المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌عناصر الدرس * تتمة حكم المضارع. * فعل الأمر اشتقاقه وحكمه. * أوزان - الشرح المختصر على نظم المقصود - جـ ٦

[أحمد بن عمر الحازمي]

فهرس الكتاب

الفصل: ‌ ‌عناصر الدرس * تتمة حكم المضارع. * فعل الأمر اشتقاقه وحكمه. * أوزان

‌عناصر الدرس

* تتمة حكم المضارع.

* فعل الأمر اشتقاقه وحكمه.

* أوزان اسمى الفاعل والمفعول من الثلاثي.

* أوزان أمثلة المبالغة.

* فصل في تصريف الصحيح.

* أوجه تصرف الماضي والمضارع والأمر.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

وقفنا عند قول الناظم رحمه الله تعالى:

وَمَا قُبَيْلَ الآخِرِ اكْسِرْ أَبَدَا

مِنَ الَّذِي عَلَى ثَلَاثَةٍ عَدَا

ثم شرع يبين لنا المضارع أنه يُعَلَّم بأحد حروف ((نأتي)) بشرطٍ تكون (لِمَشْهُوْرِ الْمَعَانِي تَأْتِي)، ثم بَيَّنَ حركة هذه الحروف في أول الفعل المضارع، (فَإِنْ بِمَعْلُوْمٍ فَفَتْحُهَا وَجَبْ) يعني: إن لم يكن مبنيًا للمجهول (فَفَتْحُهَا وَجَبْ إلَاّ الرُّبَاعِيْ) يعني: المضارع الثلاثي مأخوذ من الماضي الثلاثي، وكذلك الخماسي، والسداسي، النظر يكون للماضي حينئذٍ ما عدا الرباعي يُفتح حرف المضارعة، ذَهَبَ يَذْهَبُ، ضَرَبَ يَضْرِبُ، طَلَقَ يَنْطَلِقُ، اسْتَخْرَجَ يَسْتَخْرِجُ، ما عدا الرباعي استثناه بقوله:(إلَاّ الرُّبَاعِيْ). أي: إلا المعلوم الرباعي مطلقًا (غَيْرُ ضَمٍّ مُجْتَنَبْ)، (غَيْرُ ضَمٍّ) الذي هو الفتح إن كان دخل فيه الكسر إلا أنه مقابلٌ بما سبق، (غَيْرُ ضَمٍّ مُجْتَنَبْ) يعني: متروك، إذا كان متروك (غَيْرُ ضَمٍّ مُجْتَنَبْ) يعني: الفتح (مُجْتَنَبْ) يجب اجتنابه.

ثم انتقل إلى حرف الذي قبل الأخير ما حركته؟ قال: (وَمَا قُبَيْلَ الآخِرِ). أي: الحرف الذي استقر (قُبَيْلَ) أي: قبل وهذا به تصغير من أجل الوزن فقط وإلا المراد به قبل الآخر، للمضارع المعلوم لأن المضارع المبني للمجهول يكون ما قبل الآخر مفتوحًا هذا هو الأصل (وَمَا قُبَيْلَ الآخِرِ اكْسِرْ أَبَدَا) دائمًا ضَرَبَ يَضْرِ يَضْرِبُ، يُدَحْرِ يُدَحْرِجُ، يَنْطَلِقُ، يَسْتَخْرِجُ هذا ضابط جيد أن ما قبل الآخر في الفعل المضارع المبني للمعلوم يكون مكسورة

وَمَا قُبَيْلَ الآخِرِ اكْسِرْ أَبَدَا

مِنَ الَّذِي عَلَى ثَلَاثَةٍ عَدَا

يعني: الرباعي، والخماسي، والسداسي إن كان في بعض الثلاثي كذلك لكنه ليس مطردًا (مِنَ الَّذِي) يعني: حال كون (مَا قُبَيْلَ الآخِرِ) كائنًا من الفعل المضارع المعلوم (الَّذِي عَلَى ثَلَاثَةٍ) يعني: على أحرفٍ ثلاثةٍ

(عَدَا) يعني: جاوز الثلاثة، يعني: الرباعي، والخماسي، والسداسي، من الذي عدا على ثلاثة (عَدَا) بمعنى جاوز، والضمير هنا يعود على

(الَّذِي) وهو صلة الموصول، (الَّذِي) يعني: فعل مضارع معلوم (عَدَا) يعني: تجاوز ثلاثة أحرف.

ثم استثنى بعض أفعال يعني ثلاثة

فِيْمَا عَدَا مَا جَاءَ مِنْ تَفَعَّلَا

كَالآتِيْ مِنْ تَفَاعَلَ اوْ تَفَعْلَلَا

ص: 1

البيت السابق يقول في الرباعي والخماسي والسداسي سواءٌ كان رباعيًا نحو: يُدَحْرِجُ، أو خماسيًا نحو: يَنْقَطِعُ، وسداسيًا نحو: يَسْتَخْرِجُ، ثم استثنى (مِنَ الَّذِي عَلَى ثَلَاثَةٍ عَدَا) وقال إلى ما ذكرناه سابقًا (فِيْمَا عَدَا مَا جَاءَ مِنْ تَفَعَّلَا)، (فِيْمَا) يعني: وهذا في كلِّ فعلٍ زاد حروفه على ثلاثة أحرف، (عَدَا) أي: سوى استثناء، (مَا جَاءَ) يعني: الفعل الذي جاء عن العرب وسُمِعَ (مِنْ تَفَعَّلَا) يعني: حال كونه من باب (تَفَعَّلَا) مضعّف العين من الخماسي مزيد على الثلاثي، ويُفْتَح ما قبيل الآخر، فإن كان على وزن (تَفَعَّلَا) تَكَلَّمَ نقول: في المضارع، يَتَكَلَّمُ، قلنا: قاعدة كسر ما قبل الآخر، لكن لَمَّا كان على وزن (تَفَعَّلَا) وهذا قواعد مسموعة من لسان العرب لكن بالاستقراء والتتبع، حينئذٍ نقول: تَكَلَّمَ يَتَكَلَّمُ، تَعَلَّمَ يَتَعَلَّمُ، تَكَلَّفَ يَتَكَلَّفُ، إذًا بفتح ما قبل الآخر لأنه على وزن (تَفَعَّلَا). إذًا (فِيْمَا عَدَا مَا جَاءَ مِنْ تَفَعَّلَا كَالآتِيْ) يعني: كالمضارع المعلوم كذلك الآتي والوارد والثابت عن العرب من باب (تَفَاعَلَ) خماسي المزيد على الثلاثي (تَفَاعَلَ) تَقَاتَلَ ماذا؟ يَتَعَاظَمُ (اوْ) من باب (تَفَعْلَلَا) يعني: من الخماسي المزيد على الرباعي تَدَحْرَجَ يَتَدَحْرَجُ، إذًا هذه ثلاثة أبواب يُستثنى فيها ما قبيل الآخر فالأصل فيه الكسر ويستثنى هذه الثلاثة الأبواب فيفتح ما قبل الآخر، (وَمَا قُبَيْلَ الآخِرِ اكْسِرْ أَبَدَا) هذا هو الأصل، (مِنَ الَّذِي عَلَى ثَلَاثَةٍ عَدَا)، يعني:(مِنَ الَّذِي) فعل مضارع معلوم جاوز على أحرفٍ ثلاثةٍ، (فِيْمَا عَدَا مَا جَاءَ مِنْ تَفَعَّلَا) يعني: في الفعل المضارع المعلوم الذي جاء من غير (تَفَعَّلَا) يعني: الذي جاء على

(تَفَعَّلَا) فحكمه حكمٌ آخر، كذلك الذي جاء من باب (تَفَاعَلَ) أو من باب (تَفَعْلَلَا) حينئذٍ حكمه حكمٌ آخر فيفتح ما قبل الآخر، نحو: يَتَعَلَّمُ، وَأَتَكَلَّمُ، وَنَتَفَهَّمُ، وَتَتَرَدَّدُ، فتح ما قبل الآخر مطلقًا في هذه الأفعال،

و (تَفَاعَلَ) تَعَاظَمُ يَتَعَاظَمُ، و (تَفَعْلَلَا) يَتَدَحْرَجُ، فحينئذٍ يكون الفارق في هذه الأبواب الثلاثة بين المعلوم والمجهول فتح حرف المضارعة، إذا فتح ما قبل الآخر والقاعدة أن المبني للمجهول يُضم أوله ويفتح ما قبل آخره، حينئذٍ كيف نفرق بين هذه الأفعال الثلاثة الأبواب الثلاثة إذا فتح ما قبل آخرها بينها بين المعلوم والمجهول؟ نقول: بضم الأول لأن الأول يكون ماذا؟ يكون مضمومًا أَتَكَلَّمُ أَتَكَلَّ إذًا فتح ما قبل آخره لكن الهمزة مفتوحة وإذا كانت مفتوحة فحينئذٍ يكون مبنيًا للمعلوم، فالنظر يكون للأول إذا كان مفتوحًا فحينئذٍ نقول: هذا مبنيٌ للمعلوم، وإن كان مضمومًا حينئذٍ القاعدة أنه مبنيٌ للمجهول.

