المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ صفاته الخلقية والخلقية: - مقام الرشاد بين التقليد والاجتهاد

[فيصل آل مبارك]

الفصل: ‌ صفاته الخلقية والخلقية:

11-

الشَّيخُ عِيْسَى بِنِ عَكَّاسٍِ رحمه الله.

12-

الشَّيخُ عَبْدُ العَزِيزِ بِنُ بِشْرٍ رحمه الله، وَغَيْرِهِم.

*‌

‌ صفاته الخَلْقِيَّة والخُلُقِيَّة:

فَالخَلْقِيةُ: كان الشَّيخُ رحمه الله أَبْيَضَ، وَكَانَ بَيَاضُهُ مُشْرَباً بِحُمْرَةٍ قَلِيلاً، مُتَوسِّطَ الطُّوْلِ، وِيَمِيلُ إِلى الطُّولِ قَلِيلاً، جَمِيلَ الوَجْهِ، حَسَنَ المنْظَرِ، ذَا لِحْيةٍِ كَثَّةٍ، رِبْعَةٍ بَيْنَ الرِّجَالِ.

وَالخُلُقِيةُ: كاَنَ رحمه الله ذَا خُلُقٍ رَفِيعٍ كَرِيماً، لَيِّنَ الجَانِبِ، سَهْلَ المعَامَلَةِ، بَشُوشاً مَعْ النَّاسِ جَمِيْعَاً، ولا صَخَّابَاً، وَلا يَغْضَبُ إِلا إِذَا انْتُهِكَتْ مَحَارِمُ اللهِ، وَتُعُدِّيَتْ حُدُودَهُ، وَكانَ لا تَأْخُذُهُ فِي اللهِ لَوْمَةَ لائِمٍ، يَتَوخَّى العَدْلَ وَلا يَأْبَاهُ، وَيُجَافِي الظُّلْمَ وَلا يَرْضَاهُ، مُتَواضِعَاً زَاهِدَاً فِي حُطَامِ الدُّنْيَا، رَاغِبَاً فِي الدَّارِ الآخِرَةِ؛ فَرَحِمَهُ اللهُ وَأَكْرَمَ مَثْوَاهُ.

*‌

‌ زُهْدُهُ وَوَرَعُهُ وَعِبَادَتُهُ:

كاَنَ الشَّيخُ رحمه الله مُعْرِضَاً عَنْ الدُّنْيَا وَعَنْ حُطَامِهَا الزَّائِل ِوَمَظْهَرِهَا الخَادِعِ؛ فَتُوُفِّيَ.

رحمه الله ولَمْ يُخْلِفْ مُلْكَاً، أَوْ تِجَارَةً أَوْ مَالاً كَثِيرَاً، وَمِنْ صُوَرِ عُزُوفِهِ عَنْ الدُّنْيَا.

مَا ذَكَرَهُ أَحَدُ تَلامِذَتِِهِ: أَنَّهُ ذَاتَ مَرَّةٍ أَحْيَا قِطْعَةَ أَرْضٍِ، وَقَامَ بِزِرَاعَتِهَا، وَحَفَرَ بِئْراً بِهَا، وبَنَى فِيْهَا مَسْجِدَاً، وَزَرَعَ زَرْعَاً يَسِيرَاً؛ فَلَمَّا رَأَى تَلمِيذُهُ ابِنُ عَبِدِ الوَهَّابِ عَمَلَ الشَّيْخِ، أَخْبَرَهُ بِأَنَّهَا سَتَصْرِفُهُ عَنْ أَمْرِ الآخِرَةِ؛ فَقَالَ الشَّيخُ رحمه الله:((أَنَا أَحْيَيْتُ هَذِهِ الأَرْضَ وَبَنَيْتُ المسْجِدَ، وَحَفَرْتُ البِئْرَ؛ لِأَجْلِ إِذَا مَرَّ المارَّةُ مِنْ أَهْلِ الإبْلِ وَغَيْرِهِم، أَنْ يُصَلُّوا فِيْهِ؛ فَيَكُونُ لَهُم عَوْناً عَلى أَدَاءِ الصَّلاةِ، أَوْ كَلامَاً نَحْواً مِنْ هَذا ثُمَّ قَامَ الشَّيخُ رحمه الله وَقَدَّمَهَا لابِنِ عَيْشَانِ وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يُقِيمَ المدَي وَيُحَافِظُ عَلى المسْجِدِ)) .

وَلَمَّا كَتَبَ أَحَدُهُم تَرْجَمَةً بِسِيرَتِهِ الذَّاتِيَّةِ، وَعَرَضَهَا عَلَيْهِ، بَكَى، وَفَاضَتْ عَيْنَاهُ بِالدُّمُوعِ؛ فَكَتَبَ عَلَيْهَا:((اللهُمَّ اجْعَلْنِي أَحْسَنَ مِمَّا يَظُنَّونَ، وَأَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا يَقُولُونَ)) .

وَكَانَ رحمه الله جُلُّ وَقْتِهِ وَمُعْظَمُهُ إِمَّا فِي صَلاةٍ وَعِبَادَةٍ، وَخَلْوَةٍ مَعْ رَبِّهِ عز وجل يِسْتَغْفِرُ فِيْهَا ذُنُوبَهُ، وَيَسْأَلُهُ مِنْ خَيْرَيْ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ، وَإِمَّا مَعْ تَلامِيذِهِ يُعَلِّمُهُمُ أُمُورَ دِيْنِهِم وَدُنْيَاهُمُ.

ص: 7