المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ما جاء في السخاء والكرم والبذل من الفضل - مكارم الأخلاق للخرائطي

[الخرائطي]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ ثَوَابِ حُسْنِ الْخَلِيقَةِ وَجَسِيمِ خَطَرِهَا

- ‌بَابُ كَرَمِ السَّجِيَّةِ وَكَفِّ الْأَذِيَّةِ وَجَمِيلِ الْعِشْرَةِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي اصْطِنَاعِ الْمَعْرُوفِ مِنَ الْفَضْلِ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنْ لِينِ الْكَلَامِ وَخَفْضِ الْجَنَاحِ

- ‌بَابُ حِفْظِ الْأَمَانَةِ وَذَمِّ الْخِيَانَةِ

- ‌بَابُ الْوَفَاءِ بِالْوَعْدِ وَكَرَاهِيَةِ الْخُلْفِ بِهِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي حِفْظِ الْجَارِ وَحُسْنِ مُجَاوَرَتِهِ مِنَ الْفَضْلِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي صِلَةِ الْأَرْحَامِ وَالْعَطْفِ عَلَيْهِمْ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّدَقَةِ عَلَى ذِي الرَّحِمِ مِنَ الْفَضْلِ

- ‌بَابُ فَضِيلَةِ الْحَيَاءِ وَجَسِيمِ خَطَرِهِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي إِكْرَامِ الضَّيْفِ وَالْإِحْسَانِ إِلَيْهِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي إِطْعَامِ الطَّعَامِ وَبَذْلِهِ لِلضَّيْفِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَبْنَاءِ السَّبِيلِ

- ‌بَابُ حَقِّ الضِّيَافَةِ وَتَوْقِيتِهَا

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ اتِّخَاذِ الْفِرَاشِ لِلضَّيْفِ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يُشَيَّعَ الضَّيْفُ إِلَى بَابِ الدَّارِ

- ‌بَابُ إِكْرَامِ الشُّيُوخِ وَتَوْقِيرِهِمْ

- ‌بَابُ فَضِيلَةِ إِنْصَافِ الرَّجُلِ مِنْ نَفْسِهِ

- ‌بَابُ الْإِنْصَافِ

- ‌بَابُ الْعَفْوِ وَالصَّفْحِ وَمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْفَضْلِ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ وَمَا فِي ذَلِكَ مِنْ جَزِيلِ الثَّوَابِ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنْ كَفِّ الْأَذَى عَنِ النَّاسِ مِنَ اللِّسَانِ وَالْيَدِ

- ‌بَابُ حِفْظِ اللِّسَانِ وَتَرْكِ الْمَرْءِ الْكَلَامَ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ مِنْ سَتْرِ عَوْرَةِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ وَمَا لَهُ مِنَ الثَّوَابِ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنْ سَتْرِ الْمَعْصِيَةِ وَيُكْرَهُ مِنْ إِذَاعَتِهَا

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ مِنْ سَتْرِ فَخِذِهِ إِذْ كَانَتْ مِنْ عَوْرَتِهِ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ الصَّالِحِ مِنْ إِزَالَةِ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْحَكِيمِ أَنْ يَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ سُوءَ الظَّنِّ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ مِنَ التَّحَرُّزِ أَنْ يُسَاءَ بِهِ الظَّنُّ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ إِذَا أَقْسَمَ عَلَيْهِ أَخُوهُ الْمُسْلِمُ أَنْ يَبَرَّ قَسَمَهُ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْحَكِيمِ أَنْ لَا يَضَعَ كَلَامَهُ إِلَّا فِي مَوْضِعِهِ، وَأَنْ لَا يَتَكَلَّمَ بِمَا يُعْتَذَرُ مِنْهُ، أَوْ يُمْسِكَ عَنْهُ، فَإِنَّهُ أَسْلَمُ لَهُ وَأَعْوَدُ نَفْعًا

- ‌جُمَّاعُ أَبْوَابِ الرِّفْقِ بِالْمَمْلُوكِينَ

- ‌بَابُ حُسْنِ الْمَلَكَةِ وَالصَّفْحِ عَنْ زَلَلِ الْمَمْلُوكِينَ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الْإِحْسَانِ إِلَى الْمَمْلُوكِ فِي الطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ السُّؤْدَدِ وَشَرِيطَتِهِ

- ‌بَابُ شَرِيطَةِ السَّيِّدِ

- ‌بَابُ فَضِيلَةِ صِدْقِ الْحَدِيثِ وَجَسِيمِ خَطَرِهِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي السَّخَاءِ وَالْكَرَمِ وَالْبَذْلِ مِنَ الْفَضْلِ

- ‌بَابُ الْعَطْفِ عَلَى الْبَنَاتِ وَالْإِحْسَانِ إِلَيْهِنَّ وَمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْفَضْلِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي كَافِلِ الْيَتِيمِ مِنَ الثَّوَابِ الْجَزِيلِ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الشَّفَاعَةِ لِذِي الْحَاجَةِ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الرِّفْقِ وَالْأَنَاةِ وَتَرْكِ الْعَجَلَةِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ حُسْنِ الْمُجَالَسَةِ وَوَاجِبِ حَقِّهَا

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ التَّوَاضُعِ فِي الْمَجْلِسِ وَغَيْرِهِ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ أَنْ يُحْسِنَ الِاخْتِيَارَ فِي مُجَالَسَةِ مَنْ يُجَالِسُ وَيُحَاذِرُ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي حُسْنِ الِاخْتِيَارِ فِي الْمَجَالِسِ، وَأَنْ تُعْطَى حَقَّهَا

- ‌بَابُ الْوَحْدَةِ خَيْرٌ مِنْ جَلِيسِ السُّوءِ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ إِذَا بَلَغَهُ عَنْ رَجُلٍ شَيْءٌ أَنْ يُعَرِّضَ لَهُ وَلَا يُوَاجِهَهُ بِهِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الشُّحِّ عَلَى الْإِخْوَانِ وَأَدَاءِ النَّصِيحَةِ لَهُمْ

- ‌بَابُ يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ إِذَا آخَى رَجُلًا أَنْ يَسْأَلَ عَنِ اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ

- ‌بَابُ يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ أَنْ يُحْسِنَ الِاخْتِيَارَ بِمَنْ يُشَاوِرُ وَأَنْ لَا يَفْعَلَ شَيْئًا إِلَّا عَنْ مُشَاوَرَةٍ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْتَشَارِ مِنْ أَدَاءِ الْأَمَانَةِ

- ‌بَابُ يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ الدُّعَاءُ لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ مِنَ الِاسْتِئْذَانِ عَلَى ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ مِنَ الْأُمَّهَاتِ وَغَيْرِهِنَّ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ أَنْ يَفْعَلَهُ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا، وَمَا يُقَالُ لَهُ عِنْدَ تَوْدَاعِهِ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ مِنَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمُسَافِرِ إِذَا نَزَلَ مَنْزِلًا مِنَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ

- ‌بَابُ يُسْتَحَبُّ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَحْمِلَ مَعَهُ الْمِرْآةَ وَالْمُكْحُلَةَ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِيمَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الْبُكُورِ فِي الْأَسْفَارِ وَطَلَبِ الْحَاجَاتِ

- ‌بَابُ يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ إِذَا دَخَلَ مَنْزِلَهُ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ مِنْ مُصَافَحَةِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ إِذَا لَقِيَهُ وَمَا لِلْبَادِي فِيهِ مِنَ الْفَضْلِ وَجَزِيلِ الثَّوَابِ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلرَّجُلِ مِنَ الْقَوْلِ إِذَا أَصْبَحَ وَأَمْسَى

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ عِنْدَ دُخُولِهِ مَنْزِلَهُ، وَعِنْدَ خُرُوجُهُ مِنَ الْقَوْلِ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ مِنَ السَّلَامِ قَبْلَ الْكَلَامِ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنْ حُسْنِ الصُّحْبَةِ فِي السَّفَرِ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلرَّجُلِ إِذَا كَانَ مُسَافِرًا أَنْ يُسْرِعَ الرَّجْعَةَ إِلَى أَهْلِهِ عِنْدَ فَرَاغِهِ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ مِنَ الرَّدِّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ مِنَ التَّحَبُّبِ إِلَى خِيَارِ النَّاسِ وَاسْتِجْلَابِ مَوَدَّاتِهِمْ

- ‌بَابُ وَاجِبِ حَقِّ الصُّحْبَةِ وَالْمُرَافَقَةِ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ مِنَ اسْتِخَارَةِ اللَّهِ عز وجل فِي الْأَمْرِ يَقْصِدُ لَهُ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ مِنَ اسْتِعْمَالِ الْحَزْمِ وَالْأَخْذِ بِالثِّقَةِ وَالنَّظَرِ فِي عَوَاقِبِ الْأُمُورِ قَبْلَ كَوْنِهَا

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي شِدَّةِ الْحَذَرِ مِنْ أَنْ يُنْكَبَ الْمَرْءُ مِنْ سَبَبٍ وَاحِدٍ نَكْبَتَيْنِ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ أَنْ يَقُولَهُ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ أَنْ يَقُولَهُ إِذَا اسْتَيْقَظَ فِي اللَّيْلِ مِنْ نَوْمِهِ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ مِنَ الْقَوْلِ إِذَا طَنَّتْ أُذُنُهُ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ أَنْ يَقُولَهُ عِنْدَ غَشَيَانِهِ أَهْلَهُ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلرَّجُلِ مِنَ الْقَوْلِ إِذَا عَصَفَتِ الرِّيحُ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الْقَوْلِ عِنْدَ صَوْتِ الرَّعْدِ وَمَا هُوَ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْمَطَرِ وَمَا يُقَالُ عِنْدَ نُزُولِهِ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ مِنَ الرُّقَى وَالْعُوَذِ وَالْقَوْلِ عِنْدَ الشَّيْءِ يَخَافُهُ مِنْ سُلْطَانٍ أَوْ غَيْرِهِ

- ‌بَابُ الرُّقَى وَالْعُوَذِ

- ‌بَابُ مَا يُقَالُ عِنْدَ نَهْقَةِ الْحِمَارِ

الفصل: ‌باب ما جاء في السخاء والكرم والبذل من الفضل

‌بَابُ مَا جَاءَ فِي السَّخَاءِ وَالْكَرَمِ وَالْبَذْلِ مِنَ الْفَضْلِ

ص: 187

559 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ الْخُتُلِّيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمِّي، مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ يَقُولُ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: قَالَ جِبْرِيلُ: قَالَ اللَّهُ عز وجل: «هَذَا دِينٌ ارْتَضَيْتُهُ لِنَفْسِي، وَلَنْ يُصْلِحَهُ إِلَّا السَّخَاءُ، وَحُسْنُ الْخُلُقِ»

