المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بعد إتمام رسالته ونجاح قيادته، مؤكدة للمبادئ التي أعلنها في - السيرة النبوية - دروس وعبر

[مصطفى السباعي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌المقدمة

- ‌ميزة السيرة النبوية

- ‌مصادر السيرة النبوية

- ‌1 - القرآن الكريم:

- ‌2 - السنة النبوية الصحيحة:

- ‌3 - الشعر العربي المعاصر لعهد الرسالة:

- ‌4 - كتب السيرة:

- ‌سيرة ابن هشام:

- ‌طبقات ابن سعد:

- ‌تاريخ الطبري:

- ‌تطور التأليف في السيرة:

- ‌الفصل الأول - في حياته قبل البعثة

- ‌الوقائع التاريخية

- ‌الدروس والعظات

- ‌الفصل الثاني - في السيرة منذ البعثة حتى الهجرة إلى الحبشة

- ‌الوقائع

- ‌الدروس والعظات

- ‌الفصل الثالث - في السيرة بعد هجرة الحبشة إلى الهجرة للمدينة

- ‌الوقائع التاريخية

- ‌الدروس والعظات

- ‌الفصل الرابع - منذ الهجرة حتى استقرار النبي في المدينة

- ‌الوقائع التاريخية

- ‌الدروس والعظات

- ‌الفصل الخامس - في معارك الرسول الحربية

- ‌الوقائع التاريخية - غزوة بدر

- ‌الوقائع التاريخية - غزوة أحد

- ‌الوقائع التاريخية - غزوة بني النضير

- ‌الوقائع التاريخية - غزوة الأحزاب

- ‌الوقائع التاريخية - غزوة بني قريظة

- ‌الوقائع التاريخية - غزوة الحديبية

- ‌الوقائع التاريخية - غزوة خيبر

- ‌الوقائع التاريخية - غزوة مؤتة

- ‌الوقائع التاريخية - غزوة الفتح

- ‌الوقائع التاريخية - غزوة حنين

- ‌الوقائع التاريخية - غزوة تبوك

- ‌الدروس والعظات

- ‌الفصل السادس - في أهم الأحداث التي وقعت بعد فتح مكة إلى وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌غزوة حنين

- ‌تحطيم الأصنام

- ‌غزوة تبوك وأهم ما في هذه الغزوة من عبر ودروس هو ما نوجز الكلام عنه

- ‌حجّة الوداع

- ‌بعث أسامة

- ‌وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ملاحظة

الفصل: بعد إتمام رسالته ونجاح قيادته، مؤكدة للمبادئ التي أعلنها في

بعد إتمام رسالته ونجاح قيادته، مؤكدة للمبادئ التي أعلنها في أول دعوته، يوم كان وحيداً مضطهداً، ويوم كان قليلاً مستضعفاً، مبادئ ثابتة لم تتغير في القلة والكثرة، والحرب والسلم، والهزيمة والنصر، وإعراض الدنيا وإقبالها، وقوة الأعداء وضعفهم، بينما عرفنا في زعماء الدنيا تقلباً في العقيدة والمبدأ، وتبايناً في الضعف والقوة، وتغيراً في الوسائل والأهداف، يظهرون خلاف ما يبطنون، وينادون بغير ما يعتقدون، ويلبسون في الضعف لبوس الرهبان، وفي القوة جلود الذئاب، وما ذلك إلا لأن هؤلاء رسل المصلحة، وأولئك رسل الله وشتان بين من يحوم فوق الجيف، وبين من يسبح في بحار النور، شتان بين الذين يعملون لأنفسهم، وبين الذين يعملون لإنسانيتهم، شتان بين أولياء الشيطان وأولياء الرحمن ?الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات الى النور، والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور الى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون? [البقرة: 257].

