الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القسم الأول: قسم الدراسة
ترجمة ابن الملقن
…
ترجمة ابن الملقن 1
اسمه ونسبه ونسبته:
هو الإمام عمر بن علي بن أحمد بن محمد بن عبد الله، سراج الدين أبو حفص الأنصاري، الوادي آشي، الأندلسي، التكريري الأصل، ثم المصري الشافعي، المعروف بابن النحوي؛ لأن أباه كان عالمًا بالنحو، ويعرف أيضًا بابن الملقن.
وسمي بابن الملقن؛ لأن والده توفي وله من العمر سنة واحدة، فأوصى به إلى الشيخ عيسى المغربي، وكان يلقن القرآن في الجامع الطولوني، فلازمه سراج الدين وصحبه من صِغره، وتزوج من أمه، وكان رحمه الله يغضب من نسبه إليه ولم يكتبه بخطه وإنما كان يكتب ابن النحوي.
مولده:
روى السخاوي في "الضوء اللامع""6/ 100" أن ابن الملقن كتب بخطه أنه ولد في يوم الخميس الثاني والعشرين من شهر ربيع الأول سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة.
1 استفاض جماعة من الإخوة الباحثين في ترجمة ابن الملقن منهم: مقدِّمة نور الدين شريبة لكتاب المؤلف "طبقات الأولياء"، وجاويد أعظم في مقدمته لـ "المقنع"، وإقبال أحمد محمد إسحاق في مقدمته لتحقيق كتاب المؤلف "البدر المنير"، لذا لم أطل في الترجمة خشية التكرار.
نشأته:
لما توفي والده وأوصى به إلى الشيخ عيسى المغربي اعتنى به الشيخ عيسى عناية فائقة أثر في ابن الملقن، ذلك أن الشيخ عيسى كان يلقن القرآن -كما سبق- في جامع طولون، وكان رجلا صالحا، ووافق ذلك أن تزوج الشيخ عيسى بأم ابن المقن، فاعتنى به وبتربيته، واستثمار مال أبيه، فنشأ ابن الملقن في كنفه فحفظ القرآن الكريم والعمدة للمقدسي والمنهاج وغيرها.
رحلاته في طلب العلم:
الرحلة في طلب العلم والحديث خاصة سنة متبعة لدى العلماء من سلف الأمة الصالح؛ إذ يندر أن تجد إمامًا لم يرحل في طلب العلم، لذا نجد الآن الإمام ابن المقن رحل إلى بلدان عدة منها دمشق، ومكة المكرمة، والمدينة المنورة، وبيت المقدس ومصر وغيرها من البلدان.
شيوخه:
لقد مكنت الرحلة لابن الملقن لقاء العلماء والحفاظ في تلك الأمصار والأقطار فقرأ عليهم واستفاد منهم وأجيز، فمن شيوخه:
الحافظ العلائي، وابن سيد الناس، وتقي الدين السبكي، ومغلطاي والعز ابن جماعة، والقطب الحلبي، وأجاز له الحافظ المزي، وجمال الدين الأسنوي، وأبي حيان الغرناطي، والبرهان الرشيدي وغيرهم كثير جدًّا.
فهذه التلمذة على أمثال هؤلاء الأفذاذ من العلماء أثرت في شخصية ابن الملقن العلمية في فنون شتى كالنحو والقراءات والحديث والفقه وأصوله وغيرها من الفنون، لذا تقلد المناصب العديدة كالقضاء والتعليم وغيرها.
تلامذته:
رجل جمع مثل هذا الجمع، وأخذ عن علماء عصر ومصره، حريٌّ أن يرتحل إليه، ويطلب العلم بين يديه، وكان الأمر كذلك، فقد ذاع صيته وانتشر خبره، فطلبه الطلاب، وأتوه، ليأخذوا عنه ويتتلمذوا عليه، واستفاد منهم كثير، بل صار أكثرهم أئمة يشار إليهم بالبنان، فمنهم:
الحافظ العلامة الثقة البحر أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، والحافظ المتقن أحمد بن عبد الرحمن بن الحسين أبو زرعة العراقي، والإمام الحافظ إبراهيم بن محمد بن خليل برهان الدين الطرابلسي المعروف بـ "سبط ابن العجمي"، والحافظ أحمد بن نصر الله بن أحمد التستري، وغيرهم جمّ غفير.
