المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌الأطفال في النصرانية:

كما يسميه زكي نجيب محمود إيه: خرافة الميتافيزيقا، الغيب يعني خرافة الميتافيزيقا وبيقعدوا يجيبوا المصطلحات المكعبلة التي يرهبون بها الناس، يعني هم الناس بتوع العلم والناس المثقفين، أما الإسلاميين فدول بتوع الظلام والرجعية والتخلف والقهر والمرأة ومش عارف إيه إلى آخره، فهذا نوع من البلطجة الفكرية التي تمارس بالذات مع الإسلام، فيرمونها دائمًا بما هم أولى بها من غيرهم، فالتكريم الحقيقي لم يجده الإنسان إلا في ظل شريعة الإسلام {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} عندنا في الإسلام الإنسان لما يعمل عمل صالح مثلاً مثل الحج «مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» (1).

لما واحد بيحب بقى أعرف أمنية يعرف ربنا هكذا سبحانه وتعالى يعيده من ذنوبه كيوم ولدته أمه هذه أعظم حاجة صفحة بيضاء نقية، لا يوجد فيها أي بقعة سوداء، فمن ثواب بعض الأعمال الصالحة إن من فعلها رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه، لماذا لأن النقاء والطهارة والصفاء والخلق على أحسن تقويم، أحسن صورة، وأحسن فطرة هي فطرة الإسلام {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} (2).

‌الأطفال في النصرانية:

نرجع للنصرانية مثلاً أسود يوم في حياة الإنسان هو اليوم الذي ولد فيه، لأن في زعم هؤلاء أنه يولد وارثًا الخطيئة الأصلية Original sin التى هى والعياذ بالله يزعمون أنها خطيئة آدم صلى الله عليه وسلم، فهذه بتتورث وكل ذرية آدم بتولد ملطخة بخطيئة آدم في زعمهم وعشان هكذا بيحتاج الاعتقاد والعياذ بالله في صلب المسيح باعتبار المزعوم طبعا باعتبار إن هذا الفداء الذي قدم حتى يطهر البشر من خطيئة آدم

(1) صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(2)

الروم: 3.

ص: 11

الموروثة هذا ربنا يقول: {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (36) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (37) أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38)} (1).

يعني كلمة {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38)} هذه نزلت فين في صحف موسى وإبراهيم الذي وفَّى هذه بالضبط موجودة في كتب الأنبياء السابقين يعني ليس فقط خصيصة الإسلام لكن هم الذين حرفوا {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (36) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (37) أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى (41)} (2) كلام فعلاً لا يقوله إلا إله الخالق، وعشان هكذا أيضًا بيحتاج للتغطيس والتعميد، من أجل أن التعميد يمسح هذه الخطيئة، وطبعا فيه تناقض منين بتقولوا إن الصلب كفر الخطيئة عن البشر ومنين ما زال ملوث أيضًا ومحتاج تعميد من أجل أن ينفع يدخل الجنة يكون على دينهم.

يعني فالشاهد هذا ينافي التكريم، ولذلك الناس في كل الدنيا الآن بتنفر من هذا الدين نتيجة شيء لافت ولا عقل ولا علم، كيف يكون الطفل المسكين يولد وهو محمل بأوزار وخطيئة مزعومة، وأصلاً ليست خطيئة أصلية لأن آدم صلى الله عليه وسلم قبل أن يهبط إلى الأرض طهره الله من هذه المخالفة ثم تاب عليه فالله سبحانه وتعالى تاب على آدم وعلمه كيف يتوب.

فآدم نزل إلى الأرض وهو مطهر تمامًا من هذه الخطيئة، لكن نزوله إلى الأرض كان قدرًا مقدورًا كما هو معلوم، فالشاهد هذا أيضًا من مظاهر التكريم فمن الذي يكرم ومن الذي يهين، يقول جاء هذا الدستور العظيم ليعلن أن الإنسان هو أكرم مخلوق على وجه الأرض يقول تعالى {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70)} (3)

(1) النجم: 36 - 38.

(2)

النجم: 36 - 41.

(3)

الإسراء: 70.

ص: 12

طبعًا الأطفال داخلين في بني آدم المكرمين فضلاً عن اعتبار الأطفال أغلى وأثمن هدية يهبها الله للإنسان يقول تعالى {يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49)} (1) إن المتأمل للتوجيهات الواردة في هذا الدستور الرباني المعجز المتعلقة بالطفولة يجدها تتصف بالشمولية الممتزجة بمراعاة الحاجات المادية والروحية للطفل مع التحديد الواضح للمسئوليات الدينية والدنيوية المرتبطة بها.

كما أن إعادة النظر مرتين في تلك النصوص والتوجيهات تكشف لنا عمق اهتمام هذا الدستور بالطفل سواء كان سويًا أم معاقًا يعيش في أحضان أسرته أو كان يتيمًا أو لطيمًا فقد حنان الأبوين معًا أو كان لقيطًا لا نعرف له أبًا ولا أما وإذا زدنا من عمليات التحليل المنهجي لبنود هذا الدستور الخالد، سوف نلاحظ أن ضمانات حقوق هذا الطفل تنوعت بتنوع حالته وبحسب تدرج نموه الجسمي والعقلي والاجتماعي والنفسي، لا بل تعدى الأمر أبعد من ذلك حين جاءت بعض بنود هذا الدستور ذات صبغة وقائية يعني فيه تشريعات في الإسلام تاخد كمان الإجراء الوقائي حتى قبل حدوث الحمل أو أثناء حدوث الحمل، فالإسلام تعامل مع الأطفال بطريقة فيها حصانة وفيها إجراءات وقائية حتى قبل ما يحصل حمل أو أثناء الحمل فضلاً عما حقوق الجنين أو الطفل بعد الميلاد.

انتبهوا هنا يقول لذلك فليس مستغربًا أن تعتبر هيئة الأمم المتحدة نظام الطفولة في الإسلام نظامًا مثاليًا لرعاية الطفولة، نفس الأمم المتحدة اعترفت في بعض إصداراتها أن نظام الطفولة في الإسلام نظام مثالي لرعاية الطفولة خاصة المحرومة منها، الطفولة المحرومة.

