الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب أدب القاضي
مدخل
…
بَابُ أَدَبِ الْقَاضِي
يُسَنُّ كَوْنُهُ قَوِيًّا بِلَا عُنْفٍ لَيِّنًا بِلَا ضَعْفٍ. وَظَاهِرُ الْفُصُولِ: يَجِبُ ذلك حليما1 مُتَأَنِّيًا فَطِنًا وَإِنْ افْتَاتَ عَلَيْهِ الْخَصْمُ فَفِي الْمُغْنِي2: لَهُ تَأْدِيبُهُ وَالْعَفْوُ. وَفِي الْفُصُولِ: يَزْبُرُهُ3 فَإِنْ عَادَ عَزَّرَهُ وَاعْتَبَرَهُ بِدَفْعِ الصَّائِلِ وَالنُّشُوزِ وَفِي الرِّعَايَةِ: يَنْتَهِرُهُ وَيَصِيحُ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَظَاهِرُ ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَثْبُتْ بِبَيِّنَةٍ لَكِنْ هَلْ ظَاهِرُهُ يَخْتَصُّ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ؟ فِيهِ نَظَرٌ كَالْإِقْرَارِ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ أَوْ لِأَنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إلَى ذَلِكَ لِكَثْرَةِ الْمُتَظَلِّمِينَ عَلَى الْحُكَّامِ وَأَعْدَائِهِمْ فَجَازَ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ وَلِهَذَا شَقَّ رَفْعُهُ إلَى غَيْرِهِ فَأَدَّبَهُ بِنَفْسِهِ مَعَ أَنَّهُ حَقٌّ لَهُ وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي أَغْصَانِ الشَّجَرَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا: أَنَّ مَا يَشُقُّ رفعه إلى الحاكم لا يرفع.
وَيُسَنُّ كَوْنُهُ بَصِيرًا بِأَحْكَامِ الْحُكَّامِ قَبْلَهُ وَسُؤَالُهُ إنْ وَلِيَ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ عَنْ عُلَمَائِهِ وَعُدُولِهِ وَإِعْلَامِهِمْ بِيَوْمِ دُخُولِهِ لِيَتَلَقَّوْهُ وَقَالَ جَمَاعَةٌ: وَيَأْمُرُهُمْ بِتَلَقِّيه.
وَدُخُولُهُ يَوْمَ خَمِيسٍ أَوْ اثْنَيْنِ أَوْ سَبْتٍ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ يَوْمَ اثْنَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَخَمِيسٍ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: أَوْ سَبْتٍ لَابِسًا أَجْمَلَ ثِيَابِهِ. وَفِي التَّبْصِرَةِ: وَكَذَا أَصْحَابُهُ وَأَنَّ جَمِيعَهَا سُودٌ وَإِلَّا فَالْعِمَامَةُ وَأَنَّهُ يَدْخُلُ ضَحْوَةً لِاسْتِقْبَالِ الشَّهْرِ وَلَا يَتَطَيَّرُ بِشَيْءٍ وإن تفاءل فحسن فيأتي
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في "ط": "حكيما".
2 14/18.
3 أي: يزجره وينهره. "المصباح". "زبر".
الْجَامِعَ فَيُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ.
قَالَ كَعْبٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَلَّ مَا يَقْدَمُ مِنْ سَفَرٍ سَافَرَهُ إلَّا ضُحًى وَكَانَ يَبْدَأُ بِالْمَسْجِدِ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ. وَقَالَ جَابِرٌ: لَمَّا أَتَيْنَا الْمَدِينَةَ قَالَ: "ائْتِ الْمَسْجِدَ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا1. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: غَيْرُ السَّوَادِ أَوْلَى لِلْأَخْبَارِ2 وَكَانَ اسْتِقْبَالُ الشَّهْرِ تَفَاؤُلًا كَأَوَّلِ النَّهَارِ وَلَمْ يَذْكُرْهُمَا الْأَصْحَابُ. وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَيَأْمُرُ بِعَهْدِهِ فَيُقْرَأَ عَلَى النَّاسِ وَمَنْ يُنَادِي بِيَوْمِ جُلُوسِهِ لِلْحُكْمِ قَالَ فِي التَّبْصِرَةِ: وَلْيُقْلِلْ مِنْ كَلَامِهِ إلَّا لحاجة ثم يروح إلى منزله وينفذ فيتسلم3 دِيوَانَ الْحُكْمِ مِمَّنْ قَبْلَهُ.
