الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عناصر الدرس
* باب المفعول المطلق
* باب الظرف
* باب الحال
بسم اله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد.
شرعنا في (المنصوبات من الأسماء) وأخذنا باب المفعول به.
وعرفناه: أنه الاسم الذي وقع عليه فعل الفاعل، وأن حكمه النصب، هذا هو الأصل وينقسم إلى ظاهر ومضمر والمضمر ينقسم إلى متصل ومنفصل.
باب المفعول المطلق
المطلق: ضد المقيد، وسمي المفعول بكونه مطلقا؛ لأنه لم يقيد بحرف، يقال المفعول به أو لأجله ولا بظرف يقال المفعول معه - المفاعيل خمسة - كما مر معنا، وكلها مقيدة بحرف جر أو بظرف المفعول معه قيدته بمعه هي ظرف والمفعول لأجله له، مفعول به، قيدته بحرف الجر الذي لم يقيد يسمى المفعول المطلق إذن المطلق ضد المقيد عرفه الناظم هنا بقوله:
وَالمَصْدَرُ اسْمٌ جَاءَ ثَالِثًا لَدَى
…
تَصْرِيفِ فِعْلٍ وَانْتِصَابُهُ بَدَا
(المصدر) أفعل، وهو محل صدور الشيء والمصدر عند الصرفيين (اسم للحدث الذي هو أحد مدلول الفعل) مر معنا أن الفعل يدل على شيئين:(1) كلمة دلت على معنى في نفسها (2) واقترنت إذن معنى واقترنت، المعنى هو الحدث واقترنت بأحد الأزمنة الثلاث هذا نقول الزمن، فضرب مثلا يدل على شيئين على حدث وزمن وهو ماض ويضرب يدل على شيئين حدث وزمن وهو الحال أو الاستقبال، وقم يدل على شيئين حدث والزمن المستقبل.
الحدث: الذي دل عليه قام ويقوم وقم يسمى مصدرا والمصدر: هو اسم الحدث يعنى عندنا اسم ومسمى كما مر معنا الحدث هو الذي يقع اسمه الضرب مثلا الضرب هو الذي تراه هذا المسمى الحدث، هو عين الحدث مسمى المصدر هو عين الحدث اسمه الضرب إذن عندنا مسمى الضرب والضرب الحدث هو عين المسمى المصدر اسم للحدث الذي هو أحد المدلولين الفعل قال هو هنا:
(والمصدر اسم جاء ثالثا لدى - تصريف فعل) هذا على المشهور ما وقع ثالثا في تصريف الفعل فيقال ضرب يضرب ضربا وقام يقوم قياما، وأكل يأكل أكلا و (أكل) فعل ماض و (يأكل) فعل مضارع و (أكلا) المصدر جاء ثالثا لكنه ليس بلازم يعنى يمكن أن يقال أكل أكلا، يأكل ليس بلازم وإنما مراده التقريب وجرى على ذلك كثير من الصرفيين يذكرون المصدر ثالثا وليس بأول ولا ثانيا (اسم) إذن خرج الفعل (جاء) يعنى ورد حالة كونه ثالثا وليس بقيد وإنما هو لبيان واقع حال كثير من الصرفيين (لدى) بمعنى عند تصريف فعل أي تحويل الفعل من ماضي إلى المضارع ثم يأتي بعد ذلك المصدر.
أراد المصنف هنا (المفعول المطلق) أنه يكون مصدرا بمعنى أنه إذا انتفت المصدرية انتفت المفعولية حينئذ، كل مفعول مطلق لابد أن يكون مصدرا فإذا لم يكن مصدرا = حينئذ يأتي بما يسمى النائب عن المفعول المطلق.
و (المفعول المطلق) هو المصدر الفضلة المسلط عليه عامل من لفظه أو من معناه، والتعريف الذي ذكره المصنف لا يستقيم لا أن يكون تعريفا للمفعول المطلق وإنما هو للمصدر، المصدر عرفنا معنى المصدر اسم، إذن المصدر لا يكون فعلا ولا يكون حرفا (جاء ثالثا لدى تصريف فعل).
(الفضلة) يعنى ليس بعمدة، مفعول مطلق من الفضلات بل المنصوبات كلها من الفضلات، والمخفوضات من الفضلات.
(العمد) عند النحاة محصور في شيئين فقط لا ثالث لهما المبتدأ والخبر والفعل وفاعله، ماعدا هذا يسمى فضلة إذن ماهي "الفضلة"؟
ما ليس بعمدة حينئذ (كل ما لم يكن عمدة) ما المراد بالعمدة مبتدأ وخبر فعل وفاعل ولذلك مر معنا في أول الأبواب أن المركب المراد به التركيب الإسنادي، وإذا أردت التقريب جملة اسمية مؤلفة من مبتدأ وخبر وجملة فعلية مؤلفة من فعل وفاعل أو نائبه هذا الذي يسمى عمدة ما عداه فهو فضل، شاع عند النحاة الفضلة ما يمكن أن يستغنى عنه، وهذا غلط لأن بعض الفضلات لا يستغنى عنها ولذلك اتفقوا على أن الحال من الفضلات وفي قوله تعالى:"ولا تمش في الأرض مرحا" مرحا هذا حال لو أسقط لا يصح المعنى إذن لا يمكن أن يستغنى عنه "لا تمشي في الأرض مرحا" إذن لا تمش في الأرض نهى عن المشي مطلقا والحال قيد للعامل ووصف لصاحبه إذن له مفهوم ولذلك هو معتبر عند الأصوليين يعنى تثبت فيه الأحكام الشرعية، " ومن يقتل مؤمنا متعمدا "مفهومه أن غير المتعمد له حكم آخر والحكم هنا منزل على المتعمد إذن متعمد هذا حال وهو فضلة.
