المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌نصيحة عامة لرؤساء الدول الإسلامية وعامة المسلمين - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة - ابن باز - جـ ٢

[ابن باز]

فهرس الكتاب

- ‌حقيقة التوحيد والشرك

- ‌أنواع التوحيد الذي بعث الله به الرسل عليهم الصلاة والسلام

- ‌توحيد المرسلين وما يضاده من الكفر والشرك

- ‌تعليق علىالعقيدة الطحاوية

- ‌معنى المعية والقيام

- ‌بيان مذهب أهل السنة في الاستواء

- ‌تعقيب وتوضيح على مقالةالدكتور محيي الدين الصافيبعنوان(من أجل أن نكون أقوى أمة)

- ‌إجابة عن سؤال حول علو الله تعالى

- ‌حكم الاستغاثة بغير الله سبحانه

- ‌تنبيه على مسألة الحلف بغير الله

- ‌تحريم الحلف بغير الله

- ‌حكم إتيان الكهان ونحوهم وسؤالهم وتصديقهم

- ‌التعلق بالنجوم والأبراج والطالع

- ‌وجوب التوبة إلى الله والضراعة إليه عند نزول المصائب

- ‌حرمة القرآن الكريم

- ‌اعتقاد فاسد في آيات تجلب الخير وتمنع الضرر

- ‌نصيحة عامة

- ‌نصيحة موجهة إلى كافة المسلمين

- ‌نصح وإرشاد

- ‌نصيحة عامة لرؤساء الدول الإسلامية وعامة المسلمين

- ‌كلمة بمناسبة انعقاد مؤتمر القمة الإسلامي

- ‌لا أخوة بين المسلمين والكافرين ولا دين حق غير دين الإسلام

- ‌وجوب عداوة اليهود والمشركين وغيرهم من الكفار

- ‌التضامن الإسلامي

- ‌التعريف بالإسلام ومحاسنه

- ‌الشريعة الإسلامية ومحاسنها وضرورة البشر إليها

- ‌التمسك بالإسلام حقاهوسبب النصر والنجاة في الآخرة

- ‌في ظل الشريعة يتحقق الأمن والحياة للمسلمين

- ‌الإسلام هو الدين الحق وما سواه من الأديان باطل

- ‌التقوى سبب كل خير

- ‌العلم بأحكام الله من أهم الواجبات

- ‌العلم وأخلاق أهله

- ‌على طريق العلم

- ‌نصيحه لطلبة العلم

- ‌حكم من درس القوانين الوضعية أو تولى تدريسها

- ‌كلمة في المؤتمر الأول للدعوة والدعاة

- ‌الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى

- ‌الدعوة إلى الله وأثرها في المجتمع

- ‌ما هكذا الدعوة إلى إصلاح الأوضاع يا حمد

- ‌ما هكذا الدعوة إلى الله يا صالح

- ‌الحركات الإسلامية ودور الشباب فيها

- ‌الأقليات الإسلامية ظروفها وآمالها

- ‌الرد على مزاعم هيئة الإذاعة البريطانية(تكذيب خبر)

- ‌إجابة عن سؤال حول مكانة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلمه بالغيب

- ‌إجابة عن أسئلة متفرقة حول كتابة التعاويز بالآيات وأمور أخرى تتعلق بالرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌مشروعية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بصفة كاملة

- ‌كلمة تحذيرية حول إنكار رشاد خليفة للسنة المطهرة

- ‌تنبيه هامحول الغلو في الرسول صلى الله عليه وسلم والمسجدين الشريفين

- ‌تنبيه هامعلى قصيدة بعنوان (الزيارة)

- ‌نداء من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورةللمسلمين كافة

- ‌فضل الجهاد والمجاهدين

- ‌المقصود من الجهاد:

- ‌وجوب الإعداد للأعداء:

- ‌فضل الرباط والحراسة في سبيل الله

- ‌لقاء مجلة تكبير الباكستانيةمع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