ص: 2

وفي الرباعي كسر ما قبل آخر الفعل، وفي غيرها فتح حرف المضارعة وكسر ما قبل الآخر، إذًا إما أن يكون النظر إلى حرف المضارعة، أو ما قبل الآخر، يعني: قد يلتبس في بعضٍ إما أن يكون الأول مضموم في المعلوم فحينئذٍ يشتبه بالمجهول لكن ننظر ما قبل الآخر فإن كان مفتوحًا فهو مبنيٌ للمجهول، يعني: ضُمَّ أوله وفتح ما قبل آخره فإن ضم أوله وكسر ما قبل آخره فهو مبني للمعلوم، إن فتح ما قبل آخره فحينئذٍ يلتبس بالمبني للمجهول فإن كان أوله مضمومًا فهو مبنيٌ للمجهول، فإن كان مفتوحًا فهو مبنيٌ للمعلوم.

ثم قال:

وَإِنْ بِمَجْهُوْلٍ فَضَمُّهَا لَزِمْ

كَفَتْحِ سَابِقِ الَّذِي بِهِ اخْتُتِمْ

(وَإِنْ) يعني: الكلام في حروف ((نأتي)) إن ضمت في المجهول فحينئذٍ نقول: هذا مبنيٌ للمجهول لكن بشرط أن يُفتح ما قبل الآخر، (وَإِنْ) كانت حروف ((نأتي)) حالةً (بِمَجْهُوْلٍ)، (وَإِنْ بِمَجْهُوْلٍ)،

(بِمَجْهُوْلٍ) هذا متعلقٌ بمحذوف خبر، خبر ماذا؟ خبر كان المحذوفة مع اسمها، وهذا مر معنا بالأمس.

وَيَحْذِفُونَهَا وَيُبْقُونَ الْخَبَرْ

وَبَعْدَ إِنْ وَلَوْ كَثِيرًا ذَا اشْتَهَرْ (1)

(وَإِنْ بِمَجْهُوْلٍ) وإن كانت حروف ((نأتي)) حالةً (بِمَجْهُوْلٍ) يعني: بمضارعٍ مبنيٍ للمجهول، (وَإِنْ) كانت حروف نأتي حالةً بمضارع مجهولٍ فاعله يعني: حذف الفاعل وأقيم المفعول به مقامه فارتفع ارتفاعه، حينئذٍ ما حكمها؟ هل هي كالمعلوم؟ قال: لا (فَضَمُّهَا) أي: هذا الأحرف (لَزِمْ) وجب، يُضم أوله لماذا؟ لأن العرب التزمت التفرقة بين المبني للمعلوم والمبني للمجهول لئلا يلتبس نائب الفاعل بالفاعل، ففرقت بينهما بتغير الصيغة، سواء كان في الثلاثي، أو في الرباعي، أو الخماسي، أو السداسي،

(فَضَمُّهَا) أي: حروف ((نأتي)) (لَزِمْ) يعني: وجب، (ضَمُّهَا) هذا مبتدأ، و (لَزِمْ) جملة خبر، والهاء هنا الضمير يعود على حروف ((نأتي)) (ضَمُّهَا) لإضافة المصدر لمفعوله (لَزِمْ) بخبر المبتدأ، (لَزِمْ) يعني: الضم (كَفَتْحِ سَابِقِ الَّذِي بِهِ اخْتُتِمْ) يعني: كفتح الذي أو الحرف الذي قبل الآخر، الذي اخُتتم به الفعل هذا الحرف الأخير هذا يكون محلاً للإعراب أو للبناء، قبل الذي سبقه الحرف قبيل الآخر يفتح وهذا في المضارع، وأما الماضي يكسر ما قبل آخره، (كَفَتْحِ) الكاف للتشبيه هنا، تشبيه في ماذا؟ في اللزوم، لأن الأول مشبه المشبه الضم والمشبه به الفتح، والقدر المشترك بينهما هو اللزوم، يعني: يجب الضم ضم حروف ((نأتي)) كما يجب فتح ما قبل الآخر، فالتشبيه في الحكم فقط لا في الضم والفتح، (كَفَتْحِ) إذًا التشبيه هنا في اللزوم (فَتْحِ سَابِقِ) فتح حرفٍ (سَابِقِ) الحرف الذي اختتم به الفعل المضارع، (الَّذِي بِهِ) أي: بهذا الحرف السابق (اخْتُتِمْ) هو أي: المبني للمجهول، والمعنى أن المضارع المجهول قلنا فيما سبق: أن المجهول التسمية هذه فيها نظر، إنما يقال المضارع مغير الصيغة هذا أولى، أما المجهول هذا فيه محظوران:

المحظور الأول: أنه قد يقع في الكتاب والسنة ويكون المحذوف فاعل الله عز وجل أو يكون معلومًا وإذا قيل مجهول حينئذٍ صار فيه إشكال.

(1) الألفية البيت: 155.

ص: 3

وثانيًا: أن المجهول نسبةً إلى الجهل، مبنيٌ للمجهول، فحينئذٍ يفيد بأن الغرض من حذف الفاعل هو الجهل به وليس الأمر كذلك، بل أغراه حذف الفاعل كثيرًا والجهل منها واختلف هل الجهل يُسلم به بأنه غرضٌ أم لا؟

والمشهور عند ابن مالك أنه ليس بغرض لماذا؟

لأنه يمكن أن يُؤتى باسم فاعل من مادة الفعل فيرفع على أنه فاعل {سَأَلَ سَائِلٌ} [المعارج: 1] سُرق المتاع لا يتعين هنا حذف؟ ما تعرف من السارق، مجهول، لكن يمكن أن تأتي بفاعل كيف سَرَقَ سَارِقٌ المتاع،

{سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ} جاء في القرآن، إذًا يمكن أن يؤتى باسم فاعل فيرتفع على أنه فاعل ولا يلزم منه عن الجهر بالفاعل أن لا يمكن أن يؤتى بفاعلٍ، إنما يؤتى باسم فاعلٍ مشتقٍ من مادة الفعل الذي عَمِلَ في الفاعل، إذًا لا يُسلم بأن الجهل غرضٌ من أغراض حذف الفاعل، فإذا قيل: مبنيٌ للمجهول عينته، أليس كذلك؟ عينته بأن المحذوف هنا لأجل الجهل، وهذا ليس بصحيح.

إذًا الأولى أن يعبر بأنه مغير الصيغة. إذًا معنى البيت أن المضارع المجهول - لكن هذا الذي اشتهر نقول: معهم - مضارع المجهول يُضم أوله الذي هو حرفٌ من حروف ((نأتي))، ويفتح ما قبل آخره وجوبًا فيهما، يعني: الضم واجب والفتح واجب، وما بينهما يبقى على حاله وهيئته من الحركات والسكنات لا فرق بين المعلوم والمجهول، إذًا التغيير إنما يكون للأول وما قبل الآخر، نحو ماذا؟ يُنْصَرُ نَصَرَ يَنْصُرُ يُنْصَ يُنْصَرُ إذًا ماذا صنعت؟ النون ساكنة كما هي في المعلوم والمجهول، وإنما ضممتَ حرف المضارعة بعد أن كان مفتوحًا غيَّرتَه - لا بد من التغيير - يَنْ يُنْ يَنْصُ الصاد مضمومة في المبني للمعلوم فتحتها يَنْصَرُ، وكذلك يُدَحْرَجُ دَحْرَجَ يُدَحْرِجُ ماذا صنعت؟ يُدَحْرِجُ ضممت أوله والضمة هذه لأجل كونه رباعيًا - وإن اشتبهت في اللفظ - لكن ما الذي يميز بين المبني للمعلوم والمغير الصيغة في يُدَحْرِجُ، يُدَحْرِجُ هذا مبني للمعلوم يُدَحْرَجُ هذا مبني للمجهول، الفرق بينهما ما قبل الآخر إن كان مكسورًا فهو مبنيًا للمعلوم، وإن كان مفتوحًا فهو مبنيٌ للمجهول، وأوله مضمومٌ فيهما في المعلوم والمجهول، إذًا قد يشتبه الأول فنرجع إلى الثاني، وقد يشتبه الثاني فنرجع إلى الأول .. وهكذا، إذًا وما بينهما يبقى على حالته في المعلوم نحو: يُنْصَرُ وَيُدَحْرَجُ، وكذا في الخماسي، والسداسي مطلقًا.

إذًا (وَإِنْ بِمَجْهُوْلٍ فَضَمُّهَا) أي: حروف ((نأتي)) (لَزِمْ) يعني: وجب (كَفَتْحِ سَابِقِ الَّذِي) كفتح حرف سابق الحرف (الَّذِي بِهِ) أي: الفعل (اخْتُتِمْ) هو أي المجهول، بقي الحرف الأخير من الفعل وحكمه أنه محلٌ للبناء والإعراب، يعني: لا نظرَ للصرفيين في الحرف الأخير من حيث الإعراب والبناء، لكنه من باب التتميم ذكره فقال:

وَآخِرٌ لَهُ بِمُقْتَضَى العَمَلْ

مِنْ رَّفْعٍ اوْ نَصْبٍ كَذَا جَزْمٌ حَصَلْ

ص: 4

(وَآخِرٌ) الآخر خلاف الأول نقيضه ضده، (وَآخِرٌ) أي: حرفٌ آخرٌ كائنٌ (لَهُ) أي: المضارع مطلقًا سواء كان مبنيًا للمعلوم أو كان مبنيًا للمجهول، فلا فرق حينئذٍ من حيث العمل، الفعل المضارع يستوي، يفترقان في بعض الأحكام المتعلقة ببنية الحروف، وأما من حيث العمل كونه معربًا أو مبنيًا فلا فرق بين المبني للمعلوم والمبني للمجهول، (وَآخِرٌ) قلنا هذا مبتدأ أي حرفٌ آخرٌ نعتٌ لمنعوتٍ محذوف (لَهُ) كائنٌ له أي: المضارع سواءٌ كان معلومًا أو مجهولاً كائنٌ له، (بِمُقْتَضَى العَمَلْ) وآخرٌ بمقتضى العمل، (آخِرٌ) ثابتٌ وحاصلٌ بمقتضى العمل، إذًا (بِمُقْتَضَى) جارٌ مجرور متعلق بمحذوف الخبر مبتدأ، (آخِرٌ) مبتدأ خبره (بِمُقْتَضَى العَمَلْ)، (مُقْتَضَى) مضاف والعملِ الأصل فيه الكسر مضافٌ إليه والإضافة للبيانِ هنا، (مِنْ رَّفْعٍ) يعني: بين العمل حالة كونه (مِنْ رَّفْعٍ) فيُرفع الحرف الآخر لأن العمل يقتضي ذلك، فإذا جُرِّدَ الفعل المضارع المبني للمجهول أو للمعلوم عن ناصبٍ وجازمٍ، حينئذٍ ارتفع الفعل المضارع، والعامل فيه هو التجرد (مِنْ رَّفْعٍ) سواءٌ كان رفعًا بحركة أو بحرفٍ أو (اوْ نَصْبٍ) كذلك بحركةٍ أو بحرفٍ، صحيح بحركةٍ أو حرفٍ؟ نعم أو حرفٍ لكن بحذفه لا بثبوته وذلك إذا تقدم عليه ناصبٌ أن، ولن، وإذًا، وكي، سواءٌ كان أن مضمرة أو كانت ظاهرةً (كَذَا جَزْمٌ حَصَلْ) مثل ذا المذكور من الرفع والنصب يكون الآخر مجزومًا في الكون من العمل هذا خبرٌ مقدم و (جَزْمٌ) مبتدأٌ مؤخر، كذلك جزمٌ بحذف حركة أو بحذف حرفٍ (حَصَلْ) الجزم، والجملة نعتٌ للجزم، كذا جزمٌ حاصل (كَذَا جَزْمٌ حَصَلْ) إذًا آخر الفعل المضارع معلومًا أو مبنيًا للمجهول يكون بمقتضى العمل، إن كان العمل يقتضي الرفع رُفِعَ إما بحركة أو بحرف، إن كان سُبِقَ بناصبٍ حينئذٍ نقول: آخره منصوب إما بحركة أو بحرف.

وثالثًا: إن كان سبقه جازمٌ لم، ولَمَّا .. إلى آخر ما ذكر، فحينئذٍ نقول هذا مجزومٌ وهو حكم الآخر، وهذا من باب الاستطراد والتتميم.

ثم قال رحمه الله تعالى:

أَمْرٌ وَنَهْيٌ إِن بِهِ لَامًا تَصِلْ

أَوْلَا وَسَكِّنْ إِنْ يَّصِحَّ كَلْتَمِل

وَالآخِرَ احْذِفْ إنْ يُّعَلْ كَالنُّوْنِ فِي

أَمْثِلَةٍ وَنُوْنُ نِسْوَةٍ تَفِي

ص: 5

(أَمْرٌ وَنَهْيٌ) أمرٌ هذا خبرٌ محذوف هو أمرٌ يعني: الفعل المضارع يكون أمرًا وهذا عند الصرفيين، أما النحاة فلا يسمى أمرًا الفعل المضارع لا يسمى أمرًا، وإنما يقال: دخلت عليه لام الأمر فأفاد الفعل المضارع بالواسطة الأمر، ولذلك إذا أرادوا أن يضبطوا فعل الأمر قالوا: ما دل على الأمر بصيغته احترازًا عن ما دل على الأمر بواسطةٍ، فلا يسمى أمرًا، وأما عند الصرفيين فكما أطلق عليه الناظم هنا تبعًا للأصل (أَمْرٌ) وعند الأصوليين يسمى أمرًا، ولذلك من صيغ الأمر عندهم في باب الأمر {لِيُنفِقْ} [الطلاق: 7] قالوا: هذا فعل أمر. كيف فعل أمر وهو مضارع؟ قالوا: العبرة بالمعنى. وهو ما دل على الطلب، فكل ما دل على الطلب سواءٌ كان بالصيغة أو بواسطة فهو أمرٌ، كذلك هنا يسمى الفعل المضارع أمرًا، ذًا (أَمْرٌ) هذا خبرٌ لمحذوف، هو أي: المضارع يسمى بذلك لأنه أمرٌ، (وَنَهْيٌ) الواو بمعنى أو يعني: أو نهيٌ، والنهي والأمر ضدان، متى نقول هو أمر الفعل المضارع ومتى نقول نهي؟

إذا دخل عليه اللام الأمر فهو أمرٌ، وإذا دخل عليه لا الناهية فهو نهي. حينئذٍ هنا النظر إلى المعنى المركب من الحرف والفعل، وعند الأصوليين كذلك يسمى لا تضرب يسمى نهيًا، وأما عند النحاة فالعبر هنا بما دل عليه الحرف وهو لا، لا ناهيةٌ والفعل داخلٌ في حيّز النهي فحينئذٍ الفعل لا يسمى نهيًا في الأصل وإنما مدلوله مركب من الحرف والفعل يُسمى نهيًا، على كلٍّ هذا اصطلاحٌ عند بعض الصرفيين أن الفعل المضارع يكون نهيًا إذا دخلت عليه لا الناهية، لا تضرب هذا نهيٌ، لتضرب هذا أمرٌ، فالعبرة حينئذٍ بالنظر إلى الحرف الذي دخل على الفعل المضارع.

ص: 6

(أَمْرٌ وَنَهْيٌ إِن بِهِ لَامًا تَصِلْ) إن تصل به بالمضارع لامًا، لامًا هذا مفعولٌ مقدم لقوله:(تَصِلْ)[أو لتصل]. مضارع وَصَلَ، وَصَلَ (تَصِلْ)، و (لَامًا) مفعولٌ به مقدم، (إِن بِهِ) الضمير يعود إلى المضارع، هذا راجعٌ لأي شيء؟ (أَمْرٌ وَنَهْيٌ إِن بِهِ لَامًا تَصِلْ) هذا راجعٌ للأول، يعني: رتب ثم نشر حينئذٍ قال: (أَمْرٌ وَنَهْيٌ)، ثم بين لك حقيقة الأمر وهو أن تصل به يعني: بالفعل المضارع لامًا وهي لام الطلب - لكن مرت معنا في ((الآجرومية)) وهي: لام الأمر والدعاء - والمعنى أن الفعل المضارع إن دخلت عليه لام الأمر واتصلت به فإنه يصير أمرًا سواءٌ كان غائبًا نحو:

{لِيُنفِقْ} ، {لِيُنفِقْ} هو ينفق فعل مضارع دخلت عليه لام الأمر فهو أمرٌ، وكذلك تدخل على تاء الخطاب (فبذلك فلتفرحوا) قراءةٍ، وكذلك تدخل على الصحيح على المتكلم لكنه على قلةٍ «قوموا فلأصلي لكم» إذًا هذه ثلاث مواضع دخلت لام الأمر على الغائب وعلى الخطاب وعلى المتكلم، لكن المشهور هو دخول لام الأمر على الغائب، هذا كثير في لسان العرب، (أَوْلَا) أو اتصل به (لا) أو لا ليس النفي هنا (أَوْلَا) يعني: اتصل به لا الناهية، حينئذٍ يكون نهيًا، أو اتصل به يعني: بالفعل المضارع هذا راجعٌ للنهي (أَوْلَا) أو اتصل به لا يعني: اللفظ الدال على النهي، فهو عطفٌ على (لَامًا) وراجعٌ للنهي، والمعنى أن المضارع إذا دخلت عليه لا الناهية فإنه يكون نهيًا للغائب وكذلك للحاضر، غائب مثل ماذا؟ {فَلَا يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ} [الإسراء: 33] {فَلَا يُسْرِف} لا ناهيةٌ و {يُسْرِف} الياء هذه للغائب أليس كذلك؟ لا تضرب هذا للخطاب، كذلك تدخل على المتكلم كقول الشاعر:

فلا أعرفنك بعد الموت تندبني

فلا أعرفنك كأنه نهى نفسه يعني: نَزَّل نفسه مُنَزَّلة الغيب فنهاها هذا المراد، إذًا (أَمْرٌ وَنَهْيٌ إِن بِهِ لَامًا تَصِلْ) إن تصل به لامًا (أَوْلَا) هذا من حيث المعنى.

ثم قال: (وَسَكِّنْ إِنْ يَّصِحَّ كَلْتَمِل) يعني: حكم فعل المضارع من حيث الإعراب والبناء إن دخل عليه لام الأمر ولا الناهية فهو مجزوم وهو من أدوات الجزم، وإذا كان من أدوات الجزم فإما أن يكون الفعل المضارع صحيح الآخر أو لا، إن كان صحيح الآخر حينئذٍ يجزم بالسكون، ولذلك قال:(وَسَكِّنْ إِنْ يَّصِحَّ) يعني: إن كان آخره حرفًا صحيحًا ليس بحرف علة، كذلك لم يتصل به ألف الاثنين ولا واو الجماعة ولا ياء مؤنثة المخاطبة، يعني: ليس من الأمثلة الخمسة (وَسَكِّنْ) آخر المضارع متى؟ (إِنْ يَّصِحَّ) يعني: إن يكن حرفًا صحيحًا ولم يتصل به ما ذُكِر، (إِنْ يَّصِحَّ) آخر المضارع (كَلْتَمِل) لتمل تَمِيل مضارع مَالَ.

قال: الشارح: وينبغي ضبطه بالمثنى التحتيّة لِيَمِلْ لأن لام الأمر لا تدخل على فعل الواحد المعلوم لغلبة استعماله، وتدخل في المجهول لقلة استعماله.

ص: 7

على كلٍّ يجوز الوجهان، والمشهور بالياء، لتمل تَمِلْ فعل مضارع مجزومٌ بلام الأمر وجزمه سكون آخره، (وَالآخِرَ احْذِفْ إنْ يُّعَلْ)، (وَالآخِرَ احْذِفْ) احذف الآخر يعني الحرف الأخير من الفعل المضارع إذا دخل عليه لام الأمر أو لا الناهية (احْذِفْ) متى؟ (إنْ يُّعَلْ) يعني: إن يكن حرف علةٍ، وهو الواو يدعو، أو الياء يرمي، أو الألف يخشى، أليس كذلك؟ حينئذٍ يجزم بحذف حرف العلة (وَالآخِرَ) يعني: حرف الآخر الأخير من المضارع (احْذِفْ إنْ يُّعَلْ) يعني: إن يكن حرف علةٍ، أي: احذف الحرف الأخير من المضارع الذي اتصلت به لام الأمر أو لام ناهية، (إنْ يُّعَلْ) وسكنه هنا للوزن إن يُعَلَّ بالتشديد هذا الأصل إنما سكنه لضرورة الوزن، أي: إن يكن حرف علةٍ أي: علامة الجزم في الناقص سقوط لام الفعل نحو: ليغز، ولا يغزً، ولترمِ، ولا ترمِ، ليغزُ نقول: فعل مضارع مجزومٌ بلام الأمر، وعلامة جزمِه أو جزمُهُ حذف حرف العلة، لا تغزُ لا ناهية وتغزُ فعل مضارع مجزومٌ بلا الناهية، وجزمه حذف حرف العلة.

كذلك لترمِ، وكذلك لا ترمِ.

(كَالنُّوْنِ فِي أَمْثِلَةٍ) هذا النوع الثالث، وهو ما كان من الأمثلة الخمسة يعني: إذا اتصل بالفعل المضارع ألف الاثنين أو واو الجماعة أو ياء مؤنثة المخاطبة، ودخل عليه لام الأمر أو لا الناهية، حينئذٍ جزمه بحذف النون

(كَالنُّوْنِ) تشبيه في الحذف كما يُحذف حرف العلة تحذف كذلك النون، لكن (كَالنُّوْنِ) الكائنة (فِي أَمْثِلَةٍ) خمسةٍ في حالة الرفع بالثبوت، وبحالتي النصب والجزم تكون بحذف حرف النون، (كَالنُّوْنِ فِي أَمْثِلَةٍ) خمسةٍ فإنها تحذف بلام الأمر ولا الناهية كقوله: لينصروا. ولا ينصروا، ولينصرا، ولا ينصرا، ولتنصري، ولا تنصري، والإعراب واضحٌ. (وَنُوْنُ نِسْوَةٍ تَفِي) هذا دفع إيهام يعني: إذا مر بك نون الأمثلة الخمسة ودخل اللام أو لا الناهية احذفها، ولا يلتبس عليك ذلك بنون النسوة إذا وجدتها أو دخلت لام الأمر أو لا الناهية تحذفها، لا لأن نون النسوة فاعل حينئذٍ لا يجوز حذفه البتة، وليس هو بعلامة جزمٍ في الموضعين، إذًا (وَنُوْنُ نِسْوَةٍ) ونون جمع نسوةٍ (تَفِي) يعني: تثبت مع الجازم سواء كان اللام أو لا (تَفِي) هذا مضارع وَفَى بمعنى تم وكمل، وفاعله ضمير النون وصلته محذوفة أي: مع لام الأمر ولا الناهية، (نُوْنُ) وهذا مبتدأ وجملة (تَفِي) خبر المبتدأ أي: أن نون النسوة تثبت مع الجازم فليست كنون الأمثلة، نحو: لِيَضْرِبْنَ نسوة لِيَضْرِبْنَ مع بقاء النون، ولا يَضْرِبْنَ، هندات لا يَضْرِبْنَ حينئذٍ نقول: النون باقية مع لا الناهية. واضحٌ هذا؟

ثم قال: (وَبَدْأَهُ احْذِفْ يَكُ أَمْرَ حَاضِرِ) إذًا انتقل من بيان ما يتعلق بالفعل المضارع من حيث كونه أمرًا أو نهيًا إلى فعل الأمر الذي هو اصطلاح النحاة

وَبَدْأَهُ احْذِفْ يَكُ أَمْرَ حَاضِرِ

وَهَمْزًا انْ سُكِّنَ تَالٍ صَيِّرِ

أَوْ أَبْقِ إِنْ مُحَرَّكًا ثُمَّ التَزِمْ

بِنَاءَهُ مِثْلَ مُضَارِعٍ جُزِمْ

يعني: كيف نأتي بفعل الأمر وهذا صرفٌ، السابق ليس بصرف إنما هو من باب التكميل والاستقراء وقواعد جيدة، إذًا كيف نشتق فعل الأمر من المضارع؟

ص: 8

يَرِدُ الإشكال هنا كيف تقول بأن فعل الأمر من المشتقات وهو مأخوذٌ من المصدر وهو الأصل؟ وحينئذٍ تقول هو مأخوذٌ من الفعل المضارع؟

الجواب أن المشتقات على نوعين:

منها ما يؤخذ من المصدر مباشرةً كالماضي.

ومنها ما يؤخذ من المصدر بواسطةٍ كفعل الأمر، بل بواسطتين هنا، أليس كذلك؟ أو بواسطة واحدة؟ واسطتان لماذا؟

لأن المضارع مأخوذٌ من الماضي، والماضي [من الأمر إذًا هو حفيد] (1) من المصدر نعم هو حفيد يعني. (وَبَدْأَهُ) أي: حرفًا مبدوءًا به في المضارع، وما هو الحرف الذي بُدأ به في المضارع؟ أحرف المضارعة التي هي أحرف ((نأيت))، إذًا أحرف ((نأيت)) نثبتها على الماضي من أجل أن ندل على أن الفعل صار مضارعًا، ثم إذا أردنا الأمر نحذفها نرده إلى السابق

(وَبَدْأَهُ) أي: حرفًا مبدوءًا به المضارع (احْذِفْ)، (احْذِفْ)(بَدْأَهُ)، (بَدْأَهُ) هذا إيش إعرابه؟ مفعولٌ به مقدم (احْذِفْ)(بَدْأَهُ)، والضير يعود على المضارع يعني: الحرف المبدوء به الفعل المضارع (احْذِفْ يَكُ أَمْرَ حَاضِرِ)، (يَكُ) وهذا

مجزوم لوقوعه في جواب الطلب (احْذِفْ)(بَدْأَهُ)(يَكُ)، يكن هذا الأصل يكن

وَمِنْ مُضَارِعٍ لِكَانَ مُنْجَزِمْ

تُحْذَفُ نُونٌ وَهُوَ حَذْفٌ مَا الْتُزِمْ (2)

يعني: يجوز إذا كان الفعل مضارعًا مجزومًا سواءٌ كان بجازمٍ ملفوظٍ به كلم ونحوها، أو كان واقعًا في جواب الطلب يجوز حذف النون، لكنه حذفٌ جائزٌ لا واجب، وهنا كذلك أصل يكن بالنون حذفت من أجل التخفيف، ولهم شروطٌ في ذلك، إذًا (يَكُ) يكن هذا فعل مضارع ناقص مجزومٌ لوقوعه في جواب الطلب احذف بدأه يك إن تحذف يكن هذا المراد بالطلب، (يَكُ أَمْرَ) بالنصب على أنه خبر (يَكُ) واسمه محذوف يعود على المضارع (يَكُ) المضارع يعني: يصير (أَمْرَ حَاضِرِ) أمر مفردٍ مذكرٍ حاضرٍ (حَاضِرِ) اسم فاعل حَضَرَ ضد الغائب، الحاضر ضد الغائب،

(وَهَمْزًا انْ) بنقل حركة الهمزة وإسقاطها لأجل الوزن، (وَهَمْزًا انْ سُكِّنَ تَالٍ صَيِّرِ) الواو داخلةٌ على (صَيِّرِ)، (صَيِّرِ) هي التي تلي الواو، وصير تالٍ همزة، وصير [نعم] وصير هذا أمرٌ من التصيير وصير ماذا؟ الحرف الذي بدأ به، متى؟ بعد حذف حرف المضارعة، إذًا حذفنا حرف مضارعة بقي ماذا؟ بقي الحرف الذي بُدأ به بعد حذف المضارعة صير ذلك الحرف همزًا متى؟

(1) سبق.

(2)

الألفية البيت: 157.

ص: 9

(انْ سُكِّنَ تَالٍ)، إذًا ننظر ما بعد حرف المضارعة، إن كان ساكنًا يتعذر الابتداء بالساكن ماذا نصنع؟ نجتلب همزة الوصل من أجل التمكن من الابتداء بالساكن يَضْرِب (وَبَدْأَهُ احْذِفْ) حذفت الياء، جاء التالي ساكن، إذًا ماذا؟ صير همزة يعني: ائت بهمزة وصل من أجل التمكن للابتداء بالساكن، ثم نكسرها أو نضمها أو نفتحها على ما سبق تقريره بالأمس، (وَهَمْزًا) هذا مفعول ثاني لصيّر (إنْ سُكِّنَ تَالٍ) سُكن مغير الصيغة،

و (تَالٍ) حرف تال يعني: تابع لبدئه. (تَالٍ)، (سُكِّنَ تَالٍ)، (تَالٍ) هذا نائب فاعل وهو مرفوع، ورفعه ضمة مقدرة على الياء المحذوفة للتخلص من التقاء الساكنين، (تَالٍ) تالي بالياء الأصل، فلما نون التقى ساكنان الياء الساكنة والتنوين نون ساكنة وحذفت الياء، إذًا إعراب (تَالٍ) نقول: نائب فاعل مرفوع ورفعه ضمة مقدرة على الياء محذوفة للتخلص من التقاء الساكنين. إذًا

( .. وَهَمْزًا انْ سُكِّنَ تَالٍ صَيِّرِ

أَوْ أَبْقِ إِنْ مُحَرَّكًا .. ) يعني: كان الحرف التالي كان محركًا. أبقه كما هو على حاله مثل ماذا؟ دَحْرَجَ يُدَحْرِجُ ماذا تقول في الأمر؟ دَحْ إذًا حذفت حرف المضارعة أين همزة الوصل؟ لم نأت بهمزة الوصل لكون التالي لحرف المضارعة محركًا، فإن كان محركًا حينئذٍ لا نحتاج إلى همزة الوصل، (أَوْ) هذا للتنويع (أَبْقِ) يعني: أبقه حذف المفعول به يعني. تالي البدء. متى؟ إن كان محركًا، محَركًا هذا خبر كان محذوف مع اسمها يعني: كان التالي محركًا.

والمعنى أن كيفية صوغ بناء الأمر للحاضر أن تحذف من المضارع حرف المضارعة هذا الأصل الذي هو أحد حروف ((نأتي))، ثم تنظر لثانيه فإن وجدته ساكنًا فأت في محل حرف المضارعة الذي حذفته بهمز الوصل لماذا؟ لتعسر الابتداء بالساكن، نحو: اضْرِب يَضْرِب اضْرِب، وإن وجدته محركًا فأبقه على حاله وابتدأ به وعلى كل الحالين سكن آخره لماذا؟

لأنه قال: (ثُمَّ التَزِمْ بِنَاءَهُ مِثْلَ مُضَارِعٍ جُزِمْ) يعني: فعل الأمر للحاضر حكمه حكم المضارع المجزوم هذا في الجملة، وإلا فيه نظر (ثُمَّ التَزِمْ)، ثم بعد الحذف وما مضى العملية السابقة (التَزِمْ بِنَاءَهُ) يعني: الأمر. فهو مبني على الصحيح وليس معربًا خلافًا لمذهب الكوفيين، (مِثْلَ مُضَارِعٍ جُزِمْ) يعني: شبه فعل (مُضَارِعٍ جُزِمْ) يعني: مجزوم نعت لمضارع، وأحوال الأمر هذه تبحث في باب النحو، حينئذٍ يبنى على السكون إذا لم يتصل بآخره شيء يعني صحيح الآخر، أو اتصل به نون الإناث فيبنى على السكون لأن مضارعه كذلك، أليس كذلك؟ لأن مضارعه كذلك مضارع يجزم على السكون إذا كان صحيح الآخر ولم يتصل به شيء، ثاني يبنى على فتح آخره إذا اتصل به نونا التوكيد اضْرِبَنْ اضْرِبَنَّ هذا فعل أمر مبني على الفتح، يبنى على حذف حرف العلة ادْعُ اخْشَ ارْمِ هذا مبني على حذف حرف العلة، يبنى على حذف النون اضْرِبَا اضْرِبُوا اضْرِبِي وذلك في الأمثلة الخمسة، إذًا أربعة أحوال:

يبنى على السكون.

ويبنى على حذف حرف العلة.

ويبنى على حذف النون.

ويبنى على الفتح.

وتفصيلها في باب النحو.

ص: 10

(ثُمَّ التَزِمْ بِنَاءَهُ) أي: بناء الأمر فهو مبني (مِثْلَ مُضَارِعٍ جُزِمْ) أي: مجزوم. جزم هو المضارع.

ثم انتقل الناظم رحمه الله تعالى إلى مسألة وختم بها الباب، وهي: صياغة اسم الفاعل. كيف نأتي باسم الفاعل فقال:

كَفَاعِلٍ جِيءْ بِاسْم ِ فَاعِلٍ كَمَا

يُجَاءُ مِنْ عَلِمَ أَوْ مِنْ عَزَمَا

وَمَاضٍ انْ بِضَمِّ عَيْنٍ اسْتَقَرْ

كَضَخْمٍ اوْ ظَرِيْفٍ إِلَاّ مَا نَدَرْ

وَإِنْ بِكَسْرٍ لَازِمًا جَا كَالفَعِلْ

وَالأَفْعَلِ الفَعْلَانِ وَاحْفَظْ مَا نُقِلْ

اسم الفاعل إما أن يكون من الثلاثي أو من غيره.

من غير الثلاثي مر معنا وهو: أنه تُقلب حرف المضارعة ميمًا مضمومة ويُكسر ما قبل آخره، أَكْرَمَ يُكْرِمُ وهو مُكْرِم بإبدال الياء ميمًا مضمومة وكسر ما قبلها.

في الثلاثي كيف نأتي به؟

قال: (كَفَاعِلٍ جِيءْ بِاسْمِ فَاعِلٍ). (كَفَاعِلٍ) هذا الترتيب جيء أنت يعني: ائت وانطق باسم فاعل ومر معنا اسم الفاعل ما دل على حدث وصاحبه، يعني: دل على حدث معلوم وذات مبهمة، فَضَارِب دل على حدث وهو الضرب وهو معين ودل على ذات أوقعت هذا الضرب على الغير، لكن هذه الذات مبهمة لا معلومة، (كَفَاعِلٍ) هذا حال من فاعل من المجرور اسم فاعل (كَفَاعِلٍ جِيءْ بِاسْمِ فَاعِلٍ)، جيء باسم فاعل حال كونه مثل فَاعل يعني: مثل هذا الوزن. اسم فاعل قصد معناه و (كَفَاعِلٍ) قصد لفظ يعني: كهذا الوزن ضَارِب مثلاً (كَمَا يُجَاءُ مِنْ عَلِمَ أَوْ مِنْ عَزَمَا) يعني: النظر يكون فيه إلى الماضي، والماضي إما أن يكون الثلاثي المجرد إما أن يكون فَعَلَ أو فَعِلَ أو فَعُلَ، إما فَعَلَ أو فَعِلَ أو فَعُلَ، حينئذٍ فَعَلَ متعدِّي ولازم، وفَعِلَ متعدِّي ولازم، وَفَعُلَ لا يكون إلا لازمًا، فيختلف اسم الفاعل باختلاف حركة العين وباختلاف التعدِّي واللزوم، التعدِّي واللزوم له أثر هنا، فإن كان الماضي ثلاثيًّا مجردًا والحديث في الكلام فيه متعدِّيًا - لا بد من القيد - سواء كان مفتوح العين أو مكسورها، أو لازمًا مفتوحًا من فَعِلَ وفَعَلَ، إذًا ننظر إلى فَعَلَ إما أن يكون متعدِّيًا أو لازمًا، إن كان فَعَلَ متعدِّيًا جاء اسم الفاعل على وزن فَاعِل، إن كان لازمًا حينئذٍ سواء كان متعدِّيًا أو لازمًا هذا باب فَعِلَ إن كان من باب فَعِلَ سواء كان متعدِّيًا أو لازمًا جيء باسم الفاعل على وزن فَاعِل، ولذلك قال:(مِنْ عَلِمَ أَوْ مِنْ عَزَمَا). أراد بالمثالين الوزنين ولا شك أن عَلِمَ هذا متعدِّي، وَعَزَمَ هذا على وزن فَعَلَ، إذًا إذا كان الماضي ثلاثيًّا مجردًا متعدِّيًا سواء كان مفتوح العين أو مكسورها أو لازمًا مفتوحًا حينئذٍ نقول: يأتي منه اسم الفاعل على وزن فَاعل.

إذًا فَعَلَ نعيد حصل سهوًا.

فَعَلَ مطلقًا سواء كان متعديًّا أو لازمًا جئ باسم الفاعل على وزن [فاعل] فَعَلَ مطلقًا سواء كان متعدَّيًا أو لازمًا.

وأما فَعِلَ بكسر العين فالمتعدِّي فقط هو الذي يأتي على وزن فَاعِل، وأما اللازم فله وزن آخر.

