المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الجزء العاشر من مشيخة الشيخ الإمام، العالم، الأوحد، العلامة، القدوة، شرف - مشيخة شرف الدين اليونيني

[اليونيني، شرف الدين]

الفصل: ‌ ‌الجزء العاشر من مشيخة الشيخ الإمام، العالم، الأوحد، العلامة، القدوة، شرف

‌الجزء العاشر

من مشيخة الشيخ الإمام، العالم، الأوحد، العلامة، القدوة، شرف الدين أبي الحسين علي بن الشيخ الفقيه الإمام، العلامة، الرباني، تقي الدين أبي عبد الله محمد بن أبي الحسين بن عبد الله بن عيسى بن أحمد اليونيني، أمتع الله تعالى بطول بقائه.

تخريج العبد الفقير إلى لطف ربه محمد بن أبي الفتح بن أبي الفضل البعلبكي، عفا الله عنه.

سمعه ونقله وما قبله سمعه عبد القادر بن علي

فرغه سماعاً عبد الله وبعده عثمان بن المقاتلي

اليونيني، عفا الله عنه سنجر الدواداري

سمع من أول المشيخة إلى آخر الجزء الحادي عشر

أحمد بن يعقوب ابن المقرئ طالعه وانتقى منه وهو

يوسف بن عبد الهادي

فيه من الشيوخ

تقي الدين سليمان الإسعردي والقاضي تاج (الدين) عبد الخالق

ونجيب الدين المقداد وفرج الحبشي

وشمس الدين ابن الكمال والعماد إسماعيل بن جوسلين

والشمس بن سعد والحسين الإربلي الأديب

وطغريل بن عبد الله التركي

رضي الله عنهم

ص: 111

بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم يسر

الشيخ الثاني والخمسون

أخبرنا الشيخ الفقيه الإمام، تقي الدين، أبو الربيع، سليمان بن إبراهيم بن هبة الله الإسعردي، قراءةً عليه وأنا أسمع، أخبركم أبو القاسم هبة الله بن علي بن مسعود البوصيري، أخبرنا أبو صادق مرشد بن يحيى بن القاسم المديني، أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر بن محمد الحراني، أخبرنا أبو القاسم حمزة بن محمد بن علي بن محمد بن العباس الجياني، أخبرنا أبو بكر أحمد بن

ص: 113

محمد بن نافع، حدثنا أبو مصعب الزهري، حدثنا مالك بن أنس، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب.

عن أبي هريرة، أن رجلاً من أهل البادية أتى النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن امرأتي ولدت غلاماً أسود، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((هل لك من إبل؟ قال: نعم. قال: ما ألوانها؟ قال: حمرٌ. قال: هل فيها من أورق؟ قال نعم. قال: فأنى ترى ذلك، قال: نزعه عرق. قال: ولعل هذا نزعه عرق)) .

أخرجه البخاري، في الطلاق، عن يحيى بن قزعة، عن مالك.

وأخرجه مسلم، في اللعان، عن قتيبة، وأبي بكر، وعمرو الناقد، وزهير، عن سفيان.

وعن محمد بن رافع، عن ابن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب.

وعن إسحاق بن راهويه، وعبد، ومحمد بن رافع، عن عبد الرزاق، عن معمر، كلهم عن الزهري، فوقع (عالياً) ، كأن شيخنا سمعه من الفارسي، وبينه وبين مسلم اثنان.

وأخبرنا أبو الربيع، قراءةً عليه، أخبركم أبو القاسم البوصيري، أخبرنا أبو جعفر يحيى بن المشرف بن علي التمار، أخبرنا أبو العباس أحمد بن

ص: 114

نفيس المقرئ، أخبرنا القاضي أبو الحسن علي بن الحسين بن بندار، أخبرنا أبو طاهر الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن فيل الأسدي، البالسي، حدثنا هارون بن داود، حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد.

عن الشعبي قال: دعا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بلبنٍ بعدما طعن، فشرب فخرج من خراجته، فقال: الله أكبر، فجعل جلساؤه يثنون عليه، فقال: إن من عزرتموه لغرور، والله لوددت أني خرجت منها كما دخلت فيها. والله لو كان لي ما طلعت عليه الشمس لافتديت به من هول المطلع.

الشيخ الثالث والخمسون

قرئ على الشيخ القاضي أبي محمد عبد الخالق بن عبد السلام بن سعيد بن علوان،

ص: 115

وأنا أسمع، أخبركم الإمام العلامة، أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي، أخبرنا أبو زرعة طاهر بن محمد بن طاهر المقدسي، أخبرنا أبو منصور محمد بن الحسين المقومي، إجازةً إن لم يكن سماعاً، أخبرنا أبو طلحة القاسم بن أبي المنذر الخطيب، أخبرنا أبو الحسن علي بن إبراهيم بن سلمة القطان، حدثنا أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه، حدثنا عمرو بن رافع، حدثنا جرير، عن

ص: 116

منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن كريب.

عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((لو أن أحدكم إذا أتى امرأته قال: اللهم جنبني الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقنا، ثم كان بينهما ولد لم يسلط الله (عليه) الشيطان أو لم يضره)) .

وأخبرنا به عالياً أبو المنجا عبد الله بن عمر الحريمي، أخبرنا أبو الوقت السجزي، أخبرنا أبو الحسن الداودي، أخبرنا أبو محمد الحموي، أخبرنا أبو إسحاق بن إبراهيم بن خزيم الشاشي، حدثنا أبو محمد عبد بن حميد الكشي، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا الثوري، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن كريب.

عن ابن عباس، من قوله بنحوه.

أخرجه مسلم، عن عبد بن حميد، فوقع موافقةً.

وبالإسناد إلى ابن ماجه قال: حدثنا محمد بن يحيى، والعباس بن الوليد

ص: 117

الدمشقي، ومحمد بن الحسين، قالوا: حدثنا علي بن عياش الألهاني، حدثنا شعيب بن أبي حمزة، عن محمد بن المنكدر.

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت سيدنا محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، إلا حلت له الشفاعة يوم القيامة)) .

وأخبرنا به أعلا من هذا بدرجتين الأئمة الأعلام، شمسا الدين: أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن عبد الواحد، وأبو الفرج عبد الرحمن ابن الإمام أبي عمر محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسيان، ومحيي الدين أبو المفضل

ص: 118

يحيى بن القاضي أبي المعالي محمد بن علي بن محمد القرشي، قراءةً عليهم، قيل لكل: أخبركم أبو حفص عمر بن محمد البغدادي، أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن إبراهيم، أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن عبد الله الشافعي حدثنا إبراهيم بن الهيثم البلدي وأخبرنا به أبو عبد الله بن الزبيدي، نا أبو الوقت السجزي، نا أبو الحسن الداودي، نا أبو محمد بن حمويه السرخسي، نا محمد بن يوسف الفريابي، حدثنا أبو عبد الله.

حدثنا علي بن عياش الحمصي، حدثنا شعيب بن أبي حمزة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر، فذكره بلفظه.

رواه الإمامان: أحمد بن حنبل، والبخاري، عن علي بن عياش بنحوه.

ورواه أبو داود السجستاني، عن الإمام أحمد، فوقع موافقة لأحمد، وبدلاً عالياً لأبي داود، ولله الحمد.

ص: 119

ولد شيخنا تاج الدين أبو محمد عبد الخالق في سنة ثلاثٍ وستماية، في أحد الربيعين.

الشيخ الرابع والخمسون

أخبرنا الشيخ الأمين، العدل، الرضي، أبو المرهف المقداد بن أبي القاسم هبة الله بن المقداد القيسي الصقلي، قراءةً عليه وأنا أسمع، أخبركم أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج بن علي الحصري، قراءةً عليه، أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن أبي زيد يحيى البصري، قراءةً عليه، أخبرنا أبو علي علي بن أحمد بن علي التستري، أخبرنا القاضي أبو عمر القاسم بن جعفر الهاشمي، أخبرنا أبو علي محمد بن أحمد بن عمرو اللؤلؤي، حدثنا أبو داود سليمان بن

ص: 120

الأشعث السجستاني، حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن عمه واسع بن حبان.

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: ((لقد ارتقيت على ظهر البيت فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على لبنتين مستقبل بيت المقدس لحاجته)) . وأخبرنا به أعلا من هذا بدرجتين: عبد الله بن عمر بن علي الحريمي

ص: 121

قراءةً عليه قال: أخبرنا عبد الأول بن عيسى الصوفي، أخبرنا أبو الحسن الداودي، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد الحموي، أخبرنا أبو عمران عيسى بن عمر السمرقندي، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، أخبرنا يزيد بن هارون، حدثنا يحيى بن سعيد، أن محمد بن يحيى بن حبان أخبره، أن عمه واسع بن حبان أخبره.

عن ابن عمر قال: ((رأيت النبي صلى الله عليه وسلم على ظهر بيتنا فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم جالساً على لبنتين مستقبل بيت المقدس)) .

هذا حديث صحيح متفقٌ على صحته وثبوته. أخرجه الأئمة في كتبهم.

وأخرجه أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه، عن أبي بكر بن خلاد، ومحمد بن يحيى، عن يزيد بن هارون، فوقع بدلاً عالياً.

ولله الحمد والمنة.

