المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌عناصر الدرس * أوجه تصرف اسمي الفاعل والمفعول. * مدخولات نوني التوكيد. * - الشرح المختصر على نظم المقصود - جـ ٧

[أحمد بن عمر الحازمي]

فهرس الكتاب

الفصل: ‌ ‌عناصر الدرس * أوجه تصرف اسمي الفاعل والمفعول. * مدخولات نوني التوكيد. *

‌عناصر الدرس

* أوجه تصرف اسمي الفاعل والمفعول.

* مدخولات نوني التوكيد.

* فصل في فوائد.

* معنى (فاعل) و (تفاعل).

* الابدال في تاء وفاء الافتعال.

* حروف الزيادة وشروط الحكم بزيادتها.

* حكم الرباعي والخماسي والسداسي من حيث التعدي واللزوم.

* معاني همزة الإفعال.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فلا زال الحديث في (فَصْلٌ فِي تَصْرِيْفِ الصَّحِيْحِ) مَرّ أن الماضي والمضارع وكذلك الأمر والنهي كل واحد من هذه الأربعة يتصرف إلى أربعة عشر وجهًا، وَمَّر ذكرها.

ثم أخذ في تصريف اسم الفاعل وبَيَّنَ أنه يتصرف إلى كذا وكذا .. إلى آخر ما يذكره.

لِعَشْرَةٍ يُصَرَّفُ اسْمُ الفَاعِلِ

فَعَلَةٍ وَفَاعِلَينِ فَاعِلِ

وَفَاعِلِينَ فُعَّلٍ فُعَّالِ

وَفِيْهِمَا اضْمُمْ فَا وَشُدَّ التَّالِي

فَاعِلَةٍ فَاعِلَتَينِ فَاعِلَا

تِ وَفَوَاعِلَ كَمَا قَدْ نُقِلَا

ثُمَّ اسْمُ مَفْعُوْلٍ لِسَبْعٍ يَاتِي

مَفْعُولَةٍ وَثَنِّ مَفْعُوْلَاتِ

كَذَاكَ مَفْعُوْلٌ مُثَنَّاهُ وَمَفْـ

ـعُوْلُوْنَ ثُمَّ جَمْعُ تَكْسِيرٍ يُضَفْ

ص: 1

(لِعَشْرَةٍ) يعني: من الأوجه، (لِعَشْرَةٍ) من الأوجه ودليله الاستقراء والتتبع، (يُصَرَّفُ اسْمُ الفَاعِلِ)، (يُصَرَّفُ) هذا مُغير الصيغة و (اسْمُ الفَاعِلِ) نائب فاعل، (اسْمُ الفَاعِلِ) نائب فاعل هنا في هذا الموضع

(لِعَشْرَةٍ) متعلق بقوله: (يُصَرَّفُ)، يعني: يأتي تصريفه وتحويله وتغييره بحسب المعنى المراد من الاسم، يعني: اسم الفاعل على جهة الخصوص

(فَعَلَةٍ) هذا جمع تكثير، يعني: فاعل يجمع جمع تكثير على (فَعَلَةٍ) وهذا على ما ذكرنا أن الاسم تحويل الأصل الواحد إلى أمثلة مختلفة لمعانٍ مقصودة لا تحصل إلا بها. قلنا: الأصل الواحد يدخل فيه الاسم لأن زيد مثلاً يُصَرَّف تغير من مفرد إلى مثنى إلى جمع حينئذٍ هنا (فَعَلَةٍ) هذا تصرف فاعل إلى (فَعَلَةٍ) يعني: جُمِعَ جَمْع تكثير على هذا الوزن، نَاصِر اسم فاعل من نَصَرَ عرفنا أن فَعَلَ المتعدِّي يأتي الفاعل منه على وزن فَاعِل - كما مر معنا - حينئذٍ نَاصِر اسم الفاعل إذا أردت جمعه جمع تكثير فحينئذٍ تأتي به من الأوزان على وزن (فَعَلَةٍ) كـ نَصَرَةٍ وَكَاتِب كَتَبَة .. ونحو ذلك،

(وَفَاعِلَيْنِ) إذا أردت تثنيته مثنًّا مذكر فحينئذٍ تأتي به على وزن فَاعِلَيْنِ كما هو معلوم في باب المثنى تقول: نَاصِرَيْنِ أو نَاصِرَانِ، (فَاعِلِ) للمفرد المذكر تقول: نَاصِر، (وَفَاعِلَينِ) جمع مذكر سالم نَاصِرِينَ نَاصِر، إذًا يُجْمَع نَاصِر جمع مذكر سالم ويلحق به الواو والنون في حالة الرفع، والياء والنون في حالتي النصب والخفض، (فُعَّلٍ فُعَّالِ) هذا من جمع التكثير كذلك كما أنه يجمع فَعَلَةٍ كذلك يجمع على (فُعَّالِ)، (فُعَّالِ) بضم الفاء وتشديد العين، (فُعَّالِ) فيقال: نُصَّار. اسم فاعل نَاصِر يجمع على نُصَّار، (فُعَّالِ)[نعم، الأول](فُعَّلٍ) نُصَّرٍ نَاصِر يُجْمَع على فُعَّلٍ بضم الفاء وتشديد العين يقال: نُصَّر. و (فُعَّالِ) نُصَّار، إذًا جمع على نَصَرَةٍ وَنُصَّرٍ وَنُصَّارِ، وهذا تعدد الجمع محفوظ في لسان العرب. إذًا (فُعَّالِ) جمع مذكر مكثر، و (فُعَّلٍ) كذلك جمع مذكر مكثر، وكذلك (فَعَلَةٍ)، وأما (وَفَاعِلِينِ) هذا جمع مذكر سالم يعني: صح فيه واحده. (وَفِيْهِمَا اضْمُمْ فَا وَشُدَّ التَّالِي)، (وَفِيْهِمَا) هذا ضمير يعود على (فُعَّلٍ فُعَّالِ) يعني: في هذين الوزنين الأخيرين (وَفِيْهِمَا اضْمُمْ فَا) بقصر (وَشُدَّ) يعني: شد الحرف. (التَّالِي) اسم فاعل تلا إذا تبع يعني: الذي يتبع الفاء. وما هو الذي يتبع الفاء؟ العين، إذًا ضم الفاء (اضْمُمْ فَا وَشُدَّ التَّالِي) يعني: الذي يتلو الفاء وهو العين (فِيْهِمَا) هذا متعلق بقوله: (اضْمُمْ)، (وَفِيْهِمَا) يعني: في الوزنين المتأخرين (فُعَّلٍ) و (فُعَّالِ)، هنا

ص: 2

(فُعَّلٍ) و (فُعَّالِ) بإسقاط الواو (فَاعِلَةٍ) إذا أردت المفردة المؤنثة فتأتي بفاعل على (فَاعِلَةٍ) يعني: تلحقه تاء التأنيث المربوطة، تقول: نَاصِر نَاصِرَةٌ، كَاتِب كَاتِبَةٌ، ضَارِب ضَارِبَةٌ .. وهكذا، (فَاعِلَتَيْنِ) لمثنى المؤنث، كَاتِبَتَيْنِ نَاصِرَتَيْنِ .. ونحو ذلك (فَاعِلَاتِ) جمع مؤنث سالم يعني: وما بتاء وألف قد جمعا. نأتي بألف وتاء نَاصِرَة يجمع على نَاصِرَات، نَاصِرَة، كَاتِبَة يجمع على كَاتِبَات، (وَفَوَاعِلَ) جمع مؤنث مكثر (فَعَلَةٍ)، و (فُعَّلٍ فُعَّالِ) جمع مذكر مكثر، وأما (فَوَاعِلَ) وهو جمع مؤنث مكثر، مثل هُنُود هِنْد يُجْمَع على هِنْدَات ويجمع على هُنُود، إذًا كثر، كما أن زيد يجمع بواو ونون زَيْدُون ويجمع بجمع تكثير فيقال: زِيُود. يجوز في اللفظ الواحد أن يتعدد فيه الجمع سواء كان صحيحًا أو مكثرًا، إذًا (فَوَاعِلَ) هذا جمع تكثير لأي شيء؟ للمؤنث، نَاصِرَةٌ يُجمع جمع تكثير على نَوَاصِر، وكَاتِبَة على كَوَاتِب .. ونحو ذلك، (كَمَا قَدْ نُقِلَا) يعني: كالتصريف الذي (قَدْ نُقِلَا) عن العرب، الألف هذه للإطلاق بمعنى أن هذه الأوزان سماعية ليست اجتهادية كل الصَّرْف من أوله لآخره سماعي، حينئذٍ قلنا فيما سبق أن الصرف محمول على أو أكثره يكون على جهة السماع أكثر من النحو،

(كَمَا) يعني: كالذي أو التصريف الذي (قَدْ) للتحقيق (نُقِلَا) هذا مبني للمعلوم، والفاعل ضمير ما يعني: نقل عن العرب والألف إطلاقية.

إذًا هذه عشرة أوجه يأتي عليها اسم الفاعل ودليله الاستقراء والتتبع.

