الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُحَاكَمَةُ وَقَدَّمَ الشَّيْخُ: لَا يَقْضِي لِأَنَّهُ لَمْ يَدَعْهَا الْغَائِبُ وَلَا وَكِيلُهُ وَتَقَدَّمَ1 أَنَّ الدَّعْوَى لَهُ لَا تَصِحُّ إلَّا تَبَعًا وَذَكَرُوا أَنَّ الْحَاكِمَ يَقْضِي عَنْهُ وَيَبِيعُ مَالَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهِ أَنَّهُ لِلْغَائِبِ وَأَعْلَى طَرِيقِهِ الْبَيِّنَةُ فَيَكُونُ مِنْ الدَّعْوَى لِلْغَائِبِ تَبَعًا أَوْ مُطْلَقًا لِلْحَاجَةِ إلَى إيفَاءِ الْحَاضِرِ وَبَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْغَائِبِ.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 ص 207.
فَصْلٌ وَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى وَلَا تُسْمَعُ وَلَا يستحلف في حق لله كَعِبَادَةٍ وَحَدٍّ وَصَدَقَةٍ وَكَفَّارَةٍ وَنَذْرٍ
.
وَفِي التَّعْلِيقِ: شَهَادَةُ الشُّهُودِ دَعْوَى. وَتُقْبَلُ
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بَيِّنَةُ عِتْقٍ وَلَوْ أَنْكَرَهُ الْعَبْدُ ذَكَرَهُ الْمَيْمُونِيُّ وَذَكَرَهُ فِي الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ. وَفِي الرِّعَايَةِ: تَصِحُّ دَعْوَى حِسْبَةٍ قِيلَ لِأَحْمَدَ فِي بَيِّنَةِ الزِّنَا تَحْتَاجُ إلَى مُدَّعٍ فَذَكَرَ خَبَرَ أَبِي بَكْرَةَ1 وَقَالَ: لَمْ يَكُنْ مُدَّعٍ.
وَتَصِحُّ قَبْلَهَا الشَّهَادَةُ بِهِ وَبِحَقِّ آدَمِيٍّ غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَوَقْفٍ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ مَسْجِدٍ أَوْ وَصِيَّةٍ لَهُ قَالَ شَيْخُنَا: وَعُقُوبَةُ كَذَّابٍ2 مُفْتَرٍ عَلَى النَّاسِ وَالْمُتَكَلِّمِ فِيهِمْ وَتَقَدَّمَ فِي التَّعْزِيرِ كَلَامُ أَحْمَدَ وَالْأَصْحَابِ قَالَ شَيْخُنَا فِي حِفْظِ وَقْفٍ وَغَيْرِهِ بِالثَّبَاتِ عن خصم مقدر: تسمع الدعوى والشهادة
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 وهو ما أخرجه الحاكم 3/448، والبيهقي 8/235 من وجه آخر، في قصة رمي أبي بكرة المغيرة بن شعبة بالزنى، وإقامة عمر رضي الله عنه عليه بالحد في اثنين آخرين؛ لعدم ثبوت ذلك بأربعة شهود.
2 بعدها في الأصل: "و".
فِيهِ1 بِلَا خَصْمٍ وَهَذَا قَدْ يَدْخُلُ فِي كِتَابِ الْقَاضِي وَفَائِدَتُهُ كَفَائِدَةِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وهو مثل كتاب القاضي إذا2 كَانَ فِيهِ ثُبُوتٌ مَحْضٌ فَإِنَّهُ هُنَاكَ يَكُونُ مُدَّعٍ فَقَطْ بِلَا مُدَّعًى عَلَيْهِ حَاضِرٍ لَكِنَّ هُنَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُتَخَوِّفٌ. وَإِنَّمَا الْمُدَّعِي يَطْلُبُ مِنْ الْقَاضِي سَمَاعَ الْبَيِّنَةِ أَوْ الْإِقْرَارَ كَمَا يَسْمَعُ ذَلِكَ شُهُودُ الْفَرْعِ فَيَقُولُ الْقَاضِي ثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدِي بِلَا مُدَّعًى عَلَيْهِ وَقَدْ ذَكَرَهُ قَوْمٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَفَعَلَهُ طَائِفَةٌ مِنْ الْقُضَاةِ وَلَمْ يَسْمَعْهَا طَوَائِفُ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنْبَلِيَّةِ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِالْحُكْمِ فَصْلُ الْخُصُومَةِ3. وَمِنْ قَالَ بِالْخَصْمِ الْمُسَخَّرِ نَصَبَ الشَّرَّ ثُمَّ قَطَعَهُ.
وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَيْضًا مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي مِنْ احْتِيَالِ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ مِنْ غَيْرِ وُجُود مُدَّعًى عَلَيْهِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ الْمَقَرَّ لَهُ بِالْبَيْعِ قَدْ قَبَضَ الْمَبِيعَ وَسَلَّمَ الثَّمَنَ فَهُوَ لَا يَدَّعِي شَيْئًا وَلَا يُدَّعَى عَلَيْهِ شَيْءٌ وَإِنَّمَا غَرَضُهُ تَثْبِيتُ الْإِقْرَارِ أَوْ الْعَقْدِ وَالْمَقْصُودُ سَمَاعُ الْقَاضِي الْبَيِّنَةَ وَحُكْمُهُ بِمُوجِبِهَا مِنْ غَيْرِ وُجُودِ مُدَّعًى عَلَيْهِ وَمِنْ غَيْرِ مُدَّعٍ عَلَى أَحَدٍ لَكِنْ خَوْفًا مِنْ حُدُوثِ خَصْمٍ مُسْتَقْبَلٍ فَيَكُونُ هَذَا الثُّبُوتُ حُجَّةً بِمَنْزِلَةِ الشَّهَادَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْقَاضِي يَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ بِلَا هَذِهِ الدَّعْوَى وَإِلَّا امْتَنَعَ مِنْ سَمَاعِهَا مُطْلَقًا وَعَطَّلَ هَذَا الْمَقْصُودَ الَّذِي احْتَالُوا4. قَالَ شَيْخُنَا: وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ هُوَ لَا يَحْتَاجُ إلَى هَذَا الِاحْتِيَالِ وَأَظُنُّ الشَّافِعِيَّةَ مُوَافِقِيهِ فِي إنْكَارِ هَذَا عَلَى الحنفية مع أن جماعات من
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 ليست في الأصل.
2 في "ط": "إذ".
3 في "ر"" "الحكومة".
4 كذا في جميع النسخ الخطية و"ط" وفي "المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف" 28/421: "احتالوا له".
الْقُضَاةِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ1 الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنْبَلِيَّةِ2 دَخَلُوا مَعَ الْحَنَفِيَّةِ فِي ذَلِكَ وَسَمَّوْهُ الْخَصْمَ الْمُسَخَّرَ. وَأَمَّا عَلَى أَصْلِنَا الصَّحِيحِ وَأَصْلِ مَالِكٍ فَإِمَّا أَنْ نَمْنَعَ الدَّعْوَى عَلَى غَيْرِ خَصْمٍ مُنَازَعٍ فَتَثْبُتُ الْحُقُوقُ بِالشَّهَادَاتِ عَلَى الشَّهَادَاتِ كَمَا ذَكَرَهُ مَنْ ذَكَرَهُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَإِمَّا أَنْ تُسْمَعَ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةُ بِلَا خَصْمٍ كَمَا ذَكَرَ طَائِفَةٌ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَأَصْحَابِنَا فِي مَوَاضِعَ لِأَنَّا نَسْمَعُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةَ عَلَى الْغَائِبِ وَالْمُمْتَنِعِ وَكَذَا الْحَاضِرُ فِي الْبَلَدِ فِي الْمَنْصُوصِ فَمَعَ عَدَمِ خَصْمٍ أَوْلَى وَإِنَّمَا قال بمحضر من خصمين جاز استماع الدعوى3 وَقَبُولُ الْبَيِّنَةِ مِنْ أَحَدِهِمَا: عَلَى الْآخَرِ مَنْ اشْتَرَطَ حُضُورَ الْخَصْمِ فِي الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةِ ثُمَّ احْتَالَ لِعَمَلِ ذَلِكَ صُورَةً بِلَا حَقِيقَةٍ وَلِأَنَّ الْحَاكِمَ يَسْمَعُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةَ فِي غَيْرِ وَجْهِ خَصْمٍ لِيَكْتُبَ بِهِ إلَى حَاكِمٍ آخَرَ.
قَالَ: وَقَالَ أَصْحَابُنَا: كِتَابُ الْحَاكِمِ كَشُهُودِ الْفَرْعِ قَالُوا لأن
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 ليست في الأصل.
2 في الأصل: "الحنفية".
3 ليست في الأصل في "ط"، و"ر".
