المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القول في الإظهار والإدغام - القول الأصدق في بيان ما خالف فيه الأصبهاني الأزرق

[علي الضباع]

الفصل: ‌القول في الإظهار والإدغام

‌تتمة

قوله تعالى: " كتابيه إني " في سورة الحاقة اختلف أهل الأداء فيه عن الأصبهاني: فرواه عنه بتحقيق الهمزة من غير نقل ابن الفحام في تجريده وكذا أبو معشر في تلخيصه وأبو الكرم في مصباحه على ما حققه الأزميري خلافا لظاهر النشر. ورواه عنه غيرهم بالنقل. فيأتي نقله مع سبعة المدين، ويأتي تحقيقه مع توسط المتصل مطلقا ومع إشباعه عند ثلاث المنفصل؛ ففي قوله تعالى:" هاؤم اقرءوا كتابيه إني ظننت " الآية خمسة أوجه: مد المتصل ثلاثا مع النقل فقط ومده أربعا وستا مع النقل والتحقيق عليهما. فإذا وصلت إلى قوله: " الخالية " كانت عشرة: وجهان على مد المتصل ثلاثا وهما النقل مع قصر المنفصل ومده ثلاثا، وأربعة على مده أربعا وهي النقل والتحقيق وعلى كل منهما قصر المنفصل ومده أربعا، ووجه النقل مع القصر على ظاهر النشر، وأربعة على إشباعه وهي النقل مع الأوجه الثلاثة في المنفصل والتحقيق مع مده ثلاثا فقط. ثمّ قال:

‌القول في الإظهار والإدغام

[كحُمِّلت أظهِرْ ون والقلمْ

والخُلفُ في يس معْ يلهثْ يُؤَمْ]

أمر أن يقرأ له بإظهار تاء التأنيث الساكنة عند الظاء: نحو: "حملت ظهورهما"، " كانت ظالمة ". والنون عند الواو من قوله تعالى:" ن والقلم " بلا خلاف. ثمّ أخبر أنه اختلف عنه بين إظهار النون عند الواو وإدغامها فيها في قوله تعالى: " يس والقرآن ". وبين إظهار الثاء عند الذال وإدغامها فيها في قوله تعالى: " أو تتركه يلهث ذلك " في الأعراف. أما " يس والقرآن " فأخذ له بإظهاره ابن مهران في غايته وبإدغامه الباقون. وأما " يلهث ذلك " فأخذ له بإدغامه قولا واحدا ابن مهران في غايته وبالوجهين أبو معشر في تلخيصه وكذلك الهذلي في كامله لكنه اختار الإدغام وبإظهاره فقط بقية أهل الأداء عنه. قال:

[وقاصِرًا إدغَامَهُ يلهثْ ذَرِ

وغُنَّ معْ خُلْفٍ ولا تُكَبِّرِ]

ص: 21

يعني إذا قرأت بقصر المنفصل فاترك إدغام " يلهث ذلك " مع جميع ما يترتب عليه من أوجه المتصل وبين السورتين والغنة وعدمها في النون الساكنة والتنوين عند اللام والراء. واقتصر على إظهاره مع الأخذ بالغنة وعدمها واترك التكبير. وهذا ميل منه رحمه الله تعالى إلى اعتبار رتبة المنفصل في غاية أبي العلاء المد ثلاثا عملا بظاهر النشر وهو خلاف ما جرى عليه أخيرا في روضه من الأخذ بقصره منها على ما حرره الأزميري في بدائعه. وعليه فكان الأولى أن يقول بدل هذا البيت:

ويلهث اظهر قاصرا وغنّ إن - تشبع بخلف ثمّ كبِّر لا بغن

وإذا تقرر ذلك فعلى قصر المنفصل يمتنع إدغام يلهث بجميع ما يترتب عليه ويتعين إظهاره مع مد المتصل ثلاثا وأربعا بلا غنّة ولا تكبير فيهما لما سيأتي في بابيهما ومع مده ستا بلا غنّة مع التكبير وعدمه وبالغنة مع عدمه. وترك رحمه الله تعالى بقية تحرير هذه المسألة اتكالا على الموقف. وحاصله أنك إذا قرأت بمد المنفصل ثلاثا فلك مع مد المتصل ثلاثا الإظهار فقط بلا غنّ ولا تكبير ومع إشباعه الإظهار والإدغام مع الغنّة وعدمها فيهما بلا تكبير في الأربعة ومع التكبير عند الإظهار وعدم الغنّة. وإذا قرأت بمده أربعا فلك عند توسط المتصل الإظهار مع عدم الغنّة والإدغام مع الغنّة وعدمها. وعند مده ستا الإظهار والإدغام مع الغنّة وعدمها والتكبير وعدمه. وقد أشرت إلى ذلك ببيتين بعد بيتي المذكور فقلت:

ومع ثلاث إن تثلث أظهرَا - فقط ومع باق فأطلق تؤجرَا

لكن مع الثلاث إن تظهر بلَا - غنٍّ يجي التكبير يا صاح اعملَا

ففي قوله تعالى: " ولكنه أخلد إلى الأرض " إلى قوله تعالى: " يلهث ذلك " خمسة أوجه: القصر مع الإظهار فقط والمد ثلاثا مع الإظهار والإدغام والمد أربعا كذلك. فإذا قرأت إلى قوله تعالى: " وأنفسهم كانوا يظلمون " فترتقي الأوجه إلى عشرة: ثلاثة على قصر المنفصل وهي الإظهار مع أوجه المتصل الثلاثة، وثلاثة على مده ثلاثا وهي الإظهار مع مد المتصل ثلاثا وإشباعه، والإدغام مع إشباعه فقط، وأربعة

ص: 22

على مده أربعا وهي مد المتصل أربعا وستا على كل من الإظهار والإدغام. فإذا وصلت إلى قوله " أولئك هم الغافلون " فترتقي الأوجه إلى ستة عشر وجها لزيادة الغنّة مع توسط المدين عند الإدغام ومع أوجه الإشباع الخمسة. فإذا وصلت إلى أول الأنفال فترتقي الأوجه إلى اثنتين وعشرين وجها لزيادة التكبير على أربعة التوسط مع الإشباع وعلى الإشباع مع عدم الغنّة عند قصر المنفصل ومده ثلاثا. قال:

[ولم يكن إظهارُ يس يُرَى

لمنْ لهُ كبَّرَ أو قدْ قصَّرَا]

قد مرّ أن ابن مهران روى عن الأصبهاني في " يس والقرآن " الإظهار وأن بقية أهل الأداء رووا عنه إدغامه. وقد أوضح الناظم بهذا البيت أن إظهار " يس والقرآن " للأصبهاني لم يرد عن أحد من رواة التكبير عنه ولا عن أحد ممن روى عنه قصر المنفصل ويفهم من ذلك جوازه له مع مده ثلاثا وأربعا. وقد علمت مما مر في باب المد أن مذهب ابن مهران في غايته توسط المدين عن الأصبهاني على ما حرره الأزميري في بدائعه وعلى ذلك فكان على الناظم أن يبين عدم ورود الإظهار عن أحد من رواة الثلاث أيضا ولذا قلت بدل البيت المذكور:

إن تظهرن يس يا خلى فلا - تكبير والمدين وسط تفضلا

وأما الإدغام فيأتي مع جميع أوجه المدين والتكبير وعدمه. قال:

[وفي أَلَمْ نخلقكمُ الإدغامُ

لا غير عند قصره يرامُ]

قد اختلف أهل الأداء عن الأصبهاني في " ألم نخلقكم " في المرسلات فذهب جمهورهم إلى إدغام القاف في الكاف منه إدغاما محضا وذهب ابن مهران إلى إدغامه فيه مع إبقاء صفة استعلاء القاف ويأتي الأول على جميع أوجه المدين ويجوز الثاني على توسطهما معا. ولا يخفى أن مقابل القصر عند الناظم هو المد ثلاثا وأربعا فكان الأولى أن يقول بدل هذا البيت:

وفي ألم نخلقكم الإبقا علَى - توسطِ المدين لا غير اعملَا

ص: 23