الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عناصر الدرس
* باب قسمة الأفعال وأحكامها.
* باب نواصب المضارع.
* باب جوازم المضارع.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
قال الناظم _رحمه الله تعالى_: [بَابُ قِسْمَةِ الأفْعَالِ وَأحْكَامِهَا]: أي هذا باب معرفة أقسام أو قسمة الأفعال، يعني مطلق الفعل، [وأحكامها]: أي أحكام هذه الأفعال من حيث الإعراب والبناء، ما هو الفعل المعرب؟ وما هو الفعل المبني؟ والمعرب على أي شيء يعرب؟ والمبني على أي شيء يبنى؟ والفعل كما مر معنا = في الاصطلاح:"كلمة دلت على معنى في نفسها واقترنت بأحد الأزمنة الثلاثة" _التي هي الماضي والحال والاستقبال_، "كلمة" من جنس، دخل فيها أنواع الكلمة الثلاثة، "دلت على معنى في نفسها" خرج الحرف؛ لأنه يدل على معنى في غيره، واشترك معه الاسم؛ لأن كلا من الاسم والفعل يدلان على معنى في أنفسهما، يعني دون ضميمة كلمة أخرى، ويفترقان في كون الفعل اقترن به أحد الأزمنة الثلاثة، قوله:"واقترن بأحد الأزمنة الثلاثة" هذا فاصل أخرج به الاسم؛ لأن الاسم لا يقترن بالزمن المعين، فحينئذ بقولنا:"بأحد الأزمنة الثلاثة" علمنا أن الفعل ينقسم باعتبار الأزمنة إلى ثلاثة أقسام: إما أن يكون فعلا ماضيا، وإما أن يكون فعلا مضارعا، وإما أن يكون فعل أمر _وهو الذي يدل على المستقبل_ ولذلك قال:[وهي ثلاثة]، وهي من حيث الزمان؛ لأن الزمان إما ماضٍ وإما حال وإما مستقبل؛ لأن العبرة بالتحدث _بالتكلم_، فالذي يخبر عن حدث ما = الحدث هذا إما أن يكون وقع قبل زمن التكلم، أو يقع في أثناء زمن التكلم، أو سيقع بعد زمن التكلم.
ويكون محصورا في هذه الأنواع الثلاثة، فإن كان الحدث واقعا قبل زمن التكلم فهو الفعل الماضي، وإن كان يقع في حال التكلم فهو الفعل المضارع، وإن كان يقع في الزمن المستقبل فالأصل فيه أنه يكون فعل أمر.
إذن: وَهْيَ ثَلَاثَةٌ أي لا رابع لها والتثليث هنا باعتبار الزمان وهي من حيث زمانها ثلاثة لا رابع لها، والدليل هو الاستقراء والتتبع.
وَهْيَ ثَلَاثَةٌ مُضِيٌّ قَدْ خَلَا
…
وَفِعْلُ أَمْرٍ وَمُضَارِعٌ عَلَا
جمع في هذا البيت ثلاثة أقسام _هي للفعل_[مضي]: هذا بدل مفصل من مجمل، _إعرابه_ بدل مفصل من مجمل؛ لأن [ثلاثة] هذا مجمل فيه إبهام، ماهي هذه الثلاثة؟ قال:[مُضِيٌّ]: إذن بدل مفصل من مجمل، ويصح أن يكون خبرا لمبتدأ محذوف، أولها [مُضِيٌّ] يجوز هذا، والأول أولى، [مُضِيٌّ]: ومعنى مضيه أنه وقع وانقطع، هذا هو الأصل، ولذلك نقول: الماضي: "ما دلّ على حدث وقع في الزمان الذي قبل زمان التكلم" هذا هو الفعل الماضي،"ما دلّ على حدث وقع في الزمان الذي قبل زمان التكلم"، ولذلك سمي ماضيا، ومعنى مضيه أنه وقع وانقطع، وعلامته _كما سبق_ قبوله تاء التأنيث الساكنة، العلامة الخاصة به التي لا يشركها معه غيره هو قبوله تاء التأنيث الساكنة.
[قَدْ خَلَا]: (قد) للتحقيق، و (خلا): فعل ماضٍ، وهذا من باب التتميم، أشار به لعلة تسمية الفعل الماضي، لماذا سمي ماضيا؟ لأنه خلا، بمعنى أن معناه باعتبار زمن التكلم قد انقضى وانقطع، وإذا قلت مثلا:(قامَ زيدٌ) = (قامَ) هذا فعل ماضٍ دل على حدث وقع قبل زمن التكلم، هل نحكم عليه بأنه انقطع؟ أو إلى زمن التكلم ما زال موجودا؟ بعضهم ينازع في هذا والصحيح أنه انقطع، بما أن قيام زيد قد انتهى بالزمن الماضي _حصل ووقع ثم انتهى وانقطع_، ولذلك قالوا:[قَدْ خَلَا] هذه علة تسميته ماضيا، لمضي معناه حالة التكلم بحسب الوضع يعني باعتبار الزمان المستفاد، ولذلك سمي ماضيا، هذا النوع الأول والفعل الماضي، وعرفنا حقيقته وعلامته فيما سبق.
[وَفِعْلُ أَمْرٍ]: (فعل أمر) مضاف ومضاف إليه، وهذا يقال فيه: إنه من إضافة الدال للمدلول، يعني فعل يدل على الأمر، والمراد بالأمر هنا الطلب، يدل على الطلب، (فعل أمر) بإضافة الدال إلى المدلول، وحقيقته:"ما دل على حدث يطلب حصوله بعد زمان التكلم"، "حدث يطلب حصوله بعد زمان التكلم"، يعني يكون معدوما، (قم) هذا فعل أمر، دل على ماذا؟ على الطلب، طلب ماذا؟ طلب إيقاع القيام في الزمن المستقبل، هذا هو الأصل والغالب، {يَا أيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ} ، (اتق) هذا فعل أمر أو لا؟ فعل أمر، هل هو مثل (قم)؟ قطعا لا، (اتق) التقوى حاصلة، إذن ماذا دل (اتق) على أي شيء؟ نقول دل على مداومة التقوى، إذن فعل الأمر يدل على شيء، هذا الخلاصة، يدلك على شيئين:
وجود ما لم يكن أو إيقاع ما لم يكن (هذا أولا)، (قم) لم يقم فقام، (قم) طلبت منه القيام، أو دوام ما حصل، يعني وقع الشيء وتطلب المداومة، إذن المداومة معدومة، والمطلوب بصيغة (افْعَلْ) هو المعدوم، سواء كان الحدث لم يكن ثم كان أو المداومة وهي معدومة ليس الحدث، فقوله:{اتق الله} المأمور به هنا إيجاد المداومة، ليس تحصيل التقوى لأنها حاصلة قطعا، حينئذ نقول: دلالة صيغة (افْعَلْ) تدل على شيئين: [أولا]: حصول ما لم يحصل، شيء معدوم، الحدث نفسه معدوم ثم طلبته فقلت (قم، أو اكتب، أو كُلْ، أو اشرب، أو نحو ذلك) فالأصل معدوم، أو أنه موجود، ولذلك الناس تقول:(كُلْ)، (كُلْ) وهو يأكل، يعني دُمْ عَلَى أو وَاصِل الأكْلَ، كذلك (اتق الله) يعني (دُمْ، وداوم على هذه التقوى)، {يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا} وصَفَهُم بالإيمان أولا، يعني حصل الإيمان، إذن ما الفائدة من قوله (آمِنُوا) أي داوموا على الإيمان.
إذن فعل الأمر يدل على طلب، إما طلب إيقاع الحدث الذي لم يكن، أو يكون الحدث قد وقع ويطالب بالمداومة، وكل منهما معدوم، لأن المداومة في المستقبل وهي معدومة لم تقع، "ما دلّ على حدث يطلب حصوله بعد زمان التكلم".
[ومضارع]: الثالث، قلنا فعل أمرٍ، [وَمُضَارِعٌ]: يعني فعل مضارع، [عَلَا]: يعني ارتفع، ارتفع على ماذا؟ ارتفع على أخويه وهما الماضي وفعل الأمر، لأن الأفعال ثلاثة:(فعل ماضٍ، فعل أمر) وكلاهما مبنيان، الماضي بالإجماع، وفعل الأمر فيه خلاف والصحيح أنه مبني، (وفعل مضارع) الأصل فيه الإعراب، انقلب فيه الأصل لعلة ما، حينئذ نقول الأصل فيه الإعراب، فلما كان الأصل فيه الإعراب علا وشَرُفَ وارتفع على أخويه الماضي وفعل الأمر، لماذا؟ لكونه معربا، وكونه معربا لأنه شابه الاسم، ولذلك سمي مضارعا، من المضارعة وهي المشابهة، إذن وهي ثلاثة بالاستقراء والتتبع، مضي وفعل أمر ومضارعأ ثم أراد أن يفصل أحكام كل، [فالماض]: الفاء فاء الفصيحة، وبدأ به لأنه الأصل، لأنه جاء على الأصل وهو البناء، الأصل في الاسم أنه معرب، والأصل في الفعل أنه مبني، وما جاء على الأصل لا يسأل عنه، هذا هو الأصل، فالماضي ما حكمه من حيث البناء؟ هو مبني، وليس بمعرب، لكن يبنى على ماذا؟ قال:
فَالمَاضِ مَفْتُوحُ الأَخِيرِ أَبَدَا
…
---------------
عرفنا أن علم النحو: "علم بأصول يعرف بها أحوال أواخر الكلم إعرابا وبناء"، إذن متعلق الإعراب آخر الكلم، يعني محل ظهور حركة الإعراب آخر الكلم، ومحل ظهور حركة البناء كذلك آخر الكلم، إذن [فالماض مفتوح الأخير]: لِمَ قال الأخير؟ لأنه محل ظهور حركة البناء، (قام) الفتحة أين ظهرت؟ ليست في الأول ولا في الثاني، (ضَرَبَ) أين ظهرت الفتحة؟ ليست في الأول ولا في الثاني وإنما تكون حركة البناء ظاهرة في آخر الكلمة، [مفتوح الأخير أبدا]: يعني مطلقا بدون استثناء، أي مبني على فتح آخره، ثم هذا الفتح قد يكون ظاهرا وقد يكون مقدرا.