وإذا قيل بأنه ما يستغنى عنه = فسد الكلام والصحيح أنه يقال الفضلة = ما ليس بعمدة يعنى ما ليس مبتدأ ولا خبر ولا فعل ولا فاعل ثم قد يستغنى عنه في الكلام وقد لا يستغنى عنه وأما أنه يعرف بأنه يستغنى عنه فهذا غلط إذن الفضلة إذن المصدر قد يكون فضلة وهو المراد هنا في المفعول المطلق وقد يكون عمدة "كلامك كلام حسن"، "كلامك" مبتدأ وكلام حسن هذا خبر وكلاهما مصدر مصدر أو اسم مصدر على خلاف "كلامك" مبتدأ (كلام حسن) هنا وقع المصدر عمدة وليس بفضلة "جد جده" جده هذا مصدر وقع فاعلا إذن هو عمدة وليس بفضلة المسلط عليه عامل من لفظه أو من معناه وبهذا يقسم المفعول المطلق كما سيذكر الناظم إلى نوعين:
- ما وافق عامله في اللفظ والمعنى
-وما وافقه في المعنى دون اللفظ
بهذه القيود نحكم على اللفظ بأنه مفعول مطلق: أولا أن يكون مصدرا، ثانيا: أن يكون فضلة ليس بعمدة يعنى لو وقع المصدر مبتدأ أو خبر لا يكون مفعولا مطلقا البتة، ثالثا: أن يسلط عليه عامل يعنى الذي ينصبه يكون موافقا له في اللفظ والمعنى ضربت زيدا ضربا، ضربا هذا مفعول مطلق وهو المصدر فضلة وافق عامله في اللفظ والمعنى "قعدت قعودا""جلست جلوسا" وهكذا / هذا وافقه في اللفظ والمعنى حينئذ (ضربا) منصوب بضرب وقعودا منصوب بقعد وجلوسا منصوب بجلس إذن وافقه في اللفظ والمعنى.
فإن وافقه في المعنى دون اللفظ فالمشهور أنه مفعول مطلق كذلك "قعدت جلوسا""جلست قعودا" هنا قعودا جلست قعودا، قعودا هذا مفعول مطلق هو مصدر وهو فضلة سلط عليه عامل وافقه في المعنى لأن المشهور أن القعود والجلوس في الجملة بمعنى واحد حينئذ سلط عليه عامل نصبه لكنه ليس من لفظه يعنى لم يتحد اللفظ فرق بين أن تقول جلست جلوسا اتحدا في اللفظ والمعنى وأما جلست قعودا فالمعنى واحد لكن اللفظ مختلف هل هذا مفعول مطلق أم لا؟ فيه نزاع عند النحاة والمشهور أنه مفعول مطلق.
(وَالمَصْدَرُ اسْمٌ جَاءَ ثَالِثًا لَدَى) يعنى عند (تَصْرِيفِ) ، يعنى تحويله من صيغة إلى صيغة أخرى وكما ذكرنا هذا ضابط وليس بتعريف، (وَانْتِصَابُهُ بَدَا) بدا يعنى ظهر إذن المفعول المطلق من المنصوبات ولذلك قال و (انتصابه) هذا مبتدأ وبدا انتصابه يعنى هو والجملة خبر المبتدأ (وانتصابه بدا) يعنى ظهر والعامل فيه إما أن يكون فعلا كالأمثلة السابقة وإما أن يكون بمثله يعنى بمصدر المصدر قد ينصب المفعول المطلق على أنه مصدر على أنه مفعول مطلق المصدر قد ينصب المصدر على أنه مفعول مطلق، عجبت من ضربك زيدا ضربا شديدا، عجبت هذا ماذا؟ مصدر من ضربك عجبت من ضربك زيدا ضربا، ضربك هذا مصدر ونصب المصدر ضربا إذا المصدر ينصب المصدر على أنه مفعول مطلق كذلك الوصف أنا ضارب زيدا ضربا ،ضارب هذا اسم فاعل وصف حينئذ نصب المصدر على أنه مفعول مطلق، إذن وانتصابه أي المصدر على أنه مفعول مطلق بدا وظهر والعامل فيه إما أن يكون الفعل وإما أن يكون المصدر يعنى بمثله وإما أن يكون وصفا.
وَهْوَ لَدَى كُلِّ فَتًَى نَحْوِيِّ
…
مَا بَيْنَ لَفْظِيٍّ وَمَعْنَوِيِّ
قسمه إلى قسمين وقد دخل القسمان في الحد السابق سلط عليه عامل من لفظه هذا اللفظ أو من معناه وهذا المعنوي وهو أي المصدر المنصوب على المفعولية المطلقة (لدى) بمعنى عند (كل فتى نحوي) وهذا من إطلاق الكل وإرادة الجزء لأن التقسيم هذا ليس متفقا عليه لأن بعض النحاة يرى أن المعنوي ليس من المفعول المطلق بل النائب عن المفعول المطلق حينئذ نقول هذا من إطلاق الكل وإرادة الجزء (مَا بَيْنَ لَفْظِيٍّ وَمَعْنَوِيِّ) يعنى ما تردد بين قسمين الأول اللفظي والثاني المعنوي ووجه الحصر على ما ذكرناه سابقا = إما أن يوافق لفظه لفظ عامله الناصب له أو لا؟ يعنى المصدر المنصوب على المفعولية المطلقة إما أن يوافق العامل في المعنى واللفظ أو لا وفإن لم يوافقه فحينئذ وافقه في المعنى دون اللفظ هذا وجه التفصيل.
فَذَاكَ مَا وَافَقَ لَفْظَ فِعْلِهِ
…
كَزُرْتُهُ زِيَارَةً لِفَضْلِهِ
(فذاك) الفاء تسمى فاء الفصيحة وبعضها يسميها فاء الفضيحة- عافانا الله وإياكم- الفصيحة فعيلة بمعنى مفعلة يعنى مفصحة لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر لما ذكر لك القسمين كأنه استحضر سائلا يقول إذا عرفنا أنهما قسمان فما ضابط الأول وما ضابط الثاني (فذاك) أي الأول وهو اللفظي (ما وافق) لفظ فعل ما يعنى مصدر اسم منصوب بمعنى الذي يعنى مصدر وافق هو الضمير يعود لما أي المصدر وافق المصدر لفظ فعله الناصب له يعنى في حروفه الأصول ومعناه ولو خالفه في حركة عينه يعنى الحركات ليست المرادة في الموافقة وإنما المراد المعنى والحروف "فرح فرحا" فرحا فعلا يأتي المصدر على فعل ففرح فعل ماض عينه مكسورة لأنه على وزن فعل المصدر منه الثلاثي يأتي بفتح عينه على وزن فعل حينئذ هنا وافقه في اللفظ والمعنى، ولم يوافقه في حركة العين هل خرج عن كونه مفعولا مطلقا لفظيا؟ الجواب لا لماذا لأن الشرط في التطابق والتوافق أن يكونا متطابقين في اللفظ وفي الحروف يعنى والمعنى وأما حركة العين فليست داخلة في المطابق (كَزُرْتُهُ) يعنى كقولك زرته زيد من الناس زرته زيارة، زرته فعل وفاعل زرت فعل ماض مبني على فتح مقدر منع من ظهوره اشتغال المحل بالسكون العارض لدفع توالي أو كراهة توالي أربع متحركات فيما هو كالكلمة الواحدة؛ لأن العرب تكره أن تأتي لفظة واحدة وأربع أحرف متوالية متحركة هذا ممنوع لا يوجد له نظير إلا فيما لو قدر فيما قدر فيه الانفصال "كشجرة" هذه أربعة أحرف والذي سوغ مجيء أربعة متحركات في مثل هذا أن التاء في قوة الانفصال؛ لأنها ليست حرفا أصليا، وأما الحرف الأصلي هذا لا يصح أن يأتي أربع متحركات فيما هو كلمة واحدة إذن هو مكروه في لسان العرب؛ لأنه فيه ثقل ولذلك لو قلت ضربت أصله ضرب لو اتصلت به التاء وهي مبنية على الضم لقلت ضربت في ثقل أو لا؟
فيه ثقل ضربت حينئذ سكن آخر الفعل ضربت من أجل التخفيف على اللسان إذن (كزرته) ،زرت فاعل ضمير متصل مبني على التاء ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل كذلك مبني على الضم في محل نصب مفعول به. (زيارة) مفعول مطلق مصدر نعم مصدر، وهنا يأتيك أهمية الصرف كيف تحكم عليه أنه مفعول مطلق لأنه لابد أن يكون مصدرا، وإذا ما ضبطت أبواب المصدر حينئذ يأتي الإشكال زيارة هذا مصدر وهو فضلة سلط عليه عامل يعنى نصبه عامل من لفظه ومعناه لأنه موافق له في الحروف والمعنى لفضله جار ومجرور متعلق بقوله زرته، زرته لماذا؟ لفضله إذن متمم لمعنى زيارة لما زرته؟ لفضله.
