الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ظاهرة التَّلَطف في الأساليب العربية
(دراسة دلالية لتقبل الألفاظ لدى الجماعة اللغوية)
د. محمد بن سعيد بن إبراهيم الثبيتي
الأستاذ المساعد - بمعهد اللغة العربية - قسم التخصص اللغويّ والتربويّ
جامعة أم القرى
ملخص البحث
هذا البحث محاولة لإبراز أهمية الجانب الاجتماعي في دراسة اللغة والكشف عن أسرارها ذات الصلة بحياة المجتمع وخاصة ما تكون عليه الجماعة اللغوية من حشمة وأدب ونحوهما فتلجأ تجاه هذا النمط الاجتماعي من حياتها إلى ظاهرة التلطف في اللغة، فتبلغ بذلك غرضها بأسلوب راق مراعية بذلك الآثار النفسية والقيم الاجتماعية في حياة الفرد والمجتمع. وعلى ضوء ذلك تناولت الدراسة هذه الظاهرة من عدة جوانب، وهي:
1-
التلطف لغة واصطلاحاً: وفيه تعريف موجز بمعنى كلمة التلطف في اللغة، وبيان معناها الاصطلاحي لدى القدماء والمحدثين.
2-
المواقف التي يعمد المتكلم فيها إلى التلطف: وقد أشارت الدراسة إلى موقفين، أحدهما: فردي يعتمد على سرعة البديهة والفطنة والذكاء. والآخر: جماعي يحاكي فيه الفرد مجتمعه فيخضع إلى ما يقرره المجتمع في خطابه محاكياً له في جل الدوافع التي تعود إلى الحياة الاجتماعية كالكياسة والتأدب، والتطير والتفاؤل، والخوف والفزع ونحو ذلك.
3-
دوافع التلطف وأسبابه: حيث أشارت الدراسة إلى أهمية هذه الدوافع لدى القدماء والمحدثين وخلصت إلى بيان أبرزها وهي:
الكياسة والتأدب – التفاؤل والتشاؤم – التبجيل والتعظيم.
…
...
4-
ثم ختمت الدراسة، بيان أهم وسائل التلطف وهي الاستعمال المجازي عن طريق الكناية ونحوها، والتحريف الصوتي عن طريق الإبدال ونحوه.
والله أسأل أن يوفق الجميع لخدمة لغة القران، وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين.
• • •
التمهيد:
إنَّ اللغاتِ تتأثرُ بحضارات الأمم ونظمِها، وتقاليدها، وعقائدها، واتجاهاتها النفسية والثقافية وغير ذلك من شئون الحياة الاجتماعية، وكلّ تطور يحدث في ناحية من هذه النواحي يتردد صداه في أداة التعبير وهي اللغة، لذلك تُعَدُّ اللغات أصدق سجل لتاريخ الشعوب. فكلما اتسعتْ حضارةُ الأمةِ، وكَثُرتْ حاجاتُها، ورقي تفكيرها، وتهذيتْ اتجاهاتُها النفسيةُ، نهضت لغتُها وسمتْ أساليبُها وتعددتْ فيها فنونُ القول. وهلم جرا (1) .
واللغة العربية أصدق شاهدٍ على ما نقول فقد عُدَّتْ في مقدِّمة اللغات الراقية لما وصلت إليه من تهذيب في ألفاظها وسموٍّ في أساليبها، ودقةٍ في تراكيبها، ومرونة في التعبير عن حاجاتها، وتنوعت فنون القول فيها حتى سحرت كثيراً من الباحثين - قدماء ومحدثين - فرأوها أفضل اللغات وأفصحها، وأجملها، وفي ذلك يقول ابن جنيِّ من القدماءِ:
((وذلك أنّا نسأل علماءَ العربيةِ مِمَّنْ أصلُه عَجَميٌّ وقد تدرب بلغته قبل استعرابه عن حال اللغتين، فلا يجمع بينهما، بل لايكاد يقبل السؤال عن ذلك، لبعده في نفسه، وتقدم لطف العربية في رأيه وحسهِ. سألت غيرَ مرَّةٍ أبا عليٍّ رضي الله عنه.. عن ذلك، فكان جوابه عنه نحواً مما حكيته
…
ولم نر أحداً من أشياخنا فيها - كأبي حاتم وبُنْدَار وأبي عليٍّ، وفلان وفلان - يُسوُّون بينهما، ولا يُقرّبون بين حاليهما. وكأنَّ هذا موضعٌ ليس للخلاف فيه مجالٌ لوضوحه عند الكافَّةِ)) (2) .
ويقول ابن خلدون: ((وكانتِ الملكةُ الحاصلة للعرب من ذلك أحقَّ الملكاتِ وأوضَحها بياناً عن المقصد)) (3) .
ويرى ابن فارس أن اللغة العربية أفضل اللغات وأوسعُها، وذلك دليلٌ على أنَّ اللَّهَ اختارها لأشرف رسله وخاتم رسالاته، فأنزل بها كتابه المبين (4) . وإلى مثل هذا ذهب السيوطيُّ وغيره من القدماء (5) .
وخلاصة القولِ أنَّ اللغة مرآةٌ ينعكس فيها كلُّ ما يسير عليه الناطقون بها في شئونهم الاجتماعية العامة والخاصة ويشمل ذلك العقائد والعادات، والتقاليد، والمبادئ وغير ذلك مما يصبغ اللغة بصبغة خاصّةٍ في جميع مظاهرها: في الأصواتِ، والمفرداتِ، والدِّلالة، والقواعد، والأساليب
…
وهلم جرا.
فما يكون عليه الأفراد على سبيل المثال - من حشمةٍ وأدبٍ في شئونهم ومعاملاتهم وعلاقاتهم بعضهم ببعض ينعكس صداه في لغتهم، فاللاتينيون مثلاً (1) يعبرون عن العورات والأمور المستهجنة والأعمال الواجب سترها بعباراتٍ صريحة ومكشوفةٍ، على حين أنَّ العرب تتلمسُ أحسنَ الحيلِ وأدناها إلى الحشمةِ والأدب في التعبير عن هذه الأمور وغيرها مماله آثارٌ نفسيةٌ فتلجأُ إلى التَّلَطُف في الكلام، فتبلغ غرضها بأسلوبٍ ألطفَ وأحسنَ من الكشفِ والتصريحِ ويعيبون على الرّجل إذا كان يكاشفُ في ذلك، ويقولون:((فلانٌ لا يحسنُ التعريضَ إلا ثَلْبا)) (2) والتعريض خلافُ التصريحِ.
والعربُ تُعبرُ عن الأفعال التى تُستر عن العيونِ وتتأذّى منها النفوس بألفاظٍ تدل عليها غير موضوعةٍ لها، تنزهاً عن إيرادها على جهتها وتَحَرُّزاً عمّا وُضِع لأجلها إذ الحاجة إلى ستر أقوالهم كالحاجة إلى سترِ أفعالهم فيتحرزون عن التصريح بالتعريضِ فيكنون عن لفظه، إكراماً لأنفسهم عن التلفظ به (3) .
