا ضعيف". قلت: معنى كلامه أنه لم يوقف له على إسناد حتى يعرف به صحته أو ضعفه.
بعد عرض نماذج من الأحاديث القدسية المتفاوتة الدرجات أحب أن أشير إلى كمية الأحاديث القدسية فأقول وبالله التوفيق:
"كمية الأحاديث القدسية":
إن تحديد كمية الأحاديث القدسية مبنية على التعريف الذي تقدم ذكره وهو ما يُضيفه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الله تعالى وُيسندُه إليه تبارك وتعالى بصيغة: "عن رسول الله فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى أو عن الله تعالى فيما رواه عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم".
فلو اقتصرنا عِلى هاتين الصيغتين في الأحاديث القدسية لكان عددها أقل بكثير مما ذكرها العلماء وعلى هذا يحمل كلام ابن حجر الهيثمي [60] حيث قال:
"إن مجموع الأحاديث القدسية المروية يتجاوز المائة كما أن بعضهم جمعها في جزء كبير"وكذا ما ذكره ابن علاني من أن الأحاديث القدسية أكثر من مائة حديث جمعها بعضهم في مجلد [61] ولكن صَنيع المؤلفين في الأحاديث القدسية وإيرادهم لها عكس ذلك فمنهجهم واضح وبين في عدم التقيد بالتعريف المذكور وصيغها المعروفة بل أدخلوا في مؤلفاتهم الأحاديث النبوية التي ذكر ضمنها جملة من كلام الله تعالى مثل حديث الإسراء والمعراج والشفاعة وحديث إخراج الموحدين من النار ونذكر لفظه لاتضاح المثال:
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يُدخِل الله أهل الجنة الجنة، وُيدخل من يشاء برحمته، وُيدخِل أهلَ النار ثم يقول: انظروا من وجدتم في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان فأخرجوه، فيخرجون منها حمما قد امتحشوا فيبقون في نهر الحياة فينبتون فيه كما تنبت الحية إلى جانب السيل، ألم تروها كيف تخرج صفراء ملتوية" رواه مسلم [62] . في صحيحه "1/172".
فاعتبروا هذا الحديث- وأمثاله كثير جداً-، من الأحاديث القدسية لأنه ذكر فيه ثم يقول- أي الله تعالى-: "انظروا من وجدتم في قلبه
…
الخ" فمن ثَم عدوه في الأحاديث القدسية ويغلب مثل هذا النوع على غيره من الصِيغ المصرحة فعلى سبيل المثال لو أخذنا أكبر المؤلفات في الأحاديث القدسية حجماً باعتبار الكم وهو كتاب الاتحافات السنية في الأحاديث القدسية لمحمد المدني حيث رتب كتابه على ثلاثة أبواب:
الباب الأول: فيما صدر بلفظ قال.
الباب الثاني: فيما صدر بلفظ يقول.
الباب الثالث: فيما لم يصدر بهما بل يذكر أثناء الحديث كلام الله تعالى ممزوجا بالحديث [63]- لرأينا بأن عدد أحاديث الباب الأول، والثاني أقل بكثير من الأحاديث المذكورة في الباب الثالث حيث إن عدد الأحاديث المذكورة في البابين الأولين "259"حديثا من مجموع "863"حديث والبقية من الباب الثالث، مع العلم بأن الأحاديث المذكورة في البابين الأولين ليست منحصرة بالرواية الصريحة بصِيغ الأحاديث القدسية الخاصة بها فعلى سبيل المثال ذكر في الباب [64] الأول أحاديث "رقم 142 -159"وهي مبدوءة بـ قال موسى، وقال داود، قال إبليس، قالت الملائكة، قالت الجنة، قالت بنو إسرائيل، وفي الباب الثاني ذكر:"يقول العبد يوم القيامة..، يقول البلاء كل يوم.."[65] ، وأمثالها فهي لا تدخل في الأحاديث القدسية حسب صيغها المختصة وتدخل فيها باعتبار وجود ذكر كلام الله تعالى وقوله في الحديث فمن هنا عدًّها العلماء الذين ألفوا في هذا الموضوع في الأحاديث القدسية ووصلها محمد المدني إلى العدد المذكور مع وجود التكرار باعتبار المتون في كثير منها ولكن بغض النظر عن التكرار فلا شك أن كتابه استوعب الأحاديث القدسية إلى حد كبير جداً فاق جميع من ألف في ذلك مع وجود ثغرة بيان درجة الأحاديث عنده وعند غيره، فها أنا أعرض الكتب المؤلفة في الأحاديث القدسية وأبين مدى الاهتمام بالجانب النقدي للأحاديث القدسية عندهم.
الكتب المؤلفة في الأحاديث القدسية التي وقفت عليها ومقدار اهتمام مؤلفيها أو محققيها بالجانب النقدي للأحاديث:
قبل أن أدخل في دراسة الكتب المؤلفة في الموضوع أريد أن أوضح بأن الأحاديث القدسية لم تنل من الاهتمام ما ناله القرآن الكريم حيث إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان اتخذ لكتابة القرآن كتبة يكتبونه، بجانب حفظهم القرآن في الصدور وحرصهم في ذلك ولذلك أجمعِت الأمة الإسلامية قاطبة على أن القرآن نقل إلينا بالتواتر وكان محفوظا في صدور الآلاف جيلاً بعد جيل.
أما الأحاديث القدسية فشأنها في النقل إلينا شأن الأحاديث النبوية وتدوينها مرتبط بتدوينها وعاملها المحدثون معاملة الأحاديث النبوية ولم أقف فيما بحثت عند المتقدمين إفرادها بالتصنيف زمن التدوين بل أدمجوها في الأحاديث النبوية فمظانها ومصادرها هي مظان كتب السنة النبوية ومصادرها ووسائل نقلها هي الوسائل نفسها، فلو استعرضنا الكتب المدونة في السنة من الصحف والمصنفات والمسانيد والصحاح والسنن لنجد فيها الأحاديث القدسية منثورة في ثناياها مع فارق الكم من كتاب لآخر، فعلى سبيل المثال نجد في صحيفة همام بن منبه عن أبي هريرة رضي الله عنه التي دونت في حياة أبي هريرة الأرقام التالية من الأحاديث "14، 17، 31، 40، 41، 54، 66، 81، 107، 118"[66] ، وقس على هذا غيره من المصادر وسأذكر بعد قليل عدد الأحاديث القدسية في الموطأ والكتب الستة إن شاء الله تعالى.
فالغرض من ذلك بيان بأن الأحاديث القدسية لم تأخذ صفة الاستقلال في مرحلة تدوين السنة وتصنيفها فكانت تحتل المكانة التي تحتلها الأحاديث النبوية وتخضع للقواعد النقدية التي تخضع لها.
"بدء التأليف في الأحاديث القدسية استقلالا":
أخذ العلماء بعد تقدم علم الحديث وتصنيفه في القرون المتأخرة يهتمون بإفراد الأحاديث القدسية في مؤلفات مستقلة مستخرجة تلك الأحاديث من كتب السنة النبوية. فأذكر هنا كل ما وقفت عليه سواء أكان مطبوعاً أو مخطوطاً وموجوداً أو مفقوداً ثم أعود إلى الكتب المطبوعة للكلام عليها.
1-
فأول من وقفت عليه ممن اعتنى في موضوع الأحاديث القدسية، وخصها بالتأليف مستقلا هو المحدث زاهر بن طاهر بن محمد النيسابوري المتوفى "533 هـ"يعني في نهاية القرن الخامس وبداية القرن السادس ويمكن أن نعتبر هذه الفترة أول زمن لبدء التأليف وجمع الأحاديث القدسية في مؤلفات مستقلة حسب علمي.
وذكر الحافظ ابن كثير في الفصول [67] اختصار سيرة الرسول فقال:
"وقد أفرد العلماء في هذا الفصل مصنفات في ذكر الأحاديث الإلهية، فجمع زاهر ابن [68] طاهر في ذلك مصنفاً".
2-
وجمع الحافظ أبو الحسن علي بن المفضل اللخمي المقدسي [69] المتوفى سنة "611 هـ"أربعين حديثاً إلهية باسم "الأربعين الإلهية"[70] .
3-
ألف الصوفي الكبير المشهور محي الدين محمد بن علي بن محمد بن عربي الطائي الأندلسي المتوفى "638 هـ" صاحب الشطحات والكفريات والقائل بوحدة الوجود [71] كتابا سماه "مشكاة الأنوار في ما روى عن الله سبحانه وتعالى من الأخبار"[72] ضمنه الأحاديث القدسية المروية عن الله تعالى بأسانيده فجاءت مائة حديث وحديثاً واحداً إلهية [73] .
4-
وممن أفرد الأحاديث القدسية في مصنف خاص ضياء الدين أبو عبد الله محمد ابن عبد الواحد المقدسي المعروف بضياء الدين المقدسي المتوفى في سنة "643 هـ"[74] .
5-
وممن ألف في ذلك محي الدين أبو بكر يحي بن شرف النووي المتوفى سنة "676 هـ"وسماه "الأحاديث القدسية"[75] وسيأتي الكلام عليه بالتفصيل.
6-
وأبو القاسم علي بن بلبان المتوفى سنة "739 هـ"حيث ألف كتابه "المقاصد السنية في الأحاديث الإلهية"[76] وسيأتي الكلام عليه.
7-
وعبد الرحمن بن الديبع الشيباني المتوفى "944 هـ"حيث ألف كتاباً باسم "الأحاديث القدسية"وجمع فيه ثمانين حديثاً قدسياً [77] وسيأتي الكلام عليه.
8-
والمحدث علي بن سلطان المشهور بملا علي القارئ الهروي المتوفى سنة "1014 هـ"جمع رسالة حوت في طيها أربعين حديثاً قدسياً [78] ولم يتيسر لي الوقوف عليه.
9-
وصنف عبد الرؤوف بن علي بن زين العابدين الحدادي المناوي المتوفى سنة "1035 هـ"كتابا سماه "الاتحافات السنية في الأحاديث القدسية"وسيأتي الكلام عليه [79] .
10-
الأحاديث القدسية لعبد الغني بن إسماعيل بن عبد الغني النابلسي "ت1143 هـ"[80] .
11-
الاتحافات السنية في الأحاديث القدسية جمع وتأليف محمد بن محمود بن صالح الطربزوني الحنفي المتوفى سنة "1200 هـ"وسيأتي الكلام عليه [81] .
12-
أحاديث قدسية تتضمن ثلاثين موعظة لمؤلف مجهول [82] .
13-
الأحاديث المائة المشتملة على مائة نسبة إلى الصانع تخريج محمد بن طولون الصالحي الحنفي المتوفى سنة "953 هـ"[83] .
14-
"الأحاديث القدسية" جمع مصطفى العتباوي المتوفى سنة "1221 هـ"[84] .
15-
"الأحاديث القدسية" المستخرجة من الموطأ والكتب الستة: الصحيحين والسنن الأربعة، إخراج لجنة من العلماء بتوجيه المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بالقاهرة وقد جمعت فيه أربعِمائة حديث [85] وسيأتي الكلام عليه.
16-
أخيراً نشر كتاب باسم "الصحيحِ المسند من الأحاديث القدسية"تأليف مصطفى بن العدوي جمع فيه خمسة وثمانين حديثا ومائة حديث [86] وسيأتي الكلام عليه.
17-
وذكر ابن علاني في الفتوحات الربانية على الأذكار النووية [87] : أن الحافظ العلائي جمع أربعين حديثاً قدسياً- خرجها ثم ذكر مخرجيها من الأئمة المشهورين [88] .
18-
"الضياء اللامع من الأحاديث القدسية الجوامع"تأليف فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان جمع فيه المؤلف خمسة عشر حديثاً قدسياً صحيحاً مع شرحها وأكثرها من الصحيحين أو أحدهما سوى ثلاثة أحاديث واحد منها من سنن الترمذي وقال: صحيح، وحديثين من صحيح ابن حيان ومستدرك الحاكم وصححهما ووافقه الذهبي [89] .
هذه معظم المصادر المؤلفة في الأحاديث القدسية التي توصلت إليها.
تنبيه:
أريد أن أنبه هنا بمناسبة ذكر الكتب المختصة بالأحاديث القدسية إلى بعض الأمور التي قرأتها في مقال الأستاذ عبد الهادي بو طالب الذي نشر في مجلة المنهل [90] عن شهر ربيع الآخر وجمادى الأولى حيث جاء فيه "بما أن الأحاديث القدسية رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد عاملها المحدثون معاملة الحديث من حيث التحقيق في الإسناد وجمع الروايات وتدوين الأحاديث، ولهذا كانت ضمن الكتب، ثم أخذ المحدثون بعد تقدم علم الحديث يخصونها بكتب خاصة بها من أشهرها:
"جمع الجوامع"- "الجامع الكبير والجامع الصغير"- للسيوطي المتوفى "911هـ"
…
"والأحاديث القدسية"مصطفى عاشور
…
و"التعريفات للجرجاني"، "والفتح المبين لابن حجر الهيتمي".
هذا ما جاء في مقال الأستاذ عبد الهادي، فأحببت أن أنبه على الآتي:
أولاً: معلوم لدى الأوساط العلمية بأن كتاب "جمع الجوامع"- "الجامع الكبير والجامع الصغير"- ليسا من الكتب المختصة بالأحاديث القدسية بل شأنها شأن غيرها من كتب السنة فيهما الأحاديث النبوية والقدسية وبدون أسانيد.