الفصل: ‌نصيحة عامة لرؤساء الدول الإسلامية وعامة المسلمين

‌نصيحة عامة لرؤساء الدول الإسلامية وعامة المسلمين

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

نصيحة عامة لرؤساء الدول الإسلامية وعامة المسلمين

فقد اقتضت حكمة الله سبحانه وتعالى أن يبتلي عباده بالخير والشر والصحة والمرض والفقر والغنى والقوة والضعف، لينظر كيف يعملون، وهل يكونون مطيعين له في حال الرخاء والشدة، قائمين بحقوقه سبحانه في كل الأوقات والأحوال، قال تعالى:{وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} (1) وقال سبحانه وتعالى: {الم} (2){أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} (3){وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} (4)

إذا علم هذا فإن الله سبحانه يختبر العباد ويمتحن شكرهم وصبرهم لينالوا الجزاء منه كل منهم على حسب حاله وما صدر منه، فالواجب على المسلم إذا أنعم الله عليه بنعمة المال أن يتذكر أخاه الفقير فيواسيه من ماله، ويعينه على تحمل أعباء الحياة، ويؤدي حق الله الواجب في المال وأن يتذكر دائما قوله سبحانه وتعالى:{وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} (5) وإذا كان المسلم معافى

(1) سورة الأنبياء الآية 35

(2)

سورة العنكبوت الآية 1

(3)

سورة العنكبوت الآية 2

(4)

سورة العنكبوت الآية 3

(5)

سورة القصص الآية 77

ص: 161

في بدنه قويا في جسمه، فينبغي له أن يتذكر إخوانه وجيرانه المرضى والضعفاء العاجزين فيعينهم على قضاء حوائجهم ويبذل ما يستطيع لتخفيف وطأة المرض عليهم.

ومثل ذلك إذا كان قويا في علمه فعليه أن ينفع عباد الله المسلمين الذين حرموا نعمة العلم فيرشدهم إلى ما ينفعهم في أمور دينهم ودنياهم، ويعلمهم ما أوجب الله عليهم، كما أن على المسلم الفقير أو المريض العاجز أن يصبر على ما أصابه، ويرجو الفضل من عند الله سبحانه، ويجتهد في فعل الأسباب المباحة التي يكشف الله بها ما أصابه، وليتذكر الجميع قول الرب سبحانه:{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} (1) وما يقال بالنسبة للأفراد يقال بالنسبة للأمم المسلمة إذ يجب على الأمة القوية في مالها أو رجالها أو سلاحها أو علومها أن تمد الأمة المستضعفة، وأن تعينها على الحفاظ على نفسها ودينها وتمنع عنها الذئاب من حولها المتسلطة عليها، - وأن تؤتيها من مال الله الذي آتاها فهذا هو مقتضى الأخوة الإسلامية التي عقدها الرب سبحانه بين المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، إذ يقول جل شأنه:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (2) فيا أيها الزعماء والقادة ويا أيها المسلمون في كل مكان: أدعوكم إلى تطبيق مقتضى الآية الكريمة والعمل على إقامة الأخوة الحقيقية بين كل المسلمين على اختلاف أجناسهم وألوانهم وألسنتهم، وأن يكون المسلمون يدا على من سواهم، واعلموا وفقكم الله أن وسائل الابتلاء في هذا العصر أكثر

(1) سورة إبراهيم الآية 7

(2)

سورة الحجرات الآية 10

ص: 162

منها في العصور الخالية، ذلك أن الله سبحانه أفاض أنواعا من النعم على طوائف من المسلمين، وابتلى طوائف أخرى بالفقر والجهل وتسلط الأعداء من اليهود والنصارى والشيوعيين وغيرهم، وابتلى الناس بمخترعات جديدة وآلات حديثة يسرت اطلاع بعضهم على أحوال بعض، واتصالهم فيما بينهم، وجعلتهم أعظم مسئولية وأكثر قدرة على النصر ومد يد العون إذا هم أرادوا ذلك، فالمسلمون اليوم يسمعون أو يرون ما يحل بإخوانهم في الفلبين وأفغانستان وإريتيريا والحبشة وفلسطين وبلدان أخرى كثيرة، بل إن هناك أقليات مسلمة في دول شيوعية كافرة والمسلمون قد فرطوا في حقها ولم يقوموا بما يجب من نصرتها وتأييدها وإعانتها، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول:«مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر (1) » ويقول صلى الله عليه وسلم: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه (2) » وقال صلى الله عليه وسلم: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة (3) » ، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام:«من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه (4) » ، وهذه الأحاديث الصحيحة المستفيضة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضح ما يجب أن يكون عليه المسلمون من التعاون والشعور بحاجة بعضهم إلى بعض.

