الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عناصر الدرس
* باب المصدر وما يشتق منه.
* أقسام المصدر غير الميمي وحكم كلٍ.
* أوزان المصدر الميمي واسمي الزمان والمكان.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
قال الناظم رحمه الله تعالى:
(بَابُ المَصْدَرِ وَمَا يُشْتَقُّ مِنْهُ)، يعني: هذا باب بيان (المَصْدَرِ)، المراد به: أنواع المصدر. (وَمَا يُشْتَقُّ مِنْهُ)، يعني: والذي يشتق من المصدر، لأن المصدر هو: أصل الاشتقاق كما مرَّ معنا، وهذا العنوان يدل على ذلك. (بَابُ المَصْدَرِ وَمَا يُشْتَقُّ مِنْهُ)، أي: باب بيان أبنية المصدر، سواءٌ كان من: الثلاثي، وغير الثلاثي، الميمي، وغير الميمي. ومصدر على وزن: مَفْعَل، والمراد به عُرْفًا: اسم الحدث، يعني: الاسم الدال على الحدث، لفظ: ضَرْبٌ، قلنا: هذا اسمٌ دالٌ على الحدث على حقيقة الضرب، يعني: الذي يُدْرَكُ بالبصر، وأمَّا الذي يلفظ فهو: مصدر من حيث اللفظ، سُمِّيَ بذلك لأنه محل صدور الشيء، المصدر: كأن الماضي يصدر عنه أو منه، والمضارع يصدر عنه، وكذلك: الأمر، وكذلك: اسم الفاعل، واسم المفعول، واسم الآلة، واسم المكان كلها تصدر عن: المصدر، فهو أصل الاشتقاق.
وَالْمَصْدَرُ الأَصْلُ وأيّ أَصْلٍ
…
وَمِنْهُ يَا صاحِ اشْتِقَاقُ الْفِعْل (1)
وَكَوْنُهُ أَصْلاً لِهَذَيْنِ انْتُخِبْ (2)
(1) ملحة الإعراب البيت: 133.
(2)
الشطر الثاني من البيت: 287 من ألفية ابن مالك.
يعني: اختير كون المصدر أصلاً لفعل وللوصف. (وَمَا يُشْتَقُّ مِنْهُ)، أي: وأبنية ما يشتق منه، يعني: من المصدر، (وَمَا) هنا واقعةٌ على الألفاظ المأخوذة من المصدر، من الماضي، والمضارع، والأمر، والنهي، واسم الفاعل، واسم المفعول، واسم الزمان والمكان، والآلة. الذي يشتق منه، أي: من المصدر، (يُشْتَقُّ) هذا مغير الصيغة، وضمير نائب الفاعل يعود إلى (مَا)، وَذَكَّرَهُ باعتبارِ اللفظ، لأن: الضمير إذا عاد إلى (مَا) وكانت واقعةً على مؤنث من حيث المعنى لأن هذه أبنية: ماضي ومضارع هذه أبنية، إذًا (مَا) هنا صدقت على الأبنية، والأبنية مؤنث. قال:(يُشْتَقُّ مِنْهُ)، ولم يقل: يشتق منها، حينئذٍ نقول: يجوز فيه الوجهان، لأن (مَا) إذا كانت واقعةً على مؤنث فحينئذٍ تنازعها أمران من حيث اللفظ هي: مذكر، ومن حيث المعنى هي مؤنث. يجوز لك الوجهان إمَّا أن تعيد الضمير إلى المذكر بالمذكر بناءً على اللفظ، أو بالمعنى. (وَمَا يُشْتَقُّ مِنْهُ)، يعني: من المصدر، أي: من المصدر، وفي المقصود الأصل الذي نظمه الناظم هنا قال: فصلٌ في الوجوه التي اشتدت الحاجة إلى إخراجها من المصدر، هذا يوضح المراد بالاشتقاق لأنه نظم المقصود، ماذا يريد الناظم هنا بالاشتقاق؟ المراد به: الأخذ، لأن صاحب الأصل قال: في الوجوه التي اشتدت الحاجة إلى إخراجها من المصدر، وهي الماضي، والمضارع، والأمر، واسم الفاعل، واسم المفعول، هي الوجوه، جمع وجهٍ، وأراد به الأبنية، أي: الكلمات المأخوذة من المصدر، وفيه: تنبيهٌ على أصالة المصدر في الاشتقاق. قال: (وَمَا يُشْتَقُّ مِنْهُ)، يعني: من المصدر، وسائر المشتقات التي يذكرها الصرفيون إنما هي مأخوذةٌ من: المصدر، إمَّا بالذات، وإمَّا بالواسطة. كيف بالذات؟ يعني: مباشرةً. كيف بالواسطة؟ يعني: بينهما واسطة، فحينئذٍ تقول: فعل الماضي مأخوذ من المصدر مباشرةً، ضَرْبٌ ضَرَبَ، وإذا أردت: يَضْرِبُ حينئذٍ ماذا تصنع؟ نقول: تزيد أحد حروف ((أنيت)) على الفعل الماضي، إذًا النظر هنا: فعل مضارع مأخوذ من الفعل الماضي فكيف نقول: مشتقٌ من المصدر؟ قالوا: هنا: مشتق من المصدر بواسطة الماضي، يعني: المضارع مشتق من المصدر، كيف؟ نحن لا ننظر إلى المصدر: ضرْب، إنما: ننظر إلى الماضي، فحينئذٍ كيف نقول: بأنه مشتقٌ من المصدر، والنظر يكون للماضي؟ نقول: هنا حصل الاشتقاق بواسطةٍ، فاشْتُقَّ المضارع من المصدر بواسطة الماضي، ولذلك نقول مثلاً اسم الفاعل، أو فعل الأمر كما سيأتي، يَضْرِبُ تحذف حرف المضارعة، اضْرِبْ .. إلى آخر ما سيأتي، وهذا مأخوذٌ من: المضارع، إذًا: الأمر مشتقٌ من المضارع هذا في ظاهره، نقول: لا، ليس الأمر مشتقًا من المضارع، إنما هو: مشتق من المصدر لكن بواسطة الفعل المضارع .. وهكذا، فكل ما عُلِّقَ الحكم فيه على غير المصدر فيكون واسطةً بينه وبين المصدر، إذًا الأصل في الاشتقاق هو: المصدر، ثم سائر المشتقات المأخوذة من المصدر إمَّا: أن تؤخذ منه مباشرةً كالماضي، وإمَّا: أن تؤخذ منه بواسطةٍ كالمضارع، الماضي واسطةٌ بينه وبين المصدر. قال الناظم رحمه الله تعالى:
وَمَصْدَرٌ أَتَى عَلَى ضَرْبَيْنِ
…
مِيْمِي وَغَيْرِهِ عَلَى قِسْمَيْنِ
(مِنْ ذِي الثَّلَاثِ) بفتح الثاء.
