الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانياً: النص المحقق
الجزء الأوَّل (1)
من
كتاب الإغفال
صَنْعَةُ أبي عليٍّ الفارسيٍّ رحمه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
(صلى الله على محمَّدٍ وآله.
قال أبو عليٍّ أحمدُ بنُ الحسن بنِ عبدِ الغفَّار الفَسَوِيُّ الفارسيُّ النَّحْويُّ) (2) :
هذه مسائلُ من كتاب أبي إسحاقَ الزَّجَّاجِ في إعراب القرآن، ذَكَرْناها لِمَا اقتضت عندنا من الإصلاح منها للإغفال الواقع فيها، ونحن ننقُلُ كلامَه في كلِّ مسألةٍ من هذه المسائلِ بلفظه، وعلى جهته، من النُّسخة التي سمِعْناها منه فيها، ثُمَّ نُتْبِعُهُ بما عندنا فيه، وبالله التَّوفِيقُ.
المسألة الأولى (3)
ذَكَرَ أبو إسحاقَ اسمَ الله تعالى فقال (4) :
((أَكْرَهُ أنْ أذْكُرَ ما قاله النَّحْويُّون في هذا الاسم تنزيهاً لله تعالى)) ، ثمَّ قال في سورة الحشر (5) في قوله تعالى:{هُوَ الله الخَالِقُ البَارِئُ المُصَوِّرُ} : ((جاء في التَّفسير أنَّها تسعةٌ وتسعون اسماً، ونحن نُبَيِّنُ إنْ شاء الله تعالى هذه الأسماءَ واشتقاقَ ما ينبغي أن يُبيَّنَ منها)) . فبدَأَ بتفسير هذا الاسم فقال: ((قال سيبويه: سألتُ الخليلَ عن هذا الاسمِ فقال: الأصلُ فيه (6)(إِلَاهٌ)، فأُدْخِلَت الألفُ واللَاّمُ بدلاً من الهمزة. وقال مرةً أخرى: الأصلُ: (لَاهٌ) ، وأُدخِلَت الألفُ واللامُ لازمة)) انتهى كلامُ أبي إسحاقَ.
قال أبو عليٍّ:
ما حكاه عن سيبويهِ عن الخليل سهوٌ، ولم يحكِ سيبويهِ عن الخليل في هذا الاسم أنَّه ((إِلاهٌ)) ، ولا قال: إنِّه سأله عنه. لكن قال الخليلُ (1) : إنَّ الألفَ واللامَ بدلٌ من الهمزة في حدِّ النِّداء في الباب المترجَم ب (هذا ما ينتصبُ على المدح أو التَّعظيم أو الشَّتم لأنَّه لا يكونُ وصفاً للأوَّلِ، ولا عطفاً عليه) . وأوَّلُ الفَصْلِ (2) : ((اعْلَمْ أنَّه لا يجوزُ لكَ أنْ تناديَ اسماً فيه الألفُ واللَاّمُ البتَّةَ؛ إلَاّ أنَّهم قالوا: يا ألله اغْفِرْ لي)) . وهو فصلٌ طويلٌ في هذا الباب إذا قرأتَهُ وقفْتَ منه على ما قُلْنَا.
والقولُ الآخَرُ الذي حكاه أبو إسحاقَ فقال: ((وقال مرةً أخرى
…
)) ،لم ينسبْهُ سيبويه أيضاً إلى الخليل، لكن ذكَرَه في حدِّ القَسَم في أوَّلِ بابٍ منه (3) .
قال أبوعليٍّ: ورُوِيَ عن ابن عبَّاسٍ في قوله تعالى: {وَيَذَرَكَ وَإلَاهَتَكَ} (4) قال: عِبَادَتَكَ. فقولنا: ((إِلَاهٌ)) من هذا كأنَّه ذو العبادة، أي: إليه تُوَجَّهُ، وبها يُقصَدُ ويُعتَمَد. قال أبو زيدٍ (5) : تألَّهَ الرجُلُ إذا نَسَكَ، وأنشَدَ:
سَبَّحْنَ وَاسْتَرْجَعْنَ مِنْ تَأَلُّهِي (6)
ونظيرُ هذا في أنَّه في الأصل اسمُ حَدَثٍ، ثمَّ جَرى صفةً للقديم سبحانه قولُنَا: السَّلام. وفي التَّنزيل: {السَّلَامُ المُؤْمِنُ المُهَيْمِنُ} (7) فالسَّلام مِن سَلَّمَ كالكلام من كَلَّمَ (8)، والمعنى: ذو السَّلام، أي: يُسَلِّمُ من عذابه مَنْ لم يستحقَّهُ،كما أنَّ المعنى في الأوَّل: أنَّ العبادةَ تجِبُ له.
فإن قلتَ: فَأَجِزِ الحالَ عنه وتَعَلُّقَ الظَّرفِ به،كما يجوزُ ذلك في المصادر.
فإنَّ ذلك لا يَلزَمُ؛ ألا ترى أنَّهم أَجْرَوا شيئاً من المصادر واسمِ الفاعل مُجْرَى الأسماء التي لا تُناسِبُ الفعل، وذلك قولُهُم:((للهِ دَرُّكَ)) (1) ، وزَيدٌ صاحبُ عمرٍو، (فلم يجيزوا إعمالَهما عملَ الفعل وإنْ كانا في مواضعهما)(2) .
وأمَّا ما حكاه أبو زيدٍ من قولهم: ((تَألَّهَ الرَّجُلُ)) ، فإنَّه يَحتَمِلُ عندي ضربَين من التَّأويل:
يجوزُ أنْ يكونَ كقولهم: تَعَبَّدَ والتَّعَبُّد.
ويجوزُ أنْ يكونَ مأخوذاً من الاسم دون المصدر على حدِّ قولكَ: اسْتَحْجَرَ الطِّينُ، واسْتَنْوَقَ الجَمَلُ، فيكونُ المعنى: يفعَلُ الأفعالَ المقرِّبَةَ إلى الإلهِ، والمستحقَّ بها الثَّوابَ.
وتُسَمَّى الشَّمسُ إلاهَةَ والإلاهَةَ (3) ، رُوِيَ لنا عن قُطْرُبٍ ذلك، وأنشَدَ:
تَرَوَّحْنَا مِنَ اللَّعْبَاءِ قَصْراً وَأَعْجَلْنَا الإِلَاهَةَ أَنْ تَؤُوبَا (4)
فكأنَّهم سَمَّوها ((إِلَاهَةَ)) على نحو تعظيمهم لها، وعبادَتِهِم إيَّاها. وعن ذلك نهاهُمُ الله تعالى، وأمَرَهُم بالتَّوجُّهِ / في العبادة إليه (جلَّ وعزَّ) دون ما خلَقَهُ وأَوجَدَه بعد أنْ لم يكُنْ، فقال:{وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا للهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ} (5) .
ويدلُّكَ على ما ذَكَرْنا من مذهب العرب في تسميتهم الشَّمسَ ((إِلَاهَةَ)) ما حكاه أحمدُ بنُ يحيى (6) من أنَّهم يُسَمُّونها ((إلاهةَ)) غيرَ مصروفٍ، فقرَّبَ ذلك أنَّه منقولٌ؛ إذ كان مخصوصاً. وأكثرُ الأسماء المختصَّة الأعلامِ منقولةٌ نحو (7) : أَسَدٍ وزَيدٍ، وما يكثُرُ تَعدادُهُ من ذلك. فكذلك ((إلاهةُ)) ، يكونُ منقولاً من ((إلاهةٍ)) التي هي العبادةُ لِمَا ذَكَرْنَا. وأُنْشِدَ البيتُ:
وَأَعْجَلْنَا إِلَاهَةَ أَنْ تَؤُوبَا
غيرَ مصروفٍ (1) ، وبلا ألفٍ ولامٍ.
فهذا معنى ((الإلاهةَ)) في اللُّغة، وتفسيرِ ابنِ عبَّاسٍ لِمَنْ قرأ:((وإِلَاهَتَكَ)) .
وقد جاء على هذا الحدِّ غيرُ شيءٍ؛ قال أبو زيدٍ (2) : ((لَقِيْتُهُ النَدَرَى، وفي النَّدَرَى، وفَيْنَةً، والفَيْنَةَ بعد الفَيْنَةَ)) . وفي التَّنزيل: {وَلَا يَغُوْثَ وَيَعُوْقَ وَنَسْراً} (3) . وقال الشَّاعرُ (4) :
أَمَا وَدِمَاءٍ لَا تَزَالُ كَأَنَّهَا عَلَى قُنَّةِ العُزَّى وبِالنَّسْرِ عَنْدَمَا
فهذا مثلُ ما ذكَرْنَاه من ((إلاهةَ)) و ((الإلاهةَ)) في دخولِ لامِ المعرفة الاسمَ مرَّةً، وسقوطِها أخرى.
فأمَّا مَنْ قرأ (5) : {وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ} فهو جمعُ ((إِلَاهٍ)) ،كقولكَ: إزارٌ وآزِرَةٌ، وإناءٌ وآنيةٌ. والمعنى على هذا: أنَّه كان لفرعونَ أصنامٌ يعبدُها شِيْعَتُهُ وأتباعُهُ، فلمَّا دعاهم موسى عليه السلام إلى التَّوحيد حَضُّوا فرعونَ عليه وعلى قومه وأغْرَوه بهم. ويُقوِّي هذه القراءةَ:
{وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إسْرَائِيلَ البَحْرَ فَأَتَوا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ} (6) ، ففي هذا دلالةٌ على تعظيمهم لها وعبادَتِهِم إيَّاها في ذلك الوقت.
وأمَّا قولُنا: ((الله)) فقد حمله سيبويهِ على ضَرْبَين (7) :
أحدهما: أنْ يكونَ أصلُ الاسم ((إلاه)) (8) ، ففاءُ الكلمة على هذا همزةٌ، وعينُها لامٌ، والألفُ ألفُ (فِعَالٍ) الزَّائدةُ واللَاّمُ هاءٌ.
والقولُ الآخَرُ: أن يكون أصلُ الاسم ((لَاهٌ)) ، ووزنُهُ (فَعَلٌ) .
فأمَّا إذا قَدَّرْتَ أنَّ الأصلَ ((إلاهٌ)) (9)، فيَذهبُ سيبويه فيه عندي إلى أنَّهُ حُذِفَت الفاءُ حذفاً لا على التَّخفيف القياسيِّ على حدِّ قولكَ:((الخَبُ)) في الخبْءِ، و ((ضَوٌ)) في ضَوْءٍ (10) .
فإن قال قائل: ولِمَ قدَّره هذا التَّقديرَ؟ وهلَاّ حمَلَهُ على التَّقدير القياسيِّ؛ إذ تقديرُ ذلك سائغٌ فيه، غيرُ ممتنعٍ منه والحملُ على القياس أَولى من الحمل على الحذف الذي ليس بقياسٍ؟
قيل له: إنَّ ذلك لا يخلو من أنْ يكونَ على الحذف كما ذهب إليه سيبويه، أو على تخفيف القياس في أنَّه إذا تحرَّكت الهمزةُ وسَكَنَ ما قبلها حُذِفَت، وأُلقِيَتْ (1) حَرَكَتُهَا على السَّاكن، فلو كان طَرْحُ الهمزة على هذا الحدِّ دون الحذف، لَمَا لَزِمَ أنْ يكونَ منها عِوَضٌ؛ لأنَّها إذا حُذِفَت على هذا الحدِّ فهي وإنْ كانت مُلْغاةً من اللَّفظ مبَقَّاةٌ في النيَّة (2) ومعاملةٌ معاملةَ المثبَتَةِ غيرِ المحذوفة. يدلُّ على ذلك تَرْكُهُم الياءَ مُصَحَّحةً في قولهم:
((جَيْأَل)) إذا خَفَّفوا فقالوا: ((جَيَل)) (3) ، ولو كانت محذوفةً في التَّقدير كما أنَّهَا محذوفةٌ من اللَّفظ لَلَزِمَ قَلْبُ الياء أَلِفاً. فلمَّا كانت الياءُ في نيَّةِ سُكُونٍ لم تُقلَبْ،كما قُلِبَتْ في ((نابٍ)) (4) ونحوِهِ. ويدلُّ على ذلك تحريكُهُم الواوَ في ((ضَوٍ)) وهي طَرَفٌ إذا خُفِّفَتْ، ولو لم تكُنْ في نيَّةِ سكونٍ لقُلِبَت ياءً، ولم تَثْبُتْ آخِراً. ويدلُّ عليه أيضاً تَبْيِيْنُهُم للواو في ((نُوْيٍ)) إذا خَفَّفَ ((نُؤْي)) ، ولولا نيَّةُ الهمزة لقُلِبَتْ ياءً وأُدغِمَتْ،كما فُعِلَ في ((مَرْمِيٍّ)) (5) ونحوه، فكما أنَّ الهمزةَ في هذه المواضعِ لَمَّا كان حذفُها على التَّخفيف القياسيِّ،كانت / (6) منويَّةً في المعنى،كذلك لو كان حذفُها في اسم ((الله)) تعالى على هذا الحدِّ، لَمَا لَزِمَ أنْ يكونَ مِنْ حَذْفها عِوَضٌ؛ لأنَّها في تقدير الإثبات للأدلَّة التي ذَكَرْناها.
وفي تعويضهم من هذه الهمزة ما عَوَّضوا ما يَدُلُّ على أنَّ حَذْفَهَا عندهم ليس على حدِّ القياس ك ((جَيَلٍ)) في ((جَيْأَل)) ، ونحوِ ذلك، بل يَدُلُّ العِوَضُ منها على أنَّهُم حَذَفوها حَذْفاً على غيرِ هذا الحدِّ.
فإن قالَ: فما العِوَضُ الذي عُوِّضَ من هذه الهمزة (1) لَمَّا حُذِفَت على الحدِّ الذي ذَكَرْتَ، وما (2) الدلالة على كونه عِوَضاً؟
قيلَ: أما العِوَضُ منها فهو الألفُ واللَاّمُ في قولهم: الله.
وأمَّا الدَّلالةُ على أنَّها عِوَضٌ فاستجازَتُهُم لقَطْعِ الهمزة الموصولة الدَّاخلةِ على لام التَّعريف في القَسَم والنِّداء وذلك قولُهُم: ((أفألله لَتَفْعَلَنَّ)) ، و ((يا ألله اغْفِرْ لي)) (3) ؛ ألا ترى أنَّها لو كانت غيرَ عِوَضٍ لم تَثْبُتْ،كما لم تَثْبُتْ في غير هذا الاسم، فلمَّا قُطِعَت هنا واسْتُجِيزَ ذلك فيها، ولم يُسْتَجَزْ في غيرها من الهَمَزَات الموصولة، علِمْنَا أنَّ ذلك لمعنًى اختَصَّتْ به ليس في غيرها. ولا شيءَ أَولى بذلك المعنى من أنْ يكونَ العِوَضَ من الحرف المحذوف الذي هو الفاء.
فإن قال قائلٌ: فما أنكَرْتَ ألَاّ يكونَ ذلك المعنى العِوَضَ، وإنمَّا يكونُ كَثْرَةَ الاستعمالِ، فغُيِّرَ بهذا كما يُغَيَّرُ غيرُهُ ممَّا يَكْثُرُ في كلامهم عن حال نظائره وحَدِّه؟
قيلَ: لا يخلو من أنْ يكونَ (4) ذلك العِوَضَ،كما ذَكَرْناه، أو يكونَ كثرةَ الاستعمال، أو يكونَ لأنَّ الحرفَ ملازمٌ للاسمِ لا يفارقُهُ.
فلو كان كثرةُ الاستعمال هو الذي أوجَبَ ذلك دون العِوَض، لَلَزِمَ أنْ تُقطَعَ الهمزةُ أيضاً في غير هذا ممَّا يَكْثُرُ استعمالُهُ
ولو كان لِلُزُومِ الحرفِ، لَوجَبَ أن تُقطَعَ هَمْزَةُ ((الذي)) للزومها، ولكثرة استعمالها أيضاً، ولَلَزِمَ قَطْعُ هذه الهمزةِ فيما كَثُرَ استعمالُهُ. وهذا فاسدٌ؛ لأنَّه قد يَكْثُرُ استعمالُ ما فيه هذه الهمزةُ فلا تُقطَعُ، فإذا كان كذلك ثَبَتَ أنَّه للعِوَض، وإذا كان للعِوَض لم يَجُزْ أنْ يكونَ حَذْفُ الهمزة من الاسم على الحدِّ القياسيِّ؛ لِمَا قَدَّمْناه؛ فلهذا حمَلَهُ سيبويه على هذا الوجه دون الوجه الآخَرِ فقال (1) :((كأنَّ الاسمَ والله أعلمُ إلاهٌ، فلَمَّا أُدخِلَ فيه الألِفُ واللَاّمُ حَذَفُوا الألِفَ وصارت الألِفُ واللَاّمُ خَلَفاً منها، فهذا أيضاً ممَّا يُقَوِّيه (2) أنْ يكونَ بمنزلة ما هو من نَفْسِ الحرف)) .
فإن قال قائلٌ: أَفَلَيسَ قد حُذِفَت الهمزةُ من ((النَّاس)) ،كما حُذِفَت من هذا الاسم حذفاً، فهل تقولُ: إنَّهَا عِوَضٌ منها،كما أنَّ الألفَ واللامَ عِوَضٌ من الهمزة المحذوفة من اسم ((الله)) عز وجل؟
قيلَ له: ليس الألِفُ واللامُ عِوَضاً في ((النَّاس)) كما كانا عوضاً في هذا الاسم، ولو كانا عِوضاً لَفُعِلَ بهما ما فُعِلَ بالهمزة في اسم ((الله)) لَمَّا جُعِلَت [في] الكلمة التي دخلت عليها عوضاً من الهمزة المحذوفة (3) .
فإن قلتَ: أليس قد قال سيبويهِ بعد الكلام الذي ذكَرْتَهُ له: ((ومثلُ ذلك (أُنَاسٌ)، فإذا أَدْخَلْتَ الألِفَ واللَاّمَ قُلْتَ: النَّاس)) ؟
قيلَ: إنَّه قال هذا، ومعنى قوله:((ومثلُ ذلك أُناسٌ)) أي: مثلُهُ في حَذْفِ الهمزة منه في حال دُخُولِ الألِفِ واللَاّمِ عليه، لا أنَّه بدلٌ من المحذوف كما كان في اسم ((الله)) عز وجل بَدَلاً. ويُقوِّي ذلك ما أنشَدَه أبو العبَّاسِ عن أبي عثمانَ:
إِنَّ المَنَايَا يَطَّلِعْنَ على الأُنَاسِ الآمِنِينَا (4)
فلو كان عوضاً لم يكن ليجتمع مع المعوَّضِ منه. فإذا حُذِفَت الهمزةُ ممَّا لا يكونُ الألِفُ واللَاّمُ عِوَضاً منه، كان حذْفُهَا فيما يَثْبُتُ أنَّ الألفَ واللامَ عوضٌ منه أَولى وأَجْدَرَ. فتبَيَّنَ من هذا أنَّ الهمزةَ التي هي فاءٌ محذوفةٌ من هذا الاسم.
فإن قال قائلٌ: فما أنكَرْتَ أنْ يكونَ قَطْعُ الهمزة في هذا الاسم في الوصل لا لشيءٍ مماَّ ذكَرْتَ من العِوَض، وكَثْرَةِ الاستعمال، ولا لِلُزُومِ الاسمِ، ولكن لشيءٍ آخَرَ غير ذلك كلِّهِ؛ وهو أنَّهَا همزةٌ مفتوحةٌ وإنْ كانت موصولةً والهمَزَاتُ الموصولةُ في أكثرِ الأمر على ضربَين: مكسورةٌ ومضمومةٌ، فلمَّا خالف هذا ما عليه الجمهورُ والكثرةَ اسْتُجيزَ في الوصل قطعُها؛ لمشابهتها بانفتاحها الهمزةَ في ((أحمر)) ونحوه من المقطوعة، فقُطِعَت لمشابهتها إيَّاها في انفتاحها لا لغير ذلك.
قيلَ له: إنَّ كونَهَا مفتوحةً (1) لا يُوجِبُ في الوصل قَطْعَهَا وإنْ شابَهَتْهَا في الزِّيادة والانفتاح؛ ألا ترى أنَّ الهمزةَ في قولهم: ((ايْمُ [اللهِ] )) ، و ((ايْمُنُ الله)) همزةُ وصلٍ، وأنَّها مفتوحةٌ مثلَ المصاحِبَةِ للام التَّعريف، ولم تُقطَعْ في موضعٍ من مواضع وَصْلِها كما قُطِعَت هذه، فهذا يدلُّ على أنَّ قطعَهَا ليس لانفتاحها، ولو كان قَطْعُهَا لانفتاحها لوجبَ أن تُقطَعَ في غير هذا الموضع؛ لدُخُولِ الانفتاح، فلمَّا لم تُقطَعْ في الحرف الذي ذَكَرْنَاهُ وهو ((اَيْمُ)) و ((اَيْمُنُ)) ولم تُقطَعْ في غير هذا الاسم، علِمْنَا أنَّ الانفتاحَ ليس بعلَّةٍ مُوجِبةٍ للقطع، وإذا لم يكن ذلك ثَبَتَ ما ذَكَرْناه من العِوَضِ.
فإنْ قدَّرْتَه على التَّخفيف القياسيِّ فكأنَّ الأصلَ ((الإلاه)) ، ثُمَّ خَفَّفْتَ الهمزةَ وما قبلها ساكنٌ فحذَفْتَهَا وألقَيْتَ حَرَكَتَهَا على السَّاكن، فاجتمع مِثْلان، فسَكَّنْتَ الأوَّلَ وأَدْغمْتَ. وعلى هذا التَّقدير قولُهُ عز وجل:{لَكِنَّا هُوَ الله رَبِّي} (1) إلَاّ أنَّ توجيهَ الاسم على ما ذهب إليه سيبويه القولُ؛ لِمَا ذكرْتُ لكَ.
وذكَرَ أبو بكرٍ عن أبي العبَّاس أنَّ الكِسَائيَّ (2) أجازَ: {بِمَا أُنْزِلَّيْكَ} في قوله:
{بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} (3) فأدغَمَ اللَاّمَ الأُولى في الثَّانية، وشَبَّهَهُ بقوله:{لَكِنَّا هُوَ الله رَبِّي} . قال أبو العبَّاس (4) : هذا خطأٌ؛ لأنَّ ما قبلَ الهمزة من ((لكنْ أنا)) ساكنٌ، فإذا خَفَّفْتَ حَذَفْتَ فَأَلْقَيْتَ الحركةَ على السَّاكن. وما قبل الهمزةِ في {أُنْزِلَ إِلَيْكَ} متحرِّكٌ، فإذا خَفَّفْتَ لم يَجُزِ الحذفُ،كما جاز في الأَوَّلِ، لكن تجعَلُ الهمزةَ بين بين (5) ، فإذا لم يَجُزِ الحذفُ لم يَجُزِ الإدغامُ لحجز الحرفِ بين المِثْلَين. وهذا الذي قاله أبو العبَّاس ظاهرٌ بيِّنٌ.
فإن قال قائلٌ: تُحذَفُ الهمزةُ حذفاً كما حُذفت من ((الناس)) .
قيلَ: أماَّ الخطأُ في التَّشبيه فحاصلٌ؛ إذ شَبَّهَ بين مختلِفَين من حيثُ شَبَّهَ. أمَّا هذا الضَّرْبُ من الحذف فلا يجوزُ تسويغُهُ حتَّى يتقدَّمَهُ سماعٌ. ألا ترى أنَّه لا يجوزُ حَذْفُ الهمزةِ من ((الإباء)) و ((الإياب)) ،كما كان في ((النَّاس)) وليس كذلك الحذفُ فيما كان من الهمَزَات ما قبله ساكنٌ؛ لأنَّ حَذْفَ ذلك قياسٌ مُطَّردٌ مستمرٌّ.
فإن قال قائلٌ: أفليس الهمزةُ قد حُذِفَت من قولهم: ((وَيْلِمِّهِ)) (6)، وفي قولهم:
((ناسٌ)) (1) ، وفي اسم ((الله)) عز وجل، وكلُّ ذلك قد حكاه سيبويه (2) ، وذهَبَ إلى حذْفِ الهمزة فيه، فما أنكَرْتَ أنْ يكونَ حَذْفُ الهمزة المبتدَأَةِ كثيراً يجوزُ القياسُ عليه، ورَدُّ غيره إليه. وقد ذهب الخليلُ (3) إلى حذفِ الهمزةِ من ((أنْ)) في قولهم: لَنْ يَفْعَلَ، وقال: هو ((لَا أَنْ)) ؟
قيلَ له: ليست هذه الحروفُ من الكثرة والسَّعةِ بحيث يُقاسُ غيرُها عليها، إنمَّا هي حروفٌ كَثُرَ استعمالُها فحُذِفَ بعضُها، وعُوِّضَ من حَذْفِهِ. وليست الهمزةُ في الآية إذا حُذِفَتْ عند الكِسَائيِّ بمعُوَّضٍ منها شيءٌ، بل يُحذَفُ معها
غيرُها من الكلام للإدغام، والقياسُ / على هذه الحروفِ لا يُوجِبُ حَذْفَها؛ إذ لا عِوَضَ منها،كما حُذِفَت من هذه الحروف لماَّ عُوِّضَ منها.