وفي القرآن الكريم من التَّلَطُف في الأسلوب ما يدلُّ على كريم العبارات ونبيل الألفاظ، من نحو قوله تعالى:{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرثَكُمْ أَنَّى شِئتُمْ} (1) وقوله تعالى: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّساء} (2)، وقولِهِ:{وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} (3)، وقولِهِ:{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةََ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} (4)، وقوله:{فَتَحْرِيْرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسا} (5) . وقد كنى القرآن الكريم عن العمليّة الجنسية (العلاقة بين الرجل والمرأة) بألفاظٍ كريمة هي: السّر والحرثُ، والملامسة، والإفضاءُ، والرفثُ، والدخول، وغيرها (6) .
التَّلَطُف لغة واصطلاحا
التَّلَطُف في اللغة من مادةِ ((لطف)) والمادةُ كما يرى ابنُ فارس تدورُ حول معنىً عامٍ واحدٍ هو الترفقُ (7) .
وفي التهذيب للأزهريّ: يروى عمروُ عن أبيه أنَّه قال: اللطيف: ((الذي يُوصِل إليك أَرَبك في رفق
…
واللطيف من الكلام ما غَمُضَ معناه وخفي)) (8)، وزاد في اللسان: والتَّلَطُف للأمر: الترفق له (9) . وفي أساس البلاغة للزمخشريّ: ((ومن المجاز
…
وتلطفتُ بفلانٍ: احتلتُ له حتى اطّلعتُ على أسراره)) (10) .
وفي معجم ألفاظ القرآن الكريم لمجمع اللغة العربية، والتَّلَطُف في قوله تعالى:{فَلَيَأتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ} (11) أىّ وليترفّق في الحصول على ما يريد (12) .
ومما سبق يتضح لنا أنّ التَّلَطُف في اللغةِ يعني الترفق، غيرَ أنّه ترفقٌ لا يعدم الحيلة والفطنة والذكاء.
وقد فطن القدماء من علماء العربية لهذه الظاهرة ودرسوها تحت مباحث الكناية وأنواعها ودوافعها، واستعملوا بعض المصطلحات المتصلة بها مثل: تحسين اللفظ، وتلطيف المعنى، والكنايات اللطيفة، والتعريض، يقول المبرد:
((ويكون من الكناية - وذاك أحسنها - الرغبة عن اللفظ الخسيس المفحش إلى ما يدل على معناه من غيره. قال الله عزوجل:
{أُحِلَّ لكم ليلةَ الصّيامِ الرَّفَثُ إلى نِسَائِكم} (1)، وقالَ جلّ ثناؤه:{أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاء} (2)
…
ومن ذلك قولهم:
جاء فلان من الغائِط، كناية عن الحدث، وإنما الغائط الوادي، قال عمرو بن مَعْدِي كَرِب:
وكم من غائِطٍ من دون سلمى
…
قليل الإنس ليس به كَتِيعُ)) (3)
ويقول ابن فارس تحت باب الكناية:
((الكناية لها بابان: أحدهما: أن يُكْنى عن الشيء فيذكر بغير اسمه تحسيناً للفظ، أو إكراماً للمذكور، وذلك كقوله جلّ ثناؤه: {وَقَالوا لِجُلُودِهِمْ: لِمَ شَهِدّتم عَلَيْنَا؟} (4) قالوا إن الجلود في هذا الموضع كناية عن آراب الإنسان. وكذلك قوله جل ثناؤه: {وَلَكِنْ لاتُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} (5)
…
كل هذا تحسين اللفظ. والكناية التى للتبجيل قولهم: ((أبو فلان)) صيانة لاسمه عن الابتذال. . .)) (6) .
وقد عقد الثعالبي في كتابه ((فقه اللغة وسر العربية)) لها فصلاً أسماه: فصل في الكناية عما يستقبح ذكره بما يستحسن لفظه ومن أمثلته التى ذكرها (7)، قوله تعالى:{فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} (8) .
وقول النبي - (- لقائد الإبل التى عليها نساؤه: ((رفقاً بالقوارير)) . بل إنه أفرد هذه الظاهرة بكتاب أسماه: ((الكناية والتعريض)) قال في وصفه:
إنه كتاب خفيف الحجم، ثقيل الوزن، صغير الجرم، كبير الغنم، في الكنايات عمّا يستهجن ذكره، ويستقبح نشره
…
بألفاظ مقبولة تؤدي المعنى، وتفصح عن المغزى، وتحسن القبيح، وتلطف الكثيف (9) .
وممن أفرد هذه الظاهرة بالتأليف القاضى أبوالعباس أحمد بن محمد الجرجاني (ت482هـ) بكتاب أسماه: ((المنتخب من كنايات الأدباء وإرشادات البلغاء))
ذكر من فوائده، التحرز عن ذكر الفواحش السخيفة بالكنايات اللطيفة مستشهداً على ذلك بقوله تعالى:{وإِذَا مرُّوا باللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً} (1) . . . أي كنوا عن لفظه، ولم يوردوه، فإنهم أكرموا أنفسهم عن التلفظ به، كما روى عن بنت أعرابي صرخت صرخة عظيمة، فقال لها أبوها: مالك؟ قالت: لدغني عقرب. قال لها أين؟ قالت: في الموضع الذي لا يضع فيه الراقى أنفه. وكانت اللدغة في إحدى سوأتيها، فتنزهت بذكرها عن لفظها (2) .
وسيأتي الحديث عن الكتابين السابقين بشيء من التفصيل في موضعهما من هذا البحث إن شاء الله (3) .
أمّا التَّلَطُف بالمعنى الاصطلاحي فقد عُرِف في الدراسات الغربية الحديثة بمصطلح يوناني (Euphemism) تعنى الدلالةُ الحرفيةُ له الكلامَ الحسن (Well speaking)(4) .
وقد تُرْجِمَ هذا المصطلح في العربية بألفاظٍ مختلفةٍ، فهو عند الدكتور كمال بشر
((حسنُ التعبير)) (5) ، وعند الدكتور كريم زكي ((تحسينُ اللفظ)) (6) ، وعند الدكتور أحمد مختار ((التَّلَطُف)) (7) . وعند الدكتور محمد علي الخولي ((لطف التعبير)) (8) .
وقد عرّفه أولمان بأنه: وسيلة مقنعة بارعةٌ لتلطيفِ الكلامِ وتخفيفِ وقعه (9) . وعرّفه أحمد مختار بأنه: إبدال الكلمةِ الحادةِ بكلمةٍ أقل حِدّةٍ أو أكثرَّ قبولاً (10) . وعرّفه محمد علي الخولي: بأنه استبدال تعبير غير سار بآخر أكثر مقبولية منه (11) .
ويُعَدُّ هذا الأسلوبُ الوجهَ المشرق لظاهرةِ اللامِسَاسِ أو المحظوراتِ اللغوية، حيث يرى بعض علماء اللغة المحدثين أنَّ استبدال الكلماتِ اللطيفةِ الخالية مِن أىِّ مغزى سيءٍ أو مخيفٍ بكلمات اللامساسِ أو المحظورات اللغوية يُعَدُّ ضرباً من ضروب التَّلَطُف أو حسن التعبير أو تحسين اللفظ (12) .
