المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌معاني الركوع والسجود في القرآن المجيد - مجلة جامعة أم القرى ١٩ - ٢٤ - جـ ٣

[مجموعة من المؤلفين]

الفصل: ‌معاني الركوع والسجود في القرآن المجيد

‌معاني الركوع والسجود في القرآن المجيد

د. إبراهيم بن سعيد بن حمد الدوسري

الأستاذ المساعد في قسم القرآن وعلومه، كلية أصول الدين

الرياض - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

ملخص البحث

يتناول هذا البحث دراسة جميع ألفاظ الركوع والسجود في القرآن الكريم الواقعة في تسعة وأربعين موضعا من سوره المكية والمدنية.

وقد عني بجانب التفسير التحليلي المقارن، وذلك برصد معانيهما اللغوية والشرعية والمجازية، وحسبما اقتضته الآيات جرى تصنيفها إلى ثلاثة عشر موضوعا، ومن ثَمَّ دُرس كل موضوع في مبحث يتناول تلكم الآيات من خلال ما جاء في تفسيرها من نصوص الكتاب والسنة والآثار وأقاويل السلف والمفسرين، كما اقتضت الدراسة الاعتبار بالسياق وكذلك النظائر وسائر القرائن والدلائل من المكي والمدني والناسخ والمنسوخ، وغير ذلك مما ينتهي بالبحث إلى الصحيح من الأقوال، وتعقّب المعاني الضعيفة وما لا يعوّل عليه، وهذا بالإضافة إلى توضيح ما جاور ألفاظ الركوع والسجود من المفردات الغريبة، مما يستلزمه البحث، وكذلك الإشارة إلى بعض المعاني البلاغية.

ويعتبر هذا البحث متصلا بعلم الوجوه والنظائر في القرآن الكريم، وسلسلة ينبغي أن تتواصل على أيدي الباحثين، وإذا لم تستوعب مصادر الوجوه والنظائر ما في القرآن الكريم من المعاني فإن الدراسات في هذا الجانب المهم من علوم القرآن الكريم وتفسيره ضرورية لإبراز هدايات القرآن الكريم ودلالاته.

والله ولي التوفيق.

• • •

الحمد لله الذي دانت لعظمته العباد، وخضعت لعزته الرقاب، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما، أما بعد:

ص: 125

فإن مما يثير التساؤل ورود صيغ الركوع والسجود في القرآن الكريم لمعان متعددة، واختلاف المفسرين رحمهم الله في تأويلها كذلك، فما معنى قوله تعالى لبني إسرائيل:{وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا} (البقرة /58) ؟ وهل المقصود في قوله تعالى في شأن داود عليه السلام {وَخَرَّ رَاكِعًا} (ص/24) الركوع الشرعي؟ وهل عفّر أبوي يوسف وأخوته وجوههم على الأرض سجدا ليوسف؟ وما كيفية سجود النجم والشجر وغيرهما؟ وهل هو حقيقة أو مجاز؟ كل ذلك يستدعي البحث والتدبر، مع ما للركوع والسجود من تاريخ عريق على اختلاف هيئاتها باختلاف الزمان وتعدد الأديان، ولا جرم أن أحدهما (1) كان أول تحية تلقاها البشر عند خلق العالم (2) ، وهما من أهم أركان الصلاة وأدلهما على العبودية لله رب العالمين.

تعريف الركوع والسجود:

معاني الركوع والسجود تدور على ثلاثة محاور، وهي:

المعاني اللغوية.

المعاني الشرعية.

المعاني المجازية.

المعنى اللغوي:

الركوع: يكون في القلب بالخضوع، وفي الجسد بالانحناء وطأطأة الرأس (3) .

والسجود: يشترك مع الركوع في معنييه، ويَفْضُلُ عليه بأنه يختص بوضع الجبهة على الأرض، ولا خضوع أعظم منه (4) والساجد أشد انحناء من الراكع (5) .

ص: 126

المعنى الشرعي: الركوع والسجود من أهم أركان الصلاة وأفضلها كما في صحيح مسلم (ت261هـ) عن ابن مسعود (ت32هـ) رضي الله عنه موقوفا: ((إن أفضل الصلاة الركوع والسجود (1)) ) ، ((أما الركوع فهو أن يخفض المصلي رأسه بعد القَومة التي فيها القراءة حتى يطمئن ظهره راكعاً (2)، قال أحمد بن حنبل (ت241هـ) :((ينبغي له إذا ركع أن يلقم راحتيه ركبتيه ويُفرِّق بين أصابعه، ويعتمد على ضَبْعَيه (3) وساعديه، ويسوي ظهره، ولا يرفع رأسه ولا يُنكِّسه (4)) ) ، ((وكل قومة يتلوها الركوع والسجدتان من الصلوات كلها فهي ركعة، ويقال ركع المصلي ركعة وركعتين وثلاث ركعات)) (5) .

وأما السجود في الشرع فهو وضع الجباه على الأرض (6) ولا بد معه من الطمأنينة (7)، وقد بينه الرسول (في الصلاة فيما رواه عنه ابن عباس (ت68هـ) رضي الله عنهما أن الرسول (قال:((أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة (وأشار بيده على أنفه) واليدين والركبتين وأطراف القدمين، ولا نكِفت الثياب ولا الشعر)) (8) .

الحقيقة والمجاز:

الحقيقة: ((اللفظ الدالّ على معنى بالوضع الذي وقع فيه ذلك التخاطب)) (9) .

والمجاز: ((اسم لما أُريد به غير ما وُضع له لمناسبة بينهما كتسمية الشجاع: أسدا)) (10)

وبين العلماء خلاف مشهور في وقوع المجاز في القرآن الكريم، بل وفي اللغة العربية، ومن نفاه يعتبر ما يُسمى مجازا - من الاستعارة والحذف والتعبير عن الكل بالجزء وغير ذلك - أسلوبا من أساليب اللغة، وذلك صيانة لكتاب الله تعالى من القول بجواز نفي ما أثبت، كنفي كثير من الصفات الثابتة لله جلّ وعلا في القرآن العظيم (11) .

على أن من أجرى المجاز من المحققين قصَره على النصّ، وذلك بالرجوع إلى أهل اللغة المعتبرين، إذ إن المجازات واردة على خلاف الأصل الذي هو الحقيقة (12) .

ص: 127

وقد حاول الزمخشري (ت538هـ) أن يفرق بين الحقيقة والمجاز في الركوع والسجود، فقال رحمه الله:((ومن المجاز لغبت (1) الأبل حتى ركعت، وهن رواكع إذا طأطت رءوسها وكبت على وجوهها

وركع الرجل انحطت حاله وافتقر (2)) ) وقال في مادة (سجد) : ((ومن المجاز شجر ساجد وسواجد وشجرة ساجدة: مائلة، والسفينة تسجد للرياح: تطيعها وتميل بميلها

وفلان ساجد المنخر إذا كان ذليلا خاضعا، وعين ساجدة: فاترة، وأسجَدت عينَها: غضَّتها

وسجد البعير وأسجد طأ من رأسه لراكبه (3)) ) ، واعتبار ماسبق من المجاز غير الدقيق، حيث اعتبرته أكثر المصادر الأخرى حقيقة (4) ، ولأنه كله يدل على الخضوع والانحناء، ((وإذا دار اللفظ بين احتمال المجاز واحتمال الحقيقة فاحتمال الحقيقة أرجح (5)) ) .

وقد استعمل الركوع والسجود في أساليب متعددة أصولها راجعة إلى ما أشرت إليه في المعاني اللغوية والشرعية، وهي:

أنه يقال للمصلي: راكع، ويقال له أيضا ساجد (6) .

ويقال للساجد راكع، وللراكع ساجد (7) .

وهذه الأساليب جميعها قد استعملت في القرآن الكريم على خلاف بين المفسرين في تأويلها، وللسياق والقرائن والدلائل اعتباراتها في ذلك، وإن كان أكثر هذا الاختلاف من قبيل التنوع لا التضاد.

دراسة الآيات:

وقعت ألفاظ الركوع والسجود في القرآن الكريم في تسعة وأربعين موضعا، وتنتظم موضوعاتها فيما يلي:

أولا سجود المخلوقات جميعها لله رب العالمين.

ثانيا- سجود الملائكة.

ثالثا- سجود النبيين عليهم الصلاة والسلام.

رابعا- الرُّكع السجود في قصة نبي الله إبراهيم عليه السلام.

خامسا- سجود أبوي يوسف وإخوته له.

سادسا- سجود السحرة من بني إسرائيل.

سابعا- أمر بني إسرائيل بأن يدخلوا القرية سجدا.

ثامنا- ذكر ركوع نبي الله داود عليه السلام.

تاسعا- سجود الصديقة مريم وركوعها.

عاشرا- سجود مؤمني أهل الكتاب.

ص: 128

حادي عشر- سجود الرسول محمد (وأمته وركوعهم.

ثاني عشر- سجود الكفار وركوعهم.

ثالث عشر- أمر اليهود بالركوع.

أولا - سجود المخلوقات جميعها لله رب العالمين:

قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} (الرعد/15) .

وقال الله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنْ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ (48) وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} (النحل/48،49) .

وقال الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} (الحج/18) .

وقال الله تعالى: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ} (الرحمن/6) .

{بِالْغُدُوِّ} : أول النهار، {وَالْآصَالِ} آخره، وهو مابين العصر إلى مغرب الشمس (1) .

{يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنْ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ} بمعنى {بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} ، فمعنى تتفيأ في هذه الآية: تتنقل وتتميل، فالظل يرجع من موضع إلى موضع، والمقصود ب {الْيَمِينِ} أول النهار، وب {وَالشَّمَائِلِ} أواخره (2) .

{دَاخِرُونَ} : صاغرون (3) .

ص: 129

{وَالشَّجَرُ} : ما قام على ساق، وأما {وَالنَّجْمُ} فقد اختُلف فيه، ففسره ابن عباس (ت68هـ) رضي الله عنهما بالنبات الذي لا ساق له، واختاره ابن جرير (ت310هـ) ، وفسره مجاهد (ت104هـ) بنجم السماء، واختاره ابن كثير (ت774هـ)(1) ، وجمع الزجاج (ت311هـ) بين التفسيرين، فقال:((ويجوز أن يكون النجم ههنا يعني به ما نبت على وجه الأرض وما طلع من نجوم السماء، يقال لكل ما طلع قد نَجَم (2) .

اشتملت هذه الآيات على سجود كل شئ لله تعالى، إذ يقول الله تعالى:{مِنْ شَيْءٍ} (النحل/48) ، ونصّ على بعضه لما فيه من الدلالات الظاهرة على وحدانية الله كالظل، ولأن بعضه قد عُبد من دون الله كالشمس والقمر (3)، والأصناف المنصوص عليها في الآيات الأربع هي:

أهل السموات والأرض من العقلاء، كما يفيده التعبير ب {مَنْ} الواقعة على العقلاء. (الرعد/15، الحج/18) .

الملائكة (النحل/49) .

المؤمنون في قوله تعالى {وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ} (الحج/18) .

الكفار، إذ هم معدودون ضمن العقلاء المذكورون أولا، ونص عليهم أيضا في قوله تعالى:{وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ} أي وكثير حق عليه العذاب سجد (4)، وقيل: بل المعنى وكثير أبى السجود (5) .

كل مالا يعقل المعبر عنه ب ((ما)) . (النحل/48،49) .

الظلال. (الرعد/15، النحل/48) .

الشمس والقمر والنجوم. (الحج/18) .

الجبال والشجر. (الحج/18، الرحمن/6) .

الدوابّ. (النحل/49، الحج/18) .

وقد اختلف العلماء في سجود هذه الأصناف على ثلاثة أقوال:

ص: 130

القول الأول: أنه السجود الشرعي، هو الوقوع على الأرض بقصد العبادة، واعتبروا من لم يسجد من أهل السموات والأرض كالكفار من العام المخصوص، واستدلوا بقوله تعالى:{وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ} (الحج/18) على القول بأن بعض الناس غير داخل في هذا السجود (1) .

القول الثاني: أن المقصود المعنى اللغوي، وهو الخضوع والخشوع (2) .

وهذان القولان معتبران عند علماء التفسير، غير أن القول الأول يتعذر فيه السجود الشرعي في بعض الأصناف، وأما القول الثاني فيتعارض مع القاعدة الأصولية التي تنص على أن اللفظ إذا دار بين الحقيقة الشرعية واللغوية حمل على الشرعية، ولاشك أن الحقيقة الشرعية متحققة في بعض المخلوقات كالمؤمنين، ولولا إرادة ذلك لما أثبته لبعض الناس ونفاه عن بعضهم الآخر في قوله تعالى:{وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ} (الحج/18)(3) .

القول الثالث: أن السجود كل شئ مما يختص به حسب حاله، وهذا هو الراجح (4)، وعليه فيكون السجود فيما سبق من الأصناف على النحو التالي:

الملائكة: سجودهم عبادة حقيقية، ويكون طوعا بلا خلاف (5) كما قال الرسول (:((إني أرى مالا ترون وأسمع مالا تسمعون، أطَّت السماء (6) ، وحُقّ لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجدا لله

)) (7) .

المؤمنون: سجودهم شرعي طوعا، وقيل إن الكره يكون في سجود عصاة المسلمين وأهل الكسل منهم، وهذا القول أجنبي عن المقصود بقوله تعالى:{طَوْعًا وَكَرْهًا} (8) . (الرعد/15) .

الكفار: لهم السجودان: أما الشرعي فيكون كرها، ويصدق على المنافقين منهم، كما قال تعالى:{وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ} (9)(التوبة/54) .

ص: 131

وأما سجود الكافر خضوعاً على حسب ماهو في اللغة فلأنه منقاد لمشيئة الله وقدرته (1)، وقال مجاهد (ت104هـ) :((ظِل الكافر يسجد طوعا وهو كاره (( (2)، وقال الزجاج (ت311هـ) :((والكافر إن كفر بقلبه ولسانه وقصده فنفس جسمه وعظمه ولحمه وجميع الشجر والحيوان خاضعة لله ساجدة)) (3) .

سجود الموات والجماد المعبر عنه ب (مالا يعقل) : مامن حيوان ولا نبات ولا جماد إلا وهو مطيع لله خاشع له مسبح له كما أخبر الله تعالى عن السموات والأرض: {فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} (فصلت/11)، وقال جل شأنه في وصف الحجارة:{وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} (البقرة/74) ، وغير ذلك من الشواهد، مما يدل على أن الله قد أودعها فهما وإدراكا، والخشية لا تكون إلا لما أعطاه الله مما يختبر به خشيته، فهو سجود طاعة، وعلينا التسليم لله، والإيمان بما أنزله من غير تطلّب كيفية السجود وفقهه، إلا ما جاء النص فيه مما سيأتي إن شاء الله قريبا، وهذا مذهب أهل السنة.

وقيل سجود الموات والنبات ونحوهما ظهور أثر الصنع فيها، على معنى أنه يدعو الغافلين إلى السجود عند التأمل والتدبر فيه وهذا مخالف لكثير من ظواهر الكتاب والسنة (4) .

الظلال: لها سجود خاص غير سجود الأشخاص، وقيل: إن المراد بالظلال الأشخاص، وهو ضعيف مخالف للتفسير ولظاهر الآيات (5) .

ص: 132

وقد بين الله كيفية سجود الظلال في قوله تعالى: {يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنْ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ} (النحل/48) قال ابن جرير: ((وسجودها ميلانها ودورانها من جانب إلى جانب، وناحية إلى ناحية، كما قال ابن عباس: يقال من ذلك سجدت النخلة: إذا مالت، وسجد البعير وأُسجد: إذا أُميل للركوب (1)) ) ، ويتضمن ذلك خضوعها وانقيادها لأمر الله، كما قال تعالى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا (45) ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا} (الفرقان/45،46) ولا يبعد أن يجعل الله للظلال عقولا تخشع بها وتدرك بها ونحن لا ندركها (2) .

ص: 133

الشمس والقمر والنجوم: قال أبو العالية الرِّياحي (ت90هـ) : ((مافي السماء نجم ولا شمس ولا قمر إلا يقع لله ساجدا حين يغيب، ثم لا ينصرف حتى يؤذن له، فيأخذ ذات اليمين حتى يرجع إلى مطلعه)) (1) ، فهذا سجود حقيقي (2)، ويشهد له ما رواه أبو ذرّ (ت32هـ) رضي الله عنه أن النبي (قال يوماً:((أتدرون أين تذهب هذه الشمس؟)) قالوا: الله ورسوله أعلم. قال ((إن هذه تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش، فتخر ساجدة. فلا تزال كذلك حتى يقال لها: ارتفعي، ارجعي من حيث جئت فترجع، فتصبح طالعة من مطلعها، ثم تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش، فتخر ساجدة، ولا تزال كذلك حتى يقال لها: ارتفعي، ارجعي من حيث جئت، فترجع، فتصبح طالعة من مطلعها، ثم تجري لا يستنكر الناس منها شيئا حتى تنتهي إلى مستقرها ذاك، تحت العرش. فيقال لها: ارتفعي، اصبحي طالعة من مغربك، فتصبح طالعة من مغربها)) ، فقال الرسول (:((أتدرون متى ذاكم؟ ذاك حين {لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} (3)) ) (الأنعام/158) .

فهذا نص صريح عن الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام في سجود الشمس يجب الإيمان به والتسليم به كما ورد، قال ابن العربي (ت543هـ) :((أنكر قوم سجودها وهو صحيح ممكن)) (4)، وقال ابن حَجَر (ت852هـ) :((ويحتمل أن يكون المراد بالسجود سجود من هو موكّل بها من الملائكة أو تسجد بصورة الحال فيكون عبارة عن الزيادة في الانقياد والخضوع في ذلك الحين)) (5) ، وما ذكره ابن حجر - عفا الله عنه - صرف لهذا النص عن ظاهره وحقيقته دون قرينة تصرفه إلى ما احتمله.

ص: 134

الجبال والشجر: نصّت آية الحج/18 على أن الجبال والشجر تسجد لله، وكذلك نصت آية الرحمن/6 على الشجر، ومعنى ذلك أن الله قد أودعهما فَهماً وإدراكا، فهي تسجد سجوداً تعبدياً حقيقياً لا نعلم كيفيته (1) ، وقال ابن جرير الطبري

(ت310هـ) : ((سجود ذلك ظلاله حين تطلع عليه الشمس وحين تزول، إذا تحول ظل كل شئ فهو سجوده)) (2) ، والأظهر كما سبق أن للجبال والشجر ونحوهما سجوداً آخر خاصاً بها، ولظلالها سجوداً آخر خاصاً بها. وليس في آية الحج/18 ولا الرحمن/6 ذكر سجود الظلال، قال ابن كثير (ت774هـ) :((وقال مجاهد أيضا: سجود كل شئ فيه، وذكر الجبال قال: سجودها فيها)) (3) .

ومما يدل على أن هذا السجود غير سجود الظلال ما جاء عن ابن عباس (ت68هـ) رضي الله عنهما، قال:((كنت عند النبي (، فأتاه رجل فقال:إني رأيت البارحة، فيما يرى النائم، كأني أصلى إلى أصل شجرة، فقرأتُ السجدة فسجدتُّ فسجدت الشجرة لسجودي، فسمعتها تقول: اللهم احطط عني بها وزرا، واكتب لي بها أجرا، واجعلها لي عندك ذخرا، قال ابن عباس: فرأيت النبي (قرأ السجدة فسجد، فسمعته يقول في سجوده مثل الذي أخبره الرجل عن قول الشجرة)) (4) .

الدوابّ: عامّ في جميع الحيوانات المميِّزة وغير المميِّزة (5) ، وهي داخلة بحسب اختلاف أنواعها فيما تم توضيحه آنفا. والله أعلم.

إنه لا شيء أدل من السجود على الطاعة والخضوع، ولا جرم أن إخبار الله بسجود هذه المخلوقات له حث للناس على توحيده وطاعته والسجود له، ولهذا استُحب السجود في السور الثلاث الأُول التي أخبر الله فيها عن سجود أهل السموات والأرض (6) .

واختيار صيغة المضارع في الآيات السابقة دلالة على تجدد ذلكم السجود واستمراره.

ثانيا سجود الملائكة:

ذكر الله تعالى في كتابه الكريم للملائكة نوعين من السجود: السجود لله تعالى طاعة وتعبدا، والسجود لآدم تكرمة وتحية.

ص: 135

أسجود الملائكة لله تعالى:

قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ} . (الأعراف/206) .

ورد عن العلماء في معنى السجود ثلاثة أقوال:

1 السجود الشرعي، وهو وضع الجباه بالأرض (1) .

2 الصلاة (2) .

3 الخضوع والتذلل (3) .

والذي يظهر أن أصحها السجود الشرعي، لقول الرسول (:((أطّت السماء وحُقّ لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجدا لله)) (4) ، ولهذا شُرع لِيُتشبه به بالملائكة في فعلهم (5)، كما جاء في الحديث:((ألا تصُفُّون كما تصُفّ الملائكة عند ربها؟)) فقلنا يا رسول الله وكيف تصفّ الملائكة عند ربها؟ قال يتمون الصفوف الأُول ويتراصون في الصفّ)) (6) ، والجمهور من العلماء على أن هذا أول مواضع سجود التلاوة في القرآن الكريم من حيث ترتيب السور (7) .

أما الخضوع فقد أغنى عنه في الآية قوله تعالى: {لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ} ، وأما القول بأن معناه ((ولله يصلون)) فهو الذي فسر به ابن جرير (ت310هـ) هذه الآية، وهو لا يختلف عن القول الأول، لأن السجود جزء من الصلاة، ولأن للملائكة صلاة كما قال تعالى عنهم:{وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (165) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ} (الصافات/165-166) ، والمقصود بذلك صلاتهم (8) .

ولا يخفى أن التعبير بصيغة المضارع في قوله تعالى {وَلَهُ يَسْجُدُونَ} للدلالة على التجديد والاستمرار،وكذلك تقديم المعمول للدلالة على الاختصاص، أي ولا يسجدون لغيره، وفيه أيضا تعريض بالذين يسجدون لغير الله تعالى وتقدس (9) .

ب سجود الملائكة لآدم:

ورد سجود الملائكة لآدم في سبع سور من القرآن الكريم، وهي:

ص: 136

1 قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ} . (البقرة /34) .

2 قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنْ السَّاجِدِينَ} . (الأعراف/11) .

3-

قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (28) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (29) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (30) إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ} . (الحجر/28-31) .

4 قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا} . (الإسراء/61) .

5 قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنْ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} . (الكهف/50) .

6 قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى} . (طه/116) .

7 قوله تعالى: {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (72) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (73) إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ} . (ص/71-74) .

اشتملت هذه الآيات على فضيلة عظيمة لآدم حيث اسجد الله له ملائكته (1)، وقد اختلف العلماء في كيفية هذا السجود على أربعة أقوال:

ص: 137

أنه مجرد الخضوع، دون إيماء ولا انحناء ولا نحوهما، وهذا يرجع إلى أحد معاني السجود اللغوية، والمقصود إقرارهم لآدم بالفضل والقيام بمصالِحه (1) .

الإيماء والخضوع (2) .

الانحناء المساوي للركوع، وذلك بالتكفَّي والتعظيم، كسلام الأعاجم (3) .

أنه السجود المتعارف، وهو وضع الجبهة بالأرض (4) . وعزاه القرطبي (ت671هـ) إلى الجمهور (5) ، وهو الصواب ولا يُعكّر عليه أن السجود في الشريعة الإسلامية محرم، لأن ذلك خاص بآدم في العالم العلوي، وليس ذلك ضمن التكاليف المنوطة بأهل الأرض، فلا يقاس عليه (6) ، على أن هذا السجود كان جائزا قبل الإسلام كما سيأتي بيانه في السجود ليوسف عليه السلام.

وقد اتفق العلماء على أن سجود الملائكة لآدم سجود تحية لا عبادة تكريما لآدم

عليه السلام وإظهاراً لفضله (7)، ولهذا اعترض إبليس على السجود كما أخبر الله تعالى عنه في قوله:{أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ} (الإسراء/62) ، ولم يكن الأمر بالسجود له على أنه نُصب قبلة للساجدين كالكعبة للمسلمين، وذلك يقتضي أن تكون اللام بمعنى إلى في {لِآدَمَ} ، فيكون التقدير: اسجدوا إلى آدم، وذلك تكلف لا مُلجئ إليه (8) .

ص: 138

ومما يدلّ على أن سجودهم كان على الجباه قوله تعالى: {فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} (الحجر/29،ص/72) ، حيث أمرهم بالوقوع وهو السقوط (1)، قال ابن جرير (ت310هـ) في تفسير هذه الجملة:((يقول فاسجدوا له وخِرّوا له سجدا)) (2) ، ومن المرجحات لقول الجمهور أن الأصل في حكم اللفظ أن يكون محمولا على بابه وحقيقته (3) ، ولا شك أن هذا يتأكد إذا كان معه قرينة تدل عليه كما في هذا السجود، ولهذا قال ابن عطية (ت541هـ) :((وهذه اللفظة [فَقَعُوا] تُقوّي أن سجود الملائكة إنما كان كالمعهود عندنا لا أنه خضوع وتسليم واشارة كما قال بعض الناس)) (4) ، لكنه رحمه الله ناقض نفسه في موضع آخر من تفسيره، فقال: وقوله تعالى: {فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} لا دليل فيه، لأن الجاثي على ركبتيه واقع (5) ، وما اعتلّ به منقوض بكلامه الآنف الذكر، كما أن الجثيّ لا يلزم منه الإنحناء (6) ، فهذه هيئة مغايرة للهيئات التي ذكرها العلماء في سجود الملائكة لآدم عليهم السلام. والله أعلم.

ثالثاً - سجود النبيين عليهم الصلاة والسلام:

قال الله تعالى: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَانِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} (مريم/58) .

{آيَاتُ الرَّحْمَنِ} : كلام الله المتضمن حججه ودلائله مما أنزله على أنبيائه في كتبهم (7) .

{خَرُّوا} : الخرور هو السقوط والهوي إلى الأرض (8) .

{وَبُكِيًّا} : بضم الباء وبكسرها لغتان مستفيضتان وقراءتان سبعيتان، جمع باك وهو فاعل على فُعول، كساجد وسُجود، لكن قلبت الواو ياء، فأدغمت نحو جاث وجثي (9) .

ص: 139

وقوله تعالى: {خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} اشتمل على ثلاثة أمور: خرور وسجود وبكاء، فهو صريح في السجود المعروف على الجباه (1) ، ((فلهذا أجمع العلماء على شرعية السجود هاهنا اقتداء بهم واتباعا لمنوالهم (2)) ) ، كما استُحب البكاء عند تلاوة القرآن (3) .

وقيل المقصود بالسجود في هذه الآية الصلاة، وقيل مجرد الخشوع، والخرور يأباهما (4) ، إلا إن القول الراجح _ وهو السجود على الوجه _ يتضمن الخشوع أيضا، ولذلك قال الطبري (ت310هـ) في تفسير هذه الآية:((خروا لله سجدا استكانة وتذللا وخضوعا لأمره وانقيادا)) (5) .

رابعاً - الرُّكع السجود في قصة نبي الله إبراهيم عليه السلام:

قال الله تعالى: {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} . (البقرة/125) .

وقال الله تعالى: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} (الحج/26) .

{وَعَهِدْنَا} : وأََمَرْنا (6) ، وعُدِّي ب {إِلى} لأنه في معنى أوحينا (7) .

{وَالْعَاكِفِينَ} : هم المقيمون بالبيت على سبيل الجوار فيه، ومنهم المعتكفون (8) .

{بَوَّأْنَا} : ((جعلنا مكان البيت مبؤا لإبراهيم، والمبؤ المنزل)) (9) .

{وَالْقَائِمِينَ} : أي في الصلاة (10) .

ص: 140

{وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} : جماعة القوم الراكعين لله، وجماعة القوم الساجدين لله، وقد تعددت عبارات المفسرين في ذلك، فقال ابن جرير الطبري (ت310هـ) :((يعني تعالى ذكره بقوله: {وَالرُّكَّعِ} جماعة القوم الراكعين فيه له، واحدهم راكع، وكذلك {السُّجُودِ} : هم جماعة القوم الساجدين فيه له، واحدهم ساجد: كما قال: رجل قاعد، ورجال قعود، ورجل جالس، ورجال جلوس، فكذلك ساجد ورجال سجود، وقيل: بل عنى بالركع السجود: المصلين)) ، ثم أسند عن عطاء (ت114هـ) قوله:((إذا كان يصلى فهو من الركع السجود)) ، وأسند عن قتادة (ت118هـ) قوله:{وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} : أهل الصلاة)) (1)((وقال الحسن (ت110هـ) : هم جميع المؤمنين)) (2) وقال الفرّاء (ت207هـ) : ((يعني أهل الإسلام)) (3) وقال: الزَّجَّاج (ت311هـ)(( {وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} : سائر من يصلي فيه من المسلمين)) (4) ، وهذا إختلاف تنوع وعبارة لا تناقض ولا تضاد فمنهم من فسرها بهيئات الصلاة بالنظر إلى الألفاظ المذكورة في الآيتين، وهي القيام والركوع والسجود، وهي أعظم أركان الصلاة (5) ، ومنهم من فسرها بالصلاة ((لأن القيام والركوع والسجود هيئات المصلي)) (6) ، ومنهم من حملها على سائر أهل الإسلام أتباع ملة إبراهيم عليه السلام، لأنه لا يركع ولا يسجد لله إلا المسلمون كما أنه لم تجتمع هذه الأركان الثلاثة: القيام والركوع والسجود في صلاة إلا في صلاة المسلمين (7) ، ولهذا ذُكر الركوع والسجود مع البيت لأن الصلاة إليه في غالب الأحوال (8) ، وهو قبلة المسلمين، وقد نص غير واحد من العلماء أن اليهود لا ركوع في صلاتهم، قال أبو حيان (ت754هـ)((المشاهد من صلاة اليهود والنصارى خلوها من الركوع)) (9)، وقال البقاعي (ت885هـ) :((تتبعت التوراة فلم أره ذكر فيها الركوع)) (10)، وقال في موضع آخر: ((سألت عن

ص: 141

صلاة اليهود فأَخبرت أنه ليس فيها ركوع)) (1) .

والظاهر أن مراد العلماء من قولهم لا ركوع في صلاتهم أي مثل ركوعنا الشرعي المعروف، فقد ذكر الله عن داود عليه السلام أنه خر راكعا في قوله تعالى:{فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} (ص/24)، وقال جل شأنه عن مريم البتول:{يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} (آل عمران/43)، وسيأتي ذكر أقوال العلماء في هاتين الآيتين في موضعه من هذا البحث فالحاصل أن قوله تعالى: ، {وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} يدل على أن إبراهيم عليه السلام وكذلك الأمم من قبلنا كانوا مأمورين بالصلاة وبما اشتملت عليها من هيئات، لكنها ليست مماثلة لصلاتنا في الأوقات والهيئات (2) .

وقدم الركوع على السجود، كما تقدم القيام عليها باعتبار الزمان، وأما من حيث الأفضلية فإن السجود هو أفضل هيئات الصلاة على ما نص عليه جمع من الأئمة (3) ، وجنس الركوع والسجود أفضل من جنس القيام (4)، وعن ابن مسعود (ت32هـ) رضي الله عنه موقوفا:((إن أفضل الصلاة الركوع والسجود)) (5) .

ص: 142

وقد اشتمل قول الله تعالى: {وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} على جملة من الأسرار البلاغية لخَّصها الإمام اللغوي أبو حيان (ت754هـ) في قوله: ((وجُمعا جمع تكسير لمقابلتهما ما قبلهما من جمعي السلامة، فكان ذلك تنويعاً في الفصاحة أيضا، وخالف بين وزني تكسيرهما تنوعيا في الفصاحة أيضا، وكان آخرهما على (فُعول) لا على (فُعَّل) لأجل كونها فاصلة، والفواصل قبلها وبعدها آخرها قبله حرف مد ولين، وعُطفت تينك الصفتان لفرط التباين بينهما بأي تفسير فسرتهما مما سبق، ولم يُعطف السجود على والركع لأن المقصود بهما المصلون، والركع والسجود وإن اختلفت هيئاتهما فيشملها فعل واحد وهو الصلاة، فالمراد بالركع السجود المصلون، فناسب ألا يعطف لئلا يُتوهم أن كل واحد منهما عباده على حيالها وليستا مجتمعتين في عبادة واحدة وليس كذلك)) (1) .

خامساً - سجود أبوي يوسف وإخوته له:

قال تعالى: {إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَاأَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} . (يوسف/4) .

وقال الله تعالى: {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَاي مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا} . (يوسف/100) .

السجود المذكور في الآية الأولى رؤيا منام، والمذكور في الآية الأخرى هو وقوعها، وأبواه: يعقوب عليه السلام وأم يوسف وقيل بل خالته، وظاهر القرآن أنها أمه (2) ، والذين خروا له سجدا أبواه، وذلك مصداق رؤيا الشمس والقمر، وإخوته الأحد عشر وذلك مصداق رؤيا الأحد عشر كوكبا.

{الْعَرْشِ} : سريره الذي يجلس عليه (3) .

ص: 143

وقد اختلف العلماء في المقصود من السجود في قصة يوسف على النحو الذي في قصة سجود الملائكة لآدم، هل كان خضوعا مجردا؟ أو مع إيماء؟ أو كان انحناء كالركوع؟ أو هو السجود المتعارف عليه من وضع الجبة بالأرض (1) ؟

وأسباب هذا الاختلاف أن السجود لغير الله شرك محرم في دين الله في جميع الأزمان، فلذلك صرف لفظ السجود عن ظاهره وهو تعفير الجباه إلى ما دونه من التأويلات، والذي عليه الأكثر أن السجود على وجه التحية والتكرمة كان جائزا كسائر التحايا مما جرت عليه عادة الناس في التوقير والتقدير، لا على وجه العبودية، فكان السجود سائغا في الشرائع السابقة على هذا النحو، ولم يزل مباحا إلى أن جاء الإسلام فجعله مختصاً بالله تعالى وحده حماية لجناب التوحيد ومساواة بين الناس في العبودية والمخلوقية (2) ففي الحديث:((لما قدم معاذ من الشام سجد للنبي (، قال: ((ما هذا يا معاذ؟)) ، قال: أتيت الشام فوافقتهم يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم، فوددتُّ في نفسي أن نفعل ذلك بك، فقال رسول الله (: ((فلا تفعلوا

)) (3) وفي بعض طرقه: ونهى عن السجود للبشر، وأمر بالمصافحة (4)، وعن أنس بن مالك (ت93هـ) قال: قال رجل: يا رسول الله، الرجل منا يلقى أخاه أو صديقه أينحني له؟ قال:((لا)) قال: أفيلتزمه ويقبله، قال:((لا)) قال: أفيأخذ بيده ويصفحه؟ قال: ((نعم)) (5) .

وقد أجمع المفسرون أن سجود أبوي يوسف وإخوته على أي هيئة كان فإنما كان تحية لا عبادة (6) ، والأظهر أنه كان على الوجوه وليس انحناء ولا إيماء لقوله تعالى {وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا} (7)، قال الجوهري (ت393هـ) :((وخرَّ لله ساجدا يّخِرُّ خُرُورا أي: سقط)) (8) .

ص: 144

وقيل الضمير في {لَهُ} لله عز وجل وهو قول مردود (1) ، ولا يلتئم مع السياق، ولا يتوافق مع الرؤيا (2) في قوله تعالى:{إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} (يوسف/4) .

وقال الزمخشري (ت538هـ) : ((وقيل معناه: وخروا لأجل يوسف سجدا لله شكرا وهذا أيضا فيه نَبْوة)) (3) .

وكل هذه التأويلات الضعيفة لأجل الخروج من أن يكون السجود لغير الله، ومن استبان له تاريخ السجود زالت عنه هذه الإشكالات.

وأما سجود الكواكب والشمس والقمر في رؤيا يوسف عليه السلام فالأصل في الكلام حمله على ظاهره وحقيقته، ولا مانع أن يراها ساجدة له،ولهذا عبر عنها بما هو خاص بالعقلاء فلم يقل: رأيتها ساجدة،ولكنه قال {سَاجِدِينَ} : إظهاراً لأثر الملابسة والمقاربة (4) ، وقد سبق الكلام عن سجود ما لا يعقل في أول البحث.

سادساً - سجود السحرة من بني إسرائيل:

قال تعالى: {وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ} (الأعراف/120)

وقال تعالى: {فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (45) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ} (الشعراء/45،46) .

وقال تعالى: {فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى} (طه/70) .

ص: 145

المراد بالسجود في هذه القصة السقوط على الوجوه لما عاينه السحرة من عظيم قدرة الله، وصدق نبوة موسى عليه السلام والتعبير بالإلقاء في الآيات الثلاث يفيد أنهم خروا لله تعالى متطارحين على الأرض مذعنين لله بالطاعة، وهو صريح في صفة سجودهم (1) ، وتساءل الزمخشري (ت538هـ) عن فاعل الإلقاء لو صرح به، فأجاب:((هو الله عز وجل بما خولهم من التوفيق أو إيمانهم أو ما عينوا من المعجزة الباهرة، ولك أن لا تقدّر فاعلا، لأن ألقوا بمعنى خروا وسقطوا)) (2) وتعقّبه أبو حيان (ت754هـ) في القول الأخير فقال: ((

أما أنه لا يُقدّر فاعل فقول ذاهب عن الصواب)) (3) .

وأما من حمل السجود على الخضوع اللغوي دون خرور الوجوه فهو مخالف لظاهر الآيات وليس له قرينة تدل عليه، فلا يُعّول عليه (4) .