ثُمَّ اسْمُ مَفْعُوْلٍ لِسَبْعٍ يَاتِي

مَفْعُولَةٍ وَثَنِّ مَفْعُوْلَاتِ

مفعول كيف يثنى وكيف يجمع؟

ص: 3

قال: (ثُمَّ). يعني: بعد اسم الفاعل، و (ثُمَّ) هنا للترتيب الذكري (ثُمَّ اسْمُ مَفْعُوْلٍ) هذا مبتدأ، (يَاتِي)(لِسَبْعٍ)، (يَاتِي) جملة خبر المبتدأ، (اسْمُ مَفْعُوْلٍ) هذا مبتدأ (يَاتِي) اسم المفعول (لِسَبْعٍ)، إذًا

(يَاتِي) هذا فعل مضارع وفاعله ضمير مستتر جوازًا يعود على اسم مفعول، والجملة خبر المبتدأ، (اسْمُ مَفْعُوْلٍ)(يَاتِي)(لِسَبْعٍ)، (لِسَبْعٍ) من الأوجه لسبعةِ أوجه يجوز، يكون التنوين هنا تنوين عوض عن المضاف إليه عن كلمة يعني: يجوز هذا. (لِسَبْعٍ) التنوين الذي يدخل الأعداد يجوز أن يكون مثل كل، وبعض يعني: نائب عن المضاف إليه. سبعٍ يعني: (لِسَبْعٍ). لسبعة أوجه حينئذٍ حذف التاء أصل أوجه وجه يؤنث العدد مع المعدود إذا كان مذكرًا (لِسَبْعٍ) أصله سبعة، حذف التاء هنا وأسقط التاء لماذا؟ لكون لمعدود محذوفًا، هذا جائز. (مَفْعُولَةٍ) هذا للمفردة المؤنثة (اسْمُ مَفْعُوْلٍ) للمذكر ما هو؟ وسيذكره مَنْصُور مثلاً مَقْتُول على وزن مَفْعُول، (مَفْعُولَةٍ) للمفردة المؤنثة، مَنْصُورة هذا للمفردة المؤنثة اسم مفعول للمفردة المؤنثة على وزن مفعولة يعني: هو اسم مفعول للمذكر تتصل به التاء التي هي تاء الفرق بين المذكر والمؤنثة، (وَثَنِّ) يعني: ثن ماذا؟ مفعولة تقول: مَفْعُوَلَتَانِ، مَفْعُوَلَتَانِ مَنْصُورَتَانِ، (وَثَنِّ مَفْعُولَاتِ) يعني: و (مَفْعُولَاتِ) هذا معطوف على سابقه على حذف حرف العطف فهو جائز (مَفْعُولَاتِ) يعني: كاتبي ألف وتاء. يعني: يُجمع مَفْعُولَة على (مَفْعُولَاتِ)، وليس هنا يجمع مفعول على مفعولات، لا، لأن الذي يُجْمَع على مفعولات هو الأصل المؤنث هذا الأصل فيه، وإن كان قد يُجمع غير ذلك، (مَفْعُولَاتِ) مَنْصُورَات جمع بألف وتاء.

(كَذَاكَ مَفْعُوْلٌ) هذا للمفرد المذكر مَنْصُور وَمَقْتُول، (كَذَاكَ) أي: مثل ذاك المذكور من اسم المفعول وما عُطِفَ عليه (مَفْعُولَةٍ وَثَنِّ مَفْعُولَاتِ)، (مَفْعُوْلٌ) للمفرد المذكر كمَنْصُور (مُثَنَّاهُ) مَفْعُولان مَنْصُورَان،

(وَمَفْعُوْلُوْنَ) هذا جمع مذكر السالم مَنْصُورُون يُجمع بواو ونون، (ثُمَّ جَمْعُ تَكْسِيرٍ يُضَفْ)، (ثُمَّ جَمْعُ تَكْسِيرٍ)، (جَمْعُ) مبتدأ، و (يُضَفْ) يضاف لَمَّا سَكَّن يُضَافْ التقى ساكنان الألف والفاء، فحذفت الألف يُضَفْ يُضَافْ لِمَ حذفت الألف؟ للتخلص من التقاء الساكنين، أين الساكنان؟ سكون الوقف وسكون الألف، سكون الوقف هذا عارض،

(جَمْعُ تَكْسِيرٍ) مَفَاعِيل مَنَاصِير يعني: يأتي على وزن مَفَاعِيل.

إذًا هذه سبعة أوجه لاسم المفعول، وكلها معلومة من باب النحو، لأن ثَمَّ قَدْرًا مشتركًا بين النحاة والصرفيين، كلما يتعلق بجمع التكسير وجمع المذكر السالم وجمع المؤنث السالم، غير الإعراب الذي هو الرفع والنصب والخفض أو الجزم في الفعل، كلما يتعلق بغير الحرف الأخير من حيث الإعراب والبناء فهو دخيل من علم الصرف، بمعنى أنه إن جاءوا به في فن النحو من أجل أن يمهدوا للعلم بالحكم المتعلق بالحرف الأخير.

ثم قال:

وَنُوَنَ تَوْكِيدٍ بِالامْرِ وَالنَّهِىِ صِلْ

وَذَاتَ خِفٍّ مَعْ سُكُوْنٍ لا تَصِلْ

ص: 4

(صِلْ)(نُوَنَ تَوْكِيدٍ بِالامْرِ) بالأمر هذا الأصل (بِالامْرِ) خُفِّفَتْ الهمزة فنقلت الحركة على ما قبلها، (وَنُوَنَ تَوْكِيدٍ) توكيد مصدر، والمراد به التقوية، يعني: تقوية الطلب، (وَنُوَنَ تَوْكِيدٍ) بإضافة الدال للمدلول يعني: نون تدل على التوكيد. التوكيد ليس خاصًا بالنون إنما يكون بغير النون، لكن قد يكون بالنون وقد يكون بغير النون، والمراد هنا نون التوكيد على جهة الخصوص (وَنُوَنَ تَوْكِيدٍ بِالامْرِ) مطلقًا سواء كان لغائب أو حاضرٍ كذلك النهي مطلقًا سواء كان لغائب أو حاضر، وكل منهما سواء كان معلومًا أو مجهولاً (صِلْ) نون توكيد يعني: نون التوكيد تتصل بالأمر سواء كان الأمر للغائب أو كان الأمر للمخاطب، لِيَنْصُرَنَّ، يَنْصُرَنَّ، يَنْصُر هذا فعل مضارع، حينئذٍ أدخل عليه اللام لِيَنْصُر، لِيَنْصُرَنَّ، أُكِّدَ هنا الفعل ودخلت عليه اللام والمراد به الغائب، لَتَنْصُرَنَّ مراد به الخطاب، لا يَنْصُرَنَّ هذا نهي وللغائب، لا يُنْصَرَنَّ هذا نهي ومبني للمجهول.

إذًا الأمر سواء كان للخطاب أو للغيبة سواء كان مبنيًّا للمعلوم أو مبنيًّا للمجهول تدخل عليه نون التوكيد، كذلك النهي سواء كان للغائب أو للخطاب سواء كان معلومًا أو مجهولاً تدخل عليه نون التوكيد.

ثم قال: (وَذَاتَ خِفٍّ مَعْ سُكُوْنٍ لا تَصِلْ). هذا كالاستثناء مما سبق، لأن نون التوكيد نوعان: ثقيلة، وخفيفة.

ثقيلة يعني: مشددة عبارة عن نونين، التي هي {لَيُنبَذَنَّ} [الهمزة: 4] هذه مشددة يعني: عبارة عن نونين، وأما الخفيفة مثل ماذا؟ {وَلَيَكُوناً} [يوسف: 32] نقول: هذه نون التوكيد الخفيفة. إذًا نون التوكيد نوعان:

مشددة، وهي الثقيلة، وتدخل على جميع الأمر والنهي من المعلوم والمجهول، يعني: بدون استثناء، التوكيد بنون التوكيد الثقيلة لا استثناء فيها.

ونون مخففة يعني: واحدة ساكنة. وهذه فيها تفصيل، يمتنع وصلها بأمر ونهي لاثنين يعني: إذا كان الأمر والنهي للاثنين مثنى يمتنع وصلها بها، لماذا؟ لأن الاثنين آخره ألف، والألف ساكنة والنون ساكنة فحينئذٍ لو حذفت الألف للتخلص من التقاء الساكنين لالتبس بالمفرد، إذًا لا بد من إبقاء الألف.

إذًا لا يمكن حذف الألف، ما الذي يمكن؟ أن يقال بأن هذا النوع لا يؤكد بنون التوكيد الخفيفة، وإنما يؤكد بنون التوكيد الثقيلة.

إذًا نون مخففة يمتنع وصلها بأمر ونهي لاثنين انْصُرَا لا تَنْصُرَا، انْصُرَا هذا فعل أمر والخطاب لاثنين حينئذٍ انْصُرَا هذا لا يمكن أن يؤكد بنون التوكيد الخفيفة، انْصُرَان التقى ساكنان الألف والنون، لو قيل: انْصُرَن حذفت الألف صار خطابًا لواحد التبس وهذا لا يمكن عند العرب، فحينئذٍ كذلك لا تَنْصُرَا بالألف لتَنْصُرَن لو حذفت الألف التبس بالمفرد.

ص: 5

وبأمر ونهي جمع المؤنث، جمع المؤنث كذلك لا يؤكد بنون التوكيد الخفيفة، لماذا؟ لكون النون نون النسوة هنا فاعل، وإذا كان كذلك ففيه تفصيل عند النحاة، وبأمر ونهي جمع المؤنث لأنه لو وصلت شيء بما ذكر لزم اجتماع الساكنين على غير حده ولا يجوز حذف أحدهما، فحينئذٍ فالذي تدخله نون التوكيد الخفيفة من الأمر والنهي المعلومين والمجهولين غير التثنية والجمع، إذًا التثنية والجمع يُستثنى فلا يؤكد بنون التوكيد الخفيفة، ولذلك قال:(وَذَاتَ خِفٍّ مَعْ سُكُوْنٍ لا تَصِلْ). (مَعْ سُكُوْنٍ لا تَصِلْ) يعني: إذا كان آخر الفعل الأمر أو النهي سكون لا تصله بنون التوكيد الخفيفة لأنها ساكنة فيلتقي ساكنان ويمتنع حذف الألف، (وَذَاتَ خِفٍّ) يعني: صاحبة خف. يعني: خفة وهي: النون الساكنة، (مَعْ سُكُوْنٍ) يعني: سكون الآخر. الأمر والنهي (لا تَصِلْ)، (لا تَصِلْ)(ذَاتَ خِفٍّ)، (ذَاتَ) مفعول به مقدم لتصل، وتصل هذا فعل مضارع مجزوم بلا، ولا هذه ناهية لأنه يلزم منه التقاء الساكنين.

إذًا (وَذَاتَ خِفٍّ مَعْ سُكُوْنٍ لا تَصِلْ)، فحينئذٍ يمتنع وصل ما كان مختومًا بسكون وهذا محصور في اثنين: ما كان مختوم بألف الاثنين، أو نون النسوة، حينئذٍ يبقى على توكيده بنون التوكيد الثقيلة ولا يؤكد بنون التوكيد الخفيفة.