ثانياً: كتاب "الأحاديث القدسية"ليس لمصطفى عاشور إنما الكتاب للإمام النووي المتوفى "676 هـ" وحققه وعلق عليه مصطفى عاشور كما تقدم.
ثالثاً: كتاب "التعريفات" للجرجاني كذلك ليس من الكتب الخاصة بالأحاديث القدسية ولا الأحاديث النبوية، بل هو كتاب لتعريف الاصطلاحات العامة كما هو واضح من العنوان والمحتوى.
رابعاً: كتاب "الفتح المبين" لابن حجر الهيثمي ليس من الكتب الخاصة بالأحاديث القدسية بل هو شرح لكتاب الأربعين النووية كما هو معلوم لدى طلاب العلم.
هذا ما أحببت تنبيهه هنا فما أدري أهكذا جاء في مقال الأستاذ أو حصل تصرف من المجلة والله أعلم.
بعد هذا العرض عن أدوار تدوين الأحاديث القدسية ضمناً واستقلالاً أعود إلى دراسة تفصيلية لأهم هذه الكتب وحجم رواياتها في الجانب النقدي من حيث مقاييس الجرح والتعديل.
لا شك كما ذكرت سابقاً- بأن الكتب المؤلفة الخاصة بالأحاديث القدسية مستخرجة من مدونات السنة وغيرها ولكن لو أمعنا النظر في مصادر الأحاديث القدسية لرأينا أكثريتها في غير الكتب الستة والمسانيد والسنن المشهورة وقد تقدم بيان ما قامت اللجنة باستخراجه من الأحاديث القدسية من الكتب الستة والموطأ ووصل العدد مع المكرر- بالطرق- إلى أربعمائة وبدونه لم يتجاوز الثلاثين ومائة حديث، وكذا ذكر النووي خمسة وتسعين حديثاً من الستة وفي الصحيح المسند لابن العدوي ذكر أربعة وعشرون ومائة حديث من الكتب الستة فتلاحظ أن عدد الأحاديث القدسية قد وصّلها محمد المدني إلى "864"أربعة وستين وثمانمائة حديث فلو بحثنا عن مصادرها ماعدا الكتب الستة- وقد عرفنا حجم الموجود فيها- لوجدنا أن ما يذكر في صحيحي ابن حبان وابن خزيمة ومسند أحمد وسنن الدارقطني والمستدرك وسنن البيهقي الكبرى وغيرها من المسانيد والسنن المشهورة قليل جدا بالنسبة للعدد الكبير الذي نجده عند غيرها متفرقا مثل الديلمي في مسند الفردوس والحكيم الترمذي في كتبه والخرائطي في مساويء الأخلاق ومكارم الأخلاق والخطيب في التاريخ وغيره والحاكم في تاريخه والطبراني في معاجمه وابن عساكر في تاريخه والدارقطني في الأفراد وأبو الشيخ في كتبه خصوصاً كتابه العظمة وأبو نعيم في الحلية وغيره وابن سعد في الطبقات وابن عدي في الكامل وابن أبي الدنيا في كتبه وسَمُّويَه في كتبه ومحمد بن نصر في كتبه وابن منيع وابن النجار وتمام والعقيلي والعجلي والرافعي وأبو يعلى الموصلي وابن السني والبزار والدارمي وعبد الرزاق وابن أبي شيبة والطيالسي في كتبهم.
وكذا الطيبي في الترغيب وأبو موسى المديني وسعيد بن منصور وابن أبي عاصم والباوردي وابن قانع وأبو عوانة وعبد بن حميد والشاشي في كتبهم وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات وأبو أحمد الحاكم في الكنى والشيرازي في الألقاب وابن الأنباري في الوقف وأبو عمرو الداني في طبقات القراء والرهاوي في الأربعين وابن الجوزي في الموضوعات وابن مردويه وأبو بكر محمد بن إبراهيم الإسماعيلي وقاسم بن الأصبغ في مسنده وابن أبي حاتم وابن جزو وابن صصري في أماليه وابن منيع وأبو سعيد النقاش في معجمه وكتاب القضاة والآجري في الشريعة ونعيم بن حماد في الفتن وابن مندة في التوحيد وابن زنجويه والرؤباني وأحمد بن فارس "في أماليه"والخليلي والحسن بن سفيان وابن الجارود وابن الضريس في كتبهم وابن المديني في تعليل الأحاديث المسندة وإسحاق ابن راهويه والحارث والأصبهاني في الحجة والمرهبي في العلم وابن لال في مكارم الأخلاق وغيرهم في كتبهم، فمن خلال هذه المصادر المذكورة نعرف أولا بأن أكثرية الأحاديث القدسية أخرجت من طريقها، وثانيا نعرف بأن معظم هذه المصادر ليست من المصادر الأساسية في السنة وهي أشبه بجمع الغرائب والعجائب والأفراد وبيان العلل فيها بل وغالبية رواياتها إما ضعيفة أو واهية أو موضوعة، فمن هنا يلاحظ في أكثرية الأحاديث القدسية الضعف، كما سأبين ذلك بالتفصيل من خلال دراسة أحاديث أهم الكتب المؤلفة في الأحاديث القدسية كتاب بعد كتاب، وإليك بيان ذلك.
"الكتب المؤلفة في الأحاديث القدسية ومراتب أحاديثها من حيث الجرح والتعديل".
*الأحاديث القدسية للإمام النووي "ت 676 هـ":
ذكر فيه خمسة وتسعين حديثاً مجردة الأسانيد ولم يتجاوز مصادره الكتب الستة وأغلب الأحاديث من الصحيحين وبالتحديد عدد أحاديثهما "82"اثنان وثمانون حديثاً والبقية من السنن الأربعة ولم يتعرض المؤلف لبيان درجتها حتى لم ينقل عن الترمذي حكمه فيما عزاه له فهي بحاجة إلى بيان درجتها ومعرفة حكمها.
* المقاصد السنية في الأحاديث القدسية لابن بلبان المقدسي "ت 739 هـ":
رتب الكتاب في عشرة أجزاء وجمع في كل جزء عشرة أحاديث فصار المجموع عنده مائة حديث كما قال في مقدمته [91] :
"وقد خرج العبد الفقير علي بن بلبان من مسموعاته ببغداد ودمشق والقاهرة ومصر والإسكندرية هذه المائة حديث الإلهية مما يرويه النبي صلى الله عليه وسلم عن جبريل عليه السلام عن الله تعالى، وعن الله تعالى فيالها من منقبة علية ورتبة علوية، وأضفت إلى كل جزء طرفا من الحكايات الوعظية والأشعار الزهدية
…
".
قلت: ليس في كثير من الأحاديث المذكورة تصريح بأن الرسول صلى الله عليه وسلم رواها عن جبريل عن الله تعالى كما ذكر المؤلف بل فيها يقول الله أو قال ربكم أو قال الله ونحوها بدون ذكر جبريل عليه السلام [92] مما يحتمل التلقي بالإلقاء في الروع أو الإلهام أو المنام أو عن طريق جبريل عليه السلام أيضاً.
ويا ليت أنه لم يضف هذه الحكايات المنكرة غالبيتها والأشعار الزهدية كما علق المحققان للكتاب في مقدمتهما [93] وهذا نصهما:
"الحكايات التي أوردها ابن بلبان لا تخلو كل واحدة منها من موعظة وذكرى ولكنه فيما يبدو لم يكلف نفسه عناء الاختيار، ولم يعرضها على مقاييس السنة والكتاب فقد اشتمل بعضها على نكارة واضحة وغرائب فاضحة يرفضها العقل والنقل، كما يظهر على بعضها أثر الصنعة والوضع لأغراض مذهبية مغالية، واتجاهات صوفية خاطئة".
ومنهج المؤلف فيه أنه يسند الأحاديث القدسية بإسناده ومن مسموعاته من شيوخه ويعقبها بعد سرد الحديث ببيان درجته في الغالب، وقد حصرت الأحاديث الصحيحة فيه سواء بتصحيحه هو أو باعتبار مخرِجيها- أعني الصحيحين - أو تصحيح غيره من الأئمة فبلغ عددها "88"ثمانية وثمانون حديثاً والذي لم يتعرض المؤلف لبيات درجتها "31"واحد وثلاثون حديثاً، منها "12"اثنا عشر حديثاً ضعيفاً أو واهياً، وخمسة ما بين صحيح وحسن والبقية بحاجة إلى دراسة نقدية لمعرفة حكمها.
* الأحاديث القدسية لابن الديبع الشيباني "ت 944 هـ":
وقد جمع فيه المؤلف ثمانين حديثاً قدسياً مجردة عن الأسانيد وذكر الرواة فيها وهي عارية عن ذكر المصادر وخالية عن بيان درجة الحديث من جهة المؤلف.
وقام المحقق الدكتور/ يوسف صديق بتخريج كثير من الأحاديث حسب التيسر وبدون التزام وأهمل جملة كبيرة منها ولم يتعرض فيما أخرجه لدراسة الأسانيد وبيان الحكم إلا في القليل من الذي خرجه، وبالفحص والنظر فيها تبين لِي بالتحديد أن الأحاديث الصحيحة فيه- حسب ما ثبت من التخريج- تسعة عشر حديثاً والضعيفة والموضوعة اثنا عشر حديثاً والبقية من الثمانين "وهي 49 حديثاً"بحاجة إلى الدراسة للوصول إلى معرفة حكمها وتمييز صحيحها من سقيمها.
*الاتحافات السنية بالأحاديث القدسية للمناوي "ت 1535 هـ":
وقد جمع فيه مؤلفه اثنين وسبعين حديثاً ومائتي حديث مجردة من الأسانيد مع عزوه لها إلى مصادرها غير أنه لم يتعرض لبيان درجة الأحاديث إلا لستة أحاديث قدسية [94] فقط ولكن بالنظر في مصادرها تبين لي أنه يوجد فيها خمسة وثلاثين حديثاً رواها الشيخان أو أحدهما فهي صحيحة من قبل مخرجيها ومظانها والبقية "وهي 231"بحاجة إلى التخريج ودراسة أسانيدها والحكم عليها على ضوئها.
*الاتحافات السنية بالأحاديث القدسية لمحمد المدني "ت 1200 هـ":
وهو أكبر كتاب في هذا الموضوع حيث جمع فيه كمية كبيرة من الأحاديث القدسية بلغ عددها أربعة وستين وثمانمائة حديث قدسي بالمكرر وقد تقدم بيان ترتيب الكتاب [95] والذي يهمنا هنا الكشف عن بيان درجة الأحاديث ما أمكن ذلك في هذه الدراسة المستعجلة فأقول وبالله التوفيق.
بأن الأحاديث القدسية في الكتاب المذكور تنقسم من حيت معرفة الحكم فيها ودرجاتها إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول:
ما علم صحته سواء بتصحيح المؤلف أو بوجوده في الصحيحين أو أحدهما أو بتصحيح من أحد الأئمة مثل الترمذي وغيره، وعدده "134"أربعة وثلاثون ومائة حديث بالمتون المكررة.
القسم الثاني:
ما علِم ضعفه سواء من جهة المؤلف أو غيره من الأئمة وعدده "78"ثمانية وسبعون حديثاً قدسياً.
القسم الثالث:
ما هو مسكوت عنه ولم يعلم عنه شيء ولم يتعرض المؤلف لبيان حكمه وعدده "609"تسعة وستمائة حديث قدسي.
فمن هنا يتبين لنا حجم الروايات التي تحتاج إلى معرفة حكمها صحة وضعفا وضرورة القيام بهذه الخدمة الجليلة وأهميتها في ديننا الحنيف حيث لا يصح لنا أن نبني أعمالنا إلا على أسس ثابتة ومعلومة لدينا.
فهذه الثغرة شجعتني إلى القيام بأداء هذه المهمة خدمة للسنة المشرفة على صاحبها الصلاة والسلام مستعيناً بالله تعالى.
* الأحاديث القدسية للجنة من العلماء المستخرجة من الكتب الستة وموطأ مالك:
وجمعت اللجنة في الكتاب المذكور "400" أربعمائة حديث بالطرق والمكرر ولا يتجاوز العدد الحقيقي لها عن "130" ثلاثين ومائة حديث باعتبار المتون وأخرج الشيخان أو أحدهما منها "77" سبعة وسبعين حديثاً وحكم الترمذي على تسعة عشر حديثاً إما بالصحة أو الحسن فقط أو بهما معاً وعلى خمسة بالغرابة والضعف.
والبقية "وهي 29"تسعة وعشرون حديثاً بحاجة إلى دراسة الأسانيد ومعرفة الحكم فيها.
* الصحيح المسند من الأحاديث القدسية لمصطفى بن العدوي:
وقد جمع فيه خمسة وثمانين ومائة حديث قدسي، أربعة وعشرون ومائة حديث من الكتب الستة وتسعة وخمسون من غيرها، أربعون حديثاً من مسند أحمد وخمسة أحاديث من صحيح ابن حبان وثلاثة من عند الحاكم وحديث من أبي يعلى وحديث من الحلية لأبي نعيم وحديث من السنة لابن أبي عاصم والتزم المؤلف بالصحيح المسند كما يدل العنوان على ذلك ولم أدقق في منهج تصحيحه عن طريقته فيه، ويبدو لي أنه لم يستوعب جميع الأحاديث القدسية كما يظهر من المصادر وحجم الأحاديث المذكورة والله أعلم.
هذا ما توصلت إليه في هذا الموضوع وأسأل الله تعالى العون والتوفيق في إكمال الدراسة لجميع الأحاديث القدسية بعد حصرها وجمعها قدر الإمكان في القريب العاجل إن شاء الله تعالى.
