المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌صفة الرضا بين الإثبات والتعطيلوأثر الإيمان بها في حياة المسلم - مجلة جامعة أم القرى ١٩ - ٢٤ - جـ ٣

[مجموعة من المؤلفين]

الفصل: ‌صفة الرضا بين الإثبات والتعطيلوأثر الإيمان بها في حياة المسلم

‌صفة الرضا بين الإثبات والتعطيل

وأثر الإيمان بها في حياة المسلم

د. سالم بن محمد القرني

الأستاذ المشارك بكلية الشريعة وأصول الدين - جامعة الملك خالد

ملخص البحث

اشتمل البحث على: مقدمة: فيها أهميته، وسبب اختياره، والخطة التي سرتُ عليها فيه.

ثُمَّ تسعة مباحث؛ بينت في الأول معنى الرضا في اللغة والشرع.

وفي الثاني: قاعدة جامعة في إثبات الأسماء والصفات، والأسس التي يقوم عليها هذا التوحيد عند السلف، رحمه الله

وفي الثالث: ذكرت الأدلة على إثبات صفة الرضا لله - تعالى -، من القرآن، والسنة، والأثر، ودلالة العقل عليها

وفي الرابع: بينت اعتقاد السلف - أهل السنة والجماعة - في صفة الرضا.

وفي الخامس: بينت أن صفة الرضا ذاتية لاتنفك عن الله - تعالى -، وفعلية اختيارية، تتعلق بمشيئته وإرادته.

وفي السادس: أن صفة الرضا لله غير مخلوقة، وأن من قال إنها مخلوقة فقد خالف الحق والصواب.

وفي السابع: ناقشت المخالفين لدلالة القرآن والسنة والأثر والعقل في صفة الرضا، من الجهمية، والمعتزلة ومن وافقهم، ورددت قولهم في أنها مخلوقة منفصلة عن الله.

وقول الكلابية وموافقيهم من السالمية، في زعمهم أنها صفة ذات لا صفة فعل، وأنها لولا كانت صفة فعل لكانت مخلوقة.

كما بينت الجواب عن شبهة التجسيم، وذكرت الردود العامة على من نفى صفة الرضا عن الله - تعالى -.

وفي الثامن: أوضحت أثر الإيمان بصفة الرضا في حياة المسلم، وثمرته، ومنزلته، وفضله، وما يترتب على ذلك في الآخرة من التنعم برضا الله - تعالى -، وأنه أكبر من كل نعيم، وأن أثره في القبول أكبر من كل أثر.

وفي التاسع: ذكرتُ بعض أسباب تحقق الرضا للمؤمن من الحمد، والشكر، والشوق إلى لقاء الله، والمبادرة إلى طاعاته، وإن اكتنفها مشقة، وخوف، أو نحو ذلك.

ثُمَّ ختمتُ البحث بذكر نتائجه على وجه الاختصار.

والله الموفق،،،

• • •

المقدمة:

ص: 295

إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد ألا إله إلَاّ الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً - أمَّا بعد:

فلقد امتن الله عزّوجلّ على عباده أعظم منة، فأرسل إليهم رسلاً مبشرين ومنذرين، تلوا عليهم آياته، وبصروهم بسبل مرضاته، وكان خاتمهم وآخرهم وسيدهم ولا فخر محمد (الذي هدى أمته إلى الصراط المستقيم الذي لا عوج فيها فلم يكن للعباد غنية عن هذه النعمة؛ لأنهم لولاها لوكلوا إلى عقولهم وأهوائهم، فضلوا وأضلوا، وما أمكن أحد من الخلق أن يعلم التحريم من التحليل، ولا الغيب من الشهادة، ولا عرف ثواباً ولا عقاباً، ولا بعثاً ولا حساباً، ولا تميز حق من باطل ولا كفر من إيمان ولا عبادة لإبليس من عبادة الرحمن فيكون الخلق عبثاً لا حكمة وراءه ولا معنى وهذا ما يتنزه عنه الحكيم الخبير {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ، فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} (1) .

فلم يدع العليم الخبير تقويم السلوك لعقل الإنسان المجرد وإنَّما جعله أداة يعقل بها مراده به سبحانه وتعالى فهو تبع لوحي الله وتشريعه، ليس له حق الابتداء على الخالق، وإنشاء الأحكام والتشريع.

فكانت أمة محمد (- أتباعه وأصحابه ومن سار على نهجه - خير أمة في عقيدتها وسلوكها وتفكيرها، في عملها وأدائها لواجباتها، في ترابطها وتضامنها، في انضباطها وأمنها، وتسليمها لأمر الله وسنة نبيه محمد (، فأسست بنيانها على تقوى من الله.

ص: 296

{أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في دار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين} (1) ، {أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله ومأواه جهنم وبئس المصير} (2) .

عرفت أمة محمد – (- ربها بأسمائه وصفاته وأفعاله، بتعليم ربها سبحانه ومعلمها وهاديها ونبيها عليه الصلاة والسلام. ثُمَّ عملت بأمره واجتنبت نهيه، فكانت خير أمة أخرجت للناس: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْء َامَنَ أَهْلُ الْكتابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} (3) .

إن الفلاح كل الفلاح معرفة الله بأسمائه وصفاته، وتوحيده وحده لا شريك له في عبادته ولا في ملكه ولا في أمره له الخلق وحده، وله الأمر وحده، فله العبادة وحده.

وبهذا تكون النجاة من الهلاك والضياع والدمار المادي والمعنوي.

ولقد علق ربنا سبحانه وتعالى فلاح العباد وفوزهم بطاعة الرسول – (-: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَي اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولائِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولائِكَ هُمُ الْفَآئِزُونَ} (4) .

ص: 297

عرفوا الله واتبعوا أمره؛ يبتغون بذلك رضوانه، فكانوا مثلاً يحتذى به، وقدوة صالحة لكل الأمم قبلهم وبعدهم:{مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّآءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْئَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمَا} (1) .

أمَّا من خالف سنة المصطفى - (- في القول والفعل، فيما يعقل ويعلم، وفيما يعمل؛ فإنه لا حياة له في الدنياعلى الحقيقة، ومآله في الآخرة الإهانة والفضيحة: {وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ} (2) ، {وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِينًا} (3) ، {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى، قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا، قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَءَايَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى} (4) .

فهما طريقان لا ثالث لهما: اتباع للرسول وطاعته، أو اتباع للهوى، فمن لم يتبع الرسول اتبع الهوى ولابد:{وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ} (5) ، فاتباع محض العقول دون ماجاء به الرسول اتباع للهوى وعدول عن الصراط المستقيم.

ص: 298

{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (1)

فالصراط المستقيم واحد، والحيد عنه يكون إلى سبل متشعبة ترجع إلى اتباع الهوى باتباع الشيطان ولقد صور ذلك رسول الله - (- فيما رواه عنه ابن مسعود رضي الله عنه قال: خط لنا رسول الله - (- خطاً، ثُمَّ قال: {هذا سبيل الله} ثُمَّ خط خطوطاً عن يمينه وعن شماله، ثُمَّ قال: {هذه سبل متفرقة، على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه} ثُمَّ قرأ: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ} (2)(3) .

وكان الصحابة والتابعون والسلف الصالح على منهج الهدى واتباع الرسول - (-.

ثُمَّ خلف من بعدهم خلف لم يقنعوا بوحي الله وتشريعه، ورأوا أن هناك حاجة إلى ما زعموا من تصحيح وزيادة وحذف فأعملوا عقولهم، وأخضعوا الوحي لها، فتشعبت السبل بالناس، ووقع ما خاف من وقوعه النبي - (- كما قال:{إنَّما أخاف على أمتي الأئمة المضلين} (4) .

وكما قال: {إن مِمَّا أخشى عليكم شهوات الغي في بطونكم وفروجكم ومضلات الهوى} (5) .

فوقع الاختلاف، وحصل الجدل بالباطل، وزين ذلك إبليس في أعين كثير من الناس، وحسبوه عين العقل والاستقامة.

ولما كانت مسائل الأسماء والصفات من أعظم مطالب الدين، وأشرف علوم الأولين والآخرين، وأدقها في عقول أكثر العالمين - كان من أعظم ما حصل فيه الاختلاف ما أحدثته المبتدعة من الخوض في ذات الله وأسمائه وصفاته.

ص: 299

ومن أبين ذلك ما أحدثته الجهمية (1) من وصف الباري سبحانه بالنقائص، وتعطيل صفات الكمال التي أثبتها لنفسه وأثبتها له أعلم الخلق به رسول الله - (-، فاعتقدوا أن صفات الله ليست على الحقيقة، بل هي مجاز، وأراد مؤسس منهجهم إبطال الرسالة، كما يتضح ذلك من قوله: {

لو وجدت سبيلاً إلى حكها لحككتها من المصاحف} يقصد: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (2) .

وتأثر كثير من المسلمين بذلك، وخاضوا في ذلك، فتفرقت الكلمة، وأعجب كل حزب برأيه، فظهر من نفى أسماء الله - تعالى - وصفاته، وظهر من نفى صفاته مع إثبات أسمائه، وظهر من أثبت الأسماء وبعض الصفات، وكان التأويل المذموم، وانحرف كثير من الناس بهذه الطرق والمناهج المبتدعة، وما يزال التأثر بها قوياً، رأينا أثره، ولمسنا نتائج التساهل به عند بعض المتعلمين، خاصة في هذا العصر الذي اختلطت فيه الثقافات، وكثرت وسائل النشر لهذه الاعتقادات وأصبح الحق فيه عند بعض الناس غريباً، واستعمل العقل في كثير من العلوم بعيداً عن الوحي، وقلت منزلة وعظمة أسماء الله وصفاته، التي تزيد الإيمان وتشعر العبد بعظمة الخالق الديان، وأنه الواحد الفرد الصمد، الذي تصمد إليه كل الخلائق هو وحده - سبحانه - المتصرف في هذا الكون، له الكمال المطلق في ذاته وصفاته.

ولكن ضعف هذا الاعتقاد في نفوس كثير من المسلمين، الذين تأثروا بالفلسفات الغربية الحديثة والقديمة، وأصبحوا في حاجة إلى معرفة الله تعالى بأسمائه وصفاته، كما يستحق - سبحانه - لتنتظم حياتهم وتصح عبوديتهم له، وطاعتهم لشرعه، ولاشك أن من لم يعظم ويثبت صفاته - سبحانه - على ما يليق به إثباتاً صادقاً يستشعر فيه عظمة الله - تعالى - فإنه سيقصر في امتثال شرعه والعمل بأحكامه.

ص: 300

فالجهم بن صفوان (1) المنكر لصفات الله، لما أنكرها وأنكر أسماءه - سبحانه - ضعف يقينه بالله، حتى شك في وجوده، وذكر أنه بقي أربعين يوماً لايصلي حتى يثبت أن له رباً يعبده (2) .

فلا عبادة صحيحة ولا عمل بشرعه إلَاّ بإثبات ربوبية الله - سبحانه - وعظمته وكماله بأسمائه وصفاته.

ويهدف هذا البحث في صفة الرضا إلى طريقة إثبات هذه الصفة، والتعريف بها؛ من نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.

وإلى كشف الزيف الذي تلبست به في كثير من كتب أهل الكلام.

كما يهدف تجلية القاعدة الضابطة في إثبات هذه الصفة، كغيرها من صفات الله عز وجل الموضوعة حماية للعقول والقلوب من الانحراف في توحيد الأسماء والصفات: أهم مباحث الاعتقاد المصحح لسير العباد على منهج شرع الله القويم.

فهذا هو المنهج الذي كان عليه السلف الصالح، والأئمة الحنفاء، وسار عليه أتباعهم بإحسان من بعدهم، وإن من مهمات هذا البحث بيان فساد الانحرافات التي شط أصحابها عن منهج أهل السنة والجماعة في صفة الرضا، بل وعن منهج القرآن والسنة من قبل ومن بعد.

وبيان معرفة هل صفة الرضا من الصفات الذاتية أم من الصفات الفعلية.

ثُمَّ أثر الإيمان بثبوت هذه الصفة لله على سلوك العبد، والتزامه شرع الله تعالى وسنة نبيه - (-.

ولهذا كله عزمت أن أذكر مذهب السلف ومن اتبعهم بإحسان - رحمة الله عليهم - في صفة الرضا؛ ليسلك سبيلهم من أحب الاقتداء بهم والكون معهم في الدار الآخرة، إذ كان كل تابع في الدنيا مع متبوعه في الآخرة، وسالك حيث سلك موعوداً بما وعد به متبوعه من خير أو شر، دل على هذا قوله تعالى:{وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} (3) .

فكذلك كل من اتبع إماماً في الدنيا في سنة أو بدعة أو خير أو شر كان معه في الآخرة.

ص: 301

فمن أحب الكون مع السلف الصالح في الآخرة، وأن يكون موعوداً بما وعدوا به من الجنات والرضوان، فليتبعهم بإحسان:{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَءَامَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأولائِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ} (1) ، {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (2) .

ومن اتبع غير سبيلهم دخل في عموم قوله تعالى: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَجْوَاهُمْ إِلَاّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَآءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا، وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيرًا} (3) .

وقد جعلت عنوانه {صفة الرضا بين الإثبات والتعطيل وأثر الإيمان بها في حياة المسلم وبعد مماته} وكان بعد هذه المقدمة في عدة مباحث:

المبحث الأول: في تعريف الرضا في اللغة والشرع.

المبحث الثاني: قاعدة في إثبات الأسماء والصفات.

المبحث الثالث: في إثبات صفة الرضا.

أ) - بالقرآن الكريم.

ب) - بالسنة النبوية.

ج) - بالأثر.

د) - بالعقل.

المبحث الرابع: في فضل صفة الرضا.

المبحث الخامس: صفة الرضا غير مخلوقة.

المبحث السادس: صفة الرضا ذاتية فعلية.

ص: 302

المبحث السابع: في مناقشة المعطلة لصفة الرضا.

المبحث الثامن: في أثر الإيمان بصفة الرضا في حياة المسلم وبعد مماته.

المبحث التاسع: في بعض أسباب حصول الرضا.

ثُمَّ الخاتمة.

وقد خرجت الأحاديث، وعرفت بالأعلام غير الصحابة والمشهورين، والفرق والملل، ووضعت فهارس عامة للآيات والأحاديث والآثار والأشعار والمراجع ومباحث الكتاب.

وحسبي أني اجتهدت في بيان الحق لرضا ربي ورب الخلق، وأسأل الله لي ولوالدي المغفرة والرضوان، وإخلاص النية في الابتداء وحسن العمل وحسن المآل، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه الكرام.

المبحث الأول: الرضا في اللغة والشرع

الرضا: مقصور، مصدر رضي يرضى، وهو ضد السخط، والسخط: الكراهية للشيء وعدم الرضا به (1) .

والرضا من صفات القلب والذات، ومن صفات الأفعال (2) ، ورضي عنه وعليه، ورضيت الشيء ارتضيه، فهو مرضي ومرضو (3) .

والرضا متضمن معنى الحب والإقبال، ويعدى ب على حملاً للشيء على نقيضه (4) .

وفي التنزيل {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ"} (5)، ومعناه: رضي عنهم أنفسهم، ورضي أفعالهم، ورضوا عن ربهم وعن ماجازاهم به (6) .

وأرضاه أعطاه ما يرضى به، عكس ترضَّاه: أي طلب رضاه (7) .

والرِّضوان بالكسر، والرُّضوان بالضم، والمرضاة مثله مصدر (8) .

ويمد الرضاء إذا كان بمعنى المراضاة، ويقصر إذا كان مصدر رضي يرضى فيكون مصدراً محضاً (9) .

ص: 303

وقد جاءت نصوص إثبات صفة الرضا لله - تعالى - في النصوص الشرعية بصيغة الماضي، كما في قوله تعالى:{رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} (1)، وقوله:{لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} (2) . وقوله: {إِلَاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً} (3) ، {وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} (4)، وقوله:{وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ} (5) ، {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَاّ لِمَنِ ارْتَضَى} (6) .

وجاء إثباتها بصيغة المضارع كما في قوله تعالى: {وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى} (7)، وقوله سبحانه:{وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} (8)، وقوله:{وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ} (9)، وقوله:{إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ} (10)، وقوله:{فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} (11) وغيرها، وقوله (: {إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها

} (12) .

وجاء إثباتها بالمصدر، كما في قوله:{وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَآءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ} (13)، وقوله:{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَآءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ) } (14)، وقوله:{إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَآءَ مَرْضَاتِي} (15) . وقوله: {يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} (16)، وقوله سبحانه:{وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَ! نٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ} (17) وغيرهما، وفي الحديث: {

أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبداً} (18)، وفيه:{اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك} (19) .

ص: 304

ومعنى الرضا مفهوم معلوم، وكيفيته مجهولة، والإيمان برضا الله واجب على ما يليق به سبحانه وتعالى.

قال الإمام الطبري في تفسيره: {واختلف في معنى الرضا من الله - جلّ وعزّ -، فقال بعضهم:الرضا منه بالشيء: القبول له والمدح والثناء.

قالوا: فهو قابل الإيمان، ومزك له، ومثن على المؤمن بالإيمان، وواصف الإيمان بأنه نور وهدى وفضل.

وقال آخرون: معنى الرضا من الله - جلّ وعز - معنى مفهوم، هو خلاف السخط، وهو صفة من صفاته على ما يعقل من معاني الرضا، الذي هو خلاف السخط، وليس ذلك بالمدح؛ لأن المدح والثناء قول، وإنَّما يثنى ويمدح ما قدر رُضِي.

قالوا: {فالرضا معنى، والثناء والمدح معنى ليس به} (1) .

والصحيح القول الثاني؛ لأن الله سبحانه وتعالى عظيم، ومهما تخيل العبد من معاني العظمة فالله أعظم مِمَّا قد يتخيل، وكذلك صفته، ولو تخيل الإنسان عظمة صفات الله، فصفاته - سبحانه - أعظم مِمَّا قد يتخيل وكمالها أكبر مِمَّا قد يتخيل من الكمال، فله الكمال المطلق، وصفاته كمال مطلق سبحانه وتعالى.

قال ابن تيمية رحمه الله: {من تصور شيئاً اعتقد أنه حقيقة الرب فالله بخلاف ذلك} (2) .

والله أعلم بحقيقة رضاه سبحانه، بل بحقيقة كل صفاته؛ لأن الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات، فإذا كان معلوماً أن إثبات رب العالمين سبحانه وتعالى إنَّما هو إثبات وجود لا إثبات تحديد وتكييف، فكذلك إثبات صفاته إنَّما هو إثبات وجود لا إثبات تحديد ولا تكييف؛ وهو إثبات على الحقيقة.