فإن قلتَ: فإنَّ [في] قولهم: ((وَيْلِمِّهِ)) حَذْفٌ، ولم يُعوَّضْ منه شيءٌ؟
فإنَّ القياسَ على هذا الفَذِّ (4) الشَّاذِّ غيرُ سائغٍ، ولاسيَّما إذا كان المقيسُ عليه فيه معنًى أوجَبَهُ شيءٌ ليس في المقيس مثلُهُ؛ وهو كثرةُ الاستعمال. ألا ترى أنَّكَ تقولُ: لا أدْرِ، ولم أُبَلْ (5) فتَحْذِفُ لكثرَةِ الاستعمال، ولا تقيسُ عليه غيرَهُ إذا كان متعرِّياً من المعنى الموجِبِ في هذا الحذفَ. وكذلك لا تقيسُ على ((وَيْلِمِّهِ)) ما في الآية من حذْفِ الهمزة؛ إذ لا يخلو الحذفُ فيها من أنْ يكونَ لكثرة الاستعمال كما ذَكَرْنَا، أو لأنَّهَا همزةٌ مبتدَأَةٌ، فلو كان الحذْفُ لأنَّها همزةٌ مبتَدَأَةٌ لوجَبَ حذْفُ كلِّ همزةٍ مبتَدَأَةٍ، وذلك ظاهرُ الفساد. فثَبَتَ أنَّه كما ذَكَرْناه.
ويَفْسُدُ حَذْفُ هذه الهمزة من جهةٍ أخرى؛ وهي أنَّهُ إذا سَاغَ الحذفُ في بعض الأسماء أو الأفعال لكَثْرَةِ الاستعمال أو الاستثقال، أو ضَرْبٍ من الضُّروب،لم يَجُزْ حَذْفُ الحروف قياساً عليها؛ لأنَّها قَبيلٌ غيرُها ونوعٌ سواها، فحُكمُهُ في الحذف غيرُ حُكمها؛ ألا ترى أنَّ الحذفَ لم يجئ في شيءٍ من الحروف إلَاّ في بعض ما كان مضاعَفاً نحو:((رُبَّ)) و ((إنَّ)) و ((كأنَّ)) ، ولم يجئ في كل ذلك، لم نعلَمْهُم حذفوا مِن ((ثمَّ)) ولا ((لعلَّ)) ، وليس ((إلى)) بمضاعَفٍ فيجوزُ ذلك فيه (1) . ولهذا ذهب أهلُ النَّظَرِ في العربيَّةِ (2) إلى تغليب معنى الاسم على ((مُذْ)) لِمَكان الحذْفِ، وتغليبِ معنى الحرف على ((مُنْذُ)) لتمامها، فلو جاء الحذفُ في الأسماء في نحو ذا لم يَجُزِ الحذفُ من الحروف قياساً عليها؛ لقلَّةِ الحذفِ من الحروف. ولم نَعْلَمِ الحروفَ حُذِفَ منها شيءٌ إلَاّ ما ذَكَرْنَاه، والألِفَ من ((ها)) التي للتَّنبيه في قولهم:((هَلُمَّ)) (3) ، وذلك لكَثْرَةِ استعماله، وبنائِهِ مع غيره. وليس في الحرْفِ الذي في الآية شيءٌ من ذلك، فتجويزُ هذا فاسِدٌ في العربيَّةِ وقياسِهَا لِمَا ذَكَرْناه.
فأمَّا ما ذهب إليه الخليلُ في ((لَنْ)) ، فلم يَتْبَعْهُ في ذلك سيبويهِ (4) ، ولا أحدٌ ممَّن رواهُ من أصحابِهِ، وذهبوا كلُّهُم إلى فسادِهِ (5) .
ويَفْسُدُ قياسُ حَذْفِ الهمزة من ((إلى)) على التي في ((وَيْلِمِّهِ)) ، وعلى الألف في ((هَلُمَّ)) من جهةٍ أخرى وهي: أنَّ هذَين الحرفَين لَمَّا ضُمَّا إلى الاسمين غيرهما، وكَثُرَ استعمالُهُما، صارا كالكلمة الواحدة المتَّصلة من أجل اللُّزُوم، والحذْفُ وسائرُ حروفِ التَّغيير والاعتلالِ إلى المتَّصلِ أسْرَعُ (1)، وفيه أوْجَدُ منه إلى المنفصل. فالحذفُ في هذَين الحرفَين يَسُوغُ ما لا يَسُوغُ في غيرهما؛ لِمَا ذَكَرْنَاه من شِدَّة الاتِّصال. ويدلُّكَ على شدَّةِ اتِّصَالهما: أنَّهُم اشتقُّوا منهما وهما مُرَكَّبَان،كما يُشتَقُّ من المفرَدَين؛ قال أبو زيدٍ (2) : يُقالُ: ((هو رَجُلٌ ويْلِمَّةٌ)) ، والوَيْلِمَّةُ من الرِّجال: الدَّاهيةُ.
وقال الأصمعيُّ (3) : إذا قال لكَ: هَلُمَّ، فقُلْ: لا أَهَلُمُّ. فهذا يدلُّ على إجرائهم الكلمتَين في الموضعَين مُجْرَى المفرَد، فاشْتُقَّ منهما كما اشْتُقَّ من المفرَد، فعلى حسَبِ هذا حسُنَ الحذْفُ منهما،كما يُحْذَفُ من الكَلِمِ المفرَدة.
والمفرَدُ والمتَّصِلُ وما جرى مَجْراهما يكونُ فيهما من الحذْفِ ما لا يكونُ في غيرهما من المنفصل في جميع أبواب العربيَّة، ألا ترى أنَّكَ تُدغِمُ مثل: مَدَّ وفَرَّ، وما أشْبَهَ ذلك، لا يكونُ فيه غيرُ الإدغام (4) ، وأنتَ في ((جَعَل لَّكَ)) و ((فَعَل لَّبيدٌ)) (5) ونحوِ ذلك مخيَّرٌ بين الإدغام والبَيَان، فكذلك ما في الآية، يمتنعُ الحذفُ من الحرف فيه لأنَّه منْفَصِلٌ.
فهذه جهةٌ أخرى يمتنعُ لها الحذفُ من الحرفِ ويَضْعُفُ.
فأمَّا مثلُ: {وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الجَبَلِ} (6) ، و {انْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللهِ} (7) / و {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ} (8) . فحَذْفُهُ مُطَّرِدٌ قياسيٌّ، وليس من هذا الباب.
فهذا شيءٌ عَرَضَ في هذه المسألة مما يتَعَلَّقُ بها، ثمَّ نعودُ إليها:
فأماَّ القولُ الآخَر الذي قاله سيبويهِ في اسم ((الله)) تعالى، فهو أنَّ الاسمَ أصلُهُ ((لاهٌ)) ، وَزْنُهُ على هذا (فَعَلٌ) ، اللَاّمُ فاءُ الفعل، والألفُ منقلبةٌ عن الحرف الَّذي هو عينٌ، والهاءُ لامٌ. والذي دلَّهُ على ذلك أنَّ بعضَهم يقول:((لَهْيَ أبوكَ)) ، قال سيبويه (1) :
((فقَلَبَ العينَ وجعلَ اللامَ ساكنةً؛ إذْ صارت مكانَ العَين،كما كانت العينُ ساكنةً، وتركوا آخِرَ الاسم مفتوحاً،كما تركوا آخِرَ ((أَيْنَ)) مفتوحاً. وإنمَّا فعلوا ذلك به حيث غيَّروه لكَثْرَتِهِ في كلامهم، فغَيَّرُوا إعرابَهُ كما غَيَّرُوهُ)) . فالألفُ على هذا القول في الاسم منقلبةٌ عن الياء (2) ؛ لظهورها في موضع اللَاّمِ المقلوبةِ إلى موضع العَين، وهي في الوجه الأوَّلِ زائدةٌ ل (فِعَالٍ) ، غيرُ منقلبةٍ عن شيءٍ، واللَّفْظَتان على هذا مختلفتان، وإنْ كان في كلِّ واحدةٍ منهما بعضُ حروف الأخرى.
وذَكَرَ أبو العبَّاس هذه المسألةَ في كتابه المترجَم ب ((الغَلَط)) ، فقال (3) :((قال سيبويه فيه: إنَّ تقديره (فِعَالٌ) لأنَّه ((إِلَاهٌ)) ، والألفُ واللَاّمُ في ((الله)) بدلٌ من الهمزة، فلذلك لَزِمَتَا الاسمَ مثل:((أُناس)) و ((النَّاس)) ، ثمَّ قال: إنَّهم يقولون: ((لَهْيَ أبوكَ)) في معنى: للهِ أبوكَ، فقال: يُقَدِّمون اللَاّمَ، ويؤخِّرُونَ العينَ)) . قال أبو العبَّاس (4) :((وهذا نقضُ ذلك؛ لأنَّه قال أوَّلاً: إنَّ الألفَ زائدةٌ؛ لأنَّها ألفُ (فِعَال) ، ثمَّ ذَكَرَ ثانيةً أنَّها عينُ الفعل)) .
قال أبو عليٍّ: وهذا الذي ذَكَرَهُ أبو العبَّاس من أنَّ هذا القولَ نَقْضٌ مغالَطةٌ، وإنمَّا كان يكونُ نَقْضاً لو قال في حرفٍ واحدٍ من كلمةٍ واحدةٍ وتقديرٍ واحدٍ: إنَّه زيادةٌ، ثمَّ قال فيها نفسِها: إنَّها أصلٌ، فهذا لو قاله في كلمةٍ بهذه الصِّفة لكان لا محالةَ فاسداً، كما أنَّ قائلاً لو قال: إنَّ التَّاءَ في ((تَرْتُب)) (1) زائدةٌ، ثمَّ قال: إنَّها في ((تَرْتُبَ)) أصلٌ، والكلمةُ لمعنًى واحدٍ من حروفٍ بأعيانها في الكلمة الأُولى، لكان فاسداً منتَقِضاً؛ لأنَّه جعلَ حرفاً واحداً من كلمةٍ واحدةٍ زائداً أصلاً، وهاتان حالتان يتنافى اجتماعُهُما في حرفٍ واحدٍ من كلمةٍ واحدةٍ في تقديرٍ واحدٍ. فلا يستقيمُ لذلك أنْ يُحكَمَ بهما عليه.
فأمَّا إذا قَدَّرَ الكلمةَ مُشْتَقةً من أصلَين مختلفَين، لم يمتنع أن يُحكَمَ بحرفٍ فيه أنَّهُ أصلٌ، ويُحكَمَ على ذلك الحرفِ أنَّهُ زائدٌ؛ لأنَّ التَّقديرَ فيهما مختلفٌ وإنْ كان اللَّفظُ فيهما متَّفقاً؛ ألا ترى أنَّكَ تقولُ: مَصِيرٌ ومُصْرَانٌ ومَصَارِينُ، و ((مَصِيرٌ)) مِن صَارَ يَصِيرُ، فتكونُ الياءُ من الأُولى زائدةً (2) ، ومن الثَّانية أصلاً، فلا يمتنعُ لاتِّفاقِهِما في اللَّفظ من أنْ يُحْكَمَ على هذا بالزِّيادة، وعلى هذا بأنَّه أصلٌ (3) .
وكذلك ((مَسِيلٌ)) إن أخذْتَهُ مِن سَالَ يَسِيلُ [كان مَفْعِلاً](4) ، و ((مَسِيلٌ)) إنْ أخَذْتَه مِن مَسَلَ (5) كان (فَعِيلاً) .
وكذلك مَوْأَلَةٌ إنْ جعَلْتَهُ (مَفْعَلَة)(6) مِن وَأَلَ، وإنْ جَعَلْتَه مِن قولهم:((رَجُلٌ مَأْلٌ وامرأةٌ مَأْلَةٌ)) (7) ،كان (فَوْعَلَة)
وكذلك ((أُثْفِيَّةٌ)) ، إنْ أخَذْتَه من قولهم:((هو يَثْفُوهُ)) (8) ، و ((أُثْفِيَّةٌ)) إن أخَذْتَه مِن تَأثَّفْنَا بالمكان (9) .
وكذلك ((أرْوَى)) (1) إن نوَّنْتَهُ جاز أنْ يكون (أَفْعَل) مثل ((أفْكَل)) (2) ، وأن يكون (فَعْلَى) مثل ((أرْطى)) (3) ، فإنْ لم تنوِّنْهُ كان (فَعْلَى) والألفُ فيه مثلُ ألفِ حُبْلَى (4) .
وكذلك ((أُرْبِيَّةٌ)) لأصل الفَخِذِ (5)، إن أخذْتَهُ من الأَرَبِ الذي هو التَّوَفُّرُ من قولكَ: أَرَّبْتُ الشَّيءَ إذا وَفَّرْتَهُ وقولِهم: ((فلانٌ أريبٌ)) / أرادوا أنَّه ذو توفُّرٍ وكمالٍ، (لأنَّه عضوٌ له من التَّوفُّر والكمال ما ليس لغيره)(6) ، وإنْ أخذْتَهُ من رَبَا يرْبُو إذا ارتَفَعَ؛ لأنَّهُ عُضْوٌ مرتفعٌ في القَصَبَة والخِلْقة، فاللَّفظتان متَّفقتان، والمعنيان مختلفان. وهذا كثيرٌ جداً، تتَّفِقُ الألفاظُ فيه، وتختلفُ المعاني والتَّقديرُ.
فكذلك هذا الاسم الذي نقولُ: ((لَهْيَ)) ، عند سيبويه يُقدِّرُهُ مقلوباً من (لاهٍ) . و (لاهٌ) على هذا الألفُ فيه عينُ الفعل (7) غير التي في ((الله)) إذا قدَّرْتَه محذوفاً منه الهمزة التي هي فاءُ الفعل، فحُكِمَ بزيادة الألف من غير الموضع الذي حُكِم فيه بأنَّهَا أصلٌ، وبأنَّها أصلٌ من غير الموضع الذي حُكِمَ فيه بأنَّهَا زائدةٌ، فإذا كان كذلك سَلِمَ قولُهُ من النَّقض، ولم يكُنْ فيه دَخَلٌ (8) .
فإن قال قائلٌ: ما تُنكِرُ أنْ يكونَ ((لاهٌ)) في قول مَن قال: ((لَهْيَ أبوكَ)) هو أيضاً من قولكَ: ((إلاهٌ)) ، ولا يكونُ كما قدَّره سيبويهِ من أنَّ العينَ ياءٌ؛ لكن تكونُ الياء (9) في ((لَهْيَ)) منقلبةً عن الألِفِ الزَّائدَةِ في ((إلاهٍ)) ؟
قيلَ: الذي يمتنعُ له ذلك ويَبعُدُ أنَّ الياءَ لا تنقلِبُ عن الألِفِ الزَّائدةِ على هذا الحدِّ، إنمَّا تنقلِبُ (10) واواً في ((ضَوَاربَ)) ، وهمزةً في ((كنائنَ)) ، وياءً في ((دنانير)) ، فأمَّا أنْ تنقلِبَ ياءً على هذا الحدِّ فبعيدٌ،لم يجئْ في شيءٍ عَلِمْنَاه.
فإن قلتَ: فقد قالوا: زَبَانيٌّ (1) وطائيٌّ، فأبدلوا الألفَ من ياءَين زائدَتَين، فكذلك تُبدَلُ الياءُ من الألِفِ الزَّائدةِ في ((لَهْيَ)) .
فالجوابُ: أنَّ إبدالَهُم الألِفَ من الياء في ((زَبَانيّ)) ليس بإبدالِ ياءٍ من الألفِ، فيَجُوزُ عليه ((لَهْيَ)) ، ومَن أبدلَ الياءَ من الألِف في نحو قوله:
لَنَضْرِبَنْ بِسَيْفِنَا قَفَيْكَا (2)
لم ينبغ لكَ أن تُجيزَ هذا قياساً عليه؛ لأنَّ ذلك لغةٌ ليست بالكثيرة؛ ولأنَّ ما قبل المبدَلِ قد اختَلَفَ (3) . ألا ترى أنَّ العينَ في ((قَفَيكا)) متحرِّكةٌ، وما قبلَ الياء في ((لَهْيَ)) ساكنٌ. ومماَّ يُبعِدُ ذلك أنَّ القلبَ ضَرْبٌ من التَّصريف تُردُّ فيه الأشياءُ إلى أصولها. ألا ترى أنَّكَ لا تكادُ تجدُ مقلوباً محذوفاً منه، بل قد يُرَدُّ منه في بعض المقلوب ما كان محذوفاً قبلَ القلب كقولهم:((هارٍ)) (4) ، وذلك لأنَّهُ لَمَّا أُزِيلَتْ حُرُوفُ الكلمة فيها عن نَظْمها ونَضْدِها كما فُعِلَ ذلكَ بالتَّكسير والتَّصغير أشبَهَهُمَا. فإذا أشبَهَهُمَا من أجل ما ذَكَرْنا (5) ، وجَبَ رَدُّ المحذوفِ إليه من أجل هذا الشَّبَه،كما رُدَّ إليهما.
فلهذه المضارَعَةِ التي في القلْب بالتَّحْقير والتَّكسيرِ تَرَجَّحَ عندنا قَولُ مَنْ قال في ((أَيْنُقٍ)) : إنَّهَا (أعْفُل)، قُلِبَتْ العينُ فيها فاءً (6) على غير قياسٍ على قولِ مَنْ قالَ: إنَّهَا (أيْفُل) وذهب إلى الحذفِ وتعويضِ الياء منها (7) .
ويُقَوِّي الوجهَ الأوَّلَ ثَبَاتُهُ في التَّكسير في قولهم: أَيَانِق. أنشَد أبو زيدٍ (8) :
لَقَدْ تَعَلَّلْتُ عَلَى أَيَانِقِ
صُهْبٍ قَلِيلَاتِ الْقُرَادِ اللَاّزِقِ
فإن قلتَ: فإذا كان الاسمُ على هذا التَّقدير (فَعَلاً) بدلالة انقلاب العين ألفاً، فهَلَاّ كان في القلب أيضاً على زِنَتِهِ قبل القلب؟ (9)
قيلَ: إنَّ المقلوبَ قد جاء في غير هذا الموضع على غير زِنَةِ المقلوب عنه. ألا ترى أنَّهُم قالوا: ((له جاهٌ عند السُّلطان)) ، فجاء على (عَفَلٍ)(1) ، وهو مقلوبٌ عن ((الوجه)) ، فهذا وإنْ كان عكسَ ما ذَكَرْناه من القلب الذي ذهب إليه سيبويه في الاسم في الزِّنَةِ، فإنَّه مثلُهُ في اختصاص المقلوب ببناءٍ غيرِ بناء المقلوب عنه، وهذا يؤكِّدُ ما ذكَرْناه من مشابهة القلب بالتَّحقير / والتَّكسير. ألا ترى أنَّ البناءَين اختَلَفَا،كما اختَلَفَ التَّحقيرُ والتَّكسيرُ.
ومثلُ ذلك قولُهُم: فُوْقٌ وفُقًا (2)، قال:
وَنَبْلِي وَفُقَاهَا كَ عَرَاقِيبِ قَطًا طُحْلِ (3)
ومثلُ ذلك في البناء دون القلب: نُوْيٌ ونُؤْيٌ.
فأمَّا بناءُ الاسم فلأنَّه تَضَمَّنَ معنى لامِ المعرفة كما تَضَمَّنَها ((أمسِ)) ، فبُني كما بُني، ولم يُجعَل في القلب على حدِّ ما كان قبل القلب، فكما اختلَفَ البناءان،كذلك اختلف الحذفان، فكان في القلب على حدِّه في ((أمسِ)) دون ((سَحَر)) ، وقبلَ القلبِ على حدِّ الحذف من اللَّفْظِ للتَّخفيف لاجتماع الأمثال وتقديرِ الثَّبات في اللَّفظ، نحو:
{تَذَكَّرُوْنَ} (4) في مَن خَفَّف، و ((يَسْطِيع)) وما أشبه ذلك.
وحَكَى أبو بكرِ بنُ السَّرَّاج أنَّ أبا العبَّاس اختارَ في هذا الاسم أنْ يكونَ أصلُهُ:
((لاهاً)) ، وأنْ يكونَ ((لَهْيَ)) مقلوباً، وأنَّ القولَ الآخَرَ الذي لسيبويه فيه من أنَّه من قولهم:((إلاهٌ)) (5) ، وتشبيهَ سيبويه إياه ب ((أُناس)) ليس كذلك، وذلك أنَّهُ يقال: أُنَاسٌ والأُناسُ (6) ، فإذا أدخَلَ الألِفَ واللَاّمَ ثبَتَت الهمزةُ.
قال: وأنشَدَني أبو عثمانَ المازنيُّ:
إِنَّ الْمَنَايَا يَطَّلِعْنَ على الأُنَاسِ الآمِنِيْنَا (7)
فكذلك ثبَتَت الهمزةُ في ((الإلاه)) .
قال أبو عليٍّ: وقد قدَّمْتُ في هذا الفصل (1) ما يُستَغنَى به عن الإعادة في هذا الموضع، وصحَّةَ ما ذهب إليه سيبويه من حَذْفِ الهمزة التي هي فاءٌ، وكونَ الألِفِ واللَاّمِ عِوَضاً منها؛ ألَا ترى أنَّكَ إذا أثْبَتَّ الهمزةَ في ((الإلاه)) ولم تحذِفْ، لم تكن الألفُ واللَاّمُ فيه على حدِّها في قولنا:((الله)) ؛ لأنَّ قَطْعَ همزةِ الوصل لا يجوزُ في ((الإلاه)) كما جاز في قولنا: ((الله)) ؛ لأنَّهُمَا ليسا بعِوَضٍ من شيءٍ، كما أنَّها في اسم ((الله)) تعالى عِوَضٌ بالأدلَّة التي أَرَينا.
فأمَّا قولُهُم: ((لاهِ أبوكَ)) فقال سيبويه (2) : ((حذفوا إحدى اللَاّمَين من قولهم: ((لاهِ أبوكَ)) ، حَذَفوا لامَ الإضافة أو اللَاّمَ الأخرى)) (3) .
وذَكَرَ أبو بكرِ بنُ السَّرَّاج عن أبي العبَّاس أنَّه قال: ((إنَّ بعضَهم قال: إنَّ المحذوفَ من اللَاّمَين الزَّائِدَةُ، وقال آخَرون: المحذوفُ الأصلُ، والمُبَقَّى الزَّائِدُ خلافَ قولِ سيبويه.
قال: فمِن حُجَّتَهِم أنْ يقولوا: إنَّ الزَّائِدَ جاء لمعنًى، فهو أَولى بأنْ يُترَكَ فلا يُحذَفَ؛ إذ الزَّائِدُ لمعنًى إذا حُذِفَ زالت بحذْفِهِ دلالتُهُ التي جاء لها، وقد رأيناهم يحذفون من نفس الكلمة في قولهم: لَم يَكُ، ولا أَدْرِ، ولم أُبَلْ (1) ؛ إذا كان الذي أُبقِيَ يدلُّ على ما أُلغِيَ، فكذلك يكونُ المحذوفُ من هذا الاسم ما هو من نَفْسِ الحرف، ويكونُ المبَقَّى الزَّائِدَ وأيضاً فما يُحذَفُ من هذه المكرَّراتِ إنمَّا يُحذَفُ للاستثقال، وإنمَّا يقعُ الاستثقالُ فيما يتكرَّر لا في المبدوءِ به الأَوَّلِ فالأَولى أنْ يُحذَفَ الذي به وقَعَ الاستثقالُ، وهو الفاءُ وحرفُ التَّعريف. ألا ترى أنَّهُم يُبدِلونَ الثَّانيَ مِن نحو:((تَقَضَّيتُ)) ونحوِهِ، و ((آدَمَ)) وشبهِهِ، وكذلك حُذِفَتِ النُّونُ التي تكونُ مع علامةِ المتكلِّم المنصوبِ (2) من ((كأنِّي)) لَمَّا وقَعَت بعد النُّونِ الثَّقيلةِ.
وأيضاً فإنَّ الحرفَين إذا تكرَّرا فكان أحدُهما لمعنًى، وكان الآخَرُ من كلمةٍ، حُذِفَ الذي من الكلمة، وتُرِكَ الذي جاء لمعنًى وذلك نحو:((تكَلَّمُ)) ، فالمحذوفُ تاءُ (تَفَعَّلُ) لا التَّاءُ التي فيها دليلُ المضارَعَةِ، وكذلك يكون قولُهُم:((لاهِ أبوكَ)) . انتهت الحكايةُ عن أبي العباس.
قال أبو عليٍّ: والجوابُ عن الفصل الأوَّل: أنَّ حرفَ المعنى قد حُذِفَ حذفاً مُطَّرِداً (1) في نحو قولهم: ((واللهِ أفعلُ)) إذا أرَدْتَ: واللهِ لا أفعلُ، وحُذِفَ أيضاً في قولهم:((لأَضْرِبَنَّهُ ذَهَبَ أو مَكَثَ)) ، وحُذِفَ أيضاً في قول كَثيرٍ من النَّحْويِّين [من] نحو: هذا زيدٌ قَامَ، تريدُ: قد قام (2) /، و {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً} (3) . وليس في هذه الضُّرُوب المطَّرِدةِ الحذفِ دلالةٌ تدلُّ عليها من اللَّفظ. فإذا ساغ هذا فحذفُ الذي يبقى في اللَّفظ دلالةٌ عليه منه أَسْوَغُ.
وقد حُذفت همزة الاستفهام في نحو قول عِمرانَ بنِ حِطَّانَ (4) :
فَأَصْبَحْتُ فِيهِم آمِناً لَا كَمَعْشَرٍ
أَتَونِي فَقَالُوا مِنْ رَبِيْعَةَ أَو مُضَرْ
وأبياتٍ أُخَر (5) . وحُذِفَت اللَاّمُ الجازمةُ في نحو قولِ الشَّاعر (6) :
مُحَمَّدُ تَفْدِ نَفْسَكَ كُلُّ نَفْسٍ
إِذَا مَا خِفْتَ مِنْ قَومٍ تَبَالَا
وأنشَد أبو زيدٍ (7) :
فَتُضْحِي صَرِيْعاً مَا تَقُومُ لِحَاجِةٍ
وَلَا تُسْمِعُ الدَّاعِي وَيُسْمِعْكَ مَنْ دَعَا
وأنشَدَ البغداديُّونَ (8) :
وَلَا تَسْتَطِلْ مِنِّي بَقَائِي وَمُدَّتِي
وَلَكِنْ يَكُنْ لِلْخَيرِ مِنْكَ نَصِيْبُ
وأنشَدوا (9) :
فَقُلْتُ ادْعِي وَأَدْعُ فإِنَّ أَنْدَى
لَصَوتٍ أَنْ يُنَادِيَ دَاعِيَانِ
وقال الكِسَائيُّ في قولِهِ تعالى: {قُلْ لِلَّذِيْنَ آمَنُوا يَغْفِرُوا} (10) إنماَّ هو لِيَغْفِرُوا (11) ، فحَذَفَ اللَاّمَ. وقياسُ قوله هذا عندي أنْ تكونَ اللَاّمُ محذوفةً من هذا القَبِيْلِ، نحو قوله تعالى:{قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِيْنَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ} (12)، وقالوا:((اللهِ لأفعَلَنَّ)) (13) .
