الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ: وَلَا يَتَيَمَّمُ لِخَوْفِ فَوْتِ فَرْضٍ
"م" نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، خِلَافًا لِشَيْخِنَا، إنْ انْتَبَهَ أَوَّلَ الْوَقْتِ، وَقَالَ فِيمَنْ يُمْكِنُهُ الذَّهَابُ إلَى الْحَمَّامِ لَكِنْ لَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ حَتَّى يَفُوتَ الْوَقْتُ كَالْغُلَامِ، وَالْمَرْأَةِ الَّتِي مَعَهَا أَوْلَادُهَا وَلَا يُمْكِنُهَا الْخُرُوجُ حَتَّى تَغْسِلَهُمْ وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَالْأَظْهَرُ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي خَارِجَ الْحَمَّامِ، لِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْحَمَّامِ، وَبَعْدَ الْوَقْتِ مَنْهِيٌّ عَنْهَا.
قَالَ الْأَصْحَابُ: وَكَذَا جنازة، وعنه بلى "وهـ" وَيُرِيدُ بِهِ فَوْتَهَا مَعَ الْإِمَامِ، قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، قَالَ جَمَاعَةٌ: وَإِنْ أَمْكَنَهُ الصَّلَاةُ عَلَى الْقَبْرِ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهِ، فَتَعْظُمُ الْمَشَقَّةُ، وَعَنْهُ: وَعِيدَ، "وهـ" وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إنْ وَجَدَا الْمَاءَ فِي صَلَاتِهِمَا لَمْ تَبْطُلْ، بِنَاءً عَلَى هَذَا الأصل.
وسجود تلاوة "وهـ" اخْتَارَ شَيْخُنَا وَجُمُعَةٍ، وَأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ الْجِنَازَةِ لأنها
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
فَرْضَهُ الْمَسْحُ وَالتَّيَمُّمُ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي "مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ"، وَأَطْلَقَ الْأُولَى، وَهَذِهِ فِي "التَّلْخِيصِ". وَمَحَلُّ الْخِلَافِ عِنْدَهُ إذَا كَانَ الْجُرْحُ طَاهِرًا، فَأَمَّا إنْ كَانَ نَجِسًا، فَلَا يَمْسَحُ عَلَيْهِ، قَوْلًا وَاحِدًا، وَقَالَهُ غَيْرُهُ.
لَا تُعَادُ، وَجَعَلَهَا الْقَاضِي وَغَيْرُهُ أَصْلًا لِلْمَنْعِ، وَأَنَّهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِيهَا.
وَإِنْ وَصَلَ مُسَافِرٌ إلَى مَاءٍ وَقَدْ ضَاقَ الْوَقْتُ، أَوْ عَلِمَ أَنَّ النَّوْبَةَ لَا تَصِلُ إلَيْهِ إلَّا بَعْدَهُ، أَوْ عَلِمَهُ قَرِيبًا وَخَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ، أَوْ دُخُولَ وَقْتِ الضَّرُورَةِ إنْ حَرُمَ التَّأْخِيرُ إلَيْهِ أو دله ثقة فقيل: يتيمم ويصلي "وق" وَقِيلَ: لَا، كَقُدْرَتِهِ عَلَى مَاءِ بِئْرٍ بِثَوْبٍ يَبُلُّهُ ثُمَّ1 يَعْصِرُهُ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ، إنْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمَاءِ "م 18 - 21" وَلَوْ خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ - 18 – 21: قَوْلُهُ: "وَإِنْ وَصَلَ مُسَافِرٌ إلَى مَاءٍ وَقَدْ ضَاقَ الْوَقْتُ، أَوْ عَلِمَ أَنَّ النَّوْبَةَ لَا تَصِلُ إلَيْهِ إلَّا بَعْدَهُ، أَوْ عَلِمَهُ قَرِيبًا وَخَافَ فَوَاتَ الْوَقْتِ أَوْ دُخُولَ وَقْتِ الضَّرُورَةِ إنْ حَرُمَ التَّأْخِيرُ إلَيْهِ، أَوْ دَلَّهُ ثِقَةٌ فَقِيلَ: يَتَيَمَّمُ ويصلي، وقيل لا2، كقدرته
1 في الأصل: "ولم".