فالرضا صفته - سبحانه - معلوم معناها، نثبتها على مراده - سبحانه - على الحقيقة، ولانعلم لأحد ممن تقدم أو تأخر أنه يتكلف أو يقصد إلى قول من عنده في صفة الرضا، أو غيرها من الصفات، أو في تفسير كتاب الله، أو معاني حديث رسول الله - (-، أو زيادة على ما في النص أو نقصان منه.

ص: 305

قال ابن خزيمة: {إن الأخبار في صفات الله موافقة لكتاب الله - تعالى - نقلها الخلف عن السلف قرناً بعد قرن، من لدن الصحابة والتابعين إلى عصرنا هذا، على سبيل الصفات لله - تعالى - والمعرفة والإيمان به والتسليم لما أخبر الله - تعالى - في تنزيله ونبيه الرسول - (- عن كتابه، مع اجتناب التأويل والجحود وترك التمثيل والتكييف} (1) .

المبحث الثاني: قاعدة في إثبات الصفات

الأصل الذي تقوم عليه هذه الدراسة هو الوحي المنزل على محمد - (- فقد جاء معرفاً للعباد برب العباد والأصل في توحيد الصفات هو: {أن يوصف الله بما وصف به نفسه، وبما وصفته به رسله نفياً وإثباتاً، فيثبت لله ما أثبته لنفسه وينفي عنه ما نفاه عن نفسه} (2) .

وقد كان السلف - رحمهم الله تعالى - على هذه القاعدة العظيمة وهذا الأصل الشريف، فيثبتون لله ما أثبته من الصفات، من غير تكييف ولا تمثيل، وينفون عنه ما نفاه عن نفسه مع إثبات ما أثبته من الصفات، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير إلحاد، لا في أسمائه، ولا في صفاته، عملاً بقول الله - تعالى - في ذم الملحدين في أسمائه بقوله:{وَلِلَّهِ الأَسْمَآءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (3) وذم الملحدين في آياته بقوله: {إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِيءَايَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَن يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِيءَامِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (4) .

وهذه الطريق هي الطريق المثلى، فهي تتضمن إثبات الأسماء والصفات مع نفي مماثلة المخلوقات، إثباتاً بلا تمثيل وتنزيهاً بلا تعطيل، كما في قوله سبحانه وتعالى:

ص: 306

{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} (1)، فقوله - سبحانه -:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} نفي ورد للتمثيل والتشبيه وقوله - عزّوجل -: {وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} مناقض للإلحاد والتعطيل (2) .

فهذا المذهب يقوم على أسس سليمة هي:

1) - أن أسماء الله وصفاته توقيفية، فما أثبته الله لنفسه، أو أثبته له رسوله - (- وجب إثباته وما نفاه عن نفسه أو نفاه عنه رسوله وجب نفيه، أمَّا ما لم يرد فيه نفي ولا إثبات، كالعرض (3)، والجسم (4) والجوهر (5) . فيتوقفون فيه: لايثبتونه ولاينفونه.

2) - أن ما وصف الله به نفسه فهو حق على حقيقته، ليس فيه لغز ولا أجاج، بل معناه يعرف حيث يعرف مقصود المتكلم بكلامه، فهم يثبتون ألفاظ الصفات ومعانيها التي تدل عليها هذه الألفاظ.

وبهذا الاعتبار فليس ما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله، أو بعضه من المتشابه الذي لايعلم تأويله إلَاّ الله ويجب تفويض معناه إليه؛ لأن هذا معناه جعل أسماء الله وصفاته بمنزلة الكلام الأعجمي الذي لايُفهم، والله تعالى قد أمرنا بتدبر القرآن كله، وحضنا على عقْلِه وفهمه فكيف يجوز مع ذلك أن يُراد منا الإعراض عن فهمه ومعرفته؛ لأن هذا معناه أنه أمرنا باعتقاد ما لم يوضحّه لنا - تعالى الله عن ذلك -، فمعاني الصفات معلومة عند السلف وكيفيّتها مجهولة والإيمان بها واجب، والسؤال عن كيفيتها بدعة.

وعلى هذا فألفاظ الصفات من قبيل المحكم، وليست من المتشابه، فإن معناها واضح ومعروف في لغة العرب التي نزل بها القرآن، وأمَّا كيفيتها فمما استأثر الله - تعالى - بعلمه، ومن نسب إلى السلف إدخال أسماء الله وصفاته أو بعضها في المتشابه، وأنهم يفوضون معناها فقد كذب عليهم.

ص: 307

3) - أنهم يثبتون لله الصفات إثباتاً بلا تمثيل، فلايمثلونها بصفات خلقه:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} {وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدُ} ؛ ولأن العلم بكيفية الصفة يستلزم العلم بكيفية الموصوف، والله تعالى - لا يَعْلَمُ كيفية ذاته إلَاّ هو فالكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات، فكما أن لله ذاتاً لاتشبه الذوات، فكذلك له صفات لاتشبه الصفات.

4) - وكما أنهم يثبتون لله الصفات التي وصف بها نفسه، أو وصفه بها رسوله، من غير أن يشبهوها بصفات خلقه فهم كذلك ينزهون الله عن النقائص والعيوب، تنزيهاً لايفضي بهم إلى نفي صفاته وأسمائه الحسنى بتأويل معانيها أو تحريف ألفاظها عن مدلولها؛ كما يفعله المؤوّلة، فمذهبهم في ذلك وسط بين التمثيل والتعطيل، فتجنبوا التعطيل في مقام النفي والتنزيه، وتجنبوا التشبيه في مقام إثبات الصفات فسلموا من الإفراط والتفريط، ومن الغلو والتقصير:(الغلو للمشبهة والتقصير للمعطلة) .

5) - طريقتهم فيما يثبتونه لله من الصفات وما ينفونه عنه من النقائص هي: الإجمال في النفي، والتفصيل في الإثبات، دل على ذلك الكتاب والسنة، كما في قوله - تعالى -:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} (1) فأجمل في النفي، وهو قوله:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} ، وفصّل في الإثبات، وهو قوله:{وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} ، وكما ذكر في آية الكرسي، وسورة الإخلاص، وغيرهما.

ص: 308

ثُمَّ إنه يجب أن يُعلم أن النفي الوارد في هذا الباب ليس هو النفي المحض (1) ، وإنَّما هو النفي الذي يتضمن إثبات الكمال؛ لأن النفي المحض لا مدح فيه؛ لأنه عَدَمٌ محض والعدمُ ليس بشيء، ولذلك فكل النفي الذي جاء في هذا الباب فهو لإثبات ضده من الكمال، كقوله تعالى:{وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} (2) أي لكمال عدله، وقوله تعالى:{وَلَا يئُودُهُ حِفْظُهُمَا} (3) أي لكمال قوته واقتداره، {لَا تَأْخُذُهُ ، سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} لكمال قيّوميته، والله أعلم.

فهذه القاعدة التي تقوم على هذه الدعائم العظيمة: الإثبات المفصل، والنفي المجمل، وعدم التكييف والتمثيل، أو التأويل والتحريف، لمفضي إلى التعطيل، هي: القاعدة السليمة السديدة، التي تدل على علم السلف رحمهم الله – بحقيقة ما وصف الله به نفسه في كتابه الكريم، وعلى لسان رسوله - (-.

فكانوا أعرف الناس بربهم - سبحانه -، وأعلمهم بما يستحقه - سبحانه - من كمال، وأكثرهم تنزيهاً له عما لايليق به - عزّوجل - فلم يعطلوه من أسمائه وصفاته، أو يكيفوها أو يمثلوها بصفات خلقه، أو يؤولوا نصوصها بغير المعنى المراد تأويلاً أو تحريفاً يفضي إلى تعطيلها أو تعطيل معانيها.

فكانوا أقرب الناس معرفة بمعاني الصفات، وأبعدهم عن الخوض فيما لم يحيطوا به علماً مِمَّا أخبر الله - تعالى - عنه من الغيب، فكما أنهم لم يحيطوا بذات الله علماً، لم يكونوا يحيطوا بصفاته علماً: إذ الكلام في الصفات كالكلام في الذات، أو كما قال السلف:{القول في الصفات كالقول في الذات} (4) .

فكما أن له ذاتاً لاتماثل الذوات، فكذلك له صفات لاتماثل الصفات، إلَاّ أن صفاته كانت دليل المعرفة به - سبحانه -فهي معلومة المعاني مجهولة الكيف.

ص: 309

فالرضا: صفة الله على الحقيقة، ولها معنى يميزها عن غيرها من الصفات، تعرف العرب ذلك من كلامها، كما قال ابن عباس رضي الله عنه:{التفسير على أربعة أوجه: تفسير تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لايعذر أحد بجهله وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لايعلمه إلَاّ الله، من ادعى علمه فهو كاذب} (1) .

فكيفية صفة الرضا وغيرها من الصفات لايعملها إلَاّ الله، ومن ادعى علم ذلك فهو كاذب.

أمَّا معناها فذلك مِمَّا يعلمه العباد من لغة العرب.

وهذا معنى ما يروى عن أم سلمة (2) أنها قالت في قول الله -تعالى-: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (3) : {الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإقرار به إيمان، والجحود له كفر} (4) .

وقال ربيعة بن أبي عبد الرحمن (5) : {الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، ومن الله الرسالة ومن الرسول البلاغ، وعلينا التصديق} (6) .

وقال مالك (7) لمن سأل عن كيفية الاستواء: {الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة، وأحسبك رجل سوء، وأمر به فخرج} (8) .

فكيفية الصفات - ومنها كيفية صفة الرضا - مجهولة للعباد، مع العلم بمعانيها من لسان العرب ولغتها، فالإيمان بالصفة - كما أخبر الله بها مع الجهل بكيفيتها - واجب؛ لأنه من الإيمان بربوبية الله - تعالى - كما قال الرسول - (-:{رضيتُ بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد - (- رسولاً} (9) .

ص: 310

وهذا هو المذهب الأسلم الأعلم الأحكم، وهو مذهب السلف رحمهم الله الذي حكاه الإمام أبو عثمان الصابوني (1) رحمه الله-عنهم بقوله:{ويعرفون ربهم - عزّوجل - بصفاته التي نطق بها وحيه وتنزيله، أو شهد له بها رسوله - (-على ما وردت الأخبار الصحاح به، ونقلته العدول الثقات عنه ويثبتون له جل جلاله منها ما أثبت لنفسه في كتابه وعلى لسان رسوله - (- ولايعتقدون تشبيهاً لصفاته بصفات خلقه} (2) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: {إن سلف الأمة وأئمتها كانوا على الإيمان الذي بعث الله به نبيه - (-يصفون الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله، من غير تحريف، ولا تعطيل، ومن غير تكييف، ولا تمثيل} (3)

وقال رحمه الله: {ويقولون ماجاءت به النصوص النبوية، ودلت عليه العقول الزكية الصريحة، فلا ينفون عن الله - تعالى - صفات الكمال سبحانه وتعالى} (4) .

المبحث الثالث: الأدلة على ثبوت صفة الرضا لله تعالى

وصف الله تعالى نفسه بأكمل الأوصاف، وأعظمها، وأجلها في كتابه، وعلى لسان رسوله، ومن صفاته التي وصف بها نفسه: صفة الرضا، وقد ثبتت صفة الرضا لله بالقرآن، والسنة، والأثر، والعقل، وإليك بعض تلك الأدلة:

أولاً: من القرآن الكريم:

وصف الله نفسه بالرضا في آيات كثيرة من كتابه الكريم المنزل على رسوله محمد - (- منها: قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} (5) .

وقوله - عزّوجل -: {قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (6) .

ص: 311

وقال - سبحانه -: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (1) .

وقال - تعالى -: {يَوْمَئِذٍ لَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً} (2) .

وقال - عزّوجل -: {لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} (3) .

وقال - تعالى -: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُواءَابَآءَهُمْ أَوْ أَبْنَآءَهُمْ أَوْ إِخْوَ! نَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولائِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيْمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولائِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (4) .

وقال: {وَمَآ أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَامُوسَى، قَالَ هُمْ أُولآءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى} (5) .

وقال - سبحانه -: {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} (6) .

ص: 312

وقال - عزّوجل -: {قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي} (1) .

وقال - تعالى -: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا} (2) .

وقال - سبحانه -: {إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمُ بِذَاتِ الصُّدُورِ} (3) .

وقال - تعالى -: {يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِن تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} (4) .

وقال - عزّوجل -: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَءَامَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَايُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولائِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (5) .

وقال - تعالى -: {قُلْ أَؤُنَبئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَ! جٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرُ بِالْعِبَادِ} (6) .

ص: 313

وقال - سبحانه -: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (1) .

وقال سبحانه وتعالى: {لِلْفُقَرَآءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولائِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} (2) .

وقال - عزّوجل -: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَآءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفُ بِالْعِبَادِ} (3) .

وقال - تعالى -: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِن نَجْوَاهُمْ إِلَاّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَآءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} (4) .

ثانياً: من السنة:

عن أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه قال: قال النبي - (-: {إن الله يقول لأهل الجَنَّة: يا أهل الجَنَّة فيقولون: لبيك ربنا وسعديك، والخير في يديك. فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لانرضى يارب وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك. فيقول: ألا أعطيكم أفضل من ذلك. فيقولون: يارب وأي شيء أفضل من ذلك؟ فيقول: أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبداً} (5) .

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله - (-: {إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها، أو يشرب الشربة فيحمده عليها} (6) .

ص: 314

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: فقدت رسول الله - (- ليلة من الفراش فالتمسته فوقعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد وهما منصوبتان وهو يقول: {اللهم أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك} (1) .

وعن أنس رضي الله عنه عن رسول الله - (- أنه قال: {عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط} (2) .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - (- قال: {إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لايلقي لها بالاً يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لايلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم} (3) .

وعن بلال بن الحارث المزني قال: قال رسول الله - (-: {إن أحدكم ليتكلم بالكلمة من رضوان الله، ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله - عزّوجل - له بها رضوانه إلى يوم القيامة، وإن أحدكم ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله - عزّوجل - عليه بها سخطه إلى يوم يلقاه} (4) .

ثالثاً: من الأثر:

وفي الأثر أن أبا بكر - رضي الله - عنه كان يقول في دعائه: {أسألك تمام النعمة في الأشياء كلها، والشكر لك عليها حتى ترضى، وبعد الرضى

} (5) .

قال الإمام الشافعي - رحمه الله تعالى - في معنى قول الله تعالى: {كَلَاّ إِنَّهُمْ عَن رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ} (6) : {لما حجب قوم بالسخط دل على أن قوماً يرونه بالرضا} (7) .

ص: 315

وذهب الإمام أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه إلى أن الله - عزّوجل - يغضب ويرضى، وأن له غضب ورضى، وقرأ أحمد قوله - عزّوجل -:{وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى} (1) {

والغضب والرضا صفتان له من صفات نفسه، لم يزل غاضباً على ما سبق في علمه أنه يكون ممن يعصيه، ولم يزل راضياً على ما سبق في علمه أنه يكون مِمَّا يرضيه} (2) .

رابعاً: دلالة المعقول على صفة الرضا، وذلك من وجهين:

الأول: إن الرضا صفة كمال، ونفيها نقص، والله سبحانه وتعالى لاتضرب له الأمثال التي فيها مماثلة لخلقه كما قال - سبحانه -:{فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (3) ، فإن الله لا مثل له، بل له المثل الأعلى؛ كما أخبرنا بذلك في قوله - سبحانه -:{لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (4)، وقال - سبحانه -:{وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (5) .

فلايجوز أن يشترك هو والمخلوق في قياس تمثيل، ولا في قياس شمول تستوي أفراده، ولكن يستعمل في حقه المثل الأعلى؛ وهو أن كل ما اتصف به المخلوق من كمال وهو يليق بالله فالله أولى به، وكل ما تنزه عنه المخلوق من نقص فالله أولى بالتنزه عنه (6) ، فإذا كان اتصاف المخلوق بالرضا كمال ونفيه عنه نقص، فالله سبحانه وتعالى أولى أن يتصف بالكمال ولايعطل منه؛ لأن تعطيل الكمال عنه وصف له بالنقص.

ص: 316

إذن فالله موصوف بالرضا، وهو كمال في حقه - سبحانه -، بل صفة الرضا في حقه - سبحانه - أكمل من صفة الرضا في حق المخلوق، بل رضا الله سبحانه وتعالى لايماثل رضا المخلوق، فإذا كان المخلوق منزهاً عن مماثلة المخلوق مع الموافقة في الاسم أو اللفظ فالخالق -سبحانه- أولى أن ينزه عن مماثلة المخلوق وإن حصلت موافقة في اللفظ

إذن فالله سبحانه وتعالى متصف بصفة الرضا، وهي صفة كمال لاتماثل صفات المخلوقين، ونفيها عنه نقص ولايجوز أن يوصف بالنقص، أو يعطل من الكمال.

الثاني: الله سبحانه وتعالى وصف نفسه بالرضا في آيات كثيرة، وكذلك وصفه بها الرسول - (- كما تقدم وهي صفة كمال لائقة به - سبحانه -، فيكون نفيها تعطيلاً وردّاً للنصوص الشرعية وإلحاداً في آيات الله - سبحانه - كما قال - سبحانه -: {إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِيءَايَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا} (1) وإلحاد في أسمائه: {وَلِلَّهِ الأَسْمَآءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (2) وتعطيل ما أودع الله ورسوله في كلامهما من إثبات صفة الرضا بالمعنى اللائق به - سبحانه - تكذيب لهما، وتعطيل لما يستحقه الرب - سبحانه - من الكمال (3) ، والجحود بها كفر؛ لأنه رد لخبر الله وكفر بكلامه - سبحانه -، ومن كفر بحرف متفق عليه فهو كافر.

قال الشافعي: {لله تعالى أسماء وصفات جاء بها كتابه، وأخبر بها نبيه، لايسع أحداً من خلق الله - تعالى - قامت عليه الحجة ردها؛ لأن القرآن نزل بها، وصح عن رسول الله - (- القول بها، فإن خالف ذلك بعد ثبوت الحجة عليه فهو كافر بالله - تعالى -، فأمَّا قبل ثبوت الحجة عليه من جهة الخبر فمعذور بالجهل؛ لأن علم ذلك لايدرك بالعقل، ولا بالرؤية ولا بالفكر} (4) .

