المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

تَألِيفُ فَضَيلةِ الشَّيْخِ العَلَاّمةِ فَيْصَلَ بِنَ عَبدِ العَزِيزِ آل مُبَارَك ت 1376هـ رحمه - مقام الرشاد بين التقليد والاجتهاد

[فيصل آل مبارك]

الفصل: تَألِيفُ فَضَيلةِ الشَّيْخِ العَلَاّمةِ فَيْصَلَ بِنَ عَبدِ العَزِيزِ آل مُبَارَك ت 1376هـ رحمه

تَألِيفُ

فَضَيلةِ الشَّيْخِ العَلَاّمةِ

فَيْصَلَ بِنَ عَبدِ العَزِيزِ آل مُبَارَك

ت 1376هـ رحمه الله

تَحْقَيِقُ

أَبِي الْعَالِيَةَ محَمّدُ بِنُ يُوسُفُ الجُورَانِيّ

ص: 1

‌مُقَدِّمة

إنَّ الحمْدَ للهِِِِ، نَحْمَدُهُ ونَسْتعِينُهُ ونَسْتغفِرُهُ، ونَعُوذُ بِِِِاللهِِِ مِِنْ شُرورِ أَنْفسِنَا وسَيِّئَاتِ أَعمَالِِنَا، مَنْ يَهْدِهِِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومَنْ يُضْلِل فَلا هَادِي لَهُ، وأَشْهدُ أنَّ لا إِلَهَ إِلَّا الله وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأَشْهدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ ورَسُولُهُ.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَاّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: 102]

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}

[النساء: 1]

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدا ً* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب: 70، 71] .

أمَّا بعدُ: فَإنَّ أصدقَ الحدِيْثِ كِتابُ اللهِ تعالى، وخَيرَ الهَدْي هَدْيُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَشَرَّ الأمُورِ مُحْدَثاتُها، وكلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعة، وكلَّ بِدْعةٍ ضَلالة، وكلَّ ضَلالةٍ في النَّارِ.

فَإنَّ مِنْ أجلِّ القُرَبِ والطَّاعاتِ التي يَنْبَغي للمُسْلمِ السَّعْيُ فِيْها، والمسَارعةُ إِلَيْهَا والازدِيَادُ مِنْها؛ الاشتِغَالُ بِعُلومِ الشَّرِيعةِ الغرَّاءِ، مَعْ حُسْنِ النيَّةِ، سَائراً في ذِلك عَلى مِنْهاجِ النُّبوَّةِ المُحَمَّديَّةِ، ومُقْتَفِياً آثارَ السَّلفِ العَلِيَّة.

قَال الحقُّ جَلَّ فِي عُلاهُ: {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً} [طه: 114]

قَال الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ رحمه الله: ((وَاضِحُ الدَّلَالَةِ فِي فَضْلِ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَأْمُرْ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم بِطَلَبِ الِازْدِيَادِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا مِنْ الْعِلْمِ، وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ؛ الْعِلْمُ الشَّرْعِيُّ الَّذِي

يُفِيدُ مَعْرِفَةَ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ مِنْ أَمْرِ عِبَادَاتِهِ وَمُعَامَلَاتِهِ، وَالْعِلْمُ بِاَللَّهِ وَصِفَاتِهِ، وَمَا يَجِبُ لَهُ مِنْ الْقِيَامِ بِأَمْرِهِ، وَتَنْزِيهِهِ عَنْ النَّقَائِصِ، وَمَدَارُ ذَلِكَ عَلَى التَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ)) (1) .

(1) الفتح (1/187) .