وأغرب من ذلك من جوّز أن يكون السجود دلالة على تغلب موسى على السحرة فسجدوا تعظيما له، وأشد غرابة منه تجويز أن يريدوا به تعظيم فرعون حيث جعلوا السجود مقدمة لقولهم {آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى} حذرا من بطشه (5) ، وينبغي أن ينزه كلام الله تعالى عن مثل هذه الأقوال الأجنبية.

سابعاً- أمر بني اسرائيل بأن يدخلوا القرية سجدا:

قال الله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ} (البقرة/58) .

وقال الله تعالى: {وَقُلْنَا لَهُمْ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا} (النساء/154) .

وقال الله تعالى: {وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا} (الأعراف/161) .

ص: 146

المراد بالقرية عند الجمهور مدينة بيت المقدس، وهي المذكورة في قوله تعالى {يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} (المائدة/21) ، فمكنهم الله من دخولها بعد خروجهم من التيه بقيادة يوشع بن نون عليه السلام، ولما فتحوها أمروا أن يدخلوا الباب سجدا ويقولوا حطة شكرا لله وتواضعا (1) . و {الْبَابَ} أحد أبواب بيت المقدس (2) .

{وَقُولُوا حِطَّةٌ} : الصحيح أنهم أمروا أن يقولوا هذه الكلمة بحروفها لقول الرسول (: ((قيل لبني اسرائيل {ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ} ، فبدلوا، فدخلوا يزحفون على أستاههم، وقالوا حبة في شعيرة)) (3)، ولهذا استنبط العلماء منه:((أن الأقوال المنصوصة إذا تعبد بلفظها لا يجوز تغييرها)) (4)، وتفسير {حِطَّةٌ} : اللهم حط عنا ذنوبنا (5) أمروا به في سجودهم، أي ادخلوا الباب سجدا قائلين في سجودكم حطة، فقدم وأخر في سورتي البقرة والأعراف في لفظتي {سُجَّدًا} {حِطَّةٌ} ليُحرز المجموع أن المراد بهذا القول أن يكون في حال السجود لا قبله ولا بعده (6) ، وقد اختلف العلماء في معنى {سُجَّدًا} فمنهم من حمل السجود على المعنى اللغوي وهو الخضوع والتواضع حسب (7) ، وهذا القول لا ينسجم مع نص الحديث السابق الذي يدل على أنهم خالفوا الهيئة المطلوبة، ودخلوا يزحفون على أستاههم.

ومنهم من حمله على معناه الشرعي، وهو وضع الجباه بالأرض (8) ، وهو متعذِّر، إلا على ضرب من التكلف (9) .

ص: 147

ومنهم من حمله على الركوع، وهو تفسير ابن عباس (ت68هـ) رضي الله عنهما (1) ، وتفسير الصحابي مقدم على غيره (2) ، ثم إن تفسير {سُجَّدًا} ب ركعا هو الأظهر، وإنما عبر بالسجود ولم يعبر بالركوع، لأن السجود أدخل في الخضوع وأبلغ من الركوع، فلو عبر بالركوع لتوهم أن المراد الهيئة فقط دون الخشوع والخضوع لله، ولهذا عبر بعض العلماء في تفسيره ب ((ركعا خضعا)) (3) ، والقول بأنه المقصود في الآية الركوع هو بمعنى الانحناء، ولهذا قال الطبري (ت310هـ) : ((وأصل السجود: الانحناء لمن سجد له معظما بذلك، فكل منحن لشيء تعظيما فهو ساجد

فذلك تأويل ابن عباس قوله: {سُجَّدًا} : ركعا لأن الراكع منحن)) (4)، وقال الزمخشري (ت538هـ) معبراً عن هذا القول:((السجود أن ينحنوا ويتطامنوا داخلين ليكون دخولهم بخشوع وإخبات)) (5) . أما عدّ الانحناء دون خضوع قولا مستقلا فليس بشئ (6) .

ثامنا- ذكر ركوع نبي الله داود عليه السلام:

قال الله تعالى: {وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} (ص/24) .

ابتلي داود عليه السلام في حادثة، فأرسل الله إليه ملكين فاختصما إليه في نازلة قد وقع هو في نحوها، ومن ثَمَّ شعر وعلم أنه هو المراد (7){فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} ، أي رجع إلى رضى ربه بالتوبة (8) .

ومعنى {رَاكِعًا} في هذه الآية: السجود على الوجه، هذا هو قول جمهور المفسرين، حتى قال ابن العربي: ولا خلاف بين العلماء أن الركوع هاهنا هو السجود لأنه أخوه)) (9) ، والصواب أن الخلاف موجود كما سيأتي، وإن كان المعنى الراجح أنه هو السجود، ووجوه الترجيح مايلي:

ص: 148

حديث الرسول (: ((أن النبي (سجد في ص، وقال: ((سجدها داود توبة ونسجدها شكرا)) (1)، قال ابن تيمية (ت728هـ) :((لا ريب أنه سجد كما ثبت بالسنة وإجماع المسلمين أنه سجد لله)) (2) ، واعتبر البقاعي (ت885هـ) هذا الحديث تفسير لهذه الآية، فقال: ((

ولأن النبي (فسره بالسجود)) (3) وذكر هذا الحديث، والصواب أن هذا ليس تفسيرا صريحا لهذه الآية، وإنما تضمن صفة سجود توبة داود، ولو كان تفسيرا للآية حقا لتعين المصير إليه في تفسيرها.

عن مجاهد (ت104هـ) قال: ((قلت لابن عباس أنسجد في ص؟ فقرأ: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ} حتى أتى {فَبِهُدَاهُمْ اقْتَدِهِ} فقال: ((نبيكم (ممن أمر أن يقتدى بهم)) (4)، يشير ابن عباس (ت68هـ) رضي الله عنهما إلى قوله تعالى:{فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} قال ابن الجوزي (ت597هـ) : ((قال ابن عباس: أي ساجدا)) (5) ، ولم أقف على تفسير ابن عباس (ت68هـ) رضي الله عنهما لهذه الآية مسندا فيما اطلعت عليه.

وهذا الموضع من سورة ص من مواضع سجود التلاوة عند أكثر العلماء (6) .

اقتران لفظ الركوع في الآية ب {خرّ} ، والخرور هو السقوط والهوي إلى الأرض (7) ، فدل ذلك على أن المراد هو السجود على الوجه، ((وعبر بالركوع عن السجود ليُفهم أنه كان عن قيام)) (8) ، ولهذا كان سجود التلاوة قائما أفضل منه قاعدا ((إذ هو أكمل وأعظم خشوعا، لما فيه من هبوط رأسه وأعضائه الساجدة لله من القيام)) (9) .

ص: 149

فكل هذه الدلائل تؤكد أن معنى {رَاكِعًا} في الآية: ساجدا، وقيل: معناه على ظاهره بمعنى الانحناء (1) ، وحاول بعضهم أن يجمع بين القولين بأن يكون ركع أولا ثم سجد بعد ذلك فيكون {خَرَّ} بمعنى سجد (2) ، أو أن الله سبحانه ذكر أول فعله وهو خروره راكعا، وإن كان الغرض منها الانتهاء به إلى السجود (3)، وقيل بل معنى {رَاكِعًا} :((مصليا)) على اعتبار أن الركوع يراد به الصلاة (4) ، والأَولى ما قدمته. والله أعلم.

تاسعاً - سجود الصديقة مريم وركوعها:

قال الله تعالى: {يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} (آل عمران/43) .

((القنوت: لزوم الطاعة مع الخضوع)) (5) ، ((وقيل لطول القيام في الصلاة قنوت)) (6) ، وهو المقصود في هذه الآية عند الجمهور (7)، وذلك مناسب لقوله تعالى:{وَاسْجُدِي وَارْكَعِي} (8)، وقال سعيد بن جبير (ت95هـ) :((أخلصي لربك)) (9) وبه تأوّل ابن جرير (ت310هـ) هذه الآية، فقال:((فتأويل الآية إذا: يا مريم أخلصي عبادة ربك لوجهه خالصا)) (10)، وهو مناسب للآية قبلها:{وَإِذْ قَالَتْ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ (42) } ، فإخلاص العبادة لله شكرا واعترافا يتسق مع ما خصها الله به من كراماته.

واختلف العلماء في المراد من السجود والركوع في هذه الآية، فمنهم من أجراهما على هيئات الصلاة المعهودة، ومنهم من حملهما أو أحدهما على الصلاة مطلقا، ومنهم من اعتد بأصل المعنى اللغوي _ وهو الخشوع _ فيهما أو في أحدهما (11) .

ص: 150

وقد تقرر أن الأصل حمل الألفاظ على حقائقها الشرعية إلا أن تصرفها قرينة أو دلالة إلى أحد معانيها الأخرى، وعليه فإن معنى قوله تعالى:{وَاسْجُدِي} على ظاهره في معناه الشرعي (1) ، وخُص بالذكر وقدم على الركوع لشرفه وفضله على سائر هيئات الصلاة (2) ، أما الركوع فقد خلت منه صلاة اليهود والنصارى (3) ، فلهذا جاز حمله هنا على مطلق الصلاة أي صلي مع المصلين وقد تضمن ذلك الأمر بصلاتها مع جماعة، وتلك خِصِّيصة لها من بين نساء بني اسرائيل (4) ، والذين من قبلنا كانت لهم صلاة لكنها ليست مماثلة لصلاتنا في أوقاتها وهيئاتها (5) ، فلا يلزم أن يكون في صلاة من قبلنا ركوع مثل ركوعنا، وكذلك ما ذكر من السجود لا يلزم أن يكون على الصورة التي عليها شرعنا تماما، وإنما هو مطلق السجود (6) .

ومن العلماء من اعتد بالأصل اللغوي في هذه الآية، وهو الخشوع، أي اخشعي لله مع من خشع له من خلقه شكرا له على ما أكرمك به من الاصطفاء (7) ، وذلك يتضمن معنى آخر للآية بالإضافة إلى الصلاة، لأن قوله تعالى:{وَاسْجُدِي} قد أفاد معنى الصلاة إذ هو جزء منها.

ولما كان موضوع الآية في مقام الشكر على ما أنعم الله به على مريم من مزيد المواهب والعطايا (8)((قال قوم: تأويلها اسجدي: أي صلي {وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} : أي اشكري لله جل ثناؤه مع الشاكرين)) (9) ، نقل هذا التأويل اللغوي الحاذق ابن فارس

(ت395هـ) مستشهدا به على أنه يقال: ((للساجد شكراً: راكع)) (10) .

عاشراً - سجود مؤمني أهل الكتاب:

قال الله تعالى: {مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ} (آل عمران/113) .

ص: 151

وقال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} (الإسراء/107_109) .

المراد ب {الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} وأهل الكتاب من أسلم من اليهود والنصارى (1) .

{أُمَّةٌ قَائِمَةٌ} : أي ((مستقيمة عادلة)) (2) .

والمتلوا في الآيتين: القرآن الكريم (3) ، وهو المراد بالوعد في قوله تعالى {إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا} (4) .

{آنَاءَ اللَّيْلِ} : أي ساعاته (5) .

الأذقان: ((أسافل الوجوه، حيث يجتمع اللحيان، وهي أقرب ما في رأس الإنسان إلى الأرض، لا سيما عند سجوده)) (6) .

وقد خص الله بالتنويه من آمن من أهل الكتاب في هذه الآيات وفي غيرها لما لهم من سابق إيمان، وتصديق بما جاء به الرسول (ومتابعة له، ولذلك وعدهم الله بأن يؤتيهم أجرهم مرتين، كما في قوله تعالى: {وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمْ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (51) الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53) أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا} (القصص/51-54) .

وامتدحهم الله بالسجود في آيتي آل عمران والإسراء فما معناه؟ وما كيفيته في تينك الآيتين؟.

أما قوله تعالى: {يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ} (آل عمران/ 113) : فللسجود في هذه الآية معنيان وجيهان:

ص: 152

المعنى الأول: وهو يُصّلون، فالسجود اسم للصلاة، وإنما عبر عن الصلاة بالسجود لأنه أدخل في كمال الخضوع والخشوع والتضرع (1) ، ولأن التلاوة لا تكون في السجود (2) ، فهي على هذا جملة في موضع حال، أي يتلون آيات الله متلبسين بالصلاة (3) .

المعنى الثاني: {مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ} في صلاتهم، وهم مع ذلك يسجدون فيها، فالسجود هو السجود المعروف في الصلاة)) (4) ، وهذا هو الظاهر من لفظ السجود (5) ، لأن الأصل في إطلاق الألفاظ الحقيقة الشرعية.

والمراد بالصلاة – في أولى أقوال العلماء في هذه الآية – صلاة العشاء (6) لقول ابن مسعود (ت32هـ) رضي الله عنه ((أخَّر رسول الله (صلاة العشاء، ثم خرج إلى المسجد، فإذا الناس ينتظرون الصلاة، قال: ((أما إنه ليس من أهل هذه الأديان أحد يذكر الله هذه الساعة غيركم)) ، قال: وأُنزل هؤلاء الآيات: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} حتى بلغ {وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ} (7) .

وأما قوله تعالى: {يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا} فحمله الحسن (ت110هـ) على ظاهره وهو السجود على اللِّحى، وهذا القول لا يستقيم إلا إن كان المقصود بالذين أوتوا العلم السابقين ممن لم يدركوا الإسلام والقرآن وإنما عرفوه من خلال كتبهم، وكان كذلك سجودهم (8) .

ص: 153

والأصح ما ذهب إليه ابن عباس (ت68هـ) رضي الله عنه، وتابعه عليه جماهير المفسرين، وهو السجود على الوجوه وذلك أن الآية اشتملت على الخرور والسجود، والآية التالية – وهو قوله تعالى:{وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ} – اشتملت على الخرور والبكاء، فأفادت الآية الأولى أن أول ما يَلقى الأرض من الذي يَخر قبل أن يصوِّب جبهتَه ذقنُه، ففيها تصوير لحال سجودهم، وفيها أن الخرور عبادة مقصودة يحبها الله، وقد يكون خرور بدون سجود، كما هو الحال في الآية التالية، فقد يبكي الخاشع مع خرور دون أن يصل إلى حدّ السجود، وهذه عبادة مقصودة أيضا، غير أن مجموع الآيتين أفاد الخرور للأذقان، والسجود على الوجوه والبكاء مع الخشوع، كما في قوله تعالى:{خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} (1)(مريم/58) ، وآية الإسراء من مواضع سجود التلاوة المتفق عليها (2) .

وقيل: إن المقصود بالسجود في قوله تعالى: {وَهُمْ يَسْجُدُونَ} ، {يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا} هو مجرد الخضوع والخشوع وهو قول ساقط لا يعوّل عليه (3) .

وفيما ذكره الله من سجود مؤمِني أهل الكتاب معان بلاغية، منها:

الجملة الاسمية في قوله تعالى: {وَهُمْ يَسْجُدُونَ} تدل على الاستمرار، والضمير في {وَهُمْ} يدل على التوكيد، واختيار صيغة المضارع للدلالة على التجدد، وعطفت بالواو في {وَهُمْ} على ما قبلها من التلاوة لتشعر بأن تلك التلاوة كانت في صلاة (4)

التعبير باللام بدل ((على)) في قوله تعالى: {يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا} ، وهذه اللام تعرف بلام الاختصاص، وهي تدل على تمام السجود وتمكّن الوجوه من الأرض من قوة الرغبة في السجود لما فيه من استحضار الخضوع لله سبحانه (5) .

ص: 154

جاء التعبير عن الخرور الأول بالاسم وعن الثاني بالفعل في قوله تعالى: {يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا} ، {وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ} ، وذلك لأن الفعل مشعر بالتجدد، والبكاء ناشئ عن التفكر، فهم دائما في فكرة وتذكر وخشوع، ولما كانت حالة السجود ليست تتجدد في كل وقت عبر فيها بالاسم (1) .

حادي عشر - سجود الرسول (وأمّته وركوعهم:

وقع الركوع والسجود فيما يتعلق بسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام وأمته في القرآن الكريم في ثلاثة عشر موضعا ما بين مكي ومدني وأمر ومدح وتشريع، ويمكن رصد معاني تلك الآيات ووجوهها من خلال تصنيفها على أربع مجموعات، وهي على النحو التالي:

أ - ما خوطب به الرسول (في ذلك.

ب- ما جاء في سجود أمته.

ج- الركوع مفرداً.

د- الركوع والسجود معاً.

وسألقي الضوء على كل وحدة على حدة للوصول إلى أصح الأقوال في كل آية من خلال ماصح من أسباب النزول والآثار والاعتبار بالسباق واللحاق، وكذلك النظائر وسائر القرائن والدلائل.

أ- ما خوطب به الرسول (في ذلك:

قال الله تعالى: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنْ السَّاجِدِينَ} . (الحجر/97- 98) .

وقال الله تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217) الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} . (الشعراء/217-219) .

وقال الله تعالى: {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (39) وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ (40) } . (ق/39-40) .

ص: 155

وقال الله تعالى: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا (24) وَاذْكُرْ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (25) وَمِنْ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا} . (الإنسان/24-26) .

وقال الله تعالى: {كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} . (العلق/19) .

إن الناظر في هاته الآيات يلحظ أنها تضمنت تسلية الرسول (لما يلاقيه من مضايقة من قومه، وكان ذلك في العهد المكي ولهذا كانت جميعها مكية إلا سورة الإنسان فمختلف فيها (1) ، والأظهر أنها مكية، كما يبدو من أساليبها ومعانيها (2)، على أنه من العلماء من قال بمدينتها إلا قوله تعالى:{فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ} إلخ (3) .

ولقد كان رسول الله (إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة (4)، قال ابن الأثير (ت606هـ) في ((حزبه)) :((أي إذا نزل به مهم أو أصابه غمّ)) (5) ، فهذا منه عليه الصلاة والسلام أخذٌ بهذه الآيات (6) ، لما يجده في الصلاة من أُنس بمناجاة ربه، وإنما عبر بالسجود عن الصلاة لأنه حالة القرب من الله فيها السجود، وهي أكرم حالات الصلاة عند الله وأقمنها بنيل رحمته ولذة مناجاته (7) .

فالمقصود من الأمر بالسجود في هذه الآيات بالجملة هو الصلاة، وليس السجود المجرّد من الصلاة، وتفصيل ذلك في كل آية كما يلي:

قوله تعالى: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنْ السَّاجِدِينَ} (الحجر/97-98) :

قال جمهور العلماء: وكن من المصلين (8) ، وعزاه ابن الجوزي (ت597هـ) إلى ابن عباس (ت68هـ) رضي الله عنهما (9)، قال الطبري (ت310هـ) :((وهذا نحو الخبر الذي رُوي عن رسول الله (: أنه كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة)) (10) .

ص: 156

وقيل: معنى الآية وكن من المتواضعين، ونسب ذلك إلى ابن عباس رضي الله عنهما أيضا (1)، وذلك مبني على قوله تعالى قبله:{وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} (الحجر/88) ، غير أن الألصق بالسياق قول الجمهور، وجمع بينهما البغوي (ت516هـ) في تفسيره:((من المصلين المتواضعين)) (2) .

وخطَّأ ابن العربي (ت541هـ) من ظن أن المراد في الآية السجود نفسه (3) ، ولم أقف على نص - فيما اطلعت عليه - ذكر أن المراد من الآية السجود نفسه.

قوله تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217) الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} (الشعراء/217-219) .

ص: 157

جمعت هذه الآيات بين صلاة النبي (وحده وصلاته في الجماعة، والمعنى: ((يراك وحدك ويراك في الجماعة، وهذا قول الأكثرين)) (1) ، ((وهذا يجمع معنى العناية بالمسلمين تبعا للعناية برسولهم، فهذا من بركته (، وقد جمعها هذا التركيب العجيب الإيجاز)) (2)، فمعنى {فِي السَّاجِدِينَ} :((أي في أهل الصلاة، أي صلاتك مع المصلين)) (3) وقال بعضهم: معنى قوله تعالى {وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} : أي تقلبك في صلاتك حين قيامك وحين ركوعك وسجودك، فالمقصود بالساجدين هو الرسول ((4) ، فهو من إطلاق الجمع وإرادة به المفرد، والمعنيان متقاربان، وكلاهما مروي عن ابن عباس (ت68هـ) رضي الله عنهما (5) ، إلا أن الأشمل هو القول الأول، ولذلك اختاره ابن جرير الطبري (ت310هـ) فقال رحمه الله:((وأولى الأقوال في ذلك بتأويله قول من قال: تأويله: ويرى {تَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} في صلاتهم معك، حين تقوم معهم وتركع وتسجد، لأن ذلك هو الظاهر من معناه)) (6) فالمقصود بالسجود في الآية الصلاة، غير أنه اختُلف في المراد بالساجدين بالتحديد، فمنهم من قال: هو الرسول (، ومنه من قال: عنى به أهل الصلاة من المؤمنين، وثمة أقوال أخرى في بيان المراد منهم، فقيل: جميع المؤمنين، وقيل جميع الناس، وقيل الأنبياء، وكلها أقوال أجنبية عن ألفاظ الآية المتضمنة بعض هيئات الصلاة (7) .

وتفسير مجاهد (ت104هـ) لهذه الآية نحو قول الجمهور، حيث قال رحمه الله:

ص: 158

((يعني في المصلين، وكان يقال: يرى مَن خلفه في الصلاة)) (1)، ويشهد لهذا ما جاء في الصحيحين أن الرسول (قال:((أقيموا الصفوف فإني أراكم خلف ظهري)) (2) ، فمعنى التقلب عند مجاهد رحمه الله إبصار الساجدين، وليس هو هيئات الصلاة من قيام وركوع وسجود، ولهذا اعتبره ابن عطية (ت541هـ) معنى أجنبيا هنا (3) تبعا للطبري (ت310هـ) حيث قال:((وكذلك أيضا في قول من قال: معناه تتقلب في إبصار الساجدين، وإن كان له وجه فليس ذلك الظاهر من معانيه)) (4) .

وهذه الآية شبيهة بآية الحجر - التي سبق الكلام عنها آنفا - في مقصدها ومعناها، حيث إن كلا منهما سُبقت ببيان موقف الكافرين من دعوة الرسول (، كما تضمنت كل منهما توجيه الله تعالى لرسوله عليه الصلاة والسلام بملازمة الصلاة، وفي الجمع في كل منهما في لفظ {السَّاجِدِينَ} إشارة إلى صلاة الجماعة (5) ، ولا سيما أن هذا التوجيه في السورتين سُبق بخفض الجناح للمؤمنين الذين بهم قوام صلاة الجماعة.

قوله تعالى: {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (39) وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} (ق/39-40) :

{أَدْبَارَ} جمع دبُر، أي في أعقابه، وفي قراءة سبعية أخرى بكسر الهمزة مصدر أدبر يدبر إدبارا، والتقدير: وقت إدبار السجود (6) .

ص: 159

أجمع أهل التأويل على أن التسبيح في قوله تعالى: {وَسَبِّحْ} معناه: صلّ (1) ، وقد سبق أن هذه السورة مكية، قال ابن كثير (ت774هـ) :((وكانت الصلاة المفروضة قبل الإسراء ثنتان: قبل طلوع الشمس في وقت الفجر، وقبل الغروب في وقت العصر وقيام الليل كان واجبا على النبي (وعلى أمته حولا ثم نسخ في حق الأمة وجوبُه، ثم بعد ذلك نسخ الله ذلك كله ليلة الإسراء بخمس صلوات)) (2)، وفي الصحيحين: أن النبي (نظر إلى القمر ليلة أربع عشرة، فقال: ((إنكم سترون ربكم كما ترون هذا لا تضامون (3) في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تُغلبوا عن صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا، ثم قرأ:{وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} (4) .

وقوله تعالى: {وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ} : أي فصلّ له، ويجوز أن يكون ذلك صلاة الليل في أي وقت صلى، ومن العلماء من خصها بصلاة المغرب والعشاء، ومنهم من قصرها على العشاء (5) ، والأولى العموم، وهو قول مجاهد (ت104هـ) ، واختيار ابن جرير الطبري (ت310هـ) ، لأنه لم يَحدّ وقتا من الليل دون الوقت (6) ، وهو المناسب لوقت نزول السورة.

أما التسبيح أدبار السجود، فمن العلماء من أجرى التسبيح فيه على الصلاة، ومنهم من أبقاه على ظاهر معناه من أذكار التسبيح (7) ، وبذلك يتضح معنى السجود في هذه الآية، وتنتظم أقوال العلماء فيها في أربعة أقوال، وهي:

القول الأول: مارواه البخاري (ت256هـ) في صحيحه عن ابن عباس (ت68هـ) رضي الله عنهما أنه قال: ((أمره أن يسبح في أدبار الصلوات كلها يعني قوله: {وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} )) (8) .

ص: 160

فالسجود هو جميع الصلوات المكتوبات (1) ، والتسبيح هو التسبيح باللسان، وقد ورد عن النبي (التسبيح في دبر كل صلاة ولم يذكر أنه تفسير للآية (2) ، وجاء ذلك في أحاديث كثيرة، منها قوله عليه الصلاة والسلام:((من سبّح الله في دُبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين، وحمد الله ثلاثا وثلاثين، وكبر الله ثلاثا وثلاثين، فتلك تسعة وتسعون، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير - غُفرت له خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر)) (3) .

القول الثاني: أن المراد بقوله تعالى: {وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} هما الركعتان بعد المغرب فالسجود في هذه الآية معناه صلاة المغرب وسمي التسبيح صلاة، لأنه تنزيه لله عما لا يليق به، والصلاة تشتمل على ذلك، من ذكر وقرآن وتسبيح كلها تنزيه لله تعالى (4) أما سبب تسمية الصلاة سجودا فقد سبق ذلك في مقدمة البحث وتضاعيفه.

والقول بأنه الركعتان بعد صلاة المغرب مروي عن جماعة من الصحابة والتابعين، منهم عمر (ت23هـ) وعلي (ت40هـ) وابن عباس (ت68هـ) رضي الله عنهم، ومجاهد (ت104هـ) والحسن (ت110هـ) وقتادة (ت118هـ) وغيرهم (5) وهو اختيار ابن جرير (ت310هـ)، حيث قال رحمه الله:((وأولى الأقوال في ذلك بالصحة، قول من قال. هما الركعتان بعد المغرب، لإجماع الحجة من أهل التأويل على ذلك)) (6) .

ورُوى ذلك مرفوعا، فعن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال لي النبي (: ((يابن عباس ركعتان بعد المغرب أدبار السجود)) (7) ولو صح هذا الحديث لوجب المصير إليه، لكنه ضعيف كما نص عليه ابن حجر (8)(ت852هـ) .

ص: 161

القول الثالث: أن المراد بقوله تعالى: {وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} النوافل بعد المفروضات، قاله ابن زيد (1)، وقواه ابن جرير (ت310هـ) بقوله رحمه الله:((لأن الله جل ثناؤه لم يخصص بذلك صلاة دون صلاة بل عمّ أدبار الصلوات كلها فقال: {وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} (2) .

القول الرابع: حمل الآية على ظاهرها، وهو ماذكره الجصاص في أحكامه:((إذا وضعت جبهتك على الأرض أن تسبح ثلاثا)) (3) ، واعتباره قولا رابعا في جانب الأقوال السابقة فيه تجوّز إذ لم أعثر عليه في مصدر آخر، بل نصّ الآية يقتضي أن يكون عقب السجود، وليس في السجود نفسه.

ورجح بعض المحققين القول الأول (4) ، وهو الذي رواه البخاري (ت256هـ) عن ابن عباس رضي الله عنه (ت68هـ) رضي الله عنهما، وهو الموائم لوقت نزول السورة لأن صلاة المغرب لم تفرض بعد، فحَمْلُ التسبيح باللسان على عموم أدبار الصلوات هو الأولى، أما القول الثاني، وهو تخصيص ذلك بصلاة المغرب فقد تعقبّه الطبري (ت310هـ) بقوله رحمه الله:((ولم تقم - بأنه معنيّ به دبر صلاة دون صلاة - حجة يجب التسليم لها من خبر ولا عقل)) (5) ، وأما القول الثالث فيمكن أن يُتعقب بأن بعض المفروضات لا نافلة بعدها. والله أعلم.

قوله تعالى: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا (24) وَاذْكُرْ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (25) وَمِنْ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا} (الإنسان/24-26) : قوله تعالى: {بُكْرَةً وَأَصِيلًا} : ((أي أول النهار وآخره)) (6) ، والمقصود استغراق جميع وقت النهار، وقيل:{بُكْرَةً} : صلاة الصبح، {وَأَصِيلًا} : صلاة الظهر والعصر (7) .

ص: 162

والمقصود بالسجود في الآية الصلاة دون خلاف، إلا أن منهم من خصصها بصلاة المغرب والعشاء، والأولى العموم، إذ لم يرد خبر يجب التسليم به، ولا سيما أن هذه الآيات مكية، والظاهر أنها قبل فرض الصلوات الخمس كما سبق في الآية الماضية (1) .

واقتران التسبيح بالصلاة في هذه الآية والآيات التي سبق التعليق عليها فيه دلالة على أنهما مما يعين على الصبر المأمور به.

قوله تعالى: {كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} (العلق/19) : فسر أكثر أهل العلم السجود في هذه الآية بالأمر بالصلاة، أي صلّ لله (2)، ويؤيده قوله تعالى قبل هذه الآية:{أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى} (الآية/9-10)، وكذلك مارواه البخاري (ت256هـ) في صحيحه قال أبو جهل: لئن رأيت محمدا يصلي عند الكعبة لأطأن عنقه، فبلغ النبي (، فقال: ((لو فعل لأخذته الملائكة)) (3) ، والظاهر أن هذه الصلاة قبل فرض الصلوات الخمس، لأنها من أوائل ما نزل من المكي، وكان الإسراء وفرض الصلوات الخمس قبل الهجرة بعام، حيث كانت الصلاة المفروضة قبل الإسراء ثنتان: قبل طلوع الشمس في وقت الفجر، وقبل الغروب في وقت العصر (4) .

وهذا القول هو الأظهر، وهذا يتفق مع معاني الآيات الآخرى الواردة في هذا الباب في حق الرسول (، حيث اتضح الراجح فيما سبق من الآيات من معاني السجود هو الصلاة. والله أعلم.

ومن العلماء من حمل السجود هنا على ظاهره (5) ، وهو السجود الشرعي، وهذا القول قريب من سابقه، لأن السجود جزء من الصلاة، وهذه الآية معدودة في سجدات التلاوة عند جماعة من أهل العلم (6) ، وذلك مرجح لهذا المعنى.

وقيل: بل المراد من السجود هنا الخضوع (7) ، وهو قول بعيد، لا يساعده أثر ولا نظر.

ب - ما جاء في سجود أمة محمد (:

قال الله تعالى: {فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ} (النساء/102) .

ص: 163

وقال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} (الفرقان/64) .

وقال الله تعالى: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} (السجدة/15) .

وقال الله تعالى: (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ} (الزمر/9) .

تضمّنت الآية الأولى صلاة الخوف، وأما بقية الآيات فهي ثناء على المؤمنين بخصال أعمالهم وخيارها من الإيمان بالله والسجود لوجهه وقيام الليل في صلاتهم.

ولا بد من إلقاء الضوء على كل آية ليستبين المراد من السجود فيها أهو السجود الشرعي أم أن المقصود منه الصلاة أو صلاة بعينها، أم هو الركوع؟

ص: 164

قوله تعالى: {فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ} (النساء/102) قال ابن عطية ت541هـ) ((الضمير في {سَجَدُوا} للطائفة المصلية، والمعنى فإذا سجدوا معك الركعة الأولى فلينصرفوا، هذا على بعض الهيئات المروية، وقيل المعنى: فإذا سجدوا ركعة القضاء)) (1) ، فعلى المعنى الأول يكون المراد بالسجود ظاهره، وهو السجود الشرعي (2) ، وذلك أن هذه الطائفة إذا فرغت من سجدتي ركعتها التي صلت مع النبي (مضت إلى موقف أصحابها بإزاء العدو، وعليها بقية صلاتها (3) ، وعلى المعنى الثاني يكون المراد بالسجود الصلاة، ((تأويله فإذا صلوا ففرغوا من صلاتهم فليكونوا من ورائكم)(4) ، وهذا المعنى هو الراجح وعليه جمهور العلماء، وهو اختيار الطبري (ت310هـ) ، وبه أخذ مالك (ت179هـ) والشافعي (ت204هـ) وأحمد (5)(ت241هـ) وكون المراد بالسجود في الآية هو الصلاة لأنه أشد موافقة لسياق الآية، إذ يقول الله تعالى بعده:{وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ} ، فدلّ ذلك على أن الطائفة الأخرى لم تشرع في الصلاة إلا بعد صلاة الطائفة الأولى ومفهومه أن الطائفة الأولى قد صلت جميع صلاتها (6) ، كما في صلاة الرسول (في غزوة ذات الرِّقاع ((أن طائفة صفّت معه وطائفة وجاه العدو، فصلى بالتي معه ركعة، ثم ثبت قائما، وأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا فصفُّوا وجاه العدو، وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته، ثم ثبت جالسا وأتموا لأنفسهم، ثم سلم بهم)) (7)، قال مالك (ت179هـ) :((وذلك أحسن ما سمعت في صلاة الخوف)) (8) .

وهذه الهيئة أحوط للصلاة، فإن كل طائفة تأتي بصلاتها متوالية (9) ، وهي أبلغ في حراسة العدو (10) .

ص: 165

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} (الفرقان/64) : المبيت: إدراك الليل (1)، ومعنى {يَبِيتُونَ} في الآية: يصلون (2) ، والسجود والقيام على ظاهرهما (3) ، ((يراوحون بين سجود في صلاتهم وقيام)) (4) ، وفي ذكرهما دون سائر أفعال الصلاة تنويه بهما، وتقديم {سُجَّدًا} وإن كان فعله بعد القيام لفضل السجود، ولأجل فواصل آي السورة (5) ، والآية من الاحتباك، فذِكُر السجود دليل على الركوع، والقيام دليل على القعود، أي سجدا وركعا وقياما وقعودا (6) .

قال الفراء (ت207هـ) : ((جاء في التفسير أن من قرأ شيئا من القرآن في صلاة وإن قلّت فقد بات ساجدا وقائما، وذكر أنهما الركعتان بعد المغرب وبعد العشاء ركعتان)) (7) ، ومنهم من أدخل فريضة العشاء، وقيل الشفع والوتر (8) ، والأَولى أنه وصف لعباد الرحمن بإحياء الليل أو أكثره (9) .

قوله تعالى: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} (السجدة/15) :

اختلف في المراد بالسجود في هذه الآية، فذهب الجمهور إلى أن المعنى خروا سجدا لله على وجوههم (10) ، والخرور هو السقوط والهوي إلى الأرض كما سبق (11) ، وهذا السجود يتناول سجود التلاوة وسجود الصلاة فليس هو مختصا بسجود التلاوة، كما قرّره ابن تيمية (12)(ت728هـ) رحمه الله، لأن قوله تعالى في الآية {بِآيَاتِنَا} ليس يعني بها آيات السجود فقط بل جميع القرآن.

وقد أجمع العلماء على السجود في هذه الآية، تأسيا بمن أثنى الله عليهم في هذه الآية، خلافا لما يصنع الكفرة من الإعراض عند التذكير (13) .

ص: 166

قال ابن عطية (ت541هـ) : ((وقال ابن عباس رضي الله عنهما: السجود هنا بمعنى الركوع، وقد رُوي عن ابن جُريج ومجاهد أن هذه الآية نزلت بسبب قوم من المنافقين كانوا إذا أقيمت الصلاة خرجوا من المسجد، فكأنّ الركوع يقصد من هذا، ويلزم على هذا أن تكون الآية مدنية، وأيضا فمن مذهب ابن عباس رضي الله عنهما أن القارئ للسجدة يركع، واستدل بقوله: {وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} )) (1) .

ولم أقف على قول ابن عباس (ت68هـ) رضي الله عنهما مسندا فيما فتشت فيه من المصادر، وما أورده من سبب نزول الآية ذكره الطبري (2)(ت310هـ) عن حجَّاج (ت206هـ) عن ابن جريج (ت150هـ) ، ولم يسنده أيضا، وحَمْل قول ابن عباس رضي الله عنهما عليه لا يتّجه، بل مقتضى سبب النزول هذا يفيد أن معنى السجود في الآية هو الصلاة، ولهذا قال الفراء (ت207هـ) :((كان المنافقون إذا نودي بالصلاة، فإن خَفُوا عن أعين المسلمين تركوها، فأنزل الله: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا} ، إذا نودي إلى الصلاة أتوها فركعوا وسجدوا غير مستكبرين)) (3)، ولخّص ابن الجوزي (ت597هـ) هذا القول ونصه:((وقيل المعنى: إنما يؤمن بفرائضنا من الصلوات الخمس الذين إذا ذكروا بها بالأذان والإقامة خروا سجدا)) (4) ، وأما ما ذكره من مذهب ابن عباس رضي الله عنهما في سجود التلاوة واستدل به فدلالته غير ظاهرة في تفسير الآية، ولذلك لم يرتضه الآلوسي (5)(ت1270هـ) .

والراجح في تفسير الآية ماذهب إليه الجمهور، ولفظة {خر} تقتضي ذلك، ومن ثَمَّ كان هذا الموضع من عزائم السجود (6) والله أعلم.

قوله تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ} (الزمر/9) :

((القنوت: لزوم الطاعة مع الخضوع)) (7)

و {آنَاءَ اللَّيْلِ} : ساعاته (8) .

ص: 167

{يَحْذَرُ الْآخِرَةَ} : أي ((يحذر عذاب الأخرة)) (1) .

وهذه الآية مثل الآية التي سبق الكلام عنها في سورة الفرقان قبل الآية السابقة، فالسجود على معناه الشرعي، والمعنى:((أمن هو يقنت آناء الليل ساجدا طورا وقائما طورا، فهما حال من قانت)) (2) ، وما ذكر في آية الفرقان من التنويه بالسجود والقيام، وفضل السجود على القيام، والاحتباك يجري في هذه الآية كذلك.