(فَصْلٌ فِي فَوَائِدَ)

أي: هذا الفصل. (فَصْلٌ فِي فَوَائِدَ) أي: هذا فصل في بيان فوائد يحتاجها الصرفي فوائد فَوَاعِل جمع فَائِدَة مأخوذة من الفيد، وهو ما استفيد من علم أو مال أو جاه، وهذه الفوائد متنوعة منها ما يتعلق بالتعدِّي، ومنها ما يتعلق بالإبدال، ومنها ما يتعلق بمعاني الأفعال الماضية أَفْعَلَ وَاسْتَفْعَلَ والسين ونحوها كما سيأتي.

بالهَمْزِ وَالتَّضْعِيْفِ عَدِّ مَا لَزِمْ

وَحَرْفِ جَرٍّ إِنْ ثُلَاثِيًّا وُسِمْ

وَغَيْرُه عَدِّ بِمَا تَأَخَّرَا

وَإِنْ حَذَفْتَهَا فَلَازِمًا يُرَى

هذا في تعدِّية الفعل اللازم، لا شك أن الفعل نوعان:

فعل متعدِّي، وفعل لازم.

المتعدِّي هو الذي يتعدَّى بنفسه فينصب المفعول به، ثم قد يتعدَّى إلى مفعول واحد ضَرَبْتُ زَيْدًا، وقد يتعدَّى إلى مفعولين الثاني منهما ليس خبر في الأصل، الأول وهو باب كسا وأعطى، كَسَوْتُ زَيْدًا جُبَّةً تعدَّى إلى مفعولين أو يتعدَّى إلى مفعولين الثاني منهما خبر في الأصل ظَنَنْتُ زَيْدًا قَائِمًا، أو يتعدَّى إلى ثلاثة لكن بواسطة كما سيأتي.

إذًا المتعدِّي ما يتعدَّى أثره فاعله ويجاوزه إلى المفعول به لكن يكون متعدِّيًا بنفسه، إذا أطلق الفعل المتعدِّي انصرف إلى هذا النوع.

ص: 6

اللازم، القاصر الذي يرفع الفاعل ولا ينصب مفعولاً به بنفسه، وانتبه لهذا القيد فقد يُخْطِئُ فيه البعض وهو أن الفعل اللازم إنما يُضْبَط بعدم نصبه للمفعول به فقط، لا لكون لا ينصب، لأن الفعل اللازم قد ينصب حالاً، قد ينصب مفعولاً لأجله، قد ينصب مفعولاً معه، قد ينصب تمييزًا، لكن لا ينصب مفعولاً به، والذي ينفى عنه من جهة النصب والعمل هو المفعول به، ولذلك تقول: جَاءَ زَيْدٌ رَاكِبًا. جَاءَ زَيْدٌ هذا فعل قاصر لا يتعدّى ورَاكِبًا منصوب على أنه حال، والعامل فيه هو العامل في صاحب الحال، إذًا هو جاء، فجاء نصب الحال هنا، نصب الحال.

إذًا الفعل القاصر هو الذي لا يتعدَّى أثره فاعله، وإنما يقتصر عليه، ولا ينصب مفعولاً به، وقد ينصب غير المفعول به كالحال .. وكما ذكرنا.

الفعل اللازم قد يعدَّى بواسطة بمعنى أنه يُصَيرَّ متعديًّا لكن بواسطة لا بذاته، فحينئذٍ يكون متعديًّا بغيره.

قال هنا الناظم مبينًا أوجه تعدِّي الفعل اللازم متى نحكم على أن الفعل اللازم نصب مفعولاً به والأصل فيه المنع؟

قال: (بالهَمْزِ وَالتَّضْعِيْفِ)، (وَحَرْفِ جَرٍّ). إذًا هذه ثلاثة وسائل لتعدية الفعل اللازم، فحينئذٍ ينصب الفعل اللازم مفعولاً به، إما ظاهرًا كما هو الشأن في همزة النقل والتضعيف، وإما محلاً كما هو الشأن في حرف الجر، يعني: إذا عُدِّي بحرف الجر لا يكون منصوبًا به في اللفظ، وإنما يكون في المعنى مفعولاً به، لأن المفعول به هو من وقع عليه فعل الفاعل، وإذا وقع عليه فعل الفاعل صح أن يسمى مفعولاً، قد يكون مفعولاً من حيث الاصطلاح فيُنْصَب في اللفظ وقد يكون مفعولاً من حيث المعنى، فحينئذٍ لا يقال في الإعراب إنه مفعول به ولذلك تقول: مَرَرْتُ بِزَيْدٍ. زَيْدٍ هذا في المعنى مفعول به لأن المرور وقع به وعليه، فحينئذٍ نقول: بزيد جار ومجرور متعلق بِمَرَّ ولا نعربه أنه مفعول به مع كونه في المعنى مفعولاً به.

الحاصل: (بالهَمْزِ وَالتَّضْعِيْفِ عَدِّ مَا لَزِمْ) عدّ أنت أيها الصرفي (مَا) يعني: فعلاً (لَزِمْ)، (لَزِمْ) فاعله ولم يتجاوزه بل اقتصر عليه يعني: لم يتجاوزه إلى نصب المفعول به، بل اقتصر على رفع الفاعل. (عَدِّ) بماذا؟ قال:(بالهَمْزِ). والمراد هنا همز التعدية، المشهور بأنه همز التعدية، أو همز النقل لأنه نقل الفعل من كونه لازمًا إلى كونه متعدِّيًا، حصل نقل، وهذا نوع من أنواع التَّصريف لأنه حصل تغيير وتحويل للفعل من كونه لازمًا إلى كونه متعدِّيًا، وهذا النقل إنما كان بالهمز فنسب إليها، وبعضهم يسميها همزة التعدية وهو أشهر.

ص: 7

همز النقل، بالهمز يعني: بالتعدية أو النقل، لنقله الفعل من حال لزوم إلى حال التعدِّي، فيدخل الهمز همز التعدية على الفعل الثلاثي اللازم فيعدِّيه إلى نصب مفعول واحد، جَلَسَ زَيْدٌ، جَلَسَ فعل ماضي وهو قاصر لا يتعدَّى إلى مفعول به، زَيْدٌ فاعله، أَجْلَسْتُ زَيْدًا تعدَّى أو لا؟ أَجْلَس، جَلَسَ أَجْلَس ما الفرق بينهما؟ دخلت همزة التعدية على جَلَسَ فحينئذٍ جُعِلَ الفاعل الذي رُفِعَ بِجَلَسَ صار ماذا؟ صار مفعولاً به أَجْلَسْتُ زَيْدًا، إذًا أَجْلَسَ نقول: الهمزة هذه همزة تعدية لأنها عدَّت الفعل اللازم القاصر جَلَسَ من كونه لا يرفع إلا فاعلاً ولا ينصب المفعول، حينئذٍ صيرت هذه الهمزة الفعل متعديًا فجعلت الفاعل المرفوع على الفاعلية مفعولاً به للفعل.

إذًا تدخل على الفعل الثلاثي اللازم فيتعدَّى به إلى مفعول كان فاعلاً قبل دخول الهمز - كما ذكرنا - حينئذٍ يصير الفعل متعدِّيًا، فأجلس نقول: هذا متعدِّي، مُتعدِّي بماذا بنفسه أو بغيره؟ بغيره وهو الهمز، حينئذٍ تعدَّى بالهمزة، جَلَسَ زَيْدٌ أَجْلَسْتُ زَيْدًا، خَرَجَ عَمْرٌو أَخْرَجْتُ عَمْرًا .. وهكذا.

وتُصَيِّرُ المتعدِّي لواحد متعدِّيًا لاثنين بعد أن كان متعدِّيًا لواحدٍ، لَبِسَ زَيْدٌ جُبَّةً، لَبِسَ هذا فعل ماضي وهو متعدِّي لكم؟ لَبِسَ زَيْدٌ جُبَّةً متعدِّي لواحد، وهو جُبّة وزيدٌ فاعل، هنا لَبِسَ زَيْدٌ جُبَّةً، أَلْبَسْتُ زَيْدًا، زَيدًا كان فاعلاً فصار بعد همزة النقل صار ماذا؟ مفعولاً به أول، ولذلك يقال في لَبِسَ هنا تعدَّى إلى مفعولين ليس الثاني منهما خبرًا في الأصل، يعني: لا يصح أن تقول: زَيْدٌ جُبَّةٌ. هل يصح أن تجعل المفعول الأول مبتدأ والمفعول الثاني خبر؟ لا يصح زَيْدٌ جُبَّةٌ، هذا لا يصح، لا يكون زيدًا جُبَّة، إذًا أَلَبَسْتُ زَيْدًا جُبَّةً تعدَّى من نصبه لواحد إلى اثنين بواسطة همزة التعدية أو النقل.

والمتعدِّي لاثنين يصير متعدِّيًا لثلاث بعد أن كان متعدِّيًا لاثنين كباب عَلِمَ وَرَأى ونحو ذلك، عَلِمَ زَيْدٌ بَكْرًا عَالِمًا، عَلِمَ ماضي، زَيْدٌ فاعل، بَكْرًا مفعول أول، عَالِمًا مفعول ثاني، أَعْلَمْتُ زَيْدًا نصب على أنه مفعول أول، بَكْرًا عَالِمًا.

إذًا (عَدِّ مَا لَزِمْ)(بالهَمْزِ) المراد به همز النقل، وقيدوا الهمز هنا بكونه لغير المطاوَعة كما قال الشارح لأن همزة المطاوَعة تُصَيِّر المتعدي لازمًا، يعني: بعض أنواع الهمزة تعكس يكون متعديًا فتدخل عليه الهمزة فحينئذٍ يكون ماذا؟ يصير لازمًا مثل ماذا؟ قَشَعَ اللهُ الْغَيْمَ. قَشَعَ متعدِّي لواحد، فَأَقْشَعَ الْغَيْمُ هذه الهمزة للمطاوَعة حينئذٍ صَيَّرَت الفعل بعد أن كان متعدِّيًا لازمًا، لكنها قليلة هذه.

