الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المجلد الحادي عشر
تابع كتاب الأيمان
باب جامع الأيمان
مدخل
…
بَابُ جَامِعِ الْأَيْمَانِ
يُرْجَعُ فِيهَا إلَى نِيَّةِ حَالِفٍ لَيْسَ بِهَا ظَالِمًا نَصَّ عَلَيْهِ احْتَمَلَهَا لَفْظُهُ فَيَنْوِي بِاللِّبَاسِ اللَّيْلَ وَبِالْفِرَاشِ وَالْبِسَاطِ الْأَرْضَ وَبِالْأَوْتَادِ الْجِبَالَ وَبِالسَّقْفِ وَالْبِنَاءِ السَّمَاءَ وَبِالْإِخْوَةِ إخْوَةَ الْإِسْلَامِ وَمَا ذَكَرْت فُلَانًا أَيْ مَا قَطَعْت ذِكْرَهُ وَمَا رَأَيْته أَيْ مَا ضَرَبْت رِئَتَهُ وَبِنِسَائِي طَوَالِقُ نِسَاءَهُ الْأَقَارِبَ مِنْهُ وَبِجَوَارِي أَحْرَارٌ سُفُنَهُ وَبِمَا كَاتَبْت فُلَانًا مُكَاتَبَةَ الرَّقِيقِ وَبِمَا عَرَّفْته جَعَلْته عَرِيفًا وَلَا أَعْلَمْته أَيْ أُعَلِّمُ الشَّفَةَ وَلَا سَأَلْته حَاجَةً وَهِيَ الشَّجَرَةُ الصَّغِيرَةُ وَلَا أَكَلْت لَهُ دَجَاجَةً وَهِيَ الْكُبَّةُ مِنْ الْغَزْلِ وَلَا فَرَوْجَةً وَهِيَ الدُّرَّاعَةُ وَلَا فِي بَيْتِي فُرُشٌ وَهِيَ صِغَارُ الْإِبِلِ وَلَا حَصِيرٌ وَهُوَ الْجِبْسُ وَلَا بَارِيَةٌ أَيْ السِّكِّينُ الَّتِي يَبْرِي بِهَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.
وَيَجُوزُ التَّعْرِيضُ فِي الْمُخَاطَبَةِ لِغَيْرِ ظَالِمٍ بِلَا حَاجَةٍ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَقِيلَ: لَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا وَاخْتَارَهُ لِأَنَّهُ تَدْلِيسٌ كَتَدْلِيسِ الْمَبِيعِ وَقَدْ كَرِهَ أَحْمَدُ التَّدْلِيسَ وَقَالَ: لَا يُعْجِبُنِي وَنَصُّهُ: لَا يَجُوزُ التَّعْرِيضُ مع اليمين وَيَقْبَلُ حُكْمًا1 مَعَ قُرْبِ الِاحْتِمَالِ مِنْ الظَّاهِرِ وَمَعَ تَوَسُّطِهِ رِوَايَتَانِ م 1 وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ والمستوعب.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ: وَيَقْبَلُ حُكْمًا مَعَ قُرْبِ الِاحْتِمَالِ من الظاهر ومع توسطه رِوَايَتَانِ. انْتَهَى.
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ والزركشي وغيرهم:
1 في "ط": "منه في الحكم".
وجزم به أبو محمد الجوزي بِقَبُولِهِ.
ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى سَبَبِ يَمِينِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْخِرَقِيِّ وَالْإِرْشَادِ وَالْمُبْهِجِ وَحَكَى رِوَايَةً وَقَدَّمَهُ القاضي بموافقته للوضع وعنه: يقدم
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
إحْدَاهُمَا: يُقْبَلُ وَهُوَ الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بِهِ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ لِأَنَّهُ جَعَلَ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ طَرِيقَةً مُؤَخَّرَةً وَقَدَّمَ أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ إنْ احْتَمَلَهَا لَفْظُهُ ثُمَّ قَالَ: وَقِيلَ إنْ قَرُبَ الِاحْتِمَالُ إلَى آخِرِهِ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُقْبَلْ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَقَدَّمَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْإِرْشَادِ والمبهج.
عَلَيْهِ وَذَكَرَ الْقَاضِي: وَعَلَيْهَا عُمُومُ لَفْظِهِ احْتِيَاطًا ثم إلى التعيين.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
أَيْ: قَدَّمُوا السَّبَبَ عَلَى النِّيَّةِ أَمَّا صَاحِبُ الْإِرْشَادِ وَالْمُبْهِجِ فَمُسَلَّمٌ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَأَمَّا الْخِرَقِيُّ فَلَمْ يُقَدِّمْ السَّبَبَ عَلَى النِّيَّةِ بَلْ قَدَّمَهَا عَلَيْهِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْمَذْهَبِ فَقَالَ:
وَقِيلَ: يُقَدِّمُ عَلَيْهِ وَضْعَ لَفْظِهِ شَرْعًا أَوْ عُرْفًا أَوْ لُغَةً. وَفِي الْمُذْهَبِ: فِي الِاسْمِ وَالْعُرْفِ وَجْهَانِ وَذَكَرَ ابْنُهُ1 النِّيَّةَ ثُمَّ السَّبَبَ ثُمَّ مُقْتَضَى لَفْظِهِ عُرْفًا ثُمَّ لُغَةً فَإِذَا حَلَفَ لِظَالِمٍ: مَا لِفُلَانٍ عِنْدِي وَدِيعَةٌ وَنَوَى غَيْرَهَا أَوْ بِ مَا مَعْنَى الَّذِي أَوْ اسْتَثْنَى بِقَلْبِهِ بَرَّ فَإِنْ لَمْ يَتَأَوَّلْ أَثِمَ وَهُوَ دُونَ إثْمِ إقْرَارِهِ بِهَا وَيُكَفِّرُ عَلَى الْأَصَحِّ ذَكَرَهُمَا ابْنُ الزَّاغُونِيِّ وَعَزَاهُمَا الْحَارِثِيُّ إلَى فتاوى أبي الخطاب ولم أرهما.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَيَرْجِعُ فِي الْأَيْمَانِ إلَى النِّيَّةِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا رَجَعَ إلَى سَبَبِ الْيَمِينِ وَمَا يَصْحَبُهَا انْتَهَى. فَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ عنه.