إذن علمنا من هذا الشطر أمرين:
الأول: أن الماضي مبني.
ثانيا: أنه مبني على الفتح، وأطلق الناظم بمعنى أنه لم يستثنِ حالة من الحالات، فكلما وجد الفعل الماضي فاحكم عليه بأنه مبني على الفتح، إن أمكن النطق بالفتح فهو الظاهر، وإن لم يمكن فقدره، هذه هي القاعدة، حينئذ نقول:[الماض مفتوح الأخير]: فتحا ظاهرا، والفتح الظاهر إنما يكون متى؟ إذا كان الماضي صحيح الآخر، بمعنى أن الحرف الذي هو آخر الكلمة ومحل ظهور حركة البناء يكون صحيحا، وعرفنا أن الصحيح يقابله المعتل، إذن الصحيح الذي ليس آخره حرفا من حروف العلة الثلاثة، لكن سيستثنى منه _كما يأتي_ "ولم يتصل به واو الجماعة، ولا ضمير رفع متحرك، وكذلك بكل ما كان آخره واوا أو ياء"، إذن لابد من هذه القيود العدمية، بمعنى أن يكون صحيح الآخر، (ضَرَبَ) نقول هذا مبني على الفتح الظاهر، (ضَربَ زيدٌ عَمْرًا)، (ضَرَبَ) فعل ماضٍ مبني على الفتح، لِمَ بني على الفتح؟ لأنه فعل ماضٍ _قبل_ لِمَ بني؟ لأنه فعل، والفعل الأصل فيه أنه مبني، لِمَ بني على الفتح؟ لأنه فعل ماضٍ، لما كانت الحركة التي هي الفتحة ظاهرة تقول لأنه صحيح الآخر ولم تتصل به واو الجماعة؛ فلم نقل (ضَرَبُوا) بالواو، إنما قلنا (ضَرَبَ)، إذن صحيح الآخر، ولم يتصل به واو الجماعة، ولم يتصل به ضمير رفع متحرك (ضَرَبْتُ)، (ضَرَبْنَ)، النسوة (ضَرَبْنَ) لم يتصل به لا ضمير متحرك ولا نون الإناث، إذن صحيح الآخر، خرج به المعتل، لكن ليس كل المعتل وإنما خرج ما كان مختوما بألف، وأما ما كان مختوما بالواو والياء فتظهر فيه الفتحة، إذن لابد من هذه القيود، (صحيح الآخر، لم يتصل به واو الجماعة، ولا ضمير رفع متحرك، وكذلك ماكان مختوما بواو أو ياء)، فحينئذ يبنى على الفتح الظاهر، ولذلك نقول (رَضِيَ اللهُ){لَقَدْ رَضِيَ اللهُ} ، (رَضِيَ) هي فعل ماضٍ، وظهرت عليه الفتحة مع كونه معتلا، وإنما المعتل الذي تقدر فيه الفتحة ما كان مختوما بالألف فحسب فقط، {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ} ، (وَعَصَى) فعل ماضٍ، حينئذ نقول تقدر فيه الفتحة، وما عدا ذلك فيبقى على الأصل، إذن بهذه القيود نقول: يبنى على الفتح الظاهر.
وإذا نظرنا باعتبار الفاعل _وهو نظر حسن_ نقول الفتح الظاهر يكون في ثلاثة مواضع:
- الموضع الأول: أن يكون فاعله اسما ظاهرا، وسيأتي تقييده بالمقابل أنه صحيح الآخر، نحو ماذا؟ نحو (ضَرَبَ زَيْدٌ)، (زيدٌ) هذا فاعل، و (ضربَ) فعل ماضٍ، إذن فاعله اسم ظاهر.
- الموضع الثاني: أن يكون فاعله ضميرا مستترا _قدر_، (زَيْدٌ ضُرِبَ) هو، (ضُرِبَ) هو.
- الموضع الثالث: أن يكون فاعله ألف تثنية _يعني ألف الاثنين_، (الزَّيْدَانِ ضَرَبَا عَمْرًا)، (ضَرَبَا) نقول هذا فعل ماضٍ مبني على الفتح الظاهر، هذا الصحيح وهو قول الجماهير، والألف هذه فاعل، إذن الفتحة التي هي قبل الألف هذه فتح بناء، وهو ظاهر.
هذه المواضع الثلاثة يكون مبنيا على فتح الظاهر، يضبط بالمقابل وهو أن المقدر يكون في أربعة مواضع:
- الموضع الأول: أن يكون الفعل معتل الآخر بالألف، أن يكون الفعل ماضيا معتل الآخر، يعني آخره حرف علة، لكنه الألف فقط، وأما ما كان مختوما بالياء كـ (رَضِيَ)، أو الواو كـ (بدو) تظهر فيه الحركة، يعني ما كان واويا مثل (بدو، وسرو)، تظهر فيه الفتحة، وما كان كـ (رَضِيَ، وشَقِيَ) نقول هذه تظهر فيها الفتحة، إذن أن يكون معتلا بالألف، ويكون فاعله اسما ظاهرا، مثل ماذا؟ (رَمَى زَيْدٌ)، {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ} ، (رَمَى) فعل ماضٍ مبني على الأصل، وبناؤه الفتح، لكن الفتح هنا مقدر، لماذا؟ لكونه معتلا بالألف.
- الثاني: أن يكون معتلا بالألف كذلك مع كون فاعله ضميرا مستترا، (زيدٌ رَمَى)، هو.
- الثالث: أن يكون فاعله واو الجماعة، (الزَّيْدُونَ ضَرَبُوا)، (ضَرَبُوا) فعل ماضٍ مبني على الفتح المقدر، منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة المناسبة، وهي الضمة لأن الواو لا يناسبها ما قبلها إلا أن يكون مضموما، (ضَرَبُوا).
- الموضع الرابع: أن يكون فاعله ضمير رفع متحركا، كتاء الفاعل ونون النسوة، (ضربْتُ زيدًا) إذن الباء هنا آخر الفاعل ماذا عليه؟ سكون، هذا السكون عارض، ليس بسكون ناصب بل هو عارض، حينئذ نقدر الفتحة على الأصل، (ضربْتُ) نقول (ضَرَبَ) فعل ماضٍ مبني على الفتح المقدر منع من ظهوره اشتغال المحل بالسكون العارض الذي جيء به لدفع توالي أربع متحركات فيما هو في الكلمة الواحدة، _هذا تعليم_ فحينئذ نقول (ضربْتُ) هذا فعل ماضٍ مبني على الأصل بالفتح، والفتح مقدر، إذن ليس عندنا إلا الفتح، فإما ظاهر وإما مقدر، وهذا هو الصحيح، وإن اشتهر عند المتأخرين بأن الفعل الماضي له ثلاث حالات: إما أن يبنى على الفتح الظاهر أو المقدر، وإما أن يبنى بناءً أصليا على الضم وذلك إذا اتصلت به واو الجماعة كـ (ضَرَبُوا) فهو مبني على الضم، وإما أن يكون مبنيا على السكون كـ (ضربْتُ)، وذلك إذا اتصل بضمير رفع أو نون النسوة، هذا المشهور عند النحاة المتأخرين، وهو خلاف التحقيق، الصواب هو الأول، ولذلك أطلق الناظم هنا، فقال:[فَالمَاضِِ مَفْتُوحُ الأَخِيرِ أَبَدَا]: يعني في جميع أحواله سواء اتصل به شيء أم لا، وسواء كان ثلاثيا أو رباعيا أو خماسيا أو سداسيا، حينئذ يكون مبنيا على الفتح مطلقا، هذا حكم الفعل الماضي.