إذًا (بالهَمْزِ) أي: همز النقل لغير المطاوَعة، فإن كانت للمطاوعة فعملها العكس تجعل المتعدِّي لازمًا، ونحن نريد ماذا؟ أن نُصَيِّر اللازم متعدِّيًا. إذًا أَقْشَعَ هذه الهمزة زائدة على المتعدِّي قَشَعَ وهي للصيرورة فصار المتعدِّي لازمًا بالهمزة إذ لم يثبت مجيء أَفْعَلَ مطاوِعًا في اللغة، أَفْعَلَ أَقْشَعَ لا وجود له.

ص: 8

إذًا قوله: (بالهَمْزِ)(عَدِّ مَا لَزِمْ)، (بالهَمْزِ وَالتَّضْعِيْفِ) تَضْعِيف تَفْعِيل مصدر ضَعَّفَ، والمراد به هنا تضعيف العين، يعني: أن تضعف العين، تكرر العين فحينئذٍ يصير اللازم متعدِّيًا جَلَّسْتُ زَيْدًا، هنا قام التضعيف مقام الهمز، كما أنك تقول: أَجْلَسْتُ زَيْدًا. وَجَلَسَ زَيْدٌ هو الأصل كذلك تضعف اللام تقول: جَلَّسْتُ زَيْدًا. حينئذٍ تعدَّى هنا بنفسه أو بغيره؟

بغيره، ما نوع التعدِّي هنا بماذا حصل بواسطة ماذا؟ بواسطة التضعيف، والمراد بالتضعيف تكرير العين، تضعف العين فَعَّلَ، يعني: يكون على وزن فَعَلَ أو فَعِلَ أو فَعُلَ ثم تضعف العين فتجعله على وزن فَعَّلَ، خَرَجَ زَيْدٌ خَرَّجْتُ زَيْدًا، واضح هذا؟

إذًا بالتضعيف (وَحَرْفِ جَرٍّ) يعني: وعد ما لزم بحرف جر. هذا معطوف على (بالهَمْزِ) دائمًا العطف يكون على الأول، (حَرْفِ جَرٍّ) حرف الجر يًصَيِّر اللازم متعدِّيًا لكن لا شك أنه ليس متعدِّيًا كالتعدِّي السابق، أَخْرَجْتُ زَيْدًا، خَرَّجْتُ زَيْدًا، صَيَّر المرفوع منصوبًا فهو مفعول به في اللفظ لكن التعدِّي بحرف جر لا يُصَيِّره منصوبًا في اللفظ، ولذلك التعدِّي عند النحاة على نوعين:

الأول: ما جاوز فِعْلَ فاعله إلى المفعول به وهو المقابل للازم، يعني: مشهور. مقابل للازم.

الثاني: متعدِّي ما يتعلق معناه بغيره، بواسطة حرف الجر ويسمى متعدِّيًا بغيره، ما يتعلق معناه بغيره بواسطة حرف الجر ويسمى متعديًا لغيره أو بغيره، وعليه أي: على الثاني حروف الجر كلها من أسباب التعدية، فكلها تفيد التعدية لماذا؟ لأنها ولذلك قيل: سميت حروف الْجَرّ لذلك. لأنها تَجُرّ معاني الأفعال إلى الأسماء، يعني مدخولها. خَرَجْتُ بِزَيْدٍ خَرَجَ يصلح فيه ثلاثة أحوال: أَخْرَجْتُ زَيْدًا، خَرَّجْتُ زَيْدًا، خَرَجْتُ بِزَيْدٍ. تعدَّى بالباء، ماذا صنعت الباء هنا؟ عدَّت المعنى خَرَجْتُ بِزَيْدٍ إذًا وقع خروجي على زيد، ما الذي أفاده؟ الباء، إذًا الباء للتعدية هنا، تعدية ماذا خاصة أو عامة؟ الخاصة التي تقابل اللازم، والعامة التي هي أعم، تعدية عامة، التعدية بحروف الجر تعدية عامة، والتعدية التي ضَرَبْتُ زَيْدًا، زيْدًا هذا ضَرَبَ متعدِّي فقال: تعدية خاصة. إذًا المتعدَّي له معنيان. قال هنا: (وَحَرْفِ جَرٍّ). يعني: عد ما لزم بحرف جَرٍّ حينئذٍ يكون مجرورًا في اللفظ مَرَرْتُ بِزَيْدٍ خَرَجْتُ به خَرَجْتُ بِزَيْدٍ، إذًا بِزَيْدٍ جار ومجرور متعلق بخرج هكذا تعربه، وليس عندنا مفعول في اللفظ كما هو الشأن فيما مضى.

إذًا هذه ثلاثة أنواع: بالهمز، وبالتضعيف، وبحرف الْجَرِّ كلها تعدِّي الفعل القاصر اللازم الذي لا يتعدَّى أثره إلا على فاعله، يعني الذي يقوم بالفعل ولا يصل إلى غيره، فحينئذٍ هذه الثلاث بواحد منها يتعدَّى القاصر إلى مفعول.

ص: 9

(وَحَرْفِ جَرٍّ) قال: (إِنْ ثُلَاثِيًّا وُسِمْ). هذا قيد يعني: بالهمز والتضعيف هذا خاص بالثلاثي، يعني: همزة التعدية همز النقل لا يدخل إلا الفعل الثلاثي، وأما الرباعي والخماسي والسداسي فلا، كذلك التضعيف فَعَّلَ هذا خاص بالثلاثي، وأما الرباعي والخماسي والسداسي فلا، ولذلك قال:(إِنْ ثُلَاثِيًّا وُسِمْ). (وُسِمْ) يعني: عُلِّمَ ما سبق نائبه ضمير ما الذي وهو شرط إن، إِن وسم حال كونه يعني: الفعل الذي دخل عليه الهمز والتضعيف وحرف الجر ثلاثيًّا، حال كونه ثلاثيًّا إن وسم ثلاثيًّا، (عَدِّ) ما، (مَا) قلنا: فعلاً، إن وسم هذا الفعل ثلاثيًّا يعني: صار معدودًا بالثلاثة، وهذا إنما يكون فيما سبق من كون الفعل ينقسم إلى ثلاثي وإلى مزيد، (وَغَيْرُه عَدِّ بِمَا تَأَخَّرَا)، (غَيْرُه) يعني: غير الثلاثي عَدِّ غيره غير الثلاثي (بِمَا تَأَخَّرَا)، وما الذي تأخر؟ حرف الجر. إذًا حرف الجر مشترك بين تعدية الثلاثي والرباعي والخماسي والسداسي، وأما التضعيف والهمز فهو خاص بالثلاثي، (وَغَيْرُه) يعني: غير الثلاثي الضمير يعود إلى الثلاثي (وَغَيْرُه) بالنصب مفعول (عَدِّ) عدِّ غيره يعني: غير الثلاثي. أي: صَيِّر الفعل اللازم غير الثلاثي متعدِّيًا (بِمَا) أي: بالحرف حرف الجر الذي (تَأَخَّرَا) الألف هذه للإطلاق، وفاعله يعود لـ (مَا) أي: ذكر آخر في البيت السابق انْطَلَقَ زَيْدٌ هذا ما يتعدَّى بالهمز ولا يتعدَّى بالتضعيف - ومر معنا أن انْفَعَلَ لازم - كيف نعديه؟

لا يَتَعَدَّى إلا بحرف جر انْطَلَقْتُ بِزَيْدٍ، كما تقول: خَرَجْتُ بِزَيْدٍ. إذًا كما أن الثلاثي يتعدى بحرف الجر كذلك يتعدَّى الخماسي والسداسي بحرف الجر، انْطَلَقْتُ بِزَيْدٍ.

(وَغَيْرُه عَدِّ بِمَا تَأَخَّرَا) يعني: بحرف الجر الذي تأخر ذكره في البيت السابق، (وَإِنْ حَذَفْتَهَا) أي: أسباب التعدية (حَذَفْتَهَا) الضمير يعود إلى أسباب التعدية، الهمزة والتضعيف وحرف الجر (حَذَفْتَهَا) أي: أسباب التعدية الثلاثة فيُرَى لازمًا، بمعنى أن الفرق بين اللازم والمتعدِّي في هذا الموضع إنما هو بذكر أو التنصيص على سبب التعدية، إن وجد واحد من هذه الأمور الثلاثة فهو متعدِّي، إن حذفتها كلها حينئذٍ صار خاليًا عن أسباب التعدية فرجع إلى أصله، والأصل في اللازم أن يبقى على أصله، أَصله بقاء ما كان على ما كان، حتى يوجد ناقل فينقله عن هذا الأصل، (وَإِنْ حَذَفْتَهَا) أي: أسباب التعدية الثلاثية (فَلَازِمًا) اسم فاعل لَزِمَ أي: قاصرًا على رفع الفاعل (يُرَى) يعني: يُعْلَمْ هو، وباقيًا على لزومه الأصلي الذي ثبت له قبل دخول سبب من الأسباب الثلاثة السابقة، ولازم هذا مفعول ثاني ليرى مقدم عليه، والفاء هذه داخلة على يرى، وهو جواب الشرط، إن حذفتها فيرى لازمًا، المفعول الأول هو نائب الفاعل.

