المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ حاصل ما تقدم في هذا الباب - آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني - جـ ٢

[عبد الرحمن المعلمي اليماني]

فهرس الكتاب

- ‌لا يلزم من الاكتفاء بالإيمان الإجماليِّ بالقرآن والسنَّة بدون معرفة المعاني كلِّها أن يُكتفى بمثل ذلك في الشهادتين

- ‌ بابٌ في أصولٍ ينبغي تقديمها

- ‌الأصل الأولحجج الحقِّ شريفةٌ عزيزةٌ كريمةٌ

- ‌الأصل الثانيالحجج والشبهات

- ‌ الأصل الثالثإصابة الحقِّ فيما يمكن اشتباهه تتوقَّف على ثلاثة أمورٍ: التوفيق، والإخلاص، وبذل الوسع

- ‌ أحدهما: أن يقال قد قال الله تبارك وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ}

- ‌ فصلالمنتسبون إلى الإسلام أقسام:

- ‌بابٌ في أمورٍ يُستنَد إليها في بناء الاعتقادوهي غير صالحةٍ للاستناد

- ‌ التقليد

- ‌ القول بالاكتفاء بالتقليد إنما جرى على الألسنة لما لجَّ النزاع بين السلفيِّين والمتكلِّمين

- ‌الأصول الضروريَّة من العقائد التي لا يكون المؤمن مؤمنًا إلا بها لا نعلم أحدًا يقول: يكفي فيها التقليد الحقيقيُّ

- ‌ تفسير لفظ «إله» في كتب العقائد

- ‌ عامَّة المشركين لا يعتقدون لشركائهم تدبيرًا مستقلًّا

- ‌ تفسير الإله بالمعبود

- ‌فصل في تفسير أهل العلم للعبادة

- ‌ حاصل ما تقدَّم في هذا الباب

الفصل: ‌ حاصل ما تقدم في هذا الباب

[س 146/أ]

‌ حاصل ما تقدَّم في هذا الباب

(1)

تقدَّم ذكر قوم نوح، وقوم هود، وقوم صالح، وقوم إبراهيم، والمصريِّين في عهد يوسف، وفي عهد موسى، وبني إسرائيل لما أتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم، واليهودِ والنصارى في شأن أحبارهم ورهبانهم، والنصارى في شأن عيسى وأمه، ومشركي العرب.

وتَبَيَّن أنَّ هذه الأمم كلَّها تعترف بوجود الله عز وجل وربوبيَّته وأن

(2)

تاريخ الحكماء

(3)

لابن القفطي في ترجمة الكندي الفيلسوف

(4)

أنَّ له رسالة في إثبات أنَّ جميع الأمم كانوا موحِّدين

(5)

، وقد مرَّ في المقدِّمة نقلٌ عن المواقف وشرحها، فارجع إليه.

وتبيَّن أيضًا أنَّ أكثرها أو جميعها تعبده تعالى وتعترف بوجود الملائكة.

فأما شركهم: فقوم نوح كان فيهم رجال صالحون هلكوا فنحتوا لهم

(1)

مضى نحو ما يأتي مختصرًا في ص 439 - 440.

(2)

كلمة غير واضحة.

(3)

طُبع باسم إخبار العلماء بأخبار الحكماء.

(4)

هو يعقوب بن إسحاق بن الصباح، أبو يوسف، من أبناء الملوك، متبحر في فنون الفلسفة اليونانية والفارسية والهنديَّة، متخصِّص بأحكام النجوم، له مصنفات كثيرة. انظر: إخبار العلماء بأخبار الحكماء 240 - 241.

(5)

انظر: المصدر السابق 244.

ص: 547

[تماثيل]

(1)

وسمَّوها بأسمائهم وعظَّموها تقرُّبًا إلى الله تعالى بواسطة أولئك الأشخاص فيما يظهر.

وقوم هود عظّموا أشخاصًا غيبيين لا وجود لهم في [الحقيقة]

(2)

. وفي التاريخ أنهم كان لهم أصنام، فكأنها رموز لأولئك [الأشخاص]

(3)

، وكذلك قوم صالح فيما يظهر.

وقوم إبراهيم كانوا يعظِّمون بعض الكواكب ويدعونها وينصبون لها تماثيل ويعظِّمون تلك التماثيل بالعكوف [س 146/ب] عندها، ويدعونها في احتمالٍ قد تقدَّم، أي يسألون منها حوائجهم تخييلًا لأنفسهم أنها نفس الأرواح التي جُعِلت رموزًا لها.

والمصريُّون في عهد يوسف عليه السلام يعظِّمون أشخاصًا غيبيِّين لا وجود لهم في الحقيقة وعندهم تماثيل لأولئك الأشخاص يعظِّمونها أيضًا.

وقُبيل عهد موسى عليه السلام تركوا عبادة الله تعالى تعظيمًا له، زعموا، واقتصروا على تعظيم أولئك الأشخاص.