560 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ غَالِبٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ هِشَامٍ الْقُرَشِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمِّي، يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ جَابِرًا، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ

ص: 187

561 -

حَدَّثَنَا ابْنُ الدَّوْرَقِيِّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ الْمَكِّيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ، قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِرَجُلٍ لَهُ عَكْرٌ مِنْ إِبِلٍ وَبَقَرٍ وَغَنَمٍ، فَلَمْ يُضِفْهُ، وَمَرَّ بِامْرَأَةٍ لَهَا شُوَيْهَاتٌ، فَذَبَحَتْ لَهُ، وَأَضَافَتْهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«انْظُرُوا إِلَى هَذِهِ، مَرَرْنَا بِهَذَا الرَّجُلِ وَلَهُ عَكْرٌ مِنْ إِبِلٍ وَبَقَرٍ وَغَنَمٍ، فَلَمْ يَذْبَحْ لَنَا، وَلَمْ يُضَيِّفْنَا، وَمَرَرْنَا بِهَذِهِ، وَإِنَّمَا لَهَا شُوَيْهَاتٌ، فَذَبَحَتْ لَنَا، وَضَيَّفَتْنَا» ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا هَذِهِ الْأَخْلَاقُ بِيَدِ اللَّهِ، فَمَنْ شَاءَ أَنْ يَمْنَحَهُ مِنْهَا خُلُقًا حَسَنًا فَعَلَ»

ص: 187

562 -

حَدَّثَنَا بَنَانٌ الدَّقَّاقُ، وَعِمْرَانُ بْنُ مُوسَى الْمُؤَدِّبُ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ فَرُّوخَ، عَنْ عُثْمَانَ، أَنَّهُ اشْتَرَى أَرْضًا مِنْ رَجُلٍ، فَاسْتَقَالَهُ، فَأَقَالَهُ، وَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «أَدْخَلَ اللَّهُ الْجَنَّةَ رَجُلًا كَانَ سَمْحًا، بَائِعًا، وَمُشْتَرِيًا، وَمُقْتَضِيًا»

ص: 187

563 -

حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُفَ الْقُلُوسِيُّ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زَبَّانَ، حَدَّثَنَا حَبَّانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ قَوْمًا يَجِيئُونَنِي فَأُعْطِيهِمْ، مَا يَتَأَبَّطُونَ فِي كَذَا إِلَّا النَّارَ» فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَ تُعْطِيهِمْ؟ قَالَ:«إِنَّهُمْ خَيَّرُونِي بَيْنَ أَنْ أُعْطِيَهُمْ، أَوْ أَبْخَلَ، وَإِنِّي لَسْتُ بِبَخِيلٍ، وَإِنِّي وَاللَّهِ لَمْ يَرْضَ اللَّهُ لِيَ الْبُخْلَ»

ص: 188

564 -

حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ الْحَسَنِ الْوَرَّاقُ، حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بْنُ حَبَّانَ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، ابْتَاعُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ مَالِ اللَّهِ، فَإِنْ بَخِلَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُعْطِيَ مَالَهُ لِلنَّاسِ فَلْيَبْدَأْ بِنَفْسِهِ، وَلْيَتَصَدَّقْ عَلَى نَفْسِهِ، فَلْيَأْكُلْ، وَلْيَكْتَسِ مِمَّا رَزَقَهُ اللَّهُ عز وجل»

ص: 188

565 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ الْفَرَائِضِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو يَعْقُوبَ الْحُنَيْنِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: " جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُهُ، فَقَالَ:«مَا عِنْدِي مِنْ شَيْءٍ أُعْطِيكَ، وَلَكِنِ اسْتَقْرِضْ عَلَيْنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا شَيْءٌ، فَنُعْطِيَكَ» فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا كَلَّفَكَ اللَّهُ هَذَا، أَعْطِ مَا عِنْدَكَ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فَلَا تَكَلَّفْ قَالَ: فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَوْلَ عُمَرَ حَتَّى عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، أَعْطِ، وَلَا تَخَفْ مِنْ ذِي الْعَرْشِ إِقْلَالًا قَالَ: فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ:«بِهَذَا أُمِرْتُ»

ص: 188

566 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ:" مَا سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا، فَقَالَ لَا، قَالَ ابْنُ الْجُنَيْدِ: إِمَّا أَنْ يُعْطِيَ، وَإِمَّا أَنْ يَسْكُتَ "

ص: 189

567 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَجَاءٍ الْجَزَرِيُّ، حَدَّثَنَا مَعْقِلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْجَزَرِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، قَالَ: كَانَ يُقَالُ: «إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ خَيْرًا أَمَّرَ عَلَيْهِمْ خِيَارَهُمْ، وَجَعَلَ أَرْزَاقَهُمْ بِأَيْدِي سُمَحَائِهِمْ»

ص: 189

568 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْعُتْبِيُّ، بِمِصْرَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَا: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ، عَنْ أَبِي بَصْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اطْلُبُوا الْفَضْلَ عِنْدَ الرُّحَمَاءِ مِنْ أُمَّتِي تَعِيشُوا فِي أَكْنَافِهِمْ؛ فَإِنَّ فِيهِمْ رَحْمَتِي، وَلَا تَطْلُبُوا مِنَ الْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ؛ فَإِنَّهُمْ يَنْتَظِرُونَ سَخَطِي»

ص: 189

569 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ، قَالَ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ: «كَانُوا يَكْرَهُونَ مَدَاقَّ الْأَخْلَاقِ، وَيَسْتَحِبُّونَ أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ غَفَلَةُ السَّادَةِ»

ص: 189

570 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْحَارِثِ مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ

⦗ص: 190⦘

السَّرَّاجُ، حَدَّثَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْخَالِقِ الْمَدَنِيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَدَنِيُّ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَقِيلُوا السَّخِيَّ زَلَّتَهُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ آخِذٌ بِيَدِهِ كُلَّمَا عَثَرَ»

ص: 189

571 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَابِرٍ الضَّرِيرُ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، حَدَّثَنَا حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ سَلْمَانَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ، اللَّهُ يُعْطِي، وَأَنَا أَقْسِمُ»

ص: 190

572 -

حَدَّثَنَا دَاوُدُ الْخَلَنْجِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سُحَيْمٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كَرِيزٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ اللَّهَ جَوَّادٌ يُحِبُّ الْجُودَ، وَيُحِبُّ مَعَالِيَ الْأَخْلَاقِ، وَيَكْرَهُ سَفْسَافَهَا أَوْ قَالَ: يُبْغِضُ "

ص: 190

573 -

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقُلُوسِيُّ - يَعْنِي ابْنَ قَيْسٍ الْعَبْدَ - أَبُو يُوسُفَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، حَدَّثَنَا سُكَيْنٌ أَبُو سِرَاجٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ، يُحَدِّثُ عَنْ عَمَّارٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" لَا يَسْتَكْمِلُ الْعَبْدُ الْإِيمَانَ حَتَّى يَكُونَ فِيهِ ثَلَاثُ خِصَالٍ قُلْتُ: وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: الْإِنْفَاقُ مِنَ الْإِقْتَارِ، وَالْإِنْصَافُ مِنْ نَفْسِهِ، وَبَذْلُ السَّلَامِ "

ص: 190

574 -

حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ يَزِيدَ الْبَزَّارُ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنْبَأَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ الْمُهَاجِرُونَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا رَأَيْنَا مِثْلَ قَوْمٍ قَدِمْنَا عَلَيْهِمْ أَحْسَنَ مُوَاسَاةً فِي قَلِيلٍ، وَلَا أَحْسَنَ بَذْلًا مِنْ كَثِيرٍ، كَفَوْنَا الْمَئُونَةَ، وَأَشْرَكُونَا فِي الْمَهْنَأِ، حَتَّى لَقَدْ خَشِينَا أَنْ يَذْهَبُوا بِالْأَجْرِ كُلِّهِ قَالَ: لَا، «مَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِمْ، وَدَعْوَتُمْ لَهُمْ»

ص: 190

575 -

حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنْبَأَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ أَنَسٍ، " أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَآخَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، إِنِّي مِنْ أَكْثَرِ الْأَنْصَارِ مَالًا، وَأَنَا مُقَاسِمُكَ، وَعِنْدِي امْرَأَتَانِ، فَأَنَا مُطَلِّقٌ إِحْدَاهُمَا، فَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَتَزَوَّجْهَا، فَقَالَ لَهُ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ "

ص: 191

576 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنْبَأَنَا أَبُو جَنَابٍ الْكَلْبِيُّ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، يَقُولُ:«لَقَدْ رَأَيْتُنَا، وَمَا صَاحِبُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ بِأَحَقَّ بِهِ مِنْ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ»

ص: 191

577 -

حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:«لَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ بِأَحَقَّ بِدِينَارِهِ وَدِرْهَمِهِ مِنْ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ»

ص: 191

578 -

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ الْعَبْدِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ:" انْتَهَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ جَالِسٌ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، فَلَمَّا رَآنِي مُقْبِلًا قَالَ: هُمُ الْأَخْسَرُونَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ قُلْتُ: مَا لِي، أُنْزِلَ فِيَّ شَيْءٌ؟ مَنْ هُمْ، فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي؟ قَالَ: الْأَكْثَرُونَ أَمْوَالًا، إِلَّا مَنْ قَالَ هَكَذَا وَهَكَذَا، فَحَثَا بَيْنَ يَدَيْهِ، وَعَنْ يَمِينِهِ، وَعَنْ شِمَالِهِ "

ص: 191

579 -

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّهُ قَالَ لِخَازِنٍ لَهُ: أَكِلْتَ لِأَهْلِنَا قُوتَهُمْ؟ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «كَفَى بِالْمَرْءِ مِنَ الْإِثْمِ أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَعُولُ»

ص: 191

580 -

حَدَّثَنَا الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا كَامِلٌ وَهُوَ ابْنُ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ الْمُكْثِرِينَ هُمُ الْأَرْذَلُونَ، إِلَّا مَنْ قَالَ هَكَذَا وَهَكَذَا»

ص: 192

581 -

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الدُّولَابِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَّادِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ذَكْوَانَ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ هُرْمُزَ، مَوْلَى رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" إِنَّ اللَّهَ عز وجل قَالَ: أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ، وَيَدُ اللَّهِ مَلْأَى، لَا يَغِيضُهَا نَفَقَةٌ، سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ "

ص: 192

582 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الزِّنَّادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ اللَّهَ عز وجل يَقُولُ: أَنْفِقُوا أُنْفِقْ عَلَيْكُمْ "