ج- الركوع مفردا:

قال الله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} (المائدة/55) :

جاء في المراد بالركوع في هذه الآية ثلاثة أقوال: الخشوع، الصلاة، الركوع الشرعي، والذي جرى عليه كثير من المحققين أنه الخشوع، وهو أحد معاني الركوع المعتبرة التي سبق الكلام عنها في أول البحث، والمعنى أنهم يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة في حال الركوع وهو الخشوع والإخبات والتواضع لله تعالى (3)، وهذا كقوله تعالى:{وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} (المؤمنون/60) .

والقول الآخر: أن المراد به الصلاة، ((ومعناها وصفهم بتكثير الصلاة، وخص الركوع بالذكر لكونه من أعظم أركان الصلاة)) (4)، ولما كان يلزم في هذا القول تكرير الصلاة لقوله تعالى:{يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ} قبله لزم توجيه ذلك فقيل: التكرير على سبيل التوكيد (5) ، وقيل الركوع صلاة التطوع (6) .

ص: 168

والقول الثالث: أنه نفس الركوع، وهو الركوع الشرعي، والمعنى يؤتون الزكاة في حال ركوعهم في الصلاة (1)، قيل: نزلت هذه الآية في عليّ بن أبي طالب (ت40هـ) رضي الله عنه تصدق وهو راكع والصواب عند كثير من المحققين أن هذا المعنى غير مستقيم (2) ، وأن الخبر الوارد عن علي رضي الله عنه لا يصح منه شئ، قال ابن كثير (ت774هـ) :((وليس يصح شيء منها بالكلية لضعف أسانيدها وجهالة رجالها)) (3) .

د- الركوع والسجود معا:

قال الله تعالى {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنْ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ} (التوبة/112) .

وقال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (الحج/77) .

وقال الله تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} (الفتح/29) .

اجتمع وصف المؤمنين بالركوع والسجود في كل آية من الآيات السابقة، وتلك منقبة لهذه الأمة جعلت لها سمة من بين الأمم في الدنيا والأخرة، ومن ثم جاء التحريض عليها في تلك الآيات الكريمات.

قوله تعالى: {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُون َ} (التوبة/112) : {السَّائِحُونَ} : قال الزجاج: ((وقوله: {السَّائِحُونَ} في قول أهل اللغة والتفسير جميعا: الصائمون)) (4) ، وقيل المجاهدون، وقيل طلاب العلم وقيل المهاجرون (5) .

ص: 169

والركوع والسجود في الآية على معناهما الشرعي (1) ، أي الراكعون في صلاتهم، الساجدون فيها (2) ، إذ لا تخلو الصلوات المفروضات من الركوع والسجود (3) ، ولذلك فسرهما بعضهم بالصلاة المفروضة (4)، قال ابن عطية (ت341هـ) :((ولكن لا يختلف في أن من يكثر من النوافل هو أدخل في الاسم وأغرق في الاتصاف)) (5) .

فتحصّل من ذلك أن في معنى الركوع والسجود في الآية ثلاث معان، وهي:

معناهما الشرعي.

الصلوات المفروضة.

الصلوات المفروضة والنوافل.

وجميعها معان متقاربة، وإنما خص الركوع والسجود من بين أفعال الصلاة لأن سائر أشكال المصلي موافق للعادة عداهما فبهما يتبين الفضل بين المصلي وغيره (6) ، ((وهذا الوصف يفيد التذكير بهذه الهيئة وتمثيلها للقارئ والسامع)) (7) لمكانتهما البالغتين في الصلاة حيث يكمن فيهما الخشوع والتذلل لله رب العالمين.

قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ} (الحج/77) :

الظاهر أن المراد بالركوع والسجود على الحقيقة الشرعية، أي اقصدوا بركوعكم وسجودكم وجه الله وحده (8)، قال الفراء (ت207هـ) :((وقوله {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} : كان الناس يسجدون بلا ركوع، فأمروا أن تكون صلاتهم بركوع قبل السجود)) (9) .

ومن العلماء من قال: إن معناهما صلوا، لأن الصلاة لا تكون إلا بالركوع والسجود، والمراد أن مجموعهما كذلك (10) ، وهو لا يختلف عن المعنى السابق.

قال البقاعي (ت885هـ) : ((وخُصّ هذين الركنين في التعبير عن الصلاة بهما لأنهما _ لمخالفتهما الهيئات المعتادة _ هما الدالان على الخضوع، فحسن التعبير بهما عنها جدا في السورة التي جمعت جميع الفرق الذين فيهم من يستقبح _ لما غلب عليه من العتو _ بعض الهيئات الدالة على ذلك)) (11) ، وسيأتي ذكر بعض هؤلاء المعاندين في المبحث الثاني.

ص: 170

وقيل: المعنى ((اخضعوا لله تعالى وخُرُّوا له سجدا)) (1) وهذا القول لا يعوّل عليه، لأن فيه تفريقا بين معنيي الركوع والسجود بلا مستند، وفيه تكرار لقوله تعالى بعده:{وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ} ، الذي معناه:((وذلوا لربكم واخضعوا له بالطاعة)) (2) .

ولعلّ الداعي إلى هذا القول الضعيف التأكيد على كون هذه الآية من مواضع سجدات التلاوة، حيث اختلف العلماء فيها، فذهب الشافعي (ت204هـ) وأحمد (ت241هـ) وآخرون إلى عدها من السجدات، وهذا يتمشى مع من قال أن الركوع والسجود على حقيقتهما الشرعية (3) ، وذهب أبو حنيفة (ت150هـ) ومالك (ت179هـ) إلى عدم عدها، وهذا يتمشى مع من حمل الآية على الصلاة حيث جمع فيها بين الركوع والسجود (4) ، والراجح عدّها ضمن سجدات التلاوة، لما رواه أحمد (ت241هـ) في مسنده عن عقبة بن عامر (ت58هـ) رضي الله عنه أنه قال: قلت يارسول الله: أَفُضِّلت سورة الحج على سائر القرآن بسجدتين؟ قال: ((نعم، فمن لم يسجدهما فلا يقرأهما)) (5) .

قوله تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} . (الفتح/29) : تضمنت هذه الآية وصفا لجميع الصحابة رضي الله عنهم (6) ومعنى قوله تعالى: {تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا} : أي ترى هاتين الحالتين كثيراً فيهم)) (7) ، فهما على معناهما الشرعي، ومن العلماء من فسرهما معا بالصلاة (8) ، فيتمحض الفعلان للصلاة، والمؤدى واحد، لأن الركوع والسجود لا يكونان إلا في صلاة، وهما أبين هيئات المصلي، والتعبير بالمضارع في {تَرَاهُمْ} يدل على استمرارهم على ذلك وكثرته منهم رضي الله عنهم (9) .

ص: 171

وكذلك اختلفت عبارات السلف في قوله تعالى: {مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} ، فمنهم من ذكر أنه السجود المعروف، ومنهم من عبر بالصلاة (1) ، ولا تضاد بينهما، ثم اختلفوا في {سِيمَاهُمْ} هل هي في الدنيا أو في الآخرة، والأولى العموم، كما قال الطبري (ت310هـ) :((وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكرُه أخبرنا أن سيما هؤلاء القوم الذين وصف صفتهم في وجوههم من أثر السجود، ولم يخصّ ذلك على وقت دون وقت، وإذ كان ذلك كذلك، فذلك على كل الأوقات، فكان سيماهم الذي كانوا يعرفون به في الدنيا أثر الإسلام، وذلك خشوعه وهديه وزهده وسمته، وآثار أداء فرائضه وتطوّعه، وفي الآخرة ما أخبر أنهم يعرفون به، وذلك الغرّة في الوجه، والتحجيل في الأيدي والأرجل من أثر الوضوء، وبياض الوجوه من أثرالسجود)) (2) فلم تكن سيماهم حسية فحسب، وليس المراد أنهم يتكلفون إظهار ذلك على وجوههم، ولكنه يحصل من غير تعمّل ولا قصد رياء (3) .

ثاني عشر - سجود الكفار وركوعهم:

لقد انحى الله تعالى ذكره على الكافرين بالله الجاحدين لنعمه بأساليب متعددة في كتابه العظيم، إذ كان من حق الله عليهم الذي خلقهم وما يعملون أن يشكروا له ويسجدوا ويركعوا خشية وخضوعا، لقد استجابت سائر المخلوقات حتى ظل الكافر، الكل سجد تسبيحا لله واعترافا بفضله، فلماذا أبى الكافرون؟ إنه الاستنكاف والاستكبار عن الحق، أسوة بإبليس اللعين.

والقرآن الكريم يبين موقف الكافرين في ذلك في سبعة مواضع من السور المكية (4) ، وكلها بلفظ السجود إلا موضعا واحدا عبر فيه بالركوع، وقد تناولت تلكم الآيات جميع أحوالهم، فكما صورت عنادهم في الدنيا كشفت الحجاب عن عاقبتهم في الآخرة وهو يحاولون السجود فلا يستطيعون.

ويمكن أن تنتظم المواضع السبعة في مجموعتين، إحداهما فيما كان معدودا في سجدات التلاوة، والأخرى ماليس منها، وتفصيل ذلك فيما يلي:

ص: 172

المجموعة الأولى:

قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَانُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا} (الفرقان/60) .

قوله تعالى: {أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} (النمل/25-26) .

قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} (فصلت/37) .

قوله تعالى: {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} (النجم/62) .

قوله تعالى: {فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (20) وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمْ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ} (الانشقاق/20-21) .

تضمنت هذه الآيات ذم من سجد لغير الله أو امتنع عن السجود لغير الله، كما تضمنت أوامر صريحة ومطلقة بالسجود لله تعالى وحده، فسجدة الفرقان خبر مقرون بذم من أُمر بالسجود فلم يسجد، وكذلك سجدة النمل (1) ، وقرأ أبو جعفر (ت130هـ) والكسائي (ت189هـ) ويعقوب (ت205هـ) في رواية رُويس (ت238هـ){أَلَّا يَسْجُدُوا} بتخفيف اللام على الأمر والمعنى ألا يا هؤلا اسجدو (2)، وفي فصلت نهي وأمر صريحان: نهى عن السجود للشمس والقمر، وأمر بتخصيص السجود لله وحده، والنجم أمر صريح (3) ، والانشقاق تعجب يقتضي الأمر بالسجود (4) ، ولهذا شرع سجود التلاوة في المواضع الخمسة (5) - على اختلاف بين الفقهاء في بعضها - امتثالا لأمر الله ومخالفة للكافرين.

ص: 173

وبناء على ما تقرر في أول البحث أن الأصل حمل الألفاظ على حقائقها الشرعية فإن المراد بالسجود في المواضع الخمسة هو السجود على الوجه، لكن اختلف المفسرون في بعضها، حيث حُمل بعضها على الصلاة، والبعض الآخر على الخضوع، وسألقي الضوء على كل موضع على حدة فيما يلي:

قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَانُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا} (الفرقان/60) : الظاهر حمل السجود على معناه الشرعي المعروف، ومنهم من حمله على الصلاة (1) ، وليس ثمة ما يلجئ إلى ذلك، وقد ضعّفه ابن تيمية (2) ، ومنهم من حمله على سجود الاعتراف له بالوحدانية (3) ، وهو بمعنى الخضوع والخشوع، لأن مسألة تكليف الكفار بفروع الشريعة لا طائل تحتها (4) ، والأظهر أن هذا الموضع على معناه الشرعي، وأما مسألة مخاطبة الكفار بالفروع ففيها خلاف مشهور بين العلماء، وعلى القول بأنهم غير مخاطبين فإن ذلك يطّرد في بقية المواضع الخمسة، ولم يقل أحد بذلك، فبقي هذا الموضع على الأصل الشرعي، ومما يدل على ذلك أن العلماء اتفقوا على أن هذه السجدة التي في الفرقان مشروع السجود عندها دون خلاف (5)، وقال الضحاك (ت105هـ) :((سجد رسول الله (وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعثمان بن مظعون وعمرو بن عنبسه، فرآهم المشركون فأخذوا في ناحية المسجد يستهزؤون فهذا المراد بقوله: {وَزَادَهُمْ نُفُورًا} (6)(الفرقان/60) .

ص: 174

قوله تعالى: {أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} (النمل/25-26) : قوله تعالى {أَلَّا} : سبق ذكر قراءة التخفيف ووجهها، وأما قراءة الباقين بتشديد ألّا فهي ((بمعنى: وزين لهم الشيطان أعمالهم لئلا يسجدوا لله)) (1) وهو موضع سجدة تلاوة على القراءتين خلافا للزجاج ومن تابعه حيث قصروا السجود على وجه التخفيف لأنه للأمر، والعمل على السجدة على القرائتين، لأن التشديد ذم للتارك للسجود، والله هو الحقيق بالسجود (2)، قال ابن عطية (ت541هـ) :((وتحتمل قراءة من شدد {أَلَّا} أن نجعلها بمعنى التحضيض، ويقدر هذا النداء بعدها، ويجئ في الكلام إضمار كبير، ولكنه متجه)) (3) ، ويؤيد هذا التوجيه قراءة الأعمش ((هلّا يسجدون)) (4) ، وهي قراءة شاذة لمخالفتها الرسم.

قوله تعالى {الْخَبْءَ} : ((المخبوء في السموات والأرض من غيث في السماء، ونبات في الأرض، ونحو ذلك)) (5) .

وقد جاءت هذه القصة في سياق قصة هدهد سليمان عن بلقيس ملكة سبأ، وكانت هي وقومها يعبدون الشمس ويسجدون لها وكانوا من الصابئة، وقيل: إنهم مجوس، وقيل غير ذلك (6) .

قال ابن تيمية: ((والشمس أعظم ما يرى في علم الشهادة، وأعمه نفعا وتأثيراً، فالنهي عن السجود لها نهي عما هو دونها بطريق الأولى من الكواكب والأشجار، وغير ذلك)) (7) .

ولم يقع بين العلماء اختلاف في تفسير السجود في هذه السورة فهو على أصله المعروف من السجود على الوجه (8) ، وقد سبق أنها من مواضع سجود التلاوة.

ص: 175

قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} (فصلت/37) : تدل هذه الآية على أن السجود للخالق لا للمخلوق مهما عظم قَدْرُه ونفعه، بل السجود لمن أبدعه وسخره فالشمس والقمر من أحسن الأجرام المشاهدة في العالم وأعمها نفعا، ومع هذا لم يؤذن بالسجود لهما، فغيرهما من المخلوقات من باب أولى (1) .

وفي هذا الموضع آية سجدة بلا خلاف (2) .

وجمهور العلماء على أن معنى السجود على ظاهره، وهو السجود على الوجه، وحمل بعضهم الأمر في قوله تعالى:{وَاسْجُدُوا لِلَّه} في هذه السورة على صلاة كسوف الشمس والقمر لما يظهر فيهما من التغيير والنقص المنزه عنه الخالق المعبود سبحانه وتعالى (3) ، وينبغي أن يكون هذا استنباطا فقهيا وليس تفسيرا للآية. والله أعلم.

قوله تعالى: {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} (النجم/62) : جرى أكثر المفسرين على أن السجود على ظاهره الشرعي واختلفوا في المراد منه، فمنهم من حمله على سجود التلاوة، ومنهم من حمله على سجود الصلاة (4) ، واختار الأول ابن تيمية (5)(ت728هـ) واختار الثاني الطبري (6)(ت310هـ) ، والأظهر أنه سجود تلاوة، حيث جاء قبله قوله تعالى:{أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59) } ، وهو القرآن الكريم من غير خلاف، حيث يقتضي أن سماعه سبب الأمر بالسجود (7) ، ولأن النبي (قرأ سورة النجم فسجد فيها، وسجد من كان معه، وليس هو سجود الصلاة (8) ، ولهذا اعتبر هذا الموضع سجدة في قول أكثر أهل العلم (9) .

ص: 176

ومن العلماء من فسر الأمر بالسجود في هذه الآية بالصلاة المفروضة (1) ، لأنها شعار الإسلام (2) ، وحمله بعضهم على الأصل اللغوي وهو الخشوع والخضوع (3) ، والأولى تفسير الآية على الأصل الشرعي، إذ لا مانع منه.

وقوله تعالى: {وَاعْبُدُوا} هو من عطف العام على الخاص، واللام في {لِلَّهِ} لام الاختصاص، وتفيد اختصاص الله تعالى بذلك دون غيره (4) .

قوله تعالى: {فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (20) وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمْ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ} (الانشقاق/20-21) :

ورد في المراد من السجود في هذه الآية ثلاثة أقوال هي:

القول الأول: لا يصلون، وهو المنقول عن مفسري السلف كابن السائب رضي الله عنه وعطاء (5)(ت114هـ) .

الثاني: لا يخضعون ولا يستكينون، وهو قول الطبري (ت310هـ) والزمخشري

(ت538هـ) وآخرين، وعزاه أبو حيان (ت754هـ) والآلوسي (ت1270هـ) إلى قتادة (ت118هـ) ولم أقف عليه مسندا (6) .

الثالث: أنه سجود التلاوة، وهو السجود الشرعي، قال أبو حيان (ت754هـ) :((وقال عكرمة: لا يباشرون بجباههم المصلى)) (7) .

ص: 177

والحق أن لكل قول من هذه الأقوال الثلاثة وجهة واعتباراً، أما القول الأول فهو قول السلف، وعليه عامة العلماء، كما قال ابن تيمية (1)(ت728هـ) ، وذلك أن الصلاة تشتمل على تلاوة وسجود، وهو ما تضمنته الآية الكريمة التي نحن بصددها، قال ابن تيمية (ت728هـ) : ((وهذه الآية توجب على من قرئ عليه القرآن أن يسجد، فإن قرئ عليه خارج الصلاة فعليه أن يسجد قريبا إذا حضرت وقت الصلاة، فإنه ما من ساعة يقرأ عليه فيها القرآن إلا وهو وقت صلاة مفروضة، فعليه أن يصليها، إذ بينه وبين وقت الصلاة المفروضة أقل من نصف يوم، فإذا لم يصلّ فهو ممن إذا قرئ عليه القرآن لا يسجد، فإذا قرئ عليه القرآن في الصلاة فعليه أن يسجد سجدة يخرّ فيها من قيام، وسجدة يخر فيها من قعود

)) (2) .

وأما القول الثاني فقد اعتمده جبلان من جبال العلم والتفسير، وهما الطبري (ت310هـ) والزمخشري (ت538هـ) واختاره القاضي أبو يعلى (458هـ)، قال:((وقد احتج بها قوم على وجوب سجود التلاوة، وليس فيها دلالة على ذلك، وإنما المعنى لا يخشعون، ألا ترى أنه أضاف السجود إلى جميع القرآن، والسجود يختص بمواضع منه)) (3) والصواب أن فيها دلالة على ذلك حيث سجد فيها رسول الله (كما ثبت في صحيح مسلم ((أن أبا هريرة قرأ لهم إذا السماء انشقت فسجد فيها، فلما انصرف أخبرهم أن رسول الله (سجد فيها)) (4) ، والسجود فيها قول جمهور العلماء كأبي حنيفة (ت150هـ) والشافعي (ت204هـ) وأحمد بن حنبل (ت241هـ) ، وهو قول ابن وهب (ت197هـ) من أصحاب مالك (ت179هـ)(5) .

ص: 178

وأما القول الثالث: فهو الذي يقتضيه ظاهر اللفظ، وتؤيد سجدة التلاوة، إذ الصحيح أن هذا الموضع منها، وقوله جل شأنه:{لَا يَسْجُدُونَ} دون يخضعون ودون يصلون يدل على أن السجود مقصود لنفسه (1) ، وعليه فإن المقصود بالقرآن في الآية آيات مخصوصة، وهذه منها (2) ، والظاهر أن المقصود جميع القرآن إذ لا دليل على التخصيص، وإنما خصت هذه بالسجود كسائر آيات السجود لأنها هي الآمرة بالسجود عند قراءة القرآن، فكان لها الحظ من الأمر بالسجود مع عموم كونها من القرآن الكريم (3) والأصل في تحديد سجدات التلاوة ما جاءت به السنة.

ولا يخفى ما فيه هذه الأقوال الثلاثة من تقارب وتجانس، إذ لا تناقض بينها فإن السجود أحد أفعال الصلاة، وهما يتناولان الخشوع كذلك، فلا فائدة من سجود ولا صلاة لا خشوع فيهما، وإذا كان السجود والصلاة ظاهرين ومن أفعال الجوارح فإن الخشوع باطن في القلب مؤثر على الجوارح، قال البقاعي (ت885هـ) :(( {لَا يَسْجُدُونَ} : أي يخضعون بالقلب ويتذللون للحق بالسجود اللغوي، فيسجدون بالقالب السجود الشرعي لتلاوته)) (4)

المجموعة الأخرى في سجود الكفار وركوعهم:

قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (42) خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ} (القلم/42-43) .

قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ} (المرسلات/48) .

روي عن ابن عباس (ت68هـ) رضي الله عنهما في قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ} يقول: يدعون يوم القيامة إلى السجود فلا يستطيعون السجود من أجل أنهم لم يكونوا يسجدون لله في الدنيا (5) .

ص: 179

وهذا الذي روي عنه رضي الله عنه يعني أن الموضعين السابقين يختص الأمر فيهما بيوم القيامة، وذلك ظاهر من السياق في سورة القلم حيث صرح الله فيه بهذا اليوم، وفي الحديث الصحيح:((يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة، ويبقى من كان يسجد في الدنيا رياء وسمعة ليسجد فيعود ظهره طبقا واحدا)) (1) ، فالساق هي ساق الرحمن عز وجل كما يليق بجلاله، يجب الإيمان بها من غير تأويل ولا تشبيه ولا تعطيل، والسجود هو السجود المعروف على الوجه، باتفاق المفسرين (2) ولا سيما أنه جاء في بعض الروايات ((فيخرون سجدا)) (3) ، وهذا الأمر على جهة التوبيخ والعقوبة، لأن الآخرة ليست بدار عمل، وأنه لا تكليف فيها (4) ، وأما من ذهب إلى أن الأمر بذلك في الدنيا حتى لا يتعارض مع كون الآخرة دار تكليف فهو مخالف للجمهور (5) والسياق يأباه، والحديث الصحيح يرده.

وأما السجود في الموضع الثاني فجاء فيه ثلاثة معان: السجود الشرعي على الوجه، الصلوات المكتوبة، جميع الطاعات والمعنى متقارب (6) ، غير أن السجود الشرعي هو المتبادر، وإن كان يقتضي غيره، وإنما خص بالذكر لشرفه، ولأنه وقع به امتحانهم في الآخرة، ولهذا كان الإظهار في موضع الإضمار لزيادة التقرير (7) ، ووجه كونه الصلوات المكتوبة لأن السجود جزء منها، ولقوله تعالى:{وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ} ، قال سعيد بن جبير (ت95هـ) :((المعنى: كانوا يسمعون النداء للصلاة وحي على الفلاح فلا يجيبون)) (8) ، ووجه معناه جميع الطاعات أنه على المعنى اللغوي الذي هو الخشوع، لأنهم كفار ومنافقون.

ص: 180

هذا، وأمّا ما روي عن ابن عباس (ت68هـ) رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى:(( {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ} أنه حين يدعون يوم القيامة إلى السجود فلا يستطيعون (1) ، ففي ثبوته عنه نظر، لأنه جاء من طريق عطية العوفي (ت110هـ) وإسناده متكلَّم فيه، وطريقه غير مرضية (2) ، ثم إن السياق في سورة المرسلات لا يتسق مع هذا التأويل، لأن قبله قوله تعالى:{كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا} أي في الدنيا (3) ، ولهذا ذهب أكثر العلماء إلى أن الركوع المذكور في سورة المرسلات قيل لهم في الدنيا ومن ثم اختلفوا في معناه، فذهب مجاهد (ت104هـ) في آخرين إلى أن المعنى:((إذا قيل لهم صلوا لا يصلون)) (4) وقال قتادة (ت118هـ) : إنه الركوع نفسه، وقال عند تفسيرها:((عليكم بحسن الركوع)) (5)، وذهب الطبري إلى أنه بمعنى الخضوع ونصه:((وأولى الأقوال في ذلك أن يقال: إن ذلك خبر من الله تعالى ذكره عن هؤلاء القوم المجرمين أنهم كانوا له مخالفين في أمره ونهيه، لا يأتمرون بأمره ولا ينتهون عما نهاهم عنه)) (6) .

والأقوال الثلاثة كلها قريبة بعضها من بعض، فالركوع جزء من الصلاة، وإنما خص بالذكر لأن كثيرا من العرب كان يأنف من الركوع، وفي الحديث أن وفد ثقيف طلبوا من الرسول (أن لا ينحنوا في الصلاة، فقال عليه الصلاة والسلام: ((لا خير في دين لا ركوع فيه)) (7) ، وعدّه بعضهم سببا لنزول هذه الآية (8) ، والصواب أنه بعد نزولها، لأن هذه السورة مكية، ووفد ثقيف كان بعد غزوة تبوك (9) ، ومع هذا فإن إبقاء الركوع على حقيقته الشرعية أولى، وأما من حمل الركوع على الخضوع فهو أعم وأشمل إذ الصلاة شعار الإسلام، والركوع مما يميز صلاة هذه الأمة عن غيرها من الأمم من اليهود والنصارى، كما سيأتي في المبحث التالي. والله أعلم.

ثالث عشر - أمر اليهود بالركوع:

ص: 181

قال تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} . (البقرة/43) .

أمر الله بني اسرائيل بالركوع بعد قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} ، لأن صلاتهم لا ركوع فيها، قال أبو حيان (ت754هـ) : ((المشاهد من صلاة اليهود والنصارى خلوها من الركوع،

ويحتمل أن يكون ترك الركوع مما غيرته اليهود والنصارى من معالم شريعتهم)) (1)، وقال برهان الدين البقاعي (ت885هـ) :((تتبعت التوراة فلم أره ذكر فيها الركوع)) (2)، وقال في موضع آخر:((سألت عن صلاة اليهود الآن فأُخبرت أنه ليس فيها ركوع)) (3) ، وصرح غير واحد من العلماء بأن صلاتهم لا ركوع فيها (4) ، وأثناء كتابة هذا البحث سألت من صلاة اليهود والنصارى فأُخبرت أنه ليس فيها ركوع ولا سجود، وإنما هو إيماء، ولا يبعد أن ذلك مما غيرته اليهود والنصارى في شرع الله.

وفي هذا الأمر تأكيد لليهود المخاطبين على الإتيان بصلاة المسلمين، كما تضمن قوله تعالى:{مَعَ الرَّاكِعِينَ} إيقاعها في جماعة (5) ، فالمقصود بالركوع في الآية الركوع المعهود لأن الأصل في إطلاق الشرع المعاني الشرعية (6) ، ويمكن أن يراد به الصلاة نفسها، فعبر عنها بفعل لازم من أفعالها، وهو الركوع، وذلك يدل على فريضته فيها (7) .

ص: 182

ومن العلماء من حمل الركوع في الآية على المعنى اللغوي، وهو الخضوع لله بالطاعة، والدخول مع المسلمين في الإسلام والانقياد لما يلزمهم في دين الله (1) ، وهذا المعنى قوي اختاره ابن جرير الطبري (ت310هـ) ، وهو المناسب للسياق، فإن هذه الآيات افتتحت تذكر المنعم وذلك في قوله تعالى:{يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِي الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا} (البقرة/40) ثم اختتمت بالانقياد للمنعم والخضوع له تعالى، وما بينهما تكاليف اعتقادية وأهم الأفعال البدنية والمالية (2)، ومما يؤيد هذا المعنى قوله تعالى بعده:(وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} (البقرة/45) ، ولولا أن الأصل في إطلاق الشرع المعاني الشرعية لكان هذا المعنى وهو الخشوع مقدما على غيره، ولا يمنع أن يُراد بقوله تعالى:{وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} الخشوع وإنما اختير التعبير بالركوع للإيماء إلى ما سبقت الإشارة إليه من أن اليهود لا ركوع في صلاتهم ومن إيقاع الصلاة في جماعة.والله أعلم.

وأما قول ابن العربي (ت543هـ) في الآية: ((وقيل: إنه الانحناء لغةً وذلك يعم الركوع والسجود)) (3) فلم أقف عليه إلا عنده رحمه الله، وفيه شئ من البعد. والله أعلم.

جدول مواضع الركوع والسجود ومعانيهما:

تقريبا لمعاني الركوع والسجود وضعت هذا الجدول حسب ترتيب آي القرآن الكريم، وقد راعيت فيه مايلي:

استيفاء جميع الأقوال، والإحالة إلى مواضعها في الخانة الأخيرة من الجدول، لمعرفة الصحيح منها والضعيف.

ترتيب الأقوال حسب الأولوية.

العلامتان (**) في خانة أرقام الآيات تدل على أنها معدودة في سجدات التلاوة.

ص: 183

الحرف (ك) أمام رقم الآية يدل على أنها مكية، والحرف (د) يدل على أنها مدنية، وقد اعتمدت في ذلك على الراجح من خلال الإتقان، والتحرير والتنوير وما ترجّح في أثناء البحث.

ما عليها تظليل فهي الآيات التي ورد فيها لفظ الركوع مجردا أو مع السجود.

وفي آخر الجدول بعض الإحصائيات التي قد يحتاج إليها.

م

السورة

الآية

رقمها

معاني الركوع والسجود

موضعها في البحث

1.

البقرة

(وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا (

د/34

السجود على الوجه.

الإنحناء المساوي للركوع.

الإيماء والخضوع.

مجرد الخضوع.

ثانيا

2.

البقرة

(وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (

د/43

الركوع الشرعي.

الخضوع.

الصلاة.

مطلق الانحناء (الركوع والسجود) .

ثالث عشر

3.

البقرة

(فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا (

د/58

الركوع (الانحناء) .

السجود على الوجه.

الخضوع.

سابعا

4.

البقرة

(وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (

د/125

جماعة القوم الراكعين والساجدين لله تعالى.

المصلون.

جميع المؤمنين.

رابعا

5.

آل عمران

(يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (

د/43

(وَاسْجُدِي (المعنى الشرعي، (وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (: صلي مع المصلين.

(وَاسْجُدِي (: المعنى الشرعي، (وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (: اخشعي مع الخاشعين.

السجود والركوع جميعه على المعنى الشرعي.

السجود والركوع جميعه بمعنى الصلاة.

السجود والركوع جميعه بمعنى الخشوع.

(وَاسْجُدِي (: صلي،

(وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (: اشكري مع الشاكرين.

تاسعا

6.

آل عمران

ص: 184

(مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (

د/113

السجود الشرعي في الصلاة.

الصلاة.

الخشوع.

عاشرا

7.

النساء

(فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ (

د/102

الصلاة.

السجود الشرعي في الصلاة.

حادي عشر

8.

النساء

(وَقُلْنَا لَهُمْ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا (

د/154

الركوع (الانحناء) .

السجود على الوجه.

الخضوع.

سابعا

9.

المائدة

(الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (

د/55

الخشوع.

الصلاة.

الركوع الشرعي في الصلاة.

حادي عشر

10.

الأعراف

(ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا (

ك/11

السجود على الوجه.

الانحناء المساوي للركوع.

الإيماء والخضوع.

مجرد الخضوع.

ثانيا

11.

الأعراف

(وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (

ك/120

السجود على الوجه.

الخضوع.

سادسا

12.

الأعراف

(وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا (

ك/161

الركوع (الانحناء) .

السجود على الوجه.

الخضوع.

سابعا

13.

الأعراف

(إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ (

ك/206

**

السجود على الوجه.

الصلاة.

الخشوع.

ثانيا

14.

التوبة

(التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ (

د/112

معناهما الشرعي.

المصلون الصلوات المفروضة.

المصلون الصلوات النوافل.

حادي عشر

15.

يوسف

(إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَاأَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (

ك/4

مطلق السجود.

الخضوع.

خامسا

16.

يوسف

(وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا (

ك/100

السجود على الوجه ليوسف تحية

الانحناء المساوي للركوع.

ص: 185

الإيماء والخضوع.

السجود لله على الوجه.

مجرد الخضوع.

خامسا

17.

الرعد

(وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (

ك/15

**

سجود كل نوع على حسب حاله، وفيه تفصيل يراجع في موضعه.

الخضوع.

أولا

18.

الحجر

(فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (

ك/30

السجود على الوجه.

الانحناء المساوي للركوع.

الإيماء والخضوع.

مجرد الخضوع.

ثانيا

19.

الحجر

(فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنْ السَّاجِدِينَ (

ك/98

الصلاة.

التواضع.

حادي عشر

20.

النحل

(أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنْ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ (48) وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (

ك/48

_49

**

سجود كل نوع حسب حاله وفيه تفصيل يراجع في موضعه.

الخضوع.

أولا

21.

الإسراء

(وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا (

ك/61

السجود على الوجه.

الانحناء المساوي للركوع.

الإيماء والخضوع.

مجرد الخضوع.

ثانيا

22.

الإسراء

(إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (

ك/107

**

السجود على الوجه.

السجود على اللحى.

الخشوع.

عاشرا

23.

الكهف

(وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا (

ك/50

السجود على الوجه.

الانحناء المساوي للركوع.

الإيماء والخضوع.

مجرد الخضوع.

ثانيا

24.

مريم

(إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَانِ خَرُّوا سُجَّدًا

وَبُكِيًّا (

ك/58

**

السجود على الوجه.

الصلاة.

الخشوع.

ثالثا

25.

طه

(فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا (

ك/70

السجود على الوجه.

الخضوع.

ص: 186

سادسا

26.

طه

(وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا (

ك/116

السجود على الوجه.

الانحناء المساوي للركوع.

الإيماء والخضوع.

مجرد الخضوع.

ثانيا

27.

الحج

(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ (

د/18

**

سجود كل نوع بحسَبه وفيه تفصيل يراجع في موضعه.

الخضوع.

أولا

28.

الحج

(وَطَهِّرْ بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (

د/26

جماعة القوم الراكعين والساجدين لله تعالى.

المصلون.

جميع المؤمنين.

رابعا

29.

الحج

(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ (

د/77

**

معناهما الشرعي.

الصلاة.

الركوع بمعنى الخشوع والسجود بمعناه الشرعي.

حادي عشر

30.

الفرقان

(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَانِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَانُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا (

ك/60

**

السجود الشرعي.

الخضوع.

الصلاة.

ثاني عشر

31.

الفرقان

(وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (

ك/64

السجود الشرعي.

حادي عشر

32.

الشعراء

(فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (

ك/46

السجود على الوجه.

الخضوع.

سادسا

33.

الشعراء

(الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (

ك/218-219

الصلاة، والمراد بالساجدين:

هم أهل الصلاة من المؤمنين.

صلاة النبي صلى الله عليه وسلم نفسه.

جميع المؤمنين.

جميع الناس.

الأنبياء.

حادي عشر

34.

النمل

(أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (

ك/25-26

**

ص: 187

السجود على الوجه.

ثاني عشر

35.

السجدة

(إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا (

ك/15

**

السجود الشرعي.

الركوع.

حادي عشر

36.

ص

(وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ (

ك/24

**

السجود على الوجه.

الركوع (الانحناء) .

الصلاة.

ثامنا

37.

ص

(فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (

ك/72

السجود على الوجه.

الانحناء المساوي للركوع.

الإيماء والخضوع.

مجرد الخضوع.

ثانيا

38.

الزمر

(أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا (

ك/9

السجود الشرعي.

حادي عشر

39.

فصلت

(لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (

ك/37

**

السجود على الوجه.

صلاة الكسوف.

ثاني عشر

40.

الفتح

(تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ (

د/29

معانيها الشرعية.

الصلاة.

حادي عشر

41.

ق

(وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَالسُّجُودِ (

ك/40

الصلوات الخمس.

صلاة المغرب.

السجود الشرعي.

حادي عشر

42.

النجم

(فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (

ك/62

**

السجود على الوجه.

الخضوع.

الصلاة المفروضة.

ثاني عشر

43.

الرحمن

(وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ (

ك/6

سجود كل نوع حسب حاله، وفيه تفاصيل يراجع في موضعه.

الخضوع.

أولا

44.

القلم

(يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (

ك/42

السجود على الوجه.

ثاني عشر

45.

القلم

(وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ (

ك/43

السجود على الوجه.

الصلوات المفروضة.

جميع الطاعات.

ثاني عشر

46.

الإنسان

ص: 188

(وَمِنْ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ (

ك/26

جميع الصلوات المفروضة.

صلاة المغرب والعشاء.

حادي عشر

47.

المرسلات

(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ (

ك/48

الركوع الشرعي.

الصلاة.

الخضوع.

السجود المذكور في الموضع الأول من سورة القلم/42.

ثاني عشر

48.

الانشقاق

(وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمْ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ (

ك/21

**

السجود الشرعي.

الصلاة.

الخضوع.

ثاني عشر

49.

العلق

(وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (

ك/19

**

الصلاة.

السجود الشرعي.

الخشوع.

حادي عشر

أهم الإحصائيات من خلال الجدول السابق:

وقعت معاني الركوع والسجود في تسعة وأربعين موضعا، منها ثمانية مواضع ورد فيها الركوع.

بلغ عدد المكي خمسا وثلاثين موضعا، والمدني أربعة عشر موضعا، وورد في كل منهما ذكر الركوع والسجود غير أن الركوع لم يرد في المكي إلا مرة واحدة، وذلك في المرسلات.

أكثر المعاني دورا: المعنى الشرعي، الخضوع، الصلاة.

جاء المعنيان الركوع الشرعي والصلاة في كل موضع من مواضع الركوع الثمانية.