1 يعني: يوسف بن عبد الرحمن ابن الجوزي.
وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ يَجُوزُ جَحْدُهَا بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ. وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَمْ يَضْمَنْ عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ لَا يُسْقِطُ ضَمَانٌ لِخَوْفِهِ1 مِنْ وُقُوعِ طَلَاقٍ بَلْ يَضْمَنُ بِدَفْعِهَا افْتِدَاءً عَنْ يَمِينِهِ. وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الزَّاغُونِيِّ إنْ أَبَى الْيَمِينَ بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ فَصَارَ ذَرِيعَةً إلَى أَخْذِهَا فَكَإِقْرَارِهِ طَائِعًا وَهُوَ تَفْرِيطٌ عند سلطان جائر م 2.
وَمَنْ حَلَفَ بِطَلَاقِ ثَلَاثٍ لَيَطَأَنَّهَا الْيَوْمَ فَإِذَا هِيَ حَائِضٌ أَوْ لَيَسْقِيَنَّ ابْنَهُ خَمْرًا لَا يَفْعَلُ وَتَطْلُقُ نَصَّ عَلَيْهِمَا وَاخْتَارَ أَبُو الْخَطَّابِ فِيمَنْ حَلَفَ فِي شَعْبَانَ بِثَلَاثٍ لَيَطَأَنَّهَا فِي نَهَارِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ سَافَرَ فِي رَمَضَانَ فَإِنْ حَاضَتْ وَطِئَ وَكَفَّرَ لِحَيْضٍ وَذَكَرَ هُوَ وَجَمَاعَةٌ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ بَيْضًا وَلَيَأْكُلَنَّ مِمَّا فِي كُمِّهِ فَإِذَا هُوَ بَيْضٌ عُمِلَ مِنْهُ نَاطِفٌ يُسْتَهْلَكُ.
وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ لِمَنْ عَلَى سُلَّمٍ: إنْ صَعِدْت فِيهِ أَوْ نَزَلْت مِنْهُ أَوْ قُمْت عَلَيْهِ أَوْ رَمَيْت نَفْسَك أَوْ حَطَّك إنْسَانٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ انْتَقَلَتْ إلَى سُلَّمٍ آخر.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 2: قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَمْ يَضْمَنْ عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ لَا يسقط ضمان لخوفه من وقوع طلاق بل يَضْمَنُ بِدَفْعِهَا افْتِدَاءً عَنْ يَمِينِهِ. وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الزَّاغُونِيِّ إنْ أَبَى الْيَمِينَ بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ فَصَارَ ذَرِيعَةً إلَى أَخْذِهَا فَكَإِقْرَارِهِ طَائِعًا وَهُوَ تَفْرِيطٌ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ انْتَهَى.
قَالَ الحارثي2 فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ: فَعَلَى الْمَذْهَبِ إنْ لَمْ يَحْلِفْ حَتَّى أُخِذَتْ مِنْهُ وَجَبَ الضَّمَانُ لِلتَّفْرِيطِ. قُلْت: وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَتَقَدَّمَ النَّقْلُ فِي باب الوديعة من هذا التصحيح فليراجع3.
1 في "ر": "بخوفه".
2 في "ط": "الخرقي".
3 7/222.
وَأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ: لَا وَطِئْتُك إلَّا وَأَنْتِ لَابِسَةٌ عَارِيَّةٌ رَاجِلَةٌ رَاكِبَةٌ وَطِئَهَا بِلَيْلٍ عُرْيَانَةً فِي سَفِينَةٍ.
وَأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَيَطْبُخَنَّ قِدْرًا بِرِطْلِ مِلْحٍ وَيَأْكُلُ مِنْهُ لَا يَجِدُ طَعْمَ الْمِلْحِ سَلَقَتْ بَيْضًا وَذَكَرَ هَذِهِ الْمَسَائِلَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا.
وَإِنْ حَلَفَ لَيَطَأَنَّهَا فِي نَهَارِ رَمَضَانَ ثُمَّ سَافَرَ وَوَطِئَ فَنَصُّهُ: لَا يُعْجِبُنِي لِأَنَّهَا حِيلَةٌ; قَالَ: مَنْ احْتَالَ بِحِيلَةٍ فَهُوَ حَانِثٌ وَنَقَلَ عَنْهُ الْمَيْمُونِيُّ: لَا يَرَى الْحِيلَةَ إلَّا بِمَا يَجُوزُ فَقَالَ لَهُ: إنَّهُمْ يَقُولُونَ لِمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَهِيَ عَلَى دَرَجَةٍ إنْ صَعِدْت أَوْ نَزَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ قَالُوا تَحَمَّلَ; قَالَ أَلَيْسَ هَذَا حِيلَةٌ؟ هَذَا هُوَ الْحِنْثُ بِعَيْنِهِ; وَقَالُوا: إذَا حَلَفَ لَا يَطَأُ بِسَاطًا فَوَطِئَ عَلَى اثْنَيْنِ وَإِذَا حَلَفَ لَا أَدْخُلُ فَحُمِلَ فَأُدْخِلَ.