وبالإسناد إلى أبي داود قال: حدثنا عمرو بن محمد، حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا إسرائيل، عن يوسف بن أبي بردة، عن أبيه، قال:

حدثتني عائشة رضي الله عنها: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج من الغائط قال: غفرانك)) .

ص: 122

وأخبرنا به أعلا من هذا برجلين: أبو المنجا البغدادي، أخبرنا أبو الوقت، أخبرنا الداودي، أخبرنا السرخسي، أخبرنا أبو عمران السمرقندي، أخبرنا أبو محمد الدارمي، أخبرنا مالك بن إسماعيل، حدثنا إسرائيل، عن يوسف بن أبي بردة، عن أبيه.

أن عائشة حدثته: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج من الخلاء قال: ((غفرانك)) .

وأخرجه الترمذي، عن محمد بن حميد، عن مالك بن إسماعيل، فوقع بدلاً عالياً.

توفي شيخنا المقداد المذكور يوم الأربعاء سابع شعبان سنة إحدى وثمانين وستماية، (ودفن يوم الخميس بجبل قاسيون شمالي دمشق) .

الشيخ الخامس والخمسون

أخبرنا الشيخ المسند أبو المغيث فرج بن عبد الله الحبشي، بقراءتي عليه، أخبركم أبو طاهر بركات بن إبراهيم بن طاهر القرشي الخشوعي، أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة بن الخضر السلمي، أخبرنا أبو القاسم الحسين بن محمد بن

ص: 123

إبراهيم الحنائي، حدثنا أبو الحسين عبد الوهاب بن الحسن بن الوليد الكلابي، أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عمير بن يوسف بن جوصا، حدثنا كثير بن عبيد، حدثنا محمد بن حرب، عن الزبيدي، عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف.

أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من حلف فقال في حلفه باللات فليقل لا إله إلا الله، ومن قال لصاحبه: تعال أقامرك، فليتصدق)) .

أخرجه البخاري من طرقٍ، منها عن ابن بكير، عن الليث، عن عقيل،

ص: 124

ومسلم، من طرقٍ، منها عن أبي الطاهر، وحرملة، عن ابن وهب، عن يونس، كلاهما عن الزهري.

وأخرجه النسائي، عن كثير بن عبيد، فوقع موافقةً له وحده.

وأخبرنا أبو المغيث فرج بن عبد الله بقراءتي عليه، أخبركم أبو طاهر الخشوعي، أخبرنا عبد الكريم السلمي، أخبرنا أبو القاسم الحنائي، حدثنا أبو الحسين الكلابي، أخبرنا أبو الحسن بن جوصا، حدثنا عمرو بن عثمان، وكثير بن عبيد قالا: حدثنا بقية بن الوليد، حدثني الزبيدي، أخبرني الزهري، عن عروة.

عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يبعث الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلاً)) ، فقالت عائشة: يا رسول (الله) فكيف بالعورات؟ قال: {لكل امرئٍ منهم يومئذٍ شأنٌ يغنيه} .

أخرجه النسائي، عن عمرو بن عثمان، فوقع موافقة.

و ((غرلاً)) جمع الأغرل، وهو الأقلف. و ((الغرلة)) : القلفة. والله أعلم.

الشيخ السادس والخمسون

أخبرنا الإمام الزاهد أبو عبد الله محمد بن عبد الرحيم بن عبد الواحد بن أحمد المقدسي، قراءةً عليه، أخبركم عمك الحافظ أبو عبد الله محمد بن

ص: 125

عبد الواحد بن أحمد المقدسي، قراءةً عليه قال: أخبرنا أبو روح عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل الهروي، قراءةً عليه.

قال شيخنا محمد بن عبد الرحيم وغيره من شيوخنا، أخبرنا أبو روح إجازةً، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن الحسين بن حمزة العلوي، أخبرنا أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني، (إجازة) أخبرنا أبو طاهر محمد بن الفضل بن إسحاق بن خزيمة، أخبرنا جدي الإمام أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة، حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى، حدثنا

ص: 126

عبد الصمد، حدثنا أبان بن يزيد، حدثنا قتادة، عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((لا تزال جهنم تقول هل من مزيد فيقول رب العالمين فيضع منها قدمه، فينزوي بعضها إلى بعض فتقول: بعزتك قط قط. وما يزال في الجنة فضل حتى ينشئ الله لها خلقاً آخر فيسكنه الجنة من فضول الجنة)) .

وأخبرنا به أعلا من هذا بدرجتين: عبد الله بن عمر البغدادي، قراءةً عليه، أخبرنا أبو الوقت السجزي، أخبرنا أبو الحسن الداودي، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد، أخبرنا إبراهيم بن خزيم الشاشي، حدثنا أبو محمد عبد حميد، حدثنا يونس بن محمد، حدثنا شيبان، عن قتادة.