مِنْ ذِي الثَّلَاثِ فَالزَمِ الَّذِي سُمِعْ
…
وَمَا عَدَاهُ فَالقِيَاسَ تَتَّبِعْ
(وَمَصْدَرٌ)، المراد به: اسم الحدث، وهو: مبتدأ سوغ الابتداء به قصد الحقيقة، وإلا الأصل أنه: لا يجوز الابتداء بالنكرة، وهنا:(مَصْدَرٌ) مبتدأ، وكيف ابتدئ به؟ نقول: قُصِدَ حقيقة المصدر، يعني: أراد أن يبين لك حقيقة ما يُسمَّى بالمصدر وهو: اسم الحدث. (وَمَصْدَرٌ أَتَى عَلَى ضَرْبَيْنِ)، يعني: ينقسم إلى: قسمين أتى وورد في كلام العرب حال كونه (عَلَى ضَرْبَيْنِ)، يعني نوعين: ميمي، وغيره. (مِيْمِي): هذا بدل مفصل من مجمل، لأن قوله: نوعين فيه إجمال ولَمَّا قال: (مِيْمِي) أبدله مما قبله فحينئذٍ يُسمَّى ماذا؟ بدل مفصل من مجمل، لأن الإجمال ثم التفصيل، أو الإجمال ثم الإيضاح هذا مقصدٌ من مقاصد العرب. (مِيْمِي)، قلنا: بدل مفصل من مجمل. (وَغَيْرِهِ)، أي: غير الميمي. إذًا: المصدر نوعان: مصدرٌ ميمي، ومصدرٌ غير ميميٍّ. الْمِيمِي واضح أنه نسبةٌ إلى الميم ميميٌّ ميم زدت عليها ياء النسبة، كما تقول: مكيٌّ، قرشيٌّ هذا نسبة إلى مكة كذلك:(مِيْمِي) نسبةً إلى الميم. إذًا إذَا قيل: ميميٌّ. حينئذٍ تعلم أنه ما ابتدئ أو كان أوله حرف الميم لكن يشترط فيه أن تكون زائدةً. (مِيْمِي) نسبةً إلى: الميم لابتدائه بها، وهو ما يكون أول حروفه ميمًا زائدًا على نفس الكلمة. إذًا: ميميًا خرج ما ليس مفتتحًا بالميم، مثل: الضَّرب والإِفْعَال .. ونحو ذلك التي هي غير الميمي، الميمي: ما افتتح بالميم هذا أولاً، إذًا: ما لم يفتتح بالميم فحينئذٍ: ليس بمصدر ميمي، قال: زائدًا، يُشترط في هذه الميم: أن تكون زائدة. إذًا: مَشَى يَمْشِي مَشْيًا، مشيًا هل هو مصدرٌ ميمي؟ لا. لماذا؟ لأن الميم أصلية، ويشترط في المصدر الميمي أن تكون الميم زائدةً. إذًا: ما يكون أول حروفه ميمًا زائدًا على نفس الكلمة، فأخرج ما خلا عن الميم: كالضرب ونحوه، وخرج كذلك ما كان في أوله ميم لكنه حرفٌ أصلي وليس بزائدٍ، كالمشي وهذا: مصدرٌ مَشَى ميم أصلية، مشى على وزن: فعل، فحينئذٍ الميم هذه: هي فاء الكلمة، قال:(مِيْمِي وَغَيْرِهِ) أي: غير الميمي مقابلٌ له، (عَلَى قِسْمَيْنِ) أراد أن يقسم غير الميمي، يعني عندنا ماذا؟ قَدَّمَ الميمي وغيره، غيره بالعطف بالجر عطفٌ على الميمي، ثم قال: حال كون غير الميمي (عَلَى قِسْمَيْنِ)، حال كون غير الميمي كائنًا:
…
(عَلَى قِسْمَيْنِ)، فقوله:(عَلَى قِسْمَيْنِ)، هذا متعلق بمحذوف حال من غيره، يعني: بدأ بالثاني وترك الأول، هذا ماذا يُسمى في البيان؟ لف ونشر غير مرتب. لأنه مادام أنه قدم الميمي وثنى بغير الميمي كان الأصل أنه يبدأ بالميمي، لكنه عكس وهذا مسلكٌ بلاغي، وهو موجودٌ في الكتاب والسنة.
(عَلَى قِسْمَيْنِ مِنْ ذِي الثُّلَاثِ) وما عداه، يعني: إمَّا أن يكون من الثلاثي، وإمَّا أن يكون من عدا الثلاثي، يعني: الرباعي، والخماسي، والسداسي. فجعل القسمة ثنائية، إمَّا أن يكون: ثلاثيًا، أو يكون: عدد ثلاثي، بمعنى: أنه قد لا يكون رباعيًا، وخماسيًا، وسداسيًا. وفرق بينهما بناءً على أنَّ أحدهما: سماعي، والآخر قياسي، فكأنه قال لك: غير الميمي نوعان:
نوعٌ سماعي، وهو مصادر: الثلاثي المجرد، هذا: سماعي، يعني: لا قياس فيه.
ونوعٌ قياسي، وهو: الرباعي، والخماسي، والسداسي.
إذًا: غير الميمي كم نوع؟
نوعان:
سماعي.
وقياسي.
ما المراد: بالسماعي؟
المراد به: الذي يُحفظ ولا يقاس عليه، فليس بقاعدةٍ مطردة، وإنما تقول: سُمِعَ من كلام العرب مصدر: ضَرَبَ الضّرب، ولا يقاس عليه فتنظر في كلِّ فَعَلَ المصدر الذي نُقل فيه عن العرب.
الثاني: القياسي، وهو ما عدا: الثلاثي. (مِنْ ذِي الثَّلَاثِ) قسمٌ كائنٌ على قسمين، قسمٌ كائنٌ (مِنْ ذِي الثَّلَاثِ)، يعني: من الفعل المجرد صاحب الثلاث الأحرف، ولذلك قلنا: الثلاثَ بفتح الثاء بناءً على العدد، يعني: الذي تَأَلَّفَ وَتَرَكَّبَ من ثلاثة أحرف أصول، وهذا هو: الثلاثيُّ. (مِنْ ذِي)، يعني: من الفعل المجرد، (ذِي)، أي: صاحب الأحرف الثلاثِ هذا: سماعي. (فَالزَمِ الَّذِي سُمِعْ)، يعني: فاحفظ الزم لا تتعداه، (الَّذِي سُمِعْ)، يعني المسموع، (الَّذِي): اسم موصول و (سُمِعْ) هو يعود إلى: (ذِي الثَّلَاثِ) نائب الفاعل، فحينئذٍ نقول: الموصول مع صلته بقوة المشتق، والأول هنا: باسم المفعول، يعني:(فَالزَمِ) المسموع ولا تقس عليه، (فَالزَمِ الَّذِي سُمِعْ)، أي: احفظ المسموع من العرب من أبنية الثلاثيِّ المجرد، يعني: مصادِرِهِ مختصرًا عليه، بحيث لا يقاس عليه غيره لِتَعَذُّرِ ضبطه لكثرته، فحينئذٍ المصدر السماعي هو: المصدر الذي يلزم حفظه على ما جاء عن العرب فلا يقاس عليه غيره البتة، فلا قياس لمصدر الثلاثيِّ، وهذا: مذهب سيبويه، وهو المشهور عند الصرفيين: أنَّ مصادر الثلاثيِّ المجرد سماعية وليست قياسية، وخالفه الزمخشري، وتبعه ابن مالك على أنه: قياسي، ولهم تفصيلٌ في ذلك مذكورٌ في:((الألفية)) وغيرها، لكن الذي ذهب إليه الناظم هنا تبعًا للأصل وما اشتهر عند الصرفيين: أنَّ مصادر الفعل الثلاثيِّ المجرد سماعية، لعدم ضبطها لكثرتها فهي كثيرة، فلا تنضبط بقاعدة مطردة، فحينئذٍ يكون مسموعًا، وما لا ينضبط فحينئذٍ يوقف على المسموعِ.
ومصدر غير الثلاثي قياسيٌّ لعدم تَعَذُّرِ ضبطه لأن مصدره يصدر على طريقٍ واحدٍ له ضابطٌ معين وُضِعَ في ألفاظ معلومةٍ مقدرة: كالإفعال، في باب: أَفْعَلَ الذي مرَّ معنا، أَفْعَلَ يُفْعِلُ إِفْعَالاً كلَّ ما جاء الماضي المزيد على ثلاثة أحرف: الرباعي مثلاً أَفْعَلَ حينئذٍ المصدر يأتي على الإفعال، والقاعدة مطردة، وكذلك: الانْفِعَال، في باب: انْفَعَلَ يَنْفَعِلُ انْفِعَالاً، وكذلك: الاستفاعل، في باب: اسْتَفْعَلَ، يَسْتَفْعِلُ، اسْتِفْعَالاً، كُلُّ ما مضى اليوم معنا الأبواب تلك يعتبر المصدر فيها: قياسيًا، لماذا؟ لأنه ليس بثلاثي، ولعدم كثرته يمكن ضبطه، يعني: ليس منتشرًا، ونحوها من: مزيد الثلاثي، وكالْفَعْلَلَة، والفِعْلال والتَّفَعُّل، والافْعِلال، والافْعِيلال، وكذلك ما يتعلق بـ: تَفَعَّلَ، وَفَعَّلَ، ونحوه، كلُّ ذلك يعتبر من: القياسي.