وصلى الله تعالى على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
وكتبه: د/ عبد الغفور عبد الحق البلوشي
الباحث بمركز خدمة السنة والسيرة
النبوية بالجامعة
بالمدينة المنورة في: 6/20/ 1411 هـ.
--------------------------------------------------------------------------------
[1]
كما في مختار الصحاح/ 524 والقاموس (1/248) .
[2]
مثل أمرني ربي عز وجل، أو أتاني جبريل أو ملك فقال إن الله يأمرك
…
إن الله عز وجل أمرني، أو إن الله عز وجل يقول أو قال ونحوها حيث عدها العلماء من الأحاديث القدسية.
[3]
انظر: ص 228.
[4]
انظر: قواعد التحديب للقاسمي/ 66.
[5]
انظر: التعريفات له/83،84.
[6]
انظر: الإتحاف السنية في الأحاديث القدسية/ 274.
[7]
انظر: النبأ العظيم / 16.
[8]
انظر: الحديث النبوي مصطلحه، بلاغته/ 133.
[9]
انظر: ص 11.
[10]
انظر: (13/ 460) مع الفتح.
[11]
انظر: صحيح البخاري (13/ 464) مع الفتح.
[12]
انظر: صحيح مسلم ص 1994.
[13]
انظر: مقدمة الضياء اللامع من الأحاديث القدسية الجوامع/ 6-7 و 10، 11-12.
[14]
انظر: الوجيز المختصر في علوم الحديث له/ 20 وهو من علماء عصرنا وله عدة مؤلفات.
[15]
انظر: النبأ العظيم/ 16والحديث النبوي ومصطلحه للصباغ/ 133.
[16]
انظر: النبأ العظيم للدكتور محمد دراز/ 15 ومقدمة الإتحافات السنية/ 10 لمحمود النواوي.
[17]
انظر: الكوكب الدراري (9/ 75- 80) وكذا نقله عنه المدني في الإتحافات السنية/ 336.
[18]
وكذا نقله عنه القاسمي في قواعد التحديث/ 64 وهو حديث إني حرمت الظلم.
[19]
انظر: صحيح البخاري حديث رقم (7405) وصحيح مسلم (267 () .
[20]
انظر: سنن الترمذي حديث رقم (239) .
[21]
سيأتي تخريجه في مبحث نماذج من الأحاديث القدسية المتفاوتة الدرجات إن شاء الله تعالى.
[22]
انظر: النبأ العظيم للدكتور محمد دراز/ 6 والحديث مصطلحه وبلاغته للصباغ/ 133.
[23]
انظر: صحيح البخاري كتاب التوحيد باب قول الله: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} (9/ 162) .
[24]
انظر: صحيح مسلم (/1671) .
[25]
صحيح البخاري كتاب الطب باب فضل من ذهب بصره (7/116) .
[26]
سنن الترمذي باب ما جاء في ذهاب البصر (2/ 64) وقال: حديث حسن غريب.
[27]
المصدر السابق نفسه وقال: حديث حسن صحيح.
[28]
صحيح البخاري كتاب الرقاق (8/103) .
[29]
المصدر السابق نفسه كتاب التوحيد باب {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّه}
[30]
انظر: صحيح مسلم (1/117) .
[31]
انظر: جامع الأصول (5/ 184 -185) .
[32]
صحيح البخاري (8/430- 431) وصحيح مسلم (7/ 6-7) .
[33]
انظر: جامع الأصول (5/ 65) و (7/ 342) .
[34]
انظر: مسند عائشة ح 335 من مسند إسحاق بتحقيقي وإسناده حسن.
[35]
انظر جامع الأصول (2/143) .
[36]
المصدر نفسه.
[37]
المصدر نفسه (9/ 121) .
[38]
المصدر السابق نفسه (1/450ـ 451) و (4/ 779) و (10/768) .
[39]
رواه أبو داود (5/ 10-12) كتاب السنة باب في لزوم السنة والترمذي في سننه كتاب العلم حديث رقم (6666) وقال: حديث غريب من هذا الوجه وابن ماجه في المقدمة حديث 12 واللفظ لأبي داود.
[40]
أما ما يتعلق باجتهاده ورأيه- صلى الله عليه وسلم فهو وإن لم نحكم عليه بأنه وحي ولكنه في منزلة الوحي حيث إن الله تعالى لا يقر نبيه صلى الله عليه وسلم على الخطأ بل ينزل الوحي ويبين له الصواب كما حصل في قصة أسرى بدر وفي صلاته على المنافقين والإذن لهم وفي قصة الأعمى ابن أم مكثف وغيرها وانظر: قواعد التحديث للقاسمي/33 و255 والأنوار الكاشفة للمعلمي/ 22 و104.
[41]
انظر: مختار الصحاح/ 713 بتصرف.
[42]
انظر: الحديث والمحدثون/ 12.
[43]
انظر: زاد المعاد في هدي خير العباد (1/78 - 79) تحقيق شعيب الأرناؤوط.
[44]
رواه أبو نعيم في الحلية (10 /26، 27) والطبراني كما في مجمع الزوائد (4/72) وأعله بعفير بن معدان وله شاهد من حديث ابن مسعود عند الحاكم (2/4) ومن حديث جابر عند ابن ماجه وابن حبان وصححه المحقق لزاد المعاد بمجموع الطرق والشاهد.
[45]
انظر: صحيح مسلم حديث عمر في أول كتاب الإيمان.
[46]
انظر: صحيح البخاري (1/ 20) في بدء الوحي.
[47]
انظر مسند إسحاق منه مسند عائشة حديث 213 وتخريجه.
[48]
انظر: صحيح البخاري (8/ 196) كتاب التفسير والرَّضُ/ الدق الجريش.
[49]
انظر: صحيح مسلم برقم 177.
[50]
انظر: قطف الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة للسيوطي (برقم 60، 96 و112ص 163، 263، 303 ولقط اللآلي المتناثرة في الأحاديث المتواترة/ 75 لمحمد مرتضى الزبيدي.
[51]
حديث متفق عليه خ (13/512) مع الفتح ومسلم (برقم 1151) .
[52]
انظر: مسند أحمد (2/ 509) وفي إسناده عاصم بن أبي نجود يحسن حديثه وبقية رجاله ثقات.
[53]
انظر: مسند أحمد (2/ 440) والترمذي (4/ 412) برقم 2088 وابن ماجه (برقم 3470) في إسناده أبو صالح الأشعري قال أبو حاتم لا بأس وبقية رجاله ثقات.
[54]
انظر: الإتحافات السنية حديث رقم 9 وقال: فيه المعلى بن الفضل له مناكير.
[55]
المصدر السابق نفسه برقم 631 في إسناده محمد بن عكاشة الكرماني كذاب يضع الحديث انظر: ميزان الاعتدال (3/650) .
[56]
رواه أبو نعيم في الحلية (6/98) في إسناده محمد بن يعلى قال الذهبي: واه وكذا عمر بن صبح قال فيه ليس بثقة ولا مأمون، وقال ابن حبان كان ممن يضع الحديث وقال الازدي: كذاب وقال الدارقطني: متروك. انظر: الميزان (3/ 206-207) .
[57]
أحاديث القصاص/ 67- 68 وأورده السخاوي في المقاصد الحسنة/ 373 وابن الديبع في تمييز الطيب من الخبيث/ 146 وملا على القارئ في الأسرار المرفوعة/ 310 وابن عراق في تنزيه الشريعة (1/148) والعجلوني في كشف الخفاء (2/ 195) والسيوطي في الدرر المنتثرة/ 236.
[58]
انظر: تخريجه على إحياء علوم الدين (3/14) .
[59]
انظر: أحاديث القصاص/ 69-70 وتنزيه الشريعة (1/148) والمقاصد الحسنة/ 327.
[60]
تقدم ذكر المصدر لكلامه عند بيان الفرق بين الحديث القدسي والقرآن وفي التعريف أيضاً.
[61]
انظر: الفتوحات الربانية على الأذكار النووية (7/ 389) .
[62]
انظر: الأحاديث القدسية للنووي/ 118 برقم 3 والاتحافات السنية في الأحاديث القدسية لمحمد المدني/ 256.
[63]
انظر: خطبة كتابه/ 17.
[64]
انظر: ص 49-54.
[65]
انظر: ص 73، 74.
[66]
راجع صحيفة همام أرقام الأحاديث المذكورة وانظر: مقال الأستاذ الدكتور رفعت فوزي عبد المطلب الذي نشر في مجلة المنهل في العدد (484) المجلد 52 ربيع الآخر وجمادى الأولى عام 1411 هـ/ ص 234 وقد ذكر نص الأحاديث المذكورة.
[67]
انظر: ص 243.
[68]
انظر: ترجمته في سير النبلاء للذهبي (20/9-13) وذكر له عدة مؤلفات ومنها السباعيات وقال أيضاً خرج لنفسه عوالي مالك وعوالي ابن عيينة وما وقع له من عوالي ابن خزيمة جاء أزيد من ثلاثين جزءاً وعوالي السراج وعوالي عبد الرحمن بن بشر وعوالي عبد الله بن هاشم وتخفتى العيدين، و (مشيخته) وأملى نحوا من ألف مجلس وكان لا يمل من التسميع.
[69]
ترجم له الذهبي في سير النبلاء (22/66) فقال: "الشيخ الإمام المفتي الحافظ الكبير المتقن شرف الدين أبو الحسن
…
مولده في سنة أربع وأربعين وخمسمائة
…
وجمع وصنف
…
وكان ذا دين وورع وتصون وعدالة وأخلاق رضية ومشاركة في الفضل قوية
…
توفي في مستهل شعبان سنة إحدى عشرة وستمائة".
[70]
انظر: الرسالة المستطرفة/ 60 وشذرات الذهب (5/ 48) .
[71]
انظر: ترجمته في الميزان (3/ 659) .
[72]
انظر: الرسالة المستطرفة/ 61 وشذرات الذهب (5/ 190) وكشف الظنون طبع الكتاب في حلب منذ ثلاثين عاما وإلى الوقوف عليه.
[73]
انظر: الرسالة المستطرفة/ 61.
[74]
انظر: الفصول في اختصار سيرة الرسول للحافظ ابن كثير/ 243 والإعلام للزركلي (7/ 134) ،لم أقف فيما بحثت عن وجوده أو فقدانه.
[75]
الكتاب مطبوع بتحقيق مصطفى عاشور ونشر في مصر بالقاهرة.
[76]
الكتاب مطبوع بتحقيق محي الدين مستوود/ محمد العيد الخطراوي.
[77]
والكتاب مطبوع متداول بتحقيق د/ يوسف صديق أستاذ الحديث في جامعة الكويت.
[78]
طبع الكتاب في حلب وانظر: البدر الطالع (1/ 445) .
[79]
طبع الكتاب في بيروت ومصر.
[80]
طبع الكتاب في القاهرة ولم أقف عليه.
[81]
طبع الكتاب في القاهرة المكتبة الأزهرية للتراث بتحقيق محمود أمين النواوي، وقد رتبه على ثلاثة أبواب: الباب الأول ما صدر بـ (قال) والثاني ما صدر بـ (يقول) والثالث ما لم يصدر بهما ورتب الباب الثالث على حروف المعجم ليس كل الكتاب كما جاء في مقال الدكتور/ زاهر الألمعي في مجلة المنهل العدد (484) المجلد 52 ص 239.
[82]
مخطوط بدار الكتب المصرية المكتبة التيمورية انظر: مقال الدكتور رفعت فوزي المنشور في مجلة المنهل العدد (484) المجلد 52 ربيع الآخر وجماد الأولى/ 235.
[83]
المصدر السابق نفسه.
[84]
المصدر السابق نفسه وهي أربعون صحيفة.
[85]
طبع مؤسسة الكتب الثقافية الطبعة الأولى 1403هـ.
[86]
طبع في دار الصحابة للتراث بطنطا عام 1410 هـ.
[87]
انظر: (7/ 389) .
[88]
انظر: مقال الشيخ إسماعيل الأنصاري المنشور في مجلة المنهل العدد 484 ص 250.
[89]
طبع الكتاب في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية طبعتين الثانية في عام 1410 هـ.
[90]
العدد السابق نفسه ص 246 وهناك ملاحظات أخرى تخص التعريف للحديث القدسي في مقاله ومقال غيره لم أتعرض لها لأني بحثت الموضوع بهذا الخصوص عند الكلام على الحديث القدسي والرد على من يقول بمثل ما جاء في مجلة المنهل بخصوص التعريف فمن هنا أعرضت عن مناقشتها.
[91]
انظر: ص 58.
[92]
انظر: حديث رقم 4 1 و 21 و22 و45 و67.
[93]
انظر: ص 40.
[94]
حكم على الاثنين بالصحة ونقل عن المنذري توثيق رجال واحد منها وفي البقية الثلاثة ذكرها بأنها مروية مرسلا.
[95]
في مبحث الكتب المؤلفة في الأحاديث القدسية.
فَعَل في دلالتها على الجَمْعِيَّة
د/ سليمان إبراهيم العايد
الأستاذ المشارك ورئيس قسم الدراسات العليا العربية في جامعة أم القرى
ملخص البحث
جمع هذا البحث آراء اللغويين، وما قالوه في الكلمات الواردة على وزن (فَعَل) مفيداً الجمعية ودرس اشتقاقها وتصريفها من خلال:
مقدمة عن وزن (فَعَل) في العربية، وجموع التكسير، وأن دلالة الكلمة على الجمعية تكون بالمادة أو بالزيادة في آخرها، أو بتغيير صورتها ولو تقديراً، أو بالاستعمال. ثم التفريق بين جمع التكسير واسم الجمع من حيث المعنى واللفظ.