وفي عهد موسى عليه السلام قصروا جواز تعظيم أولئك الأشخاص على مَلِكهم فرعون وحده، فليس لغيره أن يعظِّم أولئك الأشخاص، وأما العامَّة فإنما يعظِّمون فرعون نفسه جاعلين تعظيمه من الدِّين الذي يُقرِّب إلى الله تعالى في الغاية زعمًا أنه كريم عند الله تعالى بدليل أنه جعله مَلِكًا عزيزًا نافذ الكلمة.

(1)

غير واضحة في الأصل.

(2)

لم تظهر بعض حروفها.

(3)

لم تظهر بعض حروفها.

ص: 548

فالعامَّة يعبدون فرعون، وفرعون يعبد الأشخاص الغيبيِّين وتماثيلهم، والأشخاص الغيبيّون يعبدون الله تعالى.

وقوم موسى لما أتوا على قومٍ يعكفون على أصنام لهم طلبوا منه أن يجعل لهم صنمًا يعكفون عليه تقرُّبًا إلى الله تعالى، وفي شأن العجل [س 147/أ] زعموا أنَّ العكوفَ عليه عبادة لله عز وجل.

واليهود والنصارى في شأن أحبارهم ورهبانهم أطاعوهم فيما يشرعونه من ذات أنفسهم على أن يكون دينًا، واتخذوه دينًا زعمًا منهم أنَّ ما شرعه الأحبارُ والرهبان فقد شرعه الله تعالى.

والنصارى في شأن عيسى عليه السلام منهم مَنْ زعم أنه الله تعالى، ووجَّه إليه

(1)

جميعَ العبادات، ومنهم مَنْ زعم أنه ابنه بالمعنى المتبادر، ومنهم مَنْ زعم أنه أحدُ الآلهة الثلاثة التي مجموعها الرَّبُّ، وكلاهما يَشْركُه في جميع العبادات، والأخيرُ هو المعروف الآن، ويعظِّمون صورة عيسى عليه السلام وصورة الصليب بناء على زعمهم أنه صُلب.

وفي شأن مريم عليها السلام

يُحضرون صورتها في كنائسهم ويجعلونها أمامهم عند [الصلاة]

(2)

التي هي عبارة عن القيام والدعاء مع خفض الرؤوس، وينحنون لصورتها ويتمسَّحون بها ويستغيثون بمريم عليها السلام سائلين منها الشفاعة

(3)

.

(1)

تحتمل في الأصل أن تقرأ "الله".

(2)

غير واضحة في الأصل.

(3)

من هنا التصقت ورقتان، فهل هذا من المؤلف أو من أثر البلل؟

ص: 549

[س 147/ب] وأما مشركو العرب فكانوا مع اعترافهم بربوبيَّة الله عز وجل وأنه خالق كل شيء، ورازق كل حيٍّ، ومدبر الأمر، وبيده ملكوت كلِّ شيء وأنه يجير ولا يجار عليه؛ يعظِّمون الأصنام التي جعلوها رموزًا للملائكة مع زعمهم أنَّ الملائكة بنات الله ــ تعالى الله عن ذلك ــ ويرون تعظيم الأصنام تعظيمًا للملائكة، ويقصدون من تعظيم الملائكة أن يشفعوا لهم إلى الله عز وجل، فيعظِّمون الأصنام بالعكوف عليها والتمسُّح بها وتضميخها بالطيب ويزورونها من الأماكن البعيدة ونحو ذلك مما تقدم.

وفي القرآن ما يُسْتَدَلُّ به أنهم كانوا يَدْعونها كما تقدَّم، فإن ثبت فحالهم في ذلك كما تقدَّم مِنْ حال قوم إبراهيم.

ويعظِّمون الملائكة زاعمين أنهم بنات الله ــ تعالى الله عن ذلك ــ، ويُشْرِكونهم في التلبية قائلين: لبيك لا شريك لك ــ أي لا نُشرك معك في التلبية أحدًا ــ إلَّا شريك هو لك، تملكه وما ملك، ويذبحون بأسمائهم ويحلفون بها، ويسمُّون عَبْد اللات، عبد العزى، عبد مناة، وجعلوا لهم تماثيل ورموزًا، وهي الأصنام، وعظَّموها بما تقدَّم زاعمين أن تعظيمها تعظيم للملائكة؛ لأنها ليست إلَّا [س 148/أ] رموزًا لهم.

ويجعلون للملائكة نصيبًا من أموالهم ويصرفونه في مصالح الأصنام كما يصرفون النصيب الذي يجعلونه لله تعالى في ذلك.

وكانوا يدعونهم أي يسألون منهم حوائجهم بقصد أن يشفعوا إلى الله عز وجل في قضائها، وكانوا يطيعون أهواءهم فيما تستحسن شرعها من [دون إذنٍ من الله، زعمًا أن ذلك]

(1)

يُتقرَّب به إلى الله عز وجل أو إلى

(1)

غير واضح في الأصل.

ص: 550

الملائكة، وألزمهم الله تعالى بطاعتهم أهواءهم أنهم مطيعون للشياطين؛ لأنَّ أهواءَهم متَّبَعَة عن وسوسة الشياطين. وكانوا يطيعون رؤساءهم فيما يشرعون لهم على أن يكون دينًا، والله أعلم.

* * * *

ص: 551