قال: (وَمَا عَدَاهُ)، يعني: قسمٌ كائنٌ مِمَّا عداه، عدا: الثلاثي، أو: ذي الثلاث، (عَدَاهُ) الذي:(عَدَاهُ)، يعني: عدا ذا الثلاثِ، يعني: الذي جاوز الثلاث، وهو: الرباعي [سواءٌ كان من مزيد الثلاثي، أو نعم](1) وهو: الرباعي سواءٌ كان مزيد الثلاثي، أو الملحق بالرباعي، خماسي سواءٌ كان من مزيد الثلاثي أو الرباعي، والسداسي سواءٌ كان مزيد الثلاثي، أو مزيد الرباعي، فحينئذٍ يعتبر قياسيًا:(وَمَا عَدَاهُ)، يعني: قسمٌ كائنٌ، وهو: الفعل الذي عدا وجاوز: ذا الثلاثِ رباعيًا كان أو خماسيًا أو سداسيًا مطلقًا بدون تفصيل. (فَالقِيَاسَ تَتَّبِعْ)، يعني:
…
(فَالقِيَاسَ) على ما سُمِعَ، هذا هو القياس: حَملُ فرعٍ على أصلٍ لعلةٍ جامعةٍ في الحكم، قياس واحد لأنه: قياس التنفيذ، المناطقة عند النحاة، وعند الصرفيين، وعند الفقهاء. حملُ فرعٍ على أصلٍ لعلةٍ جامعةٍ في الحكم، فحينئذٍ نقول: القياس على ما سمع من لسان العرب في ما عدا: الثلاثي هذا معتمدٌ، فالقياس على ما سمع منه من العرب (تَتَّبِعْ) تتبعه، يعني:(تَتَّبِعْ)، والذي عداه:(فَالقِيَاسَ تَتَّبِعْ) شَرَطَ اتبع، فعل ماضي، أو مضارع، ما أصله؟ تتبع: التاء الأولى تاء المضارعة، والتاء الثانية تاء الماضي، وقد تُحْذَفُ إحدى التاءين لذلك فيها ثقل (تَتَّبِعْ). {فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى}
…
[عبس: 6]، أصله تَتَصَدَّى حذفت إحدى التاءين طلبًا للخفة. {نَاراً تَلَظَّى} [الليل: 14]، أي تَتَلَظَّى، تَلَظَّى فعل مضارع وليس بماضي، كذلك تصدَّى فعل مضارع وليس بماضي، وإنما حذفت إحدى التاءين.
…
(تَتَّبِعْ)، فيه: ثقل لكون التاء الأولى هي تاء المضارعة، و (تَتَّبِعْ) هذا: فعل مضارع، وقف عليه بالسكون للراجح #17.12 أن تكون حركة مقدرة، والقياس بالنصب على أنه: مفعولٌ به لتَتَّبِعْ أنت القياس، (فَالقِيَاسَ تَتَّبِعْ)، فتتبعُ أنت أيها الصرفي القياس على ما سُمِعَ منه، لماذا؟ لعدم تَعَذُّرِ ضبطه، وحينئذٍ تضبط أبنيته. إذًا هذا ما يتعلق بـ: غير الميمي.
ثم شرع في الميمي، فقال:
مِيْمِي الثُّلاثِي إِن يَّكُنْ مِنْ أَجْوَفِ
…
صَحِيْحٍ أوْ مَهْمُوزٍ أوْ مُضَعَّفِ
(1) سبق لسان استدركه الشيخ سريعًا.
أَتَى كَمَفْعَلٍ بِفَتْحَتَيْنِ
…
وَشَذَّ مِنْهُ مَا بِكَسْرِ العَيْنِ
كَذَا سِمُ الزَّمَانِ وَالمَكَانِ مِنْ
…
مُضَارِعٍٍ إن لَاّ بِكَسْرِهَا يَبِنْ
وَافْتَحْ لَهَا مِن نَّاقِصٍ وَمَا قُرِنْ
…
وَاعْكِسْ بِمُعْتَلٍّ كَمَفْرُوْقٍ يَعِنْ
الله المستعان، هذه هي: أبيات تتعلق بـ: الميمي، المصدر الميمي، كونوا معي:
(مِيْمِي الثُّلاثِي)، (مِيْمِي)، عرفنا المصدر الميمي: ما كان أول حروفه ميمًا زائدةً على أصل الكلمة، ميمي وغير الميمي من حيث المعنى واحد، وإنما الكلام في اللفظ، يعني: لا يقال: بأن الإِفْعَال ليس بميمي، والمدخل ميمي، إذًا بينهما فرقٌ في المعنى، نقول: لا، كونه مصدرًا، وهذا كونه مصدرًا، هما: اسمٌ للحدث الجاري على الفعل، فلا فرق بينهما في المعنى، وإنما الكلام في الوزن، إذًا المصدر من حيث هو على نوعين، وهذان النوعان إنما الخلاف بينهما في اللفظ، وأمَّا المعنى فهو واحد، إذًا ميمي، أي المصدر الميمي، ميمي للفعل الثلاثي، أي المصدر الميمي الذي فعله ثلاثيٌّ مجرد، (مِيْمِي الثُّلاثِي)، أي: المصدر الميمي الذي فعله ثلاثيٌّ مجرد، إذًا: الميمي يأتي من جميع الأنواع، من: الثلاثي، ومن الرباعي، ومن الخماسي، ومن السداسي، لا فرق بين أبنيت الأفعال في كون الميمي يأتي منها، ولكنها تختلف من حيث حركة العين، فحينئذٍ: ميمي الفعل الثلاثي، يعني: الذي فعله ثلاثي مجرد، قال:(إِن يَّكُنْ مِنْ أَجْوَفِ)، يعني: المصدر الميمي مأخوذًا من فعلٍ أجوف، والأجوف المراد به: ما وقع في جوفه، يعني: في وسطه - الجوف هو الوسط - حرف علةٍ، يعني: إمَّا واو، أو ياء، مثل ماذا؟ مثل: قال قَوَلَ تقول: هذا أجوف لماذا؟ لكونه معتل العين، ما كان معتل العين يُسمى: أجوف في اصطلاح الصرفيين، فحينئذٍ: قال وباع. نقول هذا [ها كونوا معي] قال وباع. نقول: هذا النوع أجوف، يعني: عينه حرفًا من حروف العلة، وهو - حرف العلة - إمَّا الواو وإمَّا الياء، والألف؟ هذه: لا تكون إلا بدلاً عن واوٍ أو ياء. في الثلاثي الألف لا تأتي إلا بدلاً، لا تأتي أصلية هكذا وُجِدَتْ، لا، لا بد أن تكون بدلاً عن حرف، فليس عندنا فِعْلٌ مؤلفٌ من ثلاثة أحرف والألف فيه أصلية، والمراد: بأصلية، يعني: ليست منقلبة، فإذا قلت: قَالَ بَاعَ. موجودة الألف أين ذهب؟ تقول: قَالَ وبَاعَ. الألف هذه: ليست أصلية، بل الألف في قَالَ مبدلةٌ عن الواو، والألف في بَاعَ مبدلةٌ عن ياء. ايت بألفٍ ليست مبدلة عن واوٍ ولا ياء؟ ما وُجِدَتْ هذه، لا وجود لها.