وحُذِفَ الحرفُ في ما كان من نحو: ((ما كان لِيَفْعَلَ)) ، ومع الفاء والواو وأو وحتَّى.
فإذا حُذفَ في هذه الأشياء لم يمتنعْ حذفُهُ في هذا المواضعِ أيضاً؛ لأنَّ الدلالةَ علىحذفه قائمةٌ. ألا ترى أنَّ انجِرَارَ الاسمِ يدلُّ عليه،كما أنَّ انتصابَ الفعل في المواضع التي ذكَرْنا يدلُّ عليه.
فالحذفُ في هذا الحرفِ الزَّائدِ كالحذف في الحروف الأصليَّة؛ إذ الدلالةُ قائمةٌ على حَذْفِهِ،كالدَّلالة على الحذْفِ من الأصل نحو:((لم أُبَلْ)) وأَبْلَغُ؛ لأنَّ الجرَّ في الاسم يدلُّ على الجارِّ المحذوفِ، وقد حُذِفَ الحرفُ الزَّائِدُ كما حُذِفَ الأصل نحو: إنِّي ولعلِّي، وكحَذْفِهِم التَّاءَ من ((استطاع)) (1) . وكذلك يَسُوغُ حَذْفُ هذا الزَّائدِ الجارِّ. وقد حذفوا الجارَّ أيضاً في قولهم:((مَرَرْتُ برَجُلٍ إنْ صالِحٍ وإنْ طالِحٍ)) (2) .
فليس في شيءٍ ذَكَروهُ في الفصل الأوَّلِ ما يمتنعُ له حَذْفُ الحرفِ من قولهم: ((لاهِ أبوكَ)) .
وأمَّا ما ذَكَروه في الفصل الثَّاني من أنَّ الحذفَ إنما يكونُ فيما يتكرَّرُ من الحروفِ؛ لأنَّ الاستثقالَ به يكونُ، فقد حُذِفَ الأوَّلُ من الحروف المتكرِّرَة، كما حُذِفَ الثَّاني منها، وذلك قولُهُم: ظَلْتُ ومَسْتُ (3) ونحو ذلك.
فإن قلتَ: فما الدَّليلُ على أنَّ المحذوفَ الأوَّلُ، وما يُنكِرُ أنْ يكونَ الثَّانيَ؟
فالدَّليلُ على أنَّهُ الأوَّلُ قولُ مَن قال في ((ظَلِلْتُ)) : ظِلْتُ، وفي ((مَسِسْتُ)) : مِسْتُ (4) ، فأَلْقَى حركةَ العينِ المحذوفةِ على الفاءِ،كما ألقاها عليها في ((خِفْتُ)) و ((هِبْتُ)) و ((طُلْتُ)) (5) .
ويدلُّ أيضاً سُكُونُ الحرف قبلَ الضَّمير في ((ظِلْتُ)) و ((طُلْتُ)) ،كما سُكِّنَ في ((ضَرَبْتُ)) . ولو كان المحذوفُ اللَاّمَ دون العين لَتَحَرَّكَ ما قبلَ الضَّمير، ولم يُسَكَّن (1) . فقد دلَّكَ هذا على أنَّ المحذوفَ الأَوَّلُ لا المتكرِّرُ. وقالوا:((عَلْمَاءِ بنو فلان)) (2)، يريدونَ: على الماء، و ((بَلْحَارث)) (3) ، فحذفوا الأوَّلَ.
وأماَّ ما ذَكَرُوه في الفصل الثَّالث: من أنَّ التَّخفيفَ والقلبَ يَلْحَقُ الثَّانيَ من المكرَّرِ دون الأوَّلِ، فقد يَلْحَقُ الأوَّلَ من المكرَّر (4)،كما يلحقُ الثَّانيَ وذلك قولُهُم: دينارٌ وقِيراطٌ ودِيوانٌ ونحو ذلك؛ ألا ترى أنَّ القَلْبَ لَحِقَ الأوَّلَ كما لَحِقَ الثَّانيَ في ((تَقَضَّيْتُ)) و ((أَمْلَيْتُ)) ونحوِ ذلك، وقد خُفِّفَت الهمزةُ الأُولى كما خُفِّفَت الثَّانيةُ في نحو:{فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا} (5) ونحو ذلك.
وأمَّا ما ذَكَرُوه من قولهم: ((كَأَنِّي)) ، فقد حُذِفَ غيرُ الآخِر من الأمثال إذا اجتمعت / نحو قولِهِم:((إنَّا نَفعلُ)) فالمحذوفُ ينبغي أنْ يكونَ الأوسطَ دون الآخِرِ. ألا ترى أنَّ النُّونَ الثَّانيةَ قد حُذِفَتْ من ((أنَّ)) في نحو: {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ} (6) . والنُّونُ من ((فَعَلْنَا)) لم تُحْذَفْ في موضعٍ، فلذلك جَعَلْنَا المحذوفةَ الوسْطَى (7) . وعَمِلَتِ المخفَّفَةُ في المضمَرِ على حدِّ ما عَمِلَت في المظهَر (8) في نحو: إنْ زيداً منطلقٌ ولَمُنْطَلِقٌ، وقد أجازه سيبويه (9)، وزعم أنها قراءةٌ. وقد يجيء على قياسِ ما أجازَهُ في الظَّاهر هذا البيتُ الذي أنشَدَهُ البغداديُّون (10) :
فَلَوْ أَنْكِ في يَومِ اللِّقَاءِ سَأَلْتِنِي
فِرَاقَكِ لَمْ أَبْخَلْ وَأَنْتِ صَدِيقُ
إلَاّ أنَّ هذا القياسَ إنْ رُفِضَ كان وجهاً؛ لأنَّ ما يُحذَفُ مع المظهَرِ أو يُبدَلُ إذا وُصِلَ بالمضمَرِ رُدَّ إلى الأصل ألا ترى أنَّهُم يقولونَ: ((مِن لَدُ الصَّلاة (1)) ) ، فإذا وَصَلوا بالمضمَرِ قالوا:((مِن لَدُنْهُ)) ، و ((مِن لَدُنِّي)) وقالوا:((واللهِ لأفعلنَّ)) ، فلما وُصِلَ بالمضمَرِ قالوا:((به لأفعلنَّ)) (2) .
ويذهب سيبويه إلى أنَّ ((أنَّ)) المفتوحَةَ إذا خُفِّفَت أُضمِرَ معها القِصَّةُ والحديثُ، ولم يَظهَرْ في موضِعٍ (3) . فلو كان اتِّصالُ الضَّمير بها مخفَّفَةً سائغاً لكان خليقاً أنْ يتَّصِلَ بالمفتوحةِ مخفَّفةً.
وقالوا: ذيَّا وتيَّا في تحقير ((ذا)) و ((تا)) . فاجتمعوا على حذْفِ الأوَّل من الأمثال الثَّلاثة.
فليس في هذا الفصل أيضاً شيءٌ يمنعُ جوازَ قولِ سيبويه.
وما قالوه من الحذف في ((تَكَلَّمُ)) و ((تَذَكَّرُ)) فإنمَّا كان الحذْفُ في الثَّاني دون الأوَّل؛ لأنَّهُ الذي يعتلُّ بالإدغام في نحو: ((تَذَكَّرُ)) ، ولأنَّه لو حُذِفَ حرفُ المضارَعَة لوَجَبَ إدخالُ ألفِ الوصلِ في ضَرْبٍ من المضارع نحو: تَذَّكَّرُ ودُخُولُ ألفِ الوصلِ لا مسَاغَ له هنا، كما لا يدخُلُ على أسماء الفاعلِين والمفعولِين، ولأنَّ حذفَ الجارِّ أقوى من حذْفِ حرفِ المضارَعَة؛ للدَّلالة عليه بالجرِّ الظَّاهرِ في اللَّفظ. فلهذا حُذِفَ الثَّاني في هذا النَّحو دون حرفِ المضارَعَة (لا لأنَّ الحذفَ غيرُ سائغٍ في الأوَّل ممَّا يتكرَّرُ)(4) ، لأنَّكَ قد رأيتَ مساغ الحذف في الأوَّلِ في هذه المتكرِّرَةِ.
فليس في شيءٍ ممَّا احتجُّوا به في أنَّ المحذوفَ الآخِرُ دون الأوَّلِ حُجَّةٌ. ويَثبُتُ قولُ سيبويه في أنَّ المحذوفَ الأوَّلُ (1) بدلالةٍ وهي أنَّ اللَاّمَ منفتحةٌ، ولو كانت اللَاّمُ في الكلمة لامَ الجرِّ لوَجَبَ أنْ تَنْكَسِرَ؛ لأنَّ الاسمَ مُظهَرٌ، وهذه اللَاّمُ تُكسَرُ مع المظهَرَة في الأمر الأكثرِ، فكما لا يجوزُ لِتَحُرُّكِ اللَاّمِ أنْ يُقَالَ: إنَّها لامُ التَّعريف؛ لأنَّ تلك ساكنةٌ، كذلك لا يجوز لِتَحَرُّكِهَا بالفتح أن يُقَالَ: إنَّها الجارَّةُ؛ لأنَّ تلك تُكسَرُ مع المظهَر ولا تُفتَحُ (2) .
فإن قلتَ: فقد فُتِحَت في قولهم:
يَا لَبَكْرٍ
…
...
…
... (3)
ونحوِهِ، فما يُنكِرُ أنْ تكونَ مفتوحةً في هذا الموضع أيضاً؟
فالجوابُ: أنَّ ذلك لا يجوزُ هنا من حيث جاز في قولهم: ((يا لَبَكْرٍ)) ، وإنمَّا جاز فيه لأنَّ الاسمَ في النِّداء واقعٌ موقعَ المضمَر، ولذلك بُنِيَ المفرَدُ المعرفةُ فيه، فكما جاز بناؤُهُ، جاز انفتاحُ اللَاّمِ معه.
فإن قلتَ: تكونُ اللَاّمُ الجارَّةُ هنا مفتوحةً لمجاوَرَتها الألِفَ؛ لأنَّهَا لو كُسِرَت كما تُكسَرُ مع سائر المظهَرِ، انقلب الحرفُ الذي بعدها.
قيل: هذا القولُ لا يستقيمُ لقائله أنْ يقولَهُ؛ لِحُكْمِهِ فيما يُتَنَازَعُ فيه بما لا نظيرَ له، ولا دلالةَ عليه، وسائرُ ما لحقَتْهُ هذه اللَاّمُ في المظهَرِ يدفَعُ ما قاله لمخالفته له.
ويمتنعُ من وجهٍ آخَرَ: وهو أنَّه إذا جَعَلَ هذه اللَاّمَ هي الجارَّةُ فهي غيرُ ملازمةٍ للكلمة، وإذا لم تكن ملازمةً للكلمة لم يُعتَدَّ بها، وإذا لم يُعتَدَّ بها فكأنَّهُ / قد ابتدأ بساكنٍ، فمِن حيث يمتنع الابتداءُ بالسَّاكن، يمتنع ما ذَهَبَ إليه في هذا.
وممَّا يؤكِّدُ ذلك: أنَّ أهلَ التَّخفيف لم يخفِّفُوا الهمزةَ المبتدَأَةَ؛ لأنَّ التَّخفيفَ تقريبٌ من السَّاكن، فإذا رفضوا ذلك لتقريبه من السَّاكن مع أنَّه في اللَّفظ ووَزْنِ الشِّعر بمنزلة المتحرِّك، فأَلَاّ يُبتَدَأَ بالسَّاكن المحْضِ ويُرفَضَ في كلامهم أَجْدَرُ ألا ترى أنَّ مَنْ كان مِن قوله تخفيفُ الأُولى من الهمزتين إذا التَقَتَا (1) وافَقَ الذين يخفِّفُون الثَّانيةَ (2)، فتَرَكَ قولَهُ في نحو:{أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ} (3) ؛ لِمَا كان يَلْزَمُهُ من الابتداء بالحرف المقرَّبِ من السَّاكن، وإذا كانوا قد حَذَفوا الألفَ من ((هَلُمَّ)) ؛ لأنَّ اللَاّمَ التي هي فاءٌ لَمَّا كانت متحرِّكةً بحركةِ غيرها، صار كأنَّه في تقدير السُّكون، فحُذِفَ كما كان يُحذَفُ مع السَّاكن، مع أنَّ الحرفَ بُني مع الفعل حتَّى صار كالكلمة الواحدة. فأنْ تكونَ اللَاّمُ في ((لاهٍ)) هي الجارَّةُ أَبْعَدُ لأنَّه يَلْزَمُ أنْ يُبْتَدَأَ بساكنٍ؛ لأنَّ اتِّصَالَ الجارِّ به ليس كاتِّصالِ حرْفِ التَّنبيه بذلك الفعل؛ ألا ترى أنَّه قد بُني معه على الفتح،كما بُني مع النُّونِ في ((لأفْعَلَنَّ)) على الفتح، فإذا قدَّرُوا المتحرِّكَ في اللَّفظ تقديرَ السَّاكنِ فيما هو متَّصِلٌ بالكلمة لمكان البناء معها، فالسَّاكنُ الذي ليس بمتحرِّكٍ مع ما هو في تقدير الانفصال منه أجدرُ أن يَبْعُدَ في الجواز.
فأمَّا ما أنشَدَهُ بعضُ البصريِّين من قول الشَّاعر:
أَلَا لَا بَارَكَ اللَّهُ في سُهَيلٍ
إِذَا مَا اللَّهُ بَارَكَ في الرِّجَالِ (4)
فمِمَّا يجوزُ في الشِّعر دون الكلام. وينبغي أنْ يُوَجَّه هذا على أنَّه أخرَجَهُ على قول مَنْ قال: إنَّ أصلَ الاسم ((إلاهٌ)) فحَذَفَ الألفَ الزَّائِدَةَ،كما يُقصَرُ الممدودُ في الشِّعر، ولا نَحمِلُهُ على الوجه الأخير فيَلْزَمُهُ فيه أنَّهُ حَذَفَ العينَ؛ لأنَّ ذلك غيرُ مستقيمٍ، ولا موجودٍ إلَاّ في شيءٍ قليلٍ.
فهذا مما يُبيِّنُ لكَ أنَّ الأَوْجَهَ من القولين هو أنْ يكونَ أصلُ الاسم ((إلاهٌ)) .
قال أبو عليٍّ: فأماَّ الإمالةُ في الألف من اسم ((الله)) تعالى فجائزٌ في قياس العربيَّة. والدَّليلُ على جوازها فيه أنَّ هذه الألِفَ لا تخلو من أنْ تكونَ زائدةً ل (فِعَالٍ) كالتي في ((إزارٍ)) و ((عِمَادٍ)) ، أو تكونَ عينَ الفعل. فإن كانت زائدةً ل (فِعَالٍ) جازت فيها الإمالةُ من جهتَين:
إحداهما: أنَّ الهمزةَ المحذوفةَ كانت مكسورةً، وكسرُها يُوجِبُ الإمالةَ في الألِفِ، كما أنَّ الكسرةَ في ((عِمادٍ)) تُوجِبُ إمالةَ أَلِفِهِ.
فإن قلتَ: كيف تُمالُ الألِفُ من أجل الكسرة وهي محذوفةٌ؟
فالقولُ فيها: إنَّهَا وإنْ كانت محذوفةً مُوجِبةٌ للإمالة،كما كانت تُوجِبُهَا قبلَ الحذف؛ لأنَّهَا وإنْ كانت محذوفةً فهي من الكلمة، ونظيرُ ذلك ما حكاه سيبويهِ (1) من أنَّ بعضَهُم يُمِيلُ الألِفَ في ((مَادٍّ)) و ((شَادٍّ)) (2) للكسرة المنْوِيَّةِ في عين (فَاعِلٍ) المدغَمَةِ، قال (3) :((ومنهم مَن يقولُ: هذا مَاشٍ فَيُمِيلُ الألِفَ في الوقف وإن لم يكنْ في لفظِهِ بالكلمة كسرةٌ)) . فكذلك الألِفُ في اسم ((الله)) عز وجل، يجوزُ إمالَتُهَا وإنْ لم تكن الكسرةُ ملفوظاً بها.
ويجوزُ إمالَتُهَا من جهةٍ أخرى؛ وهي أنَّ لامَ الفعلِ منجَرَّةٌ (1)، فتجوزُ الإمالةُ لانجِرَارِهَا. قال سيبويه (2) :((سمعناهم يقولونَ: مِنْ أَهْلِ عَادٍ)) . قال: ((وقالوا (3) : مَرَرْتُ بِعَجْلانِكَ، فأَمَالُوا)) ، فكذلكَ أيضاً تجوزُ الإمالة في الألِفِ من اسم ((الله)) . فإنْ كانت الألفُ في الاسم عَيناً ليست بزائدةٍ، جازت إمالَتُهَا وحَسُنَتْ فيها؛ إذ كان / انقلابُهَا عن الياء بدلالةِ قولهم:((لَهْيَ أبوكَ)) ، وظهورُ الياء لَمَّا قُلِبَت إلى موضع اللَاّمِ.
فإذا لم تَخْلُ الألِفُ من الوجهَين اللَّذَين ذَكَرْنَا، وكان جوازُ الإمالَةِ فيها على ما أَرَيْنَا، عَلِمْتَ صحَّتَهُ، فإنْ ثَبَتَت بها قراءةٌ، فهذه جهةُ جوازِهَا.
* * *
[سورة الفاتحة]
المسألة الثَّانية
قال (4) في قوله عز وجل: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} [الآية: 4](5) :
(( [موضعُ] (إيَّاك) نصبٌ بوقوع الفعل عليه، وموضع الكاف في (إيَّاكَ) خفضٌ بإضافة (إيَّا) إليها، و (إيَّا) اسمٌ للمضمَر المنصوب إلَاّ أنه ظاهرٌ يُضافُ إلى سائر المضمَرَات (6) نحو قولكَ: إياكَ ضربتُ، وإيَّاه حَدَّثتُ (7)، ولو قلتَ: إيَّا زيدٍ حَدَّثْتُ كان قبيحاً؛ لأنه خُصَّ به المضمَرُ، وقد رُوِيَ عن العرب رواه الخليلُ (8) :((إذا بَلَغَ الرَّجُلُ السِّتِّينَ فإيَّاهُ وإيَّا الشَّوَابِّ)) ومَن قال: إنَّ (إيَّاكَ) بكماله الاسمُ، قيل له: لم نرَ اسماً للمضمَر ولا للمظهَر يُضَافُ، وإنمَّا يتغيرُ آخِرُهُ ويبقى ما قبل آخِرِه على لفظٍ واحدٍ، والدَّليلُ على إضافته قولُ العرب:((إيَّاهُ وإيَّا الشَّوابِّ)) ، وإجراؤُهُمُ الهاءَ في (إيَّاه) مُجراها في (عصاه)) ) .
قال أبوعليٍّ (أيَّدهُ الله)(1) : الدَّليلُ على أنَّ هذا الاسمَ مضمَرٌ ليس بمظهَرٍ أنَّه في جميع الأحوال منصوبُ الموضع وليس في الأسماء الظَّاهرة اسمٌ يَلزَمُهُ الانتصابُ، ولا يَرتَفِعُ إلَاّ ما كان ظرفاً، وليس (إيَّا) بظرفٍ فيَلزَمَ إجازةُ هذا الحكمِ عليه، فكونُهُ منتصباً أبداً دليلٌ أنَّه ليس بظاهر (2) .
ويدلُّ أيضاً على أنَّه ليس بظاهر تغيُّرُ ذاتِهِ، وامتناعُ ثباته في حال الرَّفع والجرِّ، وليس كذلك الأسماءُ الظَّاهرَةُ ألا ترى أنَّها تَعتَقِبُ عليها الحركاتُ في آخِرِها، ويُحكَمُ لها بها في موضعها من غير تغيُّر نفسِهَا، فمخالفةُ هذا الاسمِ في هذا الذي وصَفْنَاه للمظهَر تدلُّ على أنَّه مُضْمَرٌ ليس بمظهَر.
فإن قلتَ: ما يُنكِرُ أن يكونَ هذا الاسمُ محكوماً له في موضعه بالنَّصْب، وأنْ يكونَ حرفُ العلَّة آخِرَهُ في موضع نَصْبٍ،كما أنَّهُ من ((عَصًا)) ونحوه من المعتلِّ كذلك، فلا يكونُ حينئذٍ خارجاً مماَّ عليه جملةُ الأسماءِ الظَّاهرة؟
فالقول: إنَّ هذا التَّقديرَ فيه غيرُ سائغٍ؛ ألا ترى أنَّ ((عصًا)) وما أشبهها ممَّا يُحكَمُ في حرف العلَّة منه بالنَّصب يَثْبُتُ في حال الرِّفعِ والجرِّ ثَباتَهُ في حال النَّصْب، وليس ((إيَّا)) كذلك؛ لأنَّها تقعُ في موضع النَّصْبِ دون الموضعَين الآخَرَين (1) ، (فليس ((إيَّا)) إذاً مثلَ ((مِعْزى)) ونحوِهِ، فيكونُ الآخِرُ منه في موضعِ نَصْبٍ) (2) ،كما أنَّ الأواخِرَ من الظَّاهرة كذلك لكنَّه في موضع نصبٍ، (كما أنَّ الكافَ مِن ((رأيتُكَ)) في موضع نَصْبٍ) (3)، وكما أنَّ ((هُوَ)) و ((أنتَ)) في نحو:((ما جاء إلَاّ أنتَ)) ، و ((ما قام إلَاّ هُوَ)) في موضع رَفْعٍ؛ لأنَّ ((إيَّا)) كنايةٌ لازمةٌ لموضِعٍ،كما أنَّ الكافَ و ((هُوَ)) و ((أنتَ)) ونحوَها كناياتٌ لازمةٌ لمواضِعَ، فكما لا يُحكَمُ لآخِرِ ((هُوَ)) و ((أنتَ)) ونحوِهما بحركةٍ تكونُ بها في موضع رَفْعٍ، كذلك لا يُحكَمُ لآخِرِ ((إيَّا)) بحركةٍ تكونُ بها في موضع نَصْبٍ.
وقولُ أبي إسحاقَ في آخِرِ الفصل: ((إنَّ الهاء في (إيَّاهُ) مَجْرَاها كالَّتي في عَصَاهُ)) إنْ أرادَ به شرحَ ما ذهب إليه من أنَّ ((إيَّا)) اسمٌ ظاهرٌ في موضع نَصْبٍ، كما أنَّ الأواخِرَ من المعتلَّة نحو:((عصًا)) و ((مِعْزًى)) محكومٌ في مواضعها بحسَبِ الإعراب الذي يستحقُّهَا، فهو فاسدٌ لِمَا ذَكَرْنَاه، وإنْ أرادَ أنَّ اتصالَهُ بالهاء على حدِّ اتصالِ ((عصًا)) به في أنَّ الألِفَ تبقى على سكونها وصورتها،كما يكونُ في ((عصًا)) كذلك، ولا تنقلبُ ياءً كما تنقلب التي في ((إليه)) و ((عليه)) فهو صحيحٌ.
ويدل أيضاً على أنَّه اسمٌ مضمَرٌ أنَّه في المنصوب / نظيرُ ((أنتَ)) في المرفوع، فكما أنَّ ((أنتَ)) مضمَرٌ،كذلك قولُنا:((إِيَّاكَ)) مضمَرٌ.
فإن قال قائلٌ: إذا كان اسماً مضمَراً فكيف جاز إضافتُهُ في قولهم: إيَّاكَ وإيَّاهُ ونحوِ هذا، والمضمَرُ لا يُضافُ لأنَّ الإضافة للتخصيص، والمضمَرُ أشدُّ المعارف تخصيصاً؟
فالقولُ: إنَّ النُّظَّارَ في العربيَّة اختلفوا في ذلك (1) ؛ فحَكَى أبو بكر محمَّدُ بنُ السَّرِيِّ السَّرَّاج، عن أبي العبَّاس محمَّدِ بنِ يزيدَ أنَّ الخليل (2) يذهب إلى أنَّ ((إيَّا)) مضمَرٌ مضافٌ. وحُكِيَ عن المازنيِّ مثلُ هذا القول المحكيِّ عن الخليل في أنه اسمٌ مضمَرٌ مضافٌ.
وحَكَى أبو بكرٍ عن أبي العبَّاس (3) عن أبي الحسن الأخفشِ، وأبو إسحاقَ عن أبي العبَّاس غيرَ منسوبٍ إلى الأخفش أنَّه اسمٌ مفرَدٌ (4) مضمَرٌ، يتغيَّرُ آخِرُهُ كما يتغيَّرُ أواخِرُ سائر المضمَرات لاختلاف أعداد المضمَرين وأنَّ الكافَ في ((إيَّاكَ)) كالتي في ((ذلك)) في أنَّه دلالةٌ على الخِطاب فقط مجرَّدةً من كونها علامةً للمضمَر.
ولا يجيزُ أبو الحسن فيما حُكِيَ عنه: إيَّاكَ وإيَّا زيدٍ، وإيَّايَ وإيَّا الباطلِ، فقال قائلٌ مُنْكِراً عليه قولَه ورَادّاً: إنَّ الكافَ التي في ((إيَّاكَ)) ليست كالَّتي في ((ذلك)) ؛ لأنَّ ((إِيَّا)) قد تُضافُ إلى الهاء فيقالُ: إيَّاهُ وإيَّاهما، وتُضافُ إلى المتكلِّم أيضاً في ((إيَّايَ)) ونحوِهِ، فاعتقابُ هذه الأوصافِ (5) عليه يدلُّ أنَّه ليس بمنزلة الكاف في ((ذلك)) وأنَّه ضميرٌ.