----------------
…
وَالأَمْرُ بِالجَزْمِ لَدَى البَعْضِ ارْتَدَى
[والأمر]: هذا مبتدأ، [ارتدى]: هذا فعل ماضٍ، أي لبس الرداء _فيه تشبيه_، [بِالجَزْمِ] جار ومجرور متعلق بارتدى، (ارتدى بالجزم) يعني لبس الجزم، [لَدَى]: بمعنى عند، [البَعْضِ]: يعني بعض العظماء، وأدخل ألْ على (بعض) وهو قبيح، يعني خلاف القياس، لأن (بعض) مثل (كلّ) ملازم للإضافة، وما كان ملازما للإضافة لا تدخل عليه ألْ البتة، إذن (والأمر ارتدى بالجزم عند البعض) يعني عند بعض العلماء، و [الجزم] هذا إعراب، وليس ببناء، أليس كذلك؟ أنواع الإعراب أربعة:(رفع، ونصب، ثم خفض، جزم) ، إذن الجزم هذا نوع من أنواع الإعراب، إذن على هذا القول:[الأمر بالجزم] إذن هو مجزوم، وإذا كان مجزوما فهو معرب وليس بمبني، وهو مذهب الكوفيين أن الفعل _فعل الأمر_ مجزوم كما يجزم مضارعه، أو مجزوم على ما يجزم به مضارعه، وهو خلاف المشهور، والصحيح أنه مبني، والمذهب الراجح أن فعل الأمر مبني وله أحوال أربعة:
- الأول: البناء على السكون، أن يكون مبنيا وبناؤه على السكون، وذلك فيما إذا كان صحيح الآخر ولم يتصل به ألف الاثنين، (اضْرِبْ) نقول:(اضربْ) هذا فعل أمر مبني على _الصحيح_ وبناءه على السكون، لماذا بني على السكون؟ لأنه صحيح الآخر ولم يتصل به ألف الاثنين، لأنه إذا اتصلت به ألف الاثنين حينئذ انتقل حكمه إلى آخر.
- الثاني: البناء على الفتح، وذلك إذا اتصلت به نون التوكيد الثقيلة أو الخفيفة، (اضْرِبَنْ)، (اضْرِبَنْ يَا زَيْدُ) ، (اضربَنْ) آخر الفعل هنا مفتوح، (اضربَنْ)(بَنْ) حينئذ نقول مبني على الفتح، لماذا؟ لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة، وبعضهم يرى أنه مبني على السكون المقدر.
-الثالث: البناء على حذف حرف العلة، وذلك إذا كان معتل الآخر، مثل ماذا؟ (اخشَ، ارمِ، ادعُ)، نقول: هذه الثلاثة أفعال هي أفعال أمر ومبنية على حذف حرف العلة، (اخشَ يا زيد)، (اخشَ) فعل أمر مبني وبناؤه على حذف حرف العلة، لأن مضارعه إذا جزم (يخشى) يجزم بماذا؟ بحذف حرف العلة، كذلك (ادعُ) نقول الأصل (يدعو) الفعل مضارع، حينئذ الفعل المضارع (يدعو) يجزم بماذا؟ بحذف حرف العلة، كذلك فعل الأمر يبنى على حذف حرف العلة، وهو الراجح، وكذلك في (ارمِ).
- الرابع: البناء على حذف النون، وذلك إذا اتصلت به ألف الاثنين أو واو الجماعة أو ياء المؤنثة المخاطبة، يعني القاعدة العامة عندهم فيها شيء من الدخن، الأمر مبني على ما يجزم به مضارعه، لو كان معربا، الأمر مبني على ما يجزم به مضارعه، يعني تنظر في هذا الأمر، (اخشَ) ترده إلى المضارع ثم تدخل عليه حرفا جازما، يجزم بماذا؟ الجواب: هو الذي يكون بناء لفعل الأمر، لكن فيها شيء من الدخن، [وَالأَمْرُ بِالجَزْمِ لَدَى البَعْضِ ارْتَدَى]: إذن هو مجزوم عند الكوفيين لأنه مقتطع من فعل مضارع، فـ (اضربْ) أصله (لِتَضْرِبْ) ثم حذفت اللّام، والتاء على تعليل عندهم، ثم بقيت الضاد ساكنة، ولا يمكن الابتداء بالساكن فجيء بهمزة الوصل وحركت بالكسر (اِضْرِبْ) صار نتيجة، (افْعَلْ) أصله (لِتَفْعَلْ) على كل هذا مذهب مرجوح، ودليل أنه مذهب مرجوح أن قولهم (اضربْ) هذا فعل أمر مجزوم وجزمه السكون، ما العامل فيه؟ قالوا تلك اللّام _لام الأمر المحذوفة_، وهذا وجه الضعف فيه، لماذا؟ لأن الحرف _للاستطراد_ لأن الحرف من حيث هو حرف سواء كان هذا حرف جر أو نصب أو جزم عمله ضعيف لو كان ملفوظا به، فهو ملفوظ به وهو ضعيف؛ لأن الأصل أن الحروف لا تعمل، العمل إنما يكون للأفعال، ثم للأسماء التي فيها شبه بالأفعال، وأما الحروف فليس فيها شبه بالأفعال البتة إلا ما استثني، مثل إن ..... [00:24:14] ..... ونحو ذلك، حينئذ نقول: لام الأمر لو لفظ بها إعمالها ضعيف، فكيف إذا حذفت؟!! فمن باب أولى وأحرى.
[ثم المضارع الذي في صدره إحدى زوائد]: (نأيت، أنيت، فادْرِهِ) _يجوز الوجهان_، (نأيت، أنيت) هذا أولى، ثم للترتيب الذكري المضارع يعني الفعل المضارع، أراد أن يزيد علامة على ما سبق، ما سبق ذكر علامة أو علامتين، علامة خاصة وهي (السين وسوف) وعلامة مشتركة وهي (قد)، هنا زاد العلامة وهي (أنيت) بمعنى أنه يزاد عليه من أوله أحد حروف (أنيت) ، الهمزة أو النون أو الياء أو التاء، حينئذ نقول هذا فعل مضارع، [ثم المضارع]: وحدّه أو حقيقته: "ما دل على حدث يقع في زمان التكلم أو ما بعده"، [الذي في صدره]: يعني في أوله، في أول ما ينطق به إحدى _ليس كلها وإنما واحد منها، [إحدى زوائد]: جمع زائدة، [نأيت]: يعني بعدت، أو [أنيت]: بمعنى أدركت، [فَادْرِهِ]: فاء عاطفة زائدة، و [ادرهِ]: يعني فاعلمه، من باب التتميم، إذن من علامات كون الفعل فعلا مضارعا أن يوجد في أوله أحد الزوائد المجموعة في قولك (أنيت) وهي الهمزة والياء والنون والتاء، إذن [زوائد] خرج بها ما إذا كانت هذه الحروف أصلية، (أكَلَ) فعل مضارع في أوله إحدى حروف (أنيت) إذن فيه الهمزة، نقول هذه الهمزة أصلية، والشرط هنا أن تكون الهمزة زائدة، (تَفِلَ) أو (تَفَلَ) في أوله التاء، نقول هذه التاء أصلية، والشرط أن تكون زائدة، (نَعَسَ) في أوله النون، (يَفَعَ) في أوله الياء، نقول هذه كلها أصلية، والشرط أن تكون زائدة، حينئذ إذا تخلف هذا الشرط حكمنا عليه بكونه فعلا ماضيا، ينبغي أن يزاد على هذا القيد:(وأن تكون ذات معنى)، بمعنى أنها تدل على معنى، فحينئذ تكون الهمزة للمتكلم وحده مذكرا كان أو مؤنثا، (ضرب) تزيد عليه الهمزة، تقول (أضرب)، صار فعلا مضارعا، الهمزة زائدة لأن أصله (ضرب) وليست أصلية، وهي بمعنى والمعنى هو المتكلم (أضرب) يعنى أنا، إذن المتكلم سواء كان مذكرا أو مؤنثا، النون أن تكون النون للمتكلم ومعه غيره أو للمعظم نفسه (نضرب) ومعي أشخاص، (نضرب) عظم نفسه، ثالثا: أن تكون الياء للغائب مطلقا _مفردا أو مثنى أو جمعا_، وكذا الغائبات رابعا: أن تكون التاء للمخاطب سواء كان مذكرا أو مؤنثا أو مثنى أو مجموعا أو دالا على الغائبة، (هند تكتب) هي، إذن (هي تكتب) التاء هنا دلت على الغيبة، أو الغائبتان (الهندان تكتبان) إذن الخلاصة أن (أنيت أو نأيت) إنما تكون علامة للفعل المضارع بشرطين: الأول: أن تكون زائدة لا أصلية، فإن كانت أصلية حينئذ يكون الفعل ماضيا، الشرط الثاني: أن تكون دالة على معنى، يعني واحدة من المعاني التي ذكرناها فيما سبق، حينئذ نحكم على الفعل بكونه مضارعا.