حدثنا أنس رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تزال جهنم تقول: هل من مزيد، حتى يضع فيها رب العزة قدمه، فتقول: قط قط وعزتك، ويزوي بعضها إلى بعض)) .

أخرجه مسلم، عن عبد بن حميد، به، فوقع موافقةً عالية.

وبالإسناد إلى أبي بكر بن خزيمة، قال: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا أبو

ص: 127

داود، حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة.

عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((إن الله يبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، ويبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار حتى تطلع الشمس من مغربها)) .

أخرجه مسلم، عن محمد بن بشار كما أخرجناه، فوقع موافقة.

مولد شيخنا أبي عبد الله محمد بن عبد الرحيم [في ذي الحجة سنة سبع وستمائة] وتوفي ليلة الثلاثاء بعد عشاء الآخرة لتسع خلون من جمادى الأولى سنة ثمانٍ وثمانين وست مئة، ودفن من الغد بجبل قاسيون، رحمه الله تعالى وإيانا.

الشيخ السابع والخمسون

أخبرنا الشيخ الإمام، العالم، أبو محمد إسماعيل بن إسماعيل بن جوسلين البعلي، الحنبلي، قراءةً عليه، أخبرك الإمام الحجة أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي، قراءةً عليه، أخبرنا أبو الفتح محمد بن

ص: 128

عبد الباقي بن أحمد بن سلمان، قراءةً عليه سنة اثنتين وستين وخمسماية ببغداد، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أبي نصر بن عبد الله الحميدي، أخبرنا أبو القاسم منصور بن النعمان بن منصور الصيمري في منزله بمصر، بقراءتي عليه، حدثنا القاضي أبو الحسن علي بن محمد بن إسحاق بن يزيد لفظاً، حدثنا أبو الحسن علي بن عبد الحميد الغضائري، حدثنا عبد الله بن محمد الجمحي، حدثنا الحمادان: حماد بن سلمة، وحماد بن زيد، قالا: ثنا

ص: 129

عبد العزيز بن صهيب.

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تسحروا فإن في السحور بركة)) .

ح وأخبرني (به أعلا بدرجة) الإمام العارف، شهاب الدين أبو حفص عمر بن محمد بن عبد الله السهروردي وآخرون إجازةً، قالوا: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي إذناً.

ح وأخبرناه عالياً أبو المنجا عبد الله بن عمر بن علي، قراءةً عليه، أخبرنا أبو الوقت السجزي أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المظفر الداودي، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد الحموي، أخبرنا أبو عمران عيسى بن عمر بن العباس السمرقندي، أخبرنا (محمد) أبو عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، أخبرنا سعيد بن عامر، عن شعبة، عن عبد العزيز بن صهيب.

ص: 130

عن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تسحروا فإن في السحور بركة)) .

أخرجه البخاري، عن آدم، عن شعبة.

وأخرجه مسلم، عن يحيى بن يحيى، عن هشيم.

كلاهما عن عبد العزيز، وعن قتيبة، عن أبي عوانة، عن قتادة.

وأخبرنا الشيخ أبو محمد إسماعيل، أخبرنا الإمام أبو محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة، أخبرنا أبو الفتح بن البطي.

وأخبرني جماعة من شيوخي عنه إجازةً، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أبي نصر الحميدي، حدثنا الرئيس أبو العباس أحمد بن رشيق الكاتب، رحمه الله، وكان من أفضل رئيس رأيناه بالمغرب.

حدثني أبو عبد الله محمد بن شجاع الصوفي، رحمه الله قال: كنت بمصر أيام سياحتي، فتاقت نفسي إلى النساء، فذكرت ذلك لبعض إخواني.

فقال لي: هاهنا امرأة صوفية، لها ابنة مثلها جميلة قد ناهزت البلوغ.

قال: فخطبتها وتزوجتها، فلما دخلت عليها وجدتها مستقبلة القبلة تصلي، فاستحييت أن تكون صبية في مثل سنها تصلي، وأنا لا أصلي، فاستقبلت القبلة وصليت ما قدر لي حتى غلبتني عيني، فنمت في مصلاي، ونامت في مصلاها. فلما كان في اليوم الثاني كان مثل ذلك أيضاً، فلما طال علي.

قلت لها: يا هذه ما لاجتماعنا معنىً.

فقالت لي: أنا في خدمة مولاي، ومن له حق فما أمنعه.

قال: فاستحييت من كلامها، وتماديت على أمري نحو الشهر، ثم بدا لي السفر.

فقلت: يا هذه.

ص: 131

قالت: لبيك.

قلت: إني قد أردت السفر.

قالت: مصاحباً بالعافية.

قال: فقمت، فلما صرت عند الباب. قامت.

