المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌مقدمة تشتمل على صفوة عقيدة أهل السُّنة وخُلاصَتها المستمدة من الكتاب - التوحيد وبيان العقيدة السلفية النقية

[عبد الله بن حميد]

الفصل: ‌ ‌مقدمة تشتمل على صفوة عقيدة أهل السُّنة وخُلاصَتها المستمدة من الكتاب

‌مقدمة

تشتمل على صفوة عقيدة أهل السُّنة وخُلاصَتها المستمدة من الكتاب والسّنة

بقلم

الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي

* قال رحمه الله مبينًا عقيدة أهل السُّنة والجماعة: العقيدة السَّفلية النقية:

* وذلك أنهم: يُؤْمنون باللهِ ومَلائكتهِ وكُتُبهِ ورُسله واليوم الآخر، والقدَر خيره وشَرِّه.

* فيشهدون: أن الله هو الربُّ الإله المعبود، المتفرِّد بكل كمال فيعبدونه وحْدَه، مخلصين له الدِّين.

* فيقولون: إن الله هو الخالق البارئ المُصَوِّر الرزَّاق المُعْطِي المانع المدَبِّر لجميع الأمور.

ص: 5

وأنه المألوهُ المعبودُ الموحَّدُ المقصود، وأَنَّه الأوَّل الذي ليس قبله شيء، الآخر الَّذي ليس بَعْدَهُ شيء، الظَّاهر الذي ليس فوقه شيء، الباطن الذي ليس دونه شيء.

وأَنَّه العليُّ الأعلى بكل مَعْنَى واعتبار، علو الذَّات وعلو القدر، وعلو القهر.

وأَنَّه على العرش اسْتَوى، استواءً يَليق بعظمته وجلاله، ومع عُلوه المُطْلق وفوقيته، فعِلْمُه محيط بالظواهر والبواطن والعالم العلوي والسفلي، وهو مع العباد بِعِلْمِه، يعلم جميعَ أحوالهم، وهو القريب المُجِيب.

وأَنَّه الغني بذاته عن جميع مخلوقاته، والكل إليه مُفْتَقِرون في إيجادهم وإيجاد ما يحتاجون إليه في جميع الأوقات، ولا غنًى لأحد عنه طرفة عين، وهو الرَّءوف الرَّحيم، الذي ما بالعباد من نعمة دينية ولا دنيوية، ولا دفع نقمة إلَّا من الله، فهو الجالب للنِّعم، الدَّافع للنِّقم.

ص: 6

ومن رحمته أَنَّه يَنْزِلُ كل ليلة إلى السَّماء الدُّنيا يستعرض حاجات العباد حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: لا أسألُ عن عبادي غيري، مَنْ ذا الذي يَدْعُوني فأسْتَجِيبُ له، مَنْ ذا الذي يسألني فأُعطيه، مَنْ ذا الذي يستغفرني فأغفر له، حتى يطلع الفجر. فهو ينزل كما يشاء، ويفعل كما يريد:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} . [الشورى: 11] .

* ويعتقدون أَنَّه الحكيم، الذي له الحكمة التّامَّة في شرعه وقدره، فما خلق شيئًا عبثًا، ولا شرع الشَّرائع إلَّا للمصالح والحكم.

وأنَّه التَّوَّاب العفوُّ الغفور، يقبل التَّوبةَ مِنْ عباده ويعفو عن السيئات، ويغفر الذنوب العظيمة للتَّائبين والمستغفرين والمُنيبين.

وهو الشَّكور الذي يشكر القليل من العمل، ويزيد الشَّاكرين من فضله.

* ويَصِفُونه بما وَصَفَ به نفسَه، وَوَصَفَهُ به رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

ص: 7

من الصِّفات الذَّاتية، كالحياة الكاملة، والسَّمع والبصر، وكمال القدرة والعظمة والكبرياء، والمجد والجلال والجمال، والحمد المطلق.

ومن صفات الأفعال المتعلقة بمشيئته وقُدرته كالرَّحمة والرِّضا، والسُّخط والكلام، وأَنَّه يتكلم بما يشاء كيف يشاء، وكلماته لا تَنفد، ولا تبيد.

وإن القرآن كلام الله غير مخلوق، منه بَدَأَ، وإليه يَعُود.