مواقف التَّلَطُف في الكلام
يعمد المتكلمُ إلى هذا الأسلوب في موقفين:
أحدهما: فرديٌّ حيث يعمد المتكلمُ إلى التَّلَطُف في موقفٍ خاصٍ، وذلك لايتأتى لكل أفراد المجتمع، بل هو من خصائصِ ذوي الفطنة، وسرعةِ البديهةِ والذكاءِ، وقد أشار القدماءُ من علماء العربية إلى هذا الموقف وحاولوا علاجَه تحت بابِ ما أَسْمَوْهُ:((التخلصُ من الكذب بالتورية عنه)) مستشهدين على ذلك بما روي عن النبي (( ()) : ((إنَّ في المعاريض لمندوحة عن الكذب)) .
ومن أمثلة ذلك ما يُروى من أنَّ الخليفةَ المنصورَ كان في بستانٍ ومعه الربيع، فقال له: ما هذه الشجرةُ؟ قال الربيع: شجرةُ الوِفاق يا أمير المؤمنين، وكان اسم تلك الشجرةِ شجرةَ الخلافِ، فتفاءلَ المنصورُ بذلك وعَجِبَ من ذكائه (1) .
ومن ذلك مارُوى عن الخليفة المأمون أنه كان بيده مساويك، فسأل الحسنَ بنَ سهلٍ ما هذه؟ فقال: ضدُّ محاسنك يا أميرَ المؤمنين، وكره أن يقولَ مساويك (2) .
ويبدو أنَّ هذا الموقفَ هو الذى أوحى لابنِ دريدٍ بفكرةِ تأليفِ كتابهِ ((الملاحن)) حيثُ إنَّ الفكرةَ الأساسيةَ التى يقوم عليها الكتابُ هي استخدامُ اللفظِ المشتركِ على سبيلِ التوريةِ لمعانٍ أخرى خلاف ماهو ظاهرٌ، أو كما قال عنه مؤلفه:
((هذا كتابٌ ألفناه ليفزعَ إليه المجبرُ المضطهدُ على اليمينَ المكره عليها، فيعارضُ بما رسمناه، ويضمرُ خِلافَ ما يُظهرُ ليسلمَ من عادية الظالم
…
)) (3) .
ويشتمل الكتابُ على خمس وسبعينَ ومائةِ يمينٍ تقريباً، بعضها اشتمل على لفظٍ واحد، كقوله:
((واللهِ ما سألتُ فلاناً حاجةً قط)) والحاجةُ الضربُ من الشجر له شوكُ، والجمع حاج
…
)) (4) .
وبعضها اشتمل على أكثر من لفظٍ، كقوله:
((واللهِ ما سببتُ له أمّاً ولا جداً ولا خالاً، فالأمّ أمُّ الدِّماغِ، والجدُّ الحظُ، والخالُ الأكمةُ الصغيرة)) (5) .
الموقف الآخر: ليس فردياً وإنما يعود إلى تواضع الجماعة اللغويّة أو المجتمع بشكل عام، فاللغة بوصفها ظاهرةً اجتماعيةً تخضع الفردَ لِمَا ترسمه فالدوافع النفسيةُ أو العاطفيةُ التي تفرضُ على الجماعةِ اللغوية نهجاً محدداً في التعبير ليس للفرد إلا محاكاتُها واتباعُها، وذلك ينطبق على جُلِّ الدوافع التي تعود إلى الحياة الاجتماعية كالكياسة والتأدبِ والخوفِ والتطيرِ والتفاؤلِ والتشاؤمِ ونحوها من الدوافع التي تلجأ الجماعة اللغويةُ إلى التَّلَطُف بشأنها بعباراتٍ كريمةٍ وألفاظٍ نبيلةٍ، وقد مرّ معنا أنَّ العربَ مثلاً يعيبون على الرجل إذا كان يكاشفُ ويصرحُ فيما حَقُهُ السترُ والتحرزُ والأدبُ.
والأسباب الاجتماعية واضحةٌ جداً في مراعاة التَّلَطُف في مثل هذا الموقفِ، ولكنَّ الحالةَ الاجتماعية تختلفُ من أمّةٍ إلى أمةٍ، ومن بيئة إلى بيئة، ومن جيلِ إلى جيلٍ، فلعل ما يدعو إلى التَّلَطُف عند أمّةٍ لايدعو إليه عند أمّةٍ أخرى، ولا أدَلَ على ذلك إلا ما سبق وأشرنا إليه من أنّ اللاتين مثلاً يعبرون عن العورات والأمور المستهجنة بعبارات صريحة مكشوفة على حين أنَّ العرب تتلمس أحسنَ الحيل وأدناها إلى الحشمةِ والتأدب في التعبير عن هذه الأمورِ بأسلوبٍ ألطفَ وأحسنَ (1) .
وهذا الموقف هو الذى دفع كلاًّ من الثعالبيِّ والجرجانيِّ إلى إفراد هذه الظاهرة بالتأليفِ. يقول الثعالبيِّ عن كتابه:
((هذا كتابٌ، خفيفُ الحجمِ، ثَقِيلُ الوزنِ، صَغيرُ الجرمِ، كَثيرُ الغُنْمِ، في الكنايات عمَّا يُستهجنُ ذكرُه، ويستقبحُ نشرُه، أو يستحيا من تسميته، أو يُتطيرُ منه، أو يسترفعُ ويُصانُ عَنْهُ، بألفاظِ مقبولةٍ تؤدي المعنى، وتفصح عن المغزى، وتحسن القبيحَ، وتلطف الكثيفَ
…
)) (2) .
ويقول الجرجانيُّ عن كتابه أيضاً:
((فمن فوائده التحرزُ عن ذكرِ الفواحشِ السخيفة بالكنايات اللطيفة، وإبدال ما يَفْحُشُ ذِكْرُه في الأسماع، بما لاتنبو عنه الطباعُ،.. ومنها تركُ اللفظِ المتطير به إلى ماهو أجملُ منه
…
ومنها الأمورُ الجاريةُ بين البلغاءِ والأدباءِ ومداعباتهم بمعاريضَ لايفطن لها إلا البلغاءُ
…
ومنها التوسعُ في اللغاتِ، والتفنِنُ في الألفاظِ والعبارات..)) (1) .
أمَّا المَعِينُ الذي نهلا منه مادَة كتابيهما فهو القرآن الكريمُ، وأخبارُ الرسول (( ()) وكلامُ العربِ من قلائد الشعراءِ، ونصوصِ البلغاءِ، وملح الظرفاءِ في أنواع النثر والنظم (2) .
وبالتأمل في أبوابِ الكتابين نلحظ أنَّ أبوابَ الثعالبي في كتابه (الكنايةِ والتعريض) أشملُ للدوافعِ النفسيةِ والعاطفية التى تدفع المتكلمين إلى التَّلَطُف، ففي حين قصر الجرجانيُّ معظمَ أبوابه على العلاقة بين الرجل والمرأة -الألفاظ الجنسية- وما يتصل بها، نجد الثعالبيَّ يضيفُ أبواباً جديدة تتعلق ببعض العاداتِ والعقائدِ العربيةِ كالتفاؤلِ والتشاؤمِ والعيوب الخَلْقِيةِ والخُلُقِيةِ وما يتصل بها.