وَذَا مُوَاِفقٌ لِمَعْنَاهُ بِلَا وِفَاقِ لَفْظٍ كَفَرِحْتُ جَذَلَا
(وذا) أي المعنوي الثاني موافق أي مصدر موافق (لمعناه) الضمير يعود إلى العامل يعنى موافق لمعنى عامله الناصب له لفعله أو المصدر أو الوصف بلا وفاق لفظ بلا يعنى بغير لا هنا بمعنى غير ولذلك دخلت عليها الباء ولو كانت حرف نفي لما صح أن يدخل الحرف على الحرف إذن (بلا) يعنى بغير أو بدون (وفاق لفظ) يعنى موافقة لفظه في حروفه وافقه في المعنى دون الحروف وذا أي المعنوي (موافق) يعنى مصدر موافق لمعناه بمعنى عامله أي الفعل الناصب له (بلا وفاق لفظ) يعنى من غير موافقة لفظه بل وافقه في المعنى فحسب.
(كَفَرِحْتُ جَذَلَا)، الفرح والجذل بمعنى واحد (كفرحت) يعنى كقولك فرحت فعل وفاعل وجذلا هذا مصدر وهو فضلة وسلط عليه عامل وهو فرح هل فرح وجذل متفقان في الحروف؟ الجواب: لا!
هل هما متفقان في المعنى؟ الجواب نعم إذن يسمى مفعولا مطلقا وهو معنوي وهذا محل خلاف هل هو مفعول مطلق أو نائب عن المفعول المطلق الصحيح أنه مفعول مطلق إذن المفعول المطلق على نوعين لفظي ومعنوي اللفظي ما وافق المصدر عامله في اللفظ والمعنى والمعنوي ما وافقه في المعنى دون اللفظ.
(باب الظرف) وهو يسمى المفعول فيه كما سماه ابن مالك رحمه الله تعالى، الظرف في اللغة الوعاء، الوعاء هو الظرف باب الظرف لا شك أن ظرف نوعان ظرف مكاني وظرف زماني هنا أراد بالظرف النوعين يعنى باب الظرف الزماني والمكاني عرفه بقوله:
الظَّرْفُ مَنْصُوبٌ عَلَى إِضْمَارِ فِي
…
زَمَانِيًا مَكَانِيًَا بِذَا يَفِي
(الظرف) الأصل أن يقول -وهو- لكنه أظهر في مقام الإضمار يعنى بلاغة إذا قال باب الظرف نقول:
وهو ما يعيده مرة ثانية فيه تكرار حينئذ نقول هذا أظهر من باب الإيضاح للمبتدأ.
(الظرف) قال (منصوب) إذن خرج المرفوع وخرج المجرور، الظرف من المنصوبات إذن لا يكون إلا منصوبا وانتبه هنا المراد بالظرف يعنى بقيده هذا مصطلح ليس المراد به اسم الزمان وليس المراد به اسم المكان فكل ظرف يعنى ظرف زمان فهو اسم زمان من غير عكس، كل ظرف مكان فهو اسم مكان من غير عكس" يوم الجمعة يوم مبارك" يوم الجمعة هذا مبتدأ (يوم مبارك) هذا خبر يوم اسم زمان هل هو ظرف؟ لا لماذا؟ لأنه ليس منصوبا على إضمار فيه إذن وجد "اسم الزمان" ولم يوجد الظرف، وجد اسم الزمان الذي هو " يوم "حيث وقع مبتدأ وخبرا ولم يوجد كونه ظرفا إذن ليس كل اسم زمان يكون ظرفا، ولذلك (أياما معدودات) هذا لا يكون ظرفا (لعلكم تتقون أياما معدودات) أياما هذا ليس ظرفا للتقوى وخرج المجرور "صمت في يوم الخميس" لو جر اسم الزمان بفي ظاهرة خرج عن كونه ظرف زمان صمت في يوم، يوم اسم زمان صمت فعل وفاعل (في يوم) لا تقل ظرف قل جار ومجرور متعلق بصام لماذا؟ لكونه مجرورا والظرف الذي هو من المنصوبات لا يكون إلا منصوبا إذن الحاصل ليس كل اسم زمان يكون ظرفا بل كل ظرف زمان يكون اسم زمان من غير عكس وكذلك يقال في المكان إذن الظرف منصوب، منصوب بماذا؟ منصوب بعامله والعامل إما أن يكون فعلا وإما أن يكون وصفا، وإما أن يكون مصدرا، يعنى كما هو الشأن في المفعول المطلق صمت يوم الخميس، (صمت) فعل وفاعل (ويوم) بالنصب لأنه منصوب على إضمار في يعنى على ملاحظة وتقدير معنى في يعنى ملاحظة الظرفية في تدل على الظرفية إذا لاحظنا الظرفية وهي الوعاء الصوم وقع في يوم الخميس فيوم الخميس صار وعاء للصوم.