وأَنَّه لم يَزَلْ ولا يزالُ موصوفًا بأنه يفعل ما يريدُ، ويتكلَّم بما شاء، ويحكم على عباده بأحكامه القَدَرِيَّة، وأحكامه الشَّرعية، وأحكامه الجزائية، فهو الحاكم المالك، ومَنْ سِوَاه مملوك محكوم عليه، فلا خروج لِلْعبادِ عن ملكه ولا عن حكمه.

* ويُؤمنون بما جاء به الكتابُ وتواترت به السُّنَّة: أنَّ المؤمنين يَرَوْنَ رَبَّهم تعالى عيانًا جهرةً، وأن نعيمَ رُؤيتهِ، والفوزَ برضوانه أكبرُ النعيم واللذة.

ص: 8

وأن مَنْ مات على غير الإيمان والتَّوحيد فهو مُخَلَّدٌ في نار جهنم أبدًا، وأن أرباب الكبائر إذا ماتوا على غير توبة، ولا حصل لهم مُكَفّرٌ لذنوبهم، ولا شفاعة فإنَّهم وإن دخلوا النَّار لا يخلَّدُون فيها، ولا يبقى في النار أحدٌ في قلبه مثقال حبَّة خردلٍ من إيمان إلَّا خَرَج منها.

وأن الإيمان يشملُ عقائدَ القلوب وأعمالها، وأعمال الجوارح، وأقوال اللِّسان، فمن قام بها على الوجه الأكمل فهو المؤمن حقًّا، الذي استحق الثَّواب وسَلِمَ مِنَ العِقاب، ومَن انتقصَ منها شيئًا نقص مِن إيمانِه بقدر ذلك. ولذلك كان الإِيمان يزيدُ بالطاعة وفعل الخير، وينقصُ بالمعصية والشرِّ.

* ومن أصولهم السَّعْيُ والجِدُّ فيما ينفعُ من أمور الدِّين والدُّنيا مع الاستعانة بالله. فهم حريصون على ما ينفعهم ويستعينون بالله. وكذلك يُحقِّقُون الإخلاصَ لله في جميع حركاتهم، ويتبعون رسول الله في الإخلاص للمعْبُود، والمتابعة للرسول، والنَّصيحة للمؤمنين أتْبَاعُ طَرِيقهِم.

ص: 9

* ويَشْهَدُون أن محمَّدًا عبدُه ورسولُه أرسلَه الله بالهدى ودين الحق ليظهرَهُ على الدِّين كُلِّهِ، وأنه أَوْلَى بالمؤمنين من أنفسهم، وهو خاتم النَّبيين، أُرْسِلَ إلى الإنس والجن بشيرًا ونذيرًا، ودَاعِيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، أرسله بصلاح الدِّين وصلاح الدُّنيا، وليقوم الخلْقُ بعبادة الله، ويستعينوا برزقه على ذلك.

* ويَعْلَمُون أنه أعلَمُ الخلق وأَصدقهم، وأَنصحهم وأعظمهم بيانا، فيعظمونه ويحبونه، ويقدِّمون محبته على محبة الخلق كُلِّهِم، ويتبعُونه في أصولِ دينهم وفُروعه.

* ويقدِّمُون قَوْلَهُ وهَدْيَهُ على قولِ كُلِّ أحدٍ وهديه.

* ويعتقدون أن الله جَمَعَ له من الفضائل والخصائص والكمالات ما لم يجمَعْه لأحد، فهو أعلى الخلق مقامًا، وأعظمهم جاهًا، وأكملهم في كل فضيلة، لم يبق خير إلا دلَّ أُمَّتَه عليه، ولا شر إلا حذَّرَهم منه.

وكذلك يؤمنون بكل كتاب أنزله الله، وكُلِّ رسولٍ أرسله الله، لا يفرقون بين أَحَدٍ من رُسُلِهِ.

