المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌مقدمة

- ‌كتاب الطهارة

- ‌أقسام الماء الثلاثة

- ‌فصل: القسم الأول: طهور

- ‌فصل: القسم الثاني: طاهر

- ‌فصل: القسم الثالث: نجس

- ‌تَنْبِيهَاتٌ:

- ‌باب الآنية

- ‌الأحكام المتعلقة بالآنية

- ‌باب الاستطابة

- ‌الأقوال في استقبال القبلة واستدبارها حال التخلي

- ‌فَصْلٌ: فَإِذَا فَرَغَ مَسَحَ بِيَسَارِهِ ذَكَرَهُ مِنْ أصله

- ‌باب السواك وغيره

- ‌الأحكام المتعلقة بالسواك وغيره

- ‌باب الوضوء

- ‌اشتراط النية في الطهارة

- ‌فَصْلٌ: ثُمَّ يَغْسِلُ يَدَيْهِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ

- ‌باب مسح الحائل

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: يُشْتَرَطُ لِلْمَسْحِ اللُّبْسُ عَلَى طَهَارَةٍ

- ‌باب نواقض الطهارة الصغرى

- ‌الأول: الخارج من السبيلين

- ‌الثَّانِي: خُرُوجُ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ مِنْ بَقِيَّةِ لبدن

- ‌الثالث: زوال العقل أو تغطيته

- ‌الرابع: مس فرج آدمي بيده

- ‌الخامس: لمسه أنثى لشهوة

- ‌السَّادِسُ: أَكْلُ لَحْمِ الْجَزُورِ

- ‌السَّابِعُ: غُسْلُ الْمَيِّتِ

- ‌الثَّامِنُ: الرِّدَّةُ

- ‌ما يحرم على المحدث

- ‌باب الغسل

- ‌موجبات الغسل

- ‌فَصْلٌ: يُسْتَحَبُّ الْغُسْلُ لِلْجُمُعَةِ

- ‌فصل: في صفة الغسل

- ‌باب التيمم

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: وَلَا يَتَيَمَّمُ لِخَوْفِ فَوْتِ فَرْضٍ

- ‌فَصْلٌ: وَإِنْ تَيَمَّمَ لِحَدَثٍ أَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ نَاوِيًا أَحَدَهُمَا اخْتَصَّ بِهِ

- ‌باب ذكر النجاسة وإزالتها

- ‌مدخل

- ‌فصل: والخمر نجاسة

- ‌باب الحيض

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: وَلَا حَيْضَ قَبْلَ تَمَامِ تِسْعِ سِنِينَ

- ‌فَصْلٌ: وَالْمُبْتَدَأَةُ بِدَمٍ أَسْوَدَ

- ‌فَصْلٌ: الْمُسْتَحَاضَةُ

- ‌فَصْلٌ: وَتَغْسِلُ الْمُسْتَحَاضَةُ فَرْجَهَا وَتَعْصِبُهُ

- ‌فصل: لَا حَدَّ لِأَقَلِّ النِّفَاسِ

- ‌كتاب الصلاة

- ‌مدخل

- ‌معناها لغة واصطلاحا

- ‌حكمها وعلى من تجب

- ‌باب المواقيت

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: وَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِخُرُوجِ وَقْتِهَا وَهُوَ فِيهَا

الفصل: ‌فصل: القسم الأول: طهور

‌كتاب الطهارة

‌أقسام الماء الثلاثة

‌فصل: القسم الأول: طهور

كتاب الطهارة

أَقْسَامُ الْمَاءِ ثَلَاثَةٌ:

طَهُورٌ: يَرْفَعُ وَحْدَهُ الْحَدَثَ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْبَاقِي عَلَى خِلْقَتِهِ مُطْلَقًا، وَلَا يُكْرَهُ مُتَغَيِّرٌ بِنَجِسٍ مُجَاوِرٍ "ش" أَوْ مُسَخَّنٌ بِطَاهِرٍ لِذَلِكَ، بَلْ لِشِدَّةِ حَرِّهِ "وَ" فِي الْكُلِّ. وَيَأْتِي فِي نَجَاسَةِ الرِّيحِ مَا يتعلق بذلك1.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 ص 346.