ومن أمثلة الكتابين ما يلي:
يقول الثعالبيُّ: ((العربُ تكنى عن المرأة بالنعجة والشاةِ والقلوص والسرحة والحرثِ والفراشِ والعتبةِ والقارورةِ
…
وبكلها جاءت الأخبارُ ونطقت الأشعارُ
…
)) (3) ثم يأتي بشواهد على ذلك من النثر والشعرِ وأحياناً من القرآن الكريم. ويختمُ كلامه حول هذه الكناياتِ الخاصةِ بالمرأة بقوله (4) : ((وإنما تقع مثلُ هذه الكنايةِ ممّن لايجسرون على تسميتها أو يتذممون من التصريح بها)) .
وفي الكناية عمّا يجرى بين الرجالِ والنساء من الشهوةِ والتماسِ اللذة، يقول (1) :((ولا أحسنَ ولا أجملَ ولا ألطفَ من كنايةِ اللهِ تعالى عن ذلك بقوله: {وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} (2) وقولِهِ عزوجل: {فَلَمَّا تَغَشَّاهَا} (3) وقولِهِ تعالى: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} (4) وقوله تعالى: {فَالآنَ بَاشِرُوْهُنَّ وابْتَغُوا مَاكَتَبَ اللهُ لَكُمْ} (5) وقوله: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} (6) وقوله: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ} (7) .
وقوله في الكناية عن طالب ذلك حكايةً عن يوسفَ عليه السلام: {هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نّفْسِي} (8) .
ويقول الجرجانيُّ (9) :
((وتقول العربُ: في الكنايةِ عن دخول الإنسان بأهله: بنى فلانٌ على أهله، وأصلُه أنَّ كلَّ من أراد الزّفافَ بنى على زوجتهِ قبةً، فقيل لكل داخل بانٍ)) .
وفي الكنايةِ عن الختانِ، يقولُ الثعالبيُّ:
((ويكنى عن الختان بالطهر والتطهير)) . ويقول: ((ومن لطائف الأَطِبَاءِ كِنَايَتهُمْ عن حشوِ الأمعاءِ بالطبيعةِ وعن البولِ بالماءِ، وعن القيء بالتعالج
…
)) (10) .
ويقول في الكنايةِ عن بعض الصفاتِ الخَلْقِيةِ والخُلُقيَّة، ويكنى عن الأعمى بالمحجوبِ، وعن الأعورِ بالممتعِ وعن البخيلِ بالمقتصد (11) .
وفي الكناية عن القتل والموت، يقول الثعالبيُّ (12) :
وتقول العرب في الكناية عن الموت: استأثر اللهُ به، أسعده اللهُ بجواره، نقله اللهُ إلى دار رضوانه، اختاره الله ويقول الجرجانيُّ (13) :
ومن ذلك قولُهم لحق فلان باللطيف الخبير، ولعق فلانٌ اصبعه، واستوفى أكله، واصفرت أناملهُ، ومضى لسبيله وَدُعِيَ فأجاب، وَقَضَى نحبه، والنحب النذر.
ويقول الجرجانيُّ (14) :
((واعلم أنَّ العربَ كما يكنون عن الموت تطيراً من ذكره، كذلك يكنون عن القتل، فيقولون: ركب فلانٌ الأغرَّ الأشقَر إذا قُتل، ويكنى عن قتل الملوك خاصة بالمشعرة، إذ كانوا يكبرون أن يقولوا قُتِل، فيقولون أشعر من إشعار البدن)) .
ويقول الثعالبيُّ في الكناية عمّا يُتطيرُ من لفظه:
((يكنى عن اللديغ بالسليم، وعن الأعمى بالبصير، وعن المهلكةِ بالمفازة)) (1) .
ويقول الجرجانيُّ:
وأعلم أنّ العربَ تتطير من ذكر البرصِ، فتكنى عنه بالوضحِ، ومنه سُمِّيَ جذيمةُ الوضاحُ.
ويقولُ: ومما يُتَفَاءَل بذكره قولُهُمْ للفلاةِ مفازةٌ؛ لأن القفارَ في ركوبها الهلاكُ فكان حقُها أن تسمّى مَهْلَكَةً ولكنهم أحسنوا لفظها تطيراً بها، وعكسوه تفاؤلاً، ومن ذلك تسمية اللديغ سليماً والأعور ممتعاً تطيراً من ذكر العور (2) .
دوافع التَّلَطُف وأسبابه
يرى أولمان أنّ دوافع التَّلَطُف (حسن التعبير) دوافعٌ نفسيّةٌ، وأنَّ المتكلمَ يعمد إلى استعمالِ هذا الأسلوبِ مع كلِّ شيءٍ مقدسٍ أوذى خطرٍ، أو مثيرٍ للرعب والخوفِ، كما يطبقه على الأشياءِ الشائنةِ، أو غيرِ المقبولةِ لدى النفس (3) .
وَيُجْمِل بعضُ اللغويين المعاصرين هذه الدوافعَ في ثلاثةٍ هي: الخوفُ والفزعُ، الكياسةُ والتأدبُ، الخجلُ والاحتشامُ (4)
وما قاله أولمان وغيرُه، نلحظه عند القدماءِ من علماء العربيةِ ممن اهتموا بهذا الأسلوب، كالثعالبيِّ والجرجانيِّ – على سبيل المثال – حيث أشار كلّ منهما في مقدمة تأليفه إلى أبرز هذه الدوافع وهي:
التَحرزُ عن ذكرِ الفواحشِ السخيفةِ بالكنايات اللطيفةِ التى تفصحُ عن المغزى، وتحسِّنُ القبيحَ، وتلطّفُ الكثيفَ فيحصل المرادُ، وَيلَوُحُ النجاحُ، مع العدولِ عمّا ينبوُ عنه السمعُ، ولا يأنسُ به الطبعُ إلى ما يقومُ مقامَهُ، وينوبُ منابَه من كلامٍ تأذنُ له الأذنُ، ولا يحجبه القلبُ، وما ذلك إلا من البيان في النفوسِ وخصائصِ البلاغةِ، ولطائفِ الصناعةِ (1) .
ونستطيع القولَ بأنَّ أبرز دوافع التَّلَطُف، وأسبابه لدى الجماعة اللغوية، ما يلي:
أولاً: الكياسةُ والتأدبُ والاحتشامُ:
ويعد مجالُ المرأة وعلاقتها بالرجل وما يتصلُ بذلك من أحوالٍ أو أفعالٍ أو أعضاءٍ أبرز وأكبرَ المجالات التى تدفعُ المتكلمُ إلى التَّلَطُف بشأنها، إذ التَّلَطُف في هذا المجال من باب التحرز عن ذكر هذه الألفاظ أو التصريح بها، فيعدل المتكلم إلى الكناية، وهي مطلوبةٌ مستحبةٌ ليس في العربية فحسب بل في معظم اللغاتِ، لأن كلماتِ هذا المجالِ مفضوحةٌ ينفر منها الناس (2) .
وقد سبقت الإشارة إلى تعليلِ الجرجانيُّ لكثرةِ الكناياتِ عن المرأة عند العرب، وأنّها من باب التذمم من التصريح باسم المرأة. كما هو الحال في وقتنا الحاضر.