ورد معنى الصلاة في أربعة عشر موضعا، منها خمسة مواضع هي الراجحة في لفظ السجود، وموضع في سورة الإنسان لم يختلف فيه أنه بمعنى الصلاة وكذلك الذي في سورة ق فإن المعول عليه بمعنى الصلاة.

الخشوع والخضوع والتواضع كلها بمعنى، وقد وقعت في اثنين وثلاثين موضعا.

عدد سجدات التلاوة المتفق عليها والمختلف فيها خمس عشرة سجدة، وإليها الإشارة بالعلامتين.

• • •

خاتمة البحث:

ص: 189

بعون الله وتوفيقه تمت دراسة جميع ألفاظ الركوع والسجود في القرآن الكريم، دراسة تحليلية مقارنة، وذلك برصد معانيهما اللغوية والشرعية والمجازية، وحسبما اقتضته الآيات جرى تصنيفها إلى ثلاثة عشر موضوعا، ومن ثَم دُّرس كل موضوع في مبحث يتناول تلكم الآيات من خلال ما جاء في تفسيرها من نصوص الكتاب والسنة والآثار وأقاويل السلف والمفسرين، كما اقتضت الدراسة الاعتبار بالسياق وكذلك النظائر وسائر القرائن والدلائل من المكي والمدني والناسخ والمنسوخ، وغير ذلك مما ينتهى بالبحث إلى الصحيح من الأقوال، وتعقّب المعاني الضعيفة وما لا يعوّل عليه، وهذا بالإضافة إلى توضيح ما جاور ألفاظ الركوع والسجود من المفردات الغريبة، مما يستلزمه البحث، وكذلك الإشارة إلى بعض المعاني البلاغية.

وقد تضمن هذا البحث في ألفافه جملة من النتائج، منها مايلي:

أن معرفة أساليب العرب في كلامهم والحقائق الشرعية للألفاظ ودلالة السياق وتاريخ النزول من أهم أسس تفسير القرآن الكريم والعلم بمقاصده.

أنه ما من شيء إلا وهو يسجد لله، ومذهب أهل السنة إثبات ذلك لكل الخلائق والتسليم لله به، ومنه ما نعلم كيفيته، ومنه ما لا نعلم كيفية سجوده.

أن في سجود الموات والجماد وكذلك الملائكة حثا للناس على السجود لله وعدم مخالفته جل وعلا.

الركوع في القرآن يخص العقلاء، بينما السجود يتناول كل مخلوق.

أن من قبلنا كانت لهم صلاة، لكنها ليست مماثلة لصلاتنا في أوقاتها وركوعها وسجودها وهيئاتها، وأن اليهود والنصارى لا ركوع عندهم مثل ركوعنا.

أن السجود لغير الله على الأرض كان قبل الإسلام جائزاً لغير الله إذا كان على وجه التحية فقط، أما إذا كان على وجه العبادة فذلك لم تحلّه شريعة من الشرائع السماوية في أي زمن من الأزمان.

ص: 190

أن الانحناء والإيماء على وجه التعظيم محرم في الشريعة الإسلامية، فيجب اجتناب هذه الهيئة التي شاع استعمالها عند بعض المسلمين.

معرفة تاريخ الركوع والسجود وتدرج التشريع في فرض الصلوات يرفع كثيرا من الإشكالات التي اختلف فيها بعض المفسرين.

اختلاف المفسرين في الركوع والسجود اختلاف تنوع لا تضاد، وبعض هذا الاختلاف إنما هو استطراد.

مدار تفسير الركوع والسجود على معناهما الشرعيين والخضوع والصلاة.

أن من أهم أسباب التنويه بالركوع والسجود والتعبير بهما لأن سائر أشكال المصلي موافق للعادة عداهما، فبهما يتبين الفضل بين المصلي وغيره، ولما يكمن فيهما من الخشوع والتذلل لله رب العالمين.

لما كان السجود أكمل هيئات الخشوع كان هو أفضل هيئات الصلاة.

جميع الآيات الخاصة بسجود الرسول صلى الله عليه وسلم مكية،وذلك لما يجده فيها من تسلية وعزاء مما يعتريه ويضيق به صدره الشريف من صد عن دعوته.

أمر الكفار بالركوع والسجود والصلاة يقتضي دعوتهم إلى الإسلام، وإنما خص الأمر بهذه الأفعال لأنها شعار الإسلام وعموده.

أن الآيات المعدودة في سجدات التلاوة فيها دلالة على أن المراد بلفظ السجود فيها هو السجود الشرعي على الوجه، وهذا في الغالب.

أهمية صلاة الجماعة، فقد جاء التعبير بالجمع في كثير من هيئات الصلاة إشارة إليها.

أن جميع الصلوات قبل الإسراء وبعده قد ورد ذكرها في القرآن الكريم، وكذلك النوافل بعد الصلوات الخمس.

بيان السنة للقرآن الكريم في هيئات الركوع والسجود وكذلك أعدادهما وأذكارهما وغير ذلك مما يتصل بالصلوات قد أوضحته السنة بأحسن بيان.

ص: 191

وثمة نتائج أخرى حواها البحث في تضاعيفه، وإن من أهم ما تجدر العناية به دراسة ألفاظ القرآن الكريم وما فيها من الوجوه والنظائر، حيث إن المصادر التي تناولت مفردات الالفاظ والوجوه والنظائر لم تستوعب ما في القرآن الكريم من المعاني وربما غلب على بعضها الجمع، وما هذا البحث إلا إسهام ضئيل في بحر ذلكم العلم المحيط، الذي ينبغي أن يتواصل الباحثون في إثرائه لإبراز هدايات القرآن الكريم ودلالاته.

اللهم اغفر لي زلاتي، وتجاوز عن خطيئاتي، وارحمني بالقرآن.

والحمد لله رب العالمين.

الحواشي والتعليقات

() سيأتي ذكر الخلاف في موضعه من هذا البحث.

(2)

انظر محمد الطاهر: التحرير والتنوير 1/422.

(3)

انظر مادة (ركع) : الخليل بن أحمد: العين 1/200، الطبري: جامع البيان 1/257، ابن فارس: معجم مقاييس اللغة2/434، الجوهري: الصحاح 3/1222، ابن منظور: اللسان 8/133، النيسابوري: إيجاز البيان 1/96.

(4)

انظر مادة (سجد) : الجوهري: الصحاح 2/483، ابن فارس معجم مقاييس اللغة 3/133، ابن منظور: اللسان 3/204 الزَّبيدي: تاج العروس 8/172.

(5)

انظر الطبري: جامع البيان 1/300.

(6)

صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها 1/563، رقم الحديث 275.

(7)

الأزهري: تهذيب اللغة 1/311.

(8)

أي عضديه. انظر الفيروز آبادي: القاموس مادة (ضبع)956.

(9)

ابن قدامة: المغني 2/176.

(10)

الأزهري: تهذيب اللغة 1/311.

(11)

انظر القرطبي: الجامع لأحكام القرآن 1/293، الزَّبيدي: تاج العروس 8/172.

(12)

انظر ابن تيميّة: مجموع الفتاوى 22/570.

(13)

أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأذان، باب السجود على الأنف، ومسلم في صحيحه باب أعضاء السجود 1/354 رقم الحديث 230، والكفت وهو الجمع كما في حاشية صحيح مسلم للنووي.

(14)

العلوي اليمني: الطراز 1/47.

(15)

الجرجاني: التعريفات 257.

ص: 192

(16)

انظر العلوي: الطراز 1/44، محمد الأمين: منع جواز المجاز (الرسالة الملحقة بآخر أضواء البيان) 10/6.

(17)

انظر العلوي اليمني 1/86، السيوطي: المزهر 1/362.

(18)

أي تعبت. انظر الزمخشري: أساس البلاغة، مادة (لغب) 2/345.

(19)

المصدر السابق: مادة (ركع) 1/368.

(20)

أساس البلاغة: مادة (سجد) 1/423.

(21)

انظر مادة (ركع) : الجوهري: الصحاح 3/1222، ابن فارس: معجم مقاييس اللغة 2/434، ابن منظور: اللسان 8/133، ومادة (سجد) في المصادر المذكورة آنفا على الترتيب 2/283، 3/133، 3/204.

(22)

السيوطي: المزهر 1/361.

(23)

انظر مادة (ركع) ابن فارس: معجم مقاييس اللغة 2/435، مادة (سجد) : الراغب الأصفهاني 224.

(24)

انظر المصدرين السابقين، وابن العربي: أحكام القرآن 4/1639.

(25)

انظر الطبري: جامع البيان 13/132، الراغب الأصفهاني: المفردات مادة (غدا)358.

(26)

انظر الطبري: جامع البيان 14/114، ابن عطية: المحرر الوجيز 8/430.

(27)

انظر الطبري: جامع البيان 14/116.

(28)

انظر المصدر السابق 27/116، ابن كثير: تفسير القرآن العظيم 7/476.

(29)

معاني القرآن 5/96.

(30)

انظر ابن عطية: المحرر 10/244، ابن كثير: تفسير القرآن العظيم 5/398.

(31)

انظر الطبري: جامع البيان 17/130.

(32)

انظر الفراء: معاني القرآن 2/219، المصدر السابق.

(33)

انظر ابن عطية: المحرر 8/435، الآلوسي: روح المعاني 13/126، محمد الأمين: أضواء البيان 3/99.

(34)

انظر المصادر السابقة.

(35)

انظر ابن قُدامة: روضة الناظر، الآلوسي: روح المعاني 1/247، محمد الأمين: أضواء البيان 3/100، محمد الطاهر: التحرير والتنوير 17/226.

(36)

انظر ابن كثير: تفسير القرآن العظيم 5/398 عبد الرحمن السعدي: تيسير الكريم الرحمن 4/97 محمد الطاهر: التحرير والتنوير 17/226.

ص: 193

(37)

انظر الطبري: جامع البيان 13/131، ابن عطية: المحرر 8/151، محمد الأمين: الأضواء 3/99.

(38)

((الأطيط صوت اضطراب الرحل إذا كان عليه ثقل)) . عارضة الأحوذي 9/195.

(39)

أخرجه الترمذي: ((أبواب الزهد)) باب في قول النبي (: ((لوتعلمون ما أعلم ......)) 9/194 وقال: ((هذا حديث حسن غريب)) ، وقال ابن العربي في العارضة (حاشية الترمذي)((وهو صحيح)) ، وأخرجه ابن ماجه:((كتاب الزهد)) ((باب الحزن والبكاء))

2/1402، والحاكم:((كتاب التفسير)) ، ((تفسير سورة هل أتى على الإنسان)) ، وقال:((صحيح الإسناد)) ، وسكت عنه الذهبي، وأخرجه أحمد في مسنده 5/173.

(40)

انظر ابن عطية: المحرر 8/15.

(41)

انظر الطبري: جامع البيان 13/131، المصدر السابق، محمد الأمين: الأضواء 3/99.

(42)

انظر الزجاج: معاني القرآن 3/202، أبا حيان: البحر المحيط 5/378.

(43)

الطبري: جامع البيان 13/131.

(44)

معاني القرآن 3/202.

(45)

انظر الزجاج: معاني القرآن 3/418، الأزهري تهذيب اللغة مادة (سجد) 10/572، معالم التنزيل 4/22 و 5/372 القرطبي: الجامع لأحكام القرآن 9/302.

(46)

انظر الزجاج: معاني القرآن 3/144، أبا حيان: البحر 5/378.

(47)

جامع البيان 14/116.

(48)

انظر القرطبي: الجامع لأحكام القرآن 9/302، الآلوسي: روح المعاني 13/126، محمد الأمين: الأضواء 3/100.

(49)

الطبري: جامع البيان 17/130، البغوي: معالم التنزيل 5/372، ابن كثير: تفسير القرآن العظيم 5/399.

(50)

انظر القرطبي: الجامع لأحكام القرآن 12/24، الآلوسي: روح المعاني 17/130.

(51)

أخرجه مسلم في صحيحه، ((باب بيان الزمن الذي لا يقبل فيه الإيمان)) 1/138 رقم الحديث 250، وأخرج البخاري نحوه في الصحيح، ((كتاب بدء الخلق)) ، ((باب صفة الشمس والقمر بحسبان)) 4/75.

(52)

فتح الباري 13/19.

(53)

المصدر السابق.

ص: 194

(54)

انظر الأزهري: تهذيب اللغة، مادة (سجد) 10/572، ابن الجوزي: زاد المسير 4/454.

(55)

جامع البيان 17/130.

(56)

تفسير القرآن العظيم 4/494، وعن مجاهد روايات أخرى انظرها في ابن عطية: المحرر 14/181.

(57)

أخرجه الترمذي في ((أبواب الصلاة)) ، ((باب ما يقول في سجود القرآن)) 3/60، وقال:((هذا حديث غريب من حديث ابن عباس لا نعرفه إلا من هذا الوجه)) ، وابن ماجة:((كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها)) ، ((باب سجود القرآن)) 1/334 رقم الحديث 1053، والحاكم في المستدرك:((كتاب الصلاة)) ، ((باب التأمين)) 1/219 وقال:((هذا حديث صحيح رواته مكيون لم يذكر واحد منهم بجرح، وهو من شرط الصحيح ولم يخرجاه)) ، وقال الذهبي في التلخيص:((صحيح ما في رواته مجروح)) ، وأخرجه البغوي في تفسيره معالم التنزيل 7/86.

(58)

انظر الراغب الأصفهاني: المفردات، مادة (دبب) 164، ابن كثير: تفسير القرآن العظيم 5/399، ابن منظور: اللسان مادة (دبب) 1/370.

(59)

انظر ابن قدامة: المغني 2/352.

(60)

انظر أبا حيان: البحر 4/454، الشوكاني: فتح القدير 2/280، محمد الطاهر: التحرير والتنوير 9/244.

(61)

انظر الطبري: جامع البيان 9/168.

(62)

انظر القرطبي: الجامع لأحكام القرآن 7/356، الشوكاني: فتح القدير 2/280.

(63)

سبق تخريجه.

(64)

انظر ابن كثير: تفسير القرآن العظيم 3/544، محمد الطاهر: التحرير والتنوير 9/244.

(65)

أخرجه مسلم في صحيحه، ((باب الأمر بالسكون في الصلاة

)) 1/322 رقم الحديث 119.

(66)

انظر القرطبي: الجامع لأحكام القرآن 7/357، ابن قدامة: المغني 2/352.

(67)

انظر الطبري: جامع البيان 9/168، 23/111.

(68)

انظر محمد الطاهر: التحرير والتنوير 9/244.

(69)

انظر ابن كثير: تفسير القرآن العظيم 1/107.

ص: 195

(70)

انظر الراغب: المفردات، مادة (سجد) 224 النيسابوري: إيجاز البيان 1/89، القرطبي: الجامع لأحكام القرآن 1/293.

(71)

انظر ابن عطية: المحرر 1/244، أبا حيان: البحر 1/252.

(72)

انظر البغوي: معالم التنزيل 1/81، ابن العربي: أحكام القرآن 1/16، ابن الجوزي: زاد المسير 1/64.

(73)

انظر المصادر السابقة.

(74)

انظر القرطبي: الجامع لأحكام القرآن 1/293.

(75)

انظر المصدر السابق، محمد الطاهر: التحرير والتنوير 1/422.

(76)

انظر الفراء: معاني القرآن 2/88 والمصدرين السابقين.

(77)

انظر الجصاص: أحكام القرآن 1/32، الشوكاني: فتح القدير 1/66، محمد الطاهر: التحرير والتنوير 1/422.

(78)

انظر ابن فارس: معجم مقاييس اللغة، مادة (وقع) 6/133، أبا حيان: البحر 5/453، الآلوسي: روح المعاني 4/45.

(79)

جامع البيان 23/185.

(80)

انظر الجصاص: أحكام القرآن 1/32.

(81)

المحرر الوجيز 8/308.

(82)

المصدر السابق 1/244.

(83)

انظر ابن منظور: اللسان، مادة (جثا) 14/131.

(84)

انظر الطبري: جامع البيان 16/97، ابن كثير: تفسير القرآن العظيم 5/238.

(85)

انظر الجوهري: الصحاح، مادة (خرر) 2/643، أبا حيان: البحر 7/393.

(86)

انظر الطبري: جامع البيان 16/98، ابن مجاهد: السبعة 407، الراغب: المفردات، مادة (بكى)58.

(87)

انظر ابن تيمية: مجموع الفتاوى 23/143، 151، الآلوسي: روح المعاني 16/108.

(88)

ابن كثير: تفسير القرآن العظيم 5/238.

(89)

انظر الآلوسي: روح المعاني 16/108.

(90)

انظر الرازي: مفاتيح الغيب 16/235، المصدر السابق.

(91)

جامع البيان 16/97.

(92)

المصدر السابق 1/538.

(93)

انظر ابن كثير: تفسير القرآن العظيم 1/248.

(94)

انظر الطبري: جامع البيان 1/539.

(95)

الزَّجَّاج: معاني القرآن 3/422.

ص: 196

(96)

انظر الطبري: جامع البيان 17/143، ابن كثير: تفسير القرآن العظيم 5/410.

(97)

جامع البيان 1/541.

(98)

أبو حيان: البحر 1/382.

(99)

معاني القرآن 1/77.

(100)

معاني القرآن 1/207.

(101)

انظر ابن عطية: المحرر 10/262.

(102)

انظر الزمخشري: الكشاف 1/310.

(103)

انظر الآلوسي: روح المعاني 17/143.

(104)

انظر ابن كثير: تفسير القرآن العظيم 1/248.

(105)

البحر المحيط 2/457.

(106)

نظم الدرر 4/379.

(107)

المصدر السابق 4/379.

(108)

انظر ابن تيمية: مجموع الفتاوى 22/5، محمد رشيد: تفسير القرآن الحكيم 1/463.

(109)

انظر روح المعاني: الآلوسي 1/136، 143.

(110)

انظر ابن تيمية: مجموع الفتاوى 23/69، 80.

(111)

سبق تخريجه في أول البحث.

(112)

البحر المحيط 1/372.

(113)

انظر الطبري: جامع البيان 12/67، ابن كثير: تفسير القرآن العظيم 4/325.

(114)

انظر الزمخشري: الكشاف 2/344.

(115)

انظر القرطبي: الجامع لأحكام القرآن 9/265، ابن تيمية: مجموع الفتاوى 22/544، الآلوسي: روح المعاني 13/58.

(116)

انظر الزمخشري: الكشاف 2/344، القرطبي: الجامع لأحكام القرآن 1/293، ابن كثير: تفسير القرآن العظيم 4/335، محمد الطاهر: التحرير والتنوير 13/56.

(117)

أخرجه ابن ماجه: ((كتاب النكاح)) ، ((باب حق الزواج على المرأة)) 1/595 رقم الحديث 1852، وأحمد في مسنده 4/381.

(118)

انظر القرطبي: الجامع لأحكام القرآن 1/58.

(119)

أخرجه الترمذي: ((أبواب الاستئذان)) ، ((باب ما جاء في المصافحة)) 10/191 (عارضة الأحوذي)، وابن ماجه:((كتاب الأدب)) ، ((باب المصافحة)) 2/1220، رقم الحديث 3702، وأحمد في مسنده 3/198.

(120)

انظر ابن عطية: المحرر 8/80، القرطبي: الجامع 9/265.

(121)

انظر الزمخشري: الكشاف 2/344.

(122)

الصحاح: مادة (خرر) 2/643.

(123)

انظر ابن عطية: المحرر 8/80.

ص: 197

(124)

انظر أبا حيان: البحر 5/348.

(125)

الكشاف 2/344.

(126)

انظر المصدر السابق، الرازي: مفاتيح الغيب 12/88، الآلوسي: روح المعاني 12/180، محمد رشيد: تفسير القرآن الحكيم 12/254.

(127)

انظر الطبري: جامع البيان 9/22، 19/73، الراغب الأصفهاني: المفردات، مادة (لقي) 453، ابن عطية: المحرر 6/39.

(128)

الكشاف 3/113.

(129)

البحر المحيط 7/16.

(130)

انظر الآلوسي: روح المعاني 9/26.

(131)

جوّز هاتين الدلالتين محمد الطاهر صاحب التحرير والتنوير 16/262.

(132)

انظر الزمخشري: الكشاف 1/283، ابن كثير: تفسير القرآن العظيم 1/139.

(133)

انظر الطبري: جامع البيان 1/299، ابن كثير: تفسير القرآن العظيم 1/140.

(134)

أخرجه البخاري في صحيحه: ((كتاب التفسير)) ، ((باب قوله حطة)) 1/197، ومسلم في كتاب التفسير 5/2312 رقم الحديث 1.

(135)

فتح الباري 17/180.

(136)

انظر ابن فارس: معجم مقاييس اللغة، مادة (حطّ) 2/13، الراغب: المفردات، مادة (حطّ)122.

(137)

انظر الغرناطي: ملاك التأويل 1/205.

(138)

انظر الرازي: مفاتيح الغيب 3/94، أبا حيان: البحر 1/221، الآلوسي: روح المعاني 1/265.

(139)

انظر أبا حيان: البحر 1/222، الآلوسي: روح المعاني 1/263.

(140)

انظر الرازي: مفاتيح الغيب 3/94، المصدرين السابقين.

(141)

أخرجه الطبري في جامع البيان 1/299 والحاكم في المستدرك 1/262 وقال: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)) ، وسكت عنه الذهبي، وذكره السيوطي في الدر المنثور 1/172.

(142)

انظر ابن تيمية: دقائق التفسير 1/111، الزركشي: البرهان في علوم القرآن 2/157.

(143)

انظر النيسابوري: إيجاز البيان 1/100.

(144)

جامع البيان 1/300.

(145)

الكشاف 1/283.

(146)

انظر الآلوسي: روح المعاني 1/265.

ص: 198

(147)

انظر الطبري: جامع البيان 23/146، ابن عطية: المحرر 12/439، محمد الطاهر: التحرير والتنوير 23/237.

(148)

انظر الطبري: جامع البيان 23/146.

(149)

أحكام القرآن 4/1639.

(150)

أخرجه النسائي في سننه: ((كتاب الصلاة)) ، ((باب سجود القرآن)) 2/159، والدارقطني في سننه أيضا 1/407وعبد الرازق في المصنف 3/338، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير 3/221.

(151)

مجموع الفتاوى 23/145.

(152)

نظم الدرر 16/363.

(153)

أخرجه البخاري في صحيحه: ((كتاب الأنبياء)) ، ((باب واذكر عبدنا داود)) 4/135.

(154)

زاد المسير 7/122.

(155)

انظر ابن قدامه: المغني 2/352، ابن حجر: فتح الباري 5/252.

(156)

انظر الجوهري: الصحاح مادة (خرر) 2/643، أبا حيان: البحر 7/393، البقاعي: نظم الدرر 16/363.

(157)

البقاعي: نظم الدرر 16/363.

(158)

ابن تيمية: مجموع الفتاوى 23/173.

(159)

انظر ابن عطية: المحرر 12/448، الآلوسي: روح المعاني 3/183، محمد الطاهر: التحرير والتنوير 23/240.

(160)

انظر أبا حيان: البحر 7/393، ابن كثير: تفسير القرآن العظيم 7/52، الآلوسي: روح المعاني 23/183.

(161)

انظر ابن تيمية: مجموع الفتاوى 23/145.

(162)

انظر الزمخشري: الكشاف 3/371، الآلوسي: روح المعاني 23/184.

(163)

الراغب الأصفهاني: المفردات، مادة (قنت)413.

(164)

ابن فارس: معجم مقاييس اللغة، مادة (قنت) 5/31.

(165)

انظر ابن عطية: المحرر 3/115.

(166)

انظر الجصاص: أحكام القرآن 2/13، المصدر السابق.

(167)

انظر الطبري: جامع البيان 3/265.

(168)

المصدر السابق 3/266.

(169)

انظر المصدر السابق، الزمخشري: الكشاف 1/429، أبا حيان: البحر 2/456، الآلوسي: روح المعاني 3/155.

(170)

انظر النحاس: معاني القرآن 1/399، أبا حيان: البحر 2/456.

(171)

انظر ابن عطية: المحرر 3/115.

ص: 199

(172)

انظر أبا حيان: البحر 2/457، البقاعي: نظم الدرر 4/373، 379.

(173)

انظر المصدرين السابقين، محمد الطاهر: التحرير والتنوير 4/244.

(174)

انظر ابن تيمية: مجموع الفتاوى 22/5.

(175)

انظر المصدر السابق 23/137.

(176)

انظر الطبري: جامع البيان 3/266، الرازي: مفاتيح الغيب 3/48، الآلوسي: روح المعاني 3/157.

(177)

انظر الرازي: مفاتيح الغيب 3/48، محمد الطاهر: التحرير والتنوير 3/244.

(178)

معجم مقاييس اللغة، مادة (ركع) 2/435، وانظر أبا حيان: البحر 2/457.

(179)

ابن فارس: معجم مقاييس اللغة، مادة (ركع) 2/435.

(180)

انظر الطبري: جامع البيان 15/180، الزمخشري: الكشاف 1/456، أبا حيان: البحر 3/34، 6/88.

(181)

انظر الزمخشري: الكشاف 1/456.

(182)

انظر الطبري: 15/180، الزمخشري: الكشاف 2/469، أبا حيان: البحر 3/34، 6/88.

(183)

انظر المصادر السابقة.

(184)

ابن عطية: المحرر 3/276.

(185)

المصدر السابق.

(186)

انظر الفراء: معاني القرآن 1/231، الزجاج: معاني القرآن 1/459، البغوي: معالم التنزيل 2/93.

(187)

انظر المصادر السابقة.

(188)

انظر ابن عطية: المحرر 3/278، أبا حيان: البحر 3/35.

(189)

انظر الطبري: جامع البيان 4/56.

(190)

انظر أبا حيان: البحر 3/35.

(191)

انظر الطبري: جامع البيان 4/56.

(192)

أخرجه أحمد في مسنده 5/286 رقم 3760 وقال الشيخ أحمد شاكر إسناده صحيح، وأخرجه الطبري في جامع البيان 4/55.

(193)

انظر الطبري: جامع البيان 15/180، ابن الجوزي: زاد المسير 5/97، أبا حيان: البحر 7/88، السيوطي: الدّرّ المنثور 5/346.

(194)

انظر المصادر السابقة، الزجاج: معاني القرآن 3/264، الزمخشري: الكشاف 2/470، ابن تيمية: مجموع الفتاوى 23/142.

(195)

الجصاص: أحكام القرآن 3/209، ابن قدامة: المغني 2/357.

ص: 200

(196)

انظر الرازي: مفاتيح الغيب 4/207، 15/70، الآلوسي: روح المعاني 4/34.

(197)

انظر أبا حيان: البحر 3/34، الآلوسي: روح المعاني 15/34.

(198)

انظر الزمخشري: الكشاف 2/470، ابن تيمية: مجموع الفتاوى 23/158، محمد الطاهر: التحرير والتنوير 15/234.

(199)

انظر أبا حيان: البحر 6/89، الآلوسي: روح المعاني 15/190.

(200)

انظر السيوطي: الإتقان 1/36.

(201)

انظر محمد الطاهر: التحرير والتنوير 29/370.

(202)

انظر السيوطي: الإتقان 1/36.

(203)

أخرجه أبو داود في سننه: ((باب وقت قيام النبي (من الليل)) 2/78 وأحمد في مسنده 5/388 من حديث حذيفة: ((كان رسول الله (إذا حزبه أمر صلى)) ، قال المنذري (حاشيه سنن أبي داود 2/78) : ذكر ((بعضهم أنه رُوي مرسلا)) .

(204)

النهاية 1/377.

(205)

انظر ابن عطية: المحرر 8/361، ابن كثير: تفسير القرآن العظيم 4/471.

(206)

انظر ابن عطية: المحرر 8/361.

(207)

انظر الطبري: جامع البيان 14/73، النحاس: معاني القرآن 4/47، ابن عطية المحرر الوجيز 8/361، ابن العربي: أحكام القرآن 3/1138، الآلوسي: روح المعاني 14/87، محمد الطاهر: التحرير والتنوير 14/91.

(208)

زاد المسير 4/423.

(209)

جامع البيان 14/73، وقد سبق تخريج هذا الخبر آنفا.

(210)

انظر ابن الجوزي: زاد المسير 4/423.

(211)

معالم التنزيل 4/397.

(212)

أحكام القرآن 3/1138.

(213)

ابن الجوزي: زاد المسير 6/148.

(214)

محمد الطاهر: التحرير والتنوير 19/204.

(215)

ابن عطية: المحرر 11/159.

(216)

انظر الطبري: جامع البيان 19/124.

(217)

انظر المصدر السابق.

(218)

المصدر السابق 19/125.

(219)

انظر المصدر السابق، ابن عطية: المحرر 11/159، الآلوسي: روح المعاني 19/137.

(220)

تفسير مجاهد 2/467.

(221)

أخرجه البخاري في صحيحه: ((كتاب الأذان)) ، ((باب تسوية الصفوف

)) 1/176.

ص: 201

(222)

انظر المحرر الوجيز 11/159.

(223)

جامع البيان 19/125.

(224)

انظر الآلوسي: روح المعاني 14/87، 19/137.

(225)

انظر ابن مجاهد: السبعة 607، الأزهري: القراءات وعلل النحويين 2/643، العُكبري: إملاء ما منَّ به الرحمن 2/243، أبا حيان: البحر 8/130.

(226)

انظر الجصاص: أحكام القرآن 3/410، ابن عطية: المحرر 13/571.

(227)

تفسير القرآن العظيم 7/386.

(228)

قال ابن الأثير في النهاية مادة (ضمم) 3/101: ((يُروى بالتشديد والتخفيف فالتشديد معناه: لا ينضم بعضكم إلى بعض وتزدحمون وقت النظر إليه،

ومعنى التخفيف: لا ينالكم ضيم في رؤيته فيراه بعضكم دون بعض، والضيم: الظلم)) .

(229)

أخرجه البخاري: ((كتاب التفسير)) ، ((سورة ق)) 6/48 ومسلم:((باب فضل صلاتي الصبح والعصر والمحافظة عليهما)) 2/439 رقم الحديث 633.

(230)

انظر الطبري: جامع البيان 26/180، ابن الجوزي: زاد المسير 8/23.

(231)

انظر الطبري: جامع البيان 26/180.

(232)

بل رُوي عن أبي الأحوص أنه قال في جميع التسبيح المذكور في الآيتين هو التسبيح باللسان. انظر ابن الجوزي: زاد المسير 8/24.

(233)

أخرجه البخاري: ((كتاب التفسير)) ، ((سورة ق)) 6/48.

(234)

انظر الطبري: جامع البيان: 26/180.

(235)

انظر الجصاص: أحكام القرآن 3/410.

(236)

أخرجه مسلم في صحيحه: ((باب استحباب الذكر بعد الصلاة)) 1/418 رقم الحديث 597.

(237)

انظر الجصاص: أحكام القرآن 3/410، محمد الأمين: أضواء البيان 3/203.

(238)

انظر الطبري: جامع البيان 26/180، ابن كثير: تفسير القرآن العظيم 7/387، السيوطي: الدر المنثور 7/610.

(239)

جامع البيان 26/182.

(240)

المصدر السابق 26/181.

(241)

انظر فتح الباري 18/228.

(242)

انظر الطبري: جامع البيان 26/182، ابن الجوزي: زاد المسير 8/24.

(243)

جامع البيان 26/182.

(244)

3/410.

ص: 202

(245)

انظر ابن العربي: أحكام القرآن 4/1728، ابن كثير: تفسير القرآن العظيم 7/387.

(246)

جامع البيان 26/182.

(247)

ابن كثير: تفسير القرآن العظيم 8/319.

(248)

انظر الطبري: جامع البيان 29/225، الزمخشري: الكشاف 4/272، ابن عطية: المحرر 15/251، الرازي: مفاتيح الغيب 29/259، الآلوسي: روح المعاني 29/166.

(249)

انظر المصادر السابقة.

(250)

انظر الزمخشري: الكشاف 4/272، البغوي: معالم التنزيل 8/481، الرازي: مفاتيح الغيب 30/26، ابن كثير: تفسير القرآن العظيم 8/460.

(251)

أخرجه في ((كتاب التفسير)) ، سورة العلق 5/88.

(252)

انظر ابن كثير: تفسير القرآن العظيم 7/386، محمد الطاهر: التحرير والتنوير 30/443.

(253)

انظر الرازي: مفاتيح الغيب، القرطبي: الجامع لأحكام القرآن 9/128، الآلوسي: روح المعاني 30/188.

(254)

انظر ابن عطية: المحرر 15/517، ابن العربي: أحكام القرآن 4/1958، ابن قدامة: المغني 2/357.

(255)

انظر الرازي: مفاتيح الغيب 30/26.

(256)

المحرر الوجيز 4/212.

(257)

انظر البقاعي: نظم الدرر 5/381.

(258)

انظر الطبري: جامع البيان 5/253، ابن قدامة: المغني 3/301.

(259)

الطبري: جامع البيان 5/251.

(260)

انظر المصدر السابق 5/258، ابن قدامة: المغني 3/310، القرطبي: الجامع لأحكام القرآن 5/372، ابن حجر: فتح الباري 5/101، محمد الطاهر: التحرير والتنوير 5/186.

(261)

انظر البغوي: معالم التنزيل 2/278، ابن قدامة: المغني 3/302.

(262)

أخرجه البخاري: ((كتاب المغازي)) ، ((باب غزوة ذات الرقاع)) 5/52، ومسلم:((باب صلاة الخوف)) 1/575 رقم الحديث 842.

(263)

ذكره البخاري بعد الحديث السابق.

(264)

انظر البغوي: معالم التنزيل 2/278، ابن قدامة: المغني 3/302.

(265)

انظر البغوي: معالم التنزيل 2/278، ابن حجر: فتح الباري 5/101.

ص: 203

(266)

انظر الزجاج: معاني القرآن 4/75.

(267)

انظر الطبري: جامع البيان 19/35، محمد الطاهر: التحرير والتنوير 19/70.

(268)

انظر البغوي: معالم التنزيل 6/294، البقاعي: نظم الدرر 13/422.

(269)

الطبري: جامع البيان 19/35.

(270)

انظر أبا حيان: البحر 6/513، البقاعي: نظم الدرر 13/422.

(271)

انظر البقاعي: نظم الدرر 16/466.

(272)

انظر الفراء: معاني القرآن 2/272.

(273)

انظر ابن عطية: المحرر 11/68، الرازي: مفاتيح الغيب 19/108، الآلوسي: روح المعاني 9/45.

(274)

انظر المصادر السابقة.

(275)

انظر الطبري: جامع البيان 21/99، البغوي: معالم التنزيل 6/303، القرطبي: الجامع لأحكام القرآن 14/99.

(276)

انظر سجود النبيين عليهم السلام.

(277)

انظر مجموع الفتاوى 23/140 وما بعدها.

(278)

انظر ابن عطية المحرر 11/539، ابن قدامة: المغني 2/357، ابن حجر: فتح الباري 51/251.

(279)

المحرر 11/540.

(280)

انظر جامع البيان 21/98.

(281)

معاني القرآن 2/331.

(282)

زاد المسير 6/337.

(283)

روح المعاني 21/131.

(284)

انظر أبا حيان: البحر 7/202.

(285)

الراغب الأصفهاني المفردات، مادة ((قنت)) 413.

(286)

انظر الطبري: جامع البيان 23/202.

(287)

انظر المصدر السابق.

(288)

المصدر السابق.

(289)

انظر الزمخشري: الكشاف 1/624، ابن الجوزي: زاد المسير 2/384، أبا حيان: البحر 3/514، سليمان الجمل: حاشية الجمل على الجلالين 1/503، الآلوسي: روح المعاني 6/167، محمد رشيد: تفسير القرآن الحكيم 6/442، عبد الرحمن السعدي: تيسير الكريم الرحمن 2/310، تحقيق محمود شاكر وأحمد شاكر لجامع البيان 10/427، وقال:((وهذا هو الصواب المحض إن شاء الله)) .

(290)

ابن عطية: المحرر 4/490.

(291)

انظر أبا حيان: البحر 3/514.

ص: 204

(292)

انظر البغوي: معالم التنزيل 3/73، القرطبي: الجامع لأحكام القرآن 6/222.

(293)

انظر الزمخشري: الكشاف 1/624، العكبري: إملاء ما منَّ به الرحمن 1/219.

(294)

انظر ابن عطية المحرر 4/491، ابن كثير: تفسير القرآن العظيم 3/129، محمد رشيد: تفسير القرآن الحكيم 6/442 محمد الطاهر: التحرير والتنوير 6/240.

(295)

تفسير القرآن العظيم 3/130.

(296)

معاني القرآن 2/472.

(297)

انظر ابن الجوزي: زاد المسير 3/506.

(298)

انظر الآلوسي: روح المعاني 11/31.

(299)

انظر الطبري: جامع البيان 11/39.

(300)

انظر محمد الطاهر: التحرير والتنوير 11/41.

(301)

انظر الطبري: جامع البيان 11/39، الآلوسي: روح المعاني 11/31.

(302)

المحرر 7/56.

(303)

انظر الرازي: مفاتيح الغيب 11/210.

(304)

محمد رشيد: تفسير القرآن الحكيم 11/54.

(305)

انظر الزجاج: معاني القرآن 3/439، ابن تيمية: مجموع الفتاوى 23/139، الآلوسي: روح المعاني 21/208.

(306)

معاني القرآن 2/231.

(307)

انظر ابن الجوزي: زاد المسير 5/454، الآلوسي: روح المعاني 17/207.

(308)

نظم الدرر 13/99.

(309)

الآلوسي: روح المعاني 17/208.

(310)

الطبري: جامع البيان 17/204.

(311)

انظر ابن العربي: أحكام القرآن 3/1304، ابن الجوزي: زاد المسير 5/540، ابن تيمية: مجموع الفتاوى 23/139.