الْمَكْتُوبَ إلَيْهِ يَحْكُمُ بِمَا قَامَ مَقَامَ غَيْرِهِ لِأَنَّ إعْلَامَ الْقَاضِي لِلْقَاضِي قَائِمٌ مَقَامَ إعْلَامِ الشَّاهِدَيْنِ فَجَعَلُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ كِتَابِ الْحَاكِمِ وَشُهُودِ الْفَرْعِ قَائِمًا مَقَامَ غَيْرِهِ وَهُوَ بَدَلٌ عَنْ شُهُودِ الْأَصْلِ وَجَعَلُوا كِتَابَ الْقَاضِي كَخِطَابِهِ وَإِنَّمَا خَصُّوهُ بِالْكِتَابِ لِأَنَّ الْعَادَةَ تُبَاعِدُ الْحَاكِمَيْنِ وَإِلَّا فَلَوْ كَانَا فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ كَانَ مُخَاطَبَةُ أَحَدِهِمَا: لِلْآخَرِ أَبْلَغَ مِنْ الْكِتَابِ وَبَنَوْا ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْحَاكِمَ يَثْبُتُ عِنْدَهُ بِالشَّهَادَةِ مَا لَمْ يَحْكُمْ بِهِ وَأَنَّهُ يُعْلِمُ بِهِ حَاكِمًا آخَرَ لِيَحْكُمَ بِهِ كَمَا يُعْلَمُ الْفُرُوعُ بِشَهَادَةِ الْأُصُولِ وَهَذَا كُلُّهُ إنَّمَا يَصِحُّ إذَا سُمِعَتْ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةُ فِي غَيْرِ وَجْهِ خَصْمٍ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ كُلَّ مَا يَثْبُتُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ يُثْبِتُهُ الْقَاضِي بِكِتَابِهِ وَلِأَنَّ النَّاسَ بِهِمْ حَاجَةٌ إلَى إثْبَاتِ حُقُوقِهِمْ بِإِثْبَاتِ الْقُضَاةِ كَإِثْبَاتِهَا بِشَهَادَةِ الْفُرُوعِ وَإِثْبَاتُ الْقُضَاةِ أَنْفَعُ لِأَنَّهُ كَفَى مُؤْنَةَ النَّظَرِ فِي الشُّهُودِ وَبِهِمْ حَاجَةٌ إلَى الْحُكْمِ فِيمَا فِيهِ1 شُبْهَةٌ أَوْ خِلَافٌ لدفع2 وَإِنَّمَا يَخَافُونَ مِنْ خَصْمٍ حَادِثٍ.
وَذَكَرَ أَبُو المعالي: لنائب الإمام مطالبة رب مال باطن بِزَكَاةٍ إذَا ظَهَرَ لَهُ تَقْصِيرٌ وَفِيمَا أَوْجَبَهُ كَنَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ وَجْهَانِ وَفِي الْخِلَافِ فِيمَنْ تَرَكَ الزَّكَاةَ: هِيَ آكَدُ لِأَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُطَالِبَ بِهَا بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ وَالنَّذْرِ. وَفِي الِانْتِصَارِ فِي حجره على مفلس الزكاة كمسألتنا إذا ثبت وجوبها عليه لا الكفارة. وفي
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
تَنْبِيهَانِ:
الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ: وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي لِنَائِبِ الإمام مطالبة رب مال باطن بزكاة إذا ظَهَرَ لَهُ تَقْصِيرٌ وَفِيمَا أَوْجَبَهُ كَنَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ وَجْهَانِ وَفِي الْخِلَافِ فِيمَنْ تَرَكَ الزَّكَاةَ هِيَ آكَدُ لِأَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُطَالِبَ بِهَا بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ وَالنَّذْرِ وَفِي الِانْتِصَارِ فِي حَجْرِهِ عَلَى مفلس الزكاة كمسألتنا إذا ثبت وجوبها عليه لا الكفارة انتهى.
1 ليست في الأصل.
2 في "ر": "يرفع". وفي "ط": "يدفع".
وَفِي التَّرْغِيبِ مَا شَمِلَهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَالْآدَمِيِّ كَسَرِقَةٍ تُسْمَعُ الدَّعْوَى فِي الْمَالِ وَيَحْلِفُ مُنْكِرٌ وَلَوْ عَادَ إلَى مَالِكِهِ أَوْ مَلَكَهُ سَارِقُهُ لَمْ تُسْمَعْ لِتَمَحُّضِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَقَالَ فِي السَّرِقَةِ: إنْ شَهِدْت بِسَرِقَةٍ قَبْلَ الدَّعْوَى فَأَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ لَا تُسْمَعُ وَتُسْمَعُ إنْ شَهِدَتْ أَنَّهُ أَبَاعَهُ1 فُلَانًا. وَفِي الْمُغْنِي2 كَسَرِقَتِهِ وَزِنَاهُ بِأَمَتِهِ لِمَهْرِهَا تُسْمَعُ وَيَقْضِي عَلَى نَاكِلٍ بِمَالٍ وَقَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ.
وَلَا تُقْبَلُ يَمِينٌ فِي حَقِّ آدَمِيٍّ مُعَيَّنٍ إلَّا بَعْدَ الدَّعْوَى وَشَهَادَةِ الشَّاهِدِ وَفِي الرِّعَايَةِ: وَالتَّزْكِيَةِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: يَنْبَغِي أَنْ يَتَقَدَّمَ شَهَادَةَ الشَّاهِدِ وَتَزْكِيَتَهُ الْيَمِينُ.
وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةٌ قَبْلَ الدَّعْوَى وَقَبِلَهَا في التعليق والانتصار والمغني3 إن لم يعلم بِهِ قَالَ شَيْخُنَا: وَهُوَ غَرِيبٌ وَذَكَرَ الْأَصْحَابُ: تُسْمَعُ بِالْوَكَالَةِ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ خَصْمٍ وَنَقَلَهُ مُهَنَّا قَالَ شَيْخُنَا: وَلَوْ فِي الْبَلَدِ وَبَنَاهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ عَلَى الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ وَالْوَصِيَّةُ مِثْلُهَا قَالَ شَيْخُنَا: الْوَكَالَةُ إنَّمَا تُثْبِتُ اسْتِيفَاءَ حَقٍّ أَوْ إبْقَاءَهُ بِحَالِهِ وَهُوَ مِمَّا لَا حق
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
هَذِهِ الْأَقْوَالُ طُرُقٌ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ أَوَّلَ الْفَصْلِ وَهُوَ أَنَّ الدَّعْوَى لَا تَصِحُّ وَلَا تُسْمَعُ ولا يستحلف في حق الله تعالى.