ثم قال رحمه الله تعالى:

لِصَادِرٍ مِنِ امْرَأَينِ فَاعَلَا

وَقَلَّ كَالإِلَهُ زَيْدًا قَاتَلَا

وَلَهُمَا أَوْ زَائِدٍ تَفَاعَلَا

وَقَدْ أَتَى لِغَيْرِ وَاقِعٍ جَلَا

ص: 10

هذان البيتان يتعلقان بمعنى فَاعَلا وَتَفَاعَلا، مَرَّ معنا أن (فَاعَلَا) يدل على اثنين، فالحدث الذي تضمنته مادة (فَاعَلَا) هو واقع من اثنين، كل واحد منهما أحدث على الآخر ما أحدثه الآخر عليه، قلنا: ضَارَبَ. ضَارَبَ على وزن فَاعَل، ضَارَبَ زَيْدٌ عَمْرًا، ضَارَبَ يدل على ماذا؟ ما الذي تفهمه هنا من الضرب؟ ضَارَبَ دَلّ على مشاركة الاثنين الذَيْنِ بعده في أصل الحدث وهو الضرب، فزيد أوقع ضربًا على عمرو، وعمرًا مفعول به أوقع ضربًا على زيد، إذًا الفعل يدل على المشاركة بين اثنين، (لِصَادِرٍ مِنِ امْرَأَينِ فَاعَلَا) يعني: إذا أردت أن تدل على أن الحدث وقع بين اثنين كل منهما أوقع ما أوقعه الآخر عليه فأت بالفعل على وزن فَاعَلَ، قَاتَلَ، ضَارَبَ، كَاتَبَ .. ونحو ذلك، (لِصَادِرٍ) يعني: للدلالة على حدث صادر اسم فاعل صَدَرَ أي: حاصل وواقع (مِنِ امْرَأَينِ) يعني: من شخصين تثنية امرئ. (فَاعَلَا) الألف هذه للإطلاق، وفَاعَل قُصِدَ لفظه صار عَلَمًا فصار مُبْتَدَأً، وقوله:(لِصَادِرٍ) جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم، إذًا (فَاعَلَا)(لِصَادِرٍ مِنِ امْرَأَينِ)، (فَاعَلَا) هذا مبتدأ (لِصَادِرٍ مِنِ امْرَأَينِ) يعني: للدلالة على حدث صدر من اثنين من شخصين هذا الأصل فيه، وقَلَّ في لسان العرب أن يأتي (فَاعَلَا) ويراد به شخص واحد، أو يراد به أن الحدث صدر من جهة واحدة، مثاله (وَقَلَّ) قَلَّ هذا ماذا؟ ضد كَثُرَ يعني: قليل في لسان العرب، (كَالإِلَهُ زَيْدًا قَاتَلَا) قَاتَلَ اللهُ زَيْدًا، هنا حصل قَتْل، أو الأصل أصل الحدث من واحد وهو الله عز وجل، وأما زيدًا فلم يحصل منه شيء البتة، كذلك عَاقَبْتُ اللِّصَّ، عَاقَبَ على وزن فَاعَلَ، عَاقَبْتُ اللِّصَّ يعني: أنا أوقعتُ العقوبة على اللصّ. واللصّ لم يوقع شيء عليه إذًا ليست على بابها، وكذلك سَافَرْتُ سَافَرَ، سَافَرْتُ هنا وقع السفر من سَافَرَ زَيْدٌ وقع السفر من زيد، وأما الطريق الذي مُشِيَ فيه أو المدينة التي رُصِدَ إليها هذه لم تحصل منها شيء على المسافر.

إذًا (وَقَلَّ كَالإِلَهُ) الكاف هذه اسم بمعنى مثل، فحينئذٍ يكون مضافًا إلى الجملة، (قَلَّ) مثل الإله قاتلا، الإله مثل هذا فاعل (قَلَّ) يعني:(قَلَّ) فعل ماضي أين فاعله؟ الكاف، واضح؟ لو قلت مثلاً:(قَلَّ) مثل الإله. (قَلَّ) فعل ماضي ومثل فاعل هنا الكاف فاعل، فهي اسمية بمعنى مثل، إذًا الكاف اسم بمعنى مثل فاعل (قَلَّ)، والإله مبتدأ قاتل الإله زَيْدٌ قاتل، قَاتَل هو أي: الإله. زيدًا مفعول به مقدم، والجملة خبر المبتدأ الذي هو الإله، والمعنى أن فَاعَل فيما صَدَر من واحد قليل في لسان العرب، والأصل فيه أن يكون صادرًا من اثنين، كل واحد منهما أوقع الحدث على الآخر، كل فعل على وزن فَاعَل يدل على حدث صادر من فَاعِلَيْنِ عليهما حَدَثَ زَيدٌ على عمرو، وحدث عمرو على زيدٍ، وجنس الحدثين واحد.

ص: 11

(وَلَهُمَا أَوْ زَائِدٍ تَفَاعَلَا)، (تَفَاعَلَا) غير فَاعَل، فَاعَل خاص باثنين، وأما (تَفَاعَلَا) فهو يأتي للاثنين ويأتي لما هو أكثر من الاثنين، تَضَارَبَا على وزن تَفَاعَلا تَضَارَبَا زَيْدٌ وَعَمْرٌ المضاربة حصلت مِنْ مَنْ؟ من زيد وعمرو من اثنين تَضَارَبَا القوم أكثر من اثنين، إذًا تَضَارَبَا يدل على حدث صادر من اثنين وليس خاصًا بالدلالة على المشاركة بين اثنين، بل يزيد على ذلك، تَضَارَبَا الْقَوْمُ، تَخَاصَمَ الْقَوْمُ، تَشَاجَرَ النَّاسُ، تقول: هذا يدل على أكثر من اثنين، إلا أن إيقاع الحدث من كل واحد على الآخر هو كالسابق، يعني: كل منهما شارك الآخر، تَضَارَب زَيْدٌ وَعَمْرو، إذًا زَيْدٌ أوقع ضَرْبًا على عمرو، وعمرو أوقع ضربًا على زيدٍ، كما أن ضَارَبَ زَيدٌ عمرًا كل منهما أوقع شيئًا من الحدث على الآخر، ولذلك كل منهما فاعل ومفعول به في المعنى، إما أن يعرب في اللفظ كذلك، وإما أن يكون في المعنى إذًا (وَلَهُمَا) يعني: دلالة على حدث صادر (مِنِ امْرَأَينِ) هذا خبر مقدم (أَوْ زَائِدٍ) اسم فاعل زَادَ يعني: زائد على اثنين على (امْرَأَينِ) ثلاثة فأكثر (تَفَاعَلَا) الألف هذه للإطلاق، وهو مبتدأ، والمثال كما مَرّ، إذًا تفاعلا لهما (أَوْ زَائِدٍ)(أَوْ) للتنويع، (تَفَاعَلَا) الألف للإطلاق وهو مبتدأ، (وَلَهُمَا) خبر مقدم، (أَوْ زَائِدٍ) يعني: أو لزائد، تكرار اللام.

(وَقَدْ أَتَى لِغَيْرِ وَاقِعٍ جَلَا) يعني: (تَفَاعَلَا) قد يأتي لشيء ليس بواقع مثل ماذا؟ تَمَارَضْتُ وَلَيْسَ بِي مَرَضٌ، تَجَاهَلْتُ وَلَيْسَ بِي جَهْلٌ، إذًا جاء (تَفَاعَلَا) ولم يكن الحدث أصلاً واقعًا، وإنما هو مُدَّعَى فحسب، ولكنه قليل، والمعنى أن (تَفَاعَلَا) يُستعمل قليلاً في لسان العرب لإظهار ما ليس في الباطن، باب التورية مثلاً أي: لإظهاره ما ليس بمتصفٍ به في الحقيقة، وعند ذلك لا يكون للمشاركة، كما أن ضَارَبَ فَاعَل السابق يأتي لصادر من واحد، كذلك (تَفَاعَلَا) لا يأتي للدلالة على المشاركة، وعند ذلك لا يكون للمشاركة بين الاثنين ولا بين الجماعة نحو تَمَارَضْتُ أي: أظهرتُ المرضَ وَلَيْسَ بِي مَرَضٌ. تَجَاهَلْتُ أي: أظهرت الجهل وَلَيْسَ بِي جَهْلٌ. وهذا قليل كما ذكرناه.

(وَقَدْ أَتَى)، (قَدْ) للتحقيق (أَتَى) يعني (تَفَاعَلَا) الضمير يعود إلى (تَفَاعَلَا) أتى في لسان العرب وورد (لِغَيْرِ وَاقِعٍ) يعني: مُستعملاً للدلالة على حدث غير واقع في الخارج حال كونه يعني: (تَفَاعَلَا)(جَلَا) بالقصر للوزن، جَلَوْتُ الأَمْرَ أي: أظهرته.

وَابْدِلْ لِتَاءِ الافْتِعَالِ طَاءً انْ

فَاءٌ مِنَ احْرُفٍ لإِطْبَاقٍ تَبِنْ

كَمَا تَصِيْرُ دَاَلاً إِنْ زَايًا تَكُنْ

أَوْ ذَالاً اوْ دَالاً كَالاِزْدِجَارِ صُنْ

ص: 12

افتعل مَرَّ معنا افْتَعَلَ نحو: اجْتَمَعَ. هذه التاء تسمى تاء الافتعال، افْتَعَلَ اجْتَمَعَ تاء الافتعال، قد يدخل الإبدال هنا في الفاء، قد يدخل الإبدال في الفاء ويأتي معنى الإبدال والإعلال في الباب الآتي، (وَابْدِلْ)، الإبدال هو جعل مطلق حرف مكان حرف آخر، جعل مطلق حرف يعني: لا يختص الإبدال بحروف العلة، الإعلال خاص بحروف العلة الواو والياء والألف هذا الإعلال، وأما الإبدال فهو أعمّ، فكل إعلال إبدال ولا عكس، لأن الإعلال خاص بحروف العلة، وأمَّا الإبدال فهو أعمّ، ولذلك هنا من قبيل الإبدال وليس عندنا حرف علة. إذًا (وَابْدِلْ) أصله أَبْدِل، أَبْدَلَ يُبْدِلُ إذًا أَبْدِل الهمز فيه همزة قطع، وأسقطه للوزن (وَابْدِلْ) يعني: اجعل حرفًا مكان حرفٍ لكنه خصَّ هنا قال: (لِتَاءِ الافْتِعَالِ). يعني: (لِتَاءِ) اللام هنا زائدة لأن أبدل يتعدَّى بنفسه ومَرّ معنا أن الفعل الذي يتعدَّى بنفسه لا يدخل حرف زائد على مفعوله، فإذا عُدِّيَ بحرف كان شاذًا يعني: مخالف للميزان الصحيح عند النحاة، لماذا؟ لأنه يتعدَّى بنفسه، وإذا تأخر المعمول حينئذٍ قوي الفعل على النصب مباشرة، وإذا كان العامل اسمًا حينئذٍ ضَعُفَ فَقَلَّ مرتبة من الفعل فجاز إدخال اللام في معموله {فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ} قلنا: ما هذه مفعول به ودخلت اللام وهي زائدة لماذا؟ للتعدية، هذه اللام للتعدية، لِمَ دخلت في {فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ}؟ نقول: لأن {فَعَّالٌ} اسم، والأصل في الاسم أنه للفعل، والأصل في العمل أنه للفعل لا للاسم، فإذا عمل الاسم فحينئذٍ مرتبته تكون أقل من عمل الفعل هذا الأصل، ولذلك جاء في فصيح الكلام.

