الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة
…
بسم الله الرحمن الرحيم1
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا،
من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله الله تعالى بين يدي الساعة بشيراً، ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، بلسانه، ويده، وماله، حتى أتاه اليقين فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله، وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
1 تنبيه: هذه الرسالة كانت عبارة عن محاضرة لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله قد ألقاها فضيلته ثم طبعت في "مجموع الفتاوى" له وتم فصلها وطباعتها مفردة في حياة الشيخ رحمه الله تعالى.
أما بعد:
أيها الأخوة الحاضرون فإني أذكركم ونفسي بما أنعم الله به على هذه البلاد من نعمة الإسلام قديماً وحديثاً، هذه البلاد التي كانت محل الرسالة رسالة محمد، صلى الله عليه وسلم، خاتم النبيين الذي بعث إلى الناس كافة، بل إلى الجن والإنس.
هذه البلاد التي كما بدأ منها الإسلام فإليها يعود كما ثبت به الحديث عن النبي، صلى الله عليه وسلم، حيث قال:"إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى حجرها"1.
هذه البلاد التي لا أعلم والله شاهد على ما في قلبي لا أعلم بلاًداً إسلامية في عصرنا أقوي منها تمسكاً بدين الله لا بالنسبة لشعبها، ولكن بالنسبة لشعبها ومن ولاة أمرها. وهذه النعمة الكبيرة أيها الأخوة إذا لم نشكرها فإنها كغيرها من النعم توشك أن تزول.
يوشك أن يحل بدل الإيمان الكفر، وبدل الإسلام الاستكبار، إذا لم نقيد هذه النعمة بالمحافظة عليها وحمايتها والمدافعة دونها.
1 أخرجه البخاري رقم 1876 ومسلم رقم 147.
أيها الأخوة.. إن هذه البلاد بما أنعم الله به عليها من هذه النعمة العظيمة، وهي نعمة الإسلام أولاً وأخيراً كانت مركزاً لتوجيه الضربات عليها من أجل صد أهلها عن دينهم، ليس في الأخلاق فحسب ولكن في الأخلاق والعقائد، ولذلك كان لزاماً على شبابها وأخص الشباب لأسباب ثلاثة: لأنهم رجال المستقبل، ولأنهم أقوى عزيمة، وأشد حزماً ممن بردت أنفسهم بالشيخوخة، ولأنهم الذين تركز عليهم هذه الضربات.
إنني أوجه إلى الشباب أن يحموا بلادهم من كيد أعدائهم، فإن أعدائهم يوجهون الضربات تلو الضربات ليقضوا على هذه المنة العظيمة التي من الله بها علينا ألا وهي دين الإسلام.
أيها الشاب: استعينوا بالله – سبحانه وتعالى بما علمكم من شريعته، ثم بحكمة الشيوخ ذوي الثقة، والأمانة والعلم، والبرهان، فاستعينوا بذلك على حماية بلادكم من كيد أعدائها، وأعلموا أن الدنيا لن تكون حياة طيبة إلا بالإيمان، والعمل الصالح.
كما قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل:97] .
أيها الأخوة: إن المشكلات في عصرنا هذا كثيرة وإني اخترت الكلام في:
"أسماء الله وصفاته وموقف أهل السنة منها"
ولعل الكثير منكم يقول: لماذا اخترت هذا الموضوع بالذات، ألسنا كلنا وبالأخص أهل هذه الجزيرة، ألسنا كلنا نؤمن بأسماء الله وصفاته عما يليق به، ولا نتعرض لها بتحريف، ولا تعطيل؟! أليست العجوز منا، والشيخ، والصغير، والذكر، والأنثى، كل على حد سواء لا يجول في أفكارهم شيء من التحريف أو الانحراف في أسماء الله وصفاته. فلماذا اخترت هذا الموضوع بالذات؟
وإن جوابي على هذا أن أقول: إنني اخترت هذا الموضوع لأمرين هامين:
أحدهما: أهمية الموضوع، فإن هذا الموضوع ليس كما يظن بعض الناس، ولا أعني ببعض الناس عامتهم، بل حتى
بعض طلبة العلم يظنون أن البحث في هذا الباب – في باب أسماء الله وصفاته – ليس بذي قيمة تذكر، والحقيقة أن هذا الفكر فكر خاطيء، لأن معرفة الله تعالى بأسمائه وتوحيده بذلك، وصفاته هو أحد أقسام التوحيد الثلاثة:
فقد قسم أهل العلم التوحيد إلى ثلاثة أقسام:
أحدها: توحيد الربوبية.
والثاني: توحيد الألوهية.
والثالث: توحيد الأسماء والصفات.
إذن فهو عنصر هام في باب التوحيد يجب علينا أن نعرفه، كما أنه أيضاً أعني معرفة الأسماء والصفات هو أحد أركان الإيمان بالله فإن الإيمان بالله لايتم إلا بأربعة أمور:
أحدها: الإيمان بوجوده تعالى.
والثاني: الإيمان بربوبيته، وعموم ملكه، وقوة سلطانه.
والثالث: الإيمان بألوهيته، وأنه وحده المستحق للعبادة، وأن ما سواه فعبادته باطلة.
أما الأمر الرابع من أركان الإيمان بالله التي لا يمكن أن يتم الإيمان بالله إلا بها وهو موضوع محاضرتنا هذه، فهو الإيمان بأسماء الله وصفاته.
إنني لا أتصور أن أكون أحداً يمكن أن يعبد رباً لأ يعرف أسماءه وصفاته
وكيف يكون ذلك وهو يمد يديه له: يارب، يارب، إذا كان لايعلم أن له صفات وأسماء يدعى بها؟ فكيف يتخذه إلهاً قادراً، ملجئاً ومعاذاً، ونصيراً
ولهذا قال إبراهيم الخليل لأبيه {يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً} [مريم:42] .
فمعرفة أسماء الله وصفاته أمر مهم في دين الله ولابد أن يعرفه الإنسان ويحققه.
أما السبب الثاني لاختياري هذا الموضوع: فهو كثرة الكلام فيه بالباطل في الآونة الأخيرة، كنا في وقت الطلب نقرأه على أنه أمر بعيد عنا زمنا، ومكانا.
ولكننا وجدناه الآن فيه بيننا في الصحف المقرؤة، وكذلك في الكتب المقررة في بعض جهات التعليم.
إذن لابد أن نعرف موقف أهل السنة والجماعة بالنسبة لأسماء الله وصفاته، حتى نكون يقظين حذرين، وعالمين بما نحكم به فيما ينشر أو فيما يقرر.
فالكلام في أسماء الله وصفاته في الآونة الأخيرة كثر اللغط فيه، وكثر القول فيه بالحق تارة، وبالباطل تارات.
ولهذا لابد أن نحقق هذا الأمر تحقيقاً بالغاً حتى لا تجرف بنا الأهواء أو الأفكار التي على خطأ، وليست على صواب هذا الأمر.
وإني ألخص الكلام في العناصر التالية:
العنصر الأول: في موقف أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات.
العنصر الثاني: في نصوص الأسماء والصفات.
العنصر الثالث: في العدول عن هذا الموقف.
العنصر الرابع: في أن التطرف في التنزيه يستلزم إبطال الدين كله.