المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌كتابان إلى الخليفة في بغداد بشأن الموقعة السابقة: - الرسائل الحربية في عصر الدولة الأيوبية - جـ ٥٨

[محمد نغش]

الفصل: ‌كتابان إلى الخليفة في بغداد بشأن الموقعة السابقة:

وفي الكتابين التاليين في القطعتين الباقيتين عبارات قصيرة. تنصب كلها على الهدف المباشر وهو التخلص من الا ساري في كلمات قليلة واضحة. ولم تلجا القاضي الفاضل فيها إلى إستعارة أو كناية. فالوقت لا يسمح بذلك. هذا تخلاف ما سنجده في كتبه إلى الخليفة في هذا الموضوع.

ص: 175

‌كتابان إلى الخليفة في بغداد بشأن الموقعة السابقة:

في كتاب الروضتين قطعتان من رسالتين. أرسلهما السلطان صلاح الدين إلى الخليفة في بغداد. بشان انتصار الأسطول المصري في البحر الأحمر.سنة 578هـ=1183م. والذي قد سبق أن كاتب أخاه العادل عنه.

في القطعة الأولى: يذكر السلطان صلاح الدين للخليفة تفصيلات المعركة الحربية. ويكشف عن مخططات العدو الغادر. وما لحقه من هزيمة منكرة: (كان الفرنج قد ركبوا من الأمر تكراً، وافتضوا من البحر بكراً. وعمروا مراكب حربية شحنوها بالمقاتلة والأسلحة والأزواد، وضربوا بها سواحل اليمن والحجاز. واثخنوا وأوغلوا في البلاد)

فقد قطع ارناط غابات إقليم الكرك وأكثر نخيل العريش. وحمله إلى حصن الكرك.

وعهد إلى دير الرهبان بصنع بعض المراكب 2. كما عهد إلى صليبي عسقلان بصنع البعض الآخر، حتى توافر لديه خمس سفن حربية كبيرة. وعدد كبير من المراكب الخفيفة. ونقلها جميعها مفككة على جمال البدويين إلى الساحل بعد أن أغراهم بالمال 3. ثم ركب المراكب ودهنها باللون الأسود وشحنها بالرجال وآلات القتال 4 وأقف منها مركبين على جزيرة قلعة أيلية، تمنع أهلها استقاء الماء ومضى الباقون في مراكبهم إلى عيذاب 5. وفي لبر سير ارناط عسكره إلى تبوك ليحول دون وصول أي مدد عسكري يطلبه نائب القلعة من الشام أو مصر

واتخذ أرناط سبيله في البحر سلباً ونهباً حتى وصل إلى عيذاب. وربما وصلت حملته جنوباً إلى باب المندب حتى عدن 6.

1 أبو شامة: الروضتين جـ ص 37.

2 ابن فضل الله: التعريف ص 193. والمقريزي: السلوك جـ 2 ص 74.

3 Lane poole: Saladin. p. 175 ، Fuller: Deeisive Bettles. p. 2349

4 Lemb: The Flame of Islam. p. 59.

5 Lemb: Op. cit. p. 59.

6 المقريزي: السلوك جـ 1 ص 88.

ص: 175

واشتدت مخافة المسلمين على مقدساتهم الدينية. خاصةً لما أحدثه الصليبيون في طريقهم من حوادث شنيعة.

فقد أحرق الصليبيون نحو ستة عشر مركباً للمسلمين. وأذوا عند عيذاب مركباً يأتي بالحجاج من جدة، ومركبين آخرين كانا مقبلين بتجار وبضائع من اليمن، وأحرقوا أطعمة كثيرة على ساحل عيذاب. كانت معدة لمسيرة مكة والمدينة، هذا فضلاً عن حوادث القتل والأسر والتنكيل والإرهاب التي ارتكبوها في البر والبحر 1.

وكان الأخ سيف الدين بمصر، قد عمر مراكب، وفرقها على الفرقتين، وأمرها ان تطوى وراءهم الشقتين 2

فقد بعث السلطان صلاح الدين إلى أخيه ونائبه بصر الملك العادل ابي بكر بن أيوب بتعمير الأسطول في مصر والإسكندرية. وقام العادل على تنفيذ تعليمات السلطان صلاح الدين خير مقام. فسافر إلى السويس بعد أن عهد إلى قائد الأسطول الشيخ حسام الدين لؤلؤ بحل المراكب مفككة على الجمال إلى تلك المدينة. وهناك أشرف على تركيبها في رمضان 578 هـ= يناير سنة1183 م وتعميرها بالرجال ذوي التجربة في شئون البحر وبخاصة المغاربة منهم.

ثم يأتي وصف المعركة، فقد فرق لؤلؤ الأسطول إلى فرقتين. فصارت الأولى إلى قلعة أيلة’ واسولت على مراكب العدو برمتها، وقتلت اكثر مقاتلاتها إلا من تعلق بهضبة من الهضاب، أو دخل في شعب من الشعاب، وأولئك اقتفى العربان آثارهم، والتزموا إحضارهم، فلم ينج منهم الا القليل.

أما الفرقة الثانية فذهبت إلى عيذاب، وأطلقت المأسورين من المسلمين، وردت عليهم ما سلب منهم، ولم تجد الصليبيين هناك، ثم رجع لؤلؤ إلى رابغ، وأدرك بعض الصليبيين معتصمين بساحل الحوراء 3، وكان عددهم ثلاثمائة ونيف رجل ، انضم إليهم عدة من العربان ، وعندما لحقهم لؤلؤ فرت العربان خوفا من سطوته ، والتجأ الصليبيون إلى رأس جبل صعب المرتقى ، وركب عشرة من المسلمين ورائهم خيل العرب 4، يقتنصونهم أسرى وقتلى.

1 المقريزى: الخطط جـ 4 ص 139. والسلوك جـ 1 ص 78.

2 أبو شامة: الروضتين جـ 2 ص 37.

3 أبو شامة: الروضتين جـ 2 ص 35. ابن خلدون: جـ 5 ص 219.

4 ابن ابيك: درر التيجان تحت أحداث سنة 578 هـ. والخطط المقريزية جـ 3 ص 118.

ص: 176