المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌معنى قوله تعالى: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) - القصص القرآني - ياسر برهامي - جـ ١٤

[ياسر برهامي]

فهرس الكتاب

- ‌فتية آمنوا بربهم [6]

- ‌الأوامر العادلة والأخبار الصادقة في خاتمة قصة أصحاب الكهف

- ‌الله عالم الغيب

- ‌الله هو الولي

- ‌الحكم لله وحده

- ‌القوانين المدنية في مصر وموقفها من الشريعة الإسلامية

- ‌حكم الرجوع إلى الدستور في الحكم

- ‌الحاكم هو الله وحده

- ‌من هو صاحب التشريع عند اليهود والنصارى

- ‌مذاهب الفقهاء ليست تشريعات

- ‌بيان التوحيد والشرك

- ‌بيان الشرك دون الشرك أو الكفر دون الكفر

- ‌معنى قوله تعالى: (واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك

- ‌بيان المراد بالتلاوة

- ‌معنى قوله تعالى: (لا مبدل لكلمات الله)

- ‌معنى قوله تعالى: (ولن تجد من دونه ملتحداً)

- ‌الحكم لله وحده

- ‌أنواع الحكم

- ‌معنى قوله تعالى: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله)

- ‌بيان حكم الأنظمة الوضعية

- ‌أقسام النظام الفرعي

- ‌حكم بعض الأحكام القبلية المخالفة للشريعة

- ‌محاولة أعداء الإسلام تبديل بعض الأحكام الشرعية

- ‌حكم تحكيم النظام المخالف للشريعة الإسلامية

- ‌خلاصة كلام الشنقيطي رحمه الله تعالى في الحكم بغير ما أنزل الله

- ‌لا مبدل لكلمات الله

- ‌لا ملجأ من الله إلا إليه

الفصل: ‌معنى قوله تعالى: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله)

‌معنى قوله تعالى: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله)

بين النبي صلى الله عليه وسلم لـ عدي بن حاتم رضي الله عنه لما سأله عن قوله تعالى: ((اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ)) أنهم أحلوا لهم ما حرم الله، وحرموا عليهم ما أحل الله، فاتبعوهم في ذلك؛ فذلك هو اتخاذهم إياهم أرباباً.

وهذا اتباع على تحريم الحلال وتحليل الحرام، وليس على مجرد فعل الحرام أو ترك الحلال، فهو اتباع على التبديل، بخلاف من يتبع مع اعتقاده بتحليل الحلال وتحريم الحرام، ولكنه يفعل ذلك معصية، كأن يجد فرصة للزنا فيزني، ولا يراه أنه حرية شخصية، بل يراه محرماً، بخلاف من لا يزني ولكنه يرى أن من أراد أن يزني فليزني لأنه حرية شخصية، وأن هذا الأمر مردود إلى اختيار الإنسان، وأن المشكلة تكون في الإكراه، وإذا كان الإنسان موافقاً فلا حرج؛ فمثل هذا ولو لم يزن فهو مشرك.

ومن أصلح الأدلة أن الله جل وعلا بين أنه من العجب أن يتحاكموا إلى غير ما شرعه الله مع زعمهم أنهم مؤمنون، وما ذلك إلا لأن دعواهم الإيمان مع إرادة التحاكم إلى الطاغوت متناقضة، وذلك في قوله تعالى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالًا بَعِيدًا} [النساء:60]، وبهذه النصوص السماوية يظهر غاية الظهور الذين يتبعون القوانين الوضعية التي شرعها الشيطان على ألسنة مخالفة لما شرعه الله جل وعلا على ألسنة رسله صلى الله عليهم وسلم، ولا يشك في كفرهم وشركهم إلا من طمس الله بصيرته، وأعماه -عن نور الوحي- مثلهم.

والعجب أن أناساً ينتسبون إلى الدين وإلى الدعوة يرون أن اتباع من يتبعون القوانين الوضعية التي شرعها الشيطان على ألسنة أولئك مخالفٌ لما شرعه الله على ألسنة رسله صلوات الله وسلامهم عليهم أجمعين؛ مجرد معصية طالما لم يستحل ذلك، فإنه لا حرج عليه بل يدخل الجنة يوماً من الأيام! وهذا بلا شك وضع للأشياء في غير مواضعها، وخلط بين ما يناقض الإيمان من أصله وبين ما يناقض كماله.

وذلك أن وجود تشريع خلاف تشريع الله لهذه الآية واعتقاد أن الحكم يكون لغير الله شرك كما دلت عليه آية الكهف وآية النساء وآية سورة المائدة وآية سورة التوبة وآية سورة الشورى، فالآيات كثيرة جداً في أن الحكم صفة لله وحق له عز وجل، فمن صرفه لغيره سبحانه وتعالى فقد عبده.

ص: 19