ثم سرد الباحث ما جمعه من كلمات دالة على الجمعِ، وهي على (فَعَل) ومفردها (فاعل) وأورد فيها ما قاله أهل اللغة، ثم عرض لما ورد على (فَعَل) ومفرده ثلاثي قبل آخره حرف مدٍ زائد. ثم عرض لما جاء على (فَعَل) مما يفرق بينه وبين واحدة بالتاء، وهذا هو اسم الجنس الجمعي. ثم عرض لما جاء من الأسماء على (فَعَل) مفيداً الجمعية، ولا واحد له من لفظه، وهو ضربان: ضرب وضع للدلالة على الجمع، وضرب يصلح للدلالة على الجمع وغيره وضعاً، والاستعمال يُعين المراد. ثم فرق الباحث بين اسم الجمع واسم الجنس الجمعي بما هو معروف عند أهل العربية.
ثم ذكر الباحث مسائل تتعلق بصيغة (فَعَل) وما ورد عليها من ألفاظ تفيد الجمع: فَعَل جمع تكسير أو اسم جمع؟ وعرض رأي الأخفش، والفرّاء، وما يرتب عليهما من أحكام، وانتهى من هذا إلى أن إطلاق الجمع على (فَعَل) من باب التجوز. ونوقش ما يفهم من كلام بعضهم من أن (فَعَل) أصله (فَعَلة) ثم نقص بحذف تائه.
ثم عرض لما ورد من أسماء الجمع على وزنين، أحدهما (فَعَل) ، ونقل (فَعَل) عن المصدرية، وورود (فَعَل) على خلاف الأصل، في تصحيح عينه، وفك إدغامها مع استحقاقه.
ثم ختم البحث بدلالةْ (فَعَل) حين تفيد الجمعية، وأنها تفيد الكثرة.
مقدمة: عن فعل، والجمع، واسم الجمع، والتفريق بينهما:
من أوزان العربية الدَّوارة (فَعَل) وهو وزن كثير الشيوع في كلم العربية، ترد عليه الأسماء والأفعال، بل هو أم باب الأفعال الماضية، والأسماء ترد عليه، سواء كانت أسماء معنًى، أو أسماء ذاتٍ، مثل جَبَل وقَمَر، وكرم، وسَخَط، وهو من أخف أوزان العربية، ولهذا كثر استعماله، وورود الكلم عليه، وامتنعوا من تخفيفه إلى أخف منه، كأن تسكن عينه، وامتنعوا من التفريع فيه في الأفعال، فلا يقولون في (ضرَبَ) : ضَرْبَ، كما امتنعوا من التفريع فيه في الأسماء، فلا يقولون في (جَبَل) و (قَمَر) : جَبْل وقَمْر. وما ورد منه عنهم يحفظ ولا يقاس عليه.
ومجيء المفرد عليه أمر لا يستغرب، بل المستغرب ورود الجمع، وهو غير معدود من أوزانه؟ لأن الجمع الذي كُسرت فيه صورة المفرد: إما أن يكون جمع قلة، أو جمع كثرة. فالقلة له أوزان أربعة، جمعها ابن مالك بقوله:
ثُمّتَ أفعال جموعُ قِلّةْ [1]
أَفْعلَةٌ أَفْعلُ ثم فِعْلَةْ
وأما جمع الكثرة فقد حصروا أوزانه- غالباً - في ثلاثة وعشرين وزناً، هي: فُعْلٌ كحُمرِ، وفُعُل كحُمُر، وفُعَل كغُرفَ، وفِعَل كحِجَج، وفُعَلَة كقضاة، وفَعَلَة ككتبة، وفَعْلَى كقَتْلَىَ، وفِعَلَة كدِرَجَة وقِرَدَة، وفُعَّل كَرُكَّع، وفعَّال كصُوَّام، وفِعَال كجمَال، وفُعُول ككُعُوب، وفِعْلان كغِرْبان، وفُعْلان كقُضْبَان، وفُعَلاء كظُرَفاء، وأَفْعِلاء كأَغنِياء، وفَواعِل كجَواهِر، وفَعائل كرَسائِل، وفَعالي وفَعالَى كصَحاريَ، وفَعاليُّ ككَراسِيّ، وفَعالِل كَبراثِن، وشبه فَعالِل، وهو ما يُماثِل فَعالِل فَي عدد الحروف وضَبطها، وإن خالفها في الميزان الصرفي، كأفاضل ومساجد وصيارف.
هذه هي الأوزان التي ترد عليها الجموع، ولكل وزن مواضع يرد فيها، قياساً، أو غالبا، أو قليلاً، وهو مبين في موضعه من كتب العربية. وأنت ترى أنهم لم يعدوا (فَعَلاً) من أوزان جموع التكسير، وهي قد وردت دالة على الجمع، فهل هي جمع أو غير جمع؟.
إن ما يدل على الجمع في العربية أنه:
نوع يدل على الجمع بمادته مثل حزب، وفئة، وطائفة، وثُلَّة، وغير ذلك، فهذا لا يتناوله الجمع بالمصطلح الصرفي، وإن دل عليه.
ونوع يدل على الجمع بزيادة تزاد في آخره: واو أو ياء ونون، أو ألف وتاء، دون أن يحدث في صورة المفرد تغيير ما، فهذا النوع من الجمع يسمى جمع التصحيح، وهو نوعان: جمع مذكر سالم، وجمع مؤنث سالم.
ونوع يدل على الجمع بتغيير في صورة المفرد ولو تقديراً، وهذا نوعان: نوع يكون من الأوزان المعروفة السبعة والعشرين، فهذا يسمى جمع التكسير، ونوع يكون من غير الأوزان المعروفة، فهذا يسمى اسم الجمع. ثم إن هذا النوع إما أن لا يكون له مفرد فالتفريق بينه وبين الجمع سهل، إذ يكون على غير أوزان الجمع. وإما أن يكون له مفرد، فيفرق بينه وبين جمع التكسير بأن يقال:
يتفق جمع التكسير قلة أو كثرة، واسم الجمع في الدلالة على ثلاثة فأكثر وضعاً، ويختلفان في الأحكام اللفظية، لأن اسم الجمع في حقيقتِه اسم مفرد وُضع لمعنى [2] الجمع فقط، ولا فرق بينه وبين الجمع إلا من حيث اللفظ، وذلك لأن لفظ هذا مفرد، بخلاف لفظ الجمع. ولهذا أخذ أحكام المفرد اللفظية، مثل:
1-
التصغير؛ إذ المسموع في تصغير نحو ركب: رُكيب، قال الشاعر:
إلى أهل نارٍ من أُناس بأسودا
وأين رُكَيْبٌ واضعون رحالهم
وأنشد أبو عثمان عن الأصمعي لأُحَيْحَةَ بن الجُلاح:
أخشى رُكَيباً أو رُجَيْلاً عاديَا
بنيته بِعُصبَةٍ من مالِيَا
وهذا نص في محل النزاع، إذ لو كان جمعاً مكسراً لرُد إلى الواحد، فأما قول أبي الحسن: رُويكبون فهو شيء يقوله على مقتضى قياس مذهبه، والمسموع غيره [3] .
ولا يعترض على هذا بتصغير جموع القلة على لفظها، دون الرد إلى المفرد، لأن دلالة اسم الجمع على الكثرة، والقلة داخلةٌ فيها.
2-
الإخبار باسم الجمع عن (هو) بخلاف الجمع المكسر، لأن الجمع مؤنث، واسم الجمع مذكر، تقول: هو الرَّكْب، وهذا السَّفْر، وهو الجامِل والباقِر، والأدَم والعَمَد، ونحو ذلك، ولو كان مكسراً لقلت: هي، وهذه [4] . وتقول: هي الجمال، وهذه الجمال.
3-
الإشارة إليه بالمذكر، وهو مثل ما تقدم، تقول: هذا الركب
…
الخ.
4-
عودة ضمير المفرد إليه، تقول: الرَّكْبُ رجع، قال تعالى:{كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ} [5]
5-
النسب في اسم الجمع إلى لفظه، دون حاجة للرد إلى المفرد، وأما الجمع فالنسب فيه إلى المفرد، ثم يجمع بعد ذلك؟ إن كان المنسوب جمعاً [6] .
وكل اسم جاء وقد دل على الجمع بغير مادته، أو زيادة في آخره، وهو على غير وزن من أوزان جمع التكسير المعروفة، وجازت عليه الأحكام اللفظية المتقدمة، فليس بجمع، وإنما هو اسم للجمع ومن ذلك ما ورد على (فَعَلٍ) .
الفصل الأول: ما ورد على (فَعَلٍ) دالا على الجمعية، وهو أنواع أربعة:
النوع الأول: ما ورد على (فَعَلٍ) ومفرده (فاعِل) وأقربه في التناول ما جمعه ابن مالك من ألفاظ، جمعت على (فَعَل) ومفردهَا على (فاعل) ، في كتابه (نظم الفوائد)، قال:
فصل في فَعلٍ جمع فاعل
جمعاً بالنقلِ فخذ مثلا
فعلِ للفاعل قد جعلا
خدماً رصداَ روحاً خَوَلاً
تبعاَ حرساً حفداً خبلا
غيباً فرطاً قفلاً هملا [7]
سلفاً طلباً ظعناً عسساً
فهذه ألفاظ مفردها على ورن (فاعل) وبعضها ألفاظ قرآنية، مثل:
حَرَس: في قوله تعالى: {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً} [8] .
قال الراغب: (الحرس والحراس: جمع حارس، وهو حافظ المكان)[9] . وقال الزمخشري: الحرس: اسم مفرد في معنَى الحراس، كالخدم في معنى الخدام، ولذلك وُصف [بالمفرد] ولو ذهب إلى معناه لقيل: شداداًَ، ونحوه:
أخشى رُجيلاً أو رُكيباً عاديَا [10]
وقال أبو حيان: (الحرس: اسم جمع، الواحد حارس.... جمع على أحراس)[11]
رصد: في قوله تعالى: {مَنْ يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَصَداً} [12] وقوله: {فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً} . قال الراغب: والرصد: يقال: للراصد الواحد، وللجَماعة الراصدينِ، وللمرصود واحداً كان أو جمعاً. وقوله تعالى:{يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً} [13] يحتمل كل ذلك [14] . وقال الزمخشري: "الرصد: مثل الحرس، اسم جمع للراصد على معنى: ذوي شهاب راصدين بالرجم، وهم الملائكة الذين يرجمونهم بالشهب، ويجوز أن يكون صفة للشهاب بمعنى الراصد"[15] .
تبع: وهي لفظة، قد وردت في قوله:{إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً} [16] قال الزمخشري: تبعاً: تابعين، جمع تابع على تبع، كقولهم: خادم وخدم، وغائب وغيب، أو ذوي تبع، والتبع: الأتباع) [17] . وقال أبو حيان: "تبعاً: يحتمل أن يكون اسم جمع لتابع كخادم وخدم، وغائب وغيب، ويحتمل أن يكون مصدراً، كقوله: عدل ورضاً"[18] . وفي اللسان التبع: اسم للجمع، ونظيره: خادم وخدم، وطالب وطلب، وغائب وغيب، وسالف وسلف، وراصد ورصد، ورائح وروح، وفارط وفرط، وحارس وحرس، وعاس وعسس، وقافل من سفره وقَفَلٌ، وخائل وخول، وخابل وخبل، وهو الشيطان، وبعير هامل وهَمَل، وهو الضال المهمل، قال كراع: كل هذا جمع، والصحيح ما بدأنا به، وهو قول سيبويه فيما ذكر من هذا، وقياس قوله فيما لم يذكره منه.
والتبع يكون وٍاحداً وجماعة. وقوله عز وجل: {إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً} يكون اسماً لجمع تابع، ويكون مصدرا، أي: ذوي تبع، يجمع على أتباع [19] .
عبد: في قوله تعالى: {وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوت} [20] . قرأ ابن عباس وابن أَبي عبلة "وعبد الطاغوت"يريد: وعبدة جمع عابد كفاجر وفجرة، وحذف التاء للإضافة، أو اسم جمع كخادم وخدم، وغائب وغيب، وقُرِيء "وعبدة الطاغوت"بالتاء، نحو فاجر وفجرة [21] .
خدم: يأتي بمعنى خُدَّام، واحده خادم غلاماً كان أو جارية، وإنما وقع على الذكر والأنثى لإجرائه مجرى الأسماء غير المأخوذة من الأفعال كحائض وعاتق، وفي حديث عبد الرحمن: أنه طلق امرأته فمتعها بخادم سوداء، أي: جارية، وهذه خادمنا بغير هاء، لوجوبه، وهذه خادمتنا غداً.
والخدم: اسم للجمع كالعزب والروح. والأنثى خادم وخادمة، عربيتان فصيحتان، والخدم أيضاً: جمع الخَدَمةِ، وهي السير الغليظ المحكم، مثل الحلقة، يشد في رسغ البعير، ثم يشد إليها سرائح نعلها [22] .
الحفد والحفدة: الأعوان والخدمة، واحدهم حافد، مثل القاعد والقعد،
…
قال ابن عرفة: الحفد عند العرب: الأعوان، فكل من عمل عملاً أطاع فيه وسارع فهو حافد
…
قال:
لها حفَدٌ مما يُعَدُّ كَثِيرُ
فلو أن نفسي طاوعتني لأصبحت
أي: خدم، حافد وحَفَدٌ، وحَفَدَةٌ جميعا، ويقال: حفدت وأحفدت، وأنا حافد ومحفود، وحفد وحفدة جمع حافد [23] .