والجوابُ: أن لأبي الحسن أنْ يستَدِلَّ بترْكِهِم تأكيدَ هذا المضمَرِ في ((إيَّاكَ)) وقلَّةِ إضافتِهِم له إلى المظهَرِ أنَّ سائرَ علاماتِ الضَّمير في ((إيَّا)) سوى الكاف حروفٌ غيرُ أسماءٍ. ألا تَرَى أنَّه لم يُسْمَعْ: إيَّاكُم كُلِّكُم، وإيَّاكَ نفْسِكَ.
فإن قلتَ: فقد قال سيبويه (1) عن الخليل: ((لو أنَّ قائلاً قال: إيَّاكَ نفسِكَ لم أعنِّفْهُ)) فليس ذلك بروايةٍ، ولا محضَ إجازةٍ، وهو قياسٌ على ما حكاه سيبويه من قوله (2) :((حدَّثَني مَن لا أَتَّهِمُ عن الخليل أنَّه سمِعَ أعرابيّاً يقولُ: إذا بَلَغَ الرَّجُلُ السِّتِّينَ فإيَّاهُ وإيَّا الشَّوابِّ)) ، وكأنَّ أبا الحسن استقلَّ هذه الروايةَ ولم يجدها كثيرةً، فلم يَقِسْ عليها ولم يعتَدَّ بها. ألا تَرَى أنَّه لم يُجِزْ: إيَّاكَ وإيَّا الباطلِ، ولا يَستَحْسِنُ الجميعُ إضافةَ هذا الاسمِ إلى الظَّاهر. فهذان الأمران يُقَوِّيَان أنَّ هذه العلاماتِ في هذا الاسمِ ليست بأسماءٍ.
وبعدُ، فإذا جاز أن تكونَ الكافُ والياءُ والألِفُ والواوُ تارةً أسماءً، وتارةً حروفاً، جاز ذلك في سائر هذه العلامات ولم يمتنع، فتكونُ الكافُ (3) والهاءُ في هذا الاسم لعلامة الخطاب والغيبة فقط،كما كانت تلك الحروفُ الأُخَرُ لهما من غير أن تكون اسماً، فيكون تغُيُّرُ هذا الآخِرِ بتغيُّرِ المضمَرِين كتغيُّرِ ((ذلك)) وما أشبهه من علامات الخطابِ.
فما اعتلَّ به مَنْ ذَكَرَ أنَّه اسمٌ ظاهرٌ من الإضافة ليس بحجَّةٍ؛ لاحتماله أنْ يكونَ غيرَ مضافٍ بما ذَكَرْنَاه، وثبَتَ بما قدَّمْنَاه من الأدلَّة أنه مضمَرٌ ليس بمظهَرٍ.
وشَبَّهَ هذا القائلُ في ((إيَّا)) : إنَّه اسمٌ مظهَرٌ هذا الاسمَ ب ((كِلا)) ، فذَكَرَ أنَّه مثلُ ((كِلا)) في أنَّه يُتَوصَّلُ به إلى المضمَر كما يُتَوصَّلُ ب ((كِلا)) إليه.
قال أبو عليٍّ: وليس ((كِلا)) مثل ((إيَّا)) ؛ لأنَّهَا تتَصَرَّفُ، وتُضافُ إلى المظهَرِ إضافةً مطَّردةً كما تُضافُ إلى المضمَر، وتُضَافُ إلى المفرَدِ الذي يُرادُ به الكثرةُ، وينقلب حرفُ الإعراب فيه كما ينقلب في ((أخيك)) و ((أبيك)) و ((فيك))
والتثنيةِ والجمعِ،/ ويؤنَّثُ، ويُبدَلُ من لامِ فِعْلِهِ التَّاءُ. فليس ((إيَّا)) مثلَ ((كِلَا)) ؛ لأنَّ ((كِلَا)) اسمٌ مُفْرَدٌ مُظْهَرٌ يَدلُّ على الاثنين (1) ،كما أنَّ ((كُلاًّ)) اسمٌ مفرَدٌ مُظْهَرٌ يدلُّ على الجميع، والذي يَلْزَمُنَا أنْ نُفَصِّلُ من حيث شَبَّهَ فنرى أن ((كِلَا)) ليس بوُصْلَةٍ إلى المضمَرِ؛ لإضافَتِهِم إيَّاه إلى الظَّاهر، نحو قولِهِ: كِلَا الفريقَين، وأنشَدَ:
وَكِلَاهُمَا في كَفِّه يَزَنِيَّةٌ والهُنْدُوَانِيَّاتُ يَخْطَفْنَ الْبَصَرْ (2)
وقال الشَّمَّاخُ:
كِلَا يَوْمَي طُوَالَةَ وَصْلُ أَرْوَى ظَنُوْنٌ، آنَ مُطَّرَحُ الظَّنُونِ (3)
ونحو هذا، فليس ((كِلَا)) متوَصَّلاً به إلى المضمَر، لكنَّه اسمٌ ظاهرٌ؛ لإبدالهم اللَاّمَ منه كإبدالهم إيَّاه من ((أُخْت)) ، ولِلَحاق علامةِ التَّأنيث به. وبَدَلُ الحروف، والتَّأنيثُ، وانقلابُ حروفِ الإعراب لا يلحَقُ شيءٌ منه الأسماءَ المضمَرَةَ، فَبَيِّنٌ أنَّ ((إيَّا)) ليس ك ((كِلا)) ؛ إذ لم نجدْ شيئاً مماَّ وجَدْناه في ((كِلا)) فنَستَدِلَّ به على أنَّه اسمٌ ظاهرٌ، ويَبْطُلُ أنْ يكونَ ((إيَّا)) مثل ((كِلَا)) في أنَّه مُتَوَصَّلٌ به إلى المضمَر؛ لاطِّراد إضافة ((كِلا)) إلى الظَّاهر وامتناع إضافة ((إيَّا)) إليه مطَّرداً.
وقولُ أبي إسحاقَ (4) : ((مَن قال: إنَّ (إيَّاكَ) بكماله الاسم (5)، قيلَ له: لم نَرَ اسماً للمضمَر ولا للمظهَر يُضافُ إنما يَتَغيَّرُ آخِرُهُ، ويبقى ما قبل آخِرِه على لفظٍ واحدٍ)) . في عبارته اختلالٌ، وأحسَنُ ما نصرِفُهُ إليه أن نوجِّهَهُ على أنه يريد به تضعيفَ قول أبي الحسن (6) :((إنَّه اسمٌ مفرَدٌ مضمَرٌ)) ، وقد قدَّمْنَا ذِكْرَ ما لَهُ أن يَحتَجَّ به.
فأمَّا ما حكاه أبو العبَّاس عن الخليل أنه مضمَرٌ مضافٌ، وما حَكَيْتُهُ عن المازنيِّ من ذلك، فهو مستبعَدٌ لا أعلَمُ له سماعاً يَعْضُدُهُ، ولا قياساً يُثْبِتُهُ.
وحُكي عن أبي عثمانَ أنَّه قال: ((لولا قولُهُم: (وإيَّا الشَّوابِّ) ، لكانت الكافُ للمخاطبة كالتي في (ذلك)) ) .
والذي عندي أنَّ حَمْلَ هذه الحكايةِ على الشُّذوذ أسهلُ من إضافته إلى المضمَر؛ إذ الغرضُ في الإضافة التَّخصيصُ والمضمَرُ على نهاية التَّخصيص، فلا وجهَ إذاً لإضافته.
ويُقَوِّي قولَهُم يعني (المازنيَّ والخليلَ في أنَّ ((إيَّا)) مفرَدٌ مضمَرٌ) (1) ما حكاه سيبويهِ (2) من أنَّ بعضَهُم سمِعَ: ((خَرَجْتُ مَعَهُم)) ، فقال: معَ مَنِينَ؟ فاستفهَمَ عن المضمَرِ كما يُستَفهَمُ عن المنكور. ألا ترى أنَّ ((منًا)) و ((مَنِينَ)) ونحوَه يقَعُ استفهاماً عن النَّكَرات دون المعارفِ والمختَصَّاتِ.
* * *
[سورة البقرة] :
المسألة الثَّالثة
قال (3) في قوله عز وجل: {الم * ذَلِكَ} [الآيتان: 1 2] :
((ففي فتح الميم قولان:
أحدهما: لجماعةٍ من النَّحْويين (4) وهو أنَّ هذه الحروفَ مبنيةٌ على الوقف، فيجب بعدها قطعُ ألف الوصل فيكون الأصلُ:{المْ * أَلله} (5) ، ثمَّ طُرِحَت فتحةُ الهمزة على الميم، وسَقَطَت الهمزة، كما تقول: واحدْ، إثْنَان، وإنْ شئْتَ قلتَ: واحدِ اثْنان، فأَلقَيْتَ كسرةَ همزةِ ((إِثنين)) على الدَّال.
وقال قومٌ من النَّحْويين: لا يَسُوغُ في اللَّفظ أن يُنطَقَ بثلاثة أحرفٍ سَوَاكِنَ، فلا بدَّ من فتحة الميم التي في:{المَ * الله} لالتقاء السَّاكنين، (أعني الميمَ واللَاّمَ التي بعدها) . وهذا القولُ صحيحٌ لا يمكنُ في اللَّفظ غيرُه (6) .
وأمَّا مَنْ زعَمَ أنَّه إنمَّا ألْقَى حركةَ الهمزة فيجبُ أن يقرأَ: {المِ * الله} ، وهذا لا أعلَمُ أحداً قرأَ به إلا الرُّؤَاسيَّ (1) ، فأمَّا مَن رواه عن عاصمٍ فليس بصحيح الرِّواية.
وقال بعضُ النحويين: لو كانت متحرِّكةً لالتقاء السَّاكنين لكانت مكسورةً. وهذا غَلَطٌ بَيِّنٌ، لو فعلنا ذلك في التقاء السَّاكنين إذا كان الأوَّلُ ياءً لَوَجَبَ أن تقول: أينِ زَيدٌ، وكيفِ زَيدٌ، وإنمَّا وقع الفتح (2) لِثِقَلِ الكسرة بعد الياء)) .
قال أبو عليٍّ / (أيَّده الله) :
هذه الحروفُ موضوعةٌ على الوقف عليها دون الوصل بها، والدَّليلُ على ذلك قولُهُم في التَّقطيع والتَّهجِّي: قاف صاد، لام، ونحو ذلك ممَّا جاء على أكثرَ من حرفَين فلم تُحرَّك أواخِرُهُنَّ. ونظيرُ هذه الحروف في أنَّها موقوفةٌ غيرَ موصولةٍ أسماءُ العدد نحو: ثلاثه، أربعه، وما بعد ذلك، فإذا أَخبَرْتَ عن حروف الهجاء أو أسماءِ الأعداد فقد أخرَجْتَهَا بذلك من حيِّزِ الأصوات، وأدْخَلْتَهَا في جملة الأسماء المتمكِّنَةِ، واستَحَقَّتْ أنْ تُعرَبَ للإخبار عنها، وأنَّه لا معنى للحرفيَّة فيها؛ إذ زال إرادةُ الحكاية بها، فدخَلَتْ بذلك في حدِّ المتمكِّنَات، وخَرَجَتْ من باب الأصوات، (وكذلك العددُ إذا أردْتَ به معدوداً ولم تُرِدِ العددَ وحدَه دون المعدود أعْرَبْتَ)(3) .
وكذلك إذا عَطَفْتَ؛ لأنَّ الأصواتَ ليس حكمُها أن تُعطَفَ بحروف العطف؛ إذ حالُ (4) العطف كالتَّثْنِيَةِ.
وأمَّا قولُهُ عز وجل: {الم * الله} فمذهبُ سيبويهِ (1) فيه أنَّه حُرِّكَ لالتقاء السَّاكنين، والسَّاكنُ الذي حُرِّكَ له الميمُ هو لامُ التَّعريف. والدَّليل على صحة ذلك أنه لا يخلو من أن يكون محرَّكاً لالتقاء السَّاكنين كما ذهب إليه، أو حُرِّكَ لأنَّ فتحةَ الهمزة أُلْقِيَت عليه،كما قال مَن خَالفَه (2) ، فتبيَّنَ أنه لا يجوزُ أنْ تكونَ (3) الحركةُ للهمزة؛ إذ هذا الحرفُ رَسْمُهُ وحُكْمُهُ أن يُجتَلَبَ (4) في الابتداء إذا احتِيجَ إلى اللَّفظ بحرفٍ ساكنٍ دون الصِّلة والإدراج. فإذا اتَّصل السَّاكنُ المجتلَبُ له هذا الحرفُ بشيءٍ قبلَه، استُغْنِيَ عنه فحُذِفَ، ولم يُحتَجْ إليه فاطُّرِحَ. فإن كان المتَّصلُ به السَّاكنُ متحرِّكاً بقي على حركته، نحو: ذَهَبَ ابنُكَ، وإن كان حرفاً ساكناً غيرَ لِينٍ أو مضارِعاً لِلِّين حُرِّكَ نحو:{عَذَابٍ ارْكُضْ} (5) و {أَنْ لَّوِ اسْتَقَامُوا} (6) وزَيدُنِ العاقلُ، ونحو ذلك، فكذلك الهمزةُ في اسم ((الله)) من قوله:{الم * ألله} إذا اتَّصَلَ بما قبلها لَزِمَ حذفُها،كما لَزِمَ إسقاطُها فيما ذَكَرْنَا، فإذا لَزِمَ حذفُها لَزِمَ حَذْفُ حركتها أيضاً؛ لأنَّكَ لا تجدُ هذه الهمزةَ المجتَلَبَةَ في موضعٍ مُلقَاةً (7) وحَرَكَتُهَا مُبقَاةٌ، فإذا لَزِمَ حَذْفُها من حيث ذَكَرْنَا، لم يَجُزْ إلقاؤها على الحرف السَّاكن. فليس حركةُ الميم إذاً بحركة الهمزة، وإذا لم تكن (8) حركةَ الهمزة بدلالة ما ذَكَرْنَا، ثَبَتَ أنَّهَا حركةُ التقاء السَّاكنين؛ إذ لا قِسمَ ثالثاً.
ويدلُّ أيضاً على امتناع قولِ مَن قال بذلك: أنَّ (هذه الهمزةَ في الابتداء)(1) في التوصُّلِ إلى النُّطق بالسَّاكن نظيرُ الهاء التي تلحَقُ في الوقف لتَبْيِين الحركة وإثباتِها، فكما أنَّ الحرفَ الذي تُجتَلَبُ له الهاءُ في الوقف إذا اتَّصَلَ بشيءٍ بعده لم تَتَبَيَّن حركتُهُ بها؛ لقيام ما يتَّصِلُ به مَقَامَه، فحَذَفْتَهُ ساكناً كان أو متحرِّكاً، كذلك يَلْزَمُ أنْ تُحذَفَ الهمزةُ إذا اتَّصل ما اجتُلِبَت لسكونه بشيءٍ قبلَه، وإثباتُها في الوصل خطأٌ، (كما أنَّ إثباتَ الهاء في الوصل خطأٌ)(255) .
فإنْ قال: إنَّ هذه الحروفَ موضوعةٌ على الوقف (دون الوصل)(255) ، فإذا كان كذلك وَجَبَ أنْ تَثْبُتَ الهمزةُ ولا تُحذَفَ،كما تَثْبُتُ في الابتداء مفتوحةً، فإذا لَزِمَ ألَاّ تُحذَفَ كما لا تُحذَفُ في الابتداء،لم يمتنع أن تُلقَى حركَتُهَا على ما قبلها.
قيلَ: إنَّ وضْعَ هذه الحروفِ على الوقف دون الوصل لا يُوجِبُ قطعَ ألِفِ الوصل وإثباتَه في المواضع التي يسقُطُ فيها، كما لا يُوجِبُ / تغييرَ حركتِهِ، وكما لا يُوجِبُ أن يجتلبَه لمتحرِّكٍ، وأنت إذا ألقيتَ حركتَهَا على السَّاكن فقد وصَلْتَ الكلمة التي فيها بما قبلها (وإن كان ما قبلها) (2) موضوعاً على الوقف. فقولُكَ: ألقَيْتُ حركَتَه عليه، بمنزلة قولكَ: وصَلْتُهُ؛ إذ لا تُلقَى حركةُ الهمزة على ساكنٍ قبلَها إلَاّ في الوصل؛ ألا ترى أنَّكَ إذا خَفَّفْتَ: ((مَنْ أَبُوكَ)) قلتَ: مَنَ بُوْكَ (3) ، ولو وَقَفْتَ لم تُلْقِ الحركةَ عليها، فإذا وصَلْتَهَا بما قبلها لزمَ إسقاطُها، وكان إثباتها مخالفاً لأحكامها في سائر متصرَّفَاتها وفاسداً من أجل ذلك.
فإن قال قائلٌ: إذا جاز أن تَثبُتَ هذه الهمزةُ إذا تحرَّكَ ما بعدها (1) في نحو قولهم: أَلَحْمَر (2)، وإن كانت الحركةُ فيما بعدها قد تحذِفُها في نحو:((سَلْ)) و ((رَهْ)) (3) ، فلِمَ لا يجوزُ ثَبَاتُها إذا اتَّصَلَ بما قبلها في الآية، وإنْ كان قد يُحذَف إذا اتَّصَلَ بما قبلها في مثل:{لَوِ اسْتَطَعْنَا} (4) ونحوِهِ من السَّواكن؟
قيلَ: إنمَّا جاز ثَبَاتُهَا في هذا الموضع وحَسُنَ من حيث كانت النيَّةُ بما بعدها السُّكونَ، فكما ثبتت إذا كان ما بعدها ساكناً، كذلك تثبُتُ إذا كان في نيَّةِ سكونٍ، وكما أُجْرِيَ المتحرِّكُ مُجْرَى السَّاكن إذا كان التَّقديرُ به السُّكونَ، كذلك أُجْرِيَ السَّاكنُ مُجْرَى المتحرِّك إذا كان التَّقديرُ به الحركةَ. ألا تراهم قالوا:((لَقَضْوَ الرَّجُلُ)) (5) ، فتُرِكَت الياءُ على انقلابها مع زوال الضَّمَّة التي قَلَبَتْهَا في اللَّفظ، وإنمَّا لم يُعتَدَّ بالحركة في لام التَّعريف وبالسُّكون في عين (فَعُلَ) لكونهما زائلَين غيرَ ثابتَين. ألا ترى أنَّ مَن حقَّقَ أسْكَنَ اللام في ((الأحمر)) ، ومَن لم يخفِّف الضَّمَّة حَرَّكَ العين (6) ، فلما كانا غيرَ لازمَين لم يُعتَدَّ بها،كما لم يُعتَدَّ بواو ((وُوْرِيَ)) وواو ((نُوْي)) (7)، ونحو ذلك ممَّا لا يَلْزَم. فلا يجوزُ قَطْعُ الألِفِ في {الم * الله} من حيث تَثْبُتُ في هذا الموضع. ألا ترى أنَّ مَن يقولُ:((ألَحْمَر)) فيُثْبِتَهَا مع تحرُّكِ ما بعدها، لا يُثبِتُهَا إذا اتَّصَلَ بشيءٍ قبلَهَا ساكناً كان أو متحرِّكاً، فيقولُ: هذا لَحْمَر (8) فيَحذِفُ،كما يقولُ: عُمَرُ لَحْمَر فلا يُثْبِتُ.
فإلقاءُ الحركة من اسم ((الله)) على الميم السَّاكنة لا يجوزُ من حيث جاز قطعُ الهمزة وإثباتُها في قولهم: ((ألَحْمَر)) ، وقد قالوا:((لَحْمَر)) ، فأَسْقَطوا الهمزةَ لتحرُّكِ ما اجتُلِبَت له، وإن كانت الحركةُ غيرَ لازمة،كما قالوا:((رُيَّا)) (1) فأَدْغَموا وإن كانت الواوُ غيرَ لازمةٍ.
فإن قال: إذا كانت النيَّةُ بهذا الحرف السُّكونَ، ومِن أجل ذلك ثَبَتَت الهمزةُ في قولهم:((أَلَحْمَر)) ، فكيف وَجْهُ قراءة أبي عمرٍو:{عَاداً لُّوْلَى} (2) بإدغام النُّون في اللَاّم، والمدغَمُ فيه لا يكونُ إلَاّ متحرِّكاً، فإذا كان التَّقديرُ باللَاّم الإسكانَ، فهلَاّ امتنع الإدغامُ فيها،كما يمتنع في الحرف السَّاكن؟
قيل: إنَّها وإنْ كان منوِيّاً بها الإسكانُ، فإنَّ الإدغامَ غيرُ ممتنع؛ ألا تراهم أَدْغَموا ((عَضَّ)) و ((فِرَّ)) ونحوَ ذلك، والحرفُ الثَّاني ساكنٌ لوقوعه موقوفاً للأمر، فكما لم يمتنع الإدغامُ في هذه اللَاّمات لسكونها، كذلك لا يمتنع في لام التَّعريف في ((الأُولى)) ، وإنْ كان التقديرُ بها الإسكانَ. وقد ذَكَرْنَا ذلك بأبسَطَ من هذا في موضَعٍ آخَرَ (3) . قال أبو عثمانَ: وإليه ذهب أبو عمرٍو (4) .
فإن قال قائلٌ: فهلَاّ جاز إلقاءُ حركة هذه الهمزة على ما قبلها في الوصل كما جاز ثَبَاتُها فيه في قولهم: ((يا أللَّهُ اغْفِرْ لي)) ، وفي قولهم:((أفأللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ)) (5)، وقولهم:
((أاَلرَّجُلُ قال ذا)) . ألا ترى أنَّ الهمزةَ قد ثبتت في هذه المواضعِ وهي مُدرَجَةٌ ليست بمبتدَأَةٍ، فكذلك تقديرُ إثباتِهَا موصولةً في الآية، / وإذا ثبتت موصولةً ولم يلزَمْ حذفُها،لم يمتنع أن تُلقَى حركَتُهَا على السَّاكن الذي قبلها في الآية؟
قيل: إنَّ ثباتَ الألِفِ في هذه المواضع نادرٌ شاذٌ عمَّا عليه الكثيرُ وجاء عليه الجمهورُ، فلا يجب أن يُترَكَ الكثيرُ إلى القليل (1) ، والشَّائعُ إلى النَّادر، ومع ذلك ففي كل موضعٍ من هذه المواضع التي أُثبِتَت فيها الهمزةُ في الوصل معنًى له جاز قطعُ هذه الألف وإثباتُها في الصِّلة والدَّرْجِ ليس بموجودٍ في الآية، (فإذا لم يوجد شيءٌ من هذه المعاني في الاسم الذي قبله)(2) لم يجز أن يُجعَلَ حُكْمُهُ حُكْمَ ما بعد فاتحة السُّورة في القطع.
أمَّا قولُهُم: ((أفأللَّهِ)) فإنمَّا جاز إثباتها في الصلة لمعاقبتها حرفَ القَسَم، وقيامها مَقَامه، وكونِها بدلاً منه، فلما كانت بدلاً مما يَثبُتُ ثَبَتَتْ لتدلَّ عليه. وهذا مذهبُ سيبويه.
وأمَّا ثَبَاتُها مع همزة الاستفهام فللفصل بين الخبر والاستخبار.
وأمَّا قولهم: ((يا أللَّهُ)) فلأنَّ النِّداءَ مَوضِعُ تغييرٍ، يُغيَّرُ فيه الشَّيءُ بالزِّيادة والنُّقصان منه، والتَّغيير عمَّا يكونُ عليه في غيره. وليس شيءٌ من هذه المعاني التي ذَكَرْنَاها في هذه المواضع في الفاتحة، فيجوزُ قطعُ الهمزة فيها وإلقاءُ حركَتِهَا منها على السَّاكن قبلها.
فإن قال: إنَّ هذا الاسمَ فيها (3) محذوفٌ منه الهمزةُ، والألفُ واللَاّمُ عِوَضٌ من المحذوف عندكم، فهلَاّ جاز ثَبَاتُها في الوصل لكونها عِوَضاً،كما جاز ثَبَاتُهَا فيه لَمَّا كان عِوَضاً في قولك: أفأللهِ لَتَفعَلَنَّ؟
قيل: إنَّ قطْعَهَا (1) في الفاتحة لا يَلزَمُ؛ لكونها بدلاً من الهمزة، ولو وجب ذلك لَلَزِمَ أن تُقطَعَ وتَثْبُتَ في اسم ((الله)) في كلِّ مَوضِعٍ؛ إذ كانت الهمزةُ منها محذوفةً في سائر المواضع، كما أنَّها في هذا الموضع محذوفةٌ، فلو كان ذلك عِوَضاً لثَبَتَت غيرَ (2) موصولةٍ في كلِّ مَوضِعٍ،كما ثبتت في قولهم:((أفأللهِ)) ، فإذا لم تَثْبُتْ في موضِعٍ عِوَضاً من حذف الفاء في الدَّرْجِ، كذلك لا يلزَمُ أنْ تثبُتَ مُدْرَجَةً في الفاتحة. على أنَّ أبا عثمانَ يذهبُ (فيما حكاه أبو بكرٍ عن أبي العبَّاس)(3) إلى أنَّ حرفَ التَّعريف في هذا الاسمِ وفي ((النَّاس)) ليس بعِوَضٍ من حذف الهمزة (4)، واستدلَّ على ذلك بقول الشَّاعر:
إِنَّ المَنَايَا يَطَّلِعْنَ على الأُنَاسِ الآمِنِينَا (5)
(6)
فقد ثبت فيما قدَّمْناه أنَّ هذه الهمزةَ إثباتُها غيرُ جائز في الوصل، وإذا لم يجُزْ إثباتُهَا لم يجُزْ إلقاءُ حركَتِهَا على الميم وتحريكُهَا بها.
