الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانيا - أهم أسباب الغلو
أ-
أسباب داخل المجتمع السعودي
إضافة إلى ما ذكر في بعض الكتب المتخصصة الحديثة في أسباب الغلو مثل: الغلو في الدين للدكتور عبد الرحمن اللويحق، وإصدارات الجماعة الإسلامية بمصر -الأخيرة التي تراجعت فيها عن الغلو ونحوها- بالإضافة إلى ذلك أشير إلى بعض ما هو سبب في الغلو تجاه الدولة والعلماء في هذه البلاد بخاصة فمن ذلك:
1-
هناك سبب شرعي وكوني وأزلي وتاريخي في حصول الفتن والفرقة والتنازع في الدين والدنيا، وينشأ عنه القتال وانفلات الأمن وشيوع الخوف والفوضى، ألا وهو الإعراض عن شرع الله وذكره وشكره وظهور الفساد والظلم والمعاصي والمنكرات، ونحو ذلك مما يستجلب العقوبة من الله تعالى. وكل الأسباب تؤول إلى هذا السبب، كما قال تعالى {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا} (1) .
(1) سورة طه، آية (124) .
2-
عدم (أو ضعف) ربط قرارات الدولة وأنظمتها ومواقفها وتصريحات المسؤولين فيها بالأسس الشرعية التي تقوم عليها الفتاوى المعتبرة والأدلة الشرعية، مثل البيعة، ونظام الحكم (وهو إسلامي جيد بحمد الله) مع التنويه بأسلوب صاحب السمو الملكي الأمير نايف في تصريحاته ولقاءاته، في التأكيد على الثوابت الشرعية، والتي ينبغي أن تكون منهجا يحتذى من قبل المسؤولين.
3-
ضعف ورداءة الأسلوب والخطاب الإعلامي في التعبير عن الوجهة الشرعية لمواقف الدولة وقراراتها بل كثير من تعبيرات وسائل إعلامنا عن هذه الأمور يثير السخرية والأسف، ويفقد مصداقيته لدى الأصدقاء والعقلاء، فكيف بالخصوم والسفهاء وهم كثيرون، وسأبين الحل لذلك (في نظري) في العلاج.
4-
غموض موقف الدولة من قضايا حساسة تغذي التكفير والغلو والتطرف لدى المغرضين والجاهلين، وعلى غير بصيرة، وتحاكم فيها الدولة غيابيا ويجعلون صمتها دليلا على الإدانة بزعمهم، مثل وجود غير المسلمين في البلاد، وصدور بعض الأنظمة التي يزعمون أنها تخالف الشرع، وأنها حكم بغير ما أنزل الله - كنظام التأمينات ومعاشات التقاعد والجمارك والمحاكم التجارية والعسكرية، والبنوك الربوية وحمايتها، واشتراك الدولة في بعض المنظمات والعقود والعهود والأنظمة الدولية المخالفة للشرع، وكذلك بعض القرارات والمواقف الأخيرة للدولة، مثل التأمين على الرخصة، ومثل بعض أساليب تحية العلم، ومثل توجهات السياحة إلى مواطن البدع في الآثار (وهذه قضية حساسة جدا جدا) تتعارض مع ثوابت الدين والسنة التي قامت عليها الدولة في هذه البلاد.
وهذه الأمور أغلبها إما أن يكون للدولة فيها مساغ شرعي، أو اعتمدت فيها على فتاوى معتبرة، وبعضها يعتمد على الشائعات وعدم التثبت والمبالغات، والجهل بحقائق الأمور، وبعض آخر للدولة فيها عذر أو تأويل، وقد يكون هناك أخطاء وقعت فيها الدولة فعلا من غير قصد معارضة الدين، فيجب أن يُرجع فيها إلى الحق. . . وهكذا وهذا أمر مهم جدا كذلك.
5-
ظهور بعض القرارات والظواهر الاستفزازية التي لم تكن مناسبة مثل دمج رئاسة تعليم البنات، وأساليب وزارة التربية والتعليم في تغيير المناهج الشرعية، ومحاولة النيل من سياسة التعليم، وظهور بعض الأمور الاستفزازية في وسائل الإعلام الرسمية، كما في بعض حلقات (طاش ما طاش) ! وبعض المقالات التي تجرح العقيدة والدين، وتهز المسلمات الشرعية في الصحف المحلية (لا سيما الوطن وعكاظ والرياض أحيانا) ، وتطعن في السلف الصالح، وفي دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب (التي هي أصل شرعية الدولة السعودية عند أهل السنة في كل العالم) ، وتلمز الصالحين والمتدينين، ونحو ذلك مما يتخذه أهل الغلو ذرائع للفتنة وشحن عواطف الناس - لا سيما الشباب - ضد الدولة والعلماء والمجتمع.
6-
التحول الاجتماعي والرسمي السريع إلى أمور غير محمودة (مثل الاختلاط) كما في بعض المستشفيات، وبعض المؤسسات، وشيوع كثير من المنكرات والممارسات المنافية للدين والأخلاق والفضيلة مع ضعف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعدم الارتقاء بالهيئات عددا وطريقة لتؤدي الواجب على نحو رزين.
ملحوظة مهمة وضرورية:
قد يتجرأ بعض الجاهلين ومن في قلوبهم مرض إلى اتهام المناهج الدراسية في التعليم في المملكة. . (بمراحله أو بعضها) بمساندة الغلو، وهذه دعوى عريَّة من البرهان.
والحق أن المناهج بجملتها تقرر الاعتدال والوسطية، وتربي الشباب على رعاية الحقوق المشروعة من حب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والإسلام والسلف الصالح، ورعاية حقوق الولاة والعلماء والآباء والمعلمين، وترسم منهج الاعتدال في القلوب والعقول، والمواد التي تدرس في مناهجنا شاهدة بذلك، لكن حسبنا الله ونعم الوكيل.