الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العيني يقصد في نقوله عن الحافظ هو لا يسميه، يبهمه، قال بعضهم، قال بعض الشراح، زعم بعضهم، ثم يتعقبه في مواطن كثيرة جداً، الكتاب مملوء من النقول عن ابن حجر والتعقبات والاستدراكات عليه، أجاب الحافظ ابن حجر عن هذه الاعتراضات وهذه الانتقادات بكتابٍ أسماه (انتقاض الاعتراض) وهو مطبوع في مجلدين، قال القسطلاني:"لكنه لم يجب عن أكثرها، ولعله كان يكتب الاعتراضات ويبيض لها ليجيب عنها فاخترمته المنية"، وله أيضاً -أي لابن حجر- (الاستنصار على الطاعن المعثار) وهو صورة فتيا عما وقع في خطبة شرح البخاري للعيني.
أيضاً هناك كتاب وهو نفيس ومؤلفه متأخر اسمه عبد الرحمن البوصيري المتوفى سنة أربعٍ وخمسين وثلاثمائة وألف، اسمه (مبتكرات اللآلئ والدرر في المحاكمة بين العيني وابن حجر) مجلد واحد، يذكر قول ابن حجر ثم يذكر رد العيني واعتراضه، ثم يحكم بما يراه صواباً، والكتاب جيداً، إلا أن الموضوع نفسه يحتمل أكثر من ذلك، يعني ثلاثمائة وثلاث وأربعين محاكمة بينهما في هذا الكتاب، والمحاكمات أكثر من ذلك، فيحتاج إلى تكميل وتتميم.
شرح القسطلاني (إرشاد الساري إلى شرح صحيح البخاري):
بقي عندنا شرح من أهم الشروح وهو (إرشاد الساري إلى شرح صحيح البخاري) مؤلفه أحمد بن محمد بن أبي بكر شهاب الدين القسطلاني الشافعي المتوفى سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة، شرح كبير ممزوج، يعني شرح تحليلي في عشرة مجلدات كبار، افتتحه رحمه الله بمقدمة تتضمن فصولاً:
الفصل الأول: في فضيلة أهل الحديث وشرفه في القديم والحديث.
الفصل الثاني: في ذكر أول من دوّن الحديث والسنن، ومن تلاه في ذلك سالكاً أحسن السنن.
الفصل الثالث: في ذكر نبذة لطيفة جامعة لفرائد فوائد مصطلح الحديث عن أهله وتقسيم أنواعه.
الفصل الرابع: فيما يتعلق بالبخاري وصحيحه من تقرير شرطه وتحريره وضبطه وترجيحه على غيره. الفصل الخامس: في ذكر نسب البخاري ونسبته ومولده، وبدء أمره ونشأته وطلبه للعلم، ثم بعد ذلكم ذكر رواة الجامع الصحيح، وهو مرجع حقيقةً في ذكر الرواة وضبطهم وتشعب رواياتهم، ثم ذكر شروح الجامع الصحيح.
من منهج القسطلاني رحمه الله في كتابه هذا العناية بتراجم الرواة، وضبط أسماءهم وكناهم وأنسابهم باختصار، يعني ما يفعل مثل ما يفعله غيره من إطالة كالعيني أو غيره أو النووي، لا، كل هذا باختصار، ويكرر ذلك في كل موضع، نعم الاختصار يزيد كلما زاد التكرار؛ لكنه يهتم بهذا، يعتني بذلك عناية فائقة، ولذا الذي يقرأ هذا الشرح لن ينتهي منه حتى يتقن الرواة إتقاناً لا مزيد عليه، فينصح بقراءة هذا الكتاب، ثانياً: العناية بذكر فروق الروايات بدقة، معتمداً في ذلك على اليونيني فلا يترك فرقاً إلا ويشير إليه سواء كان ذلك في الأسانيد وصيغ الأداء أو المتون، وسواء كان الفرق مما يترتب عليه فائدة أم لا.
ثالثاً: يشرح الغريب من الألفاظ فالكتاب حقيقته شرح تحليلي، يعني يمكن أن يستغنى به عن غيره، ولا يستغنى بغيره عنه، يعني قد يعوزك شرح كلمة أردتها من شرح العيني أو شرح ابن حجر؛ لكن لا يمكن أن يعوزك شيء قد تتطلب مزيد إيضاح؛ لكن لا بد أن يتكلم عليها؛ لأنه اعتمد تحليل كل كلمة، يذكر في ثنايا الشرح ما في الكلمة من اختلاف من حيث المعنى والإعراب وغير ذلك، يعنى بالتوفيق بين الأحاديث المتعارضة باختصار، يعنى بالاستنباط من الأحاديث وذكر المذاهب من غير إطالة، يخرج الحديث من المصادر المعتمدة في نهاية الشرح، ويذكر مواضع الحديث من الصحيح، يعنى بذكر لطائف الإسناد، يعتمد في كثيرٍ من بحوثه على الشروح السابقة كالكرماني والعيني وابن حجر فهو ملخص لهذه الكتب، هو فيه جمع لهذه الكتب لا سيما الشرحين الكبيرين، العيني وابن حجر، خلاصة لهذين الشرحين.