قَالَ فِي التَّبْصِرَةِ: وَلْيَأْمُرْ كَاتِبًا ثِقَةً يُثْبِتُ مَا تَسَلَّمَهُ بِمَحْضَرِ عَدْلَيْنِ ثُمَّ يَخْرُجُ يَوْمَ الْوَعْدِ بِأَعْدَلِ أَحْوَالِهِ غَيْرَ غَضْبَانَ وَلَا جَائِعٍ وَلَا حَاقِنٍ وَلَا مَهْمُومٍ بِمَا يَشْغَلُهُ عَنْ الْفَهْمِ فَيُسَلِّمُ عَلَى مَنْ مَرَّ بِهِ وَلَوْ صِبْيَانًا ثُمَّ عَلَى مَنْ فِي مَجْلِسِهِ وَيُصَلِّي تَحِيَّتَهُ مَسْجِدٍ وَإِلَّا خُيِّرَ وَالْأَفْضَلُ الصَّلَاةُ وَالْأَشْهَرُ: وَيَجْلِسُ عَلَى بِسَاطٍ وَنَحْوِهِ وَيَدْعُو بِالتَّوْفِيقِ وَالْعِصْمَةِ سِرًّا وَلْيَكُنْ مَجْلِسُهُ فَسِيحًا وَسَطَ الْبَلَدِ كَجَامِعٍ وَيَصُونُهُ مِمَّا يُكْرَهُ فِيهِ وَدَارٍ وَاسِعَةٍ وَلَا يَتَّخِذُ فِيهِ عَلَى بابه حاجبا ولا بوابا بلا عذر.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 الأول عند البخاري 4677، ومسلم 2769، 53، والثاني: عند البخاري 2604، ومسلم 715، 72.
2 من ذلك ما أخرجه أبو داود 3878، والترمذي 994، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "البسوا من ثيابكم البياض، فإنها من خير ثيابكم".
3 في "ط": "فيسلم".
"1وَفِي الْمُذْهَبِ: يَتْرُكُهُ نَدْبًا. وَفِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: لَيْسَ لَهُ تَأْخِيرُ الْحُضُورِ إذَا تَنَازَعُوا إلَيْهِ بِلَا عُذْرٍ1" وَلَا لَهُ أَنْ يَحْتَجِبَ إلَّا فِي أَوْقَاتِ الِاسْتِرَاحَةِ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: يَنْبَغِي عَلَى رَأْسِهِ مَنْ يُرَتِّبُ النَّاسَ وَلَهُ وَذَكَرَ الشَّيْخُ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَّخِذَ كَاتِبًا. وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مُسْلِمًا عَدْلًا وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ مَا فِي عَامِلِ الزَّكَاةِ. وَفِي الْكَافِي2: عَارِفًا يُشَاهِدُ مَا يَكْتُبُهُ وَالْقِمْطَرُ بَيْنَ يَدَيْهِ مَخْتُومًا وَيَكُونُ الْأَعْوَانُ أَهْلَ دِينٍ وَيُوصِيهِمْ وَيُقَدِّمُ السَّابِقَ فِي حُكُومَةٍ وَاحِدَةٍ وش كَسَبْقِهِ إلَى مُبَاحٍ وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ: يُقَدِّمُ مَنْ لَهُ بَيِّنَةٌ لِئَلَّا تَضَجَّرَ الْبَيِّنَةُ وهـ وَجَزَمَ بِهِ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ. وَفِي الرِّعَايَةِ: يُكْرَهُ تَقْدِيمُ مُتَأَخِّرٍ فَإِنْ اسْتَوَوْا أَقْرَعَ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: يُقَدِّمُ الْمُسَافِرَ الْمُرْتَحِلَ. وَفِي الْكَافِي3: مَعَ قِلَّتِهِمْ.
وَيَلْزَمُ فِي الْأَصَحِّ الْعَدْلُ بَيْنَهُمَا فِي لَحْظِهِ وَلَفْظِهِ وَمَجْلِسِهِ وَالدُّخُولِ وَالْأَشْهَرُ: يُقَدَّمُ مُسْلِمٌ عَلَى كَافِرٍ دُخُولًا وَجُلُوسًا وَقِيلَ: دُخُولًا فَقَطْ فَيَحْرُمُ أَنْ يُسَارَّ أَحَدَهُمَا: أَوْ يُلَقِّنَهُ حُجَّتَهُ أَوْ يُضَيِّفَهُ أَوْ يُعْلِمَهُ الدَّعْوَى وَقِيلَ: إنْ لَمْ يُحْسِنْهَا جَازَ. وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ: يُسَوِّي بَيْنَ خَصْمَيْنِ فِي مَجْلِسِهِ وَلَحْظِهِ وَلَفْظِهِ وَلَوْ ذِمِّيٌّ فِي وَجْهٍ.