وفيما يتعلق بهذا المجال يقول أحدُ المحدثين من علماء العربية:
وكان قد لفت نظري ورودَ جُملةٍ في كتاب ((فقه اللغة)) للثعالبيِّ هي: ((لعل أسماءَ النكاح تبلغُ مائة كلمةٍ عن ثقاتِ الأئمةِ بعضُها أصليٌّ، وبعضُها مَكْنيٌ)) وكنت في أثناء قراءاتي المتكررة للقاموس المحيط للفيروز آبادي، أستغرب كثرة الألفاظِ الجنسيةِ، حتى خُيِّل إلىّ أنَّه لا تخلو مادةٌ من موادِ المعجم العربيّ من لفظٍ جنسيّ دالٍ على اسمٍ أو فعلٍ أو حالٍ لذلك الجانبِ من حياة البشر وحياة الحيوان، ثم يستطرد قائلاً:
وعددتُ أنا الألفاظ المتعلقةَ بهذا المدركِ في القاموسِ فوجدتُها تزيدُ على ألفٍ ومائتين
…
وحاولت تعليلاً لهذه الكثرة.. فبان لي أن جانباً كبيراً منها من باب الكناية
…
حيث كان العربيُّ يَكْنى به عن المدرك الجنسيّ بلفظٍ
…
فإذا اشتهر هذا اللفظُ ودلَّ على ماكان يُكْنى عنه صراحةً استحيا العربيُّ من الاستمرارِ في استعمالِه فانتقلَ إلى كنايةٍ جديدةٍ
غامضةٍ)) (1) .
ثانياً: التفاؤل والتشاؤم:
حيثُ يُعَدُّ من أبرزِ دوافعِ التَّلَطُف في اللغاتِ، ويشملُ كلَ الكناياتِ الخاصةِ بالمجالاتِ التى نستبينُ منها الضعف الإنسانيَّ كالموتِ والمرضِ وأسماءِ بعضِ الحيواناتِ، والجنِ، والسوامّ، ونحوِها مما يلعب التفاؤلُ والتشاؤمُ فيها دوراً كبيراً، فهي مجالاتٌ تثير ألفاظُها الخوفَ والهلعَ في نفوسِ البشر وينفرون من سماعها، ويتفادون ذِكْرَها، فِراراً مما تبعثه في الأذهانِ من آلام.
وسرُّ التَّلَطُف في هذا المجالِ، هو ما استقر في أذهانِ الناسِ منذ القدمِ من الربط بين اللفظِ ومدلولهِ ربطاً وثيقاً حتى إنّه يُعتقدُ أنّ مجردَ ذكرِ الموتِ يستحضرُ الموتِ، وأنّ النطق بلفظٍ الحيةِ يدعوها من جحرها فتنهشُ من ناداها أو ذكرَ اسمَهَا (2) .
ولعل هذا يفسر لنا تعددَ مسمياتِ بعضِ الألفاظِ المترادفةِ في العربيةِ كلفظ الداهيةِ التي قال عنها حمزة الأصفهانيُّ: ((إنَّ تكاثرَ أسماءِ الدواهي من إحدى الدواهي)) (3) .
ثالثاً: التبجيل والتعظيم:
حيث يعدُّ التبجيلُ والتعظيمُ في العربية من أبرزِ دوافع التَّلَطُف، ويشمل الكناياتِ الخاصةَ بالمجالاتِ التى نستبينُ منها التبجيل الإنسانيَ للأشياءِ ويدخل في هذا المجالِ الهيبةُ والاحترام والولوعُ بالشيءِ وحبه.
ومن أمثلةِ ذلك: إطلاقُ لفظِ الأَبِ على العمِ، وإطلاقُ لفظ الأمِّ على الخالةِ، ونحو ذلك (4) .
ولعل هذا يفسر لنا - أيضاً - تعدد مسمياتِ بعضِ الألفاظِ المترادفةِ في العربية، كلفظِ الحبِّ الذى ذكروا له ستين اسماً (1) ، ولفظِ العسَلِ الذى ذكروا له ثمانين اسماً (2) ، ونحو ذلك.
إنّ ماتدل عليه هذه الألفاظُ لا يُعدُّ في حقيقته مصدرَ استهجانٍ لدى المجتمع كما هو الحالُ في مجال العلاقة بين الرجل والمرأة وما يتصل بذلك، كما أنّه لايعدّ مصدرَ ضعفٍ لدى الجماعة اللغوية كألفاظ الموتِ والمرضِ ونحوها، بل إنَّها أسماء نابعة من شدةِ ولوعِ المجتمعِ العربيّ بما تدل عليه هذه الألفاظُ وما ذاك التعددُ لمسمياتها إلا لتعلق القلوب بها وتبجيلها.
وتفسير ذلك أن اللفظَ إذا شاع استعمالُه في الدلالةِ على هذه المعاني فقد تأثيرهُ، ففقد قيمتَه الدلالية التعبيريةَ، من أجل ذلك كان العربيُّ ينتقلُ باللفظ من مجازٍ أصبح مألوفاً ضعيف التأثيرِ إلى مجازٍ جديدٍ أحسنَ وقعاً في النفس وأكثرَ أثراً (3) ، على عكس ما حدث في الألفاظِ المستهجنةِ ونحوها.
وسائل التَّلَطُف في الكلام
بيَّنا فيما سبق دوافع التَّلَطُف وأسبابه في الكلام، والمواقفَ التى تفرض على المتكلمِ التَّلَطُف بشأنها، أما عن الوسائلِ التى يقصدها المتكلمُ حالَ تلطفه، فأهمها:
أولاً: الاستعمال المجازيُّ:
يعدّ المجاز من أهم الوسائلِ التي يتوسل بها المتكلمُ للتعبير عن المعاني المحظورةِ أو المقدسةِ لديه، فيعمدُ إلى الكنايةِ أو التوريةِ أو التعريضِ ونحوِها يقول الجرجانيُّ:
((واعلم أنَّ الأصلَ في الكناياتِ عبارةُ الإنسانِ عن الأفعالِ التى تُستر عن العيونِ عادةً من نحو قضاءِ الحاجةِ والجماعِ، بألفاظِ تدل عليها غير موضوعةٍ لها، تنزهاً عن إيرادها على جهتها وتحرزاً عمّا وُضِعَ لأجلها، إذ الحاجةُ إلى سَتْرِ أقوالِها كالحاجةِ إلى سترِ أفعالِها، فالكنايةُ عنها حِرْزٌ لمعانيها)) (4) .
ويقول أحدُ المحدثين:
((والكنايةُ ليست إلا صورةً مهذّبةً متحضرةً مما يُسمّى تحريمُ المفرداتِ فكثيراً ما يقع لدى المتكلمين أن يكونَ لبعض الألفاظِ طابعُ السريةِ والخفاءِ فيمنعُ الأفرادَ، من استعمالِها)) (1) .
ولعل هذا يفسر لنا ترادفَ الكثيرِ من الألفاظ في العربيةِ كلفظِ الداهية، والموتِ، والأسدِ ونحوها تبعاً للتسميةِ المجازيةِ عن طريق الكنايةِ وصيرورتها إلى الحقيقةِ بفعل الاستعمال (2) .
