الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقدمة إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102] (1){يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1](2){يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا - يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70 - 71](3) أما بعد فإنه بالنظر إلى خطورة الإعلام وتعدد ظاهراته، وتنوعها، وتسارعها،
(1) سورة آل عمران، الآية:102.
(2)
سورة النساء، الآية:1.
(3)
سورة الأحزاب، الآيتان: 70، 71.
ومبلغ تأثيرها على الناس مع تفاوت بين تلك الظاهرات، فقد بات من الضروري الوقوف عندما يرى أنه أبرزها، وأكثرها خطورة في دنيا الناس وهو ظاهرة الإعلام الفضائي بقنواته التي اشتدت وطأتها على الناس مما جعلها مثار اهتمام الباحثين والدارسين والمفكرين رغبة في تخفيف معاناة الناس حيث يصعب في ظل اختلاف وجهات النظر حولها تحديد الموقف المناسب بالنسبة للمسلمين، ذلك أن الاختلاف حولها قد كثر ما بين مادح، وقادح وداع إلى استخدامها، ومحذر منها، ومظهر لمزاياها، وكاشف لعيوبها إلى ما هناك من أراء حولها.
من هنا نشأت الرغبة في الكشف بصورة علمية عن حقيقتها ومدى ما فيها من نفع أو ضر، وتعززت هذه الرغبة بدعوة كريمة من وزارة الشؤون الإسلامية للمشاركة ببحث حولها في الندوة التي تعقدها تحت عنوان (الدعوة الإسلامية في عهد الملك عبد العزيز رحمه الله .
والحق أن موضوعا كهذا (القنوات الفضائية- المآخذ
والإيجابيات) تكتنف معالجته بالنسبة لي صعوبات كثيرة، ليس أقلها ضيق الوقت، ومع ذلك فقد حزمت أمري واستعنت بالله سبحانه وتعالى للاستجابة للدعوة الكريمة في نطاق المستطاع.
فالقنوات الفضائية اليوم هي وسيلة العصر الأساسية فقد تبين من متابعة لمدى انتشارها أن بعض الدول تلتقط 70 قناة بهوائيات ترفع على السطح تستقبل من خلالها ما يبث مباشرة عبر الأقمار الصناعية، ومالكوها يبثون عمدا وإصرارا رسائل معينة يتوفر لها من أسباب الجذب والإغراء ما يجعلها محط أنظار المشاهدين الذين يستطيعون استيعاب جوانب كثيرة من الرسالة المبثوثة بحكم المزج بين الصوت والصورة، وذلك ما جعل هذه الوسيلة الجديدة أداة طيعة في أيدي الصالحين الذين يحسنون الانتفاع بها، وكذلك أداة طيعة في أيدي العصاة الذين يفسدون بها (1) .
وإدراك حقيقة إمكان استخدام القنوات الفضائية في
(1) انظر دراسات في الإعلام الفضائي، د. عاطف عدلي العبد وزميلته، دار الفكر العربي، ط 1 عام 1416 هـ، ص 97، 98.
الخير والشر هو بداية المواجهة القائمة على أسس علمية صحيحة تؤدي إلى تجاوز مشكلة التعامل معها إلى موقع حضاري متقدم ينقل الأمة من الدفاع إلى الهجوم، ومن استيراد متطلبات الاستخدام الأمثل للقنوات الفضائية إلى تصدير البرامج ذات المضمون السوي، ومن التأثر بما فيها إلى التأثير عالميا (1) .
وربما كان ذلك أبرز أهداف كتابة هذا البحث الذي اتبع في إعداده المنهج الوصفي باعتباره أنسب المناهج للوصول إلى تشخيص كامل لظاهرة القنوات الفضائية وتبصر كامل بها، مما استدعى تتبع ما كتب حولها باللغة العربية، للخروج بنتائج علمية يوثق بها ويمكن تعميمها (2) .
(1) انظر الإعلام الخليجي ودوره في مكافحة تيارات الإلحاد والانحراف، د. عبد الحليم عويس، ود. مرعي مدكور، دار الصحوة بالقاهرة، ص 35.
(2)
انظر بحوث الإعلام د. سمير حسين، وانظر الإعلام الإسلامي- المنهج، المؤلف، دار عالم الكتب بالرياض، ط (1) ، ص 13، 14.
ولما كان الجهد في هذا البحث منصبا على الكشف عن حقيقة القنوات الفضائية، ومدى ما يترتب على استخدامها من خير أو شر، فإنه كان لا بد من إثارة جملة من الأسئلة تكون الإجابة الصحيحة عنها هي الحصيلة العلمية التي يخرج بها من هذا البحث، وأهمها في نظري:
ما القنوات الفضائية؟ وما طبيعة استخداماتها في الوقت الحاضر؟ هل على واقع استخدامات القنوات الفضائية مآخذ؟ وما هي؟ وكيف يمكن اجتنابها؟ وهل في استخدامها واقعا ومستقبلا منافع؟ أو إيجابيات؟ وما هي؟ وكيف يمكن تكثيرها أو تغليبها على السلبيات؟ وما الموقف الصحيح منها؟ إلى غير ذلك من الأسئلة التي تساعد على استجلاء معالم هذه الظاهرة الخطيرة في حياة الناس، والتي لا يتسع الوقت والحيز المخصص لهذا البحث لمزيد منها؟
وحرصا على إجابة محددة عن تلك التساؤلات فقد رأيت أن من الأوفق تبويب البحث على النحو التالي:
مقدمة وهي ما مر، وتمهيد يعرض للظاهرة في أبعادها
المختلفة، ومبحث عن المآخذ وآخر عن الإيجابيات، وخاتمة تضم إلى جانب خلاصة البحث نتائجه وتوصياته.
والله المسؤول أن يسدد ويوفق، ويجعل العمل خالصا لوجهه الكريم إنه ولي ذلك والقادر عليه، والحمد لله أولا وآخرًا وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
* * * * *