وَإِنْ سَلَّمَ أَحَدُهُمَا: رَدَّ عَلَيْهِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: يَصْبِرُ لِيَرُدَّ عَلَيْهِمَا مَعًا إلَّا أَنْ يَتَمَادَى عُرْفًا وَقِيلَ: يُكْرَهُ قِيَامُهُ لَهُمَا نَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ: سُنَّةُ الْقَاضِي أَنْ
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 ليست في الأصل.
2 6/87.
3 6/116.
يَجْلِسَ الْخَصْمَانِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَذَكَرَ الْخَبَرَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ أَمَرَهُمَا بِهِ1.
وَلِلْحَاكِمِ السُّؤَالُ عَنْ شَرْطِ عَقْدٍ وَنَحْوِهِ تُرِكَ لِيُتَحَرَّزَ وَأَنْ يَزِنَ عَنْهُ وَفِيهِ احْتِمَالٌ وَسُؤَالُ خَصْمِهِ الْوَضْعَ عَنْهُ عَلَى الْأَصَحِّ كَسُؤَالِهِ إنْظَارَهُ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ تَقَاضَى ابْنَ أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنًا عَلَيْهِ فَأَشَارَ إلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ أَنْ "دَعْ الشَّطْرَ مِنْ دَيْنِك" قَالَ: قَدْ فَعَلْت قَالَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: "قُمْ فَأَعْطِهِ"2. قَالَ أَحْمَدُ: هَذَا حُكْمٌ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَإِنْ فَعَلَهُ قَاضٍ يَجُوزُ إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الصُّلْحِ والنظر لهما.
وَيُسَنُّ أَنْ يَحْضُرَ مَجْلِسَهُ فُقَهَاءُ الْمَذَاهِبِ وَيُشَاوِرَهُمْ فِيمَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَالَ أَحْمَدُ: مَا أَحْسَنَهُ لَوْ فَعَلَهُ الْحُكَّامُ يُشَاوِرُونَ وَيَنْتَظِرُونَ وَيَحْرُمُ تَقْلِيدُ غَيْرِهِ مُطْلَقًا وَنَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: عَلَيْهِ أَنْ يَجْتَهِدَ قَالَ عُمَرُ: وَاَللَّهِ مَا يَدْرِي عُمَرُ أَصَابَ الْحَقَّ أَمْ أَخْطَأَ. وَلَوْ كَانَ حَكَمَ بِحُكْمٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَقُلْ هَذَا.
وَنَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ: لَا تُقَلِّدْ أَمْرَك أَحَدًا وَعَلَيْك بِالْأَثَرِ وَقَالَ الْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ: لَا تُقَلِّدْ دِينَك الرِّجَالَ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَسْلَمُوا أَنْ يَغْلَطُوا قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: وَحَكَى أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ أَنَّ مَذْهَبَنَا جَوَازُ تَقْلِيدِ الْعَالِمِ لِلْعَالِمِ وَهَذَا لَا نَعْرِفُهُ عَنْ أَصْحَابِنَا وَأَجَازَ أَبُو الْخَطَّابِ إنْ كَانَتْ الْعِبَادَةُ مِمَّا لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا كَالصَّلَاةِ فَعَلَهَا بحسب حاله ويعيد إذا قدر كمن
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 أخرج أبو داود 3588، عن عبد الله بن الزبير قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الخصمين يقعدان بين يدي الحاكم.
2 أخرجه البخاري 457، ومسلم 557، 20، بلفظ مقارب.
عَدِمَ الْمَاءَ وَالتُّرَابَ فَلَا ضَرُورَةَ إلَى التَّقْلِيدِ وَلِأَنَّ الْعَامِّيَّ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ فَرْضُهُ وَهُوَ التَّقْلِيدُ بِخَوْفِ فَوْتِ الْوَقْتِ.