ص: 1

فَلَو قَد ذُقتَ مِن حَلواهُ طَعما

لَآثَرتَ التَعَلُّمَ وَاِجتَهَدتا

ًوَلَم يَشغَلْكَ عَنهُ هَوىً مُطاعٌ

وَلا دُنْيَا بِزُخرُفِها فُتِنْتا

وَلا أَلهاكَ عَنهُ أَنيقُ رَوضٍ

وَلا دُنْيَا بِزِينَتِهَا كَلِفْتا

فَقُوتُ الرُّوحِ أَرواحُ المعَانِي

وَلَيسَ بِأَن طَعِمتَ وَلا شَرِبْتا

فَواظِبهُ وَخُذْ بِالجِدِّ فيهِ

فَإِنْ أَعطاكَهُ اللَهُ انْتَفَعْتَا (1)

وَلِأَجْلِ هَذا وذَاك، تَطلَّعَتْ هِمَّةُ الشَّيخِ فَيْصَلَ رحمه الله بِالمشَارَكَةِ - ولَو بِالقَلِيلِ - فِي هَذا الفَنِّ الجَدِيرِ بِالاهتِمَامِ؛ فَأخَرْجَ لَنَا هَذِهِ الدُّرَةَ، وهَاتِهِ الرَّائعَةَ مِنْ رَوَائِعِ تَصَانِيْفِهِ؛ فَاسْتَلَّ هَذهِ الرِّسالةَ اسْتِلَالَ العَالِمِ النَّحْرِيْرِ، والنَّاقدِ البَصِيْرِ، مِنْ بِيْنِ مَوضُوعَاتِ الاجْتِهادِ والتَّقْليدِ وأَبْحَاثِهِمَا المتَشَعِّبِةِ؛ فَرَفَعَ لِوَاءَ الاجْتِهادِ وَأَهَمِّيَّتَهُ، وَحَثَّ العُلَمَاءَ وَطَلَبَةَ العِلْمِ المتَّقِيْنَ إِلَيْهِ، وَأَنْ يَدُورُوا مَعْ الدَّلِيْلِ حَيْثُ دَارَ، وَيَتْرُكُوا أَقْوَالَ العُلَمَاءِ إِنْ خَالَفَتْهُ؛ فَمَحَبَّةُ الحَقِّ أَحَبُّ مِنْ مَحَبَّةِ الخَلْقِ؛ فَسَاقَ هَذِهِ الرِّسَالَةَ بِبَرَاعةِ أُسْلُوبِهِ، وَجَمَالِ رَوْنَقِهِ؛ مِمَّا جَعَلَهَا سَهْلةً يَسِيْرةً بَعِيدةً عن التَّعْقيدِ والتنْظِيرِ؛ كعَادَةِ أَصْحَابِ الأُصُولِ والمتِكَلِّمِينَ.

فَجَاءتْ رِسَالتُهُ مَاتِعَةً في بَابِها؛ نَافِعَةً لطُلَاّبِهَا؛ فجَزَاه اللهُ خَيْرَ الجَزَاءِ عَلى مَا نَفَعَ بِهِ الإِسْلامَ والمسْلِمِينَ.

وَإذَا كَانَ ذَلكَ كَذَلِكَ؛ فَقَدْ نَشِطَتْ الهِمَّةُ، وقَوِيتْ العَزِيمةُ، وحَسُنتْ النِّيَّةُ - إنْ شَاءَ اللهُ - فِي إِخْراجِ هِذهِ الرِّسالَةِ الَّلَطِيفةِ، في ثَوْبٍ جَديدٍ مُتْقَنٍ - إنْ شَاءَ اللهُ - عَلَّنِي أَدْخُلَ في صُفوفِ أُولئكَ النَّفرِ الَّذِين يَخْدِمونَ مِيراثَ العُلَماءِ - وأَنَا المتَطفِّلُ عَلَيْهِم - لِيستَفِيدَ مِنْه مَنْ خَلْفَهُمْ، وليَقِفُوا عَلى أَرَائِهم في تَصَانِيْفِهِم؛ فيَذْكُرُونَا بِالجَمِيلِ، بَعْدَ وقْتِ الرَّحيلِ؛ فَاللهُمَّ أَنْتَ بِكُلِّ جَميلٍ كَفِيلٍ، وأَنْتَ حَسْبُنا ونِعْم الوَكِيل.

