الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ
3118 -
حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه بَعْدَهُ وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ الْعَرَبِ، قَالَ عُمَرُ: يَا أَبَا بَكْرٍ، كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهُ إِلَّا اللَّهُ، فَمَنْ قَالَ: لَا إِلَهُ إِلَّا اللَّهُ فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلَّا بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى "؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقَّ الْمَالِ، وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا، قَالَ عُمَرُ: فَوَاللَّهِ، مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتَ أَنْ قَدْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ
3119 -
حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَامَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي الْمَسْجِدِ، فَتَنَاوَلَهُ النَّاسُ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«دَعُوهُ، وَأَهْرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ أَوْ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ، فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ»
3120 -
حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، ثَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا طِيَرَةَ وَخَيْرُهَا الْفَأْلُ» قَالُوا: وَمَا الْفَأْلُ؟ قَالَ: «الْكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا أَحَدُكُمْ»
3121 -
حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ قَامَ رَجُلٌ مِنَ الْأَعْرَابِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اقْضِ لِي بِكِتَابِ اللَّهِ، فَقَالَ خَصْمُهُ: صَدَقَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اقْضِ لَهُ بِكِتَابِ اللَّهِ وَائْذَنْ لِي، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«قُلْ» فَقَالَ: إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا - وَالْعَسِيفُ الْأَجِيرُ - فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ، فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَلَىَ ابْنِيَ الرَّجْمَ، فَأَفْدَيْتُهُ بِمِائَةٍ مِنَ الْغَنَمِ وَوَلِيدَةٍ، ثُمَّ سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ فَأَمَرُونِي أَنَّ عَلَى امْرَأَتِهِ الرَّجْمَ، وَإِنَّمَا عَلَى ابْنِي جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ، أَمَا الْوَلِيدَةُ وَالْغَنَمُ فَرُدُّوهَا، وَأَمَّا ابْنُكَ فَعَلَيْهِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَتِهِ فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» فَغَدَا عَلَيْهَا أُنَيْسُ فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا
3122 -
حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَامَ عُيَيْنَةُ بْنُ
⦗ص: 212⦘
حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ، قَالَ: فَنَزَلَ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ الْحُرِّ بْنِ قَيْسِ بْنِ حِصْنٍ، وَكَانَ مِنَ النَّفَرِ الَّذِينَ يُدْنِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَكَانَ الْقُرَّاءُ أَصْحَابَ مَجَالِسِ عُمَرَ وَمَشُورَتِهِ كُهُولًا كَانُوا أَوْ شُبَّانًا، فَقَالَ عُيَيْنَةُ لِابْنِ أَخِيهِ: يَا ابْنَ أَخِي هَلْ لَكَ وَجْهٌ عِنْدَ هَذَا الْأَمِيرِ فَتَسْتَأْذِنَ لِي عَلَيْهِ، فَقَالَ: سَأَسْتَأْذِنُ لَكَ عَلَيْهِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَاسْتَأْذَنَ الْحُرُّ لِعُيَيْنَةَ فَأَذِنَ لَهُ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ:«هِيْ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، وَاللَّهِ مَا تُعْطِينَا الْجَزْلَ، وَلَا تَحْكُمُ بَيْنَنَا بِالْعَدْلِ» ، فَغَضِبَ عُمَرُ حَتَّى هَمَّ أَنْ يُوقِعَ بِهِ، فَقَالَ لَهُ الْحُرُّ:" يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ اللَّهَ عز وجل قَالَ لِنَبِيِّهِ عليه السلام {خُذِ الْعَفْوَ وَأَمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199] وَإِنَّ هَذَا مِنَ الْجَاهِلِينَ "، قَالَ:«فَوَاللَّهِ مَا جَاوَزَهَا عُمَرُ حِينَ تَلَاهَا عَلَيْهِ، وَكَانَ وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللَّهِ عز وجل»
3123 -
حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ، اسْتَفْتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي نَذْرٍ كَانَ عَلَى أُمِّهِ، تُوُفِّيَتْ قَبْلَ أَنْ تَقْضِيَهُ، فَأَفْتَاهُ أَنْ يَقْضِيَهُ عَنْهَا، فَكَانَتْ سُنَّةً بَعْدُ
3124 -
حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ سَمِعَ الصَّعْبَ بْنَ جَثَّامَةَ اللَّيْثِيَّ، - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُخْبِرُ أَنَّهُ أَهْدَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِمَارَ وَحْشٍ بِالْأَبْوَاءِ أَوْ بِوَدَّانَ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُحْرِمٌ، فَرَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ الصَّعْبُ: فَلَمَّا عَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَرَاهِيَةً رَدَّ هَدِيَّتَهُ فِي وَجْهِي، فَقَالَ
⦗ص: 213⦘
3125 -
حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَوِيلًا عَنِ الدَّجَّالِ، فَكَانَ فِيمَا حَدَّثَنَا أَنَّهُ قَالَ:" يَأْتِي الدَّجَّالُ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ نِقَابَ الْمَدِينَةِ، [فَيَنْزِلُ] بَعْضَ السِّبَاخِ الَّتِي تَلِي الْمَدِينَةَ، فَيُخْرُجُ اللَّهُ يَوْمَئِذٍ رَجُلًا وَهُوَ خَيْرُ النَّاسِ أَوْ مِنْ خَيْرِ النَّاسِ، فَيَقُولُ لَهُ: أَشْهَدُ أَنَّكَ الدَّجَّالَ الَّذِي حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِحَدِيثِهِ، فَيَقُولُ الدَّجَّالُ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ قَتَلْتُ هَذَا، ثُمَّ أَحْيَيْتُهُ هَلْ تَشُكُّونَ فِي الْأَمْرِ؟ فَيَقُولُونَ: لَا، فَيَقْتُلُهُ ثُمَّ يُحْيِيهِ، فَيَقُولُ حِينَ يُحْيِيهِ: وَاللَّهِ مَا كُنْتُ مِنْكَ أَشَدَّ بَصِيرَةً مِنِّيَ الْآنَ، فَيُرِيدُ الدَّجَّالُ أَنْ يَقْتُلَهُ فَلَا يُسَلَّطُ عَلَيْهِ "
3126 -
حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، طَلَّقَ امْرَأَتَهُ - وَهُوَ غُلَامٌ شَابٌّ فِي إِمَارَةِ مَرْوَانَ - بِنْتَ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ، وَأُمُّهَا حُزْمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ الْبَتَّةَ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهَا خَالَتُهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ، فَأَمَرَتْهَا بِالِانْتِقَالِ مِنْ بَيْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، فَسَمِعَ بِذَلِكَ مَرْوَانُ، فَأَرْسَلَ إِلَى بِنْتِ سَعِيدٍ يَأْمُرَهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَى مَسْكَنِهَا، وَيَسْأَلُهَا مَا حَمْلَهَا عَلَى الِانْتِقَالِ قَبْلَ أَنْ تَعْتَدَّ فِي مَسْكَنِهَا حَتَّى تَنْقَضِي عِدَّتُهَا؟ فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ تُخْبِرْهُ أَنَّ خَالَتَهَا فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ أَفْتَتْهَا بِذَلِكَ، وَأَخْبَرَتْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَفْتَاهَا بِالِانْتِقَالِ حِينَ طَلَّقَهَا أَبُو عَمْرِو بْنِ حَفْصٍ الْمَخْزُومِيُّ، فَأَرْسَلَ قَبِيصَةَ بْنَ ذُؤَيْبٍ إِلَى فَاطِمَةَ تَسْأَلُهَا
⦗ص: 214⦘
عَنْ ذَلِكَ؟ فَذَكَرْتَ فَاطِمَةُ أَنَّهَا " كَانَتْ تَحْتَ أَبِي عَمْرِو بْنِ حَفْصِ بْنِ الْمُغِيرَةَ الْمَخْزُومِيِّ، فَلَمَّا أَمَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ [عَلَى] الْيَمَنِ خَرَجَ مَعَهُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا بِتَطْلِيقَةَ، وَهِيَ بَقِيَّةُ طَلَاقِهَا، فَأَمَرَ لَهَا الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ وَعَيَّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ بِنَفَقَتِهَا، فَأَرْسَلَتْ إِلَى الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ وَعَيَّاشِ بْنِ رَبِيعَةَ تَسْأَلُهُمَا النَّفَقَةَ الَّتِي أَمَرَ لَهَا بِهَا زَوْجُهَا، [فَقَالَا: وَاللَّهِ] مَا لَهَا [نَفَقَةٌ وَلَا] أَنْ تَسْكُنُ فِي مَسْكَنِنَا إِلَّا بِإِذْنِنَا، قَالَتْ فَاطِمَةُ: فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: أَيْنَ أَنْتَقِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «انْتَقِلِي إِلَى ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ» وَهُوَ الْأَعْمَى الَّذِي سَمَّاهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ، قَالَتْ فَاطِمَةُ: فَانْتَقَلْتُ إِلَى عِنْدِهِ، وَكَانَ رَجُلًا قَدْ ذَهَبَ بَصَرُهُ، فَكُنْتُ أَضَعُ ثِيَابِي عِنْدَهُ حَتَّى أَنْكَحَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا مَرْوَانُ، وَقَالَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق: 1] فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: بَيْنِي وَبَيْنَهُمُ الْقُرْآنُ، إِنَّمَا أَنْزَلَ اللَّهُ هَذَا فِيمَنْ لَمْ يَبِتَّ طَلَاقُهُ، وَإِنَّمَا مَضَتِ السُّنَّةُ فِي تَرْكِ النَّفَقَةِ فِيمَنْ بَتَّ طَلَاقَهُ، وَكُنْتُمْ تَرَوْنَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَبْتُوتَةِ نَفَقَةٌ إِلَّا أَنْ تَكُونَ حَامِلًا، وَيُنْكِرُ عَلَيْهَا أَنْ تَخْرُجَ مِنْ بَيْتِهَا إِذَا بَتَّ طَلَاقُهَا، أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ قَالَ:{فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: 1] فِي مُرَاجَعَةِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ، وَقَالَ اللَّهُ عز وجل:{فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: 2] وَإِنَّمَا هَذَا لِمَنْ لَمْ يَبِتَّ طَلَاقَهُ، فَأَمَّا مِنْ بَتَّ طَلَاقَهُ فَلَيْسَ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ لِزَوْجِهَا، فَقَالَ مَرْوَانُ: لَمْ أسْمَعْ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ أَحَدٍ قَبْلَكَ، وَ [مَا] بِنَا أَنْ نَأْخُذَ بِالْعِصْمَةِ الَّتِي وَجَدْنَا النَّاسَ عَلَيْهَا