ص: 11

إذًا فَعَلَ مطلقًا سواء كان متعديًّا أو لازمًا اسم الفاعل منه على وزن فاعل، وأما فَعِلَ ففيه تفصيل إن كان متعدِّيًا جيء باسم الفاعل على وزن فاعل إذًا إن كان الماضي ثلاثيًّا مجردًا متعديًّا سواء كان مفتوح العين أو مكسورها أو لازمًا مفتوحًا.

إذًا فَعَلَ مطلقًا وفَعِلَ المتعدِّي (كَفَاعِلٍ جِيءْ بِاسْم ِ فَاعِلٍ كَمَا) يعني: وذلك كما. يعني: كاسم الفاعل الذي يجاء به حُذِفَ هنا للحذف والإيصال فيهما (مِنْ عَلِمَ) وهذا متعدِّي (أَوْ مِنْ عَزَمَا) عَلِمَ على وزن فَعِلَ عَلِمَ فهو عَالِم، إذًا عَالِم، وعَلِمَ هذا على وزن فَعِلَ ونقيده بكونه متعديًا أو من الفعل (عَزَمَا) الألف للإطلاق وهو على وزن فَعَلَ سواء كان متعديًا أو كان لازمًا، (عَزَمَا) عقد ضميره على فعله، (وَمَاضٍ انْ بِضَمِّ عَيْنٍ اسْتَقَرْ كَضَخْمٍ أوْ ظَرِيْفٍ)، (وَمَاضٍ) يعني: فعل ماضٍ ثلاثي مجرد. (انْ بِضَمِّ عَيْنٍ اسْتَقَرْ) إن استقر بضم عين (بِضَمِّ) هذا متعلق باستقر، يعني: إن ثبت بكونه مضموم العين ثلاثي وهو باب فَعُلَ حينئذٍ يأتي منه اسم الفاعل على وزنين (كَضَخْمٍ) يعني: فَعْلٍ بفتح فسكون ضَخُمَ فهو ضَخْمٌ، هل تقول: ضَاخم؟ لا، لا يأتي منه وإنما يقال فيه ضَخُمَ فَعُلَ فهو ضَخْم، (أوْ ظَرِيْفٍ) وهذا فَعِيل ظَرُفَ فهو ظَرِيف.

إذًا ما كان من باب فَعُلَ يجيء اسم الفاعل على وزنين:

الأول: على الْفَعْلِ كالضَّخْم.

والثاني: على فَعِيل كالظَّرِيف. وكلاهما من باب فَعُلَ.

(كَضَخْمٍ) هذا حال لمحذوف أي: فهو (كَضَخْمٍ) أي: اسم فاعله (كَضَخْمٍ) بفتح فسكون على وزن فَعْلٍ، ضَخُمَ كَعَظُمَ وزنًا ومعنًى، وقوله:(كَضَخْمٍ). الخبر لمحذوف أي: هو (كَضَخْمٍ) والجملة جواب إن، (أوْ ظَرِيْفٍ) يعني: أو كفَعِيل على وزن فَعِيل اسم فاعل ظَرُفَ والمعنى إن كان الماضي مضموم العين فاسم فاعله إما على وزن فَعْلٍ وإما على وزن فَعِيل (إِلَاّ مَا نَدَرْ) إلا ماضٍ ندر (إِلَاّ مَا) إلا الذي ندر يعني: اسم فاعله غير فَعْلٍ وفَعِيل وكان ماضيه على وزن فَعُلَ، مثل ماذا؟ قالوا: طَهُرَ. طَهُرَ الأصل إما على فَعْل أو فَعِيل لكن المسموع فيه طَاهِر على وزن فَاعِل، نقول: هذا مسموع يعني: يحفظ ولا يقاس عليه، وكذلك نَعُمَ فهو نَاعِم وَبَطُلَ فهو أبطل وغير ذلك، فهذه مسموعة، القياس فَعْل وفَعِيل (إِلَاّ مَا نَدَرْ) يعني: إلا ما قَلَّ من كون الفعل على وزن فَعُلَ ولم يأت على الفَعْل ولا الفَعِيل وهو قليل. إذًا (إِلَاّ مَا نَدَرْ) هذا استثناء أو استدراك (إِلَاّ مَا نَدَرْ) إلا الذي يعني: اسم الفاعل الذي ندر اسم فاعله على غير فَعْلٍ وفَعِيل وماضيه استقر (بِضَمِّ عَيْنٍ).

ص: 12

ثم قال: (وَإِنْ بِكَسْرٍ لَازِمًا). جاء باب فَعِلَ اللازم، قلنا: فَعِلَ المتعدِّي الذي مَثَّلَ له بِعَلِمَ يأتي على وزن فَاعِل ماذا بقي؟ فَعِلَ اللازم فله ثلاثة أوزان، (وَإِنْ بِكَسْرٍ لَازِمًا)، (وَإِنْ بِكَسْرٍ)، (بِكَسْرٍ) هذا متعلق بمحذوف خبر كان مع اسمها يعني: إن كان ما هو؟ الماضي، إن كان الماضي بكسر يعني: متلبسًا بكسر حال كون الماضي فعلاً لازمًا يعني: غير متعدِّي (جَا) لغة في جاء، (جَا) اسم فاعله على ثلاثة أوزان (كَالفَعِلْ) بفتح فكسر (كَالفَعِلْ)، زَمِنَ فَعِلَ فهو زَمِنٌ زَمِنَ فَعِلَ، فِعْل ماضي حينئذٍ اسم الفاعل يأتي على وزن فَعِل فهو زَمِنٌ، وأَشِرَ فهو أَشِرٌ جاء على وزن الفَعِل يعني: فتح فكسر، إذًا (كَالفَعِلْ) هذا مشترك بين المصدر واسم الفاعل، (وَالأَفْعَلِ) هذا الثاني حَمِرَ فهو أَحْمَر، إذا أراد اسم الفاعل فهو أَحْمَر، وحَمِرَ فهو أَحْمَر، وَجَهِرَ فهو أَجْهَر، إذًا جَهِرَ هذا اسم فَعِلَ وهو لازم يأتي اسم الفاعل على وزن أَفْعَل، و (الفَعْلَانِ) الأفعل (الفَعْلَانِ) يعني: و (الفَعْلَانِ)، والوزن الثالث اسم الفاعل بكسر العين لازمًا

(الفَعْلَانِ) نحو ماذا؟ عَطِشَ فهو عَطْشَان، عَطْشَان على وزن فَعْلان، اسم فاعل عَطِشَ أنا عَطْشَان، إذًا هو اسم فَاعِل، وَصَدِيَ فهو صَدْيَان، إذًا الفَعِلْ وَالأَفْعَلِ وَالْفَعْلانِ كلها أوزان لاسم الفاعل إذا كان الماضي فَعِلَ لازمًا، أما المتعدِّي فهو على وزن فَاعِل (وَاحْفَظْ مَا نُقِل) يعني: ما عدا ذلك فهو محفوظ، (وَاحْفَظْ مَا) أي: أبنية اسم الفاعل الثلاثي المجرد الذي على وزن فَعِلَ لازمًا (مَا نُقِل) عن العرب مخالفًا لِمَا تقدم وهو اثنان يعني: المحفوظ اثنان، فَاعِل مثل فَنِيَ، فَنِي فَانٍ، سَلِمَ سَالِم هذا محفوظ يعني: لا يقاس عليه، وكذلك فَعِيل بَخِلَ فهو بَخِيل هنا جاء على وزن فَعِيل نقول: هذا يحفظ ولا يقاس عليه.

بِوَزْنِ مَفْعُوْلٍ كَذَا فَعِيْلُ

جَا اسْمُ مَفْعُوْلٍ كَذَا قَتِيْلُ

لِكَثْرَةٍ فَعَّالٌ اوْ فَعُوْلُ

فَعِلٌ اوْ مِفْعَالٌ اوْ فَعِيْلُ

(بِوَزْنِ مَفْعُوْلٍ) أراد أن يبين لك اسم المفعول أوزانهم (بِوَزْنِ مَفْعُوْلٍ كَذَا فَعِيْلُ جَا اسْمُ مَفْعُوْلٍ) اسم مفعول إما أن يكون من الثلاثي أو من غير الثلاثي، إن كان من غير الثلاثي على ما سبق، يُبْدل حرف المضارعة ميمًا مضمومة ويفتح ما قبل الآخر هذا من غير الثلاثي، مُكْرَمٌ هذا اسم مفعول، مُدَحْرَجٌ اسم مفعول، ويشترك مع المصدر الميمي .. إلى آخره، والمراد هنا اسم المفعول من الثلاثي له وزنان:

إما مفعول، وإما فعيل، هذا من الثلاثي، إما أن يأتي على وزن مَفْعُول مَقْتُول، وإما قَتِيل أليس كذلك؟ قَتَلَ اسم المفعول منه يأتي على وزنه إما مَقْتُول مَفْعُول، وإما قَتِيل، (بِوَزْنِ مَفْعُوْلٍ) يعني: بوزن لفظ (مَفْعُوْلٍ) هذا متعلق بمحذوف حال من اسم مفعول الآتي

بِوَزْنِ مَفْعُوْلٍ كَذَا فَعِيْلُ

جَا اسْمُ مَفْعُوْلٍ ...........