وبيان ذلك أنّ معظمَ هذه الألفاظِ المترادفةِ إنَّما هي كناياتٌ شاعَ استعمالُها على الألسنِ حتى أصبحتْ حقائقَ، ومَرَدُّ ذلك أنَّ معظمَ هذه الألفاظِ ممّا يتحرجُ الناسُ من التعبير عنها بأسمائها الصريحة مراعاةً للآداب الاجتماعيةِ والاعتباراتِ الأخلاقية والنفسيةِ، ولهذا تلجأ الجماعةُ اللغويةَ إلى الكنايةِ بلفظٍ مرادفٍ، ومما يعزز ذلك ما حكاه أبوحيان التوحيديِّ عن ابن فارسٍ، حيث قال:
((حدثني ابنُ فارس: جرى بين يديه أسماءُ الفرْج وكثرتُها، فقال بعضُ الحاضرين: ماذا أرادتِ العربُ بتكثيرها مع قبحها؟ فقال: لما رأوا الشيءَ قبيحاً جعلوا يكنون عنه، وكانت الكنايةُ عند فشوها تصيرُ إلى حد الاسمِ الأولِ فينتقلون إلى كنايةٍ أخرى
…
وعلى هذا كثرت الكناياتُ وليس غرضُهُمْ تكثيرُهَا)) (3) .
ولا يقتصر الأمرُ على الألفاظِ التى يتحرجُ الناسُ عن التعبير عنها بألفاظها الصريحةِ - كالألفاظِ الدالةِ على النكاحِ أو الألفاظِ الدَّالةِ على الخوفِ كلفظ الداهية، بل يتجاوَزُهُ إلى الألفاظِ ذاتِ القدسيةِ في حياة المجتمعِ كلفظِ الحبِّ، وكلِّ ما عَلِق بالقلبِ، يقول ابنُ قيمِ الجوزيةِ:
((بابُ أسماءِ المحبةِ: لما كان إلفُهُمْ لهذا المسمى أشدَّ وهوَ بقلوبهم أَعْلَقَ كانت أسماؤه لديهم أكثر. وهذا عادتُهم في كلِّ ما اشتدَّ إلْفُهُمْ له أو كَثُرَ خُطُورُه على قلوبهم، تعظيماً له، أو اهتماما به، أو محبة له، فالأول: كالأسدِ والسيفِ، والثاني: كالداهيةِ، والثالث: كالخمرِ، وقد اجتمعت هذه المعانيِ الثلاثةُ في الحبِّ، فوضعوا له قريباً من ستين اسماً، وهي:
المحبَّةُ، والعلاقةُ، والهوى، والصَبْوةُ، والصبابةُ، والشَّغَفُ، والمِقَه والوَجْدُ، والكلفُ، والتتيّمُ، والعشقُ، والجوى، والدَنَفُ، والشجوُ، والشوقُ
…
الخ)) (1) .
فهذه الألفاظُ تَفْقِدُ عند شيوعها على الألسنِ تأثيرهَا البلاغيُّ، فتفتقدُ بذلك قيمتها الاجتماعية، فيلجأ العربيُّ إلى لفظٍ آخرَ أقوى أثراً في النفس وأحسن وقعاً على الآذان، وعلى هذا تعددتْ مسميات الشيءِ الواحدِ من باب التبجيلِ والتعظيمِ لا الاستهانةِ والاستهجانِ.
بل إن من أبرزِ أسبابِ ظاهرةِ التضاد في العربية التعبيرُ بلفظِ محبوبٍ عن لفظٍ مكروهٍ لأسبابٍ نفسيّةٍ حيثُ لعبت غريزةُ التفاؤلِ والتشاؤمِ عند العربِ دوراً كبيراً في نشأةِ بعضِ ألفاظِ هذه الظاهرةِ، فرأينا العربَ تعدلُ عن الألفاظِ الدالةِ على المعنى الحقيقيِّ إلى ضدِّها تشاؤماً من التصريح بها، وتفاؤلاً بضدها، يقول ابنُ قتيبةَ:
((ومن المقلوبِ أن يوصفَ الشيءُ بضدِّ صفتِهِ للتطيرِ والتفاؤلِ كقولِهم للديغِ سليمُ تطيراً من السُقْمِ وتفاؤلاً بالسلامة، وللعطشان ناهلٌ أيّ سينهلُ يعنون يروى، وللفلاة مفازةٌ أي منجاة وهي مَهْلَكَةٌ
…
)) (2) .
ويقاسُ على ذلك قولُ العربِ بصيرٌ للأعمى، وقافلةٌ للمسافرين تفاؤلاً برجوعهم إذ الأصل فيها الدلالةُ على الراجعين من السفر. ونحو ذلك (3) .
بل تجاوز العربُ ذلك إلى المبالغةِ في الوصفِ، فوصفوا الأشياءَ بغير صفاتِها الحقيقيةِ خوفاً عليها من العينِ والحسدِ، قال أبوعبيدةَ:
((مهرةٌ شوهاءُ قبيحةٌ وجميلةٌ، قال أبوحاتم مفسراً ذلك: لا أظنهم قالوا للجميلةِ شوهاء إلا مخافةَ أن تُصيبَها عينٌ، كما قالوا: للغراب أعورَ لحدةِ بصرِهِ)) (1) .
ثانياً: التحريفُ الصوتيُّ:
إنّ الأثرَ الناجم من التحرّج من استعمال المفرداتِ لاينحصرُ في الاستعمالِ المجازيِّ بل يتجاوَزُهُ إلى التحريفِ الصوتيِّ للكلمةِ، وذلك عن طريقِ الإبدالِ لتخفيفِ ما تنطوي عليه الكلمةُ من الخطرِ أو الاستهجان، دون أن ينقص ذلك من قيمتها الدلاليةِ - على حد قول بعض المحدثين (2) - وفي استطاعة كلِّ إنسان في هذه الحالةِ أن يفهمَ المرادَ على الفورِ، وكأنَّ اللسانَ قد زلَّ وهو ينطق الكلمة ولكنَّ الخطأَ هنا متعمدٌ لغاياتٍ خفيةٍ أو لمراعاة التَّلَطُف.
ونلاحظ هذا التحريفَ الصوتيِّ للكلماتِ واضحاً في مجالِ العلاقةِ بين الرجل والمرأة ومايتصل بها، ومن أمثلة ذلك (3) :
قولُهم: بكَّ الرجلَ المرأةَ يبكها بكا، وهكها يهكها هكا.
وقولهم: طفزها وطعسها وطخزها وطحسها ودعزها ودعسها (4) .
وكلها كنايات عن الجماع.
وقولهم (5) : عسلها وغسلها، وحَطَأَها وفَطَأها، عَصَدَها وعَزدها ودَسَمَها ودَفَسَها، وفَحَجَها وفَخَجَها، كلٌ ذلك إذ نَكَحَها.
