المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ت - حكم الإيمان بالصراط عند أهل السنة والجماعة: - الصراط في رأي الكيالي والصراط في المنظور القرآني والنبوي

[محمد أيمن تيسير المراياتي]

الفصل: ‌ت - حكم الإيمان بالصراط عند أهل السنة والجماعة:

قال ابن القيم رحمه الله: فالثبات يوم القيامة على الصراط بالثبات في هذه الدار على طريق الاستقامة والهداية، وعلى قدر ثبوت قدم العبد على هذا الصراط الذي نصبه الله لعباده في هذه الدار، يكون ثبوت قدمه على الصراط المنصوب على متن جهنم، وعلى قدر سيره على هذه الصراط يكون سيره على ذاك الصراط، فمنهم من يمر كالبرق، ومنهم من يمر كالطرف، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمر كشد الركاب، ومنهم من يسعى سعياً، ومنهم من يمشي مشياً، ومنهم من يحبو حبوا، ومنهم المخدوش المسلم، ومنهم المكردس في النار (1).

‌ت - حكم الإيمان بالصراط عند أهل السنة والجماعة:

اتفقت كلمة علماء أهل السنَّة والجماعة على وجوب الإيمان بالصراط، للأدلة السمعية الكثيرة المشتهرة الواردة في ذلك.

قال الإمام أبو الحسن الأشعري- رحمه الله: "وأجمعوا على أن الصراطَ جسرٌ ممدود على جهنم، يجوز عليه العبادُ بقدر أعمالهم، وأنهم يتفاوتون في السرعة والإبطاء على قدر ذلك"(2).

(1) مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين 1/ 33. بتصرف يسير.

(2)

رسالة إلى أهل الثغر بباب الأبواب ص: (163) الإجماع الأربعون. للإمام أبي الحسن الأشعري. قال ابن أبي العز الحنفي شارح الطحاوية:"واختلف المفسرون في المراد بالورود المذكور في قوله: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا} ما هو؟ والأظهر والأقوى أنه المرور على الصراط.

قال: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً} وفي الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال: "والذي نفسي بيده لا يلج النار أحد بايع تحت الشجرة، قالت حفصة: فقلت يا رسول الله: أليس الله يقول: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا}؟ فقال: ألم تسمعيه قال: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً} والحديث في مسلم بنحو هذا المعنى"(شرح الطحاوية ص 364).

ص: 7

وقال الحافظ ابن عساكر- رحمه الله: "وَأَن يُؤمن بِأَن الصِّرَاط حق، وَهُوَ جسر مَمْدُود على متن جَهَنَّم أحدّ من السَّيْف وأدق من الشّعْر؛ تزل عَلَيْهِ أَقْدَام الْكَافرين بِحكم اللَّه تَعَالَى فَيهْوِي بهم إِلَى النَّار، وَيثبت عَلَيْهِ أَقْدَام الْمُؤمنِينَ فيساقون إِلَى دَار الْقَرار (1) ".

وقال الفقيه المتكلم عضد الدين عبد الرحمن الإيجي- رحمه الله: "واعلم أن الصراطَ جسرٌ ممدود على ظهر جهنم، يعبُر عليه المؤمن وغير المؤمن، وأنكره أكثرُ المعتزلة

(2) "

وقال الإمام النووي رحمه الله: "مذهب أهل الحق أن الصراط جسر ممدود على متن جهنم يمر عليه الناس كلهم؛ فالمؤمنون ينجُون على حسب أعمالهم ومنازلهم، والآخرون يسقطون فيها، عافانا اللهُ الكريم، والسلف يقولون: إنه أدقُّ من الشعر، وأحدُّ من السيف، وهكذا جاء في رواية أبي سعيد (3) "

وقال الإمام السَّفاريني- رحمه الله: "اتَّفَقَتِ الْكَلِمَةُ على إثبات الصراط في الجملة، لكن أهل الحقّ يثبتونه على ظاهره من كونه جسراً مدوداً على متن جهنم، أحدّ من السيف، وأدقّ من الشعر، وأنكر هذا الظاهر القاضي عبد الجبار المعتزلي وكثير من أتباعه .. (4) ".

(1) تبيين كذب المفتري ص: 305، وانظر قواعد العقائد للإمام الغزالي ص: 66

(2)

كتاب المواقف - الإيجي 3/ 525.

(3)

مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح للملّا علي القاري 8/ 3533.

(4)

لوامع الأنوار البهية 2/ 192.لأبي العون محمد بن أحمد بن سالم السفاريني الحنبلي، وهو محدث، وفقيه أصولي، وصوفي، ومؤرخ.

ص: 8