إذًا: معتل العين ما كانت عينه واوًا أو ياءً، سواءٌ بقيت على حالها: كالقَوَتْ، قَوَتَ بقيت على حالها، أو انقلبت الواو ألفًا، وما كانت عينه ياءً سواءٌ بقيت على حالها: كصَيَدَ، أو انقلبت: كباع بَيَعَ أصلها، تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت الياء ألفًا، إذًا سواء إن يكن المصدر الميمي مأخوذًا من فعلٍ أجوف، أو من فعلٍ صحيحٍ، صحيح فَعِِيل، صفةٌ مشبهة مأخوذٌ من الصحة، ضد: المرض، والصحيح: ما سَلِمَ من حروف العلة والهمزة والتضعيف. الصحيح ما يعني: فعلٌ سلم من العلة - من حروف العلة - يعني: ليست فاؤه، ولا عينه، ولا لامه حرفًا من حروف العلة، يعني: ليس مثالاً ولا أجوف ولا ناقص، أليس كذلك؟ والهمزة: همزة، سواءٌ كانت: فاءً، أو عينًا، أو لامًا. أَخَذَ، سَأَلَ، قَرَأَ، صحيح؟ أَخَذَ: وقعت الهمزة فاءً، وهذا يسمى: مهموز الفاء يقال فيه، سَأَلَ: وقعت الهمزة عينًا يُسمى: مهموز العين، قَرَأَ: وقعت الهمزة لامًا، يُسمى: مهموز اللام. إذًا ما سلم من حروف العلة والهمزة والتضعيف، يعني ألا تكون عينه، ولامه: حرفي علة. هذا المضعّف في الثلاثي، بخلاف المضعّف في الرباعي، وقد يأتي معنا. إذًا: أو هنا حذف أو من فعل صحيحٍ، يعني: ميمي الثلاثي: إمَّا أن يكون مأخوذًا من فعل أجوف - وعرفنا الأجوف -، أو من فعلٍ صحيح - وهو ما سلم من حروف العلة والهمزة والتضعيف، أو من فعلٍ مهموز، وعرفنا المهموز ما كانت: الهمزة أحد أصوله. أَخَذَ، وسَأَلَ، وقَرَأَ. أو من: فعلٍ مضعَّفٍ، مضعَّف: اسم مفعول، مضعَّف ضُعِّفَ، وهو ما كانت عينه ولامه من جنسٍ واحدٍ في الثلاثي، يعني: حرف علة. قَوِيَ، ما نوعه؟ ماذا يُسمَّى؟ يُسمى: مضعَّف لأن: عينه ولامه من جنسٍ واحد، يعني: حرف علة. إذًا: (مِيْمِي الثُّلاثِي) إن يكن من أجوف، يعني: مطلقًا، سواء كان من: أجوف، أو صحيحٍ، أو مهموزٍ، أو مضعّفٍ، بقي ماذا؟ بقي الناقص، والمثال، هذا له: حكمٌ خاص سيأتي. إذًا: التنصيص على الأجوف احترازًا من الناقص والمثال.
ما هو الناقص؟ ما كانت لامه حرفًا من حروف العلة.
ما هو المثال؟ ما كانت فاؤه حرفًا من حروف العلة. [أحسنتم].
إذًا: إن وقع حرف العلة فاءً فهو: مثالٌ، يسمى: مثالاً، ويطلق في استعمال الصرفيين: المعتل عليه، إذا أطلق المعتل أرادوا به: المثال في بعض المواضع، وإذا وقع حرف العلة: عينًا، يُسمَّى أجوف، وإذا وقع حرف العلة لامًا سُمِّيَ ناقص، هنا قال:(إِن يَّكُنْ مِنْ أَجْوَفِ) إذًا خص الحكم بالأجوف احترازًا عن الناقص والمثال. (أَتَى كَمَفْعَلٍ بِفَتْحَتَيْنِ)، (مِيْمِي الثُّلاثِي) إن كان مما ذكر (أَتَى) في كلام العرب حال كونه:(كَمَفْعَلٍ بِفَتْحَتَيْنِ) حال كون مَفْعَل متلبسًا بفتحتين: الأولى للميم، والثانية للعين. (مَفْعَلٍ)، الفاء:[(عين الكلمة)](1)، والعين: عين الكلمة، واللام: لام الكلمة، ما الذي زيد؟ الميم، لأنه: مصدرٌ ميمي، فلا بد أن تكون: زائدة، فنزلت في المصدر كما هي على القاعدة، ما حركتها؟ الفتحة مَفْعَل، ودائمًا تكون: مفتوحة، مَفْعَل، العين مفتوحة. إذًا: ما كان من هذه الأنواع المذكورات الأربعة من الثلاثي يأتي المصدر الميمي على وزن: مَفْعَلٍ (بِفَتْحَتَيْنِ)، يعني: بفتح الميم، وبفتح العين، وهنا قبل أن نأتي لقوله:(وَشَذَّ مِنْهُ)، نقول: الضابط هنا في المصدر الميمي الثلاثي هو: النظر إلى حركة عين المضارع، [نأخذ الضابط ثم يأتي]، الضابط هنا هو النظر إلى حركة عين الفعل المضارع، يعني: الاشتقاق يكون من ماذا؟ بالنظر إلى حركة عين الفعل المضارع، إمَّا أن يكون يَفْعُل، أو يَفْعَلُ، أو يَفْعِلُ. إمَّا، وإمَّا، وإمَّا ثلاثة أحوال، إماَّ هذا، أو ذاك، أو تلك، يَفْعُلُ بضم العين، يَفْعَل بفتح العين، يَفْعِل بكسر العين، يُنظر في عين المضارع فإن كان عينه مفتوحًا، أو مضمومًا فالمصدر الميمي وسيأتي معه نضيفه الآن، واسم الزمان والمكان هذه الأحوال الثلاثة لأنها متحدة في اللفظ يأتي على وزن: مَفْعَلٍ بفتحتين، متى؟ إذا كان حركة عين المضارع مضمومة أو مفتوحة، مطلقًا المصدر الميمي، واسم الزمان، واسم المكان اتحدت في اللفظ تأتي على وزن: مَفْعَلٍ، بفتحتين: فتح الميم وفتح العين، لأن مَفْعَل المصدر الميمي له اثنان فقط، إمَّا: مَفْعَل، وإمَّا: مَفْعِل بكسر العين، فإن كانت حركت عين المضارع ضمة أو فتحة فالمصدر الميمي من الثلاثي يكون على وزن: مَفْعَلٍ، وكذلك: اسم الزمان، واسم المكان. حينئذٍ اتحدت، والذي يفرق بين هذه الألفاظ الثلاثة لأن المعاني تختلف، الذي يفرق هو السياق، ماذا أراد؟ هل أراد الزمن؟ هل أراد اسم المكان؟ هل أراد الحدث عينه؟ حينئذٍ نقول: السياق هو الذي يميز بين هذا وذاك، وأمَّا اللفظ فهو مجملٌ من حيث هو، إذًا الضابط هنا في المصدر الميمي يُنظر في عين المضارع، فإن كان عينه مفتوحًا أو مضمومًا، فالمصدر الميمي، وكذلك: اسم الزمان، واسم المكان منه على وزن: مَفْعَل بفتح العين، مثاله: فَتَحَ، نقول: يَفْتَحُ، إذًا من باب فَعَلَ يَفْعَلُ، العين مفتوحة.
(1) سبق لسان صوابه (فاء الكلمة).
إذًا: المصدر الميمي، واسم الزمان والمكان من يَفْتَحُ على وزن: مَفْعَل، فنقول: مَفْتَح، ماذا صنعنا؟ زدنا ميمًا مفتوحة وفتحنا العين مَفْتَحٌ، هذا مَفْتَح زيدٍ، إمَّا الحدث الفَتْحُ، وإمَّا الزمن وفتحه، وإمَّا مكان فتح، يحتمل هذا أو ذاك، يحتمل هذه الثلاثة الأنواع، إمَّا هذا أو ذاك، الذي يحدد هو السياق، إذًا الْمَفْتَح، على وزن مَفْعَل، من فَتَحَ يَفْتَحُ، بِفَتْحِ ما يقابل العين في الماضي والمضارع، الْمَعْلَم: مَعْلَم، على وزن: مَفْعَل هذا يأتي مصدر ميمي، واسم زمان، واسم مكان لماذا؟ لأنَّه من عَلِمَ يَعْلَمُ. إذًا يَفْعَلُ بِقَطْعِ النظر عن ماضيه، سواءٌ كان مفتوح العين، أو مكسور العين، لأنَّ فَتَحَ، على وزن فَعَلَ، والمضارع منه: يَفْتَحُ، ويَعْلَمُ كذلك مثل يَفْتَحُ يختلف معه في ماذا؟ في كون ماضيه بكسر العين، وهو: عَلِمَ، عَلِمَ يَعْلَمُ. إذًا نقول في مصدر الميمي: مَعْلَم، على وزن مَفْعَل لماذا؟ لكون حركة عين مضارعه فتحةً، بقطع النظر عن ماضيه سواءٌ كان فَعَل أو فَعِلَ لأنَّ: يَفْعَلُ يأتي من فَعَلَ وفَعِل. واضحٌ هذا؟
إذًا الْمَعْلَم من عَلِمَ يَعْلَمُ بفتح ما يقابله في المضارع ونحوهما مما فُتِحَ عين مضارعه، هذا من يَفْعَلُ. الْمَدْخَل مَدْخَل، هذا: مَفْعَل، يحتمل أنَّه: مصدرًا ميميًا، أو اسم زمان، أو اسم مكان، لماذا اتحدت الثلاث؟ لأنَّ مَدْخَل أصله من: دَخَلَ، يَدْخُلُ بضم العين، وما كان مضموم العين في المضارع المصدر الميمي منه يكون على وزن مَفْعَل، وكذلك اسم الزمان واسم المكان. إذًا: الْمَدْخَل، من دَخَلَ، يَدْخُلُ بضم العين عين فعله في المضارع، والْمَحْسَنْ من حَسُنَ يَحْسُنُ. إذًا: مَحْسَن مَدْخَل، لأنَّ عين المضارع مضمومة، يَفْعُل بقطع النظر عن ماضيه، سواءٌ كان على وزن فَعَلَ، كـ: دَخَلَ، أو على وزن فَعُل، كـ: حَسُن. واضح؟ إذًا: حَسُنَ يَحْسُن مَحْسَن. دَخَلَ يَدْخُلُ مَدْخَل. إذًا: اتحد يَدْخُل، ويَحْسُن في ضم عين المضارع بقطع النظر عن ماضيه كونه بفتح العين أو بضم العين. فلا عبرة هنا بالماضي، وإنَّما العبرة بحركة عين المضارع. إذًا الْمَدْخَل من دَخَلَ يَدْخُلُ. والْمَحْسَن من حَسُنَ يَحْسُنُ بضم عين الفعل فيهما، ونحوهما مِمَّا كان عين فعل مضارعه مضمومًا. وهذه الأمثلة كلُّها صالحةٌ: للمصدر الميمي، واسم الزمان، واسم المكان، لأنَّ القاعدة: أنَّ مَفْعَل هنا متحد بين هذه المسائل الثلاثة. إذًا: ننظر إلى حركة عين المضارع، فإن كانت: مضمومة، أو مفتوحة جاء المصدر الميمي، واسم الزمان، واسم المكان، على وزن: مَفْعَل.