قَالَ ابْنُ حَامِدٍ وَغَيْرُهُ: جُمْلَةُ مَذْهَبِهِ لَا يَجُوزُ الْحِيَلُ فِي الْيَمِينِ وَأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا إلَّا بِمَا وَرَدَ بِهِ سَمْعٌ كَنِسْيَانٍ وَإِكْرَاهٍ وَاسْتِثْنَاءٍ قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَإِنَّ أَصْحَابَنَا قَالُوا: لَا يَجُوزُ التَّحَيُّلُ لِإِسْقَاطِ حُكْمِ الْيَمِينِ وَلَا يُسْقِطُهُ بِذَلِكَ وَنَقَلَ الْمَرْوَزِيُّ: لَعَنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ"1. وَقَالَتْ عَائِشَةُ: لَعَنَ اللَّهُ صَاحِبَ الْمَرَقِ2 لَقَدْ احْتَالَ حَتَّى أَكَلَ3.
وَإِنْ حَلَفَ لَتُخْبِرُنِّي بِشَيْءٍ فِعْلُهُ مُحَرَّمٌ وَتَرَكَهُ فَصَلَاةُ السَّكْرَانِ أَوْ بِطَعْمِ النَّجْوِ فَحُلْوٌ لِسُقُوطِ الذُّبَابِ عَلَيْهِ ثُمَّ حَامِضٌ; لِأَنَّهُ يُدَوِّدُ ثُمَّ مُرٌّ لأنه
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 أخرجه الترمذي 1120، والنسائي في "المجتبى" 2/149، من حديث ابن مسعود.
2 في "ر": "السرف".
3 لم نقف عليه.
يكرح1 وَعِنْدَ الْقَاضِي فِي مَسْأَلَةِ الصَّوْمِ: يُبَرِّرُ لَهُ الْفِطْرَ وَإِنْ حَلَفَ لَا سَرَقَتْ مِنِّي شَيْئًا فَخَانَتْهُ فِي وَدِيعَتِهِ أَوْ لَا أَقَمْت فِي هَذَا الْمَاءِ وَلَا خَرَجْت مِنْهُ وَهُوَ جَارٌ حَنِثَ بِقَصْدٍ أَوْ سَبَبٍ فَقَطْ وَقِيلَ: تَحْمِلُ مِنْ رَاكِدٍ كُرْهًا وَلَا حِنْثَ.
وَإِنْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ غَدًا وَقَصَدَ عَدَمَ تَجَاوُزِهِ أَوْ السَّبَبُ يَقْتَضِيهِ وَعِنْدَ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ: أَوْ لَا فَقَضَاهُ قَبْلَهُ بَرَّ وَكَذَا أَكْلُ شَيْءٍ أَوْ بَيْعُهُ أَوْ فِعْلُهُ غَدًا.
وَإِنْ حَلَفَ لَأَقْضِيَنَّهُ غَدًا وَقَصَدَ مَطْلَهُ فَقَضَاهُ قَبْلَهُ حَنِثَ.
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُهُ إلَّا بِمِائَةٍ حَنِثَ بِأَقَلَّ فَقَطْ. وَإِنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُهُ بِمِائَةٍ حَنِثَ بِهَا وَبِأَقَلَّ.
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا وَنَوَى الْيَوْمَ قُبِلَ حُكْمًا وَعَنْهُ لَا وَيُدَيَّنُ. وَإِنْ دُعِيَ إلَى غَدَاءٍ فَحَلَفَ لَا يَتَغَدَّى لَمْ يَحْنَثْ بِغَيْرِهِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَإِنْ حَلَفَ لَا يُشْرَبُ لَهُ الْمَاءُ مِنْ عَطَشٍ وَالنِّيَّةُ أَوْ السَّبَبُ قَطْعُ مِنَّتِهِ حَنِثَ بِكُلِّ مَا فِيهِ مِنَّةٌ وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا أَقُلْ كَقُعُودِهِ فِي ضَوْءِ نَارِهِ.
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا لِقَطْعِ الْمِنَّةِ فَانْتَفَعَ بِهِ أَوْ بِثَمَنِهِ فِي شَيْءٍ وَقِيلَ: أَوْ بِغَيْرِهِ بِقَدْرِ مِنَّتِهِ فَأَزِيدُ جَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ حَنِثَ. وَفِي التَّعْلِيقِ وَالْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهِمَا: يَحْنَثُ بِشَيْءٍ مِنْهَا لِأَنَّهُ لَا يَمْحُو مِنَّتَهَا إلَّا بِالِامْتِنَاعِ مِمَّا يَصْدُرُ عَنْهَا مِمَّا يَتَضَمَّنُ مِنَّةً ليخرج مخرج الوضع العرفي،
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 أي: يجتمع في خلق الإنسان، ومنه الكارحة: وهو خلق الإنسان أو بعض ما يكون فيه. "اللسان": "كرح".
وَكَذَا سَوَّى الْآدَمِيُّ الْبَغْدَادِيُّ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الَّتِي قَبْلَهَا وَأَنَّهُ يَحْنَثُ بِكُلِّ مَا فِيهِ مِنَّةٌ.
وَفِي الرَّوْضَةِ: إنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَهُ خُبْزًا وَالسَّبَبُ الْمِنَّةُ حَنِثَ بِأَكْلِ غَيْرِهِ كَائِنًا مَا كَانَ وَأَنَّهُ إنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا فَلَبِسَ عِمَامَةً أَوْ عَكْسَهُ إنْ كَانَتْ اُمْتُنَّتْ عَلَيْهِ بِغَزْلِهَا حَنِثَ بِكُلِّ مَا يَلْبَسُهُ مِنْهُ وَكَذَا مَنَعَ ابْنُ عَقِيلٍ الْحَالِفَ عَلَى خُبْزٍ غَيْرِهِ مِنْ لَحْمِهِ وَمَائِهِ.