المبحث الرابع: القول الحق في صفة الرضا

ص: 317

يعتقد السلف - رحمهم الله تعالى - أن لله - تعالى - صفة الرضا، وهي قائمة به غير بائنة عنه (1) ، لا ابتداء لاتصافه بها، ولا انتهاء، فهو يرضى متى شاء، كيف شاء سبحانه وتعالى، فلاتقوم بنفسها؛ لأن الصفة لاتقوم إلَاّ بالذات الموصوفة بها، كما أن الذات لابد لها من صفة تميزها عن الذوات.

وكما أن جميع صفات الله غير مخلوقة فكذلك صفة الرضا غير مخلوقة، وأمَّا أثرها وهو ما يحصل للعبد من النعمة اندفاع النقمة، فذاك مخلوق منفصل عن ذاته سبحانه وتعالى.

وقد يسمى الأثر باسم الصفة (2) .

وهي على ما يليق به سبحانه وتعالى، فكما أن له - سبحانه - ذاتاً على الحقيقة فله صفة على الحقيقة وكما أن ذاته سبحانه وتعالى ليست كذوات خلقه، فكذلك صفته ليست كصفات خلقه.

فرضاه سبحانه وتعالى ليس كرضا المخلوقين (3) .

ولايصح أن يقاس رضا الله -تعالى- على رضا المخلوقين، فإذا كان الراضي ليس كالراضي، فإن الرضا ليس كالرضا.

فلايصح أن يدخل رضى الله مع رضا المخلوق في قياس تمثيل، ولا قياس تستوي جميع أفراده فالله سبحانه وتعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} (4) لا في ذاته، ولا في صفاته - سبحانه - {وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} وله المثل الأعلى.

فالله - سبحانه - حينما وصف نفسه بالرضا ووصف بعض المخلوقين بالرضا فليس الرضا كالرضا كما أنه ليس الراضي كالراضي، فرضاه - سبحانه - على ما يليق به رضاً يختص به ورضا المخلوق على ما يليق به، ولايلزم من تواطئ الصفتين أو اشتراكهما في الاسم العام المشترك في المعنى العام:التماثل والتشابه، فرضا الله - سبحانه - وإن أشبه رضى المخلوق من وجه فإنه مخالف له من وجه آخر.

إن شابهه في اللفظ والمعنى العام، فإنه لايماثله في الحقيقة، فحقيقة رضا الله ليست كحقيقة رضا المخلوق، فكما أن حقيقة ذات الله سبحانه وتعالى ليست كحقيقة الذوات فكذلك صفته.

ص: 318

وصفة الرضا صفة ذاتية قائمة به سبحانه وتعالى (1) - لاتنفك عنه.

ولا منتهى لرضاه - سبحانه -، والرضا أحب إليه من الغضب (2) .

كما أنها صفة فعل كما في قوله - تعالى -: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} (3) تقوم بمشيئته وقدرته، فهي صفة فعل اختيارية (4) .

وصفات الذات وصفات الأفعال كلها كمال مطلق لله، عالية وعلية وعظيمة، وإن كان بعضهم يرى أن صفات الأفعال أدنى من صفات الذات (5) .

والأدلة من الكتاب والسنة السابقة تدل على أنه يحصل أثر صفة الرضا في وقت دون وقت، وأنه قد يحل رضوانه ثُمَّ يسخط، كما يحل السخط ثُمَّ يرضى، وقد يحل الرضا أبداً، كما في حال أهل الجَنَّة في حديث البخاري ومسلم السابق، وفيه:{أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبداً} .

وقول الله - تعالى -: {لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} (6) بين أنه - سبحانه رضي الله عنهم ذلك الوقت؛ لأن حرف إذ ظرف لما مضى من الزمان، فعلم أنه ذاك الوقت رضي عنهم بسبب ذلك العمل وأثابهم عليه، وكما يقال: المسبب لايكون قبل سببه، والمؤقت بوقت قبل وقته.

وإذا كان راضياً عنهم من جهة، فهذا الرضا الخاص الحاصل بالبيعة لم يكن إلَاّ حينئذٍ، كما في الحديث السابق. {

أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم أبداً} (7) .

قال ابن تيمية رحمه الله: {والرضا مستلزم الإرادة، وإن لم يكن هو عين الإرادة

ورضاه الذي يتضمن محبته ومشيئته} (8) .

المبحث الخامس: صفة الرضا فعلية اختيارية

ومعتقد أهل السنة والجماعة أن الله سبحانه وتعالى موصوف بالصفات الاختيارية؛ كالرضا، والكلام، والغضب. والسخط، والإتيان، والنزول، وغيرها من صفاته سبحانه وتعالى التي تقوم بمشيئته واختياره.

ص: 319

ومعنى تعلقها بمشيئته واختياره: أنه تعالى يرضى ويتكلم، ويأتي وينزل ويغضب ويسخط إذا شاء متى شاء فإن شاء غضب، وإن شاء رضي، وإن شاء لم يرض، وإن شاء تكلم، وإن شاء سكت (1) .

والآيات والأحاديث السابقة دالة على أن صفة الرضا مع أنها صفة ذاتية فهي كذلك صفة فعلية اختيارية لتعلقها بمشيئته وإرادته سبحانه وتعالى مثل:

1 -

قوله - عزّوجل -: {إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمُ بِذَاتِ الصُّدُورِ} (2) .

2 -

وقوله - سبحانه -: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} (3) مع قوله - سبحانه - عن موسى عليه السلام: {قَالَ هُمْ أُولآءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى} (4) .

3 -

وقوله - تعالى -: {رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} (5) مع قوله -عزّ من قائل -: {يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِن تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} (6) .

وكان النبي - (- يقول في دعائه: {اللهم إني أعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وبرضاك من سخطك

} .

قال الجزري في النهاية: {بدأ بالمعافاة ثُمَّ بالرضا

لأنها من صفات الأفعال....} (7) .

المبحث السادس: صفة الرضا غير مخلوقة

ص: 320

لاشك أن الله موصوف بالرضا، ورضاه - تعالى - صفة من صفاته غير مخلوقة (1) ، ومن المهم أن أشير إلى قضية مهمة في هذا قل ذكرها، هي: أن الكلام في أن الصفات مخلوقة أو غير مخلوقة: كلام حادث لم يكن في صدر الإسلام؛ لأنه من المسلم عند الصحابة والتابعين ومن اتبعهم: أن صفات الله غير مخلوقة، فلذلك ما كانوا ليخوضوا في ذلك.

فصفة الرضا غير مخلوقة، وما قيل عنها إنها مخلوقة إلَاّ بعد ظهور الجهمية وأمثالها ممن قال بذلك، فاضطر السلف رحمهم الله إلى المناقشة والرد على هؤلاء المبتدعة؛ لأن حقيقة قول من قال: إنها مخلوقة هو إنكار صفة الله- تعالى - وتعطيلها. لكنهم لما علموا أن قولهم رد للنصوص الشرعية، وتكذيب لها، قالوا: هي مخلوقة.

فلا يعقل أبداً أن يقال: إن صفة الرضا الثابتة بقول الله - تعالى -: {رضي الله عنهم} (2) مخلوقة، فاللغة لا تساعد من قال ذلك، بل وكل الأدلة الدالة على معاني الألفاظ العقليَّة والنقلية تمنع ذلك.

وإضافة صفة الرضا إلى نفسه سبحانه وتعالى في آيات كثيرة تدل على اتصافه بها، وأنها غير مخلوقة، مثل:

1 -

قوله - سبحانه -: {لَّقَدّ رَضي الله عَن المُؤمِنينَ إذ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} (3)، فل يصح أن يقال: لقد خلق رضاه عن المؤمنين، فلا دليل على ذلك، ولا يعقل.

2 -

قوله - سبحانه -: {قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (4) .

3 -

وقوله - عزّوجل -: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} (5) .

ص: 321

وغير ذلك من الآيات السابقة وغيرها الدالة على أن صفة الرضا غير مخلوقة؛ بل هي تابعة للذات الموصوفة فذاته - سبحانه - متفق على أنها غير مخلوقة؛ فكذلك صفته، فلايتصف بصفة مخلوقة.

ومِمَّا يدل على أنها غير مخلوقة: استعاذة النبي - (- بها فقد كان من دعائه واستعاذته - (-: {اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك} .

فأثبت النبي - (- شرعية الاستعاذة بصفة الرضا، فلو كانت مخلوقة لكانت الاستعاذة بها شركاً؛ لأنها استعاذة بمخلوق، ومعلوم أن الاستعاذة بغير الله - تعالى - وأسمائه وصفاته شرك، فكيف يصح أن يعلِّم النبي - (- أمته ما هو شرك ظاهر، وهو الذي جاء هم بالتوحيد الخالص، ونهاهم عن الشرك؟ بل وكانت رسالته ورسالة الأنبياء قبله: الدعوة إلى التوحيد، والنهي عن الشرك.

فدل هذا على أن صفة الرضا غير مخلوقة، بل وكل صفاته، فالاستعاذة بالرضا استعاذة بصفته سبحانه وتعالى إذ رضاه - تعالى - صفته التي يرضى بها عمن يشاء من عباده، وأمَّا المخلوق فهو أثر تلك الصفة من النعم ودفع النقم فذلك منفصل عن ذاته سبحانه وتعالى وإن سمي باسم الصفة (1) .

فيجب التفريق بين الرضا صفة الله - تعالى -، وما سواه مِمَّا يحصل من أثره.

والعقل الصريح المعافى من الشبهات والشهوات يدرك أن الرضا لو كان مخلوقاً فلايخلو من أحد حالين:

الحال الأولى: أن يكون مخلوقاً قائماً بذات الله.

الحال الثانية: أن يكون مخلوقاً منفصلاً عن الله بائناً عنه.

وكلا الحالين باطل، بل كفر شنيع.

أمَّا الأول: فيلزم منه أن يقوم المخلوق بالخالق، وهذا باطل في قول أهل السنة والجماعة، وعامة أهل البدع، فإن الله بائن من خلقه - سبحانه - مستغن عنهم من جميع الوجوه.

ص: 322

أمَّا في الحال الثانية فيلزم منه تعطيل الله - تعالى - من صفة الرضا؛ لأن الصفة لاتقوم إلَاّ بالموصوف- كما سبق - فإن قامت بغيره كان وصفاً لغيره، ولابد أن يوصف بها ذات أخرى، وهذا معناه أن الرب سبحانه وتعالى لم يتصف بصفة الكمال صفة الرضا، وهذا تنقص لله وهو كفر بيّن.

وإذا علمت بأن الصفة لاتقوم بنفسها بل تقوم بغيرها ففي هذه الحال: إمَّا أن تكون صفة للخالق - سبحانه - قائمة به وإمَّا أن تكون صفة للمخلوق قائمة به ولابد، فالحياة والمحبة والإرادة والعلم والرضا والقدرة وغيرها من الصفات إذا أضيفت لشيء كانت وصفاً له تابعة لمن قامت به.

فإذا أضيفت إلى الخالق - سبحانه - فهي صفات له قائمة به غير مخلوقة؛ لأنه الخالق - سبحانه - لكل شيء وإذا أضيفت إلى المخلوق فهي صفات له قائمة به مخلوقة؛ لأنه مخلوق.

فلما أضاف لنفسه رضا، ووصف نفسه به؛ كان رضاه غير مخلوق؛ لأنه تابع له، فذاته غير مخلوقة، وكذلك صفته، إذ يتنزه عند أهل السنة والجماعة عن الاتصاف بمخلوق، كما أن أهل البدع ينزهونه عن قيام الحوادث به فيلزمهم ذلك: القول بأن الله متصف بالرضا والرضا غير مخلوق.

المبحث السابع: مناقشة المخالفين للحق في صفة الرضا

تمهيد:

تستوقف المؤمن المتدبر لكتاب الله آيات إثبات صفة الرضا لله سبحانه وتعالى، بل وتدفعه إلى زيادة الإيمان بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد - (- رسولاً ونبياً، فيرغبه ذلك في امتثال أوامره، واجتناب نواهيه، والاستقامة على شرع الله، والاهتداء بهدي رسول الله - (-.

ولكن في نفس الوقت يعجب كل العجب ممن يتأول هذه الصفة أو يعطلها، زاعماً أن ذلك هو الحق، وقد اشتبه عليه الحق بالباطل، فانقلبت لديه المفاهيم، فسوى بين المختلفات، وفرق بين المتماثلات.

ولقد تبين لي بعد البحث والتأمل: أن ذلك يسبب قسوة في القلب، وبعداً عن الحق.

ص: 323

بل إن المتأمل في كلام المعطلة والمؤولة للصفات أو بعضها ومنها الرضا، ليجد أن العقل إذا لم يخضع للنصوص من الكتاب والسنة فيثبت ما أثبتت وينفي ما نفت، فإنه يزيغ عن الحق، ويبعد عن الهدى، ويفقد الاطمئنان، ولايذوق طعم الإيمان، كما يذوقه المؤمنون الصادقون الذين آمنوا بالله رباً، آمنوا بربوبية الله، آمنوا بأسمائه الحسنى وصفاته العليا آمنوا بأن له - سبحانه - ذاتاً لاتماثل الذوات، وأن له أسماء وصفات لاتماثل سائر الصفات.

ولقد أدرك كثير من المعطلة للصفات والمؤولة لها أنهم أخطأوا الطريق الصحيح ولكن متى في أواخر الأعمار فقال بعضهم لما وصل إلى الحيرة في هل الصفات زائدة على الذات أم لا؟ وهل الفعل مقارن للذات أو متأخر عنها؟ قال: من الذي وصل إلى هذا الباب؟ أو ذاق من هذا الشراب؟ ثُمَّ أنشد:

نهاية إقدام العقول عقال

وغاية سعى العالمين ضلال

وأرواحنا في وحشة من جسومنا

وحاصل دنيانا أذى ووبال

ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا

سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا (1)

ثُمَّ قال: لقد تأملت الطرق الكلامية، والمناهج الفلسفية، فما رأيتها تشفي عليلاً، ولاتروي غليلاً، ورأيت أقرب الطرق طريقة القرآن، أقرأ في الإثبات {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (2) . {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} (3) وأقرأ في النفي:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} (4)، {وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} (5) . ثُمَّ قال:{ومن جرّب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي} (6) .

وذكر الآخر أنه لم يجد عند الفلاسفة والمتكلمين إلَاّ الحيرة والندم، حيث قال:

لعمري لقد طفت المعاهد كلها

وسيرت طرفي بين تلك المعالم

فلم أرَ إلَاّ واضعاً كف حائر

على ذقن أو قارعاً سن نادم (7)

ص: 324

وقال الثالث: {لقد خضت البحر الخضم، وخليت أهل الإسلام وعلومهم، ودخلت في الذي نهوني عنه والآن إن لم يتداركني ربي برحمته فالويل لابن الجويني (1) وها أنا ذا أموت على عقيدة أمي، أو قال على عقيدة عجائز نيسابور} (2) وغير هؤلاء كثير ممن أدرك ما وقع فيه من الخطأ والانحراف عن طريق الكتاب والسنة في هذا الباب.

موقف المعطلة من صفة الرضا ومناقشتهم:

وقد خالف الحق وجانب الصواب، وعارض الأدلة من الكتاب والسنة في صفة الرضا: المعطلة من الجهمية والمعتزلة (3) ، ومن وافقهم، فقالوا: إن الرضا لايقوم بالله - سبحانه -، بل هو مخلوق، فرضاه عن المؤمنين ثوابه والثواب مخلوق (4)

والجواب عن ذلك - مع ما سبق - من وجوه:

أحدها: أن هذا مفارقة للحق وأهله، من السلف، والأئمة، وأهل الفقه، والحديث، وجميع المثبتة للصفات (5) .

ثانيها: أن الذي عليه جماهير المسلمين من السلف والخلف: أن الخلق غير المخلوق، فالخلق فعل الخالق والمخلوق مفعوله، ولهذا كان رسول الله - (- يستعيذ بأفعال الرب وصفاته كما سبق في قوله - (-:{أعوذ برضاك من سخطك} فاستعاذ برضاه والاستعاذة لاتكون إلَاّ بالله أو بصفته (6) .

ثالثها: أن الاستعاذة كما في الحديث السابق لم تكن بمخلوق؛ لأن الاستعاذة بالمخلوق شرك، والرسول - (- إنَّما جاء يدعو إلى توحيد الله - سبحانه -، وعدم الإشراك معه، أو به غيره، بل هي رسالة الرسل جميعاً - كما سيأتي - فدل ذلك أن لله صفات، ومنها الرضا، وأنها غير مخلوقة، بل هي صفة ذاتية فعلية اختيارية، تقوم بمشيئته وقدرته.

رابعاً: ما ذكره الخلال (7) في عقيدة الإمام أحمد بن حنبل، وهو: أن أصحاب الإمام أنكروا على من يقول: {إن الرضى مخلوق} ، وقالوا من قال ذلك لزمه أن رضا الله على الأنبياء والمؤمنين يفنى حتى لايكون راضياً (8) .

ص: 325

قلتُ: فالذي يفنى ويموت هو المخلوق، ولايبقى غير الخالق - سبحانه - بذاته وصفاته، وقد وصف نفسه بالرضا وذاته غير مخلوقة - فهو الخالق - فكذلك صفته؛ لأن الصفة تابعة للموصوف، والقول في الصفة كالقول في الذات.

مناقشة الكلابية ومن وافقهم:

أمَّا الكلابية (1) وموافقهم من السالمية (2) وغيرهم، فيقولون: تقوم بذاته بغير مشيئته وقدرته.

أمَّا ما يكون بمشيئته وقدرته، فلايكون إلَاّ مخلوقاً منفصلاً عنه (3) .

فيقولون: الرضا قائم بذاته، وليس فعلا له.

وشبهتهم: أنه متصف بالصفات التي ليس له عليها قدرة، ولاتكون بمشيئته.

وأن ما يكون بمشيئته فإنه حادث، والرب - تعالى - لاتقوم به الحوادث.

ويسمون الصفات الاختيارية بمسألة حلول الحوادث، فإنه إذا رضي عن عبده بمشيئته وقدرته، كان ذلك الرضا حادثاً

فلو اتصف الرب به لقامت به الحوادث فهو حادث، قالوا: ولأن كونه قابلاً لتلك الصفة: إن كان من لوازم ذاته كان قابلاً لها في الأزل، فيلزم جواز وجودها في الأزل، والحوادث لاتكون في الأزل؛ لأن ذلك يقتضي وجود حوادث لا أول لها وذلك محال (4) .

