المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌شبهات حول الحجاب في الإسلام - الحجاب شريعة الله في الإسلام واليهودية والنصرانية

[سامى عامرى]

الفصل: ‌شبهات حول الحجاب في الإسلام

الحنفية والرأي الثاني للشافعية والمفتي به عند المالكية، قالوا: جميع بدن المرأة الحرة عورة إلا الوجه والكفين فيباح للمرأة كشف وجهها وكفيها في الطرقات، وأمام الرجال الأجانب، ولكنهم قيّدوا هذه الإباحة بشرط أمن الفتنة، أما إذا كان كشف الوجه واليدين يثير الفتنة لجمالها الطبيعي أو لما فيهما من الزينة وأنواع الحلي؛ فإنه يجب عليها سترهما ويصيران عورة كبقية أعضاء جسدها، وذلك من باب سد الذرائع

)) (1)

لم يتجاوز أهل العلم عند استعراضهم المذاهب الفقهية في أمر حدود ما يباح كشفه، الوجه والكفين والقدمين، فدلّ ذلك بذاته على إجماعهم على حرمة كشف ما عدا ما سبق.

‌شبهات حول الحجاب في الإسلام

في زمن (إفراغ) المسلم من ماهيّته، وتسطيح وعيه، وحجزه عن الانحياز إلى دينه وحضارته، بفعل التعليم الملحد (2) عن صراط الحقّ، والإعلام المجيّر لخدمة العالمانيين والإباحيين، ورفع النماذج الفاسدة والتائهة لتكون قدوات تشرئبّ لها أعناق النائشة ويحتذى (بهديها!) .. في هذا السياق العقدي والثقافي، أوجد المناوئون للإسلام منفذًا إلى عقول شباب الإسلام، وتخلّلوا من خلال هذه الثغرة المعرفيّة في بنائهم العلمي ليصرفوهم عن دينهم الذي هو لبّ وجودهم وجوهر كيانهم..

ولمّا كانت العالمانية في تضاد دائم مع الإسلام، فقد وجد المنصّرون بذلك جوًا مهيّأ وسعة ويسرًا لمشاركة (إخوانهم) العالمانيين في السعي لزعزعة الثوابت الشرعيّة والحقائق الإيمانيّة الإسلامية، رغم اختلاف مشاربهم وتباعد مذاهبهم..

وبدأت القنوات الفضائيّة اليوم في خدمة هذا (المشروع) والترويج له؛ فهي تجمع في برامجها (التوجيهيّة!) إلى جانب العالماني الذي يحاول أن يخفي جحده لمبدأ الوحي المنزّل -بدعوى الفهم العصري للإسلام-، المنصِّرَ صاحب الأسفار المحرّفة والأفكار المعطّلة.. كلّ يشتكي في لوعة موجوعة حزينة من (أسلمة المجتمع) و (أصوليّة المجتمع) و (تحجّر المجتمع) .. وغير ذلك

(1) الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، القاهرة: دار المنار، 1420هـ-1999م ، 5/47

(2)

الملحد: المائل

ص: 23

من (القوالب) المألوفة من الشتائم المعروفة التي توصم بها مجتمعاتنا التي هي أبعد ما تكون عن أن تعدّ ممثّلة للإسلام، رغم ما فيها من خير متنامٍ.. فكيف لو كان العالمانيون والمنصّرون يعيشون في مجتمع تحكمه ضوابط الشريعة، ويسلك الناس فيه صراط الأحكام القويمة؟!!

إنّ العالمانيين والمنصّرين ليسوا (هبلاً) حتى يلتبس عليهم الأمر وتأخذهم الظنون إلى أنّ مجتمعاتنا على جادة الإسلام حقًا.. وإنّما هم يسعون –من وراء خطابهم المتّقد حنقًا- إلى الحيلولة دون عودة هذه المجتمعات إلى موئلها الأوّل والأخير: (الإسلام) .. ولذلك فهم يستحييون مشاعر (الريبة) و (الرُهاب) في أنفس أضرابهم؛ وكأنّ القوم تتهددهم جحافل الإجرام، أو كأنّهم يئنّون تحت كلكل (الظلاميات) التي تنشر في آفاق أبصارهم حجب الفقر والمرض والتخلف بأسبابه وأنواعه.. إنّه استباق (للكارثة) الكبرى التي يخشونها؛ وهي انخلاع أمّتنا من ربقة الفكر الوافد الاستلابي..فعندها سينفض الناس عنهم، وينضب ضرع (العطايا) التي يستحلبونها باسم نشر (التنوير) !!

ويشكّل الحجاب الإسلامي مصدر (قلق) لدعاة العالمانيّة وإخوانهم المنصّرين؛ ذلك أنّ الفكر التغربيبي والعمل التنصيري قد ظنّا –في بداية القرن العشرين- أنّ المرأة هي أضعف مناطق المناعة في الأمّة، فهي منفذ سهل لزرع الأدواء فيها..فبذلوا كلّ نفيس لأجل اختراق أجيال المسلمين من خلال المرأة، وأنشؤوا لذلك الجمعيات، وأقاموا لذلك المخططات طويلة النفس وقصيرة الزمن.. لكنّهم فوجئوا بعودة الفتاة المسلمة إلى دين الطهر وإدبارها عن الفتنة الزائفة التي عرضوها أمامها رخيصة، مستعصية بذلك على الذوبان في حوامض الفكر الاسترقاقي.. وهنا فقدوا اتزانهم المزيّف، ووسطيّتهم المختلقة المزوّقة، وسقطت أقنعة الخديعة، وأدبر عنهم شعارهم القديم:(حقّ الاختلاف) ، وأرسلوا من ألسنتهم التهم والسباب، ولم يتوانوا عن تحقير كلّ امرأة رفضت أن تشتري منهم كفن هلاكها ورَمْس فنائها.. لأجل ذلك ردّدوا شبهاتهم الطاعنة في الحجاب، والتي سنستعرضها الآن؛ لنكتشف مبلغ ظلم أصحابها وعِظم مجافاتهم للحقّ.. وهي شبهات مكرّرة، تطرق أسماعنا كلّ حين بفعل الجوّ الثقافي والإعلامي الذي يتّخذ العالمانيّة محرابًا، وقِبلة، وشعيرة، ومهوى فؤاد.. ولا سبيل لنقض هذه الشبهات إلاّ أن نعرضها كما هي على ألسنة (أهلها) ، ونعرّيها عن بريق الحقّ الذي تسربلت به على حين غفلة من حماة الفضيلة..

ص: 24