وَيَحْنَثُ حَالِفٌ عَلَى تَمْرٍ لِلْحَلَاوَةِ بِكُلِّ حُلْوٍ وَحَالِفٌ لَا يُكَلِّمُ امْرَأَتَهُ لِلْهَجْرِ بِوَطْئِهَا لِاقْتِضَاءِ الْيَمِينِ مَنْعًا وَالْتِزَامًا فَهِيَ كَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ.
بِخِلَافِ أَعْتِقُهُ لِأَنَّهُ أَسْوَدُ أَوْ لِسَوَادِهِ يُعْتَقُ وَحْدَهُ وَقِيلَ: لِأَنَّ التَّعَبُّدَ مَنَعَ مِنْهُ. وَقَالَ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ: لِأَنَّ عِلَّتَهُ يَجُوزُ أَنْ يَنْتَفِضَ وَقَوْلُهُ لَا يَطَّرِدُ وَقِيلَ: لِأَنَّهُ لَا يُشْبِهُ التَّشْرِيعَ وَكَذَا أَعْتَقْته لِأَنَّهُ أَسْوَدُ أَوْ لِسَوَادِهِ لِجَوَازِ الْمُنَاقَضَةِ عَلَيْهِ وَالْبَدَاءِ وَاخْتَارَ فِي التَّمْهِيدِ: لَهُ عِتْقُ كُلِّ أَسْوَدَ قَالَ: لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْبَدْءِ فِي حَقِّهِ ثُمَّ النُّسَخُ يَجُوزُ أَنْ يُرَدَّ مِنْ الْبَارِئِ فِي الْحُكْمِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ كَمَا يُرَدُّ الْبَدْءُ مِنْ الْآدَمِيِّ ثُمَّ لَمْ يَمْنَعْ جَوَازُ وُرُودِ النُّسَخِ مِنْ الْقِيَاسِ كَذَا جَوَازُ الْبَدْءِ فِي حَقِّ الْمُوَكَّلِ وَجَزَمَ بِهِ فِيهِ إنْ قَالَ: إذَا أَمَرْتُك بِشَيْءٍ لِعِلَّةٍ فَقِسْ عَلَيْهِ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ مَالِي وَجَدْت فِيهِ تِلْكَ الْعِلَّةَ ثُمَّ قَالَ: أَعْتِقُ عَبْدِي فُلَانًا لِأَنَّهُ أَسْوَدُ فَعَتَقَ كُلُّ عَبْدٍ لَهُ أَسْوَدَ صَحَّ ذَلِكَ وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِ صَاحِبِ الشَّرْعِ لِأَنَّهُ تَعَبَّدَنَا بِالْقِيَاسِ.
وَقَالَ فِي الْعُدَّةِ: إنَّ الْمُخَالِفَ احْتَجَّ بِأَنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ لَا تَسْتَعْمِلُ الْقِيَاسَ،
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فَلَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ: اشْتَرِ لِي سَكَنْجَبِينًا فَإِنَّهُ يَصْلُحُ لِلصَّفْرَاءِ لَمْ يَصِحَّ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ رُمَّانًا وَإِنْ كَانَ يَصْلُحُ لِلصَّفْرَاءِ وَالْجَوَابُ أَنَّ السَّكَنْجَبِينَ يَخْتَصُّ مَعَانِيَ لَا تُوجَدُ فِي الرُّمَّانِ لِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَشْتَرِيَهُ وَقَدْ وَرَدَ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ مَا يُوجِبُ الْقَوْلَ بِالْقِيَاسِ فإن اثنين1 لَوْ ضَرَبَا أُمَّهُمَا فَضَرَبَ الْأَبُ أَحَدَهُمَا: لِأَنَّهُ ضَرَبَ أُمَّهُ صَلُحَ الرَّدُّ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْآخَرَ ضَرَبَهَا فَلِمَ لَا تَضْرِبُهُ؟.
وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: لَا تُعْطِ فُلَانًا إبْرَةً لِئَلَّا يَعْتَدِي بِهَا لَمْ يَصْلُحْ أَنْ يُعْطِيَهُ سِكِّينًا لِأَنَّ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ عَلَى أَنَّا نَقُولُ بِالْقِيَاسِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي دَلَّ الشَّرْعُ عَلَيْهِ وَكَلَّفَنَا إيَّاهُ وَفِي تِلْكَ الْمَوَاضِعِ لَمْ يَدُلَّ الشَّرْعُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَجِبْ الْقَوْلُ بِهِ فَقَدْ أَجَابَ الْقَاضِي بِوَجْهَيْنِ: أَوَّلُهُمَا كَاخْتِيَارِ أَبِي الْخَطَّابِ.
وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ قِسْ عَلَيْهِ كُلَّ مَا صَلَحَ لِلصَّفْرَاءِ جَازَ. وَيَدُلُّ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يُعْتِقْ غَيْرَ مَا أَعْتَقَهُ مَعَ أَنَّهُ أَسْوَدُ أَنَّ لِكُلِّ عَاقِلٍ مُنَاقَضَتَهُ وَيَقُولُ لَهُ لَمْ يُعْتِقْ غَيْرَهُ مِنْ السُّودِ وَكَذَا قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ.
وَأَمَّا إذَا قَالَ أَعْتَقْتُ فُلَانًا لِأَنَّهُ أَسْوَدُ فَقِيسُوا عَلَيْهِ كُلَّ أَسْوَدَ فَذَكَرَ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا يَتَعَدَّى الْعِتْقَ غَيْرُ مَنْ أَعْتَقَهُ مُلْزِمًا بِهِ لِلْمُخَالِفِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّ ظَاهِرَ مَا ذُكِرَ مِنْ كَلَامِ الْقَاضِي وَأَبِي الْخَطَّابِ خِلَافُهُ وَفِيهِ قَالَ الْقَاضِي فِي النَّصِّ عَلَى الْعِلَّةِ: وَاحْتَجَّ بِأَنَّ الاعتبار باللفظ دون
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في "ط": "ابنين".