1 -

قلتُ: يقال لهم: والرضا صفة كمال لا صفة نقص، ومن رضي بمشيئته أكمل ممن لايرضى بمشيئته، فكيف يتصف المخلوق بصفات الكمال دون الخالق؟ .

2 -

فضلاء المشاركين لهم في هذا القول كالفخر الرازي (5) ، وسيف الدين الآمدي (6) وغيرهما معترفون بأنه ليس لهم حجة عقلية على نفي الصفات الاختيارية (7) .

والأمر كذلك، فليس لهم دليل نقلي أو عقلي على ما قالوه، بل النص والعقل يدلان على خلاف ما قالوا، كما في الأدلة التي ذكرناها سابقاً.

3 -

أن قولهم هذا يدل على جهلهم بالفرق بين صفة الله التي هي الرضا وبين أثرها الذي قد يسمى باسم الصفة.

ص: 326

فالصفة تابعة للذات غير مخلوقة، أمَّا أثرها فهو مخلوق، وفرق بينهما، فالأثر غير الصفة، والصفة غير الأثر وإن سمي باسمها، فيقال للمرضي به رضا، وللمأمور به أمراً، وللمرحوم رحمة

لكن يقال له: هذا كله ليس هو حقيقة الصفة عند الإطلاق (1) .

وبهذا يتبين خطأ قول من قال: {الرضا إمَّا ثوابه فيكون صفة فعل، وإمَّا ثناؤه فهو صفة ذات} (2) .

4 -

أن الفعل نوعان: متعد ولازم، وفعل الرضا متعدٍ، وكلا الفعلين حاصل بمشيئته وقدرته والله متصف به (3) وفي الحديث:{فيسألونه الرضا، فيقول: رضاي أحلكم داري وأنا لكم كرامتي فسلوني، فيسألونه الرضا، فيشهدهم الرضا} (4)

شبهة التجسيم والجواب عنها:

ما من ناف لشيء من الأسماء والصفات إلَاّ ويزعم أنه قد قام عنده دليل العقل على أنه يدل على التجسيم، فيكون متشابهاً، فيلزم حينئذٍ أن تكون جميع الأسماء، والصفات متشابهات، وحينئذٍ فيلزم التعطيل المحض، وأن يفهم من الأسماء والصفات معنى، ولايميز بين معنى القدير والسميع والبصير والمؤمن والمتكبر والباري، ولا بين معنى الإرادة والرضا والعفو والغفران والخلق والاستواء ونحوها (5) .

فإن قال أهل الشبهة: لايعقل رضا إلَاّ ما يقوم بقلب هو جسم.

قيل لهم: ونحن لانعقل علماً إلَاّ ما هو قائم بجسم، ولا إرادة إلَاّ ما هو قائم بجسم، ولا سمعاً، ولا بصراً، إلَاّ ما هو قائم بجسم، فلم فرقتم بين المتماثلين، وقلتم إن هذه يُمكن قيامها بغير جسم، والرضا لايُمكن قيامه إلَاّ بجسم وهما في المعقول سواء؟ .

فإن كان ما تثبتونه مماثلاً لصفات العبد؛ لزمكم التمثيل في الجميع، وإن كنتم تثبتونه على الوجه اللائق بجلال الله - تعالى - من غير مماثلة بصفات المخلوقين فاثبتوا الجميع على هذا الوجه، ولا فرق بين صفة وصفة في الإثبات (6) .

من الردود على من نفى صفة الرضا:

ص: 327

وقيل لهم أيضاً: من نفى صفة الرضا أو غيرها من الصفات فراراً بزعمه من التشبيه والتركيب والتجسيم؛ فإنه يلزمه فيما أثبته نظير ما ألزمه لغيره فيما نفاه هو، فإن كان ممن يثبت بعض الصفات كالحياة والعلم والإرادة وغيرها كالأشعرية ومن وافقهم على مذهبهم.

يُمكن منازعته بما أثبته، وذلك بأنه يلزمه أن يثبت صفة الرضا كما أثبت العلم والحياة والإرادة وغيرها، فلا فرق بينهما (1) .

فالقول في بعض كالقول في البعض الآخر.

فإذا كان يقول: إن الله متصف بصفة العلم، أو الإرادة، أو القدرة، أو غيرها، ولايلزم من ذلك تشبيه، ولا تجسيم ولا تركيب فيلزمه أن يثبت الرضا وغيرها مِمَّا نفى، ولايلزم من إثباتها تشبيه، ولا تجسيم، ولا تركيب.

وإن كان ممن ينفي الصفات، ويثبت الأسماء، فكذلك نقول له: يلزمك أن تثبت صفة الرضا، وغيرها، كما أثبت الأسماء.

فإن قلت: أثبت الأسماء، ولا يُلزم من إثباتها تشبيه، ولا تجسيم.

قلنا لك: فأثبت الصفات أيضاً، فإثباتها لا يلزم منه تشبيه ولا تجسيم، فالقول في بعض كالقول في البعض الآخر (2) 2 - وإذا قال: الرضا وغيرها من الصفات من صفات الأجسام، ولا نرى ما هو متصف بها إلَاّ ما هو جسم، قلنا له: وكذلك الإرادة التي تثبتها، والعلم، والسمع، والبصر، وغيرها، لانرى في الشاهد ما هو موصوف بها إلَاّ جسماً.

فإن نفيت ما نفيت لكونك لا تعلمه إلَاّ صفة لما هو جسم؛ فانف الباقي؛ لأنك لاتجده في الشاهد إلَاّ لما هو جسم، بل والأسماء، بل وكل شيء، لأنك لا تجد متصفاً به، أو مسمى به، أو ما هو موجود إلَاّ جسماً.

فالقول في بعض كالقول في البعض الآخر.

وإن قال: أنا أثبت العلم والإرادة والحياة والحياة ونحوها على ما يليق بالله، فله إرادة لا تشبه إرادة المخلوق، وله علم لا يشبه علم المخلوق، وله سمع لا يشبه سمع المخلوقين - وهكذا -.

ص: 328

قلنا له: وكذلك له رضا ومحبة ورحمة لاتشبه رضا المخلوق أو محبته أو رحمته، فإن أثبت ما أثبت لكونها لا تماثل صفات المخلوقين؛ فقل مثل ذلك في الرضا، ونحوها من الصفات التي نفيتها (1) ، فيلزمكم فيما نفيتم من الرضا ونحوها نظير ما أثبتموه من الإرادة والعلم وغيرهما.

فإمَّا أن تعطلوا الجميع، وهذا ممتنع، وإمَّا أن تمثلوه بالمخلوقات، وهو ممتنع، وإمَّا أن تثبتوا الجميع على وجه يختص به لا يماثله فيه غيره.

وحينئذٍ لا فرق بين صفة وصفة من حيث الإثبات، فإثبات إحداهما ونفي الأخرى فراراً من التشبيه والتجسيم قول باطل يلزم منه التفريق بين المتماثلات، والتناقض في المقالتين (2) .

ويقال لهم كذلك: ما مرادكم بالجسم؟ أتريدون بالجسم البدن المكون من المادة والصورة؟ ، فهذا لايطلق على الله - تعالى - أو تريدون ما يسمى بأسماء، ويوصف بصفات، فالله - عزّوجل - وصف نفسه بالرضا وغيرها من الصفات ووصفه بها أعلم الخلق به محمد - (-.

فإن قال: إن العقل يدل على إثبات العلم، والإرادة، والحياة، والسمع، والبصر، والقدرة، والكلام دون الرضا وغيرها من الصفات.

قلنا: الجواب عن ذلك من وجوه:

الأول: أن دلالة العقل على ما تقول لايستلزم عدم الدليل على إثبات الرضا، وغيرها من الصفات.

فلو أن العقل لم يثبت ما نفيته فإنه لاينفيه، وليس لك أن تنفيه بغير دليل؛ لأن النافي عليه الدليل على ما نفاه، كما أن على المثبت الدليل على ما أثبته، فيجب إثبات ما نفيته لثبوته بالدليل السمعي، مثل قوله - تعالى -:{رضي الله عنهم} (3) .

الثاني: أنه يُمكن إقامة الدليل العقلي الذي أثبت به ما أثبت على إثبات صفة الرضا وغيرها مِمَّا نفيت، فإذا دلّ الدليل العقلي على إثبات الإرادة والسمع والبصر وغيرها مِمَّا أثبت وهو سالم عن المعارض فإنه يثبت أيضاً صفة الرضا وغيرها مِمَّا نفيت من غير دليل سمعي ولا عقلي.

ص: 329

الثالث: السمع دل على صفة الرضا، مثل قوله - تعالى -:{لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} (1)، وقوله:{رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} (2) ، وغيرهما.

وقوله - (- السابق: {إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها، أو يشرب الشربة فيحمده عليها} والعقل لاينفي هذه الأدلة وغيرها، مِمَّا يدل على صفة الرضا، فيجب العمل بالدليل السالم عن المعارض (3) .

الرابع: إن الرجوع إلى العقل في الإثبات والنفي مخالف لما كان عليه سلف الأمة، وأئمتها، من الصحابة، والتابعين ومن تبعهم، فما منهم أحد رجع إلى العقل في ذلك؛ وإنَّما يرجعون إلى كتاب الله وسنة نبيه محمد - (-، فما أثبته الله لنفسه أو أثبته له أعلم الخلق به - (- أثبتوه، وما نفاه عن نفسه في كتابه، أو نفاه عنه الرسول - (- نفوه، مع إثباتهم ما أثبته، إثباتاً بلا تمثيل، ونفياً بلا تعطيل.

وقال الإمام أحمد رحمه الله: {وصفاته منه وله ولانتعدى القرآن والحديث} (4) .

وقال الإمام الشافعي رحمه الله: {حرام على العقول أن تمثل الله - تعالى -، وعلى الأوهام أن تحده، وعلى الظنون أن تقطع، وعلى النفوس أن تفكر، وعلى الضمائر أن تعمق، وعلى الخواطر أن تحيط، وعلى العقول أن تعقل إلَاّ ما وصف به نفسه في كتابه أو على لسان نبيه - (-} (5) .

وبعضهم يرى أن الرضى والسخط والكراهة المراد بها أمره ونهيه، أو ثوابه وعقابه.

أي أن الرضا هو الأمر، أو هو الثواب، والسخط هو العقاب.

وهذا مذهب الأشاعرة (6) .

وهذا تأويل، وتكلف، لم يدل عليه دليل لا سمعي ولا عقلي، إنَّما هو تحريف للكلم عن مواضعه.

والواجب على المسلم الإيمان بصفات الله التي وصف بها نفسه، من غير تأويل، ولا تمثيل، ولا تعطيل.

ص: 330

وقد روي عن الإمام الشافعي أنه قال: {آمنت بما جاء عن الله على مراد الله، وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله (} (1) .

وقال سفيان بن عيينة: {كل ما وصف الله -تعالى- به نفسه في القرآن فقراءته تفسيره، ولا كيف، ولا مثل} (2)

المبحث الثامن: أثر الإيمان بصفة الرضا في حياة المسلم

لقد قام هذا الدين على أصول ثلاثة، هي:

1 -

معرفة العبد ربه.

2 -

معرفة العبد دينه.

3 -

معرفة العبد نبيه - (-.

ومعرفة العبد ربه تتمثل في معرفته بأسمائه وصفاته وأفعاله، فلايكون الإنسان على حقيقة من دينه إلَاّ بعد العلم بالله سبحانه وتعالى:{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ} (3) ، وأعلم الخلق بالله {بأسمائه وصفاته} أخشاهم لله وأتقاهم، ولذلك لايستطيع العباد إدراك حقيقة العبودية لله، وتحقيقها قولاً وعملاً إذا لم يعرفوا صفات الله - عزّوجل -.

ومن نفى أسماءه وصفاته كان أجهل الناس به، وبمقدار ما ينفي العبد من صفات الله يغلب عليه الجهل، ويقسو قلبه وتنحرف عبادته.

فهذا الركن العظيم من ركني التوحيد - توحيد العلم والاعتقاد وتوحيد الإرادة والقصد - تحقيقه تزكية للنفس وإقامة لها على طاعته، وسبب للعصمة من الزلل والانحراف، ويفتح الأمل، ويقي من الخمول والكسل.

ولهذا كان رسول الله - (- يقرأ بما تتضمن العلم بالصفات والعمل {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (4) و {قُلْ ياأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (5) في ركعتي الفجر والمغرب والطواف وغير ذلك (6) ، فعلم العبد بتفرد الرب بالخلق، والإحياء والإماتة والرزق، والرضا، وغيرها من الصفات، يورث العمل بمقتضياتها.

ولهذا عظمت نصوص الأسماء والصفات؛ لأنها تتحدث عن الواحد الأحد صاحب الصفات العظيمة مثل آية الكرسي وقل هو الله أحد وغيرها.

ص: 331

بل إن العلم بالصفات والعمل بمقتضاها أصل للعلم بكل معلوم والأمر به، ولذلك يزيد إيمان المؤمن بإثبات صفات الله - تعالى - على ما أراده الله، وعلى ما أراده رسوله - (- فيما وصفه به.

ولهذا قال الإمام الشافعي رحمه الله: {آمنت بما جاء عن الله على مراد الله، وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله - (-} (1) .

وما أعظم ثواب من عمل بمقتضى صفات الله - تعالى - كما في الآيات التي ذكرتها في الأدلة على ثبوت هذه الصفة ولايتحقق تعظيم الله وتمجيده ودعاؤه إلَاّ بأسمائه وصفاته، وإثبات صفة الرضا والعمل بمقتضاها من تعظيم الله وتمجيده ودعائه، كما في الحديث السابق:{اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وبك منك، لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك} .

وهذا هو الصراط المستقيم الذي التزمه مثبتة الصفات: أهل السنة والجماعة.

وإليك أخي المؤمن نبذة يسيرة عن أثر هذه الصفة في حياة المسلم الموحد المثبت لصفة الرضا:

الاستعاذة بصفة الله من كمال التوحيد، فكان من دعاء النبي - (-: {اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك

} .

قال ابن القيم رحمه الله: {فاستعاذ بصفة الرضا من صفة الغضب، وبفعل العافية من فعل العقوبة، واستعاذ به منه باعتبارين، وكأن في استعاذته منه جمعاً لما فصله في الجملتين قبله، فإن الاستعاذة به منه ترجع إلى معنى الكلام قبلها مع تضمنها فائدة شريفة وهي كمال التوحيد، وأن الذي يستعيذ به العائذ ويهرب منه إنَّما هو فعل الله ومشيئته وقدره فهو وحده المتفرد بالحكم، فإذا أراد بعبده سوءاً لم يعذه} (2) .

ص: 332

والمتأمل للحديث السابق يجد أن الرسول - (- استعاذ بصفة الرضا من صفة السخط، وبفعل المعافاة من فعل العقوبة فالأول للصفة، والثاني لأثرها المترتب عليها، ثُمَّ ربط ذلك كله بذاته - سبحانه - {وبك منك} ؛ لأن ذلك كله راجع إليه وحده دون سواه (1) .

وأثر صفة الرضا دائم في الآخرة بدوام رضاه سبحانه وتعالى (2) .

ويستحيل تخلف آثارها ومقتضاها عنها؛ لأن ذلك تعطيل لأحكامها كما أن نفيها نفي لحقائقها، وكلا التعطيلين محال عليه سبحانه وتعالى، فمن عطل صفاته - سبحانه -، فقد عطل الله مِمَّا يستحق، ومن لم يعمل بمقتضاها فقد عطل أحكامها وموجباتها، ومن جمع بين التعطيلين فقد حاز الكفر كله.

إن الحصول على رضا الله سبحانه وتعالى أثر الصفة - درجة رفيعة من درجات المؤمنين الصادقين، كما في قوله- سبحانه -:{رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} في سورة المائدة، وفي سورة التوبة، وفي سورة البينة وغيرها.

فهم يحصلون على درجة الرضا عنهم عند دخولهم الجنات وخلودهم فيها فيغمرهم رضاه - سبحانه - ويبلغوا درجة الرضا بما لقوا من نعيم ربهم الكريم.

ورضا الله سبحانه وتعالى من أعظم ما يمتع به المؤمن الصادق، فهو بما يصحبه من نعيم مقيم إلَاّ إنه في ذاته هو النعيم فهو أعلى وأكرم مثوبة من الله {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (3) .

ص: 333

ما أعلى رضا الله - سبحانه - وأكمله، وما أندى وما أنعم وما ألذ أثر هذه الصفة العظيمة، أثر صفة الرضا عظيم وهو خاص بحزب الله المفلحين بخير البرية، هم أهله، وهم الراضون به، {إِنَّ الَّذِينَءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولائِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ، جَزَآؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} (1) .

قال ابن كثير رحمه الله في تفسير الآية: {ومقام رضاه أعلى مِمَّا أوتوه من النعيم المقيم} (2) .

أمَّا الفاسقون العاصون لأمر الله وأمر رسوله - (- فهم المحرومون من رضى الله سبحانه وتعالى وأولهم المنافقون الذين يقولون بألسنتهم وظاهرهم: آمنا أو أسلمنا وما هم بمؤمنين يخادعون الله والذين آمنوا، فهؤلاء، قال الله فيهم: {يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِن تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} (3) ، {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَآ أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ} (4) .

إن رضى الله عن العبد أكبر نعمة ينعمها الله على عبده: {مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّآءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ

} (5) .

قال ابن كثير رحمه الله: {وصفهم بكثرة العمل وكثرة الصلاة، وهي خير الأعمال، ووصفهم بالإخلاص فيها لله عز ّوجل -، والاحتساب عند الله - تعالى - جزيل الثواب وهو الجَنَّة، المشتملة على فضل الله - عز ّوجل - وهو سعة الرزق عليهم، ورضاه - تعالى - عنهم، وهو أكبر من الأول} (6) .

ص: 334

{وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (1) .

فرضا الله عن المؤمنين أكبر وأجل وأعظم مِمَّا هم فيه من النعيم.

أكبر من الجنات التي تجري من تحتها الأنهار المعدة للخلود فيها أبداً.

وأكبر من المساكن الطيبة القرار، الحسنة البناء، الموصوفة من رسول الله - (- بقوله:{جنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلَاّ رداء الكبر على وجهه في جنة عدن} (2) .

وقال رسول الله - (-: {إن للمؤمن في الجَنَّة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة طولها ستون ميلاً من السماء للمؤمن فيها أهلون، يطوف عليهم المؤمن فلايرى بعضهم بعضاً} (3) .

فرضا الله على المؤمن أكبر من الجَنَّة التي هي: {مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله، بين كل درجتين كما بين السماء والأرض} (4) .

