الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة المؤلف
…
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
[ذم البدعة] *1
اعلم أن البدعة مذمومة في الجملة، قال تعالى:{شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} 2، وقال:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} 3، "قال:{وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ} 4.
فاتِّبَاع ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم أصلٌ ونورٌ ، مخالفته ضلال ووبال، وابتداع ما لم يأذن به ولا سَّنهُ، مردودٌ.
[روى] 5جعفر بن محمد6، عن أبيه7 عن جابر8 أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في
1 العناوين بين قوسين مربعين من وضع المحقق وليست من النص.
2 سورة الشورى، آية:21.
3 سورة الأنعام، آية:153.
4 سورة القصص، آية:50.
5 ما بين المعوقتين ليس في الأصل زيدت لاقتضاء السياق.
6 هو جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي، أبو عبد الله، المعروف بالصادق، صدوق، فقيه، إمام، مات سنة 148. ابن حجر: القريب 1/132.
7 محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو جعفر الباقر، ثقة، فاضل، مات سنة بضع عشرة ومئة. المصدر نفسه 2/192.
8 هو جابر بن عبد الله بن حرام الأنصاري، ثم السلمي، صحابي ابن صحابي، مات بالمدينة بعد السبعين، وهو ابن 94سنة. ابن حجر: الإصابة 2/45 والتقريب 1/122.
خُطبته: "إنَّ أصدق الحديث كلامُ الله، وخيرَ الهُدى هُدَى محمد، وشَرَّ الأمور محدثاتُها، وكُلّ بدعةٍ ضلالةٌ"1.
وفي رواية ابن المبارك2عن الثوري3 عن جعفر: "وكل محدثة بدعة، وكل ضلالة في النار"4.
وحديث العرباض5، وصححه الترمذي، قال:"خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة بليغة، ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال قائل: "يا رسول الله كأن هذه موعظة مودع، فماذا تعهد إلينا؟ قال: أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها، وعضوا عليها
1 م: كتاب الجمعة، باب: تخفيف الصلاة والخطبة 2/592ح867 بلفظ: (فإن خير الحديث كتاب الله
…
) .
البيهقي: السنن، كتاب الجمعة، باب: كيف يستحب أن تكون الخطبة 3/ 214.
حجه: المقدمة، باب: اجتناب البدع والجدل 1/17، ح 45 ولفظه: (فإن حير الأمور كتاب الله
…
) .
2هو: عبد الله بن المبارك المروزي، مولى بني حنظلة، ثقة، ثبت، فقيه، عالم، جواد، مجاهد، جمعت فيه خصال الخير، مات سنة 181،وله 63سنة. ابن حجر: التقريب1/445.
3 هو: سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، أبو عبد الله، الكوفي، ثقة، حافظ، فقيه عابد، إمام حجة، وكان ربما دلّس، مات سنة 161وله 64سنة. المصدر نفسه:1/311.
4 كتاب صلاة العيدين، باب: كيف الخطية 3/188 وفيه بعد: (وكل محدثة بدعة)(وكل بدعة ضلالة) . وقال الألباني: صحيح. صحيح سنن النسائي:1/346 ح1487.
5 هو: عرباض بن سارية السلمي، أبو نجيح، صحابي مشهور، من أهل الصفة، نزل حمص، ومات بعد السبعين. ابن حجر: الإصابة 6/410، والتقريب 2/17.
بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة" 1.
ورُوِيَ عن غُضَيف بن الحارث2 مرفوعاً: "ما ابتدع قوم بدعة إلاّ تركوا من السنة مثلها"3.
وجاء في الأثر: "كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة"4.
1 ت: كتاب العلم، باب: ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع: 5/ 44ح 2676 وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
د: كتاب السنة، باب: لزوم السنة: 5/13 ح 4617.
حم: 4/126.
جه: المقدمة، باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين: 1/ 15 ح 42.
دي: المقدمة، باب اتباع السنة: 1/44.
وأخرجه ابن أبي عاصم في: السنة: 1/18-19، 29. وقال الشيخ الألباني: إسناده صحيح، ورجاله ثقات.
2 غضَيف بن الحارث السَّكُوني، ويقال: الثُمالي، يكنى أبا أسماء، مختلف في صحبته، مات سنة بضع وستين. ابن حجر: التقريب 2/ 105.
3 حم: 4/ 105، ابن بطة: الإبانة: 1/ 176 ح10 وقال محققه: الحديث ضعيف. اللالكائي: شرح أصول اعتقاد أهل السنة: 1/ 90 ح 121، وقال محققه: سنده ضعيف، فيه: أبو بكر بن أبي مريم، وهو ضعيف. المروزي: السنة: ص27.
والحديث مداره على "أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم " قال فيه الحافظ في التقريب: 2/398 "ضعيف ". وقال الهيثمي: "منكر الحديث " مجمع الزوائد: ا/ 188.