ص: 13

(جَا) فعل ماضي (اسْمُ مَفْعُوْلٍ) هذا فاعل حال كونه (بِوَزْنِ مَفْعُوْلٍ)، (كَذَا فَعِيْلُ) مبتدأ وخبر (فَعِيْلُ) مبتدأ مؤخر (كَذَا) خبر مقدم،

(بِوَزْنِ) لفظ (مَفْعُوْلٍ) كمَقْتُول، (كَذَا فَعِيْلُ) أي: مفعول في مجيء اسم المفعول على وزن، وفعيل هذا مشترك مع الفاعل، (جَا اسْمُ مَفْعُوْلٍ) من الثلاثي المجرد مطلقًا سواء كان من باب فَعَلَ أو فَعِلَ أو فَعُلَ، فحينئذٍ لا فرق بين هذه الأفعال كلها، الفرق إنما يكون في اسم الفاعل، وأما اسم المفعول فلا فرق (جَا اسْمُ مَفْعُوْلٍ كَذَا قَتِيْلُ) هذا مثال لفَعِيل.

إذًا اسم المفعول من الثلاثي المجرد مطلقًا سواء كان بفتح العين أو ضمها أو كسرها يأتي على وزنين: إما مفعول، وإما فعيل.

ثم انتقل إلى بيان أوزان أمثلة المبالغة وهي خمسة على المشهور (لِكَثْرَةٍ) يعني: للدلالة على الكثرة، كثرة هذا مصدر ضد قل، الكثرة والقلة ضدان حينئذٍ إذا أراد المتكلم أن يدل على كثرة حدوث الحدث، كثير، لا شك أن ضَارِب وَمَضْرُوب وَضَرَبَ وَيَضْرِب وَاضْرِب تدل على وقوع الحدث مرة واحدة هذا الأصل فيه، تقول: ضَرَبَ زَيْدٌ عَمْرًا. يعني: مرة واحدة لكن لو كان كل ما رآه ضربه، أو أكثر عليه الضرب، حينئذٍ لا بد من صيغة أخرى ضَرَّاب، إذًا ضَرَّاب يعني: يكثر الضرب. (لِكَثْرَةٍ) يعني: للدلالة على الكثرة هذا خبر مقدم، فَعَّال هذا مبتدأ مؤخر.

إذًا يأتي على وزن فَعَّال بالتشديد فَعَّال، كفَتَّاح وَوَهَّاب كثير الهبة، فَتَّاحَ كثير الفتح، ضَرَّاب كثير الضرب، قَتَّال كثير القتل، كَذَّاب.

(أوْ فَعُولُ) فَعُولُ شَكُورُ كثير الشكر، رؤوف كثير الرأفة.

(فَعِلٌ) يعني: أو فَعِلٌ. كـ حَذِر كثير الحذر.

أو مِفْعَال كمِدْرَار كثير الدّرّ قالوا: المطر الضعيف القطرات. مِسْقَام كثير السُّقْمِ مِكْثَار كثير الكلام.

أو فَعِيل نحو: عَلِيم. كثير العلم .. ونحو ذلك.

إذًا إذا أريد الكثرة الدلالة على الكثرة يؤتى بها على هذه الأوزان الخمسة، وقد يأتي على بعضها دون بعض

لِكَثْرَةٍ فَعَّالٌ اوْ فَعُوْلُ

فَعِلٌ اوْ مِفْعَالٌ اوْ فَعِيْلُ

ثم قال المصنف رحمه الله تعالى: (فَصْلٌ فِي تَصْرِيْفِ الصَّحِيْحِ).

(فَصْلٌ) أي: هذا فصل كلام فاصل أو مفصول في تصريف يعني: في بيان تصريف اللفظ الصحيح، ومر معنا الصحيح ما هو؟ مرّ الصحيح.

[ارفع صوتك] ما سلم من حروف العلة والهمزة والتضعيف هذا يسمى ماذا؟ يسمى صحيحًا، له تصريف من حيث الفعل

وَمَاضٍ اوْ مُضَارِعٌ تَصَرَّفَا

لأَوْجُهٍ كَالأَمْرِ وَالنَّهِي اعْرِفَا

ثَلَاثَةٌ لِغَائِبٍ كَالْغَائِبَهْ

كَذَا مُخَاطَبٌ وَكَالْمُخَاطَبَهْ

وَمُتَكَلِّمٌ لَهُ اثْنَانِ هُمَا

فِي غَيْرِ أَمْرٍ ثُمَّ نَهْيً عُلِمَا

ص: 14

(وَمَاضٍ) يعني: فعل ماضٍ سواء كان مبنيًّا للمعلوم أو مبنيًّا للمجهول فالحكم واحد، (أوْ) بمعنى الواو فعل مضارع كذلك مطلقًا سواء كان مبنيًّا للمعلوم أو مبنيًا للمجهول، (تَصَرَّفَا) هذا جملة خبر، والألف هذه فاعل، والضمير هنا أفاد التثنية يعود إلى الماضي والمضارع، (وَمَاضٍ اوْ مُضَارِعٌ) مضارع هذا معطوف على ماضٍ، (وَمَاضٍ) بالكسر (مُضَارِعٌ) بالرفع فكيف يعطف المرفوع على المخفوض؟

..

ماضٍ مرفوع لكن رفعه مقدر على الياء المحذوفة، مَاضِيٌ هذا الأصل، إذًا وَمَاضِيٌ مضارعٌ عطف رفعًا على مرفوع، مرفوعًا على مرفوع، إذًا

(وَمَاضٍ) هذا ليس مخفوضًا وإنما هذه الكسرة كسرة التنوين ماضٍ كسرة ما قبل الياء، والكسرة الثانية كسرة التنوين، وفعل ماضٍ مطلقًا أو مضارعٍ مطلقًا (تَصَرَّفَا لأَوْجُهٍ) جمع وجه، وَأَفْعُل هنا من صيغ القلة هذا الأصل، إلا أن المراد به جمع الكثرة لأنها أربعة عشر وجهًا للماضي، وكذلك أربعة عشرة وجهًا للمضارع، وأربعة عشر وجهًا للأمر وأربعة عشر، وجهًا للنهي. (لأَوْجُهٍ) وهي: أربعة عشر وجهًا. (لأَوْجُهٍ) جار ومجرور متعلق بقوله: (تَصَرَّفَا)(تَصَرَّفَا لأَوْجُهٍ) كم وجه؟ أربعة عشر (كَالأَمْرِ وَالنَّهِي) يعني: شبه الأمر والنهي بالماضي والمضارع في ماذا؟ في كون الأمر يتصرف إلى أربعة عشر وجهًا، والنهي كذلك يتصرف إلى أربعة عشر وجهًا، (كَالأَمْرِ) يتصرف إلى أربعة عشر وجهًا، (وَالنَّهِي) كذلك يتصرف إلى أربعة عشر وجهًا، (اعْرِفَا) هذه تكملة، (اعْرِفَا) تكملة، والألف هذه نون التوكيد الخفيفة فهو حث على المعرفة.

ما هي هذه الأوجه؟

(ثَلَاثَةٌ لِغَائِبٍ كَالْغَائِبَةْ) لها ثلاثة، (كَذَا مُخَاطَبٌ) له ثلاثة، (كَالْمُخَاطَبَهْ)[لها](1) ثلاثة، أربع في ثلاث باثني عشر، (وَمُتَكَلِّمٌ) له اثنان، كم هذه؟

أربعة عشر، اثني عشر واثنان، أربعة عشر.

إذًا ثلاثة لغائب، و (كَالْغَائِبَةْ) إذًا ثلاث وثلاث ست، (كَذَا مُخَاطَبٌ) له ثلاثة تسع (كَالْمُخَاطَبَةْ) لها ثلاثة، اثني عشر (وَمُتَكَلِّمٌ) له اثنان، هذه أربعة عشر وجهًا.

(1) في الأصل [له] وهو سبق، وذكرت بعدها على الصواب.