3127 -
حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، أَخَذَ بِالْكُوفَةِ رِجَالًا يُشِيعُونَ أَحَادِيثَ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ وَيَدْعُونَ إِلَيْهِ، فَكَتَبَ إِلَى عُثْمَانَ بِذَلِكَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُثْمَانُ أَنَّ «اعْرِضْ عَلَيْهِمْ دِينَ الْإِسْلَامِ وَشَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهَ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَمَنْ قَبِلَهَا وَتَبْرَأَ مِنْ دِينِ مُسَيْلِمَةَ فَلَا تَقْتُلْهُ، وَمَنْ لَزِمَ دِينَ مُسَيْلِمَةَ، فَاقْتُلْهُ» ، فَقَبِلَهَا رِجَالٌ وَتَرَكُوا دِينَ مُسَيْلِمَةَ، وَلَزِمَ دِينَ مُسَيْلِمَةَ رِجَالٌ، فَقَتَلُوا عَلَيْهِ
3128 -
حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ أَبَا وَاقِدٍ اللَّيْثِيَّ، - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَهُ أَنَّهُ بَيْنَمَا هُوَ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِالْجَابِيَةِ زَمَنَ قَدِمَهَا عُمَرُ، جَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ:«يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ زَوْجَتِي زَنَتْ بِعَبْدِي، وَهَاهِيَ ذِهِ تُعْتَرَفُ» ، قَالَ أَبُو وَاقِدٍ: فَدَعَانِي عُمَرُ عَاشِرَ عَشْرَةَ، فَأَرْسَلْنَا إِلَى امْرَأَتِهِ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَسْأَلَهَا عَمَّا قَالَ زَوْجُهَا، فَجِئْنَاهَا فَإِذَا هِيَ جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، فَقُلْتُ حِينَ رَأَيْتُهَا:«اللَّهُمَّ أَفْرِجْ فَاهَا عَمَّا شِئْتَ الْيَوْمَ» ، فَقُلْنَا لَهَا:«إِنَّ زَوْجَكِ أَتَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَأَخْبَرَهُ أَنَّكِ زَنَيْتِ بِعَبْدِهِ، فَأَرْسَلْنَا إِلَيْكِ لِنَشْهَدَ مَا تَقُولِينَ» ، فَقَالَتْ:«صَدَقَ» ، فَأَمَرَنَا عُمَرُ فَرَجَمْنَاهَا بِالْجَابِيَةِ
3129 -
حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ أُمَّ قَيْسٍ بِنْتَ مِحْصَنٍ الْأَسَدِيَّةَ، مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ، وَكَانَتْ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ الْأُوَلِ اللَّاتِي بَايَعْنَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ أُخْتُ عُكَّاشَةَ بْنَ مِحْصَنٍ - أَخْبَرَتْهُ، أَنَّهَا أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِابْنٍ لَهَا قَدْ عَلَّقَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْعُذْرَةِ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
⦗ص: 216⦘
: «عَلَامَ تَدْغَرْنَ أَوْلَادَكُنَّ بِهَذِهِ الْعِلَاقِ [العَلائِقِ] ، عَلَيْكُُمْ [عَلَيْكُنَّ] بِهَذَا الْعُودِ الْهِنْدِيِّ، فَإِنَّ فِيهِ سَبْعَةَ أَشْفِيَةٍ، مِنْهَا ذَاتُ الْجَنْبِ» يُرِيدُ الْكُسْتَ [الْقُسْطَ]
3130 -
حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَعَائِشَةَ، أَخْبَرَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُمْ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ:«صُبُّوا عَلَيَّ مِنْ سَبْعِ قِرَبٍ لَمْ تُحْلَلْ مِنْ أَوْكِيَتِهِنَّ، لَعَلِّي أَخْرَجُ إِلَى النَّاسِ» فَأَجْلَسْنَاهُ فِي مِخْضَبِ حَفْصَةَ زَوْجَتَهُ، ثُمَّ طَفِقْنَا نَصُبُّ عَلَيْهِ تِلْكَ الْقِرَبِ، فَطَفِقَ يُشِيرُ إِلَيْنَا بِيَدِهِ أَنْ قَدْ فَعَلْتُمْ، فَخَرَجَ وَصَلَّى بِهِمْ وَخَطَبَهُمْ