ص: 10

* ويؤمنون بالقَدَر كله، وأنَّ جميعَ أعمالِ العبادِ - خيرِها وشرِّها قد أحاط بها علمُ الله، وجرى بها قلمُه، ونفذت فيها مشيئته، وتعلقت بها حكمتُه، حيث خلق للعباد قدرةً وإرادةً، تقع بها أقوالهم وأفعالهم بحسب مَشيئتهم، لم يجبرهم على شيءٍ منها، بل مختارين لها، وخَصَّ المؤمنين بأن حَبَّبَ إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم، وكَرَّه إليهم الكفرَ والفُسُوقَ والعِصْيان بعَدْلِهِ وحكمته.

* ومِنْ أُصُول أهل السُّنَّة: أنهم يدينُونَ بالنَّصيحة لله ولكتابه ورسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم، ويأمرون بالمعروف، ويَنْهَوْنَ عن المنكر على ما تُوجبه الشَّريعةُ، ويأمرون ببر الوالدين وصلة الأرحام، والإحسان إلى الجيران والمماليك والمعاملين، ومن له حق، وبالإحسان إلى الخلق أجمعين.

* ويَدْعُون: إلى مكارم الأخلاق ومَحَاسِنها، ويَنْهَوْن عن مَسَاوئ الأخلاق وأرذلها.

ص: 11

* ويعتقدون: أن أكمل المؤمنين إيمانًا ويقينًا، أحسنُهُم أعمالًا وأخلاقًا. وأَصْدَقُهُم أقوالًا، وأهداهم إلى كل خير وفضيلة. وأبعدهم من كل رذيلة.

* ويأمرون بالقيام بشرائع الدِّين، على ما جاء عن نبيهم فيها، وفي صفاتها ومكملاتها. والتَّحذير عن مفسداتها ومنقصاتها.

ويَرَوْن الجِهَاد في سبيل الله ماضيًا مع البَرِّ والفاجِر، وأنه ذِرْوَةُ سَنام الدين. جهادَ العلمِ والحُجَّةِ. وجهادَ السِّلاحِ، وأنه فرضٌ على كلِّ مسلمٍ أن يدافعَ عَنِ الدّين بكل ممكن ومستطاع.

* ومن أصُولهم: الحث على جَمْع كلمة المسلمين. والسَّعْي في تقريبِ قلوبهم وتأليفِهَا.. والتَّحْذير من التفرق والتعادي والتباغض والعمل بكل وسيلة توصل إلى هذا.

* ومن أصولهم: النَّهْي عن أذيَّةِ الخلْقِ في دمائهم وأموالهم وأعراضهم وجميع حقوقهم، والأمرُ بالعدْل والإِنصاف في جميع المعاملات. والنَّدْب إلى الإحسان والفَضل فيها.

ص: 12

* ويؤمنون: بأن أفضلَ الأمم أمةُ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وأَفْضَلَهُمْ أصْحَابُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم. خصوصًا الخلفاءُ الراشدون، والعشرةُ المشهود لهم بالجنة، وأهلُ بدر. وبيعة الرضوان والسَّابقون الأوَّلُون من المهاجرين والأنصار. فيحبُّون الصَّحَابة، ويدينُون للهِ بذلك.

* ويَنْشُرُونَ مَحَاسِنَهُم، ويسْكتون عَمَّا قيل عن مَسَاوئهم.

* ويدينون لله: باحترام العلماء الهداة وأئمة العدل، ومَنْ لهم المقاماتُ العاليةُ في الدين والفضل المتنوع على المسلمين، ويسألون الله أن يعيذَهُم مِنَ الشَّك والشِّرْك، والشقاقِ والنفاقِ، وسُوء الأخلاق، وأن يُثَبِّتهم على دين نبيهم إلى الممات.

هذه الأصُول الكلية بها يؤمنون، ولها يَعْتَقدون، وإليها يَدْعُون.

* * *

ص: 13

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة

الحمد لله الذي خلق العباد لعبادته، وأمرهم بتوحيده وطاعته، وأشهد أن لا إله إلَّا الله وحده، لا شريك له في رُبوبيته، وإلاهِيَّته، وأشهد أنَّ محمَّدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وأصحابه، ومن اتبع سَبِيله ودَعَا بِدَعْوَتهِ، وسَلِّم تَسْلِيمًا كثيرًا إلى يوم الدِّين.