وصدق الله العظيم: {وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ} .

أخرج الإمام مالك، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله - (- قال:{إن الله - عزّوجل - يقول لأهل الجَنَّة: يا أهل الجَنَّة، فيقولون: لبيك ربنا وسعديك، والخير في يديك، فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لانرضى يا رب، وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك. فيقول: ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟ فيقولون: يا رب وأي شيء أفضل من ذلك. فيقول: أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبداً} .

وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله (: {إذا دخل أهل الجَنَّة الجَنَّة قال الله - عزّوجل -: {هل تشتهون شيئاً فأزيدكم؟ قالوا: يا ربنا ما خير مِمَّا أعطيتنا؟ قال: رضواني أكبر} (5) .

ص: 335

وعن عروة قال: {أفضل ما أعطي العباد في الدنيا العقل، وأفضل ما أعطوه في الآخرة رضوان الله -عزّوجل-} (1)

بل إن أكبر نعيم يتحقق للمؤمن يوم القيامة - وهو رؤيته سبحانه وتعالى إنَّما تكون مع تحقق الرضا، كما في قوله سبحانه:{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولائِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (2) .

وعند مسلم، عن أبي سعيد الخدري في الرؤية من حديث طويل، وفيه: {

فقالوا يا رسول الله كأنك كنت ترعى بالبادية، قال: فيخرجون كاللؤلؤ في رقابهم الخواتم، يعرفهم أهل الجَنَّة:هؤلاء عتقاء الله الذين أدخلهم الجَنَّة بغير عمل عملوه، ولا خير قدموه، ثُمَّ يقول: ادخلوا الجَنَّة فما رأيتموه فهو لكم، فيقولون: ربنا أعطيتنا ما لم تعط أحداً من العالمين فيقول: لكم عندي أفضل من هذا، فيقولون: يا ربنا أي شيء أفضل من هذا؟ فيقولون: رضاي فلا أسخط عليكم بعده أبداً} (3)

وفي كتاب الزهد لابن المبارك: {وغضب الله

لا دواء له إلَاّ رضوان الله - تعالى -} (4) .

فليبشر المؤمن الصادق فله الرضا من الله، كما قال الله - تعالى -:{الَّذِينَءَامَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللَّهِ وَأُولائِكَ هُمُ الْفَآئِزُونَ، يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ، خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} (5) .

ص: 336

ولقد قص الله علينا في كتابه الكريم أنباء وأخبار المستحقين لرضوانه – سبحانه وتعالى على مستوى الجماعة وعلى مستوى الفرد، كما في قوله - عزّوجل -:{لِلْفُقَرَآءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولائِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} (1) .

قال ابن كثير - رحمه الله تعالى - في تفسير الآية: {يقول تعالى مبيناً حال المستحقين لمال الفيء أنهم {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} أي: خرجوا من ديارهم وخالفوا قومهم ابتغاء مرضاة الله ورضوانه {وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولائِكَ هُمُ الصّادِقُونَ} أي: هؤلاء الذين صدقوا قولهم بفعلهم، وهؤلاء هم سادات المهاجرين} (2) .

الذي يطلب رضا الله ويعمل من أجله هو الصادق في قوله وعمله، فهم يطلبون الرضا ويبتغون مرضاة الله، ولذلك قص الله - تعالى - أمر موسى عليه السلام حينما عجل لإرضاء ربه وحصوله على رضاه فقال - سبحانه -:{وَمَآ أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَامُوسَى، قَالَ هُمْ أُولآءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى} (3)، وموسى ممن رضي الله عنهم ولكن كان شغوفاً ليزيد رضى الله عنه فسبق قومه لذلك فقال:{لِتَرْضَى} أي لتزداد عني رضا (4) .

ص: 337

وكم رغّب الله في رضاه، والحصول على أثر هذه الصفة العظيمة، في مثل قوله - سبحانه -:{اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرُ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَآ إِلَاّ مَتَاعُ الْغُرُورِ} (1) .

فالآخرة كائنة لا محالة، حذر الله سبحانه وتعالى في هذه الآية من أمرها، ورغّب فيما فيها من الخير فقال - سبحانه -:{وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ} فليس في الآخرة القريبة إلَاّ هذا أو هذا، إمَّا عذاب وإمَّا مغفرة من الله ورضوان (2) .

فهي دعوة وترغيب في طلب رضوان الله ومغفرته.

ولذلك فالمؤمن يطلب رضا الله حتى لو وصل به ذلك إلى إسخاط الناس، بل وليس الأباعد ولكن حتى لو سخط الأقارب كما قال - سبحانه -:{لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُواءَابَآءَهُمْ أَوْ أَبْنَآءَهُمْ أَوْ إِخْوَاَنهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولائِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولائِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (3) .

ص: 338

قال ابن كثير رحمه الله: {

وفي قوله تعالى: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} سر بديع؛ وهو أنه لما سخطوا على القرائب والعشائر في الله - تعالى - عوضهم الله بالرضا عنهم وأرضاهم عنه بما أعطاهم من النعيم المقيم والفوز العظيم، والفضل العميم} (1) .

والاقتداء بالرسل في طلب رضا الله هو المأمور به في آيات كثيرة، منها: قوله - تعالى - عن إسماعيل عليه السلام: {وَاذْكُرْ فِي الْكتابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيًّا، وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا} (2) .

ولقد كان محمد - (- أزكى من رضي الله عنهم، فكانت له الشفاعة العظمى.

وكم من شافع لاتنفع شفاعته يوم القيامة؛ لأن الله لم يأذن، ولم يرض له قولاً، ولم يرض عن المشفوع له، كما قال - سبحانه -:{يَوْمَئِذٍ لَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً} (3)، وقال سبحانه:{وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّماوَاتِ لَا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيئا إِلَاّ مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَآءُ وَيَرْضَى} (4)، وقال - عزّوجل -:{وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَاّ لِمَنِ ارْتَضَى} (5) .

فلابد في الشفاعة من الرضا:

1 -

الرضا عن الشافع.

2 -

الرضا عن المشفوع له، مع إذنه - سبحانه - بالشفاعة (6) .

وهذا في الشفاعة العامة التي للنبي - (- ولسائر الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، أمَّا الشفاعة العظمى فهي خاصة به - (- وهي المقام المحمود، الذي يدل على أن محمداً - (- خير من رضي الله عنه.

ص: 339

وكم هي أمنية المؤمن الصادق أن يحصل على رضا الله - تعالى - كما قال - سبحانه - عن سليمان عليه السلام: {وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ، حَتَّى إِذَآ أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَاأَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ، فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} (1) .

قال ابن كثير رحمه الله: { {وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ} أي: عملاً تحبه وترضاه} (2) .

وهذا التعبير من سليمان عليه السلام، يشير بنعمة الله عليه، ويصور نوع تأثره ورضاه بما أنعم الله عليه فهو بهذا: توجه بقوة وارتعاش وجدان، وارتياع بال، إلى طلب ما يحقق له رضا الله، بأن يوفقه إلى شكر نعمة الله عليه وعلى والديه، وإلى عمل ما يرضي الله - سبحانه -.

والتشوق إلى رضا الله - عزّوجل - ورحمته في اللحظة التي تتجلى فيها نعمته منزلة شريفة يتميز بها عباد الله المخلصين الصادقين الصالحين.

قال الله - تعالى -: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَآءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفُ بِالْعِبَادِ} (3) .

ص: 340

نزلت في صهيب بن سنان الرومي رضي الله عنه، وذلك أنه لما أسلم بمكة وأراد الهجرة منعه الناس أن يهاجر بماله وإن أحب أن يتجرد ويهاجر فعل، فتخلص منهم وأعطاهم ماله، فأنزل الله فيه هذه الآية، فتلقاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه وجماعة إلى طرف الحرة في طرف المدينة النبوية، فقالوا له: ربح البيع، فقال: نعم، وأنتم فلا أخسر الله تجارتكم، وما ذاك؟ فأخبروه أن الله أنزل فيه هذه الآية (1) .

إي والله ربح البيع صهيب، وكل مجاهد، وكل مهاجر قد هجر الشرك، وهجر الكبائر والمعاصي، وفدا دينه وعبادته وتوحيده، وابتغى مرضاة الله - تعالى -.

وفي الحديث: عن ثوبان رضي الله عنه عن النبي - (- قال: {إن العبد ليلتمس مرضاة الله - تعالى - فلا يزال بذلك فيقول الله - عز ّوجل - لجبريل إن فلاناً عبدي يلتمس أن يرضيني، ألا وإن رحمتي عليه، فيقول جبريل: رحمة الله على فلان، ويقولها حملة العرش، ويقولها من حولهم، حتى يقولها أهل السموات السبع، ثُمَّ يهبط إلى الأرض} (2)

ولا يستوي من طلب الرضا واتبع الرضا مع من باء بسخط الله واتبع الغواية، وانحرف عن عبادة الله، وأسخط ربه بشركه، وضلاله:{أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَن بَآءَ بِسَخَطٍ مِّنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} (3)

قال ابن كثير - رحمه الله تعالى -: {أي لايستوي من اتبع رضوان الله فيما شرعه فاستحق رضوان الله وجزيل ثوابه وأجير من وبيل عقابه، ومن استحق غضب الله وألزم به فلا محيد له عنه، ومأواه يوم القيامة جهنم وساءت مصيراً} (4)

قلتُ: لايستوي من أسس حياته على تقوى من الله ورضوانه، ومن أسس حياته على النفاق والصد عن رضا الله وفرّق بين المؤمنين أو حارب أمر الله ورسوله، أو تركه ولم يعمل به.

ص: 341

قال الله - تعالى -: {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (1) .

وقال - سبحانه -: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَجْوَاهُمْ إِلَاّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَآءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} (2) .

ولهذا كله يجب على كل مسلم إعانة طالب الرضا وعدم صده عن ذلك، فالله - سبحانه – يقول - وقوله الحق -:{يَاأَيّهَا الَّذِينَءَامَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلائِدَ ولاء أمين الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَبِّهِمْ وَرِضْوَا نًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (3) .

فمن معاني الآية: {

لاتستحلوا قتال القاصدين إلى بيت الله الحرام، الذي من دخله كان آمناً، وكذا من قصده طالباً فضل الله وراغباً في رضوانه، فلاتصدوه ولاتمنعوه ولاتهيجوه} (4) .

وقوله: {وَرِضْوَانًا} قال ابن عباس: {يترضون الله بحبهم} (5) .

ص: 342

ورضا الله سبحانه وتعالى من خير ما يعطيه لعباده الصالحين يوم القيامة، كما في حديث أنس رضي الله عنه وفيه: {

ثُمَّ يتجلى لهم فيقول: أنا الذي صدقتم وعدي، وأتممت عليكم نعمتي، وهذا محل كرامتي فسلوني، فيسألونه الرضا، فيقول: رضائي أحلكم داري، وأنا لكم كرامتي، فسلوني، فيسألونه الرضا، فيشهدهم الرضا، ثُمَّ يفتح لهم ما لم تر عين، ولم يخطر على قلب بشر إلى مقدار منصرفهم من الجمعة

} الحديث (1) .

{قُلْ أَؤُنَبِّئكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرُ بِالْعِبَادِ} (2) أي: يحل عليهم رضوانه فلايسخط عليهم بعد أبداً.

وفي معنى الحديث السابق قال ابن القيم - رحمه الله تعالى -:

فبينا همو في عيشهم وسرورهم

وأرزاقهم تجري عليهم وتقسم

ذا هم بنور ساطع أشرقت له

بأقطارها الجنات لا يتوهم

تجلى لهم رب السموات جهرة

فيضحك فوق ثُمَّ يكلم

سلام عليكم يسمعون جميعهم

بآذانهم تسليمه إذ يسلم

يقول سلوني ما اشتهيتم فكل ما

تريدون عندي أنني أنا أرحم

فقالوا جميعاً نحن نسألك الرضا

فأنت الذي تولي الجميل وترحم

فيعطيهم هذا ويشهد جميعهم

عليه تعالى الله فالله أكرم (3)

عن ابن عباس عن جويرية أن النبي - (- خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح - وهي في مسجدها، ثُمَّ رجع بعد أن أضحى وهي جالسة، فقال: ما زلتِ على الحال التي فارقتكِ عليها؟ قالت: نعم. قال النبي - (-: {لقد قلتُ بعدكِ أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلتِ منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده، عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه ومداد كلماته} (4) .

فقوله: {ورضا نفسه} يتضمن أمرين عظيمين:

أحدهما: أن يكون المراد تسبيحاً هو والعظمة والجلال سيان.

والثاني: ولرضا نفسه.

ص: 343

فهو في الأول: مخبر عن تسبيح مساوٍ لعدد خلقه، والثاني مثبت لرضا نفس الرب لا نهاية له في العظمة والوصف.

فالتسبيح ثناء عليه يتضمن التعظيم والتنزيه.

فإذا كانت أوصاف كماله ونعوت جلاله لا نهاية لها ولا غاية، بل هي أعظم من ذلك وأجل؛ كان الثناء عليه بها كذلك إذ هو تابع لها إخباراً وإنشاء، وهذا معنى الأول من غير عكس.

وإذا كان إحسانه - سبحانه - وثوابه وبركته وخيره لا منتهى له، وهو من موجبات رضاه وثمرته فكيف بصفة الرضا؟ .

وقد ذكر في الأثر: {إذا باركت لم يكن لبركتي منتهى} فكيف بالصفة التي صدرت عنها البركة، وهي الرضا؟ .

{والرضا يستلزم المحبة والإحسان والجود والبر والعفو والصفح والمغفرة، والخلق يستلزم العلم والقدرة والإرادة والحياة والحكمة، وكل ذلك داخل في رضا نفسه، وصفة خلقه} (1) .

وهذا الحديث متضمن لثلاثة أصول:

الأول: إثبات صفات الكمال لله - سبحانه - ومنها صفة الرضا، والثناء عليه بها.

الثاني: محبته والرضا به.

الثالث: اجتماع الحمد والتنزيه على أكمل الوجوه، وأعظمها قدراً، وأكثرها عدداً، وأجزلها وصفاً، وهذه مزية وفضل عظيمين.

قبول الرضا:

إن العمل اليسير المرافق لمرضاة الله وسنة المصطفى - (- خير وأحب إلى الله من العمل الكثير إذا خلا عن ذلك، أو عن بعضه.

ص: 344

يوضح ذلك آيات كثيرة، منها: قول الله - تعالى -: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} (1)، وقوله سبحانه وتعالى:{إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} (2) . وقوله - عزّوجل -: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَآءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} (3) فالله سبحانه وتعالى خلق السموات والأرض والموت والحياة وزين الأرض بما فيها وما عليها ليبلو العباد أيهم أحسن عملاً لا أكثر عملاً.

وحسن العمل هو: خلاصه وصوابه، وموافقته لمرضاة الله - تعالى - ومحبته، وليس الأكثر الخالي من ذلك كله أو بعضه، والتعبد لله بالأرضى له وإن كان قليلاً أرضى له من الأكثر الذي لايرضيه، فقد يتفق العملان في الصورة، وبينهما تفاضل كبير وعظيم، قد يصل مثل ما بين السماء والأرض.

وهذا الفضل يكون بحسب رضا الله سبحانه وتعالى بالعمل وقبوله ومحبته وفرحه به كما قال - (-: {لله أشد فرحاً بتوبة أحدكم من أحدكم بضالته إذا وجدها} (4) .

قال البيهقي في شرح الحديث: {قوله: أفرح: معناه لله أرضى بالتوبة وأقبل لها، والفرح قد يكون بمعنى الرضا. قال تعالى: {كُلُّ حِزْبِ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} (5) أي: راضون} (6) .

ولهذا كان قبول العمل بحسب رضا الرب سبحانه وتعالى به، فقد يتصدق اثنان أحدهما بكثير أو مرات متعددة والآخر بقليل، أو مرة، حسب استطاعته وغناه، ولكن صدقة هذا تفضل على صدقة الأول بكثير، وذلك بحسب محبة الله وقبوله لها، ورضاه قبل هذه وهذه.

فقبول الرضا والمحبة والاعتداد والمباهاة شيء، وقبول الثواب والجزاء شيء؛ لأن القبول أنواع:

النوع الأول:

ص: 345

قبول رضا، ومحبة، واعتداد، ومباهاة، وثناء على العامل بين الملأ الأعلى، كما تقدم في حديث ثوبان عن النبي - (- قال:{إن العبد ليلتمس مرضاة الله - عزّوجل - فلايزال كذلك، فيقول: يا جبريل إن عبدي فلاناً يلتمس أن يرضيني برضائي عليه، قال: فيقول جبريل - (- رحمة الله على فلان، وتقول حملة العرش، ويقول الذين يلونهم، حتى يقول أهل السموات السبع، ثُمَّ يهبط إلى الأرض، ثُمَّ قال رسول الله - (-: وهي الآية التي أنزل الله عليكم في كتابه: {إِنَّ الَّذِينَءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} (1) ، وإن العبد ليلتمس سخط الله، فيقول الله – عزّوجل - يا جبريل إن فلاناً يستسخطني، ألا وإن غضبي عليه، فيقول جبريل: غضب الله على فلان، وتقول حملة العرش، ويقول من دونهم، حتى يقوله أهل السموات السبع، ثُمَّ يهبط إلى الأرض} (2) .

ويشهد لهذا المعنى ما أخرجه البخاري ومسلم (3) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - (-: {إن الله إذا أحب عبداً دعا جبريل فقال: إني أحب فلاناً فأحبوه، فيحبه جبريل، ثُمَّ ينادي في السماء، فيقول: إن الله يحب فلاناً فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثُمَّ يوضع له القبول في الأرض. وإذا أبغض عبداً دعا جبريل فيقول: إني أبغض فلاناً فأبغضه، قال: فيبغضه جبريل، ثُمَّ ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً فأبغضوه، قال: فيبغضونه ثُمَّ توضع له البغضاء في الأرض} .

وعن عمرو بن مالك الرواسي (4) قال: أتيت النبي - (- فقلت: يا رسول الله - (- ارض عني قال: فأعرض عني ثلاثاً، قال: قلت: يا رسول الله، إن الرب ليترضى فيرضى، قال: فرضي عني (5) .

ص: 346

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - (-: {يقول الله - تعالى - أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إليَّ شبراً تقربت إليه ذراعاً، وإن تقرب إليَّ ذراعاً تقربت إليه باعاً، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة} (1) .

وعنه أيضاً قال: قال رسول الله - (-: {إن الله قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليَّ مِمَّا افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مساءته} (2) .