3131 -
وَعَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَائِشَةَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَاهُ، قَالَا: لَمَّا نَزَلَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَوْتُ، طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً لَهُ عَلَى وَجْهِهِ، فَإِذَا اغْتَمَّ كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ، قَالَ: وَهُوَ كَذَلِكَ يَقُولُ: «لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» يُحَذِّرُ مِثْلَ مَا صَنَعُوا
3132 -
حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ
⦗ص: 217⦘
الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، أَخْبَرَهُ، أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فِي رَكِبٍ مِنْ قُرَيْشٍ - وَكَانُوا تُجَّارًا بِالشَّامِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَادَّ فِيهَا أَبَا سُفْيَانَ وَكُفَّارَ قُرَيْشٍ - فَأَتَوْهُ وَهُوَ بِإِيلِيَا، فَدَعَاهُمْ إِلَى مَجْلِسِهِ وَحَوْلَهُ عُظَمَاءُ الرُّومِ، ثُمَّ دَعَا بِتَرْجُمَانِهِ، فَقَالَ:«أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا بِهَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ» ؟ قَالُوا: «أَبُو سُفْيَانَ» فَقُلْتُ: «أَنَا أَقْرَبُهُمْ بِهِ نَسَبًا» فَقَالَ: «ادْنُوهُ مِنِّي، وَقَرِّبُوا أَصْحَابَهُ» ، فَجَعَلُوهُمْ عِنْدَ ظَهْرِهِ ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ:" قُلْ لَهُمْ: إِنِّي سَائِلُ هَذَا عَنِ الرَّجُلِ، فَإِنْ كَذَبَ فَكَذِّبُوهُ ". قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: «فَوَاللَّهِ لَوْلَا الْحَيَاءُ أَنْ يَأْثِرُوا عَلِيَّ كَذِبًا لَكَذَبْتُهُ عَنْهُ» ، قَالَ: ثُمَّ كَانَ أَوَّلُ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَنْ قَالَ: «كَيْفَ نَسَبُهُ فِيكُمْ» ؟ . قُلْتُ: «هُوَ فِينَا ذُو نَسَبٍ» . قَالَ: «فَهَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلُ مِنْكُمْ أَحَدٌ قَطُّ قَبْلَهُ» ؟ . قُلْتُ: «لَا» . قَالَ: «فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ» ؟ . قُلْتُ: «لَا» . قَالَ: «فَأَشْرَافُ النَّاسِ اتَّبَعُوهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ» ؟ . قُلْتُ: «بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ» . قَالَ: «أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ» ؟ . قُلْتُ: «بَلْ يَزِيدُونَ» . قَالَ: «فَهَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ» ؟ . قُلْتُ: «لَا» . قَالَ: «فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ الَّذِي قَالَ» ؟ . قُلْتُ: «لَا» . قَالَ: «فَهَلْ يَغْدِرُ» ؟
⦗ص: 218⦘