الخبل: له معانٍ: الجنُّ، والإنس، والجراحة، والمزادة، وجودة الحُمق بلا جنون، والقربة الملأى، وخبلت يده: إذا شلت يده، والخبل، بالتحريك: الجنُّ وهم الخابل، وقيل: الخابل: الجنُّ، والخبل: اسم الجمع كالقعد والروح اسمان لجمَع قاعد ورائح، وقيل: هو جمع، قال ابن بري، ومنه قول حاتم:
مهلاً! ولو كنت أعطي الجن والخبلا
ولا تقولي لشيء كنت مهلكه
قال الخبل: ضرب من الجنَّ، يقال لهم: الخابل، أي: لا تعذليني في مالي ولو كنت أعطيه الجن، ومن لا يثني عليَّ [24] .
الخلف: انظر السلف.
الخول: اسم لجمع خائل كرائح وروح، وليس بجمع خائل، لأن فاعلاً لا يكسر على (فَعَل) وقد خال يخول خولاً، وخال على أهله خولاً وخيالاً، ويقال: إنه لخال مال، وخائل مال، وخول مال، أي: حسن القيام على نَعَمِهِ، يدبره ويقم عليه.
وخول- كعرب- مفرده خوليّ كعربيّ، وهو الراعي الحسن القيام على المال والغنم. والخول أيضاً: أصل فأس اللجام. وخول الرجل: حشمه، الواحد خائل. وقد يكون الخول واحداً، وهو اسم يقع على العبد والأمة، قال الفراء: هو جمع خائل، وهو الراعي، وقال غيره: هو مأخوذ من التخويل، وهو التمليك، قال ابن سيده:
…
الواحد والجمع والمذكر والمؤنث في ذلك سواء، وهو مما جاء شاذاً عن القياس، وإن اطرد في الاستعمال [25] .
الروح: مفرده الرائح اسم فاعل، من راح يروح رواحاً، مقابل قولك: غدا يغدو غدواً، ورجل رائح من قوم رَوَحٍ، اسم للجمع. وطير رَوَحٌ: متفرقة، قال الأعشىَ:
من غراب البين، أو تَيس سنحْ
ما تعيف اليوم في الطير الروَحْ
ويروى: الروح، وقيل: الروح في هذا البيت: المتفرقة، وليس بقوي، إنما هي الرائحة إلى مواضعها، فجمع الرائح على رَوحٍ، مثل خادم وخدم.
قال الأزهري في هذا البيت: قيل: أراد الروحة، مثل الكفرة والفجرة، فطرح الهاء. قال: والروح في هذا البيت: المتفرقة [26] .
سلف: سلف يسلف سلفاً، مثل طلب يطلب طلباً أي: مضى وسلف الرجل: آباؤه المتقدمون، والجمع أسلاف وسُلافٌ. وقال ابن بَري: سُلاف ليس بجمع لسلف، وإنما هو جمع سالف للمتقدم، وجمع سالف أيضاً: سلف، ومثله خالف وخلف. ومنه قوله تعالى:{فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلآخِرِينَ} [27] . والسلف: القوم المتقدمون في السير، قال قيس ابن الحطيم:
رَيْثَ يُضَحي جِمالَهُ السلفُ
لو عرَّجُوا ساعة نُسائلهم
وسمي الصدر الأول من التابعين السلف الصالحين [28] .
طلب: يقال: طالب وطلب، مثل خادم وخدم [29] .
ظعن: الظُّعُنُ والظَّعَنُ:- الظاعنون، فالظُّعُنُ جمع ظاعن، والظَّعَنُ: اسم الجمع- ظعن يظعَن ظَعْناً، وظَعَناً بالتحريك، وظعُوناً: ذهب وسار [30] .
عزب: العزب اسم للجمع كخادم وخدم، ورائح وروح، وكذلك العزيب اسم للجمع كالعزيّ. والعزب: الرجل لا أهل له، والمرأة لا زوج لها [31]، قال الشاعر:
وللعَزَب المسكين ما يَتَلَمَّسُ [32]
هنيئاً لأرباب البيوتِ بيوتُهُم
عَسَس: اسم من العَسِّ، كالطلب، وقد يكوَن جمعاً لعاس كحارس وحرس، ورجل عاس جمعه عُسَّاسٌ وعَسَسة ككافر وكفار وكفرة، والعسس: اسم للجمع، كرائح وروح، وخادم وخدم، وليس بتكسير، لأن فعلاً ليس مما يكسر عليه فاعل، وقيل: العسس جمع عاس، وقد قيل: إن العاس أيضاً يقع على الواحد والجمع، فإن كان كذلك فهو اسم للجمع أيضاً كقولهم: الحاج والداج، ونظيره من غير المدغم: الجامل والباقر، وإن كان على وجه الجنس فهو غير متعدًّى به، لأنه مطرد، كقوله:
أو تصبحي في الظاعن المولِّي [33]
إن تهجري يا هند، أو تعتلي
غيب: قوم غُيَّبٌ وغُيَّابٌ وغَيَبٌ: غائبون، والأخيرة اسم للجمع، وصحت الياء فيها تنبيهاً على أصل غاب، وإنما تثبت فيه الياء مع التحريك، لأنه شبه بصيد، وإن كان جمعاً، وصيد: مصدر قولك: بعير أصيد، لأنه يجوز أن تنوي به المصدر، وفي حديث أبي سعيد: إن سيد الحي سليم، وإن نفرنا غيب، أي: رجالنا غائبون، والغيب بالتحريك: جمع غائب كخادم. وخدم [34] .
الفرط: فعل بمعنى فاعل، مثل تبع بمعنى تابع، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم:"أنا فرطكم على الحوض"، أي: أنا متقدمكم إليه، رجل فرط، وقوم فرط، ورجل فارط، وقوم فراط، قال:
أصواتها كتراطن الفُرسِ
فأثار فارطهم غطاطاً جثماً
..... والفرط: اسم للجمع، وفي الحديث:"أنا والنبيون فُرَّاطٌ لقاصفين"جمع فارط، أي: متقدمون إلى الشفاعة، وقيل: إلى الحوض، القاصفون: المزدحمون. وفي حديث ابن عباس قال لعائشة رضي الله عنهم: تَقْدَمينَ على فَرَطِ صِدْقِ، يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر رضي الله عنه، وأضافهما إلى صدق وصفاً لهما ومدحاً، وقولهَ:
إن لها فوارساً وفرطا
يجوز أن يكون من الفَرَط الذي يقع على الواحد والجمع، وأن يكون من الفَرَطِ الذي هو اسم لجمع فارط، وهو أحسن، لأن قبله: فوارساً، فمقابلة الجمع باسم الجمع أولى، لأنه في قوة الجمع. والفرط: الماء المتقدم لغيره من الأمواه [35] .
قَعَدٌ: القَعَد: الذين لا ديوان لهم، وقيل: القعد الذين لا يمضون إلى القتال، وهو اسم للجمع، وبه سمي قعد الحرورية، ورجل قعدي منسوب إلى القعد كعربي وعرب، وعجمي وعجم. ابن الأعرابي: القَعَدُ: الشّراة الذين يُحَكِّمون ولا يحاربون، وهو جمع قاعد، كما قالوا: حارس وحَرَسٌ [36] .
قَفَلٌ: من القفول، وهو الرجوع من السفر، رجل قافل من قوم قُفَّال، والقَفَل: اسم للجمع، قال الأزهري: وهم القفل بمنزلة القعد، اسم يلزمهم، والقفل- أيضاً-: القفول، تقول: جاءهم القَفَلُ والقُفُول، واشتق اسم القافلة من ذلك، لأنهم يقفلون. وقد جاء القفل بمعنى القفول، قال الراجز:
عِلباء، أبْشِرْ بأبيكَ! والقَفَلْ
أتاك، إن لم ينقطَع باقي الأجَلْ
هَوَ لْوَلٌ، إذا ونى القوم نَزَل [37]
نَهَل: إبل نواهِلُ ونِهالٌ ونَهَلٌ ونُهُولٌ ونَهِلَةٌ ونَهْلَى
…
قال أبو الهيثم: ناهِلٌ ونَهَلٌ مثل خادِم وخَدَم، وغائبِ وغيَبِ، وحارِسٍ وحَرَس، وقاعِدٍ وقَعَد [38] .
هَمَل: بعير هَامل، مَن إبل هوامل وهُمَّلِ وهَمَلٍ، وهو اسم الجمع، كرائح ورِوَح، لأن فاعلاً ليس مما يكسر على فَعَل، وفي حديث الَحوض "فلا يخلص إليهم مثل هَمَل النّعَم" الهمل: ضوال الإبل، واحدها هامل، أي: أن الناجي منهم قليل في قلة النعم اَلضالةَ، والهَمَل بالتحريك: الإبل بلا راع، مثل النَّفَش، إلا أن الهَمَلَ بالنهار، والنَّفَش لا يكون إلا ليلاً، يقال: إِبلٌ هَمَلٌ وهامِلَة، وهُمَّالٌ وهَوَامِلِ، وفي الحديث: فسألته عن الهَمَل يعني الضوال من النعم، واحدها هامل مثل حارس وحرس، وطالب وطَلَب [39] .
ضَأَن: في ضائن، وسيأتي الحديث عنها.
مَعَز: في ماعز [40] ، وسيأتي الحديث عنها.
نشَأٌ: الناشئ هو الحدث الذي جاوز الصغر، أو فويق المحتلم والأنثى ناشئ بغير هاء أيضاً، والجمع منهما نَشَأٌ مثل طالب وطَلَب، وكذلك النّشْءُ مثل صاحِبٍ وصَحْبٍ، وناشئ ونَشَأٌ: جماعة مثل خادم وخَدَم، قال نُصَيْبٌ:
لقلت: بنفسي النَشَأُ الصِّغارُ
ولولا أن يقال: صباً نصيب
وقال ابن السكيت: النَشَأُ: الجواري الصِّغار.
وفي الحديث "نشأ يتخذون القرآن مزامير" يروى بفتح الشين: جمع ناشئ، كخادم وخدم، يريد جماعة أحداثاً، وقال أبو موسى (الأصفهاني) : المحفوظ بسكون الشين، كَأَنَّهُ تسمية بالمصدر.
وقال أبو عمرو: النَّشَأُ: أحداث الناس، غلام ناشئ، وجارية ناشئة، والجمع نشأٌ [41] .
نَبَهٌ: اسم جمع، يحتمل أن يكون جمع نابه أو نبيه، أو منقولا من المصدر [42] .
فهذه الألفاظ كلها- كما ترى- لها مفرد على وزن (فاعل) وهذا هو النوع الأول مما ورد له اسم جمع على وزنِ (فَعَلً) .
والنوع الثاني:
مما ورد جمعه على (فعل) الاسم الثلاثي الذي قبل آخره حرف مد، سواء أكان ذلك الحرف ألفاً أو ياءً أو واواً.
وقد حصر ابن دريد ذلك في أربعة، حيث قال:"ولم يجيء فعيل وفعال على (فَعَل) إلا أربعة أحرف: أديم وأدم، وأفيق وأفق، وهو الأديم أيضا، وإهاب وأهب، وعمود وعماد وعَمَد، وقد قالوا: عُمُدٌ في هذا وحده"[43] .
وهذا الذي قاله ابن دريد مقارب، وقد وقفت على حرفين لم يوردهما، وهما: بَعَدٌ وقَضَم.
وبالتأمل في الأمثلة التي أوردها يمكن قسمها إلى ثلاثة أنواع:
1-
ما كان ثلاثياً قبل آخره ألف زائدة، وفيه كلمتان: إهاب وعماد، قالوا فيهما: أهب وعمد.
والإهاب: الجلد من البقر والغنم والوحش ما لم يدبغ، والجمع القليل الآهبة، والكثير: أُهَب وأَهب، على غير قياس، مثل أدم وأفق وعمد، جمع أديم وأفيق وعمود، وقد قيل: أُهب، وهو قياس، وقال سيبويه:"أَهب اسم للجمع، وليس بجمع إهاب، لأن فعلاً ليس مما يُكسر عليه فِعالٌ"[44] .
العِماد: ما أقيم به الشيء، والأبنية الرفيعة، ومنه:{إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ} [45] أي: ذات الطول، وجمعه عُمُد، والعمد: اسم للجمع
…
ويقال لأصحاب اَلأخبية الذين لا ينزلون غيرها: هم أهل عمود، وأهل عماد. والعماد والعمود: الخشبة التي يقوم عليها البيت، وأعمد الشيءَ: جعل تحته عَمَداً، ويجمع جمع قلة على أعمدةٍ.
وقد يراد بالعمود الخباء المعمَّد، وقيل: كل خباء كان طويلا في الأرض يُضرب على أعمدة كثيرة، فيقال لأهله: عليكم بأهل ذلك العَمُود، ولا يقال: أهل العَمَد.
وقرئ قوله: {إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ} [46] في عُمُد بضمتين، وهو جمع عماد، كما قالوا: إِهاب وأَهَب وأُهُب. ومعناه: أنها في عمد من النار [47] .
وقال سيبويه في باب: "ما هو اسم يقع على الجميع لم يُكَسَّرْ عليهِ وَاحِدُة ولكنه بمنزلة قوم ونَفَرٍ وذَوْدٍ، إلا أَنَّ لفظه من لفظ واحدِه": "ونظيره أفيق وأفق، وعمود وعمد، وقال يونس: يقولون: هو العَمَدُ"[48] .