وَحُكْمُهُ الرَّفْعُ إذَا يُجَرَّدُ
…
مِن نَّاصِبٍ وَجَازِمٍ كَتَسْعَدُ
[وحكمه الرفع إذا يجرد]: والرفع يعني هو معرب لأنه قال الرفع، والرفع سبق معنا أنه نوع من أنواع الإعراب، إذن [وحكمه الرفع]: متى؟ قال [إذا يجرد من ناصب وجازم كتسعد]، [وحكمه]: أي حكم الفعل المضارع من حيث الإعراب أو البناء، نقول هو معرب، [وحكمه الرفع]: إذن الرفع تغيير مخصوص علامته الضمة وما ناب عنها، وهنا الفعل المضارع يرفع بالضمة، متى؟ إذا لم يكن من الأمثلة الخمسة، فإن كان من الأمثلة الخمسة حينئذ يرفع بالحرف وهو ثبوت النون، قال [إذا يجرد]: هذا قيد، [من ناصب]: تقدم عليه، لأن هذا حال الناصب، إنما يتقدم، [وجازم]، [كـ]: كقولك، [تسعد]: الكاف هنا دخلت على الفعل وهي حرف، فإما تكون (كقولك تسعد) أو (مثل تسعد)، تجعلها اسمية أو حرفية داخلة على اسم مقدر محذوف، هل هذا القيد جرد من ناصب وجازم يكفي لكونه مرفوعا؟ هل يكفي؟ (ولم يتصل به شيء مما يوجب بناءه)، لابد من هذا القيد، وإن جعله البعض أنه قيد باب التحصيل لكن المراد هنا الإعراب اللفظي، يعني الذي ينطق به، وأما المحلي هذا لم نتعرض له، [وحكمه الرفع إذا يجرد من ناصب وجازم كتسعد]: حينئذ (تسعد): (لن يسعدَ زيدٌ) ، (يسعدَ) فعل مضارع منصوب بـ (لن) ونصبه فتحة ظاهرة على آخره، أسقط (لن تسعد) إذن هذا هو التجريد، لأنه إما أن يتقدم عليه ناصب (لن تسعدَ)، وإما أن يتقدم عليه جازم، إن تقدم عليه ناصب نصب، وإن تقدم عليه جازم جزم، أسقط هذين، حينئذ صار التجرد المراد به التعري، بمعنى خلو الفعل من أن يتقدمه ناصب أو جازم، وهذا يسمى عاملا معنويا، والعامل نوعان:(عامل لفظي، وعامل معنوي) ، العامل اللفظي ما للسان فيه حظ، يعني ينطق به مثل الفعل، هذا عامل، (إن، ولم، وليس، إلى آخره) هذه كلها عوامل لفظية، اللسان له حظ فيه، بمعنى أنه ينطق به، العامل المعنوي _عكسه_ ما ليس للسان فيه حظ، أو ما ليس للسان فيه حظ، بمعنى أنه لا ينطق به، وهذا على الصحيح محصور في اثنين، الذي معنا التجرد لأنه عدم، والثاني سيأتينا في باب المبتدأ وهو الابتداء.
ثم قال المصنف _رحمه الله تعالى_: [بَابُ نَوَاصِبِ الْمُضَارِعِ]: لما قال لك [وحكمه الرفع إذا يجرد من ناصب وجازم]، متى نحكم عليه بكونه مرفوعا؟ إذا تجرد عن الناصب، فالطالب لا يعرف النواصب، إذن لابد من باب يبين لنا ماهي هذه النواصب، [باب نواصب المضارع]: أي هذا باب بيان النواصب، والنواصب جمع ناصبة، كلمة ناصبة، أو بمعنى لفظ ناصب المضارع، هذا من باب بيان الواقع فحسب، لماذا؟ لأنه لا ينصب من الأفعال إلا الفعل المضارع، وأما الماضي والأمر فلا دخل للنصب فيهما.
وَنَصْبُهُ بِأَنْ وَلَنْ إِذَنْ وَكَيْ
…
وَلَامِ كَيْ لَامِ الجُحُودِ يَا أُخَيْ
كَذَاكَ حَتَّى وَالجَوَابُ بِالفَا
…
وَالوَاوِ ثُمَّ أَوْ رُزِقْتَ اللُّطْفَا
[ونصبه]: أي الفعل المضارع، [بأن ولن إذن وكي]: النواصب، نواصب فعل المضارع على نوعين:
- ما ينصب بنفسه، وهو أربعة: وهي المجموعة في الشطر الأول: [أن ولن إذن وكي] ، وما ينصب بـ (أن) مضمرة بعد المذكورات الآتية، وهي ماعدا الأربعة الأولى: وهي [لام كي، ولام الجحود]، والبيت الثاني كذلك، هذه كلها نواصب، لكنها ليست ناصبة بنفسها وإنما المراد بها أنها تدل على أن (أن) بعدها مضمرة، ثم هذا الإضمار إما يكون على جهة الجواز وإما أن يكون على جهة الوجوب.
[ونصبه بأن]: يعني (أن) المصدرية، وهي أم الباب، حينئذ إذا وقع الفعل المضارع بعد (أن) المصدرية حكمنا على الفعل المضارع بأنه منصوب بـ (أن)، وهي حرف مصدر ونصب واستقبال، حرف مصدر لأنها تؤول لما بعدها بمصدر، وحرف نصب لأنها تنصب الفعل المضارع، واستقبال لأنها مثل السين وسوف، السين وسوف ماذا تصنع مع الفعل المضارع؟ تدل على تأخير زمنه، كذلك أن تدل على تأخير زمن الفعل المضارع، {يُرِيدُ اللهُ أنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ} ، (يريد الله أنْ) حرف مصدر ونصب واستقبال، (يخففَ) هذا فعل مضارع، وإذا كان فعلا مضارعا ودخلت عليه (أنْ) حكمنا على الفعل المضارع بكونه منصوبا، ونصبه بالفتحة الظاهرة على آخره هنا، كذلك قوله تعالى:{وَالَّذِي أطْمَعُ أنْ يَغْفِرَ لِي} ، (أن) حرف مصدر ونصب واستقبال، و (يغفرَ) فعل مضارع دخلت عليه (أن) وهي ناصبة، حينئذ (يغفر) هذا منصوب بأن ونصبه فتحة ظاهرة على آخره، {إنِّي لَيُحْزِننِي أنْ تَذْهَبُوا} ، (أنْ) حرف مصدر ونصب واستقبال، و (تذهبوا) أصلها (تذهبون)، إذن هو من الأمثلة الخمسة، حينئذ يكون فعل مضارعا منصوبا بأن وعلامة نصبه حذف النون لأنه من الأمثلة الخمسة، هذا (أن).
(لن) حرف يفيد النفي والاستقبال، هذا بالاتفاق، يفيد النفي والاستقبال، يعني نفي الحدث الذي دل عليه الفعل الذي دخلت عليه (لَنْ)، والاستقبال مثل (أنْ)، {لَن نبْرَحَ} ، (نبرح) فعل مضارع ناقص دخلت عليه (لن)، و (لن) حرف يفيد النفي والاستقبال، إذن مادل عليه (نبرح) منفي ولكنه منفي في المستقبل، حينئذ (نبرح) نقول فعل مضارع ناقص منصوب بـ (لن)، ونصبه فتحة ظاهرة على آخره، {لَن نؤْمِنَ لَكَ} ، (لن) حرف نفي ونصب واستقبال، (نؤمن) فعل مضارع منصوب بـ (لن)، ونصبه فتحة ظاهرة على آخره، {لَن تَنَالُوا الْبِرَّ} ، (تنالوا) أصلها (تنالون)، حينئذ تذهب هناك، إذن النصب قد يكون بالفتحة وقد يكون بحذف النون، [إذن]: هذا الناصب الثالث الذي ينصب بنفسه، وهي حرف جواب وجزاء ونصب كذلك عند سيبويه ولكنها لا تنصب إلا بشروط ثلاثة:
-الأول: أن تكون في صدر الكلام، يعني أن يفتتح بها الكلام لأنها جواب _حرف جواب_، يعنى يقول لك (سأزورك إذن أكرمك) ، (إذن) لا تقع في أول الكلام، لا تقع في أثناء الكلام، وإنما تكون في ابتداء الكلام أن تكون في صدر الكلام، أي في صدر جملة الجواب.
- الثاني: أن يكون الفعل بعدها مستقبلا، يعني يدل على الاستقبال، فإن دل على الحال رفع ما بعدها، لو قال له أنت _مثلا حدثك شخص بحديث وقلت_ (إذن تصدق)، يكلمك في أمر ما وقلت له (إذن تصدق)، لا يجوز النصب هنا، لماذا؟ لأن الصدق إنما وقع جوابا لأمر وقع في الحال لا في المستقبل، لو قال:(سأزورك إذن أكرمك) ، إذن متى؟ إذا حصلت الزيارة، وهي في المستقبل، وأما (تصدق) فهو الآن، إذن رفع الفعل بعدها.
- ثالثا: أن لا يفصل بينهما بفاصل غير القسم، يعني يجب أن تكون (إذن) متصلة بالفعل المضارع، لا يجوز الفصل بينهما، استثني بعض الأشياء لكن المشهور هو القسم، (إذَنْ وَاللهِ نَرْمِيَهُمْ بِحَرْبٍ) ، (إذن والله نرميَ) ، نصب الفعل مع كونه ماذا؟ فصل بين إذن والفعل، لكن الفاصل ماهو؟ القسم، ماعدا القسم لا، إذن (ونرميَهم) لا يصح، لماذا؟ لأن الفاصل هنا غير القسم، إذن ألا يفصل بينهما بفاصل غير القسم، نحو (إذن أكرمك) لابد أن يكون متصلا، وهذا مثال صدق فيه الشروط الثلاثة السابقة.