وَمِنْ الْعَجَبِ مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ الْمَدْخَلِ إلَى السُّنَنِ عَنْ الْمَرُّوذِيِّ قَالَ أَحْمَدُ: إذَا سُئِلْت عَنْ مَسْأَلَةٍ لَا أَعْرِفُ فِيهَا خَبَرًا قُلْت فِيهَا بِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ إمَامٌ عَالِمٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "عَالِمُ قُرَيْشٍ يَمْلَأُ الْأَرْضَ عِلْمًا"1.
وَذَكَرَ فِي الْخَبَرِ: "أَنَّ اللَّهَ يُقَيِّضُ فِي رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ رَجُلًا يُعَلِّمُ النَّاسَ دِينَهُمْ" فَكَانَ فِي الْمِائَةِ الْأُولَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَفِي الثَّانِيَةِ الشَّافِعِيُّ وَهَذِهِ الْحِكَايَةُ فِي إسْنَادِهَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَاسِينَ أَبُو إِسْحَاقَ الْهَرَوِيُّ كَذَّبَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ. وَقَالَ الْإِدْرِيسِيُّ2: سَمِعْت أَهْلَ بَلَدِهِ يَطْعَنُونَ فِيهِ وَلَا يَرْضَوْنَهُ وَالْخَبَرُ الْأَوَّلُ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ بِإِسْنَادٍ لَا يُحْتَجُّ بِهِ ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَلِيٍّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا3 وَفِي إسْنَادِهَا ضَعْفٌ. وَأَمَّا الْخَبَرُ الثَّانِي فَرَوَى أَبُو دَاوُد4 عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ داود
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 لم نقف عليه في "المدخل"، وقد ـ خرجه الطيالسي في "مسنده" 3090، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 2/60، وانظر "كشف الخفاء" 2/68- 69.
2 هو: أبو سعد بن عبد الرحمن بن محمد بن محمد الإدريسي، الاسترباذي الحافظ، المصنف، محدث سمرقند، ألف "تاريخها"، و "تاريخ استراباذ". تـ 405هـ. "السير" 17/226.
3 ينظر: "كشف الخفاء" 2/68.
4 في سننه 4291.
الْمَهْرِيِّ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ شَرَاحِيلَ بْنِ يَزِيدَ الْمَعَافِرِيِّ عَنْ أَبِي عَلْقَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِيمَا أَعْلَمُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا" قَالَ أَبُو دَاوُد: رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ الإسكندراني لَمْ يُخْبِرْ بِهِ شَرَاحِيلُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ وَظَهَرَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَدَعَ مَا عِنْدَهُ مِنْ الشَّرْعِ لِقَوْلِ أَحَدٍ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ1 عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّهُ كَانَ يُفْتِي النَّاسَ بِالْمُتْعَةِ زَادَ مُسْلِمٌ: فَقَالَ رَجُلٌ لِأَبِي مُوسَى: رُوَيْدُك بَعْضَ فُتْيَاك فَإِنَّك لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي النُّسُكِ بَعْدَك فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ كُنَّا أَفْتَيْنَاهُ فُتْيَا فَلْيَتَّئِدْ فَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَادِمٌ عَلَيْكُمْ فِيهِ2 فَأَتِمُّوا: قَالَ فَقَدِمَ عُمَرُ فَذَكَرْت ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: أَنْ تَأْخُذَ بِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] ، وَإِنْ تَأْخُذْ بِسَنَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لم يحل حتى نحر الهدي.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 البخاري 1559، مسلم 1221، 154.
2 ليست في الأصل، وفي "ط":"فيه".
وَلِمُسْلِمٍ1 أَيْضًا أَنَّ عُمَرَ قَالَ لَهُ: قَدْ عَلِمْت أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ فَعَلَهُ وَأَصْحَابَهُ وَلَكِنِّي كَرِهْت أَنْ يَظَلُّوا مُعَرِّسِينَ2 بِهِنَّ فِي الْأَرَاكِ3 ثُمَّ يَرُوحُونَ فِي الْحَجِّ تَقْطُرُ رُءُوسُهُمْ قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِيهِ: إنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَى الْعَالِمِ إذَا كَانَ يُفْتِي بِمَا كَانَ الْإِمَامُ عَلَى خِلَافِهِ مِمَّا يَسُوغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَذَلِكَ الْمَوْطِنِ أَنْ يَتْرُكَ مَا كَانَ عَلَيْهِ وَيَصِيرَ إلَى مَا عَلَيْهِ الْإِمَامُ قَالَ: وَفِيهِ جَوَازُ الِاسْتِحْسَانِ.