(312)

انظر المصادر السابقة، وابن قدامة: المغني 2/356.

(313)

المسند 28/593 رقم 17364 بإشراف د. عبد الله التركي، وفيه ابن لهيعة، وتتبع شواهده ابن كثير في تفسيره 5/400، ثم قال:((فهذه شواهد يشدّ بعضها بعضا)) .

(314)

انظر ابن الجوزي: زاد المسير 5/446.

(315)

ابن عطية: المحرر 13/474.

(316)

انظر البغوي: معالم التنزيل 7/324، الآلوسي: روح المعاني 26/124.

(317)

انظر أبا حيان: البحر 8/102، محمد الطاهر: التحرير والتنوير 26/205.

ص: 205

(318)

انظر الطبري: جامع البيان 26/110.

(319)

المصدر السابق 26/112.

(320)

انظر الآلوسي: روح المعاني 26/125، محمد الطاهر: التحرير والتنوير 26/206.

(321)

انظر السيوطي: الإتقان 1/25.

(322)

انظر ابن تيمية: مجموع الفتاوى 23/138.

(323)

انظر ابن مجاهد: السبعة 480، الأزهري: علل القراءات 2/487، ابن الجزري: النشر2/337.

(324)

انظر ابن تيمية: مجموع الفتاوى 23/139.

(325)

انظر المصدر السابق، أبا حيان: البحر 8/448.

(326)

انظر ابن قدامة: المغني 2/357.

(327)

انظر القرطبي: الجامع لأحكام القرآن 4/176، البقاعي: نظم الدرر 13/416.

(328)

انظر مجموع الفتاوى 23/139.

(329)

انظر محمد الطاهر: التحرير والتنوير 19/62.

(330)

انظر المصدر السابق.

(331)

انظر ابن كثير: تفسير القرآن العظيم 6/129.

(332)

أبو حيان: البحر 6/509، وهو أيضا في الرازي: مفاتيح الغيب 19/106.

(333)

الطبري: جامع البيان 19/149.

(334)

انظر الزجاج: معاني القرآن 4/116، الأزهري: علل القراءات 2/487، الزمخشري: الكشاف 3/145، القرطبي: أحكام القرآن 13/187، محمد الطاهر: التحرير والتنوير 19/256.

(335)

المحرر 11/196.

(336)

المصدر السابق.

(337)

الطبري: جامع البيان 19/150.

(338)

انظر الزمخشري: الكشاف 3/144، ابن عطية: المحرر 11/193، ابن كثير: تفسير القرآن العظيم 6/197، محمد الطاهر: التحرير والتنوير 19/251، 24/299.

(339)

مجموع الفتاوى 23/146.

(340)

انظر أبا السعود: إرشاد العقل السليم 6/282.

(341)

انظر ابن تيمية: مجموع الفتاوى 23/146، ابن كثير: تفسير القرآن العظيم 7/170.

(342)

انظر ابن العربي: أحكام القرآن 4/1664، ابن قدامة: المغني 2/357.

(343)

انظر القرطبي: الجامع لأحكام القرآن 15/365، ابن حجر: فتح الباري 5/227.

(344)

انظر ابن الجوزي: زاد المسير 8/86.

ص: 206

(345)

انظر مجموع الفتاوى 23/157.

(346)

انظر جامع البيان 27/84.

(347)

انظر المصدر السابق 23/82، ابن تيمية: مجموع الفتاوى 23/140.

(348)

انظر ابن العربي: أحكام القرآن 4/1735، ابن عطية: المحرر 14/136.

(349)

انظر ابن تيمية: مجموع الفتاوى 23/157، ابن حجر: فتح الباري 5/252.

(350)

انظر ابن الجوزي: زاد المسير 8/86، القرطبي: الجامع لأحكام القرآن 4/176.

(351)

انظر محمد الطاهر: التحرير والتنوير 27/161.

(352)

انظر ابن كثير: تفسير القرآن العظيم 7/443، المصدر السابق.

(353)

انظر الجمل: حاشية الجمل 4/240.

(354)

انظر البغوي: معالم التنزيل 8/376، ابن الجوزي: زاد المسير 9/68، ابن تيمية: مجموع الفتاوى 23/151.

(355)

انظر الطبري: جامع البيان 30/125، الزمخشري: الكشاف 4/236، ابن الجوزي: زاد المسير 9/69، أبا حيان: البحر 8/448، الآلوسي: روح المعاني 30/83.

(356)

البحر 8/448، وهو في الرازي: مفاتيح الغيب 30/113، والجمل: حاشية الجمل على الجلالين 4/512، والآلوسي: روح المعاني 30/83.

(357)

مجموع الفتاوى 23/151.

(358)

المصدر السابق 23/153.

(359)

نقله عنه ابن الجوزي: زاد المسير 9/69.

(360)

أخرجه مسلم في باب سجود التلاوة 1/406 رقم الحديث 578.

(361)

انظر ابن العربي: أحكام القرآن 4/1911، ابن قدامة: المغني 2/353، ابن تيمية: مجموع الفتاوى 23/153.

(362)

انظر ابن تيمية: مجموع الفتاوى 23/155.

(363)

انظر الرازي: مفاتيح الغيب 30/113.

(364)

انظر ابن تيمية: مجموع الفتاوى 23/154.

(365)

نظم الدرر 21/349.

(366)

الطبري:جامع البيان 29/244، ابن الجوزي: زاد المسير 8/452، وسيأتي قريبا الإشارة إلى مدى صحة هذا الخبر.

ص: 207

(367)

أخرجه البخاري في صحيحه: ((كتاب التفسير)) ، ((سورة ن والقلم)) 6/72، وهو في صحيح مسلم بنحوه:((باب معرفة طريق الرؤية)) 1/168، رقم الحديث 183.

(368)

انظر الجمل: حاشية الجمل 4/390.

(369)

انظر الطبري: جامع البيان 29/39.

(370)

انظر ابن عطية: المحرر 15/51، ابن العربي: أحكام القرآن 4/1902، ابن كثير: تفسير القرآن العظيم 8/225.

(371)

انظر أبا حيان: البحر 8/315.

(372)

انظر ابن عطية: المحرر 15/51، القرطبي: الجامع لأحكام القرآن 18/251، أبا حيان: البحر 8/317، الجمل: حاشية الجمل 4/390.

(373)

انظر الآلوسي: روح المعاني 29/36.

(374)

ابن عطية: المحرر 15/51، أبو حيان: البحر 8/317.

(375)

سبقت الإحالة إلى مصادره.

(376)

انظر محمد حسين: التفسير والمفسرون 1/80.

(377)

انظر الطبري: جامع البيان 29/245، أبا حيان: البحر 8/408، البقاعي: نظم الدرر 21/185.

(378)

تفسير مجاهد 2/718، الفراء: معاني القرآن 3/48، الطبري: جامع البيان 29/245.

(379)

انظر الطبري: جامع البيان 29/245، ابن عطية: المحرر 15/273.

(380)

الطبري: جامع البيان 29/246.

(381)

أخرجه أحمد في مسنده 29/438 رقم 17913 إشراف د. عبد الله التركي.

(382)

انظر الزمخشري: الكشاف 4/205، ابن الجوزي: زاد المسير 8/452.

(383)

انظر ابن القيم: زاد المعاد 3/498.

(384)

البحر2/457.

(385)

نظم الدرر 4/374.

(386)

المصدر السابق 4/379.

(387)

انظر الجصاص: أحكام القرآن 1/32، البغوي: معالم التنزيل 1/88، أبا حيان: البحر 1/81، النيسابوري: إيجاز البيان 1/96، محمد الطاهر: التحرير والتنوير 1/473.

(388)

انظر المصادر السابقة.

(389)

انظر الآلوسي: روح المعاني 1/247.

(390)

انظر الجصاص: أحكام القرآن 1/32، أبا حيان: البحر 1/181، عبد الرحمن السعدي: تيسير الكريم الرحمن 1/81.

ص: 208

(391)

انظر الطبري: جامع البيان 1/257، الزمخشري: الكشاف 1/277.

(392)

انظر أبا حيان: البحر 1/181.

(393)

أحكام القرآن 1/21.

المصادر والمراجع

ابن الأثير، المبارك بن محمد الجزري، النهاية في غريب الحديث تحقيق طاهر الزاوي ومحمود الطناحي، بيروت.

أحمد بن حنبل، المسند، محقق بإشراف د. عبد الله التركي، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1413هـ، ونسخة أخرى بتحقيق أحمد شاكر، مصر، دار المعارف 1377هـ، ونسخة أخرى طبعة المكتب الإسلامي وإليها الإحالة عند الإطلاق.

الأزهري، محمد بن أحمد، تهذيب اللغة، ج1 تحقيق عبد السلام محمد هارون، ج10 تحقيق علي حسن هلالي، الدار المصرية.

الأزهري، محمد بن أحمد، علل القراءات، تحقيق نوال الحلوة، الرياض، 1411هـ.

الآلوسي، محمود بن عبد الله، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم، الطبعة (4) 1405 هـ، بيروت، دار إحياء التراث العربي.

البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، استانبول،1981م.

البغوي، الحسين بن مسعود، معالم التنزيل، تحقيق محمد النمر وزملائه، الرياض، دار طيبة، 1409هـ.

البقاعي، إبراهيم بن عمر، نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، الطبعة (2) ، 1413هـ، القاهرة، دار الكتاب الإسلامي.

الترمذي، محمد بن عيسى، سنن الترمذي، (مع عارضة الأحوذي) ، دار الكتاب العربي.

ابن تيمية، أحمد بن عبد الحليم، درء تعارض العقل والنقل، تحقيق د. محمد رشاد سالم، الرياض، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، 1399هـ.

ابن تيمية، أحمد بن عبد الحليم، دقائق التفسير، تحقيق د. محمد السيد الجليند، الطبعة (2) 1404هـ، بيروت مؤسسة علوم القرآن.

ابن تيمية، أحمد عبد الحليم، مجموع الفتاوى، جمع عبد الرحمن بن محمد بن قاسم، مكة المكرمة، الرئاسة العامة لشؤون الحرمين، 1404هـ.

ص: 209

الجرجاني، علي بن محمد، التعريفات، تحقيق إبراهيم الإبياري، الطبعة (2) 1413هـ،

بيروت، دار الكتاب العربي.

ابن الجزري، محمد بن محمد الدمشقي، النشر في القراءات العشر، إشراف علي الضباع، بيروت، دار الكتب العلمية.

الجصاص، أحمد بن علي، أحكام القرآن، بيروت، دار الكتاب العربي.

الجَمَل، حاشية الجَمَل على الجلالين، بيروت، دار إحياء التراث العربي.

ابن الجوزي، عبد الرحمن بن علي بن محمد، زاد المسير في علم التفسير، الطبعة (3) 1404هـ، بيروت، المكتب الإسلامي.

الجوهري، اسماعيل بن حمّاد الصحاح، تحقيق أحمد عبد الغفور عطار، الطبعة (3) 1404هـ، بيروت، دار العلم للملايين.

الحاكم، المستدرك على الصحيحين، بإشراف د. يوسف المرعشلي، بيروت، دار المعرفة، ومعه التلخيص للذهبي.

ابن حجر، أحمد بن علي بن محمد، فتح الباري بشرح صحيح البخاري، تحقيق طه عبد الرءوف وزميليه، القاهرة مكتبة الكليات الأزهرية، 1398هـ.

أبوحيان، محمد بن يوسف، البحر المحيط، الطبعة (2) 1403هـ، بيروت دار الفكر.

الخليل بن أحمد، كتاب العين، تحقيق د. مهدي المخزومي، د. إبراهيم السامرائي بيروت، مؤسسة الأعلمي، 1408هـ

الدارقطني، علي بن عمر، السنن، تحقيق عبد الله هاشم، القاهرة.

أبو داود، سليمان بن الأشعث، بيروت، دار الحديث، 1388هـ.

الرازي، محمد بن عمر، مفاتيح الغيب، بيروت، دار الفكر.

الراغب الأصفهاني، الحسين بن محمد، المفردات في غريب القرآن، ضبط محمد سيد كيلاني، بيروت دار المعرفة.

الزبيدي، محمد مرتضى تاج العروس، ج5، ج8 تحقيق د. عبد العزيز مطر، مطبعة حكومة الكويت، 1390هـ.

الزجاج، إبراهيم بن السّري، معاني القرآن، تحقيق د. عبد الجليل عبده شلبي، بيروت، دار عالم الكتب، 1408هـ.

ص: 210

الزركشي، محمد بن عبد الله، البرهان في علوم القرآن، تحقيق محمد أبوالفضل إبراهيم، الطبعة (2) ، 1391هـ.

الزمخشري، محمود بن عمر، الكشاف عن حقائق التنزيل، بيروت، دار المعرفة.

الزمخشري، محمود بن عمر، أساس البلاغة، الطبعة (3) 1985م، الهيئة المصرية العامة للكتاب.

السخاوي، علي بن محمد، جمال القراء، تحقيق د. علي البواب، مكة المكرمة، مكتبة التراث، 1408هـ.

أبو السعود، محمد بن محمد، إرشاد العقل السليم، بيروت، دار إحياء التراث العربي.

سيد قطب، في ظلال القرآن، الطبعة (7) 1398هـ، بيروت، دار الشروق.

السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر، الإتقان في علوم القرآن، الرياض، مكتبة الباز، 1417هـ.

السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر، الدر المنثور في التفسير المأثور، بيروت، دار الفكر، 1403هـ.

السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر، المزهر في علوم اللغة، تحقيق محمد أبو الفضل وزميليه، الطبعة (3) ، القاهرة دار التراث.

الشوكاني، محمد بن علي، فتح القدير، دار الفكر، 1401هـ.

الطبري، محمد بن جرير، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، الطبعة (3) 1388هـ، القاهرة، مصطفى الحلبي وإلى هذه النسخة الإحالة عند الإطلاق.

نسخة أخرى لجامع البيان، بتحقيق محمود أحمد شاكر، وعند الإحالة إليها تقيد بهذا التحقيق.

عبد الرحمن بن ناصر السعدي، تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، إشراف محمد زهري النجار، الرياض الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية، 1404هـ.

عبد الرزاق بن همام، المصنف، تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي، االطبعة (2) ، 1403هـ بيروت، المكتب الإسلامي.

ابن العربي، محمد بن عبد الله، أحكام القرآن، تحقيق علي محمد البجاوي، بيروت، دار المعرفة.

ابن العربي، محمد بن عبد الله، عارضة الأحوذي، دار الكتاب العربي.

ص: 211

ابن عطية، عبد الحق بن عطية، المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، تحقيق عبد الله الأنصاري وزملائه، الدوحة 1398هـ.

العكبري، عبد الله بن الحسين، إملاء ما منّ به الرحمن من وجوه الإعراب، بيروت، دار الكتب العلمية، 1399هـ.

العلوي، يحيى بن حمزة، الطراز المتضمن لأسرار البلاغة، الرياض، مكتبة المعارف، 1400هـ.

الغرناطي، أحمد بن إبراهيم بن الزبير، ملاك التأويل، تحقيق د. سعيد الفلّاح، دار الغرب الإسلامي، 1403هـ.

ابن فارس، أحمد بن فارس، معجم مقاييس اللغة، تحقيق عبد السلام محمد هارون، الطبعة (3) 1402هـ، القاهرة الخانجي.

الفراء، يحيى بن زياد، معاني القرآن، الطبعة (2) 1980م، بيروت، عالم الكتب.

الفيروزآبادي، محمد بن يعقوب، القاموس المحيط، ط (2) 1407هـ، بيروت، مؤسسة الرسالة.

ابن القيم، محمد بن أبي بكر، زاد المعاد، تحقيق شعيب وعبد القادر ابنا الأرنؤوط، الطبعة (3) ، 1406هـ، بيروت مؤسسة الرسالة.

ابن كثير، إسماعيل بن عمر، البداية والنهاية، الطبعة (5) 1404هـ، بيروت، مكتبة المعارف.

ابن كثير، إسماعيل بن عمر، تفسير القرآن العظيم، تحقيق عبد العزيز غنيم وزميليه، القاهرة، الشعب.

ابن قدامة، أحمد بن محمد، المغني، تحقيق د. عبد الله التركي، د. عبد الفتاح الحلو، القاهرة، هجر للطباعة 1406هـ.

ابن قدامة: أحمد بن محمد، روضة الناظر، الطبعة (2) 1404هـ، الرياض، مكتبة المعارف.

القرطبي، محمد بن أحمد، الجامع لأحكام القرآن، بيروت، دار إحياء التراث العربي.

ابن ماجة، محمد بن يزيد، السنن، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، بيروت، المكتبة العلمية.

ابن مجاهد، أحمد بن موسى، السبعة، الطبعة (2) 1400هـ، القاهرة، دار المعارف.

مجاهد بن جبر، تفسير مجاهد، تحقيق عبد الرحمن الطاهر، بيروت، المنشورات العلمية.

ص: 212

مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، القاهرة، دار إحياء الكتب العربية.

محمد الأمين الشنقيطي، أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، الرياض، 1403هـ.

محمد حسين الذهبي، التفسير والمفسرون، الطبعة الثانية 1396هـ، مصر.

محمد رشيد رضا، تفسير القرآن الحكيم، بيروت، دار المعرفة 1414هـ.

محمد الطاهر بن عاشور، تفسير التحرير والتنوير، تونس، الدار التونسية، 1984م.

محمد ناصر الدين الألباني، صحيح الجامع الصغير، المكتب الإسلامي 1388هـ.

مكي بن أبي طالب، الكشف عن وجوه القراءات السبع، تحقيق د. محي الدين رمضان، الطبعة (2) 1401هـ، بيروت مؤسسة الرسالة.

ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، بيروت، دار صادر.

النحاس، أحمد بن محمد، إعراب القرآن، تحقيق د. زهير غازي زاهد، الطبعة (2) 1405هـ، عالم الكتب.

النحاس، أحمد بن محمد، معاني القرآن الكريم، تحقيق محمد علي الصابوني، مكة المكرمة، مركز إحياء التراث 1408هـ.

النسائي، أحمد بن شعيب، السنن، بيروت، دار الكتاب العربي.

النيسابوري، محمود بن أبي الحسن بن الحسين إيجاز البيان عن معاني القرآن، تحقيق د. علي العبيد، الرياض، مكتبة التوبة، 1418هـ.

ص: 213

جزء فيه حديث رسول الله (

((أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخيارهم خيارهم لأهله))

رواية ودراية

د. عبد الرحمن بن محمد بن شريف

مدرس الحديث بقسم أصول الدين - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية

جامعة قطر - الدوحة

ملخص البحث

تُعدُّ كتابة الأجزاء الحديثية أُسلوباً مِنَ أساليب التَّصنيف التي اتبعها المُحدِّثون مِن أجل أبراز هدف مِن الأهداف التي يهدف المُحَدِّثُ إلى إبرازها وإظهار نفعها للناس، ولقد تفنن المُحَدِّثون في التأليف في هذا المجال، وبحثنا هذا حاول أن يُبرزَ للقراء أهمية الأخلاق في الإسلام، ومدى عناية القرءان الكريم والسُّنَّة النَّبويَّة المطهرة بمبدأ الأخلاق، كما أنَّ أسلوبَ تخريج الحديث وتتبع طرقه المختلفة، وشواهده المتعددة، قد أبرزت الجانب الموضوعيّ لدى المحدِّثين في إثبات صحة النُّصوص وتوثيقها..

• • •

المقدّمة:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على سيِّدِ الأوَّلين والآخرين سيِّدِنا محمدٍ، وعلى آله وصحبه وسلم. أمَّا بعد: فقد أفرد كثير من العلماء أجزاءً حديثيَّة تهدف إلى تحقيق غرض من الأغراض العلميِّةِ مثل: ((جزء الأستاذ أبي معشر عبد الكريم بن عبد الصمد ابن محمدٍ القطان الطبري المتوفى سنة (478) ، ذكر فيه مارواه أبو حنيفة عن الصحابة)) .

وجزء فيه قول النبيِّ (( (نضَّرَ اللهُ امراً سَمِعَ مقالتي فَأداها)) للإمامِ أبي عمرو أحمد ابن محمدِ بن إبراهيم بن حكيم المديني، المتوفى سنة (333هـ) . (1)

كما ألَّف الحافظ ابن حجر ((جزء في طرق حديث لاتسبُّوا أصحابي)) (2)

وغير ذلك من الأجزاء الحديثية المتعددة الأغراض والتي خدم فيها أصحابها سنة الرسول (.

ورغبة مني في خدمة سنة رسول الله (فقد اخترت:

جزء فيه حديث رسو ل الله (: ((أَكْمَلُ الْمؤْمِنِينَ إِيماناً أحْسَنُهُمْ خُلُقَاً، وَخِيارُهُمْ خِيارُهُمْ لأَهْلِهِ)) . رواية ودراية

ص: 214

إنَّ هنالك أكثر من سبب دفعني لاختيار شرح وتخريج هذا الحديث المبارك، ومن هذه الأسباب:

1-

أهمية الأخلاق ومنزلتها من الدِّين، وحاجة المسلمين في أيامنا هذه للعودة إلى هذا النبع الصافي لينهلوا من مورده العذب ويقتبسوا من الخلق الإسلاميِّ الرفيع، ليعودوا إلى عزهم ومجدهم ويتقدَّموا كما تقدَّمَ السلف الصالح وسادوا الأمم التي عاصروها بحسن خلقهم وطيبِ معدنهم.

2-

الفوائد الحديثيَّةِ المتعددة الجوانب التي يستفيدها المشتغل بالسنة وعلومها من خلال تخريج هذا الحديث وتتبع طرقه المختلفةِ، ودراسة الأسانيد المتنوعة وترجمة رجال هذه الطرق عند الضرورة، والحكم على الأسانيد والروايات.

3-

رغبة مني في جعل هذه المادة العلميَّة الدقيقة في متناول طلاب الحديث النَّبويِّ الشَّريف، وتبسيط هذه المادة ليتمكنوا من دراستها والاستفادة منها.

أما مباحث الموضوع فهي على النحو الآتي: المقدمة وتناولت فيها الحديث عن أهمية الكتابة في الأجزاء الحديثية التي انقطع التأليف فيها منذ زمنٍ ليس بالقصير، واهتمام القرءان الكريم والسُّنَّة النَّبوية بالأخلاق الإسلامية وضرورة تربية المسلم نفسه على حُسن الخلق.

المبحث الأوَّل: تخريج روايات الحديث وتتبع طرقه المختلفة.

المبحث الثَّاني: شرح الحديث وبيان أهمية الأخلاق، وأن تستمد أخلاق المسلمين على ما ورد في الكتاب والسُّنَّة دون الجاجة إلى الأخذ من الأمم الأخرى، ذلك أنَّ رسولنا (إنَّما بُعث لإكمال مكارم الأخلاق.

ولقد حرصتُ على الاختصار في شرح الحديث، وذلك أنَّ الحديث عن الأخلاق في الإسلام حديثٌ ذو شُجون، وقد أُلِّفت حولهُ مًصَنَّفات يطول ذِكْرها، وبحثنا هذا مرهون نشره برقم محدد مِن الأوراق.

ص: 215

وفي ختام هذا البحث لا يسعني سوى أن أتقدَّم بخالص الشكر وأصدق الدعوات لجامعة أم القرى بمكة المكرمة، متمثلة بمجلة جامعة أم القرى، ومدير تحريرها سعادة الدكتور سليمان بن إبراهيم العايد، على حُسن اللقاء مع عنايته بهذا البحث إضافة إلى السّرعة والدِّقَّة في الانجاز، وهذا ما تحتاجه معظم المؤسسات في وقتنا الحاضر

ولا أنسى بالشكر والعرفان أخاً عزيزاً وهو سعادة الدكتور موفق بن عبد اللَّه بن عبد القادر، الأستاذ المشارك بجامعة أمِّ القرى الذي ساهم في إخراج هذا البحث، سواء بقراءته، أو إبداء نصحٍ ومشورة، رغم كثرة أشغاله.. فله من اللَّه الأجر والمثوبة، ومني التَّقدير والاحترام.

والله أسأل التوفيق والسداد في القول والعمل، وأن يجعل عملي هذا خالصاً لوجهه الكريم إنه نعم المولى ونعم النصير وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المبحث الأوَّل:

تخريج روايات الحديث والكلام على أسانيدِها.

يُعدُّ علم تخريج الحديث النَّبوي الشَّريف مِنَ العلومِ التي شغلت حيِّزاً واسعاً في مجال علم الحديث النَّبويِّ الشَّريف، ولمَّا أن حديثنا المراد تخريجه مِنَ الأحاديث التي عدَّها بعض العلماء مِنَ الأحاديث المتواترة نظراً لكثرة طُرقه، لذا فإنِّي قد حرصتُ على تتبع طرق هذا الحديث، مع بيان درجة كلّ طريق قدر الإمكان.. ذلك أنَّ التَّخريج ليس هو غاية في حدِّ ذاته، وإنَّما المراد منه بيان درجة الحديث عند الضَّرورة..

ص: 216

إنَّ دعوى استيعاب كافة الطُّرق لهذا الحديث قد تجد أحياناً ما يُخالفها، وذلك لأنَّ معاني هذا الحديث قد ذُكِرَت في العديدِ مِنَ الأحاديثِ، وبعضهم يعدُّ تلك الأحاديث تابعة لهذا الحديث، أو شاهدة لهُ، وإن جاءت مِن طريقٍ آخر، عن الصَّحابيِّ الواحد، أو عن صحابيٍّ آخر، واختلاف وجهات النَّظر في هذا المجال مقبولة، كما أنَّ ذِكر الطُّرق المتكلَّم في صِحَّتها قد لا تُغني مِنَ الحقِّ شيئاً، لذا فإنِّي قد استوعبتُ معظم طُرق هذا الحديث مِن وجهة نظري، يُضاف إلى هذا أنَّ ذِكْري للشواهد والمتابعات للرِّوايات هدفها تقوية الطُّرق لهذا الحديث أحياناً.

إنَّ الهدف مِن هذا التَّخريج هو المزيد مِن الفوائد لطلبة العلم، للأخذِ بالأسلوب العِلميّ في طرق التَّخريج، وبيان درجة الحديث عند الحاجة.

والله أسأل التَّوفيق والسَّداد.

1-

عن عبد الله بنِ عَمْروِ بنِ العاص (، أنَّ رسولَ الله (، لم يَكُنْ فاحِشَاً، وَلامُتَفَحِشَاً، وَكَانَ يَقُولُ: ((مِنْ خِيَارِكُمْ أَحَاسِنِكُمْ أَخْلاقاً.)) .

2-

عن أبي هُرَيْرَةَ (قال: قال رسولُ الله (: ((أَكْمَلُ الْمؤْمِنينَ إِيْماناً أحْسَنُهُمْ خُلُقَاً، وَخِيارُهُمْ خِيارُهُمْ لأَهْلِهِ)) .

3-

عن أنسِ بنِ مالكٍ (قالَ: قالَ رسولُ الله (: ((أَكْمَلُ النَّاسِ إِيماناً أَحْسَنُهُمْ خُلُقَاً، وإِنَّ حُسْنَ الْخُلُقِ لَيَبْلُغُ دَرَجَةَ الصَّومِ والصَّلاةِ)) .

4-

عن عائِشَةَ رضي الله عنها، قالت: قالَ رَسُولُ اللهِ (: ((إنَّ مِنْ أَكْمَلِ المُؤْمِنينَ إِيمَاناً أَحْسَنُهُمْ خُلُقَاً، وَأَلْطَفُهُمْ بِأَهْلِهِ.)) .

5-

عن عُمَيْرِ بنِ قَتَادَةَ اللَّيْثِيّ (، أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يارَسُولَ اللهِ أَيُّ الصَلاةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: ((طُولُ القُنوتِ)) . قَالَ: أَيُّ الصَدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: ((جُهْدُ المُقِلِّ)) . قَالَ: أَيُّ المُؤْمِنينَ أَكْمَلُ؟ قَالَ: ((أَحْسَنُهُمْ خُلُقَاً.)) .

ص: 217

6-

عن جابر بن عبد الله (قالَ: قَالَ رسُولُ الله (: ((أكْمَلُ المُؤْمنينَ إِيمَاناً أَحْسَنُهُمْ خُلُقَاً.)) .

7-

عن أبي سَعيدٍ الخُدْرِيِّ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (( (أَكْمَلُ المُؤْمِنينَ إِيماناً أَحَاسِنُهُمْ أَخْلاقَاً الموطؤونَ أكْنافاً، الَّذينَ يَأْلِفونَ وَيُؤْلَفونْ، وَلا خَيرَ فيمَنْ لا يأْلَف ولايُؤْلَفْ.)) .

8-

عن أبي ذَرٍّ (، قالَ: قُلتُ: ((يارسولَ اللهِ أَيُّ المُؤْمنينَ أكْمَل إِيمانَاً؟ قالَ: أَحْسَنَهُمْ خُلُقَاً.)) .

9-

عن عَمْرو بنِ عَبْسَةَ (، قال: قُلتُ: يارسولَ اللهِ أَيُّ الإيمَانِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: ((خُلُقٌ حَسنٌ.)) .

10-

عن عبد الله بن عمر (: قال: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ (، فَجاءَهُ رَجلٌ مِنَ الأنصَارِ فَسَلَّمَ على النَّبِيِّ (، ثُمَّ قالَ: يارَسولَ اللهِ أيُّ المؤْمِنينَ أفضَلُ؟ قالَ: ((أَحْسَنُهُمْ خُلُقَاً.)) قالَ: فايُّ المؤمنيَن أَكْيَسُ؟ قالَ: ((أَكْثَرُهُمْ لِلْمَوْتِ ذِكْراً، وَأَحْسَنُهُمْ لِمَا بَعْدَهُ اسْتِعْداداً، اُولئِكَ الأَكْياسُ.)) .

11-

عن جابر بن سَمُرَةَ (، قال: كُنْتُ في مَجْلِسٍ فيه النَّبيٌّ (، قال: وأبي سَمُرَةُ جَالٍسٌ أمامي فقال رسولُ اللهِ (: ((إِنَّ الفُحشَ والتَّفَحُشَ لَيْسا مِنِ الإسلامِ، وَإِنَّ أَحْسَنَ النَّاسِ إِسلاماً أحْسَنُهُمُ إِسلاماً.)) .

12-

عن أبي ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيِّ رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللَّهِ (: ((إنَّ أَحَبَكُم إلَيَّ وأَقْرَبَكُم مِنِّي في الآخِرَةِ مَحَاسِنَكُم أخْلَاقَاً، وإنَّ أبغَضَكُم إلَيَّ وَاَبْعَدَكُم مِنِّي في الآخِرَةِ مَسَاوِئكم أخلاقَاً، الثَّرْثَارونَ المُتَفَيْهِقُونَ المُتَشَدِّقُونَ.)) .

13-

عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((خِيَارُكُم أحاسِنُكُم أخلاقاً)) .

ص: 218

14-

عن أبي كَبْشَةَ رضي الله عنه قال: سمِعْتُ رسولَ اللَّهِ (: ((خِيارُكُمْ خَيْرُكُمْ لأهْلِهِ.)) .

15-

عن عبدِاللَّه بنِ مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللَّهِ (: ((ألا أُنبئُكُمْ بِخِيَارِكُمْ؟ قالوا: بلى، قال: خِيارُكُم أَحاسِنُكُمْ أخلاقاً، أحسِبُهُ قال: المُوطَّؤنَ أكْنَافَاً.)) .

1) - عن عبد الله بنِ عَمْروِ بنِ العاص (، أنَّ رسولَ الله (، لم يَكُنْ فاحِشَاً، وَلامُتَفَحِشَاً، وَكَانَ يَقُولُ: ((مِنْ خِيَارِكُم أحَاسِنِكُمْ أَخْلاقاً.)) .

التَّخْريج: أخرجه: أخرجه أحمد في ((المسند)) : 2/161 قال: ((ثنا أبو معاوية، ثنا الأعمشُ، عن شَقيق، عن مسروق عن عبد الله بنِ عَمْروِ بنِ العاصِ)) الحديث (واللفظ له) .

وأخرجه ابن أبي شيبة في ((المُصَنَّف)) : 8/514، وأحمد في ((المسند)) : 2/193، ومُسْلِم: 4/1810، في الفضائل باب كثرة حيائه (، وابن ماجه: 1/636، في النكاح، باب حسن المعاشرة، برقم: (1978) ، والخَرَائِطِيّ في ((مكارم الأخلاق)) ، برقم:(24)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) :10/192، وفي ((الأربعون الصغرى)) ، برقم:(107) ، كلهم من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد في ((المسند)) :2/192، والطيالسي في ((المسند)) ، برقم:(2246) ، والبُخَارِيّ، برقم:(3559) ، في المناقب، باب صفة النبي (، و (3759) ، باب مناقب عبد الله بن مسعود (، و (6029) ، في الأدب، باب لم يكن النبي (، فاحشاً ولامتفحشاً، و (6035) ، في الأدب، باب حسن الخلق والسخاء ومايكره من البخل.

والتِّرْمِذِيّ، برقم:(1975) ، في البر والصلة، باب ماجاء في الفحش والتفحش، والخَرَائِطِيّ في ((مكارم الأخلاق)) برقم:(23) ، والبيهقي في ((الأربعون الصغرى)) ، برقم:(107) ، من طُرقٍ عن الأعمش، عن أبي وائلٍ شَقيقِ بنِ سَلَمَةَ، بهذا الإسناد.

ص: 219

.. وأخرجه البُخَارِيّ في ((الأدب المفرد)) ، برقم:(271) ، وابن حِبَّان في ((الصحيح)) ، كما في ((الإحسان)) : 2/226 برقم: (478)، و:14/354، برقم:(6442) ، والبغوي في ((شرح السنة)) ، برقم:(3666) ، محمد بن كثير العبدي، عن سفيان الثَّوري، عن الأعمش، بهذا الإسناد.

وانظر: ((تحفة الأشراف)) : (6/383 - 384)، برقم:(8933) ، و (8934) .

وذكر السيوطي في ((الجامع الصغير- مع فيض القدير)) ، من حديث عبدِالله بن عَمْروٍ ((أفضل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً)) وعزاه للطبراني، ورمز لصحته، وقال المُناويُّ في ((فيض القدير)) :((إسناده حسن ذكره الهيثميُّ.)) فيض القدير: (2/48-49) .

2) - عن أبي هُرَيْرَةَ (قال: قال رسولُ الله (: ((أَكْمَلُ الْمؤْمِنينَ إِيْماناً أحْسَنُهُمْ خُلُقَاً، وَخِيارُهُمْ خِيارُهُمْ لأَهْلِهِ)) .

التَّخْريج: أخرجه أحمد في ((المسند)) : 2/250 قال: ((ثنا ابنُ إدريس، قال: سمعتُ محمدَ بنَ عَمْرو، عن أبي سَلَمَةَ عن أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قالَ رسولُ اللهِ ()) الحديث.

وأخرجه أحمد في ((المسند)) : 2/472 عن يحيى بن سعيد، عن محمدِ بنِ عَمْرو، قال: ثنا أبو سلمة، به.

وأخرجه ابن حِبَّان في ((صحيحه)) كما في ((الإحسان)) : 2/227، برقم:(479) من طريق إسحاق بن إبراهيم قال: أخبرنا ابنُ إدريس، به.

وأخرجه الآجُرِّيُّ في ((الشريعة)) : (ص: 115) ، عن الفريابيِّ، عن إسحاق بن إبراهيم، بهذا الإسناد.

ص: 220

.. وأخرجه ابن أبي شَيْيَةَ في ((المُصَنَّف)) 8/515، وفي ((الإيمان)) :(17)، والقضاعي في ((مسند الشهاب)) برقم:(1291) عن حفص ابن غِياث، وأخرجه ابن أبي شَيْيَةَ في ((المُصَنَّف)) : 11/27، وفي ((الإيمان)) :(18) عن محمد بن بِشْر، وأحمد في ((المسند)) : 2/472، ومن طريقه أبو داود في ((السُّنَن)) برقم:(4682) في السنة، باب الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه، عن يحيى بن سعيد، وهنَّاد في ((الزهد)) : 2/592، برقم:(1252)، والتِّرْمِذِيّ برقم:(1162) في الرضاع، باب ماجاء في حق المرأة على زوجها، من طريق عبدة بن سليمان، والخَرَائِطِيّ في ((مكارم الأخلاق)) برقم (17) من طريق يزيد ابن هارون، والطحاوي في ((مشكل الآثار)) : 11/261، برقم:(4431)، والحاكم في ((المُسْتَدْرَك)) :1/3 من طريق عبد الوَّهَّاب بن عطاء، وأبو نُعيم في ((الحلية)) : 9/248، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) ، برقم:(27) والبغوي في ((شرح السنة)) ، برقم:(2341) و (3495) ، من طريق يعلى بن عبيد، وأخرجه ابن حِبَّان في ((صحيحه)) كما في ((الإحسان)) : 9/483، برقم:(4176)، والمروزي في ((تعظيم قَدْر الصلاة)) : 1/441، برقم:(452) ، من طريق يزيد بن زُرَيع، كلهم عن محمد بن عَمْرو.

وانظر: ((تحفة الأشراف)) : 11/13، برقم:(15059) .

وهذا إسناد حسن لأنَّ مداره على ((محمد بن عَمْرو بن علقمة ابن وقاص الليثي المدني، مات سنة خمس وأربعين ومائة على الصحيح قال الحافظ: صدوق له أوهام. ع)) التقريب: 449 0

وقال الذهبي في ((ميزان الاعتدال) : 3/673 ((شيخ مشهور حسن الحديث.. قد أخرج له الشيخان متابعة.)) .

وقال التِّرْمِذِيّ: ((حسنٌ صحيح)) .

قلت: هو صحيح لما يأتي.