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
وَإِنْ تَعَذَّرَ اسْتِعْمَالُ مَاءٍ وَتُرَابٍ وَهُوَ مَعْنَى قولهم من لم يجد ماء ولا
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
عَلَى مَاءِ بِئْرٍ بِثَوْبٍ يَبُلُّهُ ثُمَّ يَعْصِرُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ إنْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمَاءِ، انْتَهَى. اشْتَمَلَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ عَلَى مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى – 18: إذَا وَصَلَ الْمُسَافِرُ إلَى مَاءٍ وَقَدْ ضَاقَ الْوَقْتُ فَهَلْ يَلْزَمُهُ الْوُضُوءُ وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ أَطْلَقَ الْخِلَافَ:
أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهُ الْوُضُوءُ وَلَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي1، وَالشَّرْحِ2، وَشَرْحِ ابْنِ رزين وغيرهم، وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَتَيَمَّمُ وَيُجْزِئُهُ، قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي قَوَاعِدِهِ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِيَيْنِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ، وَاخْتَارَهُ أَيْضًا الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَقَالَ: مَا أَدَقُّ هَذَا النَّظَرُ. وَلَوْ طَرَدَهُ فِي الْحَضَرِ لَكَانَ قَدْ أَجَادَ وَأَصَابَ، قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ، وَكَذَا حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ 19 وَالثَّالِثَةُ 20 وَالرَّابِعَةُ 21 كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ.
وَذَكَرَ ابْنُ تَمِيمٍ الْمَسْأَلَةَ الثَّانِيَةَ وَجَزَمَ بِالتَّيَمُّمِ، وَذَكَرَ فِي الرِّعَايَةِ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى، وَقَدَّمَ جَوَازَ التَّيَمُّمِ، وَأَطْلَقَ فِي الثَّانِيَةِ الْوَجْهَيْنِ قَالَ: وَإِنْ قَدَرَ عَلَى نُزُولِهِ الْبِئْرَ، وَمَا يَنْزِلُ بِهِ إلَيْهِ وَنَحْوِهِ وَأَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ لَزِمَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ فَاتَهُ الْوَقْتُ وَلَا تَيَمَّمَ وَصَلَّى وَلَمْ يَعُدْ وَكَذَلِكَ راكب السفينة انتهى.
تَنْبِيهٌ 3: أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ هَذَا فِيمَا إذَا عَلِمَ الْمَاءَ قَرِيبًا وَخَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ أَوْ دَلَّهُ ثِقَةٌ هَلْ يَتَيَمَّمُ مُرَاعَاةً لِلْوَقْتِ أَوْ يَلْزَمُهُ الطَّلَبُ، وَيَتَوَضَّأُ وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ، وَقَطَعَ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ إنْ دَلَّ عَلَيْهِ أَوْ عَلِمَهُ قَرِيبًا عُرْفًا يَلْزَمُهُ قَصْدُهُ فِي الْوَقْتِ، فَظَاهِرُهُ هُنَا أَنَّهُ إذَا خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ أَنَّهُ لَا يَطْلُبُهُ وَيَتَيَمَّمُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ فَيَكُونُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَسَائِلِ الَّتِي قَطَعَ فِيهَا بِحُكْمٍ فِي مَوْضِعٍ، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهَا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ3.
1 1/345.
2 "المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف" 2/262.
3 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
تُرَابًا وَقِيلَ لِلْقَاضِي فِي التَّيَمُّمِ فِي حَضَرٍ عُذْرٌ نَادِرٌ وَغَيْرُ مُتَّصِلٍ فَأَعَادَ كَمَا لَوْ مُنِعَ مِنْ الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ وَالتُّرَابِ؟ فَأَجَابَ بِالرِّوَايَتَيْنِ فِي مَسْأَلَةِ الْعَدَمِ صَلَّى فَرْضًا فَقَطْ وَلَا يَزِيدُ عَلَى مَا يُجْزِئُ، وَعِنْدَ شَيْخِنَا يَتَوَجَّهُ فِعْلُ مَا شَاءَ، لِأَنَّهُ لَا تَحْرِيمَ مَعَ الْعَجْزِ، وَلِأَنَّ لَهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى مَا يُجْزِئُ فِي ظَاهِرِ قَوْلِهِمْ، كَذَا قَالَ وَجَزَمَ جَدُّهُ وَجَمَاعَةٌ بِخِلَافِهِ.
وَلَا إعَادَةَ وَعَنْهُ بَلَى، نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ "وش م ر" وَلَوْ بِتَيَمُّمٍ فِي الْمَنْصُوصِ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ يَسْقُطُ بِهِ الْفَرْضُ، فَعَلَيْهِ إنْ قَدَرَ فِيهَا خَرَجَ، وَإِلَّا فَكَمُتَيَمِّمٍ يَجِدُ الْمَاءَ وَكَذَا مُتَيَمِّمٌ زَالَ عُذْرُهُ فِيهَا، فِي إعَادَتِهِ خِلَافٌ، وَفَرْضُهُ الثَّانِيَةُ. وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي وَقِيلَ الْأُولَى وَقِيلَ هُمَا، وَاخْتَارَهُ
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ، وَقِيلَ: لَا بِعَيْنِهَا وعنه يستحب صلاته، وعنه يحرم، ويقضي "وهـ".
وَتَبْطُلُ بِحَدَثٍ وَنَحْوِهِ "وَ" قَالَ بَعْضُهُمْ وَبِخُرُوجِ الْوَقْتِ رِوَايَتَانِ "م 22" وَبِغُسْلِ مَيِّتٍ مُطْلَقًا وَتُعَادُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ بِهِ، وَالْأَصَحُّ وَبِالتَّيَمُّمِ، وَيَجُوزُ نَبْشُهُ لأحدهما مع أمن تفسخه؛
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ -22: قَوْلُهُ: فِيمَنْ لَا يَجِدُ مَاءً وَلَا تُرَابًا: وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِحَدَثٍ وَنَحْوِهِ وِفَاقًا؛ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَبِخُرُوجِ الْوَقْتِ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى، الْبَعْضُ الَّذِي عَنَاهُ الْمُصَنِّفُ، هُوَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ، فَإِنَّهُ قَالَ: وَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ وَهُوَ فِيهَا؟ أَفِيهِ رِوَايَتَانِ انْتَهَى:
إحْدَاهُمَا لَا تَبْطُلُ، قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ، وَقَدْ يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِحَدَثٍ وَنَحْوِهِ وَهُوَ وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: تَبْطُلُ
وَيَتَيَمَّمُ لِنَجَاسَةِ بَدَنٍ عَلَى الْأَصَحِّ "ح" لِعَدَمِ ماء، أو ضرر، وَلَا إعَادَةَ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَعَنْهُ بَلَى وَعَنْهُ لِعَدَمٍ.
وَفِي النِّيَّةِ لِتَيَمُّمِهِ لَهَا وَجْهَانِ وَالْمَنْعُ اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَابْنُ عَقِيلٍ "م 23" قَالَ لِأَنَّ طَهَارَةَ الْحَدَثِ يَسْرِي مَنْعُهَا كَمَا لَوْ اغْتَسَلَ الْجُنُبُ إلَّا ظُفْرًا، لَمْ يَجُزْ دُخُولُ مسجد، ورفعها كمنع محدث مس
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مسألة - 23: قوله: "وَيَتَيَمَّمُ لِنَجَاسَةِ بَدَنٍ عَلَى الْأَصَحِّ لِعَدَمِ مَاءٍ أَوْ ضَرُورَةٍ وَلَا إعَادَةَ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَعَنْهُ بَلَى، وَعَنْهُ لِعَدَمٍ، وَفِي النِّيَّةِ لِتَيَمُّمِهِ لَهَا وَجْهَانِ، الْمَنْعُ اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَابْنُ عَقِيلٍ" انْتَهَى:
أَحَدُهُمَا: تَجِبُ النِّيَّةُ لَهَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي شَرْحِهِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ وَصَاحِبُ الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 فِي مَوْضِعٍ، وَهُوَ احْتِمَالٌ لِابْنِ عَقِيلٍ، فِي الْفُصُولِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَجِبُ لَهَا كَمُبَدِّلِهِ، وَهُوَ الْغُسْلُ، بِخِلَافِ تَيَمُّمِ الْحَدَثِ، وَهُوَ احْتِمَالٌ لِلْقَاضِي، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ، وَفِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 فِي مَوْضِعٍ آخَرَ.
تَنْبِيهٌ: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُ وَالْمَنْعُ اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَابْنُ عَقِيلٍ أَيْ مَنْعُ الصِّحَّةِ فَلَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ إلَّا بِالنِّيَّةِ، وَكَلَامُهُ فِي الْفُصُولِ يَدُلُّ عَلَيْهِ، لَا أَنَّ الْمُرَادَ منع الوجوب.
1 1/351.
2 "المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف" 2/228.
3 لم أجده في مظانه.
4 "المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف" 2/206-207.
مُصْحَفٍ بِغَيْرِ أَعْضَاءِ الطَّهَارَةِ كَبَطْنِهِ وَصَدْرِهِ وَلَا يَتَيَمَّمُ لِنَجَاسَةِ سُتْرَةٍ كَالْمَكَانِ وَحُكِيَ قَوْلٌ.
وَيَتَيَمَّمُ بِتُرَابٍ طَهُورٍ لَهُ غُبَارٌ وَالْأَصَحُّ غَيْرُ مُحْرَقٍ "وش" وَعَنْهُ وَبِسَبْخَةٍ1 "وش" وَعَنْهُ وَرَمْلٍ، قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ إنْ كَانَ لَهُمَا غُبَارٌ.
وَعَنْهُ فِيهِمَا لِعَدَمِ تُرَابٍ، وَقِيلَ وَبِمَا تَصَاعَدَ عَلَى الْأَرْضِ لِعَدَمٍ لَا مُطْلَقًا "هـ" وَلَا بِمُتَّصِلٍ بِهَا كَنَبَاتٍ "م".
وَمَا تَيَمَّمَ بِهِ كَمَاءٍ مُسْتَعْمَلٍ، وَقِيلَ يَجُوزُ كَمَا تَيَمَّمَ مِنْهُ فِي الْأَصَحِّ.
وَتُرَابٍ مَغْصُوبٍ كَالْمَاءِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ تُرَابُ مسجد "وش" وغيره2 وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، فَإِنَّهُ لَا يُكْرَهُ بِتُرَابِ زَمْزَمَ، مَعَ أَنَّهُ مَسْجِدٌ.
وَقَالُوا يُكْرَهُ إخْرَاجُ حصى الْمَسْجِدِ وَتُرَابِهِ لِلتَّبَرُّكِ وَغَيْرِهِ وَالْكَرَاهَةُ لَا تَمْنَعُ الصِّحَّةَ، وَلِأَنَّهُ لَوْ تَيَمَّمَ بِتُرَابِ الْغَيْرِ جَازَ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ لِلْإِذْنِ فِيهِ عَادَةً وَعُرْفًا، كَالصَّلَاةِ فِي أَرْضِهِ، وَلِهَذَا قَالَ أَحْمَدُ لِمَنْ اسْتَأْذَنَهُ فِي الْكِتَابَةِ مِنْ دَوَاتِهِ: هَذَا مِنْ الْوَرَعِ الْمُظْلِمِ. وَاسْتَأْذَنَ هُوَ فِي مَكَان آخَرَ فَحَمَلَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ عَلَى الْكِتَابَةِ الْكَثِيرَةِ.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 السبخة، محركة ومسكنة: أرض ذات نز وملح. "القاموس": "سبخ".
2 ليست في "ط".
وَقَدْ تَيَمَّمَ عليه السلام عَلَى الْجِدَارِ1، حَمَلَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَلَى أَنَّهُ لِإِنْسَانٍ يَعْرِفُهُ وَيَأْذَنُ فِيهِ، وَقَدْ يَتَوَجَّهُ أَنَّ تُرَابَ الْغَيْرِ يَأْذَنُ فِيهِ مَالِكُهُ عَادَةً وَعُرْفًا بِخِلَافِ تُرَابِ الْمَسْجِدِ، وَقَدْ قَالَ الْخَلَّالُ فِي الْأَدَبِ: التَّوَقِّي أَنْ لَا يُتَرِّبَ الْكِتَابَ إلَّا مِنْ الْمُبَاحَاتِ، ثُمَّ رُوِيَ عَنْ الْمَرُّوذِيِّ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ كَانَ يَجِيءُ مَعَهُ بِشَيْءٍ، وَلَا يَأْخُذُ مِنْ تُرَابِ الْمَسْجِدِ.
وَإِنْ خَالَطَ التُّرَابَ رَمْلٌ ونحوه فكالماء، وقيل يمنع "وش" وَلَوْ تَيَمَّمَ عَلَى شَيْءٍ طَاهِرٍ لَهُ غُبَارٌ جَازَ وَلَوْ وَجَدَ تُرَابًا "م".