وقال الألباني: في حاشيته على المشكاة "ضعيف ".
وقول الحافظ ابن حجر في الفتح 13/253، عن سند أحمد:"إنه جيّد" - مع أن فيه أبا بكر بن عبد الله بن أبي مريم وقد ضعفه هو في التقريب كما تقدم - عجيب.
4 أخرجه: اللالكائي: شرح أصول اعتقاد أهل السنة، من قول ابن عمر رضي الله عنهما 1/92 ح126.
والمروزي: السنة: ص 24.
تفسير هذه الإطلاقات:
فإن النزاع يقع في أشياء هل هي [محبوبة] 1 أو هي مذمومة؟.
فطائفة ذَمَّتْهَا؟ لأنها بدعة، وأخرى لا تَذُمُّ، ويقولون:"مِنَ البدع حسنٌ وسيئُ، وهذه من الحسن".
وقد تَعُدُّ طائفةٌ الشيء بدعةً ولا تشعر بأنَّه جاء فيه أَثَرٌ.
وكذلك عامةُ الطوائف تَدَّعي أَنَّها أهل السُّنة، وتُبَدِّعُ مَنْ خالفها.
[تعريف السنة]
فنقول: السُّنَّةُ التي هي مقابلة البدعة، هي الشرعةُ المأثورةُ، من واجب ومندوب/، وصنَّفَ خلائقُ من المحَدِّثين كُتباً في السُّنَّة، والعقائد، على طرائق أهل الأثر، وسمى الآجري2 كتابَه:(الشريعة)3.
[تعريف البدعة]
فالبدعة على هذا: ما لا يأمر الله به ولا رسوله، ولم يأذن فيه، ولا في أصله.
فعلى هذا: كُلّ ما نهى الله ورسوله عنه فهو من البدعة.
أما المباحُ المسكوتُ عنه فلا يُعَدُّ سنةً ولا بدعةً، بل هُما مِمَّا عفا الله عنه.
1 ليست في الأصل زدتها لاقتضاء السياق، واللفظة مأخوذة من قول المؤلف عند تفصيله القول في ذلك حيث قال: "كما أن السنة المحبوبة
…
" ص97.
2 وهو أبو بكر محمد بن الحسين بن عبد الله الآجري، له تصانيف كثيرة، منها: كتاب: "الشريعة" و"الرؤية" وغيرهما، توفي بمكة سنة360هـ.
3 طبع بتحقيق الشيخ: محمد حامد الفقي.
وفي السنن لسلمان1 مرفوعاً: "ما سكَت الله عنه فهو مما عفا عنه"2.
حديث أبى ثعلبة3 مرفوعاً: "وسكت عن أشياء رحمة لكم من غير نسيان فلا تبحثوا عنها"4.
فكل ما سكت الشارع عنه هل يسمى حلالاً أو عفوا؟، فيه قولان للعلماء.
فالبدعة المذمومة، لابُدَّ أن تندرجَ في القسم المذموم محرمة كانت أو مكروهة.
كما أن السنة المحبوبة مندرجة في القسم المحمود.
[منشأ النزاع في تحديد مفهوم البدعة]
وإنما نشأ النزاع من جهة قوم ظَنُّوا أن البدعة هي ما لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، والتابعون، أو لم يقولوه.
1هو أبو عبد الله، سلمان الفارسي، ويقال: سلمان الخير، أصله من رام هرمز، وقيل: من أصبهان، أول مشاهده الخندق، مات سنة 34 ويقال: بلغ ثلاثمائة سنة. ابن حجر: الإصابة 4/223.
2 ت: كتاب اللباس، باب: ما جاء في لبس الفراء: 4/220ح1726، وقال الترمذي:"هذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعا إلاّ من هذا الوجه"، قال: وروى سفيان وغيره عن سليمان التميمي عن أبي عثمان عن سلمان قوله: "وكأن الحديث الموقوف أصح، وسألت البخاري عن هذا الحديث فقال: ما أراه محفوظا".
وأخرجه الحاكم: المستدرك 4/115 وقال: "هذا حديث مفسر في الباب، وسيف بن هارون -راوي الحديث عن سليمان التميمي- لم يخرجاه"، وقال الذهبي:"ضعفه جماعة".
البيهقي: السنن 10/12.
3 في الأصل (أبي نغيله) وهو تصحيف، وهو أبو ثعلبة الخشني.
4 الحاكم المستدرك 4/115، وسكت عليه الذهبي.
البيهقي: السنن 10/12 موقوفاً على أبي ثعلبة الخشني، قال البيهقي: "وأنبأنيه شيخنا أبو عبد الله الحاكم في المستدرك، وأشار إلى رفعه الدارقطني / السنن، كتاب الرضاع: 4/183-184ح42. وحسنه ابن رجب في: جامع العلوم والحكم2/150.