وَرَحِمَ اللهُ ابنَ الجوزيِّ حِيْن نَقَل عَنْ الإمامِ العَالِمِ المُجَاهِدِ عَبْدِ اللهِ بِنِ المبَارَكِ، إذْ يَقُولُ:((لا أَعْلَمُ بَعْدَ النُّبُوَّةِ أَفْضَلُ مِنْ بَثِّ العِلْمِ)) (2) .

(1) من قصيدة أبي إسحاق الإلبيري رحمه الله، انظرها في الجامع للمتون العلمية للشمراني (629) .

(2)

صفة الصفوة (4/124) .

ص: 2

ومِنْ المنَاسِبِ أنْ تُبيَّنَ خِطَّةُ العَمَلِ في هَذهِ الرِّسَالةِ؛ فَيُقَالَ بَعْدَ عَوْنِ اللهِ وتَوْفِيقِهِ:

أَولاً: قدَّمَ المحقِّقُ مُقدِّمةً يَسِيرةً بَيْنَ يَدَي الرِّسَالةِ كتَمْهِيدٍ، واحْتَوتْ عَلى:

1-

تَرْجَمَةِ المؤلِّفِ رحمه الله، وبَيانِ مَصَادِرِ تَرْجَمَتِهِ.

2-

دِرَاسةِ الرِّسالةِ، مِنْ حَيْثُ مَوْضُوعِها، وصِحْةِ نِسْبَتِها لِلِّمُؤَلِّفِ، وَوَصْفِ النُّسَخِ المطْبُوعَةِ، والنُّسْخَةِ المعْتَمَدَةِ فِي التَّحْقِيقِ.

ثانياً: تَوْثِيقُ النَّصِّ.

ثُمَّ خُتِمَت بِالفِهْرِسِ.

واعْلَم أَيُّهَا القَارِئُ الكَرِيم أنَّ ((نتائِجَ الأِفْكَارِ عَلى اختِلافِ القَرَائحِ لا تَتَنَاهَى، وإنَّما يُنفقُ كلُّ أَحدٍ على قَدْرِ سَعَتهِ، لا يُكلِّفُ اللهُ نفساً إلا مَا آتَاهَا، ورَحِم اللهُ مَنْ وَقَفَ فِيهِ عَلى سَهْوٍ أو خَطَإٍ؛ فأصْلَحَهُ عَاذراً لا عَاذِلاً، ومُنيلاً لا نَائِلاً؛ فَلَيْسَ المبرَّأُ من الخَطَلِ إلا مَنْ وقَى اللهُ وعَصَمْ، وقَدْ قِيل: الكتابُ كالمُكَلَّّفِ؛ لا يَسْلَمَ مِنْ المُؤاخَذَةِ ولا يَرْتفعَ عَنْه القَلَمُ، واللهُ تَعَالى يُقرنُهُ بالتَّوفِيقِ، ويُرشدُ فيهِ إِلى أَوْضَحِ طَريقٍ، ومَا تَوْفيقي إلا بِالله عَليه تَوكلتُ وإليهِ أُنِيب)) (1) .

ومَا خطَّ كفُ امرئٍ شيئاً ورَاجعَهُ

إلَّا وعَنَّ لَهُ تَبْدِيلُ مَا فِيْهِ

ًوقَالَ ذَاكَ كَذَا أَوْلَى وَذَاكَ كَذَا

وإنْ يَكُنْ هَكَذَا تَسْمُوُ مَعَانِيهِ

وصَلَّى اللهُ وسَلَّمَ عَلى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وعَلى آلِهِ وصَحْبِهِ أَجْمَعِيْن.

قَالَهُ مُقيِّدُهُ

أَبُو الْعَالِيَة

محَمّدُ بِنُ يُوسُفُ الجُورَانِي

المنطقةالشرقية1422هـ (2)

[email protected]

(1) صبح الأعشى (1/36) .

(2)

ثم أعدتُ النظر فيها من جديد في رمضان لعام 1427هـ؛ لتطبع مع مجموع مؤلفات الشيخ رحمه الله بعناية سبطه الشيخ المفضال محمد بن حسن آل مبارك نفع الله به.

ص: 3