وَإِنْ حَكَمَ وَلَمْ يَجْتَهِدْ ثُمَّ بَانَ لَهُ أَنَّهُ قَدْ حَكَمَ بِالْحَقِّ لَمْ يَصِحَّ ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْقَصْرِ مِنْ الْفُصُولِ.
وَلَا يَحْكُمُ مَعَ مَا يَشْغَلُ فَهْمَهُ كَغَضَبٍ كَثِيرٍ وَجُوعٍ وَأَلَمٍ وَصَرَّحَ فِي الِانْتِصَارِ: يَحْرُمُ فَإِنْ حَكَمَ نَفَذَ فِي الْأَصَحِّ وَقِيلَ: إنْ عرض بعد فهم الحكم.
وَيَحْرُمُ قَبُولُهُ رِشْوَةً وَكَذَا هَدِيَّةً بِخِلَافِ مُفْتٍ. قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: كَانَتْ الْهَدِيَّةُ فِيمَا مَضَى هَدِيَّةً وَأَمَّا الْيَوْمَ فَهِيَ رِشْوَةٌ. وَقَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ: قَرَأْت فِي بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أَنْبِيَائِهِ: الْهَدِيَّةُ تَفْقَأُ عَيْنَ الْحُكْمِ قَالَ الشَّاعِرُ:
إذَا أَتَتْ الْهَدِيَّةُ دَارَ قَوْمٍ
…
تَطَايَرَتْ الْأَمَانَةُ مِنْ كُوَاهَا
وَقَالَ منصور الفقيه:
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في صحيحه 1222، 157.
2 معرسين: أي ملمّين بنسائهم. "النهاية" لابن الأثير: "عرس".
3 موضع بعرفة بعضه من جهة الشام. "معجم البلدان" 1/135.
إذَا رِشْوَةٌ مِنْ بَابِ بَيْتٍ تَقَحَّمَتْ
…
لِتَدْخُلَ فِيهِ وَالْأَمَانَةُ فِيهِ
سَعَتْ هَرَبًا مِنْهُ وَوَلَّتْ كَأَنَّهَا
…
حَلِيمٌ تَنَحَّى عَنْ جِوَارِ سَفِيهِ
فَإِنْ قَبِلَ ذَلِكَ1 فَقِيلَ: تُؤْخَذُ لِبَيْتِ الْمَالِ لِخَبَرِ ابْنِ اللُّتْبِيَّةِ2 وَقِيلَ: تُرَدُّ كَمَقْبُوضٍ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ وَقِيلَ: تَمَلَّكَ بِتَعْجِيلِهِ الْمُكَافَأَةَ م 1 فَعَلَى الْأَوَّلِ: هَدِيَّةُ الْعَامِلِ لِلصَّدَقَاتِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي فَدَلَّ أَنَّ فِي انْتِقَالِ الْمِلْكِ فِي الرِّشْوَةِ وَالْهَدِيَّةِ وَجْهَيْنِ م 2 وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ مَا فِي الرِّعَايَةِ أَنَّ الساعي
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ: فِي الرِّشْوَةِ وَالْهَدِيَّةِ فَإِنْ قَبِلَ فَقِيلَ تُؤْخَذُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَقِيلَ: تُرَدُّ. وَقِيلَ: تُمْلَكُ بِتَعْجِيلِ الْمُكَافَأَةِ انْتَهَى:
وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ: احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: هُوَ الصَّوَابُ قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4.
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: لَمْ أَطَّلِعْ عَلَى مَنْ اخْتَارَهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
مَسْأَلَةٌ 2: قَوْلُهُ: فَعَلَى الْأَوَّلِ هَدِيَّةُ الْعَامِلِ لِلصَّدَقَاتِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي فَدَلَّ أَنَّ فِي انْتِقَالِ الْمِلْكِ فِي الرِّشْوَةِ وَالْهَدِيَّةِ وَجْهَيْنِ انْتَهَى:
أَحَدُهُمَا: عَدَمُ الِانْتِقَالِ وَهُوَ الصَّوَابُ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَنْتَقِلُ وَهُوَ ظَاهِرُ الحديث.
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2 تقدم تخريجه 4/64.
3 14/60.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/357- 358.