[كي]: هو الحرف الرابع والأخير الذي ينصب بنفسه، والمراد بها (كي) المصدرية، وهي حرف مصدر ونصب، وإنما تكون مصدرية لأنها قد تكون حرفا ينصب بنفسه وقد تكون حرف جر، ولا يكون الحرف _من جهة واحدة_ حرف نصب وجزم مطلقا، لا يمكن، لماذا؟ لأنه لو كان حرف جر لاختص بالأسماء ولا يدخل على الأفعال، (وبحروف الجر) قلنا هذه خاصة بالأسماء، وما كان خاصا بالأسماء لا يدخل الأفعال البتة، حينئذ لو قيل بأن (كي) حرف جر، ثم نصب بها الفعل المضارع = لصار العامل الواحد ينصب ويخفض، هذا ممتنع!! إذن متى تكون مصدرية؟ نقول لها ضابط، وذلك إذا تقدمها لام التعليل لفظا أو تقديرا، (لفظا) بأن ينطق بها، أو (تقديرا) بأن تحذف وتنوى، إذا دخلت عليها اللام لفظا نحو {لِكَيْلَا يَكُونَ} ، (لكيلا يكون) ، (يكونَ) فعل مضارع منصوب بـ (كي)، هي نفسها مثل (أن، ولن، وإذن) ، هي ناصبة بنفسها، وهي مصدرية، والذي دل على أنها مصدرية تقدم اللام عليها، واللام أكدت على أن (كي) هنا مصدرية وليست بحرف جر، كذلك أن تكون مقدرة، نحو ماذا؟ نحو قولك (جِئْتُكَ كَيْ تُكْرِمَنِي) بشرط أن تنوي أن الأصل (لكي) ثم حذفت اللام اكتفاء بـ (كي)، يعني تنويها، لابد من نيتها، فلو كان الكلام ابتداء (جِئْتُكَ كَيْ تُكْرِمَنِي) حينئذ (كي) حرف جر، والفعل المضارع منصوب بـ (أن) مضمرة وجوبا بعد (كي)، إذن (كي) تكون مصدرية بشرط أن يتقدمها اللام لفظا أو تقديرا، فإن لم تتقدمها اللام لفظا أو تقديرا حينئذ يكون الفعل منصوبا بعدها بـ (أن) مضمرة وجوبا، ولا يمكن أن تكون هي بنفسها ناصبة، [أن، ولن، إذن، وكي].
ثم قال:
[وَلَامِ كَيْ لَامِ الجُحُودِ]: يعني ينصب الفعل المضارع بلام (كي)، هذا على ظاهر ما في النظم، وهو مذهب الكوفيين، والصحيح أنه منصوب بـ (أن) مضمرة جوازا بعد لام (كي)، بمعنى أن لام (كي) _وهي لام التعليل تسمى لام (كي) _ أضيفت إلى (كي) لأن (كي) تخلفها في التعليل، يعني (كي) تأتي تعليلية، واللام تأتي تعليلية، حينئذ لام التعليل إذا جاء بعدها فعل المضارع منصوبا، ما الناصب له؟ مذهب الكوفيين الناصب اللام بنفسه {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ} ، (تبين) فعل مضارع منصوب، ما الناصب له؟ على مذهب الكوفيين أن اللام بنفسها، ولذلك أطلقه الناظم تبعا لابن آجروم، والصحيح أن اللام ليست بناصبة وإنما الناصب مقدر بعد اللام، لأن تبين هذا هو الأصل، وهنا حكم التقدير أو الإضمار الجواز {لِيُعَذِّبَ اللهُ الْمُنَافِقِينَ} ، (ليعذب) = (لأن يعذب)، واللام هذه لا تكون ناصبة، لماذا؟ لأنها جارة تجر، مر معنا أن اللام تجر، (الْمَالُ لِزَيْدٍ) حينئذ كيف يكون العامل الواحد _لام التعليل_ تجر وتنصب؟ هذا ممنوع ممتنع، حينئذ لابد من التقدير. [وَلَامِ كَيْ لَامِ الجُحُودِ]: _لام الجحود_ والجحود المراد به النفي مطلقا، وضابطها أنها المسبوقة بـ (ما كان، أولم يكن) _ينص عليها_، بدلا من أن نقول كون المنفي نقول مسبوقة بـ (ما كان، ولم يكن) ، {لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} ، (لم يكن الله ليغفر) ، (يغفر) فعل مضارع منصوب، ما الناصب له على مذهب الكوفيين؟ اللام نفسها، والصحيح أن الناصب أن مضمرة وجوبا ، (أن) قد تكون مضمرة جوازا وقد تكون مضمرة وجوبا، على ماذا ترى هنا تكون مضمرة جوازا في موضع واحد وهي لام (كي) وما عداها، الآتى كله على الوجوب، إذن (لم يكن الله ليغفر) على الصحيح (يغفر) فعل مضارع منصوب بـ (أن) مضمرة بعد لام الجحود وهي اللام التي سبقها أو تقدمها (لم يكن)، {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأنْتَ فِيهِمْ} ، (ليعذبهم) اللام هنا تسمى لام الجحود، بدليل (وما كان)، إذن (يعذب) فعل مضارع منصوب بـ (أن) مضمرة وجوبا بعد لام الجحود التي تقدمها (ما كان).
[كَذَاكَ حَتَّى]: على مذهب الناظم صاحب الأصل أنها ناصبة بنفسها، {لَن نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إلَيْنَا مُوسَى} ، (يرجع) فعل مضارع منصوب بـ (حتى) عند الكوفيين، والصحيح أنه منصوب بـ (أن) مضمرة وجوبا بعد (حتى)، لماذا؟ لأن (حتى) حرف جر تجر ما بعدها، {حتى مطلع الفجر} فلا تكون ناصبة بنفسها، حينئذ يكون الفعل منصوبا بـ (أن) مضمرة وجوبا بعد (حتى)، ويشترط في الفعل أن يكون مستقبلا، الذي تنصبه (أن) مضمرة بعد (حتى) أن يكون مستقبلا بالنسبة إلى ما قبلها، [كذاك حتى]: أي مثل ذاك، مثل لام (كي)، وماعطف عليه (حتى)، مثاله {لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا} ، (يرجع) هذا في المستقبل، ودخلت عليه (حتى)، والنصب ليس بـ (حتى) وإنما هي دليل على أن الفعل قد أضمرت (أن) قبله، يعنى هي أشبه ما يكون بعلامة على أنَّ (أن) مضمرة بعد ذلك الدليل.
[وَالجَوَابُ بِالفَا وَالوَاوِ]: هذه العبارة مقلوبة والأصل (والفاء والواو الواقعتان في الجواب) لأن الناصب على مذهب المصنف هو الفاء والواو لا الجواب، والمراد بالفاء _حذف الهمزة هنا إما على لغة بعضهم (قول بعضهم) من باب الضرورة_ يفترض في هذه الفاء أن تكون للسببية، ولذلك قال بعد فاء السببية وبعد واو المعية، إذن لابد من هذين القيدين، يشترط في الفاء أن تكون للسببية بأن يكون ما بعدها مسببا عما قبلها مع وقوعها في جواب النفي أو الطلب، يعني فاء السببية تكون ناصبة للفعل المضارع إذا وقعت في جواب النفي أو الطلب إما هذا أو ذاك، وكذلك واو المعية تكون ناصبة للفعل المضارع متى؟ إذا وقعت جوابا للطلب، جوابا للنفي أو الطلب، فالنفي بالسببية _الفاء_ مثل ماذا؟ {لا يقضى عليهم فيموتوا) ،إذن (لا يقضى عليهم فيموتوا) فما بعد الفاء مسببا عما قبلها، وهنا وقعت الفاء في جواب النفي لا، يعني تقدمها النفي (لا يقضى عليهم فيموتوا)، إذن (يموتوا) فعل مضارع منصوب بفاء السببية على مذهب الناظم، ونصبه حذف النون لأنه من الأمثلة الخمسة، وعلى الصحيح (يموتوا) فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وجوبا بعد فاء السببية، (ما تأتينا فتحدثَنا) ، (ما) هذه نافية، (فتحدثَنا) يعنى التحديث سبب أو مسبب عما قبله، يعني الإتيان سبب لا يمكن أن يتعدد قبل أن يأتي، إذن إتيانك سبب في وجود الحديث، (ما تأتينا فتحدثنا) إذن هذه فاء السببية وقعت في جواب النفي فحينئذ يكون الفعل المضارع بعدها منصوبا بها على مذهب الناظم، وعلى الصحيح بأن مضمرة وجوبا بعد فاء السببية، وأما الطلب فإنه يشمل ثمانية أمور مذكورة بالأمثلة والإعراب عندكم، مجموعة في قول الناظم: (مُرْ وَادْعُ وَانْهَ وَسَلْ واعرضْ لِحَضِّهِمُ تَمَنَّ وَارْجُ كذاك النفي قد كَمُلَا)، (الأمر) هذا الأول، الطلب، الأمر، مثاله: (يا ناق سيري عنقا فسيحا إلى سليمان فنستريحَا) ، (يا ناق سيري) هذا فعل أمر، (فنستريح)، إذن الاستراحة تكون متى؟ مسببة على السير، إذن هذه الفاء تسمى فاء السببية، وقعت في جواب الطلب، ما نوعه؟ أمر، إذن نقول الأمر تقدم، حينئذ جاءت فاء السببية وما بعدها، الفعل المضارع يكون منصوبا بها أو بأن مضمرة على الصحيح وجوبا بعدها، (والنهي): كقوله تعالى: {ولا تطغوا فيه فيحلَّ عليكم غضبي} ، (فيحلَّ) هذه الفاء فاء السببية، (يحلَّ) فعل مضارع منصوب بـ (أن) مضمرة وجوبا بعد فاء السببية لوقوعه في جواب النهي، (والتحضيض): كقوله تعالى: {لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدقَ} ، (لولا) حرف تحضيض، (فأصدقَ) إذن التأخير سبب لوقوع الصدقة، إذن هذه الفاء _فاء السببية_ وقعت في جواب التحضيض، (فأصدقَ) فعل مضارع منصوب بـ (أن) مضمرة وجوبا بعد فاء السببية الواقعة في جواب التحضيض، (والتمني):{يا ليتني كنت معهم فأفوزَ} ، (فأفوزَ) فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وجوبا بعد فاء السببية الواقعة في جواب التمني، (والترجي): كقوله تعالى: {لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات فأطلعَ} ، (لعلي) هذا الترجي، (فأطلعَ) إذن ما بعد الفاء مسبب عما قبلها، (فأطلعَ) الفاء هذه فاء السببية، و (أطلعَ) فعل مضارع منصوب بـ (أن) مضمرة وجوبا بعد فاء السببية
الواقعة في جواب الترجي، (والدعاء): كقول الشاعر: (رب وفقني فلا أعدلَ عن سنن الساعين في خير سنن)، (فلا أعدلَ عن سنن الساعين في خير سنن) ، (رب وفقني) هذا فعل أمر في الأصل لكنه يسمى الدعاء، (فلا أعدلَ)، الفصل بين فاء السببية والفعل بـ (لا) _وهو حرف النفي_ هذا لا يضر، (الاستفهام): كقوله: (هل تعرفون لُبَنَاتِي فأرجُوَ أنْ .. آخر البيت) ، (هل تعرفون)، (هل) هذا استفهام، (فأرجوَ) إذن هذه فاء السببية، (أرجو) فعل مضارع منصوب بـ (أن) مضمرة وجوبا بعد فاء السببية الواقعة في جواب الاستفهام، (والعرض):(يا ابن الكرام ألا تدنو فَتبْصِرَ ما قد حدثوكَ فما راءٍ كمن سَمِعَ)، (فتبصرَ) نقول هذه الفاء هي فاء السببية، و (تبصرَ) فعل مضارع منصوب بـ (أن) مضمرة وجوبا بعد فاء السببية الواقعة في جواب العرض، إذن هذه ثمانية مواضع، مع النفي تكون تسعة، (مُرْ وَانْهَ وَادْعُ وَسَلْ واعرضْ لِحَضِّهِمُ تَمَنَّ وَارْجُ كذاك النفي قد كَمُلَا).
مثل فاء السببية واو المعية قد تقع بعد النفي، كقوله تعالى:{ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلمَ الصابرين} ، (ويعلمَ) فعل مضارع منصوب بـ (أن) مضمرة وجوبا بعد واو المعية الواقعة في جواب النفي، {يا ليتنا نرد ولا نكذبَ} ، القصر بـ (لا) لا يضر الواو _الواو واو المعية هنا_، (نكذب) فعل مضارع منصوب بـ (أن) مضمرة وجوبا بعد واو المعية الواقعة في جواب التمني، وهكذا نقول في بقية الأمثلة.
إذن الفاء والواو دليلان، فاء السببية وواو المعية دليلان على أن الفعل المضارع منصوب بـ (أن) مضمرة وجوبا بعد فاء السببية والواو، وهذا على الصحيح وهو مذهب البصريين، أما مذهب الناظم فالفاء بنفسها هي الناصبة، وهو مذهب مرجوح لأنها عاطفة، وكذلك واو المعية هي عاطفة فلا تكون ناصبة بنفسها البتة، [ثم]: للترتيب الذكري، [أو]: يعنى (أو) تكون ناصبة بنفسها، والصحيح أنها ليست ناصبة بنفسها، بل (أن) مضمرة وجوبا بعدها، (أو) التي بمعنى (إلى) أو (إلا)، لأن أو هذه تأتي عاطفة تفيد الإباحة وتفيد .. وإلى آخره، والمراد هنا (إلى) ، (لألزمنك أو تقضيَني) ، (تقضيَ) فعل مضارع منصوب، ما الناصب له؟ قال الكوفيون:(أو) هي ناصبة، إذن منصوب بـ (أو)، ولكن في الصحيح ليس منصوبا بـ (أو)، منصوب بـ (أن) مضمرة وجوبا بعد (أو)؛ لأن (أو) تأتي للعطف، وإذا كانت عاطفة حرف العطف لا ينصب، وإنما يفيد الاشتراك مابعده لما قبله، وهنا (لألزمنك أو تقضيَني) يعنى (إلى أن تقضيَني حقي)، إذن أو هنا بمعنى إلى، (لأقتلن الكافر أو يسلمَ)، (أو يسلمَ) بالنصب، إذن (يسلمَ) فعل مضارع منصوب بـ (أو) على مذهب الناظم، ومنصوب بـ (أن) مضمرة وجوبا على الصحيح بعد (أو)، إذن (لأقتلن الكافر أو يسلمَ) = (إلا أن يسلمَ) أو (إلى أن يسلمَ)؟ ها؟ (إلى أن يُسلِمَ)؟ يعني تذبح وتذبح وتذبح حتى يسلم؟ إذن (إلا أن يسلمَ)، إذن (أو) تأتي بمعنى (إلى) وتأتي بمعنى (إلا)، وتكون (أن) مضمرة بعدها وجوبا، [رزقت اللطف]: يعنى التوفيق والعصمة للتتمة.
إذن النواصب نوعان: (ما ينصب بنفسه)، وهو:"أن، ولن، وإذن، وكي" وعرفنا المعاني والأمثلة، (ما ينصب بأن مضمرة)، وهذا على قسمين:(جوازا)، وهو:"لام كي" فقط، و (وجوبا)، وهو: ماعدا لام كي، يعنى "لام الجحود، وحتى، والفاء والواو _الواقعتان في جواب النفي والطلب_، وكذلك أو".
[بَابُ جَوَازِمِ الْمُضَارِعِ]: [جوازم]: جمع جازم، يعنى لفظ جازم أو كلمة جازمة، والمضارع هنا لبيان الواقع، يعنى لا يجزم إلا الفعل المضارع.
وَجَزْمُهُ إِذَا أَرَدْتَ الجَزْمَا
…
بِلَمْ وَلَمَّا وَأَلَمْ أَلَمَّا
وَلَامِ الَامْرِ وَالدُّعَاءِ ثُمَّ لَا
…
فِي النَّهْيِ وَالدُّعَاءِ نِلْتَ الأَمَلَا
الجوازم نوعان: ما يجزم فعلا واحدا وما يجزم فعلين.
- ما يجزم فعلا واحدا: أربعة أدوات أو أربعة حروف، وهي:"لم، ولما، ولام الأمر والدعاء _هي شيء واحد_، ولا _في النهي والدعاء_" هذه أربعة، هذه تجزم فعلا مضارعا واحدا فقط.
- وما يجزم فعلين اثنين سيأتي في الأبيات الآتية:
[وَجَزْمُهُ]: أي الفعل المضارع، [إذا أردت الجزما]: من باب التتميم؛ لأن الفعل المضارع إذا سبقه جازم تعين أن يؤثر العامل، فلابد من التأخير، [إذا أردت الجزما]: الألف هذه للإطلاق، [بلم]:(جزمه بلم) مبتدأ وخبر، إذن (بلم) هذا خبر، يعنى متعلق بمحذوف خبر، [بلم]: يعنى كائن بلم، و (لم) حرف نفي وقلب وجزم، جزم واضح لأنها تجزم، قلب، ماذا قلبت؟ قلبت زمن فعل المضارع من الحال والاستقبال إلى المُضِيِّ، (لم يأكل عمرٌو)، متى؟ في الماضي، و (يأكل) فعل مضارع زمنه الحال أو الاستقبال، نقول: الفعل المضارع "ما دل على حدث يقع في زمن التكلم أو بعده"، إذن لا يدل على الماضي، إذا دخلت (لم) على الفعل المضارع قلبته، حصل انعكاس _انقلاب_ يعني بدلا من أن يدل على الحال أو الاستقبال دل على المضي، (لم يأكل عمرٌو) يعنى في الماضي، ولذلك انتقد الحريري في الملحة بأن جعل (أمسِ) علامة على الفعل الماضي؛ لأنه غلط، لماذا؟ لأن (أمس) تقول (قام عمرٌو أمسِ) صح التركيب، (لم يأكل عمرٌو أمسِ) صح التركيب، إذن تدخل (أمس) مع التركيب يكون الفعل مضارعا، كما أنها تكون في الفعل الماضي، إذن الحاصل أن (لم) تقلب الفعل المضارع بدلالته على زمن الحال والاستقبال إلى المضي، ونفي لأنها تنفي وقوع الحدث، (لم يأكل) إذن نفى وقوع الحدث، [بلم]:{لَمْ يَلِدْ} ، (يلد) فعل مضارع مجزوم بلم وجزمه سكون آخره، [ولما]: أختها _نظيرتها_ حينئذ (لم ولما) أختان، كل منهما حرف نفي وقلب وجزم، بينهما فروق موجودة في الشرح المطول، {بل لما يذوقوا عذاب} ، (لما) حرف نفي وقلب وجزم، (يذوقوا) فعل مضارع مجزوم بلما وجزمه حذف النون لأنه من الأمثلة الخمسة، إذن (لم) جازمة و (لما) مثلها.
