المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الأئمة - عنده - أفضل من الملائكة والرسل والأنبياء - موقف الخميني من الشيعة والتشيع

[محمود سعد ناصح]

الفصل: ‌الأئمة - عنده - أفضل من الملائكة والرسل والأنبياء

هذه هي القضية الأساسية التي يدور حولها الكتاب. وقد نوره به في الصفحة الأولى من الكتاب، وعرف به أيضا، حين ذكر بالخط الواضح الكبير اسم كتابه (دروس فقهية ألقاها سماحة الإمام الخميني، والمرجع الأعلى للشيعة، على طلاب علوم الدين في النجف الأشرف، تحت عنوان (ولاية الفقيه).

وبالرغم من أن عنوان الكتاب يفصح عن موضوعه، فإن عقيدة الخميني ومذهبه واضحان أيضا من خلال صفحاته وضوحا بينا كما سترى وسنعرض لذلك كله ونوضحه حتى يتبين وجه الحق قبل أن يتسرع متساهل، فيفزو للخميني ما ينكره هو نفسه، لو عرض عليه أو سمعه.

عقيدة الخميني

عقيدته في الأئمة

‌الأئمة - عنده - أفضل من الملائكة والرّسل والأنبياء

لو لم يكن هذا الكلام مسطرا بيد الخميني نفسه لقلنا أنه كذب ولا تصح نسبته إليه، ولكن ما عليكم إلا أن نفتح ص 52من كتاب الحكومة الإسلامية للخميني، طبعة بيروت، ثم نقرأ ما كتبه الرجل في الأئمة، ولنقرأ كلامه أولا، ثم نتأمل فيه، يقول للخميني:(إن للإمام مقاما محمودا، ودرجة سامية، وخلافة تكوينية، تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرّات هذا الكون) ما معنى هذا القول؟ وما الخلافة التكوينية التي تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرات الكون؟ أليس في هذا القول رفع الأئمة إلى مقام الربوبية والألوهية، فإننا لا نعرف أحدا غير الله تعالى يرقى إلى هذا المقام.

ولنتابع القراءة في نفس الصفحة، كي نترك الخميني يبين لنا ما عناه بالمقام المحمود والدرجة السامية التي للأئمة، يقول الذين أسموه بآية الله:(وإن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقاما لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل) ويذكر بعد قليل إنه (قد ورد عن الأئمة قولهم: أن لنا مع الله حالات لا يسعها ملك مقرب ولا نبي مرسل).

ترى هل هناك غلو شيعي أشد من هذا الغلو الذي سطرته بد الخميني؟! أترى رجلا فيه ذرة من عقيدة صحيحة وإيمان صادق ووعي لما يقول: يقرر أن الأئمة أفضل من الملائكة والرسل والأنبياء، ويقرر أن لهم مقامات لم يبلغها الملائكة المقربون، ولا الأنبياء والمرسلون. إن الخميني هنا يتجرأ على أن يذكر معلوما من الدين بالضرورة وإنكار حقيقة دينية ساطعة كنور الشمس هي أن الرسل والأنبياء

ص: 5

أفضل من غيرهم من البشر جميعا.

سبحانك يارب، سبحانك: إن هذا إفك عظيم، ووزر كبير، وتكذيب لكتاب الله. وإذا كان هذا مقام الأئمة بالنسبة للرسل فكيف يكون مقامهم بالنسبة للصحابة والخلفاء الراشدين كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وكيف يكون حال حكام بني أمية وبني العباس معهم، إن ما يبلغنا عن سب الصحابة وشتمهم والحقد عليهم (1) لا بد وإن يكون قد ملأ صدر الخميني الذي يرى أن الأئمة أفضل من الرسل، ذلك أنهم قد هضموا حق الصحابة والخلفاء وقدموا عليهم من هم أدنى منزلة منهم، فهم حكام جور وظلم، وستأتي نصوص الخميني في ذلك.

وإذا كان الأئمة أفضل من الرسل، ومحمد صلى الله عليه وسلم من جملة الرسل (عليهم الصلاة والسلام) ألا يكون في قوله تلميح للعقيدة الشيعية القائلة بأن عليا أولى بالرسالة من محمد، وبأن جبريل قد أخطأ عندما جاء بالرسالة، وكان ينبغي أن يلقيها إلى علي، وإلا فكيف نفسر قوله بأن الأئمة أفضل من الرسل، ونلاحظ هنا أن جميع الأئمة- وليس علينا فقط -هم الأفضل، فكل الأئمة أفضل من الرسل والأنبياء بهذا التعميم.

وتابع معي القراءة لنرى العجاب بقوله الخميني ص52 (والأئمة كانوا قبل هذا العالم أنوارا فجعلهم الله بعرشه محدقين، وجعل لهم من المنزلة والزلفى ما لا يعلمه إلا الله وقد قال جبرائيل - كما ورد في روايات المعراج - لو دنوت أنملة لاحترقت).

أيها القرّاء: أيها المغترون بباطل هذا الرجل. بالله عليكم فسّروا لنا قوله بعد أن تتأملون فيه وتدققوا في ألفاظه: فكيف كان الأئمة أنوارا قبل خلق العالم وكيف كانوا بعرشه محدقين

؟!! آية خمينية هذه؟! وآية مقاله؟! وآية عقيدة ضالة هذه؟!

ولم يتوقف الخميني عند هذا الحد، بل ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، فقد أثبته لفاطمة كل ما أثبته للأمة ورفع مرتبتها فوق البشر مع أن الله قد خاطب أباها (قل إنما أنا بشر مثلكم). استمع إليه يتحدث عن فاطمة:(ومثل هذه المنزلة موجودة لفاطمة الزهراء عليها السلام، لا بمعنى أنها خليفة أو حاكمة أو قاضية، فهذه المنزلة شئ آخر وراء الولاية والخلافة والامرة. حين نقول أن فاطمة لم تكن قاضية أو حاكمة أو خليفة، فليس بمعنى ذلك تجردها عن تلك المنزلة المقربة، كما لا يعني ذلك أنها امرأة عادية من أمثال ما عندنا) ص 53 وهذا الذي يقرره الخميني لفاطمة من أنها فوق مستوى البشر يقرره في حق الأئمة، فهو يقول في حق الفقهاء (ص50)(وهذه مهمة شاقة ينوء بها من هو أهل لها، من غير أن ترفعه فوق مستوى البشر) وهو بذلك يثبت للأئمة أنهم فوق مستوى البشر، بطرق مفهوم المخالفة.

(1) ارجع لكتاب حكم سب الصحابة لابن تيمية وابن عابدين والهيثمي.

ص: 6