وأما إن تقدم المعمول على العامل مطلقًا سواء كان فعلاً أو اسمًا حينئذٍ قياسًا يجوز دخول اللام تعدية للفعل على المعمول المتقدم، أو تعدية للفعل للمعمول المتقدم، والمثال {لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} ، {إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} [يوسف: 43] تعبرون الرؤيا الأصل، تعدَّى بنفسه لَمَّا تقدم المفعول به على العامل ضَعُفَ العامل، العَامل الأصل يعمل فيما بعده هذا الأصل، فيقوى على ما بعده لأن الترتيب هكذا فعل فاعل مفعول به، إذا تقدم المفعول به حينئذٍ لا يرجع للعكس فيضْعُف فحينئذٍ يحتاج إلى واسطة باللام ونحوها.

إذًا (وَابْدِلْ) تاء هذا هو الأصل، اللام هذه زائدة للوزن ضرورة يعني، (وَابْدِلْ) تاء (الافْتِعَالِ)، هل الافتعال فعل ماضي؟ الجواب: لا، هل فعل مضارع؟ الجواب: لا، هل هو مصدر؟ الجواب: نعم، هل الحكم خاص بالمصدر؟ الجواب: لا، واضح؟

سين جيم.

إذًا الافتعال هذا مصدر، هل الحكم خاص بالمصدر دون الماضي والمضارع وسائر المشتقات؟

الجواب: لا، إذًا لا بد من التقدير (لِتَاءِ) وابدل تاء من مادة الافتعال فالحكم عام افْتَعَلَ يَفْتَعِلُ افْتِعَالاً مُفْتَعَل مُفْتَعِل حكم عام سواء كان اسم فاعل أو اسم مفعول أو كان فعلاً ماضيًا أو مضارعًا أو مصدرًا.

ص: 13

إذًا ليس الحكم خاص بالمصدر، حينئذٍ لا بد من التقدير، وابدل تاء من مادة الافتعال، فدخل فيه الماضي والمضارع، متى؟ (وَابْدِلْ لِتَاءِ الافْتِعَالِ طَاءً) هذا مفعول ثاني لابدل، إذًا ابدل التاء طاءً يعني: اقلب التاء وأنطق بها طاءً متى؟ (انْ فَاءٌ مِنَ احْرُفٍ لإِطْبَاقٍ تَبِنْ) إن وقعت الفاء فاءُ افْتَعَلَ سواء كان في الماضي أو المضارع أو الأمر أَو .. أو .. إن وقعت فاء الافتعال حرفًا من حروف الإطباق الأربعة، فحينئذٍ تقلب التاء طاءً، وحروف الإطباق المراد بها ما هي؟

الصاد والضاد والطاء والظاء.

يعني: وقعت الفاء واحدة من هذه الحروف الأربعة فاقلب التاء طاء، وأبدل تاء الافتعال طاء (طَاءً انْ) أصلها طاءً إِن هذه همزة قطع فحينئذٍ ألقيت حركة الهمزة إلى ما قبل التنوين وحذفت الهمزة من باب الضرورة، (انْ فَاءٌ) الاسم المرفوع الذي يقع بعد إن الشرطية أو إذا الشرطية لا يمكن أن يكون إلا فاعلاً أو نائب فاعل يعني: لا يكون مبتدأً لأن إن الشرطية لا تدخل على جملة اسمية وإنما يكون ما بعدها فاعل أو نائب فاعل، (طَاءً انْ) (تَبِنْ) يعني: تظهر فاءٌ هذا فاء (انْ)(تَبِنْ) المقدر الذي دل عليه (تَبِنْ) المتأخر، (انْ) (تَبِنْ) فاء حال كونها كائنة من أحرف لإطباق يعني: منسوبة لإطباق وهي أربعة، وإطباق هذا مصدر أَطْبَقَ يُطْبِقُ إِطْبَاقًا ضد بَسَطَ، (تَبِنْ) يعني: تظهر. سكنه للوقف والأصل فيه تبين، حذف الياء هنا للتخلص من التقاء الساكنين، إذًا إذا وقعت الفاء أو محل الفاء حرفٌ من حروف الإطباق الأربعة وجب قلب التاء طاء، أليس كذلك؟ (وَابْدِلْ لِتَاءِ الافْتِعَالِ طَاءً) حينئذٍ تقول ماذا؟ افْتَعَلَ، وهذا مَرَّ معنا في اصْطَلَحَ، اصْطَلَح أصله على وزن افْتَعَلَ، اصْطَلَحَ افْتَعَلَ أصله [اصْ تَعَل](1) أليس كذلك؟ [افْتَلَحَ](2) افْتَعَلَ حينئذٍ قلبت التاء طاء لماذا؟ لأن الفاء هنا اصْ وقعت صادًا وهي من حروف الإطباق.

اضْطَرَّ اضتَرَّ هذا الأصل فقلبت التاء طاءً لوقوع الفاء هنا في محلها حرف من حروف الإطباق الأربعة.

كَمَا تَصِيْرُ دَاَلاً إِنْ زَايًا تَكُنْ

أَوْ ذَالاً اوْ دَالاً كَالاِزْدِجَارِ صُنْ

(كَمَا) هنا شبه إبدال تاء الافتعال دالاً بإبدالها طاءً، يعني: تاء الافتعال كما تقلب طاء تقلب دالاً لكن متى؟ (إِنْ زَايًا)(أَوْ ذَالاً اوْ دَالاً) إن وقعت الفاء واحدة من هذه الحروف الثلاثة، حينئذٍ تُقلب التاء دالاً (كَمَا تَصِيْرُ) يعني: كصيرورة، ما هذه مصدرية، أي: كصيرورة، تصير هذا مضارع صار، واسم ضمير تاء الافتعال، يعني: كما تصير تاء الافتعال دالاً متى؟ (إِنْ زَايًا تَكُنْ) إن تكن زايًا، إن تكن يعني: الفاء الضمير يعود إلى الفاء، و (زَايًا) هذا خبر مقدم عليه، إن تكن فاء الافتعال زايًا، أو تكن فاء الافتعال (ذَالاً) أو تكن فاء الافتعال (دَالاً) فحينئذٍ وجب قلب التاء في باب افتعل دالاً، (كَالاِزْدِجَارِ) أصله ازتجر، والازدجار هذا مصدر ازتجار هذا الأصل، فقلبت التاء دالاً ازدجر، (صُنْ) أمر من الصيانة يعني بمعنى احفظ.

(1) سبق صوابه اصْ تَلَحَ.

(2)

سبق صوابه اصْتَلَحَ.

ص: 14

وحاصل البيت أن تاء الافتعال في الموضعين إن كانت حرفًا من حروف الإطباق وجب قلب التاء طاءً، وإن كانت فاء الافتعال حرفًا من الحروف الثلاثة الزاي والدال والذال، وجب قلب التاء دالاً، ثَمَّ تفاصيل عندهم في هذا الموضع، وكما (كَمَا تَصِيْرُ دَاَلاً إِنْ زَايًا تَكُنْ) هي فاء الافتعال (أَوْ) تكن (ذَالاً)(أَوْ) تكن فاء الافتعال (دَالاً كَالاِزْدِجَارِ صُنْ) مصدر ازْدَجَرَ ازْدِجَار قلبت التاء دالاً، ومثله ادَّكر وادَّمع أمثلة كثيرة يذكرها الصرفيون.

وَإِنْ تَكُنْ فَالاِفْتَعَالِ يًا سَكَنْ

أَوْ وَاوًا اوْ ثَا صَيِّرَنْ تَا وَادْغِمَنْ

وأدغمن تسهيل الهمزة، (وَإِنْ تَكُنْ فَالاِفْتَعَالِ) فاء بالقصر إن تكن فاء الافتعال ياءً بالقصر والتنوين الأصل فيه ياءً تكن ياءً، فالافتعال فا هذا اسم تكن وهو المضاف والافتعال مضاف إليه، (يًا) يعني: ياءً (سَكَنْ) جملة نعت لياء يعني: ياء ساكنة. أو تكن فاء الافتعال واوًا، أو تكن فاء الافتعال ثاءً بالقصر، (صَيِّرَنْ) هذا جواب أن في الصور الثلاثة السابقة (صَيِّرَنْ) يعني: صَيِّرَنْهَا تاءً. (وَادْغِمَنْ) التاء في التاء.

فاء الافتعال إن كانت ياءً ساكنة، أو واوًا، أو ثاءً، فإنها تبدل تاءً وتدغم في تاء الافتعال، لعسر النطق بحرف اللين الساكن مع التاء، اتَّعَدَ اتَّصَلَ اتَّسَرَ، اتَّعَدَ أصلها اوْتَعَدَ أليس كذلك؟ اتَّعَدَ أصلها اوْتَعَدَ افْتَعَلَ، وقعت الفاء واوًا ساكنة حينئذٍ قلبت الواو تاءً، وأدغمت التاء في التاء، فقيل: اتَّعَدَ. أليس كذلك؟ اتَّصَلَ أصلها اوْتَصَلَ لأنها من الوصل، اتَّسَرَ أصله ايتَسَرَ لأنه من اليسر، إذًا تقلب الفاء تاءً وتدغم التاء في التاء، (وَإِنْ تَكُنْ فَالاِفْتَعَالِ يًا) (أَوْ وَاوًا اوْ ثَا صَيِّرَنْ) يعني: صيرنها تاءً. هذا مفعول ثاني لصَيِّر والأول محذوف، (وَادْغِمَنْ) يعني: أدغم التاء الأولى التي هي منقلبة عن الفاء في التاء التي هي باب افْتَعَلَ.

