المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(تغيير خلق الله) - نحو معجم تاريخي للمصطلحات القرآنية المعرفة

[الشاهد البوشيخي]

الفصل: ‌(تغيير خلق الله)

2-

(تغيير خلق الله)

1-

الطبري (ت310)

{وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} (النساء:119) .

((قال أبو جعفر: وأولى الأقوال بالصواب في تأويل ذلك قول من قال معناه دين الله، وذلك لدلالة الآية الأخرى على أن ذلك معناه. وهي قوله: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} . وإذا كان ذلك معناه دخل في ذلك فعل كل ما نهى الله عنه من خصاء ما لا يجوز خصاؤه، ووشم ما نهى عن وشمه، ووشره، وغير ذلك من المعاصي، ودخل فيه ترك كل ما أمر الله به؛ لأن الشيطان لا شك أنه يدعو إلى جميع معاصي الله، وينهى عن جميع طاعته فذلك معنى أمره نصيبه المفروض من عباد الله، بتغيير ما خلق الله من دينه (1)

2-

البغوي (ت 516)

{وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} (النساء:119) .

(وضع الله في الدين، بتحليل الحرام وتحريم الحلال)(2)

3-

ابن العربي المعافري (ت543)

{وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} (النساء:119) .

(1) جامع البيان 5/183)

(2)

(معالم التنزيل 1/482)

ص: 15

(وقال إبراهيم ومجاهد وغيرهما: "التغيير لخلق الله يريد به دين الله؛ وذلك وإن كان محتملاً فلا نقول: إنه المراد بالآية، ولكنه مما غير الشيطان، وحمل الآباء على تغييره، وكل مولود يولد على الفطرة، ثم يقع التغيير على يدي الأب والكافل والصاحب، وذلك تقدير العزيز العليم") . (1)

4-

الفخر الرازي (ت 606)

{وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} (النساء:119) .

(وللمفسرين ههنا قولان: أن المراد من تغيير خلق الله تغيير دين الله، وهو قول سعيد بن جبير وسعيد بن المسيب والحسن والضحاك ومجاهد والسدي والنخعي وقتادة، وفي تقرير هذا القول وجهان: الأول: أن الله تعالى فطر الخلق على الإسلام يوم أخرجهم من ظهر آدم كالذر، وأشهدهم على أنفسهم أنه ربهم وآمنوا به، فمن كفر فقد غير فطرة الله التي فطر الناس عليها، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم" كل مولود يولد على الفطرة" ولكنْ أبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه.

والوجه الثاني: في في تقرير: أن المراد من تغيير دين الله هو تبديل الحلال حراماً والحرام حلالاً.

والقول الثاني: حمل التغيير على تغيير أحوال كلها تتعلق بالظاهر، وذكروا فيه وجوها الأول: قال الحسن: المراد ما روى عبد الله بن

(1)(أحكام القرآن 1/502)

ص: 16

مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم "لعن الله الواصلات والواشمات" قال: وذلك لأن المرأة تتوصل بهذه الأفعال إلى الزنى. والثاني: روي عن أنس وشهر بن حوشب وعكرمة وأبي صالح أن معنى تغيير خلق الله ههنا هو الإخصاء وقطع الآذان وفقء العيون، ولهذا كان أنس يكره إخصاء الغنم، وكانت العرب إذا بلغت إبل أحدهم ألفا عوروا عين فحلها. الثالث: قال ابن زيد هو التخنث، وأقول: يجب إدخال السحاقات في هذه الآية على هذا القول، لأن التخنث عبارة عن ذكر يشبه الأنثى، والسحق عبارة عن أنثى تشبه الذكر. الرابع: حكى الزجاج عن بعضهم أن الله تعالى خلق الأنعام ليركبوها ويأكلوها فحرموها على أنفسهم كالبحائر والسوائب والوصائل، وخلق الشمس والقمر والنجوم مسخرة للناس ينتفعون بها فعبدها المشركون، فغيروا خلق الله، هذا جملة كلام المفسرين في هذا الباب. ويحظر ببالي ههنا وجه آخر في تخريج الآية على سبيل المعنى، وذلك لأن دخول الضرر والمرض في الشيء يكون على ثلاثة أوجه: التشوش، والنقصان، والبطلان. فادعى الشيطان لعنه الله إلقاء أكثر الخلق في مرض الدين، وضرر الدين هو قوله {وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ} ثم إن هذا المرض لابد أن يكون على أحد الأوجه الثلاثة التي ذكرناها، وهي التشوش والنقصان والبطلان، فأما التشوش فالإشارة إليه بقوله:{وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ} وذلك لأن صاحب الأماني يشغل عقله وفكره في استخراج المعاني الدقيقة والحيل والوسائل اللطيفة في تحصيل المطالب الشهوانية والغضبية، فهذا مرض روحاني من جنس التشوش، وأما النقصان فالإشارةإليه بقوله:

ص: 17

"ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام"، وذلك لأن بتك الآذان نوع نقصان، وهذا لأن الإنسان إذا صار مستغرق العقل في طلب الدنيا، صار فاتر الرأي ضعيف الحزم في طلب الآخرة، وأما البطلان فالإشارة إليه بقوله:{وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} وذلك لأن التغيير يوجب بطلان الصفة الحاصلة في المدة الأولى. ومن المعلوم أن من بقي مواظباً على طلب اللذات العاجلة، معرضاً عن السعادات الروحانية، فلا يزال يزيد في قلبه الرغبة في الدنيا والنفرة عن الآخرة، ولا تزال تتزايد هذه الأحوال إلى أن يتغير القلب بالكلية فلا يخطر بباله ذكر الآخرة البتة، ولا يزول عن خاطره حب الدنيا البتة، فتكون حركته وسكونه وقوله وفعله لأجل الدنيا، وذلك يوجب تغيير الخلقة لأن الأرواح البشرية إنما دخلت في هذا العالم الجسماني على سبيل السفر، وهي متوجهة إلى عالم القيامة، فإذا نسيت معادها وألفت هذه المحسوسات التي لا بد من انقضائها وفنائها كان هذا بالحقيقة تغييراً للخلقة، وهو كما قال تعالى {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ} وقال {فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} ) (1) .

5-

أبو حيان النحوي (ت 645)

{وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} (النساء:119) .

(وقالت فرقة منهم الزجاج هو جعل الكفار آلهة لهم ما خلق للاعتبار به من الشمس والنار والحجارة وغير ذلك مما عبدوه وقيل

(1) مفاتيح الغيب:11/49-50) .

ص: 18

تغيير خلق الله هو أن كل ما يوجده الله لفضيلة فاستعان به في رذيلة فقد غير خلقه. ولقد دخل في عمومه ما جعله الله تعالى للإنسان من شهوة الجماع ليكون سبباً للتناسل على وجه مخصوص فاستعان به في السفاح واللواط فذلك تغيير خلق الله وكذلك المخنث إذا نتف لحيته وتقنع تشبهاً بالنساء والفتاة إذا ترجلت متشبهة بالفتيان وكل ما حلله الله فحرموه أو حرمه الله تعالى فحللوه. وعلى ذلك: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَاماً وَحَلالاً} وإلى هذه الجملة أشار المفسرون، ولهذا قالوا هو تغيير أحكام الله وقيل هو تغيير الإنسان بالاستحقاق أو النفي، وقيل خضاب الشيب بالسواد، وقيل معاقبة الولاة بعض الجناة بقطع الآذان وشق المناخر وسمل العيون وقطع الأنثيين. ومن فسر بالوشم أو الخصاء أو غير ذلك مما هو خاص في التغيير فإنما ذلك على جهة التمثيل لا للحصر. (1)

6-

البيضاوي (ت791)

{وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} (النساء:119) .

(عن وجهه، وصورته، أو صفته، ويندرج فيه ما قيل من فقء عين الحامي وخصاء العبيد والوشم والوشر واللواط والسحاق ونحو ذلك وعبادة الشمس والقمر، وتغيير فطرة الله التي هي الإسلام، واستعمال الجوارح والقوى فيما لا يعود على النفس كمالاً، ولا يوجب لها من الله سبحانه وتعالى زلفى.)(2)

(1)(البحر المحيط:3/353-354) .

(2)

(تفسير البيضاوي 3/116) .

ص: 19

7-

الشوكاني (ت 1250)

{وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} (النساء:119) .

(واختلف العلماء في هذا التغيير ما هو فقالت طائفة هو الخصاء وقيل المراد تغيير الفطرة ولا مانع من حمل الآية على جميع هذه الأمور حملاً شمولياً أو بدلياً)(1)

8-

محمد رشيد رضا (ت 1354)

{وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} (النساء:119) .

(تغيير خلق الله وسوء التصرف فيه عام. يشمل التغيير الحسي كالخصاء، ويشمل سائر أنواع التشويه والتمثيل بالناس الذي حرمه الشرع ويشمل التغيير المعنوي، وقد روي أن المراد هنا بخلق الله دينه لأنه دين الفطرة وهي الخلقة

وجملة القول أن التغيير الصوري الذي يجدر بالذم ويعد من إغراء الشيطان هو ما كان فيه تشويه وإلا لما كان من السنة الختان والخضاب وتقليم الأظافر.

الأستاذ الإمام: جرى قليل من المفسرين وقال كثير منهم: إن المراد تغيير الفطرة الإنسانية بتحويل النفس عما انطوت عليه من الميل إلى النظر والاستبدال وطلب الحق، وتربيتها على الأباطيل والرذائل

(1)(فتح القدير 1/517) .

ص: 20

والمنكرات، فالله سبحانه قد أحسن كل شيء خلقه، وهؤلاء يفسدون ما خلق، ويطمسون عقول الناس) (1) .

9-

سيد قطب (ت1387)

{وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} (النساء:119) .

(تغيير خلق الله وفطرته بقطع بعض أجزاء الجسد أو تغيير شكلها في الحيوان أو الإنسان كخصاء الرقيق ووشم الجلود وما إليها من التغيير والتشويه الذي حرمه الإسلام) . (2)

10 -

الطاهر بن عاشور (ت1393)

{وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} (النساء:119.

(قوله: {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} تعريض بما كانت تفعله أهل الجاهلية من تغيير خلق الله لدواع سخيفة، فمن ذلك ما يرجع إلى شرائع الأصنام مثل فقء عين الحامي، وهو البعير الذي حمى ظهره من الركوب لكثرة ما أنسل، ويسيب للطواغيت، ومنه ما يرجع إلى أغراض ذميمة كالوشم إذ أرادوا به التزين، وهو تشويه، وكذلك وسم الوجوه بالنار.

ويدخل في معنى تغيير خلق الله وضع المخلوقات في غير ما خلقها الله له، وذلك من الضلالات الخرافية. كجعل الكواكب آلهة، وجعل الكسوفات والخسوفات دلائل على أحوال الناس. ويدخل فيه تسويل الإعراض عن دين

(1)(المنار5/428-429) .

(2)

(الظلال 2/526)

ص: 21

الإسلام، الذي هو دين الفطرة، والفطرة خلق الله، فالعدول عن الإسلام إلى غيره تغيير لخلق الله.

وليس من تغيير خلق الله التصرف في المخلوقات بما أذن الله فيه ولا ما يدخل في معنى الحسن؛ فإن الختان من تغيير خلق الله ولكنه لفوائد صحية، وكذلك حلق الشعر لفائدة دفع بعض الأضرار، وتقليم الأظافر لفائدة تيسير العمل بالأيدي، وكذلك ثقب الآذان للنساء لوضع الأقراط والتزين وملاك الأمر أن تغيير خلق الله إنما يكون إثماً إذا كان فيه حظ من طاعة الشيطان، بأن يجعل علامة لنحلة شيطانية، كما هو سياق الآية واتصال الحديث بها) (1) .

11-

سعيد حوى (ت)

{وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} (النساء:119) .

أعظم تبديل لخلق الله يؤاخذ عليه هو تبديل الفطرة (2) .

(1)(التحرير والتنوير 5/205-206) .

(2)

الأساس في التفسير 2/1189.

ص: 22