يعتد1 لِرَبِّ الْمَالِ بِمَا أَهْدَاهُ إلَيْهِ نَصَّ عَلَيْهِ وَعَنْهُ: لَا مَأْخَذُهُ ذَلِكَ وَنَقَلَ مُهَنَّا فِيمَنْ اشْتَرَى مِنْ وَكِيلٍ فَوَهَبَهُ شَيْئًا أَنَّهُ لِلْمُوَكِّلِ وَهُوَ يَدُلُّ لِكَلَامِ الْقَاضِي الْمُتَقَدِّمِ وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ فِي نَقْلِ الْمِلْكِ الْخِلَافُ وَجَزَمَ ابْنُ تَمِيمٍ فِي عَامِلِ الزَّكَاةِ إذَا ظَهَرَتْ خِيَانَتُهُ بِرِشْوَةٍ أَوْ هَدِيَّةٍ أَخَذَهَا الْإِمَامُ "2لَا أَرْبَابُ2" الْأَمْوَالِ وَتَبِعَهُ فِي الرِّعَايَةِ ثُمَّ قَالَ: قُلْت إنْ عَرَفُوا رُدَّ إلَيْهِمْ قَالَ أَحْمَدُ فِيمَنْ وُلِّيَ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ السُّلْطَانِ: لَا أُحِبُّ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ شَيْئًا يَرْوِي: هَدَايَا الْأُمَرَاءِ غُلُولٌ3. وَالْحَاكِمُ خَاصَّةً لَا أُحِبُّهُ لَهُ إلَّا مِمَّنْ كَانَ لَهُ بِهِ خُلْطَةٌ وَوَصْلَةٌ وَمُكَافَأَةٌ قَبْلَ أَنْ يَلِيَ. وَاخْتَارَ شَيْخُنَا فِيمَنْ كَسَبَ مَالًا مُحَرَّمًا بِرِضَا الدَّافِعِ ثُمَّ تَابَ كَثَمَنِ خَمْرٍ وَمَهْرِ بِغَيٍّ وَحُلْوَانُ كَاهِنٍ أَنَّ لَهُ مَا سلف للآية4 وَلَمْ يَقُلْ اللَّهُ: فَمَنْ أَسْلَمَ وَلَا مَنْ تَبَيَّنَ لَهُ التَّحْرِيمُ قَالَ أَيْضًا: لَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَلَا يَرُدُّهُ لِقَبْضِهِ عِوَضَهُ وَيَتَصَدَّقُ بِهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي حَامِلِ الْخَمْرِ وَقَالَ فِي مَالٍ مُكْتَسَبٍ مِنْ خَمْرٍ وَنَحْوِهِ: يَتَصَدَّقُ بِهِ فَإِذَا تَصَدَّقَ بِهِ فَلِلْفَقِيرِ أَكْلُهُ وَلِوَلِيِّ الْأَمْرِ أَنْ يُعْطِيَهُ أَعْوَانَهُ. وَقَالَ أَيْضًا: فِيمَنْ تَابَ إنْ عَلِمَ صَاحِبُهُ دَفَعَهُ إلَيْهِ وإلا صرفه في مصالح المسلمين.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في "ر" و "ط": "يعيد".
2 في "ط": "الأرباب".
3 أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 10/138، من حديث أبي حميد الساعدي، وأخرجه أحمد 23601، بلفظ:"هدايا العمال".
4 هي قوله تعالى: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتهى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ} [البقرة: 275] .
وَلَهُ مَعَ حَاجَتِهِ أَخْذُ كِفَايَتِهِ وَفِي رَدِّهِ عَلَى الرَّافِضِيِّ1 فِي بَيْعِ سِلَاحٍ فِي فِتْنَةٍ وَعِنَبٍ لِخَمْرٍ: يَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ وَأَنَّهُ قَوْلُ مُحَقِّقِي الْفُقَهَاءِ كَذَا قَالَ وَقَوْلُهُ مَعَ الْجَمَاعَةِ أَوْلَى فَفِي الصَّحِيحَيْنِ2 مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ "مَا تَصَدَّقَ أَحَدٌ بِصَدَقَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ. وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ تَعَالَى إلَّا الطَّيِّبَ" وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَلِمُسْلِمٍ3 مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ "إنَّ اللَّهَ تَعَالَى طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إلَّا طَيِّبًا".
قَالَ أَحْمَدُ4: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ الصَّبَّاحِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أن اللَّهَ تَعَالَى قَسَّمَ بَيْنَكُمْ أَخْلَاقَكُمْ كَمَا قَسَّمَ بينكم أرزاقكم وإن الله
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 يعني بذلك كتاب "منهاج السنة النبوية".
2 البخاري 1410، ومسلم 1014، 63.
3 في صحيحه 1015، 65.
4 في مسنده 3672.
تَعَالَى يُعْطِي الدُّنْيَا مَنْ يُحِبُّ وَمَنْ لَا يُحِبُّ وَلَا يُعْطِي الدِّينَ إلَّا مَنْ يُحِبُّ فَمَنْ أَعْطَاهُ اللَّهُ تَعَالَى الدِّينَ فَقَدْ أَحَبَّهُ وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُسْلِمُ عَبْدٌ حَتَّى يُسْلِمَ قَلْبُهُ وَلِسَانُهُ وَلَا يُؤْمِنُ حَتَّى يَأْمَنَ جَارُهُ بَوَائِقَهُ" قَالَ: قُلْت: وَمَا بَوَائِقُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "غِشُّهُ وَظُلْمُهُ وَلَا يَكْسِبُ عَبْدٌ مَالًا مِنْ حَرَامٍ فَيُنْفِقُ مِنْهُ فَيُبَارَكُ لَهُ فِيهِ وَلَا يَتَصَدَّقُ بِهِ فَيُقْبَلُ مِنْهُ وَلَا يَتْرُكُهُ خَلْفَ ظَهْرِهِ إلَّا كَانَ زَادَهُ إلَى النَّارِ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَمْحُو السَّيِّئَ بِالسَّيِّئِ وَلَكِنَّهُ يَمْحُو السَّيِّئَ بِالْحَسَنِ إنَّ الْخَبِيثَ لَا يَمْحُو الْخَبِيثَ".
أَبَانُ قَالَ: ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْأَزْدِيِّ إنَّهُ مَتْرُوكٌ وَالصَّبَّاحُ لَمْ يَتَكَلَّمْ فِيهِ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ بِجُرْحٍ وَلَا تَعْدِيلٍ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَرْوِي الْمَوْضُوعَاتِ كَذَا قَالَ وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ. وَرَوَى أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ1 عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ النَّضْرِ بْنِ حُمَيْدٍ الْكِنْدِيِّ عَنْ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مَرْفُوعًا "لَا يُعْجِبَنك رَحْبُ الذِّرَاعَيْنِ يَسْفِكُ الدِّمَاءَ فَإِنَّ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى قَاتِلًا أَوْ قَتِيلًا لَا يَمُوتُ وَلَا يُعْجِبَنك امْرُؤٌ كَسَبَ مَالًا مِنْ حَرَامٍ فَإِنَّهُ إنْ أَنْفَقَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ وَإِنْ تَرَكَهُ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ وَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ كَانَ زَادَهُ إلَى النَّارِ" رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ2 مِنْ حَدِيثِ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ وَهُوَ إسْنَادٌ مَتْرُوكٌ وَقَالَ أَحْمَدُ3: حَدَّثَنَا يَزِيدُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بن ميمون عن أبيه قال: لما
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في مسنده 40.
2 في الكبير 10/107.
3 في الزهد ص 238.
مَرِضَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ مَرَضَهُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ أَرْسَلَ إلَى نَاسٍ مِنْ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَقَالَ لَهُمْ: قَدْ نَزَلَ بِي مَا قَدْ تَرَوْنَ وَلَا أَرَانِي إلَّا لِمَا بِي فَمَا ظَنُّكُمْ بِي؟ فَقَالُوا: قَدْ كُنْت تُعْطِي الْفَقِيرَ وَالسَّائِلَ وَتَصِلُ الرَّحِمَ وَحَفَرْت الْآبَارَ بِالْفَلَوَاتِ لِابْنِ السَّبِيلِ وَبَنَيْت الْحَوْضَ بِعَرَفَةَ يَشْرَعُ فِيهِ حَاجُّ بَيْتِ اللَّهِ فَمَا نَشُكُّ لَك فِي النَّجَاةِ. وَعَيْنُهُ إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ سَاكِتٌ فَلَمَّا أَبْطَأَ عَلَيْهِ بِالْكَلَامِ قَالَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَالَك لَا تَتَكَلَّمُ؟ قَالَ: إذَا طَابَ الْمَكْسَبُ زَكَتْ النَّفَقَةُ وَسَتُرَدُّ فَتَعْلَمُ إسْنَادٌ جَيِّدٌ.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا عَنْ مُحَمَّدٍ هُوَ ابْنُ سِيرِينَ قَالَ: دَخَلَ ابْنُ عَامِرٍ عَلَى ابْنِ عُمَرَ فَقَالَ: الرَّجُلُ يُصِيبُ الْمَالَ فَيَصِلُ مِنْهُ الرَّحِمَ وَيَفْعَلُ مِنْهُ وَيَفْعَلُ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: إنَّك مَا عَلِمْت لَمَنْ أَجْدَرُهُمْ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ وَلَكِنْ اُنْظُرْ مَا أَوَّلُهُ فَإِنْ كَانَ أَوَّلُهُ خَبِيثًا فَإِنَّ الْخَبِيثَ كُلَّهُ خَبِيثٌ.