وقال الفراء: العَمَدُ والعُمُد جميعاً جمعان للعمود، مثل أديم وأَدم وأُدم، وقضيم وقَضَم وقُضُم [49] .
وقال أبو حيان: العَمَدُ: "اسم جمع، ومن أطلق عليه جمعاً، فلكونه يفهم منه ما يفهم مِن الجمع، وهي الأساطين
…
والمفرد عِماد كإهاب وأَهب، وقيل عمود وعمد كأديم وأدَم" [50] .
وقد عاد الضمير إليها مؤنثاً في قوله: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} [51] .كما سبق وصفه بالمؤنث، وتقدم نقل يونس عن العرب تذكيره.
2-
ما كان ثلاثياً قبل آخره واو زائدة، وفيه كلمة عمود، ومضى القول فيها في عماد، فلا داعي لإعادته.
3-
ما كان ثلاثياً قبل آخره ياء زائدة، وفيه كلمات: أديم وأدم، وأفيق وأفق، وبعيد وبعد، وقضيم وقضم، ونبيه ونبه.
فالأدم: مفرده الأديم، وهو الجلد ما كان، وقيل: الأحمر، وقيل: هو المدبوغ. وقيل: هو بعد الأفيق، وذلك إذا تَمَّ واحْمَرَّ، وجمعه آدِمَةٌ وأَدَمٌ بضمتين، ويجوز تخفيفه، فيقال: أدْم بإسكان الدال، والأدم: اسم للجمع عند سيبويه [52] مثل أفيق وأفق، والآدام جمع أديم كيتيم وأيتام، وإن كان هذا في الصفة أكثر، وقد يجوز أن يكون جمع أَدَمِ.
وقد يجوز أن يكون الأدم جمعاً للأدمة، وهي باطن الجلد الذي يلي اللحم، والبشرة ظاهرها، وقيل: ظاهره الذي عليه الشعر، وباطنه البشرة والقياس أن يجعل جمعاً للأدمة إلا أن سيبويه جعله اسماً للجمع، ونَظَّره بأفيق وأفق، وهو الأديم أيضاً. الأصمعي: يقال للجلد: إهاب، والجمع أُهُب وأَهَب، مؤنثة، فأما الأدم والأفق فمذكران إلا أن يقصد قصد الجلود، والآدِمَة. فتقول: هي الأدم والأفق، وآدِمَةٌ جمع القلة، مثل رغيف وأرغفة، والمشهور في جمعه أُدَمٌ [53] .
والأفق: مفرده أفيق، وهو الجلد الذي لم يدبغ، أو الذيِ لم تتم دباغته، وجمعه أفق، مثل أديم وأدم، أو هو اسم للجمع وليس بجمع، لأن فعيلاً لا يكسر على (فَعَلٍ) قال اللحياني: لا يقال في جمعه: أفق البتة، وإنما هو الأفق بالفتح، فأفيق- على هذا- له اسم جمع، وليس له جمع. وقال الأصمعي: يقال للأديم إذا دبغ قبل أن يخرز: أفيق، والجمع آفِقة، مثل أديم وآدمة، ورغيف وأرغفة.
والأفَقَة: المرقة من مرق الإهاب، والأفَقَة: الخاصرة، وجمعها أَفَقٌ، قال ثعلب: هي الآفِقَةُ، مثل فاعلة [54] .
والقَضَم: مفرده القضيم، وهو الجلد الأبيض يُكتب فيه، وقيل: هو الأديم ما كان، وقيل: غير ذلك، والجمع من كل ذلك أَقْضِمَة وقَضَمٌ، فأمّا القَضَم فاسم للجمع عند سيبويه. وفي اللسان- أيضاً- قضيم يجمع على قَضَمٍ بفتحتين كأديم وأدم
…
وقال ابن سيده: والقضيمة: الصحيفة البيضاء كالقَضِيم، عن اللحياني قال: وجمعها قُضُم كصحيفة وصُحُف، وقَضَمٌ أيضاً، قال: وعندي أَنَّ قَضماً اسم لجمع قضيمة، كما كان اسما لجمع قضيم [55] .
والنَّبَهُ: تطلق على المفرد والجمع، فتحتمل في حال دلالتها على الجمع أن يكون مفردها نابه أو نبيه. أو منقولاً عن المصدر [56] .
والنوع الثالث:
ما جاء على (فَعَلٍ) مما يفرق بينه وبين واحده بالتاء وذلك مثل بقرة وبقر، وهذا عند أهل العربية ليس جمعاً، بل هو اسم جنس، أو اسم جنس جمعي، كما هو عند المتأخرين، تنطبق عليه أحكامه.
ويفرق بينه وبين الجمع أن دلالة الجمع على الجمعية وضعية، وأما دلالة اسم الجنس على الجمعية فراجعة إلى الاستعمال، أي: أن هذا النوع (وضع في الأصل للدلالة على الماهية، فهو صالح للقليل والكثير، ويفرق بينه وبين مفرده عند قصد التنصيص على الوحدة بالياء، مثل عرب وعربيّ، أو بالتاء، مثل بقر وبقرة، والأكم والأكمة) . وقد يعرض له في الاستعمال ما يوجب إطلاقه على معنى الجمع كالكلم، والأكم (المواضع المرتفعة) إلا أن هذا قليل [57] .
وهذه التاء التي تدخل أسماء الأجناس لا تفيد التأنيث، وإنما تفيد الوحدة أو التنصيص على الوحدة، لصلاحية هذه الأسماء للقليل والكثير. ولحاق التاء قياسي في أسماء الأجناس من المصادر، كما هو معروف في اسم المرة، وغالبي في أسماء الأجناس من المخلوقات، كتمر ونخل وحمام. وسماعي في أسماء الأجناس من المصنوعات كسفينة وسفن، ولبن ولبنة، وقَلنسوة وقَلنس [58] .
وهذا الضرب ليس من الضروري التفريق بين جمعه وواحده بالياء أو التاء؛ لأن التفريق راجع إلى الاستعمال، ومراد المتكلم كما تقدم.
وقد ورد على وزن (فَعَل) من هذا الضرب ألفاظ منها:
الأسل: وهو نبات له أغصان كثيرة دِقاق، بلا ورق، واحدته أسل، والأسل: الرماح، والنبل، وشوك النخل، واحدته أسلة.
وروي عن علي رضي الله عنه أنه قال: (لا قود إلا بالأسل) فالأسل عند علي: كل ما أُرِقَّ من الحديد، وحُدِّدَ من سيف أو سكين أو سنان.
وجمع الفرزدق الأسل: الرماح أسلات، فقال:
عَضْبٌ برونقه الملوك تُقَتَّلُ
قَدْ مات في أسلاتنا، أو عَضَّهُ
أي: في رماحنا، وقيل للقنا: أَسَلٌ لما ركب فيها من أطراف الأسنة [59] .
البقر: اسم جنس، والبقرة من الأهلي والوحشي، يكون للمذكر والمؤنث، ويقع على الذكر والأنثى، وإنما دخلته الهاء على أنه واحد من جنس، والجمع البقرات
…
قال ابن سيده: الجمع بقر، وجمع البقر أبقر، كزمن وأزمن، عن الهجري، فأما بقر وباقر وبقير وبيقور وباقور وباقورة، فأسماء للجمع، ونقل عن الأصمعي: بواقر [60] .
الخدم: واحدته الخدمة، وهي السَّير الغليظ المحكم، مثل الحلقة، يشد في رسغ البعير، ثم يشد إليها سرائح نعلها، والخَدَمَة: الخلخال، وقد تسمى الساق خدمة حملاً على الخلخال، لكونها موضعه، والجمع خَدَمٌ وخِدامٌ [61] .
الحصى: وهي صغار الحجارة، الواحدة منه حصاة، جمعها حصيات، وحصىً، وحُصِيٌ، وحِصيُّ.
الحلق: جنس، والواحد حلقة بالتحريك، وهي حلقة الباب والأذن، وقد أنكر بعضهم التحريك، وقال: إنما يقال: حلقة بالإسكان لا غير، حكى يونس عن أبي عمرو ابن العلاء: حلقة بالتحريك، والجمع حلق، قال ثعلب: كلهم يجيزه على ضعفه، وحكى ابن السكيت عن أبي عمرو الشيباني قال: ليس في الكلام حلقة بالتحريك إلا في قولهم: هؤلاء قوم حلقة، للذين يحلقون الشعر، فمن قال: حلقة وحلق، كان مثل تمرة وتمر، فهو جنس [62] .
والألفاظ من هذا الضرب كثيرة، يصعب حصرها في هذا الموضع، وذلك مثل بعر وبعرة، وقناً وقناة، ونوىً ونواة، وثمر وثمرة، وهي مطردة في كل ما كان واحده على فعلة، بل عُدَّ هذا الموضع من مواضع القصر القياسي، قال الشيخ الطنطاوي: الخامس (يعني من مواضع القصر القياسي) : اسم الجنس الجمعي الذي على وزن (فَعَل) ويفرق بالتاء بينه وبين واحده، نحو: حصىً وحصاة، وقطاً وقطاة، وصفاً وصفاة (الصخرة الملساء) ، وأضاً وأضاة (المستنقع من سيل وغيره) ، ولهاً ولهاة (اللحمة المشرفة على الحلق) ، وسفاً وسفاة (شجر له شوك) ، لأنها نظيرة مدر ومدرة (الطين المتحجر)[63] .
والنوع الرابع:
ما جاء من الأسماء على (فَعَل) مفيداً الجمعية ولا واحد له من لفظه ورد من ذلك ألفاظ، منها:
الوَلَد: وهي من ألفاظ القرآن، قال الراغب:"الولد: المولود، يقال للواحد وللجمع، وللصغير وللكبير"، قال أبو الحسن:"الولد: الابن والابنة، والولد هم الأهل والولد"[64] وقال أبو حيان: "على قراءة الجمهور"يقصد في قوله {أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ} يكون المعنى على الجنس لا ملحوظاً فيه الإِفراد، وإن كان مفرد اللفظ) [65] وقال أبي خالويه:"الوَلد والوُلد سواء، مثل السَّقم والسُّقم، وقال آخرون: الولد جمع ولد، كأسد وأُسد، وأن يكون لغة في الولد"[66] .
والولد في القرآن لم يوصف، ولم يعد عليه ضمير أو خلافه [67] .
بَشَر: قال الراغب: البشرة: ظاهر الجلد
…
وجمعها بشر وأبشار، وعبر عن الإنسان بالبشر
…
واستوى في لفظ البشر الواحد والجمع، وثنى، فقال تعالى:{أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْن} [68] وقال أبو حيان: "البشر يطلق على الواحد والجمع، والمراد هنا النفي العام، وسمي بشراً لظهور بشرته، وهو جِلْدُهُ"[69] .
النعَمُ: هي المال الراعية، وقيل: النعم: الإبل والشاء، يذكر ويؤنث، جمعه أنعام، وأناعيم جمع الجمع. وقال ابن الأعرابي:"النعم: الإبل خاصةً، والأنعام: الإبل والبقر والغنم"[70] . والنعم لفظ مفرد، دل على الجمع، لا واحد له من لفظه، يجمع في القلة على أنعام
…
" [71] .
نَفَر: بالتحريك بمعنى الرَّهط، وهو ما دون العشرة من الرجال، ومنهم من خصص، فقال للرجال دون النساء، والجمع أنفار. قال أبو العباس:"النفر والقوم والرهط هؤلاء معناهم الجمع، لا واحد لهم من لفظهم". قال سيبويه: "والنسب إليه نفري
…
ويقال: هؤلاء عشرة نفر، أي عشرة رجال. وقيل: النفر: الناس كلهم، عن كراع" [72] .
وهذا النوع من الأسماء على ضربين:
ضرب وضع للدلالة على الجمع. وضرب يصلح للدلالة على الجمع وغيره، والاستعمال هو الذي يعينه.
فالضرب الأول: مثل نفر، وهذا اسم جمع، وهو يوافق الجمع في أنه وضع للدلالة على الجمع، ويخالفه في أنه جاء على غير صور الجمع المعروفة، والأحكام اللفظية من تصغير، ونسب، وعودة ضمير، وإشارة إليه، كما تقدم.
والضرب الآخر: مثل ولد وبشر، وهذا اسم جنس جمعي، وهو يخالف الجمع، واسم الجمع في "أنه في الأصل وضع للماهية، سواء أكانت مشخصاتها قليلة أو كثيرة، فالقلة والكثرة فيه غير داخلتين في نظر الواضع، بل إنما وضعه صالحاً لهما، بخلاف اسم الجمع
…
" [73] .
ولزيادة الإيضاح نفرق بين الجمع واسم الجنس الجمعي، فنقول: إن اسم الجنسي الجمعي يوافق اسم الجمع في الناحية اللفظية، لأن لفظه لفظ المفرد مثل روم وتمر. ويخالف الجمع في هذا، لأن للجمع صيغاً معدودة، واسم الجمع، واسم الجنس الجمعي يردان على خلافها لأنه مفرد لفظاً. أما الناحية المعنوية فقد تقدمت.
واسم الجمع واسم الجنس الجمعي- وإن اتفقا في عدم ورودهما بلفظ الجمع- يختلفان لفظا ومعنىً. أما اللفظ فاسم الجمع لا يتميز من واحدة بالتاء أو الياء. وأما المعنى فكما تقدم من أن دلالة اسم الجمع وضعية، بخلاف اسم الجنس الجمعي. هذا رأي جمهور البصريين، وخالفهم الكوفيون، فعدوا اسم الجنس الجمعي من جموع التكسير. وهو مردود عليهم من جهة اللفظ والمعنى، إذ يصغر وينسب إليه على لفظه، ويعود الضمير إليه مفرداً. كما تقدم في اسم الجمع، وأما المعنى فبتغاير المدلولين، كما سبق [74] .