ص: 15

المضارع له أربعة عشر وجهًا، وكذلك المضارع، وكذلك الأمر، والنهي (ثَلَاثَةٌ) يعني من الأوجه (لِغَائِبٍ)، ثلاثة من الأوجه التي يتصرف إليها أو لها الماضي وما عطف عليه كائنة (لِغَائِبٍ) يعني: لفاعل غائب، فاعل غَائِب: غَائِب اسم فاعل غَابَ ضد حَضَرَ، لأن الغائب هنا إما مفرد أو مثنًّا أو جمع، نحو: ضَرَبَ ضَرَبَا ضَرَبوا، هذا تصرف، يسمى تصرفًا، الفعل الماضي هنا تصرف إلى ثلاثة أحوال، ضَرَبَ غائب هو زَيدٌ ضَرَبَ عَمْرًا، إذًا ضَرَبَ هذا للواحد مفرد، ضَرَبَا هذا للمثني، ضَرَبُوا هذا للجمع، هذا مبني للمعلوم، وقد يقال في المجهول ضُرِبَ وضُرِبَا وضُرِبُوا واضح هذا، إذا (ثَلَاثَةٌ لِغَائِبٍ) يعني: للفاعل الغائب معلومًا أو مجهولاً في الماضي، ضَرَبَ وضُرِبَ، ضَرَبَا وضُرِبَا، وضَرَبُوا وضُرِبُوا، هذه ثلاثة أوجه، كذلك يَضْرِبُ يُضْرَبُ، يَضْرِبَانِ يُضْرًبَانِ، يَضْرِبُون يُضْرَبُون للمعلوم والمجهول، هذه ثلاثة، ثلاثة لغائب في المضارعة، كذلك ثلاثة للأمر للغائب لِيَضْرِبْ لِيُضْرَبْ، لِيَضْرِبَا لِيُضْرَبَا، لِيَضْرِبُوا لِيُضْرَبُوا جاء بالوجهين، المعلوم والمجهول، لا يَضْرِبْ هُوَ، لا يَضْرِبَا نهي، لا يَضْرِبُوا في النهي كذلك للمعلوم والمجهول، لا يَضْرِبْ لا يُضْرَبْ، لا يَضْرِبَا لا يُضْرَبَا، كذلك يعني المبني للمعلوم والمجهول، لا يَضْرِبُوا لا يُضْرَبُوا، (كَالْغَائِبَةْ) يعني: كالأوجه الثلاثة الثابتة للغائبة أو هو كالغائب إلا إنه مؤنث، وشبه الفاعلة الغائبة بالغائب في أن لكلٍّ ثلاثة أوجه من الماضي وما عُطِفَ عليه، يعني الماضي ثلاثة، والمضارع ثلاثة، والأمر ثلاثة، والنهي ثلاثة. فقال: كالفاعلة المؤنثة الغائبة لأنها إمَّا مفردة أو مثناة أو مجموعة، فالأحوال ثلاثة نحو ضَرَبَتْ هِيَ، ضُرِبَتْ، ضَرَبَتَا ضُرِبَتَا، ضَرَبْنَ ضُرِبْنَ، إذا بالوجهين المعلوم والمجهول، ونحو تَضْرِبُ تُضْرَبُ، تَضْرِبَانِ تُضْرَبَانِ، تَضْرِبْنَ تُضْرَبْنَ، إذا في المضارع معلومًا أو مجهولاً، ونحو لِتَضْرِبْ للخطاب هذا لِتَضْرِبْ هِيَ، لِتَضْرِبْ هي هند لِتَضْرِبَا لِتَضْرِبْنَ في الأمر كذلك معلومًا أو مجهولاً يعني لِتَضْرِبْ لتُضْرَبْ، لِتَضْرِبَا لِتُضْرَبَا، لِتَضْرِبْنَ لِتُضْرَبْنَ يعني: تغير الصيغة، ونحو لا تَضْرِبْ ولا تَضْرِبَا ولا تَضْرِبَنَ كذلك للغائبة في النهي معلومًا ومجهولاً، (كَذَا مُخَاطَبٌ) يعني مثل الغائب والغائبة، مخاطب هذا المبتدأ، وكذا خبر مقدم، أي مثل المذكور من الغائب والغائبة بأن كلاًّ له ثلاثة أوجه من أربعة عشر يعني، خبر مقدم مبتدأهما ما بعده، مخاطب مذكر لأنه إما واحد أو اثنان أو جمع نحو ضَرَبْتَ هذا خطاب للواحد ضَرَبْتَ ضَرَبْتُمَا ضَرَبْتُمْ في الماضي معلومًا ومجهولاً، ضَرَبْتَ ضُرِبْتَ، [ضَرَبْتُمَا](1)

(1) سبق استدرك بعده مباشرة [ضُرِبْتُمَا] ..

ص: 16

ضُرِبْتُمَا [ضُرِبْتُمَا ليس ضَرَبْتُمَا، ضُرَبْتُمَا] يعني يأتي للمعلوم والمجهول، وكذلك ضُرِبْتُمْ، ونحو تَضْرِبُ تَضْرِبَانِ تَضْرِبُونَ في المضارع كذلك مبني للمعلوم والمجهول، اضْرِبْ اضْرِبَا اضْرِبُوا هذا للخطاب في الأمر معلومًا، وأما المجهول على ما سبق.

(إِن بِهِ لَامًا تَصِلْ)

لا يأتي هكذا الخطاب، وإنما يأتي للغائب باللام لام الأمر يعني: يكون نحو لِتُضْرَبْ لِتُضْرَبَا لِتُضْرَبُوا، وأما الخطاب فلا يأتي ونحو لا تَضْرِبْ لا تَضْرِبَا لا تَضْرِبُوا في النهي معلومًا ومجهولاً.

وكالمخاطبة، كالمخاطبة يعني: كالفاعلة المخاطبة المؤنثة فلها ثلاثة أوجه كذلك لأنها إما واحدة أو اثنتان أو جمع، ضَرَبْتِي ضَرَبْتُمَا ضَرَبْتُنْ في الماضي معلومًا ومجهولاً هذا في الماضي، ونحو تَضْرِبِينَ وتَضْرِبَانِ وتَضْرِبَنْ في المضارع كذلك معلومًا ومجهولاً ونحو اضْرِبِي اضْرِبَا اضْرِبْنَ في الأمر معلومًا وباللام مع بقاء الحرف يعني: حرف المضارعة مجهولاً لِتُضْرَبِي لِتُضْرَبَا – لأنه لا يأتي مباشرةً – لِتُضْرَبْنَ، ونحو لا تَضْرِبِي لا تَضْرِبَا لا تَضْرِبْنَ في النهي معلومًا ومجهولاً.

إذًا هذه اثنا عشَر وجهًا من ضرب ثلاثةٍ في أربع: الغائب، الغائبة، المخاطب، المخاطبة، كل واحدٍ منها له ثلاثة، إما مفرد، أو مثنًّا أو جمع على التفصيل السابق ثلاثة في أربعة باثني عشر.

(وَمُتَكَلِّمٌ لَهُ اثْنَانِ)، (وَمُتَكَلِّمٌ) يعني فاعلٌ (مُتَكَلِّمٌ لَهُ) أي للمتكلم (اثْنَانِ) المتكلم هذا مبتدأ، وله وهذا خبر مقدم (اثْنَانِ) مبتدأ مؤخر، والجملة خبر المبتدأ الأول، (لَهُ اثْنَانِ) من الأوجه لماذا؟

لأنه إما وحده أو معه غيره، (هُمَا فِي غَيْرِ أَمْرٍ ثُمَّ نَهْيً عُلِمَا)، (هُمَا) أي الوجهان الثابتان للمتكلم كائنان (فِي غَيْرِ أَمْرٍ) و (نَهْيً عُلِمَا) أي الأمر والنهي، وغير الأمر والنهي المعلومين هذا صادقٌ بماذا؟ الماضي مطلقًا، والمضارع مطلقًا، والأمر والنهي المجهولين لأنه استثنى ماذا؟ قال:(فِي غَيْرِ أَمْرٍ)، (عُلِمَا) يعني: الأمر للمجهول داخلٌ في الحد، (ثُمَّ نَهْيً عُلِمَا) إذًا النهي للمجهول داخلٌ في الحد، الذي لا يأتي منه هو الأمر المعلوم والنهي المعلوم، وأما المجهول في النوعين فهو آتٍ منهم. وغير الأمر والنهي المعلومين صادقٌ بالماضي معلومًا ومجهولاً وبالمضارع كذلك وبالأمر والنهي مجهول، ضَرَبْتُ ضَرَبْنَا وهذا واضح، نَضْرِبُ هذا يحتمل أنه معظمٌ لنفسه يعني: وحده ويحتمل أن معه غيره، نَضْرِبُ يعني: أنا ومعي غيري، لأُضْرَب لنُضْرَب، أُضْرَب هذا مبنيٌ للمجهول يأتي منه الأمر اضْرَبْ لنُضْرَبْ جاء منه المبني للمجهول، لا أَضْرَب نَهْي لا نُضْرَب، إذًا الذي لا يأتي منه الأمر المعلوم والنهي المعلوم، وأما الأمر للمجهول يأتي منه ولذلك لأُضْرَب لنُضْرَب هذه اللام لام الأمر، ولا أضرب هذا لا الناهية ولا نُضْرَب لا الناهية يأتي منه والماضي والمضارع هذا واضحٌ فيه.

وَمُتَكَلِّمٌ لَهُ اثْنَانِ هُمَا

فِي غَيْرِ أَمْرٍ ثُمَّ نَهْيً عُلِمَا

ونقف على هذا، والله أعلم.

ص: 17

وصلَّ الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أسئلة:

-الاسم الفاعل لغَضِبَ غَضْبَانَ أو غَاضِب؟

: غَضِبَ الأصل فيه أنه يأتي على زنة فَعِلَ غَضِبَ زيدٌ فَعِلَ لازم، وفَعِلَ اللازم يأتي على ثلاثة أوزان: فَعِلْ والأفْعَل والْفَعْلان هذا الأصل، وغَضِبَ فهو غَضْبَانَ يعني استوى فيه أو يأتي على غَضْبَان ويدل على الامتلاء، وأما غَاضِبٌ فهذا على مذهب بعض الصرفيين أن كل ما كان على وزن فَعَلَ مضمومًا أو مفتوحًا أو مكسورًا يجوز أن يأتي على وزن فاعل.

وَ (فَاعِلٌ) صَالِحٌ للكُلٍّ (1)

كما قال ابن مالك في اللامية، والله أعلم.

(1) من البيت: 57 من لامية العرب، وفي بعض النسخ (في كل) وفي بعضها (مِنْ كُلٍّ).

ص: 18