مذهبه في مسائل العقيدة التأويل غالباً على طريقة المتأخرين من الأشاعرة، في صفحة (96) قال:"والذي نفسي بيده أي بقدرته أو هو من المتشابه المفوض علمه إلى الله، والأول أعلم والثاني أسلم" هذه مقالة كثير ممن ينتسب إلى علم الكلام أن طريقة السلف أسلم، وطريقة الخلف أعلم وأحكم، لكن هذا الكلام ليس بصحيح لأن الأحكم هو الأسلم، كل هذا على سبيل الاختصار والمقام يقتضي بسط أكثر من هذا لا سيما في هذه الكتب، لا سيما في الأخير منها، الأخير منها يحتاج إلى كشف وإشهار بين طلبة العلم؛ لأنه كتاب يكاد يكون مجهول عند كثير من الطلبة؛ ولأهميته طبع الكتاب أضعاف مضاعفة عما طبع غيره، يعني الكتاب طبع في بولاق سبع مرات، بينما العيني ما طبع ولا مرة في بولاق، فتح الباري طبع مرة واحدة، لكن إرشاد الساري طبع سبع مرات، وفي الميمنية طبع مرتين، وغير ذلك من الطبعات، طبعات كثيرة لهذا الكتاب لأهميته، ومثل ما ذكرت المقام يحتمل أطول من ذلك؛ لكن ضيق الوقت يجعلنا نختصر هذا الاختصار الشديد.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين:
السائل يقول: هل صحيح أن الحافظ لا يعتني بالأبواب التي اعتمدها البخاري؟
الحافظ يشرح كلام البخاري، الحافظ رحمه الله يشرح كلام البخاري، البخاري وضع التراجم بنفسه فليس للحافظ أن يغير أو يعدل خلافاً لشراح مسلم نظراً لكون صحيح مسلم خلا عن التراجم، كل شارح من الشراح له اجتهاد في هذه التراجم، أما الحافظ فقد اقتفى أثر البخاري بتراجمه.
يقول: لا يعتني بالأبواب التي اعتنى بها البخاري؟
هذا الكلام ليس بصحيح، نعم قد يوجد في المتن المطبوع مع الفتح كما نبهنا بالأمس ترجمة هي غير موجودة بالراوية التي اعتمدها الحافظ أو العكس يوجد في الرواية التي اعتمدها الحافظ ترجمة لا توجد في الطبعة التي أقحمها طابع الكتاب، فيمكن من هذه الحيثية يوجد اختلاف بين المتن المطبوع مع الفتح، وبين الفتح نفسه.
يقول: كلام ركيك لكن مفاده يقول: هل علم ابن حجر أن بدر العيني ينقل عنه؟
نعم، العيني ينقل عن ابن حجر على علمٍ منه، فكان يستعير الكتاب كل ما صدر منه مجلد استعاره من البرهان بن خضر برضا الحافظ -رحمه الله تعالى-، واطلع الحافظ رحمه الله على انتقادات العيني وأجاب عنها في كتابٍ سماه (انتقاض الاعتراض) وأحضرناه بالأمس، وتكلمنا عنه.
يقول: ما هي الطريقة المناسبة في قراءة فتح الباري شرح صحيح البخاري؟
الطريقة المناسبة أن يختار له وقت مناسب، وأن يعتنى بالمتن أولاً ويكرر، ويحاول الطالب فهم المتن ويشرحه من تلقاء نفسه، ثم يراجع عليه الشرح لينظر هل فهمه للحديث ولعلاقة الحديث بالترجمة صحيح؟ مطابق لفهم الحافظ أو أنه أبعد النجعة في الربط بينهما وفي فهم الحديث؟ وهكذا في سائر المتون، ينبغي أن يعتني الطالب أولاً بالمتون فيحفظها إن كانت مما يستحق الحفظ، ثم يحاول أن يفهم هذا المتن، ويشرح المتن ويعلق عليه من تلقاء نفسه، ثم يراجع عليه الشروح لينظر مدى مطابقة فهمه لفهم أهل العلم.