وأفردت البند العشرين من بنودها الذي أكد أهمية تطبيق نظام الكفالة في الشريعة الإسلامية، طبعًا لو هنفصل بقى إن هم كفار أو هيئة عالمية وأصدرت هذا البيان والحقيقة إن الإسلام بيفرض نفسه بيفرض نفسه بطريقة عجيبة جدًا على كل الأصعدة، يعني في مكتبة الكنوجرس في سقف المكتبة عاملين سبع موارد للحضارة البشرية الحضارة البشرية استمدت روافد من سبع حضارات الحضارة الصينية،

(1) الشورى: 49.

ص: 13

القدماء المصريين، الحضارة الرومانية، إلى آخره، لكن جم عند الإسلام عملوا شيء غريب جدًا ما قالوش الحضارة الإسلامية قالوا الإسلام، هذا في سقف مكتبة الكونجرس، فكاتبين الحضارة الصينية، الحضارة الفرعونية، القديمة حضارة، كذا.

لكن عند الأمة الإسلامية ما قالوش الحضارة الإسلامية قالوا الإسلام، بمعنى إنه كدين متميز وطبع آثاره الإلهية على حضارة البشر والإنسان، ولو حاولنا إن احنا نبرز مفاخر الحضارة الإسلامية في كل مجال الحديث يطول جدًا، يعني لما نلاقي في ألمانيا معهد مخصوص لمحمد بن حسن الشيباني من شدة إعجاب علماء الألمان بهذا الأمر أقاموا معهد مخصوص باسم محمد بن حسن الشيباني اعترافًا بريادته في مناقشة قضايا القانون الدولي هو مؤسس القانون الدولي في نظر الغربيين، ويحتفلون به وفيه معهد باسمه في ألمانيا فنجد أننا لسنا نعرف نفسنا مثل ما أعدائنا بيكونوا عارفينا.

في الحقيقة أذكر في يوم من الأيام ريجن وأيام ما كان رئيس أمريكا قال واعترف تخرج من أسنانهم بالعافية، لأن هذا واقع ما يقدرش ينكره، قال إن أمريكا مدينة للإسلام في إحداث إصلاح اجتماعي في المجتمع الأمريكي.

طبعًا هو يشير للمسلمين الأفارقة الأمريكان السود الذين هم بالطبع وجهوا توجيه معين لنشر المخدرات والجهل فيهم وتصعيد التعليم عليهم، بحيث أصبحوا فئات ضد المجتمع في كثير من الأحوال نسبة الإجرام عالية والقتل والمخدرات إلى آخره، فلاحظوا سواء داخل السجون الأمريكية أو في المجتمع ككل إن الشيء الوحيد الذي يعالج هؤلاء الإجراميين هو اعتناق الإسلام، وأنه الواحد المجرم الذي شخصية مضادة للمجتمع أو العدوانى بمجرد ما يدخل في الإسلام بيتحول لشخص مختلف تمامًا في كل صفاته وسلوكياته ويصبح نافعًا للآخرين، وتنخفض الجريمة، وهذه الأشياء.

فهذا رئيس أمريكا رسميًا اعترف مثل هذا فالشاهد إن هذا أيضًا يعتبر اعتراف له قيمة حقيقة إن هيئة الأمم المتحدة نفسها بتعتبر رسميًا أن نظام الطفولة في الإسلام لم يأتوا أي دين تاني، هم لا يجاملونا،

ص: 14

لأنهم أبعد الناس إن هم يجاملونا أو يظهرونا في صورة حسنة، لكن أن هذا واقع ضاغط وفارض نفسه هيئة الأمة تعتبر نظام طفولة الإسلام نظامًا مثاليًا لرعاية الطفولة خاصة المحرومة منها.

وأفردت البند العشرين من بنودها والذي أكد أهمية تطبيق نظام الكفالة في الشريعة الإسلامية، فمن أبرز مفاخر الحضارة الإسلامية في حقل العناية بالطفل لو بصينا نظرنا لكم الكتب التي صنفت في التاريخ الإسلامي للعناية بالدراسات التربوية والطبية التي خصصت للأطفال طبعًا لو هانقعد نتكلم فعلاً مئات من الكتب والبحوث في كل العصور الإسلامية تتكلم عن حقوق الطفل تربية الطفل تأديبه، ونحو ذلك مثلاً الرازي له كتاب «تدبير الصبيان» ، غريب بن سعيد الكاتب القرطبي له كتاب «خلق الجنين، وتدبير الحمالى والمولودين» ابن الجزار القيرواني له، «سياسة الصبيان وتدبيرهم» أحمد بن محمد الألبلدي له كتاب «تدبير الحبالى والأطفال والصبيان وحفظ صحتهم ومداواة الأمراض العارضة لهم الإمام ابن قيم الجوزيه له كتابه المشهور «تحفة المودود بأحكام المولود» الإمام ابن الجوزي له كتاب «لفتة الكبد في نصيحة الولد، محمد بن محمود ابن الحسين الأستروشني متوفي سنة 652 هـ له كتاب «جامع أحكام الصغار، تحدث فيه عن جميع الأحكام المتعلقة بأفعال غير المكلفين، نلاحظ أيضًا علماء أصول الفقه يناقشون موضوع الأهلية وأقسامها ويبينون فيه أحكام الجنين والطفولة والبلوغ والرشد وأحكام الصغير.

كما أن الفقهاء في العادة يفردون بابًا خاصًا في كتب الأشباه والنظائر لأحكام الصبيان المختلفة وغيرها، ابن العزيز الحلبي توفي سنة 660 هـ له كتاب «الدراري في ذكر الذراي، ابن قتيبة الدينواري له أيضًا وصية لابنه مخطوطة، الإمام السبكي كثير جدًا من العلماء لهم وصايا لأن للأبناء فالقائمة تطول جدًا وسنخرج عن سياق إذا استطردنا هذا شيء معروف، هناك مئات من الكتب والأبواب تناقش حقوق الأطفال.