ثم قال رحمه الله تعالى:

وَاحْكُمْ بِزَيْدٍ مِنْ أُوَيْسًا هَلْ تَنَمْ

فَوْقَ الثَّلَاثِ إِنْ بِذِي المَرَامُ تَمْ

ص: 15

هذه فائدة متعلقة بحروف الزيادة التي مَرَّ معنا في الكلام على الميزان،

(وَاحْكُمْ) أيها الصرفي (بِزَيْدٍ) يعني: بحرف زائد. (مِنْ) أحرف عشرة باستقراء كلام العرب، مجموعة في قولك: يا (أُوَيْسًا هَلْ تَنَمْ). هل تنام هذا الأصل، عشرة أُوَيْس هل تنام، الأصل يا أُوَيْسًا لأن أَوْيس هذا تصغير أَوْس فحينئذٍ هو عَلَم فيكون مبنيًا على الضم هذا الأصل، فلما نَوَّنَهُ جاز فيه النصب والرفع، يعني يصح أن يقال: يَا أُوَيْسًا ويا أُوَيْسٌ، بالوجهين هذا المشهور عند النحاة، يَا أُوَيْسًا هَلْ تَنَمْ، أُوَيْس مصغر أَوْس مفرد علم، والأصل فيه البناء على الضم ولكنه مما اضطر إلى تنوينه فَنَصَبَهُ الناظم وهو جائز والضم كذلك جائز، أُوَيْس (هَلْ تَنَمْ) هل تنام هذه عشرة أحرف إذا وجد في لسان العرب في كلمة ما من اسم أو فعل حرف زائد فلا يخرج عن هذه العشرة، بشرط أن لا تكون الزيادة بأصل الوضع، وإنها من أصل الكلمة أو تكون الزيادة بتكرار العين أو بتكرار اللام، هذا النوع الثالث من أنواع الزيادة التي مَرَّتْ معنا في الحديث على الميزان الصرفي، وجمعت في ((أمان وتسهيل)) كذلك، و ((سألتمونيها)((سألتمونيها)) وهو أشهر.

(وَاحْكُمْ بِزَيْدٍ) يعني: بحرف زائد. (مِنْ أُوَيْسًا هَلْ تَنَمْ) يا أويس هل تنم.

[[[$$ 1.00.31

- وهذا يقول: ما الفرق بين الأوزان التي ذكرها الناظم في قوله: (كَفَاعِلٍ جِيءْ بِاسْمِ فَاعِلٍ). وقوله: (لِعَشْرَةٍ يُصَرَّفُ اسْمُ الفَاعِلِ). ما الفرق؟

: (كَفَاعِلٍ جِيءْ بِاسْمِ فَاعِلٍ) يعني: الصيغة التي تدل على ذات متصفة بإيقاع الحدث هذا أولاً، [ثم بالنظر إلى تصريف] أولاً نستنبط اسم الفاعل نقول: من فَعَلَ يأتي على وزن ضَارِب فَاعِل. هذا أولاً، إذًا أوجدنا اسم الفاعل، ثم كيف يتصرف إذا أردنا المفرد المذكر كيف ننطق به؟ إذا أردنا المفردة المؤنثة، إذا أردنا المثنى المذكر والمثنى المؤنث أو الجمع جمع تصحيح وجمع تكسير كيف نصرفه؟

يعني: بعد أن يوجد. فالأوزان الأولى إيجاده استنباطه استخراجه تقول: على وزن فَاعِل الأفعل فعلان .. إلى آخره، وهذا باعتبار الفعل الماضي، وأما (لِعَشْرَةٍ) المراد به التصريف وهي معلومة فرق بينهما.

- هل المرجع والمصير ونحوه يعتبر شاذًا؟

: ما الجواب؟

شاذًّا أو لا؟

المرجع والمصير شاذّ أو لا؟

شاذّ.

لماذا شاذّ؟

.

لأنه من رَجَعَ يَرْجِعُ، إذًا من يَفْعِلُ، وَيَفْعِلُ المصدر الميمي مَفْعَل، وهنا جاء مَرْجِع إذًا هو شاذ، يعني: خرج عن القياس.

- ذكرتم أنه إن وافقت عين الفعل المضارع كان شاذًا أنه إن وافقت عين يعني: الماضي فعل مضارع كان شاذًّا؟

: أنا ما ذكرت أنه شاذَّ. قلت: الأصل هو المخالفة، إن جاء موافقًا لا بد من علة سؤال لِمَ خرج عن أصله، ما نقول شاذّ، ما قلتُ شاذّ. $$ 1.02.46]]]

وَاحْكُمْ بِزَيْدٍ مِنْ أُوَيْسًا هَلْ تَنَمْ

فَوْقَ الثَّلَاثِ ...........

ص: 16

إذًا هذا شرط متى تحكم؟ (فَوْقَ الثَّلَاثِ) يعني: أن يكون الحرف الذي حكمت عليه بكونه زائدًا مع ثلاثة أحرف فأكثر أصول، بمعنى أنه إن وجد الاسم أو الفعل على ثلاثة أحرف فحينئذٍ يتعذر أن يحكم بكون حرف من هذه الحروف زائدة لماذا؟

لأن أقل ما يوضع عليه الاسم أو الفعل ثلاثة أحرف، إذًا لا بد أن تكون هذه الأحرف الثلاث أصولاً، ولا يمكن أن يكون فيها حرف زائد، وما زاد على ذلك حينئذٍ يتأتى فيه الحكم بالزيادة، لا بد من ثلاثة أحرف فأكثر، إلا الرباعي الذي هو بأصل وضعه يكون على أربعة أحرف، فحينئذٍ إذا زِيد معه حرف يتأتى فيه القول بالزيادة، (فَوْقَ الثَّلَاثِ) مرتقيًا فوق الأحرف الثلاث (إِنْ بِذِي المَرَامُ تَمْ) (إِنْ) (تَمْ) (بِذِي) أي: بهذه الأحرف الثلاث. (المَرَامُ) يعني: المقصود من الكلام، المقصود من اللفظ، والذي يقصد من اللفظ هو معناه الذي ركبت هذه الأحرف الثلاث فأكثر من أجله، (إِنْ) هذا شرط محذوف فعله وهو (تَمْ)، (بِذِي) هذه إشارة للحرف الثلاث (المَرَامُ) المرام مراد به رَامَ يَرُمُ المقصود، (تَمْ) المرام هذا اسم مفعول رَامَ بمعنى قصد صفة للمحذوف أي المعنى المقصود (تَمْ)، (تَمْ) هذا الذي فسر الشرط المحذوف، (إِنْ بِذِي المَرَامُ تَمْ)(المَرَامُ) هذا فاعل لفعل محذوف دلّ عليه (تَمْ) الآتي، والمعنى معنى هذا الشطر أن شرط الحكم بزيادة الأحرف العشرة ((سألتمونيها)) أن تجتمع في الكلمة مع ثلاثة أحرف أصول فأكثر، يعني أن تكون رباعية وأصلها ثلاثي فزيد عليه حرف سواء كان اسمًا أو فعلاً، أو خماسيًا ثلاثي مزيد بحرفين، أو رباعي مزيد بحرف، أو سداسيًّا، كذلك ثلاثي مزيد بثلاثة أحرف، أو رباعي مزيد بحرفين، أو سباعية ولا تكون إلا اسمًا، وفيها، في جميع الأقسام حرف فأكثر من العشرة مع ثلاثة فأكثر أصلية، وأن تؤدي الأحرف الثلاثة المعنى المقصود، إذًا شرطان:

شرط من حيث العدد، عدد الحروف.

وشرط من حيث المعنى، بأن تؤدي هذه الأحرف ما وضع له في لسان العرب.

وَغَالِبُ الرُّباعِ عَدِّ مَا عَدَا

فَعْلَلَ فَاعْكِسنْ كَدَرْبَخَ اهْتَدَى

كُل ُّ الخُمَاسِي لَازِمٌ إِلَاّ افْتَعَلْ

تَفَعَّلَ اوْ تَفَاعَلَا قَدِ احْتَمَلْ

كَذَا السُّدَاسِي غَيْرَ بَابِ اسْتَفْعَلَا

وَاسْرَنْدَى وَاغْرَنْدَى بِمَفْعُوْلٍ صِلَا

ص: 17

(وَغَالِبُ الرُّباعِ عَدِّ)، وغالبَ الرباعي عَدِّ يجوز الوجهان غالبُ وغالبَ إذا رفعت عَدِّه قدرت له مفعولاً به، وإذا نصبت حينئذٍ جعلته مفعولاً مقدمًا لعدِّ، غالب يعني: أكثر أفراد (الرُّباعِ) بحذف الياء ياء النسب للوزن (عَدِّ) يعني: عَدِّهِ إلى المفعول به فهو متعدِّي، إذًا أكثر أفراد الفعل الرباعي متعدِّي وهذه قاعدة جيدة، يعني: تعينك على إذا اشتبه عندك الأمر إلا ما استثناه، وغالبُ الرباع عَدِّه، أي: احكم على غالب أفراد الفعل الرباعي سواء كان رباعيًّا مجردًا أو ثلاثيًّا مزيدًا بحرف بأنه متعدِّي إلى المفعول به، واحترز بالغالب عن غير الغالب نحو: حَوْقَلَ. مَرَّ معنا أنه لازم حَوْقَلَ، وَأَصْبَحَ، وَمَوَّتَ، وهذه كلها لازمة وليست بمتعدية، (مَا عَدَا فَعْلَلَ) يعني: الذي عدا (مَا عَدَا فَعْلَلَ) ما عدا فعل موزانًا فَعْلَلَ (فَاعْكِسنْ) أي: خالفًا فيه الحكم المتقدم وهو: التعدية. غالب الرباعي عَدِّ (فَاعْكِسنْ) أي: خالف الحكم السابق وأعطه ماذا؟ فَعْلَلَ، حينئذٍ غالب فَعْلَلَ يكون في الغالب لازمًا، فَعْلَلَ يكون لازمًا، فهو خلاف الحكم السابق. إذًا (مَا عَدَا فَعْلَلَ) ما عدا فعلاً موازنًا فَعْلَلَ (فَاعْكِسنْ) أي: خالفًا فيه الحكم المتقدم وهو: التعدية. أي: احكم له باللزوم (كَدَرْبَخَ) يعني: قولك: دَرْبَخَ. بالخاء أي: (اهْتَدَى). هذا تفسير له باللازم، (اهْتَدَى) هذا تفسير لدربخ يعني معناه (اهْتَدَى)، على حذف حرف التفسير دربخ أي:(اهْتَدَى). إذًا غالب الرباعي متعدي، وفَعْلَلَ الغالب فيه أنه لازم عكس السابق.