1 قال في "القاموس": أبعته: عرضته للبيع.
2 لم نعثر على ذلك مصرحا به، ولعله المشار إليه في 14/210 كما تفيده "حاشية ابن قندس".
3 14/210.
للمدعي عليه فِيهِ فَإِنَّ دَفْعَهُ إلَى هَذَا الْوَكِيلِ وَإِلَى غَيْرِهِ سَوَاءٌ وَلِهَذَا لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهَا رِضَاهُ وَأَبُو حَنِيفَةَ يَجْعَلُ لِلْمُوَكِّلِ عَلَيْهِ فِيهَا1 حَقًّا ولهذا لا تجوز في2 الْخُصُومَةُ إلَّا بِرِضَا الْخَصْمِ لَكِنْ طَرْدُ الْعِلَّةِ ثُبُوتُ الْحَوَالَةِ بِالْحَقِّ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ رِضَاهُ وَالْوَفَاةُ وَعَدَدُ الْوَرَثَةِ يَثْبُتُ مِنْ غَيْرِ حُضُورٍ الْمَدِينِ وَالْمُودِعِ.
وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ ابْتَاعَ دَارَ زَيْدٍ الْغَائِبِ فَلَهُ أَنْ يُثْبِتَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ مَنْ الدَّارُ فِي يَدِهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ كُلَّ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ عِنْدَهُ عَيْنٌ فَإِذَا لَمْ يُعْتَبَرْ رِضَاهُ فِي إقْبَاضِهَا أَوْ إخْرَاجِهَا عَنْ مِلْكِهِ لَا يُعْتَبَرُ حُضُورُهُ فِي ثُبُوتِهَا وَعَلَى هذا فيجوز أن تثبت الوكالة بعلم
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في الأصل: "فيه".
2 ليست في "ط".
الْقَاضِي كَمَا تَثْبُتُ الشَّهَادَةُ وَتَوَكُّلُ1 عَلِيٍّ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ2 كَالدَّلِيلِ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ أَعْلَمَ الْخُلَفَاءَ أَنَّهُ وَكِيلُهُ وَلَمْ يَشْهَدْ عَلَى ذَلِكَ وَلَا أَثْبَتَهَا فِي وَجْهِ خَصْمٍ إلَى أَنْ قَالَ: فَالتَّوْكِيلُ مِثْلُ الْوِلَايَةِ وَتَثْبُتُ الْوِلَايَةُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الْمَوْلَى مَعَ حُضُورِهِ فِي الْبَلَدِ وَمِنْ هَذَا كِتَابُ الْحَاكِمِ إلَى الْحَاكِمِ فِيمَا حَكَمَ بِهِ وَفِي التَّعْلِيقِ وَالِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِمَا: إذَا3 ادَّعَى أَنَّ الدَّارَ الَّتِي بِيَدِ نَفْسِهِ لَهُ لَمْ تُسْمَعْ وَلَا بِبَيِّنَةٍ لِعَدَمِ حَاجَتِهِ وَوُرُودِ الشَّرْعِ بِهِ وَجَعَلُوهُ وِفَاقًا قَالَ فِي الِانْتِصَارِ: وَالْخَارِجُ تُسْمَعُ بِبَيِّنَتِهِ ابْتِدَاءً لَا عَلَى خَصْمٍ وَقَبِلَهَا فِي الْكَافِي4. إنْ ادَّعَى شَيْئًا فَشَهِدَتْ بِأَكْثَرَ فَكَأَنَّهُ تَبَعٌ وَصَرَّحَ فِيهَا فِي الِانْتِصَارِ: تَصِحُّ بِمَا ادَّعَاهُ. وَفِي التَّرْغِيبِ: تُرَدُّ فِي الزِّيَادَةِ لِأَنَّهَا مُسْتَقِلَّةٌ بِخِلَافِ ذِكْرِ السَّبَبِ وَفِي رَدِّهَا فِي الْبَقِيَّةِ فِيهِ احْتِمَالَانِ وَتَقَدَّمَ فِي التَّفْلِيسِ5 مَا ظَاهِرُهُ الشَّهَادَةُ بِلَا دَعْوَى لِمَدِينٍ منكر.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
الثَّانِي: قَوْلُهُ: وَفِي التَّرْغِيبِ تُرَدُّ فِي الزِّيَادَةِ لِأَنَّهَا مُسْتَقِلَّةٌ بِخِلَافِ ذِكْرِ السَّبَبِ وَفِي رَدِّهَا فِي الْبَقِيَّةِ فِيهِ6 احْتِمَالَانِ انْتَهَى. قَدْ قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةٌ قَبْلَ الدَّعْوَى قَالَ: وَقَبِلَهَا فِي التَّعْلِيقِ وَالِانْتِصَارِ وَالْمُغْنِي إنْ لَمْ يُعْلَمْ بِهِ ثُمَّ قَالَ: وَقَبِلَهَا فِي الْكَافِي إنْ ادَّعَى شَيْئًا فشهدت بأكثر.