وكل هذا من أثر رضا الله عن العبد، وقبوله له قبول رضا ومحبة واعتداد ومباهاة.

ومن المباهاة بالمؤمنين ما رواه أبو سعيد الخدري قال: خرج معاوية على حلقة في المسجد، فقال: ما أجلسكم؟ قالوا: جلسنا نذكر الله، قال: آلله ما أجلسكم إلَاّ ذاك؟ ، قالوا: والله ما أجلسنا إلَاّ ذاك، قال: أمَّا إني لم أستحلفكم تهمة لكم، وما كان أحد بمنزلتي من رسول الله - (- أقل عنه حديثاً مني، وإن رسول الله (خرج على حلقة من أصحابه فقال: {ما أجلسكم؟} ، قالوا: جلسنا نذكر الله ونحمده على ما هدانا للإسلام، ومن به علينا، قال: {آلله ما أجلسكم إلَاّ ذاك؟} قالوا: والله ما أجلسنا إلَاّ ذاك. قال: {أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم؛ ولكنه أتاني جبريل فأخبرني أن الله – عز وجل يباهي بكم الملائكة} (3) .

النوع الثاني:

ص: 347

قبول جزاء وثواب، وإن لم يقع موقع الأول، ولعل مِمَّا يوضح ذلك قوله - سبحانه -:{ثُمَّءَاتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًي وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُم بِلِقَآءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ} (1) .

قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية: {أي جزاء على إحسانه في العمل وقيامه بأوامرنا وطاعتنا كقوله: {هَلْ جَزَآءُ الإِحْسَانِ إِلَاّ الإِحْسَانُ} (2)

وقال قتادة: من أحسن في الدنيا تمم له ذلك في الآخرة} (3)

ويوضحه قول الله - تعالى -: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} (4) فمن أحسن العمل في الدنيا بالإيمان والعمل الصالح فله الحسنى في الآخرة، كقوله - تعالى -:{هَلْ جَزَآءُ الإِحْسَانِ إِلَاّ الإِحْسَانُ} أمَّا قوله: {وَزِيَادَةٌ} فهذا تضعيف لمن استحق ذلك، فيضاعف له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة، ويشمل ذلك ما يعطيه الله المؤمنين في الجنان، من القصور، والحور، والرضا، وما أخفاه الله لهم من قرة أعين، وأفضل من ذلك كله أعلاه النظر إلى وجهه الكريم (5) .

أمَّا النوع الثالث:

{فقبول إسقاط للعقاب فقط، وإن لم يترتب عليه ثواب وجزاء، كقبول صلاة من لم يُحضر قلبه في شيء منها؛ فإنه ليس له من صلاته إلَاّ ما عقل منها} (6) .

فإذا صلى بالصفة السابقة سقط عنه الفرض، لكنه لايثاب عليها، ومثل ذلك صلاة العبد الآبق، وصلاة من أتى العراف فصدقه فيما يقول، فقد قال بعض العلماء: إن صلاة هؤلاء لاتقبل ومع هذا لايؤمرون بالإعادة (7) .

أمَّا من غلط فأوّل الصفات، أو عطّلها، ومنها صفة الرضا، فيرون أن الأعمال متساوية، والجزاء والثواب عليها واحد، ولا أثر لرضا الله سبحانه وتعالى فيها

ص: 348

وهذا دليل على عدم الفقه في أسماء الله - تعالى - وصفاته، فإنه يتبع ذلك عدم الفقه في شرع الله وأمره، فلا فقه لهم في أعمال القلوب، وحقائق الإيمان بالله - تعالى - وبأسمائه وصفاته.

المبحث التاسع: من أسباب حصول الرضا

جعل الله - سبحانه - في مقابلة أسباب عصيانه وسخطه وغضبه أسباباً يحبها، ويرضاها، ويفرح بها أكمل فرح ولهذا استعاذ النبي - (- بصفة الرضا من صفة السخط، وما يستعاذ به صادر عن مشيئة الله وإرادته وقضائه، وأذن في وقوع الأسباب، فمنه السبب والمسبب.

فإذا أغضبته - سبحانه - معاصي الخلق، وكفرهم، وشركهم، وظلمهم، أرضاه تسبيح ملائكته، وعبادة المؤمنين له، وحمدهم إياه، وطاعتهم له، فيعيذ رضاه من غضبه (1) .

وهذه بعض تلك الأسباب على سبيل الاختصار:

1 -

الحمد:

فعن أنس مرفوعاً: {إن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها، ويشرب الشربة فيحمده عليها} (2) .

والحمد مكمل الرضا، ومنزلته عظيمة، وهو علامة رضى الله على عباده، وإنعامه عليهم.

الحمد الذي افتتح الله به كتابه الكريم، وخلقه واختتمه.

فله الحمد في الأولى والآخرة، أي: في جميع ما خلق، وما هو خالق، هو المحمود في ذلك كله (3) .

قال علي رضي الله عنه: {الحمد كلمة أحبها الله ورضيها، وأحب أن تقال} (4)، وفي الحديث:{أن أهل الجَنَّة يلهمونها مع التسبيح كما يلهمون النفس} (5) .

2 -

الشكر:

قال الله تعالى: {وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} (6) ، فعلق الرضا بشكرهم، وجعله مجزوماً جزاء له، وجزاء الشرط لايكون إلَاّ بعده، فالشكر سبب الحصول على رضا الله، والرضا جزاء الشكر (7) .

3 -

الشوق إلى لقاء الله:

ص: 349

الشوق إلى لقاء الله بالشوق إلى المبادرة إلى طاعته - سبحانه -، وإن كان ذلك يؤدي إلى الشهادة في سبيله، وكم يكون الشوق حادياً للحصول على الرضا، وسمة ذلك كما قال الشاعر:

وأخرج من بين البيوت لعلني

أحدث عنك القلب بالسر خالياً (1)

فالشوق يحمل المحب على العجلة في رضا المحبوب، والمبادرة إليه على الفور، ولو كان فيها تلفه كما حصل من نبي الله موسى عليه السلام فيما حكاه الله عنه في القرآن الكريم:{وَمَآ أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَامُوسَى، قَالَ هُمْ أُولآءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى} (2)، وقال بعض المفسرين للآية:{أراد شوقاً إليك فستره بلفظ الرضا} (3)

4 -

المبادرة إلى طاعات الله وإن اكتنفها مشقة وخوف أو نحو ذلك:

فأهل بيعة الرضوان الذين بادروا وتسابقوا في نصرة النبي - (- ونصرة دينه، والإخلاص في ذلك، قال الله –تعالى- فيهم: {لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا، وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} (4)، وفي الحديث:{لايدخل النَّار - إن شاء الله - من أصحاب الشجرة أحد الذين بايعوا تحتها} (5) .

وعن علي رضي الله عنه أن رسول الله - (- قال: {

لعل الله أن يكون قد اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم} (6) ، وهذا كناية عن كمال الرضا، وصلاح الحال، وتوفيقهم للخير لا للترخص في كل فعل (7)

ص: 350

والأسباب كثيرة، وبعضها أفضل من بعض، كالصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، والجهاد في سبيل الله، وغير ذلك {وَمِنَ ا؟ لنَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَآءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفُ بِالْعِبَادِ} (1) ، وما ذكرناه نماذج فقط، وبعضاً من الأسباب المتعددة، التي من حققها حصل على رضوان الله.

وأمَّا الغضب مع الرضا والبغض مع الحب فهو أكمل ممن لايكون منه إلَاّ الرضا، والحب دون البغض والغضب للأمور المذمومة التي تستحق أن تذم وتبغض (2) .

• • •

الخاتمة:

هذا ما تيسر جمعه وكتابته في هذا الموضوع المهم، وبهذا الأسلوب الواضح الجلي السهل، وقد قصدتُ بذلك أن يكون منهجاً لكل مسلم في الإيمان بكل اسم لله تعالى أو صفة من صفاته سبحانه.

فالإيمان بها هو الإيمان بأن لله أسماء وصفات سمى نفسه ووصفها بهذه الأسماء والصفات إيماناً يتمثل في تعظيمه - سبحانه - وتقديسه والتعبد بها والعمل بمقتضاها.

وهذه هي النتيجة الأولى والمهمة من نتائج هذا البحث، وإلَاّ فهناك نتائج مهمة مكملة لهذه، منها:

1 -

إن من أعظم، بل أعظم العلوم: معرفة الله بأسمائه وصفاته - سبحانه -.

2 -

حاصل تعريف الرضا في اللغة والشرع: إثبات صفة الرضا لله - تعالى -، من غير تكييف ولا تمثيل، معلوم معناها حق على حقيقتها، كأي صفة من صفات الله - تعالى -.

3 -

أن العقل الصحيح الصريح يعلم أن نصوص كتاب الله وسنة نبيه - (- وكلام سلف الأمة: دلت على ثبوت صفة الرضا لله - تعالى -، فلايعطل من صفته اللائقة به، ولا تعطل النصوص مِمَّا دلت عليه من الكمال لله - تعالى -، وهذا هو الحق الذي عليه سلف الأمة، وأئمتها، ومن تبعهم بإحسان.

ص: 351

4 -

أن الطريق الصحيح لمعرفة الله بأسمائه وصفاته واحد لايتعدد؛ هو كتاب الله وسنة نبيه - (-، فليس للعقل أن ينكر ذلك أو يدعى ما يخالف الوحي في إثبات ما أثبته الله لنفسه أو نفاه عنها، وإلَاّ فهو ضال، بعيد عن الحق، وفهمه والالتزام به.

5 -

أن من تأول صفة الرضا، أو قال بأنها مخلوقة، أو نفاها عنه - سبحانه -، وجعلها إمَّا مجازاً أو صفة لبعض مخلوقاته، فقد ضل عن الصواب، وتبرأ منه أهل الإثبات؛ أهل السنة والجماعة، بل وردوه عليه بالسمع، والعقل الموافقان للغة، والفطرة السليمة.

6 -

إذا لم يكن للإيمان بصفات الله - عزّوجل - ومنها صفة الرضا - أثر على حياة المسلم وعمله فإنه لم يحقق التوحيد على الحقيقة؛ لأن العلم بالصفات دون العمل بمقتضاها، ليس هو الإيمان المطلوب، بل لابد مع العلم من العمل بما أخبر الله به عن نفسه، والعمل بما يدل عليه ذلك الخبر.

7 -

فعل الأسباب المأمور بها يحقق للمؤمن رضى الله -تعالى- في الدنيا، والآخرة. كما قال الله -تعالى-:{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَآءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفُ بِالْعِبَادِ} (1) .

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه وسلم أجمعين.

• • •

الحواشي والتعليقات

سورة المؤمنون: الآيتان 115، 116.

سورة التوبة: الآية 109.

سورة آل عمران: الآية 162.

سورة آل عمران: الآية 110.

سورة النور: الآيتان 51، 52.

آخر سورة الفتح: الآية 29.

سورة النساء: الآية 14.

سورة الأحزاب: من الآية 36.

سورة طه: الآيات 124 - 126.

سورة ص: من الآية 26.

سورة الأنعام: الآية 153.

سورة الأنعام: من الآية 153.

ص: 352

حديث صحيح أخرجه الطيالسي برقم 244، وأحمد في المسند 1/435، والحاكم 2/318، وقال:{حديث صحيح الإسناد} ووافقه الذهبي، والبزار في كشف الأستار رقم 2212، والدارمي في المقدمة، باب: كراهية أخذ الرأي.

أخرجه أبو داود في كتاب الفتن والملاحم، باب ذكر الفتن ودلائلها 4/97، وابن ماجة في كتاب الحدود، باب من عمل عمل قوم لوط 2/856، والترمذي في كتاب الفتن، باب 50، والدارمي في المقدمة، باب كراهية أخذ الرأي، وباب إن الله كره لكم قيل وقال، وابن حبان في صحيحه 10/431، 15/110، والإمام أحمد في المسند 4/123، 5/278 284، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 7/221:{ورجال أحمد رجال الصحيح} .

أخرجه الإمام أحمد في المسند 4/420، 423، والطبراني في المعجم الصغير 1/309، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 1/188:{رواه أحمد والبزار والطبراني في الثلاثة ورجاله رجال الصحيح} ، وقال في 7/306:{رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح} ، وانظر: الترغيب والترهيب للمنذري 3/101.

أتباع جهم بن صفوان: ينفون الصفات ويقولون بالإرجاء وبالجبر، وفناء الجَنَّة والنار، وخالفوا السلف في كثير من مسائل الاعتقاد. انظر: الفرق بين الفرق ص 199 - 200، والبداية والنهاية 10/26 - 27، والملل والنحل للشهرستاني 1/109 - 112.

خلق أفعال العباد 1/38، والآية في سورة طه: الآية 5.

هو: الكاتب المتكلم، أس الضلالة، صاحب الذكاء والجدال، المنكر للصفات، القائل بخلق القرآن، وأن الله في كل مكان، والإيمان بالقلب وإن نطق بالكفر، رأس الجهمية: الجهم بن صفوان، أبو محرز الراسبي مولاهم السمرقندي قيل: إن سلم بن أحوز قتله لإنكاره أن الله كلم موسى عليه السلام. انظر: سير أعلام النبلاء 6/26 - 27، وميزان الاعتدال 1/426، والملل والنحل 1/199 - 200.

انظر: العقيدة الأصفهانية 2/167.

سورة التوبة: من الآية 100.

سورة النور: الآية 55.

ص: 353

سورة التوبة: الآية 72.

سورة النساء: الآيتان 114، 115.

انظر: لسان العرب 14/323 - 224، 7/312 - 313، ومختار الصحاح ص 246.

انظر: النهاية للجزري 2/232، باب الراء مع الضاد، ولسان العرب 14/323.

انظر: لسان العرب 14/324، ومختار الصحاح ص 246، والمصباح المنير 1/272.

انظر: لسان العرب 14/324، ومختار الصحاح ص 246.

سورة البينة: من الآية 8.

انظر: لسان العرب 14/324.

انظر: لسان العرب 14/324.

انظر: المصباح المنير 1/272، ولسان العرب 14/324.

انظر: لسان العرب 14/324، ومختار الصحاح ص 246.

سورة المائدة: من الآية 119، والتوبة 100، والمجادلة 22، والبينة 8.

سورة الفتح: من الآية 18.

سورة طه: من الآية 109.

سورة المائدة: من الآية 3.

سورة النور: من الآية 55.

سورة الأنبياء: من الآية 28.

سورة طه: من الآية 84.

سورة الزمر: من الآية 7.

سورة النمل: من الآية 19، والأحقاف:15.

سورة النساء: من الآية 108.

سورة التوبة: من الآية 96.

أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء

باب استحباب حمد الله تعالى بعد الأكل والشرب 4/2095، والنسائي في السنن الكبرى 4/202، في كتاب الدعاء بعد الأكل، وباب ثواب الحمد لله.

سورة النساء: من الآية 114.

سورة البقرة: من الآية 207.

سورة الممتحنة: من الآية 1.

سورة الفتح: من الآية 29، وسورة الحشر: من الآية 8.

سورة التوبة: من الآية 72.

متفق عليه، أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب كلام الرب مع أهل الجَنَّة 12/487، ومسلم في كتاب الجَنَّة ونعيمها، باب إحلال الرضوان على أهل الجَنَّة فلايسخط عليهم أبداً 4/2176، وأخرجه البخاري بنحوه في كتاب الرقاق باب صفة الجَنَّة والنار.

ص: 354

أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود 1/352، ومالك في الموطأ في كتاب القرآن باب ماجاء في الدعاء، وابن خزيمة في صحيحه 1/335، في كتاب الصلاة، باب نصب القدمين في السجود، وباب الدعاء في السجود، وابن حبان في صحيحه 5/259، وغيرهم.

تفسير الطبري 6/162.

الاستقامة 137.

ذم التأويل لابن قدامة ص 18.

التدمرية لابن تيمية، تحقيق السعوي ص 7.

سورة الأعراف: الآية 180.

سورة فصلت: الآية 40.

سورة الشورى: من الآية 11.

انظر: التدمرية بتحقيق السعوي ص 7 - 8.

العرض: ما لايقوم إلَاّ بغيره، مثل الألوان: السواد والبياض ونحو ذلك. انظر: التعريفات للجرجاني 2/193 والتعاريف للمناوي 2/510.

الجسم: ما يقوم بنفسه كالحجر والجدار ونحو ذلك. انظر: الصحاح مادة (جسم) ، ولسان العرب 12/99.

الجوهر: هو ما يقوم بنفسه كالحائط ونحوه إلَاّ أن الجسم أعم من الجوهر. انظر: لسان العرب 4/152 والتعاريف للمناوي 2/668، والتعريفات للجرجاني 2/108.

سورة الشورى: من الآية 11.

مثل: فلان لايكتب، ومثل قول الشاعر:

قبيلة لايغدرون بذمة

... ولايظلمون الناس حبة خردل

[انظر: شرح الطحاوية ص 69] .

سورة الكهف: من الآية 49.

سورة البقرة: من الآية 255.

التدمرية ص 43.

تفسير ابن كثير 1/6.

هي: أم المؤمنين أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم القرشية المخزومية، اسمها هند وقيل: رمكة، وأبوها حذيفة، وقيل: سهيل. وأمها عاتكة بنت عامر الكنانية من بني فراس، وأم سلمة كانت من المهاجرين إلى الحبشة هي وزوجها قبل الرسولشتوفيت في خلافة يزيد بن معاوية. انظر: الإصابة 8/221 - 224 والاستيعاب 8/1939.

سورة طه: الآية 5.

ذم التأويل لابن قدامة ص 25، وفتح الباري 13/406، واعتقاد أهل السنة للالكائي 3/397.

ص: 355

هو: مفتي المدينة في وقته، وعالم الوقت، من أئمة الاجتهاد، ومن رواة الحديث، وأحد الحفاظ، شيخ الإمام مالك اسمه: ربيعة ابن أبي عبد الرحمن فروخ التيمي بالولاء المشهور بربيعة الرأي، روى عن أنس بن مالك وعن التابعين، قال عنه مالك:{كان ربيعة أعجل شيء جواباً} وقال ابن الماجشون: {والله ما رأيت أحوط لسنة من ربيعة} ، مات ربيعة بالهاشمية من أرض الأنبار سنة 136 هـ. انظر: سير أعلام النبلاء 6/89 - 96، وتاريخ بغداد 8/420.

ذم التأويل لابن قدامة ص 25، وانظر: سير أعلام النبلاء 6/90، وإثبات صفة العلو لابن قدامة 2/114.

