المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌هجرته- صلى الله عليه وسلم - القصيدة الوردية في سيرة خير البرية

[عبد الكريم بيارة]

الفصل: ‌هجرته- صلى الله عليه وسلم

منها ظهور لأمر الله كن فيكون

من فرشه نحو عرش الله ذي الكرم

ويعلم الناس أن الله مقتدر

يحرك الأنجم العليا بلا سئم

أرض، هواء فضاء، فيه سيارة

على مدار لها الميزان بالرقم

ومنذ أن خلقت تجري كما علمت

بلا خلاف بها، أو نقص أو نقم

أليس مقتدر يعلو بمحترم

من فرشه نحو عرش العز والقيم؟

من ذلكم سكن القلب برحمته

من قدرة الخالق الخلق من العدم

فدام سعيا على التبليغ دون اذى

وقام بالنشر والتبليغ للامم

وقد تأذى من الكفار إذ بلغوا

من غيهم مبلغا صعبا لمفتهم

وعند ذا قد أتى لموسم بيعة

فنال من خزرج ست أولو كرم

وجاء في الموسم الثاني أولو رشد

مع الذين أتوا قبل، أولو سلم

هم سبعة آمنوا والكل من خزرج

سوى شريفين من أوس أولي قدم

وجاء في الموسم الثالث طائفة

سبعون شخصا شريفا من اولى القيم

وامرأتان وهم قد بايعوه على

تفدية النفس والأموال والحشّم

فصار حضرته في فكر هجرته

حتى أتى أمرهم من خالق النسم

‌هجرته- صلى الله عليه وسلم

-

وعند ذا خاف أهل الشرك من مدد

يأتيه من داخل أو خارج الحرم

توافقوا بينهم في قتل حضرته

كي لا يرى منه حتى النقش للقدم

وأن يكونوا على إجماع شرذمة

من كل حي شرير يأتي للحرم

جاؤا إلى بابه فجاءه الملك

بأمر هجرته من طينة الحرم

فقام سيدنا من المنام وقد

أناب فوق المنام حيدر الهمم

خرج يقرأ من أجل صيانته

نصوص آياته من بين مزدحم

خرج من بينهم ولا يراه احد

ولم يصبه أذى من فرقة النقم

ص: 14

وقاية الله أغنت عن مضاعفة

من الدروع وعن عال من الاطم

راح إلى دار صديق وقد خرجا

لعار (تور) مع الغسق في الظلّم

وارسل الله نساجا على بابه

وارسل الطير فوق الباب للحمم

وجاء مستعقبون وإذا اقتربوا

خافهم الصاحب وزاد في الغمم

وقال سيدنا لا بأس إذ معنا

رب عليم قدير صاحب الكرم

لما أتوا ورأوا في بابه قد أبوا

دخوله ومضوا في حالة الندم

ظنوا الحمام وظنوا العنكبوت على

خير البرية لم تنسج ولم تحم

وبعد ثالثة قد خرجوا بالهدى

وأخذوا ساحلا للسير في السلم

على توكل رب العالمين الى

مدينة الخير مأوى الجود والكرم

وبعد أن يئس الكفار منه غدوا

الى أناس أولي جهل أولي سقم

فعقبوا السيدين باذلي طمع

لكسب مال ولو في قتل معتصم

لكنه لا يرى الخفاش شمس ضحى

ولا يرى ذو عمى نورا على علم

فتابعوا السير في خير على مهل

فوصلوا خيمة قامت على كرم

خيمة عاتكة وهي خزاعية

كنيتها أم معبد لدى الأمم

كانوا عطاشا جياعا طالبي لبن

واعتذرت ليس في البيت من النعم

الا التي يأست فقال حضرته:

هل تستأذنين لحلب هذه النعم؟

قالت: نعم، قام مولانا وقد حلبا

درّت بكأس حليب طيب الشمم

وشرب الكل منه وارتووا فبدت

كرامة السيد الينبوع للكرم

فامتد خيراتها إلى زمان عمر

أحسن بمسح يديه في ندى النعم

وبعد ذا ودعوا راحوا على مهل

وعندما وصلوا القديد ذا غمم

رأوا سراقة قد جاء على طمع

لكن رأى ما رأى في البؤس والنقم

فتاب لله عما قد نواه وقد

بشر بالتاج من كسرى على عجم

ولّى وهم تابعوا السير على مدد

فوصلوا أرض نسل العوف ذا كرم

ص: 15