ص: 15

يقول هنا إن الأمر خطورة مسألة الاهتمام بالأطفال، يعني هو وراء هذا البحث يعني المختصر ليريد أن يبين كيف تمكنت الحضارة الإسلامية عن طريق برامجها الناضجة، ومثلها السامية، التي أخذت بأيدي الأطفال الذين حملوا قناديل الخير إلى كافة أرجاء المعمورة، عندما تكامل نموهم وثقلت شخصيتهم، في ظل رعاية شمولية وازنت بين حاجات الجسد والروح، يقول إن هذه الدراسة لا تتبع جميع الجوانب المتعلقة بالطفل، لكنها تنصب على تتبع اللمسات الحانية التي قدمتها الحضارة الإسلامية للطفولة، على مستوى القول والممارسة مع التركيز على حقوق الطفل وثمار اللمسات الحانية على عطاء وإبداع الأطفال.

لعلنا نستطيع أن نصل من قطع من هذا التراث الخالد ونبتغي سبيله، هذا ما يساعدنا على نهضتنا من خلال الارتكاز على أن أصالة هذا التراث مع الاستفادة من كل ما يجد لا يتصادم مع ثوابتنا الحضارية، في صدر الفصل الأول هو حقوق الطفل في الحضارة الإسلامية، العبارة تروى عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول فيها من حقوق الولد على أبيه أن ينتقي أمه، ويحسن اسمه، ويعلمه الكتاب، يذكر أن أول حق من حقوق الطفل في الإسلام هو اختيار الأم الصالحة.

هذا إجراء وقائي عجيب جدًا لأن ليس طفل أصلاً، هذا ما زال واحد بيخطب يريد أن يتزوج وهايخطب مشروع زواج فقط، ومع ذلك بيفكر في أولاده منذ هذه اللحظة، وهذا طبعًا مما تنفرد به تمامًا الشريعة الإسلامية.

لم يوجد إطلاقًا أحد يهتم بهذه القضية كما يهتم بها الإسلام، فالإسلام يؤكد على أن الأم هي حجر الزاوية الذي ترتكز عليه كل البرامج الخاصة، برعاية الطفولة، فالأم الصالحة المؤمنة تعني طفولة راشدة، وسوية، والأم الفاسقة المتمردة تعني طفولة مشوشة ومضطربة، لذا جاءت التوجيهات النبوية الخالدة لتؤكد على ضرورة التحري والتروي عند اختيار الزوجة هنا يستدل ببعض الأحاديث لم تصح، لكن في الجملة هي مقبولة حتى من الناحية العلمية التي هي تخيروا لنطفكم فانكحوا الأكفاء وأنكحوا

ص: 16

إليهم، لكن هذا الحديث هو أشار إلى الشيخ الألباني صلى الله عليه وسلم صححه في سلسلة الأحاديث الصحيحة «تَخَيَّرُوا لِنُطَفِكُمْ وَانْكِحُوا الْأَكْفَاءَ وَأَنْكِحُوا إِلَيْهِمْ» (1) فهذا حديث صحيح يؤكد هذا المعنى يروى أيضًا «تَخَيَّرُوْا لِنُطَفِكُمْ فَإِنَّ العِرْقَ دَسَّاسْ» (2).

وهذه إشارة إلى أثر الناحية الجينية، إن الوراثة تتدخل في صفات المخلوق سواء كانت الصفات الجسدية أو الصفات النفسية، كما حذر نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم في أكثر مناسبة من النظر إلى الشكل دون الجوهر لما في ذلك من نتائج سيئة على التربية، لأن الإنسان ابن البيئة، فإذا كانت المرأة في منبت سيء فينعكس ذلك على أخلاقها، وأسلوب تربيتها لأبنائها، ويستدل هنا بالحديث الضعيف المشهور «إِيَّاكُمْ وَخَضْرَاءُ الدِّمَنْ» قيل يا رسول الله وما خضراء الدمن؟ قال:«الحَسْنَاءُ فِيْ المَنْبَتِ السُّوْءِ» (3) الحديث ضعيف لكن يندرج تحت المعاني العامة التي أشرنا إليها.

وكان حكماء العرب يخشون الجمال الفائق إذا لم يكن مصونًا بخلق قويم، وهذا الذي أشار إليه القرآن من طرف خفي حينما تحدث عن الحور العين فإن الله سبحانه وتعالى ما وصفهن بالجمال إلا وقرن بصفة الجمال ما يدل على العفاف العفة {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (72)} (4) حور واسعات الأعين وهي إشارة إلى الجمال ثم قال {مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (72)} يعني أن نظرهن مقصور على أزواجهن وهذه إشارة إلى العفة، روي إلى أكثم ابن صيفي أحد حكماء العرب المشهورين قال لولده يا بني لا يحملنكم جمال النساء على صراحة النسب، يعني لا تقدموا البحث عن الجمال في مقابلة على حساب النسب.

(1) سنن ابن ماجه من حديث عائشة رضي الله عنها، صححه الألباني مقدمة.

(2)

وَفِي الزَّوَائِد فِي إِسْنَاده الْحَارِث بْن عِمْرَان الْمَدِينِيّ قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَالْحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ لَا أَصْل لَهُ يَعْنِي هَذَا الْحَدِيث عَنْ الثِّقَات وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ مَتْرُوك وَاَللَّه أَعْلَم.

نقلاً عن منتدى أهل الحديث على شبكة الإنترنت.

(3)

رواه الشهاب القضاعي في مسنده، وقال الألباني مقدمة (ضعيف جدًا).

(4)

الرحمن: 72.

ص: 17

في مناسبات أخرى نجده صلى الله عليه وسلم يشجع على اختيار المرأة المتدينة الصالحة، وترجيحها على المرأة الحسناء إذا كانت تفتقد ميزة الصلاح والتدين يقول صلى الله عليه وسلم «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ» (1) أيضًا اعتبرها النبي صلى الله عليه وسلم خير متاع الدنيا فقال صلى الله عليه وسلم «إِنَّ الدُّنْيَا كُلَّهَا مَتَاعٌ وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ» (2).