حجة الأمة، إمام دار الهجرة، مالك بن أنس بن مالك المشهور، امتحن وضرب بالسياط، ألف كثير من الناس في مناقب مالك، وهو صاحب الموطأ، وله رسالة في القدر، وله غير ذلك من الكتب، توفي سنة 79 هـ رحمه الله ورضي عنه. انظر: سير أعلام النبلاء 8/48 - 135، والبداية والنهاية 10/174 - 175، وغيرهما.

ذم التأويل لابن قدامة ص 13، وانظر: اعتقاد أهل السنة للالكائي 3/398، والاعتقاد للبيهقي 2/116.

أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن.. 1/288، والنسائي في السنن الكبرى 1/511، 6/203، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب ماجاء في الدعاء بين الأذان والإقامة 1/145، وصححه الألباني وأخرجه الترمذي في باب الدعاء عند الأذان 2/27، وقال الألباني:{صحيح} .

العلامة القدوة، المفسر، المذكر، المحدث، سيف السنة، ودامغ البدعة، الزاهد، أبو عثمان إسماعيل ابن عبد الرحمن بن أحمد بن إسماعيل النيسابوري الصابوني، المولود سنة 372 هـ، والمتوفى سنة 449 هـ. انظر: سير أعلام النبلاء 18/40 - 44، والنجوم الزاهرة 5/62.

الرسالة في اعتقاد أهل السنة ص 3 - 4.

مجموع الفتاوى 6/518.

مجموع الفتاوى 12/173.

سورة المائدة: من الآية 3.

سورة المائدة: من الآية 119.

ص: 356

سورة التوبة: من الآية 100.

سورة طه: الآية 109.

سورة الفتح: الآية 18.

سورة المجادلة: الآية 22.

سورة طه: الآيتان 83، 84.

سورة النمل: الآية 19.

سورة الأحقاف: من الآية 15.

سورة النساء: الآية 108.

سورة الزمر: الآية 7.

سورة التوبة: الآية 96.

سورة النور: الآية 55.

سورة آل عمران: الآية 15.

سورة التوبة: الآية 72.

سورة الحشر: الآية 8.

سورة البقرة: الآية 207.

سورة النساء: الآية 114.

سبق في ص 171.

سبق في ص 171.

سبق في ص 171.

أخرجه الترمذي في كتاب الزهد، باب ماجاء في الصبر على البلاء 4/601 وقال:{حسن غريب من هذا الوجه} ، وابن ماجة في الفتن، باب الصبر على البلاء 2/1338، وقال الألباني:{حسن} ، وأخرجه القضاعي في مسند الشهابي 2/170.

أخرجه البخاري في كتاب الرقاق، باب حفظ اللسان

أخرجه ابن حبان في صحيحه في ذكر رجاء المرء من رضوان الله

1/514، والحاكم في المستدرك من عدة طرق 1/107، والترمذي في الزهد، باب في قلة الكلام، وقال:{حسن صحيح} 4/559، وابن ماجة في كتاب الفتن باب كف اللسان في الفتنة، وأخرجه الإمام مالك في الموطأ، كتاب الكلام، باب ما يؤمر به من التحفظ في الكلام 2/985.

الشكر لابن أبي الدنيا ص 40، وتفسير السيوطي 1/370.

سورة المطففين: الآية 15.

اعتقاد أهل السنة للالكائي 3/506، والاعتقاد للبيهقي 2/131، وحاشية ابن القيم على سنن أبي داود 13/42

سورة طه: من الآية 81.

العقيدة للإمام أحمد برواية الخلال 2/109.

سورة النحل: الآية 74.

سورة النحل: الآية 60.

سورة الروم: الآية 27.

انظر: التدمرية ص 50.

سورة فصلت: من الآية 40.

سورة الأعراف: الآية 180.

انظر: التدمرية ص 70.

ذم التأويل ص 23.

انظر: جواب أهل العلم والإيمان لابن تيمية ضمن مجموع الفتاوى 17/152.

انظر: المرجع السابق نفس الموضع.

ص: 357

انظر: الوابل الصيب لابن القيم 1/46.

سورة الشورى: من الآية 11.

انظر: رفع الاستار للصنعاني 2/142.

انظر: المصدر السابق نفس الموضع.

سورة المائدة: من الآية 119، وسورة التوبة: من الآية 100، وسورة البينة: من الآية 8.

انظر: رسالة في الصفات الاختيارية ضمن مجموع الفتاوى 6/217.

انظر: شرح السيوطي 1/104.

سورة الفتح: من الآية 18.

انظر: كتاب الإيمان الكبير ضمن مجموع فتاوى ابن تيمية 7/444.

الاستقامة 1/215.

وصفه - تعالى - بالسكوت ورد في السنة والأثر، فمن ذلك حديث أبي الدرداء يرفعه:

{ما أحل الله في كتابه فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عافية، فاقبلوا من الله عافيته؛ فإن الله لم يكن نسياً، ثُمَّ تلا هذه الآية {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} } [مريم: 64] أخرجه البزار في كشف الأستار، وقال:{إسناده صالح} ، والحاكم في المستدرك 2/375، وقال:{صحيح الإسناد} ، وأقره الذهبي، وأخرجه البيهقي في الكبرى 10/12 والدارقطني في المعجم الكبير 6/250، 261.

وله شاهد عن ابن عباس رضي الله عنه قال: {كان أهل الجاهليَّة يأكلون أشياء، ويتركون أشياء تقذراً، فبعث الله - تعالى - نبيه - (- وأنزل كتابه، وأحل حلاله، وحرم حرامه، فما أحل فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو، وتلا: {قُل لَا أَجِدُ فِي مَآ أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا

} إلى آخر الآية. أخرجه أبو داود في كتاب الأطعمة، باب ما لم يذكر تحريمه رقم 3800، والحاكم في المستدرك 4/115 وصححه، ووافقه الذهبي على ذلك، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:{فثبت بالسنة والإجماع أن الله يوصف بالسكوت} [مجموع الفتاوى 6/179] .

سورة الزمر: الآية 7.

سورة المائدة: من الآية 3.

سورة طه: الآية 84.

سورة البينة: من الآية 8.

سورة التوبة: الآية 96.

ص: 358

النهاية 2/232. وانظر: تحفة الأحوذي 10/9.

انظر: جواب أهل العلم والإيمان لابن تيمية 17/152.

سورة المائدة: من الآية 119، وسورة التوبة: من الآية 100، وسورة البينة: من الآية 8.

سورة الفتح: من الآية 18.

سورة المائدة: من الآية 119.

سورة المائدة: من الآية 3.

انظر: جواب أهل العلم والإيمان ضمن مجموع الفتاوى لابن تيمية 17/152.

قال ذلك الفخر الرازي - عفا الله عنه -. شرح قصيدة ابن القيم 1/208، ووفيات الأعيان 4/250، وشرح الطحاوية ص 244.

سورة طه: الآية 5.

سورة فاطر: من الآية 10.

سورة الشورى: من الآية 11.

سورة طه: من الآية 110.

شرح العقيدة الطحاوية ص 242، شرح قصيدة ابن القيم 1/208.

قال ذلك الشهرستاني محمد بن عبد الكريم. شرح الطحاوية ص 244.

أعلم المتأخرين، جامع طرق المذاهب، الإمام الكبير شيخ الشافعية، إمام الحرمين،

أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف ابن عبد الله

الجويني، ثُمَّ النيسابوري، ولد سنة 419 هـ، وتوفي سنة 478 هـ. انظر: سير أعلام النبلاء 8/468 - 476، والأعلام 4/160، وطبقات الشافعية 3/249 - 253.

شرح العقيدة الطحاوية ص 245.

المعتزلة: إحدى الفرق المنتسبة إلى أهل القبلة، سموا بذلك لاعتزالهم المسلمين أو لاعتزالهم مجلس الحق فقد اعتزل رئيسهم مجلس الحسن البصري فسمّاهم الحسن معتزلة، وقد أجمعت على نفي الصفات والقول بخلق القرآن وأن العبد يخلق فعله، وأن مرتكب الكبيرة مخلد في النَّار، ونفوا الشفاعة ويرون الخروج على الأئمة. انظر: البرهان في عقائد أهل الأديان للسكسكي ص 36 - 27، والفرق بين الفرق ص 114 - 117.

انظر: مقالات الإسلاميين للأشعري ص 266، ومجموع الفتاوى لابن تيمية 17/149.

انظر: جواب أهل العلم لابن تيمية ضمن الفتاوى 17/149.

انظر: السابق 6/329.

ص: 359

جامع علم الإمام أحمد، المفسر، العالم بالحديث، الحافظ الفقيه، شيخ الحنابلة وعالمهم، أبو بكر أحمد بن محمد بن هارون البغدادي الخلال، تتلمذ على المروزي وغيره من كبار العلماء، ورحل إلى فارس والشام والجزيرة يطلب فقه الإمام أحمد وفتاويه وأجوبته، توفي سنة 311 هـ. انظر: سير أعلام النبلاء 14/297 - 298، وتاريخ بغداد 5/112 - 113، والبداية والنهاية 11/148.

انظر: العقيدة للإمام أحمد برواية الخلال 2/109.

هم: أتباع أبو محمد عبد الله بن سعد بن كلاب القطان، وهم من أقرب المتكلمين إلى السنة، من أقوالهم: إن أسماء الباري لا الباري ولا غيره، والوصف لله بأنه كريم ليس صفات الفعل، والكلام من صفات النفس. انظر: سير أعلام النبلاء؟ /174 - 176، ومقاولات الإسلاميين ص 172، 179، 517.

هم: أتباع أبي الحسن بن سالم القائلين بأن صفات الأفعال بغير المشيئة والإرادة، وأن القرآن حروف وأصوات قديمة، ويوافقون أهل السنة في أكثر مسائل الاعتقاد فهم من أقرب الطوائف إلى أهل السنة. انظر: النبوات لابن تيمية 2/143، وشرح قصيدة ابن القيم 1/279، 288.

انظر: رسالة في الصفات ضمن مجموع الفتاوى لابن تيمية 6/217.

انظر: السابق 6/220.

أوحد زمانه في المعقول وعلوم الأوائل، إمام التفسير، المتكلم، أحد فقهاء الشافعية، والمشهور بالتصانيف الكبار والصغار، المعظم عند الملوك، أبو المعالي وأبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسين بن علي القرشي التميمي البكري المشهور بالفخر الرازي المتوفى سنة 606 هـ. انظر: البداية والنهاية 13/55 - 56، والأعلام 6/313.

ص: 360

صاحب المصنفات في الأصلين، الحنبلي ثُمَّ الشافعي، الأصولي المنطقي الجدلي، صاحب الأخلاق، سليم الصدر أبو الحسن سيف الدين علي بن محمد بن سالم الثعلبي الآمدي ثُمَّ الحموي ثُمَّ الدمشقي، المتوفى سنة 631 هـ. انظر: البداية والنهاية 13/140 - 141، وطبقات الشافعية 5/129، والأعلام 4/332.

انظر: رسالة في الصفات لابن تيمية ضمن مجموع الفتاوى 6/221.

انظر: جواب أهل العلم ضمن فتاوى ابن تيمية 17/149.

انظر: تفسير القرطبي 15/237.

انظر: رسالة في الصفات ضمن مجموع فتاوى ابن تيمية 6/233.

ذكره الضياء المقدسي في المختارة، وقال:{إسناده صحيح} 6/272 - 273، والدارقطني في رؤية الله 1/80، 81، والآجري في التصديق بالنظر 1/67 وقال:{حديث صحيح} ، والهيثمي في مسند الحارث 1/301، وفي مجمع الزوائد للهيثمي 10/421 - 422 وقال:{رواه البزار والطبراني في الأوسط بنحوه وأبو يعلى باختصار، ورجال أبي يعلى رجال الصحيح، وأحد إسنادي الطبراني رجاله رجال الصحيح غير عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان وقد وثقه غير واحد وضعفه غيرهم وإسناد البزار فيه خلاف} اهـ. وذكره المنذري في الترغيب والترهيب وقال: {رواه ابن أبي الدنيا والطبراني في الأوسط بإسنادين أحدهما جيد

} .

انظر: رسالة في مسألة تأويل الصفات لابن تيمية ضمن مجموع الفتاوى 6/44.

انظر: درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية 1/127 - 128.

انظر: منهاج السنة 2/115.

انظر: شرح حديث النزول ضمن فتاوى ابن تيمية 5/351، ومنهاج السنة 2/116.

انظر: شرح حديث النزول ضمن فتاوى ابن تيمية 5/352.

انظر: رسالة في مسألة تأويل الصفات لابن تيمية ضمن الفتاوى 6/46.

سورة المائدة: من الآية 119.

سورة الفتح: من الآية 18.

سورة البينة: من الآية 8.

انظر: رسالة في مسألة تأويل الصفات ضمن بمجموع فتاوى ابن تيمية 6/46، والتدمرية ص 32 - 33.

ص: 361

بيان تلبيس الجهمية 1/431، 2/164، وذم التأويل لابن قدامة ص 22.

ذم التأويل ص 23.

انظر: شرح صحيح مسلم للنووي 12/10، والديباج للسيوطي 4/319.

ذم التأويل لابن قدامة ص 11، تحقيق: بدر البدر.

ذم التأويل ص 19.

سورة محمد: من الآية 19.

سورة الإخلاص: الآية 1.

سورة الكافرون: الآية 1.

انظر: الرسالة التدمرية ص 5.

ذم التأويل لابن قدامة ص 11.

طريق الهجرتين 1/431.

انظر: مدارج السالكين 1/254.

انظر: رفع الأستار للأمير الصنعاني 2/142.

سورة التوبة: من الآية 100.

سورة البينة: الآيتان 7، 8.

تفسير ابن كثير 4/538.

سورة التوبة: الآية 96.

سورة محمد: من الآية 28.

سورة الفتح: من الآية 29.

تفسير ابن كثير 4/204.

سورة التوبة: الآية 72.

أخرجه البخاري في تفسير سورة الرحمن، باب:{وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ} ، ومسلم في كتاب الإيمان، باب إثبات رؤية المؤمنين في الآخرة ربهم سبحانه وتعالى 1/163.

أخرجه مسلم في كتاب الجَنَّة، باب صفة خيام الجَنَّة وما للمؤمنين 4/2182، وأخرجه بنحوه البخاري في كتاب التفسير، باب حور مقصورات في الخيام.

انظر: صحيح البخاري، كتاب التوحيد، باب وكان عرشه على الماء، وصحيح مسلم كتاب الإمارة، باب بيان ما أعد الله للمجاهد في الجَنَّة من الدرجات.

أخرجه الحاكم في المستدرك 1/82، وقال:{هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه} ووافقه الذهبي في التلخيص، وأخرجه الطبراني في الأوسط 9/26، وقال ابن كثير لما أورده في تفسيره 2/371:{رواه البزار من حديث الثوري، وقال الضياء المقدسي في مختاراته في كتاب صفة الجَنَّة: (هذا عندي على شرط مسلم) } قلتُ: لم أجده في المختارات.

العقل وفضله لابن أبي الدنيا ص 41.

سورة يونس: الآية 26.

ص: 362

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب معرفة طريق الرؤية 1/170، والبخاري بنحوه في باب قول الله تعالى:{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} ، والدارقطني في رؤية الله 1/26.

ذكر ذلك ابن المبارك في الزهد ص 274 فيما روي من وصايا لقمان لابنه.

سورة التوبة: الآيات 20 - 22.

سورة الحشر: الآية 8.

تفسير ابن كثير 4/337.

سورة طه: الآيتان 83، 84.

انظر: تفسير ابن كثير 3/161.

سورة الحديد: الآية 20.

انظر: تفسير ابن كثير 4/313.

سورة المجادلة: الآية 22.

تفسير ابن كثير 4/329.

سورة مريم: الآيتان 54، 55.

سورة طه: الآية 109.

سورة النجم: الآية 26.

سورة الأنبياء: من الآية 28.

انظر: شرح حديث النزول للشيخ ابن عثيمين ص 57.

سورة النمل: الآيات 17 - 19.

تفسير ابن كثير 3/360.

سورة البقرة: الآية 207.

انظر: تفسير ابن كثير 1/248.

رواه الإمام أحمد في المسند 5/279، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 10/202:{ورجاله رجال الصحيح غير ميمون بن عجلان وهو ثقة} ، وقال ابن حجر في الفتح 10/462:{ويشهد له حديث أبي هريرة الآتي في الرقائق ففيه: {ولايزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه} الحديث. وانظر: تحفة الأحوذي للمباركفوري 8/483.

سورة آل عمران: الآية 162.

تفسير ابن كثير 1/425، وانظر: تفسير الطبري 4/161.

سورة التوبة: الآية 109.

سورة النساء: الآية 114.

سورة المائدة: الآية 2.

تفسير ابن كثير 3/5.

السابق 3/5.

ذكره الضياء المقدسي في الأحاديث المختارة 6/272 - 273، وقال:{إسناده صحيح} ، وسبق باقي تخريجه

سورة آل عمران: الآية 15.

حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح 1/7.

ص: 363

أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء

، باب التسبيح أول النهار وعند النوم 4/2090، وابن حبان في صحيحه 3/113، وابن خزيمة في صحيحه 1/370، وأحمد في المسند 6/324، 429، والطبراني في المعجم الكبير 24/61، والترمذي في الدعوات، باب 104 وقال: {حسن

صحيح} 5/555، وابن ماجة في كتاب الأدب، باب فضل التسبيح 2/1251، وغيرهم.

المنار المنيف لابن القيم 1/36.

سورة الملك: الآية 2.

سورة الكهف: من الآية 7.

سورة هود: 7.

أخرجه مسلم في كتاب التوبة، باب في الحض على التوبة والفرح بها، بألفاظ متعددة وطرق متعددة، والبيهقي في السنن الكبرى 10/188، وابن حبان في صحيحه 2/387، وأحمد في عدة مواضع من المسند منها 2/316.

سورة المؤمنون: من الآية 53، وسورة الروم: من الآية 32.

الأربعون الصغرى 2/30.

قلتُ: وقول البيهقي رحمه الله هذا ليس هو الصحيح في إثبات صفة الفرح لله - تعالى - وإن كان يدل على معنى من معاني الرضا، والصحيح أن صفة الفرح لله - تعالى - على ما يليق بجلاله وعظمته، كسائر صفاته، وتأويلها بالرضا ليس صحيحاً، وإنَّما هو مذهب أهل التأويل والتعطيل، وإلَاّ فالصفة له على ما يليق به، معناها معلوم في اللغة العربيَّة وكيفها مجهول، والإيمان بها واجب، كما ثبتت في النصوص، ومنها هذا الحديث.