كما نجد في المعاجمِ وكتب الإبدالِ أيضاً كلماتٍ كثيرةً ذاتَ دلالاتٍ سلبيةٍ تتميزُ بالتحريف الصوتيِّ كالكلماتِ الدَّالةِ على ضعفِ الإنسانِ أو دمامته ونحو ذلك، مثل قولِهم: رجلٌ حَزَوَّرٌ وَهَزَوَّرٌ للضعيف، ورجل حَبَلَّقٌ وَهَبَلَّقٌ إذا كان دميماً، ورجل قَنْثَرٌ وَكَنْثَرٌ إذا كان صغير الحجمِ (1) . وعَشَبَةٌ وعشمةٌ إذا كان يابساً من الهزال، وقَحْبَةٌ وَقَحْمَةٌ لكل كبيرةٍ مسنة، ورجل بُحْتُر وبُهْتُر قصيرٌ، وموتٌ ذُؤَافٌ وذُعافٌ وزؤأف وهو الذى يعجل القتل، والجَلَهُ والجلَحُ وهو انحسار الشعرِ عن مُقَدَّم الرأسِ، وأَيْمٌ وأَيْنٌ للحية (2) .
ونحو ذلك مما يمكنُ تفسيرُه تبعاً للتحريفِ الصوتي الذى يتوسلُ به المتكلمُ بغرضِ التَّلَطُف، وتعليلُ ذلك وبيانه أنَّ هذه الألفاظَ مما يتحرجُ الناسُ من التَعبيرِ عنها بألفاظِها الصوتية مراعاةً للآداب الاجتماعية والاعتباراتِ الأخلاقيةِ والنفسيَّةِ، ولهذا تلجأ الجماعةُ اللغويَّةُ إلى التحريفِ في صورةِ الكلمةِ كلما شاع استعمالُها كما لجأت إلى الكنايةِ بالمرادفِ والمضادِّ وغيرها من الألفاظ التى تتقاسمُ معها المجالَ نفسَهُ والدوافِعَ نَفْسَهَا، مما سبقت الإشارةُ إليه.
الحواشي والتعليقات
ينظر: اللغة والمجتمع د. على عبدا لواحد وافى، شركات مكتبات عكاظ ط4 المملكة العربية السعودية 1403هـ/1983م، ص13.
الخصائص، صنعة أبي الفتح عثمان بن جنى. تحقيق / محمد على النجار، دار الكتاب العربي بيروت لبنان 1/243.
مقدمة ابن خلدون، ط دار احياء التراث العربي - بيروت (بلا تاريخ) ص 546.
الصاحبي لأبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا (ت 395هـ) - تحقيق السيد أحمد صقر، مطبعة عيسى البابي وشركاه - القاهرة (بلا تاريخ) ص 16.
المزهر في علوم اللغة وأنواعها للعلامة عبد الرحمن جلال الدين السيوطي شرح وضبط محمد أبوالفضل وغيره، دار الفكر 1/321.
ينظر: اللغة والمجتمع د. على عبد الواحد وافى ص17، وعبقرية اللغة العربية د. عمر فروّخ - دار الكتاب العربي، بيرون - لبنان 1401هـ – 1981م ص 55.
ينظر: الكناية والتعريض، للثعالبيّ ص75. والثلْبُ: شِدَّة اللوم والأخذ باللسان، ومنه رجل ثَلْبٌ – بفتح الثاء وكسرها – أي معيب.
ينظر: المنتخب من كنايات الأدباء وارشادات البلغاء، للجرجاني ص5.
البقرة، الآية 223.
النساء، الآية 4.
النساء، الآية 21.
البقرة، الآية 187.
المجادلة، الآية 58.
ينظر: دلالة الألفاظ، دكتور إبراهيم أنيس، مكتبة الأنجلو المصرية 1980م ط4 ص142.
ينظر: مقاييس اللغة لابن فارس مادة (لطف) .
مادة (لطف) 13/347.
مادة (لطف) .
مادة (لطف) ص409.
سورة الكهف الآية: 19.
ينظر: مادة (لطف) .
سورة البقرة، الآية 187.
سورة النساء، الآية 43، وسورة المائدة، الآية 6.
الكامل لأبي العباس محمد بن يزيد المبرد، تحقيق: محمد أحمد الدالي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1 1986م، 2/856.
سورة فصلت، الآية 21.
سورة البقرة، الآية 235.
الصاحبي، لأبي الحسين أحمد بن فارس، تحقيق: السيد أحمد صقر، مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه القاهرة، ص439.
فقه اللغة وسر العربية، لأبي منصور الثعالبي، تحقيق: مصطفى السقا وشركاه، 1972م، ص386.
سورة البقرة، الآية 223.
تنظر: مقدمة المؤلف، ص 3.
سورة الفرقان، الآية 72.
تنظر: مقدمة المؤلف، ص 10.
طبع الكتابان في مجلد واحد، بدار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1405هـ بلا تحقيق علميّ.
المحظورات اللغوية د. كريم زكي حسام الدين ط 1985م مكتبة الانجلو المصرية ص17.
دور الكلمة في اللغة. تأليف ستيفن أولمان، ترجمة د. كمال محمد بشر. مكتبة الشباب 1992م. ص196
المحظورات اللغوية ص17.
علم الدلالة د. أحمد مختار عمر ط الأولى 1402هـ/1982م مكتبة دار العروبة للنشر والتوزيع الكويت ص240.
معجم علم اللغة النظري ص 88.
دور الكلمة في اللغة ص196.
علم الدلالة ص240.
معجم علم اللغة النظري ص 88.
ينظر: دور الكلمة في اللغة ص196، والمحظورات اللغوية ص14.
الكناية والتعريض ص71.
المصدر السابق، الصفحة نفسها.
الملاحن للإمام أبي بكر بن الحسن بن دريد، تصحيح وتعليق إبراهيم الطفيش، بيروت، دار الكتب العلمية الطبعة الأولى 1407هـ/1987م ص15.
المصدر السابق ص18، 19.
المصدر السابق ص26.
انظر: ص 4 من هذا البحث.
ينظر: مقدمة الكتاب ص 3.
ينظر: المقدمة ص 4،5.
ينظر: مقدمة الكتابين.
الكناية والتعريض ص50.
المصدر السابق ص6.
المصدر السابق ص13.
النساء، الآية 21.
الأعراف، الآية 189.
البقرة، الآية 187.
لمصدر السابق.
البقرة، الآية 223.
النساء، الآية 24.
يوسف، الآية 26.
المنتخب ص23.
الكناية والتعريض ص24.
الكناية والتعريض ص 46، 47.
المصدر السابق ص62.
المنتخب ص64.
المصدر السابق ص67، 69 بتصرف.
الكناية والتعريض ص71.
المصدر السابق ص70 فما بعدها.
دور الكلمة في اللغة ص196 فما بعدها.
المحظورات اللغوية ص51.
ينظر: مقدمة الكتابين.
ينظر: دلالة الألفاظ د. أنيس ص142.
ينظر: عبقرية اللغة د. عمر فروّخ ص57 فما بعدها بتصرف.
ينظر: دلالة الألفاظ، أنيس ص144.
التنبيه على حدوث التصحيف، حمزة بن الحسن الأصفهاني (ت370هـ) تحقيق الشيخ محمد حسن آل ياسين الطبعة الأولى، مطبعة المعارف، بغداد 1387هـ/1967م ص 132.
ينظر: فقه اللغة للثعالبي ص367.
ينظر: روضة المحبين ونزهة المشتاقين، لابن القيم الجوزية، دار الباز للطباعة والنشر، مكة المكرمة ص16.