فأمَّا ما احتجَّ به مَنْ زَعَمَ أنَّ الميمَ من قوله تعالى: {الم * الله} متحرِّكَةٌ بحركة الهمزة من أنَّه بمنزلة قولكَ: ((واحدِ اثْنَان)) في أنْ ألْقَى حركةَ الهمزةِ من ((اثنين)) على آخِرِ
((واحد)) فحُرِّكَ بالكسر، فلم يحكِهِ سيبويه، لكنَّهُ زَعَمَ (7) أنهم يُشِمُّون الآخِرَ من
((واحد)) الضَّمَّ، وأنَّهم فعلوا ذلك به دون غيره من أسماء العدد لتمكُّنِهِ.
فإن ثَبَتَ ما حَكَى من الكسر من ((واحد)) فلالتقاء السَّاكنَين دون إلقاء حركةِ الهمزة الموصولة من ((اثنين)) على آخِرِ الاسم. وكلُّ ما دفَعَ أنْ تُلقَى حركةُ الهمزةِ الدَّاخلةِ على لام التَّعريف في اسم ((الله)) على الميم، فهو بعينه يدفَعُ أن تُلقَى حركةُ هذه الهمزةِ على آخِرِ هذا الاسم؛ لأنه مثلُهُ وداخلٌ في حُكْمِهِ، وإن كان وضعُ العدد على الوقف،كما أنَّ وضعَ حروف التَّهجِّي على الوقف (1) .
ألا ترى أنَّ السَّاكنين في امتناع اللَّفظ بهما مُدْرَجَين / في الكلام كامتناع الثَّلاثة، فمن حيث لَزِمَ (أنْ تُحرَّكَ الميمُ بعد الياء للدَّرْجِ والوصل بما بعده،كذلك لَزِمَ)(2) أنْ يُحَرَّكَ السَّاكنُ الأوَّلُ من ((واحدِ اثْنان)) لإدراج السَّاكن الثَّاني من ((اثنين)) بما قبله، فليس لهم في هذا حجَّةٌ، ولا للقول بذلك قوَّةٌ.
فإذا لم يجز أن تكون الحركةُ في الميم لإلقاء حركة الهمزة عليها، عُلِمَ أنَّها لالتقاء السَّاكنَين، وإذا كان لالتقاء السَّاكنَين فلا يخلو من أن يكونَ للسَّاكن الثَّالث كما ذهب إليه سيبويه (1) ، أو للسَّاكن الثَّاني، فالذي يدُلُّ على أنَّ الحركةَ للسَّاكن الثَّالث دون الثَّاني ما تقدَّمَ (2) أنَّ هذه الحروفَ مبنيَّةٌ على الوقف دون الوصل، وإذا كان كذلك لم يمتنع فيها الجمعُ بين السَّاكنَين. ألا ترى أنَّه لو كانت الحركةُ للثَّاني لَزِمَ أن تُحَرَّكَ له سائرُ الفواتِحِ الَّتي اجتمع فيها ساكنان نحو:{الم} ، و {حم * عسق} (3) ونحو ذلك، فامتناعُهُم من تحريك هذه الحروفِ وجمعُهُم بين السَّاكنين فيها، دليلٌ على أنَّها في {الم * الله} ليس بمتحرِّكٍ للسَّاكن الثَّاني لكنَّه للسَّاكن الثَّالث لِما أعْلَمْتُكَ؛ (إذ لو كان للثَّاني لم يُحَرَّك كما لم يُحَرَّك سائرُ ما أَعْلَمْتُكَ ممَّا أشبهه. فإذا لم يَجُزْ أن تكون الحركةُ في الميم للسَّاكن الثَّاني لِمَا أَعْلَمْتُكَ، ثبتَ أنه للسَّاكن الثَّالث)(4) كما ذهب إليه سيبويه.
فأمَّا ما حكاه أبو إسحاقَ عن بعض النَّحْويين من أنَّ هذا الحرفَ لو كان متحرِّكاً لالتقاء السَّاكنين لوجب أن يُكسَرَ، وتغليطُهُ له في ذلك، فقد قال بإجازة الكسر في هذا الحرف بعينه لالتقاء السَّاكنين أبو الحسن (1) ، ولم يَحْكِ سيبويهِ (2) الكسرَ في شيءٍ من ذلك لالتقائهما، وذَكَرَ (3) قراءةَ مَنْ قَرَأَ: قَافَ، فزَعَمَ أنَّ الذي فتَحَهُ جعلَهُ اسماً للسورة كأنه قال: أَذْكُرُ (4) . وأجاز أيضاً أنْ يكونَ اسماً غيرَ متمكِّنٍ فأُلزِمَ الفتحَ كما حُرِّكَ نحو: كيفَ وأينَ وحيثُ وأمسِ (5) . وهذه الأشياءُ التي حُكِيَتْ بها هذه الأصواتُ المتقطِّعةُ في مدارجها ليس يمتنعُ تحريكُها لالتقاء السَّاكنين بضربٍ من الحركات،كما لم يمتنع تحريكُ ما حُكِيَ به غيرُ ذلك من الأصوات نحو:((مَاءٍ)) و ((غَاقٍ)) في حكاية صوت الشَّاة والغُراب. فمَن قرَأَ: ((قافَ)) فجائزٌ أنْ يكونَ فتَحَهُ لالتقاء السَّاكنين، كما أنَّ مَن قَرَأَ:((قافِ)) حرَّكه بالكسر لهما، فلم يكن يمتنع على قول مَن قال:((قافِ)) فكسَرَ لالتقاء السَّاكنين أن يقولَ: ((ميمِ)) (6) فيَكسِرُ الميمَ لسكون الياء. قال أبو الحسن: ((ولا أعلَمُهُ إلا لُغةً)) (7) .
فأمَّا ما ذَكَرَه أبو إسحاقَ (1) من أنَّ ذلك غَلَطٌ بَيِّنٌ، وأنه لو جاز ذلك لجاز: كيفِ الرَّجُلُ، فخطأٌ لا يَلزَمُ، ولو ورد بذلك سماعٌ لم يدفعه قياسٌ، بل كان يُثْبِتُهُ ويقَوِّيه ويَعْضُدُهُ ولا ينافيه؛ ألا تراهم قالوا:((جَيْرِ)) ، و ((كان من الأمر ذَيْتِ وذَيْتِ)) ، و ((كَيْتِ وكَيْتِ)) ، و ((حيثِ)) ، فحُرِّكَ السَّاكنُ بعد الياء بالكسر،كما حُرِّكَ بعدها بالفتح في ((أَيْنَ)) ، فكما جاز الفتحُ بعد الياء لقولهم:((أَيْنَ)) ،كذلك يجوزُ الكسرُ بعدها لقولهم:((جَيْرِ)) . ويدلُّ على جواز التَّحريك بالكسر لالتقاء السَّاكنين فيما كان قبلَه ياءٌ جوازُ تحريكِهِ بالضَّمِّ كقولهم: ((حَيْثُ)) ، فإذا جاز الضَّمُّ كان الكسرُ أسهَلَ وأجْوَزَ.
ولو قال له قائلٌ: لو جاء (2) ميمٌ مفتوحةٌ بعد الياء لالتقاء السَّاكنين، لَمَا جاز لقولهم:((جَيْرِ)) وأخواته فقَلَبَ عليه ما ذَكَرَه، وعَكَسَ قولَه، لَمَا اتَّجَهَ له عليه برهانٌ، ولا وجَدَ لقوله مِن بيان. والقولُ في هذا: إنَّه لو جاء مكسوراً لالتقاء السَّاكنين كان جيِّداً، كما أنَّه لو وَرَدَ مفتوحاً لاجتماعهما كان حَسَناً.
ويدلُّ على جواز الكسر في هذا الحرف لو أُدْرِكَ في سَمْعٍ أنَّ أصلَ التَّحريك لالتقاء السَّاكنين الكسرُ، وإنما يُترَكُ إلى غيره في الأسماء والأفعال لِمَا يَعرِضُ في بعض المبنيَّات / من كونه متمكِّناً قبل حاله المُفْضِيَةِ به إلى بنائه أو لاتِّبَاعِ الْمُشاكِلِ مُشَاكِلَهُ، أو لخلاف هذا الوجه من كراهية اجتماع المِثْلِ مع المِثْلِ، فإذا جاء الشيءُ على بابه فلا وجهَ لرَدِّه ولا مساغَ في دفْعِهِ، على أنَّه لو جاء مخالفاً لبابه لَلَزِمَ أنْ تَتَّبِعَهُ، ولم يجز لنا أن ندفَعَهُ فيما نُعَلَّمُهُ ونُدَوِّنُهُ من هذه القوانين، إنمَّا هو أن نتوصَّلَ بها إلى النُّطق باللِّسَان، ونُسوِّيَ بين مَن لم يكن من أهل اللغة بتعلُّمِهِ إيَّاها وتمسُّكِهِ بها، بأهل الفصاحة والبيان، فإذا ورد السَّمعُ في نحو هذا بشيءٍ وجَبَ اتِّباعُهُ، ولم يَبْقَ غَرَضٌ مطلوبٌ بعده.
فإن قال قائلٌ: ما تنكِرُ أنْ يكونَ في منعه الميمَ أن يكونَ محرَّكاً لالتقاء السَّاكنين بالكسر مصيباً؛ إذ كان ((جَيْرِ)) وما ذكَرْتَهُ من الشَّاذِّ عن القياس، وإنْ كان مطَّرداً في الاستعمال، فلا يَسُوغُ أن يُجيزَ تصحيحَ العين في نحو:((استقام)) ، وإنْ جاء ((استَحْوَذَ)) مُطَّرِداً في الاستعمال.
قيل له: إنمَّا كان يجب أن يُحكَمَ بشذوذِ ((جَيْرِ)) ونحوه عن القياس ممَّا حُرِّكَ بالكسر في التقاء السَّاكنين وقبله ياءٌ لو كان المتحرِّكُ بالفتح أكثرَ منه وأَشْيَعَ، فأمَّا والمتحرِّكُ بالكسر مما قبلَه الياءُ أكثَرُ من المتحرِّك بالفتح، أو مثلُهُ، أو قريبٌ منه، فلا يَسُوغُ أن يُحْكَمَ عليه بالشُّذوذ عن الاستعمال؛ ألا ترى أنَّ ((استحْوَذَ)) و ((أَغْيَلَت)) (1) وبابَه إنما قلنا فيه: إنه شاذٌّ عن القياس لكثرة المعتل في هذا الباب وقلَّة الصَّحيح، ولو كان المصحَّحُ أكثَرَ من المعتلِّ لَمَا قلنا فيه: إنه شاذٌّ في الاستعمال. فتَبَيَّنَ أنَّ منْعَ مجيء الميمِ مكسورةً لالتقاء السَّاكنين غيرُ سائغٍ من هذا الوجه؛ إذ كانت المتحرِّكاتُ بالكسر من نحوه مثلَ المتحرِّكات بالفتح، بل أكثرُ منه.
* * *
المسألة الرَّابعة
قال أبو إسحاق (2) :
((فأمَّا ((صاد)) فقرأها الحسن (3) : {صَادِ * وَالقُرْآنِ} فكَسَرَ الدَّالَ، فقال أهلُ اللُّغة: معناه: صَادِ القرآنَ بعملك؛ أي: تَعَمَّدْهُ، وسقطت الباءُ للأمر)) .
قال: ((ويجوز أنْ يكونَ كُسِرَت الدَّالُ لالتقاء السَّاكنين إذا نَوَيْتَ الوَصْلَ. وكذلك قرأ عبدُ الله بنُ أبي إسحاقَ (4) لالتقاء السَّاكنين، وقرأ عيسى (5) :{صادَ * والقُرْآنِ} ، وكذلك:{نُوْنَ} و {قَافَ} بالفتح أيضاً لالتقاء السَّاكنين)) .
قال: ((وقال أبو الحسن (6) : يجوزُ أن تكونَ ((صَادَ)) و ((قَافَ)) و ((نُونَ)) أسماءً للسُّوَر منصوبةً إلَاّ أنَّهَا لا تُصرَفُ كما لا تُصرَفُ جملةُ أسماء المؤنَّث)) .
قال (1) : ((والقولُ الأوَّلُ أعني الفتحَ والكسرَ من أجل التقاء السَّاكنين أَقْيَسُ؛ لأنه (2) يزعُمُ أنه يَنصِبُ هذه الأشياءَ كأنه قال: اذْكُرْ صادَ، وكذلك يُجيزُ في ((حم)) و ((طس)) و ((يس)) النَّصبَ أيضاً على أنها أسماءٌ للسُّوَر، ولو قرَأَ بهذا قارِئٌ لكان وجهُهُ الفتحَ لالتقاء السَّاكنين)) .
قال أبو عليٍّ (أيَّده الله)(3) :
أقولُ: إنَّ ما حكاه أبو إسحاقَ من أنَّ أهلَ اللغة قالوا في قراءة الحسن: {صَادِ} معناه: ((صادِ القرآنَ بعَمَلِكَ)) تمثيلٌ ليس بالجيِّد؛ ألا ترى أنَّ الواوَ على التمثيل غيرُ متعلِّقٍ بشيءٍ، فلا يَعرِفُ المبتدِئُ ومَن فَوقَهُ أيضاً ما معناها، وبأيِّ شيءٍ تَعَلُّقُهَا. والجيِّدُ في مثالِ هذا أن يُقالَ: معناه: صادِ بالقرآن عَمَلَكَ (4) ؛ لِيُعلَمَ بالمثال من الاستدلال أنَّ الواوَ عِوَضٌ من الباء الجارَّة على هذا التَّأويل (5) ،كما أنَّها عِوَضٌ منها في القَسَم، وأنَّ قولَهُ:{وَالقُرْآنِ} في موضع / نصبٍ بالفعل الظَّاهر، وليس بالفعل المضمَر كقراءة مَنْ أَسْكَنَهَا أو فَتَحَهَا، و ((صَادِ)) على هذا التَّأويل مأخوذٌ من الصَّدَى (6) الذي هو اسمٌ لما يُعارِضُ الصَّوتَ في الجَبَلِ ونحوِه من الأجسام الصَّقيلة والكثيفة (كأنَّه صوتٌ
آخَرُ) (7) . قال الشَّاعرُ (8) :
صَمَّ صَدَاهَا وعَفَا رَسْمُهَا وَاسْتَعْجَمَتْ عَنْ مَنْطِقِ السَّائِلِ
فكأنَّ المعنى والله أعلَمُ: ليَتَّبِعْ عَمَلُكَ القرآنَ مطابِقَاً وموافِقاً له،كقوله:{فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} (1) ، وهذا القولُ (2) إن ثَبَتَتْ رِوَايةٌ به عن الحسن فهو الذي لا يُدفَعُ عن التَّأويل والعلمِ بوجوه التَّنزيل، وإن لم تثبُتْ به روايةٌ عنه، وإنمَّا تأوَّلَهُ أهلُ اللُّغةِ، فحَمْلُهُ على أنَّ كَسْرَهُ لالتقاء السَّاكنين كما أنَّ فتْحَهُ لذلك أَجْوَدُ؛ إذ لم نجد الواوَ تُبدَلُ من الباء الجارَّةِ في غير القَسَم، ووجدْنَا هذه الفواتِحَ في أوائل السُّوَرِ قد حُرِّكَت لالتقاء السَّاكنين، وكُسِرَت كما فُتِحَت، فحَمْلُها على ما عليه غيرُها أَحسَنُ من إخراجها عن جملتها إلى ما لا نظيرَ له. ألا ترى أنَّكَ إذا تأوَّلْتَ الكسرَ في ذلك على أنَّه أمرٌ بزِنَةِ (فَاعِلْ) خالفْتَ بها قراءةَ مَن فتَحَها بعَينِها، ومَن كسَرَ {قَافِ} ، وجَعَلْتَ الواوَ بَدَلاً من الباء في غير القَسَم، وكانت الواوُ (3) خلافَ التي في قول مَن فَتَحَ فقرأ:{صَادَ * وَالقُرْآنِ} ، وإذا قدَّرْتَ الكسرةَ للسَّاكنَين، تشاكَلَت القراءتان وتطابَقَتَا، ولم تخالِفْ واحدةٌ منهما الأخرى، ومع هذا فليس بممتنعٍ في اللَّفظ، ولا بمردودٍ في المعنى، بل كِلَا الأمرَين يَعْضُدُه ويُثبِتُهُ ولا يَدفَعُهُ.
أمَّا اللَّفظُ فلأنَّ الكلمةَ على زِنَةٍ (4) لا تُنكَرُ، والواوُ من الباء في غيره قد أُبدِلَ.
وأمَّا المعنى فلأنَّ ما أشبَهَهُ من الأمر في التَّنزيل قد ثَبَتَ وحُضَّ عليه وكُرِّرَ كقوله عز وجل: {وَاتَّبِعْ مَا يُوْحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} (5) ، ونحو ذلك من الآي.
وزعمَ الفرَّاءُ (1) أنَّ قولَهُ: {صَاد} معناها كقولِكَ: وَجَبَ واللهِ، كأنَّهُ قالَ: وَجَبَ والقرآن، فإنْ كان ذلك رُوِيَ عن بعض المفسِّرين، وإلَاّ فلستُ أعرِفُهُ. فأمَّا تمثيلُهُ إيَّاه ب ((وَجَبَ)) فرديءٌ؛ لأنه ذَكَرَ فِعْلاً لم يُسْنِدْهُ إلى فاعلٍ، فليس يُعلَمُ ما فاعلُ الوجوب، ولا بم يتعلَّقُ، وإذا كان ذلك كذلك لم يكن كلاماً.
فإن قال قائلٌ: فيكونُ فاعلُهُ المصدَرَ،كأنَّهُ وجَبَ الوُجُوبُ،كما قُلْتُمْ في قوله:
{ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِيْنٍ} (2) المعنى: ثُمَّ بدا لهم بَدْوٌ (3) .
قيلَ له: لا يُشْبِهُ هذا ((وَجَبَ)) ؛ لأنَّ ((بدا لهم بَدْوٌ)) بمنزلة ظَهَرَ لهم رَأيٌ، ثم فُسِّرَ ذلك الرَّأيُ ما هو بالجملة التي هي ((لَيَسْجُنُنَّهُ)) ، فلذلك كان حسناً مفيداً؛ إذ كان في المعنى بمنزلة قولكَ: ثمَّ بَدَا لهم سَجْنُهُ، فإنْ شَبَّهَ ((وَجَبَ الوجوب)) بما تَلَوناه، فقدجَمَعَ بين مختلفَين، ووفَّقَ بين أمرين غير مشتبهين.
وزعَمَ (4) أنه يُقَالُ: إنَّهُ أرادَ: لَكَمْ أهلكنا، فلمَّا فصَلَ بينهما حَذَفَ اللَاّمَ، مثلُ قولِهِ:{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} (5) بعد قوله: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} . وهذا الذي ذَكَره (6) غيرُ جائزٍ البتَّةَ (7) عندنا؛ وذلك أنه لا مَدخَلَ لشيءٍ من اللَاّمات على ((كم)) ، أمَّا التي للابتداء فتمتنعُ من الدُّخُول عليها من جهتَين:
إحداهما: لانتصاب ((كم)) بالفعل الذي بعده، وهي لا تَدخُلُ على المفعولات.
والجهةُ الأخرى: أنَّ هذه اللَاّمَ إنمَّا تدخُلُ على المبتدأ الذي تتسلَّطُ عليه الأفعالُ الدَّاخلةُ على المبتدأ والخبر وما ضارعها، فإذا لم يجُزْ دخولُ هذه الأفعالِِ عليه، لم يجُزْ دخولُ لامِ الابتداء؛ لأنها تبقى متعلِّقةً، و ((كم)) في كلتا جهتيها الخبرِ والاستفهامِ لا يَعمَلُ فيها ما قبلها، ولا تُبنَى عليه، وإنمَّا تُبنَى الجملةُ التي هي فيه على ما قبلها،/ فالحكْمُ لها من دونها. وأمَّا الداخلةُ على الأفعال دون الأسماء نحو: لَيَنْطَلِقَنَّ، ولقد قام زَيدٌ، فإنها تختصُّ بالدُّخُول على الأفعال دون الأسماء، وإذا كان كذلك لم يكن لها على ((كم)) مَدْخَلٌ؛ إذ كانت اسماً.
فإن قال قائلٌ: فما يُنكِرُ أنْ تكونَ اللَاّمُ التي تَدخُلُ على الأفعال مُرَادةً في ((كم)) محذوفةً لطول الكلام، وأنَّ دخولها في ((كم)) العاملُ فيه ((أهلَكْنا)) بمنزلة دخولِهَا على ((إلى)) المعلَّقة بالفعل المنتصبةِ الموضعِ في قوله تعالى:{لإِلى اللهِ تُحْشَرُوْنَ} (1) فكما جاز دخولها على الجارِّ المنتصب الموضع، كذلك يجوز دخولها على ((كم)) المنتصبة؟
فالجوابُ عندي: أنَّ التَّقديرَ بهذه اللَاّم في قوله عز وجل: {لإِلى اللهِ تُحْشَرُوْنَ} أن تكون داخلةً على ((تُحشَرون)) . ألا ترى أنَّ القَسَم إنما وقع على أنهم يُحشَرون لا على الجارِّ والمجرور، فالمقسَمُ عليه الفعلُ، وهو المؤكَّدُ باللَاّم والمتلَقِّي للقَسَم. وإنمَّا دخلت اللَاّمُ على الجارِّ لتقدُّمِهَا عليه، ولم تدخل إحدى النُّونَين على الفعل لوقوعه على الحرف،كما لم تدخُلْ في قوله:{فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} (1) لوقوعه على الحرف، وجاز دخولها على الحرف في كلا الموضعين إذ المرادُ به التَّأخيرُ، كما جاز دخولُ لام الابتداء في مثل: إنَّ زيداً لطَعَامَكَ آكِلٌ، إذ المرادُ به التَّأخيرُ إلى الخبر. فإذا كان التَّقديرُ ما ذَكَرْنَا، لم يجز أن يكونَ {كَمْ أَهْلَكْنَا} بمنزلة {لإِلى اللهِ تُحْشَرُوْنَ} في جواز دخول اللَاّم عليها، كدخولها في ((كم)) ؛ إذ كان دخولها في قوله تعالى:{لإِلى اللهِ تُحْشَرُوْنَ} بمنزلة دخوله على الفعل حسب ما تكون عليه هذه اللامُ في سائر مواضعها ومتصرَّفاتها. وليس يَسُوغُ تقديرُ دخولها على الفعل في ((كم)) .
فإن قال قائلٌ: فقَدِّرْ دخولهَا على الفعل الذي هو ((أهلَكْنَا)) وبعد ((كم)) كما قَدَّرْتَ دخولَهَا على الفعل الذي بعد الجارِّ.
فالجوابُ: أنَّ اللَاّمَ التي للقَسَم لا يجوزُ تقديرها بعد ((كم)) ، ووقوعُهَا على الفعل النَّاصب له؛ لأن ((كم)) لا تخلو من أن تكون خبراً أو استفهاماً، وفي كلتا جِهَتَيْهَا لا يتعلَّقُ شيءٌ مما قبلها بها، فلو قَدَّرْتَ اللَاّمَ داخلةً على قوله:((أهلَكْنَا)) ، لم يجُزْ أنْ تكونَ جواباً؛ لِمَا ذَكَرْتُ من انقطاع ذلك في كِلَا وجهَيه مما قبله.
فإذا امتنع بما ذَكَرْنَا دخولُ واحدةٍ من اللَاّمَين على ((كم)) ، ولم يَسُغْ تقديرُها فيها لِمَا بَيَّنَّا،كما جاز تقديرُها في قوله:{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} ، تبيَّنَ أنَّ قولَ الفرَّاء:(( {كَمْ أَهْلَكْنَا} جوابٌ للقَسَم)) خَطَأٌ.
وقد ذَكَرْنَا وجوهَ اللَاّماتِ في هذا الكتاب عند ذِكْرِنَا لقوله عز وجل: {يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ} (1) ذِكْراً يستوفيها بوجوهها قريباً من تقصِّيها.
قال الفرَّاءُ: وقيل (2) : {إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ} (3) قال: وذلك بعيدٌ لذِكْرِ قَصَصٍ مختلفةٍ جَرَتْ بينهما (4) .
وليس يمتنع عندي لِجَرْيِ هذه القَصَصِ أن تكون عليه، وإن كان الأحسَنُ غيرَه، وليس الفصلُ بهذه القَصَصِ بينهما بأبعَدَ من ذِكْرِ أمرٍ في سورةٍ يكونُ الجوابُ عنه في سورةٍ أخرى،كقوله عز وجل حكايةً عن قائِلِه:{وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخَاسِرُونَ} (5)، وقوله:{وَقَالُوا مَا لِهَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي في الأَسْوَاقِ} (6) ، و {إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَاّ رَجُلاً مَسْحُوراً} (7)، ثمَّ قال:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَاّ رِجَالاً نُوْحِي إِلَيْهِمْ} (8) ، و {مَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لَا يَأْكُلُوْنَ الطَّعَامَ} (9) ونحو هذا، فكذلك هذا لا يمتنع، والله أعلم.
فأمَّا ما حكاه أبو إسحاقَ (10) عن أبي الحسن (11) مِن جواز كونِ ((صادَ)) و ((قافَ)) و ((نونَ)) أسماءً للسُّوَرِ منصوبةً، إلَاّ أنَّهَا لا تنصرفُ كما لا تنصرفُ أسماءُ المؤنَّث. فقد قاله سيبويهِ (12)، وزعم أنَّ انتصابه على ((اذكُرْ)) . وينبغي أنْ يُعلَمَ أنَّ سيبويهِ (لم يُرِدْ) (13) بتمثيله انتصابَ / هذا أنَّهُ على جهة القَسَم بهذه الفواتح كقوله (14) :
أَلَا رُبَّ مَنْ قَلْبِي لَهُ اللهَ نَاصِحُ
لأنَّ ذلك ممتنعٌ غيرُ سائغ.