ص: 192

583 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ كَعْبٍ، قَالَ:" مَا مِنْ صَبَاحٍ إِلَّا وَقَدْ وُكِّلَ مَلَكَانِ يُنَادِيَانِ: اللَّهُمَّ عَجِّلْ لِمُنْفِقٍ خَلَفًا، وَمَلَكَانِ يُنَادِيَانِ: اللَّهُمَّ عَجِّلْ لِمُمْسِكٍ تَلَفًا "

ص: 192

584 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ سُفْيَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: كُنْتُ امْرَأَةً مُحْصِيَةً، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" أَنْفِقِي وَأَنْقِحِي وَارْحَمِي، وَلَا تُحْصِي؛ فَيُحْصَى عَلَيْكِ، أَوْ: لَا تُوعِي؛ فَيُوعِي اللَّهُ عَلَيْكِ "

ص: 192

586 -

حَدَّثَنَا يَمُوتُ بْنُ الْمُوَرِّعِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الْيَشْكُرِيُّ، قَالَ: " كُنْتُ ذَاتَ يَوْمٍ وَاقِفًا بِبَابِ أَبِي دُلَفَ الْعِجْلِيِّ فِي الْكَرْخِ، فِي نَاسٍ مِنَ الشُّعَرَاءِ وَالْمُسْتَرْفِدِينَ، قَدْ أَخَذْنَا ظُهُورَ دَوَابِّنَا مَسَاطِبَ، نُطَالِبُ بِالْإِذْنِ لَنَا عَلَيْهِ، إِذْ خَرَجَ خَادِمٌ لَهُ، فَسَلَّمَ عَلَيْنَا، ثُمَّ قَالَ: الْأَمِيرُ يُقْرِئُ عَلَيْكُمُ السَّلَامَ، وَيَقُولُ: إِنَّهُ لَا شَيْءَ لَكُمْ عِنْدَنَا؛ فَانْصَرِفُوا فَوَرَدَ عَلَيْنَا جَوَابٌ لَا نَحِيرُ عَنْهُ جَوَابًا، فَإِنَّا لَكَذَلِكَ إِذْ خَرَجَ غُلَامٌ آخَرُ، فَقَالَ: ادْخُلُوا فَدَخَلْنَا، فَأَلْفَيْنَاهُ جَالِسًا عَلَى كُرْسِيٍّ، يَنْكُتُ بِخَيْزُرَانَةٍ الْأَرْضَ، فَسَلَّمْنَا، فَرَدَّ، وَأَشَارَ إِلَيْنَا، فَجَلَسْنَا، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَجَبْتُكُمْ بِالْجَوَابِ عَلَى لِسَانِ الْخَادِمِ إِلَّا مِنْ وَرَاءِ ضِيقَةٍ قَدْ عَلِمَهَا اللَّهُ، وَبَعْدَ أَنْ خَرَجَ الْخَادِمُ بِالْجَوَابِ إِلَيْكُمْ ذَكَرْتُ بَيْتًا، وَهُوَ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

[البحر الوافر]

وَقَدْ نُبِّئْتُ أَنَّ عَلَيْكَ دَيْنًا

فَزِدْ فِي رَقْمِ دَيْنِكَ وَاقْضِ دَيْنِي

وَاللَّهِ لَأَزِيدَنَّ فِي رَقْمِ دَيْنِي، وَلَأَقْضِيَنَّ دَيْنَكُمْ وَقَالَ: يَا غُلَامُ، أَحْضِرْنِي تُجَّارَ الْكَرْخِ فَحَضَرُوا، فَعَامَلَهُمْ عَلَى مَالٍ أَرْضَانَا بِهِ عَنْ آخِرِنَا

"

ص: 193

587 -

أَنْشَدَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُغَلِّسِ الْيَشْكُرِيُّ:

[البحر الطويل]

يَقُولُ رِجَالٌ قَدْ جَمَعْتَ دَرَاهِمًا

وَكَيْفَ وَلَمْ أُخْلَقْ لِجَمْعِ الدَّرَاهِمِ

أَبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ دَرَاهِمِي

بِذَا الدَّهْرِ نَهْبًا فِي طَرِيقٍ عَادِمِ

وَمَا النَّاسُ إِلَّا جَامِعٌ أَوْ مُضَيِّعٌ

وَذُو نَصَبٍ يَسْعَى لَآخَرَ نَائِمِ

يَلُومُ أُنَاسٌ فِي الْمَكَارِمِ وَالْعُلَى

وَمَا جَاهِلٌ فِي أَمْرِهِ مِثْلَ عَالِمِ

لَقَدْ أَمِنَتْ مِنِّي الدَّرَاهِمُ جَمْعَهَا

كَمَا أَمِنَ الْأَضْيَافُ مِنْ بُخْلِ حَاتِمٍ

"

ص: 193

588 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ الرَّبَعِيُّ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ هِشَامٍ الْكَلْبِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " دَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ، فَقَالَ: أَصْبَحْتَ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:

فَإِنْ تُصِبْكَ مِنَ الْأَيَّامِ جَائِحَة

لَمْ تَبْكِ مِنْكَ عَلَى دُنْيَا وَلَا دِينِ

قَالَ: وَمَا ذَاكَ يَا أَعْرَجُ؟ قَالَ: هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ يُفَقِّهُ النَّاسَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ يُطْعِمُ النَّاسَ، فَمَا بَقَّيَا لَكَ فَأَحْفَظَهُ ذَلِكَ، فَأَرْسَلَ صَاحِبَ شُرْطَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ، فَقَالَ: انْطَلِقْ إِلَى ابْنَيْ عَبَّاسٍ، فَقُلْ لَهُمَا: بَدِّدَا عَنِّي جَمْعَكُمَا، وَمَنْ ضَوَى إِلَيْكُمَا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قُلْ لِابْنِ الزُّبَيْرِ: يَقُولُ لَكَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " وَاللَّهِ مَا يَأْتِينَا مِنَ النَّاسِ غَيْرُ رَجُلَيْنِ: رَجُلٌ طَالِبُ عِلْمٍ، وَرَجُلٌ طَالِبُ فَضْلٍ، فَأَيُّ هَذَيْنِ تَمْنَعُ "؟ فَأَنْشَأَ أَبُو الطُّفَيْلِ عَامِرُ بْنُ وَائِلَةَ يَقُولُ:

[البحر البسيط]

لِلَّهِ دَرُّ اللَّيَالِي كَيْفَ تُضْحِكُنَا

فِيهَا خُطُوبٌ أَعَاجِيبٌ وَتُبْكِينَا

وَمِثْلُ مَا تُحْدِثُ الْأَيَّامُ مِنْ عِبَرٍ

وَابْنُ الزُّبَيْرِ عَنِ الدُّنْيَا يُلَهِّينَا

كُنَّا نَجِيءُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَيُقْبِسُنَا

فِقْهًا وَيُكْسِبُنَا أَجْرًا وَيَهْدِينَا

وَلَا يَزَالُ عُبَيْدُ اللَّهِ مُتْرَعَةٌ

جِفَانُهُ مُطْعِمًا ضَعْفًا وَمِسْكِينَا

فَالْيُمْنُ وَالدِّينُ وَالدُّنْيَا بِدَارِهِمَا

نَنَالُ مِنْهُ الَّذِي نَبْغِي إِذَا شِينَا

إِنَّ النَّبِيَّ هُوَ النُّورُ الَّذِي كُشِفَتْ

بِهِ عَمَايَاتُ مَاضِينَا وَبَاقِينَا

وَرَهْطُهُ عِصْمَةٌ فِي دِينِنَا وَلَهُمْ

فَضْلٌ عَلَيْنَا وَحَقٌّ وَاجِبٌ فِينَا

فَفِيمَ تَمْنَعُنَا مِنْهُمْ وَتَمْنَعَهُمْ

مِنَّا وَتُؤْذِيهِمُ فِينَا وَتُؤْذِينَا

"

ص: 194

589 -

أَنْشَدَنِي الْحَسَنُ بْنُ أَيُّوبَ الْعَبْدِيُّ:

[البحر الوافر]

وَلَكِنَّ الْكَرِيمَ أَبَا هِشَامٍ

وَفِيُّ الْعَهْدِ مَأْمُونُ الْغُيُوبِ

بَطِيءٌ عَنْكَ مَا اسْتَغْنَيْتَ عَنْهُ

وَطَلَّاعٌ عَلَيْكَ مَعَ الْخُطُوبِ

"

ص: 194

590 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ لِهَذَا الْخَيْرِ خَزَائِنَ، وَجُعِلَ لَهُ مَفَاتِيحُ، وَمَفَاتِيحُهُ الرِّجَالُ، فَطُوبَى لِرَجُلٍ جَعَلَهُ اللَّهُ مِفْتَاحًا لِلْخَيْرِ، وَمِغْلَاقًا لِلشَّرٍّ، وَوَيْلٌ لِرَجُلٍ جَعَلَهُ اللَّهُ مِغْلَاقًا لِلْخَيْرِ، وَمِفْتَاحًا لِلشَّرِّ»

ص: 195

591 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: «إِنَّ لِلْخَيْرِ مَفَاتِيحَ، وَإِنَّ ثَابِتًا الْبُنَانِيَّ مِنْ مَفَاتِيحِ الْخَيْرِ»

ص: 195

592 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ، حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ صَدَقَةَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ:" ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم امْرَأَةٌ مُتَعَبِّدَةٌ غَنِيَّةٌ، غَيْرَ أَنَّهَا بَخِيلَةٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: فَمَا خَيْرُهَا إِذَنْ؟ "

ص: 195

593 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِبَنِي سَاعِدَةَ: مَنْ سَيِّدُكُمْ؟ قَالُوا: جَدُّ بْنُ قَيْسٍ قَالَ: بِمَ سَوَّدْتُمُوهُ؟ قَالُوا: إِنَّهُ أَكْثَرُنَا مَالًا، وَإِنَّا عَلَى ذَلِكَ لَنَزِنُهُ بِالْبُخْلِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: وَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَى مِنَ الْبُخْلِ؟ قَالُوا: فَمَنْ؟ قَالَ: سَيِّدُكُمْ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ وَكَانَ أَوَّلَ مَنِ

⦗ص: 196⦘

اسْتَقْبَلَ الْكَعْبَةَ حَيًّا وَمَيِّتًا، وَكَانَ يُصَلِّي إِلَى الْكَعْبَةِ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَأَطَاعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ قَالَ لِأَهْلِهِ: اسْتَقْبِلُوا بِيَ الْكَعْبَةَ "

