المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(وإن عطب الهدي في الطريق نحره في موضعه وصبغ نعله التي في عنقه في دمه وضرب بها صفحة سنامه ليعرفه الفقراء فيأخذوه ولا يأكل منه هو ولا أحد من أهل رفقته) - الشرح الكبير على المقنع - ط المنار - جـ ٣

[ابن أبي عمر]

فهرس الكتاب

الفصل: ‌(وإن عطب الهدي في الطريق نحره في موضعه وصبغ نعله التي في عنقه في دمه وضرب بها صفحة سنامه ليعرفه الفقراء فيأخذوه ولا يأكل منه هو ولا أحد من أهل رفقته)

خمسة فعليه عشرة وجهاً واحدا فإن شاء اشترى بها أضحية واحدة تساوي عشرة، وإن شاء اشترى اثنتين فإن اشترى واحدة وفضل من العشرة مالا يجئ به أضحية اشترى به شركاً في بدنة فإن لم يتسع لذلك أو لم تمكنه المشاركة فيه وجهان (أحدهما) يشتري لحماً ويتصدق به لأن الذبح وتفرقه اللحم

مقصودان فإن تعذر أحدهما وجب الآخر (والثاني) يتصدق بالفضل لأنه إذا لم يحصل له التقرب بالاراقة كان اللحم وثمنه سواء، وإن أتلفها أجنبي فعليه قيمتها يوم تلفها وجهاً واحداً ويلزمه دفعها إلى صاحبها فإن زاد على ثمن مثلها فحكمه حكم ما لو أتلفها صاحبها وان لم تبلغ القيمة ثمن أضحية فالحكم فيه على ما مضى فيما إذا زاد على ثمن الأضحية في حج المضحي (مسألة)(فإن تلفت بغير تدريطه أو سرقت أو ضلت فلا شئ عليه لأنها أمانة في يده فلم يضمنها إذا لم يفرط كالوديعة)(مسألة)

(وإن عطب الهدي في الطريق نحره في موضعه وصبغ نعله التي في عنقه في دمه وضرب بها صفحة سنامه ليعرفه الفقراء فيأخذوه ولا يأكل منه هو ولا أحد من أهل رفقته)

وجملة ذلك أن من تطوع بهدي غير واجب لم يخل من حالين (أحدهما) أن ينويه هدياً ولا يوجبه بلسانه ولا تقليده واشعاره فهذا لا يلزمه امضاؤه وله أولاده ونماؤه والرجوع فيه متى شاء ما لم يذبحه لأنه نوى الصدقة بشئ من ماله أشبه مالو نوى الصدقة بدرهم (الثاني) أن يوجبه بلسانه أو يقلده ويشعره مع النية فيصير واجباً معيناً يتعلق الوجوب بعينه دون ذمة صاحبه ويكون في يد صاحبه كالوديعة يلزمه حفظه وإيصاله إلى محله فإن تلف بغير تفريطه منه أو سرق أو ضل فلا ضمان عليه

ص: 571

كالوديعة لأن الحق إنما تعلق بالعين فسقط بتلفها، وقد روى الدارقطني بإسناده عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " من أهدى تطوعاً ثم ضلت فليس عليه البدل " إلا أن يشاء فإن كان نذراً فعليه البدل فأما إن أتلفها أو تلفت بتفريطه فعليه ضمانه لأنه أتلف واجباً لغيره فضمنه كالوديعة وإن خاف عطبه أو عجزه عن المشي وصحبه الرفاق نحره موضعه وخلى بينه وبين المساكين ولم يبح له أكل شئ منه ولا لأحد من صحابته وإن كانوا فقراء، ويستحب له أن يصبغ نعل الهدي المقلد في عنقه ثم يضرب بها صفحته ليعرفه الفقراء فيعلموا أنه هدي فيأخذوه، وبهذا قال الشافعي وسعيد بن جبير وروي عن ابن عمر أنه أكل من هديه الذي عطب ولم يقض مكانه، وقال مالك: يباح لرفتقه ولسائر الناس غير صاحبه أو سائقه ولا يأمر أحداً يأكل منه فإن أكل أو أمر من أكل أو ادخر شيئاً

من لحمه ضمنه لما روي هشام بن عروة عن أبيه عن ناجية بن كعب صاحب بدن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال يا رسول الله كيف أصنع بما عطب من الهدي.

قال " انحره ثم اغمس قلائده في دمه ثم اضرب بها صفحة عنقه ثم خل بينه وبين الناس " فيدخل في عموم قوله " خل بينه وبين الناس " رفقته وغيرهم ولنا ماروى ابن عباس رضي الله عنه أن ذؤيباً أبا قبيصة حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبعث معه بالبدن ثم يقول " إن عطب منها شئ فخشيت عليها فانحرها ثم اغمس نعلها في دمها ثم اضرب به صفحتها ولا تطعمها أنت ولا أحد من أهل رفتك " رواه مسلم، وفي لفظ " ويخليها والناس ولا يطعم منها هو ولا أحد من أصحابه " رواه الإمام أحمد وهذا صحيح متضمن للزيادة ومعنى خاص فيجب تقديمه على عموم ما خالفه ولا يصح قياس رفقته على غيرهم لأن الإنسان يشفق على رفقته

ص: 572