فإن قلتَ: فمِنْ أينَ امتنع وهذه السُّوَرُ قرآنٌ، وقد أقسَمَ الله عز وجل به ظاهراً وعلى ما لا إشكالَ فيه كقوله تعالى:{وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} (1){وَالْقُرْآنِ الْمَجِيْدِ} (2) ونحو ذلك؟
فالذي يمتنع هذا له من الجواز أنَّ القَسَمَ على هذا التَّأويل يبقى غيرَ متعلِّقٍ بمُقْسَمٍ عليه. ألا ترى أنَّهُ إذا قال: ((قافَ)) و ((صادَ)) فنَصَبَه بأنَّهُ مُقْسَمٌ به، لم يتلَقَّهُ محلوفٌ عليه. يدلُّكَ على ذلك استئنافُكَ باسمٍ آخَرَ لا يجوز عطفُهُ على هذا الاسم الأوَّلِ إذا قدَّرْتَهُ مُقْسَماً به لانجراره بالواو.
فهذا التَّأويلُ الذي ذَكَرْنَا امتناعَهُ في هذه الفواتح لا يخلو الاسمُ المنجَرُّ فيه من أحد أمرَين: إمَّا أنْ يكونَ معطوفاً على ما قبله، وإمَّا أن يكون مستأنَفاً منه منقطعاً. فلا يجوز أن يكون معطوفاً على ما قبله؛ لانجراره وانتصاب المعطوف عليه. فإذا لم يجز ذلك ثبَتَ أنه منقطعٌ مما قبله، وأنَّ الواوَ للقَسَم لا للعطف، وإذا كان كذلك لم يكن الأوَّلُ قَسَماً. ألا ترى أنَّ الخليلَ وسيبويهِ لم يُجيزا في قوله تعالى:{وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى} (3) كونَ الواوَين اللَّتَين بعد الأُولى قَسَماً كالأُولى، فقالا فيهما (4) : إنَّهما للعطف لماَّ كان يلزَمُ في إجازة ذلك من بقاء القَسَمِ الأوَّلِ غيرَ متعلِّقٍ بمُقسَمٍ عليه.
فإن قلتَ: فما يُنكِرُ أنْ يكونَ قولُهُ: ((اُذْكُر القرآنَ)) مَخْرَجُهُ على غير القَسَم، وأنَّهُ مُقسَمٌ عليه،كأنَّهُ قال: اُذْكُرْ صادَ والقرآنِ. فتكونُ هذه الأشياءُ مُقسَماً عليها، ويكون ما بعدها قَسَماً كقولك: اُذْكُرْ زَيداً واللهِ؟
فذلك غيرُ جائزٍ من أجل أنَّ هذه الأسماءَ المقسَمَ بها المنْجَرَّةَ بالواو قد تُلُقِّيَتْ بما هو أجوبةٌ لها؛ ألا ترى أنَّ قولَهُ تعالى: {وَالْقَلَمِ} (1) قد أُجِيب بقوله: {مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ} .
وكذلك {صَاد} وسائرُ هذه الأسماء المقسَم بها.
فالوجْهُ عندنا فيمَن فَتَحَ شيئاً من هذه الفواتح أنْ تُحْمَلَ على التقاء السَّاكِنَين، كما أنَّ مَنْ كَسَرَ لم يكُنْ إلَاّ كذلك.
* * *
المسألة الخامسة
قال (2) في قوله عز وجل: {الَّذِيْنَ يُؤْمِنُوْنَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيْمُوْنَ الصَّلَاةَ} [البقرة: 3] بعد كلامٍ كثيرٍ ذَكَرَه في حذف الهمزة من (أَفْعَل) الذي هو فعلٌ ماضٍ في المضارع:
((الأصلُ في (يُقِيم) : يُؤَقْيِمُ ولكنَّ الهمزة حُذِفَت لأنَّ الضَّمَّ دليلٌ على ذوات الأربعة، ولو ثَبَتَ لوَجَبَ إذا أنبأتَ عن نفسِكَ (أن تقولَ) (3) : أنا أُؤَقْيِمُ (4) ، فتجتمعُ همزتان فاستُثْقِلَتَا، فحُذِفَت الهمزةُ التي هي فاءُ الفعل، وتبعَ سائرُ الفعل ذلك)) .
قال أبو عليٍّ (أيَّدَهُ الله)(5) :
اعْلَمْ أنَّ الأفعال لا تخلو من أن تكون ثلاثيةً أو رباعيةً، والثلاثيةُ لا تخلو من أن تكون أصولاً أو ذواتَ زوائِدَ وكذلك الرباعيُّ، وجميعُ هذه الأصناف في اختلافها تَنْتَظِمُ أبنيَةُ مُضَارِعِهَا ما يتضمَّنُ أمثلةَ ماضيها إلَاّ أنْ يكونَ الأوَّلُ حرفاً مجتَلَباً في الابتداء لسُكُونِ ما بعدَه، أو حرفَ علَّةٍ. وحروفُ العلَّةِ: الواوُ والياءُ والهمزةُ. فالأوَّلُ الذي يُحذَفُ فيه حرفُ العلَّةِ في المضارع على ضربَين:
أحدهما: أنْ يكونَ الحرفُ أوَّلَ ثلاثيٍّ أصلٍ.
والآخَرُ: أن يكون أوَّلَ ثلاثيٍّ ذي زيادةٍ.
فالحرفُ الأوَّلُ المعتلُّ من بنات الثَّلاثة ينقسمُ بانقسام حروف العلَّة وهي: الياءُ والواوُ والهمزةُ، والذي يطَّرِدُ حذفُهُ من ذلك الواوُ من المضارع إذا كانت فاءً واقعةً بين ياءٍ وكسرةٍ، ثمَّ يتبَعُ سائرُ حروف المضارَعَةِ الياءَ، فتُحذَفُ الواوُ معهنَّ كما حُذِفَت معها، ولا تُحذَفُ في غير (يَفعَلُ) .
فأمَّا الياءُ إذا كانت فاءً، فلا يُحذَفُ في المضارعة كيف كان بناؤُهُ. وحَكَى سيبويهِ (1) على جهة الشُّذوذ:((يَئِسُ)) مثل: يَعِدُ.
ونظيرُ هذا في القلَّةِ ما حَكَى من / قولهم في مضارع ((وَجَدَ)) : يَجُدُ (2) .
والهمزةُ مثل الياء في الإتمام وتركِ الحذف إلَاّ ما جاء من قولهم: كُلْ وخُذْ.
والضَّرْبُ الآخَرُ الذي يُحذَفُ فيه الحرفُ الأوَّلُ من الثُّلاثيِّ ذي الزِّيادة الثَّابتِ في الماضي من المضارع هو بناءُ (أَفْعَلَ) نحو: أَكْرَمَ، وأَعْطَى، وآمَنَ، وهذه الهمزةُ تُحذَفُ في المضارع كراهيةً لاجتماع الهمزتَين،كما ذَكَرَ سيبويهِ (3) ، ثمَّ أُتبِعَ سائرُ الحروف الهمزةَ، كما أُتبِعَ في باب ((وعَدَ)) الياء.
والدَّليلُ على أنَّ حذْفَهَا لكراهية التقائهما: أنَّهُ حيثُ أُبدِلَ منها حرفٌ مُقارِبٌ لها أُتِمَّ ولم يُحْذَفْ، فقالوا: يُهَرِيقُ (وجاء على ما كان يَلزَمُ أن يكونَ عليه هذا المثالُ، هذا في مَنْ فَتَحَ فقالَ: يُهَرِيقُ)(4) . فأمَّا مَنْ أسْكَنَ فقالَ: أَهْرَقْتُ أُهْرِيقُ، فإنَّهَا عنده مِثْلُ: أَسْطَعْتُ وأُسْطِيعُ. جعَلَ الهاء عِوَضاً ممَّا دخل الكلمةَ من الضَّعف والتَّهيُّؤ للحذف في الجزم والوقف، كما أنَّ السِّينَ في ((أسْطَعْتُ)) كذلك، وحذفُها مطَّرِدٌ في الكلام، وربمَّا أثبَتَهَا الشَّاعرُ في الضَّرورة. أنشَدَ سيبويهِ (5) :
كُرَاتُ غُلَامٍ في كِسَاءٍ مُؤَرْنَبِ
فأمَّا قولُهُ (6) :
وَصَالِيَاتٍ كَكَمَا يُؤَثْفَيْنْ
فعلى هذا وجْهُهُ. و ((أُثْفِيَّةٌ)) على قياس قوله هذا (أُفْعُولَةٌ)(1) . قال: أحمدُ ابنُ يحيى (2) عن ابن الأعرابيِّ (3) : جاء فلانٌ يَثْفُوهُ، ويَثْفِيهِ، ويَثِفُهُ، ويَكْسُوهُ، ويَذْنُبُهُ، ويَدْمُرُهُ،كُلُّهُ بمعنًى واحدٍ. ف ((يُؤَثْفَيْنْ)) على هذا (يُؤَفْعَلْنْ)، ويجوزُ أنْ يكونَ (يُفَعْلَيْنْ) مثل: يُسَلْقَيْنْ (4) .
قال أبو زيدٍ (5) : (( [يقالُ] : تأثَّفْنَا بالمكان إذا أَلِفُوهُ ولم يَبْرَحُوهُ)) ، ف ((يُؤَثْفَيْنْ)) على هذا (يُفَعْلَيْنْ) ، وأُثْفِيَّة (فُعْلِيَّة)، ومن كلا المعنيين يجوز أن نأخُذَ أُثْفِيَّةً؛ لأنَّهُم يَصِفُونها في أشعارهم بالخُلُود والإقامة والعَكْفِ والرُّكُود. وتأثَّفنا: أقَمْنَا، كما أنَّ يَثْفُوهُ: قَامَ مَقَامَه. وحَمْلُهَا على أنَّهَا (أُفْعُولَة) والهمزةُ زائدةٌ كأنَّهُ أقوى؛ لأنَّ هذه الكلمةَ أكثَرُ تصرُّفاً، ولا يمتنعُ الوجهُ الآخَرُ.
ويجوزُ في ((أُثْفِيَّة)) في مَنْ جعَلَها (أُفْعُولَة) أنْ تكونَ اللَاّمُ ياءً إذا أخَذَه مِن ((يَثْفِيه)) ، ويجوزُ أنْ تكونَ واواً. وكونُهُ من الواو أكثَرُ؛ لأنَّ ((يَثِفُهُ)) لا يكونُ إلَاّ من الواو.
فإن قلتَ: هلَاّ قلتَ: إنَّهُ من الياء (6) مِن قولِ مَنْ قال: يَثْفِيْه؛ إذ لو كانت من الواو (7) لَصَحَّت؛ لأنَّهُ لا شيءَ يُوجِبُ قلبَهَا ياءً من كسرةٍ وياءٍ مُدغَمٍ فيها؟
قيل له: إنَّ (أُفْعُول) قد تُقلَبُ اللامُ فيه إذا كانت واواً كثيراً؛ ألا تراهم قالوا:
((أُدْحِيُّ النَّعَامِ)) (8) وهو مِن دَحَا يَدْحُو. وحروفٌ كثيرةٌ مثله، فكذلك ((أُثْفِيَّة)) .
فأمَّا قولهم: ((الأُرْوِيَّة)) للأنثى من الوُعُول، فقد شرحناه في ((المسائل المشكلة)) (9) .
وأمَّا ((الأُرْبِيَّة)) [لأصلِ الفَخِذِ](1) فتكون (أُفْعُولَة) مِن رَبَا يَرْبُو أُرْبِيَّةً لارتفاعِهِ على سائر أعْظُمِ الرِّجْلِ في النِّصْبَةِ، أو لزيادتها عليه في الخِلْقَة.
وإنْ شئتَ كان (فُعْلِيَّة) من ((الإِرْب)) الذي هو بمعنى التَّوَفُّر (2)، من قوله في الحديث:((أنَّهُ أُتِيَ بِكَتِفٍ مُؤَرَّبَةٍ)) (3)، ومن قولهم:((فلانٌ أَرِيبٌ)) (4) إذا وُصِفَ بالكمال وتوفُّرِ العقل. وقال أبو بكرٍ محمَّدُ بنُ الحسنِ بنِ دُرَيد (5) : ((قالوا: جاء فلانٌ في أُرْبِيَّةٍ؛ إذا جاء في جماعةٍ من قومه)) .
فأمَّا ((الأُثْبِيَّةُ)) للجماعة ف (أُفْعُولَة) ؛ لقولهم: ثُبَةٌ، فالمحذوفُ اللامُ، وقالوا:((ثَبَّيْتُ الرَّجُلَ)) (6) إذا جمعْتَ محاسِنَهُ، فالهمزةُ زائدةٌ ولا تكون فاءً.
* * *
مسألةٌ من هذا الباب (7) :
أنشَدَنا مَن نَثِقُ بروايته عن الدِّمَشْقيِّ (8) عن قُطْرُبٍ (9) للأعْشَى (10) :
وَمَا أَيْبُلِيٌّ عَلَى هَيْكَلٍ
بَنَاهُ وَصَلَّبَ فِيْهِ وَصَارَا
قال أبو عليٍّ:
فقوله: ((أَيْبُلِيٌّ)) لا يخلو من أحد أمرين:
إمَّا أن يكونَ الاسمُ أعجمياً أو عربيّاً، فإن كان الاسمُ أعجميّاً فلا إشكالَ فيه؛ لأنَّ الأعجميَّ إذا عُرِّبَ لا يُوجِبُ تعريبُهُ أن يكونَ موافقاً / لأبنية العربيِّ (11)، وإن كان عربياً جاز عندي أن يكونَ أَيْبُليٌّ (فَيْعُلِيٌّ) (12) من قوله (13) :
بِهِ أَبَلَتْ شَهْرَيْ رَبِيْعٍ
…
ونحوِه، إذا اجتزَأَتْ بالرُّطْب عن الماء (14) . فكذلك هذا الرَّاهِبُ قد اقتصر بما على هَيكَلِهِ، واجتزأ به، وانقطَعَ عن غيره.
فإن قلتَ: فقد قال سيبويهِ (15) : ليس في الكلام على مثل: (فَيْعُل) ، فكيف يصحُّ ما ذَكَرْتَه من ((أيْبُليٌّ)) ؟
فإنِّهُ يجوزُ أنْ يكونَ لم يَعْتَدَّ بهذا الحرف لقلَّتِهِ، وقد فعل مثلَ ذلك في حروف نحو:
((إنْقَحْل)) (1) . وأيضاً ففي النِّسبة مثل: تَحَوِيٌّ إذا أضفْتَ إلى ((تحيَّة)) ، فهذا لكَ فيه بعضُ الاستئناس أنه قد يجيء في بناء النِّسبة ما لا يجيءُ في غيره. ولا يَبعُدُ هذا،كما جاء مع الهاء بِنَاءٌ لم يجئ بلا هاءٍ، والتَّاءُ وياءُ النِّسبة أَختان. ألا ترى أنَّ ((زنجيّاً)) و ((زنجاً)) كثيرٌ، مثل شَعِيرةٍ وشعير (2) . فكما جاء (مَفْعُلَة) مع الهاء، ولم يجئ بلا هاءٍ كذلك يجوز أن يكون مع ياءَي النَّسب ما لا يجيءُ مع غيرهما لمشابهتهما لهما فيما ذَكَرْنَا (3) .
ولماَّ كانت الفاءاتُ من ذوات الثَّلاثة كما ذَكَرْنَا في انقسامها بعدد حروف العلَّة، وكان هذا البناءُ يُنقَلُ إلى (أَفْعَلَ) بالهمزة لمعانٍ سِوَى الإلحاق، نُقِلَ ما كان الفاءُ منه هَمْزةً، كما نُقِلَ غيرُهُ وزِيدَتْ فيه الهمزةُ وذلك نحو: آمَنَ وآتَى وآذَنَ. وشَرْطُ المضارع أنْ ينتظِمَ حروفَ الماضي إلا ما استُثْنِيَ من هذه الهمزة وغيرِها، فكما أنَّ المحذوفَ من نحو:((أَكْرَمَ)) و ((أَقْعَدَ)) في المضارع الهمزةُ دون الفاء، كذلك المحذوفُ ممَّا كانت فاؤُهُ همزةً هذا الحرفُ الزَّائدُ دون الذي هو فاءٌ.
فقولُهُ في آخِرِ الفصل الذي كتبناه: ((حُذِفَت الهمزةُ التي هي فاءُ الفعل (4)) ) سَهْوٌ بَيِّنٌ، والتَّذكير بما ذَكَرْنَاه من هذا يُجزِئُ عن الاحتجاج والإكثار، ولولا أنَّ غَرَضَنَا في هذه المسائل إصلاحُ مواضعِ السَّهْو لَتَرَكْنَا ذِكْرَ هذا وما أشبَهَه لوُضُوحِهِ، وتجاوَزْنَاهُ إلى غيره.
ألا ترى أنَّ آمَنَ مثلُ أَقْعَدَ، فكما تقولُ: يُقْعِدُ فتَحْذِفُ الهمزةَ وتُثبِتُ الفاءَ، كذلك في قولك: يُؤْمِنُ، تحذِفُ الهمزةَ الزَّائدةَ ل (أَفْعَلَ) ، وتُثْبِتُ التي هي فاءٌ.
ولكَ في مضارع آمَنَ وآذَنَ (1) واسمِ الفاعل منه وفي نحوه ضربان: تخفيفُهَا وتحقيقُهَا، ولكِلا الأمرين وَجْهٌ فجهةُ التَّحقيق أنَّكَ كنتَ خفَّفْتَ في الماضي لاجتماع همزتين، وفي المضارع لاجتماع همزتين أو ثلاثٍ. فإذا زال المعنى الموجِبُ للتَّخفيف رَجَعْتَ إلى التَّحقيق، فقُلْتَ: يُؤْمِنُ، ومُؤْمِن، فخفَّفْتَ الفاءَ التي كنتَ أبدَلْتَ لاجتماع الهمزتين لزوال اجتماعهما، والتَّخفيفُ عندي أقوى في مقاييس العربيَّة وأَوْجَهُ؛ لأنَّ الأفعالَ المعتلَّةَ إذا لَحِقَ بناءً منها علَّةٌ لمعنى أُتبِعَ سائرُ الأبنيةِ العاريةِ من تلك العلَّة المعتلَّ. يَدُلُّكَ على ذلك قولُهُم: يقومُ، ويبيعُ، وأَقَالَ، ويُقِيلُ، ويَعِدُ، ونَعِدُ، وأَعِدُ ويُكرِمُ، فكما تُعَلُّ هذه الأشياءُ لإتباع بعضها بعضاً، كذلك يُعَلُّ ((يؤمِنُ)) و ((مؤمن)) لإتباعه ((آمَنَ)) . بل الإعلالُ للإتباع في هذا يزدادُ قوَّةً وحُسْناً على غيره؛ لأنَّهُ يَلزَمُهُ أيضاً الاعتلالُ في قولهم:((أُؤْمِنُ)) للإبدال.
فإذا أُتبِعَ ما اعتلَّ في موضعٍ واحدٍ سائرَ الأبنية نحو ما مثَّلنا، فما اعتلَّ في موضعَين أَولى بالإتباع (2)، وما ذَكَرْنَاهُ من الحجَّة لإيثار التَّخفيف حُجَّةٌ لأبي عمرٍو في قراءته:
{يُوْمِنُونَ} (1) ، واختيارُهُ ذلك على التَّحقيق، وذلك أنَّ حرفَ المضارَعَة المضمومَ صادَفَ حرفاً ينقلبُ ألِفاً قبلَ أن يَلحَقَهُ، فلمَّا وَلِيَ المضمومَ، انقلبت الألِفُ واواً، فعلى هذه الجهة يُوَجَّهُ التَّخفيفُ في قوله، لا على مَن قال:((جُوْنَة)) في تخفيف ((جُؤْنَة)) (2) ، وإنْ كان (3) اللَّفظان واحداً، ومِن ثَمَّ قَرَأَ:{يَا صَالِحُ ايْتِنَا} (4) فتَرَكَ الفاء مُعَلَّةً للزوم العلَّة لها في غير هذا الموضع، كما تركها مُعلَّةً / في:{يُوْمِنُوْنَ} ، ولم يحقِّق الهمزةَ ولم يُرْجِعْهَا، كما لم يحقِّقْهَا في {يُوْمِنُوْنَ} . (وقد ذَكَرْنا هذا مستقصًى في موضعٍ آخر (5) ، وذَكَرَ الشَّيخُ أنَّ هذه المسألةَ فيها زيادةٌ لم تتمَّ) (6) .
* * *
الحواشي والتعليقات
غريب الحديث 1/49.
أبرز مصادر ترجمته:
تاريخ بغداد 7/275، ونزهة الألبا: 232، وإنباه الرواة 1/308، ومعجم الأدباء 7/232، ووفيات الأعيان 2/80، وإشارة التعيين: 83، وبغية الوعاة 1/496، وشذرات الذهب 3/88، وكتاب ((أبو علي الفارسي)) للدكتور عبد الفتاح إسماعيل شلبي. ومراجع أخرى تراها في حواشي تلك الكتب.
بينها وبين شيراز أربع مراحل. انظر معجم البلدان 4/260 (فسا) .
انظر كتاب أبو علي الفارسي: 117.
انظر كتاب أبو علي الفارسي: 132.
انظرها مفصلةً في كتاب أبو علي الفارسي: 147 148.
حققه الأستاذان: بدر الدين قهوجي، وبشير جويجاتي، وطبع بدمشق متتالياً ابتداء من سنة 1404 هـ 1413 هـ.
حققه الدكتور حسن شاذلي فرهود، وطبع بالرياض سنة 1408هـ.
حققه الدكتور حسن شاذلي فرهود، وطبع بالرياض سنة 1401هـ، كما حققه الدكتور كاظم بحر المرجان، وطبع بالموصل سنة 1401هـ.
طبع بثلاثة تحقيقات: بتحقيق الدكتور إسماعيل عمايرة بعمَّان 1401هـ، والدكتور علي جابر المنصوري ببغداد سنة 1402هـ، والدكتور محمد الشاطر أحمد بالقاهرة سنة 1403هـ.
حققه صلاح الدين السنكاوي، وطبع ببغداد.
حققه الدكتور علي جابر المنصوري، وطبع ببيروت سنة 1406 هـ.
حققه الدكتور حسن هنداوي، وطبع بدمشق سنة 1407هـ.
حققه الأستاذ مصطفى الحدري، وطبع بدمشق سنة 1406هـ.
حققه الدكتور محمد الشاطر أحمد، وطبع بالقاهرة سنة 1405هـ.
حققه الدكتور حسن هنداوي، وطبع بدمشق سنة 1407هـ، كما حققه الدكتور محمود الطناحي، وطبع بالقاهرة سنة 1408هـ.
حققه الدكتور عوض القوزي، وطبع بالقاهرة متتالياً ابتداءً من سنة 1410هـ.
انظر معجم الأدباء 7/251 252.
طبقات النحاة واللغويين: 295، وانظر كتاب ((أبو علي الفارسي)) :487.
أبو علي الفارسي: 483.
انظر نهاية المسألة [33] وقارنه بما جاء في الكتاب 3/129 الحاشية (1) .
انظر: أبو علي الفارسي 130.
أبو علي الفارسي: 129.
الإمتاع والمؤانسة 1/131 132.
أبو علي الفارسي: 130.
البحر المحيط 1/331 332، وانظر كتاب ((أبو علي الفارسي)) :477.
انظر اللوحة: [50/ب] .
الكتاب 3/113 114. وانظر اللوحة [93/ أب] .
انظر اللوحة: [18/ب] .
انظر اللوحة: [50/أ] .
انظر مثلاً المسألة (10) اللوحة [24/أ] ، واللوحة [24/ب] .
انظر المسألة (16) اللوحة: [40/ب] .
انظر المسألة (82) اللوحة: [102/ب 103/أ] .
انظر اللوحة: [42/ب] .
انظر اللوحة: [44/أ] .
انظر مثلاً اللوحات: [4/ب] ، و [44/ب] ، و [83/أ] .
انظر كتاب ((أبو علي الفارسي)) : 467.
انظر مقدمة تحقيق المسائل المشكلة (البغداديات) : 31 34.
انظر اللوحة: [40/أ] .
كما نقله ابن ولَاّد في ((الانتصار)) : 208.
وهذا المشهور عنه في كتب النحاة. انظر: شرح التسهيل لابن مالك 3/398، والمساعد 2/502.
انظر اللوحة: [40/أ] .
انظر نهاية المسألة (83) اللوحة: [105/ب] .
انظر مثلاً نهاية المسألة [24] اللوحة: (55/أ) .
المسألة [43]، اللوحة:[52/59 60] .
انظر المسائل الحلبيات: 262، 377.
انظر المسائل البغداديات: 312.
انظر معجم الأدباء 7/240 241، وانظر: الفهرست: 95.
إنباه الرواة 1/309.
انظر بداية كلام الفارسي في المسألة [65] .
انظر نهاية المسألة [99] اللوحة: [121/أ] .
انظر المسائل الحلبيات ص: 262، 377، والمسائل البغداديات:312.
أبو علي الفارسي: 477.
هذا التقسيم من نسخة (ش) .
ما بين القوسين من نسخة (ص)، وقد جاء عنوانُ الكتاب فيها بعد البسملة هكذا:((كتاب المسائل المصلحة من كتاب أبي إسحاق)) .
رقَّمَت النُّسختان المسائلَ، ولم يستمرَّ التَّرقيمُ إلى نهاية الكتاب، بل وقف في المنتصف تقريباً، على أنَّه لم يبتدئ من أولها أيضاً بل ابتدأ في نسخة (ص) من المسألة (20) ، وفي نسخة (ش) من المسألة (3) . وقد قمتُ بترقيم المسائل الرئيسية كلِّها من أول الكتاب إلى نهايته، دون المسائل الفرعية الواردة في أثناء المسائل الأصلية، حيث سأفردها بالذكر في فهرس مسائل الكتاب إن شاء الله تعالى.
معاني القرآن وإعرابه 1/43.