قال هنا:
مِيْمِي الثُّلَاثِي إِن يَّكُنْ مِنْ أَجْوَفِ
…
صَحِيْحٍ اوْ مَهْمُوزٍ اوْ مُضَعَّفِ
(أَتَى)، يعني في كلام العرب حال كونه كمَفْعَلٍ، حال كون مَفْعَل متلبسًا (بِفَتْحَتَيْنِ) الأولى للميم، والثانية للعين. (بِفَتْحَتَيْنِ)، يعني: تنصيص على فتح الميم ليس للاحتراز، لأنَّه ليس عندنا مِفْعِل بكسر الميم، لكن المراد: فتح العين، لئلا يقابل مَفْعَل، يقابله مَفَعِل اتحدا في فتح الميم، واختلفا في حركة العين. (وَشَذَّ مِنْهُ مَا بِكَسْرِ العَيْنِ)، إن جاء المصدر الميمي مِمَّا مضارعه بالفتح عينه أو بالضم على وزن: مَفْعِل بالكسر، فهو: شاذّ. واضح؟ إذًا الأصل مَفْعَل، فإن سُمِعَ في لسان العرب يَفْعُلُ ويَفْعَلُ وجاء المصدر الميمي، أو اسم الزمان، والمكان منه على وزن مَفْعِل، والأصل أن يأتي على وزن مَفْعَل، فهو شاذٌّ. يعني خارجٌ عن القياس. هذا المراد بالشذوذ، يعني: انْفَرَد وخرج عن القياس. مَطْلِع، طَلَعَ، يَطْلُعُ. الأصل: مَطْلَعَ، لكن سُمِعَ: مَطْلِع، مَغْرِب. يعني: أمثلة للذي شذَّ. هذا .... #34.29 كلها في ((اللامية))، وما شذَّ نحو: مَطْلِع، ومَغْرِب، ومَسْجِد، ومَشْرِق، ومَجْزِر، ومَسْكِن، ومَنْبِت، ومَنْسِك، ومَفْرِق، ومَسْقِط، ومَحْشِر، ومَرْفِق، ومَجْمِع. هذه كلها على وزن: مَفْعِل، والقياس فيها على وزن مَفْعَل، لأنها: إمَّا مضمومة العين في المضارع أو مفتوحة - أيْ شاذة - فكلُّ هذه المذكورات كونها على وزن: مَفْعِل، بكسر العين: شاذٌّ. يعني يحفظ ولا يقاس عليه.
وقد رُوِيَ في بعضها الفتح على الأصل مثل وجهان فيه من: احْسِب حَسِبَ يَحْسِبُ، وحَسِبَ يَحْسَبُ جاء على القياس، وجاء على الشاذّ، بعضها سُمِعَ فيه الوجهان مثل: الْمَنْسَك مَنْسِك، ومَنْسَك سُمِعَ فيه الوجهان. إذًا: مَنْسَك، مَفْعَل على القياس، ومَنْسِك بالكسر. نقول: هذا شاذٌّ، مَنْسَك، مَنْسِك سُمِعَ فيه الوجهان، فحينئذٍ نقول: مَنْسَكُ بالفتح، مَفْعَل على القياس، لأنه من نَسَكَ يَنْسُك بالضم، والأصل فيه: مَنْسَك، سمع فيه مَنْسَك، وسُمِعَ فيه الشذوذ وهو: مَنْسِك، فحينئذٍ نقول: هذا يحفظ مَنْسِك، وذاك يعتبر قياسًا، والْمَطْلَع: سُمِعَ فيه الوجهان، والْمَغْرَب، والْمَجْمَع. هذه: أربعة سُمِعَ فيها الفتح، والبقية لم يُسْمَعَ فيها إلا الكسر، لكنَّه أجيز فيه قياسًا على ما سُمِعَ. وحينئذٍ هذه كلُّها فيها الوجهان أحدهما سماعًا، والثاني قياسًا. الأربعة الألفاظ: الْمَنْسَك، والْمَطْلَع، والْمَغْرَب، والْمَجْمَع سُمِعَ فيه الوجهان. يعني: الفتح والكسر، ما عداها من المذكورات سُمِعَ: الكسر فقط على الشذوذ، ولم يُسْمَع الفتح لكنه قيس على ما سُمِعَ، والأصل عدم القياس. وأجيز في الباقي قياسًا عليها. إذًا:(وَشَذَّ مِنْهُ)، (وَشَذَّ) أي: خرج عن القياس، يعني: خرج عن القاعدة. (وَشَذَّ) حال كونه كائنًا. (مِنْهُ مَا)، (مِنْهُ) يعني: من الميم الثلاثي هذا بيانٌ لـ: (مَا). (مَا بِكَسْرِ العَيْنِ)، يعني: الذي أَتى عن العرب بكسر العين حال كونه متلبسًا بكسر العين، فلم يأت مَفْعَل بفتحتين، وإنما جاء مَفْعِل بكسر العين، مراد كسر العين هنا: ليس عين المضارع، وإنَّما: عين مَفْعِل. إذًا: (أَتَى كَمَفْعَلٍ) بفتح العين، (وَشَذَّ مِنْهُ)،
…
(مِنْهُ) يعني: من الميمي الثلاثي. (مَا بِكَسْرِ العَيْنِ)، ما أتى عن العرب وسُمِعَ عنهم حال كونه: متلبسًا بكسر العين، والأصل فيه أن يأتي على وزن: مَفْعَل بفتح العين، لكونه مأخوذًا من فِعْلٍ مضارعٍ مفتوحَ العين، أو مضموم العين.