مكانته وثناء العلماء عليه:
رحلة ابن الملقن الواسعة، وأخذه عن العلماء، كوّن لديه قاعدة عريضة في الاطلاع والمعرفة، فكان بذلك واسع الاطلاع غزير العلم في الحديث وعلومه والفقه وأصوله، والنحو وغيرها من الفنون، شهد بنبله وعظيم منزلته الأئمة الأعلام، وحسبك بشهادتهم تزكية، وبيانا لمنزلة هذه العلم الهمام، ومن هؤلاء الأئمة:
الحافظ العلائي حيث قال: "الشيخ الفقيه الإمام العالم المحدث الحافظ سراج الدين شرف الفقهاء والمحدثين فخر الفضلاء".
وقال العراقي: "الشيخ الإمام الحافظ".
وقال ابن فهد المكي: "الإمام العلامة الحافظ شيخ الإسلام وعلم الأئمة الأعلام عمدة المحدثين وقدوة المصنفين".
وقال الحافظ سبط ابن العجمي: "حفاظ مصر أربعة أشخاص وهم
من مشايخي: البلقيني وهو أحفظهم لأحاديث الأحكام، والعراقي وهو أعلمهم بالصنعة، والهيثمي وهو أحفهم للأحاديث من حيث هي، وابن الملقن وهو أكثرهم فوائد في الكتابة على الحديث".
وقال الحافظ السيوطي: "الإمام الفقيه ذو التصانيف الكثرة
…
أحد شيوخ الشافعية وأئمة الحديث
…
وبرع في الفقه والحديث وصنف فيها الكثير".
وقال ابن شهبة: "الشيخ الإمام العالم العلامة، عمدة المصنفين".
فهذه بعض الأقوال المذكورة في، وهي كافية في بيان قدرة وعلو منزلته أضف إلى ذلك الثروة العلمية الضخمة التي خلفها رحمه الله، وسيأتي ذكر شيء منها.
تصانيفه:
اتفق الأئمة المترجمون على أنه من المكثرين في التصنيف، ولعل ذلك يرجع إلى أنه اشتغل بالتصنيف مبكرا، قال الحافظ ابن حجر في المجمع المؤسس "2/ 312":"واشتغل بالتصنيف وهو شاب فكتب الكثير حتى كان أكثر أهل عصره تصنيفا".
وقال القاضي محمد بن عبد الرحمن العثماني قاضي صفد: "أحد مشايخ الإسلام صاحب المصنفات التي ما فتح على غيره بمثلها في هذه الأوقات". من الضوء اللامع "6/ 102".
وقال الحافظ السخاوي: "واشتهرت في الآفاق تصانيفه، وكان يقول: إنها بلغت ثلثمائة تصنيف، وشغل الناس فيها وفي غيرها قديما، وحدث بالكثير منها وبغيرها من مروياته وانتفع الناس بها انتفاعًا صالحًا من حياته وهلم جرًّا" الضوء اللامع "6/ 103".
ومن مصنفاته:
1-
"عمدة المحتاج إلى كتاب المنهاج" شرح به "منهاج الطالبين" للنووي في الفقه.
2-
"خلاصة الفتاوي في تسهيل أسرار الحاوي" أي "الحاوي الصغير في الفقه الشافعي" للقزويني.
3-
"البدر المنير في تخريج أحاديث الشرح الكبير" والشرح الكبير للرافعي.
4-
"المقنع في علوم الحديث".
5-
"الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" شرح لعمدة الأحكام لعبد الغني المقدسي وغيرها كثير.
وفاته:
ابتلي رحمه الله باحتراق كتبه، وأكلت النار أكثر مسوداته، فتغير حاله بعدها وكان ذلك سببًا في حجب ابنه له عن التحديث، ثم وافاه الأجل في ليلة الجمعة السادس عشر من شهر ربيع الأول سنة أربع وثمانمائة "804هـ" بالقاهرة، ف-رحمه الله وغفر لنا وله ولجميع المؤمنين.
ينظر في مصادر ترجمته:
إنباء الغمر "5/ 41"، والمجمع المؤسس "2/ 311"، والضوء اللامع "6/ 100"، وابن قاضي شهبة في طبقات الشافعية "4/ 373"، وذيل التقييد للتقي الفاسي "2/ 246"، ولحظ الأحاظ لابن فهد المكي "ص197"، وذيل تذكرة الحفاظ للسيوطي "ص369"، والبدر الطالع للشوكاني "1/ 508"، وشذرات الذهب لابن العماد "7/ 44" والأعلام للزركلي "4/ 57".