كيف ولا وهي الوعاء الذي ينضم بين جوانبه حصيلة العطف الأبوي، فهي إذًا كالأرض المرأة مثل الأرض جودة الناتج، تابعة لجودة التربة، أرض ستوضع فيها البذور فالمرأة مثل الأرض ولذلك قال تعالى:{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} (3).

فشبه الزواج بأنه بتزرع في أرض أو ترعى فيها البذور فهل يختلف اثنان في أن نوع التربة له تأثير في نوعية الحصاد أو الثمار التي تخرج، طبعًا أكيد الذين يفهمون في الزراعة يفقهون هذا المعنى جيدًا اختر الأرض التي تبذر فيها حتى لا تخيب أملك بعد ذلك، أو تنتج لك يعني زرعًا رديئًا فالمرأة كالأرض جودة الناتج تابعة لجودة التربة، وقد سئل فاروق الأمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن حق الولد على أبيه فقال «أن ينتقي أمه، ويحسن اسمه، ويعلمه القرآن» «أن ينتقي أمه إشارة لنفس هذا المعنى اختيار الأم لا يوجد إجرائي وقائي إطلاقًا في العالم سيكون أجمل من الاهتمام بالطفل قبل أن يولد من ساعة اختيار الأم التي تكون حرثًا لهذا الزرع.

يؤكد هذه الحقوق الفقيه الشافعي الماوردي صلى الله عليه وسلم المتوفي سنة 450 في كتابه نصيحة الملوك يقول: «فمن أول حق الولد أن ينتقي أمه ويتخير منهن الشريفة الدينة العفيفة العاقلة لأمورها المرضية في أخلاقها المواتية لزوجها في أحوالها، وجاء في الوصية عثمان بن ابي العاص الثقفي أحد صلحاء عصره لأولاده «يا بني النكاح مغتُرث يعني موضع غرس فلينظر امرئ حيث يضع غرسه والعرق السوء قلما ينجب فتخيروا ولو بعد حين» .

(1) متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(2)

سنن النسائي، مسند أحمد من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، (صححه الألباني).

(3)

البقرة: 223.

ص: 18

ويروى أن أبا الأسود الدؤلي امتن على بنيه باختياره أمهم ذات خلق وعفة فقال لهم «لقد أحسنت إليكم صغارًا وكبارًا وقبل أن تولدوا» فقالوا وكيف أحسنت إلينا قبل أن نولد قال أخذت لكم من الأمهات من لا تسبون بها.

يقول الرياشي «فأول إحساني إليكم تخيلي لماجدة الأعراف بادٍ عفافها» أيضًا يفاخر الأبناء أنه اختار لهم أمًا لا يعيرون بها، فأول إحسان إليكم تخيلي لماجدة الأعراف باد عفافها، لذا قيل إن الأمة الصالحة التي تهز سرير وليدها بيمينها تهز العالم بيسارها، وأنه بصلاحها تصلح الأمة كما قال شاعر النيل حافظ إبراهيم:

الأم مدرسة إذا أعددتها

أعددت شعبًا طيب الأعراق

الأم روض إذا تعهده الحيا بالري

أورق أيما إيراق إيراق

الأم أستاذ الأساتذة الأولى

شغلت مآثرهم مدى الآفاق

هذا الفاروق عمر رضي الله عنه يروى عنه أنه أنب أحد الآباء على تفصيله في اختيار الزوجة المناسبة فتفصيل ذلك أن رجلاً جاء يشكو حقوق ولده فأحضر عمر رضي الله عنه الولد وأنبه على عقوقه لأبيه فقال الولد يا أمير المؤمنين أليس للولد حقوق على أبيه قال عمر بلى أن ينتقي أمه ويحسن اسمه ويعلمه الكتاب قال الولد يا أمير المؤمنين إن أبي لم يفعل شيئًا من ذلك أما أمي فإنها زنجية كانت لمجوسي وقد سماني جعلا جعل وهو الخنفساء ولم يعلمني من الكتاب حرفًا واحدًا فالتفت عمر رضي الله عنه إلى الرجل وقال له جئت إلي تشكوا عقوق ابنك وقد عققته قبل أن يعقك وأسئت أليه قبل أن يسيئ إليك.

رغم أن هذه القصة مشهورة هو لم يسنده في الحقيقة هي قصة مشهورة لكن احنا عايزين ننمى الحاسة النقدية ليس كل شيء حتى لو عجبنا أو يخدم موضوع نتكلم فيه نسلم له في لكوا رأي في القصة هذه؟

جاء لى خاطر أننا نسمي السلسلة لأني معترض بعض الشيء على كلمة الأمية التربوية الإخوة حرفوها وخلوها محو الأمية التربوية وأنا مسميها في الأول «ضرورة محو الأمية التربوية» لأن فيها نوع من الاستعلاء إحنا بقى المتعلمين وهانمحو الأمية بتاعة التربية بتاعة الناس، طبعًا هذا كلام ليس بصحيح،

ص: 19

لكن هذا كانت فقط في مقدمة البحث من زمان قوي لكن فكرت إن احنا نسمي السلسلة «بر الأبناء» أو «بر الأولاد» .

لكن في الحقيقة احنا لما نروح للشريعة الإسلامية نلاحظ هكذا الموضوع على بعضه هكذا نلاحظ إن الشريعة الإسلامية لم تأتي نصوص صريحة وقوية ومحررة على أن يبر الآباء الأبناء، وإنما جاء العكس يعني يمكن من أجل أن نستدل على مسألة بر الآباء للأبناء هنتعب شوية من أجل أن نجيب دليل يعني مثل إيه {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} (1) هنلاحظ هنا الآية برضوا عامة يعني شاملة شاملة النفس والآباء والزوجان إلى آخره لكن بالعكس صريح وصارخ في النصوص الإسلامية القرآن الكريم الكلام على بر الوالدين، إنه دائمًا يأتي عقب الأمر بالتوحيد {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} (2) إلى نحو ذلك.

فنلاحظ إن مكانة بر الوالدين في الإسلام مكانة عظيمة جدًا وهي من الميزات الرائعة في الشريعة الإسلامية، فلم تكفل الوصية بالأبناء في النصوص، فإذا تأملنا ما وراء هذا المسلك، يعني ليه الشريعة ما سوتش في هذه المسألة؟ إحنا فاكرين لما كنا بنتكلم أو يمكن هانتكلم إن شاء الله بكرة في الكلام على الأطعمة أحكام الأطعمة هتجد إن فيه أشياء لأن الفطرة بتأباها تجد الشريعة لم تتعرض لها كثيرًا يعني ليس شريعة مثلاً عفوًا تنهي إنسان أن يأكل الغائط والنجاسات، لأن الوازع الفطري في الإنسان يتأفف، من هذا الإنسان السوي يتأفف من هذا هل الإنسان ممكن أن يتصور لهذا، بالعكس تبشعه جدًا فاكتفي بالدافع الطبعي ولم يحتج إلى زاجر شرعي فالزاجر النفور الإنسان اكتفي به في مثل هذا {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} (3) حتى بين الوحوش هي فطرة الرحمة والإحسان إلى هذه المخلوقات الضعيفة.

أولاً: الله سبحانه وتعالى ليس معناه إنه أهمل معاذ الله توصية الآباء على الأبناء لأ لأن الله الذي خلق الآباء خلق فيهم الرحمة طبعًا الآباء الأسوياء كل قاعدة لها استثناء، لكن الأب السوي والأم السوية يبقى فيه

(1) التحريم: 6.

(2)

النساء: 36.

(3)

الروم: 30.

ص: 20

رحمة تجاه هؤلاء الأطفال، نتيجة هذا الدافع الفطري دافع أو غريزة الأبوة والأمومة محصلش تركيز كثير في النصوص اكتفاءًا بالدافع الفطري بجانب الدافع الإيماني طبعًا النصوص التي تحرض على ذلك كثيرة، مثل ما احنا شفنا اللى جه لما تأتي تفتش بقى في الشريعة تلاقي حق الحضانة، وحق النفقة، وحق النسب، وحق كذا فيه حقوق، وهي ثابتة في الشريعة الطفل له حقوق ما ينكر ذلك أحد، لكن مجتش بالوصاية، وصاية الآباء بالأبناء بنفس النمط الذي جه بالعكس لأن دائمًا الابن هو دائمًا الذي يقصر هو الأب.

غالبًا لا يقصر الأب غالبًا يبقى ماشي في اتجاه واحد اتجاه العطاء لا ينتظر مقابل كما جاء في بعض الآثار إن الفرق بين الذي يخدم أباه أو أمه عند الكبر وهذه بنشوفها الحقيقة الفرق بين الرعاية بتاعة الأب أو الأم والطفل وهو صغير والفرق بين ما يحاول يرد الجميل وهم كبار يرد إلى أرذل العمر قال كانت تخدمك وتتمنى بقائك تتمنى لك الحياة أما أنت لما بتيجي تكبر تقول إمتا بقى ربنا يكرمها للأسف الشديد بنسمع الكلمة هذه يكرمها يعني يريحنا بقى وتموت، هذا الذي نراه للأسف الشديد، ونماذج مؤلمة جدًا بتحصل، فهي أمامك العمر الطويل ومستعدة للتحمل لأقصى مدى، أما أنت فمع إن خلاص يعني طال عليك عمرها وهو قصير مهما طال هايطول قد إيه وبتنتهي في الآخر ففعلاً حتى الواقع يؤكد إن حكمة الشريعة الإسلامية إنها ما ركزتش بالطريقة الصريحة في موضوع إن الأبناء لهم حقوق على الآباء هي حقوق موجودة وثابتة شرعًا كما سنفصلها إن شاء الله لكن ليس بنفس قوة أمر الآباء ببر الوالدين.

أيضًا هناك معنى آخر والله تعالى أعلم وهو أن دين الأبوين على الإنسان دين غير قابل للسداد، مهما عملت لن تقدر توفيه، الدين الذي أسداه إليك أبواك غير قابل للسداد لو عملت أي شيء فلن تسده لا فلوس هتقدر تسده مهما فعلت، سواء تعب الأم في الحمل والمعاناة التي تعانيها، فترات الحمل، ثم في الولادة، ثم في الرضاعة، والتنظيف، والتربية وكذا وكذا كله عطاء في اتجاه واحد، لم ولن ينتظروا منه شيء كذلك الأب كل يقوم بدوره المناسب، يعني في تنشئة هؤلاء الأبناء، يكفي أن أباك وأمك أسديا إليك أعظم نعمة، وهي نعمة الحياة.

ص: 21

ألم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث «مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ» (1) ليس هكذا ليست هذه من الإسلام والإسلام قال «مَنْ لَمْ يَشْكُرِ النَّاسَ فَقَدْ كَفَرَ» الذي يجحد الإحسان الذي يحسن إليه ويقول: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (60)} (2)«الجزاء من جنس العمل» أبوك أسدى إليك شيء أنت لا يمكن تستطيع أن ترده، وهو أنه سبب في وجودك سبب في نعمة الحياة التي أكرمك الله بها، هو كان سبب ليس هو الذي يحييك لكن سبب، ونحن مع أنه مجرد سبب والخالق الحقيقي هو الله، لكن كما هو الشأن في الصور الأخرى من الإحسان التي يحسن فيها الإنسان إلى آخر فيقول له جزاء الله خيرًا أو يعترف بفضله ولا يجحده.

فنفس الشيء أبوك أو أمك هو السبب في وجودك للحياة، فكيف سترد هذا الجميل، ولذلك سنلاحظ في الشريعة الإسلامية الأبوان لهم مكانه هكذا يعني شبه مقدسة، الأبوان بالذات فحتى في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع الأبوين مينفعش استعمال الزجر، ممكن مع شخص آخر تقول يا يفاسق، يا عدو الله، يا عدو نفسي، تفعل كذا وكذا.

لكن مع الأب حتى لو يعمل نفس الشيء الذي هو فسق لا يصلح تكلمه بالعنف أو بالقسوة، وإنما فقط نمارس معه مرتبة التعريف والوعظ والنصح بالكلام اللطيف دون خشونة فضلاً، عن التغيير باليد عن طريق الضرب ونحو ذلك {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} (3) مجردة كلمة {أُفٍّ} التي هي تعبير عن الضجر والتأفف {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} (4) والله يكره للمسلم الذل، لكن الذل هنا النابع نابع من الشعور بالرحمة تجاه والديه فهذا يحبه الله التذلل للوالدين رحمة به من الرحمة {وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24)} فتذكر كلمة {كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24)} .

(1) سنن أبي داود من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما (صححه الألباني).

(2)

الرحمن: 60.

(3)

الإسراء: 23.

(4)

الإسراء: 23 - 24.

ص: 22

إنت كنت ضعيف ولا ينتظرون منك أي شيء يعني حتى كلمة الشكر، لأنك في عالم آخر، لا تحس بما يدور حولك، لذلك في الشريعة الإسلامية تجد الأب له استثناءات والأم لهم أوضاع استثنائية لأن الأب لا يعامل بالمثل، ومينفعش مع أبيك إنك تاخد حقك، فحتى لو وقع من الأب ظلم أو تقصير لا يسقط حقه بالمثل أبدًا حتى ولو كان الأب مخلوق موجود على ظهر الأرض، وهو الشخص الذي هو الكافر ليس بس كافر هذا داعية إلى الكفر، ومش بس داعية إلى الكفر هذا بيجاهد لدعوة ابنه إلى الكفر {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} (1).

تأمل إيه معنى الآية الكريمة {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} مع مين مع واحد مشرك وداعية إلى الكفر، وكمان لا يدعو فقط بل إنه بيجاهد إلى الكفر ليدخل ابنه في هذا الكفر قال الله سبحانه وتعالى: فلا تطعهما في الكفر ومع ذلك يبقى حقهما حتى ولو كانا كافرين، لاحظت كثير جدًا الإخوة الذين يدخلون في الإسلام بالذات اعرف ناس كثير طبعًا فا يحصل عند كثير جدًا من الآباء والأمهات بيبالغ من الدخول في دين الإسلام لأنه هذا الأخ الذي أسلم هذا قبل إسلامه شخصية خطيرة جدًا في غاية السوء، ولمجرد الإسلام بيتحول لأحسن واحد في أولادها، أو أولاد الأب.

وبالتالي بيعرفوا الإسلام هو الذي غيره والغربيين بيحسدوننا جدًا على مكانة الأبوين، بس الغربيين الكبار في السن، يعني واحد مرة أمريكي كان محبوس في المستشفى وأحد الأخوة من البلاد العربية كان جاي بيمارس الدور العادي الذي أي ابن مسلم بيفعله مع أبويه في حالة المرض، هم موجودين يظهر في عنبر واحد كان سان استيفانوا أو لوس انجلوس لا أتذكر ولكن هو الأخ الذي يحكي لي بنفسه المهم الأمريكان بقوا قاعدين مبهورين جدًا ما الذي يحصل هذا، حاجة طبعًا عمرهم ما شافوها كيف يسهر الابن على بر أمه ورعايتها، والإحسان إليها، والتلطف معها، طبعًا أشياء كأنهم بيشوفوا حاجات، وهذه التي جعلت الناس في شرق آسيا تدخل في الإسلام بدون أن تراق قطرة دم.

أكبر دولة إسلامية هي أندونيسيا ما حصل جهاد إطلاقًا فتحت بأخلاق التجار المسلمين، هؤلاء التجار الذين كانوا دعاة في مثل تجار المتنكرين في مثل تجار، لكن في الحقيقة كانوا دعاة بسلوكهم

(1) لقمان: 15.

ص: 23

وأخلاقهم، فنفس الشيء يحصل لما بيتطلعوا على وبالذات الآباء الذين يعانوا عقوق الأبناء، وهذ هو الأصل في التعامل في الغرب، من أجل أن هكذا احتاجوا يعملوا يوم في السنة يفتكروا فيه الأم، يعمل لها كارت يديها واحد مكالمة في السنة، العقوق هناك هو الأصل لأن نفس الجيل ده الذين هم الكبار في هذا الوقت قبل هكذا عقوا لأنهم محرومون من نعمة الإسلام التي تهذب العلاقة بين الآباء والأبناء.

ففي الشريعة الإسلامية لما بيجيلي إخوة أحيانًا يشتكون من تقصير الآباء فبأقوله بتجيب له الصورة المذكورة في القرآن الكريم {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} قول له قارن والدك بين هذا الأب أو هذه الأم قطعًا سيكون والدك أحسن لأنه مسلم حتى لو كان عاصيًا أو كذا أو كذا من الأشياء الرديئة لكن مع ذلك فهو أولى بأن تصاحبه في الدنيا معروفًا، لا يصلح إن الأب تعامله بالمثل مثل ما بتعامل واحد صاحبك أو بتعامل واحد غريب ظلمك، لأ، الأب له استثناءات والعلاقة مع الأبوين علاقة في غاية الحساسية في الشريعة الإسلامية، وهذه من أعظم محاسن هذه الشريعة الإسلامية، فمينفعش إن أباك تأخذ منه حقك تقول بقى القصاص السن بالسن، ولا بتخضع وتذل لأن الله أمرك بالذل وطبعًا التربية الحديثة للأسف بتنفخ الأولاد نفخ شيطاني، بحيث إنه بيتعامل مع الآباء بعدم رحمة وبنوع من الندية وسوء الأدب وهذا للأسف كثير جدًا الناس بدأت تتأثر بالثقافة الغربية.