. قُلْتُ: «لَا، وَنَحْنُ مِنْهُ فِي مُدَّةِ [هُدْنَةٍ] لَا نَدْرِي مَا هُوَ فَاعِلٌ فِيهَا» ، وَلَمْ يُمَكِّنُنِي كَلِمَةً أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا غَيْرَ هَذِهِ الْكَلِمَةِ. قَالَ:«فَهَلْ تُقَاتِلُونَهُ» ؟ . قُلْتُ: «نَعَمْ» . قَالَ: «كَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ» ؟ . قُلْتُ: «الْحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِجَالٌ، يَنَالُ مِنَّا وَنَنَالُ مِنْهُ» . قَالَ: «فَمَاذَا يَأْمُرُكُمْ [بِهِ] » ؟ . قُلْتُ: " يَقُولُ: اعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَاتْرُكُوا [مَا يَعْبُدُ] آبَاؤُكُمْ «وَيَأْمُرُنَا بِالصَّلَاةِ وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ وَالصِّلَةِ» . فَقَالَ لِلتَّرْجُمَانِ: " قُلْ لَهُ إِنِّي سَأَلْتُكَ عَنْ نَسَبِهِ، فَذَكَرْتَ أَنَّهُ فِيكُمْ ذُو نَسَبٍ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي نَسَبِ قَوْمِهَا، وَسَأَلْتُكَ: هَلْ قَالَ أَحَدٌ مِنْكُمْ هَذَا الْقَوْلَ؟ فَذَكَرْتَ لَا، قُلْتُ: لَوْ كَانَ أَحَدٌ مِنْكُمْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ قَبْلَهُ قُلْتَ: رَجُلٌ يَأْتَمُّ بِمَنْ قَبْلَهُ، وَسَأَلْتُكَ: هَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ؟ فَذَكَرْتَ: لَا، قُلْتُ: لَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ قُلْتَ: رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ أَبِيهِ، وَسَأَلْتُكَ: هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَهُ؟ فَذَكَرْتُ: لَا، فَقَدْ عَرَفَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَذَرَ الْكَذِبَ عَلَى النَّاسِ وَيَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ، وَسَأَلْتُكَ: أَشْرَافُ النَّاسِ اتَّبَعُوهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟ فَذَكَرْتَ أَنَّ ضُعَفَاءَهُمُ اتَّبَعُوهُ، وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ، وَسَأَلْتُكَ: أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ؟ فَذَكَرْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ، وَكَذَلِكَ أَمْرُ الْإِيمَانِ حَتَّى يَتِمَّ، وَسَأَلْتُكَ: أَيَرْتَدُّ مِنْهُمْ [أَحَدٌ] سَخْطَةً لِدِينِهِ [بَعْدَ] أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ؟ فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ حِينَ يُخَالِطُ بَشَاشَةَ الْقُلُوبِ، وَسَأَلْتُكَ: هَلْ يَغْدِرُ؟ فَزَعَمْتَ أَنْ لَا، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لَا تَغْدِرُ، وَسَأَلْتُكَ: بِمَ يَأْمُرُكُمْ؟ فَذَكَرْتَ أَنَّهُ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا
⦗ص: 219⦘
بِهِ شَيْئًا، وَيَنْهَاكُمْ عَنْ عُبَادَةِ الْأَوْثَانِ، وَيَأْمُرُكُمْ بِالصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ وَالصِّلَةِ، فَإِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا فَسَيَمْلِكُ مَوْضِعَ قَدَمَيَّ هَاتَينِ، وَهُوَ نَبِيُّ، وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ، وَلَكِنْ لَمْ أَظُنُّ أَنَّهُ مِنْكُمْ، وَلَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَنِّي أَخْلُصُ إِلَيْهِ لَتَجَشَّمْتُ لِقَاءَهُ، وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ [كَذَا] قَدَمَيْهِ، ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِي بَعَثَ بِهِ دِحْيَةُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى، فَدَفَعَهُ إِلَى هِرَقْلَ، فَقَرَأَهُ، فَإِذَا هُوَ: " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ، سَلَّامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى، أَمَّا بَعْدُ أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الْإِسْلَامِ، أَسْلِمْ؛ تَسْلَمْ؛ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنٍ، فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَعَلَيْكَ إِثْمُ الْأَرِيسِيِّيِنَ، وَ {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا} [آل عمران: 64] الْآيَةَ. قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَلَمَّا قَالَ مَا قَالَ، وَفَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الْكِتَابِ، كَثُرَ عِنْدَهُ الصَّخَبُ، وَارْتَفَعَتِ الْأَصْوَاتُ وَأُخْرِجْنَا، قُلْتُ لِأَصْحَابِي حِينَ أُخْرِجْنَا: لَقَدْ [بَلَغَ] أَمْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ أَنَّهُ يَخَافُهُ مَلِكُ بَنِي الْأَصْفَرِ، فَمَا زِلْتُ مُوقِنًا أَنَّهُ سَيَظْهَرُ حَتَّى أَدْخَلَ اللَّهُ عَلِيَّ الْإِسْلَامَ. وَكَانَ ابْنُ نَاطُورٍ - وَهُوَ صَاحِبُ إِيلِيَا - وَهِرَقْلُ أَسَقُفَّةً عَلَى نَصَارَى الشَّامِ - يُحَدِّثُ أَنَّ هِرَقْلَ حِينَ قَدِمَ إِيلِيَا أَصْبَحَ يَوْمًا خَبِيثَ النَّفْسِ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ بَطَارِقَتِهِ: لَقَدْ أَنْكَرْنَا هَيْأَتَكَ، فَقَالَ ابْنُ نَاطُورٍ، وَكَانَ هِرَقْلُ رَجُلًا [حَزَّاءً] يَنْظُرُ إِلَى النُّجُومِ، فَقَالَ لَهُمْ حِينَ سَأَلُوهُ: إِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ حِينَ نَظَرْتُ فِي النُّجُومِ مَلَكَ الْخِتَانِ قَدْ ظَهْرَ، فَمَنْ يَخْتَتِنُ مِنْ هَذِهِ الْأُمَمِ؟ قَالُوا: لَيْسَ يَخْتَتِنُ غَيْرَ الْيَهُودِ، فَلَا يُهِمَّنَّكَ شَأْنَهُمْ، وَاكْتُبْ إِلَى مَدَائِنِ مُلْكِكَ فَلْيَقْتُلُوا مَنْ فِيهِمْ مِنَ الْيَهُودِ، فَبَيْنَا هُمْ عَلَى أَمْرِهِمْ ذَلِكَ أَتَى هِرَقْلُ بِرَجُلٍ أَرْسَلَ بِهِ مَلَكُ غَسَّانَ يُخْبِرُهُ عَنْ خَبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا اسْتَخْبَرَهُ هِرَقْلُ، قَالَ: اذْهَبُوا فَانْظُرُوا أَمُخْتَتَنٌ هُوَ أَوْ لَا؟ فَنَظَرُوا إِلَيْهِ فَحَدَّثُوا أَنَّهُ مُخْتَتَنٌ، فَسَأَلَهُ عَنِ الْعَرَبِ أَيَخْتَتِنُونَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ هُمْ يَخْتَتِنُونَ
⦗ص: 220⦘
، فَقَالَ هِرَقْلُ: هَذَا مَلِكُ هَذِهِ الْأُمَّةِ قَدْ ظَهْرَ، فَكَتَبَ هِرَقْلُ إِلَى صَاحِبٍ لَهُ بِالرُّومِيَّةِ، وَكَانَ نَظِيرَهُ فِي الْعِلْمِ، وَسَارَ هِرَقْلُ إِلَى حِمْصَ، فَلَمْ يَرِمْ حِمْصَ حَتَّى أَتَى كِتَابٌ مِنْ صَاحِبِهِ يُوَافِقُ هِرَقْلَ عَلَى خُرُوجِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَّهُ نَبِيٌّ، فَأَذِنَ هِرَقْلُ لِعُظَمَاءِ الرُّومِ فِي دَسْتَكْرَةٍ لَهُ فِي حِمْصَ، ثُمَّ أَمَرَ بِأَبْوَابِهَا، فَغُلِّقَتْ، ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ:«يَا مَعْشَرَ الرُّومِ، هَلْ لَكُمْ فِي الْفَلَاحِ وَالرُّشْدِ وَأَنْ يَثْبُتَ مُلْكُكُمْ؟ تَتَّبِعُونَ هَذَا الرَّجُلَ» ، فَحَاصُوا حَيْصَةَ حُمْرِ الْوَحْشِ إِلَى الْأَبْوَابِ، فَوَجَدُوهَا قَدْ أُغْلِقَتْ، فَلَمَّا رَأَى هِرَقْلَ نَفْرَتَهُمْ وَأَيسَ مِنْ قَبُولِهِمْ قَالَ:«رُدُّوهُمْ عَلَيَّ» ، وَقَالَ:«إِنِّي قُلْتُ مَقَالَتِي الَّتِي قُلْتُ لَكُمْ آنِفًا أَخْتَبِرُ بِهَا شِدَّتَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ، فَقَدْ رَأَيْتُ الَّذِيَ أَحَبُّ مِنْكُمْ» ؛ فَسَجَدُوا لَهُ وَرَضُوا عَنْهُ، فَكَانَ ذَلِكَ آخِرُ شَأنِ هِرَقْلَ