فقالت: يا سيدي، كان بيننا عهدٌ في الدنيا لم يقض بتمامه، عسى في الجنة إن شاء الله.

قلت لها: عسى.

قالت: أستودعك الله خير مستودع.

قال: فتودعت منها وخرجت.

قال: ثم عدت إلى مصر بعد سنين، فسألت عنها.

فقيل لي: هي على أفضل ما تركتها عليه من العبادة والاجتهاد.

وبالإسناد إلى أبي عبد الله الحميدي، قال: أنشدني أبو محمد علي بن أحمد لنفسه:

سلامٌ على دهر التلاقي مرددٌ

ولا لقي التفريق أهلاً ولا سهلا

ويا بين بن عنا دميماً مبعداً

ويا دهر قرب كالذي نعهد الوصلا

أقول وقد هم الفؤاد برحلة

ولكن رحا القرب قال له مهلا

لعل الذي يدني ويبعد والذي

قضى بفراق الشمل أن يجمع الشملا

وبالإسناد إلى الحميدي قال: وأنشدنا أيضاً للوزير أبي الحسن جعفر بن عثمان المصحفي:

يا ذا الذي أودعني سره

لا ترج أن تسمعه مني

لم أجره بعدك في خاطري

كأنه ما مر في أذني

الشيخ الثامن والخمسون

أخبرنا الشيخ الإمام، العالم، شمس الدين، أبو عبد الله، محمد بن سعد بن عبد الله بن سعد المقدسي،

ص: 132

قراءةً عليه وأنا أسمع، أخبركم الشيخ أبو الحسين أحمد بن حمزة بن علي بن الحسن بن الحسين السلمي الشافعي، المعروف بابن الموازيني، قراءةً عليه، في شهر ربيع الآخر سنة تسع وسبعين وخمس مئة، أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن قراءةً عليه في جمادى الآخرة سنة خمس وأربعين وأربع مئة، حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن عمر بن محمد بن سعيد البزاز، المعروف بابن النحاس بمصر، حدثنا أبو عمرو عثمان بن محمد بن أحمد بن محمد بن هارون بن وردان السمرقندي سنة ثمانٍ وثلاثين وثلاثماية، حدثنا محمد بن عبد الحكم، حدثنا آدم وهو ابن أبي إياس، حدثنا شعبة، حدثنا عبد الله بن دينار قال: سمعت سليمان بن يسار يحدث، عن عراك بن مالك.

ص: 133

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس على فرس المسلم ولا على غلامه صدقة، يعني الزكاة)) .

وأخبرنا به أعلا من هذا أبو المنجا عبد الله بن عمر بن اللتي، قراءةً عليه، أخبركم أبو الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي، أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد الداودي، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حمويه السرخسي، أخبرنا أبو عمران عيسى بن عمر بن العباس السمرقندي، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، حدثنا هاشم بن القاسم.

ح وأخبرنا أبو عبد الله الحسين بن المبارك بن (محمد بن) يحيى الزبيدي، قراءةً عليه، أخبرنا أبو الوقت، أخبرنا أبو الحسن الداودي، أخبرنا السرخسي، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يوسف بن مطر الفربري، أخبرنا

ص: 134

أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، حدثنا آدم، قالا: حدثنا شعبة واللفظ لهاشم، قال عبد الله بن دينار، أخبرني، قال: سمعت سليمان بن يسار يحدث، عن عراك بن مالك.

عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم:((ليس على فرس المسلم ولا على غلامه صدقة)) .

وأخرجه مسلم من طرقٍ، منها: عن عمرو الناقد، وزهير، عن سفيان، عن أيوب بن موسى، عن مكحول، عن سليمان بن يسار، عن عراك، فكأن شيخنا الأول سمعه من الفراوي، والثاني والثالث (سمعاه من الفارسي) .

وأخبرنا الإمام محمد بن سعد المقدسي، أخبرنا أبو الحسين أحمد بن الموازيني، أخبرنا جدي أبو الحسن علي بن الحسن، أخبرنا أبو علي الأهوازي حدثنا عبد الرحمن بن عمر البزاز، حدثنا أبو عمرو عثمان بن محمد السمرقندي، حدثنا محمد بن عبد الحكم، حدثنا آدم، حدثنا شعبة، حدثنا حميد بن نافع.

عن زينب بنت أم سلمة، عن أمها أن امرأة توفي عنها زوجها فرمدت، فخشوا على عينيها، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنوه في الكحل، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم:

ص: 135

((لا تكتحل فقد كانت إحداكن تمكث في شر أحلاسها أو في شر بيتها، فإذا كان حولٌ فمر كلبٌ رمت ببعرةٍ فلا، حتى تمضي أربعة أشهر وعشراً) .