ص: 195

594 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَكِيمٍ الْأَوْدِيُّ، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ:" مَرِضَ جَعْفَرُ بْنُ زَيْدِ بْنِ زِيَادٍ الْأَحْمَرُ، فَأَتَاهُ هُرَيْمُ بْنُ سُفْيَانَ الْبَجَلِيُّ يَعُودُهُ، فَشَكَا إِلَيْهِ دَيْنَهُ، وَقَالَ: مَا هَاهُنَا شَيْءٌ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ دَيْنِي فَقَالَ لَهُ هُرَيْمٌ: عَلَيَّ دَيْنُكَ قَالَ: فَبَرَأَ جَعْفَرٌ مِنْ مَرَضِهِ، فَقِيلَ لِهُرَيْمٍ: مِنْ أَيْنَ كُنْتَ تَقْضِي دَيْنَهُ؟ قَالَ: نَوَيْتُ أَنْ أَبِيعَ دَارِي، فَأَقْضِيَ دَيْنَهُ "

ص: 196

595 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَسَدِ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمَلَةَ، وَرَجَاءِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَا:" قَضَى هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَرْبَعَةَ آلَافِ دِينَارٍ، وَقَالَ لَهُ: هَلْ أَنْتَ عَائِدٌ يَا ابْنَ شِهَابٍ إِلَى الدَّيْنِ؟ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ قَالَ رَجَاءٌ: فَعَادَ إِلَى الدَّيْنِ، وَكَانَ فِي عَقْدِهِ وَفَاءٌ لِذَلِكَ "

ص: 196

596 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْحَارِثِ مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ الْأَزْرَقُ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنَّ هِشَامًا قَضَى عَنِ الزُّهْرِيِّ سَبْعَةَ آلَافِ دِينَارٍ، وَقَالَ: لَا تَعُدْ تَدَّانُ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يُلْسَعُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ»

ص: 196

597 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْحَارِثِ مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا جَحْدَرُ بْنُ الْحَارِثِ الْبَكْرِيُّ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْجَنَّةُ دَارُ الْأَسْخِيَاءِ»

ص: 197

598 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ، حَدَّثَنَا فَرْقَدٌ السَّبَخِيُّ، قَالَ:«لَمْ يَكُنْ أَصْحَابُ نَبِيٍّ قَطُّ فِيمَا خَلَا مِنَ الدُّنْيَا أَفْضَلَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، أَشْجَعَ لِقَاءً، وَلَا أَسْمَحَ أَكُفًّا»

ص: 197

599 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ، أَنَّهُ سَمِعَ جُنَادَةَ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ، يُحَدِّثُ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، " أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: إِيمَانٌ بِاللَّهِ، وَتَصْدِيقٌ بِهِ، وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ قَالَ: أُرِيدُ أَهْوَنَ مِنْ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: السَّمَاحَةُ وَالصَّبْرُ "

ص: 197

600 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي الزَّرْقَاءِ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي حُجَيْرَةَ، ح، وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْجُنَيْدِ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي حُجَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الْمُسْلِمَ الْمُسَدَّدَ لَيُدْرِكُ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ بِحُسْنِ خُلُقِهِ وَكَرَمِ ضَرِيبَتِهِ»

ص: 197

601 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ، حَدَّثَنَا مَلِيحُ بْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: سَمِعْتُ بَكْرَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْعَابِدَ، يَقُولُ:«يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُؤْمِنُ مِنَ السَّخَاءِ هَكَذَا. وَحَثَا بِيَدَيْهِ»

ص: 197

602 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ، يَذْكُرُ أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ، قَالَ:«إِنِّي لَبَخِيلٌ إِنْ كَانَ لِي ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ لَا أُقْرِضُ اللَّهَ عز وجل أَحَدَهَا»

ص: 198

603 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، حَدَّثَنَا أَبَو الْعَلَاءِ الْخَفَّافُ خَالِدُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: جَاءَ سَائِلٌ، وَابْنُ عَبَّاسٍ جَالِسٌ، فَسَأَلَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:" يَا سَائِلُ أُرَاهُ قَالَ أَتَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: وَتُصَلِّي الْخَمْسَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: حَقٌّ عَلَيْنَا أَنْ نَصِلَكَ قَالَ: فَنَزَعَ ثَوْبًا عَلَيْهِ، فَطَرَحَهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: مَنْ كَسَا مُسْلِمًا ثَوْبًا كَانَ فِي حِفْظٍ مِنَ اللَّهِ مَا دَامَ عَلَيْهِ مِنْهُ رُقْعَةٌ "

ص: 198

604 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ عُبَيْسٌ قَالَ:" كَانَ الْحَسَنُ إِذَا اشْتَرَى شَيْئًا، وَكَانَ فِي ثَمَنِهِ كَسْرٌ جَبَرَهُ لِصَاحِبِهِ. قَالَ: وَمَرَّ الْحَسَنُ بِقَوْمٍ يَقُولُونَ: نَقْصُ دَانِقٍ، وَزِيَادَةُ دَانِقٍ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ لَا دَيْنَ إِلَّا بِمُرُوءَةٍ "

ص: 198

605 -

حَدَّثَنَا ابْنُ الْجُنَيْدِ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُثْمَانَ، أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّوْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى السِّمْسَارُ، قَالَ: قَالَ لِي الْحَسَنُ: " يَا عَبْدَ الْأَعْلَى، أَمَا يُوَلِّي أَحَدُكُمْ أَخَاهُ الثَّوْبَ فِيهِ رُخْصُ دِرْهَمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ؟ قُلْتُ: لَا وَاللَّهِ، وَلَا دَانِقٍ وَاحِدٍ فَقَالَ الْحَسَنُ: أُفٍّ، فَمَا بَقِيَ مِنَ الْمُرُوءَةِ إِذًا. قَالَ: وَكَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ: لَا دَيْنَ إِلَّا بِمُرُوءَةٍ "

ص: 198

606 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ زَكَرِيَّا الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا فَضَالَةُ بْنُ دِينَارٍ، قَالَ:" شَهِدْتُ الْحَسَنَ بَاعَ بَغْلَةً لَهُ، فَقَالَ الْمُشْتَرِي: حُطَّ لِي شَيْئًا يَا أَبَا سَعِيدٍ قَالَ: لَكَ خَمْسُونَ دِرْهَمًا أَزِيدُكَ؟ قَالَ: لَا، قَدْ رَضِيتُ، بَارَكَ اللَّهُ لَكَ "

ص: 198

607 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ دَاوُدَ الْقَنْطَرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ:" كَانَ ابْنُ شِهَابٍ مِنْ أَسْخَى مَنْ رَأَيْتُ قَطُّ، كَانَ يُعْطِي كُلَّ مَنْ جَاءَهُ وَسَأَلَهُ، حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ مَعَهُ شَيْءٌ تَسَلَّفَ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَيُعْطُونَهُ، حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ مَعَهُمْ شَيْءٌ حَلَفُوا لَهُ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مَعَهُمْ شَيْءٌ، فَيَسْتَلِفُ مِنْ عُبَيْدَةَ، فَيَقُولُ لِأَحَدِهِمْ: يَا فُلَانُ، أَسْلِفْنِي كَمَا تَعْرِفُ، وَأُضَعِّفَ لَكَ كَمَا تَعْلَمُ فَيُسَلِّفُونَهُ، وَلَا يَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا، وَرُبَّمَا جَاءَهُ السَّائِلُ، فَلَا يَجِدُ مَا يُعْطِيهِ، فَيَتَغَيَّرُ عِنْدَ ذَلِكَ وَجْهُهُ، فَيَقُولُ لِلسَّائِلِ: أَبْشِرْ، فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِخَيْرٍ قَالَ: فَيُقَيِّضُ اللَّهُ لِابْنِ شِهَابٍ عَلَى قَدْرِ صَبْرِهِ وَاحْتِمَالِهِ "

ص: 199

608 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَهْلًا السَّاعِدِيَّ، يَقُولُ:" جَاءَتِ امْرَأَةٌ بِنَمِرَةٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ سَهْلٌ: أَتَدْرُونَ مَا النَّمِرَةُ؟ فَقِيلَ: نَعَمْ، الشَّمْلَةُ مَنْسُوجٌ فِي حَاشِيَتِهَا فَقَالَتْ: إِنِّي نَسَجْتُ هَذِهِ بِيَدِي أَكْسُوكَهَا فَأَخَذَهَا وَهُوَ مُحْتَاجٌ إِلَيْهَا، وَإِنَّهَا إِزَارُهُ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اكْسُنِيهَا قَالَ: نَعَمْ فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَجْلِسِ، ثُمَّ رَجَعَ فَطَوَاهَا، ثُمَّ أَرْسَلَ بِهَا إِلَيْهِ فَقَالَ الْقَوْمُ: مَا أَحْسَنْتَ سَأَلْتَهَا إِيَّاهُ، وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ سَائِلًا فَقَالَ الرَّجُلُ: وَاللَّهِ مَا سَأَلْتُهُ إِلَّا لِتَكُونَ كَفَنِي يَوْمَ أَمُوتُ قَالَ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ: فَكَانَتْ كَفَنَهُ "

ص: 199

609 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ دَاوُدَ الْقَنْطَرِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنِي بُكَيْرٌ، أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " يَا جَابِرُ، لَوْ قَدْ جَاءَنَا مَالٌ مِنَ الْبَحْرَيْنِ لَأَعْطَيْنَاكَ هَكَذَا وَهَكَذَا، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بِحَفْنَةٍ فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَمْ يَأْتِهِ مَالٌ مِنَ الْبَحْرَيْنِ، ثُمَّ جَاءَ الْمَالُ بَعْدُ، فَدَعَانِي أَبُو بَكْرٍ، فَسَأَلَنِي عَمَّا قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ جَاءَنَا مَالٌ فَقَرَّبَهُ إِلَيَّ، فَأَخَذْتُ مِنْهُ بِكَفِّي جَمِيعًا، فَعَدَدْتُهُ، فَوَجَدْتُهُ خَمْسَمِائَةٍ، فَأَعْطَانِي أَبُو بَكْرٍ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ "

ص: 199

610 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ، حَدَّثَنَا الْقَوَارِيرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ:«تَزَوَّجَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ امْرَأَةً، فَبَعَثَ إِلَيْهَا بِمِائَةِ جَارِيَةٍ، مَعَ كُلِّ جَارِيَةٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ»

ص: 200

611 -

حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَهْلٍ الْعَسْكَرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الرَّاسِبِيُّ، حَدَّثَنِي صَدِيقٌ لِي " أَنَّ أَعْرَابِيًّا انْتَهَى إِلَى قَوْمٍ، فَقَالَ: يَا قَوْمُ، أَرَى وُجُوهًا وَضِيئَةً، وَأَخْلَاقًا رَضِيَّةً، فَإِنْ تَكُنِ الْأَسْمَاءُ عَلَى إِثْرِ ذَلِكَ فَقَدْ سَعِدَتْ بِكُمْ أُمُّكُمْ، فَبِمَ تُسَمَّوْنَ، بِأَبِي أَنْتُمْ؟ قَالَ أَحَدُهُمْ: أَنَا عَطِيَّةُ، وَقَالَ الْآخَرُ: أَنَا كَرَامَةُ، وَقَالَ الْآخَرُ: أَنَا عَبْدُ الْوَاسِعِ، وَقَالَ الْآخَرُ: أَنَا فَضِيلَةُ فَأَنْشَأَ يَقُولُ:

[البحر الكامل]

كَرَمٌ وَبَذْلٌ وَاسِعٌ وَعَطِيَّةٌ

لَا أَيْنَ أَذْهَبُ أَنْتُمُ عَيْنُ الْكَرَمْ

مَنْ كَانَ بَيْنَ فَضِيلَةٍ وَكَرَامَةٍ

لَا رَيْبَ قَدْ يَفْقَؤُ عَيْنَ الْعَدَمْ

قَالَ: فَكَسَوْهُ، وَأَحْسَنُوا إِلَيْهِ، وَانْصَرَفَ شَاكِرًا "

ص: 200

612 -

حَدَّثَنِي أَخِي، أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَرَّاقُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ السَّخِيَّ قَرِيبٌ مِنَ اللَّهِ، قَرِيبٌ مِنَ النَّاسِ، قَرِيبٌ مِنَ الْجَنَّةِ، بَعِيدٌ مِنَ النَّارِ»

ص: 200

613 -

حَدَّثَنَا أَبُو مَنْصُورٍ نَصْرُ بْنُ دَاوُدَ الصَّاغَانِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ النَّخَعِيُّ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ:«كَانُوا يَكْرَهُونَ أَخْلَاقَ التُّجَّارِ، وَنَظَرَهُمْ فِي مَدَاقِّ الْأُمُورِ، وَكَانُوا يُحِبُّونَ أَنْ يُقَالَ فِيهِمْ غَفَلَةُ السَّادَةِ»

ص: 200

614 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَمْرٍو. ح وَحَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ الرَّبَعِيُّ، عَنْ بَعْضِ مَشَايِخِهِ قَالَ: " نَزَلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مَنْزِلًا مُنْصَرَفَهُ مِنَ الشَّامِ نَحْوَ الْحِجَازِ، فَطَلَبَ غِلْمَانُهُ طَعَامًا، فَلَمْ يَجِدُوا فِي ذَلِكَ الْمَنْزِلِ مَا يَكْفِيهِمْ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَرَّ بِهِ زِيَادُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، أَوْ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ فِي جَمْعٍ عَظِيمٍ، فَأَتَوْا عَلَى مَا فِيهِ، فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ لِوَكِيلِهِ: اذْهَبْ فِي هَذِهِ الْبَرِيَّةِ، فَعَلَّكَ أَنْ تَجِدَ رَاعِيًا، أَوْ تَجِدَ أَخْبِيَةً فِيهَا لَبَنٌ أَوْ طَعَامٌ فَمَضَى الْقَيِّمُ، وَمَعَهُ غِلْمَانُ عُبَيْدِ اللَّهِ، فَدَفَعُوا إِلَى عَجُوزٍ فِي خِبَاءٍ، فَقَالُوا: هَلْ عِنْدَكِ مِنْ طَعَامٍ نَبْتَاعَهُ مِنْكِ؟ قَالَتْ: أَمَّا الطَّعَامُ أَبِيعُهُ فَلَا، وَلَكِنْ عِنْدِي مَا بِي إِلَيْهِ حَاجَةٌ لِي وَلِبَنِيِّ قَالُوا: وَأَيْنَ بَنُوكِ؟ قَالَتْ: فِي رَعْيٍ لَهُمْ، وَهَذَا أَوَانُ أَوْبَتِهِمْ قَالُوا: فَمَا أَعْدَدْتِ لَكِ وَلَهُمْ؟ قَالَتْ: خُبْزَةً، وَهِيَ تَحْتَ مَلَّتِهَا أَنْتَظِرُ بِهَا أَنْ يَجِيئُوا قَالُوا: فَمَا هُوَ غَيْرُ ذَلِكَ؟ قَالَتْ: لَا قَالُوا: فَجُودِي لَنَا بِنِصْفِهَا قَالَتْ: أَمَّا النِّصْفُ فَلَا أَجُودُ بِهِ، وَلَكِنْ إِنْ أَرَدْتُمُ الْكُلَّ فَشَأْنُكُمْ بِهَا قَالُوا: فَلِمَ تَمْنَعِينَ النِّصْفَ، وَتَجُودِينَ بِالْكُلِّ؟ قَالَتْ: لِأَنَّ إِعْطَاءَ الشَّطْرِ نَقِيصَةٌ، وَإِعْطَاءَ الْكُلِّ فَضِيلَةٌ، أَمْنَعُ مَا يَضَعُنِي، وَأَمْنَحُ مَا يَرْفَعُنِي فَأَخَذُوا الْمَلَّةَ، وَلَمْ تَسْأَلْهُمْ مَنْ هُمْ، وَلَا مِنْ أَيْنَ جَاءُوا، فَلَمَّا أَتَوْا بِهَا عُبَيْدَ اللَّهِ، وَأَخْبَرُوهُ بِقِصَّةِ الْعَجُوزِ، عَجِبَ، وَقَالَ: ارْجِعُوا إِلَيْهَا، فَاحْمِلَوهَا إِلَيَّ السَّاعَةَ فَرَجَعُوا وَقَالُوا: انْطَلِقِي نَحْوَ صَاحِبِنَا؛ فَإِنَّهُ يُرِيدُكِ قَالَتْ: وَمَنْ هُوَ صَاحِبُكُمُ، اللَّهُ أَصْحَبَهُ السَّلَامَةَ؟ قَالُوا: عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ قَالَتْ: مَا أَعْرِفُ هَذَا الِاسْمَ، فَمَنْ بَعْدَ الْعَبَّاسِ؟ قَالُوا: الْعَبَّاسُ عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: هَذَا وَأَبِيكُمُ الشَّرَفُ الْعَالِي ذِرْوَتُهُ، الرَّفِيعُ عِمَادُهُ، هِيهِ، أَبُو هَذَا عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالُوا: نَعَمْ قَالَتْ: عَمٌّ قَرِيبٌ، أَمْ عَمٌّ بَعِيدٌ؟ قَالُوا: عَمٌّ هُوَ صِنْوُ أَبِيهِ، وَهُوَ عَصَبَتُهُ قَالَتْ: وَيُرِيدُ مَاذَا؟ قَالُوا: يُرِيدُ مُكَافَأَتَكِ وَبِرَّكَ قَالَتْ: عَلَامَ؟ قَالُوا: عَلَى مَا كَانَ مِنْكِ قَالَتْ: أَوْهِ، لَقَدْ أَفْسَدَ الْهَاشِمِيُّ بَعْضَ مَا أَثَّلَ لَهُ ابْنُ عَمِّهِ، وَاللَّهِ لَوْ كَانَ مَا فَعَلْتُ مَعْرُوفًا مَا أَخَذْتُ بِذَنَبِهِ، فَكَيْفَ وَإِنَّمَا

⦗ص: 202⦘

هُوَ شَيْءٌ يَجِبُ عَلَى الْخَلْقِ أَنْ يُشَارِكَ بَعْضُهُمْ فِيهِ بَعْضًا؟ قَالُوا: فَانْطَلِقِي؛ فَإِنَّهُ يُحِبُّ أَنْ يَرَاكِ قَالَتْ: قَدْ تَقَدَّمَ مِنْكُمْ وَعِيدٌ، مَا أَجِدُ نَفْسِي تَسْخُو بِالْحَرَكَةِ مَعَهُ قَالُوا: فَأَنْتِ بِالْخِيَارِ إِنْ بُذِلَ لَكِ شَيْءٌ بَيْنَ أَخْذِهِ وَتَرَكِهِ قَالَتْ: لَا حَاجَةَ لِي بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا إِذْ كَانَ هَذَا أَوَّلَهُ قَالُوا: فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ تَنْطَلِقِي إِلَيْهِ قَالَتْ: فَإِنِّي مَا أَنْهَضُ عَلَى كُرْهٍ إِلَّا لِوَاحِدَةٍ قَالُوا: وَمَا هِيَ؟ قَالَتْ: أَرَى وَجْهًا هُوَ جَنَاحُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَعُضْوٌ مِنْ أَعْضَائِهِ ثُمَّ قَامَتْ، فَحَمَلُوهَا عَلَى دَابَّةٍ مِنْ دَوَابِّهِ، فَلَمَّا صَارَتْ إِلَيْهِ سَلَّمَتْ عَلَيْهِ، فَرَدَّ عليها السلام، وَقَرَّبَ مَجْلِسَهَا، وَقَالَ لَهَا: مِمَّنْ أَنْتِ؟ قَالَتْ: أَنَا مِنْ كَلْبٍ قَالَ لَهَا: فَكَيْفَ حَالُكِ؟ قَالَتْ: أَجِدُ الْقَائِتَ وَأَسْتَمْرِيهِ، وَأَهْجَعُ أَكْثَرَ اللَّيْلِ، وَأَرَى قُرَّةَ الْعَيْنِ مِنْ وَلَدٍ بَارٍّ، وَكَنَّةٍ رَضِيَّةٍ، فَلَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا شَيْءٌ إِلَّا وَقَدْ وَجَدْتُهُ أَخَذْتُهُ، وَإِنَّمَا أَنْتَظِرُ أَنْ يَأْخُذَنِي قَالَ: مَا أَعْجَبَ أَمَرَكِ كُلَّهُ قَالَتْ: قِفْنِي عَلَى أَوَّلِ عَجَبِهِ قَالَ: بَذْلُكِ لَنَا مَا كَانَ فِي حِوَائِكِ فَرَفَعَتْ رَأْسَهَا إِلَى الْقَيِّمِ، فَقَالَتْ: هَذَا مَا قُلْتُ لَكَ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: وَمَا قَالَتْ لَكَ؟ فَأَخْبَرَهُ، فَازْدَادَ تَعَجُّبًا، وَقَالَ: خَبِّرِينِي، فَمَا ادَّخَرْتِ لِبَنِيكِ إِذَا انْصَرَفُوا؟ قَالَتْ: مَا قَالَ حَاتِمُ طَيِّئٍ:

[البحر الكامل]

