المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الخلاف في عصمة الرسل من الصغائر غير المزرية - أدب الخلاف - ياسر برهامي - جـ ٣

[ياسر برهامي]

فهرس الكتاب

- ‌أدب الخلاف [3]

- ‌أسباب الخلاف السائغ

- ‌تنوع الأدلة بين قطعية وظنية

- ‌تفاوت الأفهام

- ‌اختلاف القدرات في البحث

- ‌اختلاف طرق التعلم والتعليم

- ‌استحالة إنهاء الخلاف لا يعني عدم السعي لمعالجة أسبابه

- ‌بيان أن الترجيح في المسائل الخلافية ترجيح نسبي لا مطلق

- ‌فائدة معرفة الخلاف السائغ من غيره

- ‌مسلك العلماء المتقدمين والمتأخرين في مسائل الخلاف

- ‌نوع الخلاف في البدع المختلف فيها

- ‌أمثلة على الاختلافات السائغة بين أهل العلم

- ‌الخلاف في رؤية النبي لربه في الدنيا

- ‌الخلاف في تفضيل عثمان على علي

- ‌الخلاف في تفسير قوله تعالى (فثم وجه الله)

- ‌الخلاف في عصمة الرسل من الصغائر غير المزرية

- ‌الخلاف في نبوة الخضر

- ‌الخلاف في نبوة مريم

- ‌الخلاف في رؤية أهل الموقف لله عز وجل

- ‌الخلاف في تسمية أفعال الرب حوادث

- ‌الخلاف في مسائل التكفير

- ‌الخلاف في مسألة تكفير تارك الصلاة

- ‌الخلاف في تكفير الخوارج والرافضة والمعتزلة

- ‌الخلاف في تحقيق المناط في قضايا تكفير الأعيان

- ‌الخلاف في تكفير تارك الصلاة ليس اختلافاً في تحقيق المناط

- ‌الخلاف في تحقيق المناط لا يوجب العداوة بين المختلفين

- ‌موانع التكفير والتفسيق

- ‌الأسئلة

- ‌مسائل التوحيد في بلاد الحرمين من المعلوم من الدين بالضرورة

- ‌نوع الخلاف في نبوة الخضر وذكر شروط تكفير المعين

- ‌حكم من يقول بإيمان اليهود والنصارى

- ‌اعتبار الأشرطة في وصول الحجة

الفصل: ‌الخلاف في عصمة الرسل من الصغائر غير المزرية

‌الخلاف في عصمة الرسل من الصغائر غير المزرية

ومنها اختلاف العلماء في عصمة الرسل من الصغائر غير المزرية، وهو أمر اعتقادي، والخلاف فيه مشهور، فالعلماء متفقون على عصمتهم من الكفر، ومتفقون على عصمتهم من عدم إتمام تبليغ الرسالة، وأنه لا يوجد أحد منهم يكتم التبليغ، ومتفقون أيضاً على عصمتهم من الكبائر، ومن الصغائر المزرية التي تزري بقدرهم، والتي تنفر الناس من اتباعهم.

واختلفوا في الصغائر غير المزرية، فرجح طائفة -منهم شيخ الإسلام ابن تيمية - عدم عصمتهم منها ابتداءً، ولكن يتوبون أي: أنهم معصومون من الإصرار عليها، يعني: يمكن أن تقع منهم ابتداءً لكن لا يصرون عليها، بل يتوبون منها؛ احتجاجاً بظواهر الكتاب والسنة، قال تعالى:{وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} [طه:121] وقال عن موسى: {قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي} [القصص:16] وقوله: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح:2].

وفي حديث الشفاعة أن كلاً من أولي العزم من الرسل يذكر خطيئته التي أصاب ما عدا عيسى صلى الله عليه وسلم.

ورجحت طائفة أخرى عصمتهم من تعمد جميع الذنوب، وأن ما ورد في تسميته ذنباً هو من باب حسنات الأبرار سيئات المقربين، ونسبه النووي إلى طائفة من المحققين، ورجحه القرطبي وابن حزم.

فهذا خلاف سائغ كما عرفنا، والذي أرى أن الراجح فيها عصمتهم من الصغائر والذنوب كلها، وأنهم لا يتعمدون فعل شيء منها، فمعصية آدم كانت نسياناً، كما قال تعالى:{وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} [طه:115]، وقتل موسى كان خطأ، فالخطأ والنسيان وارد، وهو متفق على عدم عصمتهم من النسيان، وكذبة إبراهيم كانت تعريضاً، وذنب محمد صلى الله عليه وآله وسلم كان غيناً على قلبه، وقد قال:(إنه ليغان على قلبي، وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة).

والغين هذا فتور عن الذكر فقط، وخطأ غير مقصود في الاجتهاد، مثل قول الله في الرسول صلى الله عليه وسلم:{عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى} [عبس:1 - 2]، فذنوب النبي عليه الصلاة والسلام عبارة عن خطأ في الاجتهاد وفتور عن الذكر وليست تعمداً لفعل معصية، ومن أدلة هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم:(فمن يطع الله إن عصيته)، رواه مسلم.

هذا دليل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم لو عصى ربنا فما أحد سيطيعه، وهذا لا يمكن حصوله؛ لأن ربنا قال:{وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} [الأعراف:181] إذاً: لابد أن يوجد من يطيع الله، وإذا كان الرسول سيعصي فما أحد يطيعه، وهذا لن يحصل، إذاً: الرسول لا يعصي.

ص: 16