ص: 18

(كُلُّ الخُمَاسِي لَازِمٌ)، (كُلُّ الخُمَاسِيْ) يعني: أفرد الخماسي سكن الياء هنا للوزن (كُلُّ الخُمَاسِيْ) يعني: كل أفراد الفعل الخماسي سواء كان أصله ثلاثيًّا فزيد عليه حرفان، أو أصله رباعيًّا فزيد عليه حرف، كل أفراد الفعل الخماسي (كُلُّ) مبتدأ (لَازِمٌ) هذا خبر، إذًا الأصل في الفعل الخماسي أنه لازم يعني: لا يتعدَّى إلى مفعول به. (إِلَاّ) ثلاثة أبواب

(افْتَعَلْ تَفَعَّلَ اوْ تَفَاعَلَا قَدِ احْتَمَلْ) يعني: يأتي على الوجهين التعدِّي واللزوم، فباب افْتَعَلَ يأتي على وجهين متعدِّيًا ولازمًا، اجْتَمَعَ الْمَالُ هذا لازم، اكْتَسَبْتُ الْمَالَ هذا متعدِّي واضح، إذًا افتعل يأتي متعدِّيًا ولازمًا، (تَفَعَّلَ) كذلك (قَدِ احْتَمَلْ) يأتي التعدِّي واللزوم، تَبَسَّمَ زَيْدٌ، تَعَلَّمَ الْعِلْمَ تعدَّى بنفسه، (اوْ تَفَاعَلَا) تَخَاصَمَ الْقَوْمُ هذا لازم، تَخَاصَمَ الْقَوْمُ تَشَارَكْنَا الْمَالَ هذا متعدِّي، إذًا إلا ثلاثة أبواب لا تختص باللزوم من الخماسي (افْتَعَلْ تَفَعَّلَ اوْ تَفَاعَلَا قَدِ احْتَمَلْ) أي: قبل التعدِّي واللزوم. (كَذَا السُّدَاسِيْ) يعني: شبه بالخماسي السداسي في ماذا؟ في اللزوم لأنه قال: (كُلُّ الخُمَاسِي لَازِمٌ). مثله السداسي لازم، إذًا الأصل في السداسي في الغالب أنه لازم (كَذَا السُّدَاسِيْ) يعني: أبواب الفعل السداسي بإسكان الياء للوزن (غَيْرَ بَابِ اسْتَفْعَلَا) الألف للإطلاق (غَيْرَ) إلا ما كان من باب (اسْتَفْعَلَا) غير هنا للاستثناء، فحينئذٍ نقول: هذا الباب مستثنى

(غَيْرَ بَابِ اسْتَفْعَلَا) فإنه يأتي بالوجهين يعني: يكون متعدِّيًا ويكون لازمًا، اسْتَغْفَرْتُ اللهَ متعدِّي، اسْتَحْجَرَ الطِّينُ هذا لازم، إذًا اسْتَفْعَل يحتمل الوجهين: التعدِّي واللزوم.

(وَاسْرَنْدَى وَاغْرَنْدَى) كلمتان (وَاسْرَنْدَى وَاغْرَنْدَى) سمع من كلام العرب (وَاسْرَنْدَى) يعني: وغير كلمتي (اسْرَنْدَى) بمعنى غلب،

(وَاغْرَنْدَى) بمعنى طَهَرَ فهما متعدِّيان (بِمَفْعُوْلٍ صِلاً) يعني: صلاً الألف هذه أبدلت على نون التوكيد الخفيفة، ومفعوله محذوف، (بِمَفْعُوْلٍ) هذا متعلق بقوله:(صِلاً). الكلمتين اللتان هما (وَاسْرَنْدَى وَاغْرَنْدَى) للمفعول، إذًا يستثنى من السداسي باب اسْتَفْعَلَ وكلمتان سمع في لسان العرب وهما اغْرَنْدَى وَسْرَنْدَى.

ثم قال:

لِهَمْزِ إِفْعَالٍ مَعَانٍ سَبْعَةُ

تَعْدِيَةٌ صَيْرُوْرَةٌ وَكَثْرَةُ

حَيْنُونَةٌ إِزَالَةٌ وِجْدَانُ

كَذَاكَ تَعْرِيضٌ فَذَا البَيَانُ

لِسِينِ الاسْتِفْعَالِ جَا مَعَانِي

لِطَلَبٍ صَيْرُورَةٍ وِجْدَانِ

كَذَا اعْتِقَادٌ بَعْدَهُ التَّسْلِيْمُ

سُؤَالُهُمْ كَاسْتَخْيَرَ الكَرِيمُ

ص: 19

هذا ما يتعلق بمعاني أَفْعَلَ يُفْعِلُ إِفْعَالاً يسمى همز الإفعال، (لِهَمْزِ إِفْعَالٍ مَعَانٍ) معانٍ لهمز إفعالٍ، همز الإفعال هذا خبر مقدم، ومعانٍ هذا مبتدأ مؤخر، وهمز الإفعال من إضافة الجزء للكل لأنه من باب أَفْعَلَ يُفْعِلُ إِفْعَالاً لها معانٍ أي: مدولات معانٍ. أصلها [مَعَانِوْ $ 1.12.55 هل هكذا] سكنت الياء للثقل ثم نون لكونه منكرًا ثم التقى ساكنان التنوين والياء وحذفت الياء، (سَبْعَةُ) هذا صفة لـ (مَعَانٍ)(تَعْدِيَةٌ) هذا بدل من سبعة بدل مفصل من مجمل.

إذًا تأتي همزة الإفعال للتعدية أَنْ تُضَمِّنَ الفعل معنى التصير أَخْرَجْتُ زَيْدًا، همزة النقل الذي سبق معنا تسمى همزة التعدية هذا الأول. (صَيْرُوْرَةٌ) يعني: وصيرورة مصدر صار والمراد بالصيرورة أن تدل الهمزة بعد دخولها على الفعل على أن الفاعل قد صار صاحب شيءٍ هو ما اشتق الفعل منه، أَغَدَّ الْبَعِيرُ يعني: صار ذا غدة. ماذا صنعت الهمزة هنا؟

دلت على أن الفاعل الذي هو البعير قد صار صاحب شيء هو ما اشتق الفعل منه وهو الغدة، أَغَدَّ مشتق من الغدة، إذًا صار صاحب غدةٍ، أَلْبَنَتِ الشَّاة يعني: صارت ذات اللبن. أَثْمَرَ الْبُسْتَان يعني: صار ذا ثمر. أَجْرَبَ زَيْدٌ يعني: صار ذا جَرَبٍ. إذًا تأتي الهمزة لإفادة الصيرورة، (صَيْرُوْرَةٌ وَكَثْرَةُ) مصدر كَثُرَ ضد القلة، أَلْبَنَ الرَّجُلُ إذا كثر عنده اللبن يعني يبيع، إذا كثر عنده اللبن حينئذٍ تقول: أَلْبَنَ الرَّجُلُ [انتبه].

(حَيْنُونَةٌ) هذه مصدر حان حضر حينه ووقته أن يقرب الفاعل من الدخول في أصل الفعل أَحْصَدَ الزَّرْعُ يعني: قَرُبَ حَصَادُهُ. حينئذٍ الهمزة دلت على حينونة حينونَة من الحين، وَأَصْرَمَ النَّخْلُ أي: قَرُبَ صِرَامُه.

(إِزَالَةٌ) يعني: وإزالة، مصدر أَزَالَ (إِزَالَةٌ) المراد به السلب، ومعناه أن يزيل الفاعل عن المفعول أصل الفعل يعني: يبعده عنه وينحيه، تقول: أَشْكَيْتُهُ. يعني: أزلت شِكَايَتَهُ. أَقْذَيْتُ عَيْنَهُ يعني: أزلت القذى عن عينه. فجاءت الهمزة هنا للسلب والتنحي، (وِجْدَانُ) مصدر وَجَدَ بمعنى أدرك، أن يجد الفاعل المفعول موصوفًا بصفة مشتقة من أصل ذلك الفعل، أَبْخَلْتُهُ يعني: وَجَدْتُهُ بَخِيلاً، أَحْمَدْتُهُ يعني: وَجَدْتُهُ محمودًا، أَعْظَمْتُهُ يعني: وجدته معظمًا. ونحو ذلك، (وِجْدَانُ كَذَاكَ تَعْرِيضٌ) مثل ذاك الذي ذُكِرَ في عده من المعاني همز إفعال (تَعْرِيضٌ) أن تعرض المفعول لأصل معنى الفعل، أَبَعْتُ الثَّوْبَ إذا عَرَّضْتُهُ للبيع، أَبَعْتُ الثَّوْبَ، أَبَعْتُ الدَّارَ يعني: جعلته معروضًا للبيع.

إذًا هذه معاني سبعة وهي: تعدية، صيرورة، كثرة، حينونة، إزالة، وجدان والتعريض.

ص: 20

(فَذَا البَيَانُ) ذا مبتدأ، و (البَيَانُ) هذا خبر مصدر بَيِّنَ أو اسم مصدر بَيِّنَ، والمراد به هنا اسم المفعول أي: المعاني الْمُبَيِّنَة لهمز الإفعال فإنها تحفظ، حينئذٍ هذه الهمزة تعتبر من حروف المعاني تقول: السين وسوف وقد هذه حروف معاني، وهل وبل حروف معاني، الهمزة التي تزاد في باب أفعل الثلاثي المجرد الذي يزاد عليه حرف من أوله فيصير أَفْعَل نقول: هذه الهمزة تعتبر من حروف المعاني، لكنه ليس هو المعنى الذي وضعت له الهمزة في

((نأيت)) وهو مغاير لما ذكر. والله أعلم.

وصلَّ الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

ص: 21