الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أ - تعريف الصراط وصفته:
الصراط: هو جِسرٌ ممدود على متن جهنم يمر عليه جميع الخلائق، وهو قنطرة بين الجنة والنار، يعبره أهل الجنة، وهم متفاوتون في السرعة والإبطاء على قدر أعمالهم؛ وتزل فيه أقدام أهل النار، وقد وردت به الأحاديث الصحيحة واستفاضت وهو محمول على ظاهره (1).
ب - ذكر بعض الأحاديث التي ورد فيها ذِكر الصراط وأوصافه، وأحوال المارين عليه:
أخرج الإمام مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في ذكر مشاهد يوم القيامة:
«
…
ثُمَّ يُضْرَبُ الْجِسْرُ عَلَى جَهَنَّمَ، وَتَحِلُّ الشَّفَاعَةُ وَيَقُولُونَ اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ».
قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْجِسْرُ؟
(1) فتاوى الإمام الرملي 4/ 210، وقد نقلت تعريفه للصراط بتصرف يسير
(2)
صحيح مسلم 1/ 167 في كتاب الإيمان، باب "معرفة طريق الرؤية" معانِّي بعض الكلمات:
الجِسْر: هوَ الصرَاط
وَمَعْنَى تَحِل الشفَاعَة: أَيْ: تَقَع وَيؤْذَن فِيهَا.
دحض مزلة: الدحْض وَالمَزَلة بِمَعْنًى وَاحِد، وَ هوَ المَوْضِع ا لذِي تَزِل فِيهِ الْأَقْدَام وَلَا تَسْتَقِر.
وَمِنْه دَحَضَتْ الشمْس أَيْ: مَالَتْ، وَحجة دَاحِضَة لَا ثَبَات لهَا.
أَما الخْطَاطِيف: فَجَمْع خطاف. وَالْكَلَالِيب بِمَعْنَاه، وهي حديدة معْوَجة الرأس؛ لأجل أن
تمسك من أريد خطفه بها.
وَأَما الحَسَك: فهوَ شَوْك صلْب مِنْ حَدِيد.
وقَوْله صَلى ا للَّه عَلَيْهِ وَسَلمَ: (فَنَاجٍ مُسَلَّم وَمَخدوشٌ مرْسَلٌ وَمَكْدوس فِي نَار جَهَنم) أي أَ نهمْ
ثَلَاثَة أَقْسَام على الصراط:
1 -
قِسْم يَسْلَم؛ فَلَا يَنَالُه شيء أَصْلًا
…
2 -
وَقِسْم يخدَش، ثم يرْسَل فَيُخَلَّص، وخَدْشُ الجلد: هو قَشره بِعود أو نحوه.
3 -
وَقِسْم يكَرْدَس، وَيلْقَى فَيَسْقط فِي جَهَنم.
وَ "مَكْدوس" معناه: كَوْن الْأَشْيَاء بَعْضهَا عَلَى بَعْض. نسأل الله السلامة والعافية.
انتهى (شرح الإمام النووي على صحيح مسلم 3/ 29 بتصرف واختصار)، و (كشف المشكل من حديث الصحيحين 3/ 136 لأبي الفرج ابن الجوزي بتصرف)
قال الإمام مسلم:
وزاد أبو سعيد -أي الخدري-: "بلغني أن الجسرَ أدقُّ من الشعرة، وأحدُّ من السيف".
وأخرجه البخاري أيضاً عن أبي سعيد الخدري، بلفظ:
«
…
ثم يُؤتَى بالجسر، فيُجعَل بين ظهريْ جهنم»، قلنا: يا رسولَ الله، وما الجسر؟ قال:«مدحضة مزِلَّةٌ، عليه خطاطيف وكلاليب وحَسكة مُفَلطحة، لها شوكة عُقَيْفَاءُ تكون بنجد، يقال لها: السعدان، المؤمنُ عليها كالطَّرْف وكالبرق وكالريح وكأجاويد الخيل والرِّكاب، فناجٍ مسَلَّم، وناجٍ مخدوش، ومكدوس في نار جهنم، حتى يمرَّ آخرُهم يُسْحَب سحبًا .. (1)» ا. هـ
وأخرج الحاكم رحمه الله وقال صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي عن ابن مسعود، قال: قال صلى الله عليه وسلم: «
…
فَيَمُرُّونَ عَلَى الصِّرَاطِ، وَالصِّرَاطُ كَحَدِّ السَّيْفِ دَحْضٌ مَزِلَّةٌ، قَالَ: فَيُقَالُ انْجُوا عَلَى قَدْرِ نُورِكُمْ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَانْقِضَاضِ الْكَوْكَبِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَالطَّرْفِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَالرِّيحِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَشَدِّ الرَّحْلِ وَيَرْمُلُ رَمَلًا فَيَمُرُّونَ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ، حَتَّى يَمُرَّ الَّذِي نُورُهُ عَلَى إِبْهَامِ قَدَمِهِ يَجُرُّ يَدًا وَيُعَلِّقُ يَدًا وَيَجُرُّ رِجْلًا وَيُعَلِّقُ رِجْلًا فَتُصِيبُ جَوَانِبَهُ النَّارُ
…
(2)» ا. هـ
والأحاديث الواردة في ذكر الصراط وأوصافه كثيرة نكتفي بما ذكرناه، وكلها تتفق أن المارين على الصراط بينهم تفاوت عظيم كبير، كل حسب عمله، فمنهم من يمر كالبرق، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم كالطير، ومنهم يشد كشد الرجال
…
(1) صحيح البخاري 6/ 2706 برقم (7001). في التوحيد، باب:{وجوه يومئذ ناضرة. إلى ربها ناظرة}
(2)
المستدرك على الصحيحين 4/ 632.