الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ضربها زوجها وأخذ مهرها وامتنع عن رؤية ولدها
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أحب أن أقول عن تجربتي وهي تتنافى مع أي حق من حقوق المرأة، والإنسان: فأنا أبلغ من العمر 22 عاماً ، تقدم لخطبتي رجل كان من وجهة نظري ناجحاً، وعنده دِين، وخلق. وبعد أربعة شهور من الزواج كان يضربني - وأنا حامل - ضرباً مميتاً، وطلب أبي الطلاق منه، بعدما رأينا منه ما لم ير أحد على الإطلاق من كل أنواع السوء، وأخذ كل شيء، وطلب الإبراء، وإلى الآن لم يطلب أن يرى ابنه، وهو يبلغ من العمر 4 أشهر، فأين هو الإسلام؟ أين هو حقي؟ فهو أخذ كل شيء ولم يترك أي شيء حتى ابنه، لا يسأل عنه، ولا يبعث له بمال، والحمد لله أن أبى ميسور الحال، ويصرف علينا، الحمد لله، فأين حق المرأة في الإسلام؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
أوجب الله تعالى على الزوجين أن يعاشر بعضهم بعضاً بالمعروف، وكما أن للزوج حقوقاً فإن للزوجة حقوقاً كذلك، قال تعالى:(وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) البقرة/من الآية228.
وعلى الزوج أن يراعي طبيعة خلق المرأة، وأنه لن يجد زوجة يستمتع بها إلا ومعها من الخطأ ما معها، ومتى أراد أن يؤدبها على كل شيء، وأن يقومها من كل نقص أو خطأ، فلن يجد ـ في نهاية المطاف ـ إلا طلاقها!!
ولذا نبهه النبي صلى الله عليه وسلم أنه إن كره منها خُلُقاً فإنه سيرضى منها آخر.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ) .
رواه البخاري (3153) ومسلم (1468) وفي لفظ عنده:
(إِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ لَنْ تَسْتَقِيمَ لَكَ عَلَى طَرِيقَةٍ فَإِنْ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَبِهَا عِوَجٌ وَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا كَسَرْتَهَا وَكَسْرُهَا طَلَاقُهَا) .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – أيضاً - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ - أَوْ قَالَ: غَيْرَهُ -) . رواه مسلم (1469) .
ومعنى " لا يفرَك " أي: لا يبغض.
ثانياً:
إننا لفي غاية العجب منك ومن زوجك، أما من زوجك: فلتلك المعاملة السيئة التي ذكرتيها لنا في سؤالك: من قسوة القلب، وسوء المعاملة، والضرب المبرح، فهذه ليست من أخلاق المسلمين، ولا من أخلاق ذوي المروءة من الرجال ولو كانوا كفاراً، فكيف وأنتِ تزعمين أنه ملتزم، ومستقيم على الطاعة؟! وإننا نسأله: مَنْ قُدوتك في هذه المعاملة؟ من هو أسوتك في تلك الأخلاق؟ من يملك مثل قلبك من الأنبياء والصحابة والتابعين وعلماء الإسلام الأجلاء وأهل الديانة والصيانة؟!!
وهل تعلم أنك لا تسيء لنفسك بتلك المعاملة الفظة فقط، بل تسيء لدينك واستقامتك وإخوانك الملتزمين بطاعة الله؟! هل تعلم أنك من المنفرين عن دين الله؟ .
يجب عليك أن تتقي الله ربك، وأن تعلم ما أوجب الله عليك فتفعله، وما نهاك عنه فتكف عنه، وأن تقف على أخلاق الإسلام فتتخلق بها، ومما أوجبه الله عليك: عشرة زوجتك بالمعروف، ونفقة ولدك التي تهربت منها، ومما نهاك عنه: ضربُ زوجتك المبرح، وأخذُك لمهرها من غير حق، ومن أخلاق الإسلام: الرأفة والرحمة بالأطفال عموما فكيف بأولادك؟! فأين أنت عن هذا كله؟ .
وأما عجبنا منكِ أيتها الأخت الكريمة: فهو سؤالك " أين الإسلام؟ "، " أين حق المرأة؟ "، فهل تظنين أن زوجك هو الإسلام؟ هل زوجك نبي من الأنبياء – حاشاهم من ذلك -؟ إنه فرد من المسلمين، يصيب ويخطئ، يطيع ويعصي، يضل ويهتدي، ليس هو معصوماً من الخطأ، ولا مبرأً من الإثم، ولا منزَّهاً عن الظلم والعدوان، فخطؤه على نفسه، وظلمه وعدوانه لم يأمره به الشرع، بل نهاه عنه وتوعده عليه بالعقوبة الشديدة. فليس هو الإسلام، ولا هو القرآن، ولا هو ممثل للإسلام، ولا ناطق باسمه، على حد تعبير الناس!!