ص: 221

.. وقال الحاكم في ((المُسْتَدْرَك)) : 1/3 ((هذا حديث صحيح لم يُخرَّ_ج في الصحيحين وهو صحيح على شرط مُسْلِم بن الحجاج)) . قلت: ذكر الحافظ ابن حَجَرٍ أنه ((روى له البُخَارِيّ مقروناً بغيره، ومُسْلِم في المتابعات.)) تهذيب التهذيب: 9/376

وأ خرجه ابن أبي شَيْيَةَ في ((المُصَنَّف)) : (6/516، و:11/27)، وفي ((الإيمان)) :(20) وأحمد في ((المسند)) : 2/527، والدارمي في ((السُّنَن)) : 2/323، في كتاب الرقاق، باب ماجاء في حسن الخلق والحاكم في ((المُسْتَدْرَك)) : 1/3، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) ، برقم:(26)، ورقم:(7976) ، من طريق أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرىء عن سعيد بن أبي أيوب، والخَرَائِطِيّ في ((مكارم الأخلاق)) ، برقم:(14) ، عن أحمد بن منصور الرمادي، والطبراني في ((مكارم الأخلاق)) برقم:(9) ، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) ، برقم:(7977)، والخطيب البغدادي في ((الفقيه والمتفقه)) : 2 /110، من طريق سعيد بن أبي مريم، عن يحيى بن أيوب، وأخرجه الطحاوي في ((شرح مشكل الآثار)) : 11/260، برقم:(443) ، من طريق أنس بن عياض الليثي، وأخرجه البيهقي في ((السُّنَن الكبرى)) :10/192، من طريق يحيى ابن أبي أيوب كلهم عن محمد ابن عَجْلان عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح، عن أبي هُرَيْرَةَ. وهذا إسناد فيه ((محمد بن عَجْلان المدني صدوق إلاّ أنه اختلطت عليه أحاديث أبي هُرَيْرَةَ مات سنة ثمان وأربعين ومائة. خت م4.)) التقريب: 496، وذكره الذهبي والمقدسي، والحلبي، في المدلسين وجعله الحافظ ابن حَجَرٍ في المرتبة الثالثة في ((طبقات المدلسين)) (1) .

ص: 222

.. قال ابن حِبَّان: ((يروي عن أبيه، وسعيد المَقْبُرِيّ، روى عنه الثوري، ومالك، عنده صحيفة عن سعيد المَقْبُرِيّ بعضها عن أبيه عن أبي هُرَيْرَةَ، وبعضها عن أبي هُرَيْرَةَ نفسه، قال يحيى القطان: سمعت محمد ابن عَجْلان يقول: كان سعيد يحَدَّثَ عن أبيه، عن أبي هُرَيْرَةَ، وعن أبي هُرَيْرَةَ، فاختلط علَيَّ فجعلتها كلها عن أبي هُرَيْرَةَ.

وقد سمع سعيد المَقْبُرِيّ من أبي هُرَيْرَةَ، وسمع عن أبيه، عن أبي هُرَيْرَةَ، فلمَّا اختلط على ابن عَجْلان صحيفته، ولم يميِّز بينهما اختلط فيها وجعلها كلها عن أبي هُرَيْرَةَ، وليس هذا بوهن يوهن الانسان به، لأنَّ الصحيفة كلها في نفسها صحيحة فما قال ابن عَجْلان: عن سعيد، عن أبيه، عن أبي هُرَيْرَةَ، فذاك ممَّا حمل عنه قديماً قبل اختلاط صحيفته عليه، وما قال: عن سعيد عن أبي هُرَيْرَةَ، فبعضها متصل صحيح، وبعضها منقطع لأَنَّهُ أسقط أباه منها، فلا يجب عند الاحتياط إلاّ بما يروي الثقات المتقنون عنه، عن سعيد، عن أبيه، عن أبي هُرَيْرَةَ، وإنما كان يوهن أمره ويضعف لو قال في الكُلِّ: سعيد، عن أبي هُرَيْرَةَ. فإنه لو قال ذلك لكان كاذباً في البعض، لأنَّ الكل لم يسمعه سعيد، عن أبي هُرَيْرَةَ، فلو قال ذلك لكان الاحتجاج به ساقطاً على حسب ماذكرناه.)) (1) . قلت: وبناء على ماذُكِر يتبين لنا أنَ إطلاق القول ((اختلطت عليه أحاديث أبي هُرَيْرَةَ)) يحتاج إلى تقييد بروايته عن أبيه، عن أبي هُرَيْرَةَ، وبروايته عن سعيد المَقْبُرِيّ، عن أبي هُرَيْرَةَ.. هذه واحدة. والثانية: أن الصحيفة كلها في نفسها صحيحة وليس هذا بوهن يوهن الانسان به كما قال ابن حِبَّان. والثالثة: إنَّ الرواية عن محمد بن عَجْلان، عن القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح، عن أبي هُرَيْرَةَ، وليست من روايته عن سعيد المَقْبُرِيّ عن أبي هُرَيْرَةَ، ولا من روايته عن أبيه، عن أبي هُرَيْرَةَ. والرابعة: إنَّ ابن عَجْلان

ص: 223

قد توبع في هذه الرواية، وهو ((إمام صدوق مشهور، قال الحاكم: أخرج له مُسْلِم في كتابه ثلاثة عشر حديثاً كلَّها شواهد.)) كما قال الذهبي في ((الميزان)) (1) وقال الحاكم في ((المُسْتَدْرَك)) :1 /3 بعد أن روى الحديث من رواية محمد بن عَمْرو، عن أبي سلمة عن أبي هُرَيْرَةَ:((هذا حديث صحيح لم يُخرج في الصحيحين، وهو صحيح على شرط مُسْلِم بن الحجاج، فقد استشهد بأحاديث للقعقاع، عن أبي صالح عن أبي هُرَيْرَةَ، ومحمد بن عَمْرو، وقد احتج بمجمد بن عَجْلان)) .

قلت: محمد بن عَجْلان أخرج له البُخَارِيّ تعليقاً، وأخرج له مُسْلِم في المتابعات، ولم يحتج به (2) .

وأخرجه ابن حِبَّان في ((صحيحه)) كما في ((موارد الضمآن)) : 318، برقم:(1311) من طريق عَمْرو بن أبي عَمْرو عن المطلب بن عبد الله بن حَنْطَب، عن أبي هُرَيْرَةَ، الحديث (3) .

وهذا إسناد رجاله ثقات، إلاّ أنَّ فيه ((المطلب بن عبد الله بن حَنْطَب بن الحارث المخزومي، صدوق كثير التَّدْليس والإرسال، من الرابعة. ر4)) التقريب: 534.

قلت: لم يذكره الحافظ ابن حَجَرٍ في ((تعريف أهل التقديس)) في طبقات المدلِّسين، كما لم يذكره أحد في المُدلِّسين غير أنه عرف بالإرسال.. وذكر البُخَارِيّ في ((التاريخ الأوسط)) : 1/17 حديثاً من طريق محمد بن عبد الله، عن المطلب، عن أبي هُرَيْرَةَ ((دخلت على رُقيَّةَ بنت رسول الله (

)) قال البُخَارِيّ: ((ولايعرف للمطلب سماع من أبي هريرة ولا لمحمدٍ، عن المطلِّبِ، ولا تقوم الحجَّة.))

وقال أبو حاتمٍ الرازيُّ في ((المراسيل)) : 209 ((عن أبي هريرة مرسلاً)) ، وانظر: المراسيل لابن أبي حاتم:210.

ص: 224

.. وأخرجه المروزي في ((تعظيم قَدْر الصلاة)) :1/442، برقم:(454)، قال: حَدَّثَنا يحيى بن عثمان بن صالح السهمي ثنا أبي، ثنا ابن لَهيْعَةَ، حَدَّثَني عيسى بن سيلان، عن أبي هُرَيْرَةَ، قال: قال رسول الله (: ((أكملُ المؤمنينَ إيماناً أحاسِنُهُم أخلاقاً، وإنَّ المرءَ ليكونُ مؤمناً، وإنَّ في خُلُقِهِ شيئاً، فينقُصُ ذلكَ مِنْ إيمانه.)) .

وهذا إسنادٌ فيه (يحيى بن عثمان بن صالح السَّهميُّ مولاهم، المصريُّ، صدوق رمي بالتَّشَيُّع، وليَّنهُ بَعضُهُم لكونهِ حَدَّثَ من غير أصله، مات سنة اثنتين وثمانين ومائتين. ق.) التقريب: 594.

وفيه (عبد الله بن لَهيْعَةَ بن عقبة الحضرميّ، أبو عبد الرحمن المصريّ، صدوق، خلط بعد احتراق كتبه، ورواية ابن المبارك، وابن وهب عنه أعدل من غيرهما، وله في مُسْلِم بعض شىء مقرون، مات سنة أربع وسبعين ومائة. م د ت ق.) التقريب: 319.

وفيه (عيسى بن سِيلان، اختلف في اسمه قيل هو جابر بن سِيلان، وقيل عبد ربه، وثقه ابن حِبَّان، وقال ابن حَجَرٍ: مقبول من الثالثة. د) . ترجمته في: تهذيب التهذيب: 2/40، التقريب:136.

وأخرجه ابن أبي شَيْيَةَ في ((المُصَنَّف)) : (11/46-47)، برقم:(10484)، وفي ((الإيمان) : 42، برقم:(125) عن ابن عليَّة، عن يونس، عن الحسن، قال: قال رسول الله (.

وهذا مرسل صحيح الإسناد.

وأخرجه الخَرَائِطِيّ في ((مكارم الأخلاق)) برقم: (15) قال: ((حَدَّثَنا أحمد بن عبد الخالق بكرخ سُرَّ مَنْ رَأى، ثنا أبوخَلَفٍ الَحرِيريُّ عن يونسَ، عن ابن سيرينَ، عن أبي هُرَيْرَةَ.)) الحديث.

وهذا إسنادٌ فيه عبد الله بن عيسى بن خالد الخزاز، بمعجمات، أبوخلف، ضعيف من التاسعة. رس.)) . التقريب:217.

قال الحاكم في ((المُسْتَدْرَك)) : 1/3 ((وقد روي هذا الحديث عن محمد بن سيرين، عن أبي هُرَيْرَةَ، وشعيب بن الحَبْحَابِ، عن أنس)) .

ص: 225

وأخرج البزار، كما في ((كشف الأستار)) : 2/406، برقم:(1971) ، من طريق محمد بنِ إسحاقَ، عن محمدِ بنِ إبراهيمَ عن أبي سَلَمَةَ، عن أبي هُريرةَ قال: قال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((خِيارُكُمْ أطوَلُكُم أعماراً وَأحسنُكُمْ أخْلَاقاً.)) .

قال البزارُ: لا نعلمهُ بهذا اللفظِ بإسنادٍ أحسن من هذا الإسناد.

وذكرهُ الهيثميُّ في ((مجمع الزوائد)) : 8/22، وقال: وفيه ابنُ إسحاق، وهو مُدَلِّس.

وأخرج الطَّبرانيُّ في ((المعجم الصَّغير)) : 2/25، من طريق صالح المُرِّيِّ، عن سعيد الجريريِّ، عن أبي عُثمانَ النَّهْدِيِّ، عن أبي هريرةَ، قال: قال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ أحبكُم إلَيَّ أحاسِنُكُم أخلاقاً، الموطَّؤنَ أكنافاً، الذينَ يألفونَ ويؤلفونَ، وإنَّ أبغضكم إليَّ المشَّاؤونَ بالنَّميمةِ المفرقونَ بينَ الأحِبَّةِ، الملتمسونَ للبراء العيب.)) . قال الطبرانيُّ: لم يروه عن الجريريِّ إلَاّ صالح المرِّيِّ.

وذكره الهيثميُّ في ((مجمع الزوائد)) : 6/21 وقال: رواهُ الطبرانيُّ في الصغير، والأوسط، وفيه صالح بن بَشير المرِّيّ وهو ضعيف.

3) - عن أنسِ بنِ مالكٍ (قالَ: قالَ رسولُ الله (: ((أَكْمَلُ النَّاسِ إِيماناً أَحْسَنُهُمْ خُلُقَاً، وإِنَّ حُسْنَ الْخُلُقِ لَيَبْلُغُ دَرَجَةَ الصَّومِ والصَّلاةِ)) .

التَّخْريج: أخرجه أبو يعلى في ((المسند)) : 7/184، برقم:(4166) قال: ((حَدَّثَنا محمد بن المثنى أبو موسى، حَدَّثَنا زكريا بن يحيى الطائي أبو مالك، حَدَّثَنا شعيب بن الحبحاب، عن أنسٍ)) الحديث.

وأورده الحافظ ابن حَجَرٍ في ((المطالب العالية)) : 2/388، برقم:(2541) قال البوصيري: ((رواه أبو يعلى ورواته ثقات)) .

ص: 226

.. وأخرجه: البزار كما في ((كشف الأستار)) : 1/27، برقم:(35) من طريق محمد بن المثنى، بهذا الإسناد. وقال:((وهذا لانعلم رواه هكذا إلاّ زكريا، وحَدَّثَناه وهب ابن يحيى بن زمام القيسي)) .

وأخرجه: أبو يعلى في ((المسند)) : 7/237، برقم:(424) : قال: (حَدَّثَنا أبو عبيدة بن فضيل بن عياض، حَدَّثَنا أبو سعيدٍ مولى بني هاشمٍ، حَدَّثَنا زَرْبِيُّ أبو يحيى قال: سَمِعتُ أنسَ بنَ مالكٍ يقولُ: قالَ رسولُ الله (: (( (أَكْمَلُ المؤْمنينَ إيماناً أَحْسَنُهُمْ خُلُقَاً)) .

وهذا إسنادٌ ضعيف فيه ((زَرْبيُّ، بفتح أوله وسكون الراء بعدها موحدة، ثم مثناة، ثم شدة، ابن عبد الله الأزديُّ مولاهم، أبو يحيى البصريُّ، إمام مسجد هشام بن حسان، ضعيف ت ق)) التقريب: 215.

و ((عبد الرحمن بن عبد الله بن عبيد البصري، أبو سعيد، مولى بني هاشم، نزيل مكة، صدوق ربما أخطأ مات سنة سبع وتسعين ومائة. خ صد س ق)) التقريب: 344. وقال الذهبي في ((الكاشف)) : 2/171 ((ثقة)) . وانظر ترجمته في: تهذيب التهذيب: (7/209-210) .

وأخرج البزار كما في ((كشف الأستار)) : 2/406، برقم:(1970) من طريق سالم ابن نوحٍ، ثنا سُهيلُ بنُ أبي حَزم، عن ثابتٍ، عن أنسٍ، قال: قال رسولُ اللَّهِ (: ((ألا أُنَبئُكُمْ بِخِيارِكُم؟ قالوا: بَلَى، قَالَ: أَحَاسِنُكُم أخلاقاً، أو قَالَ: أَحْسَنُكُمْ خُلُقَاً.)) . قال البزارُ: لا نعلمُ رواهُ عن ثابتٍ، عن أنسٍ إلَاّ سُهيل. قال الهيثميُّ في ((مجمع الزوائد)) : 8/22 وفيه سهيل بن أبي حزمٍ وثقه ابنُ مَعين، وضَعفه جماعة.

وقال الحافظ في التقريب: ((ضعيف)) .

4) - عن عائِشَةَ رضي الله عنها، قالت: قالَ رَسُولُ اللهِ (،: ((إنَّ مِنْ أَكْمَلِ المُؤْمِنينَ إِيمَاناً أَحْسَنُهُمْ خُلُقَاً، وَأَلْطَفُهُمْ بِأَهْلِهِ.)) .

ص: 227

التَّخْريج: أخرجه أحمد في ((المسند)) : 6/47 قال: ((ثنا إسماعيل، ثنا خالد الحذَّاء، عن أبي قِلابة، عن عائشةَ، رضي الله عنها) الحديث.

وأخرجه أحمد في ((المسند)) : 6/99، وابن أبي شَيْيَةَ في ((المُصَنَّف)) :(8/515، و:11/27)، وفي ((الإيمان)) برقم:(19) ، والتِّرْمِذِيّ، برقم:(2612) ، في الإيمان، باب ماجاء في استكمال الإيمان ونقصانه، والنَّسائي في عُشرة، باب لطف الرجل أهله، برقم:(272)((من السنن الكبرى)) ، وابن السُّنِّي في ((عمل اليوم والليلة)) ، برقم:(228)، والحاكم في ((المُسْتَدْرَك)) : 1/53، من طريق خالد الحذاء، عن أبي قِلابَةَ، عن عائشةَ. (1)

قال أبوعيسى: ((هذا حديث صحيح، ولانعرفُ لأبي قِلَابَةَ سماعاً من عائشة.)) (2) .

وقال الحاكم: ((رواة هذا الحديث عن آخرهم ثقات على شرط الشيخين، ولم يُخَرِّجاه بهذا اللفظ)) . وتعقبه الذهبي فقال: ((فيه انقطاع)) .

وقد نبه الحاكمُ إلى هذا الانقطاعِ في ((المُسْتَدْرَك)) : 1/3 فقال:

((

وراه ابن عُلَيَّةَ، عن خالد الحذَّاء، عن أبي قلابة، عن عائشة، وأنا أخشى أنَّ أبا قِلابةَ لم يسمعه عن عائشة)) .

قلت: أبو قِلابَةَ هو ((عبد الله بن زيد الجَرْمِيُّ البصريُّ، قال ابن حَجَرٍ: ثقة، فاضل، كثير الإرسال.. مات بالشام هارباً من القضاء، سنة أربع ومائة، وقيل بعدها. ع.)) (3)

قال الذهبي في ((الميزان)) : ((..ثقة في نفسه، إلاّ أنه يُدلِّس عَمَّن لحقهم، وعَمَّن لم يلحقهم، وكان له صحف يُحَدِّثُ منها ويُدَلِّس.)) (4) .

وتابع الذهبي على وصفه بالتَّدْليس العلائيُّ في ((جامع التحصيل)) ، والحلبي في ((التبيين)) (5) ، وابن حَجَرٍ في ((تعريف أهل التقديس)) . (6)

قلت: إنَّ الذهبي هنا يُطلق التَّدْليس على الإرسال: وهو رواية الراوي عمَّن لم يعاصره ولم يدركه.

ص: 228

.. والتَّدْليس: هو أن يروي الراوي عمَّن لقيه، أو عاصره مالم يسمع منه، ولايقول في ذلك: حَدَّثَنا، ولا أخبرنا وما أشبههما، بل يقول: قال فلان، أو عن فلان، ونحو ذلك.

وقد قيد الحافظ ابن حَجَرٍ التَّدْليس بقسم اللقاء وجعل المعاصرة إرسالاً خفيَّاً، قال: والذي يظهر لي من تصرفات الحذاق منهم أنَّ التَّدْليس مختص باللقي، فقد أطبقوا على أنَّ رواية المُخَضْرَمِيَن مثل: قيس ابن أبي حازم، وأبي عثمان النَّهدي وغيرهما عن النبيِّ (، من قبيل الإرسال.

أي لوكان مجرد المعاصرة يُكتفى به في التَّدْليس لكان هؤلاء من المدلِّسين، لأَنَّهُم عاصروا النبي (قطعاً، وعلى هذا مشى الخطيب البغدادي، والعلائي، وقال: وعليه جمهور العلماء.

قال ابن حَجَرٍ: والتحقيق فيه التفصيل وهو: أنَّ مَن ذُكِرَ بالتَّدْليس، أو الإرسال، إذا ذَكَرَ بالصيغة الموهمة عمَّن لقيه فهو تدليس، أو عمَّن أدركه ولم يلقه فهو المرسل الخفي، أو عمَّن لم يُدركه فهو مطلق الإرسال (1) .

قال أبو حاتمٍ: ((وأبو قلابة لايعرفُ له تدليس)) (2)، وقال أبو زُرْعة: أبو قِلابَةَ عن عليٍّ مرسل، وقال يحيى بن معين: أبو قلابة عن النعمان ابن بشير مرسل. (3)

وقال الذهبي بعد أن نقل قول أبي حاتم: ((معنى هذا أنه إذا روى شيئاً عن عمرَ، أو أبي هُرَيْرَةَ مثلاً مرسلاً لا يدري مَنِ الذي حَدَّثَهُ به، بخلاف تدليس الحَسنِ البصريّ، فإنه كان يأخُذُ عن كلِّ ضرب، ثم يُسقطهم كعلي بن زيد تلميذه.)) (4) وقال ابن حَجَرٍ مُعَلِّقاً على قول أبي حاتمٍ: ((وهذا ممَّا يقوي من ذهب إلى اشتراط اللقاء في التَّدْليس لا الاكتفاء بالمعاصرة.)) (5) فوصف الذهبي أبي قلابة بالتَّدْليس فيه توسع لأَنَّهُ أدخل الإرسال في التَّدْليس، لذا فإن الحافظ ابن حَجَرٍ اكتفى بوصفه في التقريب بأنه:((كثير الإرسال)) .

ص: 229

.. أمَّا سماعه من عائشة، رضي الله عنها فقال العلائي: ((وبخط الضياء أنه لم يسمع من أبي ثعلبة، الخشنيّ، ولايعرف له سماع من عائشة رضي الله عنها.

قلت: روايته عن عائشة في صحيح مُسْلِم، وكأنَّه على قاعدته.)) (1)

والرواية في ((صحيح مُسْلِم)) : قال: ((وحَدَّثَنا عليُّ بنُ حَجَرٍ السَّعدي، ويعقوب بنُ إبراهيم الدَّوْرَقِيُّ، قال ابنُ حُجْرٍ: حَدَّثَنا إسماعيلُ بنُ إبراهيمَ، عن أيُّوبَ، عن القا سمِ وأبي قلابَةَ، عن عائشةَ، قالت: كان رسولُ اللهِ (، يَبْعَث بِالهدي، أفْتِلُ قَلَائِدَهَا بِيَديَّ، ثُمَّ لايُمْسِكُ عن شيءٍ، ولايُمسكُ عنهُ الحلالَ.)) (2)

وأخرجه البُخَارِيّ في ((التاريخ الكبير)) : 2/272، في ترجمة (الحارث بن عبد الرحمن)، برقم:(2433)، قال:(.. وقال أبو الأصبغ: حَدَّثَنا محمد ابن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن الحارث بن عبد الرحمن ابن مغيرة بن أبي ذباب، عن أبي سلمة، عن عائشة، عن النبي (قال: ((أكملكم إِيمَاناً، أَحْسَنُكُمْ خُلُقَاً.)) قال أبو عبد الله: حَدَّثَني صاحب لنا عن أبي الأصبغ.) .

وأخرجه الخَرَائِطِيّ في ((مكارم الأخلاق)) ، برقم:(44) ، حَدَّثَنا التُّرْفُقِيُّ، حَدَّثَنا أحمد بن خالد الوهبيُّ، ثنا محمد بن إسحاق، عن الحارث ابن عبد الرحمن، بهذا الإسناد.

وفيه محمد بن إسحاق بن يسار المطَّلبي مولاهم، قال ابن حَجَرٍ:((صدوق يُدَلِّس.. مات سنة خمسين ومائة، ويقال بعدها. خت م4)) ، التقريب: 467، فالإسناد حسن لو سَلِمَ من تدليس ابن إسحاق.

وأخرجه الخطيب البغدادي في ((تاريخ بغداد)) : 7/212 من طريق جعفر بن حم بن حفص النخشبي، حَدَّثَنا محمد بن أيوب القعنبيِّ، حَدَّثَنا أفلح بن حُميد، عن القاسم ابن محمد، عن عائشة، قالت: قال رسول الله (: ((إنَّ خِياركم أَحْسنكم أخلاقا وألطفكم بأهله.)) . الحديث.

ص: 230

.. وقد ترجم الخطيب البغدادي لجعفر بن حم بن حفص، أبي محمد النخشبي في ((تاريخ بغداد)) ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.

وقال: ((قدم بغداد حاجاً، وحَدَّثَ بها، عن محمد بن أيوب الرازيِّ، روى عنه علي بن عمر السُّكَّرِيُّ - قَدِمَ علينا حاجاً سنة عشرين وثلاثمائة - حَدَّثَنا أبومحمد جعفر بن حم

)) الحديث.

ويلاحظ على إسناد هذا الحديث قوله: ((حَدَّثَنا محمد بن أيوب القعنبي، حَدَّثَنا أفلح بن حميد..)) . فإنَ محمد بن أيوب لم يُنْسَب بالقعنبيِّ وإنما بالرازي (1) ، هذه واحدة.

والثانية: أن محمد بن أيوب الرازي لم يرو عن أفلح بن حميد، وإنَّما روى عن عبد الله بن مَسْلِمةَ القَعْنَبِيِّ، وروى القعنبيُّ عن أفلح بن حُميد. (2)

وعلى هذا فيحتمل أن يكون قد سقط من ((تاريخ بغداد)) : ((عن)) القَعْنَبِيِّ.

وهذا إسنادٌ جيدٌ إن سَلِمَ جعفر بن محمد بن حم من الوهم، أو من الجرح.

5) - عن عُمَيْرِ بنِ قَتَادَةَ اللَّيْثيّ (، أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يارَسُولَ اللهِ أَيُّ الصَلاةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: ((طُولُ القُنوتِ)) . قَالَ: أَيُّ الصَدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: ((جُهْدُ المُقِلِّ)) . قَالَ: أَيُّ المُؤْمِنينَ أَكْمَلُ؟ قَالَ: ((أَحْسَنُهُمْ خُلُقَاً.)) .

التَّخْريج: أخرجه ابن أبي عاصم في ((الآحاد والمثاني)) : (2/173-174)، برقم:(911)، قال:(حَدَّثَنا حوثرة بن الأشرس سويد أبو حاتم صاحب الطعام، عن عبد الله ابن عبيد بن عُمَير الليثي، عن أبيه، عن جده.) الحديث.

وأخرجه البيهقي في ((شعب الإيمان)) : (7/425-426)، برقم:(1083) ، و7/122، برقم:(09712) ، من طريق سويد أبي حاتم، يهذا الإسناد.

وأخرجه البيهقي أيضاً في ((شعب الإيمان)) : 7/123، برقم:(9713) ، من طريق عبد الله بن عبيد بن عُمَير، عن أبيه، عن النبي (، مرسلاً.

ص: 231

.. وأخرجه الخَرَائِطِيّ في ((مكارم الأخلاق)) ، برقم:(16)، قال: حَدَّثَنا عبد الله بن أحمد الدَّورَقِيُّ، ثنا أبو سلمة المِنْقَرِيُّ، ثنا سويد أبو حاتم صاحب الطعام، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في ((المعجم الكبير)) :17، برقم:(103)، قالَ: حَدَّثَنا عبدُالله ابنُ أحمدَ، وجعفَرُ بنُ مُحمدٍ الفِرْيابيُّ والحُسينُ بنُ إسحاقَ التُّسْتَريُ، قالوا: ثنا حَوْثَرَةُ بنُ أَشْرَسٍ، ثنا سويد أبوحاتم صاحب الطعام، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبونعيم في ((الحلية)) :3/357 من طريق حوثرة بن أشرس، أخبرني سويد أبو حاتم، بهذا الإسناد.

قال أبونعيم: ((هذا حديث تفرد به سويد، موصولاً عن عبد الله، ورواه صالح بن كيسان، عن الزهري، عن عبد الله، عن أبيه، من دون جده.)) .

قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) :1/158 (رواه الطبراني في ((الأوسط)) ، وفيه سويد أبوحاتم اختلف في ثقته وضعفه) .

قلت: مدار هذا الحديث على ((سويد بن إبراهيم الجحدري، أبوحاتم الحنَّاط، البصري، ويقال له صاحب الطعام، صدوق سيء الحفظ له أغلاط، وقد أفحش ابن حِبَّان فيه القول، مات سنة سبع وستين ومائتين. بخ)) ، التقريب:260.

وذكر هـ ابن عدي في ((الكامل)) : ((3/1257-1259) ، وساق له عدة أحايث، وقال:((..ولسويد غير ماذكرت من الحديث عن قتادة، وعن غيره، بعضها مسقيمة، وبعضها لايتابعه أحدٌ عليها، وإنما يخلط على قتادة، ويأتي بأحاديث عنه لايأتي به أحدٌ عنه غيره، وهو إلى الضعف أقرب)) .

قلت: الحديث هنا عن غير قتادة، كما أنَّ الحديث له شواهد كثيرة يتقوى بها.

وللحديث علَّة أخرى، وهي رواية ((عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي، عن أبيه، عن جده.)) .

فقد ذكر البُخَارِيّ في ((التاريخ الكبير)) : 5/455، عن ابن جُرَيْج، أن عبد الله- مات سنة ثلاث عشرة ومائة- لم يسمع من أبيه شيئاًولايذكره)) .

ص: 232

.. قال ابن قُطْلُوبُغا: ((وعندي في ذلك نظر، فقد حَدَّثَ عمَّن مات قبل أبيه.)) (1) .

قلت: روى عن عائشة، ماتت سنة سبع وخمسين، وابن عباس مات ثمان وستين

وقد ولد أبوه عبيد بن عمير بن قتادة في زمن النبي (، وقيل: رأى النبي (.. ومات قبل ابن عمر، وتوفي ابن عمرسنة ثلاث وسبعين في آخرها أو أول التي تليها. (2)

وقال الحافظ ابن حَجَرٍ: ((روى أبو يعلى في مسنده من طريق عبد الله بن عبيد ابن عمير الليثي، عن أبيه، قال: أتيت إلى عمر (وهو يعطي النَّاس، فقلت: يابن الخطاب، أعطني فإنَّ أبي استشهد مع النبيِّ (. فأقبل إليَّ وضمَّني إليه ثمَّ قال

فذكر قصة..)) قال ابن حَجَرٍ: ((فإن صح هذا فحديث عبيد بن عُمير، عن أبيه مرسل.)) . (3)

وأخرجه الطبراني في ((المعجم الكبير)) : 17 (105) ، من طريق بكر بن خُنيْس، عن أبي بدر، عن عبدِاللَّه بنِ عُبيد بن عُمير، به، قال الطبراني:((أبو بدر هو عندي بشَّار ابن الحكم، صاحب ثابت البُناني.)) .

قلت: وبشَّار بن الحكم الضَّبِيّ: ضعيف كما في ((لسان الميزان)) : 2/16. وأخرجه أيضاً أبو نعيم في ((حلية الأولياء)) : 3 /357 من طريق بكر بن خُنَيْسٍ، عن عبد الله ابن أبي بدر، عن عبد الله بن عبيد ابن عمير عن أبيه، عن جده، في حديث جاء فيه: قلت: يارسول الله مالإيمان؟ قال: ((السماحةُ والصبر.)) ، قلت: فأيُّ المؤمنين أفضلُ إيماناً؟ قال: ((أحسنُهُمْ خُلُقَاً)) الحديث.

وقال أبو نعيم: ((غريب من حديث عبد الله بن عمير لم نكتبه بهذا التمام إلَاّ من هذا الوجه.)) . قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) : 5/23 ((وفيه بكر بن خُنَيس وهو ضعيف.)) .

6) - عن جابر بن عبد الله (قالَ: قَالَ رسُولُ الله (: ((أكْمَلُ المُؤْمنينَ إِيمَاناً أَحْسَنُهُمْ خُلُقَاً.)) .

ص: 233

التَّخْريج: أخرجه البزار كما في ((كشف الأستار)) :1/27، برقم:(34)، قال:((حَدَّثَنا إبراهيم بنُ سعيدٍ الجوهريُّ، ثنا معلَّى بن منصور، ثنا أبو أيوبُ، عن محمد بنِ المُنْكَدرِ، عن جابرٍ.)) الحديث.

قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) : 1/58 ((رواه البزار، وفيه أبو أيوب، عن محمد ابن المنكدر، ولاأعرفه.)) .

قلت: أبو أيوب الراوي عن محمد بن المنكدر هو ((سليمان بن بلال التَّيميُّ، مولاهم، أبو محمد، وأبو أيوب، المدني قال ابن حَجَرٍ: ثقة، مات سنة سبع وسبعين ومائة. ع.)) . (1)

ترجمته في: تهذيب الكمال: 11/372، تهذيب التهذيب: 4/304، التقريب:250.

وأخرجه الطبراني في ((مكارم الأخلاق)) ، برقم:(6) قال: ثنا عَمْرو (2) بن حفص السَّدوسيُّ، ثنا عاصم بن عليٍّ ثنا أبو معشَرٍ، عن محمد بن المنكدرِ، عن جابرٍ، قال: قال رسولُ الله (: ((ألا أُخبرُكُمْ بخِيارِكُمْ؟ قالوا: بلى. قال: أحْسنُكُمْ أخلاقَاً.)) .

وهذا إسناد فيه (عاصم بن علي بن عاصم بن صهيب الواسطي.. صدوق، ربما وهم، مات سنة إحدى وعشرين ومائتين. خ ت ق) . التقريب:286.

وفيه (نجيح بن عبد الرحمن السندي، المدني، أبو مَعْشر، مشهور بكنيته، ضعيف، أسنَّ واختلط، مات سنة سبعين ومائة. 4.) التقريب:559.

وأخرجه ابن أبي شَيْيَةَ في ((الإيمان)) :14، برقم:(43)، قال: حَدَّثَنا حسين بن عليٍّ، عن زائدةَ، عن هشامٍ، عن الحسنِ، عن جابرِ بن عبد الله أنه قال: قيل يارسول الله، أيُّ الإيمان أفضل؟ قالَ:((الصَبْرُ والسَّماحةُ)) ، قيلَ: فَأَيُّ المؤمنينَ أَكْمَلْ، قَالَ:((أحسنُهُمْ خُلُقَاً.)) .

ومن طريق أبي بكر بن أبي شَيْيَةَ أخرجه البيهقي في ((شعب الإيمان)) : 7/122، برقم:(9710) .

هذا إسناد رجاله ثقات، ولاضرر من عنعنة الحسن البصري، عن جابرٍ، فإنَّ الحسن البصريَّ يروي عن جابرٍ، إمَّا سَماع وإمَّا وجادة. (3)

ص: 234

قال ابن حَجَرٍ في ((المطالب العالية)) ، برقم:(3122) : ((إسناده حسن)) . قلت: تحسين الحافظ ابن حجر على مذهب مَن يرى جواز الرواية بالوجادة، وبالتالي لا تضر عنعنة الحسن البصري.

وأخرجه البيهقي في ((شعب الإيمان)) :7/426، برقم:(10838) ، من طريق إبراهيم بن أدهم، عن هشام بن حسَّان عن الحسن، قال: قال رسولُ اللهِ (، الحديث.

قلت: رجاله ثقات غير أنَّه مرسل.

وأخرجه وكيع في ((الزهد)) : 3/728، برقم:(420) عن مبارك، وربيع، عن الحسن، قال: قال رسول الله (: ((أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً.)) .

وهذا إسناد فيه مبارك بن فضالة صدوق، يرسل، ويدلس.

والربيع بن صبيح، صدوق سيىء الحفظ. كما في ترجمتهما في ((التقريب)) .

وأخرجه البيهقي في ((شعب الإيمان)) : 7/122، يرقم:(9709)، موقوفاً على الحسن. وفي إسناده: عبد الله بن الجرَّاح بن سعيد، وثقه النَّسائي، وابن حِبَّان، وقال: مستقيم الحديث، وقال أبو زرعة: صدوق، وقال أبو حاتم: كثير الخطأ ومحله الصِّدقُ. وروى عنه. كما في: ((تهذيب الكمال)) .

7) - عن أبي سَعيدٍ الخُدْرِيِّ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (( (أَكْمَلُ المُؤْمِنينَ إِيماناً أَحَاسِنُهُمْ أَخْلاقَاً الموطؤونَ أكْنافاً، الَّذينَ يَأْلِفونَ وَيُؤْلَفونْ، وَلاخَيرَ فيمَنْ لا يأْلَف ولايُؤْلَفْ.)) .

التَّخْريج: أخرجه الطبراني في ((المعجم الصَّغير)) : 2/118، قال:(حَدَّثَنا ابن أبي داود، حَدَّثَنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم، حَدَّثَنا يعقوب بن أبي عبَّاد القلزميُّ، حَدَّثَنا محمد بن عُيَيْنةَ، عن محمد ابن عَمْرو بن علقمة، عن أبي سَلَمَةَ بنِ عبدِالرَّحمن، عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ (، قال: قال رسولُ الله (.) الحديث.

قال الطبراني: ((لم يروه عن محمد بن عيينة أخي سفيان إلَاّ يعقوب.)) .

ص: 235

.. ويعقوب ابن أبي عباد هو ((يعقوب بن إسحاق ابن أبي عبَّاد العبديُّ المكيُّ البصريُّ، ثمَّ القَلْزُمِيُّ، بصريٌّ، أقام بمكة مدة، وقدم مصر، وكان بالقَلْزُم -بين مصر ومكة، وهي من بلاد مصر- وسكنها، فنسب إليها، حَدَّثَ، وكان ثقة وبالقَلْزُم كانت وفاته، نحو سنة عشرين ومائتين.)) (1)، قال الشيخ الألباني:((فثبت الإسناد، والحمد لله.)) (2) .

8) - عن أبي ذَرٍّ (، قالَ: قُلتُ: ((يارسولَ اللهِ أَيُّ المُؤْمنينَ أكْمَل إِيمانَاً؟ قالَ: أَحْسَنَهُمْ خُلُقَاً.)) .

التَّخْريج: أخرجه الخَرَائِطِيّ في ((مكارم الأخلاق)) ، برقم:(12)، قال:(حَدَّثَنا عليُّ ابنُ داودَ القَنْطَريُّ، ثنا سعيدُ بنُ سابقٍ الرَّشيديُّ، ثنا بشرُ ابنُ خَيثمةَ، عن إسماعيل بن أبي زيادٍ، عن أبي سُليمانَ الفِلَسطينيِّ، عن القاسمِ بنِ أبي بكرٍ، عن أبي إدريس الخولانيِّ، عن أبي ذَرٍّ..) الحديث.