ينظر: المزهر في علوم اللغة وأنواعها، السيوطي، ص1/402.
ينظر: عبقرية اللغة ص58.
ينظر: المنتخب ص 5، 6.
ينظر: اللغة، فندريس، تعريب عبد الحميد الدواخلى ومحمد القصاص، ص 281.
ينظر: الترادف في اللغة، حاكم مالك لعيبى، منشورات وزارة الثقافة والاعلام 1980م، الجمهورية العراقية. ص125.
ينظر: مثالب الوزيرين الصاحب بن عباد وابن العميد، لأبى حيان التوحيديّ، تحقيق د. إبراهيم الكيلاني، دار الفكر، دمشق 1961م، ص254.
روضة المحبين ص16.
تأويل مشكل القرآن، لابن قتيبة، تحقيق: السيد أحمد صقر، القاهرة، دار التراث، ط3، 1973م ص185
ينظر: في اللهجات العربية، إبراهيم أنيس، مكتبة الانجلو المصرية، القاهرة 1992م، ص29، البلاغة وقضايا المشترك، عبد الواحد الشيخ، مؤسسة شباب الجامعة للطباعة والنشر، الإسكندرية، 1986م، ص120.
ثلاثة كتب في الأضداد، الأصمعي والسجستاني وابن السكيت، المطبعة الكاثوليكية، بيروت لبنان 1912م ص137. ينظر: في اللهجات العربية، أنيس ص209.
ينظر: اللغة، فندريس ص280.
ينظر: الإبدال لابن السكِّيت تحقيق: حسين محمد شرف، الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية، القاهرة 1398هـ، 1/88، المحظورات اللغوية، كريم ص62.
ينظر: الإبدال لابن السكِّيت 2/119، المحظورات اللغوية، كريم ص62.
ينظر: المنتخب من غريب كلام العرب، لكراع النمل، تحقيق: محمد العمريّ، معهد البحوث العلمية وإحياء التراث، جامعة أم القرى، ط1، 1409هـ، 1/138.
ينظر: الإبدال لأبي الطيب اللغوى، تحقيق: عز الدين التنوخي، مطبوعات المجمع العلمى العربي بدمشق، 1960، 1/321، 325، 2/357. المحظورات اللغوية ص62
ينظر: الإبدال لابن السكيت ص71، 77، 85، 92، 93.
المصادر والمراجع
- القرآن الكريم.
- الإبدال لأبي الطيب اللغوى، تحقيق: عز الدين التنوخي، مطبوعات المجمع العلمى العربي بدمشق.
- الإبدال لابن السكِّيت تحقيق: حسين محمد شرف، الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية، القاهرة 1398هـ.
- أساس البلاغة، لجار الله الزمخشري، دار صادر، بيروت 1399هـ.
- البلاغة وقضايا المشترك، عبد الواحد الشيخ، مؤسسة شباب الجامعة للطباعة والنشر، الإسكندرية 1986م.
- تأويل مشكل القرآن، لابن قتيبة، تحقيق: السيد أحمد صقر، القاهرة، دار التراث، ط3، 1973م.
- الترادف في اللغة، حاكم مالك لعيبى، منشورات وزارة الثقافة والإعلام 1980م، الجمهورية العراقية.
- التنبيه على حدوث التصحيف، حمزة بن الحسن الأصفهاني (ت370هـ) تحقيق الشيخ محمد حسن آل ياسين الطبعة الأولى، مطبعة المعارف، بغداد 1387هـ/1967م.
- تهذيب اللغة، لأبي منصور محمد بن أحمد الأزهريّ، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، الدَّار المصرية للتأليف والترجمة 1384هـ.
- ثلاثة كتب في الأضداد، الأصمعي والسجستاني وابن السكيت، المطبعة الكاثوليكية، بيروت لبنان 1912م.
- الخصائص، صنعة أبي الفتح عثمان بن جنى. تحقيق / محمد على النجار، دار الكتاب العربي بيروت لبنان
- دلالة الألفاظ، دكتور إبراهيم أنيس، مكتبة الأنجلو المصرية 1980م ط4.
- دور الكلمة في اللغة. تأليف ستيفن أولمان، ترجمة د. كمال محمد بشر. مكتبة الشباب 1992م.
- روضة المحبين ونزهة المشتاقين، لابن قيم الجوزية، دار الباز للطباعة والنشر، مكة المكرمة.
- الصاحبي لأبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا (ت 395هـ) - تحقيق السيد أحمد صقر، مطبعة عيسى البابي وشركاه - القاهرة.
- عبقرية اللغة العربية، عمر فرّوخ، دار الكتاب العربي، بيروت - لبنان 1401هـ - 1981م.
- علم الدلالة د. أحمد مختار عمر ط الأولى 1402هـ/1982م مكتبة دار العروبة للنشر والتوزيع الكويت.
- فقه اللغة وسر العربية، لأبي منصور الثعالبي، تحقيق: مصطفى السقا وشركاه، 1972م.
- في اللهجات العربية، إبراهيم أنيس، مكتبة الأَنجلو المصرية، القاهرة 1992م.
- الكامل لأبي العباس محمد بن يزيد المبرد، تحقيق: محمد أحمد الدالي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1 1986م.
- لسان العرب، لابن منطور، دار الفكر، بيروت.
- اللغة، فندريس، تعريب عبد الحميد الدواخلى ومحمد القصاص.
- اللغة والمجتمع د. على عبد الواحد وافى، شركات مكتبات عكاظ ط4، المملكة العربية السعودية 1403هـ /1983م.
- مثالب الوزيرين الصاحب بن عباد وابن العميد، لأبى حيان التوحيديّ، تحقيق د. إبراهيم الكيلاني، دار الفكر دمشق 1961م.
- المحظورات اللغوية د. كريم زكي حسام الدين ط 1985م مكتبة الأَنجلو المصرية.
- المزهر في علوم اللغة وأنواعها للعلامة عبد الرحمن جلال الدين السيوطي شرح وضبط محمد أبوالفضل وغيره، دار الفكر.
- معجم ألفاظ القرآن الكريم، مجمع اللغة العربية، القاهرة، دار الشروق 1401هـ.
- معجم علم اللغة النظري ((انكليزي – عربي)) وضع الدكتور محمد علي الخولي، مكتبة لبنان.
- مقاييس اللغة لابن فارس، تحقيق عبد السلام هارون، مصطفى البابي الحلبى واولاده، مصر الطبعة الثالثة 1391هـ.
- مقدمة ابن خلدون، ط دار إحياء التراث العربي - بيروت (بلا تاريخ) .
- الملاحن للإمام أبي بكر بن الحسن بن دريد، تصحيح وتعليق إبراهيم الطفيش، بيروت، دار الكتب العلمية الطبعة الأولى 1407هـ/1987م.
- المنتخب من غريب كلام العرب، لكراع النمل، تحقيق: محمد العمريّ، معهد البحوث العلمية وإحياء التراث جامعة أم القرى، ط1، 1409هـ.
- المنتخب من كنايات الأدباء وإرشادات البلغاء، للقاضي أبي العباس الجرجاني ويليه كتاب الكناية والتعريض لأبي منصور الثعالبيّ، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، ط1، 1405هـ – 1984م.