وَلَهُ قَبُولُ هَدِيَّةٍ مُعْتَادَةٍ قَبْلَ وِلَايَتِهِ مَعَ أَنَّ رَدَّهَا أَوْلَى وَالْمَذْهَبُ: إنْ لَمْ يَكُنْ حُكُومَةً. وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: أَوْ أَحَسَّ بِهَا. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: الْمُحَرَّمُ كَالْعَادَةِ. وَفِي الْفُصُولِ احْتِمَالٌ فِي غَيْرِ عَمَلِهِ كَالْعَادَةِ.
وَيُكْرَهُ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ كَمَجْلِسِ حُكْمِهِ إلَّا بِوَكِيلٍ لَا يُعْرَفُ بِهِ وَجَعَلَهَا
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الشَّرِيفُ وَأَبُو الْخَطَّابِ كَهَدِيَّةٍ كَالْوَالِي1 سَأَلَهُ حَرْبٌ: هَلْ لِلْقَاضِي وَالْوَالِي أَنْ يَتَّجِرَ؟ قَالَ: لَا إلَّا أَنَّهُ شَدَّدَ فِي الْوَالِي.
وَيَعُودُ الْمَرْضَى وَيَشْهَدُ الْجَنَائِزَ مَا لَمْ يَشْغَلْهُ. وَفِي التَّرْغِيبِ: وَيُوَدِّعُ الْغَازِيَ وَالْحَاجَّ وَهُوَ فِي الدَّعَوَاتِ كَغَيْرِهِ وَلَا يُجِيبُ قَوْمًا وَيَدَعُ قَوْمًا بِلَا عُذْرٍ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ يُكْرَهُ2 مُسَارَعَتُهُ إلَى غَيْرِ وَلِيمَةِ عُرْسٍ وَيَجُوزُ: وَفِي التَّرْغِيبِ: يُكْرَهُ وَقَدَّمَ: لَا يَلْزَمُهُ حُضُورُ وَلِيمَةِ عُرْسٍ وَذَكَرَ هُوَ وَجَمَاعَةٌ: إنْ كَثُرَتْ الْوَلَائِمُ صَانَ نَفْسَهُ وَتَرَكَهَا وَلَمْ يَذْكُرُوا لَوْ تَضَيَّفَ رَجُلًا وَلَعَلَّ كَلَامَهُمْ يَجُوزُ وَيَتَوَجَّهُ: كَالْمُقْرِضِ وَلَعَلَّهُ أَوْلَى.
وَيُسَنُّ حُكْمُهُ بِحَضْرَةِ شُهُودٍ وَيَحْرُمُ تَعْيِينُهُ قَوْمًا بِالْقَبُولِ وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ إجْمَاعًا كَنَفْسِهِ فَيَحْكُمُ نَائِبُهُ. وَفِي الْمُبْهِجِ رِوَايَةٌ: بَلَى اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَقِيلَ: بَيْنَ وَالِدَيْهِ أَوْ وَلَدَيْهِ وَلَهُ اسْتِخْلَافُهُمَا كَحُكْمِهِ لِغَيْرِهِ بِشَهَادَتِهِمَا ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ الزَّاغُونِيِّ وَأَبُو الْوَفَا وَزَادَ: إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ عَلَيْهِمَا مِنْ ذَلِكَ تُهْمَةٌ وَلَمْ يُوجِبْ لَهُمَا بِقَبُولِ شَهَادَتِهِمَا رِيبَةً لَمْ تَثْبُتْ بِطَرِيقِ التَّزْكِيَةِ وَقِيلَ: لَا وَلَا يَحْكُمُ وَقِيلَ:
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 أي: جعلها صاحب "الرعاية: كالوالي. ينظر: "المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/361- 362.
2 بعدها في "ط": "له".