وهذا إسنادٌ مُظلمٌ فيه ((إسماعيل بن زياد، أو ابن أبي زياد، الكوفيّ، قاضي الموصل، متروك كذَّبوه، من الثامنة. ق)) التقريب:107.

وأخرجه ابن حِبَّان في: ((صحيحه)) ، كما في:((الإحسان)) : (2/76-79)، برقم:(361)، قال:(أخبرنا الحسن بن سفيان الفلسطيني، والحسن بن عبد الله القطان بالرقة، وابن قتيبة، واللفظ للحسن، قالوا: حَدَّثَنا إبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى الغساني، قال: حَدَّثَني أبي، عن جدي، عن أبي إدريس الخولانيِّ، عن أبي ذرٍّ.)، وذَكَرَ حديثاً طويلاً وفيه: (قال: قلت: يارسول الله، فَأَيُّ المؤمنين أكملُ إيماناً؟

قالَ: ((أَحْسَنُهُمْ خُلُقَاً.)) (3)، وأورده ابن حِبَّان في ((المجروحين)) :(3/129-130) ، في ترجمة (يحيى بن سعيد الشهيد) .

وهذا إسنادٌ فيه: إبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى الغساني الدمشقي، قال أبو حاتمٍ: كذاب، وكذبه أبو زُرعةَ، وهو صاحب حديث أبي ذرٍّ الطويل انفرد به، عن أبيه، عن جده.

ص: 236

.. قال الطبراني: لم يرو هذا عن يحيى إلاّ ولدُه وهم ثقات، وذكره ابن حِبَّان في الثقات، وغيره، وأخرج حديثه في الأنواع وقال الذهبي: أحد المتروكين الذين مشَّاهم ابن حِبَّان فلم يُصِب مات سنة ثمان وثلاثين ومائتين. (1)

وأخرجه بطوله أبو نُعيم في ((حلية الأولياء)) : (1/166-168) من طريق جعفر الفريابي، وأحمد بن أنس بن مالك عن إبراهيم بن هشام، بهذا الإسناد.

وأخرج بعض ألفاظه الطبراني في ((مكارم الأخلاق)) ، برقم:(1)، وفي ((المعجم الكبير)) :(2/157158) برقم: (1651) ، تحت باب ((ومن غرائب مسند أبي ذرٍّ رحمه الله)، قال الطبراني: حَدَّثَنا أحمد ابن أنس بن مالك الدمشقيّ المقرىء، ثنا إبراهيم بن هشام ابن يحيى، بهذا الإسناد.

قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) : 4/216 ((رواه الطبراني، وفيه إبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني، وثقه ابن حِبَّان، وضعفه أبو حاتم، وأبو زُرْعَة.)) .

وأخرجه القضاعي في: ((مسندالشهاب)) : 1/378، برقم:(651)، و:(1/431-432) ، برقم (740)، و: 2/39 برقم: (837) ، من طريق جعفر بن محمدالفريابي، عن إبراهيم بن هشام، به.

وأخرجه ابن ماجه في ((السنن)) : 2/1410، في الزهد، باب الورع والتقوى، برقم:(4218)، قال:(حَدَّثَنا عبد الله بن محمد بن رُمحٍ، ثنا عبد الله بن وهب، عن الماضي ابن محمد، عن علي بن سليمان، عن القاسم بن محمد، عن أبي إدريسَ الخولانيِّ، عن أبي ذرٍّ، قال: قال رسولُ اللهِ (: ((لاعقلَ كالتّدَبيرِ، وَلاوَرَعَ كَالْكَفِّ، وَلاحسَبَ كَحُسْنِ الخُلُقِ.)) .

قال البوصيري: ((في إسناده القاسم بن محمد المصري، وهو ضعيف.)) (2) .

وأخرجه ابن عدي في ((الكامل)) : 7/2699 من طريق يحيى ابن سعد (3) الكوفي البصري السعدي، ثنا ابن جريج عن عطاء، عن عبيد ابن عُمير، عن أبي ذرٍّ.

وأخرجه أبو نعيم في ((الحلية)) :1/168، والبيهقي في ((السنن)) : 9/4 من طريق يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد.

ص: 237

.. وأورده ابن حِبَّان في ((المجروحين)) : (3/129-130) في ترجمة يحيى بن سعيد، وقال: ((شيخ يروي عن ابن جريج المقلوبات، وعن غيره من الثقات الملزقات، لايحل الاحتجاج به إذا انفرد

)) .

وقال ابن عدي في ((الكامل)) : 7/2699 ((.. وروى هذا الحديث الحسن بن إبراهيم البياضي، ومحمد بن غالب تمتام قالا: ثنا يحيى بن سعد السعدي، عن ابن جريج، عن عطاء، فذكر هذا الحديث بإسناده، وقولهما: يحيى بن سعد، هو الصواب.

وهذا حديث منكر من هذا الطريق عن ابن جريج، عن عطاء، عن عبيد بن عمير، عن أبي ذرٍّ.

وهذا الحديث ليس له من الطرق إلاّ من رواية أبي إدريس الخولاني، والقاسم بن محمد، عن أبي ذرٍّ، والثالث حديث ابن جريج، وهذا أنكر الروايات. ويحيى بن سعد هذا يعرف بهذا الحديث.)) .

وأخرجه أحمد في ((المسند)) : (5/178و179) ، والنسائي في الاستعاذة في ((السنن الكبرى)) ، كما في ((تحفة الأشراف)) : 9/180، والبزار، كما في ((كشف الأستار)) :(1/93-94)، برقم:(160) ، من طريق المسعودي عن أبي عمر الشامي، عن عبيد بن الخشخاش - بمعجمات، وقيل بمهملات - عن أبي ذرٍّ.

قال البزار: (لم أره بتمامه. وعند النسائي طرف منه.) .

وقال أيضاً: (لانعلمه بهذا اللفظ، إلاّ عن أبي ذر، ولانعلم روى عنه عبيد إلاّ هذا.) .

وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) : 1/160: (فيه المسعودي، وهو ثقة، لكنه اختلط.) .

قلت: هذا إسناد ضعيف فيه المسعودي، هو (عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود الكوفيُّ، المسعوديُّ صدوق، اختلط قبل موته، وضابطه: أنَّ من سمع منه ببغداد فبعد الاختلاط، مات سنة ستين، وقيل سنة خمس وستين. خت 4.) التقريب: 344.

و (أبو عمر الدمشقي، وقيل: أبو عَمْرو، قال الدارقطني: متروك، وقال ابن حَجَرٍ: ضعيف، من السادسة. س.) تهذيب التهذيب: 12/175، التقريب:660.

ص: 238

.. و (عبيد بن الخَشْخَاش: قال البُخَارِيّ: لم يذكر سماعاً من أبي ذرٍّ، وقال الدارقُطْنِيُّ: متروك، وذكره ابن حِبَّان في الثقات وقال ابن حَجَرٍ: ليِّن من الثالثة. س) . ترحمته في: تهذيب التهذيب: 7/64، التقريب:376.

9) - عن عَمْرو بنِ عَبْسَةَ (، قال: قُلتُ: يارسولَ اللهِ أَيُّ الإيمَانِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: ((خُلُقٌ حَسنٌ.)) .

التخريج: أخرجه الخَرَائِطِيّ في ((مكارم الأخلاق)) ، برقم:(13)، قال:(حَدَّثَنا أبو الفضل أحمدُ بنُ عِصمةَ النَّيْسابوريُّ ثنا أسحاقُ بنُ راهوية، ثنا يَعلى ابنُ عُبيدٍ، ثنا الحجاجُ ابنُ دينارٍ، عن محمدِ بنِ ذَكْوانَ، عن شهرِ بنِ حَوشَبٍ عن عَمْرو بنِ عبْسَةَ.) الحديث.

هذا إسناد فيه أحمد بن عصمة النيسابوري أبو الفضل شيخ الخَرَائِطِيّ قال الذهبي: متهم هالك، روى خبراً موضوعاً هو آفته.

وقال ابن حَجَرٍ: روى عنه الخَرَائِطِيّ في كتاب ((مكارم الأخلاق)) حديثاً منكراً. (1)

وفيه (محمد بن ذكوان البصري، الأزدي الجهضمي مولاهم: ضعيف، من السابعة. ق.) التقريب:477.

وفيه (شهر بن حَوْشَب الأشعري الشامي، صدوق كثير الإرسال، والأوهام، مات سنة اثنتي عشرة ومائة. بخ م4.) التقريب:269.

وأخرج أحمد في ((المسند)) : 4/385 عن ابن نُميرٍ، ثنا حَجَّاج -يعني ابن دينار، عن محمد بن ذكوان عن شهر بن حوشب، عن عَمْرو ابن عبسة، قال: أتيت النبيَّ (، فقلت: يارسولَ الله مَنْ تَبِعَكَ على هذا الأمْرِ؟

قالَ: ((حُرٌّ وَعَبْدٌ))

الحديث، وجاء فيه: قلتُ: أيُّ الإيمان أَفْضَلُ؟ قال: ((خُلُقٌ حَسَنٌ)) ..وفيه: قلتُ: فأيُّ الجهادِ أفضلُ؟ قال: ((مَنْ عُقِر جَوادُهُ، وأُهْريِقَ دَمُهُ.)) .

ص: 239

.. وأخرج، ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شَيْيَةَ، ثنا يعلى بن عُبيدٍ، ثنا حجَّاج بن دينار، عن محمد بن ذَكوانَ، عن شَهْرِ بنِ حوشب، عن عَمْرو بن عبسةَ، قال: أتيتُ النَّبِيَّ (، فقلت: يارسول الله، أيُّ الجهادِ أفضلُ؟ قال: ((مَنْ أُهْريقَ دَمُهُ، وَعُقِرَ جَوادُهُ.)) . (1)

وفي الزوائد: إسناده ضعيف، لضعف محمد بن ذكوان، وذكره الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) :(1/60-61) وقال: (رواه الطبراني، في الكبير، وفيه شهر بن حوشب.) .

وأخرجه البيهقي في ((شعب الإيمان)) : 6/242، برقم:(8014، و8015) ، من طريق الحجاج بن دينار، به.

10) - عن عبد الله بن عمر (: قال: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ (، فَجاءَهُ رَجلٌ مِنَ الأنصَارِ فَسَلَّمَ على النَّبِيِّ (، ثُمَّ قالَ: يارَسولَ اللهِ أيُّ المؤْمِنينَ أفضَلُ؟ قالَ: ((أَحْسَنُهُمْ خُلُقَاً.)) قالَ: فايُّ المؤمنيَن أَكْيَسُ؟ قالَ: ((أَكْثَرُهُمْ لِلْمَوْتِ ذِكْراً، وَأَحْسَنُهُمْ لِمَا بَعْدَهُ اسْتِعْداداً، اُولئِكَ الأَكْياسُ.)) .

التخريج: أخرجه ابن ماجه: 2/1423 في الزهد، باب ذِكر الموت والاستعداد له، برقم:(4259) قال: حَدَّثَنا الزبير بن بكَّار، ثنا أنس بن عياض، ثنا نافع بن عبد الله، عن فَرْوةَ بن قيس، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عمر، الحديث.

وهذا إسناد فيه ((نافع بن عبد الله، أو ابن كثير، مجهول من السابعة. ق.)) التقريب: 558.

و (فروة بن قيس، حجازي، مجهول، من السابعة. ق.) التقريب: 445.

وفي الزوائد: (فروة بن قيس مجهول، وكذلك الراوي عنه، وخبره باطل، قاله الذهبي.)(2)

ص: 240

.. وأخرجه: البزار كما في ((كشف الأستار)) : (2/268-269)، برقم:(1676) ، والحاكم في ((المُسْتَدْرَك)) (4/540-541) ، من طريق أبي الجماهر محمد ابن عثمان الدمشقيِّ، حَدَّثَني الهيثم ابن حُمَيدٍ أخبرني أبو مَعْبَدٍ حفص بن غيلان، عن عطاء ابن أبي رباح، قال: كنت مع عبد الله بن عمر

الحديث.

قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.)) ، وقال الذهبي:((صحيح)) .

وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) : 5/317 ((روى ابن ماجه بعضه، رواه البزار، ورجاله ثقات.)) .

وأخرجه ابن حِبَّان في ((المجروحين)) : 2/67 في ترجمة (عبيد الله ابن سعيد بن كثير)، وقال: (يروي عن أبيه، عن الثقات الأشياء المقلوبات، لايُشبه حديثه حديث الثقات.

روى عن أبيه، عن مالك بن أنسٍ، عن عمِّهِ أبي سُهيل بن مالك، عن عطاء بن رباح، عن ابن عمر قال رجلٌ: يارسول اللهِ أيُّ المُسْلِمينَ أفضل؟ قال: أحسنهم خلقاً.....)) فذكر حديثاً طويلاً، ليس من حديث مالكٍ، ولا من حديث أبي سُهيلٍ ولا من حديث ابن عمر....) .

وأخرجه البيهقيُّ في ((الزهد الكبير)) : (الورقة:52ب) ، من طرق عبيد الله بن سعيد بن كثير، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في ((المعجم الصغير)) : (209)، وفيه مُعلَّى الكندي ذكره البُخَارِيّ في ((التاريخ الكبير)) : 7/394 وقال: (عن محمد ابن عبد الرحمن، روى عنه الأعمش، يعد في الكوفيين، منقطع.)، وذكره ابن أبي حاتم في:((الجرح والتعديل)) : 8/330، ولم يذكر فيه جرحاً ولاتعديلاً، وذكره ابن حِبَّان في ((الثقات)) : 7/492.

وقال الهيثميُّ في ((مجمع الزوائد)) :10/309 ((رواه الطبراني في الصغير وإسناده حسن.)) .

وأخرجه أبو نعيم في ((حلية الأولياء)) : 8/333، من طريق جعفر الفريابي، ثنا سليمان بن عبد الرحمن، ثنا خالد بن يزيد، عن أبيه، عن عطاء بن أبي رباح، به.

ص: 241

11-

عن جابر بن سَمُرَةَ (، قال: كُنْتُ في مَجْلِسٍ فيه النَّبيٌّ (، قال: وأبي سَمُرَةُ جَالٍسٌ أمامي فقال رسولُ اللهِ (( (إِنَّ الفُحشَ والتَّفَحُشَ لَيْسا مِن الإسلامِ، وَإِنَّ أَحْسَنَ النَّاسِ إِسلاماً أحْسَنُهُمُ إِسلاماً.)) .

التَّخْريج: أخرجه أحمد في ((المسند)) : 5/89، وعبد الله ابنه في زوائده على ((المسند)) : 5/89 قال عبد الله: (حَدَّثَني أبي ثنا عبد الله بن محمد، وسمعته أنا من عبد الله ابن محمد، ثنا أبو أسامة، عن زكريا بن سِياه أبي يحيى، عن عمران بن رباح عن عليِّ بن عمارة، عن جابر بن سمرة. الحديث.

وأخرجه ابن أبي الدنيا في ((الصمت)) ، برقم:(239) ، حدثنا الحسن بن الصبَّاح، حدثنا أبو أسامة، عن زكريا بن سِياه به.

وعزاه الحافظ العراقي في تخريجه لأحاديث ((الإحياء)) : 3/166 إلى أحمد، وابن أبي الدنيا في الصمت، وقال:((إسناده صحيح)) .

وأخرجه ابن أبي شَيْيَةَ في ((المُصَنَّف)) : 8/514، ومن طريقه

أخرجه عبد الله في زائده على ((المسند)) :5/99، وأبو يعلى في ((المسند)) : 13/458، برقم:(7468)، والطبراني في ((المعجم الكبير)) : 2، برقم:(2072) .

وأخرجه عبد الله بن أحمد في زوائده على ((المسند)) : 2/99 من طريق عبد الله ابن محمد بن نمير، ويوسف الصفار مولى بني أمية.

وأخرجه البُخَارِيّ في ((التاريخ الكبير)) : 6/291 من طريق عبد الله العبسيِّ، جميعهم حَدَّثَنا أبو أسامة، به.

وذكره الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) : 8/25 وقال: ((رواه الطبراني، واللفظ له، وأحمد، وابنه، وقال:....، وأبو يعلى بنحوه ورجاله ثقات.)) .

وهذا إسناد فيه: (أبو أسامة حمَّاد بن أسامة القرشي، مولاهم الكوفيّ، مشهور بكنيته، قال ابن حَجَرٍ: ثقة، ثبتٌ، ربما دلَّسَ، وكان بأَخَرَةٍ يُحَدِّثَ من كتب غيره، مات سنة إحدىومائتين. ع) التقريب:177

ص: 242

.. قلت: إنَّ من اتهم أبا أسامة بتتبع كتب الرواة ونسخها، وأنَّه كان من أسرق الناس لحديث جبير هو سفيان بن وكيع (1) اتهمه أبو زُرعة بالكذب، وكان يتلقن، ويحَدَّثَ بأحاديث ليست من حديثه، وكان له ورَّاق سوء، أدخل عليه كثيراً ممَّا ليس من حديثه، ونُصح فلم ينتصح، فاستحق الترك.

وقد أورد الذهبي رحمه الله كلام سفيان بن وكيع في أبي أسامة، في ((ميزان الاعتدال)) (2) ثم قال:((أبو أسامة لم أورده لشىء فيه، ولكن ليُعْرَفَ أنَّ هذا القول باطل، قد روى عنه أحمد، وعليّ، وابن معين، وابن راهويه، وقال أحمد: ثقة، من أعلم الناس بأمور الناس وأخبارهم بالكوفة، وما كان رواه عن هشام، وما كان أثبته، لا يكاد يخطئ.)) .

وقال ابن سعد في ((الطبقات الكبرى)) (3) : ((كان ثقة، مأموناً، كثير الحديث، يُدَلِّسُ ويبيِّنُ تدليسه.)) .

لذا لم يذكره أحدٌ في المدلِّسين (4) سوى ابن حَجَرٍ في التقريب.

وفيه: (عمران بن مُسْلِم بن رِياح، بكسر الراء، بعدها تحتانية، الثقفيُّ الكوفيُّ، وقد ينسب إلى جدِّهِ، مقبول، من السادسة. بخ.)، التقريب:430 وفيه: علي بن عمارة ذكره البُخَارِيّ في ((التاريخ الكبير)) : 6/291، وابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) : 6/197، ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً، ووثقه ابن حِبَّان في ((الثقات)) : 5/163،والهيثمي في ((مجمع الزوائد)) : 8/25.

12-

عن أبي ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيِّ رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللَّهِ (: ((إنَّ أَحَبَكُم إلَيَّ وأَقْرَبَكُم مِنِّي في الآخِرَةِ مَحَاسِنَكُم أخْلَاقَاً، وإنَّ أبغَضَكُم إلَيَّ وَاَبْعَدَكُم مِنِّي في الآخِرَةِ مَسَاوِئكم أخلاقَاً، الثَّرْثَارونَ المُتَفَيْهِقُونَ المُتَشَدِّقُونَ (5) .)) .

أخرجهُ أحمد: في ((المسند)) : 1/193، قال: حدَّثنا محمد بنُ أبي عَدِيٍّ، عن داودَ، عن مَكحولٍ، عن أبي ثَعْلَبَةَ.

ص: 243

وهذا إسنادٌ رجالهُ رجال الصَّحيح، غير أنَّ مكحولاً الشَّاميّ لم يسمع من أبي ثعلبة الخُشَنِيِّ، وداود هو ابنُ أبي هند.

وأخرجه ابنُ أبي شيبة في ((المصنَّف)) : 8/515، عن حفص بن غِياث، عن داود بن أبي هند. والخرائطي في ((مكارم الأخلاق)) : 1/22 برقم: (19)، والبهيقيُّ في ((شعب الإيمان)) : 6/234، برقم:(7989) ، من طريق عليِّ بن عاصم، عن داود بن أبي هند، وعلي بن عاصم (صدوق يُخطئ وَيُصر، ورُمِيَ بالتَّشيُّع) ، كما في التقريب.

وأخرجه الطبرانيُّ في ((الكبير)) : 22/ (588) ، وفي ((مسند الشَّاميين)) (3490) ، من طريق وهيب بن خالد، عن داود بن أبي هِند، عن مكحول، به.

وأخرجه أحمد: في ((المسند)) : 4/194، عن يزيد بن هارون، وأبو نُعيم في ((حلية الأولياء)) : 3/97، و5/177 والبغوي في ((شرح السُّنَّة)) (3295)، والبيهقي في ((شعب الإيمان) : 6/234، وفي ((السنن الكبرى)) : 10/193-194 من طرقٍ عن يزيد ابن هارون، عن داود بن أبي هند، عن مكحول، به

وأخرجه ابن حِبَّان، كما في ((الإحسان)) : 2/231-232، من طريق حماد بن سلمة عن داود بن أبي هند، عن مكحول، به

وذكره الهيثميُّ في ((مجمع الزوائد)) : 8/21، وقال: رواه أحمد، والطبرانيُّ، ورجاله رجال الصَّحيح.، ومثله قال المنذريُّ في ((الترغيب والتَّرهيب)) : 3/261.

13-

عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((خِيَارُكُم أحاسِنُكُم أخلاقاً)) .

ص: 244

التخريج: أخرجه عبد بن حميد في ((المسند)) ، برقم:(627)، والخرائطيُّ في:((مكارم الأخلاق)) : 1/25، برقم:(21) والحارث في ((مسنده)) : 1/314، من طريق طلحة ابن عمرو بن عثمان، عن ابن عباس. وطلحة ابن عمرو متروك، كما في ((التقريب)) . وأخرجه البيهقيُّ في ((شعب الإيمان)) : 6/234، من طريق زَمْعَة بن صالح، عن سلمة بن وَهران، عن عِكْرِمَةَ عن ابن عباسٍ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:((خياركم أحاسنكم أخلاقاً، الموطؤن أكنافاً، وإنَّ شراركم الثَّرثارونَ المتفيهقونَ المتشدِّقُونَ)) . وَزَمْعَةُ ابنُ الجَنَدِيُّ ضعيف، كما في ((التقريب)) .

14-

عن أبي كَبْشَةَ رضي الله عنه قال: سمِعْتُ رسولَ اللَّهِ (: ((خِيارُكُمْ خَيْرُكُمْ لأهْلِهِ.)) .

التخريج: أخرجه الطبراني في ((المعجم الكبير)) : 22 (854) ، وفي ((مسند الشَّاميين)) ، من طريق إسماعيل ابن عيَّاش ثنا عمر بن رُؤْبة، قال: سمعتُ أبا كَبْشَةَ يقول. وذكره الهيثميُّ في ((مجمع الزوائد)) : 4/303، وقال: فيه عمر بن رؤبة وثقه ابنُ حِبان وغيره، وضعفه جماعة. وفي ((التقريب)) : صدوق.

15-

عن عبدِاللَّه بنِ مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللَّهِ (: ((ألا أُنبئُكُمْ بِخِيَارِكُمْ؟ قالوا: بلى، قال: خِيارُكُم أَحاسِنُكُمْ أخلاقاً، أحسِبُهُ قال: المُوطَّؤنَ (1) أكْنَافَاً.)) .

التخريج: أخرجه: البزار، كما في ((كشف الأستار)) : 2/405-406، برقم:(1969) من طريق صدقة بن موسى عن عاصم، عن أبي وائل، عن عبدِاللَّهِ. قال البزار: لا نعلمه يُروى عن عبدِاللَّهِ إلَاّ بهذا الإسناد.

وذكره الهيثميُّ في ((مجمع الزوائد)) : 8/21، وقال: رواه الطبرانيُّ، والبزار، وفي إسنادهِ صدقة بن موسى، وهو ضعيف، وفي إسناد الطبراني عبد اللَّه الرَّماديّ ولم أعرفه.

المبحث الثاني: شرح الحديث

ص: 245

.. هذا الحديث النبوي الشريف من الأحاديث المتواترة، فقد ذكره كل من ألَّف في الأحاديث المتواترة، كالسيوطي، والكَّتَّاني وغيرهما، وهو يمثل جانباً مهماً من جوانب النظام الأخلاقي في الإسلام.

والخُلُق بضمتين، لغة: الطبع والسَّجية (1) .

واصطلاحاً: هو حالٌ للنفْس راسخةٌ تصدر عنها الأفعالُ من خيرٍ أو شرٍّ، من غير حاجةٍ إلى فكرٍ ورَويَّةٍ. (2)

أهميَّة الأخلاق: تحتل الأخلاق في الإسلام منزلة عظيمة وذلك من وجوهٍ كثيرةٍ منها:

أولاً: تعليل الرسالة بتقويم الأخلاق وإشاعة مكارم الأخلاق، جاء في الحديث الشريف عن النَّبيِّ (:((إنَّما بُعِثْتُ لأُتَمِمَ مكارمَ الأخلاقِ)) (3) .

ثانياً: تعريف الدين بحُسنِ الخلقِ

... كما ورد أنَّ رجلاً جاء إلى النَّبيِّ (فقال: يارسولَ الله مالدِّين؟ فقال الرسول (: ((حسن الخلق)) (4) .

وهذا يعني أنَّ حسن الخلقِ ركن الإسلام العظيم الذي لا قيام للدين بدونه، كالوقوف في عرفات بالنسبة للحج، فقد جاء في الحديث الشريف ((الحج عرفة)) (5) أي أن ركن الحج العظيم الذي لايكون الحج إلاّ به الوقوف في عرفات.

ثالثاً: من أكثر مايرجح كفة الحسنات يوم الحساب حسن الخلق، جاء في الحديث الشريف عن النبي (( (أثقل ما يوضع في الميزان يوم القيامة تقوى الله وحسن الخلق)) .

رابعاً: المؤمنون يتفاضلون في الإيمان، وأفضلهم فيه إيماناً أحسنهم أخلاقاً، جاء في الحديث: قيل: يارسول الله أيُّ المؤمنين أفضل إيماناً؟ قال: ((أحسنهم خلقاً)) .

خامساً: إنَّ المؤمنين يتفاوتون في الظفر بحب رسول الله (وقربهم منه يوم القيامة، وأكثر المسلمين ظفراً بحب رسول الله (والقرب منه أولئك المؤمنون الذين حسنت أخلاقهم حتى صاروا فيها أحسن من غيرهم جاء في الحديث الشريف ((إنَّ أحبكم إليَّ وأقربكم مني مَجلساً يوم القيامةِ أحاسنكم أخلاقاً.)) .

ص: 246

سادساً: أنَّ حسن الخلق أمر لازم وشرط لا بد منه للنجاة من النار والفوز بالجنان، وأن التفريط بهذا الشرط لايغني عنه حتى الصلاة والصيام، جاء في الحديث أنَّ بعض المسلمين قال لرسول الله (إنَّ فلانة تصوم النهار وتقوم الليل وهي سيئة الخلق تؤذي جيرانها بلسانها، قال: ((لاخير فيها هي من أهل النار.)) (1)

سابعاً: أنَّ النبي (كان يدعو ربه بأن يُحسن خلقه - وهو ذو الأخلاق الحسنة - وأن يهديه لأحسنها، فقد كان يقول في دعائه: ((اللهم حَسَّنْتَ خَلْقِي، فَحَسِّن خُلُقِي.)) (2)، ويقول:((اللهم اهدني لأحسن الأخلاق فإنه لايهدي لأحسنها إلَاّ أنت واصرف عني سيئها فإنه لايصرف سيئها إلَاّ أنت.)) (3) ، ومعلوم أن رسول الله (لايدعو إلَاّ بما يحبه الله ويقربه منه.

ثامناً: مدح الله تعالى رسوله الكريم (بحسن الخلق، فقد جاء في القرءان الكريم {وَإنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيم} (4) والله تعالى لايمدح رسوله إلَاّ بالشىء العظيم مما يدل إلى عظيم منزلة الأخلاق في الإسلام.

تاسعاً: كثرة الآيات القرءانية المتعلقة بموضوع الأخلاق..فهي تشبه أمور العقيدة من جهة عناية القرءان بها في السور المكية والمدنية على حد سواء (5) . إنَّ الإسلام دين قام على توحيد الله تعالى وإخلاص العمل لوجهه الكريم، هذا وإنَّ العبادات التي شرعها الله تعالى واعتبرت أركاناً في الإسلام ليست شعائراً مبهمة من النوع الذي يربط الانسان بالغيوب المجهولة، ويكلفه بأداء أعمالٍ غامضة، وحركاتٍ لامعنى لها، إن الفرائض التي ألزم الإسلام بها المسلمين إنما هي تمارين متكررة لتعويد المرء أن يحيا بأخلاقٍ صحيحةٍ، وأن يظل مستمسكاً بهذه الأخلاق مهما تغيرت أمامه الظروف.

ص: 247

.. فالصلاة الواجبة عندما أمر الله بها أبان الحكمة من إقامتها فقال: {وأقِم الصَّلاةَ إنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ.} (1) . فالابعاد عن الرذائل والتطهير من سوء القول والعمل هو حقبقة الصلاة..والزكاة المفروضة ليست ضريبة تؤخذ من الجيوب، بل هي أولاً، غرس لمشاعر الحنان والرأفة، وتوطيد لعلاقات التعارف والألفة بين شتى الطبقات قال تعالى {خًذْ مِنْ أموالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِرهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} (2) ، وكذلك شرع الإسلام الصَّوم فلم ينظر إليه على أنه حرمان مؤقت من الأطعمة والأشربة، بل اعتبره خطوة لتعويد النفس على التخلص من شهواتها المحظورة ونزواتها المنكورة، ويذكرنا القرءان بثمرة الصوم بقوله {كُتِبَ عليكُمُ الصِّيامُ كما كُتُبَ على الذين من قبلِكُمْ لعلَّكُمْ تتَّقون} (3) ، وقد يحسبُ الانسان أنَّ السفرَ إلى البقاع المقدَّسةِ للحجِّ أو العمرةِ رحلة مجردة من المعاني الخلقيَّةِ، وهذا خطأٌ لأنَّ الله تعالى قال {الحجُّ أشهُرٌ معلوماتٌ، فَمَنْ فَرَضَ فيهِنَّ الحجَّ فَلا رَفَثَ، وَلا فُسُوقَ، ولاجِدالَ في الحَجِّ وما تفعلوا من خيرٍ يعلمهُ اللهُ، وتزودوا فإنَّ خيرَ الزادِ التَّقْوَى واتَّقُونِ يآأولي الأَلْبَاب} (4) .

بهذا العرض المُجمَلِ لبعض العبادات التي اشتهر بها الإسلام وعُرِفت على أنها أركانه الأصلية نستبين منه متانة الأوامر التي تربط الدين بالخُلُقِ إنها عبادات مُتباينة في مظهرها، ولكنها تلتقي عند الغاية التي رسمها الرسول (في قوله:((إنَّما بُعِثتُ لأُتممَ مكارمَ الأخلاق)) (5) ، فالصلاة والصيام والزكاة والحجّ، وما أشبه هذه الطاعات من تعاليم الإسلام هي المدارج للكمال المنشود، فإذا لم يستفد المرء منها مايزكي قلبه وينقي لُبَّه، ويهذب صلته باللهِ وبالناسٍ، فقد هوى (6) .

ص: 248

ولقد أوصى القرءانُ الكريم رسول الله صلى الله عليه وسلم بجملةٍ مِنَ الآداب بمثل قولهِ تعالى: {خُذْ بِالعَفْوِ وَأْمُر بالعُرفِ وأعرِض عن الجاهلينَ} (1)، وقوله:{إنَّ اللَّهَ يَأمُرُ بالعَدْلِ وَالإحْسَانِ وإيتاءِ ذي القُرْبَى وَيَنْهَى عَن الفَحْشَاءِ والمُنْكَرِ والبَغْي} (2)، وقوله:{واصبر على ما أصابَكَ إنَّ ذلك مِن عزمِ الأمور} (3)، وقوله:{وَلِمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إنَّ ذَلِكَ لَمِن عَزْمِ الأُمور} (4)، وقوله:{فاعف عنهم واصفح إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُحسنين} (5)، وقوله:{وَليعفوا وليصفحوا ألا تُحبُّونَ أنْ يُغفر لكم} (6)، وقوله:{ادفع بالتي هي أحسن فإذَا الذي بينَكَ وبينَهُ عَداوةٌ كأنَّهُ وَلِيٌّ حَميم} (7)، وقولهُ:{والكاظمينَ الغَيظَ والعافينَ عنِ النَّاسِ واللَّهُ يُحِبُّ المُحْسنين} (8)، وقولهُ:{اجتنبوا كثيراً مِنَ الظنّ إنَّ بعض الظَّنِّ إثْمٌ ولا تَجسسوا ولا يَغْتَبْ بَعضُكُم بعضاً} (9)، وقوله:{والعصر إنَّ الإنسانَ لَفي خُسْر إلَاّ الَّذينَ آمنوا وتواصوا بالحقِّ وتواصوا بالصَّبْر} (10) ، إنَّ أمثال هذهِ التَّوجيهات في القرءان الكريم والتي تدعوا إلى مكارم الأخلاق كثيرة، ولقد عَمِلَ بها رسولُ اللَّهِ (حتَّى وصفت عائشةُ أم المؤمنين رضي الله عنها خُلُق رسول اللَّهِ (فقالت:((كانَ خُلُقُهُ القرءان)) (11) .

ص: 249

ولقد كان (: أحلَم النَّاس، وأشجع النَّاسِ، وأعفّ النَّاس، لم تمس يده يد امرأة لا يملك رقمها أو عصمة نكاحها أو تكون ذات محرم منه، وكان أسخى النَّاس، لا يبيتُ عنده دينار ولا دِرهم وإن فضل منه شيء ولم يجد مَن يُعطيه وفجأه الليل لم يأوِ إلى منزلهِ حتَّى يتبرأ منهُ إلى مَن يَحتاج إليهِ، ولا يأخذ ممَّا آتاهُ اللَّه إلَاّ قوت عامه فقط مِن أيسرِ ما يجد مِنَ التَّمرِ والشَّعيرِ ويضع سائر ذلكَ في سبيلِ اللَّهِ تعالى، لا يُسأل شيئاً إلَاّ أعطاه، ثُمَّ يعودُ على قوت عامه فيؤثر منه حتى إنَّهُ رُبما احتاج قبل انقضاء العام إن لم يأته شيء، وكان يخصفُ النَّعل ويرقع الثَّوبَ ويخدم في مهنة أهلهِ، ويقطع اللحم معهنَّ، وكانَ أشدّ النَّاس حياء لا يثبت بصره في وجه أحد، ويجيبُ دعوة العبد والحُرّ، ويقبل الهدية ولو أنَّها جرعة لبن أو فخِذ أرنب ويُكافئ عليها ويأكلها ولا يأكل الصَّدقة، ولا يستكبر عن إجابة الأَمَة والمسكين، يغضب لربهِ ولا يغضب لنفسهِ، وينفد الحق وإن عاد عليهِ بالضَّرر أو على أصحابهِ، وعرض عليه الانتصار بالمشركينَ على المشركين وهو في قلة وحاجةٍ إلى إنسانٍ واحدٍ يزيده في عدد مَن معه فأبى وقال: ((أن لا أستنصرُ بمشركٍ)) ،

وكان يعصبُ الحجر على بطنه مرَّة مِنَ الجوعِ ومرة يأكل ما حضره ولا يرد ما وجد ولا يتورع عن مطعمٍ حلال وإن وجد تمراً دون خبز أكله، وإن وجد شواء أكله، وإن وجد خبز بُرٍّ أو شعيرٍ أكله، وإن وجد حُلواً أو عسلاً أكله

يجيب الوليمة، ويعود المرضى، ويَشهد الجنازة ويمشي وحده بين أعدائهِ بلا حارسٍ، أشد الناس تواضعاً وأسكنهم في غير كبرٍ، وأبلغهم في غير تطويلٍ، وأحسنهم بِشراً، لا يهولهُ شيء من أمور الدُّنيا..يحبُّ الطِّيبَ ويكره الرائحة الرديئة، ويُجالس الفقراء، ويواكل المساكين، ويكرم أهل الفضل في أخلاقهم ويتألفُ أهل الشَّرف بالبر لهم، يصل ذوي رَحِمهُ مِن غير أن يؤثرهم على مَن هو

ص: 250

أفضل منهم، لا يجفو على أحدٍ، يقبل معذرة المُعتذِر إليهِ، يمزح ولا يقولُ إلَاّ حقَّاً، يضحكُ مِن غير قَهقهة، يرى اللعب المُباحَ فلا يُنكرهُ، يُسابق أهلهُ، وترفع الأصوات عليه فيصبر

(1) .

هذا وإنَّ عناية الإسلام بالمرأة، ووصيته بحسن رعايتها، والإحسان إليها قد بلغ مرتبة عظيمة لم تصل إليها أرقى الأنظمة الأرضية التي تدَّعي أنها تحافظ على حقوق الانسان عامةً، والمرأة خاصةً، ولقد أوصى الله تعالى بالنساء خيراً فقال:{وَعاشِروهُنَّ بالمَعْروفِ} (2) .