[وَأَلَمْ أَلَمَّا]: هي (لم) و (لما)، دخلت عليهما همزة التقرير، (ألم نشرع) أصلها (لم نشرع)، (ألم نشرع) أريد بالهمزة هنا التقرير، فهي عينها، (ألما يقم زيد) كذلك هي (لما).
[وَلَامِ الأَمْرِ وَالدُّعَاءِ]: وهذه تسمى اللام الطلبية، [لام الأمر والدعاء]: الطلب إما أن يكون من أدنى إلى أعلى، وإما أن يكون من أعلى إلى أدنى، قالوا إن كان من أدنى إلى أعلى فهو طلب، لكنه يسمى ماذا؟ يسمى دعاء، إذا كان من أدنى إلى أعلى، {ليقضِ علينا ربك} أيضا هذا من أدنى إلى أعلى، فهذه اللام لا نسميها لام الأمر وإنما نسميها لام الدعاء، {لينفقْ ذو سعة} هنا من أعلى _أمر الرب جل وعلا_ الأدنى البشر، إذن تسمى لام الأمر، إذن لام الأمر والدعاء شيء متحد، وإنما المراعي فيه المخاطب _يعنى التقسيم_ هنا من باب الأدب فقط، وإلا هو عينه، [ولام الأمر والدعاء]: يعنى اللام الطلبية، لام الأمر كقوله تعالى:{لينفق} ، (ينفق) فعل مضارع مجزوم بلام الأمر وجزمه سكون آخره، والدعاء يعنى لام الدعاء {ليقض} ، (يقض) فعل مضارع مجزوم بلام الدعاء وجزمه حذف حرف العلة، [ثم]: للترتيب الذكري، [لا]: طلبية كذلك، وتكون في النهي والدعاء، وكذلك هنا الطلب بالترك والعدم إما أن يكون من أعلى إلى أدنى، وإما أن يكون من أدنى إلى أعلى، حينئذ إذا كان من أعلى إلى أدنى يسمى نهيا، ولذلك قال:(في النهي)، وإذا كان من أدنى إلى أعلى يسمى دعاء، {لا تحزن إن الله معنا} هذه لا ناهية، (تحزن) فعل مضارع مجزوم بلا وجزمه سكون آخره، {ربنا لا تؤاخذنا} ، (تؤاخذ) الذال ساكنة، و (لا) هذه) لا) الدعائية، هي (لا) الناهية لكنها أدبًا تسمى (لا) الدعائية، [نلت الأملا]: يعنى ما تؤمله وترجوه، إذن هذا في هذين البيتين ضمنا، ضمنهما ما يجزم فعلا واحدا، وهو أربعة أشياء:"لم، ولما، ولام الأمر والدعاء، ولا في النهي والدعاء"، ثم قال:
وَإِنْ وَمَا وَمَنْ وَأَنَّى مَهْمَا
…
أيٍّ مَتَى أَيَّانَ أَيْنَ إِذْمَا
وَحَيْثُمَا وَكَيْفَمَا ثُمَّ إِذَا
…
فِي الشِّعْرِ لَا فِي النَّثْرِ فَادْرِ المَأْخَذَا
هذه الأدوات تجزم فعلين، ولذلك نقول أدوات لأن منها ما هو حرف ومنها ما هو اسم، فهذه الأدوات تجزم فعلين، يسمى الأول منهما فعل شرط ويسمى الثاني منهما جواب الشرط، حينئذ لابد من اثنين، وكل منهما مجزوم إما لفظا وإما محلا، وذكر الناظم هنا إحدى عشرة أداة، وهي قسمان حرف واسم، قال:[وإن]: وهي حرف باتفاق، وهي أم الباب، {إن يشأ يذهبكم} ، هنا ذكر فعلين بعد (إن)، حينئذ (إن) هنا وضعت لمجرد التعليق، ولذلك علق الجواب بالشرط، لو قيل (إن جاء زيد أكرمته) ماذا أفادت (إن)؟ أفادت ترتب الثاني على الأول، هذا معنى الجواب، (فعل الشرط)(جواب الشرط)، إذن متى يحصل جواب الشرط؟ إذا تحقق فعل الشرط، هذا هو الأصل، قد يكون معك وقد يكون معي، لكن هذا هو الأصل، (إن جاء زيد أكرمته)، {إن يشأ يذهبكم} ، (إن) حرف شرط مبني على السكون، (يشأ) فعل مضارع، فعل الشرط_ هكذا تعربه_ مجزوم بـ (إن) وجزمه سكون آخره، (يذهبكم) هذا فعل مضارع، جواب الشرط مجزوم، بماذا؟ مجزوم بـ (إن)، لأن (إن) جزمت (يشأ) وجزمت (يذهب)، إذن جزمت فعلين معا، إلا أن _كلا منهما_ أحدهما فعل _يعنى_ يثبت أولا ثم يأتي الجواب مبينا له، إذن [وإن]: عرفنا المثال قوله تعالى: {إن يشأ يذهبكم} ، هنا (إن) جزمت الفعلين (يشأ) وهو فعل مضارع فعل الشرط مجزوم بإن، و (يذهب) كذلك فعل مضارع جواب الشرط مجزوم بإن، حينئذ عملت في الفعلين، [وإن]: هنا، ومثلها (إذما) وضعت لمجرد التعليق، يعنى لا تدل لا على زمن ولا على مكان ولا على .. [01:04:18] .. ، [وإن وما]: وهي وضعت للدلالة على مالا يعقل، ثم ضمن معنى الشرط، هذا مشهور عند النحاة، مثاله قوله تعالى:{وما تفعلوا من خير يعلمه الله} ، (وما) هذه شرطية، (تفعلوا) _فعل مضارع_ فعل الشرط مجزوم بـ (ما) وجزمه حذف النون لأنه من الأمثلة الخمسة، (يعلمه) _فعل مضارع_ جواب الشرط مجزوم بـ (ما) وجزمه سكون آخره، [وإن وما ومن]: وهي وضعت للدلالة على من يعقل، لو قيل من يعلم هو أولى، {من يعمل سوءا يجز به} ، (من يعمل) فعل مضارع فعل الشرط مجزوم بـ (من) وجزمه سكون آخره لأنه صحيح الآخر، (يجز) فعل مضارع جواب الشرط مجزوم بـ (من) وجزمه حذف حرف العلة، (يجزى) هذا الأصل، (يجز) إذن حذف حرف العلة، إذن عرفنا أن (من) وضعت للدلالة على من يعقل، والأولى أن يقال من يعلم، [وأنَّى]: وهي وضعت للدلالة على المكان، (فأصبحت أنَّى تأتها تلتبس بها)، (أنَّى) هذه أداة شرط، (تأتها)(تأتي) هذا الأصل، إذن _فعل مضارع_ فعل الشرط مجزوم بـ (أنَّى) وهي دالة على المكان، وجزمه حذف حرف العلة، (تلتبس) _فعل مضارع_ جواب الشرط مجزوم بـ (أنَّى) وجزمه سكون آخره.