(كَذَا سِمُ الزَّمَانِ وَالمَكَانِ)، (كَذَا)، أي: مثل ذا، الأبيات السابقة متعلقة بـ: المصدر الميمي، (كَذَا) مثلها في الحكم السابق كونها على: مَفْعَل، (وَشَذَّ مِنْهُ مَا بِكَسْرِ العَيْنِ) اسم الزمان، والمكان، فهذه الثلاثة متحدة: المصدرٌ الميمي، واسم الزمان، واسم المكان، متحدة في كونها على وزن: مَفْعَل، والنظر يكون لعين حركة المضارع، وإذا لم يكن كذلك فحينئذٍ نحكم عليه بكونه شاذًّا. (كَذَا) أي: مثل، هذا تشبيه، شبه اسم الزمان، والمكان بـ: المصدر الميمي الثلاثي، يعني: بكونه على وزن مَفْعَل. (كَذَا سِمُ) هذه لغةٌ في الاسم. اسمٌ سِمٌ لغة، نقول: حذف الألف للضرورة. (كَذَا): خبر مقدم، و (سِمُ) هذا مبتدأ مؤخر، (سِمُ الزَّمَانِ)، (سِمُ) مضاف، و (الزَّمَانِ) مضافٌ إليه، يعني: زمان الحدث، حدث المصدر. (وَالمَكَانِ)، يعني: واسم المكان، كذلك يأتي على وزن مَفْعَل وهو القياس، وإذا سُمِعَ فيه مَفْعِل فحينئذٍ يكون شاذًّا. وقول الناظم:(مِنْ أَجْوَفِ) نأتي بالأمثلة لما سبق. (مِنْ أَجْوَفِ صَحِيْحٍ اوْ مَهْمُوزٍ اوْ مُضَعَّفِ) مثاله: مَقَال، من قَالَ. قَالَ أجوف فحينئذٍ نقول: قَالَ يَقُولُ، ما المصدر الميمي واسم الزمان والمكان هنا؟ نقول: مَقَال، أصله مَقْوَل، على وزن مَفْعَل، أريدَ قلب الواو ألفًا فنقلت الحركة إلى ما قبلها، فحينئذٍ تحركت القاف وتحركت الواو قبل النقل، ويقال فيه: تحركت الواو قبل نقلها، قبل نقل الحركة وفتح ما قبلها بعد النقل، بالنظريين تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفًا، أو نقول: اكتفاءً بجزء العلة، وهو تحرك الواو وقلبت الواو ألفًا، قيل: مَقَال، إذًا مَقَال على وزن مَفْعَل، مَقَال كَتَبَ مَقَالاً، فحينئذٍ نقول هذا على وزن مَفْعَل، ومَصَان من صَانَ يَصُونُ كذلك مثله، فالمصدر، والزمان، والمكان منه على مَفْعَل بفتح العين، والصحيح كما مضى، مَفْتَح، ومَحْسَن .. ونحوه.
والمهموز: مَأْخَذْ، على وزن مَفْعَل، من أَخَذَ يَأْخُذُ، أَخَذَ هذا مهموز الفاء، وفيه تفصيل طويل. وسَأَلَ يَسْأَلُ مَسْأَلُ حينئذٍ نقول: مَسْأَل هذا مصدر ميمي واسم زمان واسم مكان، إمَّا عين السؤال المراد به الحدث، وإمَّا الزمن السؤال يعني: وقته متى حصل، وإمَّا مكانه أين حصل، يحتمل هذا وذاك. قَرَأَ يَقْرَأ نَقْرَأ، مَقْرَأ مَفْعَل، إمَّا الزمان، أو المكان، أوالمصدر.
والمضعّف نحو: سَرَّ يَسُرُّ فهو مَسَرّ. وعَضَّ يَعَضُّ، فهو مَعَضّ، أصله: مَعْضَض. عَضَّ بفتح العين، يَعَضُّ، ويَعُضّ، عَضَّ يَعَضُّ بفتح العين فيهما، مَعْضَض هذا الأصل مَفْعَل ثم أدغمت الضاد الأولى في الثانية فقيل مَعَضُّ.
ثم قال الناظم رحمه الله تعالى:
كَذَا سِمُ الزَّمَانِ وَالمَكَانِ مِنْ
…
مُضَارِعٍ إن لَاّ بِكَسْرِهَا يَبِنْ
يعني: ما سبق الأحكام السابقة من مضارع، يعني: من مادة المضارع، القاعدة الضابط الذي ذكرناه (مِنْ) يعني: حال كون ميم الثلاثي وما عطف عليه أو ما شُبِّه به اسم الزمان واسم المكان مأخوذةً من مضارعٍ، يعني: من مادة فعل مضارع، والنظر فيه يكون إلى حركة العين. (إن لَاّ بِكَسْرِهَا يَبِنْ) إن لَاّ يَبِنْ بِكَسْرِهَا، إلا يظهر بكسرها، يعني: إذا لم يكن مكسورًا بأن يكون مضمومًا أو مفتوحًا. واضح هذا؟ (مِنْ مُضَارِع ٍ إن لَاّ بِكَسْرِهَا يَبِنْ)، يعني: إن يبن بفتح عينه، أو ضمها، (لَاّ بِكَسْرِهَا)، الضمير يعود: إلى عين المضارع، عطف هنا:(لَاّ بِكَسْرِهَا)، عطف على محذوف متعلقه يَبِن، يعني: إن يبن فعل المضارع بفتح عينه أو ضمها، (لَاّ بِكَسْرِهَا)، لأنه إذا كانت مكسورة فلها حكم آخر، وإنَّمَا الحكم السابق: مَفْعَل، إذا كان العين المضارع مضمومة أو مفتوحة. واضح التركيب هنا؟
(مِنْ مُضَارِعٍ)، يعني: من مادة فعل مضارع، (إن لَاّ بِكَسْرِهَا يَبِنْ) التركيب فيه شِّدة، (إن يَبِنْ) عين المضارع بفتحها أو ضمها (لَاّ بِكَسْرِهَا)، لَمَّا نفى الكسر حينئذٍ دخل في المفهوم الضم والفتح، لماذا؟ لأن القسمة ثلاثية، إمَّا: ضم، وإمَّا كسر، وإمَّا فتح، نفى الكسر فدخل في الحكم السابق الضم والفتح. واضح؟ إذًا:(إن يَبِنْ) بفتح عينه أو ضمها، لا بكسرها، يعني: لا بكسر عين المضارع. (يَبِنْ) هذا: مضارع بان، بمعنى: ظَهَرَ، وفَاعَله ضمير المضارع، ومفهوم قوله:(إن لَاّ بِكَسْرِهَا يَبِنْ)، إن كان المضارع مكسور العين فالحكم يختلف، إن كان يَفْعِلُ فالحكم يختلف ليس كالسابق. واضح؟ كَمَفْعَلٍ، أتى كَمَفْعَلٍ بفتحتين، (إن لَاّ بِكَسْرِهَا) فإن كان حركة عين المضارع مكسورة وحينئٍذ يأتي التفصيل: المصدر الميمي يأتي على وزن: مَفْعَلٍ، وافق ما سبق. اسم الزمان، واسم المكان من: يَفْعِلُ، يأتي على وزن: مَفْعِل. إذًا: (إن لَاّ بِكَسْرِهَا) إن كانت مكسورة فحينئذٍ التفصيل يكون في ماذا؟ الاستثناء يكون في اسم الزمان، واسم المكان، بمعنى: أنه لم تَطَّرد فيه الثلاثة، الأسماء السابقة: المصدر الميمي، واسم الزمان، واسم والمكان، هذه جاءت على وتيرة واحدة، وهي: مَفْعَل فيما إذا كانت حركة عين المضارع مضمومة أو مفتوحة، وأمَّا إذا كانت مكسورة: نفصل بينهما. المصدر الميمي وافق إخوته جاء على مَفْعَل، واسم الزمان واسم المكان جاء على مَفْعِل بكسر العين. إذًا مفهوم قوله:(إن لَاّ بِكَسْرِهَا يَبِنْ) إن كان المضارع مكسور العين فالمصدر الميمي منه على وزن مَفْعَل. هذا القاعدة. فإن جاء على وزن مَفْعِل، [لا، الكلام في المصدر الميمي الأصل فيه على وزن: مَفْعَل، مثل: يَفْعُل، ومَدْخَل، ومَفْتَح] وحينئذٍ نقول: إن جاء على وزن مَفْعِل فهو شاذّ. لأنه قال: (وَشَذَّ مِنْهُ مَا بِكَسْرِ العَيْنِ) كـ: الْمَرْجِع والْمَصِير، رَجَعَ ما هو المضارع؟ رَجَعَ يَرْجِعُ يَفْعِلُ جاء المصدر منه على المصدر الميمي على: مَفْعِل، قياسي أو شاذ؟ شاذ. لماذا؟ لأن القياس أن يأتي على وزن: مَفْعَل. مَصِير، صَارَ، يَصِيرُ. يَصْيِرُ هذا الأصل: يَفْعِلُ، جاء: مَصِيرُ لا مَصْيَر، حينئذٍ نقول: مَفْعِل هنا شاذّ، فالحكم واحد. إذًا لو أخذنا قاعدة المصدر الميمي من: يَفْعُلُ يَفْعَلُ يَفْعِلُ بفتح العين صحيح مَفْعَل فإن جاء فيها ثلاثة مَفْعِل بكسر العين فهو شاذّ. اسم الزمان، واسم المكان إن كان من يَفْعُل ويَفْعَل فهو على وزن: مَفْعَل، وإن كان من: يَفْعِل، فهو على وزن: مَفْعِل. واضح من يعيد؟
نعم، على وزن: مَفْعَل.