الْمَعْنَى لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَكَلْت السُّكَّرَ لِأَنَّهُ حُلْوٌ لَمْ يَحْنَثْ بِغَيْرِهِ وَكَذَا لَفْظُ الشَّرْعِ وَأَجَابَ بِجَوَازِ الْمُنَاقَضَةِ وَبِأَنَّ الشَّارِعَ أَمَرَ بِالْقِيَاسِ وَغَيْرُهُ لَمْ يَأْمُرْ بِذَلِكَ فَلَوْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ قِيسُوا كَلَامِي بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ ثُمَّ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَكَلْت السُّكَّرَ لِأَنَّهُ حُلْوٌ شَرِكَهُ فِيهِ كُلُّ حُلْوٍ، وَفِي الْإِيضَاحِ الطَّلَاقُ: وَإِنْ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ وَلَا أَحَدَ مِمَّنْ فِي كَنَفِهِ.
وَإِنْ حَلَفَ: لَا يَأْوِي مَعَهَا بِدَارٍ يَنْوِي جَفَاهَا وَلَا سَبَبَ فَأَوَى مَعَهَا فِي غَيْرِهَا حَنِثَ أَوْ لَا عُدْت رَأَيْتُك تَدْخُلِينَهَا يَنْوِي مَنْعَهَا حَنِثَ وَلَوْ لَمْ يَرَهَا وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ أَقَلُّ الْإِيوَاءِ سَاعَةٌ وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ قَالَ الْحَرِيرِيُّ فِي دُرَّةِ الْغَوَّاصِ: لَا يُقَالُ: اجْتَمَعَ فُلَانٌ مَعَ فُلَانٍ وَإِنَّمَا يُقَالُ: اجْتَمَعَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَخَالَفَهُ الْجَوْهَرِيُّ فِي صِحَاحِهِ فَقَالَ: جَامِعُهُ عَلَى كَذَا أَيْ اجْتَمَعَ مَعَهُ.
وَإِنْ قَالَ: إنْ تَرَكْت هَذَا الصَّبِيَّ يَخْرُجُ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَفْلَتَ فَخَرَجَ أَوْ قَامَتْ تُصَلِّ أَوْ لِحَاجَةٍ فَخَرَجَ إنْ نَوَى أَنْ لَا يَخْرُجَ حَنِثَ وَإِنْ نَوَى أَنْ تَمْنَعَهُ وَلَا تَدَعْهُ فَإِنَّهَا لَمْ تَتْرُكْهُ يَخْرُجُ فَلَا يَحْنَثُ نَقَلَهُ مُهَنَّا نَقَلَ حَرْبٌ: أَكْرَهُ إذَا حَلَفَ لَا يُلْبِسُ امْرَأَتَهُ مِنْ كَدِّهِ أَنْ يُعْطِيَ أُجْرَةَ الْخَيَّاطِ أَوْ الْقَصَّارِ أَوْ نَحْوِ هَذَا.
وَإِنْ حَلَفَ: لَا يُفَارِقُ الْبَلَدَ إلَّا بِإِذْنِ الْوَالِي أَوْ لَا رَأَى مُنْكَرًا إلَّا رَفَعَهُ إلَيْهِ أَوْ لا تخرج امرأته وعبده إلا بإذنه فعزل وَطَلَّقَ وَأَعْتَقَ أَوْ حَلَفَ:
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
................................................. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لَا دَخَلَهُ لِظُلْمٍ رَآهُ فِيهِ فَزَالَ وَنَوَى مَا دَامَ لَمْ يَحْنَثْ وَمَعَ السَّبَبِ فِيهِ روايتان ونصه: يحنث م 3.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 3: قَوْلُهُ: وَإِنْ حَلَفَ لَا يُفَارِقُ الْبَلَدَ إلَّا بِإِذْنِ الْوَالِي أَوْ لَا رَأَى مُنْكَرًا إلَّا رَفَعَهُ إلَيْهِ أَوْ لَا تَخْرُجُ امْرَأَتُهُ وعبده إلا بإذنه فعزل وطلق وأعتق أو حَلَفَ لَا دَخَلَهُ لِظُلْمٍ رَآهُ فِيهِ فَزَالَ وَنَوَى مَا دَامَ لَمْ يَحْنَثْ وَمَعَ السَّبَبِ فِيهِ رِوَايَتَانِ وَنَصُّهُ: يَحْنَثُ. انْتَهَى.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
هَذِهِ الْمَسَائِلُ الْخَمْسُ تَنْزِعُ إلَى قَاعِدَةٍ هِيَ أَصْلُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ كُلِّهَا وَغَيْرِهَا وَهِيَ أَنَّ اللَّفْظَ الْعَامَّ هَلْ يَخُصُّ بِسَبَبِهِ الْخَاصَّ إذَا كَانَ السَّبَبُ هُوَ الْمُقْتَضِي لَهُ أَوْ يُقْضَى بِعُمُومِ اللَّفْظِيَّةِ؟ وَجْهَانِ لِلْأَصْحَابِ قَالَهُ فِي الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالْعِشْرِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ وَتَابَعَهُ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ:
أَحَدُهُمَا: الْعِبْرَةُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ أَوَّلَ الْبَابِ: فَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ أَعَمَّ مِنْ السَّبَبِ أُخِذَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ وقيل: بل بخصوص السبب. انتهى.
قال النَّاظِمُ:
فَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ أَعَمَّ فَخُذْ بِهِ
…
وَخَلِّ خُصُوصَ اللَّفْظِ عِنْدَهُ تَسْدُدْهُ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ وَالْآمِدِيُّ وَأَبُو الْفَتْحِ الْحَلْوَانِيُّ وَأَبُو الخطاب وغيرهم قال فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ: وَأَخَذُوهُ مِنْ نَصِّ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَصْطَادُ مِنْ نَهْرٍ لِظُلْمٍ رَآهُ فِيهِ فَزَالَ الظُّلْمُ قَالَ أَحْمَدُ: النَّذْرُ يُوَفِّي بِهِ وَكَذَلِكَ أَخَذُوهُ مِنْ قَاعِدَةِ الْمَذْهَبِ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ هَذَا الصَّبِيَّ فَصَارَ شَيْخًا أَنَّهُ يَحْنَثُ بِتَكْلِيمِهِ تَغْلِيبًا لِلتَّعْيِينِ عَلَى الْوَصْفِ قَالُوا: وَالسَّبَبُ وَالْقَرِينَةُ عِنْدَنَا تُعِينُ الْخَاصَّ وَلَا تُخَصِّصُ الْعَامَّ. انْتَهَى.
قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: وَنَصُّهُ: يَحْنَثُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: الْعِبْرَةُ بِخُصُوصِ السَّبَبِ لَا بِعُمُومِ اللَّفْظِ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ صَاحِبِ الْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ لَكِنَّ الْمَجْدَ اسْتَثْنَى صُورَةَ النَّهْرِ وَمَا أَشْبَهَهَا كَمَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَلَدًا لِظُلْمٍ رَآهُ فِيهِ ثُمَّ زَالَ الظُّلْمُ فَجَعَلَ الْعِبْرَةَ فِي ذَلِكَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ وَعَدَّى الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ الْخِلَافَ إلَيْهَا أَيْضًا. وَرَجَّحَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي عمد الأدلة وقال:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وهو قِيَاسُ الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْمُجَرَّدِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ النَّهْرِ الْمَنْصُوصَةِ وَذَكَرَهُ قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: وَهَذَا أَحْسَنُ وَقَدْ يَكُونُ جَدُّهُ لَحَظَ هَذَا. انْتَهَى. فَتَلَخَّصَ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ.
وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ أَيْضًا لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى لَفْظِ الْخِرَقِيِّ: إذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا لَا ظَاهِرَ اللَّفْظِ وَلَا غَيْرَ ظَاهِرِهِ رَجَعَ إلَى سَبَبِ الْيَمِينِ وَمَا هَيَّجَهَا فَإِذَا حَلَفَ لَا يَأْوِي مَعَ امْرَأَتِهِ فِي هَذِهِ الدَّارِ وَكَانَ سَبَبُ يَمِينِهِ غَيْظًا مِنْ جِهَةِ الدَّارِ لِضَرَرٍ لَحِقَهُ مِنْ جِيرَانِهَا أَوْ مِنْهُ حَصَلَ عَلَيْهِ بِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ اخْتَصَّتْ يَمِينُهُ بِهَا كَمَا هُوَ مُقْتَضَى اللَّفْظِ وَإِنْ كَانَ لِغَيْظٍ مِنْ الْمَرْأَةِ يَقْتَضِي جَفَاهَا وَلَا أَثَرَ لِلدَّارِ فِيهِ تَعَدَّى ذَلِكَ إلَى كُلِّ دَارِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا بِالنَّصِّ وَمَا عَدَاهَا بِعِلَّةِ الْجَفَا الَّتِي اقْتَضَاهَا السَّبَبُ وَكَذَا إذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَلَدًا لِظُلْمٍ رَآهُ فِيهِ أَوْ:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
لَا يُكَلِّمُ زَيْدًا لِشُرْبِهِ الْخَمْرَ فَزَالَ الظُّلْمُ وَتَرَكَ زَيْدٌ شُرْبَ الْخَمْرِ جَازَ لَهُ الدُّخُولُ وَالْكَلَامُ لِزَوَالِ الْعِلَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْيَمِينِ.
وَكَلَامُ الْخِرَقِيِّ يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ اللَّفْظُ خَاصًّا وَالسَّبَبُ يَقْتَضِي التَّعْمِيمَ كَمَا مَثَّلْنَا أَوَّلًا أَوْ كَانَ اللَّفْظُ عَامًّا وَالسَّبَبُ يَقْتَضِي التَّخْصِيصَ كَمَا مَثَّلْنَا ثَانِيًا وَلَا نِزَاعَ بَيْنَ الْأَصْحَابِ فِيمَا عَلِمْت فِي الرُّجُوعِ إلَى السَّبَبِ الْمُقْتَضِي لِلتَّعْمِيمِ وَاخْتُلِفَ فِي عَكْسِهِ فَقِيلَ: فِيهِ وَجْهَانِ وَقِيلَ: رِوَايَتَانِ وَبِالْجُمْلَةِ فِيهِ قَوْلَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ:
أَحَدُهَا: وَهُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ وَفِي غَيْرِهِ وَاخْتِيَارُ عَامَّةِ أَصْحَابِهِ الشَّرِيفِ وَأَبِي الْخَطَّابِ فِي خلافيهما: يؤخذ بعموم اللفظ وهو مقتضي1 نص أحمد وذكره.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَاخْتِيَارُ أَبِي مُحَمَّدٍ وَحُكِيَ عَنْ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ: يُحْمَلُ اللَّفْظُ الْعَامُّ عَلَى السَّبَبِ وَيَكُونُ ذَلِكَ السَّبَبُ مَبْنِيًّا عَلَى أَنَّ الْعَامَّ أُرِيدَ بِهِ خاص.
1 في "ط": "يقتضي".
وإن انحلت بعزله على أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ لَمْ يَبَرَّ بِرَفْعِهِ الْمُنْكَرَ بَعْدَ عَزْلِهِ وَفِي حِنْثِهِ بِعَزْلِهِ أَوْجُهٌ الثَّالِثُ يَحْنَثُ إن أمكنه في ولايته م 4 – 6.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: لَا يَقْتَضِي التَّخْصِيصَ: فِيمَا إذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَلَدًا لِظُلْمٍ رَآهُ فِيهِ وَيَقْتَضِي التَّخْصِيصَ فِيمَا إذَا دُعِيَ إلَى غَدَاءٍ فَخَلَفَ لَا يَتَغَدَّى أَوْ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ عَبْدُهُ وَلَا زَوْجَتُهُ إلَّا بِإِذْنِهِ وَالْحَالُ يَقْتَضِي مَا دَامَا كَذَلِكَ. وَقَدْ أَشَارَ الْقَاضِي إلَى هَذَا فِي التَّعْلِيقِ. انْتَهَى كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ.
وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قَالَهُ فِي الْقَوَاعِدِ وَغَيْرِهِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا زَادَ فِي النُّقُولِ عَلَى الْآخَرِ مِنْ جِهَةِ مَنْ اخْتَارَ فِي الْمَسْأَلَةِ.
وَمُلَخَّصُهُ أَنَّ الْقَاضِي وَعَامَّةُ أَصْحَابِهِ كَالشَّرِيفِ وَأَبِي الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا وَأَبِي الْفَتْحِ الْحَلْوَانِيِّ وَالْآمِدِيِّ وَغَيْرِهِمْ قَالُوا: الِاعْتِبَارُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ النَّاظِمُ وَأَنَّ ابْنَ عَقِيلٍ فِي عُمُدِ الْأَدِلَّةِ وَالشَّيْخَ الْمُوَفَّقَ وَالشَّارِحَ وَصَاحِبَ الْبُلْغَةِ وَالشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ وَالْقَاضِيَ فِي مَوْضِعٍ فِي الْمُجَرَّدِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ رَجَبٍ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَغَيْرِهِ قَالُوا: الِاعْتِبَارُ بِخُصُوصِ السَّبَبِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَأَنَّ الْمَجْدَ وَمَنْ تَبِعَهُ فَرَّقُوا وَأَشَارَ إلَيْهِ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيّ. وَإِنْ كَانَ الْمَجْدُ لَحَظَ مَا قَالَهُ حَفِيدُهُ فَيَكُونُ قَدْ وَافَقَ الْمُوَفَّقَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مَسْأَلَةٌ 4 - 6: قَوْلُهُ: وَإِنْ انْحَلَّتْ بِعَزْلِهِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ لَمْ يَبَرَّ بِرَفْعِهِ الْمُنْكَرَ بَعْدَ عَزْلِهِ وَفِي حِنْثِهِ بِعَزْلِهِ أَوْجُهٌ الثَّالِثُ: يَحْنَثُ إنْ أَمْكَنَهُ فِي وِلَايَتِهِ. انْتَهَى.
ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى- 4: هَلْ تَنْحَلُّ يَمِينُهُ بِعَزْلِ الْوَالِي أَمْ لَا؟ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إطْلَاقُ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُقْنِعِ1 وَالشَّرْحِ1 وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَغَيْرِهِمْ:
أَحَدُهُمَا: تَنْحَلُّ يَمِينُهُ صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَجِيزِ وَظَاهِرُ مَا اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُ أَوْ لَا وَهُوَ الصَّوَابُ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَنْحَلُّ يَمِينُهُ قَالَ الْقَاضِي: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ لَا تَنْحَلُّ وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى الْقَاعِدَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ صَرَّحَ بِهِ فِي الْقَوَاعِدِ وَالْمُغْنِي2 وَغَيْرِهِمَا. وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ: إنْ كَانَ السَّبَبُ أَوْ الْقَرَائِنُ تَقْتَضِي حَالَةَ الْوِلَايَةِ اخْتَصَّ بِهَا وَإِنْ كَانَتْ تَقْتَضِي الرَّفْعَ إلَيْهِ بِعَيْنِهِ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ مُرْتَكِبُ الْمُنْكَرِ قَرَابَةَ الْوَالِي مَثَلًا وَقَصَدَ إعْلَامَهُ بِذَلِكَ لِأَجْلِ قَرَابَتِهِ وَذَكَرَ الْوِلَايَةَ تَعْرِيفًا تَنَاوَلَ الْيَمِينَ حَالَ الْوِلَايَةِ وَالْعَزْلِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ- 5: إذَا قُلْنَا تَنْحَلُّ يَمِينُهُ وَرَأَى الْمُنْكَرَ فِي وِلَايَتِهِ وَلَمْ يَرْفَعْهُ حَتَّى عُزِلَ فَهَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا؟ أَوْ يَحْنَثُ إنْ أَمْكَنَهُ؟ أَطْلَقَ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ:
إحْدَاهُمَا: إذَا أَمْكَنَهُ رَفْعُهُ وَلَمْ يَرْفَعْهُ وَفِيهَا وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُصَنِّفُ:
أَحَدُهُمَا: يَحْنَثُ بِعَزْلِهِ وَهُوَ أَوْلَى:
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَحْنَثُ.
والثانية- 6: إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ رَفْعُهُ حَتَّى عُزِلَ أَوْ مَاتَ فَهَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ.
أحدهما: يحنث قدمه في المغني2 والشرح1.
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/24.
2 13/546.
وَإِنْ لَمْ تَنْحَلَّ بِعَزْلِهِ فَرَفَعَهُ إلَيْهِ بَعْدَ عَزْلِهِ بَرَّ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْوَالِي إذَنْ فَفِي تَعْيِينِهِ وَجْهَانِ فِي التَّرْغِيبِ لِلتَّرَدُّدِ بَيْنَ تَعْيِينِ الْعَهْدِ وَالْجِنْسِ وَفِيهِ: لَوْ عَلِمَ بِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ فَقِيلَ: فَاتَ الْبِرَّ كَمَا لَوْ رَآهُ مَعَهُ وَقِيلَ: لَا لِإِمْكَانِ صُورَةِ الرَّفْعِ فَعَلَى الْأَوَّلِ: هُوَ كَإِبْرَائِهِ مِنْ دَيْنٍ بَعْدَ حلفه ليقضينه وفيه وجهان م 7 – 9.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَحْنَثُ قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي التَّرْغِيبِ.
مَسْأَلَةٌ 7 - 9: قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَنْحَلَّ بِعَزْلِهِ فَرَفَعَهُ إلَيْهِ بَعْدَ عَزْلِهِ بَرَّ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْوَالِي إذَنْ فَفِي تَعْيِينِهِ وَجْهَانِ فِي التَّرْغِيبِ لِلتَّرَدُّدِ بَيْنَ تَعْيِينِ الْعَهْدِ وَالْجِنْسِ وَفِيهِ لَوْ عَلِمَ بِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ فَقِيلَ: فَاتَ الْبِرَّ كَمَا لَوْ رَآهُ مَعَهُ وَقِيلَ: لَا لِإِمْكَانِ صُورَةِ الرَّفْعِ فَعَلَى الْأَوَّلِ: هُوَ كَإِبْرَائِهِ مِنْ دَيْنٍ بَعْدَ حَلِفِهِ لَيَقْضِيَنَّهُ وَفِيهِ وَجْهَانِ. انْتَهَى. فِيهِ مَسَائِلُ مِنْ التَّرْغِيبِ أَطْلَقَ فِيهَا الْخِلَافَ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ.
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى- 7: إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْوَالِي فَهَلْ يَتَعَيَّنُ وَيَكُونُ مَنْ كَانَ فِي زَمَنِ حَلِفِهِ أَوْ لَا يَتَعَيَّنُ؟ أَطْلَقَ الخلاف:
أَحَدُهُمَا: لَا يَتَعَيَّنُ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ نِيَّةٌ وَلَا سَبَبٌ فَيَكُونُ لِلْجِنْسِ فَيَشْمَلُ كُلَّ وَالٍ يُوَلَّى.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَتَعَيَّنُ وَهُوَ مَنْ كَانَ الْيَمِينُ فِي زَمَنِهِ فَيَكُونُ لِلْعَهْدِ وَظَاهِرُ الْحَالِ يَقْتَضِي ذَلِكَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 8: لَوْ عَلِمَ بِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ أَيْ بَعْدَ عِلْمِ الْوَالِي صَرَّحَ بِهِ فِي الْقَوَاعِدِ وَهُوَ وَاضِحٌ فَهَلْ فَاتَ الْبِرُّ؟ كَمَا لَوْ رَآهُ مَعَهُ أَوْ لَا لِإِمْكَانِ صُورَةِ الرَّفْعِ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَكَذَا قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ وَهَذَا لَفْظُ صاحب الترغيب فنقلاه. قلت:
وكذا قوله جوابا لقولها تزوجت عَلَيَّ1: كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ تَطْلُقُ عَلَى نَصِّهِ وَقَطَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ أَخْذًا بِالْأَعَمِّ مِنْ لَفْظٍ وَسَبَبٍ: وَقَوْلُهُ لِمَنْ عَلَيْهِ دَيْنُهُ: إنْ خَرَجْت فَعَبْدِي حُرٌّ وَنَحْوُهُ وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ مَنْ قِيلَ لَهُ خَرَجَتْ امْرَأَتُك فَطَلِّقْهَا أَوْ قَالَ لَهُ عَبْدُهُ قَدِمَ أَبُوك أَوْ مَاتَ عَدُوُّك فَأَعْتِقْهُ وَلَمْ يُوَقِّعْهُ ابْنُ عَقِيلٍ لِبُطْلَانِ الْخَبَرِ لِدَلَالَةِ الْحَالِ لِأَنَّهُ مُقَدَّرٌ بِشَرْطٍ أَوْ تَعْلِيلٍ. وَفِي الِانْتِصَارِ فِي قَوْلِهِ لِأَكْبَرَ مِنْهُ: هُوَ حُرٌّ لِأَنَّهُ ابْنِي عَتَقَ وَلَمْ يُقْبَلْ تَعْلِيلُهُ بِكَذِبٍ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ لِأَنَّك قُمْت وَقَعَ إنْ كَانَتْ مَا قَامَتْ.
وَفِي الْفُنُونِ: أَنْتِ طَالِقٌ مَا سَرَقَ ذَهَبِي غَيْرُك وَعَلِمَ سَرِقَتَهَا وقع،
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
هِيَ شَبِيهَةٌ بِمَا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ2 رَفْعُهُ إلَيْهِ إلَّا بَعْدَ عَزْلِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَالصَّوَابُ أَنَّ الْبِرَّ قَدْ فَاتَ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الْحَالِفِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 9: عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْبِرَّ قَدْ فَاتَ قَالَ: هُوَ كَإِبْرَائِهِ من دين بعد حلفه ليقضينه وفيه وجهان وَأَطْلَقَهُمَا الْمُصَنِّفُ فِي أَوَاخِرِ هَذَا الْبَابِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَمُنَوَّرِهِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ فَكَذَا الصَّحِيحُ هُنَا أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَيَأْتِي ذَلِكَ عِنْدَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِيهَا مُحَرَّرًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْمَسْأَلَةِ الْحَادِيَةِ وَالْأَرْبَعِينَ3.
1 ليست في "ر".
2 في "ح": "يكن".
3 ص 62.