سورة مريم: الآية 96.

أخرجه الطبراني في الأوسط 2/57 - 58، وقال:{لايروى هذا الحديث عن ثوبان إلَاّ بهذا الإسناد تفرد به ميمون} ، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 10/272 ثُمَّ قال:{رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله ثقات} .

أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق، باب ذكر الملائكة، وفي مواضع أخرى، وأخرجه مسلم في كتاب البر والصلة، باب إذا أحب الله عبداً حببه إلى عباده 4/2030.

ص: 364

هو: عمرو بن مالك بن قيس بن بجيد الرواسي كوفي وفد على النبيشمع أبيه فأسلما، وقال قوم: إن الصحبة لأبيه. انظر: الإصابة في تمييز الصحابة 4/675، والاستيعاب لابن عبد البر 8/1200، والطبقات الكبرى لابن سعد 1/300.

أخرجه أبو يعلى في مسنده 12/236، والبيهقي في شعب الإيمان 6/312، وابن حبان في الثقات 3/270. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 10/202:{رواه البزار من رواية طارق عن عمرو بن مالك، وطارق ذكره ابن أبي حاتم ولم يوثقه، ولم يجرحه وبقية رجاله ثقات} اهـ

أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى:{وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} ، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء

باب الحث على ذكر الله 4/2061، وباب فضل الذكر والدعاء والتقرب إلى الله تعالى 4/2067.

أخرجه البخاري في كتاب الرقائق، باب التواضع، وابن حبان في صحيحه 2/58، وأحمد في المسند 6/256 وغيرهم.

أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر 4/2075، وابن حبان في صحيحه 3/95، والطبراني في الدعاء ص 529، وأبو يعلى في مسنده 13/381، وأحمد في المسند 4/92 والترمذي في كتاب الدعوات، باب ماجاء في القوم يجلسون فيذكرون الله

5/459، وغيرهم.

سورة الأنعام: الآية 154.

سورة الرحمن: الآية 60.

تفسير ابن كثير 2/192.

سورة يونس: من الآية 26.

انظر: تفسير ابن كثير 2/485.

المنار المنيف لابن القيم ص 32.

انظر: المنار المنيف ص 33.

انظر: عدة الصابرين لابن القيم 1/238.

سبق تخريجه في ص 9. وانظر: أصول الإيمان للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ص 44.

انظر: تفسير ابن كثير 1/3.

أخرجه ابن أبي حاتم كما ذكر ذلك ابن كثير في تفسيره 1/23.

ص: 365

أخرجه بنحوه مسلم في كتاب الجَنَّة وصفة نعيمها، باب في صفات الجَنَّة وأهلها

4/2181، وابن حبان في صحيحه 16/462، والدارمي في كتاب الرقاق، باب في أهل الجَنَّة ونعيمها.

سورة الزمر: من الآية 7.

انظر: رسالة في الصفات الاختيارية ضمن مجموع الفتاوى لابن تيمية 6/226.

روضة المحبين لابن القيم ص 437.

سورة طه: الآيتان 83، 84.

روضة المحبين: ص 437.

سورة الفتح: الآيتان 18، 19.

أخرجه مسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أصحاب الشجرة أهل بيعة الرضوان 4/1942، وأحمد في المسند 5/695، وقال:{حسن صحيح} ، وغيرهم.

أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب الجاسوس، وقول الله تعالى: {لَاتَتَّخِذُوا عَدُوِّي

} ، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أهل بدر رضي الله عنهم وقصة حاطب بن أبي بلتعة، وأحمد في المسند في مواضع منها 1/330، وأبو يعلى في مسنده 1/316.

انظر: عون المعبود 12/264.

سورة البقرة: الآية 207.

الرسالة الأكملية لابن تيمية ضمن الفتاوى 6/94.

سورة البقرة: الآية 207.

المصادر والمراجع

القرآن الكريم.

الأحاديث المختارة: أو المستخرج من الأحاديث المختارة مِمَّا لم يخرجه البخاري ومسلم في صحيحهما، ضياء الدين، أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي، ط الأولى 1412 هـ، مكتبة النهضة الحديثة، مكة المكرمة، دراسة وتحقيق: د. عبد الملك بن دهيش.

الأربعون الصغرى: لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي، تحقيق: أبو إسحاق الحويني الأثري، ط الأولى 1408 هـ، نشر دار الكتاب العربي، بيروت.

الاستقامة: لابن تيمية، تحقيق: د. محمد رشاد سالم، ط الأولى 1404 هـ، طبع ونشر جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

الاستيعاب في معرفة الأصحاب: لأبي عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر، تحقيق: علي محمد البجاوي، مطبعة نهضة مصر.

ص: 366

أصول الإيمان: للشيخ محمد بن عبد الوهاب، تحقيق: د. باسم الجوابرة.

الإصابة في تمييز الصحابة: لابن حجر العسقلاني، ط الأولى 1328 هـ، نشر: دار العلوم الحديثة.

الاعتقاد: لأبي بكر البيهقي، تحقيق: أحمد عصام الكاتب، ط الأولى 1401 هـ، دار الآفاق الجديدة، بيروت.

البداية والنهاية: لأبي الفداء الحافظ ابن كثير، نشر مكتبة الرياض الحديثة بالرياض، ومكتبة المعارف ببيروت.

البرهان في عقائد أهل الأديان: للسكسكي، دار التراث العربي 1400 هـ.

بيان تلبيس الجهمية: لابن تيمية، تحقيق: محمد بن عبد الرحمن القاسم، مطبعة الحكومة بمكة المكرمة 1392 هـ.

تأريخ بغداد، أو مدينة السلام: للحافظ أبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي، دار الكتب العالمية ببيروت.

تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي: لمحمد بن عبد الرحمن المباركفوري، نشر دار الكتب العلمية ببيروت.

التدمرية: لابن تيمية، تحقيق: د. محمد السعوي، ط الأولى 1405 هـ.

الترغيب والترهيب: لعبد العظيم بن عبد القوي المنذري، تحقيق: إبراهيم شمس الدين، ط الأولى 1417 هـ نشر دار الكتب العلمية ببيروت.

التصديق بالنظر: لمحمد بن حسين الآجري، تحقيق: سمير الزهيري، ط الأولى 1408 هـ، نشر مؤسسة الرسالة ببيروت.

التعريفات: لعلي بن محمد الجرجاني، تحقيق: إبراهيم الأبياري، ط الأولى 1405 هـ، نشر دار الكتاب العربي ببيروت.

التوقيف على مهمات التعاريف: لمحمد بن عبد الرؤوف المناوي، تحقيق: د. محمد رضوان الداية ط الأولى 1410 هـ، نشر: دار الفكر ببيروت ودمشق.

تفسير القرآن العظيم: لأبي الفداء الحافظ ابن كثير، دار الفكر ببيروت، 1401 هـ.

الثقات: لابن حبان البستي، تحقيق: السيد شرف الدين أحمد، ط الأولى 1395 هـ، نشر: دار الفكر.

ص: 367

الجامع لأحكام القرآن: لأبي عبد الله محمد بن أحمد القرطبي، دار الكتب، نشر: دار الكتاب العربي للطباعة والنشر بالقاهرة 1387 هـ.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن: لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري، ط الثالثة، البابي الحلبي بمصر 1388 هـ.

الجامع الصحيح المختصر: لمحمد بن إسماعيل البخاري، تحقيق: مصطفى البغا 1407 هـ، دار ابن كثير واليمامة.

الجامع الصحيح (سنن الترمذي) : لمحمد بن عيسى أبي عيسى الترمذي، تحقيق: أحمد محمد شاكر، ومحمد فؤاد عبد الباقي، وإبراهيم عطوة عوض، نشر المكتبة الإسلاميَّة.

حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح: لابن القيم الجوزية، نشر دار الكتب العلمية ببيروت.

حاشية ابن القيم على سنن أبي داود: لابن القيم الجوزية، نشر دار الكتب العلمية ببيروت سنة 1415 هـ.

خلق أفعال العباد: لمحمد بن إسماعيل البخاري، تحقيق: د عبد الرحمن عميرة 1398 هـ، نشر دار المعارف بالرياض.

درء تعارض العقل والنقل: لابن تيمية، تحقيق: محمد رشاد سالم، نشر جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلاميَّة، 1399 هـ.

الدر المنثور في التفسير بالمأثور: لجلال الدين السيوطي، نشر دار الفكر ببيروت، سنة 1414 هـ.

الدعاء: لسليمان أبي القاسم الطبراني، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، ط الأولى 1413 هـ نشر دار الكتب العلمية ببيروت.

الديباج على صحيح مسلم: لجلال الدين السيوطي، تحقيق: أبي إسحاق الأثري، نشر دار ابن عفان بالخبر 1416 هـ.

ذم التأويل: لموفق الدين ابن قدامة المقدسي، الدار السلفية، الكويت.

رؤية الله: لعلي بن عمر الدارقطني، تحقيق: مبروك إسماعيل مبروك، نشر مكتبة القرآن بالقاهرة.

الرسالة في اعتقاد أهل السنة وأصحاب الحديث والأئمة، أو عقيدة السلف أصحاب الحديث: لأبي إسماعيل الصابوني، تحقيق: بدر البدر، نشر الدار السلفية بالكويت.

ص: 368

رفع الأستار: لمحمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني، تحقيق: الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، ط الأولى 1405 هـ، نشر المكتب الإسلامي ببيروت.

روضة المحبين ونزهة المشتاقين: لابن القيم الجوزية، نشر دار الكتب العلمية ببيروت سنة 1412 هـ.

الزهد: لعبد الله ابن المبارك المروزي، تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي، دار الكتب العلمية ببيروت.

الزهد وصفة الزاهدين: لأحمد بن محمد ابن الأعرابي، تحقيق: مجدي فتحي السيد، ط الأولى 1408 هـ نشر دار الصحابة بطنطا، مصر.

سنن أبي داود: للحافظ سليمان بن الأشعث السجستاني، تحقيق: عزت الدعاس، دار الحديث بحمص سوريا.

سنن أبي داود: للحافظ سليمان بن الأشعث، تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد، دار الفكر ببيروت.

سنن الدارمي: لأبي محمد الدارمي، دار الكتب العلمية ببيروت، نشر دار إحياء السنة النبوية.

سنن ابن ماجة: للحافظ أبي عبد الله محمد بن زيد بن ماجة، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع.

السنن الكبرى: لأحمد بن شعيب النسائي، تحقيق: د. عبد الغفار البنداري، وسيد كسروي، ط الأولى 1411 هـ، دار الكتب العلمية ببيروت.

السنن الكبرى: للبيهقي، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، مكتبة دار الباز بمكة المكرمة 1414 هـ.

سير أعلام النبلاء: لشمس الدين محمد بن أحمد الذهبي، مؤسسة الرسالة.

شذرات الذهب في أخبار من ذهب: لابن العماد الحنبلي، دار الآفاق الجديد ببيروت.

شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة: لهبة الله بن الحسن اللالكائي، تحقيق: د. أحمد سعد حمدان 1402 هـ، دار طيبة بالرياض.

شرح الحافظ السيوطي لسنن النسائي: للحافظ جلال الدين السيوطي، تحقيق: عبد الفتاح أبو غدة ط الثانية 1406 هـ، مكتبة المطبوعات الإسلاميَّة بحلب.

شرح حديث جبريل عليه السلام: للشيخ محمد بن صالح العثيمين، دار الثريا للنشر والتوزيع، ط الأولى 1415 هـ.

ص: 369

شرح العقيدة الأصفهانية: لابن تيمية، تحقيق: إبراهيم سعيداي، ط الأولى 1415 هـ، مكتبة الرسالة بالرياض.

شرح العقيدة الطحاوية: لابن أبي العز الحنفي، تحقيق: د. عبد الله التركي وشعيب الأرناؤوط مؤسسة الرسالة

شرح قصيدة ابن القيم: لابن القيم الجوزية، تحقيق: زهير الشاويش، ط الثالثة 1406 هـ، نشر المكتب الإسلامي ببيروت.

شعب الإيمان: لأبي بكر البيهقي، تحقيق: محمد السعيد زغلول، ط الأولى 1410 هـ، نشر دار الكتب العلمية ببيروت.

الشكر: لابن أبي الدنيا، مؤسسة الكتب الثقافية ببيروت.

صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان: لمحمد بن حبان البستي، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، ط الثانية 1414 هـ مؤسسة الرسالة ببيروت.

صحيح الإمام مسلم: مسلم بن الحجاج القشيري، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار الفكر ببيروت 1398 هـ

صحيح مسلم بشرح النووي: للإمام النووي، دار الفكر ببيروت.

طبقات الشافعية الكبرى: لتاج الدين السبكي، دار المعرفة للطباعة والنشر ببيروت.

الطبقات الكبرى: لابن سعد، دار صادر ببيروت.

طريق الهجرتين وباب السعادتين: لابن القيم الجوزية، تحقيق: عمر بن محمود أبو عمر، ط الثالثة 1414 هـ، نشر دار ابن القيم بالدمام.

عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين: لابن القيم الجوزية، تحقيق: زكريا علي يوسف، نشر دار الكتب العلمية ببيروت.

العقل وفضله: لابن أبي الدنيا، تحقيق: لطفي محمد الصغير، ط الأولى 1409 هـ، نشر دار الراية بالرياض

العقيدة: للإمام أحمد بن حنبل برواية الخلال، تحقيق: عبد العزيز السيروان، ط الأولى 1408 هـ نشر دار قتيبة بدمشق.

فتح الباري شرح صحيح البخاري: لابن حجر العسقلاني، المكتبة السلفية.

الفرق بين الفرق: لعبد القاهر البغدادي، دار المعرفة ببيروت.

القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى: للشيخ محمد بن صالح العثيمين، عالم الكتب.

ص: 370

كشف الأستار عن زوائد البزار: لنور الدين الهيثمي، تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي، ط الثانية 1404 هـ نشر مؤسسة الرسالة ببيروت.

لسان العرب: لأبي الفضل بن منظور، دار صادر ببيروت.

مجمع الزوائد ومنيع الفوائد: لنور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي، مؤسسة المعارف ببيروت.

مجموع فتاوى ابن تيمية: جمع عبد الرحمن القاسم، ط رئاسة الحرمين.

مختار الصحاح: لمحمد بن أبي بكر الرازي، دار الفكر ببيروت.

مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين: لابن القيم الجوزية، تحقيق: محمد حامد الفقي، ط الثانية 1393 هـ، نشر دار الفكر العربي ببيروت.

المستدرك على الصحيحين: للإمام الحافظ أبي عبد الله الحاكم النيسابوري، وبذيله التلخيص للإمام الذهبي توزيع مكتبة المعارف بالرياض.

مسند أبي يعلى: لأحمد بن علي الموصلي، تحقيق: حسين سليم أسد، ط الأولى 1404 هـ نشر دار المأمون للتراث بدمشق.

المسند: للإمام أحمد بن حنبل، المكتب الإسلامي للطباعة، نشر دار الفكر ببيروت.

مسند البزار: لأبي بكر أحمد بن عمرو البزار، تحقيق: د. محفوظ الرحمن وزين الله، ط الأولى 1409 هـ مؤسسة علوم القرآن ببيروت، ومكتبة العلوم والحكم بالمدينة.

مسند الحارثي {بغية الباحث عن زوائد الحارث} : للحارث بن أبي أسامة والحافظ الهيثمي، تحقيق: د. حسين الباكري، ط الأولى 1413 هـ، نشر مركز خدمة السنة بالمدينة.

مسند الشهاب: لمحمد بن سلامة القضاعي، تحقيق: حمدي السلفي، ط الثانية 1407 هـ، نشر مؤسسة الرسالة ببيروت.

مسند الطيالسي: لسليمان بن داود الطيالسي، دار المعرفة ببيروت.

المصباح المنير في غريب الشرح الكبير: لأحمد بن محمد المقرزي الفيومي، توزيع دار الباز بمكة.

المعجم الأوسط: لأبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، تحقيق: طارق بن عوض الله، وعبد المحسن الحسيني 1415 هـ، نشر دار الحرمين بالقاهرة.

ص: 371

المعجم الصغير: لابن القاسم الطبراني، تحقيق: محمد شكور، ط الأولى 1405 هـ، نشر المكتب الإسلامي دار عمار ببيروت وعَمّان.

المعجم الكبير: لأبي القاسم الطبراني، تحقيق: حمدي السلفي، ط الثانية 1404 هـ، مكتبة دار الحكم بالموصل.

مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين: لأبي الحسن الأشعري، تحقيق: هلموت ريتر، ط الثالثة نشر دار إحياء التراث العربي ببيروت.

الملل والنحل: لأبي الفتح الشهرستاني، دار المعرفة ببيروت.

المنار المنيف في الصحيح والضعيف: لابن القيم الجوزية، تحقيق: عبد الفتاح أبو غدة، ط الثانية 1403 هـ نشر مكتب المطبوعات الإسلاميَّة بحلب.

منال الطالب في شرح طوال الغرائب: لمجد الدين أبي السعادات ابن الأثير، تحقيق: د. محمود الطناحي طباعة ونشر جامعة أم القرى.

منهاج السنة النبوية: لابن تيمية، تحقيق: د. محمد رشاد سالم، نشر جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلاميَّة، 1406 هـ.

الموسوعة الحديثية {مسند الإمام أحمد} : تحقيق: د. عبد الله التركي، وشعيب الأرناؤوط ومن معهم مؤسسة الرسالة ببيروت.

الموطأ: للإمام مالك بن أنس، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، نشر: دار إحياء التراث العربي ببيروت.

ميزان الاعتدال: للإمام محمد بن أحمد الذهبي، تحقيق: علي محمد البجاوي، دار المعرفة ببيروت.

النجوم الزاهرة في أخبار مصر والقاهرة: لابن تغري بردي.

النبوات: لابن تيمية، نشر المطبعة السلفية بالقاهرة، 1386 هـ.

النهاية في غريب الأثر: لأبي السعادات ابن الأثير الجزري، تحقيق: طاهر الزاوي، ومحمود الطباخي 1399 هـ، نشر دار الفكر ببيروت.

الوابل الصيب من الكلم الطيب: لابن القيم الجوزية، تحقيق: محمد عبد الرحمن عوض، ط الأولى 1405 هـ نشر الكتاب العربي ببيروت.

وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان: لأبي العباس ابن خلكان، تحقيق: د. إحسان عباس، دار صادر ببيروت.

ص: 372