وأخبرنا به أعلا من هذا بدرجة: الحسين بن المبارك قراءةً عليه، أخبركم عبد الأول، أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، أخبرنا أبو محمد الحموي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا آدم، فذكره.

وأخرجه مسلم من طرق منها: عن أبي موسى، عن غندر، عن شعبة.

وعن عبيد الله بن معاذ، عن أبيه، عن شعبة.

فكأن شيخنا المقدسي سمعه من الفراوي، وكأن الحسين بن المبارك سمعه من عبد الغافر الفارسي.

ولله الحمد.

توفي شيخنا محمد بن سعد [بسفح قاسيون في ثاني شوال سنة خمسين وستمئة] .

الشيخ التاسع والخمسون

أخبرنا الشيخ الإمام، العالم، العلامة، المتقن، شرف الدين، أبو عبد الله الحسين بن إبراهيم بن الحسين الإربلي، بقراءتي عليه، قلت له: أخبركم الشيخ

ص: 136

أبو حفص عمر بن محمد بن معمر المؤدب، قراءةً عليه، أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد الشيباني، قراءةً عليه، أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن إبراهيم البزار، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي، حدثنا محمد بن مسلمة، حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ، حدثنا حيوة بن شريح، عن أبي صخر، أن عبد الله بن عبد الرحمن، أخبره عن سالم بن عبد الله بن عمر الخطاب.

أخبرني أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به مر على إبراهيم خليل الرحمن، صلوات الله عليه، فقال إبراهيم: يا جبريل من هذا معك؟ فقال جبريل: هذا محمد صلى الله عليه وسلم. فقال إبراهيم لمحمدٍ صلوات الله عليهما: مر أمتك فلتكثر من غراس الجنة فإن تربتها طيبة وأرضها واسعة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((وما غراس الجنة؟)) ، فقال إبراهيم: لا حول ولا قوة إلا بالله.

رواه الإمام أحمد، عن عبد الله بن بريد، فوقع موافقة.

وأنشدني الإمام العلامة أبو عبد الله الحسين بن إبراهيم الإربلي، بقراءتي عليه، أخبركم الإمام العلامة تاج الدين، أبو اليمن، زيد بن الحسن بن زيد الكندي، قراءةً عليه، أخبرنا سعد الخير بن محمد بن سهل الأنصاري الأندلسي، أخبرنا الإمام أبو زكريا يحيى بن علي الخطيب التبريزي، أخبرنا

ص: 137

أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان المعرى، لنفسه:

يا ساهر البرق أيقظ راقد السمر

لعل بالجزع أعواناً على السهر

وإن بخلت عن الأحياء كلهم

فاسق المواطر حياً من بني مطر

ويا أسيرة حجليها أري سفهاً

حمل الحلي لمن أعيى عن النظر

ما سرت إلا وطيفٌ منك يصحبني

سرى أمامي وتأويباً على أثري

لو حط رحلي فوق النجم رافعه

ألفيت ثم خيالاً منك منتظري

يود أن ظلام الليل دام له

وزيد فيه سواد القلب والبصر

لو اختصرتم من الإحسان زرتكم

والعذب يهجر للإفراط في الحصر

أبعد حولٍ تناجي الشوق ناجيةً

هلاً، ونحن على عشرٍ من العشر

كم بات حولك من ريمٍ وجاريةٍ

يستجد بانك حسن الدل والحور

فما وهبت الذي يعرفن من خلقٍ

لكن سمحت بما ينكرن من درر

فما تركت بذات الضال عاطلةً

من الظباء ولا عارٍ من البقر

قلدت كل مهاةٍ عقد عانيةٍ

وفزت بالشكر في الآرام والعفر

ورب ساحب وشي من جآذرها

وكان يرفل في ثوبٍ من الوبر

حسنت نظم كلامٍ توصفين به

ومنزلاً بك معموراً من الخفر

فالحسن يظهر في شيئين رونقه

بيتٍ من الشعر أو بيتٍ من الشعر

أقول والوحش ترميني بأعينها

والطير تعجب مني كيف لم أطر

لمشمعلين كالسيفين تحتهما

مثل القناتين من أينٍ ومن ضمر

في بلدةٍ مثل ظهر الظبي بت بها

كأنني فوق روقٍ الظبى من حذر

لا تطويا السر عني يوم نايبةٍ

فإن ذلك ذئبٌ غير مغتفر

ص: 138

والخل كالماء يبدي لي ضمائره

(مع الصفاء) ويخفيها مع الكدر

فذكرها إلى أن قال:

علوتم فتواضعتم على ثقةٍ

لما تواضع أقوامٌ على غرر

والكبر والحمد ضدان إنفاقهما

مثل إنفاق فتاء السن والكبر

يجنى تزايد هذا من تناقص ذا

والليل إن طال غال اليوم بالقصر

خف الورى وأقرتكم حلومكم

والجمر يعدم فيه خفة الشرر

وأنت من لو رأى الإنسان طلعته

في اليوم لم يمس من خطب على مطر

سافرت عنا فظل الناس كلهم

يراقبون إياب العيد من سفر

لو غبت شهرك موصولاً بتابعه

وأبت لانتقل الأضحى إلى صفر

الشيخ الستون

أخبرنا الشيخ الجليل، أبو محمد طغريل بن عبد الله التركي، المحسني، قراءةً عليه ونحن نسمع، أخبركم الشيخ أبو حفص عمر بن محمد البغدادي، قراءةً عليه، أخبرنا أبو القاسم الشيباني، أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد البزاز، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي، حدثنا الحارث، حدثنا أبو النضر، حدثنا أبو معاوية، عن عاصم.

ص: 139

عن زر، قال: استأذن ابن جرموز (-يعني-) على علي، فقال: من بالباب؟ قال: ابن جرموز يستأذن، فقال: ائذنوا ليدخل قاتل الزبير في النار. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لكل نبي حواري، وحواري الزبير)) .

رواه الإمام أحمد، عن أبي النضر، فوقع موافقة.

وأخبرنا أبو محمد المحسني، قراءةً عليه، أخبركم عمر بن محمد المؤدب قراءةً عليه، أخبرنا هبة الله بن محمد الشيباني، أخبرنا محمد بن محمد البزاز، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله، حدثني بشر بن أنس أبو الخير، حدثنا أبو هشام محمد بن سليمان، بن الحكم بن أيوب بن سليمان بن زيد بن ثابت الكعبي، الربعي، الخزاعي، حدثني عمي أيوب بن الحكم.

ح قال أبو بكر محمد بن عبد الله، وحدثنا أحمد بن يوسف بن تميم البصري، حدثنا أبو هشام محمد بن سليمان بقديد، حدثني عمي أيوب بن الحكم، عن حزام بن هشام، عن أبيه هشام.

ص: 140

عن جده حبيش بن خالد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم حسن خرج من مكة خرج منها مهاجراً إلى المدينة هو وأبو بكر ومولاً لأبي بكر عامر بن فهيرة، ودليلهما الليثي عبد الله بن أريقط، مروا على خيمتي أم معبد الخزاعية، وكانت برزة جلدةً تحتبي بفناء القبة، ثم تسقي وتطعم، فسألوها تمراً ولحماً يشتروه منها، فلم يصيبوا عندها من ذلك شيئاً، وكان القوم مرملين مسنتين، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شاةٍ في كسر الخيمة، فقال:((ما هذه الشاة يا أم معبد)) ؟ قالت: شاة خلفها الجهد عن الغنم. قال: ((هل بها من لبنٍ)) ؟ قالت: هي أجهد من ذلك. قال: ((أتأذنين أن أحلبها)) ؟ قالت: نعم، بأبي أنت وأمي، إن رأيت بها حلباً فاحلبها.

فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمسح بيده ضرعها، وسمى الله عز وجل، ودعا لها في شاتها، فتفاجت عليه، ودرت واجترت، ودعا بإناء يربض الرهط، فحلب ثجاً حتى علاه البهاء، ثم سقاها حتى رويت، ثم سقى أصحابه حتى رووا، ثم شرب آخرهم، ثم حلب ثانياً بعد بدء حتى ملأ الإناء، ثم غادرها وبايعها، وارتحلوا عنها، فقل ما لبثت حتى جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزاً عجافاً يتساوكن هزالاً مخهن قليل. فلما رأى أبو معبد اللبن عجب، وقال: من أين لك هذا يا أم معبد؟ والشاء عازبٌ حيال، ولا حلوب في البيت! فقالت: لا والله، إلا أنه مر بنا رجل مبارك من حاله كذا وكذا. قال: صفيه لي يا أم معبد. قالت: رجل ظاهر الوضاءة، أبلج الوجه، حسن الخلق، لم تبعه ثجلة، لم تزريه صعلة، وسيمٌ قسيم، في عينيه دعج، وفي أشفاره وطف، وفي صوته صحل، وفي عنقه سطع، وفي لحيته كثاثة، أزج، أقرن، إن صمت فعليه الوقار، وإن تكلم سما وعلاه البهاء، أجمل الناس وأبهاه من بعيد، وأحسنه وأحلاها من قريب، حلو المنطق، فصلٌ، لا نزر ولا هذر، كأن منطقه خرزات نظمٍ يتحدرن، ربعة لا بيائسٍ من طول، ولا تقتحمه عينٌ من قصر، غصنٌ بين غصنين، فهو أنضر الثلاثة منظراً، وأحسنهم قدراً، له رفقاؤه يحفون به، إن قال أنصتوا لقوله، وإن أمر تبادروا إلى أمره، محفودٌ، محشودٌ، لا عابس ولا مفند.

