المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌رجلان يطلبان فضل الله - القناعة والتعفف

[ابن أبي الدنيا]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ ذَمِّ الْمَسْأَلَةِ وَالزَّجْرِ عَنْهَا وَالْفَضْلِ فِي التَّعَفُّفِ عَنْهَا

- ‌هَلْ لَكَ فِي بَيْعَةٍ وَلَكَ الْجَنَّةُ

- ‌الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى

- ‌لا تَرُدَّ مَا رَزَقَكَ اللَّهُ

- ‌مَا هُوَ قَدْرُ الْغِنَى

- ‌الْمَسْأَلَةُ دَاءٌ فِي الْبَطْنِ وَصُدَاعٌ فِي الرَّأْسِ

- ‌جَزَاءُ مَنْ سَأَلَ النَّاسَ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ

- ‌ثَلاثٌ يَجُوزُ لَهُمُ السُّؤَالُ

- ‌مِنْ فَضَائِلِ الْمَالِ

- ‌قَضَاءُ الْحَوَائِجِ بِالْكِتَابِ

- ‌رَجُلٌ يَأْبَى الدَّنِيَّةَ

- ‌مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا

- ‌بَابُ الإِجْمَالِ بِالطَّلَبِ وَالرِّضَى بِالْقَسْمِ

- ‌كُلُّ لُقْمَةٍ مُقَدَّرَةٌ لِصَاحِبِهَا

- ‌يَقْسِمُ اللَّهُ الْقُوتَ كُلَّ صَبَاحٍ

- ‌اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ

- ‌الْحَرِيصُ الْجَاهِلُ وَالْقَانِعُ الزَّاهِدُ

- ‌مِنَ الْحِكَمِ الْمَأْثُورَةِ

- ‌بَابُ إِنْزَالِ الْحَاجَةِ بِاللَّهِ تَعَالَى وَالاسْتِعْفَافِ عَنِ الْمَسْأَلَةِ

- ‌جَزَاءُ مَنِ انْقَطَعَ إِلَى اللَّهِ

- ‌أَفْضَلُ الْعِبَادَةِ انْتِظَارُ الْفَرَجِ

- ‌مَنْ عَرَفَ اللَّهَ اسْتَغْنَى

- ‌زِينَةُ الْمُؤْمِنِ

- ‌الدُّنْيَا شَيْئَانِ

- ‌مِنْ مَعَانِي التَّوَكُّلِ

- ‌مِنْ مَوَاعِظِ الأَعْرَابِ

- ‌مِنْ حِكَمِ الْحَسَنِ بْنِ حُسَيْنٍ

- ‌حَدِيثٌ بَيْنَ ابْنٍ وَأُمِّهِ

- ‌لَيْسَ أَحَدٌ بِأَكْسَبَ مِنْ أَحَدٍ

- ‌رَجُلانِ يَطْلُبَانِ فَضْلَ اللَّهِ

- ‌لا تَيْأَسْ مِنَ الرِّزْقِ أَبَدًا

- ‌مِنْ حِكَمِ عِيسَى عليه السلام

- ‌الْقَانِعُ أَغْنَى النَّاسِ

- ‌لا تَنْظُرْ إِلَى مَنْ فَوْقَكَ

- ‌خَصْلَتَانِ مِنْ خِصَالِ الْقَانِعِينَ

- ‌مِنْ مَوَاعِظِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ

- ‌مِنْ مُعْجِزَاتِ دَانِيَالَ عليه السلام

- ‌الدُّنْيَا مَمَرٌّ وَالآخِرَةُ مَرْجِعٌ

- ‌احْذَرِ الْقُرْبَ مِنْ أَبْوَابِ السَّلاطِينِ

- ‌الْكَرَمُ التَّقْوَى

- ‌أَفْضَلُ النَّاسِ

- ‌لا تَحْزَنْ عَلَى مَا فَاتَ

- ‌إِيَّاكَ وَفُضُولَ الدُّنْيَا

- ‌الْقَنَاعَةُ فِي رَوْضَةِ الشُّعَرَاءِ

- ‌بَابُ ذَمِّ الطَّمَعِ وَحَمْدِ الْيَأْسِ

- ‌الاسْتِعَاذَةُ مِنَ الطَّمَعِ

- ‌حَدِيثُ الشُّعَرَاءِ عَنِ الْقَنَاعَةِ

الفصل: ‌رجلان يطلبان فضل الله

فَذَهَبْتُ لأُجِيبَهُ فَمَا أَدْرِي كَيْفَ ذَهَبَ.