وعن أبي هريرة (قال: قال رسول الله (: ((استوصوا بالنِّساءِ خَيرأً.)) (3)، وقال (:((لايفْرِكْ مؤمِنٌ مؤمنةً إنْ كَرِهَ منها خُلُقَاً رَضِيَ منها آخَرَ)) ، أو قالَ:((غَيْرَهُ)) . (4)

وعن عمرو بن الأحوص الجُشَميِّ (أنه سمع رسول الله (يقول في حَجَّةِ الوداع: ((ألا واستوصوا بالنساء خيراً فإنَّما هُنَّ عَوَانٍ عِندَكُمْ ليس تملكون منهنَّ شيئاً غير ذلكَ، إلَاّ أن يأتين بفاحشةٍ مُبَيِّنَةٍ، فإن فعلنَ فأهجروهنَّ في المضاجعِ، واضربوهنَّ ضرباً غيرَ مُبَرِحٍ، فإن أطعنكُم فلا تبغوا عليهنَّ سبيلاً، ألا إنَّ لكم على نسائكم حقاً، ولنسائكم عليكم حقاً، فحقُّكُمْ عليهنَّ ألَاّ يوطِئنَ فُرُشَكُم مَن تكرهونَ، ولايأْذَنَّ في بيوتِكمْ لمن تكرهون، ألا وحَقُهُنَّ عليكم أن تُحسنوا إليهِنَّ في كِسوتِهِنَّ وطعامهِنَّ.)) . (5) وعن معاوية ابن حَيدَةَ (قال: قلت: يارسول اللهِ ماحقُ زوجةِ أحدِنا عليهِ؟ قالَ: ((أنْ تُطْعِمَها إذا طَعِمْتَ وتكسوها إذا اكتَسيْتَ، ولاتضربِ الوجهَ، ولا تُقَبِّحْ، ولاتَهْجُرْ إلَاّ في البيتِ.)) . (6)

ص: 251

.. إنَّ الحديث عن اهتمام الإسلام بالمرأة طويل، ولقد أفرد معظم من ألّفَ في السنن، والمصنَّفات الحديثيَّةِ، أبواباً في عشرة النساء وملاطفة البناتِ، والإحسان إليهنَّ والشفقةِ عليهنَّ، والوصية بالنساء، ولولا خشية الإطالة، والخروجِ عن أصل بحثي هذا المتضمن العناية بالصنعة الحديثيَّةِ، لأطلت واسترسلت في شرح هذا الحديث المبارك.. ولكني أكتفي بهذه الإشارات سائلاً العليَّ القديرَ أن يلهمني الصواب في القول والعمل، إنه هو السميع العليم، وصلى الله على سيدِنا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم.

• • •

الخاتمة:

مما سبق يتضح مايلي:

* أهمية الأخلاق في حياة المسلم وأنَّ حُسن الأخلاق والمعاملة الطَّيِّيبة للآخرين دليل على سلامة عقيدة المسلم، وقوَّة إيمانه.

* إنَّ النِّظام الأخلاقيّ في الإسلام مستمدٌ من كتاب اللَّهِ تعالى، وسُنَّةِ نبيه (، ولا يجوز للمسلمِ أن يقتبس الأخلاق والسلوكَ مِن مصادرَ أُخرى.

* إنَّ المُصَنَّفات في مَجال التَّربية، والسّلوك عند المسلمين، ولا سيما المُحدِّثين منهم قد أخذت أنماطاً متعددة، فمنهم مَن صَنَّف في أخلاق النَّبيِّ (، ومنهم مَن صَنَّفَ في مكارم الأخلاق ومعاليها، ومنهم مَن ألَّفَ في مساوئ الأخلاق، ومنهم مَن صَنَّف في المحاسنِ والأضداد، وَمِنهم مَن صَنَّفَ في أخلاق الأتقياء والنَّجاة مِنَ الأشرار، ومنهم مَن كتبَ في أخلاقِ الملوك ومنهم مَن كَتَبَ في عِشرَة النِّساء، ومنهم مَن كتب عن خُلُقِ المُسْلِمِ، ناهيكَ عن كتبِ السُّلوكِ والآدابِ، والتَّرغيب والتَّرْهيبِ والتي لم يَخل منها عصر مِن العُصور.

* عناية المحدثين بهذا الحديث حيث تعددت المصادر التي أخرجته.

* تعدد طرق هذا الحديث، وأنّهُ قد بلغ مرتبة التواتر على اصطلاح بعض المُحَدِّثين.

ص: 252

* إنَّ دِراسة أسانيد هذا الحديث وطرقها والحُكم عليها يصلح أن يكون أنموذجاً يستفيد منهُ طلبة الحديث لدراسة فنّ التَّخريج ودراسة الأسانيد، والحُكم على الرُّواة.

الحواشي والتعليقات

(1)

طبع بتحقيق بدر البدر، دار ابن حزم (1415-1944م) .

(2)

ضبطه وعلق عليه مشهور حسن محمود سلمان، دار عمَّار (1408هـ -1988م) .

(3)

انظر: التأنيس بشرح منظومة الذهبي في أهل التَّدْليس: 55، قصيدة المقدسي في المدلِّسين: 38، التبيين لأسماء المدلِّسين، لسبط ابن العجمي: 55، تعريف أهل التقديس لابن حجر:106.

(4)

الثقات لابن حِبَّان: (7/386- 387) .

(5)

ميزان الاعتدال: 3/644.

(6)

انظر ترجمته ومصادرها في: تهذيب الكمال: (26/101- 108)، تهذيب التهذيب:(9/341 - 342) .

(7)

هذا الحديث لم يُذكر في ((الإحسان في تقريب صحيح ابن حِبَّان)) للأمير علاء الدين ابن بَلْبان الفارسي المتوفى سنة 739، وهذه فائدة نافعة.

(8)

انظر: ((تحفة الأشراف)) :11/440، برقم:(16195) .

(9)

جامع التِّرْمِذِيّ:5/9

(10)

التقريب: 304.

(11)

ميزان الاعتدال (2/425- 426) .

(12)

ص:65.

(13)

ص:39

(14)

انظر: الكفاية:384، التمهيد:1/15، إرشاد الطالبين:1/205، تعريف أهل التقديس:11، فتح المغيث:1/169 تدريب الراوي:1/224، توضيح الأفكار:1/347، التدليس في الحديث:(206-207) .

(15)

الجرح والتعديل:2/58

(16)

انظر: المراسيل:110، جامع التحصيل:257.

(17)

سير أعلام النبلاء:4/473.

(18)

تهذيب التهذيب:5/226

(19)

جامع التحصيل:257، برقم:362

ص: 253

وقد وضح مُسْلِم قاعدته في مقدمة صحيحه فقال: ((

أن القول الشائع عليه بين أهل العلم بالأخبار والروابات قديماً وحديثاً: أنَّ كل رجلٍ ثقة روى عن مثله حديثاً، وجائز ممكن له لقاؤه والسماع منه لكونهما جميعاً كانا في عصرواحد وإن لم يأت في خبرٍ قط أنهما اجتمعا ولا تشافها بكلام، فالروايةثابتة، والحجة بها لازمة إلَاّ أن يكون هنالك دلالة بيِّنة أنَّ هذا الراوي لم يلق مَن روى عنه، أو لم يسمع منه شيئاً، فأمَّا والأمر مبهم على الإمكان الذي فسَّرنا، فالرواية على السماع أبداً حتى تكون الدلالة التي بيَّنا....)) صحيح مُسْلِم:(1/29-30) ، فمُسْلِم رحمه الله تعالى يشترط المعاصرة مع إمكان اللقاء أو السماع، دون التحقق من وقوعه.. مادام الراوي ثقة، ولايُعرف أنه مدلس.

واشترط بعض المحدِّثين ثبوت السماع أو اللقاء في الجملة لا في كل حديث: منهم أبو عبد الله البُخَارِيّ، وعلي بن المديني، وغيرهما.

قال ابنُ رُشَيْدٍ: ((وهو الصحيح من مذاهب المحدثين الذي يعضده النظر، فلا يحُمل منه على الاتصال إلا ماكان بين متعاصِرَين يُعلم أنهما قد التقيا من دهرهما مرة فصاعداً، ومالم يعرف ذلك فلا تقوم الحجة منه إلا بما شُهد له لفظ السماع أو التحديث، أو ماأشبههما من الألفاظ الصريحة إذا أخبر بها العدل عن العدل....)) السنن الأبين: (31-32)، وانظر: معرفة علوم الحديث:34، والكفاية:291، والتمهيد:(1/12-13)، وعلوم الحديث لابن الصلاح:152، والنكت على ابن الصلاح لابن حجر: 2/584

ولعلَّ صنيع مُسْلِم رحمه الله تعالى في إيراده حديث أبي قلابة عن عائشة مقروناً، وكذلك إيراده للحديث من طرق أخرى يؤكد فيها صحة الحديث، وصحة سماع أبي قلابة عن عائشة، رضي الله عنها. والله تعالى أعلم.

ص: 254

(20)

مُسْلِم: 2/958، في الحج، باب استحباب بعث الهدي إلى الحرم لمن لايريد الذهاب بنفسه، واستحباب تقليده وفتل القلائد وأنَّ باعثه لايصير محرماً، ولايحرم عليه شيء بذلك: برقم: (363) ويلاحظ أنَّ الرواية هنا جعلها مُسْلِم من المتابعات، كما أنه قرن أبا قلابة مع القاسم، كما كرر الرواية عن الأسود، عن عائشة، مُسْلِم:(2/958-959) .

(21)

وهو ((الحافظ، المحدِّث، الثقة، أبو عبد الله، محمدُ بن أيوب بن يحيى بن ضُريس، البجليُّ الرازيُّ. توفِّي سنة أربعٍ وتسعين ومائتين بالرَّي.)) .

ترجمته في: الجرح والتعديل: 7/198، سير أعلام النبلاء: 13/449، تذكرة الحفاظ: 2/643، شذرات الذهب: 2/216.

(22)

انظر ترجمة (أفلح بن حُميد بن نافع الأنصاري) في تهذيب الكمال:3/321

(23)

من روى عن أبيه، عن جده:(354-355) .

(24)

ترجمته ومصادرها في: تهذيب الكمال: (19/223-225) .

(25)

تهذيب التهذيب: (8/148-149) .

(26)

جاء قي حاشية ((مجمع الزوائد)) :1/58 ((أبو أيوب هذا هو سليمان بن بلال مدني ثقة مشهور، والحديث صحيح)) .

(27)

كذا في الأصل، وصوابه ((عمر بن حفص)) ، كما ورد اسمه في عدد من الأحاديث في كتاب ((الدعاء)) للطبراني، وقال الخطيب البغدادي في ((تاريخ بغداد)) :(11/216-217)((عمر بن حفص، أبو بكر السدوسيُّ.. كان ثقة.. مات سنة ثلاثٍ وتسعين - ومائتين -) .

(28)

(قال ابن أبي حاتمٍ: سألت أبي سمع الحسن من جابر؟ قال: ماأرى، ولكن هشام بن حسان يقول عن الحسن:ثنا جابر، وأنا أنكر هذا، إنما الحسن عن جابر كتاب، مع أنَّه أدرك == == جابراُ..)، انظر: تهذيب التهذيب: 2/267، وهنالك عدد كبير من المحدثين أجازوا الوجادة، (وعن الشافعي، وطائفة من نُظَّار أصحابه جوازه، وقطع بعض المحقيقين من الشافعيين بوجوب العمل بها عند حصول الثقة.

ص: 255

انظر: علوم الحديث، ومحاسن الاصطلاح: 292، المحدِّث الفاصل:(287، 500)، معرفة علوم الحديث:110 فتح المغيث: 2/135، شرح الكوكب المنير:2/526، 527، جمع الجوامع:2/105، توثيق النصوص وضبطها عند المحدِّثين:(49-53) .

(29)

ترجمته في: الجرح: 4/203 قال ابن أبي حاتم ((محله الصدق، لابأس به.)) ، ثقات ابن حِبَّان: 9/285، الأنساب:(10/216- 217)(القَلْزُم)، وعند ياقوت في معجم البلدان:4/156 (القُلْزُم) بضم القاف.

(30)

سلسلة الأحاديث الصحيحة: 2/389، برقم:751.

(31)

ولعلَّ من المفيد أن يراجع نص الحديث ليتمكن الباحث من المقارنة بين ألفاظه في المصادر التي أخرجته، ونص الحديث: عن أبي ذرٍّ قال: ((دخلت المَسجدَ، فإذا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، جالسٌ وحدَهُ. قال: ((ياأبا ذَرٍّ إنَّ للمسجِدِ تحيَّةً، وإنَّ تحيتَهُ رَكعَتانِ فقُمْ فاركَعهُما)) . قال: فقمت، فركعتهما، ثم عُدتُ فجلست إليه، فقلت: يارسول الله، إنك أمرتني بالصلاةِ، فما الصلاةُ؟ قالَ:((خيرُ موضوع، استكثر أو اسْتَقِلَّ)) قال: قلتُ: يارسولَ الله، أيُّ العملِ أفضلُ؟ قال:((إيمانٌ بالله، وجهادٌ في سبيل اللهِ)) . قال: قلتُ: يارسول اللهِ، فأيُّ المؤمنينَ أكملُ إيماناً؟ قال:((أَحْسَنُهُمْ خُلُقَاً)) . انظر نص الحديث بطوله في ((الإحسان)) : (2/76-79)، برقم:(361) .

(32)

ترجمته في الجرح والتعديل: (2/142- 143)، الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي:1/59، برقم:(133)، ميزان الاعتدال:(1/72-73)، و:4/378، لسان الميزان:(1/122-123) .

(33)

قلت: ذَكر الذَّهبيُّ في ((ميزان الاعتدال)) : 4/533 (أبو سُليمان الفِلِسْطينيُّ، عن القاسم بن محمد، وعنه إسماعيل بن أبي زياد) .

قال البخاري: حديث طويل منكر في القصص.

قلت: (رواه عنه الماضي بن محمد.) .

ص: 256

.. قلت: لم يذكر الحافظ المزي في ((تهذيب الكمال)) ، ولا الحافظ ابن حجر في ((تهذيب التهذيب)) ، أنَّ علي بن سليمان، يُكنى بأبي سليمان، ولم يذكروا أنَّهُ فلسطيني، وجاء في ترجمته: كما في ((تهذيب الكمال)) : 20/454 (يُقال: إنَّهُ دمشقيّ صار إلى مصر.) ، كما أنَّ أبا سليمان الفلسطيني، لم يذكر في رجال ابن ماجه، فلعله هو نفسه، أو أنَّه من المُتَّفق والمفترق. واللَّهُ تعالى أعلم.

(34)

في الكامل ((يحيى بن سعد)) وفي المجروحين ((يحيى بن سعيد)) ، وقال ابن حجرٍ:((ورجح ابن عدي أنه ابن سعد وليس سعيد.)) لسان الميزان:6/257.

(35)

ترجمته في: ميزان الاعتدال: 1/119، لسان الميزان:(1/220-221)

(36)

ابن ماجه:2/934 في الجهاد، باب القتال في شسبيل الله سبحانه وتعالى، برقم:(2794) .

(37)

انظر: (الورقة:287ب)

(38)

انظر ترجمة سفيان بن وكيع في: ((تهذيب التهذيب)) : (4/123-125) .

(39)

1/588، وانظر: تهذيب التهذيب:3/3

(40)

طبقات ابن سعد:6/395

(41)

انظر: ((التَّدْليس في الحديث)) للدكتور مسفر بن غرم الله الدميني: (259-260) .

(42)

وقوله: محاسنكم: قال السِّنديُّ: جمع مَحسن بفتح الميم، وهذا لأنَّ القرب بقدر المناسبة، وهو صلى الله عليه وسلم معلوم بحُسن الخُلُقٍ، فيكون القرب إليه بذلك، والبعد عنه بخلافه.

وقوله: الثَّرثارون: هم الذين يُكثرون الكلام تكلفاً وخروجاً عن الحقِّ، والثرثرة: كثرة الكلام وترديده.

وقوله: المتفيقهون: أي الذين يتوسعون في الكلام ويفتحون به أفواههم، مِنَ الفَهْقِ: وهو الامتلاء والاتساع، بلا احتياط، قيل: أراد به المستهزئ بالنَّاسِ، وقيل: هم الذين يتكلمون مِلء أفواههم تفاصحاً وتعظيماً لنطقهم.

وقوله: المتشدقون: هم المتوسعون في الكلام.

انظر: النهاية لابن الأثير: 2/353 (شدق) ، و3/483 (فَهق) .

(43)

الموطَّؤنَ أكنافاً: هم الذينَ جوانبهم وطيئة مذللة يتمكن فيها مَن يُصاحبهم ولا يتأذى.

ص: 257

(44)

المصباح المنير:1/189، مجمل اللغة:1/300، لسان العرب، مادة (خلق)، المعجم الوسيط:1/252

(45)

إحياء علوم الدين:3/46، التعريفات للجرجاني:101

(46)

أخرجه مالك، برقم:(8)، والبخاري في ((الأدب المفرد)) :(ص:4)، والحاكم في ((المستدرك)) : 2/613 وصححه. من حديث أبي هريرة.

(47)

سيأتي تخريجه بالتفصيل، وكافة الأحاديث التي في هذه المقدمة والتي سيأتي تخريجها سوف لن أخرجها في هذا الموضع.

(48)

أخرجه أحمد: 4/309، والحميدي (899) ، والترمذي (889) و (890) ، وأبو داود (1949)، والحاكم: 1/464 وصححه من حديث عبد الرحمن بن يعمر الدِّيْلِيِّ.

(49)

أخرجه البيهقي، والطبراني، من حديث أبي هريرة، كنز العمال: 9/186 (25615) .

(50)

أخرجه أبو يعلى في ((المسند)) : 1/243، و1/249، والطيالسي: 1/656، وأحمد: 1/403، وصححه ابن حبان، كما في الإحسان: 3/239 (959)، من حديث ابن مسعود رضي الله عنه. قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) : 10/173: رواه أحمد، وأبو يعلى، ورجالهما رجال الصحيح، غير عوسجة بن الرماح، وهو ثقة.

(51)

أخرجه أحمد: 1/102، من حديث عليٍّ رضي الله عنه.

(52)

سورة القلم، الآية:4.

(53)

أصول الدعوة للدكتور عبد الكريم زيدان: (81 -82) .

(54)

العنكبوت، الآية:45

(55)

التوبة الآية:103

(56)

البقرة الآية:183

(57)

البقرة الآية: 197

(58)

مسند أحمد:2/381، ومالك في ((الموطأ)) :2/902، وهو حسن بمجموع طرقه.

(59)

انظر مقدمة كتاب ((خلق المسلم)) للشيخ محمد الغزالي رحمه الله تبارك وتعالى.

(60)

سورة الأعراف الآية: 199.

(61)

سورة النحل الآية: 90.

(62)

سورة لقمان الآية: 17.

(63)

سورة الشورى الآية: 43.

(64)

سورة المائدة الآية: 13.

(65)

سورة النور الآية: 22.

(66)

سورة فصلت الآية: 34.

(67)

سورة آل عمران الآية: 134.

(68)

سورة الحجرات الآية: 12.

(69)

سورة العصر الآية: (1-3) .

(70)

أخرجه مسلم.

ص: 258

(71)

إحياء علوم الدين: 2/389-393، وقد قام الإمام العراقي رحمه الله تعالى بتخريج هذه الأحاديث والحكم عليها، ولا يتسع المجال لذكر هذه التخريجات.

(72)

النساء آية:19

(73)

متفق عليه.

(74)

أخرجه مسلم، برقم:(1469) ، من رواية أبي هريرة، وقوله:((يَفْرِكْ)) أي يَبْغِض.

(75)

أخرجه الترمذي، برقم:(1163)، وقال: حديث حسن صحيح.

(76)

أخرجه أحمد:4/446،447،و5/3، وأبو داود، برقم:(2142) ، وابن ماجه، برقم:(1850) ، وإسناده حسن.

المصادر والمراجع

الآحاد والمثاني: للإمام أبي بكر أحمد بن عمرو بن الضحاك الشيباني، المعروف بابن أبي عاصم (ت287هـ) تحقيق الدكتور باسم فيصل أحمد الجوابرة، دار الراية، الرياض، الطبعة الأولى (1411هـ-1991م) .

الآداب: للإمام أحمد بن الحسين البيهقي (ت458هـ) ، تحقيق محمد عبد القادر عطا، نشر دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى (1406هـ- 1986م) .

الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان: للإمام أبي الحسن علي ابن بَلبان الفارسي (ت 739هـ) ، تحقيق وتخريج الأستاذ شعيب الأرناؤط، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى (1408هـ -1988م) .

إحياء علوم الدِّين: للإمام أبي حامد محمد بن محمد بن محمد الغزَّالي (ت405هـ) ، طبع مصطفى البابي الحلبي مصر، الطبعة الأولى، (1358هـ-1939م) .

أخلاق النبيِّ صلى الله عليه وسلم: لأبي محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان الأصبهاني، المعروف بأبي الشيخ (ت369هـ) ، تحقيق أحمد محمد مرسي، مكتبة النهضة العربية، القاهرة 1972م.

الأدب المفرد: للإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاريِّ (ت256هـ) ، نشره قصي محب الدين الخطيب الطبعة الثانية القاهرة 1379هـ

أصول الدعوة: تأليف الدكتور عبد الكريم زيدان، مكتبة القدس، ودار الوفاء، الطبعة الخامسة (1412هـ-1992م) .

الإيمان: للإمام أبي بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة (ت235هـ) ، تحقيق الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، دار الأرقم، الكويت.

ص: 259

بدائع المنن في جمع وترتيب مسند الشافعي والسنن: لأحمد ابن عبد الرحمن البنا الساعاتي (ت1377هـ) ، دار الأنوار للطباعة، القاهرة، الطبعة الأولى (1369-1950) .

التاريخ الكبير: للإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري (ت256هـ) ، تحقيق مجموعة من العلماء، نشرته دار المعارف العثمانية بالهند سنة1360هـ، صورته دار الكتب العلمية بيروت.

التأنيس بشرح منظومة الذهبي في أهل التدليس: للشيخ عبد العزيز الغماري، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى (1404هـ) .

التبيين لأسماء المدلِّسين: للإمام برهان الدين بن محمد، المعروف بسِبْط ابن العجمي (ت841هـ) ، تحقيق يحيى شفيق، دار الكتب العلمية بيروت.

تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف: للإمام أبي الحجَّاج يوسف ابن عبد الرحمن المزِّيِّ (ت742هـ) ، تحقيق عبد الصمد شرف الدين، الدار القيمة، الهند، الطبعة الأولى (1384هـ-1965م) .

تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي: لجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (ت911هـ) ، تحقيق عبد الوهَّاب عبد اللطيف، دار الكتب الحديثة، القاهرة، الطبعة الثانية (1385هـ-1966م) .

تعريف أهل التقديس: للإمام أحمد بن علي ابن حجر العسقلاني (ت852 هـ) ، تحقيق الدكتور عبد الغفار البغدادي والأستاذ محمد أحمد عبد العزيز، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى (1405هـ) .

تعظيم قَدْر الصلاة: للإمام أبي عبد الله محمد بن نصر بن الحجَّاج المروزيَّ، تحقيق الدكتور عبد الرحمن بن عبد الجبار الفريوائي، مكتبة الدار بالمدينة المنورة، الطبعة الأولى (1406هـ) .

تقريب التهذيب: للإمام أحمد بن علي ابن حجر العسقلاني (ت852هـ) ، تحقيق محمد عوامة، دار الرشيد، سوريا حلب، الطبعة الأولى 1406هـ.

تهذيب التهذيب: للإمام أحمد بن علي ابن حجر العسقلاني (ت852هـ) ، دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد الدكن 1325هـ.

ص: 260

تهذيب الكمال: للإمام أبي الحجاج يوسف بن عبد الرحمن المزِّيِّ (ت742هـ) ، تحقيق الدكتور بشار عواد معروف طبع مؤسسة الرسالة، بيروت الطبعة الثانية 1403هـ.

جامع التحصيل في أحكام المراسيل: للإمام صلاح الدين أبي سعيدٍ خليل بن كَيْكَلْدي العلائي (ت761هـ) ، تحقيق الشيخ حمدي عبد المجيد السلفي، الطبعة الأولى (1398هـ-1978م) طبع وزارة الأوقاف العراقية.

الجامع: للإمام أبي عيسى محمد بن عيسى بن سَوْرَةَ الترمذي (ت279هـ) ، حققه أحمد شاكر، وآخرون، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، وأولاده، مصر، الطبعة الأولى 1356هـ.

الجرح والتعديل: للإمام أبي محمد عبد الرحمن بن محمد بن إدريس ابن المنذر الشافعيِّ المعروف بابن أبي حاتم (ت327هـ) ، دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد الدكن، الهند، الطبعة الأولى (1371هـ-1952م) .

حلية الأولياء وزينة الأصفياء: للإمام أبي نُعَيْم أحمد بن عبد الله الأصفهانيِّ (ت430هـ) ، مطبعة الخانجي، مصر الطبعة الأولى (1352هـ-1933م) .

خُلُق المسلم: للشيخ محمد الغزالي دار القلم، دمشق، الطبعة الرابعة (1403هـ-1983م) .

خير الكلام قي القراءة خلف الإمام: للإمام أبي عبد الله محمد ابن إسماعيل البخاري (ت256هـ) ، مكتبة الإيمان، المدينة المنورة، الطبعة الثانية (1405هـ -1985م) .

دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة: للإمام أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي (ت458هـ) ، تحقيق الدكتور عبد المعطي قلعجي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى (1405هـ-1985م) .

الزهد: للإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني البغدادي (ت241هـ) ، دار الكتب العلمية، بيروت الطبعة الأولى (1403هـ-1983م) .

الزهد: للإمام أبي داود سليمان بن الأشعث السِّجِستاني (ت275هـ) ، تحقيق ضياء الحسن السلفي، الدار السلفية الهند الطبعة الأولى (1413هـ-1992م) .

ص: 261

الزهد: للإمام عبد الله بن المبارك المروزيِّ (ت181هـ) ، تحقيق الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي، دار الكتب العلمية بيروت.

الزهد: للإمام هنَّاد بن السري الكوفيِّ التميميِّ (ت243هـ) ، تحقيق عبد الرحمن بن عبد الجبار الفريوائي، دار الخلفاء للكتاب الإسلامي، الكويت، الطبعة الأولى (1406هـ-1985م) .

الزهد: للإمام وكيع بن الجرَّاح (197هـ) ، تحقيق عبد الرحمن ابن عبد الجبار الفريوائي، مكتبة الدار المدينة المنورة، الطبعة الأولى (1404هـ-1984م) .

سلسلة الأحاديث الصحيحة: للشيخ محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الرابعة (1405هـ-1985م) .

سلسلة الأحاديث الضعيفة: للمحدِّث محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت.

السنن: للإمام أبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن الفضل بن بَهرام الدارمي التَّميميِّ (ت255هـ) ، بعناية أحمد محمد دهمان دار الكتب العلمية، بيروت.

السنن: للإمام أبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن الفضل بن بَهرام الدارمي التَّميميِّ (ت255هـ) ، تحقيق السيد عبد الله هاشم يماني المدني، حديث أكاديمي، باكستان (1404هـ-1984م) .

السنن: للإمام أبي عبد الله محمد بن يزيد القَزويني، المعروف بابن ماجه (ت275هـ) ، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياءالكتب العربية (1372هـ-1952م) .

السنن: للإمام أبي داود سليمان بن الأشعث السِّجِسْتانيِّ (275هـ) ، تعليق عزت، وعادل السيد، الطبعة الأولى (1388هـ) ، نشر محمد علي السيد، حمص، سوريا.

السنن: للإمام أبي الحسن علي بن عمر الدَّارَقُطْنيِّ البغدادي، (ت385هـ) ، تصحيح عبد الله هاشم يماني، دار المحاسن للطباعة القاهرة 1386هـ.

السنن: للإمام أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي النَّسائي (ت303هـ) ، دار الفكر، بيروت، الطبعة الأولى (1346هـ-1930م) .

السنن الكبرى: للإمام أبي بكر أحمد بن الحسين بن عليٍّ البيهقيِّ (ت458هـ) ، مجلس دائرة المعارف العثمانية، الهند.

ص: 262

السُّنَّة: للإمام أبي بكر أحمد بن عمرو بن الضحَّاك بن مَخْلَدٍ الشيباني، المعروف بابن أبي عاصم (ت287هـ) تحقيق الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الثانية (1405هـ-1985م) .

سير أعلام النبلاء: للإمام أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (748هـ) ، تحقيق مجموعة من الأساتذة، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الأولى (1402هـ-1982م) .

شرح السُّنَّة: للإمام أبي محمد الحسين بن مسعود الفراء البغويِّ (ت516هـ) ، تحقيق شعيب الأرناؤط، وزهير شاويش، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الأولى (1394هـ-1974م) .

شرح مشكل الآثار: للإمام أبي جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي (ت321هـ) ، تحقيق شعيب الأرناؤط، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الأولى (1415هـ1994م) .

شرح معاني الآثار: للإمام أبي جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي (ت321هـ) ، تحقيق محمد زهدي النجار، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى (1403هـ -1987م) .

الشريعة: للإمام أبي بكر محمد بن الحسين الآجُّرِّيِّ (ت360هـ) ، تحقيق محمد حامد الفقي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى (1403هـ-1983م) .

شعب الإيمان: للإمام أحمد بن الحسين البيهقي (ت458هـ) ، تحقيق محمد السعيد بن بسيوني زغلول، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى (1410هـ- 1990م) .

الشمائل المحمَّديَّة: للإمام أبي عيسى محمد بن عيسى ابن سَوْرَةَ الترمذي (ت279هـ) ، حققه عزت عبيد الدعاس، دار الندوة الجديدة، بيروت (1406-1985م) .

صحيح ابن خُزَيمة: لأبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة السُّلَميِّ النَّيسابوريِّ (ت311هـ) ، تحقيق الدكتور محمد مصطفى الأعظمي، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الأولى (1399هـ-1979م) .

صحيح أبي عوانة: للإمام أبي عوانة يعقوب بن إسحاق الإسفراييني (ت316هـ) ، مطبعة دائرة المعارف العثمانية، الهند، الطبعة الأولى (1362هـ-1942م) .

ص: 263

صحيح مسلم: للإمام أبي الحسن مُسْلِم بن الحَجَّاج بن مُسْلِمٍ القُشَيريِّ النَّيْسَابوريِّ (ت261هـ) ، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء الكتب العربية، الطبعة الأولى (1374هـ-1955م) .

الضعفاء الصغير: للإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاريِّ (ت256هـ) ، تحقيق محمود إبراهيم زايد، دار الوعي، حلب، الطبعة الأولى 1396هـ. وينظر طبعة بوران الضَّنَّاوي.

الضعفاء الكبير: للإمام أبي جعفر محمد بن عمرو بن موسى بن حماد العُقيلي (ت322هـ) ، تحقيق الدكتور عبد المعطي قلعجي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى (1404هـ-1984م) .

علل الحديث: للإمام أبي محمد عبد الرحمن بن محمد بن إدريس بن المنذر الشافعيّ ِ، المعروف بابن أبي حاتم (ت327هـ) ، تحقيق محب الدين الخطيب، دار المعرفة، بيروت، (1405هـ-1985م) .

عمل اليوم والليلة: للإمام أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن عليٍّ النَّسائي (ت303هـ) ، تحقيق الدكتور فاروق حمادة، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الثانية (1406هـ-1985م) .

عمل اليوم والليلة: للإمام أبي بكرٍ أحمد بن محمد بن إسحاق الدِّينَوَرِيِّ، المعروف بابن السُنِّيِّ (ت364هـ) ، تحقيق بشير محمد عيون، مكتبة دار البيان، دمشق، الطبعة الأولى (1407هـ-1987م) .

فتح الباري شرح صحيح البخاري: للإمام أبي الفضل أحمد ابن عليِّ ابن حجر العسقلاني (ت852هـ) ، طبع المطبعة السلفية، بمصر.

فتح المغيث شرح ألفية الحديث: للإمام أبي الخير محمد بن عبد الرحمن بن محمد السخاوي (ت902هـ) ، تحقيق عبد الرحمن بن محمد ابن عثمان، المكتبة السلفية، بالمدينة المنورة، الطبعة الثانية (1388هـ-1968م) .

الكاشف في معرفة مَن له رواية في الكتب الستة: للإمام أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت748هـ) ، تحقيق عزت علي عيد عطية، وموسى محمد علي الموسى، دار الكتب الحديثة، القاهرة، الطبعة الأولى (1392هـ-1972م) .

ص: 264

الكامل في ضعفاء الرجال: للإمام أبي أحمد عبد الله بن عَدي الجرجانيِّ (ت365هـ) ، تحقيق لجنة من المختصين، دار الفكر، بيروت، الطبعة الأولى (1404هـ-1984م) .

كشف الأستار عن زوائد البزَّار: للإمام نور الدين أبي الحسن علي بن أبي بكر الهيثمي (ت807هـ) ، تحقيق الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الثانية (1404هـ-1984م) .

كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال: للبرهان فوري علاء الدين علي التقي بن حسام الدين (ت975هـ) ، تحقيق حسن رزوق، وآخرون، مؤسسة الرسالة، الطبعة الخامسة (1401هـ-1981م) .

لسان العرب: لجمال الدين محمد بن مكرم، المعروف بابن منظور (ت771هـ) ، دار صادر بيروت.

لسان الميزان: للإمام أبي الفضل أحمد بن علي ابن حجر (ت852هـ) ، مجلس دائرة المعارف النظامية الهند، الطبعة الأولى 1331هـ.

المجروحين من المحدِّثين والمتروكين: للإمام أبي حاتم محمد بن حِبَّان بن معاذ البُسْتيِّ التميميّ (ت354هـ) تحقيق محمود إبراهيم زايد، دار الوعي، حلب، الطبعة الأولى (1395هـ-1975م) .

مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: للإمام أبي الحسن علي بن أبي بكر بن عمر الهيثميِّ (ت807 هـ) ، دار الكتاب العربي، بيروت الطبعة الثانية 1967م.

المراسيل: للإمام أبي داود سليمان بن الأشعث السِّجِستانيِّ (275هـ) ، تحقيق الأستاذ شعيب الأرناؤط، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى (1408هـ-1988م) .

المراسيل: للإمام أبي محمد عبد الرحمن بن محمد بن إدريس الشافعيِّ المعروف بابن أبي حاتم (ت327هـ) ، بعناية شكر الله بن نعمة الله قوجاني، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى 1397هـ.

المستدرك على الصحيحين: للإمام أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن حمدويه، المعروف بالحاكم النيسابوري (ت405هـ) ، دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد، الهند.

المسند: للإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني (ت241هـ) ، المكتب الإسلامي، ودار صادر بيروت، الطبعة ألأولى 1398هـ.

ص: 265

المسند: للإمام أبي يعلى أحمد بن عليِّ بن المثنى الموصليِّ (ت307هـ) ، تحقيق الأستاذ حسين أسد، دار المأمون للتراث، دمشق، وبيروت، الطبعة الأولى (1404هـ-1984م) .

المسند: للإمام أبي بكر عبد الله بن الزبير الحُميديِّ (ت219هـ) ، تحقيق الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي، المكتبة السلفية، المدينة المنورة.

المسند: للإمام أبي عبد الله محمد بن إدريس بن العباس الشافعي (ت204هـ) ، رتبه على الأبواب محمد بن عابد السندي (ت1257هـ) ، حققه يوسف علي الزواوي، وعزت العطار، دار الكتب العلمية، بيروت (1370هـ-1951م) .

مسند الشهاب: للإمام أبي عبد الله محمد بن سلامة القضاعي (ت454هـ) ، تحقيق حمدي عبد المجيد السَّلفي، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الأولى (1405هـ-1985م) .

مسند الطيالسي: للإمام أبي داود سليمان بن داود بن الجارود الفارسي (ت 204هـ) ، دار المعرفة، بيروت.

مصباح الزجاجة في زوائد بن ماجه: لشهاب الدين أحمد بن أبي بكر الكِنانيِّ البوصيريِّ (ت840هـ) ، تحقيق كمال يوسف الحوت، مؤسسة الكتب الثقافية، دار الجنان، بيروت، الطبعة الأولى (1406هـ -1986م) .

المصنَّف: للإمام أبي بكر عبد الله بن محمد بن إبراهيم، المعروف بابن أبي شيبة العبسيِّ (ت235هـ) ، بإشراف مختار أحمد الندوي، الدار السلفية، بومباي، الهند.

المصنف: لعبد الرزاق بن همام الصنعاني (ت211هـ) ، تحقيق الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي، المكتب الإسلامي بيروت، الطبعة الثانية (1403هـ-1983م) .

المعجم الأوسط: للإمام أبي القاسم سليمان بن أحمد الطبرانيِّ (ت360هـ) : تحقيق الدكتور محمود الطحان، مكتبة المعارف، الرياض، الطبعة الأولى 1405هـ.

المعجم الصغير: للإمام أبي القاسم سليمان بن أحمد الطبرانيِّ (ت360هـ) ، دار الكتب العلمية بيروت (1403هـ-1983م) .

ص: 266

المعجم الكبير: للإمام أبي القاسم سليمان بن أحمد الطبرانيِّ (ت360هـ) ، تحقيق حمدي عبد المجيد السلفي، طبع وزارة الأوقاف العراقية، الطبعة الثانية، مزيدة ومنقحة.

المنتخب من المسند: للإمام أبي محمد عبد بن حُميد بن نصر الكسِّيِّ (ت249هـ) ، تحقيق صبحي السامرَّائي ومحمود محمد خليل الصعيدي، مكتبة السنة، القاهرة، الطبعة الأولى (1408هـ-1988م) .

الموطأ: للإمام أبي عبد الله مالك بن أنس بن أبي عامر الأصبحي (ت179هـ) ، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة (1370هـ-1951م) .

ميزان الاعتدال في نقد الرجال: للإمام أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت748هـ) ، تحقيق علي محمد البجاوي، دارالمعرفة، بيروت، الطبعة الأولى (1382هـ-1963م) .

نصب الراية لأحاديث الهداية: للإمام جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي (ت762هـ) ، المجلس العلمي الهند، مطبعة دار المأمون، دمشق (1357هـ-1938م) .

النهاية في غريب الحديث والأثر: لمجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد، المعروف بابن الأثير الجَزَرِيِّ (ت606هـ) ، تحقيق طاهر أحمد الزاوي، ومحمود محمد الطناحي، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة.

ص: 267