إذًا: لو أعدنا ما قاله على ترتيبه مَفْعَل: مصدر ميمي مطلقًا، يَفْعُل يَفْعَل يَفْعِل. التفصيل إنَّمَا يكون في: اسم الزمان، واسم المكان، إلا ما شذَّ كـ: الْمَرْجِع والْمَصِير. مَرْجِع رَجَعَ يَرْجِعُ مَرْجِعَ هذا شاذّ، صَارَ يَصِيُر، مَصْيِر، مَصِير، مَصِير هذا: الأصل، مَفْعِل. نقول: هذا شاذّ. (والزَّمَانِ وَالمَكَانِ مِنْ): يَفْعِل، على وزن مَفْعِلٍ بكسر العين. وهذا في: الفعل الصحيح والأجوف والمضعّف والمهموز. كـ: الْمَضْرِب، ضَرَبَ، يَضْرِبُ. نقول: مَضْرَب، مَضْرِب. مَضْرَب إيش المراد به؟ المصدر الميمي. إذًا هنا يمكن التمييز. مَضْرَب: مصدرٌ ميمي، مَضْرِب يحتمل: الزمان، والمكان. هذا: مَضْرِبُ زَيْدٍ، يعني: الوقت الذي ضَرَبَ فيه عمرًا مثلاً، أو: المكان الذي ضَرَبَ زيدٌ عمرًا فيه. فحينئذٍ يحتمل مَضْرِب: اسم الزمان، واسم المكان، لكن لا يحتمل المصدر الميمي. لماذا؟ لكونه مكسور العين، لَمَّا جاء على وزن مَفْعِل علمنا أنَّه ليس مصدرًا ميميًا، وإنَمَّا هو: إمَّا اسم زمان، أو اسم مكان. والْمَجْلِس جَلَسَ يَجْلِسُ مَجْلِس مَجْلَس، مَجْلِس هذا: اسم زمان، أو مكان، والْمَنْكِح .. ونحوها مِمَّا كان عين مضارعه مكسورًا فإن هذه الأمثلة: بالفتح مصدرٌ ميمي، وبالكسر اسم زمان ومكان. واضح هذا؟
(كَذَا سِمُ الزَّمَانِ وَالمَكَانِ مِنْ مُضَارِعٍ) يعني: من مادة فعل مضارع إلا عاطفة على محذوف، يعني: إن يبن المضارع، يعني: يظهر ويتضح مضموم العين أو مفتوح العين (لَاّ بِكَسْرِهَا)، الضمير هنا: بكسرها يعود إلى العين، (لَاّ بِكَسْرِهَا يَبِنْ)، [(يَبِنْ) هذا جواب إن، لا](1)(إن لَاّ بِكَسْرِهَا يَبِنْ) جواب إن محذوف، (إن لَاّ بِكَسْرِهَا يَبِنْ) يبن هو، أي: المضارع، والجواب محذوف.
ثم قال:
وَافْتَحْ لَهَا مِن نَّاقِصٍ وَمَا قُرِنْ
…
وَاعْكِسْ بِمُعْتَلٍّ كَمَفْرُوْقٍ يَعِنْ
(1) سبق، استدركه الشيخ سريعًا.
عرفنا أن قوله: (مِنْ أَجْوَفِ) هذا أراد به: التنصيص على الأجوف، وبقي: الناقص والمعتل. (وَافْتَحْ) أيها الصرفي عين مَفْعَلٍ (لَهَا) وافتحها هذا الأصل، يعنى: عين مَفْعَلٍ، (لَهَا) أي: من المصدر الميمي واسم الزمان واسم المكان. (وَافْتَحْ) أيها الصرفي (لَهَا) أيْ: المصدر الميمي والزمان والمكان (مِن نَّاقِصٍ)، حال كونها مأخوذة من فعل ناقص، اسم فاعل من نَقَصَ، وفي عُرْفِ الصرفيين الناقص: هو معتل اللامي، وهو المراد هنا، معتل اللامي، يعني: ما كانت لامه حرفًا من حروف العلة. والكلام في الثلاثي، الثلاثي المجرد حينئذٍ إمَّا واو، وإمَّا ياء، وقد تنقلب الواو أو الياء ألفًا، إمَّا هذا أو ذاك. لأن ألف لا تقع أصلاً في الثلاثي البتة سواءٌ كانت عينًا أو لامًا، فلا بد أن تكون منقلبة عن واوٍ أو عن ياء، إذًا عُرْفًا لمعتل اللامِ، وهنا أطلق الناظم:(وَافْتَحْ لَهَا مِن نَّاقِصٍ)، يعني: إذا كان الثلاثيُّ المجرد ناقصًا معتل اللام، افتح عين مَفْعَلٍ مطلقًا. يَفْعُل يَفْعَل يَفْعِل، سواءٌ كان من: صحيحٍ أو مهموز أو مضعّف، سواءٌ كان عين مضارعه مفتوحًا أو مضمومًا أو مكسورًا، وسواءٌ كان من المضعّف أو المهموز أو لا يكون منهما. فالمصدر الميمي، كذلك اسم الزمان، واسم المكان من الناقص على وزن مَفْعَلٍ مطلقًا بدون تفصيل، يعني: تنظر إلى الثلاثي فإن كان ناقصًا، يعني - لامه حرفًا من حروف العلة - حينئذٍ كل ما يأت منه على وزن: مَفْعَل، وافق ما سبق في المصدر الميمي لا خلاف بينهم، أليس كذلك؟
الأجوف وما عُطف عليه يَفْعُل يَفْعَل يَفْعِل وافقه المصدر الميمي أليس كذلك؟ بَقِيَ ماذا؟ اسم الزمان واسم المكان. وافق يَفْعُل ويَفْعَل، وخالف يَفْعِل واضح.
إذًا: الناقص وافق ما سبق في المصدر الميمي، ووافق يَفْعُل، ويَفْعَل في اسم الزمان والمكان، وخالف يَفْعِل في اسم الزمان والمكان. هذا الذي عناه هنا.
قَوِيَ، على وزن فَعِلَ، قَوِيَ، يَقْوَى، قَوِيَ هذا: لامه حرفًا من حروف العلة، حينئذٍ يأتي المصدر الميمي، واسم الزمان، واسم المكان على وزن مَفْعَل، مَقْوَى. إذًا: قَوِيَ يَقْوَى، قَوِيَ أصله قَوِوَ على فَعِلَ، وقعت الواو متطرفة بعد كسر وقلبت ألف، فقلبت الواو الأخيرة ياءً فقلبت ألفًا، قلبت الواو الأخيرة ياءً في الماضي لتطرفها وانكسار ما قبلها، ويَقْوَوُوا على وزن: يَفْعَلُوا، قلبت الواو المتطرفة ياءً يَقْوَى لئلا يلزم ضم حرف علة في مضارعه، فصار: قَوِيَ يَقْوَى، على وزن رَضِيَ يَرْضَى. فالمصدر، والزمان، والمكان منه على وزن مَفْعَل، نحو: مَقْوَى. هذا في الواوي، واليائي مثاله: حَيِيَ، يَحْيَى. حَيِيَ، على وزن: فَعِلَ، يعني: لامه حرف من حروف العلة، يَحْيَى فالمصدر والزمان والمكان منه على وزن مَفْعَل بفتح العين، تقول: مَحْيا. والمهموز بالفاء نحو: أَبَى يَأْبَى، أَبِيَ أصله أليس كذلك مهموز الفاء أَبَيَ يَأْبَيَ هذا الأصل، مَأْبَى على وزن مَفْعَل. والمهموز العين نحو: نَأَى يَنْأَى مَنْأَى. إذًا قاعدة: أنَّ الناقص مطلقًا بدون نظرٍ إلى حركة العين المصدر الميمي، والزمان، والمكان، يأتي على وزن مَفْعَل بفتح العين بدون استثناء من الصحيح والمهموز .. إلى آخره.