ولقد قرر العلماء رحمهم الله أنه

(1) صحيح البخاري الأدب (6011) ، صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2586) ، مسند أحمد بن حنبل (4/270) .

(2)

صحيح البخاري المظالم والغصب (2446) ، صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2585) ، سنن الترمذي البر والصلة (1928) ، سنن النسائي الزكاة (2560) .

(3)

صحيح البخاري المظالم والغصب (2442) ، صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2580) ، سنن الترمذي الحدود (1426) ، سنن أبو داود الأدب (4893) ، مسند أحمد بن حنبل (2/91) .

(4)

صحيح البخاري المظالم والغصب (2442) ، صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2580) ، سنن الترمذي الحدود (1426) ، سنن أبو داود الأدب (4893) ، مسند أحمد بن حنبل (2/91) .

ص: 163

لو أصيبت امراة مسلمة في المغرب بضيم لوجب على أهل المشرق من المسلمين نصرتها، فكيف والقتل والتشريد والظلم والعدوان والاعتقالات بغير حق، كل ذلك يقع بالمئات الكثيرة من المسلمين فلا يتحرك لهم إخوانهم ولا ينصرونهم إلا ما شاء الله من ذلك فالواجب على الدول الإسلامية والأفراد من ذوي الغنى والثروة أن ينظروا نظرة عطف ورحمة إلى إخوانهم المستضعفين، ويعينوهم بواسطة سفراء الدول الإسلامية الموثوق بهم أو بواسطة الوفود التي يجب أن ترسل بين حين وآخر باسم الدول الإسلامية لتفقد أحوال المسلمين في تلك الدول الإسلامية أو الأقليات المسلمة في الدول الأخرى، وإذا كانت الأمم النصرانية واليهودية والشيوعية وغيرها من الأمم الكافرة قد تحفظ حقوق أي فرد ينتسب إليها ولو كان يقيم في دولة أخرى بعيدة عنها وتصدر الاحتجاجات وترسل الوعيد والتهديد أحيانا إذا لحق بواحد منهم ضرر ولو كان مفسدا في الدولة التي يقيم في أراضيها، فكيف يسكت المسلمون اليوم على ما يحل بإخوانهم من حروب الإبادة وضروب العذاب والنكال في أماكن كثيرة من هذا العالم، ولتعلم كل طائفة وأمة لا تتحرك لنصرة أختها في الله بأنه يوشك أن تصاب هي بمثل ذلك البلاء الذي تسمع به أو تراه يقطع أوصال أولئك المسلمين، فلا يجدون من ينصرهم أو يعمل على رفع الظلم والعذاب عنهم، فالله سبحانه المستعان وهو المسئول بأن يوقظ قلوب العباد لطاعته، وأن يهدي ولاة أمور المسلمين وعامتهم إلى أن يكونوا يدا واحدة وصرحا متراصا للقيام بأوامر الله والعمل بكتابه وسنة رسوله ونصرة المسلمين ومحاربة

ص: 164

الظالمين المعتدين، عملا بقول الله سبحانه {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} (1) {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} (2) وقوله سبحانه وتعالى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (3) وقوله عز وجل: {وَالْعَصْرِ} (4){إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (5){إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (6) وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وأتباعه بإحسان.

(1) سورة الحج الآية 40

(2)

سورة الحج الآية 41

(3)

سورة المائدة الآية 2

(4)

سورة العصر الآية 1

(5)

سورة العصر الآية 2

(6)

سورة العصر الآية 3

ص: 165