الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي رواية له: "والذي نفسي بيده لكأنما تنضحونهم بالنبل فيما تقولون لهم من الشعر".
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "استأذن حسان بن ثابت رسول الله صلى الله عليه وسلم في هجاء المشركين فقال رسول صلى الله عليه وسلم: "فكيف بنسبي؟ " فقال: "لأسلنك منهم كما تسل الشعرة من العجين" متفق عليه. وعن هشام عن أبيه قال: "ذهبت أسب حسان عند عائشة فقالت: لا تسبه فإنه كان ينافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم". أخرجه الإسماعيلي.
في هذه الأحاديث جواز الشعر بل استحبابه إذا كان هادفا إلى صالح الإسلام وتدعيم الدعوة الإسلامية ورفع صرحها ونقض مباني الشرك وعبادة الأوثان.
دخل حسان بن ثابت رضي الله عنه في الإسلام حتى إذا أخذ شعراء قريش في هجاء الرسول وصحبه من المسلمين انبرى لهم بلاذع هجائه وكان رسول الله يحثه على ذلك ويدعو له بمثل: "اللهم أيده بروح القدس".
ولما قال له الرسول: "كيف بنسبي؟ " قال له: "لأسلنك منهم كما تسل الشعرة من العجين". فكان يهجوهم بأفعالهم وبما يختص عاره بهم.
واستمع الرسول إلى بعض هجائه لهم فقال: "لهذا أشد عليهم من وقع النبل".
وفي حديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أمرت عبد الله بن رواحة بهجاء قريش فقال وأحسن وأمرت كعب بن مالك فقال وأحسن وأمرت حسان بن ثابت فشفى وأشفى".
وما ذلك إلا أنه لم يكن يهجو قريشا بالكفر وعبادة الأوثان إنما كان يهجوهم بالأيام التي هزموا فيها ويعيرهم بالمثالب وهذا طبيعي لأنهم كانوا مشركين فعلا فلو هجاهم بالكفر والشرك ما بلغ منهم مبلغا. وبحق سمى حسان شاعر الإسلام وشاعر ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم فقد عاش يناضل عنه أعداءه من قريش واليهود ومشركي العرب راميا لهم جميعا بسهام مصمية.
نبذة عن شعر حسان
قدم على الرسول صلى الله عليه وسلم وفد بني تميم فقال حسان يرد على شاعر هذا الوفد الزبرقان بن بدر مادحا للمهاجرين مدحا رائعا يقول في تضاعيفه:
إن الذوائب من فهر وإخوتهم
…
قد بينوا سنة للناس تتبع
يرضى بها كل من كانت سريرته
…
تقوى الإله وبالأمر الذي شرعوا
إن كان في الناس سباقون بعدهم
…
فكل سبق لأدني سبقهم تبع
أهدى لهم مدَحي قلب يؤازره
…
فيما أراد لسان حائك صنع
وورد أنه كان ينشد الرسول شعره في المسجد.
ومن هنا تعرف أن القرآن إنما يهاجم شعراء المشركين الذين كانوا يهجون الرسول ويثبطون عن دعوته فالقرآن لم يهاجم الشعر من حيث أنه شعر وإنما هاجم شعرا بعينه كان يؤذي الله ورسوله وهو نفسه الذي قال فيه الرسول الكريم: "لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له أن يمتلئ شعرا".
ويقول حسان من همزيته التي أجاب فيها أبا سفيان بن الحارث وقد استهلها بمطلع غزلي جميل:
عفت ذات الأصابع فالجواء
…
إلى عذراء منزلها خلاء
إلى أن يقول:
عدمنا خيلنا إن لم تروها
…
تثير النقع موعدها كداء1
يبارين الأسنة مصعدات
…
على أكتافها الأسل الظماء2
تظل جيادنا متمطرات
…
تلطمهم بالخمر النساء3
فإما تعرضوا عنا اعتمرنا
…
وكان الفتح وانكشف الغطاء4
وإلا فاصبروا لجلاد يوم
…
يعز الله فيه من يشاء5
إلى أن يقول:
ألا أبلغ أبا سفيان عني
…
فأنت مجوف نَخْبُ هواء6
بأن سيوفنا تركتك عبدا
…
وعبد الدار سادتها الإماء7
هجوت محمدا فأجبت عنه
…
وعند الله في ذاك الجزاء
أتهجوه ولست له بكفءٍ
…
فشركما لخيركما الفداء
فمن يهجو رسول الله منكم
…
ويمدحه وينصره سواء
فإن أبي ووالده وعرضي
…
لعرض محمد منكم وقاء
1 النقع: غبار الحرب. كداء: موضع بأعلى مكة وهو غير كدي بالضم.
2 مصعدات: مسرعات في الصعود. الأسل: الرماح الجيدة.
3 متمطرات: مسرعات متحفزات..
4 الفتح: يعني فتح مكة.
5 الجلاد: المصابرة في القتال.
6 مجوف: فارغ. نخب: جبان. هواء: فارغ.
7 عبد الدار: أخو عبد مناف. وحسان يهجو بني عبد الدار لأن النبي صلى الله عليه وسلم من بني عبد مناف.