والمتأخرون حين قيدوا اسم الجنس بوصف (الجمعي) أرادوا التفريق بينه وبين اسم الجنس الإفرادي، وهو ما صدق على القليل والكثير، ولم يفرق بينه وبين واحدة بالتاء أو الياء كعسل ولبن وماء وخل وتراب. والتفريق بينه وبين اسم الجنس الأحادي، وهو ما أريد به واحد غير معين، مثل أسد [75] .
الفصل الثاني: مسائل تتعلق بطبيعة فَعَلٍ.
وإذا انتهينا إلى هذا من العرض، فإنا نورد هذا السؤال:
هل (فَعَلٌ) الذي مفرده (فاعل) جمع تكسير أو اسم جمع؟.
الجواب: أنه اسم جمع وإن ورد تجوزاً في عبارة الأقدمين: فَعَل جمع فاعل، أو فَعَل مفرده فاعل، وقول ابن مالك المتقدم في نظم الفوائد:
فصل في فَعَلٍ جمعِ فاعل.
جمعاً بالنقل فخذ مثلا
…
الخ
فعل للفاعل قد جُعلا
فهذا من باب التجوز، وقد سبق إيضاح الفرق بين الجمع واسم الجمع بما يغني عن إعادته، فليرجع إليه هناك. وهذا الحكم ليس خاصاً ب (فَعَل) بل يشاركه ما كان مثله، مثل (فَعْلٍ) التي لها مفرد على (فاعل) ، مثل رَكْبٍ ورَاكِبٍ، وجَلْسٍ وجالسٍ، وغيرهما.
بل إن هذا الحكم في كل ما دلَ على الجَمع وضعاً، وأخذ أحكام المفرد اللفظية، وليس على صيغة من صيغ جمع التكسير.
وما نسب إلى الأخفش من القول بأن ما كان من هذا الضرب فهو جمع تكسير قول باللازم والمقتضى لأنه قال: كل ما يفيد معنى الجمع على وزن (فعل) وواحده اسم فاعل، كصحب وشرب في صاحب وشارب، فهو جمع تكسير، واحدة ذلك الفاعل
…
ومقتضى مذهب الأخفش- وإن لم يصرح به- أن يكون مثلِ صُحْبة في صاحب، وظُؤار في ظِئْرِ، وجامل في جمل، وسَراة في سري، وفُرْهة في فاره، وغزِيّ في غاز، وتُؤَام في تَوْأَم، وغَيَبَ وخَدَم وأَهَب في خادم وغائب وإهاب، وبَعَد في بعيد، ومشيوخاء ومعيوراء ومأتوناء في شيخ وعير وأتان، ومَعِيز وكَلِيب في معز وكلب، ومشيِخة في شيخ، وعمد في عمود، كل ذلك جمع مكسر، إذ هي مثل ركب وسفر ونحوهما لأنّ الجمع من تركيبه لفظاً يقع على مفرده [76] .
وقال ابن يعيش: "وذهب أبو الحسن إلى أنه تكسير"[77] ثم ألزموه بمقتضى قوله، وما يلزمه، فقالوا: تجري عليه أحكام جمع التكسير، ولأنه لا يدل على القلة، وإنما يدل على الكثرة، أخذ أحكام جمع الكثرة، فإذا صُغر على مذهبه رُد إلى الواحد، وصُغر عليه، ثم تلحقه الواو والنون إن كان مذكراً، والألف والتاء إن كان مؤنثاً، فنقول في تصغير ركب: رويكبون، وفي سفر: مسيفرون، ورويكبات، ومسيفرات، إذا كان مؤنثاً" [78] .
وقال الرضي: "فعلى هذا القول تُصَغِّرُ لفظ الواحد، ثم تجمع جمع السلامة، كما في رجال ودور، فتقول في تصغير ركب وسفر: رويكبون وسويفرون، كما يقال: رجيلون، ودويرات في تصغير رجال ودور، وقول الشاعر:
أخشى ركيباً أو رجيلاً عاديا
رد عليه [79] . وقال ابن جني: (فهذان تحقير ركب ورجل، وهما اسمان للجمع بمنزلة رُكَّاب ورَجَالة" [80] .
ولعل قول ابن جني: "وكان أبو الحسن يقول في تحقير ركب: رويكبون، لأنه عنده جمع كسر عليه راكب، وقوله: ركيب يدل على خلاف مذهبه، وهو قول سيبويه، وهو الصواب"[81] . لعل هذا القول قول بما يلزم ما قاله أبو الحسن، وإن لم يصرح به. وقول الرضي المتقدم أدق وأصوب.
وهل شارك أبا الحسن أحد غيره في القول بهذا أولا؟.
نعم، "وافقه ابن الأثير في البديع، قال: يجمع فَعُول على فَعَل، نحو عَمُود وعَمَد، وقيل: هو اسم الجمع"[82] . وقال: "فَعَل جمع- وعلى (فَعَلٍ) بفتح الفاء والعين قالوا: أديم وأدم، وقيل: إنه اسم الجمع"[83] . وقال: "فِعال يجمع على (فعل) - بفتح الفاء والعين، نحو إهاب وأهب"[84] .
وقد ذهب الفراء مذهباً فيه تفريق وتفصيل، فقال:"كل ماله واحد من تركيبه، سواء كان اسم جمع كباقر وركب، أو اسم جنس كتمر وروم، فهو جمع، وإلا فلا"[85] .
وعلى هذا لنا أن نعد قول من قال: فَعَل جمع فاعل قولاً فيه شيء من التجوز والتسامح، وأنهم لا يقصدون بالجمع هنا الجمع المكسر الذي له صيغ معروفة وأحكام خاصة، وإنما يقصدون به مطلق الجمع، ولو لم يكن على تلك الصيغ، وخالف في الأحكام.
ثم هل لنا بعد هذا أن نقول: إن (فَعَل) كان في الأصل (فعلة) ، ثم نُقص بحذف التاء، كما قد يفهم من بعض النصوص المتقدمة [86] ؟.
فالجواب: لا، ليس لنا أن نقول ذلك، لأنه قول ينقصه الدليل، ويمكن أن ينقض بما يأتي:
1-
فعل لم يقتصر ورودها على فاعل كما تقدم، بل وردت جمعاً لفِعال وفَعول وفَعيل، كما تقدم، فلو سلمنا جدلاً بأن (فَعَل) منقوصة من (فَعَلة) فيما كان له مفرد على (فاعل) فما العمل في غيره؟.
2-
أن ما جمع على (فَعَل) ورد أحياناً جمعه على (فَعَلة) وأحياناً لم يرد، بل يمتنع قياساً، فنحن لو سلمنا جدلاً بإمكانه في الأول، فما القول في الآخر؟.
3-
أن (فَعَل) إذا كان أصله (فَعَلة) فلابد أن يشترط فيه ما اشترط في أصله، والمعروف أنَّ (فَعَلة) ينقاس في الوصف المستوفي أربعة شروط: على وزن فاعل، صحيح اللام، للمذكر، العاقل، نحو: كامل، وساحر، وكافر وفاجر، وخازن، فتقول في جمعها: كملة
…
إلى آخره. قال تعالى: {وَجَاءَ السَّحَرَةُ} [87] ، {أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ} [88]{وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا} [89] . ومن هذا جَوَلة وخَوَلة جمعي جائل (ذاهب في الأرض) وخائل (متكبر) ، إلا أن هذين الجمعين لم يعلا شذوذاً، غير أنه يقل هذا الجمع في المضاعف. قال ابن خالويه:"ليس في كلام العرب من المضاعف فاعل وفعلة إلا شاب وشَبَبة، وبار وبَرَرة، وعاق وعَقَق". وشذ جمع ما ليس على فاعل كسيِّد وخبيث [90] .
ثم إن فاعلاً إن كان اسماً فله إذا جمع ثلاثة أمثلة: فواعل، فُعلان، فِعلان، نحو: كواهل، وحُجران، وجنان [91] .
"وللصفة تسعة: فُعَّل، فُعَّال، فَعَلة، فُعَلة، فُعَّل، فُعَلاء، فُعلان، فِعال، فُعُول، نحو: شُهَّد، وجُهَّال، وفَسَقة، وقُضاة، وتختص بالمعتل اللام، وبُزَّل، وشُعَرَاء، وصُحْبان، وتجَار، وقُعُود، وقد شذ نحو: فوارس"[92] .
هذا، و (فَعَل) في فاعل سماعي، لا قياس، يوقف فيه على ما سمع عن العرب، ويحفظ ما ورد عنهم منه.
ورود اسم الجمع على وزنين أحدهما (فَعَل) :
قد يرد اسمه الجمع على وزنين، أحدهما (فَعَل) والآخر غيره، مثل: الضَّأْن، والمَعْزَ. فالضَّأْن لغة في الضأْن على وزن (فَعْل) قال ابن مالك:
"فصل: لغات في الضأن
وقُلْ: ضَئينٌ أَوِ الفا اكْسِرْ، وقُلْ: ضَانَا" [93]
في الضأْن ضَين وضيِنٌ مع ضوائن قُلْ
والضَّأَن مما فات ابنَ مالك، وقد وردت في اللسان والقاموس، ففي اللسان "
…
الضائن: خلاف الماعز، والجمع الضأْن والضأَن، مثل المَعْز والمَعَز، والضَّئين والضِّئين تميمية، والضَّين والضِّينُ غير مهموزين، عن ابن الأعرابي: كلها أسماء لجمعهما، فالضأْن كالركْب، والضَّأَن كالقَعَدِ، والضَّئين كالغزيّ والقَطِين، والضِّئين داخل على الضَّئين، أتبعوا الكسر الكسر، يطرد هذا في جميع حروفِ الحلق إذا كان المثال فَعِلاً أو فَعِيلاً، وأما الضَّين والضِّين فشاذ نادر، لأن ضائناً صحيح مهموز، والضِّين والضَّين معتلّ غير مهموز
…
قال أبو الهيثم: جمع الضائن ضَأَنٌ، كما يقال: ماعزٌ ومَعَزٌ، وخادم وخَدَم، وغائب وغَيَبٌ، وحارس وحَرَس، وناهِل ونَهَلٌ، والضَّان أصله الضًّأن، فخفف" [94] .
المَعَز: مفرده الماعز: ذو الشعر من الغنم، خلاف الضأْن، وهو اسم جنس، وهي العنز، والأنثى ماعزة ومِعْزَاة، والجمع مَعْز ومَعَز ومَواعِزُ ومعيز، مثل الضئِين، ومِعاز [95] . نَقْل (فَعَل) عن المصدرية:
بعض ما جاء على (فَعَل) وهو يدل على الجمع يمكن أن يكون منقولاً عن المصدر، ومن ذلك:
عَزَبٌ: قال الشاعر:
وللعَزَب المسكين ما يتلمس [96]
هنيئاً لأرباب البيوت بيوتهم
والعزب: الذي لا أهل له، أي: لا زوج، وزعَم الشنتمري: أن عَزَباً في الأصل مصدر وصف به ولا فعل له يجري عليه. وفي معاجم اللغة: العزب اسم للجمع، كخادم وخَدَم [97] .
النَّهَل: أول الشرب
…
نَهلَتِ الإبل نَهَلا، وإبل نوِاهل، ونهال، ونَهَلٌ، ونُهُول، ونهَلَة، ونَهْلَىَ
…
قال أبو الهيثم: نَاهل ونَهَل، مثل خادم وخدَم.... وجمع الناهل نَهَل، مثَل طالب وطَلَب [98] .
الطَّلَبُ: تحتمل النقل عن المصدر كذلك.
تَبَعٌ: تحتمل النقل عن المصدر كذلك.
نبه: رجل نبه وقوم كالواحد، عن ابن الأعرابي، كأنه اسم للجمع، والنبه يطلق على الضالة، والمشهور، ومصدرٌل (نَبهَ)[99] .
وغير هذه مما تقدم في أثناءَ الحديث عن الألفاظ.
تصحيح (فَعَل) وترك إدغامه:
رأيت فيما مضى أن بعض ما ورد من أسماء الجمع على (فَعَلِ) ومفرده فاعل ورد مصححاً، والقواعد الصرفية تقتضي إعلالهُ، بقلب الواو والياء ألفاً لتحركهما وانفتاح ما قبلها، فما الحكمة في ورودهما خلاف الأصل؟. وما الحكمة في ترك الإدغام فيما استحق الإدغام من (فَعَل) ؟.
مجيئه هكذا شاذ عن القياس، وإن اطرد في الاستعمال، ولا يكون مثل هذا في الياء، أعني أنه لا يجيء مثل البَيَعَةِ والسًّيرَة في جمع بائع وسائر، وعلة ذلك قرب الألف من الياء، وبعدها عن الواو، فإذا صحت نحو: الخولِ والحوكة والخونة، كان أسهل من تصحيح نحو البيعة، وذلك أن الألف لما قربت من الياء أسرع انقلاب الياء إليها، وكان ذلك أسوغ من انقلاب الواو إليها لبعد الواو عنها، ألا ترى إلى كثرة قلب الياء ألفاً استحساناً لا وجوباً قالوا: في طيء: طائي، وفي الحيرة: حاري، وفي عيعيت وحيحيت وهيهيت: عاعيت وحاحيت وهاهيت؟. وقلما يرى في الواو مثل هذا، فإذا كان مثل هذه القربى بين الألف والياء، كان تصحيح نحو: بيعة وسيرة أشق عليهم من تصحيح نحو: الخول، والحوكة، والخونة، لبعد الواو من الألف، وبقدر بعدها عنها يقل انقلابها إليها، ولأجل هذا الذي ذكرنا كثر عنهم نحو: اجْتَوِروا واعْتَوُنوا واحتوشوا...." [100] .