وَلَقَدْ أَبِيتُ عَلَى الطُّوَى وَأَظَلُّهُ

حَتَّى أَنَالَ بِهِ كَرِيمَ الْمَأْكَلِ

فَازْدَادَ مِنْهَا عُبَيْدُ اللَّهِ تَعَجُّبًا، وَقَالَ: أَرَأَيْتِ لَوِ انْصَرَفَ بَنُوكِ وَهُمْ جِيَاعٌ، وَلَا شَيْءَ عِنْدَكِ، مَا كُنْتِ تَصْنَعِينَ بِهِمْ؟ قَالَتْ: يَا هَذَا، لَقَدْ عَظُمَتْ هَذِهِ الْخُبْزَةُ عِنْدَكَ وَفِي عَيْنَيْكَ حَتَّى أَنْ صِرْتَ لَتُكْثِرُ فِيهَا مَقَالَكَ، وَتَشْغَلُ بِذِكْرِهَا بَالَكَ، الْهُ عَنْ هَذَا وَمَا أَشْبَهَ؛ فَإِنَّهُ يُفْسِدُ النَّفْسَ، وَيُؤَثِّرُ فِي الْحِسِّ فَازْدَادَ تَعَجُّبًا، ثُمَّ قَالَ لِغُلَامِهِ: انْطَلِقْ إِلَى فِتْيَانِهَا، فَإِذَا أَقْبَلَ بَنُوهَا فَجِئْنِي بِهِمْ فَقَالَتِ الْعَجُوزُ: أَمَا إِنَّهُمْ لَا يَأْتُونَكَ إِلَّا بِشَرِيطَةٍ قَالَ: وَمَا هِيَ؟ قَالَتْ: لَا تَذْكُرْ لَهُمْ مَا ذَكَرْتَهُ لِي؛ فَإِنَّهُمْ شَبَابٌ أَحْدَاثٌ، تُحْرِجُهُمُ الْكَلِمَةُ، وَلَا آمَنُ بَوَادِرَهُمْ إِلَيْكَ، وَأَنْتَ فِي هَذَا الْبَيْتِ الرَّفِيعِ، وَالشَّرَفِ الْعَالِي، فَإِذَا نَحْنُ مِنْ أَشَرِّ الْعَرَبِ جِوَارًا فَازْدَادَ عُبَيْدُ اللَّهِ تَعَجُّبًا، وَقَالَ لَهَا: سَأَفْعَلُ مَا أَمَرْتِ بِهِ فَقَالَتِ الْعَجُوزُ لِلْغُلَامِ: انْطَلِقْ، فَاقْعُدْ بِحِذَاءِ الْخِبَاءِ الَّذِي رَأَيْتَنِي فِي ظِلِّهِ، فَإِذَا أَقْبَلَ ثَلَاثَةٌ: أَحَدُهُمْ دَائِمُ الطَّرْفِ نَحْوَ الْأَرْضِ، قَلِيلُ الْحَرَكَةِ، كَثِيرُ السُّكُونِ، فَذَاكَ الَّذِي إِذَا خَاصَمَ أَفْصَحَ، وَإِذَا طَلَبَ أَنْجَحَ، وَالْآخَرُ دَائِمُ النَّظَرِ، كَثِيرُ الْحَذَرِ، لَهُ أُبَّهَةٌ قَدْ كَمَلَتْ مِنْ حَسَبِهِ، وَأَثَّرَتْ فِي نَسَبِهِ، فَذَاكَ الَّذِي إِذَا قَالَ فَعَلَ، وَإِذَا ظُلِمَ قَتَلَ، وَالْآخَرُ كَأَنَّهُ شُعْلَةُ نَارٍ، وَكَأَنَّهُ يَطْلُبُ الْخَلْقَ بِثَأْرٍ، فَذَاكَ الْمَوْتُ الْمَائِتُ، هُوَ وَاللَّهِ وَالْمَوْتُ قَسِيمَانِ، فَاقْرَأْ عَلَيْهِمْ سَلَامِي، وَقُلْ لَهُمْ: تَقُولُ لَكُمْ وَالِدَتُكُمْ: لَا يُحْدِثَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ أَمْرًا حَتَّى تَأْتُوهَا

⦗ص: 203⦘

فَانْطَلَقَ الْغُلَامُ، فَلَمَّا جَاءَ الْفِتْيَةُ آخِرُهُمْ، فَمَا قَعَدَ قَائِمُهُمْ، وَلَا شَدَّ جَمْعُهُمْ حَتَّى تَقَدَّمُوا سِرَاعًا، فَلَمَّا دَنَوْا مِنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَرَأَوْا أُمَّهُمْ، سَلَّمُوا، فَأَدْنَاهُمْ عُبَيْدُ اللَّهِ مِنْ مَجْلِسِهِ، وَقَالَ: إِنِّي لَمْ أَبْعَثْ إِلَيْكُمْ، وَلَا إِلَى أُمِّكُمْ لِمَا تَكْرَهُونَ قَالُوا: فَمَا بَعْدَ هَذَا؟ قَالَ: أُحِبُّ أَنْ أُصْلِحَ مِنْ أَمْرِكُمْ، وَأُلِمَّ مِنْ شَعَثِكُمْ قَالُوا: إِنَّ هَذَا قَلَّ مَا يَكُونُ إِلَّا عَنْ سُؤَالٍ، أَوْ مُكَافَأَةٍ لِفِعْلٍ قَدِيمٍ قَالَ: مَا هُوَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَلَكِنْ جَاوَرَتُكُمْ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ، وَخَطَرَ بِبَالِي أَنْ أَضَعَ بَعْضَ مَالِي فِيمَا يُحِبُّ اللَّهُ عز وجل قَالُوا: يَا هَذَا، إِنَّ الَّذِي يُحِبُّ اللَّهُ لَا يَجِبُ لَنَا، إِذْ كُنَّا فِي خَفْضٍ مِنَ الْعَيْشِ، وَكِفَافٍ مِنَ الرِّزْقِ، فَإِنْ كُنْتَ هَذَا أَرَدْتَ فَوَجِّهْهُ نَحْوَ مَنْ يَسْتَحِقُّهُ، وَإِنْ كُنْتَ أَرَدْتَ النَّوَالَ مُبْتَدِئًا لَمْ يَتَقَدَّمْهُ سُؤَالٌ، فَمَعْرُوفُكَ مَشْكُورٌ، وَبِرُّكَ مَقْبُولٌ فَأَمَرَ لَهُمْ عُبَيْدُ اللَّهِ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَعِشْرِينَ نَاقَةً، وَحَوَّلَ أَثْقَالَهُ إِلَى الْبِغَالِ وَالدَّوَابِّ، وَقَالَ: مَا ظَنَنْتُ أَنَّ فِيَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ مَنْ يُشْبِهُ هَذِهِ الْعَجُوزَ، وَهَؤُلَاءِ الْفِتْيَانَ فَقَالَتِ الْعَجُوزُ لِفِتْيَانِهَا: لِيَقُلْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ بَيْتًا مِنَ الشِّعْرِ فِي هَذَا الشَّرِيفِ، وَلَعَلَيَّ أَنْ أُعِينَكُمْ، فَقَالَ الْكَبِيرُ:

[البحر المتقارب]

شَهِدْتُ عَلَيْكَ بِطِيبِ الْكَلَامِ

وَطِيبِ الْفِعَالِ وَطِيبِ الْخَبَرْ

وَقَالَ الْأَوْسَطُ:

تَبَرَّعْتَ بِالْجُودِ قَبْلَ السُّؤَالِ

فِعَالَ كَرِيمٍ عَظِيمِ الْخَطَرْ

وَقَالَ الْأَصْغَرُ:

وَحُقَّ لِمَنْ كَانَ ذَا فِعْلَهُ

بِأَنْ يَسْتَرِقَّ رِقَابَ الْبَشَرْ

وَقَالَتِ الْعَجُوزُ:

فَعَمَّرَكَ اللَّهُ مِنْ مَاجِدٍ

وَوُقِّيتَ شَرَّ الرَّدَى فَالْحَذَرِ

"

615 -

قَالَ الْخَرَائِطِيُّ: وَحَدَّثَنَا أَيْضًا أَبُو الْفَضْلِ الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ الرَّبْعِيُّ، عَنْ بَعْضِ مَشَايِخِهِ قَالَ: نَزَلَ عُبَيْدُ اللَّهِ يَعْنِي فَذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً

ص: 201

616 -

حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ الْحَسَنِ الْوَرَّاقُ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ الْخَفَّافِ، عَنْ مِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ حَبَّةَ الْعُرَنِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، رضي الله عنه قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ، فَأَرَادَ أَنْ يَفْعَلَهُ قَالَ: نَعَمْ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ سَكَتَ، وَكَانَ لَا يَقُولُ لِشَيْءٍ لَا، فَأَتَاهُ أَعْرَابِيٌّ، فَسَأَلَهُ

⦗ص: 204⦘

فَسَكَتَ، ثُمَّ سَأَلَهُ فَسَكَتَ، ثُمَّ سَأَلَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: سَلْ كَهَيْئَةِ الْمُنْتَهِرِ لَهُ: سَلْ مَا شِئْتَ يَا أَعْرَابِيُّ فَغَبَطْنَاهُ، وَقُلْنَا: الْآنَ يَسْأَلُ الْجَنَّةَ قَالَ: أَسْأَلُكَ رَاحِلَةً قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لَكَ ذَاكَ ثُمَّ قَالَ: سَلْ قَالَ: وَرَحْلَهَا قَالَ: لَكَ ذَاكَ ثُمَّ قَالَ: سَلْ قَالَ: أَسْأَلُكَ زَادًا قَالَ: ذَاكَ لَكَ، قَالَ: فَعَجِبْنَا مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَعْطُوا الْأَعْرَابِيَّ مَا سَأَلَ قَالَ: فَأُعْطِيَ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: كَمْ بَيْنَ مَسْأَلَةِ الْأَعْرَابِيِّ وَعَجُوزِ بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ مُوسَى عليه السلام لَمَّا أُمِرَ أَنْ يَقْطَعَ الْبَحْرَ، فَانْتَهَى إِلَيْهِ، ضَرَبَ وجُوهَ الدَّوَابِّ، فَرَجَعَتْ، فَقَالَ مُوسَى: مَالِي يَا رَبِّ؟ قَالَ: إِنَّكَ عِنْدَ قَبْرِ يُوسُفَ، فَاحْمِلْ عِظَامَهُ مَعَكَ، قَالَ: وَقَدِ اسْتَوَى الْقَبْرُ بِالْأَرْضِ، فَجَعَلَ مُوسَى لَا يَدْرِي أَيْنَ هُوَ، فَسَأَلَ مُوسَى: هَلْ يَدْرِي أَحَدٌ مِنْكُمْ أَيْنَ هُوَ؟ فَقَالُوا: إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَعْلَمُ أَيْنَ هُوَ فَعَجُوزُ بَنِي فُلَانٍ، لَعَلَّهَا تَعْلَمُ أَيْنَ هُوَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا مُوسَى، فَانْتَهَى إِلَيْهَا الرَّسُولُ، قَالَتْ: مَالَكُمْ؟ قَالُوا: انْطَلِقِي إِلَى مُوسَى فَلَمَّا أَتَتْهُ قَالَ: هَلْ تَعْلَمِينَ أَيْنَ قَبْرُ يُوسُفَ؟ قَالَتْ: نَعَمْ قَالَ: فَدُلِّينَا عَلَيْهِ قَالَتْ: لَا وَاللَّهِ حَتَّى تُعْطِيَنِي مَا أَسْأَلُكَ قَالَ لَهَا: لَكِ ذَلِكَ، قَالَتْ: فَإِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ أَكُونَ مَعَكَ فِي الدَّرَجَةِ الَّتِي تَكُونُ فِيهَا فِي الْجَنَّةِ قَالَ: سَلِي الْجَنَّةَ، قَالَتْ: لَا وَاللَّهِ، لَا أَرْضَى إِلَّا أَنْ أَكُونَ مَعَكَ فَجَعَلَ مُوسَى يُرَادُّهَا قَالَ: فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنْ أَعْطِهَا ذَلِكَ؛ فَإِنَّهُ لَا يَنْقُصُكَ شَيْئًا، فَأَعْطَاهَا، وَدَلَّتْهُ عَلَى الْقَبْرِ، فَأَخْرَجُوا الْعِظَامَ، وَجَازُوا الْبَحْرَ "

