المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الاسراء والمعراج - القصيدة الوردية في سيرة خير البرية

[عبد الكريم بيارة]

الفصل: ‌ الاسراء والمعراج

من الرجال ثلاث وثمانون عدا

ثماني عشرة من نسوة الحرم

ولم يزيدوه إلا في توكّله

والصبر لله والتبليغ للامم

وكانت أخلاقه حصنا حصينا له

عدت بمعجزة في مشرب الفهم

وهي التي خفضت بؤس الحياة لمن

يحس بالراحة في شدة النقم

وكيف لا وأتى في المدح ما علموا

وإنك لعلى خلق مع العظم؟

أعطاه مولاه ما لم يعطه أحدا

عقلا وعلما وخلقا جامع الحكم

فكيف يغلب ذاك الخلق شرذمة

تاهت بسكر وجهل زاد في النقم؟

أم كيف يغلب نور الشمس طالعة

غيم رقيق أتى في الجو بالغمم؟

كلا وحاشا فان الحق منبعث

من بعث من قد أتى للكون بالكرم

وكان يتعب في التبليغ بالأدب

يسعى مع القوم بالاحسان والكرم

حتى أتى العاشر من عمر دعوته

جاء القضاء بموت العم بالسقم

بموت من نصره قد كان ديدنه

بالحال والمال والانعام بالنعم

وبعد موته أياما مخمسة

ماتت خديجة ذات العقل والحكم

فصار عامه عام الحزن والأسف

من هدم ركنين من أركان ذي الكرم

فوجّه الوجه للطائف كان بها

أرحامه بغية الايمان والسلم

لكنهم لم يجيبوا بل أبوا وعصوا

وخالفوه باصناف من النقم

فرجع النور من شرق الى غربه

أم القرى مستجيرا فيه بالمطعم

-‌

‌ الاسراء والمعراج

-

وبينما هو في لهف وفي أسف

سلاه ربه بالاحسان والكرم

أتاه جبريل شخصا بالبراق له

أسرى بأمره من حرم الى حرم

واستقبلته النبيون وصلى بهم

صلاة نفل وتشريف لكلهم

ص: 12

ثم ارتقى للسماء على براق العلا

وجاز منها إلى السدرة بالكرم

واستقبلته جموع من ملائكة

ولم يزغ بصرا من هول مزدحم

توقف الملك جبريل فيها وقد

أعلاه ربه بالرفرف من كرم

جاذبة القدس من رب لحضرته

وليس ذاك مقام الشرح بالكلم

فاز مقاما من الله على الشرف

بدون واسطة الملك فافتهم

حياه ناجاه بالشخص على أدب

أجابه ربه بالفضل والكرم

وبعد ما قد جرى من فيض رحمته

فرض طاعته عليه مع أمم

فرائض خمسة في اليوم والليلة

هي المناجاة مع ربه للنعم

معراج عبد اليه بالضمير على

ما ناسب العبد حسب الفضل والكرم

وبعد إتمام ما شاء الاله له

أعاده لمكان الانس بالحرم

من ذاك يبدو لنا كن فيكون كما

قد شاءه الله دون العجز والسئم

وكان في ذاك أسرار مغيبة

قد ضبطوا بعضها بقمة القلم

فأخبر الناس بالاسراء مرحمة

كذا بمعراجه كالنور بالعلم

فآمن المؤمنون حسب معجزته

وفار صديقه بقمة الرّقم

وجاء في ظهرها جبريل حيث أتى

صار إماما له والناس كالخدم

من ذاك تسلية لقلبه وعزاء

على وفاتين للعم وللحرم

من ذاك نظرته لبيت مقدسنا

وكل ما يجري من إيذاء ذي النّقم

ومنه تشريفه أهل السماء بما

حباه ربه في الاحسان والكرم

تايد علمه بالتأثير دون خفا

لكل شيء أراد الله من نعم

والمرء لما رأى قدرة رب الورى

آمن بالكل مما شاء من كرم

من ذاك كشف لما كان له خافيا

من ملكوت العلا واللوح والقلم

وسدرة المنتهى، وعلو عرش العلا

ودرك ما في الملا للخصم والحكم

وغيرها من أمور قل مدركها

إلا لمن شاءه بالفضل فافتهم

ص: 13