1 كذا في جميع النسخ والصواب- والله أعلم-: توكيل؛ لأن عبد الله هو الذي كان وكيلا لعلي، لا العكس.
2 إشارة إلى الأثر الذي أخرجه البيهقي 6/81، عن علي رضي الله عنه أنه وكل عبد الله بن جعفر عند عثمان. وقال: إن للخصومة قحما، وإن الشيطان يحضرها، وإني لأكره أن أحضرها. والقحم: المهالك.
3 في النسخ الخطية: "لو"، والمثبت من "ط".
4 6/157.
5 6/463.
6 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
ويستحلف في كل حق لآدمي في رواية لِلْخَبَرِ1 وَلِلرَّدْعِ وَالزَّجْرِ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ2 أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ فِي الطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ وَاسْتَثْنَى الْخِرَقِيُّ الْقَوَدَ وَالنِّكَاحَ وَاسْتَثْنَى أَبُو بَكْرٍ النِّكَاحَ وَالطَّلَاقَ وَقَالَ: الْغَالِبُ فِي قَوْلِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ: لَا يُسْتَحْلَفُ فِيهِمَا وَلَا فِي حَدِّ قَذْفٍ وَاسْتَثْنَى أَبُو الْخَطَّابِ ذَلِكَ وَالرَّجْعَةَ وَالْوَلَاءَ وَالِاسْتِيلَادَ وَالنَّسَبَ وَالرِّقَّ وَالْقَذْفَ. وَقَالَ الْقَاضِي: فِي قَوَدٍ وَقَذْفٍ وَطَلَاقٍ رِوَايَتَانِ وَالْبَقِيَّةُ لَا يُسْتَحْلَفُ فِيهَا. وَقَدَّمَ فِي الْمُحَرَّرِ كَأَبِي الْخَطَّابِ وَزَادَ الْإِيلَاءَ وَجَزَمَ بِهِ الْآدَمِيُّ. وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مَا لَا يَجُوزُ بَدَلُهُ وَهُوَ مَا ثَبَتَ بِشَاهِدَيْنِ لَا يُسْتَحْلَفُ فِيهِ وَفَسَّرَ الْقَاضِي الِاسْتِيلَادَ بِأَنْ يَدَّعِيَ اسْتِيلَادَ أَمَةٍ فَتُنْكِرَهُ. وَقَالَ شَيْخُنَا: بَلْ هِيَ الْمُدَّعِيَةُ م 4 وعنه تستحلف فيما يقضي
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
قال المصنف: فَكَأَنَّهُ تَبَعٌ وَصَرَّحَ فِيهَا فِي3 الِانْتِصَارِ تَصِحُّ بِمَا ادَّعَاهُ ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ فَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ طَرِيقَةٌ وَالْمُقَدَّمُ خِلَافُهُ.
مَسْأَلَةٌ 4 قَوْلُهُ: وَفَسَّرَ الْقَاضِي الِاسْتِيلَادَ بِأَنْ يَدَّعِيَ استيلاد أمة فتنكره. وقال شيخنا بل هي الْمُدَّعِيَةُ انْتَهَى. ظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ فِي تَفْسِيرِ الِاسْتِيلَادِ فَالْقَاضِي يَقُولُ إنَّ الْمُدَّعِيَ هُوَ السَّيِّدُ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ يَقُولُ هِيَ المدعية وهو الصواب.
1 وهو ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لو يعطى الناس بدعواهم، لادعى رجال دماء قوم وأموالهم ولكن اليمين على المدعي عليه". أخرجه البخاري 4552، ومسلم 1711، وما ذكره ابن قندس في "الحاشية" هو رواية البيهقي.
2 بعدها في "ر"، و"ط":"به".
3 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
فِيهِ بِالنُّكُولِ فَقَطْ م 5. وَيَقْضِي بِهِ فِي مَالٍ أَوْ مَا مَقْصُودُهُ مَالٌ هَذَا
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 5: قَوْلُهُ: وَيُسْتَحْلَفُ فِي كُلِّ حَقٍّ لِآدَمِيِّ فِي رِوَايَةٍ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ فِي الطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ وَاسْتَثْنَى الْخِرَقِيُّ الْقَوَدَ وَالنِّكَاحَ وَاسْتَثْنَى أَبُو بَكْرٍ النِّكَاحَ وَالطَّلَاقَ وَاسْتَثْنَى أَبُو الْخَطَّابِ ذَلِكَ وَالرَّجْعَةَ وَالْوَلَاءَ وَالِاسْتِيلَادَ وَالنَّسَبَ وَالرِّقَّ وَالْقَذْفَ. وَقَالَ الْقَاضِي: فِي قَوَدٍ وَطَلَاقٍ وَقَذْفٍ رِوَايَتَانِ وَالْبَقِيَّةُ لَا يُسْتَحْلَفُ فِيهَا وَقَدَّمَ فِي الْمُحَرَّرِ كَأَبِي الْخَطَّابِ وَزَادَ الْإِيلَاءَ وَجَزَمَ بِهِ الْآدَمِيُّ وَفِي الْجَامِعِ الصغير ما لا يجوز بذله1 وَهُوَ مَا ثَبَتَ بِشَاهِدَيْنِ لَا يُسْتَحْلَفُ فِيهِ وَعَنْهُ: يُسْتَحْلَفُ فِيمَا يَقْضِي فِيهِ بِالنُّكُولِ فَقَطْ انْتَهَى.