قصة عمر لا أعرف ممكن لو احنا لا نعرف سببها إيه بالضبط لم أتفرغ للبحث عن سندها لكن لم لن تأتي بجديد؟

لأن كل الحقوق هذه وأضعاف أضعاف مثبتة من نصوص القرآن الكتب وفي السنة وسيرة السلف الصالح، الطفل له حقوق لكن ليس هناك تماثل بين صرامة الشريعة في الأمر ببر الوالدين وبين آداء حقوق الأبناء على الآباء ما فيش أب بيبر الأبناء، لكن فيه أمور كثيرة تفسر هذا النوع من البر، ففيه بر للأبناء لكن أولاً: الفطرة تتكفل غالبًا بهذه العملية. ثانيًا: الشريعة في أبواب الفقه وغيرها تضمن أيضًا هذه الحقوق والشريعة الشريعة تلزم الأب المقصر بالحقوق. أليس هكذا الحضانة والنفقة وكذا كذا كل هذه الأشياء بتلزمه فهو فيه حقوق، لكن أن ينتقي أمه ويحسن اسمه ويعلمه المراد يبقى صعب الحقيقة،

ص: 24

أتخيل ولا أعرف أنا شاعر كلمة عمر يقول له «جئت إلي تشكوا عقوق ابنك وقد عققته قبل أن يعقك وأسأت إليه قبل أن يسيئ إليك» في النفس منها شيء لأن أصلاً معندناش سند، فيه سند نحاول نتقبلها أولاً، هذه تحصل أمام الأب أيضًا هذه كناحية تربوية ما بيحصلش، المفروض لما بتيجي توبخ الأب ما تكلموش قدام الابن فتجرئه على العقوق، لكن عايزين ننمي النزعة النقدية ما دام الموضوع من حيث السند لم يثبت.

يقول وقد أثبت علم الوراثة بأن الطفل يكتسب صفات أبويه الخلقية والجسمية والعقلية منذ الولادة لذلك روي في الحديث «تَخَيَّرُوْا لِنُطَفِكُمْ فَإِنَّ النِّسَاءَ يَلِدْنَ أَشْبَاهَ إِخْوَانَهُنَّ وَأَخَوَاتَهُنَّ» (1) وفي رواية: «اطْلُبُوْا مَوَاضِعَ الأَكْفَاءِ لِنُطَفِكُمْ فَإِنَّ الرَّجُلَ رُبَّمَا أَشْبَهَ أَخْوَالَهُ» طبعًا هذا سبب حديث صحيح وذكرناه من قبل هكذا كان هذا الإجراء الوقائي لحقوق الطفل، يبدأ في حضانة الإسلام من اختيار الأم وهي لافتة حضارية سامية لم ينتبه لها العالم إلا في عصوره المتأخرة هذا أول حق من حقوق الأبناء اختيار الأم الصالحة.

ثانيًا: حق الحياة لقد كانت التشريعات والقوانين في العالم القديم كما تقدم تعطي للأب أو الأخ الأكبر الحق المطلق في منح أو منع حق الحياة للأبناء فجاء الإسلام ونزع حق تصرف الآباء لأولاده لأن الإسلام لا ينظر للطفل على إنه شيء أنت تملك كما تملك الكرسي والسيارة والدابة وكذا، لأ الطفل شيء أنت مؤتمن على تربيته، وتجتهد في تربيته، كي ينشأ بعد هكذا ليستقل منك ويواجه الحياة بصورة سوية، فجاء الإسلام ونزع حق تصرف الآباء بأولادهم.

واعتبر قتل الأبناء لأي سبب من الأسباب من الجرائم الكبرى والذنوب العظيمة يقول الله سبحانه وتعالى {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31)} (2) كما نصت الأحاديث النبوية الشريفة على أن من السبع الموبقات المهلكات ذكر فيها: [الشرك بالله ثم ذكر فيها أيضًا وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق]، نص الفقهاء على أن حق الحياة مكفول للطفل، وأنه يتمتع بحق

(1) رواه ابن عدي وقال الألباني: موضوع.

(2)

الإسراء: 31.

ص: 25

الحماية الجنائية منذ لحظة الإخصاب، وأن الاعتداء عليه يشكل جناية على مخلوق لم يرى نور الحياة، حتى لو جاء هذا الطفل أو الجنين من طريق غير مشروع حتى لو كان تخلق أو وجود هذا الجنين ناشئ عن فاحشة ما دامت دبت فيه الحياة فله حرمة ويعتبر جناية ويحاسب عليها ويحاكم إسلامية، أو وجد ملقى على قارعة الطريق أيضًا يكون له حرمة.

ويجب على المسلمين وجوبًا كفائيًا إنقاذه من الضياع، أو من الموت، فالأمة مكلفة برعايته والإنفاق عليه حتى يبلغ رشده، ويكسب قوته، بنفسه، فإذا زنى الأبوان فما هو ذنب الطفل، ألا تزر وازرة وزر أخرى، وناقشنا هذا من قبل بالتفصيل في باب «الفقه شرح منا السبيل» (إمامة ابن الزنا) لو فاكرين اتكلمنا أحكام الإمامة زمان بالتفصيل فتكلمنا على حكم إمامة ابن الزنا، إذا كان أهلاً للإمامة يصح إمامته، لأنه لا ذنب له ولا يد له فيما فعل أبواه، كما نصوا على أنه لا يجوز إقامة الحد على الحبلى حتى طبع حملها إحترامًا لحق الحياة لما في بطنها، فقد جاءت الغامدية وهي حبلى من الزنا إلى نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم تطلب منه أن يطهرها من الجريمة التي اقترفتها، بإقامة حد الرجم عليها لأنها كانت متزوجة فقال لها صلى الله عليه وسلم إذهبي حتى تلدي فإن كان لنا سبيل عليك فليس لنا سبيل على ما في بطنك، ثم جاءت مرة أخرى بعد أن ولدت فقال لها اذهبي حتى تفطميه، فالولد بحاجة إلى لبن أمه، ثم جاءت بعد أن فطمته وبيده كسرة خبز فأخذه الرسول صلى الله عليه وسلم ودفعه إلى إحدى نساء المسلمين للعناية به وأقام الحد عليها.