ص: 55

وَعَنْ "هـ" رِوَايَةٌ فِي نَبِيذٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ فِي سَفَرٍ لِعَدَمٍ، فَتُعْتَبَرُ النِّيَّةُ عِنْدَهُ، وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ يَتَيَمَّمُ مَعَهُ. وَنَصُّ أَحْمَدَ لَا يُسَوَّغُ الِاجْتِهَادُ فِي حِلِّ الْمُسْكِرِ، فَكَيْفَ الطَّهَارَةُ بِهِ؟ قَالَهُ شَيْخُنَا، وَسَلَّمَ الْقَاضِي أَنَّهُ يُسَوَّغُ.

قَالَ ثَعْلَبٌ1: طَهُورٌ بِفَتْحِ الطَّاءِ الطَّاهِرُ فِي ذَاتِهِ، الْمُطَهِّرُ لِغَيْرِهِ. قَالَ أَصْحَابُنَا: فَهُوَ مِنْ الْأَسْمَاءِ الْمُتَعَدِّيَةِ بِمَعْنَى الْمُطَهِّرِ، وِفَاقًا لِلْمَالِكِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ. وَقَالَ فِي الْفُنُونِ: الطَّهَارَةُ النَّزَاهَةُ، فَطَاهِرٌ: نَزِهٌ، وَطَهُورٌ: غَايَةٌ فِي النَّزَاهَةِ، لَا لِلتَّعَدِّي، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عليه السلام:"خُلِقَ الْمَاءُ طَهُورًا، لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ" 2 فَفَسَّرَ كَوْنَهُ طَهُورًا بِالنَّزَاهَةِ3، لا ينجس بغيره لا بأنه

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 هو أبو العباس، أحمد بن يحيى بن زيد الشيباني، إمام الكوفة في النحو واللغة. من مصنفاته:"الفصيح"، "قواعد الشعر"، "معاني القرآن" وغيرها. "ت291هـ". "طبقات الحنابلة" 1/83، "الأعلام" 1/267.

2 أخرجه أبو داود "66"، والترمذي "66"، والنسائي في "المجتبى" 1/174، من حديث أبي سعيد الخدري.

3 ليست في "ط".

ص: 56

يُطَهِّرُ غَيْرَهُ. فَمَنْ تَعَاطَى فِي طَهُورٍ غَيْرَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِعُ فَقَدْ أَبْعَدَ. فَحَصَلَ عَلَى كَلَامِهِ الْفَرْقُ بَيْنَهَا بِغَيْرِ التَّعَدِّي.

وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: إنَّهُ مِنْ الْأَسْمَاءِ اللَّازِمَةِ بِمَعْنَى الطَّاهِرِ؛ لِأَنَّ الْمَنْقُولَ عَنْ الْخَلِيلِ وَسِيبَوَيْهِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ مَصْدَرٌ، كَالطَّهَارَةِ1، وَإِنَّمَا الشَّرْعُ جَعَلَ الْمَاءَ مُطَهِّرًا، وَرَدَّ الْمُطَرِّزِيُّ2 قَوْلَ ثَعْلَبٍ، وَقَالَ: لَيْسَ فَعُولٌ مِنْ التَّفْعِيلِ فِي شَيْءٍ، وَقِيَاسُهُ عَلَى الْأَفْعَالِ الْمُتَعَدِّيَةِ كَالْقَطُوعِ غَيْرُ سَدِيدٍ.

وَقَالَ الْيَزِيدِيُّ3: الطُّهُورُ بِالضَّمِّ الْمَصْدَرُ، وَحُكِيَ فِيهِمَا الضَّمُّ وَالْفَتْحُ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ4: الطَّهُورُ اسْمٌ لِمَا تَطَهَّرْت بِهِ. وَكَذَا قَالَ شَيْخُنَا: التَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَيْسَ مَعْدُولًا عَنْ طَاهِرٍ حَتَّى يُشَارِكَهُ فِي اللُّزُومِ وَالتَّعَدِّي بِحَسَبِ اصْطِلَاحِ النُّحَاةِ، كَضَارِبٍ وَضَرُوبٍ، وَلَكِنَّهُ مِنْ أَسْمَاءِ الْآلَاتِ الَّتِي يُفْعَلُ بِهَا كَوَجُورٍ5، وَفَطُورٍ، وَسَحُورٍ، وَنَحْوِهِ، وَيَقُولُونَ ذَلِكَ بِالضَّمِّ لِلْمَصْدَرِ نَفْسُ الْفِعْلِ، فَأَمَّا طَاهِرٌ فَصِفَةٌ مَحْضَةٌ لَازِمَةٌ، لَا تدل على ما يتطهر به.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 جائت هذه العبارة في "ب" بعد قوله: "وقال في الفنون" في الصفحة السابقة.

2 هو: أبو الفتح، برهان الدين، ناصر بن عبد السيد الخوارزمي، المطرزي، من فقهاء الحنفية. كان رأساً في الاعتزال. من مصنفاته:"الإيضاح"، "المغرب في ترتيب المعرب"، "المصباح". "ت610هـ". "الجواهر المضية" 2/190.

3 هو: أبو محمد، يحيى بن المبارك بن المغيرة العدوي، اليزيدي، من أهل البصرة، عالم باللغة والأدب. من مصنفاته:"النوادر"، "المقصور والممدود"، "مناقب بني العباس". "ت202هـ". "طبقات النحويين" ص 60.

4 هو: أبو نصر، إسماعيل بن حماد الجوهري، صاحب كتاب "الصحاح". "ت393هـ". "معجم الأدباء" 2/269.

5 الوجور، بفتح الواو وزان رسول: الدواء يصب في الحلق. "المصباح": "وجر".

ص: 57

وَفَائِدَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَائِعَاتِ لَا تُزِيلُ النَّجَاسَةَ، قَالَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ. قَالَ شَيْخُنَا: وَفَائِدَةٌ ثَانِيَةٌ، وَلَا تَدْفَعُهَا عَنْ نَفْسِهَا، وَالْمَاءُ يُدْفَعُ بِكَوْنِهِ مُطَهِّرًا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عليه السلام:"خُلِقَ الْمَاءُ طَهُورًا لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ" 1 وَغَيْرُهُ لَيْسَ بِطَهُورٍ، فَلَا يُدْفَعُ. وَأَجَابَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ المالكية عن قولهم في طهارة2 الْمُسْتَعْمَلِ: الطَّهُورِ مَا تَكَرَّرَ مِنْهُ التَّطْهِيرُ أَنَّ المراد جنس الماء أو3 كل جُزْءٍ مِنْهُ إذَا ضُمَّ إلَى غَيْرِهِ وَبَلَغَ قُلَّتَيْنِ، أَوْ أَنَّ مَعْنَاهُ يَفْعَلُ التَّطْهِيرَ، وَلَوْ أُرِيدَ مَا ذَكَرُوهُ لَمْ يَصِحَّ وَصْفُهُ بِذَلِكَ إلا بعد الفعل.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 تقدم ص 56.

2 في "ط": "طهورية".

3 في "ط": "و".

ص: 58

وَلَا يُكْرَهُ مُشَمَّسٌ قَصْدًا "ش" وَمُتَغَيِّرٌ بِمُكْثِهِ "وَ" وَقِيلَ: يُكْرَهَانِ، وَقِيلَ، أَوْ غَيْرُ قَصْدٍ مِنْ مَاءِ آنِيَةٍ فِي جَسَدِهِ، وَلَوْ فِي طَعَامٍ يَأْكُلُهُ، فَإِنْ بَرَدَ مُشَمَّسٌ فَاحْتِمَالَانِ "م 1" وفي النصيحة للآجري1: يكره المشمس، يقال: يُورِثُ الْبَرَصَ2.

وَإِنْ غَيَّرَهُ غَيْرُ مُمَازِجٍ، كَدُهْنٍ وَقِطَعِ كَافُورٍ، فَطَهُورٌ، فِي الْأَصَحِّ "م" وَكَذَا ملح مائي "و".

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

مَسْأَلَةٌ - 1 قَوْلُهُ: "وَلَا يُكْرَهُ مُشَمَّسٌ قَصْدًا" وَقِيلَ: يُكْرَهُ، "وَقِيلَ: أَوْ غَيْرَ قَصْدٍ مِنْ مَاءِ آنِيَةٍ

، وَلَوْ فِي طَعَامٍ يَأْكُلُهُ، فَإِنْ بَرَدَ

فاحتمالان" انتهى.

أحدهما: لَا تَزُولُ الْكَرَاهَةُ بِذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَزُولُ، قُلْت: يُحْتَمَلُ أَنْ يَرْجِعَ فِي ذَلِكَ إلَى أرباب الخبرة، فإن

1 هو: أبو بكر، محمد بن الحسين بن عبد الله الآجري، البغدادي، فقيه، محدث، أخباري. من مصنفاته:"آداب االعلماء"، "الشريعة"، "النصيحة"، وغيزها. "ت360هـ". "طبقات الشافعية" 3/149.

2 أخرجه الدارقطني في "سننه" 1/38، عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وقد سخنت ماء في الشمس، فقال:"لا تفعلي يا حميرا، فإنه يورث البرص".

ص: 59

وهل يكره المسخن بنجس أم لا "وم" فِيهِ رِوَايَتَانِ وَكَذَا مُسَخَّنٌ بِمَغْصُوبٍ، وَكَذَا رَفْعُ حَدَثٍ بِمَاءِ زَمْزَمَ، وَقِيلَ يَحْرُمُ كَإِزَالَةِ نَجَاسَةٍ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ "م 2 - 5" وَحَرَّمَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ حيث تَنَجَّسَ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِلَّةَ النَّهْيِ تَعْظِيمُهُ، وقد زال بنجاسته،

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

قَالُوا حُكْمُهُ إذَا بَرَدَ: حُكْمُهُ حَالَ التَّشْمِيسِ كَانَ كَذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا.

مَسْأَلَةٌ -2-5: قَوْلُهُ: "وَهَلْ يُكْرَهُ الْمُسَخَّنُ بِنَجِسٍ أَمْ لَا؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، وَكَذَا مُسَخَّنٌ بِمَغْصُوبٍ، وَكَذَا رَفْعُ حَدَثٍ بِمَاءِ زَمْزَمَ، وَقِيلَ: يَحْرُمُ، كَإِزَالَةِ نَجَاسَةٍ1 بِهِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ" انْتَهَى. ذَكَرَ مَسَائِلَ وَأَطْلَقَ فِيهَا الْخِلَافَ:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-2: الْمَاءُ الْمُسَخَّنُ بِنَجِسٍ هَلْ يُكْرَهُ أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُقْنِعِ2، وَالْهَادِي، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمِحْوَرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالزَّرْكَشِيُّ، وَغَيْرِهِمْ:

إحْدَاهُمَا: يُكْرَهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُجَرَّدِ لِلْقَاضِي، وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ3 وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي رُءُوسِ الْمَسَائِلِ لِأَبِي الْخَطَّابِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: وَهُوَ الْأَظْهَرُ، قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: وَيُكْرَهُ الْمُسَخَّنُ بِالنَّجَاسَاتِ عَلَى الْأَصَحِّ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: وَإِنْ سُخِّنَ بِنَجَاسَةٍ كُرِهَ فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: اخْتَارَهُ الأكثر، قال ناظم المفردات: هذا الأشهر.

1 بعدها في "ص" و"ط": "به".

2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/47.

3 هو: تقي الدين، أحمد بن محمد الأدمي، البغدادي. صاحب "المنور في راجح المحرر"، و"المنتخب". ولم تؤرخ وفاته. "المنهج الأحمد" 5/72، "الدر المنضد" 2/500.

ص: 60

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُكْرَهُ، قَالَ فِي الْفَائِقِ: وَلَوْ سُخِّنَ بِنَجَاسَةٍ لَا تَصِلُ إلَيْهِ لَمْ يُكْرَهْ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: وَفِي كَرَاهَةِ مُسَخَّنٍ بِنَجَاسَةٍ رِوَايَةٌ، فَدَلَّ أَنَّ الْمُقَدَّمَ عِنْدَهُ لَا يُكْرَهُ، وَقَدَّمَهُ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي "رُءُوسِ الْمَسَائِلِ".

تَنْبِيهٌ: ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ في محل الخلاف طريقتين، وقد ذَكَرْت فِي الْإِنْصَافِ1 فِي مَحَلِّ الْخِلَافِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ طَرِيقَةً، وَذَكَرْت مَنْ اخْتَارَ كُلَّ طَرِيقَةٍ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ- 3: حَكَى فِي كَرَاهَةِ الْمُسَخَّنِ بِالْمَغْصُوبِ رِوَايَتَيْنِ، وَأَطْلَقَهُمَا، وَهُمَا وَجْهَانِ مُطْلَقَانِ فِي الْحَاوِيَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يُكْرَهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ النَّاظِمُ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى كُرِهَ عَلَى الْأَصَحِّ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي مُذَكِّرَتِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْآمِدِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى.

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُكْرَهُ. قُلْت وَيُحْتَمَلُ التَّحْرِيمُ، وَلَمْ أَرَهُ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ- 4: رَفْعُ الْحَدَثِ بِمَاءِ زَمْزَمَ: هَلْ يُكْرَهُ، أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْفُصُولِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمْ:

إحْدَاهُمَا لَا يُكْرَهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي التَّلْخِيصِ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ2، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَشَرْحِ ابْن عُبَيْدَانَ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4، وَقَالَا: هَذَا أَوْلَى، وَكَذَا قَالَ ابْنُ عُبَيْدَانَ: قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هذا أقوى الروايتين،

1 "المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف" 1/49.

2 أبو عبد الله، محمد بن تميم الحراني. صنف مختصراً في الفقه، وصل فيه إلى أثناء الزكاة. توفي قريباً من سنة خمس وسبعين وست مئة. "المقصد الأرشد" 2/386.

3 1/29.

4 "المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف" 1/51.

ص: 61

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

وَصَحَّحَهُ فِي نَظْمِهِ وَابْنُ رَزِينٍ1 فِي شَرْحِهِ، وإليه ميل المجد في المنتقى.

والرواية الثانية يُكْرَهُ، جَزَمَ بِهِ نَاظِمُ "الْمُفْرَدَاتِ"، وَقَدْ قَالَ:

بَنَيْتهَا عَلَى الصَّحِيحِ الْأَشْهَرِ.

وَقَدَّمَهُ الْمَجْدُ فِي "شَرْحِهِ". وَقَالَ نَصَّ عَلَيْهِ، وَابْنُ رَزِينٍ. وَقَوْلُهُ: وَقِيلَ يُكْرَهُ الْغُسْلُ، لَا الْوُضُوءُ، هُوَ رِوَايَةٌ فِي التَّلْخِيصِ.

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ- 5: لَوْ أَزَالَ بِهِ نَجَاسَةً: هَلْ يَحْرُمُ أَوْ يُكْرَهُ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ:

أَحَدُهُمَا: يُكْرَهُ فَقَطْ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ، وَالْمُغْنِي2 وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَالشَّرْحِ3 وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَالْمُنَوِّرِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي التَّلْخِيصِ، وَغَيْرِهِ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، وَغَيْرِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يحرم، ولم أر من اختاره. "وإطلاق" الْخِلَافِ مِنْ الْمُصَنِّفِ هُنَا فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ فِي كَلَامِهِ إيمَاءٌ إلَى أَنَّ الْمُقَدَّمَ التَّحْرِيمُ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ: فَإِنْ اخْتَلَفَ التَّرْجِيحُ مِنْ جِهَةِ الدَّلِيلِ، وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ، أَوْ يَكُونَ اطَّلَعَ عَلَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِمَّا لَمْ نَطَّلِعْ عَلَيْهِ، وَالْمُصَنِّفُ لَهُ مِنْ الِاطِّلَاعِ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِ، وَهَذَا أَوْلَى.

تَنْبِيهٌ: قَالَ فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ: وَمَاءُ زَمْزَمَ كَغَيْرِهِ، وَعَنْهُ يُكْرَهُ الْغُسْلُ مِنْهَا، فَظَاهِرُهُ أَنَّ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ كَالطَّهَارَةِ بِهِ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ قَوْلٌ بِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ بِهِ، بَلْ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ، وَيَحْتَمِلُهُ الْقَوْلُ الْمَسْكُوتُ عَنْهُ فِي النَّظْمِ قَالَ ابْنُ أَبِي الْمَجْدِ4 فِي مُصَنَّفِهِ: وَيُكْرَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ فِي الأصح، فظاهر ضد الأصح

1 هو: عبد الرحمن بن رزين بن عبد العزيز الغساني، الحوراني، الدمشقي. له كتاب "التهذيب" اختصر فيه "المغني". "ت656هـ". "المقصدر الأرشد" 2/88.

2 1/30.

3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/51.

4 هو: أبو المحاسن، جمال الدين، يوسف بن ماجد بن أبي المجد المرداوي، الحنبلي. له تبييض على "الفروع" ناقش فيه مصنفه، وله "شرح المحرر". "ت 783". "الجوهر المنضد" 179، و"معجم المؤلفين" 4/178.

ص: 62

وَقَدْ قِيلَ إنَّ سَبَبَ النَّهْيِ اخْتِيَارُ الْوَاقِفِ وَشَرْطُهُ، فَعَلَى هَذَا اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ: لَوْ سُبِّلَ مَاءٌ لِلشُّرْبِ، هَلْ يَجُوزُ الْوُضُوءُ1 مِنْهُ مَعَ الكراهة، أم يحرم على وجهين "م 6".

وَقِيلَ يُكْرَهُ الْغُسْلُ "خ" لَا الْوُضُوءُ "وَ" واختاره شيخنا. وفي

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

دُخُولُ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ فِيهِ "قُلْت" وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ مَنْ لَمْ يَذْكُرْ الْمَسْأَلَةَ، وَلَمْ أَرَ من صرح به.

المسألة- 6 قَوْلُهُ: وَقَدْ قِيلَ إنَّ سَبَبَ النَّهْيِ اخْتِيَارُ الْوَاقِفِ وَشَرْطُهُ، فَعَلَى هَذَا اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ: لَوْ سُبِّلَ مَاءٌ لِلشُّرْبِ: هَلْ يَجُوزُ الْوُضُوءُ مَعَ الْكَرَاهَةِ أَمْ يَحْرُمُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، انْتَهَى.

قُلْت: ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِي الْوَقْفِ التَّحْرِيمُ، لِأَنَّ أَكْثَرَهُمْ قَطَعَ بِأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ مَصْرِفُ الْوَقْفِ إلَى الْجِهَةِ الْمُعَيَّنَةِ، وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ2، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُشْبِهُ تِلْكَ، بَلْ لَوْ قِيلَ إنَّهَا فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِهَا فِي بَعْضِ صُوَرِهَا لَكَانَ قَوِيًّا، وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِخُصُوصِيَّتِهَا هُنَاكَ، فَقَالَ: وَيَتَعَيَّنُ مَصْرِفُ الْوَقْفِ إلَى الْجِهَةِ الْمُعَيَّنَةِ لَهَا، وَقِيلَ: إنْ سُبِّلَ مَاءٌ لِلشُّرْبِ جَازَ الْوُضُوءُ مِنْهُ، فَظَاهِرُ مَا قُدِّمَ عَدَمُ الْجَوَازِ. وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَتَقَدَّمَ وَجْهٌ بِتَحْرِيمِ الْوُضُوءِ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ، فَعَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَةِ الْمُنْفَصِلِ وَاضِحٌ "وَقِيلَ" لِمُخَالَفَةِ شَرْطِ الْوَاقِفِ، وَأَنَّهُ لَوْ سُبِّلَ مَاءٌ لِلشُّرْبِ فَفِي كَرَاهَةِ الْوُضُوءِ مِنْهُ وَتَحْرِيمِهِ وَجْهَانِ فِي فَتَاوَى ابْنِ الزَّاغُونِيِّ وَغَيْرِهَا انتهى، فحكى ذلك وأن المقدم تَعْيِينُ مَصْرِفِهِ. فَإِنْ قِيلَ: لَيْسَ هَذَا بِوَقْفٍ، وَإِنَّمَا هُوَ إبَاحَةُ الْمَاءِ لِلشُّرْبِ، قُلْت يَشْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ صُوَرًا:

مِنْهَا: أَنْ يُوقَفَ شَيْئًا لِظُهُورِ الْمَاءِ، فَإِذَا ظَهَرَ جَعَلَهُ لِلشُّرْبِ، فَهَذَا مِثْلُ نَمَاءِ الْوَقْفِ، فَيَتَعَيَّنُ مَصْرِفُهُ.