وقد نقل ابن سيده رحمه الله هذه المسألة بتمامها في المخصص 17/136 151، كما نقل البغدادي ردَّ ابن خالويه على (الإغفال) ، وردَّ الفارسيِّ عليه في كتابٍ له آخر سمَّاه (نقض الهاذور) . انظر الخزانة 2/281 287، 10/356 360.
من الآية: 24، وانظر كلام الزجَّاج في معاني القرآن وإعرابه 5/151 152.
سقطت كلمتا ((الأصل فيه)) من (ش) .
انظر الكتاب 2/197.
الكتاب 2/195.
الكتاب 3/498 ولا دليل فيه على ما قصده المصنف. وانظر: اشتقاق أسماء الله للزجاجي: 27، ومجالس العلماء له: 57، والبارع للقالي: 108، والصحاح (ليه) .
سورة الأعراف: من الآية: 127. وهي قراءةٌ شاذة رُويت عن بعض الصحابة، انظرها في تفسير الطبري (جامع البيان) 13/39 40، ومختصر الشَّواذّ: 45، والمحتسب 1/256. وانظر كتاب العين 4/91، وتفسير ابن عباس:232.
كتاب الهمز: 9 10.
البيت لرؤبة في ديوانه: 165، وقبله:
لله دَرُّ الْغَانِيَاتِ الْمُدَّهِ
وأنشده أبو زيد في كتاب الهمز: 9 10. وانظر: العين 4/90، والمسائل الحلبيات: 336، والمحتسب 1/256 وشرح المفصل 1/3
سورة الحشر: من الآية: 23.
أي: أنه اسم مصدر.
قال ابن دريد في جمهرة اللغة 1/110: ((وفسَّر بعض العلماء باللغة قولهم: (لله درك) قال: أرادوا صالح عملك؛ لأن الدر أفضل ما يُحتَلَبُ)) . وانظر: الفاخر: 55، والزاهر 1/391، وجمهرة الأمثال 2/210.
ما بين القوسين ساقط من (ش) ، ومن نص المخصص 17/137.
انظر: الجيم لأبي عمرو الشيباني 3/225، والصحاح (أله) . وفي تكملته للصغاني (أله) : أنَّ ((الإلاهة)) اسمٌ للهلال أيضاً عن أبي عمرو.
البيت من الوافر لميَّة بنت عتيبة بن الحارث (أم البنين) كما في الجيم لأبي عمرو الشيباني 3/225، وقيل: لبنت عبد الحارث اليربوعي، ويقال: لنائحة عتيبة بن الحارث. انظر جمهرة اللغة 2/991، وسر الصناعة 2/784، والمحتسب 2/123، ومعجم البلدان 5/18، والتاج (أله) . (وراجع تخريج البيت في الجمهرة 1/367) . واللعباء: موضع بالبحرين.
سورة فصلت: من الآية: 37.
ومن قوله: ((روي عن ابن عباس)) إلى هنا، نقله ابنُ سيده في المخصص 13/9697.
ثعلب، ولم أقف على حكايته هذه مع أنه تعرض للكلام على قوله تعالى في قراءة:{وَيَذَرَكَ وَإِلَاهَتَكَ} وقال: ((وإلاهَتَكَ أي: عبادتك، ومَن قرأ: {وإلاهَتَكَ} أراد: أنك تُعبَدُ ولا تَعْبُدُ، ومَن قرأ: {وآلِهَتَكَ} أراد التي يعبدها)) . انظر مجالس ثعلب 1/180 181
العبارة في (ش) : ((منقولةٌ من أسماء الأجناس نحو
…
)) .
قوله: ((غيرَ مصروفٍ)) ساقطٌ من (ش) .
النوادر: 403.
سورة نوح: من الآية: 23.
هو عمرو بن عبد الجن. والبيت من الطويل، وقد أنشده أبو علي في المسائل الحلبيات: 287، وانظر: سر الصناعة 1/359، وأمالي ابن الشجري 1/235، 3/121، والإنصاف: 318، والخزانة 7/214. وقنة العزى: أعلاها، والعَنْدَمُ: صبغٌ أحمر، ويُسَمَّى البقَّمُ، فارسيٌّ معرَّبٌ. انظر المعرَّب: 59، وقصد السبيل 1/292.
وهي قراءة السَّبعة.
سورة الأعراف: من الآية: 138.
انظرهما في الكتاب 2/194 196 و 3/498، وانظر مجالس العلماء: 56 57.
وهذا القول هو أعلى قولَي سيبويه رحمه الله كما قال ابن جني في الخصائص 3/150، وراجع التعليقة على الكتاب 1/278.
في (ش) : ((لاه)) .
انظر الكتاب 3/556.
كلمة ((ألقيت)) ساقطة من (ش) .
العبارة في (ش) : ((فهي وإن كانت ملقاة متقاة في النية
…
)) .
جيْألُ وجيْألَةُ: الضَّبُعُ. انظر: التعليقة على الكتاب 4/12، واللسان (جأل)، وفيه:((قال أبو عليٍّ النحويُّ: وربما قالوا: جَيَل بالتخفيف، ويتركون الياء مصحَّحَةً؛ لأن الهمزة وإن كانت ملقاةً من اللفظ، فهي مُبَقَّاةٌ في النيَّة معاملةٌ معاملةَ المثبَتةِ غير المحذوفة)) .
في (ش) : باب، وفي (ص) :((قاب)) .، ولعل ما أثبته الصحيح.
حيث إن الأصل: مرموي، اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياءً، وأدغمت الياء في الياء فأصبح مرميّ.
اللوحة (3/أب) سقطت بكاملها من النسخة (ص) ، وهي تبدأ من اللوحة (5) في نسخة (ش) .
أي: التي في ((إله)) .
في (ش) : ((وأما الدلالة)) ، وانظر المخصَّص 17/139.
انظر الكتاب 2/195، 3/500، والتعليقة عليه لأبي علي 1/340.
قوله: (من أن يكون) ساقطٌ من (ش) .
الكتاب 2/195.
في (ش) : (مما يقربه) ، وانظر الكتاب 2/195.
لابن خالويه رد على أبي علي في مسائل هذا الكتاب، ولأبي علي ردٌّ عليه في كتابٍ سماه ((نقض الهاذور)) ،. وقد أورد العلامة البغدادي منه قدراً مهماً فيما يخص هذه الفقرة. انظر الخزانة 2/281، وراجع التعليقة على الكتاب 1/278.
البيتُ من مجزوء الكامل، وهو لذي جَدَن الحميري كما نصَّ السِّجستاني في كتابه (المعمَّرون والوصايا) ص: 43، وانظر: مجالس العلماء: 57، والخصائص 3/151، وأمالي ابن الشجري 1/188، 2/193، والخزانة 2/280.
كلمة ((مفتوحة)) ساقطة من (ش) .
سورة الكهف: من الآية: 38.
ورد هذا التشبيه ابن كيسان انظر: إعراب القرآن للنحاس 1/183، والخصائص 3/141. وراجع: إعراب القراءات للعكبري 1/111، والتبيان 1/19، والبحر المحيط 1/41.
سورة البقرة: من الآية: 4 وغيرها.
لم أقف على قوله في المقتضب والكامل اعتماداً على فهارسهما.
انظر الكتاب 3/541، قال السيرافي:((معنى قولنا: بين بين في هذا الموضع وفي كل موضع يرد بعده من الهمز أن تجعلها من مخرج الحرف الذي منه حركة الهمزة، فإذا كانت مفتوحة جعلناها متوسطة إخراجها بين الهمزة وبين الألف؛ لأن الألف من الفتحة، وذلك قولك: سال إذا خففنا سأل، وقرا يا فتى إذا خففنا قرأ، وإذا كانت مضمومة فجعلناها بين بين أخرجناها متوسطة بين الهمزة والواو كقولنا: لوم تخفيف لؤم، وإذا كانت مكسورة جعلناها بين الياء وبين الهمزة)) انظر شرح الكتاب 5/5 أ (مخطوط) .
انظر الكتاب 3/5، وسر الصناعة 1/113، 118، 2/745، واللسان (ويل) .
في (ش) : ((أناس)) .
الكتاب 2/195 196، 3/5.
العين 8/350، وانظر الكتاب 3/5.
الفَذُّ: جاء في اللسان (فذذ) : ((وكلمةٌ فذَّةٌ وفاذَّةٌ: شاذةٌ)) .
انظر الكتاب 2/196، والمنصف 2/227.
يردُّ على الكسائي الذي حذف الهمزة من ((إليك)) في النقل المتقدم عنه ص: 49.
انظر المقتضب 3/31، ورصف المباني: 387، والجنى الداني:304.
لأنها مركبةٌ من ((ها)) للتنبيه)) و ((لُمَّ)) فعلُ أمرٍ من لمَّ الله أمرَه أي: جمعه.
قال: ((ولو كانت على ما يقول الخليل لما قلتَ: أما زيداً فلن أضربَ؛ لأن هذا اسمٌ والفعل صلةٌ، فكأنه قال: أما زيداً فلا الضربُ له)) . الكتاب 3/5.
العبارة في (ش) : ((سيبويه ولا كثير من أصحابه ويفسد قياس
…
)) .
في (ش) : ((أسوغ)) .
النوادر: 583، وانظر الكتاب 3/5.
نقله ابن جني في سر الصناعة 1/234 عن شيخه أبي علي.
في (ش) : ((لا يكونُ فيه الإدغام)) .
انظر الكتاب 4/437.
سورة الأعراف: من الآية: 143.
سورة الروم: من الآية: 50.
سورة المائدة: من الآية: 24.
الكتاب 3/498، وانظر: الانتصار: 233، والتعليقة على الكتاب 1/278، وكتاب الشعر: 45 وما بعدها (تحقيق د. الطناحي) ، والمسائل البصريات 2/909، والصحاح (ليه) .
قوله: ((عن الياء)) ساقطٌ من (ش) .
انظر قولَ أبي العبَّاس وردَّ ابن ولَاّدٍ عليه في الانتصار: 233، وانظر كلام سيبويه في الكتاب 2/195 196، 3/498. والعبارة في (ش) : ((فقال سيبويه: إن تقدير فعال
…
)) .
النص في الانتصار: 233.
ويقال أيضاً (تُرْتَب، وتُرْتُب) . ومعناها: الأمر الثَّابت. والتاء الأولى فيها زائدة لأنه ليس في الكلام كجَعْفُر، وكذلك الاشتقاق يدل عليه لأنها من الشيء الراتب. الكتاب 3/196، والتعليقة عليه لأبي عليٍّ 3/11 12. وانظر: المسائل البصريات 2/794، وسر الصناعة 1/120، 158، 168، والصحاح (رتب) .
حيث هي من (مَصَرَ) . والمصير منها هو المِعَى، والجمع: أمصرةٌ ومُصران مثل: رغيف ورُغفان. انظر اللسان (مصر) .
قوله: ((وعلى هذا بأنه أصل)) ساقط من (ش) .
زيادة يقتضيها السياق.
والمسَلُ والمسيلُ بمعنى المكان الذي يسيل فيه ماء السيل، والجمع: أمسلة ومُسُل ومُسلان ومسايل. انظر اللسان (سيل، مسل) .
وهو قول سيبويه. انظر الكتاب 4/93، وسر الصناعة 1/154.
رجلٌ مأْلٌ: ضخمٌ كثير اللحم تارٌّ. اللسان (مأل) .
أي: يتبعه.
فعلى الأول (هو يثفوه) معناه: هو يَتْبعُهُ، ووزنه على هذا (أُفْعُولَة)، والثاني (تأثَّفنا بالمكان) قال أبو زيد في النوادر: 325: ((يقال: تأثَّفنا بالمكان تأثُّفاً إذا أَلِفُوهُ فلم يبرحوهُ)) ووزنه على هذا (فُعْلُوْيَة) . وانظر كلام الفارسي على ((أثفيَّة)) فيما يأتي من هذا الكتاب عند قول الشاعر:
وَصَالِيَاتٍ كَكَمَا يُؤَثْفَيْنْ
وراجع: المنصف 2/185، واللسان (ثفا) 14/114.
الأروى: جمع أُروية، وهي أنثى الوعول. وانظر المسائل البغداديات:127.
الأفْكل: رِعْدةٌ تعلو الإنسان. ولا فعلَ له. اللسان (فكل) .
الأرطى: شجرٌ ينبت بالرمل.
انظر اللسان (روى) 14/351.
انظر: المنتخب 1/85، والصحاح (ربا) والتاج (أرب، ربو) .
ما بين القوسين ساقطٌ من (ش) .
قوله: ((عين الفعل)) ساقط من (ش) .
الدَّخَلُ: العيبُ.
في (ش) : ((لكون الياء)) .
أي: الألف.
نسبة إلى ((زبينة)) اسم قبيلة. انظر الكتاب 3/335 336.
رجزٌ لرجل من حِمْيَر كما في النوادر: 347، وقد أنشده أبو علي في المسائل العسكريات: 114، وقبله:
يَا بْنَ الزُّبيرِ طَالَ مَا عَصَيْكَا
وَطَالَ مَا عَنَّيْتَنَا إِلَيْكَا
وانظر سر الصناعة 1/280، والخزانة 4/428، وشرح شواهد شرح الشافية:425.
في (ش) : ((قد اختلف فيه)) .
في الصحاح (هور) : ((هار الجرفُ يهور هوراً وهُؤوراً، فهو هائرٌ، ويقالُ: جرفٌ هارٍ، خفضوه في موضع الرفع وأرادوا هائرٌ، وهو مقلوبٌ من الثلاثي إلى الرباعي، كما قلبوا شائك السلاح إلى شاكي السلاح)) .
في (ش) : ((فيما ذكرنا)) .
فأصل الكلمة على هذا (أنْوُق) على (أفْعُل)، قدمت الواو على النون فصارت:(أونُق)، ثم قلبت الواو ياء فأصبحت (أيْنُق) على (أعْفُل) . انظر شرح التصريف للثمانيني: 324 325، وشرح الشافية 1/22.
وفي نسخة (ش) : ((ياء)) .
وهو الذي ذهب إليه المصنف في تعليقته على الكتاب 4/264، وهو قول سيبويه في الكتاب 4/285 حيث قال:((كما جعلوا ياء أينق وألف يمان عوضاً)) . وانظر شرح التصريف للثمانيني: 324 325، والنكت 2/1166.
النوادر: 392 دون نسبة، وهما في المخصص 14/118، 17/145، واللسان (زهق) . ويروى معهما بيتٌ ثالث هو:
وذاتِ أَلْيَاطٍ وَمُخٍّ زَاهِقِ
انظر هذا التساؤل والجواب عنه في إيضاح الشعر: 57.
في النسختين (فعل) .
في اللسان (فوق) : ((الفُوقُ من السَّهم: موضع الوتر، والجمع: فُقًا، مقلوبٌ)) وأنشد البيت.
من الهزج، وهو للفِنْدِ الزِّمَّاني (شهل بن شيبان) في شعره: 310، وينسب إلى امرئ القيس بن عابس، وهو في شعره: 377 (ضمن أشعار المراقسة) . وقد أنشده الفارسي في المسائل البصريات 2/920.
من الآية: 152 من سورة الأنعام، وسور أخرى. وانظر السبعة:272.
في (ش) : ((لاه)) .
((الأناس)) سقطت من (ش) .
سبق في صفحة: 47.
انظر صفحة: 43 وما بعدها.
الكتاب 3/498.
في (ش) : ((حذفوا اللامين من قولهم: لاه أبوك، حذفوا لام الإضافة واللام الأخرى)) .
انظر الكتاب 2/196، والمنصف 2/227.
في (ش) : ((علامة المنصوب)) .
انظر كلام أبي علي عن هذه المسألة في كتابه إيضاح الشعر: 50.
في (ش) : ((جاءني زيد قامَ، تريدُ: قد قام زيدٌ)) .
سورة البقرة: من الآية: 28. التقدير: ((وقد كنتم)) انظر معاني القرآن للفراء 1/24.
الخارجي، يمدح قوماً من الأزد نزل بهم متنكراً فأكرموه. والبيت من الطويل وهو في شعر الخوارج: 182، وراجع تخريحه هناك. وقد أنشده الفارسي في إيضاح الشعر: 68، 420، وانظر أمالي ابن الشجري 1/407.
كقول الكميت:
طَرِبْتُ وَمَا شَوْقاً إِلى الْبِيْضِ أَطْرَبُ وَلَا لَعِباً مِنِّي وَذُوْ الشَّيْبِ يَلْعَبُ
أراد: أوَ ذو الشيب يلعب. وكقول عمر بن أبي ربيعة:
ثُمَّ قَالُوا تُحِبُّهَا قُلْتُ بَهْراً عَدَدَ الْقَطْرِ وَالْحَصَى وَالتُّرَابِ
أراد: أتحبها، يدل عليه ما قبله. وانظر كلام ابن جني على ذلك في الخصائص 2/281.
من الوافر، وقد اختلف في نسبته، فنسب إلى أبي طالبٍ، وإلى حسَّان رضي الله عنه، ولم أقف عليه في شعرهما. وانظر: الكتاب 3/8، والمقتضب 2/130، وسر الصناعة 1/391، والإنصاف 2/530، وشرح المفصل 7/35، والمغني: 297، وشرح أبياته 4/335، والخزانة 9/11.
من الطويل، ولم أجده في النوادر اعتماداً على فهارسه، وقد أنشده أبو عليٍّ في المسائل البغداديات: 469 منسوباً إلى عمران بن حطان الخارجي، ولم أجده في شعره، ونقله عنه تلميذه ابن جني في سر الصناعة 1/390. وانظر: شرح المفصل 7/6، 9/24.
من البسيط، يخاطب الشَّاعر به ابنه لما سمع أنه يتمنى موته. انظر: معاني القرآن للفراء 1/159، ومجالس ثعلب 2/456، وسر الصناعة 1/390، والمغني: 297، وشرح أبياته 4/333.
من الوافر، وهو لدِثار بن شيبان النَّمَري، ونُسِبَ في الكتاب 3/45 إلى الأعشى، ونسبه القالي في أماليه 2/102 إلى الفرزدق، ولم أجده في ديوانيهما. قال الأعلم في تحصيل عين الذهب: 399: ويروى للحطيئة، وهو في ملحق ديوانه:338. وفي شرح المفصل 7/33 هو لربيعة بن جشم. وانظر: معاني الفراء 2/314، ومجالس ثعلب 2/456، ومختارات ابن الشجري: 415، والإنصاف 2/531، وضرائر الشعر: 150، والمغني: 519، وشرح أبياته 6/229، وشرح الشواهد للعيني 4/392. والنَّدى: بُعْدُ الصوت، والتقدير: لتدعي ولأدعُ على معنى الأمر.
سورة الجاثية: من الآية: 14.
قال الفراء في معاني القرآن 3/45: ((فهذا مجزوم بالتَّشبيه بالجزاء والشَّرط كأنه قولك: قم تصبْ خيراً)) . ومثل هذه الآية قوله تعالى: {وقل لعبادي يقولوا} [الإسراء: 53] . والجزم في (يغفروا) و (يقيموا) و (يقولوا) مختلف فيه على أقوال انظرها في التبيان 2/769، والدر المصون 4/269 (وهو أوفاها)، والمغني: 298، 840.
وانظر: الكتاب 3/98، ومعاني القرآن للفراء 2/425، والمقتضب 2/81 82، ومعاني القرآن وإعرابه 3/162، وإعراب القرآن للنحاس 4/143، ومشكل إعراب القرآن 1/405، والمحرر الوجيز 13/304، وأمالي ابن الشجري 2/477، وشرح الكافية 2/248، والبحر المحيط 5/426.
سورة إبراهيم: من الآية: 31. وقد نسب السمين الحلبي إلى أبي علي أنه يقول: ((إنه مضارع صرف عن الأمر إلى الخبر، ومعناه: أقيموا)) قال: ((وهذا مردود
…
)) . الدر المصون 4/270.
انظر الكتاب 3/498.
انظر الكتاب 1/25، 4/285، 483، وسر الصناعة 1/199، 202.
انظر الكتاب 1/262، والأصول 2/248، وإيضاح الشعر:63.
انظر الكتاب 4/482، والأصول 4/432.
انظر الكتاب 4/482، 484.
هِبت وخِفت على (فَعِلتُ)، وطُلْتُ على (فَعُلْتُ) لقولهم: طويل. انظر المنصف 1/238، 247.
في (ش) : ((ولم يسكن في ضربت، ولو كان المحذوف فقد دلَّك
…
)) .
قال سيبويه: ((ومثل هذا قول بعضهم: ((علْمَاءِ بنو فلان، فحذف اللام، يريد: على الماء بنو فلان. وهي عربية)) . الكتاب 4/485. وانظر الأصول 3/434.
قال سيبويه في الكتاب 4/484: ((ومن الشَّاذ قولُهُم في بني العنبر وبني الحارث: بَلْعَنْبَر وبَلْحَارث بحذف النون)) ، والأصل: بني الحارث، وبني العنبر، واللام والنون قريبتا المخارج. وانظر الأصول 3/433.
في (ش) : ((المكرر من الأول)) .
سورة محمد ش: من الآية: 18. وتخفيفُ الهمزة الأولى رواه سيبويه عن أبي عمرو. انظر الكتاب 3/549، والإقناع 1/380
سورة المزمل: من الآية: 20.
من (كأنِّي) حيث إن الأصل: كأنَّني، فحُذفت النون الوسطى.
عمل (إنْ) المخففة في الاسم الظاهر مسألة خلافية. انظر الإنصاف 1/195 208، والتبيين: 347 352.
أي: أجاز عمل (إنْ) المخففة في المضمَر. وليس سيبويه الذي زعم أنها قراءةٌ، بل نقل ذلك فقال في الكتاب 3/166:((وزعموا أنَّهَا في مصحف أُبيٍّ: {أَنْهُمْ لا يَقْدِرُونَ} )) . والضَّبطُ في الكتاب (أنَّهم) بتشديد النون، وهو خطأ.
من الطويل، وهو مجهول القائل، انظر: معاني القرآن للفراء 2/90، والمنصف 3/128، والأزهية: 62، والإنصاف 1/205، ورصف المباني: 196، والخزانة 5/426، وغيرها. قال ابن جني بعد الاستشهاد بالبيت:((خفَّفها وأعملها في المضمر، وهذا بعيدٌ؛ لأن الإضمار يَرُدُّ الأشياء إلى أصولها، وكان حكمُهُ إذا أعملها في المضمر أن يثقِّلَها، ولكنه حمل المضمر على المظهر، وهو شاذٌّ)) .
انظر الكتاب 3/505، والمسائل البغداديات: 162، وسر الصناعة 2/546.
في (ش) : ((بك لأفعلن)) .
قال سيبويه رحمه الله في الكتاب 3/163 164: ((لا تُخفِّفُها في الكلام أبداً وبعدها الأسماءُ إلَاّ وأنتَ تريدُ الثَّقيلةَ مضمراً فيها الاسم)) .
ما بين القوسين ساقط من (ص) .
أي:من ((لاه)) ، فالمحذوف على قول سيبويه لام الجر؛ لأن الأصل: لله، وراجع ما سبق في صفحة:61.
في (ش) : ((لا تكسر مع المظهر ولا تفتح)) . وانظر إيضاح الشعر: 56.
من بيت مهلهل بن ربيعة:
يا لَبَكْرٍ أَنشِرُوا لي كُليباً يَا لَبَكْرٍ أيْنَ أَيْنَ الفِرَارُ
وهو من المديد في ديوانه: 32، وانظر الكتاب 2/215، وشرح أبياته 1/466، واللَاّمات: 87، والخصائص 3/229 والخزانة 2/162
وهو مذهب أبي عمرٍو فيما حكاه عنه سيبويه. انظر الكتاب 3/549، والإقناع 1/380.
تخفيف الثانية قراءة ورش وقنبل. انظر الإقناع 1/378، 380، 381.
سورة هود: آية: 72.
من الوافر، ولم أقف على نسبته. وانظر: سر الصناعة 2/721، والخصائص 3/135، والمحتسب 1/181، 299، والممتع 2/611، وضرائر الشعر: 131، ورصف المباني: 341، والخزانة 10/355. وجه الاستشهاد أنه حذف الألف التي بعد اللام من لفظ الجلالة في الشَّطر الأوَّل.
الكتاب 4/132.
الذي في الكتاب 4/132: مادٌّ وجادٌّ.
انظر الكتاب 4/122، 132 بغير لفظه، وانظر التعليقة عليه لأبي عليٍّ 4/190.
في (ش) : ((متحركة)) .
الكتاب 4/122.
في الكتاب: ((وقالوا في الجرِّ
…
)) .
معاني القرآن وإعرابه 1/48 49.
جاء الحديث عن الآية (7) من سورة الفاتحة في المسألة [17] حيث جمعها الفارسيُّ مع الآية (71) من سورة البقرة كما هي عادته في جمع بعض الآيات مع غيرها لمناسبة بينها.
هذا رأي الخليل، وأغلب البصريين على أنه اسمٌ مضمرٌ والضمائر المتصلة به حروف لا موضع لها. وذهب الكوفيون إلى أن الضمائر المتصلة به هي الضمائر المنصوبة، وأن (إيا) عماد، وبعضهم ذهب إلى أنه بكماله هو الضمير. والمسألة خلافية انظرها في الإنصاف 2/695. وراجع: إعراب القرآن للنحاس 1/173، ومشكل إعراب القرآن 1/69 70.
في (ص) : إياك.
انظر الكتاب 1/279، والإنصاف 2/695. والشوابُّ: جمع شابَّة.
عبارة ((قال أبو علي رحمه الله) أو ((أيده الله)) تكررت كثيراً في نسخة دون أخرى، ولن أكرر الإشارة إليها.
انظر الحديث عن (إيا) مفصلاً في سر الصناعة 1/312، 2/655.
قوله: ((دون الموضعين الآخرين)) وضعت في (ش) بعد كلمة (النصب) السابقة.
ما بين القوسين ساقطٌ من (ش) .
ما بين القوسين ساقط من (ص) .