(وَافْتَحْ لَهَا) وافتح عين مفعل (لَهَا) أي: الميم، والزمان، والمكان من فعل ناقص. (وَمَا قُرِنْ)، يعني: وكذلك المقرون، (مَا قُرِنْ)، يعني: الذي قرن، يسمى: اللفيف المقرون، وهو ما كان عينه ولامه حرفي علة، يُسمَّى لفيفا مقرونًا، يعني: قُرِن بين حرفين متتاليين وكلٌّ منهما حرفُ علة، (وَمَا قُرِنْ) أي: وافتح عين مَفْعَلٍ لها من (مَا) أي: الفعل الذي قُرِن، هذا مغير الصيغة، ويسمى: اللفيف المقرون، وهو الذي: تكون عينه ولامه حرفي علةٍ من جنس واحد، فيكون مصدره، وزمانه، ومكانه كالناقص على وزن مَفْعَل، بقطع النظر عن حركة عين المضارع سواءٌ كان على وزن يَفْعُل أو يَفْعَل أو يَفْعِل فلا تفصيل في المقرون، كما أنَّه لا تفصيل في الناقص. أََََوَى يَأْوِي مَأْوَى، أَوَى: الواو هنا عين الكلمة، والألف هذه منقلبة عن ياء، وهي عين الكلمة، إذًا: وقع عين الفِعْلِ ولامه حرفا علة، فحينئذٍ نقول: هذا يسمى ماذا؟ يسمى لفيفًا مقرونًا يأتي في فصل الفوائد. ومقرونًا لماذا؟ لكونه لم يفصل بين الحرفي حرفي العلة حرف صحيح. واو، قالوا: هذا فصل بينهما. إذًا: أََََوَى يَأْوِي مَأْوَى، طَوَى يَطْوِي مَطْوَى. إذًا:
…
(وَافْتَحْ لَهَا مِن نَّاقِصٍ وَمَا قُرِنْ) في الموضعين، هذين الموضعين الناقص واللفيف المقرون الفتح مطلقًا بدون تفصيل. (وَاعْكِسْ بِمُعْتَلٍّ) يعني: خالف في جميع ما ذُكِرَ في السابق مَفْعَل، خالف في جميع ما ذكر، يعني: يكون المصدر الميمي بالكسر مَفْعِل، ويكون اسم الزمان بالكسر مَفْعِل، وكذلك اسم المكان، خالف الجميع. (اعْكِسْ) ايت بالكسر في محل الفتح، مَفْعِل في المصدر الميمي، واسم الزمان، واسم المكان. حينئذٍ تقول: مَفْعِل متى؟ قال: (بِمُعْتَلٍّ) الباء بمعنى: في، يعني: في مُعْتَلٍّ، والمعتل: ما اعتل أحد حروفه الأصول هذا الأصل، يعني: ما وقع في أصوله حرف من حروف العلة لا بد من الأصل، يعني: ما يقابل الفاء أو العين أو اللام. أمَّا إذا لم يقابل الفاء والعين واللام لا يسمى معتلاً ولو وُجِدَ فيه الواو والياء، لا بد أن يكون عين الكلمة، أو الفاء، أو اللام هو حرف علة، فإن وقع لا في ذلك الموضع لا يسمى معتلاً، لأنَّه حرف زائد ولا عبرة به، ولكن المعتل المراد به هنا: المثال، فيسمى المثال: مُعتلاً، وهو ما كانت فاؤه حرفًا من حروف العلة، وسماه معتلاً لوجود قرينة هنا، يُطلق المعتل على المثال، وما هي القرينة؟ أجوف ناقص. إذًا بقيَ المعتل. واضح هذا؟ [أحسنتم]. (وَاعْكِسْ) أيها الصرفي الحكم السابق في: الناقص، واللفيف المقرون. أي: خالفه بِفِعْلٍ مُعْتَلٍ، اسم فاعل اعتل، والاصطلاح: ما أحد أصوله حرف علة، والمراد به هنا: ما فاؤه حرف علة، ويسمى: مثالاً، فاكسر عين مَفْعَلٍ للمصدر، والزمان، والمكان. فقل: مَفْعِل مطلقًا بدون استثناء.
يعني: سواءٌ كان من يَفْعُل أو يَفْعَل أو يَفْعِل، كما قلنا في الناقص مطلقًا، كذلك المثال مطلقًا يأتي على وزن مَفْعِل، المصدر الميمي، واسم الزمان، واسم المكان، فقل: مَفْعِل، سواءٌ كان عين مضارعه مفتوحًا أو مضمومًا أو مكسورًا، نحو: وَدَءَ يَدِءُ مَوْدِءٌ، وَدَءَ الواو هنا وقعت فاء الكلمة: وَدَءَ، [يَدِيءُ أو](1) يَدِءُ، مَوْدِءٌ، وَأَدَ. الواو وقعت فاء الكلمة. يَوْئِدُ، مَوْئِد. مَوْئِد هذا يصلح أن يكون: مصدرًا ميميًا، واسم زمان، واسم مكان. مَوْدِءٌ، كذلك يصلح أن يكون: مصدرًا ميميًا، أو اسم الزمان، أو اسم المكان. يَئِسَ هذا مثال لليائي وهو قليل - الأكثر أن يكون واويًا المثال، وقليل أن يكون يائيًا -، يَئِسَ. إذًا يَئِسَ الياء هنا وقعت فاء الكلمة يَيْئَسُ مَئِيسٌ، أصله مَيْئِسٌ هذا الأصل مَيِئسٌ. حينئذٍ نقول على وزن مَفْعِلٌ مَيْئِسٌ. (كَمَفْرُوْقٍ) إذًا عرفنا:(وَاعْكِسْ بِمُعْتَلٍّ)، (كَمَفْرُوْقٍ يَعِنْ)، يعني: مثل ما يُسمى باللفيف المفروق، وهو: ما كانت فاؤه، ولامه حرفي علة وفُصِل بينهم بفاصل، الفرق بين المفروق والمقرون أنَّ: المقرون يتوالي فيه الحرفان، حرفا العلة، وأمَّا المفروق: كاسمه فُرِقَ، فيأتي حرف بين الحرفين، المفروق كذلك كالمثال، يكون المصدر الميمي، واسم الزمان، واسم المكان، على وزن مَفْعِل، أي: كَفِعْلِ اللفيف المفروق، اسم مفعول فُرِقَ، واصطلاحًا: ما فاؤه ولامه حرفا علة. فاؤه ولامه. - بخلاف المقرون: ما كانت عينه ولامه - ما فاؤه ولامه حرفا علة. (يَعِنْ)، أي: يظهر ويعرض لك في فصل الفوائد، يعني: سيأتي ذكر المفروق في فصل الفوائد له أحكام متعلقة به، وَقَى وَيَقِي .. إلى آخره. وجملة (يَعِنْ) نعت لمفروق مضارع، عَنَّ مُضَعَّف من باب ضَرَبَ، عَنَّ يَعِنُّ. إذا ظهر أمامك واعترض لك سيأتي، يعني: في فصل الفوائد الآتية. فالمفروق هنا كالمعتل، يعني: يأتي على وزن: مَفْعِل، قالوا: وَقَى يَقِي مَوْقَى هذا الأصل، مَوْقِي قلبت الكسرة فتحة لعلة صرفية. إذًا:
وَافْتَحْ لَهَا مِن نَّاقِصٍ وَمَا قُرِنْ
…
وَاعْكِسْ بِمُعْتَلٍّ كَمَفْرُوْقٍ يَعِنْ
هذا كله يتعلق بـ: مصدر الميم، واسم الزمان، واسم المكان من الثلاثي المجرد.
وَمَا عَدَا الثُّلَاثِ كُلاًّ اجْعَلَا
…
مِثْلَ مُضَارِعٍ لَهَا قَدْ جُهِلَا
كَذَا اسْمُ مَفْعُوْلٍ وَفَاعِلٍ كُسِرْ
…
عَيْنًا وَأَوَّلٌ لَهَا مِيْمًا يَصِرْ
يعني: غير الثلاثي المصدر الميمي، واسم الزمان، واسم المكان مُتَّحِدّ لا إشكال فيه، ماذا تصنع؟ تأتي بالفعل المضارع فتجعله على صيغة المجهول، وتقلب حرف المضارعة ميمًا مضمومة وما قبل الآخر يكون ماذا؟ يكون مفتوحًا.
والله أعلم.
وصلَّ الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
(1) سبق.