[مهما]: هذه على الصحيح هي اسم، ثم خلاف فيها والصحيح أنها اسم، ولذلك الأدوات هذه تنقسم إلى أربعة أقسام، منها ما هو حرف باتفاق، وهو (إن)، ومنها ما هو مختلف فيه هل هو حرف أو اسم، والصحيح أنها حرف، وهو (إذما)، والثالث ماهو مختلف فيه هل هو اسم أم حرف والصحيح أنه اسم، وهو (مهما) ، الرابع ماهو اسم باتفاق ماعدا هذه المذكورات، يعنى ما عدا (إن، ومهما، وإذما) فهي أسماء باتفاق، إذن هذه الأدوات من حيث الاسمية والحرفية على أربعة أقسام، منها ماهو حرف باتفاق وهو (إن)، منها ماهو _القسم الثاني_ ما اختلف فيه هل هو حرف أو اسم، فيه خلاف والصحيح أنه حرف، وهو (إذما)، والثالث كذلك اختلف في تسميته وحرفيته والصحيح هو اسم، وهو (مهما)، والرابع وهو اسم باتفاق وهو ماعدا هذه المذكورات، إذن (إن) حرف باتفاق، (ما، من، أنَّى) اسم باتفاق، (مهما) فيه خلاف والصحيح أنها اسم، (مهما)، مثاله:{مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين} ، (مهما) هذه اسم شرط، (تأتنا)(تأتِ) _ فعل مضارع_ فعل الشرط مجزوم بـ (مهما)، أين الجواب؟ {فما نحن لك بمؤمنين} ، الجملة واقعة في جواب الشرط، فالفاء هذه واقعة في جواب الشرط، وهي مثل (ما) يعنى في الدلالة على ما لايعقل، [أيٍّ]: يعنى (وأيٍّ) وهي بحسب ما تضاف إليه، إن أضيفت إلى المكان فهي مكانية، وإن أضيفت إلى الزمان فهي زمانية، وإن أضيفت إلى من يعقل فهي لمن يعقل، وإذا أضيفت لمن لا يعقل فهي لما لا يعقل، وإذا أضيفت للمصدر فهي مصدرية، إذن بحسب المضاف إليه، إذا أضيفت للمكان فهي مكانية، حينئذ تتنوع بتنوع المضاف إليه {أيًّا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى} ، (أيًّا) هذا بالنصب، (ما تدعوا)، (ما) هذه زائدة، (تدعوا) فعل مضارع مجزوم بـ (أيّ) وجزمه حذف النون لأنه من الأمثلة الخمسة، (فله الأسماء الحسنى) ، (له) خبر مقدم، و (الأسماء) مبتدأ مؤخر، و (الحسنى) صفة، والجملة في محل جزم جواب (أيّ)، والفاء هذه واقعة في جواب الشرط، [أيٍّ متى]: يعنى (ومتى)، وهي وضعت للدلالة على الزمان، (متى أضع العمامة تعرفوني) ، (متى) شرطية، (أضع) فعل مضارع مجزوم بـ (متى) وجزمه سكون مقدر على آخره منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة التخلص من التقاء الساكنين، (أضع ال) ، (أضع العمامة) ، (تعرفوني) _فعل مضارع_ جواب الشرط مجزوم بـ (متى) وجزمه حذف النون، كيف حذف النون؟ هي موجودة، (تعرفوني) الأصل (تعرفونني) إذن نون الرفع محذوفة، والنون هذه المذكورة ليست هي نون الرفع، وإنما جيء بها لتقي الفعل الكسرة، (وقبل يا النفس مع الفعل التُزِمْ نون وقاية وليسي قد نُظِمْ)، هذه مثلها، ومنها {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} ، اللام هذه لام التعليل، وعرفنا أن الفعل المضارع بعده يكون منصوبا بأن مضمرة جوازا، (يعبدون) النون هذه موجودة، قل: لا، ليست هي نون الرفع، نون الرفع حذفت للناصب وهذه النون موجودة وهي لتقي الفعل الكسرة، والأصل (ليعبدونني)، حذفت النون الأولى وهذه مثلها، [أيٍّ متى أيان]: يعنى (وأيان)، وهي كذلك تدل على الزمان، (فأيان ما تعدل به الريح تنزل)، (تعدل، تنزل) ، (أيان) اسم شرط، و (ما) هذه زائدة، و (تعدل) _فعل مضارع_ فعل
الشرط مجزوم بـ (أيان) وجزمه سكون آخره، (تنزل) نقول هذا _فعل مضارع_ جواب الشرط مجزوم وجزمه سكون مقدر على آخره منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة الروي، [أيان أين]: يعنى (وأين)، وهي مثل (أن) في الدلالة على المكان، {أينما تكونوا يدرككم الموت} ، (أينما تكونوا) ، (أين) نقول هذه أداة شرط، (تكون) _فعل مضارع_ فعل الشرط مجزوم بـ (أين) وجزمه حذف النون لأنه من الأمثلة الخمسة، (يدرككم) _فعل مضارع_ جواب الشرط مجزوم بـ (أينما) وجزمه سكون آخره، [إذما]: هذه واجبة الاتصال بـ (ما)، قلنا مختلف فيها هل هي حرف أم اسم، والصحيح أنها حرف، حرف (إذما) كما قال ابن مالك _رحمه الله تعالى_، (وإنك إذما تأت ما أنت آمر به تلف من إياه تأمر آتيا) ، (وإنك إذما تأت) ، (تأتي) هذا هو الأصل، إذن (إذما) هكذا تقول أداة شرط، (تأت) _فعل مضارع_ فعل الشرط مجزوم بـ (إذما) وجزمه حذف حرف العلة، (تلف) _فعل مضارع_ جواب الشرط مجزوم بـ (إذما) وجزمه حذف حرف العلة، كذلك.
ثم قال: [وحيثما وكيفما]: (حيثما) هذه واجبة الاتصال بـ (ما)، وهي مثل أين، يعنى تدل على المكان، (حيثما تستقم يقدر لك الله نجاحا في غابر الأزمان) ، (حيثما) أداة شرط، (تستقم) _فعل مضارع_ فعل الشرط مجزوم بـ (حيثما)، (يقدر) _فعل مضارع_ جواب الشرط مجزوم بـ (حيثما)، إذن وجزم كل منهما السكون الظاهر، [وكيفما]:(كيف) زيدت عليها (ما)، هذه يجزم بها الفعل المضارع عند الكوفيين فقط، أما البصريون فيمنعون _يمنعون الجزم بها_، (كيفما تجلس أجلس) ، (كيفما) أداة شرط، (تجلس) _فعل مضارع_ فعل الشرط مجزوم بكيفما وجزمه سكون آخره، (أجلس) _فعل مضارع_ جواب الشرط مجزوم بـ (كيفما) وجزمه سكون آخره، [ثم إذا في الشعر]: جاء بـ (ثم) الدالة على التأخير لأن (إذا) مختلف فيها، ثم إذا قيل بجزمها بأنها تجزم فإنما تجزم في الشعر خاصة، يعنى لا في النثر، وإن كان كذلك فهو ضعيف، إذن (إذا) مختلف فيها هل هي جازمة أم لا؟ إن سلمنا بأنها جازمة فهي تجزم في الشعر خاصة لا في النثر، [ثم إذا فِي الشِّعْرِ لَا فِي النَّثْرِ فَادْرِ المَأْخَذَا]: يعنى المأخذ الذي يؤخذ _أو المحل الذي يؤخذ منه_ الحكم، وهو لسان العرب، لأن الحكم بكون الشيء جازما كالحكم بنواقض الوضوء ومفسدات الصلاة ومبطلات الصوم، بمعنى أنه موقوف على السماع، فليس للاجتهاد مجال في كون هذا الشيء ناقضا للوضوء، لابد من السماع، هنا كذلك كونه يعمل أو لا يعمل لابد من السماع، واللغة العربية من حيث العموم في التقعيد والتأصيل مبناها على السماع، إذن (إذا) في الشعر لا في النثر، (وإذا تصبك خصاصة فتحمل)، فتجمل، (إذا) أداة شرط، (تصبك)، (تصب) إسكان الباء، (تحمل) نقول هذا جواب الشرط _إن سلمنا بهذا_، إذن هذه إحدى عشرة أداة، وهي قسمان: حرف واسم.
بقي مسألة، وهي أن فعل الشرط الأصل فيه أن يكون فعلا مضارعا _هذا الأصل_، الفعل والجواب، لكن قد يكون فعلا ماضيا؛ فيكون في محل جزم، وحينئذ إما أن يكونا مضارعين أو يكونا ماضيين أو يكون الأول ماضيا والثاني مضارعا أو بالعكس، الأحوال أربعة، {إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم} ، تطابقا في ماذا؟ في الفعل الماضي، (إن) هذه شرطية، (أحسنتم) نقول هذا فعل ماض، (أحسنتم لأنفسكم) وهذا فعل ماض، {وإن تعودوا نعد} ، (تعودوا، نعد) كل منهما فعل مضارع، وهذا هو الأصل، {مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ} ، الأول فعل ماض والثاني فعل مضارع، (من كان) ، (كان) فعل ماض، (نزد له في حرثه) حينئذ وقع الجواب فعلا مضارعا ووقع فعل الشرط فعلا ماضيا، (من يقم ليلة القدر غفر له)، هذا مختلف فيه هل هو موجود أم لا، والصحيح موجود بهذا النص، (من يقم) فعل الشرط جاء فعلا مضارعا، (غفر له) جاء ماضيا.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
ما الفرق بين حتى الناصبة والجارة؟
إذا وجدت بعدها فعلا منصوبا فاعلم أنها ناصبة، ليس بنفسها وإنما دلت على أن (أن) مضمرة بعدها.
المتفق على أنها أسماء من أدوات الجزم، كيف سوغ لها أن تكون عوامل لما بعدها؟
قضية العامل هذه تركناها عمدا، ولذلك ترجع إلى المطول فصلناها، لأن العامل المراد به المقتضي، فمتى ما اقتضى اللفظ شيئا آخر ليتمم معناه عمل فيه، ولذلك نقول (غلام زيد)، (غلام) هذا عامل، وهو مضاف، عمل الجرَّ في (زيد)، كيف عمل وهو جامد؟ وهو اسم؟ نقول: لكونه يقتضي، يعنى لا يتمم معناه إلا بالمضاف إليه، على كُلٍّ عامل، وإن كان الأصل في الفعل أن يكون عاملا، والاسم ما أشبهه لكن مبناها على الاقتضاء.
كل الجوازم تنقسم إلى ما يجزم فعلا مضارعا واحدا، وما يجزم فعلين، فـ (ما) هي جازمة لفعل واحد، وما معنى كل واحد منهما؟
طيب، والله أعلم.