وَلَا يَتَيَمَّمُ بِطِينٍ، قَالَ فِي الْخِلَافِ بِلَا خِلَافٍ، بَلْ يُجَفِّفُهُ إنْ أَمْكَنَهُ، وَالْأَصَحُّ فِي الْوَقْتِ.
وَإِنْ وَجَدَ ثَلْجًا وَتَعَذَّرَ تَذْوِيبُهُ لَزِمَهُ مَسْحُ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ فِي الْمَنْصُوص، وَفِي الْإِعَادَةِ رِوَايَتَانِ "م 24" وَأَعْجَبَ أَحْمَدُ حَمْلَ تُرَابٍ لِلتَّيَمُّمِ، وَعِنْدَ شَيْخِنَا وغيره لا وهو أظهر.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ – 24: قَوْلُهُ: "وَإِنْ وَجَدَ ثَلْجًا وَتَعَذَّرَ تَذْوِيبُهُ لَزِمَهُ مَسْحُ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ بِهِ فِي الْمَنْصُوصِ، وفي الإعادة روايتان" انتهى.
1 تقدم ص 265.
وَصِفَتُهُ أَنْ يَنْوِيَ اسْتِبَاحَةَ مَا يَتَيَمَّمُ لَهُ، ويعتبر معه تعيين الحدث كَمَا يَأْتِي1، وَقِيلَ: إنْ ظَنَّ فَائِتَةً فَلَمْ تَكُنْ أَوْ بَانَ غَيْرُهَا لَمْ يَصِحَّ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ إنْ نَوَى التَّيَمُّمَ فَقَطْ صَلَّى نَفْلًا. وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: إنْ نَوَى فَرْضَ التَّيَمُّمِ، أَوْ فَرْضَ الطَّهَارَةِ فَوَجْهَانِ، وَقِيلَ يصح بنية رفع الحدث "وهـ".
ثُمَّ يُسَمِّي، وَيَضْرِبُ بِيَدَيْهِ مُفَرِّجَتَيْ الْأَصَابِعِ، وَاحِدَةً يَمْسَحُ وَجْهَهُ بِبَاطِنِ أَصَابِعِهِ، وَكَفَّيْهِ بِرَاحَتَيْهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاسْتَحَبَّ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ضَرْبَتَيْنِ: وَاحِدَةً لِوَجْهِهِ، وَأُخْرَى لِيَدَيْهِ إلَى مِرْفَقَيْهِ، وَحَكَى رِوَايَةً وَلَا يَجِبُ ذَلِكَ "هـ ش م ر".
وَمَسَحَ جَمِيعَ وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ، وَالنِّيَّةُ فَرْضُ "وَ" وَفِيمَا تحت شعر خفيف وجهان "م 25"
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
إحْدَاهُمَا يَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ، قَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الْكُبْرَى وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ.
وَالرِّوَايَةُ الثانية: لا يلزمه، قلت: وهو قوي.
مَسْأَلَةٌ – 25: قَوْلُهُ: وَمَسْحُ جَمِيعِ وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ، وَالنِّيَّةُ فَرْضٌ وَفِيمَا تَحْتَ شَعْرٍ خَفِيفٍ وَجْهَانِ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ:
أَحَدُهُمَا: لَا يَجِبُ مَسْحُ ذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي2، وَالشَّرْحِ3، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَيَمْسَحُ مَا أَمْكَنَ مَسْحُهُ مِنْ ظَاهِرِ وَجْهِهِ وَلِحْيَتِهِ، وَقِيلَ مَا نَزَلَ مِنْ ذَقَنِهِ.
1 ص 301.
2 1/331.
3 "المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف" 2/222 - 223.
وَلَا يُسْتَحَبُّ مَضْمَضَةٌ، وَاسْتِنْشَاقٌ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَغَيْرُهُ، والمراد يكره.
والنية فرض.
وَالتَّسْمِيَةُ كَالْوُضُوءِ "وَ" وَعَنْهُ سُنَّةٌ، وَكَذَا التَّرْتِيبُ وَالْمُوَالَاةُ "وَ" وَقِيلَ سُنَّةٌ، وَقِيلَ: التَّرْتِيبُ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَهُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، وَلِهَذَا يُجْزِئُهُ مَسْحُ بَاطِنِ أَصَابِعِهِ مَعَ مَسْحِ وَجْهِهِ، وَلَا يَجِبَانِ فِي تَيَمُّمِ حَدَثٍ أَكْبَرَ، وَقِيلَ بَلَى "وش" وَقِيلَ الْمُوَالَاةُ.
وَإِنْ تَيَمَّمَ بِبَعْضِ يَدِهِ، أَوْ بِحَائِلٍ فَكَالْوُضُوءِ، وَكَذَا لَوْ يَمَّمَهُ غَيْرُهُ، وَاخْتَارَ الأزجي وغيره لا يصح، لعدم قصده.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجِبُ، قَالَ فِي الْمُذَهَّبِ مَحَلُّ التَّيَمُّمِ جَمِيعُ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ مِنْ الْوَجْهِ، مَا عَدَا الْفَمَ وَالْأَنْفَ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الرِّعَايَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَقَالَ فِي الْفُصُولِ: وَيَجِبُ مَسْحُ جَمِيعِ الْوَجْهِ، فَلَا يَسْقُطُ سوى المضمضة والاستنشاق.
وإن سفت الريح غبارا فَمَسَحَ وَجْهَهُ بِمَا عَلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ فَصَلَهُ ثُمَّ رَدَّهُ إلَيْهِ، أَوْ مَسَحَ بِغَيْرِ مَا عَلَيْهِ صَحَّ، وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ إنْ نَقَلَهُ مِنْ الْيَدِ إلَى الْوَجْهِ أَوْ عَكْسه فَفِيهِ تَرَدُّدٌ، وَلَوْ نَوَى وَصَمَدَ لِلرِّيحِ فَعَمَّ التُّرَابُ فَقِيلَ يَصِحُّ، وَقِيلَ إنْ مَسَحَهُ بِيَدَيْهِ، وَقِيلَ لَا "م 26 و 27" وَقِيلَ إنْ تَيَمَّمَ بِيَدٍ، أَوْ أَمَرَّ الْوَجْهَ عَلَى التُّرَابِ لَمْ يَصِحَّ.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مسألة – 26- 27: قَوْلُهُ: "وَلَوْ نَوَى وَصَمَدَ لِلرِّيحِ فَعَمَّ التُّرَابُ فَقِيلَ يَصِحُّ، وَقِيلَ إنْ مَسَحَهُ بِيَدَيْهِ، وَقِيلَ لَا" انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ:
أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ، وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ، وَالْمَجْدِ، وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَقَدَّمَهُ فِي شَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يصح، قال الشارح: قال شيخنا: والصحيح أنه لا يجزئه، وهو اختيار ابن عقيل؛ لأنه لم يمسح. انتهى. قَدَّمَهُ فِي الْكَافِي1، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وغيره، وأطلقهما الشارح والزركشي.
والوجه الثالث: إنْ مَسَحَ أَجْزَأَ، وَإِلَّا فَلَا، جَزَمَ بِهِ فِي الْفَائِقِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَالرَّأْسِ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ بَعْدَ أَنْ قَدَّمَ مَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشَّرِيفُ: وَعِنْدَهُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ إلَّا أَنْ يُمِرَّ يَدَهُ، لِأَنَّ مُرُورَ التُّرَابِ عَلَى الْوَجْهِ لَا يُسَمَّى مَسْحًا، حَتَّى يُمِرَّ مَعَهُ الْيَدَ أَوْ شَيْئًا يَتْبَعُهُ التُّرَابُ، انْتَهَى، قَالَ الشَّارِحُ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ اخْتِيَارَ الشَّيْخِ وَهُوَ ابْنُ عَقِيلٍ فَعَلَى هَذَا: إنْ مَسَحَ وَجْهَهُ بِمَا عَلَيْهِ أَجْزَأَ لِحُصُولِ مَسْحٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُجْزِئَهُ، انْتَهَى، وَصَحَّحَ فِي الْمُغْنِي2 عَدَمَ الْإِجْزَاءِ إذَا لَمْ يَمْسَحْ، وَمَعَ الْمَسْحِ أَطْلَقَ احْتِمَالَيْنِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
تَنْبِيهٌ: اشْتَمَلَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى مَسْأَلَتَيْنِ: مَسْأَلَةُ 26 مَا إذَا نَوَى وَصَمَدَ لِلرِّيحِ فَعَمَّ التُّرَابُ وَلَمْ يَمْسَحْهُ بِيَدَيْهِ، وَمَسْأَلَةُ 27 مَا إذَا فَعَلَ ذَلِكَ ومسحه بيديه.
1 1/141.
2 1/324.