ص: 141

قال أبو معبد: فهذا والله صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره ما ذكر بمكة، ولقد هممت أن أصحبه، ولأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلاً.

وأصبح صوتٌ بمكة عالٍ، يسمعون الصوت ولا يدرون من صاحبه، وهو يقول:

جزى الله رب الناس خير جزائه

رفيقين قالا خيمتي أم معبد

هما نزلا بالهدي واهتديا به

فقد فاز من أمسى رفيق محمد

فيا لقصي ما زوى الله عنكم

به من فعالٍ لا يجازى وسؤدد

ليهن بني كعبٍ مكان فتاتهم

ومقعدها للمؤمنين بمرصد

سلوا أختكم عن شاتها وإنائها

فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد

دعاها بشاةٍ حائلٍ فتحلبت

عليه صريحاً ضرة الشاة مزبد

فغادرها رهناً لديها لحالبٍ

يرددها في مصدرٍ بعد مورد

فلما سمع بذلك حسان بن ثابت شبب يجاوب الهاتف، فقال:

لقد خاب قوم زال عنهم نبيهم

وقدس من يسري إليهم ويعتدي

ترحل عن قومٍ فضلت عقولهم

وحل على قومٍ بنورٍ مجدد

هداهم به بعد الضلالة ربهم

وأرشدهم من يتبع الحق يرشد

وهل يستوي ضلال قومٍ تسفهوا

عمايتهم هادٍ به كل مهتدي

وقد نزلت منه على أهل يثربٍ

ركاب هدىً حلت عليهم بأسعد

نبي يرى ما لا يرى الناس حوله

ويتلو كتاب الله في كل مسجد

وإن قال في يومٍ مقالة غائبٍ

فتصديقها في اليوم أو في ضحى الغد

هذا حديث محفوظ من حديث حزام بن هشام، رواه عنه أيضاً محرز بن

ص: 142

المهدي، الكعبي، ومروان بن معاوية الفزاري، قاله الحافظ أبو القاسم الدمشقي.

و ((حبيش)) بالحاء المهملة المضمومة والباء الموحدة، وآخره شين معجمة، وقيل بالخاء المعجمة، والنون والسين المهملة. شهد الفتح مع النبي صلى الله عليه وسلم، وقتل يوم الفتح هو وكرز بن جابر، كانا في خيل (خالد) بن الوليد رضي الله عنه، فسلكا غير طريقه، فلقيمها المشركون فقتلوهما.

قوله: ((برزة)) أي تكثر البروز، وهي عفيفة آمنةٌ على نفسها، وقيل يشترط مع ذلك كونها كهلة.

وقوله: ((مرملين)) أي نفد زادهم كأنهم لصقوا بالرمل.

ص: 143

وقوله: ((مسنتين)) أي مجدبين أصابتهم السنة، وهي القحط.

و ((كسر الخيمة)) بكسر الكاف: جانبها. ويجوز فتحها.

و ((الجهد)) : بفتح الجيم المبثقة وبضمها، الطاقة. وقد تفتح.

و ((حلباً)) بفتح اللام وسكونها.

وتفاجت: أي بالغت في فتح ما بين رجليها.

واجترت: أي لاكت ما تخرجه من جوفها.

ويربض الرهط: بالباء الموحدة، أي يرويهم ويثقلهم حتى يربضوا. ويروى: يربض: بالياء المثناة من أراض الوادي إذا استنقع فيه الماء.

والثج: السيلان.

والبهاء: أراد به بهاء اللبن. وهو وبيص رغوته.

وتساوكن: أي اضطربت أعناقها من الهزال.

والوضاءة: الحسن والبهجة.

والبلح: إشراق الوجه وإسفاره.

والثجلة: بالثاء المثلثة المضمومة والجيم. ضخم البطن. ويروى بالنون والحاء أي نحول وذمه.

والصعلة: صغر الرأس.

وسيم: أي جميل.

قسيم: أي جميل كله. كأن كل موضع منه أخذ قسماً من الجمال.

والدعج: شدة سواد العين، وقيل مع شدة بياضها.

والوطف: طور شعر الأجفان.

والصحل: بفتح الصاد والحاء المهملتين. البحة من غير جدة في الصوت.

والسطع: الارتفاع والطول.

والكثاثة في اللحية أن تكون غير دقيقة ولا طويلة.

والرحج: في الحواجب تقوس وامتداد مع طول أطرافها.

والقرن: التقاء الحاجبين.

وقد روي أنه صلى الله عليه وسلم كان أزج من غير قرنٍ. وصححه صاحب ((النهاية)) .

والفصل: أي بين.

ص: 144