الفصل السادس - في أهم الأحداث التي وقعت بعد فتح مكة إلى وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم

‌بعث أسامة

إن آخر ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم لنشر الدعوة وحمايتها، ورد غارة المعتدين على الدولة الجديدة والمتربصين بها أن جهز جيشاً الى الشام تحت قيادة أسامة بن زيد وأمره أن يوطئ الخيل تخوم البلقاء والداروم من أرض فلسطين، وقد كان في هذا الجيش جميع

ص: 167

المهاجرين والأنصار، ومن كان حول المدينة من المسلمين، لم يتخلف منهم أحد، ولما كان الجيش في ظاهر المدينة يتأهب للمسير ابتدأ مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي توفي فيه، فتوقف الجيش عن السير انتظاراً لشفاء الرسول، ورغبة في تلقي تعاليمه وهديه، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي بعد أيام، واختاره الله إلى جواره بعد أن أدى الأمانة وبلغ الرسالة، وهيأ جزيرة العرب كلها لحمل لواء الاسلام، ونشر حضارته وتعاليمه في أنحاء الأرض، وبعد أن تكون الجيش الذي يقوم بحمل أعباء هذه الأمانة العظيمة الأثر في التاريخ، بعد أن تهيأ جنوده الصالحون لخوض معاركها، والقادة الأكفاء لقيادة حروبها، والرجال العظماء الصالحون لادارة دولتها، فصلى الله وسلم على رسوله، وجزاه الله عنا وعن الانسانية خير الجزاء، فلولاه ولولا جنوده الأوفياء الذين أدّوا الأمانة من بعده لكنا الآن في ضلال مبين.

لقد أكرم الله رسوله بما لم يكرم نبياً من قبله، إذ طالت حياته حتى رأى ثمرة دعوته وكفاحه تلف الجزيرة كلها، فتطهرها من الأوثان تطهيراً أبدياً، وتجعل الذين حطموا هذه الأصنام بأيديهم فرحين بنعمة الله في إنقاذهم من الضلال، هم الذين عبدوها من قبل، وعفّروا لها وجوههم بالسجود لها، وطلب الزلفى عندها، ثم تجعل هؤلاء مستعدين تمام الاستعداد للانسياح في الارض، يحملون إلى الناس نور الهداية التي أنعم الله عليهم بها، إنه جيل واحد هو الذي كان يعبد الأصنام ويؤلِّهها، ويعيش في جاهليته هملاً مبعثراً الكفاءات والمواهب، ثم هو الذي حطم الأوثان، وأقام الدولة العربية الأولى في تاريخ العرب كله،

ص: 168

التي تحمل رسالة وتحدد هدفاً، وتقف من أقوى أمم الأرض حولها موقف المعلم المنقذ، والرائد المعتز بما يحمل من هدى ونور وخير المشفق على ما كانت تتردى فيه الأمم من جهالة وظلام وانحلال، بينما كان العرب يبظرون اليها قبل الاسلام نظر الإكبار والإعظام، ويقفون منها موقف التبعية السياسية والفكرية والاجتماعية، إنه حدث فريد في التاريخ قديمه وحديثه، وليس بعث أسامة إلا عنوان هذا الحدث ونتائج هذه الرسالة الميمونة المباركة.

ثم يتجلى من جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قيادة الجيش لأسامة بن زيد وهو شاب في سن العشرين وتحت لوائه شيوخ المهاجرين والأنصار، كأبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وهم من هم في سبقهم الى الاسلام، وحسن بلائهم فيه، وتقدمهم في السن والمكانة على أسامة، ان في هذا سنة حميدة من سنن الاسلام في الغاء الفوارق بين الناس من جاه وسنٍّ وفضل، وتقديم الكفء الصالح لها مهما يكن سنِّه ومكانته، ثم في رضى هؤلاء العظماء الذين أثبت التاريخ من بعد أن التاريخ لم ينجب مثلهم في عظمتهم وكفاءاتهم، على أن يكونوا تحت إمرة أسامة الشاب، ما يدل على مدى التهذيب النفسي والخلقي الذين وصلوا اليه بفضل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهدايته وتربيته وإرشاده.

إن في تأمير أسامة على مثل أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، سابقة عظيمة لم تعهدها أمة من الأمم، تدل على وجوب فسح المجال لكفاءات الشباب وعبقرياتهم، وتمكينهم من قيادة الأمور حين يكونون

ص: 169