قَالَ: فَذَكَرْتُهُ، فَقِيلَ: ذَاكَ الْخِضْرُ، وَلا نَظُنُّ إِلا الْخِضْرَ عليه السلام

- وَقَالَ ابْنُ السَّمَّاكِ: كَتَبْتُ إِلَى رَجُلٍ حَرِيصٍ عَلَى الدُّنْيَا: أَمَّا بَعْدُ ، أَصْلَحَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ لِمَا لَهُ خَلَقَنَا، وَحَصِّننَّا وَإِيَّاكَ مِنْ شَرِّ مَا فِيهِ أَصْبَحْنَا، فَإِنَّا قَدْ أَصْبَحْنَا فِي أَنْكَدِ النَّكَدِ، مِنْ أَكْدَرِ الْكَدَرِ ، لا نَنَالُ الدُّنْيَا إِلا بِأَطْوَلَ نَصَبٍ، وَأَشَدَّ تَعَبٍ مَعَ أَنَّا فِيمَا.....

نَخُوضُ، الذُّلّ، وَنُعْرَفُ بِالصَّغَارِ، وَلا تَدَعْنَا نَجْتَرُّ بِهِ إِلَى انْتِفَاعٍ.

وَلَقَدْ رَأَيْنَا فِي هَذِهِ الدَّارِ الْعَجَبَ، وَالاعْتِبَارَ، الْعَجَبَ مِنَ الضَّعِيفِ فِي ضَعْفِهِ، وَالْعَاجِزِ فِي حِيلَتِهِ، وَالْعَلِيلِ فِي عَقْلِهِ، وَالْفَاجِرِ فِي دِينِهِ، وَهُوَ بِقَدْرٍ مِنَ الدُّنْيَا عَلَى حُبِّهِ.

وَالْعَجَبَ مِنَ الْقَوِيِّ فِي شِدَّتِهِ، وَالصَّحِيحِ فِي عَقْلِهِ، وَالْجَلِيدِ فِي أَمْرِهِ، وَالْعَفِيفِ فِي دِينِهِ وَهُوَ فِي....... . فَالَّذِي حَالَ بَيْنَ الْقَوِيِّ وَبَيْنَ طِلْبَتِهِ هُوَ الْمَقْدُورُ اللَّازِمُ لِخَلْقِهِ، فَهَلْ عَبْدٌ رَضِيَ بِمَا قُسِمَ لَهُ فَيَفْرَغُ بَدَنُهُ، وَتَطْمَئِنُّ نَفْسُهُ، أَيْ أَخِي، ذَلَّلَ اللَّهُ لَكَ رِزْقًا لا بُدَّ لَكَ مِنْ أَنْ تَأْكُلَهُ حَلالا بِزَادٍ تَبْلُغُهُ، وَأَثَرٍ فَلا بُدَّ مِنْ أَنْ تَطَأَهُ، وَقَسَمًا فَلا بُدَّ أَنْ تُعْطَاهُ، فَفِيمَ شُغْلُ هَذِهِ النَّفْسِ، وَتَغَيُّرُ هَذَا الْقَلْبِ إِلا الْوَسْوَسَةَ، وَهَذَا الْعَدُوُّ، فَأَعَانَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ عَلَى عَدُوِّنَا الْحَرِيصِ عَلَى أَنْ يَسُوءَ ظَنُّنَا بِرَبِّنَا، وَأَنْ يَقِلَّ رِضَانَا عَنْ خَالِقِنَا، يَعِدُنَا اللَّهُ الْمَغْفِرَةَ وَالْفَضْلَ، وَيَعِدُنَا عَدُوُّنَا الْفَقْرَ، فَأَسْرَعَتْ قُلُوبُنَا إِلَى عِدَةِ عَدُوِّنَا، مَا لَمْ تُسْرِعْ إِلَى عِدَةِ خَالِقِنَا، وَالسَّلامُ