وحق المرأة مكفول في شرع الله تعالى، ولن تجد النساء خيراً لهن من الإسلام يحفظ حقوقهن، ويرعى مشاعرهنَّ، ويكرمهن بناتٍ وأخوات وأمهات وجدات وزوجات، وهذه شرائع الأرض حولك، وهذه الأديان المحرفة أمامك انظري فيها لتعلمي الفرق العظيم بين المرأة في الإسلام وفي غيره.
وأما مخالفة هدي الإسلام من قبَل بعض أهله فهذا لا شأن له بالإسلام، إنما هي أخلاقهم وسلوكهم وانحرافاتهم، والإسلام منها براء
والظن بك أن سؤالك: أين الإسلام في تصرفات هذا المسكين؟!!
وأنت محقة في هذا السؤال، وإنه لمسكين والله، يستحق أن يرحم؛ ذلك الذي يُحَمِّل نفسه الضعيفة، فوق أوزارها وتفريطها في جنب ربها، مظالم العباد، وحقوق الخلق، ليوافي بها ربه يوم القيامة!!
وإذا كان ثمة ادعاء عندك على زوجك فيجب أن يثب ذلك أمام القضاء الشرعي، لتحصلي بعدها على حقوقك كاملة مستوفاة.
ولا يُقبل كلام أحد الطرفين دون سماع الآخر، وإذا استمع القاضي للشرعي لطرفي النزاع حكم بينهما بشرع الله تعالى بما لا يمكن أن يوجد له مثيل في الأرض في تحقيق العدل، وإعطاء أصحاب الحقوق حقوقهم.
فالذي ننصحك به هو:
1.
الاستمرار في التفاهم مع زوجك من قبلك وقبَل أهلك لردعه عن باطله، والقيام بما أوجبه الله تعالى من حقوق.
2.
فإن لم ينفع هذا معه: فابحثوا عن شيخ له، أو رجل يحترمه ويقدِّره، واجعلوه واسطة بينكم وبينه للتحكيم بينكما.
3.
فإن لم ينفع هذا: فارفعي شكوى ضده في المحاكم الشرعية؛ لإثبات وقوع الضرر عليك منه؛ ولاستيفاء كامل حقوقك التي كفلها لك الشرع المطهَّر.
فإن كان لك حق عليه، كما هو ظاهر من رسالتك، وكان للولد الصغير حق على أبيه، كما هو مقرر في الشرع، بل وفي كل عقل وفطرة، ثم عجزت ـ رغم كل ذلك ـ عن أخذ حقك في الدنيا؛ فاعلمي ـ يا أمة الله ـ أن للعباد يوما يقفون فيه بين يدي اللملك الديان، ليعطي كل ذي حق حقه.
روى الإمام أحمد في مسنده (15612) من حديث عبد الله بن أُنيس، رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:
(يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَوْ قَالَ الْعِبَادُ عُرَاةً غُرْلًا بُهْمًا قَالَ قُلْنَا وَمَا بُهْمًا قَالَ لَيْسَ مَعَهُمْ شَيْءٌ ثُمَّ يُنَادِيهِمْ بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ مِنْ قُرْبٍ أَنَا الْمَلِكُ أَنَا الدَّيَّانُ وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ أَنْ يَدْخُلَ النَّارَ وَلَهُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَقٌّ حَتَّى أَقُصَّهُ مِنْهُ وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ وَلِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ عِنْدَهُ حَقٌّ حَتَّى أَقُصَّهُ مِنْهُ حَتَّى اللَّطْمَةُ قَالَ قُلْنَا كَيْفَ وَإِنَّا إِنَّمَا نَأْتِي اللَّهَ عز وجل عُرَاةً غُرْلًا بُهْمًا قَالَ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ!!) .
صححه الألباني في ظلال الجنة (514)
وفي صحيح البخاري (2449) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
(مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ، قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ، فحُمِلَ عَلَيْهِ) .
ونسأل الله تعالى أن يهديه ويصلحه، ونسأله تعالى أن يوفقكِ لما فيه رضاه، وأن يجمع بينكما على خير، إن كان في اجتماعكما خير لكما ولذريتكما، وأن يأجرك في مصابك هذا، ويخلف لك خيرا منه.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب