الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الحيض
مدخل
…
باب الحيض
وَهُوَ دَمُ طَبِيعَةٍ، يُمْنَعُ الطَّهَارَةُ لَهُ "و" وَالْوُضُوءُ، وَالصَّلَاةُ "ع" وَلَا تَقْضِيهَا "ع" قِيلَ لِأَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ: فَإِنْ أَحَبَّتْ أَنْ تَقْضِيَهَا؟ قَالَ: لَا، هَذَا خِلَافٌ، فَظَاهِرُ النَّهْيِ التَّحْرِيمُ، وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالُ يُكْرَهُ، لَكِنَّهُ بِدْعَةٌ كَمَا رَوَاهُ الْأَثْرَمُ عَنْ عِكْرِمَةَ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ إلَّا رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ، لِأَنَّهَا نُسُكٌ
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لَا آخِرَ لِوَقْتِهِ، فَيُعَايَا بِهَا.
وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ وَصْفَهُ لَهَا عليه السلام بِنُقْصَانِ الدِّينِ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ زَمَنَ الْحَيْضِ1، يَقْتَضِي أَنْ لَا تُثَابَ عليها، أو لأن نيتها2 تركها زمن الحيض، وفضل الله
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ عَنْ الْحَائِضِ: وَلَا تَقْضِي الصَّلَاةَ -: "وَلَعَلَّ الْمُرَادَ إلَّا رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ، لِأَنَّهَا نُسُكٌ لَا آخِرَ لِوَقْتِهِ فَيُعَايَا بِهَا" انْتَهَى، رَدَّ شَيْخُنَا وَابْنُ نَصْرِ اللَّهِ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي كَوْنِهَا تَقْضِي، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا قُلْنَا تَطُوفُ الْحَائِضُ، فَإِذَا طَافَتْ فَإِنَّهَا لَا تُصَلِّي حَتَّى تَطْهُرَ، وَقَدْ أَوْمَأَ إلَيْهِ شَيْخُنَا أَيْضًا.
3قُلْت وَلِلشَّافِعِيَّةِ فِيمَا إذَا طَافَتْ ثُمَّ حَاضَتْ قَبْلَ صَلَاةِ الرَّكْعَتَيْنِ وَجْهَانِ فِي قَضَائِهِمَا، اخْتَارَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ4 عَدَمَ الْقَضَاءِ، وَاخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْقَاصِّ، وَالْجُرْجَانِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، وحكي عن الأصحاب، القضاء3.
1 لعله يريد قوله صلى الله عليه وسلم: "أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم، فذلك نقصان دينها". أخرجه البخاري "1951"، ومسلم "79""132"، من حديث عبد الله بن عمر.
2 بعدها في "ط": "أَيْ كَأَنَّ عَقْدَ الصَّلَاةِ بِالنِّسْبَةِ لَهَا هُوَ".
3 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
4 هو: الحسين بن الحسين بن أبي هريرة الشافعي، انتهت إليه إمامة الشافعية في العراق. له:"شرح مختصر المزني". "ت345هـ". "الأعلام" 2/188.
يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ بِخِلَافِ الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ.
وَيَمْنَعُ الْحَيْضُ أَيْضًا الصَّوْمَ "ع" وَتَقْضِيهِ "ع" هِيَ، وَكُلُّ مَعْذُورٍ بِالْأَمْرِ السَّابِقِ لَا بِأَمْرٍ جَدِيدٍ فِي الْأَشْهَرِ. وَفِي الرِّعَايَةِ يَقْضِيهِ مُسَافِرٌ بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ، وَحَائِضٌ وَنُفَسَاءُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ عَلَى الْأَصَحِّ، كذا قال.
ويمنع الحيض الطَّوَافَ "و" وَعِنْدَ شَيْخِنَا بِلَا عُذْرٍ، وَعَنْهُ يَصِحُّ، وَيَجْبُرُهُ بِدَمٍ "وهـ" وَلَا يَلْزَمُهَا بَدَنَةٌ "هـ".
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَسُنَّةُ الطَّلَاقِ، وَقِيلَ: لَا بِسُؤَالِهَا كَالْخُلْعِ، وَفِيهِ وَجْهٌ، وَفِيهِ فِي الْوَاضِحِ رِوَايَتَانِ، وَمِثْلُهُ طَلَاقٌ بِعِوَضٍ.
وَمَسَّ الْمُصْحَفِ "و" وَقِيلَ: لَا، وَحَكَى رِوَايَةً، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا، قَالَ إنْ ظَنَّتْ نِسْيَانَهُ وَجَبَتْ، وَنَقَلَ الشَّالَنْجِيُّ كَرَاهَتَهَا "الْقِرَاءَةَ" لَهَا، وَلِجُنُبٍ، وَعَنْهُ لَا يَقْرَآنِ وَهِيَ أَشَدُّ، وَنَقَلَ إبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ فِيهَا أَحَادِيثُ كَرَاهِيَةٍ لَيْسَتْ قَوِيَّةً، وَكَرِهَهَا لَهَا.
وَيَمْنَعُ اللُّبْثَ فِي الْمَسْجِدِ "و" وَقِيلَ: لَا بِوُضُوءٍ، وَقِيلَ: وَيَمْنَعُ دُخُولَهُ، وَحَكَى رِوَايَةً كَخَوْفِهَا تَلْوِيثَهُ فِي الْأَشْهَرِ، وَنَصُّهُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ إبْرَاهِيمَ: تَمُرُّ وَلَا تَقْعُدُ.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَالْوَطْءَ "ع" وَلَيْسَ بِكَبِيرَةٍ فِي ظَاهِرِ مَا يَأْتِي "ش".
وَإِنْ انْقَطَعَ الدَّمُ أُبِيحَ فِعْلُ الصَّوْمِ "وم ش" وَطَلَاقٌ "وش وهـ" فِيهِمَا إنْ انْقَطَعَ لِأَقَلِّهِ وَلَمْ يَمْضِ وَقْتُ صَلَاةٍ، وَكَذَا الْوَطْءُ عِنْدَهُ فِي الْأَصَحِّ، وَعَنْهُ وَقِرَاءَةٌ اخْتَارَهُ الْقَاضِي "خ" وَلَمْ يُبِحْ الْبَاقِيَ قَبْلَ غُسْلِهَا.
وَلَوْ أَرَادَ وَطْأَهَا فَادَّعَتْ حَيْضًا وَأَمْكَنَ قَبَّلَ، نَصَّ عَلَيْهِ "ش" فِيمَا خَرَّجَهُ فِي مَجْلِسِهِ، لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ وَيُتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ مِنْ الطَّلَاقِ، وَأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَعْمَلَ بِقَرِينَةٍ وَأَمَارَةٍ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: اتَّفَقُوا عَلَى قَبُولِ قَوْلِ الْمَرْأَةِ: تَزُفُّ الْعَرُوسَ إلَى زَوْجِهَا تَقُولُ: هَذِهِ زَوْجَتُك وَعَلَى اسْتِبَاحَةِ
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَطْئِهَا بِذَلِكَ وَعَلَى تَصْدِيقِهَا فِي قَوْلِهَا: أَنَا حَائِضٌ، وَقَوْلِهَا: قَدْ طَهُرْت.
وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ وَأَبُو دَاوُد فِيمَنْ اشْتَرَى أَمَةً فَأَرَادَ اسْتِبْرَاءَهَا فَادَّعَتْ حَيْضًا أَيْضًا، قَالَ: يُعْجِبُنِي أَنْ يَحْتَاطَ، وَيَسْتَظْهِرَ حَتَّى يَرَى دَلَائِلَهُ، رُبَّمَا كَذَبَتْ.
وَتُغَسَّلُ الْمُسْلِمَةُ الْمُمْتَنِعَةُ قَهْرًا، وَلَا نِيَّةَ هُنَا لِلْعُذْرِ، كَالْمُمْتَنِعِ مِنْ زَكَاةٍ، وَالصَّحِيحُ لَا تُصَلِّي بِهِ، ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ.
وَيُغَسِّلُ الْمَجْنُونَةَ، وَيُتَوَجَّهُ وَيَنْوِيهِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُغَسِّلَهَا لِيَطَأَهَا، وَيَنْوِيَ غُسْلَهَا تَخْرِيجًا عَلَى الْكَافِرَةِ، وَيَأْتِي غُسْلُ الْكَافِرَةِ فِي عِشْرَةِ النِّسَاءِ1. وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي فِيهَا: لَا نِيَّةَ، لِعَدَمِ تَعَذُّرِهَا، بِخِلَافِ الْمَيِّتِ، وَأَنَّهَا تُعِيدُهُ إذَا فَاقَتْ، وَأَسْلَمَتْ وَكَذَا قَالَ الْقَاضِي فِي الْكَافِرَةِ: إنَّمَا يَصِحُّ فِي حَقِّ الْآدَمِيِّ، لِأَنَّ حَقَّهُ لَا يُعْتَبَرُ لَهُ النِّيَّةُ، فَيَجِبُ عَوْدُهُ إذَا أَسْلَمَتْ، وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ، وَلَا حَاجَةَ بِنَا إلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْحَقَّيْنِ، فِي حَقِّ الْمُسْلِمَةِ.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 8/394.
وَلَهُ أَنْ يَسْتَمْتِعَ مِنْ الْحَائِضِ بِغَيْرِ الْوَطْءِ فِي الْفَرْجِ، وَعَنْهُ لَا بِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي النِّهَايَةِ، لِخَوْفِهِ مُوَاقَعَةَ الْمَحْظُورِ، وَقِيلَ يَلْزَمُ سَتْرُ الْفَرْجِ.
وَإِنْ وَطِئَ فِيهِ بِحَائِلٍ أَوْ لَا لَزِمَهُ دِينَارٌ أَوْ نِصْفُهُ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، 1وَعَنْهُ نِصْفُهُ2 فِي إدْبَارِهِ، وَعَنْهُ بَلْ فِي أَصْفَرَ3، وَذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ بَلْ لِعُذْرٍ، وَاعْتَبَرَ شَيْخُنَا كَوْنَهُ مَضْرُوبًا، وَهُوَ أظهر، وفي القيمة
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 ليست في "ط".
2 يعني: إدبار الدم وقرب نهايته.
3 يعني: إذا كان الدم أصفر.
وَغَيْرُ مُكَلَّفٍ وَجْهَانِ "م 1 - 2".
وَذَكَرَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ هل الدينار هنا عشرة دراهم أَوْ اثْنَا عَشَرَ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ، وَمُرَادُهُ إذَا أَخْرَجَ دَرَاهِمَ كَمْ يُخْرِجُ؟ وَإِلَّا فَلَوْ أَخْرَجَ
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 1 – 2: قَوْلُهُ: فِي أَحْكَامِ كَفَّارَةِ الْوَطْءِ فِي الْحَيْضِ إذَا قُلْنَا بِوُجُوبِهَا قَالَ فَفِي إجْزَاءِ الْقِيمَةِ وَوُجُوبِهَا عَلَى "غَيْرِ مُكَلَّفٍ وَجْهَانِ" انْتَهَى، ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى -1: إذَا قُلْنَا بِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فَهَلْ تُجْزِئُ الْقِيمَةُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ:
أَحَدُهُمَا لَا تُجْزِئُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هُوَ فِي إخْرَاجِ الْقِيمَةِ كَالزَّكَاةِ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ لَا يُجْزِئُ إخْرَاجُهَا فِي الزَّكَاةِ، وَقَدَّمَ عَدَمَ الْإِجْزَاءِ هُنَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ: الْأَظْهَرُ أَنَّهَا لَا تُجْزِئُ كَالزَّكَاةِ، انْتَهَى، قُلْت وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ.
والوجه الثَّانِي تُجْزِئُ كَالْخَرَاجِ، وَالْجِزْيَةِ صَحَّحَهُ فِي الْفَائِقِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي1، وَالشَّرْحِ2، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ.
فَعَلَى الْأَوَّلِ يُجْزِئُ إخْرَاجُ الْفِضَّةِ عَنْ الذَّهَبِ، عَلَى الصَّحِيحِ، صَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي 1 وَالشَّرْحِ2 وَالْفَائِقِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَقَطَعَ بِهِ الْقَاضِي مُحِبُّ الدِّينِ بْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ، وَقَالَ: مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ هَذَا، انْتَهَى، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ، وَقِيلَ لَا يُجْزِئُ، حَكَاهُ فِي الْمُغْنِي1 وَغَيْرِهِ قَالَ: فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَحُكْمُهُ فِي إخْرَاجِ قِيمَتِهِ أَوْ غَيْرِهَا حُكْمُ الزَّكَاةِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ – 2: هَلْ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ عَلَى غَيْرِ الْمُكَلَّفِ، أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الْكُبْرَى، وَصَاحِبُ الفائق والقواعد الأصولية وغيرهم، وحكاه في الفائق روايتين:
1 1/419.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 2/383.
ذَهَبًا لَمْ يَعْتَبِرْ قِيمَتَهُ1 بِلَا شَكٍّ.
وَهُوَ كَفَّارَةٌ. قَالَ الْأَكْثَرُ: يَجُوزُ إلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ، كَنَذْرٍ مُطْلَقٍ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا وَجْهًا، وَمَنْ لَهُ أَخْذُ زَكَاةٍ لِحَاجَتِهِ، قَالَ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ وَكَذَا صَدَقَةٌ مُطْلَقَةٌ، وَيَأْتِي أَوَّلَ بَابِ ذِكْرِ أَهْلِ الزَّكَاةِ2.
وَذَكَرُوا فِي صَرْفِ الْوَقْتِ الْمُنْقَطِعِ رِوَايَةً إلَى الْمَسَاكِينِ، قَالُوا: لِأَنَّهُمْ مَصْرِفٌ لِلصَّدَقَاتِ، وَحُقُوقُ اللَّهِ مِنْ الْكَفَّارَاتِ وَنَحْوِهَا. فَإِذَا وَجَدَ صَدَقَةً غَيْرَ مُعَيَّنَةِ الْمَصْرِفِ انْصَرَفَتْ إلَيْهِمْ، كَمَا لَوْ نَذَرَ صَدَقَةً مُطْلَقَةً، وَعَلَّلُوا رِوَايَةَ صَرْفِهِ إلَى فُقَرَاءِ قَرَابَتِهِ بِأَنَّهُمْ أَهْلُ الصَّدَقَاتِ دُونَ الْأَغْنِيَاءِ، وَكَذَا قَالُوا فِيمَا إذَا أَوْصَى فِي أَبْوَابِ الْبِرِّ أَنَّ الْمَسَاكِينَ مَصَارِفُ الصَّدَقَاتِ وَالزَّكَوَاتِ.
وَعَنْهُ لَا كَفَّارَةَ "و" وَكَالْوَطْءِ بَعْدَ انْقِطَاعِهِ قَبْلَ غُسْلِهَا فِي الْمَنْصُوصِ، وَنَاسٍ، وَجَاهِلٍ، وَمُكْرَهٍ، وَامْرَأَةٌ كَذَلِكَ. قَالَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ: بِنَاءً عَلَى الصَّوْمِ، وَالْإِحْرَامِ، وَبَانَ بِهَذَا أَنَّ مَنْ كَرَّرَ الْوَطْءَ فِي حَيْضَةٍ أَوْ حَيْضَتَيْنِ أَنَّهُ في تكرار الكفارة كالصوم. وفي سقوطها بالعجز
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
إحْدَاهُمَا3: يَلْزَمُهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: انْبَنَى عَلَى وَطْءِ الْجَاهِلِ، وَالْمَذْهَبُ الْوُجُوبُ عَلَى الْجَاهِلِ، انْتَهَى، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي4، وَالشَّرْحِ5، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَلْزَمُهُ، وهو احتمال فِي الْمُغْنِي4، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ.
1 في النسخ الخطية: "قيمة"، والمثبت من "ط".
2 4/297.
3 الضمير عائد إلى مضمون "الخلاف المطلق" أي: وجهان. فهو تفصيل له، وليس تفصيلاً لروايتي صاحب "الفائق".
4 1/418.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 2/381.
رِوَايَتَانِ "م 3".
وَعَنْهُ يَلْزَمُ بِوَطْءِ دُبُرٍ، ذَكَرَهَا ابْنُ الْجَوْزِيِّ.
وَبَدَنُ الْحَائِضِ وَعَرَقُهَا، وَسُؤْرُهَا طَاهِرٌ، وَكَذَا لَا يُكْرَهُ طَبْخُهَا وَعَجْنُهَا، وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَلَا وَضْعُ يَدَيْهَا عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْمَائِعَاتِ، ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ جَرِيرٍ1 وَغَيْرُهُ "ع" سَأَلَهُ حَرْبٌ: تُدْخِلُ يَدَهَا فِي طَعَامٍ وَشَرَابٍ، وَخَلٍّ، وَتَعْجِنُ وَغَيْرُ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ مَا لَا يَفْسُدُ مِنْ الْمَائِعَاتِ بِمُلَاقَاتِهِ بَدَنَهَا، وَإِلَّا تَوَجَّهَ الْمَنْعُ فِيهَا، وَفِي الْمَرْأَةِ الْجُنُبِ.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةُ – 3: قَوْلُهُ: "وَفِي سُقُوطِهَا بِالْعَجْزِ رِوَايَتَانِ" وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ:
إحْدَاهُمَا لَا تَسْقُطُ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ2، فَإِنَّهُ قَالَ: تَسْقُطُ كَفَّارَةُ الْوَطْءِ فِي رَمَضَانَ بِالْعَجْزِ، وَلَا يَسْقُطُ غَيْرُهَا بِالْعَجْزِ مِثْلُ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ، وَالْيَمِينِ، وَكَفَّارَاتِ الْحَجِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ، نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ: وَعَلَيْهِ أَصْحَابُنَا، انْتَهَى، فَظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ دُخُولُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ تَسْقُطُ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَصَحَّحَهُ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ: وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ تَسْقُطُ كَفَّارَةُ وَطْءِ الْحَائِضِ بِالْعَجْزِ عَلَى الْأَصَحِّ، انْتَهَى، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَعَنْهُ تَسْقُطُ بِالْعَجْزِ عَنْهَا كُلِّهَا، لَا عَنْ بَعْضِهَا، لِأَنَّهُ لَا بَدَلَ فِيهَا، وَمَا هُوَ بِبَعِيدٍ، وَهِيَ شَبِيهَةٌ بِالْقُدْرَةِ على بعض صاع في الفطرة.
1 هو: أبو جعفر، محمد بن جرير بن يزيد الطبري، المفسر المؤرخ، كان من أفراد الدهر علماً، وذكاء، كثرة تصانيف. "ت310هـ". "سير أعلام النبلاء" 14/267.
2 5/58.