يقول: هل تنصحون بحفظ صحيح البخاري وهو لم يحفظ عمدة الأحكام وبلوغ المرام؟
معروف أن التدرج في العلوم أمر مطلوب، فيبدأ بحفظ الأربعين ثم العمدة ثم البلوغ ثم ما شاء من الكتب، ثم إذا بدأ بصحيح البخاري كان أفضل؛ لأنه العمدة في هذا الباب، وما عداه كالمستخرجات عليه.
يقول: هناك كتاب لأحد مشايخ الهند عن إحالات ابن حجر في الفتح؟
ذكر لكنه لم يستوعب، طبع في –أظن- تحفة القاري أو ما أشبه ذلك مجلد لطيف؛ لكنه لم يستوعب، هو كتاب جيد في الجملة إلا أنه مثل ما ذكرت.
يقول: ما هي المتون التي ينصح بها طالب العلم المبتدي، وكذلك ما هي أهم الشروح المختصرة التي يستفيد منها طالب العلم المبتدئ؟
أولاً: المتون التي ينصح بها الطالب المبتدي، صغار العلم كما يقول أهل العلم المتون المختصرة جداً في كل فن من الفنون، ثم يترقى ويتدرج إلى ما هو أكبر منه، كما هو معروف عند أهل العلم.
يقول: ذكرت بالأمس أن كتاب الكرماني بالراء وكسر الكاف كتاب جيد وممتع لكن ذكرت عن منهجه أنه منهج الأشاعرة، هل من توجيهٍ حول ذلك؟
نعم يستفاد من الكتاب فيما يفيده وفيما يعتني به، ولو اقتصرنا على الكتب السالمة الخالية من جميع الملاحظات ما صفى لنا إلا الشيء اليسير، سواء في كتب التفاسير أو شروح الحديث، نعم يصفو لنا تفسير الطبري، تفسير البغوي، تفسير ابن كثير؛ لكن بقية الكتب لا تسلم إلا في القليل النادر، الشروح أيضاً إن صفى لنا شرح ابن رجب ما صفا لنا غيره، كلها فيها ملاحظات، ويأتي في شروح مسلم بيان ذلك وتقريره.
يقول: لو ذكرتم أي طبعةٍ لصحيح البخاري توافق شرح الحافظ بن حجر في الفتح؟
الرواية الموافقة لشرح ابن حجر هي رواية أبي ذر الهروي؛ لأن الحافظ اعتمدها وأشار إلى ما سواها عند الحاجة، والرواية هذه لم تطبع بكاملها الآن، لكن طبعة بولاق التي اعتنى بها وبإثبات فروقها الحافظ اليونيني مناسبة إلى حدٍ كبير، يعني مع ما في حواشيها.
ودرس اليوم عن صحيح مسلم وشروحه، وإن كان الوقت لا يفي ولا يكفي، إلا أنه لا بد أن ننهي ما يتعلق بصحيح مسلم اليوم.
طالب:. . . . . . . . .
هو يعزو كثيراً، وابن الملقن له شرح على البخاري أيضاً.
طالب:. . . . . . . . .
طريقتهم العلم إذا كان مشتهر ومستفيض لا ينسب، المسائل كما ذكر النووي وغيره أن المسائل المشتهرة المستفيضة وإن نقلت عن شخص لا تنسب؛ لأن العلم ليس بملكٍ لأحد، نعم ما يستغرب من الكلام وما ينتقى من أبكار الأفكار ينسب لقائله، الحافظ مشحون بالعزو.
صحيح مسلم للإمام أبي الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري المتوفى سنة إحدى وستين ومائتين، ثاني كتب السنة بعد صحيح البخاري عند جمهور العلماء، وأشرنا سابقاً إلى أن من أهل العلم من فضله على البخاري، لكنه قول ضعيف، ووجوه الترجيح بينهما تؤخذ من مظانها، وهي كثيرة، إن كان وجه التفضيل كما قال بعض المغاربة أنه ليس فيه بعد الخطبة إلا الحديث السرد فهذا صحيح، يعني ما فيه معلقات إلا نادراً، معلقاته أربعة عشر حديثاً، حذف الواسطة بينه وبين راويها، وهذه المعلقات كلها موصولة في الصحيح نفسه إلا واحد موصول في صحيح البخاري، أيضاً الآثار والأخبار الموقوفة والمقطوعة عن الصحابة والتابعين نادرة جداً، وإلا موجودة؛ لكنها نادرة ليست بنفس النسبة التي توجد في صحيح البخاري، إذا كان هذا المقصود هذا وجه الترجيح، فلا بأس هذا كلام صحيح
…