كما أن الكأس وعاء للماء هذا المراد ولذلك قلنا الظرف في اللغة: هو الوعاء إذن الكأس وعاء وظرف للماء هذه الظرفية الصوم في صمت يوم الخميس اليوم صار وعاء وظرفا للصوم فهو واقع فيه إذن صمت يوم هذا منصوب على الظرفية والعامل فيه صام أنا صائم يوم الخميس صائم، هذا اسم فاعل إذن العامل فيه اسم الفاعل عجبت من صومك يوم الخميس كان شديد الحر يعنى من صومك الواقع في يوم الخميس إذن يوم هذا في هذه الأمثلة الثلاثة نقول منصوب على الظرفية والعامل فيه إما الفعل وإما الوصف وإما المصدر إذن الظرف منصوب على إضمار يعنى على تقدير وملاحظة في أي في؟ الدالة على الظرفية لأن في قد تأتي سببية وهنا المراد بها الدالة على الظرفية وعرفنا الظرف المراد به الوعاء يعنى أن المفهوم من التركيب هو الظرفية وليس المراد أنك تأتي بالتركيب وتخرج في يعنى تظهرها تنطق بها لا ليس هذا المراد لأنك لو نطقت بها لخرج عن كونه ظرفا صمت في يوم الخميس ليس بظرف لماذا؟ لأنه مجرور بفي إذن ما المراد المراد ملاحظة معنى في يعنى هذا التركيب حصل فيه شيء من الظرفية والظرفية من الذي يدل عليه؟ لفظ في هذا مراد النحاة (على إضمار في) الدالة على الظرفية بأن يلاحظ معنى في وإن لم يصرح بلفظها بل قد يتعذر التصريح بلفظها.
(زَمَانِيًا مَكَانِيًَا بِذَا يَفِي) ، زمانيا يعنى قد يكون الظرف اسم زمان حينئذ ينصب على الظرفية ويسمى ظرف زمان وقد يكون الظرف اسم مكان فينصب على الظرفية يعنى على ملاحظة معنى في فيكون ظرف مكان واسم الزمان الاسم الدال على الزمان من إضافة الدال إلى المدلول واسم المكان الاسم الدال على المكان من إضافة الدال إلى المدلول
يفي بذا بذا يفي يعنى يكمل التقسيم للظرف ما بالتتميم.
أَمَّا الزَّمَانِيُّ فَنَحْوُ مَا تَرَى
…
اليَوْمَ وَاللَيْلَةَ ثُمَّ سَحَرَا
وَغُدْوَةً وَبُكْرَةً ثُمَّ غَدَا
…
حِينًَا وَوَقْتًَا أَمَدًا وَأَبَدَا
وَعَتْمَةً مَسَاءً اوْ صَبَاحَا
…
فَاسْتَعْمِلِ الفِكْرَ تَنَلْ نَجَاحَا
(أَمَّا الزَّمَانِيُّ) ، أما حرف تفصيل مضمنة معنى الشرط ولذلك جاءت الفاء واقعة بجواب فنحو ما ترى (أما) بعد ف جاءت الفاء واقعة في جواب الشرط المقدر (أما الزماني)، أي ظرف المكان فنحو له أمثلة يعنى اسم الزمان والحكم على اللفظ بكونه اسم زمان أو اسم مكان هذا توقيفي يعنى وقوف على السماع ما نطقت به العرب اسم زمان حكمنا بكونه اسم زمان بل اللغة كلها موقوفة على التوقيف السماعي فما حكمت به العرب من حيث النطق للدلالة على معنى معين فهو المعتمد وما ليس كذلك حينئذ ينفى (فنحو ما ترى) يعنى ما يأتيك اليوم و (الليلة ثم سحرا) ، اليوم هذا من طلوع الفجر إلى غروب الشمس صمت اليوم، إذن اليوم نقول هذا ظرف زمان منصوب على الظرفية والعامل فيه صمت صام أو صمت يوم الخميس وكلاهما مختص اليوم مختص يعنى معين له أول وله آخر والاختصاص هنا حصل بماذا؟ حصل بال وأما صمت يوما هذا كذلك منصوب على الظرفية لكنه مبهم وليس بمختص ولذلك اسم الزمان المعين والمبهم كلاهما ينصبان على الظرفية بخلاف اسم المكان كما سيأتي.
إذن اليوم بال والليلة غروب الشمس إلى طلوع الفجر "اعتكفت الليلة" يعنى في الليلة إذن على معنى في والليلة ظرف زمان يعنى منصوب على الظرفية الزمانية والعامل فيه اعتكف ثم للترتيب الذكري، سحر اسم لآخر الليل، آتيك سحرا يعنى في وقت السحر (وغدوة) بالتنوين مع التنكير وهو يطلق من وقت دخول صلاة الصبح إلى طلوع الشمس أزورك غدوة يعنى في هذا الوقت (وبكرة) هذا أول النهار من الفجر وقالوا إنه غدوة مثل أزورك بكرة غدوة من وقت دخول صلاة الصبح إلى طلوع الشمس والبكرة أول النهار من الفجر أزورك بكرة أزورك غدوة (ثم) تأتي بالذكر (غدا) ،غدا هذا اسم لليوم الذي بعد يومك اليوم الأربعاء غدا يعنى الخميس غدا أزورك غدا يعنى في الغد إذن ملاحظة معنا معنى في (حينا) اسم لزمان مبهم أنظر الأمثلة السابقة اليوم والليلة والسحر والغدوة والبكرة والغد كلها معينة يعنى لها أول ولها آخر و (حينا) هذا ليس له أول ولا آخر ووقتا هذا مثل حين و (أمدا) بمعنى أبدا و (أبدا) بمعنى أمدا إذن هذه كلها ليست لها أول ولا آخر فيسمى مبهما ولذلك اسم الزمان سواء كان مختصا أو مبهما ينصب على الظرفية (حينا) اسم لزمان مبهم (ووقتا) مثل حين وأمدا "أمد الدهر""لا أزورك أمد الدهر" وأبدا الزمان المستقبل الذي لا غاية لمنتهاه والأمد والأبد بمعنى واحد وعتمة هذا اسم لثلث الليل الأول تبدأ من مغيب الشفق ومنتهاها ثلث الليل، أزورك (عتمة) ، أو عتمة ليلة كذا وهو زمن معين مساء هذا آخر النهار من الزوال إلى آخر النهار هذا المشهور في لسان العرب وهذا المثل ينبني عليه مسألة في الحج مساء أي آخر النهار من الزوال إلى آخر الليل آتيك (مساء) أو آتيك مساء كذا أو (صباحا) أول النهار من الفجر إلى الزوال آتيك صباحا (فاستعمل الفكر) يعنى فأعمل الفكر الفكر المراد به هنا النظر يعنى تأمل (تنل نجاحا) وفلاحا (تنل) هذا مجزوم على ما الجازم له؟ وقوعه في الطلب جواب الطلب (استعمل)(تنل) قل تعالوا أتلو هذا مجزوم بوقوعه في جواب الطلب تنل مجزوم لوقوعه في جواب الطلب إذن هذه أمثلة لاسم الزمان الذي ينصب على الظرفية الزمانية وجميع أسماء الزمان تقبل النصب على الظرفية مبهما كان أو مختصا.
ثُمَّ المَكَانِيُّ مِثُالُهُ اذْكُرَا
…
أَمَامَ قُدَّامَ وَخَلْفَ وَوَرَا
وَفَوْقَ تَحْتَ عِنْدَ مَعْ إِزَاءَا
…
تِلْقَاءَ ثَمَّ وَهُنَا حِذَاءَا
(ثُمَّ المَكَانِيُّ) ، يعنى الاسم الدال على المكان وهنا يأتي التفصيل المكاني قد يكون مختصا وقد يكون مبهما فلا ينتصب من هذه الأسماء أسماء المكان إلا ما كان مبهما يعنى لا ينتصب على الظرفية إلا المبهم وأما المختص فلا لا ينتصب على الظرفية حينئذ لابد من تقييده
أسماء المكان لا ينتصب منها إلا ما كان مبهما يعنى غير مقيد ليس له أول ولا آخر كأسماء الجهات الستة فوق وتحت هذا ليس لها حدود (أمام) ليس له حد منتهى (وراء يمين شمال) ليست لها حد لأنها إلى المنتهى، وأما أسماء المقادير كالفرسخ والميل والبريد هذه معينة يعنى محدودة لها أول ولها آخر كالكيلو والمتر ونحو ذلك (ثم المكاني) الاسم الدال على المكان ولا يكون إلا مبهما يعنى الذي ينصب على الظرفية وهو الذي ليس له صورة ولا حدود محصورة مثاله عرفنا المثال أنه جزئي يذكر لإيضاح القاعدة أذكرا الألف هذه بدل عن نون التوكيد الخفيفة وليست للإطلاق قد ذكرت في الشرح السابق أنها تحتمل الإطلاق وهذا ليس بصحيح والصواب أنها بدل عن النون أذكرا ، (أمام) هذا اسم للجهة التي تكون أمام الشخص، جلست أمام المعلم أي قدامه وهذا يحتمل هنا وهناك إلى ما لانهاية وأمام هنا بمعنى قدام وقدام بمعنى أمام إذن أمام قدام يعنى وهذا حد حرف العطف وقدام مرادف لأمام فمعناهما متحد ولفظهما مختلف (وخلف) اسم للجهة التي تكون خلف الشخص وهي ضد قدام جلست خلفك ووراء بالمد مرادف لخلف خلف وراء بمعنى واحد "وفوق""وفوق كل ذي علم عليم" اسم للمكان العالي" تحت" هذا ضد فوق يعنى يعلن به للضدية ضد فوق اسم للمكان الأسفل عند هذا اسم لما قرب من المكان "وعند" قد تستعمل للزمان باعتبار المضاف إليه جئتك عند صلاة العصر يعنى وقت صلاة العصر يحتمل هذا وهي ملازمة للنصب على الظرفية إن خرجت عن الظرفية حينئذ تجر بمن خاصة.
وعند فيها النصب يستمر -- لكنها بمن فقط تجر
هكذا قال الحريري في الملحة.
إذن عند اسم لما قرب من المكان "جلست عند زيد" أي قريبا منه (عند)(مع) يعنى ومع كلها على حذف حرف العطف فوق وتحت وعند ومع ،مع بإسكان العين مع والأصل أنها تفتح مع.
ومعَ معْ فيها قليل .....
كما قال ابن مالك.
أصل معْ بحركتين بفتح الميم والعين حينئذ منصوبة على الظرفية وإذا قيل "معَ" فهو تخفيف لها وقيل لغة أخرى مع اسم لمكان الاجتماع يعنى في المكان والزمان "جلست مع زيد"،إذن أي مصاحبا له في المكان ويلزم منه الزمان إذا جلست معه في المكان إذن لازمته في الزمان كذلك (إزاء) بمعنى مقابل جلست إزاء زيد أي مقابله (تلقاء) يعنى وتلقاء هذا مرادف لإزاء في المعنى ثم بفتح الثاء وليست هي ثم ،ثم تلك حرف عطف (وهنا ثم)"وإذا رأيت ثم رأيت" إذن ثم هذه اسم إشارة للمكان البعيد جلست ثم يعنى في ثم هذا التقدير يعنى وملاحظة معناه المعنى فيه جلست ثم وهنا هذا اسم إشارة يشار به إلى المكان القريب جلست هنا أي المكان القريب حينئذ هنا وثم أسماء إشارة حينئذ يكون التقدير يكون الإعراب محليا لأنه مبني فيكون الإعراب محليا.
(حذاءا) الألف هذه نائبة عن التنوين وكذلك إزاءا يعنى حذاء إزاء إلا إذا أضيف والألف هذه بدل عن التنوين أو للإطلاق حذاءا بمعنى تلقاء ممدود جلست حذاء زيد أي قريب منه إذن هذه أمثلة لما ينصب على الظرفية المكانية إذن الظرف نوعان ظرف أزمنة وظرف أمكنة اسم الزمان إذا قدر فيه معنى في وسلط عليه عامل سواء كان فعل أو وصفا أو مصدرا نصبه على أنه ظرف مكان وكذلك يقال في اسم الزمان.
(باب الحال)
أي هذا باب بيان حقيقة الحال وهو من المنصوبات ولفظ الحال يذكر ويؤنث ويقال حال وحالة باب الحال، الحال في اللغة ما عليه الإنسان من خير أو شر حاله كذا يعنى ما كان عليه إنسان من خير أو شر واصطلاحا فسره الناظم بقوله:
الحَالُ لِلهَيْئَاتِ أَيْ لِمَا انْبَهَمْ
…
مِنْهَا مُفَسِّرًا وَنَصْبُهُ انْحَتَمْ
كَجَاءَ زَيدٌ ضَاحِكًا مُبْتَهِجَا
…
وَبَاعَ عَمْرٌو الحِصَانَ مُسْرَجَا
وَإِنَّنِي لَقِيْتُ عَمْرًا رَائِدَا
…
فَعِ المِثَالَ وَاعْرِفِ المَقَاصِدَا
وَكَونُهُ نَكِرَةً يَا صَاحِ
…
وَفَضْلَةً يَجِيءُ بِاتِّضَاحِ
وَلَا يَكُونُ غَالِبًا ذُو الحَالِ
…
إِلَاّ مُعَرَّفًا فِي الاسْتِعْمَالِ
(الحال) حقيقته عند النحاة (للهيئات) هيئات جمع هيئة وهي الصورة لأن الشيء له حقيقة وهي الذات وله صفة تتعلق بالذات فزيد له حقيقة وهي ذاته وله صفة يعنى أوصاف تتعلق به والذات قد تكون مبهمة والصفات قد تكون مبهمة حينئذ وظيفة الحال أنها تأتي وتكشف وتبين وتفسر هيئة الذات وأما الذات زيد يكون معلوما بخلاف التمييز وهذا الفرق الجوهري بين النوعين التمييز يأتي يكشف الحقيقة وأما الحال فإنما تتعلق بصفات الحقيقة لا بذات الحقيقة ولذلك قال (الحال للهيئات) قلنا جمع هيئة وهي صورة محسوسة وقد تكون معنوية غير محسوسة "جاء زيد راكبا" جاء زيد فعل وفاعل زيد هذا معلوم عند المخاطب لأنه ذات علم يدل على مشخصه أثبتت له المجيء هذا المجيء يتنوع قد يكون زحفا قد يكون بطائرة وقد يكون راكبا وقد يكون ماشيا وله أنواع حينئذ وقع انبهام في كيفية مجيء زيد على أي وجه جاء؟ حينئذ جاء زيد إذا قلت راكبا حينئذ انكشف حال زيد لا في ذاته وإنما في كيفية مجيئه ولذلك ضابط الحال أنه يصح أن تقع جواب كيف ثم يراع عند باعتبار من عقا جواب كيف في سؤال من سأل كيف جاء زيد؟ جاء زيد كيف؟ تقل راكبا إذن راكبا هذا حال ما وظيفته كشف لنا حال زيد من حيث الهيئة وهذا شيء محسوس "تكلم زيد صادقا" زيد الكلام قد يقع على وجه الصدق وقد يقع على وجه مخالف والأغراض تختلف والمشارب تختلف تكلم زيد لأي سبب كيف؟ صادقا إذن صادقا هذا حال كشف هيئة زيد من حيث الكلام لأن الكلام له وجوه من حيث الوقوع إذا قال صادقا تقول هذه حال كشفت هيئة زيد من حيث مايتعلق به محسوسا أو غير محسوس لأن النوايا الصدق محله القلب لا يرى إنما تلتمس الأثار فحسب إذن للهيئات.
(أَيْ لِمَا انْبَهَمْ)(أي) هذا حرف تفسيري يعنى للهيئات ما المراد الهيئات؟ الهيئات منها واضحة ومنها مبهمة إذن لم تأتي الحال مؤكدة في الأصل حينئذ أي تفسيرية (لِمَا انْبَهَمْ) يعنى للذي خفي واستتر منها أي من الهيئات إذن جاء زيد لا تدري كيف جاء زيد راكبا طائرا ماشيا حبوا إذن (لِمَا انْبَهَمْ) أي لما للذي انبهم أي خفي واستتر منها أي من الهيئات هذا تفسير لقوله الحال للهيئات مفسر الحال مفسر للهيئات هذا أحسن بالرفع يجوز النصب لكن الرفع أحسن مفسر أي مبين للهيئات جار ومجرور متعلق بقوله مفسر إذن حقيقة الحال الاسم المنصوب المفسر لِمَا انْبَهَمْ من الهيئات هكذا عرفه في الأصل.
وعرفه بعضهم بقوله: الحال وصف فضلة يقع في جواب كيف وهذا تعريف ابن هشام وهو جيد وهو وصف فضلة يقع في جواب كيف، وصف عرفنا الوصف بالأمس يعنى مشتقا وهو ما دل على حدث وصاحبه ولذلك الحال في الأصل لا تقع إلا مشتقة بمعنى أنها دالة على حدث وصاحبه ولذلك في الأمثلة السابقة جاء زيد راكبا هذا اسم فاعل تكلم زيد صادقا جاء زيد ضاحكا باع عمر حصانا مسرجا اسم مفعول إذن الأصل في الحال أنها وصف يعنى مشتقة فإذا جاء الحال غير مشتق أول بالمشتق كما هو الشأن في الجامد المؤول بالمشتق في باب النعت، إذن وصف أي مشتق هو مادل على ذات وصفة وهذا يشمل اسم الفاعل واسم المفعول الصفة المشبهة أفعال التفضيل أمثله المبالغة.
فضلة لأن الوصف قد يأتي عمدة "زيد ضاحك" ما إعراب ضاحك هنا خبر عمدة أو فضلة؟ عمدة إذن قد يأتي الوصف عمدة إذن الوصف الفضلة يقع في جواب كيف لأن كيف يسأل بها عن الحال ثم يرى عند اعتبار من عقا جواب كيف في سؤال من سأل.
ثم قال المصنف (وَنَصْبُهُ انْحَتَمْ) ، نصبه ضمير يعود إلى الحال ولو قالوا ونصبها يجوز؟ يجوز نعم لأن الحال لفظ الحال نفسه من حيث المعنى يذكر أو يؤنث وقالوا حسنت حال زيد وحسن حال زيد يجوز الوجهان حال لفظ حال يذكر ويؤنث حسن حال زيد ذكرت حسنت أو تحسنت حال زيد يجوز الوجهان ونصبه ونصبها يجوز الوجهان ونصبه أي الحال بالفعل أو شبه الفعل انحتم يعنى واجب والحتم بمعنى الواجب كما هو الشأن عند الأصوليين وهو كذلك في لسان العرب وهذا أمر لازم لأنه لا يكون إلا منصوبا لأنه فضلة والنصب إعراب الفضلات.
(كَجَاءَ زَيدٌ ضَاحِكًا مُبْتَهِجَا) ، (كجاء) يعنى كقولك جاء زيد، جاء فعل ماضي مبني على الفتح لا محل له من الإعراب زيد فاعل مرفوع بجاء ورفعه ضمة ظاهرة على آخره (ضاحكا) هذا حال من الفاعل لزيد نصا كيف نصا؟ لأن الحال قد يأتي في بعض المواضع يحتمل أنه حال من الفاعل أو حال من المفعول لقيت زيدا راكبا هل هو مثل جاء زيد ضاحكا لقيت فعل وفاعل زيدا مفعول به راكبا راكبا هذا باعتمار السامع يحتمل أنه حال من الضمير المتصل الفاعل لقيت أنا راكب وهو ماشي ويحتمل أن راكبا حال من زيد مفعول به إذن هو راكب وأنا ماشي إذن المعنى يختلف فراكبا هنا إذا قيل بأنه حال من الفاعل ليس ناصة لأنها محتملة للمفعول به والعكس بالعكس وهنا جاء زيد راكبا ضاحكا نقول هذا نص في كونه حالا من الفاعل (مبتهجا) أي فرحا هذه حال ثانية حال بعد حال تعدد الحال يجوز وعند بعضهم حال من الضمير المستتر في ضاحكا على كل هذا أو ذاك كلاهما صحيح.
(وَبَاعَ عَمْرٌو الحِصَانَ مُسْرَجَا) ، (باع) فعل ماضي مبني على الفتح لا محل له من الإعراب أكرر الإعراب من أجل أن يحفظ عمرو فاعل مرفوع ورفعه ضمة ظاهرة على آخره (الحصان) مفعول به منصوب ونصبه فتحة ظاهرة على آخره (مسرجا) حال من الحصان إذا لا يحتمل إذن نصا في المفعول به إذن حال من المفعول به نصا وانظر هنا ضاحكا حال مفسر لِمَا انْبَهَم من الهيئات وهو كذلك وصف فضلة يقع في جواب كيف يعنى نطبق الحد جاء زيد كيف؟ ضاحكا إذن ضاحكا اسم فاعل وهو وصف وهو كذلك يقع فضلة يعنى ليس بعمدة ليس بفاعل ولا بفعل وهذا قطعا وليس مبتدأ ولا خبر إذن وقع فضلة ليس بعمدة يقع في جواب كيف ومثله مسرجا اسم مفعول مسرج مفعل إذن وصف فضلة ولذلك نصب ويقع في جواب كيف كيف باع الحصان؟ مسرجا.
(وَإِنَّنِي لَقِيْتُ عَمْرًا رَائِدَا) ، الرائد هو الذي يرسل في طلب الكلأ يسمى رائدا و (إنني لقيت عمرا رائدا) ،إن حرف توكيد ونصب مبني على الفتح لا محل له من الإعراب والنون هذه نون الوقاية دخولها جائز ليس بواجب لأنها في الأصل إنما تدخل تقي الفعل الكسر إني هذا جائز إنني يجوز فيه الوجهان إذن نون الوقاية حرف مبني على الكسر لا محل له من الإعراب، والياء ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم إن، إذن الضمير وقع اسم إن هنا (لقيت) لقي فعل ماض مبني على الفتحة المقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بالسكون العارض لدفع كراهة توالي أربع متحركات فيما هو كالكلمة الواحدة ولذلك خذ فائدة مجانا: احفظ مثال واحد وقس عليه ما شئت آلاف بالفعل آلاف الأفعال إذا حفظت صيغة واحدة فعل ماض مبني على السكون مبني على الفتح المقدر منع من ظهوره اشتغال المحل إلى آخره فقس عليه ما شئت إنما النحو قياس يتبع وبه في كل أمر ينتفع، لقي، إذن فعل ماضي مبني على فتح مقدر منع من ظهورها اشتغال المحل بالسكون العارض لدفع كراهة توالي أربع متحركات فيما هو كالكلمة الواحدة سطرين أو أقل تحفظها تستريح بدل مايشكل عليك الاعراب ونحن تعبنا ووو وتفر من النحو والنحو صعب النحو ليس بصعب إنما يحتاج إلى ضبط أصول فقط.
(لقيت) والتاء ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع نصب (لقيت) مبني عل الضم في محل رفع فاعل لقيت أنا لقيت من عمرا عمرا مفعول به والتاء كذلك هنا ضمير متصل مبني على الضم كل التاء فاعل مبني إذا كان للمتكلم مبني على الضم في محل رفع فاعل ما تأتي لمنصوب ولا مجرور حينئذ تحفظها وتستريح كم يأتيك من الأمثلة الفعل متصل بتاء الفاعل (عمرا) مفعول به منصوب بلقي ونصبه فتحة ظاهرة على آخره رائدا حال محتملة ليست لفظا في الفاعل ولا المفعول يعنى نرجع إلى نية المتكلم وأما المخاطب فيجعلها محتملة (رائدا) حال محتملة لأن تكون من الفاعل أو من المفعول لقيت أنا رائدا عمرا يعنى حال كوني رائدا عمرا أو لقيت عمرا حال كونه هو رائدا هذا يحتمل هذا وذاك.
فَعِ المِثَالَ، إذن ثلاثة أمثلة ذكرها الناظم تأخذ منها أن الحال تجيء من الفاعل وحده كقولك جاء زيد ضاحكا والحال تأتي من المفعول به وحده باع عمر الحصان مسرجا، وتأتي منهما معا يعنى محتملة لواحد منهما وتأتي رابعا لهما معا نصا لقيت عمرا رائدا هذه محتملة لهما يعنى هي لواحد لماذا نقول هي لواحد؟ لأن رائدا مفرد ولقيت عمرا هما اثنان فلما لم يثني علمنا أنه أراد واحدا منها لا بعينه فهي محتملة هذا أولى لكن لو قال لقيت زيدا راكبين، هذه نص في الاثنين لقيت زيدا راكبين الأصل أن يقول وقد قيل به لقيت زيدا راكبا راكبا الحال الأولى للتاء والحال الثانية للمفعول به بالتاء يعنى الفاعل إذن لقيت زيدا راكبين هذه نص في الاثنين.
(فَعِ المِثَالَ وَاعْرِفِ المَقَاصِدَا) ، فعِ وعى يعي عي فعي الفاء هذه عاطفة وع هذا هو فعل أمر على حرف واحد لأنه لفيف مفروق سيأتي معنا في المقصود إن شاء الله تعالى لفيف مفروق وعى يعي يوعي هذا الأصل أوعي هذا الأصل، فع المثال وعى الحديث يعيه وعيا حفظه مثال حقيقة جزئي يذكر لإيضاح القاعدة وما الجزئي الذي يذكر لإثبات القاعدة؟ الشاهد الفرق بينهما أن الشاهد لابد أن يكون مسموعا يعنى منقولا من لسان العرب والثاني قد يكون مسموعا ولا يشترط فيه وقد يكون مصنوعا يعنى من تأليفك أنت كالأمثلة السابقة (وَاعْرِفِ المَقَاصِدَا) جمع مقصد يقال قصد الشيء هو إتيان الشيء وبابه ضرر واعرف المقاصد قصد قصده أي نحى نحوه.
وَكَونُهُ نَكِرَةً يَا صَاحِ
…
وَفَضْلَةً يَجِيءُ بِاتِّضَاحِ
(وكونه) أي الحال نكرة يعنى يشترط في الحال أن يكون نكرة وسبق معنا تعريف النكرة "ومهما ترى اسما شاع شائعا في جنسه" حينئذ ما شاع في جنس موجود أو مقدر فهو نكرة إذن يشترط في الحال أن يكون نكرة وكونه أي الحال لو قال وكونها جاز لماذا؟ لأنه مؤنث من جهة المعنى وهو قابل لهذا وذاك لا يكون الحال إلا نكرة لأن المقصود بيان الهيئة وهذا حاصل بالنكرة فلا حاجة إلى تعريفه فإذا جاء حينئذ الحال معرفة وجب تأويله بالنكرة "أرسلها العراك" أي معتركة العراك معتركة أولتها بالنكرة جاؤوا الأول فالأول أي مرتبين أو مترتبين اجتهد وحدك أي منفردا فأوله بالنكرة هذا الذي شاع عند النحاة إذن وكونه نكرة يعنى يشترط في الحال أن يكون نكرة وإذا جاء معرفة وجب تأويله بالنكرة على ما شاع عند البصريين يا صاح يعنى يا صاحبي يا صاحبي هذا يسمى ترخيم.
(وَفَضْلَةً يَجِيءُ بِاتِّضَاحِ)، يعنى ويجيء الحال فضلة باتضاح يعنى باتضاح صاحب الحال أو باتضاح لكونه فضلة والفضلة كما مر ما يقع بعد تمام الجملة يعنى ليس عمدة ليس مبتدأ ولا خبرا ولا فاعلا ولا فعلا هذا واضح لأن الاسم يختلف عن الفعل إذن ما ليس عمدة أو ما يقع بعد تمام الجملة كما عبر بعضهم لا ما يصح الاستغناء عنه فإنه مردود لقوله تعالى:"ولا تمش في الأرض مرحا" لأنه لو جوز الاستغناء عن الحال لصار النهي عاما لا تمشي في الأرض لا تمشي قف وليس هذا المراد وإنما المراد أنه نهى عن نوع من أنواع المشي وهو المرح والتبختر إذن ويجيء فضلة باتضاح.
وَلَا يَكُونُ غَالِبًا ذُو الحَالِ
…
إِلَاّ مُعَرَّفًا فِي الاسْتِعْمَالِ
(ذو الحال) عندنا حال وعندنا صاحب الحال، الحال يشترط فيها أن تكون نكرة وصاحب الحال يشترط فيه العكس أن يكون معرفة أو نكرة لكنها بمسوغ، (وَلَا يَكُونُ غَالِبًا ذُو الحَالِ)، قوله غالبا احترز به من غير الغالب وهو أن يكون نكرة لكن لابد من مسوغ ذو الحال أي صاحب الحال ومن هو صاحب الحال؟ من الحال وصف له في المعنى؟ مثل زيد من قولك جاء زيد ضاحكا الحال عند الأصوليين قيد لعاملها ووصف لصاحبها ولذلك هي من المفهومات المخالفة يعنى تضبط بها الأحكام الشرعية وضبط الحال له علاقة بأصول الفقه إذن جاء زيد راكبا المجيء هذا العامل في الحال لأن الذي رفع زيد هو جاء والذي نصب ضاحكا هو جاء فالعامل في صاحب الحال والحال شيء واحد متحد جاء زيد راكبا زيد مرفوع بجاء وراكبا منصوب بجاء ولذلك نقول الفعل اللازم هو الذي لا ينصب مفعولا به وبعضهم يقول أن الفعل اللازم هو الذي لا ينصب هذا خطأ (جاء زيد راكبا) جاء فعل لازم أو متعدي لازم قطعا جاء فعل لازم وهنا نصب الحال وكيف يقال بأن الفعل اللازم هو الذي لا يتعدى لا ينصب مطلقا نقل لا ليس هذا المراد المراد الفعل اللازم هو الذي ينتفي عنه نصب المفعول به فحسب وأما التمييز فينصبه وأما الحال فينصبه كالمثال الذي معنا ولذلك حتى المفعول معه والمفعول لأجله ينصب بالفعل اللازم وبالفعل المتعدي إذن نقول (جاء زيد)، زيد هذا مرفوع بجاء وزيد هو صاحب الحال لأن الحال وصف له في المعنى والحال قيد للعامل لأن المجيء يقع على أنواع فلما قال (راكبا) قيده ولذلك العبارة ماهي قيد لعاملها ووصف لصاحبها زيد جاء زيد راكبا وصفت زيد بكونه راكبا وقيدت العامل الذي هو جاء بمجيء معين صاحب الحال لا يكون إلا معرفة لذلك قال إلا معرفا لأنه محكوم عليه في المعنى فلا يكون نكرة إلا بمسوغ في الاستعمال والاستعمال مر معنا إطلاق اللفظ وإرادة المعنى إذن شرط صاحب الحال واحد من أربعة أمور:
الأول التعريف "خشعا أبصارهم يخرجون" أين الحال؟ خشعا، خشع هذا مفرد أو جمع؟ جمع ماذا؟ جمع خاشع وخاشع اسم فاعل إذن وصف سواء كان مفردا أو بجمعه يكون حالا وهنا خشعا هذا حال أين صاحب الحال يخرجون الواو هي صاحب الحال معرفة أو نكرة معرفة إذن جاءت الحال هنا من المعنى صاحب الحال هو المعرفة.
الثاني: وهو من المسوغات لكون الحال لصاحب الحال نكرة التخصيص يعنى يجوز أن يقع صاحب الحال نكرة لكن بمسوغ من المسوغات:
التخصيص في "أربعة أيام سواء للسائلين" سواء حال من أربعة وأربعة هنا نكرة لكنه أفاد التخصيص بالإضافة لأن النكرة إذا أضيفت إلى نكرة اكتسبت التخصيص.
ثالثا التعميم "وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون" قرية من قرية قرية نكرة في سياق النفي فتعم فإذا عمت شملت الكل وإذا شملت الكل صارت في قوة المعرفة لها منذرون منذرون لها، لها منذرون الجملة في محل نصب حال.
الرابع: التأخير عن الحال فيها " قائما رجل " رجل هذا مبتدأ وقائما هذا حال متقدمة على المبتدأ وقد وقع نكرة لكن الذي سوغ ذلك التأخير إن تأخر صاحب الحال عن الحال إذن ولا يكون غالبا ذو الحال إلا معرفا ما المراد بغالبا؟ يعنى ما الذي يفهم منه ماهو غير الغالب؟ غير الغالب النكرة التي وجد معها مسوغ إما التخصيص وإما التعميم وإما التأخير وإلا في الغالب في الاستعمال لا يكون صاحب الحال إلا معرفة من غير الغالب أن يكون لها مسوغ وليس المراد أنه يكون نكرة مطلقا بدون مسوغ لا ليس هذا المراد وإنما المراد أن يكون نكرة بمسوغ إلا معرفا أو نكرة معها مسوغ لأنه محكوم عليه في المعنى هو مشابه للمبتدأ نقف على هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.