ص: 203

617 -

حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ الرَّبَعِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ عَدِيٍّ، عَنْ مِلْحَانَ بْنِ عَرْكِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ حَلْبَسِ بْنِ زِيَادٍ وَكَانَ زِيَادٌ قَدْ خَلَفَ عَلَى النُّوَارِ امْرَأَةِ حَاتِمٍ، وَكَانَ لَهَا مِنْ حَاتِمٍ: عَدِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ ابْنَا حَاتِمٍ، وَسِفَّانَةُ بِنْتُ حَاتِمٍ قَالَ إِسْحَاقُ: وَزَعَمَ غَيْرُ الْهَيْثَمِ أَنَّ عَدِيًّا أُمُّهُ مَاوِيَّةُ عَفْزَرَ قَالَ الْهَيْثَمُ: قَالَ مِلْحَانُ: فَحَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ لِلنُّوَارِ: " أَيْ أُمَّهْ، حَدِّثِينَا بِبَعْضِ أَمْرِ حَاتِمٍ قَالَتْ: كُلُّ أَمْرِ حَاتِمٍ كَانَ عَجَبًا، وَلَأُخْبِرَنَّكُمْ عَنْهُ بِعَجَبٍ، أَصَابَتْنَا سَنَةٌ اقْشَعَرَّتْ لَهَا الْأَرْضُ، وَاغْبَرَّ لَهَا أُفُقُ

⦗ص: 205⦘

السَّمَاءِ، وَرَاحَتِ الْإِبِلُ جَدْبَاءَ حَدَابِيرَ، وَضَنَّتِ الْمَرَاضِعُ عَلَى أَوْلَادِهَا، وَجَلَفَتِ السَّنَةُ الْمَالَ، وَأَيْقَنَّا أَنَّهَا الْهَلَاكُ، فَوَاللَّهِ إِنِّي لَفِي لَيْلَةٍ صَنْبَرَةٍ، بَعِيدَةٍ مَا بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ، إِذْ تَضَاغَى أَصْبِيَتُنَا: عَبْدُ اللَّهِ، وَعَدِيُّ، وَسِفَّانَةُ، فَقَامَ إِلَى الصَّبِيَّيْنِ، وَقُمْتُ إِلَى الصَّبِيَّةِ، فَوَاللَّهِ مَا سَكَتُوا إِلَّا بَعْدَ هَدْأَةٍ مِنَ اللَّيْلِ قَالَتْ: ثُمَّ بَسَطْنَا قَطِيفَةً لَنَا شَامِيَّةً ذَاتَ خَمْلٍ، فَأَنَمْنَا الصِّبْيَةَ عَلَيْهَا، وَنِمْتُ أَنَا وَهُوَ فِي حُجْرَةٍ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيَّ يُعِلُّنِي الْحَدِيثَ، فَعَرَفْتُ مَا يُرِيدُ، فَتَنَاوَمْتُ، وَمَا يَأْتِينِي نَوْمٌ، فَقَالَ: مَا لَهَا، أَنَامَتْ؟ فَسَكَتُّ، فَلَمَّا تَهَوَّرَتِ النُّجُومُ، وَادْلَهَمَّ اللَّيْلُ، وَسَكَنَتِ الْأَصْوَاتُ، وَهَدَأَتِ الرِّجْلُ إِذَا شَيْءٌ قَدْ رَفَعَ كَسْرَ الْبَيْتِ يَعْنِي مُؤَخَّرَهُ فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَتْ: جَارَتُكَ فُلَانَةُ قَالَ: وَيْلَكِ مَا لَكِ؟ قَالَتْ: الشَّرُّ، أَتَيْتُكَ مِنْ عِنْدِ أَصْبِيَةٍ يَتَعَاوَوْنَ تَعَاوِيَ الذِّئَابِ مِنَ الْجُوعِ، فَمَا وَجَدْتُ عَلَى أَحَدٍ مُعَوَّلًا إِلَّا عَلَيْكَ يَا أَبَا عَدِيٍّ قَالَ: أَعْجِلِيهِمْ قَالَتْ: فَهَبَبْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: مَاذَا صَنَعْتَ؟ فَوَاللَّهِ لَقَدْ تَضَوَّغَ صِبْيَتُكَ مِنَ الْجُوعِ، فَمَا أَصَبْتَ مَنْ تُعَلِّلُهُمْ بِهِ إِلَّا بِالنَّوْمِ، وَتَأْتِينَا هَذِهِ الْآنَ وَأَوْلَادُهَا؟ قَالَ: اسْكُتِي، فَوَاللَّهِ لَأُشْبِعَنَّكِ وَإِيَّاهُمْ وَجَعَلْتُ أَقُولُ: وَمِنْ أَيْنَ، فَوَاللَّهِ مَا أَعْرِفُ شَيْئًا؟ فَأَقْبَلَتِ الْمَرْأَةُ تَحْمِلُ اثْنَيْنِ، وَيَمْشِي جَانِبَهَا أَرْبَعَةٌ، كَأَنَّهَا نَعَامَةٌ حَوْلَهَا رِئَالُهَا، فَقَامَ إِلَى فَرَسِهِ جَلَّابٍ، فَوَجَأَ لَبَّتَهُ بِمُدْيَتِهِ، فَخَرَّ، ثُمَّ قَدَحَ زَنْدَهُ، ثُمَّ جَمَعَ حَطَبَهُ، ثُمَّ كَشَطَ عَنْ جِلْدِهِ، وَدَفَعَ الْمُدْيَةَ إِلَى الْمَرْأَةِ، ثُمَّ قَالَ: ابْغِي صِبْيَانَكِ، فَبَغَيْتُهُمْ، فَاجْتَمَعْنَا جَمِيعًا عَلَى اللَّحْمِ، فَقَالَ حَاتِمٌ: سَوءَةٌ يَأْكُلُونَ دُونَ أَهْلِ الصِّرْمِ قَالَتْ: فَجَعَلَ يَأْتِي بَيْتًا بَيْتًا، وَيَقُولُ: يَا هَؤُلَاءِ، اذْهَبُوا وَعَلَيْكُمُ النَّارَ قَالَتْ: فَاجْتَمَعُوا، وَالْتَفَعَ بِثَوْبِهِ نَاحِيَةً يَنْظُرُ إِلَيْنَا، لَا وَاللَّهِ مَا ذَاقَ مِنْهُ مُزْعَةً، وَإِنَّهُ لَأَحْوَجُهُمْ إِلَيْهِ، ثُمَّ أَصْبَحْنَا، وَمَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْهُ إِلَّا عَظْمٌ أَوْ حَافِرٌ، فَأَنْشَأَ حَاتِمٌ يَقُولُ:

[البحر البسيط]

مَهْلًا نُوَارُ أَقِلِّي اللَّوْمَ وَالْعَذْلَا

وَلَا تَقُولِي لِشَيْءٍ فَاتَ مَا فَعَلَا

"

ص: 204

618 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى الْعُذْرِيُّ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّائِبُ الْكَلْبِيُّ، عَنْ أَبِي مِسْكِينٍ يَعْنِي جَعْفَرَ بْنَ الْمُحَرَّرِ بْنِ الْوَلِيدِ وَالْوَلِيدُ مَوْلًى لِأَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ مُحْرِزٍ، مَوْلَى ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ مُحَرَّرٍ، قَالَ: " مَرَّ نَفَرٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ بِقَبْرِ حَاتِمِ طَيِّئٍ، فَنَزَلُوا قَرِيبًا مِنْهُ، فَقَامَ إِلَيْهِ بَعْضُهُمْ، فَجَعَلَ يَرْكُضُ قَبْرَهُ بِرِجْلِهِ، وَيَقُولُ: يَا أَبَا الْجَعْرَاءِ، أَقْرِنَا فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: مَا تُخَاطِبُ مِنْ رِمَّةٍ بَلِيَتْ فَأَجَنَّهُمُ اللَّيْلُ، فَنَوَّمُوا، فَقَامَ صَاحِبُ الْقَوْلِ

⦗ص: 206⦘

فَزِعًا، فَقَالَ: يَا قَوْمِ، عَلَيْكُمْ مَطِيَّكُمْ؛ فَإِنَّ حَاتِمًا أَتَانِي فِي النَّوْمِ، وَأَنْشَدَنِي شِعْرًا، وَقَدْ حَفِظْتُهُ، يَقُولُ:

[البحر المتقارب]

أَبَا خَيْبَرِيٍّ وَأَنْتَ امْرُؤٌ

ظَلُومُ الْعَشِيرَةِ شَتَّامُهَا

أَتَيْتَ بِصَحْبِكَ تَبْغِي الْقِرَى

لَدَى حُفْرَةٍ صَخِبٍ هَامُهَا

تَبْغِي لِيَ الذَّنْبَ عِنْدَ الْمَبِيتِ

وَحَوْلَكَ طَيُّ وَأَنْعَامُهَا

فَإِنَّا سَنُشْبِعُ أَضْيَافَنَا

وَنَأْتِي الْمَطِيَّ فَنَعْتَامُهَا

قَالَ: وَإِذَا نَاقَةُ صَاحِبِ الْقَوْلِ تَكُوسُ عَقِيرًا، فَنَحَرُوهَا، وَبَاتُوا يَشْتَوُونَ وَيَأْكُلُونَ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ قَدْ أَضَافَنَا حَاتِمٌ حَيًّا وَمَيِّتًا قَالَ أَبُو مِسْكِينٍ، عَنْ يَاسِرِ بْنِ بِسْطَامٍ قَالَ: حَقَّقَ هَذَا الْحَدِيثَ عِنْدَ الْعَرَبِ قَوْلُ ابْنِ دَارَةَ الْغَطَفَانِيِّ، وَأَتَى عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ لِيَمْتَدِحَهُ، فَقَالَ لَهُ: أُحِيزُكَ بِمَالِي، فَإِنْ رَضِيتَ فَقُلْ قَالَ: وَمَا مَالُكَ؟ قَالَ: مِائَتَا ضَائِنَةٍ، وَعَبْدٌ وَأَمَةٌ، وَفَرَسٌ وَسِلَاحٌ، فَذَلِكَ كُلُّهُ لَكَ، إِلَّا الْفَرَسَ وَالسِّلَاحَ؛ فَإِنَّهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ عز وجل قَالَ: قَدْ رَضِيتُ قَالَ: فَقُلْ فَقَالَ ابْنُ دَارَةَ:

[البحر الطويل]

أَبُوكَ أَبُو سِفَّانَةَ الْخَيْرِ لَمْ يَزَلْ

لَدُنْ شَبَّ حَتَّى مَاتَ فِي الْخَيْرِ رَاغِبَا

بِهِ تُضْرَبُ الْأَمْثَالُ فِي الشِّعْرِ مَيِّتًا

وَكَانَ لَهُ إِذْ كَانَ حَيًّا مُصَاحِبَا

قَرَى قَبْرُهُ الْأَضْيَافَ إِذْ نَزَلُوا بِهِ

وَلَمْ يَقْرِ قَبْرٌ قَبْلَهُ الدَّهْرَ رَاكِبَا

وَأَصْبَحَ الْقَوْمُ، وَأَرْدَفُوا صَاحِبَهُمْ، وَسَارُوا، فَإِذَا رَجُلٌ يُنَوِّهُ بِهِمْ رَاكِبًا عَلَى جَمَلٍ يَقُودُ آخَرَ، فَقَالَ: أَيُّكُمْ أَبُو الْخَيْبَرِيِّ؟ قَالَ: أَنَا قَالَ: إِنَّ حَاتِمًا أَتَانِي فِي النَّوْمِ، فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ قَرَى أَصْحَابَكَ نَاقَتَكَ، وَأَمَرَنِي أَنْ أَحْمِلَكَ، وَهَذَا بَعِيرٌ، فَخُذْهُ فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ "

ص: 205

619 -

حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ الرَّبَعِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنِي حَمَّادٌ الرَّاوِيَةُ، وَمَشْيَخَةٌ، مِنْ مَشْيَخَةِ طَيِّئٍ قَالُوا: " كَانَتْ غَنِيَّةُ بِنْتُ عَفِيفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ أُمُّ حَاتِمِ طَيِّئٍ وَهُوَ حَاتِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ الْحَشْرَجِ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ لَا تُمْسِكُ شَيْئًا سَخَاءً وَجُودًا، وَكَانَ إِخْوَتُهَا يَمْنَعُونَهَا، فَتَأْبَى، وَكَانَتِ امْرَأَةً مُوسِرَةً، فَحَبَسُوهَا فِي بَيْتٍ سَنَةً، يُطْعِمُونَهَا قُوتَهَا؛ لَعَلَّهَا تَكُفُّ

⦗ص: 207⦘

عَمَّا تَصْنَعُ، ثُمَّ أَخْرَجُوهَا بَعْدَ سَنَةٍ، وَقَدْ ظَنُّوا أَنَّهَا قَدْ تَرَكَتْ ذَلِكَ الْخُلُقَ، فَدَفَعُوا إِلَيْهَا صِرْمَةً مِنْ مَالِهَا، وَقَالُوا: اسْتَمْتِعِي بِهَا فَأَتَتْهَا امْرَأَةٌ مِنْ هَوَازِنَ، وَكَانَتْ تَغْشَاهَا، فَسَأَلَتْهَا، فَقَالَتْ: دُونَكِ هَذِهِ الصِّرْمَةَ، فَقَدْ وَاللَّهِ مَسَّنِي مِنَ الْجُوعِ مَا آلَيْتُ أَلَّا أَمْنَعَ سَائِلًا شَيْئًا ثُمَّ أَنْشَأَتْ تَقُولُ:

[البحر الطويل]

لَعَمْرِي لَقِدْمًا عَضَّنِي الْجُوعُ عَضَّةً

فَآلَيْتُ أَلَّا أَمْنَعَ الدَّهْرَ جَائِعًا

فَقُولَا لِهَذَا اللَّائِمِي الْيَوْمَ أَعْفِنِي

فَإِنْ أَنْتَ لَمْ تَفْعَلْ فَعُضَّ الْأَصَابِعَا

فَمَاذَا عَسَيْتُمْ أَنْ تَقُولُوا لِأُخْتِكُمْ

سِوَى عَذْلِكُمْ أَوْ مَنْعِ مَنْ كَانَ مَانِعَا

وَمَهْمَا تَرَوْنَ الْيَوْمَ إِلَّا طَيْعَةً

فَكَيْفَ بِتَرْكِي يَا ابْنَ أُمَّ الطَّبَائِعَا

"

ص: 206

620 -

أَنْشَدَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ الْوَصِيفِيُّ:

[البحر البسيط]

لَا تَبْخَلَنَّ بِدُنْيَا وَهْيَ مُقْبِلَةٌ

فَلَيْسَ يُنْقِصُهَا التَّبْذِيرُ وَالسَّرَفُ

فَإِنْ تَوَلَّتْ فَأَحْرَى أَنْ تَجُودَ بِهَا

فَالْحَمْدُ مِنْهَا عَلَى مَا أَدْبَرَتْ خَلَفُ

ص: 207

621 -

أَنْشَدَنِي عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى الْمُؤَدِّبُ:

[البحر الوافر]

سَأَلْنَاهُ الْجَزِيلَ فَمَا تَلَكَّا

وَأَعْطَى فَوْقَ مُنْيَتِنَا وَزَادَا

مِرَارًا مَا أَعُودُ إِلَيْهِ إِلَّا

تَبَسَّمَ ضَاحِكًا وَثَنَى الْوِسَادَا

ص: 207

622 -

أَنْشَدَنِي عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى الْمُؤَدِّبُ أَيْضًا:

[البحر الكامل]

لَا يَنْكُتُونَ الْأَرْضَ عِنْدَ سُؤَالِهِمْ

لِتَطَلُّبِ الْحَاجَاتِ بِالْعِيدَانِ

بَلْ يَبْسُطُونَ وُجُوهَهُمْ فَتَرَى لَهَا

عِنْدَ اللِّقَاءِ كَأَحْسَنِ الْأَلْوَانِ

ص: 207

623 -

أَنْشَدَنِي عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى الْمُؤَدِّبُ أَيْضًا:

[البحر الطويل]

لَهُ فِي ذَوِي الْمَعْرُوفِ نُعْمَى كَأَنَّهَا

مَوَاقِعُ مَاءِ الْمُزْنِ فِي الْبَلَدِ الْقَفْرِ

إِذَا مَا أَتَاهُ السَّائِلُونَ تَوَقَّدَتْ

عَلَيْهِ مَصَابِيحُ الطَّلَاقَةِ وَالْبِشْرِ

"

ص: 207

624 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ الْقَرْقَسَانِيُّ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، قَالَ:" سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ، فَقَالَ: يَا حَكِيمُ، إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ كَانَ كَالْآكِلِ وَلَا يَشْبَعُ، وَلَنْ يُبَارَكَ لَهُ فِيهِ "

ص: 207

625 -

سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ مُحَمَّدَ بْنَ يَزِيدَ الْمُبَرِّدَ يَقُولُ: يُرْوَى عَنْ هِنْدِ بِنْتِ مُحَمَّدِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ أَبِيهَا، قَالَ:" بَلَغَنَا أَنَّ أَسْمَاءَ بْنَ خَارِجَةَ، كَانَ جَالِسًا عَلَى بَابِ دَارِهِ، فَمَرَّ بِهِ جَوَارٍ يَلْتَقِطْنَ الْبَعْرَ، فَقَالَ: لِمَنْ أَنْتُنَّ؟ فَقُلْنَ: لِبَنِي سُلَيْمٍ فَقَالَ: وَاسَوْأَتَاهُ، جَوَارِي بَنِي سُلَيْمٍ يَلْتَقِطْنَ الْبَعْرَ عَلَى بَابِي يَا غُلَامُ انْثُرْ عَلَيْهِنَّ الدَّرَاهِمَ فَنَثَرَ عَلَيْهِنَّ، وَجَعَلْنَ يَلْتَقِطْنَ "

ص: 208

626 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ بِشْرِ بْنِ ًَسَلْمٍ، حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ أَبِي كُدَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ جَابِرٍ، قَالَ:«لَمْ أُعَاشِرْ أَحَدًا كَانَ أَرْحَبَ بَاعًا بِالْمَعْرُوفِ مِنْكَ يَا مُعَاوِيَةُ»

ص: 208

627 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمِنْقَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو هِلَالٍ الرَّاسِبِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِمُعَاوِيَةَ: " لَا يُخْزِينِي اللَّهُ وَلَا يَسُوءُنِي مَا أَبْقَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ: فَأَعْطَاهُ أَلْفَ أَلْفَ رِقَةٍ، وَعُرُوضًا، وَأَشْيَاءَ، وَقَالَ: خُذْهَا، فَاقْسِمْهَا فِي أَهْلِكَ "

ص: 208

628 -

حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْمَقَابِرِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ النَّخَعِيُّ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ:«كَانُوا يَكْرَهُونَ أَخْلَاقَ التُّجَّارِ، وَنَظَرَهُمْ فِي مَدَاقِّ الْأُمُورِ، وَكَانُوا يُحِبُّونَ أَنْ يُقَالَ فِيهِمْ غَفَلَةُ السَّادَةِ»

ص: 208

629 -

حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ الْبَغْدَادِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:«لَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ أَحَقُّ بِدِينَارِهِ وَدِرْهَمِهِ مِنْ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ»

ص: 209

630 -

حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا الْمُنْكَدِرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّهُ قَالَ:«مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ شَيْئًا قَطُّ، فَقَالَ لَا»

ص: 209

631 -

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ، عَنْ وَرَّادٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ:" نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ: لَا، وَهَاتِ "

ص: 209

632 -

حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَامِرٍ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:" إِنَّ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ، مُنَادِيًا يُنَادِي فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَعَجِّلْ لِكُلِّ مُمْسِكٍ تَلَفًا "

ص: 209

633 -

أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْسٌ أَبُو عُبَيْدَةَ، قَالَ:" مَرَّ الْحَسَنُ بِقَوْمٍ يَقُولُونَ: نُقْصَانُ دَانِقٍ، وَزِيَادَةُ دَانِقٍ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ لَا دَيْنَ إِلَّا بِمُرُوءَةٍ "

ص: 209