في هذه المسألة خلاف واسع بين العلماء انظر تفصيله في: سر صناعة الإعراب 1/312 318، 2/655، حيث نقل ابن جني عن أبي عليٍّ جلَّ كلامه هنا، والإنصاف 2/695، وراجع كتاب من آراء الزجاج النحوية ص: 37 46 ففيه بسطٌ للمسألة.
انظر العين 8/440 441. والمرجع السابق.
في (ش) : وحكى أبو العباس عن أبي الحسن
…
أي: غير مضاف.
في (ش) : الإضافات.
الكتاب 1/279.
الموضع السابق.
في النسختين: ((التاء)) ، ولعل ما أثبت الصواب.
البصريون يرون أن (كِلا) ومثله (كلتا) اسمٌ مفرَدٌ لفظاً مثنى معنى، أما الكوفيون فيرون أنها مثنى لفظاً ومعنى. انظر تفصيل ذلك في شرح أبيات الإيضاح للقيسي 1/404408، والإنصاف 2/439، وقد استوفى الفارسي رحمه الله الحديث عن (كلا) وما تضاف إليه في ((المسائل الشيرازيات)) : 108 125 (مخطوط) .
العبارة من قوله قبل الشاهد: ((نحو قوله)) إلى هنا من نسخة (ش)، وفي ص: جاءت العبارة هكذا: ((نحو قوله:
وَكِلَاهُمَا في كَفِّه يَزَنِيَّةٌ كِلَا الفرِيقَين اشتَهَرْ
والسُّرَيْحِيَّاتُ يَخْطَفْنَ الْقَصَرْ
وقال الشماخ:
…
)) . ويظهر أن فيه خلطاً وتحريفاً.
وقوله: ((والسُّرَيْحِيَّاتُ يَخْطَفْنَ الْقَصَرْ)) بيتٌ للعجاج في ديوانه: 42، وصحة روايته:
((وبالسريحيات يخطفن القصر))
والسُّريحياتُ: ضربٌ من السُّيوف منسوبةٌ إلى شيء. ورواها ابن سيده: ((السريجيات)) بالجيم المعجمة، قال:((والسُّريجيات (بالجيم) منسوبةٌ إلى قينٍ يقالُ له: سُرَيجٌ، قال العجاج:
والسُّريجيَّات يخطفنَ القَصَر))
والقَصَرُ: أصولُ الأعناق، الواحد: قَصَرَة. انظر جمهرة اللغة 3/1281، والمخصص 6/25. ويَزنيَّةٌ: رماحٌ منسوبةٌ إلى ذي يزن (أحد ملوك حمير)، تنسب إليه لأنه أول من عملت له. اللسان (يزن) . والهندوانيَّات: السُّيُوفُ المنسوبة إلى حديدِ بلاد الهند.
وقد أنشد الفارسي الشطر الأول من الشاهد في مسائله الشيرازيات: 110 (مخطوط) ، والشطر الثاني في اللسان (خطف) .
من الوافر، وهو للشَّمَّاخ بن ضرار الغطفاني في ديوانه: 319، وهو مطلع قصيدة له في مدح عَرَابةَ بنِ أوسٍ رضي الله عنه (من بني مالك بن الأوس، صحابي جوادٌ، من سادات المدينة المشهورين، أدرك حياة النبي e وأسلم صغيراً، وفد الشام في أيام معاوية رضي الله عنه، وله معه أخبارٌ، توفي بالمدينة نحو سنة (60 هـ) ، اتصل به الشماخ ومدحه، وهو الذي يقول الشماخ فيه:
إِذَا مَا رَايَةٌ رُفِعَتْ لِمَجْدٍ تَلَقَّاهَا عَرَابَةُ باليَمِيْنِ
فأجزل عَرَابةُ عطاءه. انظر الإصابة ترجمة: 5500، والخزانة 4/349، 353) .
والبيت في: المحتسب 1/321، والإنصاف 1/67، وشرح المفصل 3/101. وطُوالةَ: موضعٌ ببرقان فيه بئرٌ
…
وقال نصر: طُوالةَ: بئرٌ في ديار بني فزارة لبني مرة وغطفان قال الشماخ
…
)) وأنشد البيت. انظر معجم البلدان 4/45. وأروى: اسم محبوبته.
معاني القرآن وإعرابه 1/49.
وهو قول الكوفيين. انظر مشكل إعراب القرآن 1/70، والإنصاف 2/695.
انظر ما سبق في صفحة: 76.
ما بين القوسين ساقط من (ش) .
انظر الكتاب 2/410 411، والذي في الكتاب:((وزعم يونس أنه سمع أعرابياً يقول: ضَرَبَ مَنٌ مَنًا)) .
معاني القرآن وإعرابه 1/65 66. وفي (ش) جاء في البداية قوله: ((ومن السورة التي يذكر فيها البقرة قال في قوله عز وجل) .
انظر معاني القرآن للفراء 1/9، ومعاني القرآن للأخفش 1/19، ومعاني القرآن وإعرابه للزجاج 1/59.
سورة آل عمران: 1 2.
وهو قول سيبويه كما سيمر بعد قليل، وانظر الكتاب 4/153.
محمد بن الحسن بن أبي سارة الكوفي، أستاذ الكسائي والفراء، كان رجلاً صالحاً، وهو أول من وضع كتاباً في النحو من الكوفيين. انظر أخباره في: طبقات اللغويين والنحويين: 125، ونزهة الألبا: 54، وبغية الوعاة 1/82. ولم أقف على هذه القراءة فيما اطلعت.
في (ش) : ((وقع الفعل)) .
ما بين القوسين ساقط من (ش) .
في (ش) : ((إدخال)) .
الكتاب 4/153.
أجازه الأخفش مع إجازته قولَ سيبويه أيضاً، قال في معاني القرآن 1/22 23:((فالميم مفتوحةٌ لأنها لَقِيَهَا حرفٌ ساكنٌ، فلم يكن من حركتها بدٌّ. فإن قيل: فهلَاّ حُرِّكت بالجرِّ؟ فإن هذا لا يلزم فيها؛ إنما أرادوا الحركة، فإذا حرَّكوها بأيِّ حركةٍ كانت فقد وصلوا إلى الكلام بها، ولو كانت كُسِرت لجاز، ولا أعلمها إلَاّ لغة)) . وانظر ما يأتي في صفحة: 91 وما بعدها.
في (ش) : تخفيف.
في (ص) : يختلف.
سورة ص: الآيتان: 41 42.
سورة الجن: آية: 16.
في (ص) : ملغاة.
في (ش) : وإذا أمكن.
ساقطٌ من (ش) .
ساقط من (ش) .
انظر الكتاب 3/545، ومعاني القرآن للأخفش 1/23.
في (ش) : ((قبلها)) .
انظر الكتاب 3/545.
في (ش) : سدورة. وانظر المسائل المشكلة (البغداديات) : 190.
سورة التوبة: آية: 42.
يقال: ((لَقَضْوَ الرَّجُلُ)) إذا بالغتَ في الخبر عنه بجودة القضاء. قُلبت الياء واواً لانضمام ما قبلها، حيثُ إن الأصل (لقَضُوَ الرجل) بضم الضاد، ثم أسكنت ونويت الضمة فيها.
من ((لقَضْوَ)) فيقال: لَقَضُوَ.
مخفف ((نؤي)) حيث أقروا الواو وإن كانت ساكنة قبل ياء، وإنما هو لما فيها من نية الهمزة. انظر المنصف 2/125، وسر الصناعة 2/486. والنُّؤي: الحفير جول الخيمة يمنع عنها ماء المطر. انظر اللسان (نأى) .
انظر التكملة: 214، والمسائل البغداديات: 189، وسر الصناعة 2/485.
الأصل: ((رُوْيا)) تخفيف ((رؤيا)) ، إلا أنهم أجروا الواو في ((روْيا)) وإن كانت بدلاً من الهمزة مجرى الواو اللازمة، فأبدلوها ياءً وأدغموها في الياء بعدها فقالوا: رُيَّا،كما قالوا: طويتُ طَيَّا،
…
وشويتُ شيَّا، وأصلها: طوْياً وشوْياً، ثم أبدلوا الواو ياءً، وأدغموها في الياء فصارت طيّاً وشيّاً، فعلى هذا قالوا: رُيّا. انظر سر الصناعة 2/486.
سورة النجم: آية: 50، وانظر السبعة: 615، والحجة لأبي علي 6/237، والمسائل البغداديات: 191 192.
بسطه في المسائل البغداديات: 190 194، والحجة 6/237 240.
انظر التكملة: 215، والمسائل البغداديات: 191، والحجة 6/237.
انظر الكتاب 4/445، والمسائل البغداديات: 189، والنكت 2/1253.
في (ص) : القليل إلى الكثير.
ساقط من (ش) .
أي: في الفاتحة.
أي: همزة الوصل من (أل) التعريف.
في (ش) : لثبتت موصولة.
جاءت هذه العبارة في (ش) بعد البيت مع زيادة غير واضحة كما سيأتي.
انظر ماسبق في صفحة: 46 47.
سبق ذكره في صفحة: 47.
جاء النص في نسخة (ش) : ((وهذا حكاه أبو بكرٍ عن أبي العبَّاس عن أبي عثمانَ، وحكى حكايةً عن زيادٍ فيها والالا فيه)) .
قال في الكتاب 3/265: ((فإن قلتَ: ما بالي أقول: واحدُ اثنان فأُشِمُّ الواحد، ولا يكون ذلك في هذه الحروف؟ فلأن الواحد اسم متمكنٌ، وليس كالصوت)) .
انظر معاني القرآن للأخفش 1/19.
ساقط من (ص) .
الكتاب 4/153.
انظر بداية كلام أبي علي.
سورة الشورى: الآيتان: 1 2.
ساقط من (ص) .
معاني القرآن 1/22 قال الأخفش: ((ولو كانت كُسِرت لجاز، ولا أعلمها إلا لغة)) .
في (ش) : ولم يحك عن سيبويه.
الكتاب 3/258، وهي قراءة عيسى بن عمر. انظر: معاني القرآن للأخفش 1/20، وإعراب القرآن للنحاس 3/449، ومختصر الشواذ: 144، والمحتسب 2/281.
انظر إعراب القراءات الشواذ 2/388، 505.
قال في الكتاب 3/258: ((ويجوزُ أيضاً أن يكون (ياسينُ) و (صادُ) اسمين غير متمكنين، فيُلزَمان الفتحَ، كما ألزمْتَ الأسماءَ غير المتمكنة الحركاتِ نحو: كيفَ، وأينَ، وحيثُ، وأمسِ)) .
يقصد كسر الميم من {الم الله} .
معاني القرآن 1/22.
معاني القرآن وإعرابه 1/66.
في (ش) : جاز.
يقال: أغيلت المرأة ولدها: سقته الغَيل وهو لبن المأتية أو لبن الحبلى، وأغيَلَت الغنم إذا نُتجت في السنة مرتين. اللسان (غيل)
معاني القرآن وإعرابه 1/63 65. من باب فواتح السور، وهذه المسألة متقدمة على سابقتها عند الزجاج في المعاني، حيث إنه قدم قبل البدء بسورة البقرة بباب عن حروف التهجي ذكر فيه (ص) وغيره من الحروف التي افتتحت بها بعض السور.
الحسن بن يسار البصري، إمام أهل زمانه علماً وعملاً، توفي سنة 110 هـ. غاية النهاية 1/235. وانظر القراءة في: معاني القرآن للأخفش 1/20، ومختصر الشواذ: 139، والمحتسب 2/230، وإعراب القراءات الشواذ 2/386، والبحر المحيط 7/383.
عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي مولاهم، المقرئ النحوي البصري. توفي سنة 117 هـ. أخبار النحويين البصريين: 42، ومراتب النحويين: 31، وإنباه الرواة 2/104.
عيسى بن عمر الثقفي، المقرئ النحوي البصري، أخذ عن ابن أبي إسحاق، وعنه أخذ الخليل ابن أحمد. من تصانيفه الإكمال والجامع في النحو، وهما مفقودان. توفي سنة 149 هـ. أخبار النحويين البصريين: 49، وإنباه الرواة 2/104، ومعجم الأدباء 16/146.
معاني القرآن 1/20.
أي: الزجاج.
أي: الأخفش. انظر معاني القرآن 1/20.
في (ش) : (فآ أقول) وهو رمز للفارسي نفسه كما ورد في مصنفاته الأخرى كالبصريات كثيراً.
انظر المحتسب 2/230. وفي معاني القرآن للأخفش 1/20: ((كأنه قال: صاد الحقَّ بعملك أي: تعمَّدْه)) .
انظر معاني الحروف المنسوب إلى الرماني: 61، وجواهر الأدب: 198، والجنى الداني:154.
نقله عنه ابن جني في المحتسب 2/230.
وردت هذه العبارة في (ش) عقب البيت مباشرة.
من السريع لامرئ القيس في ديوانه: 119، وانظر الخصائص 3/76. وهو ثاني أبيات قصيدته التي مطلعها:
يَا دَارَ مَاوِيَّةَ بِالحَائِلِ فَالسَّهْبِ فَالخَبْتَينِ مِنْ عَاقِلِ
سورة القيامة: آية: 18.
أي: قراءة الحسن البصري ((صادِ)) بالكسر.
في (ش) : القراءة.
في (ش) : وجه.
سورة الأحزاب: آية: 2.
معاني القرآن 2/396.
سورة يوسف: آية: 35.
وهذا قول أبي العبَّاس المبرد حيث اعترض على سيبويه، وخطَّأَ تفسيره، وأبدى رأيه قائلاً:
((كأنه والله أعلم: ثم بدا لهم بَدْوٌ، قالوا: ليسجننه، ولم يذكر (قالوا) لدلالة الكلام عليه)) . انظر: الانتصار: 187.
وهناك قولان آخران: أولهما: لسيبويه وهو أنَّ الفاعل (ليسجننه) .
وثانيهما: أن معنى بدا له في اللغة؛ أي: ظهر له ما لم يكن يعرفه، فالمعنى: ثم بدا لهم أي: لم يكونوا يعرفونه، وحذف هذا لأن في الكلام عليه دليلاً
…
انظر الكتاب 3/110، وإعراب القرآن للنحاس 2/329.
أي الفراء. انظر معاني القرآن 2/397.
سورة الشمس: آية: 9.
في (ش) : ((ذكرناه)) .
في (ش) : ((في النية)) .
سورة آل عمران: آية: 158.
سورة الشعراء: آية: 49. وفي (ش) : ((ولسوف)) .
سورة الحج: آية: 13. وانظر المسألة [89] .
أي: في جواب القسم. انظر معاني القرآن 2/397.
سورة ص: آية: 64. وقد أقحم في نسخة (ش) بعد الآية كلمة (فالجواب) .
عبارته في معاني القرآن 2/397: ((فلا نجد ذلك مستقيماً في العربية والله أعلم)) .
سورة المؤمنون: آية: 34.
سورة الفرقان: آية: 7.
سورة الإسراء آية: 47، وسورة الفرقان: آية: 8.
سورة يوسف: آية: 109، والنحل: آية: 43. وفي (ش) : {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَاّ رِجَالاً} وهي في الأنبياء: 7.
سورة الأنبياء: آية: 8.
معاني القرآن وإعرابه 1/64.
معاني القرآن 1/20، وانظر: ما ينصرف وما لا ينصرف: 84، وإعراب القرآن للنحاس 3/450. وراجع ما سبق من حديث عن ((صاد)) وقول أبي الحسن فيها في المسألة السابقة.
الكتاب 3/258. قال سيبويه: ((وقد قرأ بعضهم: {ياسينَ والقرآنِ} ، و {قافَ والقرآنِ} ، فمَن قال هذا فكأنه جعله اسماً أعجمياً، ثم قال: اذكُر ياسينَ. وأما صادُ فلا تحتاج إلى أن تجعله اسماً أعجمياً، لأن هذا البناء والوزن من كلامهم، ولكنه يجوز أن يكون اسماً للسورة فلا تصرفه)) .
ساقطٌ من (ش) .
صدرُ بيتٍ لذي الرمة في ملحق ديوانه 3/1861، وهو بتمامه:
أَلَا رُبَّ مَنْ قَلْبِي لَهُ اللهَ نَاصِحُ ومَن قلبُهُ لي في الظِّبَاءِ السَّوَانِحِ
وانظر: الكتاب 2/109، 3/498، وتحصيل عين الذهب: 513، والمخصص 13/111، وشرح المفصل 9/103. والشاهد فيه: نصب المقسَم به وهو لفظ الجلالة لما حذف حرف الجر، وأوصل إليه الفعلَ المقدرَ، والتقدير: أحلف بالله، ثم حذف الجارَّ، فعملَ الفعلُ فنصَبَ. والسانحُ من الظباء: ما أخَذَ عن ميامن الرامي فلم يمكنه رميُهُ حتى يتحرَّفَ له فيتشاءمَ به.
سورة ص: آية: 2.
سورة ق: آية: 2.
سورة الليل: الآيات: 1 3.
انظر الكتاب 3/501.
سورة القلم: آية: 2.
معاني القرآن وإعرابه 1/72 73.
ساقط من (ش) .
في (ش) : أقيم.
عبارة: ((قال أبو علي أيده الله)) ساقطة من (ش) .
الكتاب 4/54، قال سيبويه رحمه الله :((وزعموا أنَّ بعضَ العرب يقولُ: يَئِسَ يَئِسُ فاعلم، فحذفوا الياءَ مِن (يفعِلُ) لاستثقال الياءات ههنا مع الكسَرَات، فحذف كما حذف الواو، فهذه في القلَّة مثلُ: يَجُدُ)) .
الكتاب 4/54 55، قال سيبويه رحمه الله :((وإنمَّا قلَّ مثلُ (يَجُدُ) لأنهم كرهوا الضَّمَّةَ بعد الياء،كما كرهوا الواوَ بعد الياء فيما ذَكَرْتُ لكَ، فكذلك ما هو منها، فكانت الكسرةُ مع الياء أخفَّ عليهم، كما أنَّ الياءَ مع الياء أخفُّ عليهم
…
)) .
الكتاب 4/279، وانظر: التعليقة عليه 4/260 261، والنكت 2/1165.
ساقطٌ من (ص) .
الكتاب 4/280، وهو عجز بيت من الطويل لليلى الأخْيَلِيَّة في ديوانها: 56، وفيه (مرنب) بدل (مؤرنب) . وصدره:
تَدَلَّتْ عَلَى حُصِّ الرؤُوْسِ كَأَنَّهَا
تصفُ قَطاةً تدلَّت على فراخها وهي حُصُّ الرُّؤوس لا ريش لها، والحُصُّ: جمع أحص وحصاء من حصَّ شعره إذا انجرد وتناثر. وكُرات: جمع كُرة.
وانظر الشاهد في: المقتضب 2/38، والمنصف 1/192.
من السريع، وهو لخُطام المجاشعي، انظر: الكتاب 1/32، 408، 4/280، والمنصف 1/192، وشرح شواهد شرح الشافية:59. والبيت أنشده المصنف في المسائل البغداديات: 398، والمسائل البصريات 1/538، وراجع الخزانة 2/313 وأماكن أخرى منه.
انظر المنصف 1/193، وسر الصناعة 1/173، وشرح شواهد شرح الشافية: 59 60.
ثعلب المتوفى سنة 291 هـ. ولم أقف على نقله هذا فيما اطلعت عليه من كتبه.
هو محمد بن زياد الأعرابي، نحويٌّ عالم باللغة والشعر، راويةٌ كثيرُ الحفظ. سمع الأعرابَ واستكثر منهم. قرأ على المفضل، وجالس الكسائيَّ. من أشهر تصانيفه (النوادر) . توفي سنة
231 هـ. انظر أخباره في: طبقات النحويين: 195، وإنباه الرواة 3/128، ومعجم الأدباء 18/189، ووفيات الأعيان 4/306.
المنصف 1/193.
النوادر: 325. وكلمة ((يقال)) ساقطة من النسختين، والتوجيه من النوادر.
في (ص) : الواو.
في (ص) : الياء.
أدْحِيُّ النعام: هو موضعها الذي تفرخ فيه. وهو (أُفعولٌ) على هذا، انظر الصحاح (دحا) . قال ابن سيده في المحكم:((يكون من الياء والواو)) المحكم 3/329.
وهي المسائل المعروفة ب (البغداديات) : 127 130.
تكملة يستقيم بها السياق، وانظر اللسان (ربا) .
انظر اللسان (أرب) ، والتاج (أرب) 1/301.
انظر غريب الحديث لابن الجوزي 1/18، والنهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير 1/36. وتكملته:((أنَّهُ أُتِيَ بِكَتِفٍ مُؤَرَّبَةٍ فأكلها وصلَّى ولم يتوضَّأ)) . ومؤَرَّبة: أي متوفِّرة لم ينقص منها شيءٌ.
انظر الصحاح واللسان (أرب) .
المتوفى سنة 321 هـ، ولم أقف على قوله هذا في الجمهرة، وانظر اللسان (ربا) 14/307.
انظر اللسان (ثبا) .
أي باب ((أُربيَّة)) و ((أثفيَّة)) و ((وأُرويَّة)) التي سبق الحديث عنها آنفاً.
لم أقف عليه.
أبو علي محمد بن المستنير النحوي المعروف ب (قطرب) ، لازم سيبويه وكان يدلج إليه، فإذا خرج رآه على بابه فقال له: ما أنت إلا قطرب ليلٍ، فلقب به. توفي سنة 206 هـ. انظر معجم الأدباء 19/53، وبغية الوعاة 1/252.
من المتقارب، في ديوانه: 103، يمدح قيس بن معديكرب. وقد أنشده أبو علي في المسائل البصريات 1/267، والمسائل الحلبيات: 368، 374. وانظر: شرح ما يقع فيه التصحيف والتحريف: 293، والخصائص 3/194، والمحتسب 1/63، والمنصف 1/163، والمخصص 13/101، والخزانة 7/218 (عرضاً) .
وأَيْبُليٌّ (ويقال: أبيلي) : صاحب أيبل وهي العصا التي يُدَقُّ بها الناقوس، وفيها لغاتٌ انظرها في الخزانة نقلاً عن صاحب القاموس. والهيكل: موضعٌ في صدر الكنيسة يقرب فيه القربان. وصُلَّب: صُوِّرَ فيه الصليب. (الديوان)، وانظر المعرب:31.
انظر المسائل البصريات 1/267، والمعرب:31.
قال أبو علي في المسائل البصريات 1/267: ((وإن كان على (أَفْعُليٍّ) فهو خارجٌ عن أمثلتهم
…
ولو قيل: هو (أفْعُليٌّ) ولكنه جاز لأن فيه ياءي النسب، وهما يشبهان هاء التأنيث بدلالة: زنجيٍّ وزنجٍ، وروميٍّ ورومٍ، وقد جاء في هاء التأنيث (مفْعُلَة) ، وليس في الأصول (مفْعُل)، فكذلك يجوز: أفْعُليٌّ وإن لم يكن في الأصول (أفْعُلٌ) لكان وجهاً)) .
من الطويل، وهو جزء من صدر بيت لأبي ذؤيب الهذلي في شرح ديوان الهذليين 1/72 وفيه:
((بها أبلَتْ
…
)) ، والضمير راجع إلى الظبية المتقدم ذكرها. وتكملة البيت:
فَقَدْ أَبَلَتْ شَهْرَيْ رَبِيْعٍ كليهِمَا فَقَدْ مَارَ فيها نَسْؤُهَا واقتِرَارُهَا
مارَ: ماج وذهب وجاء. ونسؤها: بدء سمنها. واقترارها: يقال: تقرَّرت الإبل إذا أكلت اليبيس والحِبَّة فعقدت عليها الشحمَ، فخثرت أبوالها فيتجسَّدُ على أفخاذها. (شرح الديوان) .
انظر جمهرة اللغة 2/1027.
الكتاب 4/266، قال رحمه الله:((ولا نعلمُ في الكلام فَيْعُل ولا فَيْعِل في الاسم والصفة)) .
رجلٌ إنقَحْل وامرأةٌ إنقحْلَةٌ: مخلَقَان من الكبر والهرم، أنشد الأصمعي في كتاب الإبل: 163 (ضمن الكنز اللغوي) :
لَمَّا رأتْني خَلَقاً إنقَحْلَا
قال ابن جني: ينبغي أن تكون الهمزة في (إنقحل) للإلحاق بما اقترن بها من النون في باب (جِرْدَحْل) . انظر الخصائص 1/229، وشرح التصريف للثماميني:263.
وجاء رسم العبارة في نسخة (ش) : ((وذلك في حروف حري واسمل)) .
ياء النسب عديلة هاء التأنيث في السقوط، فتثبت في المفرد، وتسقط في الجمع. انظر المحكم 7/213، والمخصص 16/101.
من قوله: ((أنشدنا)) في أول المسألة، إلى هنا نقله ابن سيده في المخصص 13/101.
معاني القرآن وإعرابه: 1/73.
في (ص) : آزر.
في (ش) : بالاعتلال.
هي كثيرة في القرآن، وانظر: السبعة: 133، والإقناع 1/408.
قال ابن سيده في المحكم 7/341: ((الجؤنة: سُلَيلة مستديرة مغشَّاة أَدَماً يُجعل فيها الطيب والثياب، والجمع: جُؤَن، وكان الفارسيُّ يختار جونة بغير همز، ويقول: هو من الجَوْن الذي هو أسود؛ لأن الجونة موضعُ الطيب، والغالب على لون الطيب السواد)) ، وانظر الصحاح (جون) .
كلمة ((كان)) ساقطة من (ص) .
سورة الأعرف: آية: 77، وسورة هود: آية: 62. قال سيبويه رحمه الله في كتابه 4/338: ((وزعموا أن أبا عمرٍو قرأ: {يَا صَالِحُيْتِنَا} جعل الهمزةَ ياءً، ثم لم يقلبها واواً،
ولم يقولوا هذا في الحرف الذي ليس منفصلاً. وهذه لغةٌ ضعيفةٌ؛ لأنَّ قياسَ هذا أن تقولَ: يا
غلامُوجَلْ)) .
تحدث الفارسي عن تخفيف الهمز في المسألة [107] فلتنظر.
ما بين القوسين لم يرد في (ش) .