وبعد:- فهذه نَبْذَهٌ يسيرة تُبَيِّن للمُسْلم العقيدة السَّلفية النَّقية عن كل ما يشُوبها من خُرَافة وبِدْعة، عقيدة أهل السُّنة والجمَاعة من سَلَفِ هذه الأُمَّة، من الصَّحابة والتَّابعين، ومن بعدهم من مُحَقِّقي العلماء الذين أجمع المسلمون على هِدَايتهم، ودِرَايتهم من السَّابقين الأَوَّلِين من المهاجرين والأنصار، والَّذين اتَّبعوهم بإحسان.

* * *

ص: 15

* اعلم أن التَّوحيد الذي دلَّ عليه القرآن والسُّنة، وأجمع عليه سَلَفُ الأمَّة، ثَلاثَةُ أقْسَام:

1 -

تَوحِيدُ الرُّبوبية. 2- تَوحِيدُ الأُلوهية. 3- تَوحِيدُ الأَسماء والصِّفات.

ص: 16

فصل

في بيان توحيد الرُّبوبية

* أَمَّا تَوحيد الرُّبوبية، فقد اعترف به المُشْرِكُون الَّذين بُعِثَ فيهم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يُدْخِلْهم في الإسلام، فهم مُقِرُّون بأنَّ الله هو الخالق الرَّازق، المُحْيي المُميت، المُتَصَرِّف في هذا العالم بما تَقْتَضِيه حِكْمَتُه وإرَادَتُه، ومجرد الاعتراف بهذا لا يكون به الإنسان مُسْلمًا، قال تعالى:{قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ} . [يونس: 31] .

أي: أَفَلا تُفْرِدُونَه بالعِبَادة، وتَتْركُون عِبَادة مَا سِوَاه.

فقوله تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} [يونس: 31] أي: مَنْ ذا الَّذي يُنْزِل

ص: 17

من السَّماء ماء المطر، فَيَشُق الأرض شَقًّا بِقُدْرته، ومَشِيئته، فيخرج منها حَبًّا، وعِنَبًا وقَضْبًا، وَزَيتونًا ونخلًا، وحدائق غُلْبًا، وفَاكِهَةً وَأبّاً، أإله مع الله؟ فسيقولون الله.

وقوله: {أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ} [يونس: 31] أي الَّذي وَهَبَكُم هذه القوة السَّامعة، والقوة البَاصِرة، ولو شاء لذهب بها، ولسَلَبَكُم إيَّاها، كقوله تعالى:{قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ} . [الملك: 23] .

وقال: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ} . الآية [الأنعام: 46] .

وقوله: {وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ} [يونس: 31] بقدرته العظيمة، ومِنَّته العَمِيمة.

ص: 18

وقوله: {وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ} [يونس: 31] : أي مَنْ بيده مَلَكوت كل شيء، وهو يجير ولا يجار عليه، وهو المُتصَرِّف الحاكم الذي لا مُعَقِّب لِحُكْمِه، ولا يُسْأَل عما يَفعل وهم يُسألون. {يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن: 29] فالمُلكُ كله العلوي والسُّفلي، وما فيهما من ملائكة وإنسٍ وجان، فقيرون إليه عبيد له، خَاضعون لَدَيه {فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ} [يونس: 31] أي وهم يعلمون ذلك، ويَعْترفون به، {فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ} [يونس: 31] أي أفلا تخافون منه أن تعبدوا معه غيره بآرائكم وجَهْلكم، فكثيرًا مما يحتجُّ سبحانه وتعالى على المشركين، بما اعترفوا به من توحيد الرُّبوبيَّة على ما أَنكروه من توحيد الأُلوهية، والآيات في هذا المعنى كثيرة جدًّا:{قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} .

ص: 19

[المؤمنون: 84 - 89] .

* وتوحيد الرُّبوبية، قد فُطِرت على قُبوله، والاعتراف به قُلوب بني آدم، فلم يُنكره إلَّا شُذَاذ قَليلون، من بني آدم، فَفِرْعَون القائل:{أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} [النازعات: 24]، والقائل:{مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} [القصص: 38] مُعتَرف في نفس الأمر بوجود الخالق المُوجد لهذا العالم، كما حكى الله عنه، في قوله:{وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} [النمل: 14] وفيما حكى الله عن نبيه موسى عليه السلام في قوله لفرعون: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ} [الإسراء: 102] .

* * *

ص: 20