رتب الشارع عقوبات بدنية ومالية تلزم من يعتدي على الجنين، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: اختلفت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها، وما في بطنها كانت حاملاً فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن دية جنينها غره عبد أو أمة، وقضى بدية المرأة على عاقلتها، وتقدر دية الجنين بعشر الدية.

قدم الفقهاء الحرص على حياة الجنين في بطن أمه على بعض العبادات، فقد شرع الإسلام للمرأة الحامل أن تفطر إذا خافت على حملها وهذا في الصيام فريضة، وهو ركن من أركان الإسلام الخمس فريضة الصيام في شهر رمضان، لكن إذا كان الصيام يضر الطفل فليس لها أن تصوم شرع الإسلام للمرأة الحامل أن تفطر إذا خافت على حملها بل يجب عليها ذلك إذا تأكدت أن الجنين سيتضرر بالصيام يقول صلى الله عليه وسلم إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة وعن الحبلى والمرضع الصيام اتفق الفقهاء كذلك على

ص: 26

ثبوت الحق للجنين في الوصية متى خرج حيًا، وقد تحقق وجوده حيًا في بطن أمه عند الوصية، حيث يحفظ له المال الموصى به إلى حين ولادته حيًا حيث يقول وليه بحفظه حتى بلوغ الطفل سن الرشد.

لقد قلبت الشريعة الإسلامية المفاهيم الجاهلية رأسًا على عقب فحلت الرحمة مكان القسوة، والعداله محل الظلم ونفضت الغبار الذي تراكم على فترة الجاهلي فجعلته يبصر طريقه بكل جلاء ووضوح فحلت الرابطة الروحية بين الآباء والأبناء محل الرابطة النفعية المادية التي كانت سائدة عند الأمم القديمة، والتي عبر عنها أحد الأعراب الجاهليين أبلغ تعبير عندما زفت إليه البشرى لميلاد بنت له فقال ما هي بنعمة الولد نصرها بكاء، وبرها سرقة.

وهذا من خصائص الجاهلية بغض ولادتة البنات، هذه من خصائص أهل الجاهلية فكان لما بشر بأنثى، قال ما هي بنعمى الولد نصرها بكاء يعني إذا أرادت أن تنصرني فإنها لا تستطيع حمل السلاح وإنما سلاحها أن تبكي، وتنتحب وبرها سرقة يعني إذا أرادت أن تبر أباها وتصله بالمال فإنها تسرق من مال زوجها يقول الله تعالى:{وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (59)} (1).

بل إن العربي في الجاهلية كان يرى من كمال رجولته إطالة العبوس تكشير، مع حدة في الطبع عند تعامله مع أولاده، حتى أنه كان يرى أن تقبيل الأولاد مؤشرٌ على ضعفه خاصة إذا كان يحتل مكانة قيادية بين قومه.

فهذا أحد زعماء قبيلة تميم الأقرع بن حابس الذي وفد على النبي صلى الله عليه وسلم وشهد فتح مكة وحنين والطائف وهو من المؤلفة قلوبهم لكن قد حسن إسلامه، فالأقرع بن حابس دخل على نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم فاستنكر عليه تقبيله حفيده الحسن بن علي رضي الله عنهما لأنه كان يرى أن هذا التصرف لا يليق بعظمة بقائد الدولة الإسلامية، فقال الأقرع مخاطبًا المصطفى صلى الله عليه وسلم قال: أتقبلون صبيانكم إن لي عشرة من الولد ما قبلت واحدًا منهم، كأنه نوع من الكبرياء ولا يليق بقائد وزعيم أن يفعل هذا فقال له النبي صلى الله عليه وسلم «أَوَأَمْلِكُ لَكَ أَنْ نَزَعَ

(1) النحل: 58 - 59.

ص: 27

اللَّهُ مِنْ قَلْبِكَ الرَّحْمَةَ» (1).نجح الإسلام في تغيير هذه الصورة وحصل تغيير في المشاعر وفي الأحاسيس من ناحية الآباء تجاه الأطفال في المجتمع المسلم.

إن المتأمل لكتب التراث الإسلامي المنثور منها والمنظوم يجدها تذخر بعشرات الشواهد التي ترصد التغيير الجذري الذي أحدثها الإسلام في نفسية العربي، وكيف حولها من نفسية تؤمن بجفاء الطبع والتباهي بالقسوة، إلى نفسية شفافة مرهفة الحس تتدفق بالحنان والشفقة والعطف والرحمة على كل من يتصل بها، وبشكل خاص الأبناء التي غدت سعادتهم من أسمى الأهداف عند الآباء، هذا الإمام محمد بن الشهاب الزهري صلى الله عليه وسلم يرى ابنًا له يمشي بين يديه فيقول معبرًا عن حبه له أكبادنا تمشي على الأرض أكد هذا المعنى أحد الشعراء بقوله:

وإنما أولادنا بيننا

أكبادنا تمشي على الأرض

لو هبت الريح على بعضهم

لامتنعت عيني من الغمض

لقد اعتبر الإسلام الأطفال هبة ثمينة من الله، وزينة في الحياة الدنيا، دون تفريق بين ذكر وأنثى، وجعل محبتهم والعطف عليهم وإدخال السرور إلى قلوبهم عبادة يتقرب بها إلى الله، ومعلمًا من معالم الإيمان فالقلوب القاسية والطباع الجافية أبعد ما تكون عن روح الشريعة الإسلامية، لأن هذه السجايا والأخلاق تتعارض مع مقاصد هذا الدين التي جعلت من الرحمة نبراسًا وهاديًا للبشرية يقول تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)} (2).

نكتفي بهذا القدر

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم

سبحانك اللهم ربنا وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

(1) صحيح ابن حبان من حديث عائشة رضي الله عنها، وصححه الألباني.

(2)

الأنبياء: 107.

ص: 28