الرِّوَايَةُ الْأُولَى: قَدَّمَهَا فِي الْمُقْنِعِ2 وَاخْتَارَهَا الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا قَالَ فِي الْعُمْدَةِ: وَتُشْرَعُ الْيَمِينُ فِي كُلِّ حَقٍّ لِآدَمِيٍّ وَلَا تُشْرَعُ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ الْحُدُودِ وَالْعِبَادَاتِ انْتَهَى وَهَذِهِ الرِّوَايَةِ تَخْرِيجٌ فِي الْهِدَايَةِ وَقَدَّمَ مَا قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَزَادَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ الْعِتْقَ وَبَقَاءَ الرَّجْعَةِ وَجَزَمَ بِمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالْآدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ وَمُنَوَّرِهِ وَصَحَّحَهُ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ "3وَهُوَ الصَّحِيحُ3". وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ: وَلَا تُشْرَعُ فِي مُتَعَذَّرٍ بَدَلِهِ كَطَلَاقٍ وَإِيلَاءٍ وَبَقَاءِ مُدَّتِهِ وَنِكَاحٍ وَرَجْعَةٍ وَبَقَائِهَا وَنَسَبٍ وَاسْتِيلَادٍ وَقَذْفٍ وَأَصْلِ رِقٍّ وَوَلَاءٍ وَقَوَدٍ إلَّا فِي قَسَامَةٍ وَلَا فِي تَوْكِيلٍ وَإِيصَاءٍ إلَيْهِ وَعِتْقٍ مَعَ اعْتِبَارِ شَاهِدَيْنِ فِيهَا بَلْ فِيمَا يَكْفِيهِ شَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ سِوَى نِكَاحٍ وَرَجْعَةٍ انْتَهَى وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.
1 في "ط": "بدله".
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 30/103.
3 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
الْمَذْهَبُ وَعَنْهُ: وَغَيْرُهُ إلَّا قَوَدَ نَفْسٍ وَعَنْهُ: وَطَرَفٌ وَقِيلَ: فِي كَفَالَةٍ وَجْهَانِ. وَمَتَى لَمْ يَثْبُتْ الْقَوَدُ بِهِ فَفِي الدِّيَةِ رِوَايَتَانِ كَقَسَامَةٍ م 6 و 7.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
تَنْبِيهٌ1: أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ هُنَا فِي الْيَمِينِ فِي الْقَوَدِ وَقَدَّمَ فِي بَابِ الْقَسَامَةِ2 أَنَّهُ يَحْلِفُ يَمِينًا فَقَالَ وَمَتَى فُقِدَ اللَّوْثُ حَلَفَ الْمُدَّعِي يَمِينًا وَعَنْهُ: لَا يَمِينَ فِي عَمْدٍ وَهِيَ أَشْهَرُ فَقُدِّمَ أَنَّهُ يَحْلِفُ يَمِينًا وَهَذَا اخْتَارَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ مِنْهُمْ أَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ الْبَنَّا وَصَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 قَالَ الزَّرْكَشِيّ وَهُوَ الْحَقُّ وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالنِّهَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ أَصَحُّ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ قَالَ: وَهِيَ أَشْهَرُ وَهِيَ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ وَغَيْرِهِ وَعَلَى كِلَا الْأَمْرَيْنِ الْمُصَنِّفُ أَطْلَقَ الْخِلَافَ هُنَا فِي الْحَلِفِ فِي الْقَوَدِ وَقَدَّمَ فِي القسامة في اليمين حكما. والله أعلم.
مَسْأَلَةٌ 6 و 7: قَوْلُهُ: وَمَتَى لَمْ يَثْبُتْ الْقَوَدُ بِهِ فَفِي الدِّيَةِ رِوَايَتَانِ كَقَسَامَةٍ انْتَهَى. فِيهِ مسألتان: المقيس والمقيس عليه:
1 هذا التنبيه بتمامه لا يوجد في النسخ الخطية، وهو مثبت من "ط".
2 10/18.
3 12/190.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 26/127.
ومتى لم يقض به1 ففي تخليته وحبسه ليقر أو يحلف وجهان،
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 6: إذَا لَمْ يَثْبُتْ الْقَوَدُ بِالنُّكُولِ فَهَلْ تَثْبُت بِذَلِكَ الدِّيَةُ بِذَلِكَ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ غَيْرِهِمْ:
إحْدَاهُمَا: لَا تَثْبُتُ الدِّيَةُ بِذَلِكَ وَلَا يَلْزَمُهُ اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: يَلْزَمُهُ دِيَتُهَا فِي رِوَايَةٍ فَدَلَّ أَنَّ الْمُقَدَّمَ لَا يَلْزَمُهُ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: تَثْبُتُ بِهِ وَتَلْزَمُهُ وَهُوَ قِيَاسُ الْقَسَامَةِ وَقَدْ صَحَّحْنَا لُزُومَ الدِّيَةِ فِي الْقَسَامَةِ فَكَذَا هُنَا وَهَذَا الصَّحِيحُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 27: قَوْلُهُ: كَقَسَامَةٍ يَعْنِي لَوْ طَلَبَ أَيْمَانَ الْمُدَّعِي عَلَيْهِمْ فِي الْقَسَامَةِ فَنَكَلُوا عَنْ الْأَيْمَانِ فَهَلْ تَلْزَمُهُمْ الدِّيَةُ أَمْ تَكُونُ فِي بَيْتِ الْمَالِ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا فِي بَابِ الْقَسَامَةِ وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ مُحَرَّرًا هُنَاكَ3 وَذَكَرْنَا أَنَّ الصَّحِيحَ لزوم الدية. والله أعلم.
1الضمير عائد على النكول.
2 في "ط": "والرواية الثانية".
3 10/23.
كلعان م 8 و 9. وفي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ: لَا يَحْلِفُ شَاهِدٌ وَلَا حَاكِمٌ وَلَا وَصِيٌّ عَلَى نَفْيِ دَيْنٍ عَلَى1 الْمُوصِي وَمُنْكِرُ وَكَالَةِ وَكِيلٍ. وَفِي الرِّعَايَةِ: لَا يَحْلِفُ مُدَّعًى عَلَيْهِ بِقَوْلِ مُدَّعٍ لِيَحْلِفَ أَنَّهُ مَا أَحَلَفَنِي أَنِّي لَمْ أُحَلِّفْهُ. وَفِي التَّرْغِيبِ: وَلَا مُدَّعٍ طَلَبَ يَمِينِ خَصْمِهِ فَقَالَ لِيَحْلِفَ أَنَّهُ مَا أَحَلَفَنِي فِي الْأَصَحِّ: وَإِنْ ادَّعَى وَصِيٌّ وَصِيَّةً لِلْفُقَرَاءِ فَأَنْكَرَ الْوَرَثَةُ حُبِسُوا وَقِيلَ: يَحْكُمُ بذلك.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 8 و 9: قَوْلُهُ: وَمَتَى لَمْ يُقْضَ بِهِ فَفِي تَخْلِيَتِهِ وَحَبْسِهِ لِيُقِرَّ أَوْ يَحْلِفَ وَجْهَانِ كَلِعَانٍ انْتَهَى.
ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 8: إذَا لَمْ يَقْضِ عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ فَهَلْ يُخَلَّى أَوْ يُحْبَسُ لِيُقِرَّ أَوْ يَحْلِفَ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.
أَحَدُهُمَا: يُخَلَّى سَبِيلُهُ اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَالنَّاظِمُ وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَهُوَ الصَّوَابُ قِيَاسًا عَلَى الْقَسَامَةِ إذَا نَكَلُوا عَنْهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي بِحَبْسٍ حَتَّى يَقْرَأَ أَوْ يَحْلِفَ قُلْت: وَهُوَ الصَّحِيحُ قِيَاسًا عَلَى اللِّعَانِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَقَدَّمَهُ هُنَا فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 9: مَسْأَلَةُ اللِّعَانِ وَقَدْ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فِي بَابِهَا2 وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ هُنَاكَ وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَيْهَا وَصَحَّحْنَا أَنَّهُ إذَا لَاعَنَ وَنَكَلَتْ يُحْبَسُ حَتَّى تُقِرَّ أو تلاعن وتقدم نظير ذلك "3في باب: طريق الحكم وصفته4، و3"في القسامة5.
1 في الأصل: "عن".
2 9/212.
3 ليست في الأصل و"ط".
4 ص 170.
5 10/23.
وَيَحْلِفُ فِي نَفْيٍ وَإِثْبَاتٍ عَلَى الْبَتِّ إلَّا لِنَفْيِ فِعْلِ غَيْرِهِ وَفِي غَيْرِ الْمُنْتَخَبِ وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ أَوْ نَفْيِ دَعْوَى عَلَى غَيْرِهِ فَيَكْفِيه نَفْيُ الْعِلْمِ وَعَنْهُ: يَمِينُ نَفْيٍ وَعَنْهُ: وَغَيْرُهَا عَلَى الْعِلْمِ اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَاحْتَجَّ بِالْخَبَرِ الذي ذكره الإمام أحمد وغيره: ولا تضطروا النَّاسَ فِي أَيْمَانِهِمْ أَنْ يَحْلِفُوا عَلَى مَا لَا يَعْلَمُونَ1. وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ: يَمِينُهُ بَتٌّ عَلَى فِعْلِهِ وَنَفْيٌ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ. وَعَبْدُهُ كَأَجْنَبِيٍّ فَأَمَّا بَهِيمَتُهُ فَمَا يُنْسَبُ إلَى تَقْرِيطٍ وَتَقْصِيرٍ فَعَلَى الْبَتِّ وَإِلَّا فَعَلَى الْعِلْمِ.
وَمَنْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ حَلِفٌ لِجَمَاعَةٍ حَلَفَ لِكُلِّ واحد يمينا وقيل ولو رضوا بواحدة.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
تَنْبِيهٌ: كَانَ قِيَاسُ الْمُصَنِّفِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الْقَسَامَة أَوْلَى مِنْ قِيَاسِهَا عَلَى اللِّعَانِ مَعَ أَنَّهُ أَطْلَقَ الْخِلَافَ أَيْضًا فِي الْقَسَامَةِ لِأَنَّهَا أشبه بها من اللعان. "2وهذه تسع مسائل في هذا الباب2".
1 أخرجه أبو داود في "مراسيله"359. وعبد الرزاق في "المصنف" 16030، مرسلا من حديث القاسم بن عبد الرحمن المسعودي الكوفي. وأسند أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" 2/216، والخطيب في "تاريخ بغداد" 3/313، من حديث ابن مسعود.
2 ليست في "ط".
وَتُجْزِئُ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ وَحْدَهُ وَلِلْحَاكِمِ تَغْلِيظُهَا فِيمَا لَهُ خَطَرٌ كَجِنَايَةٍ وَعِتْقٍ وَطَلَاقٍ وَنِصَابِ زَكَاةٍ وَقِيلَ: نِصَابُ سَرِقَةٍ بِزَمَنٍ1 أَوْ مَكَان أَوْ لَفْظٍ وَقِيلَ: يُكْرَهُ. وَفِي التَّبْصِرَةِ رِوَايَةٌ: لَا يَجُوزُ اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَالْحَلْوَانِيُّ وَنَصْرُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ: لَا2 تَغْلُظُ لِأَنَّهَا حُجَّةُ أَحَدِهِمَا، فَوَجَبَتْ مَوْضِعَ الدَّعْوَى كَالْبَيِّنَةِ. وَعَنْهُ: يُسْتَحَبُّ وَذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ فِي أَهْلِ الذِّمَّةِ.
فَالزَّمَنُ بَعْدَ الْعَصْرِ أَوْ بَيْنَ أَذَانٍ وَإِقَامَةٍ.
وَالْمَكَانُ بِمَكَّةَ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ وَبِالْقُدْسِ عِنْدَ الصَّخْرَةِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: عِنْدَ الْمِنْبَرِ كَبَقِيَّةِ الْبِلَادِ. وَفِي الْوَاضِحِ: هَلْ يَرْقَى مُتَلَاعِنَانِ الْمِنْبَرَ؟ الْجَوَازُ وَعَدَمُهُ وَقِيلَ: إنْ قَلَّ النَّاسُ لَمْ يَجُزْ وَذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ: يَرْقَيَانِهِ. وَفِي الِانْتِصَارِ: يُشْتَرَطُ وَقِيَامُهُ عَلَيْهِ فَالذِّمِّيُّ بِمَوْضِعٍ يُعَظِّمُهُ. وَفِي الْوَاضِحِ فِي لِعَانٍ وَزَمَانٍ كَسَبْتٍ وَأَحَدٍ. وَاللَّفْظُ: بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ. وَالْيَهُودِيُّ: بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى. وَالنَّصْرَانِيُّ: بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ الْإِنْجِيلَ عَلَى عِيسَى. وَالْمَجُوسِيُّ: بِاَللَّهِ الَّذِي خلقه وصوره ورزقه ونحو ذلك.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 الجار والمجرور متعلق بالمصدر "تغليظ".
2 ليست في "ر"، وتنظر حاشية ابن قندس.
وَمَنْ أَبَى التَّغْلِيظَ لَمْ يَكُنْ نَاكِلًا.
وَلَا يَحْلِفُ بِطَلَاقٍ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا وِفَاقًا وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إجْمَاعًا قَالَ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: لِلْوَالِي إحلاف المتهم1؛ اسْتِبْرَاءً وَتَغْلِيظًا فِي الْكَشْفِ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَحَقِّ آدَمِيٍّ وَتَحْلِيفِهِ بِطَلَاقٍ وَعِتْقٍ وَصَدَقَةٍ وَنَحْوِهِ وَسَمَاعُ شَهَادَةِ أَهْلِ الْمِهَنِ إذَا كَثُرُوا وَلَيْسَ لِلْقَاضِي ذَلِكَ وَلَا إحْلَافُ أَحَدٍ إلَّا بالله ولا على غير حق.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في النسخ الخطية: "المتهوم"، والمثبت من "ط".