‌رَجُلانِ يَطْلُبَانِ فَضْلَ اللَّهِ

- حُكِيَ أَنَّ رَجُلا أَعْوَرَ خَرَجَ يَبْتَغِي مِنْ فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى، فَصَحِبَ رَجُلا فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ فَسَأَلَهُ عَنْ مَخْرَجِهِ، فَأَخْبَرَهُ خَبَرَهُ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: أَنَا وَاللَّهِ أَخْرَجَنِي الَّذِي أَخْرَجَكَ، فَانْطَلِقْ بِنَا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى نَلْتَمِسْ مِنْ فَضْلِهِ، فَخَرَجَا فِي جِبَالِ لُبْنَانَ، يَؤُمَّانِ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَأَتَيَا عَلَى بَعْضِ الْمَنَازِلِ فَنَزَلا فِي قَصْرٍ خَرِبٍ، فَانْطَلَقَ أَحَدُهُمَا لِيَأْتِيَ بِطَعَامٍ، فَقَالَ الْمُتَخَلِّفُ مِنْهُمَا فِي الرَّحِيلِ: أَلْقَيْتُ نَفْسِي وَجَعَلْتُ أَنْظُرُ بِنَاءَ ذَلِكَ الْقَصْرِ وَهَيْئَتَهُ وَخَرَابَهُ بَعْدَ الْعِمَارَةِ وَجَعَلْتُ وَاللَّهِ أَذْكُرُ سَفَرِي، وَتَرْكِي عِيَالِي فَإِذَا أَنَا بِلَوْحٍ مِنْ رُخَامٍ تِجَاهِي فِي قِبْلَةِ حَائِطِ الْقَصْرِ، فِيهِ كِتَابَةٌ فَاسْتَوَيْتُ جَالِسًا فَإِذَا فِيهِ:

لَمَّا رَأَيْتُكَ جَالِسًا مُسْتَقْبِلِي

أَيْقَنْتُ أَنَّكَ لِلْهُمُومِ قَرِينُ

فَافْطِنْ لَهَا وَتعرض مِنْ أَثْوَابِهَا

إِنْ كَانَ عِنْدَكَ بِالْقَضَاءِ يَقِينُ

فَالْهَمُّ سِيمَاهُ مَشِيبٌ سَائِلٌ

وَيَكُونُ مَثْوَى الضُّرِّ حَيْثُ يَكُونُ

هَوِّنْ عَلَيْكَ وَكُنْ بِرَبِّكَ وَاثِقًا

فَحَقُّ التَّوَكُّلِ شَأْنُهُ التَّهْوِينُ

طَرَحَ الأَذَى عَنْ نَفْسِهِ فِي رِزْقِهِ

لَمَّا تَيَقَّنَ أَنَّهُ مَضْمُونُ

فَجَعَلْتُ أَقْرَؤُهُنَّ، وَأَتَدَبَّرُهُنَّ، إِذْ جَاءَ صَاحِبِي، فَقُلْتُ: أَلا أُعْجِبُكَ؟ قَالَ: بَلَى.

قُلْتُ: انْظُرْ مَا عَلَى هَذَا اللَّوْحِ، فَنَظَرَ وَنَظَرْتُ فَلَمْ يَرَ حَائِطًا وَلا شَيْئًا، فَجَعَلْتُ أُطَوِّفُ فِي الْقَصْرِ، وَأَتَتَبَّعُ مَا فِيهِ فَلَمْ أَرَ شَيْئًا

ص: 56