وَمِنْهَا: أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ يَحْتَاجُ إلَى مُؤْنَةٍ فَيُوقَفُ عَلَيْهِ

1 بعدها في "ب" و"ط": "منه".

2 7/360.

ص: 63

مَنْسَكِ ابْنِ الزَّاغُونِيِّ: يُسْتَحَبُّ الْوُضُوءُ وَقِيلَ: إنْ ظَنَّ وُصُولَ النَّجَاسَةِ كُرِهَ وَإِنْ ظَنَّ عَدَمَهُ فَلَا، وَإِنْ تَرَدَّدَ فَرِوَايَتَانِ، وَإِنْ وَصَلَ دُخَانُهَا فَهَلْ هُوَ كَوُصُولِ نَجِسٍ أَوْ طَاهِرٍ؟ مَبْنِيٌّ عَلَى الِاسْتِحَالَةِ.

وَعَنْهُ يُكْرَهُ مَاءُ الْحَمَّامِ لِعَدَمِ تَحَرِّي مَنْ يُدْخِلُهُ. وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ: أُحِبُّ أَنْ يُجَدِّدَ مَاءً غَيْرَهُ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا يُكْرَهُ مَاءٌ جَرَى عَلَى الْكَعْبَةِ، وَصَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَإِنْ غَيَّرَهُ مَا شَقَّ صَوْنُهُ عَنْهُ لَمْ يُكْرَهْ فِي الْأَصَحِّ، فَإِنْ وُضِعَ قَصْدًا أَوْ خَالَطَهُ مَا لَمْ يَشُقُّ وَقِيلَ حَتَّى التُّرَابُ وَغَيَّرَ كَثِيرًا وَقِيلَ أَوْ قَلِيلًا صِفَةً، وَقِيلَ أو أكثر فطاهر. اختاره الأكثر "وم. ش" لأنه ليس بماء مطلق،

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

وَمِنْهَا: أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ لَا يَحْتَاجُ إلَى مُؤْنَةٍ، وَيَجْعَلُهُ لِلشُّرْبِ، فَهَذَا شَبِيهٌ بِالْوَقْفِ، بَلْ قَدْ قَالَ فِي الْفَائِقِ: وَيَجُوزُ وَقْفُ الْمَاءِ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْوَقْفِ1 وَفِي الْجَامِعِ: يَصِحُّ وَقْفُ الْمَاءِ، وَقَدْ اسْتَوْفَيْنَا النقول في ذلك في الإنصاف2.

1 7/333.

2 "المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف" 16/378-379.

ص: 64

لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءً فَشَرِبَهُ لَمْ يَحْنَثْ. وَلَوْ وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ مَاءٍ فَاشْتَرَاهُ لَمْ يَلْزَمْ الْمُوَكِّلَ، وَأَجَابَ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ: بِأَنَّ تَنَاوُلَ الِاسْمِ لِمُسَمَّاهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَغَيُّرٍ أَصْلِيٍّ وَطَارِئٍ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ، أَوْ لَا، وَإِنَّمَا الْفَرْقُ مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ، لِحَاجَةِ الِاسْتِعْمَالِ، وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءً، أو وكله في شراء ماء، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَ هَذَا وَهَذَا. وَقَالَ أَيْضًا: لَا يَتَنَاوَلُ مَاءَ الْبَحْرِ، فَكَذَا مَا كَانَ مِثْلَهُ فِي الصِّفَةِ.

وَعَنْهُ: طَهُورٌ، نَقَلَهُ الْأَكْثَرُ، قَالَهُ فِي الْكَافِي1 "وَ. هـ" وَهُوَ كَمَا قَالَ، فَإِنَّ الْأَوَّلَ ظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ أَبُو بَكْرٍ الصَّاغَانِيُّ2، وَالثَّانِي نَقَلَهُ جَمَاعَةٌ كَمَا لَوْ زَالَ تَغَيُّرُهُ، وَاخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ وَغَيْرُهُ وَشَيْخُنَا. وَعَنْهُ: مَعَ عَدَمِ غَيْرِهِ. وَخَصَّ الْخِرَقِيُّ الْعَفْوَ بِقَلِيلِ الرَّائِحَةِ، وَفِي قَوْلِهِ عليه السلام عَنْ مَاءِ الْحَوْضِ "أَشَدُّ بَيَاضًا مِنْ اللَّبَنِ" 3 دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِ مَا يَقُولُهُ قَوْمٌ: إنَّ الْمَاءَ لَا لَوْنَ لَهُ، وَذَكَرَهُ ابْنُ هبيرة4.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 1/9.

2 هو: أبو بكر، محمد بن إسحاق بن جعفر الصاغاني ثم البغدادي، الحافظ المجود الحجة، كان ذا معرفة واسعة، ورحلة شاسعة. كان أحد الأثبات المتقنين، مع صلابة في الدين، واشتهار بالسنة، واتساع في الرواية، "ت270هـ". "السير" 12/592.

3 أخرجه البخاري "6579"، من حديث عبد الله بن عمرو.

4 هو: أبو المظفر، عون الدين، يحيى بن محمد بن هبيرة الشيباني، البغدادي، الوزير. من مصنفاته:"الإفصاح عن معاني الصحاح"، "المقتصد"، وغيرهما. "ت560هـ". "الدر المنضد" 1/268.

ص: 65

وَلَا تَزُولُ طَهُورِيَّةُ مَاءٍ يَكْفِي طُهْرُهُ بِمَائِعٍ طَاهِرٍ لَمْ يُغَيِّرْهُ فِي الْأَصَحِّ "وَ" فَإِنْ لم يكف فروايتان "م 7".

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

مَسْأَلَةٌ -7: قَوْلُهُ "وَلَا تَزُولُ طَهُورِيَّةُ مَاءٍ يَكْفِي طُهْرُهُ بِمَائِعٍ طَاهِرٍ لَمْ يُغَيِّرْهُ فِي الْأَصَحِّ، فَإِنْ لَمْ يَكْفِ فَرِوَايَتَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ.

إحْدَاهُمَا: لَا تَزُولُ طَهُورِيَّتُهُ، وَتَصِحُّ الطَّهَارَةُ بِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ قَدَّمَهُ فِي الْكَافِي1 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ قَالَ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3: هَذَا أَوْلَى، وَصَحَّحَهُ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ تَابَعُوا الْمَجْدَ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ.

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا تَصِحُّ الطَّهَارَةُ بِهِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ، وَقَالَ: هُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، وَحَمَلَ ابْنُ عَقِيلٍ كَلَامَ الْقَاضِي عَلَى أَنَّ الْمَائِعَ لَمْ يُسْتَهْلَكْ.

تَنْبِيهٌ: تَابَعَ الْمُصَنِّفُ فِي عِبَارَاتِهِ ابْنَ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتَيْهِ، فَفَرَضَا الْخِلَافَ فِي الْمَسْأَلَةِ فِي زَوَالِ طَهُورِيَّةِ الْمَاءِ وَعَدَمِهِ، وَفَرَضَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ فِي مَنْعِ الطَّهَارَةِ مِنْهُ وَعَدَمِهِ، مِنْهُمْ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ، وَالشَّارِحُ، وَابْنُ رَزِينٍ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ4، وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ، وَنَصَرَهُ شَيْخُنَا فِي حَوَاشِيهِ، وَرَدَّ الْأَوَّلَ بأدلة جيدة ووجوه كثيرة، وملخصه أَنَّ كَلَامَ الْأَكْثَرِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الطَّاهِرَ هَلْ يَصِيرُ طَهُورًا تَبَعًا أَمْ هُوَ بَاقٍ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ؟ وَأَمَّا الطَّهُورُ فَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِزَوَالِ طَهُورِيَّتِهِ، وَالْمُصَنِّفُ حَكَى الْخِلَافَ فِي زَوَالِ طَهُورِيَّتِهِ فَخَالَفَ الْأَكْثَرَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

1 1/7.

2 1/27.

3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/110.

4 أبو عبد الله، شمس الدين، محمد بن عبد القوي بن بدارن المقدسي. له:"منظومة الآدب"، و"الفرائد" و"نظم المفردات". "ت699هـ". "المقصد الأرشد" 2/460، "الأعلام" 6/214.

ص: 66

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ص: 67

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ص: 68

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ص: 69