الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخاتمة
بعد هذا العرض لهذه المشكلة، أو هذه الظاهرة لعلّ مِن المناسب التذكير بأمورٍ منها ما يلي:
- تَبَيّن أن هذه الظاهرة في مجتمعات المسلمين ظاهرةٌ خطيرةٌ، وأنها تؤرِّق كثيراً مِن المظلومين والمظلومات.
- هذه الظاهرة ليستْ مَغَبّتُها قاصرةً على الزوجين، بل تطَولُ الأبناء والأهل والأقارب، وتَمسُّ الناس في دينهم ودنياهم.
- إِن واجب الحل لهذه المشكلة ليس متعيّناً على الزوجة وحدها، بل لعلها لا تستطيع الوصول إلى الحل الأمثل بمفردها مالم تسْتعنْ بمَن يُعينها مِن أهلها ووليّ أمرها.
-إِنه إذا لم تسعَ الزوجة المظلومة إلى الحل؛ ورَضَختْ للظلم فإن مِن المتعين على أهلها، ومَن له مجالٌ واستطاعة، أن يُبادروا إلى إنقاذها مِن الظلم، وإلا كانوا آثمين بالسكوت حتى تموت.
- إِن الواجب السعيُ في حلِّ هذه المشكلة أوّل ما تقع-بحكمةٍ وتَعَقّلٍ-وعدم ترْكها للزمن حتى تتفاقم وتَكْبر.
- إِنّ هذه المشكلة ليس حلها دائماً هو المسارعة إلى الفِراق، كما أن الحل ليس الإبقاء على استمرار الزوجية على أيِّ حالٍ أيضاً.
- إِن الصبر الواجب شرعاً له مواضعه؛ فليس كل صبرٍ صحيحاً، وما كل صبرٍ يؤجَر عليه صاحبه. بل إن مِن الصبر ما يأثم به الإنسان؛ فيكون هذا النوع مِن الصبر عذاباً في الدنيا وفي الآخرة. ومِن الصبر ما لا يَعدو أن يكون صبراً كصبْرِ البهائم المظلومة، لا صبر المؤمن المحتسب أو المؤمنة.
- ما جاء في هذه الرسالة ليس دعوة إلى التمرد على حقوق الزوجية، بل الكلام ليس هذا مجاله، إذْ مجال الحديث هنا هو السعي إلى إعطاء الحقوق وأَخْذها، وفْق ما قرره شرْع الله، وليس هو الدعوة إلى النشوز الذي لا يجوز.
- إِن الظلم الذي يَقع اليوم على المرأة أو في أي عصرٍ
ليس ناشئاً مِن هذا الدِّين، ولا بأمْره، لكنه ظلْم الإنسان للإنسان الذي لا يُقِرّه شرْعُ الله تعالى، والدِّين منه براء، ولكنّ الناس أنفسهم يَظلمون؛ وظُلْم الظالمين ليس حجةً على الدِّين.
- ليس الحديث عن ظاهرة ظُلْم الأزواج لزوجاتهم هذه دليلاً على أنه ليس ثمت زوجاتٌ ظالمات لأزواجهن، كلاّ كلاّ، لكنّ هذه الرسالة خُصِّتْ لهذه المشكلة، وليس من الضروريّ أن تُعالج المشكلات كلها في رسالة واحدةٍ أو في كتابٍ واحد. ونرى أن الظلم الواقع مِن الزوجات لأزواجهن موضوع يقتضي أن تُكتب فيه رسالةٌ مستقلة. وربما سَنح الوقت لكتابة مثل هذه الرسالة فيما بعد.
- لعلّه قد اتّضح مِن خلال هذه الرسالة أنّ الغاية منها ليس إقصاء هذا الزوج الظالم على أي حالٍ، لكن المراد إصلاح الخلل، والأفضل أن يكون هذا الإصلاح بتوبة الظالم ورجوعه عن ظُلمه الذي هو المشكلة التي جرى الحديث عنها هنا. فلسنا ضدّ الزوج على الإطلاق،
ولكننا لا نُقرّه على ظلمه وتعدّيه. وهذا المعنى ينبغي أن تكون عليه الزوجة ووليّها وأهلها، وإذا ادّعت الزوجة وأهلها أنهم مراعون لهذا المعنى فإنّ مصداقيّة كلامهم تتبيّن عند التجربة بتغير حال الزوج إلى الوضع الصحيح.
والأمل في الله كبيرٌ في أن يَنفع بهذه الرسالة في علاج هذه المشكلة الخطيرة على مجتمعات المسلمين، التي تُهدّدُهم في دينهم ودنياهم، وتؤرّق كثيراً منهم، وتُزلزل الاستقرار في حياتهم!.
إنها دعوةٌ لكلٍّ مِن الظالم والمظلوم؛ ليأخذوا بما يُمليه عليهم واجبُ الدِّين والخُلق، ويُمليه عليهم حقُّ الصُّحبة والمعاشرة الإنسانية والأَخويّة، وتُمليه عليهم الصفات الإنسانية التي لم يَنْحرف بفطرتها هوىً أو طبْعٌ رديء، أو جشعٌ وتَكالبٌ على الدنيا، ونسْيانٌ للآخرةِ والوقوفِ بين يدي الله الذي إليه المصير!.
وسبحانك اللهم وبحمدك، أَستغفرك، وأتوب إليك.
وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين.