المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌عناصر الدرس * باب التمييز * باب الاستثناء * باب لا   بسم الله الرحمن - الشرح المختصر على نظم الآجرومية - جـ ١١

[أحمد بن عمر الحازمي]

فهرس الكتاب

الفصل: ‌ ‌عناصر الدرس * باب التمييز * باب الاستثناء * باب لا   بسم الله الرحمن

‌عناصر الدرس

* باب التمييز

* باب الاستثناء

* باب لا

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد.

قال الناظم رحمه الله تعالى:

{باب التمييز}

أي هذا باب بيان التمييز وهو من المنصوبات، ولا يكون مرفوعا وقد يكون مجرورا في بعض الأحوال يعنى ليس كل تمييز يكون منصوبا بل قد يكون مرفوعا.

(التمييز) مصدر ميز يميز تمييزا وهنا من باب إطلاق المصدر وإرادة اسم الفاعل أي المميز يعنى التمييز هذا معنى مصدري والمعنى المصدري لا ينصف وليس المراد هنا بهذا الباب وإنما المراد به المميز، ولذلك يسميه البعض بالمفسِّر والمبيِّن كما قال الناظم (اسم مبين) وهذه مبين أو مفسر من عبارات الكوفيين.

(التمييز) في اللغة يطلق ويراد به الانفصال "وامتازوا اليوم أيها المجرمون" انفصلوا أي انفصلوا عرفه المصنف بقوله:

اِسْمٌ مُبَيِّنٌ لِمَا قَدِ انْبَهَمْ

مِنَ الذَّوَاتِ بِاسْمِ تَمْييزٍ وُسِمْ

اسم إذن لا يكون التمييز إلا اسما خرج الفعل فالفعل لا يكون تمييزا وخرج الحرف، والحرف لا يكون تمييزا.

إذن التمييز من خواص الأسماء، وعليه يكون من علامات الأسماء: أن يقع تمييزا فإذا جاء اللفظ تمييزا، حكمت عليه أنه مميز حينئذ يكون من علامات الأسماء، كما أن من علامات الأسماء: التنوين والخفض وال وكذلك من علامات الأسماء كونه فاعلا وكونه مفعولا به وكونه تمييزا؛ لأنه إذا قيل بأن التمييز لا يدخل الفعل ولا الحرف فاختص بالاسم.

(اسمٌ) إذن خرج به ماعدا خرج به الفعل والحرف فلا يكونان تمييزا، (اسم) المراد به الاسم الصريح وهو الذي لا يحتاج لجعله تمييزا إلى تأويل بخلاف الحال، الحال قد تكون اسما مؤولا بالصريح لأن الظرف يقع حالا، والجار والمجرور يقع حالا يعنى -متعلق بالمحذوف- والجملة الفعلية وكذلك الجملة الاسمية - تقعان حالين، حينئذ تؤول بالاسم إذن الحال قد يكون اسما صريحا، وقد يكون اسما غير صريح، كالفاعل كما مر معنا.

أما التمييز فلا يكون إلا اسما صريحا لأنه لا يقع فعلا ولا جملة فعلية ولا جملة اسمية.

(اسم مبيِّن) في نسخة مفسر مبين خرج به ماعدا الحال من المنصوبات لأن المفعول لأجله ليس مبينا في الجملة وكذلك المفعول معه كل المنصوبات خرجت بقوله (مبين) إلا الحال لأن الحال تكون مفسرة مبين خرج به ماعدا الحال من المنصوبات مبين لأي شيء، (لما قد انبهم من ايش؟ من الذوات) لما يعنى لشيء (قد انبهم) أي خفي واستتر من الذوات قلنا (مبين) خرج به ماعدا الحال (إذن الحال شاركت في التمييز في كون كل منهما مبين افترقا في ماذا؟

الحال مبين لما خفي من الهيئات الصفات مع العلم بالذوات والتمييز مبين لما انبهم من الذوات إذن افترقا الحال مبين لما انبهم من الهيئات والتمييز مبين لما انبهم من الذوات.

ولذلك قال (من الذوات) هذا جار ومجرور متعلق بقوله انبهم أي خفي واستتر (لما قد انبهم) أي خفي واستتر (من الذوات) ، (من الذوات) خرج به الحال لأن الحال يرفع الإبهام ولكن لا عن الذات وإنما يرفعه عن هيئة الذات وهذا من الفوارق بين النوعين.

(بِاسْمِ تَمْييزٍ وُسِمْ) ، وسم الاسم الواقع السابق لما ذكر (باسم) تمييز يعنى سمي اسم تمييز سمي تمييزا (وسم) بمعنى علم.

إذن التمييز هو الاسم المنصوب المفسر لما انبهم من الذوات ونزيد -أو النسب- لما انبهم من الذوات أو النسب لأن التمييز نوعان:

(1)

تمييز مفرد (2) وتمييز مفسر لنسبة.

ص: 1

تمييز مفسر لمفرد وهو: تمييز الذات الذي ذكره الناظم، وتمييز مفسر لنسبة، تمييز مفسر لمفرد هذا تمييز الذات وهو: ما رفع إبهام اسم مذكور قبله مجمل الحقيقة، يعنى يذكر اسم واحد مفرد ويكون مجمل الحقيقة فيأتي التمييز مفكرا له يعنى تقل عندي عشرون، عشرون ماذا؟ عشرون هذا مبهم ما هو المعدود في العشرين -قلمًا كتابا-؟ يحتمل حينئذ يقول " عندي عشرون كتابا " ، كتابا هذا تمييز ورفع إبهام اسم مفرد مجمل مبهم الحقيقة؛ لأنك إذا قلت"عندي عشرون" ما وضح الكلام يحتاج إلى تفسير عشرون ماذا؟ عشرون مليون عشرون ألف فيحتمل فإذا قلت" عندي عشرون ألفا " حينئذ جاء التمييز ورفع إبهام الذات وهذا له مضان له أماكن يقع بعد المقادير وهي عبارة عن المساحات (عندي جريب) جريب ماذا؟ نخلا إذن نخلا هذا تمييز جريب هذا مجمل والكيل (عندي صاع) صاع من ماذا؟ قال تمرا إذن تمر هذا تمييز كشف معنى الصاع وكذلك الوزن عندي منوان تثنية مَنى، مثل الكيلو هنا (عندي منوان) ماذا؟ عسلا إذن عسلا تمييز كشف الحقيقة بالمنوين.

وكذلك يأتي بعد العدد (إني رأيت أحد عشر) ماذا؟ (كوكبا) إذن كوكبا هذا تمييز رفع الإبهام عن المفرد إذن تمييز الذات: ما رفع إبهام اسم مذكور قبله مجمل الحقيقة وله مضان يقع بعد المقادير وهي المساحات والمكيلات والموزونات وكذلك بعد العدد إني رأيت أحد عشر كوكبا بالإفراد والنصب وهذا حكم الأعداد من الأحد عشر إلى التسع والتسعين كلها يكون التمييز مفردا منصوبا.

الثاني: هذا مفسر النسبة وهو ما رفع إبهام نسبة في جملة سابقة عليه، / يعنى لم يتعلق بالمفرد وإنما تعلق بالجملة سواء كانت جملة اسمية أو جملة فعلية (رفعَ إبهام نسبة في جملة سابقة عليه) وهو نوعان:(1) المحول (2) وغير محول يعنى له أصل ولم يكن له أصل هذه كلها ذكرها المصنف بالأمثلة المحول ثلاثة أقسام:

- الأول: محول عن فاعل كقوله تعالى "واشتعل الرأس شيبا"، اشتعل الرأس نارا قملا شيبا؟ محتمل فيه إبهام حينئذ لما قال شيبا عرفنا أن الذي اشتعل هو الشيب أصله " اشتعل شيبُ الرأسِ " اشتعل الرأي شيبا شيبا هذا تمييز أصله قبل أن يكون تمييزا هو فاعل وتقدير الكلام اشتعل شيب الرأس، حذف المضاف شيب وأقيم المضاف إليه الرأس مقامه، فارتفع ارتفاعه اشتعل الرأس ثم حصل الإبهام، فجيء بالمضاف المحذوف فنصب على التمييز قال " اشتعل الرأس شيبا".

-الثاني محول عن المفعول كقوله " وفجرنا الأرض عيونا " ،فجرنا الأرض ماذا؟ يحتمل ذا وذاك ولما قال عيونا حينئذ رفع الإبهام أصله فجرنا عيون الأرض، إذن عيون هذا أصله قبل أن يكون تمييزا أصله - مفعول به- وحذف وأقيم المضاف إليه مقامه فانتصب انتصابه ثم صار إبهام فجرنا الأرض ماذا؟ قال عيونا جيء بالمضاف المحذوف وانتصب على أنه تمييز.

وأي الجملتين أبلغ؟؟ فجرنا عيون الأرض أو فجرنا الأرض عيونا؟ أي المعنيين فيه الثاني يعنى كأن الأرض كلها صارت عيون أما فجرنا عيون الأرض إذن الأرض لها عيون هي التي فجرت والباقي على حاله لكن لما قال " وفجرنا الأرض عيونا " كأن الأرض كلها صارت عيونا.

-الثالث محول عن المبتدأ " أنا أكثر منك مالا "،"أنا" مبتدأ أكثر منك،"أكثر" خبر منك متعلق به "مالا" هذا تمييز أصل مالا مبتدأ التقدير "مالي أكثر منك مالي" حذف المضاف مال الياء لا يكون ضمير رفع حينئذ جيء بضمير رفع وقيل أنا أكثر منك أولادا بيوتا سيارات أيا كان قال مالا

إذن جاء هذا التمييز لرفع الإبهام الواقع في الجملة " أنا أكثر منك " أي شيء؟ قال " مالا " إذن نقل هذا التمييز محول عن مبتدأ جيء به لكشف الحال عن الجملة هذا ثلاثة أنواع للمحول (1) عن فاعل (2) عن مفعول (3) عن مبتدأ وهذه مقيسة الثاني: غير المحول سماعي يعنى الفضلة محفوظة تحفظ ولا يقاس عليها مثال مشهور ماهو؟ " امتلأ الإناء ماءا " ماءا هذا تمييز امتلأ الإناء ماذا؟ خمرا عصيرا؟ ماءا إذن هذا صار كاشفا للنسبة الواقعة في الجملة قبله إذن (اسم مبين لما قد انبهم) من الذوات أو النسب ليشمل النوعين لأن الناظم مثل للنوعين (فانصب) إذن ماحكم التمييز النصب فانصب يعنى انصب التمييز حذف المفعول به للعلم به وحذف ما يعلم جائز التمييز لا يكون مرفوعا وقد يكون مجرورا.

فَانْصِبْ وَقُلْ قَدْ طَابَ زَيدٌ نَفْسًا وَلِي عَلَيْهِ أَرْبَعُونَ فَلْسًا

ص: 2

(فَانْصِبْ) وَقُلْ في مثاله (قَدْ طَابَ زَيدٌ نَفْسًا)

"قد "حرف تحقيق مبني على السكون لا محل له من الإعراب،"طاب "فعل ماضي مبني على الفتح لا محل له من الإعراب زيد فاعل مرفوع ورفعه ضمة ظاهرة على آخره" نفسا" تمييز منصوب ونصبه الفتحة الظاهرة على آخره هذا التمييز محول عن فاعل "طابت نفس زيد" حذف المضاف نفس وأقيم المضاف إليه مقامه زيد قام زيد نكر لأنه مذكر ثم جيء بالمحذوف المضاف وانتصب على التمييز " طاب زيد نفسا " ، " ولي عليه أربعون فلسا " ، (أربعون) مبتدأ و (عليه) أو لي يحتمل كل واحد منهما أنه خبر مقدم فلسا هذا تمييز ما نوعه كاشف عن الذات إذن تمييز مفرد تمييز مفسر لمفرد؛ لأن الأربعين عدد وعرفنا أن الأعداد إنما هي من المفرد! إذن أربعون (لي عليه أربعون) ماذا؟ محتمل أشياء متعددة إذا قلت (فلسا) كشفت المراد بالأربعين و " خالد أكرم من عمر أبا "ما هو التقدير؟ أبو خالد أكرم من عمر هذا محول عن أبو خالد (هذا) مبتدأ أبو خالد أكرم من عمر هذا الأصل وحذف المضاف من المبتدأ (أبو خالد) مبتدأ أبو مضاف وخالد مضاف إليه حذف المضاف الذي هو أب فأقيم المضاف إليه وهو خالد مقامه فارتفع ارتفاعا صار مبتدأ فقال خالد أكرم من عمر في ماذا؟ أبا يعنى لا علما ولا خلقا ولا غيره وإنما أبا إذن جيء بالمحذوف فانتصب على أنه جميل إذن مثل الناظم بمثالين مثال للمحول -عن الفاعل- ومثال للمحول -عن المبتدأ - وبمثال واحد عن كاشف عن الذات وهو- المفرد-.

ثم قال: وَكَونُهُ نَكِرَةً قَدْ وَجَبَا

(كونه) أي التمييز (نكرة) كونه نكرة (قد وجبا) هذه الألف للإطلاق يعنى التمييز كالحال لا يكون إلا نكرة الحال لا تكون إلا نكرة والتمييز كذلك لا يكون إلا نكرة اشتركا في هذا الحكم إذن الحال والتمييز بينهما تشابه وبينهما اجتماع وافتراق يجتمعان في الأول كل واحد منهما اسمٌ، الحالُ اسمٌ لكنه قد يكون صريحا وقد يكون غير صريح والتمييز اسمٌ لكنه لا يكون إلا صريحا إذن اشتركا في الاسمية فالحال لا يكون إلا اسما والتمييز لا يكون إلا اسما.

الثاني: فضلة كل منهما فضلة بعد تمام الجملة لماذا؟ لأن الحال ليسَ بعمدة، والتمييز ليس بعمدة عرفنا المراد بالفرق بين النوعين.

ثالثا: نكرة كل منهما نكرة كما نص المصنف هنا وهناك.

رابعا: كل منهما منصوب، والتمييز منصوب في الجملة.

خامسا: كل منهما مفسر لما قبله مبين لما قبله إلا أن الحال مبين = لما انبهم من الهيئات والتمييز مبين = لما انبهم وخفي واستتر من الذوات ويفترقان:

الأول: الحال تفسير هيئة والتمييز تفسير ذات أو اسما يعنى كل منهما فيه شيء من الانبهام.

الثاني: الأصل في الحال أن يكون مشتقا والأصل في التمييز أن يكون جامدا.

هذا من الفوارق بينهما لأن التمييز والحال ممن يصعب التفريق بينهما عند المعربين قد يخطئ الحال يقل له تمييز والتمييز أنه حال وإذا عرفنا هذا الفوارق اختفى عندنا التشابه.

باب الإستثناء

إِلَاّ وَغَيرُ وَسِوَى سُوَىً سَوَا

خَلَا عَدَا وَحَاشَا الاِسْتِثْنَا حَوَى

إِذَا الكَلَامُ تَمَّ وَهْوَ مُوجَبُ

فَمَا أَتَى مِنْ بَعْدِ إِلَاّ يُنْصَبُ

تَقُولُ قَامَ القَومُ إِلَاّ عَمْرَا

وَقَدْ أَتَانِي النَّاسُ

إِلَاّ بَكْرَا

وَإِنْ بِنَفْيٍ وَتَمَامٍ حُلِّيَا

فَأَبْدِلَ اوْ بِالنَّصْبِ جِيءْ مُسْتَثْنِيَا

كَلَمْ يَقُمْ أَحَدٌ الَاّ صَالِحُ

أَوْ صَالِحًا فَهْوَ لِذَيْنِ صَالِحُ

أَوْ كَانَ نَاقِصًا فَأَعْرِبْهُ عَلَى

حَسَبِ مَا يَجِيءُ فِيهِ العَمَلَا

كَمَا هَدَى إِلَاّ مُحَمَّدٌ وَمَا

عَبَدتُّ إِلَاّ اللهَ فَاطِرَ السَّمَا

وَهَلْ يَلُوذُ العَبْدُ يَوْمَ الحَشْرِ

إِلَاّ بِأَحْمَدَ

شَفِيْعِ

البَشَرِ

وَحُكْمُ مَا اسْتَثْنَتْهُ غَيرُ وَسِوَى

سُوَى سَوَاءٌ أَنْ يُجَرَّ لَا سِوَى

وَانْصِبْ أَوِاجْرُرْ مَا بِحَاشَا وَعَد

خَلَا قَدِ

اسْتَثْنَيْتَهُ مُعْتَقِدَا

فِي حَالَةِ النَّصْبِ بِهَا الفِعْلِيَّهْ

وَحَالَةِ الجَرِّ بِهَا

الحَرْفِيَّهْ

تَقُولُ قَامَ القَوْمُ حَاشَا جَعْفَرَا

أَوْ جَعْفَرٍ فَقِسْ لِكَيْمَا تَظْفَرَا

ص: 3

أي هذا باب بيان حقيقة الاستثناء، الاستثناء من المنصوبات، يعنى المستثنى المراد بالمستثنى من المنصوبات في بعض أحواله ليس مطلقا وإنما في بعض أحواله = كما هو الشأن في التمييز لأنه قد يكون مجرورا إذن في بعض أحواله.

(الاستثناء) مصدر استثنى يستثني استناءا ، استغفر يستغفر استغفارا إذن هو مصدر والمراد به هنا مصدر بمعنى اسم مفعول الذي هو المستثنى هذا الذي يراد هنا يعنى ما يقع بعد إن " قام القوم إلا زيدا " زيدا هو المراد بهذا الباب إذن الاستثناء مصدر وفرق بين المصدر وبين ما يقع المصدر عليه والمراد هنا المستثنى.

(الاستثناء) في اللغة مأخوذ من الثني وهو العطف، وقوله " ثنيت الحبل أثنيه " إذا عطفت بعضه على بعض هذا هو المشهور وقيل من " الصرف " ثنيت عن الشيء إذا صرفته عنه وعلى المشهور عند النحاة الأصوليين أن البحث هنا مشترك بين الأصوليين والنحاة.

(الإخراج بإلا) حقيقة الاستثناء عندهم الإخراج (بإلا أو إحدى أخواتها ما لولاه) لدخل في الكلام السابق الإخراج بإلا أو إحدى أخواتها ما لولاه يعنى لولا هذا الإخراج بإلا لدخل في الكلام السابق حقيقة ذلك أن يقال قولك" قام القوم إلا زيدا، إلا زيدا ".

(إلا) أداة استثناء حرف استثناء و (زيدا) مستثنى و (القوم) مستثنى منه قام القوم إلى هنا أثبتت القيام لمدلول اللفظ بجميع آحاده فكل ما أو من يصدق عليه أنه من القوم ثبت له القيام، إذا أردت عدم إثبات هذا المعنى لأحد أفراد القوم حينئذ تخرجه، تخرجه بماذا؟ بأداة من أدوات الاستثناء فتقول " قام القوم إلا " إذن إلا ما بعد إلا يثبت له نقيض الحكم السابق ماهو الحكم السابق؟ القيام ماهو نقيض القيام؟ عدم القيام إذن قام القوم كل القوم قاموا إلا أخرجت زيدا زيد لم يقم، قام أم لا؟ لم يقم إذن (يثبت للمستثنى بإلا يعنى ما بعد إلا نقيض الحكم لما قبلها) فالقيام ثابت للقوم زيد من القوم لكنه لم يقم حينئذ أخرجته بإلا، لولا هذا الاستثناء بـ إلا لدخل زيد في القوم فثبت له القيام إذن الإخراج بإلا أو إحدى أخواتها ما لولاه لدخل في الكلام السابق قال الناظم:

إِلَاّ وَغَيرُ وَسِوَى سُوَىً سَوَا

خَلَا عَدَا وَحَاشَا الاِسْتِثْنَا حَوَى

(إلا وغير وسوى خلا عدا حاشا) ستة أدوات ذكر لك الناظم ستة أدوات وأدوات الاستثناء ثمانية، الستة التي ذكرها الناظم رحمه الله تعالى وبقي عليه " ليس ولا يكون "، يعنى ليس "قام القوم ليس زيدا""قام القوم لا يكون زيدا "استثناء حصل بليس وحصل بلا يكون إذن أدوات الاستثناء بالاستقراء والتتبع ثمانية، وهي على النحو التالي لأنها أربعة أقسام من حيث الفعلية والاسمية والحرفية.

الأول حرفان: وهما " إلا وحاشا " إلا باتفاق عند الجميع يعنى لا خلاف، وحاشا عند إمام النحاة سيبويه.

القسم الثاني فعلان باتفاق: (لا يكون) باتفاق و (ليس) به خلاف فعلان وهما ليس والثاني لا يكون، -ليس- محل خلاف هل هي فعل أم حرف؟! والصحيح أنها فعل (ولا يكون) فعل باتفاق.

الثالث: مترددان بين الحرفية والفعلية يعنى تارة مترددان ماهو نوع التردد فيهما؟ يحتمل أو يحتمل؟ -لا- يعنى في موضع نحكم عليه بأنه فعل وفي موضع آخر لاستعمال آخر بطريق آخر نحكم عليه بأنه حرف ليس في الموضع نفسه (مترددان) يعنى تارة يأتي فعلا وتارة يأتي حرفا مترددان بين الحرفية والفعلية وهما (خلا) عند الجميع و (عدا) عند غير سيبويه.

الرابع: اسمان وهما " غير وسوى " بلغاتها إذن هذه أربعة أقسام قال الناظم:

(إلا) هذه حرف قدمها لأنها أم الباب (وغير وسِوى) هذا الثالث الثاني والثالث ، (سِوَى سُوَىً) هذه لغتان في سوى إذن ذكر للثالث ثلاث لغات " سِوى " بكسر السين وفتح الواو كرِضى وهي اللغة الفصحى الشهيرة "وسُوَىً " بضم السين وفتح الواو كهُدىً مقصورة، "وسواء " بالمد في الأصل سواء كسماء وفيه لغة كبِناء " سِواء" ، سوى كرضى وسُوَىً كهدى وسواء بالهمزة كسماء بقي واحدة زدها وهي " سِواء " بكسر السين ذكرها ابن مالك كبناء أربعة لغات بقي شيء واحد (خلا عدا حاشا) ، خلا وعدا وحاشا الاستثناء حوى على الشيء واستولى عليه يعنى الاستثناء حوى هذه الأدوات لكل واحد من هذه الأدوات أحكام من حيث الاستثناء والنصب وغير ذلك.

إِذَا الكَلَامُ تَمَّ وَهْوَ مُوجَبُ

فَمَا أَتَى مِنْ بَعْدِ إِلَاّ يُنْصَبُ

ص: 4

تَقُولُ قَامَ القَومُ إِلَاّ عَمْرَا وَقَدْ أَتَانِي النَّاسُ

إِلَاّ بَكْرَا

هذا ما يتعلق (بإلا) قلنا بدأ بها؛ لأنها أم الباب المستثنى بـ - إلا - له ثلاث حالات:

الأولى: وجوب النصب.

والثانية: جوازه يعنى لا يجب سواء كان راجحا أو مرجوحا، على الخلاف.

الثالث: أن يكون على حسب العوامل ثلاث حالات الأولى ما هي؟ وجوب النصب يعنى لا يجوز غيره الثاني جواز النصب يعنى يجوز غيره وهو الاتباع كما سيأتي، الثالث بحسب العوامل بدأ بالحالة كلها نظمها الناظم ليست زيادة كلها نظمها الناظم.

الحالة الأولى قال:

(إِذَا الكَلَامُ تَمَّ) تمام الكلام هنا في باب الاستثناء أن يذكر المستثنى منه يعنى المستثنى منه قد يحذف وقد يذكر إذا ذكر وصف الكلام بكونه- تاما - فإذا قيل هنا الكلام تام؟ يعنى تفهم منه أن " المستثنى منه " مذكورا ما هو المستثنى منه؟ ما قبل إلا.

" قام القوم إلا زيدا " عندنا " قام القوم إلا زيدا "(قام) هذا العامل، هو الذي نصب زيدا " القوم " هذا فاعل ويسمى مستثنى منه الذي أخرجنا منه زيد أخرجناه بأي شيء بأي واسطة بـ " إلا " إذن إلا حرف استثناء أو أداة استثناء (زيدا) مستثنى إذن المستثنى يكون ما بعد إلا والمستثنى منه المخرج منه يكون ما قبل إلا وأداة الاستثناء تكون متوسطة بين المستثنى والمستثنى منه (قام) هو الذي عمل في المستثنى منه وبالمستثنى معا، خلاف لابن مالك رحمه الله تعالى حيث قال:

ما استثنتِ إلا ........

يعنى إلا هي التي نصبت والصحيح: أنه بالفعل وإن قيل بواسطة إلا فلا إشكال، أما أن يكون الناصب بإلا فحسب هذا محل نظر.

إذن (إِذَا الكَلَامُ تَمَّ)، هذا الشرط الأول (وهو موجب) كلام تام موجب يعنى: لم يتقدم عليه نفي ولا شبهه.

والمراد بشبه النفي هنا هو: النهي والاستفهام، إذن هذان شرطان، الأول: تمام الكلام والثاني: أن يكون موجبا يعنى مثبتا غير منفي فرق بين أن تقول " قام القوم " وبين " ما قام القوم " المراد الأول أم الثاني الأول قام القوم لم يتقدم عليه حرف نفي ولا شبه النفي.

(فَمَا أَتَى مِنْ بَعْدِ إِلَاّ) هذا الشرط الثالث أن يكون الاستثناء بحرف – إلا - على جهة الخصوص فما أتى من بعد إلا ما هو الذي أتى من بعد إلا؟ - المستثنى -قال (يُنصبُ) فما اسم موصول، بمعنى الذي يعنى " الاسم الذي أتى من بعد إلا ينصب" أو فما أتى أي المستثنى الذي أتى من بعد إلا على جهة الخصوص ينصب وجوبا، قيِّدْهُ؛ لأن" يُنصب " هذا فعل إخضاع لا يدل على الوجوب ولكن مراد الناظم هنا الوجوب (ينصب) أي وجوبا متى إذا اجتمعت فيه هذه الشروط الثلاثة ما هي؟ أن يكون الكلام تاما يعنى ذكر المستثنى منه لم يحذف أن يكون موجبا أن يكون الاستثناء بإلا حينئذ وجب النصب هنا ولا يجوز الاتباع البتة (تقول قام القوم إلا عمرا)" قام " فعل ماض " القوم "فاعل "إلا" حرف استثناء "عمرا" منصوب على الاستثناء وهنا القوم المستثنى منه مذكور إذن الكلام تام قام لم يتقدم عليه نفي أو شبهه إذن الكلام موجب الأداة هي حرف إلا إذن يتعين أن يقال إلا عمرا ولا يجوز إلا عمر هنا واجب النصب لوجود هذه الشروط الثلاثة.

(وقد أتاني الناس إلا بكرًا) هذا مثال آخر تأكيد على ما سبق (وقد أتاني الناس) أتى فعل ماضي و (قد) حرف تحقيق مبني على السكون لا محل له من الإعراب (أتى) فعل ماضي مبني على الفتح المقدر والنون للوقاية وياء مفعول به (والناس) فاعل (إلا بكرا إلا) حرف استثناء و (بكرا) منصوب على استثناء حكم النصب الوجوب لأنه كلام تام قد أتاني لم يتقدمه نفي ولا شبهه الناس هو المستثنى منه وهو مذكور إذن واستثناء بإلا إذن بكرا يجب نصبه الحال الثاني أن يكون تاما وبإلا لكن يفقد شرط واحد وهو الإيجاب إذا الكلام تم ،تم هو الحال موجب جاء نقيضه وهو أن يكون منفيا ولذلك قال:

وَإِنْ بِنَفْيٍ وَتَمَامٍ حُلِّيَا

فَأَبْدِلَ اوْ بِالنَّصْبِ جِيءْ مُسْتَثْنِيَا

كَلَمْ يَقُمْ أَحَدٌ الَاّ صَالِحُ

أَوْ صَالِحًا فَهْوَ لِذَيْنِ صَالِحُ

ص: 5

إذن الحالة الثانية (جواز الوجهين) وهما النصب والإبدال، وقد قلنا فيما سبق جواز النصب يعنى مع جواز خلافِ النصب، يعنى عدم النصب (وإن بنفي) أو نهي أو استفهام وإنما نص على النفي لوضوحه بنفي يعنى تقدم الجملة نفي حينئذ ليست الجملة مثبتة ليست موجبة بل هي منفية إذن فقد شرطا من الشروط الثلاثة، الشرطان الباقيان كما هما يعنى تمام مع إلا تمام يعنى أن يذكر المستثنى منه مع إلا يعنى تكون أداة الاستثناء هي إلا.

(وَإِنْ بِنَفْيٍ وَتَمَامٍ حُلِّيَا) يعنى تم الكلام وذلك بذكر المستثنى منه حليا يعنى (حليَ) الكلام بالمذكورين بنفي وتمام حلي الألف هذه نائبة عن الفاعل لأن " حليا " هذا مغير الصيغة والألف هذه نائبة عن الفاعل ترجع إلى ماذا؟ إلى النفي والتمام وهو التمام، يقال حلاها تحلية ألبسها حليا أو وصفها ونعتها، (فَأَبْدِلَ أوْ بِالنَّصْبِ) أصلها فأبدل بإسكان اللام، لأنه فعل أمر مبني على السكون = لكن لما خففت أو بإسقاط الهمزة ولا تسقط الهمزة إلا إذا سكنتْ، وإلقاء حركتها إلى ما قبلها / - أو - بفتح الهمزة إذن (فَأَبْدِلَ أوْ) الفتحة هذه من أين جاءت هي فتحة الهمزة لما أريد تخفيفها أو همزتها همزة قطع إذن لا تسقط وإنما سقطت هنا لضرورة الوزن ولما أراد ذلك حينئذ بدل من أن يقال التخلص من التقاء الساكنين قد يقال حينئذ = نقول هذه الفتحة ألقيت عن الهمزة التي كانت على الهمزة وأريد تخفيفها بحذفها.

(فَأَبْدِلَ اوْ بِالنَّصْبِ جِيءْ مُسْتَثْنِيَا) ، يعنى جيء مستثنيا المستثنى إيت به -إما بدلا- مما قبله وحينئذ قد يكون منصوبا وقد يكون مرفوعا والنوع الثاني بالنصب والشاهد هنا بقوله – بالنصب - يعنى جاز النصب ولم يتعين إذا قلت كما مثل الناظم هنا (كَلَمْ يَقُمْ أَحَدٌ الَاّ صَالِحُ) ، ما قام القوم إلا صالحا قام القوم إلا صالحا واجب؟ "قام القوم إلا صالحا " واجب " ما قام القوم إلا صالحا " يجوز في " صالحا "وجهان الوجه الأول النصب على الاستثناء كالمثال المنطوق به " ما قام القوم إلا صالحا "، صالحا بالنصب على أنه مستثنى ويجوز أن يكون بدلا من المستثنى منه والمستثنى منه هنا مرفوع " قام " ما قام القوم إذن بالرفع ما قام القوم إلا صالح "على أنه بدل بعض من كل فجاز فيه الوجهان لماذا؟ لكونه منفيا (وَإِنْ بِنَفْيٍ وَتَمَامٍ حُلِّيَا) ،فأبدل ما بعد إلا مما قبلها فيأخذ حكمها حينئذ يكون من أي أنواع البدل؟ بدل البعض من الكل، أو بالنصب على الأصل لأن الأصل في المستثنى أن ينصب لكن الشهير في لسان العرب، في مثل هذا المقام وهو النفي،- تمام مع إلا- أن الإتباع أكثر ولذلك نصوا على أن الإتباع أجود من النصب في هذا المقام لماذا؟ لكثرة السماع (فَأَبْدِلَ اوْ بِالنَّصْبِ) -أو- للتخيير يعنى أنت مخير إما أن تقول ما قام القوم إلا صالحا ولك أن تقول إلا صالحٌ يجوز الوجهان سواء نطقت بهذا أو بذاك لا تلام لكن الأجود أن تقول إلا صالحٌ بالرفع لأنه الكثير في لسان العرب.

(فَأَبْدِلَ اوْ بِالنَّصْبِ جِيءْ مُسْتَثْنِيَا) ، يعنى ايت بالاستثناء بعد إلا إما بالبدل أو بالنصب كقولك (لم يقم أحد) ،-أحد- هو المستثنى منه وهو مذكور حينئذ الكلام= يكون تاما وهو منفي؛ لأنه سُبق بلم وهي حرف نفي إلا أداة استثناء صالح أو صالحا يعنى قل هذا أو ذاك (فهو) أي المستثنى لِذَيْنِ أي النصب والبدلية صَالِحُ ، صالح الأول ماهو؟ كـ (لم يقم أحد إلا صالح أو صالحا فهو لِذَيْنِ صالح) صالح ما الفرق بينهما؟ (فهو لِذَيْنِ صالح) صالح هذا ليس بعلم وإنما هو وصف وصالح الأول هذا علم إلا صالح كلم يقم أحد إلا صالح هذا علم مثل إلا زيد أو صالحا هذا علم (فَهْوَ لِذَيْنِ صَالِحُ).

الحالة الثالثة: أن يكون بحسب موقعه من الإعراب يعنى بحسب العوامل الكلام في المستثنى بإلا (أو كان ناقصا) يعنى أو كان الكلام ناقصا؛ لأن الوصف بالتمام، والنقص إنما هو للكلام يعنى -لم يذكر المستثنى منه-.

إن ذكر المستثنى منه في اللفظ فالكلام تام

إن حذف المستثنى منه فالكلام ناقص

ص: 6

- أو- للتنويه -كان - أي الكلام -ناقصا- وحينئذ لا يكون إلا منفيا إذا كان غير تام لم يذكر فيه المستثنى منه حينئذ لا يكون إلا منفيا؛ لأن الإثبات المتعذر " ما ضربت إلا زيدا " هذا نقص "ما ضربت إلا زيدا " ما حرف نفي ضربت فعل وفاعل إلا أداة استثناء حرف استثناء ملغاة زيدا مفعول به ليس مستثنى إنما مستثنى من جهة المعنى أما إعرابا فلا نقول إلا أداة استثناء ملغاة يعنى لا أثر لها " زيدا "نقول هذا مفعول به ولا نعربه على أنه منصوب على الاستثناء حينئذ نقول أين المستثنى منه؟

- لم يذكر في الكلام ما ضربت أحدا إلا زيدا هذا الأصل لكنه في المعنى، هذا الكلام بهذا التركيب قالوا لا وجود له إلا منفي؛ لأنه لو جاء مثبتا، لفسد المعنى لو قلتَ " ضربتُ إلا زيدا " يعنى - ضربت كل الناس الذين على وجه الأرض إلا زيدا -ممكن؟ لا يمكن إذن ضربت كل الناس نقول ما يمكن ، -ما رأيت إلا زيدا- رأيت إلا زيدا يعنى رأيت كل الناس إلا زيدا هذا متعذر، إذن -النقص -بحذف مستثنى منه لا يكون إلا منفيا لتعذر الإيجاب في صدقه / إن كان كاذبا هذا شيء آخر. المراد به الصدق.

- (أو كان ناقصا) حينئذ (فأعربه) على حسب ما يجيء فيه العمل يعنى على حسب العوامل فإن ركب مع عامل يقتضي الرفع رفع على أنه فاعل " ما قام إلا زيد"(ما) حرف نفي (قام) فعل ماضي إلا أداة استثناء ملغاة (زيد) فاعل ، ما رأيت إلا زيدا (زيدا) مفعول به ما مررت إلا بزيد أعدت الحرف بعد إلا إذن

(فأعربه على حسب ما يجيء فيه العملا) فأعربه يعنى يعطى ما يستحقه لو لم توجد إلا كأن إلا ملغاة ولذلك نعرب إلا بأنها أداة استثناء ملغاة يعنى لا عمل لها البتة (فأعربه على حسب ما يأتي فيه) يعنى في المستثنى أو في الذي بعد إلا (العملا) الألف هذا للإطلاق وهذا يسمى استثناء مفرغا من التفرغ يعنى ما قبل إلا تفرغ للعمل فيما بعد إلا.

كَمَا هَدَى إِلَاّ مُحَمَّدٌ وَمَا

عَبَدتُّ إِلَاّ اللهَ فَاطِرَ السَّمَا

وَهَلْ يَلُوذُ العَبْدُ يَوْمَ الحَشْرِ

إِلَاّ بِأَحْمَدَ شَفِيْعِ البَشَرِ

وَحُكْمُ مَا اسْتَثْنَتْهُ غَيرُ وَسِوَى

سُوَى سَوَاءٌ أَنْ يُجَرَّ لَا سِوَى

وَانْصِبْ أَوِاجْرُرْ مَا بِحَاشَاوَعَدَا

خَلَا قَدِ اسْتَثْنَيْتَهُ مُعْتَقِدَا

(كما) كقولك ما نفي (هدى) فعل ماض (إلا) أداة استثناء ملغاة محمد (هدى) محمد يعنى ابتدأ محمد فاعل هدى أين إلا؟ نقول لا أثر لها البتة فهي ملغاة كأنها لم تكن (وما عبدت) وما نفي عبدت فعل وفاعل إلا الله يعنى عبدت الله الله هذا مفعول به وإلا أداة استثناء ملغاة (فاطر) هذا نعت للفظ الجلالة وهو مضاف السماء مضاف إليه إذن هذا هو النوع الثالث من حالات المستثنى بإلا.

الحالة الأولى: وجوب النصب وذلك إذا اجتمع الشروط الثلاثة السابقة تمام الكلام أن يكون موجبا أن يكون الاستثناء بإلا وجب النصب.

الحال الثانية: جواز النصب مع جواز غيره وهو البدلية وهذا فيما إذا كان الكلام تاما لكنه منفي والاستثناء كذلك بـ إلا، والحالة الثالثة الذي هو الاستثناء المفرق.

وَهَلْ يَلُوذُ العَبْدُ يَوْمَ الحَشْرِ

إِلَاّ بِأَحْمَدَ شَفِيْعِ البَشَرِ

ص: 7

هذا مثال لأي شيء؟ قلنا (وإن بنفي أو شبهه) وهو الاستفهام أو النهي (وهل) حرف استفهام مبني على السكون لا محل له من الإعراب (يلوذ) هذا فعل مضارع من لاذ به لجأ إليه وعاذ به وبابه قال يعنى يأتي على يفعُل. يلوذ فعل مضارع مرفوع لتجرده عن الناصب الجازم ورفعه ضمة ظاهرة على آخره (العبد) هل يلوذ العبد فاعل يلوذ مرفوع به ورفعه ضمة ظاهرة على آخره (يوم الحشر) ظرف منصوب على الظرفية في يوم إذن على معنى في يوم منصوب على الظرفية متعلق بقوله (يلوذ) وهو مضاف و (الحشر) مضاف إليه مجرور بالمضاف وجره كسرة ظاهرة على آخره (إلا) حرف استثناء مبني على السكون لا محل له من الإعراب (بأحمد شفيع البشر)(إلا) أداة استثناء (بأحمد) الباء حرف جر و (أحمد) اسم مجرور بالباء وجره الفتحة نيابة عن الكسرة لماذا؟ لأنه ممنوع من الصرف والمانع له وزن الفعل والعلمية (شفيع) نعت لأحمد ونعت المجرور مجرور وجره كسرة ظاهرة على آخره (شفيع) مضاف والبشر مضاف إليه مجرور بالمضاف وجره كسرة ظاهرة على آخره وهنا أين الشاهد هل المستثنى منه مذكور؟ أين هو؟ حدِّدوا (هل يلوذ العبد) أي عبد؟ ما هو مذكور ما هو التقدير؟ هل يلوذ أحد العبد؟ كيف يأتي هذا؟ -أل-هنا للجنس، هل يلوذ العبيد يوم الحشر إلا بأحمد؟ نلاحظ هنا استثناء مفرق وهل يلوذ العبد بأحد إلا بأحمدا.

وَحُكْمُ مَا اسْتَثْنَتْهُ غَيرُ وَسِوَى سُوَى سَوَاءٌ أَنْ يُجَرَّ لَا سِوَى

هذا الاستثناء (بغير وسوى) يعنى ماعدا (إلا) قلنا أدوات الاستثناء ثمانية أم الباب إلا ماعدا إلا حينئذ فيه تفصيل أدوات الاستثناء ثلاثة أقسام غير إلا: (1) ما يخفض دائما يعنى المستثنى لا يكون إلا مجرورا الثاني ما يخفض تارة وينصب أخرى الثالث وهذا يمكن أن يكون متفرعًا عن الثاني.

ما ينصب دائما وهو " ما عدا وما خلا "

وما يخفض تارة وينصب أخرى " عدا وخلا وحاشا "

ما يخفض دائما " غير وسوى "ولذلك قلنا المستثنى في بعض أحواله من المنصوبات ليس دائما وإنما في بعض الأحوال

(وَحُكْمُ مَا اسْتَثْنَتْهُ غَيرُ وَسِوَى) سُوَى سَوَاءٌ (حكمه أَنْ يُجَرَّا) ما الذي يجر المستثنى إذن نائب الفاعل يعود إلى المستثنى يجر بماذا؟ بإضافة غير وسوى إليه لا سوى يعنى لا غير إذن لا يكون المستثنى بغير وسوى إلا مجرورا، لا غير يعنى لا يكون إلا مجرورا، كما أن المستثنى بإلا بعد تمام الكلام الموجب لا يكون إلا منصوبا؛ كذلك الاستثناء " بغير وسوى "لا يكون إلا مخفوضا نقول " قام القوم غير زيد " أين المستثنى منه؟ القوم أين المستثنى " زيد " مخفوض خفضته لماذا؟ لأنه مضاف إليه -وغير –ملازمةٌ، للإضافة / إذن (غير) مضاف و (زيد) مضاف إليه غير حركتها كيف تنطق بها؟ تعطي غير والمثال لا يكون إلا بغير لأن السؤال لا يظهر عليه الإعراب تعطي (غير) الحركة التي أعطيتها المستثنى بعد إلا.

فما وجب النصب بعد إلا - بعد تمام الكلام الموجب = حينئذ تنصب غيره، وإذا جاز الوجهان جوزته في " غير " وإذا تعين الإعراب بحسب العوامل كذلك في غير حينئذ = تقول ماذا؟ (قام القوم غيرَ) بالنصب (غير زيد) ، زيد انتهينا منه مجرور لأنه مضاف إليه الكلام في غير (قام القوم غير زيد) هنا يتعين النصب لماذا؟ لأنك تعطي حق غير حركة المستثنى بعد إلا فيما إذا كانت كلاما تاما موجبا " قام القوم إلا زيدا " وجب النصب لزيد " قام القوم إلا زيدا " وجب النصب لزيدٍ/ إذن " قام القوم " كلام تام موجب " غيرَ " بالنصب وواجب النصب لماذا؟ لأن المستثنى بعد إلا في كلام تام موجب يجب نصبه.

واضح؟ " ما قام القوم غيرُ زيد " وغيرَ زيد " يجوز فيه الوجهان إذن غير زيد على البدلية وغير زيد بالنصب على الاستثناء وقيل على الحال فيه قولان إذن " غير " حركة الراء من أين نأتي بها حركة المستثنى بعد إن فإن كان واجب النصب حينئذ تعين نصب غير.

ص: 8

وإن جاز فيه المستثنى بعد إلا الوجهان فيما إذا كان بعد كلام تام غير موجب حينئذ جاز الوجهان في لفظ غير" ما قام غيرُ زيد" ما قام غيرَ زيد " يصح الوجهان؟ حسب العوامل إذن يتعين الرفع " ما قام غير " فاعل ليس له حال أخرى كما إذا قلت " ما قام إلا زيدٌ " بالرفع قولا واحدا لأنه فاعل " ما قام غير زيد "بضم غير لأنه فاعل ما رأيت غير زيد مفعول به " ما مررت بغير زيد " لأنه اسم مجرور بالباء إذن (غير وسوى) يستثنى بهما المضاف إليه هو المستثنى فيكون مجرورا وأما إعراب (غير وسوى) يعنى حركة الراء والألف إنما يعطى "غير وسوى" حركة المستثنى بعد إلا بأحواله الثلاث السابقة.

وَانْصِبْ أَوِ اجْرُرْ مَا بِحَاشَا وَعَدَا

خَلَا قَدِ اسْتَثْنَيْتَهُ مُعْتَقِدَا

فِي حَالَةِ النَّصْبِ بِهَا الفِعْلِيَّهْ

وَحَالَةِ الجَرِّ بِهَا الحَرْفِيَّهْ

(عدا وحاشا وخلا) هذه يجوز النصب بها ويجوز الخفض يعنى ما يخفض تارة وينصب أخرى تقول " قام القوم عدا زيدًا" قام القوم عدا زيدٍ "يجوز الوجهان، لكن إذا نصبت نويت " أن عدا وخلا وحاشا " أفعال لأن الفعل في الأصل هو الذي ينصب وإذا خفضت حينئذ نويت بأن هذه " عدا وخلا وحاشا "حروف جر والذي يجر هو حرف الجر إذن (وانصب) على المفعولية، (أو) للتنوية (اجرر) يعنى جره (ما) الذي (بحاشا) هذا الأول و (عدا) هذا الثاني و (خلا) هذا الثالث، قد استثنيته أي المستثنى حال كونك (معتقدا) بقلبك في حالة النصب بهذه المذكورات (بها) هذا متعلق بالنصب الفعلية إذا نصبت فهي أفعال وحالة الجر يعنى في حالة الجر (بها) بهذه الأفعال الحرفية تعتقد أنها حروف " قام القوم "فعل وفاعل "عدا " فعل ماض مبني على الفتح المقدر، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره هو يعود على بعض المفهوم مما سبق زيدا مفعول به " قام القوم عدا زيد " قام القوم فعل وفاعل " عدا" حرف جر مبني على السكون لا محل له من الإعراب "زيد" اسم مجرور بعدا وجره كسرة ظاهرة على آخره إذن الاستثناء بعدا وخلا وحاشا فيه وجهان إما الاستثناء من جهة المعنى لأن فيه إخراجا فيه وجهان إن نصبت بها ما بعدها فهي أفعال وإن جررت ما بعدها فهبي حروف وفي كلا الحالين حصل الإخراج بها لأن الاستثناء هو الإخراج.

تَقُولُ قَامَ القَوْمُ حَاشَا جَعْفَرَا

أَوْ جَعْفَرٍ فَقِسْ لِكَيْمَا تَظْفَرَا

(تقول) مثال حاشا " قام القوم " فعل وفاعل " حاشا " فعل ماض مبني على السكون لا محل له من الإعراب والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره هو يعود على البعض المفهوم لما قبله و " جعفرا" بالنصب مفعول به بحاشا أو " جعفر " حاشا جعفر أو بالتنوين حاشا حرف جر وجعفر اسم مجرور بحاشا وجره كسرة ظاهرة على آخره (فقس) إنما النحو قياس يتبع ، قس إذن أمرك الناظم بأن تقيس على ما ذكر (لكيما تظفرا)" ما " زائدة وكي هنا سبقتها اللام حينئذ تظفرا الألف هذه للإطلاق و (جعفرا) الألف للإطلاق جعفرا نائب عن التنوين ليس إطلاق تظفرا هذه مدّةٌ للفتحة (تظفرا) فعل مضارع منصوب بماذا؟ فيه أقوال لكيما تظفرا، تظفرا فعل مضارع منصوب أكمل الفراغ

بـ كيْ لما قلنا بكي لما لم تكن أن مضمرة؟ لأن كي هنا مصدرية وضابطها (هي التي يسبقها اللام لفظا أو تطبيقا) إذن (عدا وحاشا وخلا)" عدا وخلا " قد يتعين بهما النصب إذا سبقت كل واحد منهما " ما " يعنى إذا قلت " قام القوم ماعدا زيدا " تعين النصب هنا لماذا؟ لأن ما هذه مصدرية و " ما " المصدرية لا تدخل إلا على الأفعال، إذن تعين أن تكون " عدا " فعلا وإذا كانت عدا فعلا حينئذٍ وجب النصب بها إذن " قام القوم ماعدا زيدا " ولا يصح ماعدا زيد إلا في لغة ضعيفة أشار إليها ابن مالك:

وانجرارٌ قد يرد ....

لكن المشهور في فصيح الكلام أنه إذا سبقت " ما "(عدا) أو (خلا) حينئذ يتعين النصب بهما لماذا؟ لأنها في هذه الحالة صارت أفعالا إذن يجوز الوجهان النصب والخفض في عدا وخلا ما لم يتقدمهما ما المصدرية ونصينا على عدا وخلا دون حاشا لأن حاشا لا تصحبها كما قال ابن مالك:

ولا تصحبهما ......

يعنى لا تتقدم عليها ما المصدرية وقد قيل به وهو ضعيف إذن هذا ما يتعلق بأدوات الاستثناء.

باب لا

اِنْصِبْ بِلَا مُنَكَّرًا مُتَّصِلَا

مِنْ غَيرِ تَنْوِينٍ إذَا أَفْرَدتَّ لَا

ص: 9

تَقُولُ لَا إِيمَانَ لِلمُرْتَابِ

وَمِثْلُهُ لَا رَيْبَ فِي الكِتَابِ

وَيَجِبُ التَّكْرَارُ وَالإِهْمَالُ

لَهَا إِذَا مَا وَقَعَ انْفِصَالُ

تَقُولُ فِي المِثَالِ لَا فِي عَمْرِو

شُحٌّ وَلَا بُخْلٌ إِذَا مَا اسْتُقْرِي

وَجَازَ إِنْ تَكَرَّرَتْ مُتَّصِلَهْ

إِعْمَالُهَا وَأَنْ تَكُونَ مُهْمَلَهْ

تَقُولُ لَا ضِدَّ لِرَبِّنَا وَلَا

نِدَّ وَمَنْ يَأْتِ بِرَفْعٍ فَاقْبَلَا

يعنى " لا " النافية للجنس والمراد بلا النافية هنا الباب في الأسماء المنصوبة ولا هذه تعمل عمل إن.

عمل إن اجعل لِلَا .....

وماهو عمل إن؟ نصب الاسم ورفع الخبر، إذن من الذي يدخل معنا هنا؟ (اسم لا) لأن البحث في المنصوبات إذن {باب لا أي اسم لا} ؛ لأنه هو الذي من المنصوبات لا خبرها لأن خبر هنا ليس خبرها يعنى لأن الخبر يكون مرفوعا (باب لا) أي نافية للجنس وعرفنا الجنس فيما مضى أنه (ما لا يمنع تعقله من وقوع الشركة فيه) ولذلك هو معنى النكرة الجنس هو النكرة ولذلك تقول " لا رجل في الدار " نفيت الجنس هنا يعنى جنس الرجال منفي كينونة، ليس جنس الرجال يعنى لا يوجد رجل لا وإنما كينونة الرجال أو الرجل في البيت منفية باب لا قال الناظم:

اِنْصِبْ بِلَا مُنَكَّرًا مُتَّصِلَا

مِنْ غَيرِ تَنْوِينٍ إذَا أَفْرَدتَّ لَا

تَقُولُ لَا إِيمَانَ لِلمُرْتَابِ

وَمِثْلُهُ لَا رَيْبَ فِي الكِتَابِ

(انصب) محلا أو لفظا (انصب) محلا " لا رجل " رجل هذا اسم لا مفرد، وهو مبني معها على الفتح كيف نقول انصب؟ لكننا نقول" لا رجل " رجل اسم لا مبني على الفتح في محل نصب إذن النصب هنا حصل ماذا؟

في المحل لا في اللفظ " لا طالعا جبلا " لا طالب علم كسلان " باب التفاؤل لا طالب علم.

إذن نقل هنا حصل النصب ظاهرا، إذن (انصب) محلا أو لفظا، وحكم النصب لقوله (إذا أفردت لا) يكون واجبا (أفردت لا) يعنى لم تكررها قلت " لا رجل في الدار " وإذا لم تفردها إذا كررتها (لا رجل في الدار ولا امرأة).

إذا تكررت لا = جاز النصب وعدمه فيجوز الوجهان " لا رجلٌ في الدار ولا امرأةٌ " وبالبناء على الفتح، يجوز الوجهان متى يجب " إذا أفردت لا " يعنى إذا لم تكررها وإنما ذكرتها مرة واحدة إذن انصب وجوبا بلا إذن" لا " هي الناصبة بنفسها منكرا إذن بلا النافية للجنس وهذا هو الشرط الأول في إعمالها أن تكون نافية للجنس (منكرا) أطلق هنا قوله منكرا فيطلق على الاسم والخبر نحن نريد أن نلصق الشروط بالنظم- من أجل أن تحفظ- إذن انصب وجوبا لماذا وجوبا؟ لقوله في آخر البيت (إذا أفردت لا) قيِّدْه بلا النافية للجنس هذا الشرط الأول.

لأنَّ " لا " تتنوع تكون ناهية، تكون زائدة، تكون بمعنى ليس، والمراد هنا أن تكون نافية للجنس هي التي تعمل عمل إن منكرا أطلق الناظم حينئذ يشترط في إعمال لا أن يكون اسمها (منكرا) أن يكون اسمها نكرة وأن يكون خبرها نكرة إذن معمولاها نكرتان فإذا كان معرفة حينئذ = نقول لا تعمل " لا "لا تنصب يعنى، (متصلا) يعنى لا يفصل بين اسمها وبين لا فاصل فإن فصل امتنع النصب (لا فيها غول) لا غول فيها، فصل بينهما فوجب الرفع والتكرار.

(متصلا) يعنى تباشر النكرة لا مباشرة للنكرة بأن لم يفصل بينهما بينها وبين اسمها فاصل، ولو ظرفا أو جارا ومجرورا ولو ظرفا أو جرا أو مجرورا، (من غير تنوين) وهذا إنما يكون في ماذا؟ في المضاف لأنه لا ينون تنصبه " لا طالب علم" دون نصب (من غير تنوين) يعنى انصبه وجوبا (من غير تنوين) وهذا عندما يكون في المضاف ومع التنوين في الشبيه بالمضاف وأما المفرد كما سيأتي وهذا عندما يكون مبنيا على ما ينصب به لو كان معربا؛ لأنه ركب مع لا تركيب الخمسة خمسة عشرعلى رأي الجمهور، (إذا أفردت لا) يعنى الحكم السابق انصب إلى آخره إذا أفردت لا يعنى لا المفردة وهي التي لم تتكرر إذن شروط لا نافية للجنس:

أولا: أن تكون نافية للجنس.

ثانيا: أن يكون معمولاها نكرتين.

ثالثا: اتصالها باسمها أن لا يفصل بينهما فاصل.

ومن الفاصل / أن لا يتقدم الخبر عليها إذا تقدم بمعنى أنه فصل بين لا واسمها سواء كان بأجنبي أو بخبر لا حينئذ نقول مطلقا لا لا تعمل إذا وجدت هذه الشروط الثلاث أو الأربعة = حينئذ مع إفراد لا تعين النصب (إذا أفردت لا).

وعليه: يقال إذا استوفت الشروط حينئذ لا يخلو اسم لا:

ص: 10

إما أن يكون مضافا، أو شبيها بالمضاف، أو مفردا.

إما أن يكون مضافا مضاف ومضاف إليه يعنى وإما أن يكون شبيها بالمضاف ليس مضافا ومضاف إليه وإنما هو شبيه به وإما أن يكون مفردا.

فإن كان مضافا أو شبيها به ظهر النصب فيه إذن (انصب) قلنا محلا أو لفظا هذا تفسير لما ذكرناه.

إن كان اسم لا مضافا ظهر النصب، وليست مبنية ليس اسمها مبنيا، " لا صاحب علم ممقوت "(لا) نافية للجنس حرف مبني على السكون لا محل له من الإعراب " صاحب علم " اسم لا نكرة، وإن أضيف إلى نكرة فهو نكرة ما خرج عن التنكير (صاحب علم) اسم لا منصوب بها ونصبه فتحة ظاهرة على آخرها صاحبها مضاف وعلم ضاف إليه ممقوت بالرفع خبر لا وهي العاملة فيه إذن هذا هو المضاف.

(لا صاحب جود مذمومٌ) كالسابق، الشبيهُ بالمضاف وليس بمضاف لكنه شبيه بالمضاف من حيث إنه منون وقد عمل فيما بعده ولو حذف التنوين لأضفته لما بعده مثل ماذا؟

(لا طالعا جبلا مذمومٌ) وطالعا جبلا (طالعا) هذا اسم فاعل وهو منون عمل فيما بعده طالعا، هو جبلا (جبلا) مفعول به والعامل فيه طالعا حينئذ نقول هذا عمل في لا = إذن اتصل به شيء من تمام معناه لو حذفت التنوين لأضفته قلت " لا طالع جبل " إذن أشبه المضاف من حيث كونه منونا وهو قابل لحذف التنوين وإضافته لما بعده.

إذن ضابط الشبيه بالمضاف = ما اتصل به شيء من تمام معناه، يعنى عمِلَ فيما بعده إما مرفوع به كقول "لا قبيحا فعله ممدوح" أو منصوب " لا طالعا جبلا حاضر " أو مخفوض بخافض يتعلق به " لا خير من زيد عندنا ".

إذن أن يكون اسم لا منونا وعمل فيما بعده هذا يسمى ماذا؟ شبيها بالمضاف، هذا حكمه النصب ويكون النصب ظاهرا إذن المضاف والشبيه بالمضاف يكونان منصوبين والنصب يكون ظاهرا إلا أن المضاف لا ينون على القاعدة والشبيه بالمضاف هو المنون بقي ماذا؟

أن يكون اسم لا مفردا، والمفرد هنا غير المفرد في باب الإعراب، وغير المفرد في باب المبتدأ والخبر.

قلنا هناك المفرد (ما ليس جملة ولا شبيه بالجملة)

والمفرد في باب الإعراب (ما ليس مثنى إلى آخره)

وهنا المفرد (ما ليس مضافا ولا شبيها بالمضاف)

ما ليس مضافا عرفنا المضاف ولذلك قدمناه وليس شبيها بالمضاف إذن ماذا بقي؟ بقي المفرد الذي دل على واحد أو واحدة ودخل فيه المثنى ودخل فيه الجمع، بأنواعه فهو مفرد في هذا الباب (لأنه ليس مضاف ولا شبيها بالمضاف) = حينئذ حكمه إن كان مفردا (يبنى) إذن مبني وليس معربا المضاف والشبيه بالمضاف معربان وهنا المفرد يكون مبنيا يبنى على ماذا؟ على ما ينصب به لو كان معربا.

" لا رجل في الدار "(رجل) لو عربته بالنصب تنصب بماذا؟ بالفتحة إذن تبنيه هنا على الفتح تقول " لا رجل في الدار " رجلان لو نصبته تنصبه بالياء إذن تبنيه في باب لا " لا رجلين في الدار " رجال لو نصبته بالفتحة إذن " لا رجال في الدار ".

هكذا (كل ما أعرب نصبا سواء كان بالفتحة أو بما ينوب عنها حينئذ يبنى عليه) تقول مبني على الفتح مبني على الياء وهكذا = إذن إن كان مفردا فإنه يبنى على ما يوصف به لو كان معربا، فإن كان مفردا أو جمع تكسير بني على الفتح تقل " لا رجل " وتقول " لا رجال " رجل اسم لا مبني على الفتح في محل نصب لا رجال مبني على الفتح في محل نصب مع كون مفرد ورجال جمع تكسير وكل منهما لو نصب لنصب بالفتحة على الأصل وإن كان مثنى أو جمع تصحيح، فإنه يبنى على الياء.

" لا رجلين بالدار "" لا مسلمين عندي "(لا رجلين)(رجلين) اسم لا مبني على الياء في محل نصب " لا مسلمين عندي" أو في الغرب مثلا تقل لا مسلمين مسلمين اسم لا مبني على الياء في محل نصب، لما بني على الياء؟

لأنه لو نصب فيما لو أعرب لنصب بالياء نيابة عن الفتحة (جمع المؤنث السالم يبنى على الكسر لا مسلمات في الدار وقد يبنى على الفتح يعنى فيه قولان يبنى على الكسر وقد يبنى الفتح) إذن هذه أحوال اسم لا (1) إما أن يكون مضافا (2) أو شبيها بالمضاف (3) أو مفردا المضاف والشبيه بالمضاف منصوبان معربان والمفرد وهو ما ليس مضافا ولا شبيها بالمضاف هذا يكون مبنيا يبنى على ماذا؟ على ما ينصب عليه لو كان معربا قال الناظم:

ص: 11

(تَقُولُ لَا إِيمَانَ لِلمُرْتَابِ) ، (لا) نافية للجنس مبني على السكون لا محل له من الإعراب (إيمان) اسم لا مبني معها على الفتح في محل نصب لماذا بني على الفتح لما بني أولا لتركبه مع لا تركيب خمسة عشر هذا المشهور عند سيبويه والجهور لما بني على الفتحة أو على الفتح لأنه مفرد في هذا المقام ولو أعرب نصبا لنصب بالفتحة (للمرتاب) جار ومجرور متعلق بالمحذوف الخبر لا ومثله (لا ريب في الكتاب)(لا) نافية للجنس (ريب) اسمها مبني معها عل الفتح في محل نصب في الكتاب جار ومجرور متعلق محذوف خبر لا.

وَيَجِبُ التَّكْرَارُ وَالإِهْمَالُ

لَهَا إِذَا مَا وَقَعَ انْفِصَالُ

يعنى إذا لم تتصل " لا " بالاسم بأن فصل - بينهما فاصل - ما العمل؟ قال (وجب الإهمال) ما هو الإهمال؟ يعنى ترك إعمالها لا تعمل.

ثم وجب على رأي البعض النحاة = وجب (التكرار) يعنى تكرر لا حينئذ إذا قلت (لا فيها رجل ولا امرأة) وجب التكرار يعنى لا يصح أن تقول (لا فيها رجل) وتقف!! لا! لا بد أن تكررها مرة أخرى (ويجب التكرار والإهمال) الإهمال المراد به الرفع عن الابتداء يعنى يرفع لضعفها في الفاصل ويجب (التكرار) يعنى وجب تكرار لا مرة أخرى ليست هي المفردة عند غير المبرِّد وابنِ كيسان؛ إشعارا بإلغائها (لها) يعنى للا (إذا ما) يا طالبا خذ فائدة - - ما بعد إذا زائدة.

(إذا ما وفع انفصال) بينها وبين اسمها.

أو دخلت على معرفة (لا محمد زارني ولا بكر) لا محمد (محمد) هذا معرفة والأصل في لا النافية للجنس تدخل على النكرة إذن تخلف شرط / فإذا تخلف شرط وجب التكرار (لا محمد زارني ولا بكر) وجب الإعادة ووفيها خلاف.

إذن ويجب التكرار يعنى (تكرار لا والإهمال) يعنى عدم إعمالها، وإذا لم تُعمل " لا " حينئذ رفع الاسمُ بعد سواء (كان معرفة أو نكرة) رفع على الابتداء (لها) أي، لِلا، (إذا ما وقع انفصال) تقول في المثال مثال جزئي ينكر لإيضاح القاعدة - نحن نكرر من أجل الحفظ -.

(لَا فِي عَمْرِو شُحٌّ وَلَا بُخْلٌ إِذَا مَا اسْتُقْرِي) ، يعنى إذا ما طلب منه الضيافة أقرى واستقرى طلب ضيافته الأصل " لا شحَّ في عمر ولا بخلَ " ، قدمت الخبر، وفُصل بين " لا واسمها نكرة " لا في عمر " إذن ما دخلت على النكرة حينئذ

(وجب الإهمال وتكرار لا) ولا بخل كررتها مرة أخرى - لا في عمر شحٌّ ولا بخلٌ- ثم قال:

وَجَازَ إِنْ تَكَرَّرَتْ مُتَّصِلَهْ

إِعْمَالُهَا وَأَنْ تَكُونَ مُهْمَلَهْ

السابق التكرار مع الانفصال -! -

وهنا: متصلة (لا رجل في الدار) قلنا متى يجب النصب (لا رجل في الدار) متى يجب النصب؟

إذا أفردت لا يعنى إذا لم تكررها، لم تفصل بين لا واسمها وقلت لا رجل في الدار ولا امرأة ماذا صنعت هنا؟ هل حصل فصل بين لا واسمها؟ الجواب لا ماذا حصل؟

كررتها إذن انتفى " الشرط الرابع أو الثالث " الذي ذكره في قوله (إذا أفردت لا) إذن لما انتقض هذا الشرط وهو كونك لم تفرد لا بمعنى أنك كررتها مع الاتصال مع بقية الشروط حينئذ= جاز الإعمال وجاز الإهمال.

فتقول (لا رجلَ في الدار ولا امرأة َ) بإعمال لا الأولى في النكرة رجل وإعمال لا الثانية، ويجوز لك أن تقول (لا رجلٌ في الدار ولا امرأةٌ " يعنى في الدار لا رجل في الدار (رجل) مبتدأ لا نافية للجنس ملغاة ورجل مبتدأ مرفوع بالابتداء.

0والذي سوغ الابتداء بالنكرة هنا كونه في سياق النفي -

إذن تقدمه نفي (رجل) مبتدأ (في الدار) خبر إذن صارت الجملة عادت لأصلها مبتدأ وخبر و (لا امرأة)(واو) حرف عطف و (لا) ملغاة أو زائدة (وامرأة) هذا مبتدأ مرفوع بالابتداء ورفعه ضمة ظاهرة على آخره والخبر يكون محذوفا لدلالة ما سبق عليه.

إذن (وجاز) يعنى لغة (إن تكررت) لا (متصلة) حال كونها متصلة (إن تكررت لا) حال كونها متصلة باسمها (جاز إعمالها) جاز فعل ماضي وإعمالها هذا فاعل جاز إعمالها أي لا وأن تكون مهملة (تقول) في المثال: (لَا ضِدَّ لِرَبِّنَا وَلَا نِدَّ وَمَنْ يَأْتِ بِرَفْعٍ فَاقْبَلَا)

(ضد) هذا نكرة ودخلت عليه لا، وهو متصل بها " ولا ند "(ند) هذا نكرة ودخلت عليه" لا "

حينئذ = جاز الإعمال ولذلك تقول " لا ضد " هذا اسم لا مبني معها على الفتح في محل نصب.

ص: 12

" ولا ند " ند اسم لا مبني معها على الفتح في محل نصب، ويجوز أن تقول " لا ضدٌّ " بالرفع على أنه مبتدأ " ولربنا " خبر " ولا ند "بالرفع على أنه مبتدأ وخبر محذوف.

(ومن يأتِ برفع -- لا ضدٌّ لربنا ولا ندٌّ فاقبلا) الألف هذه مبدلة عن نون التوكيد الخفيفة.

إذن جاز = إن تكررت حال كونها متصلة إعمالها، وأن تكون مهملة، يعنى لا تنصب ولا يُبنى معها الاسم المفرد، وإنما يجوز فيها الوجهان الإعمال على الأصل، والإهمال على أنه مبتدأ والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ص: 13