والعلة في القلب ألفاً موازنة الفعل، وطلب الخفة، فقلبتا للاستثقال، والمراد بمشابهة الفعل أو موازنته مساواته له في عدد الحروف والحركات المعينة وإن باينه في تعيين الزيادات وأمكنتها، فمَفْعَل على وزن يَفْعَل، وإن كانت زيادته غير زيادته، وفاعل موازن ليفعل، وزيادته غير زيادته، ومكانها غير مكانها [101] .
"وإنما اطرد قلب العين في (فَعَل) نحو: دار وباب ونار وناب، لأن القلب لا يوجب التباس فَعَلٍ بفَعْل، إذ بالألف يعرف أنه متحرك العين لا ساكنها
…
وقد جاء لأجل الخفة كثير من المعتل على (فَعَل) غير مُعل، نحو: قود وميل، وغيب، وصيد، وخونة، وحوكة" [102] . (وقولهم الروح والغيب والخول، والقود شاذ"[103] .
وتصحيح الواو والياء مع تحركهما وانفتاح ما قبلهما- وإن كان القياس يقْتَضي قَلْبَهُمَا- "لا يورد نقضاً على ما أصَّلوه من أن حرف العلة متى تحرك وانفتح ما قبله وجب أن يقلب ألفاً، لقلته وشذوذه
…
، لأن القواعد الكلية لا تنقض بالصور الشاذة النادرة.
فإن قيل: فما الفائدة في مجيء هذه الشواذ في كلامهم، وهي ترجع على العلة، بالإبطال؟.
قيل: الفائدة في مجيئها التنبيه على الأصول المرفوضة بالعللِ الموجبة ألا ترى أنّ في تصحيح القود والحوكة تنبيهاً على أن الأصل في دار: دَوَر، وفي باب بوَب
…
ومخالفة القياس للتنبيه على الأصول كثيرة في كلامهم" [104] .
ونحو من هذا يقال في ترك إدغام (عَسَس)[105] ، بل الثقل في ترك التضعيف أكثر من ثقلِ ترك الإعلالَ [106] .
خاتمة: في دلالة (فَعَل) :
إذا كانت (فَعَلٌ) اسم جنس، فدلالتها على الكثرة، يقول المرزوقي: "
…
وأما الخامس- وهو ما يفيد الكثرة، ولفظه لفظ الواحد- فهي الأسماء المصوغة للجمع، نحو: كل من جزء وبعض، ونحو: قوم من رجل، ونساء من امرأة، وإبل من ناقة وجمل، وأولاء من ذا.
والثاني: أن يكون من لفظ المجموع بالاسم المفرد المصوغ للكثرة، وذلك نحو: الجامل من جمل، والباقر من بقر، ونحو: الضئين والكليب من ضأن وكلب) [107] . و (فَعَلٌ) التي مفردها فاعل من هذا الضرب، فتدل دلالته.
وتقدم في البحث ما يؤذن بهذا من أن (فَعَلَا) ونحوها من الصيغ ليست تدل على القلة، وإنما تدل على الكثرة، وتأخذ أحكام جمع الكثرة. قال ابن يعيش:"اعلم أن هذا الضرب من الأسماء- وإن دل على الكثرة- فليس بجمع كسر عليه، على حد رجل ورجال"وقال- أيضاً: "فثبت بما ذكرناه: أنه اسم مفرد دال على الجمع، وليس بجمع على الحقيقة"[108] . وقال الرضي: "اسم الجمع اسم مفرد موضوع لمعنى الجمع فقط، ولا فرق بينه وبين الجمع إلا من حيث اللفظ، وذلك لأن لفظ هذا مفرد، بخلاف لفظ الجمع، والدليل على إفراده جواز تذكير ضميره
…
" [109] .
هذا ما تيسر لي من صيغة فعل الدالة على الجمعية أرجو أن ينفع الله به.
دليل المراجع والمصادر
-الأشباه والنظائر / السيوطي (911) تحقيق طه عبد الرءوف سعد / مكتبة الكليات الأزهرية 1395/ القاهرة.
- ألفية ابن مالك (672) مكتبة المؤيد/ الطائف ط أولى 1389.
- البحر المحيط / أبو حيان النحوي (745) مكتبة النصر/ الرياض/ صورة.
- البديع في علم العربية / المبارك بن محمد مجد الدين بن الأثير (606) القسم الثاني منه / رسالة دكتوراه من تحقيق د/ صالح بن حسين العايد / جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية /كلية اللغة العربية.
- تصريف الأسماء محمد الطنطاوي () ط الخامسة/ 1375 كلية اللغة العربية/ الأزهر.
- تهذيب اللغة/ أبو منصور الأزهري (370) تحقيق جماعة / القاهرة.
- جمهرة اللغة / ابن دُريد (321) صورة عن طبعة الهند.
- الخلاصة / ألفية ابن مالك.
- دراسات لأسلوب القرآن الكريم / محمد عبد الخالق عضيمة (1404) جامعة الإمام محمد بن سعود / الرياض.
- رسالة الملائكة / أبو العلاء المعري (449) الناشر المكتب التجاري / بيروت.
- سيبويه عمرو بن عثمان (180 تقريباً) / تحقيق عبد السلام هارون.
- شرح الشافية / رضي الدين الإستراباذي (686) تحقيق محمد نور الحسن ورفيقيه / صورة.
- شرح الكافية / الرضي الإستراباذي (686) صورة عن الطبعة الأولى/ دار الكتب العلمية / بيروت.
- شرح المفصل / يعيش بن علي بن يعيش (643) صورة.
- القول في ألفاظ الشمول والعموم والفصل بينهما / أبو علي أحمد بن محمد المرزوقي (421) تحقيق د/ إبراهيم السامرائي ضمن رسائل في اللغة / سنة 1964 مطبعة الإرشاد/ بغداد.
- كتاب سيبويه = سيبويه.
- الكشاف / الزمخشري (538) ط طهران.
- الكلام على عصي ومغزو/ أبو البركات بن الأنباري (577) تحقيق د/ سليمان العايد.
- لسان العرب/ ابن منظور (711) بيروت/ دار لسان العرب.
- ليس في كلام العرب/ ابن خالويه (370) نشر أحمد عبد الغفور عطار/ ط ثانية 1399.
- المحكم لابن سيده (458) تحقيق جماعة/ ط أولى/ الناشر مصطفى الحلبي/ مصر.
- معجم مفردات ألفاظ القرآن/ الراغب الأصفهاني (503) تحقيق نديم مرعشلي/دار الكاتب العربي.
- المفردات = معجم المفردات.
- المنصف/ابن جني (392) تحقيق إبراهيم مصطفى وعبد الله أمين/ 1373/ القاهرة.
- نظم الفوائد/ ابن مالك (672) مجلة جامعة أم القرى/ العدد الثاني لعام 1409هـ/ تحقيق د/. سليمان العايد.
- النحو الوافي/ عباس حسن/ دار المعارف/ مصر.
--------------------------------------------------------------------------------
[1]
الخلاصة 65.
[2]
وقد يقال في اسم الجمع ما يقال في اسم المصدر، إذ قال بعضهم في اسم المصدر: إنه يدل على لفظ المصدر، والمصدر يدل على الحدث، ويمكن أن يقال في اسم الجمع: إنه لا يدل على ما يدل عليه الجمع مباشرة، فلا يدل على ثلاثة إلى عشرة أو على عشرة فأكثر، كما هو معروف في تقسيم الجمع إلى قلة وكثرة، وإنما يدل على اللفظ الذي يدل على الجمع، فخدم لا يدل على الجمع، وإنما يدل على اللفظ الذي يدل على الجمع. وبعضهم لم يعتد بهذا في اسم المصدر، فجعله دالاً على الحدث كالمصدر، وعلى هذا يقال: إن اسم الجمع دال على ما يدل عليه جمع الكثرة، كالجمع. والله أعلم.
[3]
شرح المفصل لابن يعيش 5/77.
[4]
انظر شرح المفصل 5/77 والأشباه والنظائر 2/216.
[5]
سورة القمر آية: 20.
[6]
انظر تصريف الأسماء (235) .
[7]
مجلة جامعة أم القرى (1/2) لعام 1409/. ص75.
[8]
سورة الجن آية: 8
[9]
المفردات (حرس)(112) .
[10]
الكشاف 4/168.
[11]
البحر المحيط 8/ 344.
[12]
سورة الجن آية: 9.
[13]
سورة الجن آية: 27.
[14]
المفردات (رصد)202.
[15]
الكشاف 4/168.
[16]
سورة إبراهيم آية: 21. وغافر آية: 47.
[17]
الكشاف 2/373.
[18]
البحر المحيط 5/416.
[19]
اللسان (تبع) .
[20]
سورة المائدة آية: 60.
[21]
البحر المحيط 3/ 519.
[22]
اللسان (خدم) .
[23]
اللسان (حفد) .
[24]
اللسان (خبل) .
[25]
اللسان (خول) وانظر المحكم 5/ 181 وانظر في شذوذه ص 37 من هذا البحث.
[26]
اللسان (روح) ، والتهذيب 5/ 222.
[27]
سورة الزخرف آية: 56.
[28]
اللسان (سلف) .
[29]
اللسان (طلب) .
[30]
اللسان (ظعن) .
[31]
اللسان (عزب) .
[32]
رسالة الملائكة 71.
[33]
اللسان (عسس) .
[34]
اللسان (غيب) .
[35]
اللسان (فرط) .
[36]
اللسان (قعد) .
[37]
اللسان (قفل) ، والتهذيب 9/ 160.
[38]
اللسان (نهل) ، والتهذيب 6/ 301.
[39]
اللسان (همل) .
[40]
سيبويه 3/ 626.
[41]
اللسان (نشأ) .
[42]
انظر: اللسان والقاموس (نبه) .
[43]
الجمهرة 3/512.
[44]
اللسان (أهب) ، وسيبويه 3/626.
[45]
سورة الفجر آية: 7.
[46]
الهمَزَة الآيتان: الثامنة والتاسعة.
[47]
اللسان (عمد) ، وانظر التهذيب 2/ 251.
[48]
سيبويه 3/625.
[49]
اللسان (عمد) .
[50]
البحر المحيط 5/357.
[51]
سورة لقمان آية: 10.
[52]
سيبويه 3/625.
[53]
انظر اللسان (أدم) .
[54]
اللسان (أفق) .
[55]
اللسان (قضيم) .
[56]
انظر اللسان والقاموس (نبه) .
[57]
انظر تصريف الأسماء 234-235.
[58]
انظر شرح الشافية 2/ 199-200 وتصريف الأسماء 149، 235.
[59]
اللسان (أسل) .
[60]
اللسان (بقر) والمحكم 6/ 241 والتهذيب 9/ 137.
[61]
اللسان (خدم) .
[62]
شرح المفصل 5/77.
[63]
تصريف الأسماء 165.
[64]
المفردات (ولد)
[65]
البحر المحيط 6/213، والآية من آل عمران 47.
[66]
البحر المحيط 5/ 435، ودراسات لأسلوب القرآن 2/ 4/393.
[67]
دراسات لأسلوب القرآن 2/ 4/ 393.
[68]
سورة المؤمنون آية: 47.
[69]
البحر 2/462.
[70]
اللسان (نعم) .
[71]
شرح المفصل 5/75.
[72]
اللسان (نفر) .
[73]
شرح الشافية 2/ 201.
[74]
تصريف الأسماء 235-237.
[75]
تصريف الأسماء 237.
[76]
شرح الشافية 2/203-204.
[77]
شرح المفصل 5/77.
[78]
نفس المصدر السابق.
[79]
شرح الشافية 2/203.
[80]
المنصف 2/101
[81]
المنصف 2/ 101 وانظر سيبويه 3/ 624.
[82]
البديع 2/ 298.
[83]
البديع 2/297.
[84]
البديع 2/ 295.
[85]
شرح الكافية للرضي 2/178.
[86]
انظر ما نقلته عن الأزهري ص 131، 133، وما نقلته عن البحر المحيط ص 130 من هذا البحث.
[87]
سورة الأعراف آية: 113.
[88]
سورة عبس آية: 42.
[89]
سورة الزمر الآيتان: 71، 73.
[90]
تصريف الأسماء216 وليس في كلام العرب 359.
[91]
شرح المفصل 5/53.
[92]
شرح المفصل 5/54.
[93]
نظم الفوائد (ضمن العدد الثاني من مجلة جامعة أم القرى)79.
[94]
اللسان (ضأن) .
[95]
اللسان (معز) .
[96]
رسالة الملائكة 71 وانظر ص 132 من هذا البحث.
[97]
انظر لسان العرب (عزب) وما تقدم ص 132.
[98]
اللسان (نهل) .
[99]
انظر اللسان والقاموس (نبه) .
[100]
المحكم 5/ 181 وانظر اللسان (خول) .
[101]
شرح الشافية 3/ 95-112.
[102]
شرح الشافية 3/ 242.
[103]
شرح الشافية 3/103.
[104]
الكلام على عصي ومغزو 27 28.
[105]
انظر شرح الشافية 3/108، 240، 241، 242، 243.
[106]
انظر شرح الشافية 3/ 244.
[107]
القول في ألفاظ الشمول والعموم 76-77.
[108]
شرح المفصل 5/78.
[109]
شرح الشافية 2/ 202.